العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:51 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (81) إلى الآية (83) ]

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)}

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ... (81)
قرأ حمزة: (لما) كسر، وكذلك روى هبيرة عن حفص عن عاصم: (لما) بكسر اللام.
وقرأ الباقون: (لما) بفتح اللام.
وقرأ نافع وحده: (ءاتيناكم).
وقرأ الباقون: (آتيتكم) بلا نون.
قال أبو منصور: من قرأ (لما آتيتكم) بفتح اللام فإن (ما) للشرط والجزاء. ودخلت اللام على (ما) كما تدخل في (إن) الجزاء إذا كان في جوابها القسم، كما قال الله جلّ وعزّ: (ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي)
[معاني القراءات وعللها: 1/265]
وكقوله: (قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ) فاللام في (إن) دخلت مؤكدة للام القسم، كقولك: (لئن جئتني لأكرمنّك). وكذلك قوله: (لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثمّ جاءكم رسولٌ مصدّقٌ لما معكم لتؤمننّ به).
ومن قرأ (لما آتيتكم) جعلها لام خفض، وجعل اليمين مستأنفا.
وأجود القراءتين فتح اللام.
وأخبرني المنذري عن أبي طالب النحوي أنه قال: معنى (لما آتيتكم): لمهما آتيتكم)، أي: أي كتاب آتيتكم لتؤمننّ به.
وهذا يقرب من التفسير الأول). [معاني القراءات وعللها: 1/266]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (على ذلكم إصري... (81)
اتفق القراء على كسر ألف (إصري)، إلا رواية شاذة رواها ابن واصل عن سعدان عن معلى عن أبي بكر عن عاصم: (أصرى) بضم الألف.
قال أبو منصور: ولا يعرج على هذه الرواية؛ لأن ضم (أصرى) وهمٌ.
والقراءة (إصري) بالكسر، وهو العهد.
وقوله جلّ وعزّ: (أفغير دين اللّه يبغون وله أسلم من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون (83).
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: (تبغون) و(وإليه ترجعون) بالتاء، وقرأهما حفص ويعقوب بالياء جميعا، إلا أن الحضرمي فتح الياء، وضمها حفص من قوله: (وإليه ترجعون).
وقرأ حمزة والكسائي بالتاء فيهما.
وقرأ أبو عمرو: (يبغون) بالياء، و: (إليه ترجعون) بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/267]
قال أبو منصور: كل ما قرئ به من هذه الوجوه فهو جائز في العربية.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أنه قال: الاختيار في كله التاء؛ ليكون على الخطاب الأول، وكل جائز؛ لأن الحكاية تخرج على الخطاب كله، وعلى الغيبة كلها، وبعضها على الخطاب وبعضٌ على الغيبة، وهذا منها إن شاء الله). [معاني القراءات وعللها: 1/268]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (43- وقوله تعالى: {لما آتيتكم} [81]
قرأ حمزة وحده {لما} بكسر اللام وجعل «ما» بمعنى الذي، والمعنى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لهذا.
وقرأ الباقون: {لما} بفتح اللام، فاللام لام التأكيد، و«ما» صلة، كما قال الله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ} أي: لعليها حافظ.
واتفق القراء على (آتيتكم) بالتاء، الله تعالى يُخبر عن نفسه بلفظ الواحد إلا نافعًا فإنه قرأ {آتيناكم} بلفظ الجماعة، وذلك أن الملك يُخبر عن نفسه بلفظ الجماعة فعلنا، وصنعنا، قال الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر} والله تعالى وحده لا شريك له). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/116]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح اللام وكسرها من قوله: لما آتيتكم [آل عمران/ 81].
فقرأ حمزة وحده: (لما) مكسورة اللّام.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: لما مفتوحة اللام.
وروى هبيرة عن حفص عن عاصم (لما) بكسر اللام، وذلك غير محفوظ عن حفص عن عاصم، والمعروف عن عاصم في رواية حفص وغيره فتح اللام.
قال أبو علي: وجه قراءة حمزة (لما آتيتكم) بكسر اللّام أنّه يتعلق بالأخذ كأنّ المعنى: أخذ ميثاقهم لهذا، لأنّ من يؤتى الكتاب والحكمة يؤخذ عليهم الميثاق لما أوتوه من الحكمة، وأنّهم الأفاضل وأماثل الناس. فإن قلت: أرأيت الجملة التي هي قسم هل يفصل بينها وبين المقسم عليه بالجارّ؟. قيل: قد قالوا: «بالله» والجارّ والمجرور متعلقان بالفعل والفاعل المضمرين وكذلك قوله:
ألم ترني عاهدت ربي.........
على حلفة لا أشتم الدهر............
[الحجة للقراء السبعة: 3/62]
فيمن جعل لا أشتم يتلقى قسما. وهو قول الأكثر، علّق قوله: على حلفة بعاهدت، فكذلك قوله: (لما آتيتكم) في قراءة حمزة. فإن قال إنّ (ما) في قوله: (لما) موصولة، فلا يجوز أن تكون غير موصولة، كما جاز ذلك في قول من فتح اللام، فإذا كان كذلك، لزم أن يرجع من الجملة المعطوفة على الصلة ذكر إلى الموصول وإلّا لم يجز. ألا ترى أنّك لو قلت: الذي قام أبوه ثم انطلق زيد، ذاهب، لم يجز، إذا لم يكن راجع مذكور، وليس يقدّر محذوف؟.
قيل: يجوز أن يكون المظهر بمنزلة المضمر، ألا ترى أنّ قوله: ما معكم هو في المعنى: ما أوتوه من الكتاب والحكمة، فهذا يكون على قياس قول أبي الحسن مثل قوله: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين [يوسف/ 90] والمعنى كأنّه قال: لا يضيع أجرهم لأنّ المحسنين هو من يتقي ويصبر، وكذلك قوله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا [الكهف/ 30] المعنى عنده إنّا لا نضيع
[الحجة للقراء السبعة: 3/63]
أجرهم لأنّ من أحسن عملا هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
فكذلك قوله: لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم تقديره: مصدّق له: أي: مصدق لما آتيتكم من كتاب وحكمة. ألا ترى أنّ ما معهم هو ما أوتوه من كتاب وحكمة؟
فهذا وجه. ويجوز فيه شيء آخر، وهو: أن يكون: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول [مصدق لما معكم لتؤمنن] به) أي: بتصديقه، أي: بتصديق ما آتيتكموه، فحذف من الصلة، وحسن الحذف للطّول، كما حسن الحذف للطول فيما حكاه الخليل من قولهم: «ما أنا بالذي قائل لك شيئا».
فأمّا من فتح اللام فقال: لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم فإنّ ما فيه تحتمل تأويلين: أحدهما: أن تكون موصولة، والآخر: أن تكون للجزاء. فمن قدّرها موصولة، كان القول فيما يقتضيه قوله: ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم [آل عمران/ 81] من الراجع إلى الموصول، ما تقدّم ذكره في وجه قراءة حمزة. فأمّا الراجع إلى الموصول من الجملة الأولى فالضمير المحذوف من الصلة تقديره: لما آتيتكموه، فحذف الراجع كما حذف من قوله: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ 41] ونحو ذلك. واللّام في لما فيمن قدّر ما موصولة لام الابتداء وهي المتلقية لما أجري مجرى القسم من قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/64]
وإذ أخذ الله ميثاق النبيين [آل عمران/ 81] وموضع ما رفع بالابتداء، والخبر: لتؤمنن به [آل عمران/ 81] ولتؤمننّ: متعلق بقسم محذوف، المعنى: والله لتؤمننّ به. فإذا قدرت (ما) للجزاء كانت (ما) في موضع نصب بآتيتكم وجاءكم في موضع جزم بالعطف على آتيتكم، واللّام الداخلة على (ما) لا تكون المتلقية للقسم، ولكن تكون بمنزلة اللّام في قوله: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض [الأحزاب/ 60]. والمتلقية للقسم قوله:
لتؤمنن به كما أنّها في قوله: لئن لم ينته المنافقون قوله لنغرينك بهم [الأحزاب/ 60]. وهذه اللّام الداخلة على إن في لئن لا يعتمد القسم عليها، فلذلك جاز حذفها تارة وإثباتها تارة كما قال: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا [المائدة/ 73] فتلحق هذه اللّام مرة (إن) ولا تلحق أخرى، كما أنّ (أن) كذلك في قوله: والله أن لو فعلت لفعلت، وو الله لو فعلت لفعلت.
فهذه اللام بمنزلة (أن) الواقعة بعد لو. قال سيبويه: سألته- يعني الخليل- عن قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه [آل عمران/ 81] فقال: (ما) هاهنا بمنزلة الذي، ودخلتها اللام كما دخلت على (إن) حين قلت: لئن فعلت لأفعلنّ، فاللّام التي في (ما) مثل هذه التي في (إن) واللّام التي في الفعل كهذه التي في الفعل هاهنا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/65]
قال أبو عثمان: فيما حكى عنه أبو يعلى [ابن أبي زرعة]: زعم سيبويه أنّ (ما) هاهنا بمنزلة الذي، ثمّ فسّر تفسير الجزاء.
والقول فيما قاله من أنّ لما بمنزلة الذي، أنّه أراد أنّه اسم كما أنّ الذي اسم، وليس بحرف كما كان حرفا في قوله: وإن كلا لما ليوفينهم [هود/ 111] وإن كل ذلك لما متاع
الحياة الدنيا
[الزخرف/ 35] فهذا المعنى أراد بقوله: أنّه بمنزلة الذي ولم يرد أنّها موصولة كالذي. وإنّما لم يحمله سيبويه على أنّ (ما) موصولة بمنزلة الذي لأنّه لو حمله على ذلك للزم أن يكون في الجملة المعطوفة على الصّلة، ذكر يعود إلى الموصول فلمّا لم ير ذلك مظهرا، ولم ير أن يضع المظهر موضع المضمر كما يراه أبو الحسن، عدل عن القول بأنّ (ما) موصولة إلى أنّها للجزاء، ولا يجيز سيبويه:
لعمرك ما معن بتارك حقّه ولا منسئ أبو زيد...
[الحجة للقراء السبعة: 3/66]
إذا كان أبو زيد كنيته لأنّه ليس باسمه الظاهر ولا المضمر، وأبو الحسن يجيز ذلك فلم يحمل الآية على ما لا يراه، ولم يحملها على الحذف من المعطوف على الصلة أيضا، لأنّه ليس بالكثير، ولا بموضع يليق به الحذف، ألا ترى أنّها إنّما تذكر للإيضاح. فإن قلت فمن جعل (ما) موصولة في قوله: لما آتيتكم من كتاب وحكمة [آل عمران/ 81] وجب أن تكون على قوله ابتداء، وإذا كانت ابتداء اقتضت خبرا، فما خبر هذا المبتدأ؟.
قيل: خبره قوله: لتؤمنن به، والذكر الذي في به يعود على الذي آتيتكموه، والذكر الذي في لتنصرنه يعود على رسول المتقدم ذكره، ولا يجوز أن يعود الذكر الأول أيضا على رسول لبقاء الموصول حينئذ غير عائد إليه من خبره ذكر. فأمّا من جعله جزاء فإنّه لا يمتنع على رأيه أن يكون الذكر في لتؤمننّ به عائدا أيضا على رسول المتقدّم ذكره، لأنّ (ما) إذا كانت للجزاء لا تحتاج إلى عائد ذكر، كما تحتاج إليه (ما) التي بمنزلة الذي في أنّها موصولة لأنّ (ما) إذا كانت جزاء مفعول بها، والمفعول لا يحتاج إلى عائد ذكر. فإن قلت: فما وجه قوله: ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم
[الحجة للقراء السبعة: 3/67]
والنبيّون لم يأتهم الرسول؟ ألا ترى أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكن في وقته رسول ولا نبي، وإنّما الذين [كانوا في زمانه أهل الكتاب]. قيل: يجوز أن يعنى بذلك أهل الكتاب في المعنى، لأنّ الميثاق إذا أخذ على النبيّين، فقد أخذ على الذين أوتوا كتبهم من أممهم، وعامّة ما شرع للأنبياء قد شرع لأممهم وأتباعهم، من ذلك أن الفروض التي تلزمنا تلزم نبينا صلى الله عليه وسلم، وإذا كان كذلك، فأخذ الميثاق على النبيّين كأخذ ميثاق الذين أوتوا كتبهم من أممهم. ومن ثم جاء نحو: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء [الطلاق/ 1] فجمع النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه في الخطاب الواحد. فهذا من جهة المعنى. ويجوز من جهة اللفظ أن يكون المراد: وإذ أخذ الله ميثاق أمم النبيّين أو أتباع النبيّين. وأهل الكتاب إنّما يأخذ عليهم الميثاق الأنبياء الذين أتوهم بالكتب، كما أخذه نبيّنا، عليه السلام، على أمّته فيما جاء من قوله: وما لكم لا تؤمنون. بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين [الحديد/ 8]). [الحجة للقراء السبعة: 3/68]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التاء والنون من قوله تعالى: آتيتكم [آل عمران/ 81].
[الحجة للقراء السبعة: 3/68]
فقرأ نافع وحده: (آتيناكم) بالنون. وقرأ الباقون: آتيتكم بالتاء.
[قال أبو علي]: الحجة لنافع في قراءته: (لما آتيناكم)، قوله تعالى: وآتينا داود زبورا [الإسراء/ 55] وآتيناه الحكم صبيا [مريم/ 12] وآتيناهما الكتاب المستبين [الصافات/ 17] ونحو ذلك.
وحجة من قال: آتيتكم، قوله: هو الذي ينزل على عبده آيات بينات [الحديد/ 9] ونزل عليك الكتاب بالحق [آل عمران/ 3] والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب [الكهف/ 1] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/69]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): ( [قوله: إصري آل عمران/ 81].
قال: كلهم قرأ إصري بكسر الألف إلّا ما حدّثني به محمد بن أحمد بن واصل قال: حدثنا محمد بن سعدان عن معلّى [ابن منصور] عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ:
أصري بضم الألف.
قال أبو علي: يشبه أن يكون الضمّ في «الأصر» لغة في «الإصر»). [الحجة للقراء السبعة: 3/70]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج فيما يُروى عنه: [لَمَّا آتيناكم] بفتح اللام وتشديد الميم، [آتيناكم] بألف قبل الكاف.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة إغراب، وليست [لَمَّا] هاهنا بمعروفة في اللغة؛ وذلك أنها على أوجه:
تكون حرفًا جازمًا كقوله الله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}.
وتكون ظرفًا في نحو قوله: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}.
وتكون بمعنى إلا في نحو قولهم: أقسمت عليك لَمَّا فعلت؛ أي: إلا فعلت.
ولا وجه لواحدة منهن في هذه الآية.
وأقرب ما فيه أن يكون أراد: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لَمِنْ ما آتيناكم، وهو يريد القراءة العامة: {لَمَا آتيناكم}، فزاد مِن على مذهب أبي الحسن في الواجب؛ فصارت "لَمِمَّا"، فلما التقت ثلاث ميمات فثقلن حذفت الأولى منهن، فبقي {لَمَّا} مشددًا كما ترى، ولو فُكت لصارت لَنْما، غير أن النون أُدغمت في الميم كما يجب في ذلك فصارت {لَمَّا}. هذا أوجه ما فيها إن صحت الرواية بها.
وأما {آتيناكم} بالجمع فطريقه أنه لما ورد مع لفظ الجماعة من النبيين جاء أيضًا مجموعًا تعاليًا في اللفظ؛ كقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا}، وقال سبحانه: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}، ولو كانت: وضربت لكم الأمثال، لم تبلغ في سمو اللفظ وتعاليه في قوله: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ}، فتفهَّم معناه). [المحتسب: 1/164]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذ أخذ الله ميثاق النّبيين لما آتيتكم من كتاب} {فمن تولى} 81 و82
قرأ حمزة {وإذ أخذ الله ميثاق النّبيين لما آتيتكم} بكسر اللّام جعل ما بمعنى الّذي المعنى وإذ أخذ الله ميثاق النّبيين للّذي آتيتكم أي لهذا هذه اللّام لام الإضافة واللّام متعلقة ب أخذ الميثاق المعنى أخذ الميثاق لإتيانه الكتاب والحكمة أخذ الميثاق قال الفراء من كسر اللّام يريد أخذ الميثاق للّذي آتاهم من الحكمة قال الزّجاج ويكون الكلام يؤول إلى الجزاء كما تقول لما جئتني أكرمتك
وقرأ الباقون {لما آتيتكم} بفتح اللّام كان الكسائي يقول معناه مهما آتيتكم على تأويل الجزاء قال وجوابه {فمن تولى} وهذه اللّام تدخل في ما وفي من على وجد الجزاء
قال الزّجاج ما ها هنا على ضربين يصلح أن تكون للشّرط
[حجة القراءات: 168]
والجزاء وهو أجود الوجهين لأن الشّرط يوجب أن كل ما وقع من أمر الرّسل فهذه طريقته واللّام دخلت في ما كما تدخل في إن الجزاء إذا كان في جوابها القسم قال الله {ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك} وقال {قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ} فاللّام في إن دخلت مؤكدة موطئة للام القسم ولام القسم هي اللّام الّتي لليمين لأن قولك والله لئن جئتني لأكرمنك إنّما حلفك على فعلك إلّا أن الشّرط معلّق به فلذلك دخلت اللّام على الشّرط فإذا كانت ما في معنى الجزاء موضعها نصب بقوله {آتيتكم} وتقدير الكلام أي شيء آتيتكم فتكون اللّام الأولى على ما فسره دخلت للتوكيد أي توكيد الجزاء واللّام الثّانية في قوله {لتؤمنن به} لام القسم قال ويجوز أن تكون ما في معنى الّذي ويكون موضعها الرّفع المعنى أخذ الله ميثاقهم أي استحلفهم للّذي آتيتيكم المعنى آتيتكموه لتؤمنن به وحذف الهاء من قوله آتيتكموه لطول الاسم
قرأ نافع (لما آتيناكم) بالنّون والألف وحجته قوله {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب} و{خذوا ما آتيناكم} فهذه اللّفظ تكون للتعظيم كما قال {نحن قسمنا بينهم}
وقرأ الباقون {آتيتكم} وجحتهم قوله {فخذ ما آتيتك} ). [حجة القراءات: 169]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (56- قوله: {ما آتيتكم} قرأه حمزة بكسر اللام، وفتح الباقون، وقرأ نافع «آتيناكم» بلفظ الجمع، وقرأ الباقون بلفظ التوحيد.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/351]
57- وحجة من كسر اللام أنه جعلها لام جر، وعلّق اللام بالأخذ، أي: أخذ الله الميثاق لهذا الأمر؛ لأن من أوتي الحكمة يؤخذ عليه الميثاق، لما أوتوه من الحكمة؛ لأنهم الخيار من الناس، و{ما} بمعنى الذي.
58- وحجة من فتح اللام أنه جعل اللام لام الابتداء وما بمعنى الابتداء وجعل اللام جوابًا لما هو في معنى القسم؛ لأن أخذ الميثاق بالأيمان يكون فهو في معنى القسم، فاللام جوابه، كما تقول: والله لزيدٌ خير من عمرو، وخبر الابتداء {لتؤمنن به} والعائد على {ما} هاء محذوفة من {آتيتكم}، أي: آتيتكموه، أي: أخذ الله الميثاق على النبيين للذي آتيتكموه، من كتاب وحكمة، ويجوز أن تكون {ما} في هذه القراءة للشرط، فتكون في موضع نصب بـ {آتيتكم} و{جاءكم} في موضع جزم عطف على {آتيتكم}، وتكون اللام لام التوطئة للقسم، ويجوز حذفها وإثباتها، كما قال: {وإن لم ينتهوا} «المائدة 73» و{لئن لم ينته المنافقون} «الأحزاب 60» وتأتي لام القسم بعدها أبدًا، فإنما هي تنبه أن جواب القسم قوله: {لتؤمنن به}، وقد فسرت هذه المسألة في «تفسير مشكل الإعراب» بأشبع من هذا، وفتح اللام هو الاختيار، لأن عليه الجماعة، وكذلك {آتيتكم} بلفظ التوحيد؛ لأن عليه الجماعة.
59- وحجة من قرأ: {أتيتكم} على لفظ التوحيد أن قبله اسم الله جل ذكره بلفظ التوحيد، وكذلك إذا أظهر اسم الله لم يأت إلا بلفظ التوحيد، لأنه واحد، لا إله غيره، فلما كان قبله لفظ التوحيد أتى الفعل على ذلك بالمضمر، عقيب الظاهر، يأتي مثله في توحيده وجمعه.
60- وحجة من قرأ بلفظ الجمع أنه حمله على معنى التعظيم والتفخيم وله نظائر في القرآن، نحو قوله: {وآتينا موسى الكتاب} «الإسراء 2»، و{آتيناه الحكمة} «ص 20» و{آتيناهما الكتاب} «الصافات 117»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/352]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {لِمَا} [آية/ 81]:-
بكسر اللام، قرأها حمزة وحده.
ووجه ذلك أن اللام لام الجر، والمعنى أخذ الله ميثاق النبيين لهذا، وهو ما أعطاكم من الكتاب والحكمة؛ لأن من أوتي الكتاب والحكمة أخذ عليه الميثاق، وما بمعنى الذي، وهو موصول، والعائد إليه محذوف، والتقدير: للذي آتيتكموه من كتابٍ وحكمةٍ.
وقرأ الباقون {لَمَا} بفتح اللام.
ووجهه أنها لام الابتداء، وما موصولة كما تقدم، وموضعها رفع بالابتداء، وخبره {لَتُؤْمِنُنَّ}، ولتؤمنن متعلق بقسم محذوفٍ، والتقدير: والله لتؤمنن.
ويجوز أن تكون ما شرطية كما في قولك: ما تفعل أفعل، وموضعها نصب بآتيتكم، واللام فيها لام توطئة القسم يدخل في الشرط فيأتي جوابه جوابًا للقسم، كما في قوله تعالى {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} الآية، و{لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ} الآية). [الموضح: 378]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {آتَيْنَاكُمْ} [آية/ 81]:-
بالنون والألف، قرأها نافع وحده.
وذلك أنه قد جاء في التنزيل مثله كثيرًا نحو {وآتَيْنَا دَاوُدَ} {وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ}؛ لأن من شأن الملوك إذا أخبروا عن أنفسهم أن يأتوا بلفظ الجمع إيذانًا بأن من تحت أمرهم يفعلون كفعلهم، فخاطبهم سبحانه بالمتعارف فيما بينهم.
وقرأ الباقون {آتَيْتُكُمْ} بالتاء من غير ألف؛ لأن المؤتي هو الله تعالى، وقد جاء مثله نحو {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ} و{الحَمْدُ لله الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ} ). [الموضح: 379]

قوله تعالى: {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)}

قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (45- وقوله تعالى: {أفغير دين الله يبغون} [83] {وإليه يرجعون} [83].
قرأهما حفص، عن عاصم بالياء جميعًا.
وقرأ الباقون بالتاء، غير أبي عمرو فإنه قرأ {يبغون} بالياء {ترجعون} بالتاء، فمن قرأ بالتاء فمعناه: يا محمد أفغير دين الله تبغون: وإليه ترجعون، فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن قرأهما بالياء فإن معناه الإخبار عن الكفار، وكان أبو عمرو أحذق القراء، ففرق بين اللفظين لاختلاف المعنيين، فقرأ: {أفغير دين الله يبغون} يعني الكفار {وإليه ترجعون} أنتم والكفار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/117]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: يبغون، و(ترجعون) [آل عمران/ 83].
فقرأ أبو عمرو وحده: يبغون، بالياء مفتوحة (وإليه ترجعون) بالتاء مضمومة. وقرأهما الباقون: (تبغون وإليه ترجعون) بالتاء جميعا.
وروى حفص عن عاصم: يبغون، ويرجعون بالياء جميعا.
قال أبو علي: هذا مخاطبة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، بدلالة قوله: قل آمنا بالله [آل عمران/ 84] فإذا كان كذلك كان هذا حجة لمن قرأ
[الحجة للقراء السبعة: 3/69]
بالتاء على تقدير: قل لهم: (أفغير دين الله تبغون وإليه ترجعون) [آل عمران/ 83] ليكون مثل (تبغون) في أنّه خطاب. ويؤكّد التاء في (ترجعون) أنّهم كانوا منكرين للبعث، ويدل على ترجعون إلي مرجعكم [آل عمران/ 55].
وحجة من قرأ بالياء: يبغون أنّه على تقدير: قل: كأنّه قل لهم: أفغير دين الله يبغون، وإليه يرجعون؟! فهذا: لأنّهم غيب فجاء على لفظ الغيبة وكذلك: وإليه يرجعون. وقد تقدّم القول في ترجعون ويرجعون. والمعنى على الوعيد، أي: أيبغون غير دين الله، ويزيغون عن دينه مع أنّ مرجعهم إليه فيجازيهم على رفضهم له.
وأخذهم ما سواه ؟). [الحجة للقراء السبعة: 3/70]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أفغير دين الله يبغون} {وإليه يرجعون} 83
قرأ أبو عمرو {يبغون} بالياء وحجته أن الخطاب قد انقضى بالفصل بينه وبين ذلك بقوله {فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} 82 ثمّ قال {أفغير دين الله يبغي الفاسقون} فيكون الكلام نسقا واحدًا
وقرأ الباقون بالتّاء وحجتهم قول قبلها {أأقررتم وأخذتم} فيكون نسقوا مخاطبة على مخاطبة وقال قوم يجوز أن يكون ابتدأ خطابا مجددا على تأويل قل لهم يا محمّد أفغير دين الله تبغون أيها المخاطبون فكان خطابا عاما لليهود وغيرهم من النّاس
وقرأ حفص {يبغون} بالياء جعله خبرا عن اليهود {وإليه يرجعون} بالياء أيضا يعني اليهود وقرأ الباقون بالتّاء أي أنتم وهم). [حجة القراءات: 170]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (61- قوله: {يبغون}، {وإليه يرجعون} قرأ أبو عمرو وحفص {يبغون} بالياء، وقرأ حفص وحده {يرجعون} بالياء، وقرأهما الباقون بالتاء.
62- وحجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على الخطاب لهم، أمر الله نبيه أن يقول لهم: أفغير دين الله تبغون أيها الكافرون، وإليه ترجعون؛ لأنهم كانوا ينكرون البعث، وينتحلون غير دين الله، فخوطبوا بذلك على لسان النبي عليه السلام، ويؤكد القراءة بالتاء في «ترجعون» قوله: {إليه مرجعكم} «الأنعام 60» فالتاء كالكاف، ولذلك عدل أبو عمرو إلى التاء في «ترجعون»، وخالف فيها {يبغون}.
63- وحجة من قرأ بالياء أنه جعله إخبارًا عن غيب؛ لأنهم لم يكونوا بالحضرة، وأيضًا فإن قبله ذكر غيب، في قوله: {فأولئك هم الفاسقون} «82» وقوله: {فمن تولى بعد ذلك} فجرى الكلام الذي بعده على أوله في الغيبة، وفي الكلام على القراءتين معنى التهديد والوعيد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/353]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {يَبْغُونَ} [آية/ 83]:-
بالياء، قرأها أبو عمرو وعاصم ويعقوب. وذلك لأن المخبر عنهم غيب، فجاء الخبر على لفظ الغيبة.
وقرأ الباقون «تبغون» بالتاء على الخطاب؛ لأن التقدير: قل لهم يا محمد
[الموضح: 379]
أفغير دين الله تبغون، ويدل على ذلك قوله {قُلْ آمَنَّا بِاللهِ} ). [الموضح: 380]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:53 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (84) إلى الآية (85) ]

{قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}

قوله تعالى: {قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)}

قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (86) إلى الآية (90) ]

{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)}

قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)}

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)}

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #29  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:57 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (91) إلى الآية (92) ]

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91) لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91)}

قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (93) إلى الآية (95) ]

{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)}

قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)}

قوله تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)}

قوله تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبان بن تغلب: [قُل صَّدَقَ اللَّهُ] بإدغام اللام في الصاد، وكذلك: [قُل سِّيرُوا].
قال أبو الفتح: علة جواز ذلك فُشو هذين الحرفين -أعني: الصاد والسين- في الفم وانتشار الصدى المنبث عنهما، فقاربتا بذلك مخرج اللام فجاز إدغامها فيهما، وكذلك هي أيضًا مع الزاي ومع الطاء، والدال والتاء. قرئ: [فَهَل تَّرى لهم]، ومع الظاء والثاء والذال، قرئ: [هل ثُّوب الكفار]، فأما اللام التي للتعريف فتُدغم في ثلاثة عشر حرفًا، وذلك معروف في موضعه، فلا وجه لإعادته). [المحتسب: 1/165]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #31  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 12:08 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (96) إلى الآية (97) ]

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}

قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)}

قوله تعالى: {فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وللّه على النّاس حجّ البيت... (97)
قرأ حفص وحمزة والكسائي: (حجّ البيت) بكسر الحاء وفتح الباقون الحاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/268]
قال أبو منصور: من قرأ (حجّ البيت) فهو مصدر حججت حجًّا.
وقال بعضهم: (الحج) بكسر الحاء: عمل السنة، و(الحج): المصدر.
وقال أحمد بن يحيى: هما لغتان: حججت حجا وحجا.
قال: ونحن نذهب إلى أن اللغتين إذا شهرتا جمع بينهما، وهذا من ذاك، وأيهما قرئ به فهو صواب.
وأحب الكسائي أن لا يخرج من اللغتين جميعا.
قال: والحج مكسورة لغة أهل نجد، والفتح لغة أهل العالية.
قال: واختار بعض أصحابنا الفتح في كل القرآن.
وقال: ليس بين الحرف الذي في آل عمران وبين غيره في كل القرآن فرق، فإما أن يجعل كله على لغة هؤلاء أو على لغة أولئك). [معاني القراءات وعللها: 1/269]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (46- وقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} [97].
قرأ حمزة والكسائي وحفص، عن عاصم (حج البيت) بالكسر.
والباقون بالفتح. فمن فتح جعله مصدرًا لحججت، أحج حجًا والحج: القصد، والحج بالكسر الاسم، والاختيار الفتح؛ لاجتماع الجميع على الذي في (البقرة) أنها مفتوحة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/117]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في نصب الحاء وكسرها من قوله جلّ وعزّ: حج البيت [آل عمران/ 97].
[الحجة للقراء السبعة: 3/70]
فقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: حج البيت بكسر الحاء.
وقرأ الباقون: (حج البيت) بفتح الحاء قال أبو علي: قال سيبويه: حجّ حجّا، مثل: ذكر ذكرا، فحجّ على هذا مصدر، فهذا حجة لمن كسر الحاء. وقال أبو زيد:
قال المفضّل: أنشدني أبو الغول هذا البيت لبعض أهل اليمن:
لا همّ إن كنت قبلت حجّتج... فلا يزال شاحج يأتيك بج
قال أبو علي فقوله: حجّتي مصدر حججت، حجّة.
قال أبو زيد: الحجج: السنون، واحدتها حجّة.
قال أبو علي: يدلّ على ذلك قوله عزّ وجلّ: على أن تأجرني ثماني حجج [القصص/ 27].
[الحجة للقراء السبعة: 3/71]
وقال أبو زيد: والحجّة، من حجّ البيت: الواحدة.
وقال سيبويه: قالوا: غزاة، فأرادوا عمل وجه واحد، كما قالوا: حجّة يريد: عمل سنة، ولم يجيئوا بها على الأصل، ولكنّه اسم له:
فقوله: لم يجيئوا به على الأصل، أي: على الفتح الذي هو للدّفعة من الفعل، ولكن كسروه فجعلوه اسما لذا المعنى كما أنّ غزاة كذلك، ولم تجىء فيه الغزوة وكان القياس [أن تجيء].
قال أبو زيد: ويقال: حجّ، وأنشد:
أصوات حج من عمان غادي قال: يريد أصوات حجّاج، وأنشد أبو زيد:
وإن رأيت الحجج الرّواددا... قواصرا للعمر أو مواددا
[الحجة للقراء السبعة: 3/72]
فالحجج اسم السنين كما قدّمه. وقولهم: حجّ في الحجّاج يجوز أن يكون تسمية بالمصدر على قول من كسر فيكون كزور وعدل، ويجوز أن يكون اسما صيغ للجمع كقوم
ورهط). [الحجة للقراء السبعة: 3/73]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وللّه على النّاس حج البيت}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {حج البيت} بكسر الحاء وقرأ الباقون بالفتح وهما لغتان الفتح لأهل الحجاز وبني أسد والكسر لغة أهل نجد وقيل إن الفتح مصدر والكسر اسم). [حجة القراءات: 170]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (64- قوله: {حج البيت} قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر الحاء وقرأ الباقون بالفتح، وهما مصدران لـ حجَّ يحُجُ، حكى سيبويه، حجَّ حِجا بالكسر كـ: ذكر ذِكرا، ويقال: حج حَجا، والفتح أصل المصدر، وقيل:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/353]
الفتح المصدر، والكسر الاسم، قال أبو زيد: الحجة السنة، والحج السنون، قال الله: {ثماني حجج} «القصص 27» وقيل: هما لغتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/354]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {حِجّ البَيْتِ} [آية/ 97]:-
بكسر الحاء، قرأها حمزة والكسائي وعاصم ص-، وقرأ الباقون «حَجّ» بالفتح. وهما لغتان: الحج كالرد والحج كالذكر، وكلاهما مصدر، وقيل: إن الكسر فيه لغة أهل نجدٍ، والفتح لغة أهل العالية). [الموضح: 380]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #32  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 12:10 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (98) إلى الآية (101) ]

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)}


قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98)}

قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)}

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #33  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 12:12 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (102) إلى الآية (104) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} [28] و{حق تقاته} [102].
فقرأهما نافع بين الإمالة والتفخيم.
وقرأ الكسائي بالإمالة جميعًا.
وقرأ حمزة: الأول بالإمالة، والثاني بالتفخيم.
وقرأ الباقون بالفتح فيهما.
فحجة من فتح أنه أتى بالكلمة على أصلها، والأصل في تقاه: تقية، فقلبوا في الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما قالوا: قضاة والأصل: قضية.
ومن أمال فلأن الياء وإن كانت قلبت ألفًا فإنه دل بالإمالة على الياء وهي أصل الكلمة كما قرأ {قضى} و{رمى}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/110]
وأمال حمزة الأولى تبعًا للمصحف؛ لأنها كتبت في المصحف بالياء، {تقية}.
وحجة ثانية: أنه جمع بين اللغتين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/111] (م)

قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}

قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (105) إلى الآية (109) ]

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}

قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}

قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}

قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}

قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #35  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (110) إلى الآية (112) ]
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}

قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}

قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}

قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #36  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (113) إلى الآية (115) ]

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}

قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}

قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)}

قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه... (115)
قرأ حفص وحمزة والكسائي: (وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه) بالياء جميعا.
وقرأ الباقون بالتاء.
والياء والتاء عند أبي عمرو سيّان في هذا الموضع، وروى هارون عن أبى عمرو بالياء، ولم يذكر التاء). [معاني القراءات وعللها: 1/269]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (47- وقوله تعالى: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} [115].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/117]
قرأ حمزة والكسائي وحفص، عن عاصم بالياء جميعًا.
وقرأ الباقون بالتاء، غير أن أبا عمرو كان يخير في ذلك، والأمر بينهما قريب، فمن وجه الخطاب إلى مَنْ بالحضرة دخل معهم الغيب، ومن قرأ بالياء دخل المخاطبون معهم فلما كان كذلك خير أبو عمرو بين الياء والتاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعزّ]: وما تفعلوا من خير فلن تكفروه [آل عمران/ 115].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر بالتاء، وكان أبو عمرو لا يبالي كيف قرأهما بالياء، أو بالتاء.
وقال علي بن نصر عن هارون عن أبي عمرو بالياء، ولم يذكر التاء. وكان حمزة والكسائي وحفص عن عاصم يقرءونها بالياء.
[قال أبو علي]: حجة من قرأ بالتاء: قوله إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم [الإسراء/ 7] وقوله: وما تنفقوا من خير، يوف إليكم [البقرة/ 272] وقوله: وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا [البقرة/ 197] قوله: يعلمه الله أي: يجازي عليه.
وحجّة من قرأ بالياء أنّه قد تقدّم أمة قائمة يتلون آيات الله [آل عمران/ 113] وما يفعلوا من خير فلن يكفروه [آل عمران/ 115]). [الحجة للقراء السبعة: 3/73]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} 115
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه}
[حجة القراءات: 170]
171 - بالياء فيهما وحجتهم قوله قبلها {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء اللّيل وهم يسجدون يؤمنون باللّه واليوم الآخر} 113 و114 الآية وكذلك {وما يفعلوا من خير} أي هؤلاء المذكورون وسائر الخلق داخل معهم
وقرأ الباقون بالتّاء فيهما وحجتهم قوله قبلها {كنتم خير أمة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه} {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} أيها المخاطبون بهذا الخطاب). [حجة القراءات: 171]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (65- قوله: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} قرأهما حفص وحمزة والكسائي بالياء، وقرأ الباقون بالتاء، والمشهور عن أبي عمرو التاء.
66- وحجة من قرأهما بالتاء أنه ردّه على الخطاب الذي قبله في قوله: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} «110» - وما تفعلوا من خير، وأيضًا فقد أجمعوا على الخطاب في قوله: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} «الإسراء 7» وعلى قوله: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم} «البقرة 272»، وعلى قوله: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} «البقرة 197» وهو كثير، أتى على الخطاب، فجرى هذا على ذلك.
67- وحجة من قرأ بالياء أنه ردّه على لفظ الغيبة، الذي هو أقرب إليه من لفظ الخطاب، وهو قوله: {ومن أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} «13، 14» - وما يفعلوا، فذلك كله لفظ غيبة متصل به، ليس بينهما حائل، فذلك أولى به من الخطاب، الذي بعد عنه، وأيضًا فقد قال ابن مسعود وابن عباس: إذا اختلفتم في الياء والتاء فاقرؤوا بالياء، ولولا أن الجماعة على التاء، لكان الاختيار الياء، لصحة معناه، ولقربه من لفظ الغيبة، واتصاله بألفاظ كلها للغائب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/354]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آية/ 115]:-
بالتاء فيهما، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب و(-ياش-) عن عاصم. وذلك أنه مجرى على الخطاب، كأمثاله في القرآن من قوله تعالى {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إليكُمْ} {ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله وَتَزَوَّدُوا}.
وقرأ الباقون {يَفْعَلُوا} و{يُكْفَرُوهُ} بالياء تحتها نقطتان؛ إجراءً لها على الغيبة، لما تقدم من قوله {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ الله آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ
[الموضح: 380]
يَسْجُدُونَ}). [الموضح: 381]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #37  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (116) إلى الآية (117) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)}

قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #38  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (118) إلى الآية (120) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}

قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)}

قوله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يضرّكم كيدهم شيئًا... (120)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب: (لا يضركم) بكسر الضاد خفيفة. وقرأ الباقون بضم الضاد والراء مشددة.
وروى الحجاج الأعور عن حمزة: (لا يضركم) مثل أبي عمرو.
قال أبو منصور: من قرأ (لا يضرّكم) بالتشديد وضم الضاد والراء فإن شئت جعلته مرفوعا وجعلت (لا) بمنزلة (ليس) فرفعت وأنت مضمر للفاء كما قال الشاعر:
[معاني القراءات وعللها: 1/270]
فإن كان لا يرضيك حتى تردّني... إلى قطريٍّ لا إخالك راضياً
أراد: فإن كان ليس يرضيك فلا إخالك راضياً.
وقال أبو إسحاق: الضم في قوله (لا يضرّكم) هو الاختيار لالتقاء الساكنين.
قال: وكثير من العرب يدغم في موضع الجزم، وأهل الحجاز يظهرون.
قال أبو منصور: والنصب في قوله: (لا يضرّكم) جائز غير أن القراءة سنة، وقرئت بالضم.
قال الزجاج: يجوز (لا يضرّكم) ولا (يضرّكم)، فمن فتح فلأن الفتح خفيف مستعمل في التقاء الساكنين في التضعيف، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
[معاني القراءات وعللها: 1/271]
ومن قرأ (لا يضركم) فهو من الضّير، يقال: ضاره يضيره ضيرًا، بمعنى: ضرّه يضرّه ضرًّا، والضير والضرّ واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/272]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (48- وقوله تعالى: {لا يضركم كيدهم شيئا} [120].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بالتخفيف وكسر الضاد.
وقرأ الباقون بالتشديد وضم الضاد والراء، فيكون موضعه رفعًا وجزمًا على مذهب العرب مُدَّ يا هذا، ومُدِّ يا هذا ومُدُّ يا هذا، والأصل: يضرركم، فنقلت الضمة من الراء الأولى إلى الضاد، وأدغمت الراء في الراء، والتشديد من جلل ذلك.
ومن قرأ {لا يضركم} فخفف، أخذه من الضير، كما قال تعالى: {لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الضّاد وتشديد الرّاء، وكسر الضاد، وتخفيف الراء من قوله تعالى لا يضركم [آل عمران/ 120].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: (لا يضركم) بكسر الضاد وتخفيف الراء.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: يضركم: بضم الضاد وتشديد الراء. [حدثنا ابن مجاهد قال]: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله المقرئ عن عبد الرزّاق بن الحسن قال حدثنا: أحمد بن جبير قال: حدثنا حجّاج الأعور عن حمزة أنّه
[الحجة للقراء السبعة: 3/74]
قرأ: (لا يضركم) مثل قراءة أبي عمرو.
قال أبو علي: من قال: (لا يضركم) جعله من ضار يضير مثل باع يبيع وحجّته قوله: قالوا: لا ضير [الشعراء/ 50] فضير مصدر كالبيع.
وقال الهذليّ:
فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها... مطبّعة من يأتها لا يضيرها
وحجّة من قال: لا يضركم قوله تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم [يونس/ 18] فكلتا القراءتين حسنة لمجيئهما جميعا في التنزيل). [الحجة للقراء السبعة: 3/75]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {لا يضركم} بكسر الضّاد وحجتهم قوله {لا ضير إنّا إلى ربنا منقلبون} وكانت في الأصل لا يضيركم مثل يضربكم فاستثقلت الكسرة على الياء فنقلت كسرة الياء إلى الضّاد فصارت لا يضيركم ودخل الجزم على الرّاء فالتقى ساكنان الياء والرّاء فطرحت الياء فصارت {لا يضركم}
وقرأ الباقون {يضركم} بضم الضّاد وتشديد الرّاء وضمّها من ضرّ يضر وحجتهم أن ضرّ في القرآن أكثر من ضار واستعمال العرب ضرّ أكثر من ضار من ذلك {ضرا ولا نفعا} و{نفعا ولا ضرا} وهو كثير في القرآن فلا يصرف عن شيء كثر في القرآن
وأما ضم الرّاء ففيه وجهان عند الكسائي أحدهما أن يكون الفعل
[حجة القراءات: 171]
عنده مجزومًا بجواب الجزاء وتكون المضة في الرّاء تابعة لضمة الضّاد كقولهم مد ومده فأتبعوا الضّم الضّم في المجزوم وكانت في الأصل لا يضرركم ولكن كثيرا من القرّاء والعرب يدغم في موضع الجزم فلمّا أرادوا الإدغام سكنوا الرّاء ونقلوا الضمة الّتي كانت على الضّاد فصارت لا يضرركم ثمّ أدغموا الرّاء في الرّاء وحركوها بحركة الضّاد فصارت لا يضركم فهذه الضمة ضمة إتباع وأهل الحجاز يظهرون التّضعيف وفي هذه الآية جاءت فيها اللغتان جميعًا فقوله {إن تمسسكم حسنة} على لغة أهل الحجاز ولا يضركم على لغة غيرهم من العرب
والوجه الآخر أن يكون الفعل مرفوعا فتصير لا على مذهب ليس وتضمر في الكلام فاء كأنّه قال فليس يضركم والفاء المضمرة تكون جواب الجزاء واستشهد الكسائي على إضمار الفاء ها هنا بقوله {وإن تصبهم سيّئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} معناه فإذا هم وكذلك قوله {وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون} أي فإنّكم لمشركون). [حجة القراءات: 172]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (68- قوله: {لا يضركم} قرأه الكوفيون وابن عامر بفتح الياء والتشديد، وضم الضاد والراء، وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الضاد، والتخفيف، والجزم، وهما لغتان: ضره ضره، وضاره يضيره، وقال الله جل ذكره: {قالوا لا ضير} «الشعراء 50» فهذا من: ضاره يضيره، وقال: {ما لا يضركم} «يونس 18» فهذا من: ضره يضره، والتشديد كثير في الاستعمال والقراءة، والجزم على جواب الشرط، والضم على إتباع الضم الضم، وهو مجزم أيضًا، حكى النحويون: لم أردها، بضم الدال، وهو مجزوم، لكنه أتبع حركته الدال، لما احتاج إلى تحريكها، حركة ما قبلها، وهو الراء، كذلك فعل في الراء لما احتاج إلى تحريكها، أتبعها ما قبلها، وهو حركة الضاد، وقد قيل: إن ضمة الراء، في قراءة من شدد، إعراب، والفعل مرفوع على إضمار الفاء، وذلك قليل في الكلام، والاختيار التخفيف، لخفته وأنها لغة موازية للتشديد، لأن أهل الحرمين عليه مع أبي عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {لَا يَضُرُّكُمْ} [آية/ 120]:-
بكسر الضاد وسكون الراء، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
وهو على هذا من ضار يضير كباع يبيع، فيضركم كيبعكم، وهو جزم على جواب الشرط الذي هو قوله تعالى {وَإِنْ تَصْبِرُوا}.
وقرأ الباقون {لا يَضُرُّكُمْ} بضم الضاد وتشديد الراء وضمها.
وذلك أنه من ضر يضر، ونظيره قوله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}، فيجوز أن يكون جزمًا أيضًا، وضمته للإتباع كضمة مد، ويجوز أن يكون رفعًا على إضمار الفاء، والتقدير: فلا يضركم). [الموضح: 381]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #39  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (121) إلى الآية (122) ]

{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}


قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)}

قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #40  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (123) إلى الآية (128) ]

{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)}

قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من الملائكة منزلين (124)
قرأ ابن عامر: (منزّلين) بتشديد الزاي، وخففها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان: أنزل ونزّل بمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/272]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (49- وقوله تعالى: {من الملائكة منزلين} [124].
قرأ ابن عامر وحده {منزلين}.
وقرأ الباقون بالتخفيف جعلوه اسم المفعولين من أنزلهم الله فهم منزلون. ومن شدد جعله اسم المفعولين من نَزَّلَ. وقال قوم: أنزل ونزَّل بمعنى مثل كرَّم وأَكْرَمَ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ منزلين، [آل عمران/ 124] خفيف الزاي غير ابن عامر فإنّه قرأ منزلين مشدد الزاي.
قال أبو علي: حجّة ابن عامر: تنزل الملائكة والروح فيها [القدر/ 4] ألا ترى أنّ [مطاوع نزّل ينزّل نزّلته فتنزّل]، وقوله
[الحجة للقراء السبعة: 3/75]
[جلّ اسمه]: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة [الأنعام/ 111] وحجّة من خفّف قوله: وقالوا لولا أنزل عليه ملك [الأنعام/ 8] ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر [الأنعام/ 8]. ومن حجّة من قرأ: منزلين أنّ الإنزال يعمّ التنزيل وغيره، قال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر [النحل/ 44]. وإنا أنزلناه في ليلة القدر [القدر/ 1] وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد [الحديد/ 25] وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج [الزمر/ 6] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/76]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه مبارك عن الحسن أنه كان يقرأ: [بِثَلاثَهْ آلافٍ] و[بِخَمْسَهْ آلافٍ]، وَقْفٌ ولا يُجري واحدًا منهما.
قال أبو الفتح: وجهه في العربية ضعيف؛ وذلك أن ثلاثة وخمسة مضافان إلى ما بعدهما، والإضافة تقتضي وصل المضاف بالمضاف إليه؛ لأن الثاني تمام الأول، وهو معه في أكثر الأحوال كالجزء الواحد، وإذا وصلت هذه العلامة للتأنيث فهي تاء لا محالة؛ وذلك أن أصلها التاء، وإنما يبدل منها في الوقف الهاء، وإذا كان كذلك -وهو كذلك- فلا وجه للهاء؛ لأنها من أمارات الوقف، والموضع على ما ذكرنا متقاضٍ للوصل، غير أنه قد جاء عنهم نحو هذا، حكى الفراء أنهم يقولون: أكلت لحمَا شاة، يريدون: لحم شاة، فيمطلون الفتحة فينشئون عنها ألفًا، كما يقولون في الوقف: قالا، يريدون: قال، ثم يمطلون الفتحة فتنشأ عنها الألف، وهذا المطل لا يكون مع الإسراع والاستحثاث؛ إنما يكون مع الروية والتثبت، وأنشد أبو زيد:
مَحْضٌ نِجَارى طيِّب عنصري
[المحتسب: 1/165]
يريد: عُنْصُرِي بتخفيف الراء، غير أنه ثقَّلها كما يفعل في الوقف، نحو: خالدّ وجعفرّ، وإذا جاز أن يُنوى الوقف دون المضمر المجرور، وهو على غاية الحاجة -للفطه عن الانفصال- إلى ما قبله جاز أيضًا أن يعترض هذا التلوم والتمكث دون المظهر المضاف إليه؛ أعني: قوله: "آلاف"؛ بل إذا جاز أن يعترض هذا الفتور والتمادي بين أثناء الحروف من المثال الواحد نحو قوله:
أقول إذ خَرَّت على الكَلْكالِ ... يا ناقتا ما جُلْت من مجالِ
وقوله فيما أَنشدناه:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
يريد: ينبع. وقوله أُنشدناه:
وأنت من الغوائل حين تُرْمى ... ومن ذم الرجال بِمُنْتَزَاح
يريد: منتزَح مُفْتعَل من نزح، كان التأني والتمادي بالمد بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما في الحقيقة اسمان لا اسم واحد أمثل، ونحوه قراءة الأعرج عن ابن أبي الزناد: [بثلاثهْ آلاف] بسكون الهاء، وقد ذكرناه فيما قبل، فهذا تقوية وعذر لقراءة أبي سعيد، وقد أفردناه في الخصائص بابًا قائمًا برأسه، وذكرناه أيضًا في هذا الكتاب). [المحتسب: 1/166] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين} 124
قرأ ابن عامر {من الملائكة منزلين} بالتّشديد وحجته قوله {لنزلنا عليهم من السّماء ملكا} وهما لغتان نزل وأنزل مثل كرم وأكرم). [حجة القراءات: 172]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (69- قوله: {منزلين} شدده ابن عامر، وقرأه الباقون بالتخفيف، وهما لغتان، من شدده جعله من «نزّل» ومن خففه جعله من «أنزل»، وفي التشديد معنى التكرير، والتخفيف الاختيار لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {مُنَزَّلِينَ} [آية/ 124]:-
بفتح النون وتشديد الزاي، قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 381]
ووجهها أن نزل متعدي نزل كأنزل إلا أنه يتضمن التكثير في الغالب، والكثرة ههنا موجودة، فلذلك اختاره، ونظيره {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}.
وقرأ الباقون {مُنْزَلَينَ} بالتخفيف وسكون النون؛ لأنهم جعلوه من أنزل، والإنزال قد يكون القليل والكثير، إلا أن الكثرة بالتنزيل أخص، والإنزال في القرآن كثير، نحو {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} و{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}). [الموضح: 382]

قوله تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مسوّمين (125).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (مسوّمين) بكسر الواو، وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (مسوّمين) بالكسر فالمعنى: معلّمين بالسّومة، وهي: العلامة في الحرب، ومن قرأ (مسوّمين) فالمعنى:
[معاني القراءات وعللها: 1/272]
معلّمين، وجائز أن يكون معنى (مسوّمين): قد سوّموا خيلهم، أرسلوها ترعى). [معاني القراءات وعللها: 1/273]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (50- وقوله تعالى: {مسومين} [125].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وعاصم بكسر الواو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/118]
وقرأ الباقون بالفتح، جعلوا التسويم وهو العلامة للخيل، أي أن الملائكة سومت الخيل، أو إذا جعلت الفعل لله وهو الاختيار؛ لأن الملائكة الله سومها، قال الحسن: مسومين مجززة النواصي، وقال مجاهد: جعلت الملائكة في أذان الخيل وأذنابها الصُّوف الأبيض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الواو وكسرها من قوله [جلّ وعز]: مسومين [آل عمران/ 125].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: مسومين بكسر الواو.
وقرأ الباقون: مسومين بفتح الواو.
قال أبو علي: جاء في التفسير في قوله تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم [الرحمن/ 41] أنّه سواد الوجوه وزرقة الأعين. قال أبو زيد: السّومة: العلامة تكون على الشاة ويجعل عليها لون يخالف لونها لتعرّف به. قال أبو علي: فقوله: مسومين من هذا، وهذه العلامة يعلمها الفارس يوم اللقاء ليعرف بها. قال:
[الحجة للقراء السبعة: 3/76]
فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم... شاك سلاحي في الحوادث معلم
وقال أبو زيد: سوّم الرجل تسويما فهو مسوّم إذا أغار على القوم إغارة فعاث فيهم. وقال: وسوّمت الخيل تسويما إذا أرسلتها وخلّيتها تخلية. وأمّا من قرأ: مسومين فقال أبو الحسن: لأنّهم هم سوّموا الخيل. قال: ومن قرأ: مسومين فلأنّهم هم سوّموا.
قال: ومسوّمين. يكون معلمين، ويكون مرسلين من قولك:
سوّم فيها الخيل، أي: أرسلها، ومنه السائمة. وذكر بعض شيوخنا أنّ الاختيار عنده الكسر، لما جاء في الخبر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوم بدر: «سوّموا فإنّ الملائكة قد سوّمت» فنسب الفعل إلى الملائكة). [الحجة للقراء السبعة: 3/77]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه مبارك عن الحسن أنه كان يقرأ: [بِثَلاثَهْ آلافٍ] و[بِخَمْسَهْ آلافٍ]، وَقْفٌ ولا يُجري واحدًا منهما.
قال أبو الفتح: وجهه في العربية ضعيف؛ وذلك أن ثلاثة وخمسة مضافان إلى ما بعدهما، والإضافة تقتضي وصل المضاف بالمضاف إليه؛ لأن الثاني تمام الأول، وهو معه في أكثر الأحوال كالجزء الواحد، وإذا وصلت هذه العلامة للتأنيث فهي تاء لا محالة؛ وذلك أن أصلها التاء، وإنما يبدل منها في الوقف الهاء، وإذا كان كذلك -وهو كذلك- فلا وجه للهاء؛ لأنها من أمارات الوقف، والموضع على ما ذكرنا متقاضٍ للوصل، غير أنه قد جاء عنهم نحو هذا، حكى الفراء أنهم يقولون: أكلت لحمَا شاة، يريدون: لحم شاة، فيمطلون الفتحة فينشئون عنها ألفًا، كما يقولون في الوقف: قالا، يريدون: قال، ثم يمطلون الفتحة فتنشأ عنها الألف، وهذا المطل لا يكون مع الإسراع والاستحثاث؛ إنما يكون مع الروية والتثبت، وأنشد أبو زيد:
مَحْضٌ نِجَارى طيِّب عنصري
[المحتسب: 1/165]
يريد: عُنْصُرِي بتخفيف الراء، غير أنه ثقَّلها كما يفعل في الوقف، نحو: خالدّ وجعفرّ، وإذا جاز أن يُنوى الوقف دون المضمر المجرور، وهو على غاية الحاجة -للفطه عن الانفصال- إلى ما قبله جاز أيضًا أن يعترض هذا التلوم والتمكث دون المظهر المضاف إليه؛ أعني: قوله: "آلاف"؛ بل إذا جاز أن يعترض هذا الفتور والتمادي بين أثناء الحروف من المثال الواحد نحو قوله:
أقول إذ خَرَّت على الكَلْكالِ ... يا ناقتا ما جُلْت من مجالِ
وقوله فيما أَنشدناه:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة
يريد: ينبع. وقوله أُنشدناه:
وأنت من الغوائل حين تُرْمى ... ومن ذم الرجال بِمُنْتَزَاح
يريد: منتزَح مُفْتعَل من نزح، كان التأني والتمادي بالمد بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما في الحقيقة اسمان لا اسم واحد أمثل، ونحوه قراءة الأعرج عن ابن أبي الزناد: [بثلاثهْ آلاف] بسكون الهاء، وقد ذكرناه فيما قبل، فهذا تقوية وعذر لقراءة أبي سعيد، وقد أفردناه في الخصائص بابًا قائمًا برأسه، وذكرناه أيضًا في هذا الكتاب). [المحتسب: 1/166] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} 125
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {مسومين} بكسر الواو أي معلمين أخذ من السومة وهي العلامة وحجتهم ما جاء في التّفسير قال مجاهد كانوا سوموا نواصي خيولهم بالصوف الأبيض فهم على هذا التّفسير مسومون لأنهم فاعلون
ووردت الأخبار بأن الملائكة نزلت على رسول الله صلى الله عليه معتمين بعمائم صفر فأضافوا الاعتمام إليهم ولم يقل معممين فيكونوا مفعولين وتكون القراةء بفتح الواو وقال رسول الله لأصحابه يوم بدر تسوموا فإن الملائكة قد تسومت
وقرأ الباقون {مسومين} بفتح الواو وحجتهم {منزلين} لما كان فتح الزّاي مجمعا عليه إذ كانوا مفعولين ردوا قوله {مسومين} إذ كانت صفة مثل معنى الأول ففتحوا الواو وجعلوهم مفعولين كما كانوا منزلين فكأنهم أنزلوا مسومين
وقد روي عن عكرمة وقتادة في تفسير ذلك أنّهما قالا فيه عليهم سيما القتال وقال قوم {مسومين} مرسلين تقول العرب لنسومن فيكم الخيل أي لنرسلنها حكى ذلك الكسائي قال وتقول العرب سوم الرجل غلامه أي خلى سبيله فعلى هذا التّأويل يوجه معنى ذلك إلى معنى مرسلين على الكفّار فيكون موافقا المعنى منزلين). [حجة القراءات: 173]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (70- قوله: {مسومين} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو، وفتح الباقون.
71- وحجة من كسر الواو أنه أضاف الفعل إلى الملائكة، فأخبر عنهم أنهم سوموا الخيل، والسومة العلامة تكون في الشيء بلون يخالف لونه ليُعرف بها، ويقوي ذلك أنه روي أن النبي عليه السلام قال يوم بدر: «سَوِّموا فإن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/355]
الملائكة قد سمت» فأضاف الفعل إلى الملائكة، فدلّ ذلك على وجوب كسر الواو في {موسمين}.
72- وحجة من فتح الواو أنه أضاف التسويم إلى غيرهم، على معنى أن غيرهم من الملائكة سومهم، ويجوز أن يكون معنى مسومين من قولك: سومت الخيل، أي أرسلتها ومنه السائمة، فالمعنى: بألف من الملائكة مرسلين، والاختيار الفتح؛ لأن الجماعة عليه، وقد اختار قوم الكسر للحديث المذكور). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {مُسَومِينَ} [آية/ 125]:-
بكسر الواو، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب.
والمراد أنهم سوموا خيلهم من السومة والسيمى، وهما العلامة.
وقرأ الباقون «مسمومين» بفتح الواو.
والمعنى معلمين في الحرب، وهو مما ذكرنا.
ويجوز أن يكون المراد مرسلين، من قولهم: سومت السائمة أي أرسلتها.
والقراءة الأولى أولى؛ لأنه قد جاء في الخبر أنه قال يوم بدر: «سوموا فإن الملائكة قد سومت»، وكانت الملائكة سومت يوم بدر بالصوف الأبيض في
[الموضح: 382]
نواصي الخيل وأذنابها). [الموضح: 383]

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)}

قوله تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)}

قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #41  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (129) إلى الآية (132) ]

{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}


قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (32- {أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آية/ 130]:-
بغير ألف مشددة العين، قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب، وقرأ الباقون {مُضَاعَفَةَ} بالألف والتخفيف.
يقال: ضاعفت الشيء وضعفته بمعنى واحد، وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 383]

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)}

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #42  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 02:59 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (133) إلى الآية (138) ]

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}

قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربّكم... (133)
قرأ نافع وابن عامرٍ: (سارعوا إلى مغفرةٍ) بغير واو، وكذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ الباقون: (وسارعوا) بالواو.
قال أبو منصور: القراءة جائزة بالواو وغير الواو، غير أني أحب القراءة بالواو). [معاني القراءات وعللها: 1/273]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (51- وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة} [133].
قرأ نافع وابن عامر: (سارعوا) بغير واو.
وقرأ الباقون بواو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (أحمد: وكلّهم قرأ: وسارعوا-[آل عمران/ 133] بواو
[الحجة للقراء السبعة: 3/77]
غير نافع وابن عامر فإنّهما قرأ: سارعوا بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام. وروى أبو عمر الدوري عن الكسائي: وسارعوا وأولئك يسارعون في الخيرات [المؤمنون/ 61] ونسارع لهم في الخيرات [المؤمنون/ 56] بالإمالة في كلّ ذلك.
قال أبو علي: [كلا الأمرين سائغ] مستقيم، فمن قرأ بالواو فلأنّه عطف الجملة على الجملة، والمعطوف عليها قوله: وأطيعوا الله والرسول [آل عمران/ 132] وسارعوا. ومن ترك الواو فلأنّ الجملة الثانية ملتبسة بالأولى مستغنية بالتباسها بها عن عطفها بالواو.
وقد جاء الأمران في التنزيل في قوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم [الكهف/ 22] وقال: ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم [الكهف/ 22] وقال: أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [البقرة/ 39] فهذا على قياس قراءة نافع وابن عامر. وما روي عن الكسائي من إمالة الألف في وسارعوا وأولئك يسارعون ونسارع لهم في الخيرات فالإمالة هنا في الألف حسنة، لوقوع الراء المكسورة بعدها، وكما تمنع المفتوحة الإمالة، فكذلك المكسورة تجلبها). [الحجة للقراء السبعة: 3/78]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}
قرأ نافع وابن عامر (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) بغير واو اتباعا لمصاحفهم
وقرأ الباقون {وسارعوا} بالواو اتباعا لمصاحفهم). [حجة القراءات: 174]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (73- قوله: {وسارعوا} قرأه نافع وابن عامر بغير واو، على الاستئناف والقطع، وكذا هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام بغير واو، وهو مع الاستئناف ملتبس بما قبله، لأن الضمائر غير مختلفة والمأمورين غير مختلفين. وقرأ الباقون بالواو، على العطف على ما قبله، من قوله: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} «132» - وسارعوا، وهو عطف جملة على جملة، وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة، وأهل البصرة بالواو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (33- {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} [آية/ 133]:-
بغير واوٍ في أوله، قرأها نافع وابن عامر.
وذلك لأن الجملة الثانية مستغنية عن عطفها بالواو لالتباسها بالجملة الأولى، كقوله تعالى {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}.
وقرأ الباقون {وَسَارِعُوا} بالواو؛ لأنه عطف جملةٍ على جملةٍ فهو بالواو
[الموضح: 383]
لأنه أداته، والمعطوف عليها قوله {وَأَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ}.
والكسائي أمال السين في {سارعوا} لوقوع الراء المكسورة بعدها، وفتحها الباقون على الأصل). [الموضح: 384]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}

قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)}

قوله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #43  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:02 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (139) إلى الآية (141) ]

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}

قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}

قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إن يمسسكم قرحٌ... (140)
[معاني القراءات وعللها: 1/273]
قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي: (قرحٌ) بضم القاف، وقرأ الباقون: (قرحٌ) بفتح القاف.
وقال الفراء: القرح: الجرح، والقرح: ألم الجرح.
وقال الزجاج: القرح والقرح واحد، ومعناهما: الجرح، وألمه، ويقال: قرحه قرح، وأصابه قرح). [معاني القراءات وعللها: 1/274]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {إن يمسسكم قرح} [140].
قرأ أهل الكوفة غير حفص {قرح} بضم القاف. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بالفتح.
فقال أكثر النحويين: هما لغتان: القرح والقرح مثل: الجَهْدُ والجُهْدُ، وفرَّق الكسائي بينهما فقال: القَرح: الجراحةُ، والقُرْحُ: ألم الجراحة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/119]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح القاف وضمّها من قوله تعالى: قرح [آل عمران/ 140].
[الحجة للقراء السبعة: 3/78]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: قرح بفتح القاف في كلّهنّ.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي: قرح* بضم القاف في جميعهنّ. وروى حفص عن عاصم: قرح بالفتح مثل أبي عمرو. وكلّهم أسكن الراء في قرح.
قال أبو علي: قرح وقرح مثل: الضّعف والضّعف، والكره والكره، والفقر والفقر، والدّف والدّف. والشّهد والشّهد. وكأن الفتح أولى لقراءة ابن كثير، ولأنّ لغة أهل الحجاز الأخذ بها أوجب، لأنّ القرآن عليها نزل.
وقال أبو الحسن: قرح، يقرح قرحا، وقرحا، فهذا يدلّ على أنّهما مصدران، وأنّ كلّ واحد منهما بمعنى الآخر.
ومن قال: إنّ القرح الجراحات بأعيانها، والقرح ألم الجراحات قبل ذلك منه إذا أتى فيه برواية، لأنّ ذلك ممّا لا يعلم بالقياس). [الحجة للقراء السبعة: 3/79]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [قَرَحٌ] بفتح القاف والراء.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا الأمر أن يكون فيه لغتان: قرْح، وقرَح، كالحلْب والحلَب، والطرْد والطرَد، والشل والشلل. وفيه أيضًا قُرْح على فُعْل، يقرأ بهما جميعًا.
[المحتسب: 1/166]
ثم لا أُبْعدُ من بَعْدُ أن تكون الحاء لكونها حرفًا حلقيًّا يفتح ما قبلها كما تفتح نفسها فيما كان ساكنًا من حروف الحلق، نحو قولهم في الصخْر: الصخَر، والنعْل: النعَل. ولعمري، إن هذا عند أصحابنا ليس أمرًا راجعًا إلى حرف الحلق؛ لكنها لغات، وأنا أرى في هذا رأي البغداديين في أن حرف الحلق يؤثر هنا من الفتح أثرًا معتدًّا معتمدًا؛ فلقد رأيت كثيرًا من عقيل لا أحصيهم يحرك من ذلك ما لا يتحرك أبدًا لولا حرف الحلق، وهو قول بعضهم: نَحَوَه، يريد: نَحْوه، وهذا ما لا توقف في أنه أمر راجع إلى حرف الحلق؛ لأن الكلمة بنيت عليه ألبتة، ألا ترى أن لو كان هذا هكذا لوجب أن يقال: نحاة؛ لأنه فَعَلٌ مما لامُه واو، فيجري مجرى عصاة وفتاة.
نعم، وسمعت الشجري يقول في بعض كلامه: أنا مَحَموم، بفتح الحاء. وقال مرة وقد رسم له الطبيب أن يمص التفاح ويرمي بثُفْله فلم يفعل ذلك، فأنكره الطبيب عليه، فقال: إني لأبغي مصه وعِلْيَته تَغَذُو، يريد: تَغْذُو، ولا قرابة بيني وبين البصريين؛ لكنها بيني وبين الحق، والحمد لله، ويكون فتح الحاء من القَرَح لها ما قبلها كفتحها لها عين الفعل المضارع، نحو: يسنَح ويسفَح ويسمَح.
ويُؤنِّس بذلك أن هذه الحروف حلقية، فضارعت بذلك الألف التي لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، وهذا قدر ما يتعلَّل به، إلا أن الاختيار أن تكون "القَرَح" لغة). [المحتسب: 1/167]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله}
قرأ حمزة والكسائيّ وابو بكر {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} بضم القاف فيهما وقرأ الباقون بالفتح فيهما
قال الفراء كأن القرح بالضّمّ ألم الجراحات وكأن القرح الجراح بأعيانها وقال الكسائي هما لغتان مثل الضعف والضعف والفقر والفقر وأولى القولين بالصّواب قول الفراء لتصييرهما لمعنيين والدّليل على ذلك قول الله جلّ وعز حين أساهم بهم في موضع آخر بما دلّ على أنه أراد الألم فقال ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون فدلّ ذلك على أنه اراد إن يمسسكم ألم من أيدي القوم فإن بهم من ذلك مثل ما بكم). [حجة القراءات: 174]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (74- قوله: {قرح} قرأ حمزة وأبو بكر والكسائي بضم القاف، على أنها ألم الجراحات، وقرأ الباقون بالفتح، على أنها الجراحات بعينها وأكثر الناس على أن القراءتين بمعنى الجراحات بلغتين كـ الضَعف والضُعف، والكَره والكُره، وقال الأخفش: هما مصدران لـ «قَرح قَرحًا وقُرحًا»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/356]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (34- {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آية/ 140]، و{القُرْح}
بضم القاف، قرأها حمزة والكسائي وياش- عن عاصم.
وقرأ الباقون {قَرْح} و{القَرْح} بفتح القاف.
(والقرح) والقرح لغتان كالضعف والضعف والفقر والفقر، والفتح لغة أهل الحجاز، والأخذ بها أولى.
وقال الفراء: هو بالفتح: الجرح، وبالضم: ألم الجرح). [الموضح: 384]

قوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #44  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (142) إلى الآية (145) ]

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم: [مِنْ قَبْلِ أَنْ تُلاقُوه].
قال أبو الفتح: وجه ذلك أنك إذا لقيتَ الشيء فقد لقيَك هو أيضًا، فلما كان كذلك دخله معنى المفاعلة؛ كالمضاربة والمقاتلة، وقد جاء ذلك عينه في هذه اللفظة عينها، قالت امرأة:
هل الَّا الموت يغلي غاليهْ ... مختلطًا سافله بعاليهْ
لا بد يومًا أنني ملاقيهْ
فأما ما قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد من قوله:
فارقَنا قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطَرا
[المحتسب: 1/167]
فظاهره إلى التناقض؛ لأنا إذا فارقَنا فقد فارقْناه لا محالة، فما معنى قوله بعد: قبل أن نفارقه؟ وهو عندنا على إقامة المسبب مقام السبب في تفسيره: فارقَنا قبل أن نريد فراقه، فوضع المفارقة وهي المسبب موضع الإرادة لها وهي السبب؛ وذلك لقرب أحدهما من صاحبه.
ومثله قوله الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي: إذا أردت القراءة، وهو كثير قد مر في هذا الكتاب، وقد أفردنا له في الخصائص بابًا قائمًا برأسه). [المحتسب: 1/168]

قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة حطان بن عبد الله: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُل]، وكذلك هي في مصحف ابن مسعود.
قال أبو الفتح: هذه القراءة حسنة في معناها؛ وذلك أنه موضع اقتصاد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وإعلام أنه لا يلزم ذمته ممن يخالفه تبعة؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، وقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، وقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}.
ومعلوم أن "إنما" موضوعة للاقتصاد والتقليد، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}؟ فهذا كقوله: {مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}، وقوله: {وَقَلِيل مَا هُمْ}، وقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. فلما كان موضع اقتصاد به، وفكٍّ ليد الذم عن ذمته، وكان من مضى من الأنبياء -عليهم السلام- في هذا المعنى مثله، لاق بالحال تنكير ذكرهم بقوله: [قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ].
وذلك أن التنكير ضرب من الكف والتصغير، كما أن التعريف ضرب من الإعلام والتشريف، ألا ترى إلى قوله:
فمن أنتم إنانسينا من أنتم ... وريحكم من أي ريح الأعاصر
[المحتسب: 1/168]
فأين هذا من قوله:
هذا الذي تَعْرِف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم؟
ولهذا قال:
من حديث نَمَى إليَّ فما أطـ ... ـعَمُ غُمْضًا ولا ألذ شرابي
فنكَّر الغمض احتقارًا له إذ كان لا يعرفه، وعرَّف الشراب إذ كان لا بد أن يشرب وإن قل. قال:
على كل حال يأكل المرء زادَه ... من الضر والبأساء والحدَثان
ولأجل ذلك لم تندب العرب المبهم ولا النكرة لاحتقارها، وإنما تندب بأشهر أسماء المندوب؛ ليكون ذلك عذرًا لها في اختلاطها وتفجعها، ويؤكده أيضًا قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}، فجرى قوله سبحانه: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ] مجرى قولك لصاحبك: اخدم كما خَدَمَنَا غيرُك من قبلك ولا تبعة عليك بعد ذلك، فهذا إذن موضع إسماح له، فلا بد إذن من إلانة ذكره، وعليه جاء قوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} فأضاف سبحانه من عذرهم، وأعلَمَ ألا متعلق عليه بشيء من أمرهم، فلهذا حسن تنكير "رسل" هاهنا، والله أعلم.
وأما من قرأ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} فوجه تعريفهم ومعناه: أنكم قد عرفتم حال مَن قبله من الرسل في أنهم لم يطالبوا بأفعال مَن خالفهم، وكذلك هو صلى الله عليه وسلم، فلما كان موضع تنبيه لهم كان الأليق به أو يومئ إلى أمر معروف عندهم). [المحتسب: 1/169]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش، فيما رواه القطعي عن أبي زيد عن المفضَّل عن الأعمش: [ومَن
[المحتسب: 1/169]
يُرِدْ ثواب الدنيا يُوتِه منه ومَن يُرِدْ ثوابَ الآخرة يُوتِه منها وسنجزي الشاكرين] بالياء فيهما.
قال أبو الفتح: وجهه على إضمار الفاعل لدلالة الحال عليه؛ أي: يوته الله، يدل على ذلك قراءة الجماعة: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} بالنون.
وحديث إضمار الفاعل للدلالة عليه واسعٌ فاشٍ عنهم، منه حكاية الكتاب أنهم يقولون: إذا كان غدًا فائتني؛ أي: إذا كان ما نحن عليه من البلاء في غد فائتني، ومثله حكايته أيضًا:
مَن كذب كان شرًّا له؛ أي: كان الكذب شرًّا له. وعليه قول الآخر:
ومجوَّفات قد علا ألوانها ... أسآر جُرد مُتْرَصاتٍ كالنَّوَى
أي: قد علا التجويف ألوانَها. وقول الآخر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه ... وخالَف والسفيهُ إلى خلاف
وكما أضمر المصدر مجرورًا؛ أعني: الهاء في إليه -يعني إلى السفه- كذلك أيضًا أضمره مرفوعًا بفعله). [المحتسب: 1/170]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #45  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:06 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (146) إلى الآية (148) ]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه... (146)
قرأ ابن كثير: (وكائن) الهمز بين الألف والنون، بوزن (كاعن)، وقرأ الباقون: (وكأيّن) الهمزة بين الكاف والياء.
وذكر عن يعقوب أنه كان يقف: (وكأي) قال: ومعناه: وكم من نبيٍّ
[معاني القراءات وعللها: 1/274]
قال أبو منصور: هما لغتان قرئ بهما (وكأيّن) بتشديد الياء بوزن (وكعيّن)، واللغة الثانية (وكائن) بوزن (كاعن)، والمعنى واحد.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال في تفسير (كأيّن): الكاف زائدة مدخلة على أي، قال: والكاف معناه: التشبيه، كما تقول: كعمرو.
قال: ومن قرأ (كأيّن) فهو من كيب عن الأمر، أي: حببت.
قال: ومعناها: كم. وكم بمعنى الكثرة). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قتل... (146)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب على (فعل).
وقرأ الباقون (قاتل) على (فاعل).
قال أبو منصور: والقراءتان جيدتان، إلا أن (قتل) مفعول، و(قاتل) فاعل). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير وحده (كائن) على وزن كاعن.
قرأ الباقون: (وكأي) على وزن كحي.
فمن قرأ كذلك وقف بالياء مشددًا، وهما لغتان بمعنى «كم»، تقول العرب: كم مالك؟ وكائن مالك؟ وكأين مالك؟). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (53- وقوله تعالى: {قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {قتل معه}.
وقرأ الباقون {قاتل} بألف، فمن قرأ {قُتِلَ} وقف عليه وابتدأ بما بعده، وحجّته أن الله تعالى مدح أممًا قُتِلَ عنهم نبيهم فما ضَعُفُوا لما أصابهم من قتل نبيهم، وما استكانوا.
وحجة من قرأ {قاتل} قال: إذا مدح الله تعالى من لم يُقاتل مع نبيه، كان من قاتل مع نبيه أمدح وأمدح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز من قوله تعالى كأين [آل عمران/ 146].
[الحجة للقراء السبعة: 3/79]
فقرأ ابن كثير وحده: وكائن* الهمزة بين الألف والنون في وزن كاعن.
وقرأ الباقون: وكأي الهمزة بين الكاف والياء، والياء مشدّدة في وزن كعيّ.
قال أبو علي: كنّا رأينا قديما في قولهم: وكائن وأكثر ما يجيء في الشعر كقول الشاعر: [كما أنشده سيبويه]:
وكائن رددنا عنكم من مدجّج... يجيء أمام القوم يردي مقنّعا
وكقوله:
وكائن إليكم قاد من رأس فتنة... جنودا وأمثال الجبال كتائبه
وقول جرير:.
وكائن بالأباطح من صديق... يراني لو أصبت المصابا
[الحجة للقراء السبعة: 3/80]
وكائن على وزن كاعن، كان الأصل فيه كأيّ دخلت الكاف على أيّ كما دخلت على (ذا) من (كذا) و (أنّ) من (كأنّ)، وكثر استعمال الكلمة فصارت ككلمة واحدة، فقلب قلب الكلمة الواحدة، كما فعل ذلك في قولهم: لعمري ورعملي، حكي لنا عن أحمد بن يحيى، فصار كيّإن [مثل كيّع] فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة فصار كيء بعد الحذف، ثمّ أبدلت من الياء الألف كما أبدل من طائيّ، وكما أبدلت من «آية» عند سيبويه، وكانت «أيّة». وقد حذفت الياء من أيّ في قول الفرزدق:
تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما... عليّ من الغيث استهلّت مواطره
ومن قول الآخر: «بيّض.. ».
فحذف الياء الثانية من أيّ أيضا. فأمّا النون في أيّ، فهي التنوين الداخل على الكلمة مع الجرّ، فإذا كان كذلك، فالقياس إذا وقفت عليه (كاء) فتسكن الهمزة المجرورة للوقف، وقياس من
[الحجة للقراء السبعة: 3/81]
قال: مررت بزيدي أن يقول: كائي، فيبدل منه الياء. ولو قال قائل: إنّه بالقلب الذي حدث في الكلمة، صارت بمنزلة النون التي من نفس الكلمة، فصار بمنزلة لام فاعل فأقرّه نونا في الوقف، وأجعله بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، كما جعلت التي في «لدن» بمنزلة التنوين الزائد في قول من قال: لدن غدوة لكان قولا.
ويقوّي ذلك أنّهم لمّا حذفوا الكلام في قولهم: إما لا جعلوها بالحذف ككلمة واحدة حتى أجازوا الإمالة في ألف لا* كما أجازوها في التي تكون من نفس الكلمة في الأسماء والأفعال.
وسمعت أبا إسحاق يقول: إنّها تقال ممالة فجعل القلب في كائن بمنزلة الحذف في إما لاجتماعهما في التغيير، لكان قولا، فيقف على كائن بالنون، ولا يقف على النون إذا لم تقلب، كما لا تميل الألف في لا* إذا لم تحذف معها). [الحجة للقراء السبعة: 3/82]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ القاف وفتحها وإدخال الألف وإسقاطها من قوله تعالى: قتل معه [آل عمران/ 146].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع قتل معه [آل عمران/ 146] بضم القاف بغير ألف.
وقرأ الباقون: قاتل بفتح القاف وبألف.
[الحجة للقراء السبعة: 3/82]
[قال أبو علي]: أمّا قتل فيجوز أن يكون مسندا إلى ضمير أحد اسمين إلى ضمير «نبي»، والدّليل على جواز إسناده إلى هذا الضمير أنّ هذه الآية في معنى قوله: أفإن مات أو قتل انقلبتم [آل عمران/ 144] وروي عن الحسن أنّه قال: «ما قتل نبي في حرب قطّ» وقال ابن عباس في قوله: وما كان لنبي أن يغل [آل عمران/ 161]: «قد كان النبيّ يقتل فكيف لا يخوّن» ! والذي في الآية من قوله: قتل لم يذكر أنّه في حرب.
فإذا أسند قتل إلى هذا الضمير احتمل قوله: معه ربيون أمرين:
أحدهما: أن يكون صفة لنبي، فإذا قدّرته هذا التقدير كان قوله: ربّيون: مرتفعا بالظرف بلا خلاف. والآخر: أن لا تجعله صفة ولكن حالا من الضمير الذي في قتل، فإن جعلته صفة كان الضمير الذي في معه* المجرور، لنبيّ، وإن جعلته حالا كان الضمير الذي في معه* يعود إلى الذكر المرفوع الذي في قتل، والاسم الآخر الذي يجوز أن يسند إليه قتل ربّيّون فيكون قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/83]
معه* على هذا التقدير معلّقا بقتل، وعلى القولين الآخرين اللذين هما: الصفة والحال متعلّقا في الأصل بمحذوف، وكذلك من قرأ:
قاتل فهو يجوز فيه ما جاز في قراءة من قرأ قتل*:
والرّبيون: الذين يعبدون الرّبّ، واحدهم ربّي. هكذا فسره أبو الحسن، وقيل فيه: إنه منسوب إلى علم الربّ وكذا الربّانيّون.
وحجّة من قرأ: قتل* أنّ هذا الكلام اقتصاص ما جرى عليه سير أمم الأنبياء قبلهم ليتأسوا بهم، وقد قال: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم [آل عمران/ 144] وحجّة من قرأ: قاتل أن المقاتل قد مدح كما مدح المقتول فقال: وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم [آل عمران/ 195]. فمن أسند الضمير الذي في قتل إلى نبي كان قوله: فما وهنوا [آل عمران/ 146] أي: ما وهن الرّبيون، ومن أسند الفعل إلى الربّيين دون ضمير نبي كان معنى: فما وهنوا ما وهن باقيهم بعد من قتل منهم في سبيل الله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. ومن جعل قوله: معه ربيون صفة أضمر للمبتدإ الذي هو كأيّ خبرا، وموضع الكاف الجارّة في كأيّ مع المجرور: رفع، كما أنّ موضع الكاف في قوله: له كذا وكذا: رفع، ولا معنى للتشبيه فيها، كما أنّه لا معنى للتشبيه في كذا وكذا). [الحجة للقراء السبعة: 3/84]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن والأشهب والأعمش: [وكَأْيٍ] بهمزة بعد الكاف ساكنة، وياء بعدها مكسورة خفيفة، ونون بعدها، في وزن كَعْيٍ.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: كأَيّ، وكاءٍ، وكأْي -وهي هذه القراءة- وَكَاءٍ في وزن كَعٍ.
ثم اعلم أن أصل ذلك كله {كأَيٍّ} في معنى كم كأكثر القراءة [وكأَيٍّ من قرية]، وهي أَيٌّ دخلت عليها كان الجر، فحدث لها من بعد معنى كم، ولهذه الكاف الجارة حديث طويل في دخولها وفيها معنى التشبيه، وفي دخولها عارية من التشبيه، نحو: كأن زيدًا عمرو، وله كذا وكذا درهمًا، وكأَيٍّ من رجل، ثم إنها لما كثر استعمالها لها تلعبت بها العرب كأشياء يكثر تصرفها فيها لكثرة نقطها بها، فقَدَّمت الياء المشددة على الهمزة فصارت كَيَّأٍ بوزن كَيَّع،
[المحتسب: 1/170]
ثم حذفت الياء المتحركة تشبيهًا لها بسيَّد وميت؛ فصارت [كَيْءٍ] بوزن كَيْعٍ، ثم قلبت الياء ألفًا وإن كانت ساكنة، كما قبلت في ييئس فقيل: ياءس؛ فصارت كاءٍ بوزن كَاعٍ.
وذهب يونس في "كاء" إلى أنه فاعل من الكون، وهذا يبعد؛ لأنه لو كان كذلك لوجب إعرابه؛ إذ لا مانع له من الإعراب.
وأما كأْي بوزن كَعْي، فهو مقلوب كَيْء الذي هو أصل كاء، وجاز قلبه لأمرين:
أحدهما: كثرة التلعب بهذه الكلمة.
والآخر: مراجعة أصل، ألا ترى أن أصل الكلمة كأي؟ فالهمزة إذن قيل الياء. وأما كَأٍ بوزن كَعٍ فمحذوفة من كَاءٍ، وجاز حذف الألف لكثرة الاستعمال، كما قال الراجز:
أصبح قلبي صَرِدا ... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا ... وصلِّيانا بردا
وعَنْكَثًا ملتبِدا
يريد: عاردًا وباردًا. ألا ترى إلى قول أبي النجم:
كأن في الفُرْش العَرَادَ العاردا
وكما قالوا: أَمَ والله لقد كان كذا، يريد أَما، وحَذف الألف.
فإن قلت: فما مثال هذه الكلم من الفعل فإن كَأَيٍّ مثاله كفَعْل؛ وذلك أن الكاف زائدة، ومثال أَيٍّ فَعْل كطَيٍّ وزَيٍّ، مصدر طويت وزويت، وأصل أي أوى؛ لأنها فَعْلٌ من أويت، ووجه التقائها أن "أي" أين وقعت فهي بعض من كل، وهذا هو معنى أَوَيْتُ؛ وذلك أن معنى أويت إلى الشيء تساندت إليه، قال أبو النجم:
يأوي ألى مُلْط له وكَلْكَلِ
أي: يتساند هذا العير إلى ملاطيه وكلكله.
[المحتسب: 1/171]
ونحوه قول طفيل الغنوي:
وآلت إلى أجوازها وتَقَلْقَلت ... قلائد في أعناقها لم تُقَضَّب
فمعنى آلت: أي رجعت، والآوي إلى الشيء: معتصم به وراجع إليه، هذا طريق الاشتقاق.
وأما القياس فكذلك أيضًا؛ وذلك أن باب أويت وطويت وشويت مما عينه واو ولامه ياء أكثر من باب حيِيت وعَيِيت مما عينه ولامه ياءان، ولو نَسبتَ إلى "أَيّ" لقلت: أَوَويّ، كما أنك لو نسبت إلى طيّ ولَيّ لقلت: طَوَوِيّ ولَوَوِيّ، وكذلك لو أضفت إلى الري لكان قياسه رَوَويّ. وأما قولهم: رازِيّ، فشاذ بمنزلة كلابِزِي وإصطخْرِزي.
وأما "كَاءٍ" فوزنه كعف وأصله "كَيَّأٍ"، ومثاله كعلَف، فحذفت الياء الثانية وهي لام الفعل، كما حذفت الثانية من ميت، فبقي كَيْء، ووزنه كَعْف، وقَلْبُ الياء ألفًا لا يخرجها أن تكون كما كانت عينًا، ألا ترى أن وزن قام في الأصل فعل لأنه قوم، ومثال قام في اللفظ فَعْل؟ فالألف عين كما كانت الواو التي الألف بدل منها عينًا، وأيًّا كان مثال "كأي" فإنه كفع؛ لأن الهمزة التي هي فاء عادت إلى مكانها من التقدم.
وأما "كَأٍ" بوزن كَعٍ فإنه كف، والعين واللام محذوفتان.
فإن قيل: لَمَّا حذفت الياء الثانية من "كَيَّأٍ" هلا رددت الواو على مذهبك؛ لأنه قد زالت الياء التي قُلبت لها العين قبلها ياء فقدرته كَوْءٍ.
قيل: لما تُلُعِّب بالكلمة تُنوسى أصلها فصارت الياء كأنها أصل في الحرف، ودعانا إلى اعتماد هذا وإن لم تظهر الياء إلى اللفظ أن الألف أُبدلت منها وهي ساكنة، وقلب الألف من الياء الساكنة أضعاف قلبها من الواو الساكنة، ألا تراهم قالوا: حاحيت وعاعيت وهاهيت، وأصلها: حيحيت وعيعيت وهيهيت، فقلبت الياء ألفًا؟
نعم، وقلبوها مكسورًا ما قبلها ألفًا، فقالوا في الحِيرة: حَارِي، كما قالوا في المفتوح
[المحتسب: 1/172]
ما قبلها: طائي، وقالوا: ضرب عليه سَاية، وهي فَعْلَة من سوَّيت، يُعْنى به الطريق، وأصلها سَوْيَة، فقلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة قبل الياء فصارت سَيّة، ثم قلبت الياء ألفًا فقيل: "ساية"، وهو أولى من أن تكون قلبت الواو من سوية ألفًا قبل القلب والإدغام، وإن أعطيت القول ثني مِقوده طال وطغى وأَمَلَّ وتمادى). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة: [وكَأَي من نبي قُتِّل معه ربيون كثير] مشددة.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أن مَن قرأ مِن السبعة [قُتل] أو {قاتل معه ربيون}، فإن {ربيون} مرفوع في قراءته بقُتِل أو قاتل، وليس مرفوعًا بالابتداء ولا بالظرف الذي هو معه، كقولك: مررت برجل يَقْرأُ عليه سلاح، ألا ترى أنه لا يجوز كم نبي قُتِّل بتشديد التاء على فُعِّل؟ فلا بد إذن أن يكون ربيون مرفوعًا بقتِّل، وهذا واضح.
فإن قلت: فهلا جاز فُعِّل حملًا على معنى كم؟
قيل: لو انصُرِف عن اللفظ إلى المعنى لم يحسن العود من بعد إلى اللفظ، وقد قال تعالى كما تراه: "معه"، ولم يقل: معهم، فافهم ذلك). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن مسعود وابن عباس وعكرمة والحسن وأبي رجاء وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب: [رُبِّيون] بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال أبو الفتح: الضم في [رُبِّيون] تميمية، والكسر ايضًا لغة. قال يونس: الرُّبَّة: الجماعة. وكان الحسن يقول: الرِّبِّيون: العلماء الصُّبُر. قال قطرب: والجماعة أيضًا مع يونس؛ أي: فرق وجماعات.
[المحتسب: 1/173]
وكان ابن عباس يقول: الواحدة رِبْوَة، وهي عنده عشرة آلاف، وأنكرها قطرب، قال: لدخول الواو في الكلمة، وهذا لا يلزم؛ لأنه يجوز أن يكون بنَى من الرِّبوة فعِّيلًا كبطيخ، فصار رِبِّيّ، ومثله من عزوت عِزِّي، ثم جمع فقيل: رِبِّيون، وأما رَبيون بفتح الراء، فيكون الواحد منها منسوبًا إلى الرَّب، ويشهد لهذا قول الحسن: إنهم العلماء الصُّبُر، وليس ننكر أيضًا أن يكون أراد رِبيون ورُبيون، ثم غيَّر الأول لياء الإضافة كقولهم في أمس: إمسي). [المحتسب: 1/174]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [فَمَا وَهِنُوا] بكسر الهاء.
قال أبو الفتح: فيه لغتان: وهَن يهِن، ووهِن يوهَن، وقولهم في المصدر: الوهَن بفتح الهاء يُؤنِّس بكسر الهاء من "وهِن"، فيكون كفرِق فرَقًا وحذر حذرًا. وحدثنا أبو علي أن أبا زيد حكى فيه كسر الهاء في الماضي، وقولهم فيه: الوَهْن، بسكون الهاء يؤنس بفتح عين الماضي كفَتَر فَتْرُا). [المحتسب: 1/174]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} 146
قرأ ابن كثير (وكائن من نبي) على وزن كاعن وحجته قول الشّاعر
وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا
[حجة القراءات: 174]
وقرأ الباقون {وكأين} على وزن كعين وحجتهم قول الشّاعر
كاين في المعاشر من أناس ... أخوهم فوقهم وهم كرام
وهما لغتان جيدتان يقرأ بهما وكان أبو عمرو يقف على (وكأي) على الياء في قول عبيد الله بن محمّد عن أخيه وعمه عن اليزيدي عن أبي عمرو وقال بعض علمائنا كأنّهم ذهبوا إلى أنّها كانت في الأصل أي مشدّدة زيدت عليها كاف والباقون يقفون {وكأين} بالنّون وحجتهم أن النّون أثبتت في المصاحف للتنوين الّذي في أي ونون التّنوين لم يثبت في القرآن إلّا في هذا الحرف
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وكأين من نبي قتل) بضم القاف وكسر التّاء أي وكم من نبي قتل قبل محمّد صلى الله عليه ومعه ربيون كثير وحجتهم أن ذلك أنزل معاتبة لمن أدبر عن القتال يوم أحد إذ صاح الصائح قتل محمّد صلى الله عليه فلمّا تراجعوا كان اعتذارهم أن قالوا سمعنا قتل محمّد فأنزل الله {وما محمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم} ثمّ قال بعد ذلك وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير أي جموع كثير فما تضعضع الجموع وما وهنوا لكن قاتلوا وصبروا فكذلك أنتم كان يجب عليكم ألا تهنوا لو قتل نبيكم فكيف ولم يقتل
وقرأ الباقون {قاتل معه} وحجتهم قوله {فما وهنوا} قالوا لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله {فما وهنوا} وجه معروف لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا بعدما قتلوا وكان ابن مسعود يقول {قاتل} ألا ترى
[حجة القراءات: 175]
أنه يقول {فما وهنوا لما أصابهم} وحجّة أخرى أنه قاتل أبلغ في مدح الجميع من معنى قتل لن الله إذا مدح من قتل خاصّة دون من قاتل لم يدخل في المديح غيرهم فمدح من قاتل أعم للجميع من مدح من قتل دون من قاتل لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين). [حجة القراءات: 176]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {وكأين} قرأه ابن كثير بهمزة مكسورة، بين النون والألف، من غير ياء على وزن «وكاعن»، ولابد من المد، وقرأ الباقون بهمزة مفتوحة بعد الكاف، وبياء مشددة مكسورة على وزن «كعين».
76- ووجه قراءة ابن كثير فيه إشكال، وذلك أن الأصل فيه «كأي» بكاف دخلت على «أي»، لكن كثر استعمالها بمعنى «كم» التي للتكثير، فجعلت كلمة واحدة، فوقع فيها من القلب ما يقع في الكلمة الواحدة، فقلبت الياء المشددة المكسورة في موضع الهمزة، وردت الهمزة في موضع الياء، فصارت «كيئن» مثل «كيعِن» فحذفت الياء الثانية استخفافًا، كما حذفت في «كينونة» واصله «كينونة» فصارت بعد الحذف «كيين» على وزن «فيعل» فأبدلت من الياء الساكنة ألف، كما أبدلوا في «آية» وأصلها عند جماعة النحويين «آية» وهو مذهب سيبويه، وكما قالوا: طائي، والأصل «طيي» بياءين مشددتين؛ لأنه يُنسب إلى «طي»، لكن أبدلوا من الياء الأولى الساكنة ألفًا، فوقعت الياء الثانية بعد ألف زائدة، فأبدلوا منها همزة، كما فعلوا بـ «سقاء وكساء» بل الهمزة فيهما، وفي نحوهما، بدل من ياء، لوقوعها بعد ألف زائدة، فصار بعد القلب والبدل «كأين» كـ «فاعل» من الكون، وأصل النون تنوين، دخل على «أي» لكن لما دخله القلب والبدل، وجعل كلمة واحدة بمعنى «كم» صار التنوين كالنون الأصلية، كما قالوا: لدن غدوة، فنصبوا، جعلوا النون كالتنوين، الذي لا يكون مع إثباته الخفض، فالوجه أن يوقف عليه بالنون، لما ذكرنا، ولأنها نون في المصحف، وقد حكي عن الخليل أنه قال في قراءة ابن كثير: إن الأصل كأي، ثم قدّمت إحدى الياءين في موضع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/357]
الهمزة، فتحركت بالفتح، كما كانت حركة الهمزة فقلبت ألفًا، وصارت الهمزة ساكنة كما كانت الياء ساكنة، فاجتمع ساكنان الألف والهمزة، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت إحدى الياءين متطرفة، فزالت حركتها، كما تذهب من «قاض» في الرفع والخفض، فتبقى الياء ساكنة، والتنوين ساكن، فتحذف الياء لالتقاء الساكنين، فتصر كـ «فاعل» من: جاء وشاء تقول: جاءٍ وشاءٍ في الرفع والخفض كـ« قاض وعال»، ويجب على هذا القول أن يوقف عليه بغير نون، وقد روي ذلك عن أبي عمرو، والعمل على الوقف عليه بالنون، في جميع القراءات، اتباعًا لخط المصحف، وقد قيل: قراءة ابن كثير محمولة على أنه فاعل من «الكون»، وهو بعيد في المعنى؛ لأنه لا يدل على «كم» وأيضًا فإن بعده «من» لازمة له، و«من» لا تصحب «كأن» ولا تلزمها وأيضًا فإنه، لو كان فاعلًا من الكون، لأعرب، ولم يبين على السكون.
77- ووجه القراءة بتشديد الياء، وتقديم الهمزة، أنها «أي» دخلت عليها كاف التشبيه، وكثر استعمالها بمعنى «كم» فجعلت كلمة واحدة، وجعل التنوين نونًا أصلية، فوقف عليها بالنون، وقد كان قياسًا أن يوقف بغير نون، كما يوقف على «أي» حيث وقعت، و«كأين» في القراءتين في موضع رفع بالابتداء، و«قتل معه ربيون» الخبر إلا أن تجعل «قتل معه ربيون» صفة لـ «نبي»، فتضمر خبرًا لـ «كأين» وتقديره: وكأين من نبي هذه صفته في الدنيا أو مضى، ونحو ذلك من الإضمار، وليس للتشبيه في الآية لـ «كأين» معنى؛ لأن الكاف قد جعلت مع أي كلمة واحدة، ونقلت عن معنى التشبيه إلى معنى «كم» التي للتكثير ولزمتها «من»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (78- قوله: {قاتل معه} قرأه الكوفيون وابن عامر بألف، من القتال، وقرأه الباقون «قتل»، من القتل.
79- ووجه القراءة بالألف أنه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون قد أسند الفعل الذي هو القتال إلى النبي عليه السلام، ويكون {معه ربيون} ابتداء وخبرا، وترفع {ربيون} بالظرف، والجملة صفة لـ {نبي} في الموضعين، ويجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من المضمر في {قاتل} والهاء في {معه} تعود على ذلك المضمر، وإذا جعلته صفة لـ {نبي} كانت تعود على {نبي}، ودل المعنى على أن «الربيين» قاتلوا أيضًا مع قتال النبي، وحسن ذلك لما روي عن الحسن وغيره أنه قاتل: ما قتل نبي قط في قتال، وكان إضافة القتال إليه أولى من إضافة القتل إليه.
80- والوجه الثاني أن يكون قد أسند الفعل إلى «الربيين» دون النبي، فأخبر عنهم بالقتال دون النبي، فيكون {قاتل معه ربيون} صفة لـ {نبي} و{ربيون} مرفوعون بفعلهم.
81- ووجه القراءة بغير ألف أنه يحتمل أيضًا وجهين: أحدهما أن يكون فعلا، وما بعده صفة للنبي، والفعل مسند إلى النبي بدلالة قوله: {أفإن مات أو قتل} «144» فأخبر أن النبي قد يقتل، وقد قال تعالى: {ويقتلون النبيين} «البقرة 61»، وقال: {فلم تقتلون أنبياء الله} «البقرة 91» وهذا من قتل النبي في غير قتال، فحمل ذلك على هذا المعنى، أنه قتل في غير قتال، وسياق الكلام في قوله: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله}، وقوله: {وثبت أقدامنا} «147» يدل على أن القتل والقتال كان في الحرب في سبيل الله.
82- والوجه الثاني أن {قتل} وما بعده صفة أيضًا للنبي، والفعل مسند إلى «ربيين» فهم في هذا الوجه مرفوعون بـ {قتل}، على المفعول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/359]
الذي لم يسم فاعله، وعلى الوجه الأول مرفوعون بالابتداء و{معه} الخبر، أو مرفوعون بالظرف، والجملة في الوجهين صفة لـ {نبي}، وهذا الوجه يقويه قول الحسن المذكور عنه، ويجوز على الوجه الأول، أن يكون {معه ربيون} في موضع الحال من المضمر في {قتل} فتكون الهاء في {معه} تعود على الضمير في {قتل}، ويعود إذا كان {معه ربيون} صفة لـ {نبي} على {نبي} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (35- {وَكَائِنْ} [آية/ 146]:-
بالمد وكسر الهمزة، قرأها ابن كثير وحده.
[الموضح: 384]
ووجهها أن أصل الكلمة أي دخلت الكاف عليها، فصارت بمعنى كم، والنون التي فيها هي التنوين التي كانت في أي، وصارت الكاف مع أيٍّ كالكلمة الواحدة لكثرة استعمالها عندهم، فقلبت قلب الكلمة الواحدة، كما قالوا: رعملي في لعمري، صارت بعد القلب كياءن، فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة والأصل: كينونة، فصارت كياءن، ثم أبدلت من الياء الألف، كما أبدلت من طيي، فصاءت كائن بوزن كاعن.
وقرأ الباقون {وَكَأَيِّنْ} مشددة الياء بوزن كعين، وهو الأصل.
واختلفوا في الوقف على هذه الكلمة:
فأبو عمرو ويعقوب يقفان على الياء من غير نون، في وزن كعي، وهذا هو الحكم في أي إذا وقفت عليها.
والباقون يقفون على النون؛ لأن التنوين صار في هذه الكلمة كالنون التي هي من أصل الكلمة، ولا سيما إذا قلبت فصارت: كائن على ما بيناه، إذ تصير النون فيه بمنزلة لام فاعل فيقر نونًا في الوقف بمنزلة ما هو من نفس الكلمة). [الموضح: 385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (36- {قُتِلَ مَعَهُ} [آية/ 146]:-
بضم القاف من غير ألف، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
[الموضح: 385]
والمعنى إن أمم الأنبياء قبلهم قد أتى عليهم القتل، فما وهن باقيهم في سبيل الله بعد من قتلوا منهم. ويجوز أن يكون إسناد القتل إلى ضمير النبي، والتقدير: وكأين من نبي قتل هو ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتل النبي، ويؤيد ذلك قوله {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}.
وقرأ الباقون {قَاتَلَ} بالألف.
وذلك لأن المقاتلين قد مدحوا كما مدح المقتولون، نحو قوله تعالى {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}). [الموضح: 386]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)}

قوله تعالى: {فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #46  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (149) إلى الآية (152) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149)}

قوله تعالى: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)}

قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في قلوب الّذين كفروا الرّعب... (151)
قرأ ابن عامر والكسائي والحضرمي: (الرّعب) مثقلاً حيث كان، وخفف الباقون.
وهما لغتان). [معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (54- قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} [151].
قرأ ابن عامر والكسائي، (الرُّعُبَ) بضمتين على أصل الكلمة.
وقال آخرون: بل الإسكان الأصلُ على قراءة الباقين، وهو أخفُّ، إذ كانت العَرَبُ قد تخفف مثل ذلك، ومن ثَقَّلَ أتبع الضمَّ الضمَّ؛ ليكون أقرب إلى الفخامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تخفيف قوله: [جلّ وعز]: الرعب
[الحجة للقراء السبعة: 3/84]
وتثقيله [آل عمران/ 151] فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة: الرعب ساكنة العين خفيفة. وقرأ ابن عامر والكسائي: الرعب* مضمومة العين مثقلة حيث وقعت.
قال أبو علي: الإلقاء في قوله تعالى: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب [آل عمران/ 151] أصله في الأعيان، واستعمل في غيرها على طريق الاتّساع. يدل على ذلك قوله: وألقى الألواح [الأعراف/ 150] وفألقوا حبالهم وعصيهم [الشعراء/ 44] وإذ يلقون أقلامهم [آل عمران/ 44].
وقال سيبويه: «ألقيت متاعك بعضه على بعض»، وليس الرعب بعين، وكذلك قوله تعالى: وألقيت عليك محبة مني [طه/ 39] ومثل الإلقاء في ذلك الرمي، قال: رمى فأخطأ أي:
السهم. وقال:
كشهاب القذف يرميكم به
[الحجة للقراء السبعة: 3/85]
فأضاف الشهاب إلى القذف لمّا كان من رمي الرامي به، كما قال:
يسدد أبينوها الأصاغر خلّتي وإذا مات لم تكن له خلّة، ولكن أضافها إلى نفسه، لما كان منه من سدّه لها، وهذا النحو من الإضافة على هذا الوجه كثير.
وقال تعالى: والذين يرمون أزواجهم [النور/ 6] أي: بالزنا، فهذا اتساع لأنّ هذا ليس بعين، وكذلك قوله.
[الحجة للقراء السبعة: 3/86]
رماني بأمر كنت منه ووالدي... بريئا....
وقال:
قذفوا سيّدهم في ورطة... قذفك المقلة وسط المعترك
فالأوّل: على الاتساع، والثاني: على الأصل، ألا ترى أن المقلة تلقى للتصافن، كما يلقى غيرها؟ فهذا بمنزلة: ألقيت الحجر ونحوه. ومما جاء قريبا من الرمي والقذف والإلقاء، الرجم، ورجم ماعز، ومن الاتساع فيه قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/87]
هما نفثا في فيّ من فمويهما... على النابح العاوي أشدّ رجام
فالرجام المراجمة بالسّباب، فهذا نحو: رماه بالزّنا، وقذفه به، وألقى عليه مسألة، ونفثا السّباب: اتساع أيضا، لأنّه ليس بعين. فأمّا مثل الرّعب والرعب، والطنب والطنب، والعنق والعنق، فقد تقدّم ذكره). [الحجة للقراء السبعة: 3/88]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سنلقي في قلوب الّذين كفروا الرعب}
قرأ ابن عامر والكسائيّ {الرعب} بضم العين وقرأ الباقون بإسكان العين وهما لغتان أجودهما السّكون). [حجة القراءات: 176]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (83- قوله: {الرعب} قرأه ابن عامر والكسائي بضم العين، حيث وقع، وأسكن الباقون، وهما لغتان فاشيتان كـ «السُحْت والسُحُت»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (37- {الرُعُبَ} [آية/ 151]:-
بضم العين في كل القرآن، قرأها ابن عامر والكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {الرُعْبَ} بسكون العين في كل القرآن.
وهما لغتان كالعُنْق والعُنْق والشغل والشُغُلِ والشُغْلِ، والأصل: هو التحريك، والإسكان تخفيف منه). [الموضح: 386]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #47  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:12 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (153) إلى الآية (155) ]

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}


قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تغشى طائفةً منكم... (154)
قرأ حمزة والكسائي: (تغشى طائفةً) بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فللأمنة، ومن قرأ بالياء فللنعاس، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل إنّ الأمر كلّه للّه... (154).
قرأ أبو عمرو ويعقوب: (قل إنّ الأمر كلّه للّه) بالرفع.
وقرأ الباقون بالنصب.
[معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو منصور: من نصب (كلّه) فعلى التأكيد (للأمر)، ومن رفع فعلى الابتداء، و(للّه) الخبر، المعنى: الأمر كلّه للّه، أي: النصر وما يلقى في القلوب من الرعب (للّه)، أي: كل ذلك (للّه) ). [معاني القراءات وعللها: 1/277]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (55- وقوله تعالى: {يغشى طائفة منكم} [154].
قرأ حمزة والكسائي بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
وقرأ الباقون بالياء، فمن ذكره رده على النعاس، ومن أنثه رده على الأمنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (56- وقوله تعالى: {قل إن الأمر كله لله} [154].
قرأ أبو عمرو وحده {كله لله} [الرفع].
وقرأ الباقون بنصب اللام فمن نصب اللام جعله تأكيدًا للأمر و{لله} خبر «إن».
ومن ضم اللام رفعه بالابتداء و{لله} الخبر، والجملة خبر «إن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: يغشى طائفة منكم [آل عمران/ 154] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر يغشى طائفة منكم بالياء. وقرأ حمزة والكسائي تغشى بالتاء.
[قال أبو علي]: حجّة من قرأ بالياء: قوله تعالى: إذ يغشاكم النعاس [الأنفال/ 11] فالنّعاس هو الغاشي، وكذلك قراءة من قرأ: إذ يغشيكم النعاس لأنّه إنّما جعل الفاعل بتضعيف العين مفعولا. ومن حجّتهم: أنّ يغشى أقرب إلى النعاس،
[الحجة للقراء السبعة: 3/88]
فإسناد الفعل إليه أولى. ومنها أنّه يقال: غشيني النعاس، وغلب عليّ النعاس، ولا يسهل: غشيني الأمنة، ومن قرأ بالتاء حمله على الأمنة.
فأمّا قوله: إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي [الدخان/ 45] فحمل الكلام على الشجرة لقوله تعالى:
فإنهم لآكلون منها فمالؤن منها البطون [الصافات/ 66] وقال:
لآكلون من شجر من زقوم [الواقعة/ 52] فنسب الأكل إلى الشجر.
ومن حجّة من قرأ بالتاء: أنّ النعاس، وإن كان بدلا من الأمنة، فليس المبدل منه في طريق ما يسقط من الكلام، يدلّك على ذلك قولهم: الذي مررت به زيد أبو عبد الله.
وقال:
وكأنّه لهق السّراة كأنّه... ما حاجبيه معيّن بسواد
فجعل الخبر عن الذي أبدل منه). [الحجة للقراء السبعة: 3/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في رفع اللام ونصبها من قوله: [جلّ وعز]: قل إن الأمر كله لله [آل عمران/ 154].
فقرأ أبو عمرو وحده: قل إن الأمر كله لله رفعا. وقرأ الباقون كله نصبا.
قال أبو علي: حجّة من نصب: أنّ كله بمنزلة أجمعين وجمع في أنّه للإحاطة والعموم، فكما أنّه لو قال:
[إنّ الأمر] أجمع، لم يكن إلّا نصبا، كذلك إذا قال: كله لأنّه بمنزلة أجمعين، وليس الوجه أن يلي العوامل، كما لا يليها أجمعون. وحجّة أبي عمرو في رفعه كله* وابتدائه به أنّه وإن كان في أكثر الأمر بمنزلة أجمعين لعمومها، فإنّه قد [ابتدئ بها كما] ابتدئ بسائر الأسماء في نحو قوله: وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [مريم/ 95] فابتدأ به في الآية.
ولم يجره على ما قبله، لأنّ قبله كلاما قد بني عليه فأشبه [بذلك ما يكون] جاريا على ما قبله، وإن خالفه في الإعراب، ألا ترى أنّ اسم الفاعل يعمل عمل الفعل إذا جرى صفة لموصوف أو حالا لذي حال أو خبرا لمبتدإ، ولا يحسن إعماله عمل الفعل، إلّا في هذه المواضع؟ وقد قالوا: أقائم أخواك وأ ذاهب إخوتك،
[الحجة للقراء السبعة: 3/90]
وما ذاهب إخوتك، فأعملوا اسم الفاعل لمّا تقدّمه كلام أسند إليه، وإن لم يكن أحد تلك الأشياء التي تقدّم ذكرها، فكذلك حسن ابتداء كلّهم في الآية لمّا كان قبله كلام، فأشبه بذلك [اتباعه، ما كان] جاريا عليه كما أشبه اسم الفاعل في إجرائه على ما ذكرنا، ما يجري صفة على موصوف أو حالا أو خبر مبتدأ، نحو: مررت برجل قائم أبواه، وهذا زيد قائما غلامه وزيد منطلق أبواه، فكذلك. حسن الابتداء بكلّهم، وقطعه مما قبله لما ذكرت من المشابهة.
ومن ثمّ أجاز سيبويه: أين تظن زيد ذاهب، فألغى الظنّ، وإن كان أين غير مستقرّ، كما جاز إلغاؤه إذا كان أين مستقرّا لأنّ قبله كلاما، فجعله، وإن لم يكن مستقرا، بمنزلة المستقر كما جعلوا همزة الاستفهام، وحرف النفي في: أقائم أخواك، بمنزلة الموصوف نحو: مررت برجل قائم أخواه). [الحجة للقراء السبعة: 3/91]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن، ورُويت عن يحيى وإبراهيم: [أَمْنَةً نُعَاسًا] بسكون الميم.
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب أنه قال: الأَمْنة: الأمن، والأَمَنَة بفتح الميم: أشبه بمعاقبة الأمن، ونظير ذلك قولهم: الحبَطَ والحبَجَ والرَّمَث، كل ذلك في أدواء الإبل. فلما أسكنوا العين جاءوا بالهاء فقالوا: مَغِل مَغْلَة وحَقِل حقلة، وقد أفردنا بابًا في كتاب الخصائص لنحو هذا، وهو باب في ترافع الأحكام). [المحتسب: 1/174]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} {قل إن الأمر كله لله} 153
قرأ حمزة والكسائيّ تغشى بالتّاء والإمالة ردا على ال أمنة وحجتهما قوله {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} فذكر من غشيته الأمنة ثمّ أتبعه من لم يأمن وأهمته نفسه من الخوف فكان تقدير الكلام أن بعضهم قد غشيته الأمنة وبعضهم خائف لم تغشه
وقرأ الباقون يغشى بالباء إخبارًا عن النعاس وحجتهم أن العرب تقول غشيني النعاس ولا تكاد تقول غشيني الأمن لأن النعاس يظهر والأمن شيء يقع في القلب وحجّة أخرى أنهم أسندوا الفعل إلى النعاس بإجماع الجميع في قراءة من يقرأ (يغشاكم النعاس) وفي قراءة من يقرأ {إذ يغشيكم النعاس} مشددا ومخففا
[حجة القراءات: 176]
فدلّ ذلك على أن الّذي غشيهم هو النعاس لا الأمنة لأن الآيتين نزلتا في طائفة واحدة
قرأ أبو عمرو {قل إن الأمر كله لله} برفع اللّام وقرأ الباقون بالنّصب
فمن نصب فعلى توكيد الأمر ومن رفع فعلى الابتداء و{لله} الخبر ونظير ذلك قوله {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} عدل بالوجوه عن أن يعمل فيها الفعل ورفعت {مسودة} وكذلك عدل ب كل عن إتباع {الأمر} ورفع بالابتداء). [حجة القراءات: 177]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (84- قوله: {يغشى طائفة} قرأه حمزة والكسائي بالتاء والإمالة، رداه على تأنيث «الأمنة» لأن من أجلها تغشوا، فهي المقصودة بالغشيان لهم، لأن الناعس لا يغشاه النعاس إلا ومعه أمنة، وقد تحدث الأمنة ولا نعاس معها، فالأمنة أولى بإضافة الفعل إليها، وقد قدّمنا علة الإمالة، وقرأ الباقون بالياء والفتح، حملوه على تذكير النعاس، لأنه هو الذي غشيهم، ودليله قوله: {إذ يغشيكم النعاس} «الأنفال 11» فأضاف الفعل إلى النعاس، وكان النعاس أولى بذلك، لأنه أقرب إلى الفعل، وأيضًا فإن المستعمل في الكلام أن يقال: غشيني النعاس إذا نعس، ولا يقال غشيتني الأمنة، وأيضًا فإن النعاس بدل من الأمنة، فكأن الأمنة محذوفة من الكلام، لقيام المبدل منها مقامها، وهو الاختيار، لما ذكرنا من العلة، ولأن الجماعة على الياء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (85- قوله: {قل إن الأمر كله لله} قرأ أبو عمرو {كله} بالرفع على الابتداء، و{لله} الخبر، والجملة خبر {إن} وحسن أن يكون {كل} ابتداء، وهي مما يؤكد بها؛ لأنها أدخل في الأسماء منها في التأكيد، إذ تقع فاعلة ومفعولة ومجرورة، كسائر الأسماء، ولا يكون شيء من ذلك في «أجمعين»، تقول: كلهم أتاني، ورأيت كل القوم، ومررت بكل أصحابك، ولا يجوز ذلك في «أجمعين»، فحسن أن تقع مبتدأة، وقرأ الباقون بالنصب على التأكيد للأمر، ويجوز عند الأخفش أن يكون {كله} بدلًا من الأمر، و«الله» الخبر في الوجهين، والنصب الاختيار، للإجماع عليه، ولصحة وجهه، ولأن التأكيد أصل «كل» لأنها للإحاطة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (38- {تَغْشَى طائِفَةً} [آية/ 154]:-
بالتاء فوقها نقطتان، قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن اللفظ محمول على الأمنة، أي تغشى الأمنة طائفة، والأمنة وإن أبدل منها النعاس فليست هي في حكم ما يسقط من الكلام، ولو كان كذلك لم يجز قولهم: الذي مررت به زيدٍ أبو عبد الله، إذ لو جعلت به في حكم الساقط لم يكن على الذي عائد.
وقرأ الباقون {يَغْشَى} بالياء؛ لأن الفعل للنعاس؛ لأنه أقرب إلى الفعل، فإسناد الفعل إليه أولى). [الموضح: 387]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (39- {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آية/ 154].
بالرفع، قرأها أبو عمرو ويعقوب؛ لأنهما جعلاه مبتدأ و{للهِ} خبره، ولم يجعلاه تأكيدًا للأمر؛ لأن كلاًّ يليه العوامل، فهو كسائر الأسماء، ألا ترى إلى قوله تعالى {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}.
[الموضح: 387]
وقرأ الباقون {كُلَّه} بالنصب؛ وذلك لأن {كُلَّه} بمنزلة أجمعين في أنه للإحاطة والعموم، فكما إن الأمر أجمع نصب لا محالة، فكذلك إن الأمر كله). [الموضح: 388]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #48  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (156) إلى الآية (158) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّه بما تعملون بصيرٌ (156)
قرأ ابن كثيرٍ وحمزة والكسائي: (واللّه بما يعملون) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء، وروى عن أبي عمرو الياء أيضًا.
قال أبو منصور: التاء للمخاطبة، والياء إخبار عن الغيب). [معاني القراءات وعللها: 1/277]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (58- وقوله تعالى: {والله بما تعملون بصير} [156].
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء، وقد مرت الحجة للياء والتاء في نظيرها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التاء والياء من قوله: [جلّ اسمه] يحيى ويميت والله بما تعملون بصير [آل عمران/ 156] فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي يعملون بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء. وروى هارون الأعور وعلي بن نصر عن أبي عمرو بالياء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/91]
[قال أبو علي]: حجّة من قرأ بالتاء قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا [آل عمران/ 156] وحجّة الياء: أنّ قبلها أيضا غيبة وهو قوله: وقالوا لإخوانهم [آل عمران/ 147] وما بعده، فحمل الكلام على الغيبة). [الحجة للقراء السبعة: 3/92]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضمّ الميم وكسرها [من قوله جلّ وعزّ]: مت ومتنا ومتم، في كلّ القرآن. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: مت، ومتم ومتنا برفع الميم في كلّ القرآن. وروى حفص عن عاصم ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم [آل عمران/ 157] ولئن متم أو قتلتم [آل عمران/ 158] برفع الميم في هذين الحرفين، ولم يكن يرفع الميم في غير هذين الحرفين في جميع القرآن.
[حدّثنا ابن مجاهد قال]: حدثنا وهيب المروذيّ قال:
حدّثنا الحسن بن المبارك، قال: حدّثنا أبو حفص قال: حدّثنا سهل أبو عمرو قال: قال عاصم: ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم [آل عمران/ 157] بضمّ الميم من الموت، وباقي القرآن متّم بكسر الميم، أي: بليتم. ومتنا ومتّ.
[الحجة للقراء السبعة: 3/92]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحمزة والكسائي: متم*، ومت*، ومتنا* في كلّ القرآن بالكسر.
قال أبو علي: الأشهر الأقيس: متّ تموت، مثل: قلت تقول وطفت تطوف، وكذلك هذا يستمرّ على ضمّ الفاء منه، والكسر شاذ في القياس، وإن لم يكن في الاستعمال كشذوذ.
... اليجدّع ونحوه مما شذّ عن الاستعمال والقياس، ونظيره: فضل يفضل في الصحيح، وأنشدوا:
ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر... وما مرّ من عمري ذكرت وما فضل
وقد أنشد بعضهم:
عيشي ولا يومي بأن تماتي ولا أظنّه ثبتا، وكذلك شعر آخر فيه «تدام» وهو عندي مثل
[الحجة للقراء السبعة: 3/93]
الأول، ولا أعلم فصلا بين الموت إذا تبعه البلى، وبينه إذا لم يتبعه البلى.
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: [أَوْ كَانُوا غُزًا] خفيفة الزاي.
قال أبو الفتح: وجهه عندي أن يكون أراد غزاة، فحذف الهاء إخلادًا إلى قراءة من قرأ: [غُزَّى] بالتشديد، ولا يُستنكر هذا؛ فإن الحرف إذا كان فيه لغتان متقاربتان فكثيرًا ما تتجاذب هذه طرفًا من حكم هذه.
قرأت على أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى لبلال بن جرير:
إذا خفتهم أو سآيلتهم ... وجدتَ بهم علة حاضره
وذلك أنه يقال: سألته عن حاله وسايلته على البدل، فلما ألف استماعهما تجاذبتا لفظه فجمع بينهما فيه لتداخلهما وتزاحم حروفهما، وقد حُذفت تاء التأنيث في أماكن قد ذكرناها: ناحٍ في ناحية، ومألُك في مألُكة. وأنشد ابن الأعرابي للعتابي يمدح الكسائي:
أبَى الذمَّ أخلاق الكسائي وانتحى ... به المجد أخلاق الأُبُو السوابق
يريد: الأبوة جمع أب، كالعمومة جمع عم، والْخُئولة جمع خال، وهذا عندي أمثل من أن يكون خرَّج [أُبُوًّا] على أصله من الصحة، وأن يكون من باب نَحْو ونُحوّ، وبَهْو وبُهُو للصدر، ونجو ونجو للسحاب، وعلى أنه قد يمكن أن تكون الهاء مرادة في جميع ذلك، وقد قالوا أيضًا: ابن وبُنُوّ، والقول فيهما سواء.
ووجه آخر؛ وهو أن يكون مخففًا من {غُزًّى}، ونظيره قراءة علي عليه السلام: [وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَابًا]، وبابه {كذَّابًا} كقراءة الجماعة. وقد يجوز أن يكون [كِذَابًا] مصدر كذَب الخفيفة، جرى على الثقيلة لدلالة الفعل على صاحبه، والقول الأول أقوى). [المحتسب: 1/175]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} 156
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ (والله بما يعملون بصير) بالياء وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الإخبار عن الّذين قالوا لو كان إخواننا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فأخبر الله المؤمنين أنه جعل ذلك القول حسرة منهم في قلوبهم إذ قالوه ثمّ أتبع ذلك أنه بما يعملون من الأعمال بصير
وقرأ الباقون {بما تعملون} بالتّاء وحجتهم أن الكلام في أول الآية وبعد الآية جرى بلفظ مخاطبة المؤمنين فقال {يا أيها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا} إلى قوله تعالى {والله بما تعملون بصير} ثمّ قال بعد هذه {ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم} وحجّة
[حجة القراءات: 177]
الياء قوله {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} ). [حجة القراءات: 178]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (86- قوله: {بما تعملون بصير} قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء، ردوه على لفظ الغيبة الذي قبله، في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا} وقوله: {وقالوا لإخوانهم}، وقوله: {حسرة في قلوبهم}، وقرأ الباقون بالتاء، ردّوه على الخطاب الذي قبله، في قوله: {لا تكونوا كالذين كفروا}، فالضمير في {تعملون} للمؤمنين، وهو في القراءة بالياء للكفار، والقراءتان متعادلتان والتاء أحب إليّ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (40- {وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آية/ 156]:-
بالياء، قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي.
وذلك لأن ما قبله على الغيبة، وهو {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}.
وقرأ الباقون {تَعْمَلُونَ} بالتاء على الخطاب، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا}). [الموضح: 388]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (متّم... (157) و(متنا).
[معاني القراءات وعللها: 1/277]
قرأ نافع وحمزة والكسائي: (متّم) و: (متنا) و: (متّ) بكسر الميم في كل القرآن وكذلك قرأ حفص إلا في قوله ها هنا: (أو متّم) و(لئن متّم) فإنه ضم الميم فيها.
وكسر في سائر القرآن.
وقرأ الباقون بضم الميم في جميع القرآن.
قال أبو منصور: القراءة العالية واللغة الفصيحة (مت) و(متنا)
ومن العرب من يقول: مات يمات.
ومثله: دمت أدوم، ودمت أدام.
والقراءة بكسر الميم من (متّ) فاشية، وإن كان الضم أفشى). [معاني القراءات وعللها: 1/278]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (خيرٌ ممّا يجمعون (157)
قرأ حفص عن عاصم: (ممّا يجمعون) وقرأ الباقون بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/278]
وعرفت مما قد مرّ الجواب عن ذلك من الخطاب والغيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/279]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (57- وقوله تعالى: {ورحمة خير مما يجمعون} [157].
قرأ حفصٌ بالياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
والباقون بالتاء] ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: خير مما تجمعون بالتاء [آل عمران/ 157] إلّا عاصما في رواية حفص، فإنّه قرأ بالياء، ولم يروها عن عاصم غيره بالياء.
[قال أبو علي]: والمعنى: خير مما تجمعون. أيها المقتولون في سبيل الله، أو المائتون مما تجمعون من أعراض الدنيا التي تتركون القتال في سبيله للاشتغال بها وبجمعها عنه.
ومعنى الياء أنه: لمغفرة من الله خير مما يجمعه غيركم، مما تركوا القتال لجمعه. والأول أظهر وأشكل بالكلام). [الحجة للقراء السبعة: 3/94]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم}
قرأ نافع وحمزة والكسائيّ {أو متم} بكسر الميم في جميع القرآن وقرأ حفص ها هنا بالضّمّ وفي سائر القرآن بالكسر
وقرأ الباقون {متم} و{متنا} جميع ذلك بالضّمّ وحجتهم أنّها من مات يموت فعل يفعل مثل دام يدوم وقال يقول وكان يكون ولا يقال كنت ولا قلت وحجّة أخرى وهو قوله {وفيها تموتون} {ويوم أموت} ولو كانت على اللّغة الأخرى لكانت تماتون ويوم أمات لأن من مت تمات يجيء فعل يفعل ومن فعل يفعل يجيء قال يقول وقد ذكرنا
وأصل الكلمة عند أهل البصرة موت على وزن فعل مثل قول ثمّ ضمّوا الواو فصارت موت وإنّما ضمّوا الواو لأنهم أرادوا أن ينقلوا الحركة الّتي كانت على الواو إلى الميم وهي الفتحة ولو نقلوها إلى الميم لم تكن هناك علامة تدل على الحركة المنقولة إلى الميم لأن الميم كانت مفتوحة في الأصل ويقع اللّبس بين الحركة الأصليّة وبين المنقولة وأيضًا لم تكن هناك علامة تدل على الواو المحذوفة فضموا الواو لهذه العلّة ثمّ نقلوا ضمة الواو إلى الميم فصار موت واتصل بها اسم المتكلّم فسكنت التّاء فاجتمع ساكنان الواو والتّاء فحذفت الواو وأدغمت التّاء في التّاء فصارت متم وكذلك الكلام في قلت
[حجة القراءات: 178]
وأما من قرأ {متم} بالكسر له حجتان إحداهما ذكرها الخليل قال يقال مت تموت ودمت تدوم فعل يفعل مثل فضل يفضل قال الشّاعر
وما مر من عيشي ذكرت وما فضل
وكان الأصل عنده موت على فعل ثمّ استثقل الكسرة على الواو فنقلت إلى الميم فصارت موت ثمّ حذفت الواو لما اتّصلت بها تاء المتلكم لاجتماع الساكنين فصارت مت فهذا في المعتل وفضل يفضل في الصّحيح والثّانية قال الفراء مت مأخوذة من يمات على فعل يفعل مثل سمع يسمع وكان الأصل يموت ثمّ نقلوا فتحة الواو إلى الميم وقلبوا الواو ألفا لانفتاح ما قبلها فصارت يمات إلّا أنه لم يجئ يمات في المستقبل والعرب والعرب قد تستعمل الكلمة بلفظ ما ولا تقيس ما تصرف منها على ذلك القياس من ذلك قولهم رأيت همزته في الماضي ثمّ أجمعوا على ترك الهمزة في المستقبل فقالوا ترى ونرى بغير همز فخالفوا بين لفظ الماضي والمستقبل فكذلك خالفوا بين لفظ مت وتموت ولم يقولوا تمات). [حجة القراءات: 179]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (90- قوله: {مما يجمعون} قرأه حفص بالياء، على أنه حمله على لفظ الغيبة، على معنى: لمغفرة من الله لكم ورحمة خير مما يجمع غيركم، ممن ترك القتال في سبيل الله لجمع الدنيا، ولم يقاتل معكم، وقرأ الباقون بالتاء، ردوه على الخطاب الذي قبله، في قوله: {ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم} على معنى: لمغفرة من الله ورحمة خير مما تجمعون من أعراض الدنيا لو بقيتم، والتاء الاختيار؛ لأن الجماعة على ذلك، ولانتظام آخر الكلام بأوله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/362]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (41- {أَوْ مِتُّمْ} [آية/ 157]:-
بكسر الميم، قرأها نافع وحمزة والكسائي.
وهذه لغة شاذة، أعني مت تموت، ونظيره: فضل يفضل بكسر العين في الماضي وضمها في المستقبل.
وقرأ الباقون {مُتُّمْ} بضم الميم.
[الموضح: 388]
وهي اللغة المشهورة المنقاسة، أعني مت بالضم تموت، نحو قلت تقول، وطفت تطوف). [الموضح: 389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (42- {خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آية/ 157]:-
بالياء على الغيبة، رواها ص- عن عاصم.
والمعنى المغفرة من الله خير مما يجمعه غيركم ممن تركوا القتال.
وقرأ الباقون وياش- عن عاصم {تَجْمَعُونَ} بالتاء على الخطاب.
والمعنى خير مما تجمعون أيها المخاطبون، وهذا أشد مشاكلة للكلام الذي قبله؛ لأن ما قبله على الخطاب). [الموضح: 389]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (56- وقوله تعالى: {ولئن متم أو قتلتم} [158].
قرأ نافع بالضم. فمن ضم فحجته «يموت» وذلك أن يفعل مثل قال يقول، فتقول: مت كما تقول: قُلت. ومن كسر فحجته أن بعضَ العربِ تقول في مُضارعه: مات يمات، وحَكَى ذلك الفَرَّاء، رحمةُ الله عليه وغيره، فيكون على هذا وزنه، فعل يَفْعَلُ مثل خاف يخاف ونام ينام، والأصل خُوِفَ ونَوِمَ، فقلبوا الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وكذلك الأصل: مُوِتَ فاعلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (87- قوله: {متم}، و{متنا} قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي بكسر الميم، حيث وقع، وقرأ الباقون بضم الميم، غير أن حفصًا ضم الميم في هذه السورة خاصة.
88- وحجة من ضم الميم أن المستعمل الفاشي في هذا الفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
«مات يموت» كـ قال يقول، على: فعل يفعل، منقول «فعل» منه إلى «فعُل» بضم العين، فضمت فاء الفعل في الإخبار، لتدل على الواو المحذوفة، كما تقول: قُلت وطُفت، فإذا كسر لم تدل الكسرة على الواو المحذوفة، فأصله ضم أوله في الإخبار، للدلالة على الواو.
89- وحجة من كسر الميم أنه حمله على لغة أتت فيه على «فعل، يفعِل» وذلك قليل في القياس، أتى في المعتل كما أتى في السالم، نحو: فضل يفضل، وهو قليل أيضًا في السالم، فلما كان الماضي على «فعل» كسر أوله في الإخبار، لتدل الكسرة على أن العين من الفعل أصلها الكسر، كما كسروا في «كَلت» لتدل الكسرة على الياء المحذوفة، فـ «مِت» بالكسر كثير الاستعمال، شاذ في القياس، و«مُت» بالضم كثير الاستعمال، غير شاذ في القياس، فالضم هو الاختيار، لما ذكرنا، ولأن عليه جماعة من القراء، وقد قيل: إن من كسر الميم أتى به على لغة من قال: مات يَمات، مثل دام يَدام، فهو: فعل يفعَل كـ خاف يخاف، لغة معروفة، حكاها الكوفيون، فتكسر الميم، لتدل على أن عين الفعل مكسورة، كما كسروا في: خِفت، لذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/362]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #49  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (159) إلى الآية (163) ]

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)}

قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس فيما رواه عنه عمرو: [وشاوِرْهُمْ في بَعْض الأمر].
[المحتسب: 1/175]
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أنك إذا قلت: شربت ماءك -وإنما شربت بعضه- كنت صادقًا، وكذلك إذا قلت: أكلت طعامك، وإنما أكلت بعضه.
ووجه الدلالة منه قراءة الباقين: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} والمعنى واحد في القراءتين، ونحن أيضًا نعلم أن الله سبحانه لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} أي: في جميعه؛ كشرب الماء، وتناول الغذاء؛ وإنما المراد به العاني من أمر الشريعة وما أُرسل عليه السلام له، ومع هذا فقد قال سيبويه في باب الاستقامة والاستحالة من الكلام: فأما المستقيم الكذب فهو قولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر ونحوه، فجعْلُه إياه كذبًا يدلك على أن مراده هنا بقوله: ماء البحر جميعه؛ لأنه لا يجوز أن يشرب جميع مائه، فأما على العرف في ذلك على ما مضى فلا يكون كذبًا). [المحتسب: 1/176]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جابر بن يزيد وأبي نهيك وعكرمة وجعفر بن محمد: [فإذا عَزَمْتُ] بضم التاء.
قال أبو الفتح: تأويله عندي -والله أعلم- فإذا أَريتُك أمرًا فاعمل به وصِرْ إليه. وشاهده قول الله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}، وهذا ليس من رؤية العين؛ لأنه لا مدخل له في الأحكام، ولا من العلم؛ لأن ذلك متعد إلى مفعولين. فإذا نقل بالهمزة وجب أن يتعدى إلى ثلاثة، والذي معنا في هذا الفعل إنما هو مفعولان؛ أحدهما: الكاف، والآخر: الهاء المحذوفة العائدة على "ما"؛ أي: بما أراكه الله. فثبت بذلك أنه من الرأي الذي هو الاعتقاد، كقولك: فلان يرى رأي الخوارج، ويرى رأي أبي حنيفة ورأي مالك، ونحو ذلك؛ فرأيتُ هذه إذن قسم ثالث ليست من رؤية العين ولا من يقين القلب.
وجاز أن يَنْسب سبحانه العزم إليه؛ إذ كان بهدايته وإرشاده، فهو كقوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقد جاء فيه ما هو أقوى معنى من هذا؛ وهو قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، فخرج اللفظ فيه نافيًا أوله ما أثبته آخره، والغرض فيه
[المحتسب: 1/176]
ما قدمناه من أن الرمي لما كان بإقداره ومشيئته صار كأنه هو الفاعل له وهو كثير، منه قول الإنسان لمن ينتسب إليه: إنما أَرى بعينك وأسمع بأذنك والفعل منك؛ وإنما أنا آلة لك، ومن عَرف طريق القوم في اللغة سقطعت عنه مئونات التعسف والشُّبَه). [المحتسب: 1/177]

قوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (وما كان لنبيٍّ أن يغلّ... (161)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: (أن يغلّ) بفتح الياء وضم الغين.
وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين.
قال أبو منصور: من قرأ (يغلّ) فالمعنى ما كان لنبي أن يخون أمّته، وتفسير ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الغنائم في غزاة، فجاءه جماعة فقالوا له: ألا تقسم بيننا غنائمنا؟
فقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن لكم عندي مثل أحدٍ ذهبًا ما منعتكم دينارًا، أتروني أغلكم مغنمكم".
[معاني القراءات وعللها: 1/279]
ومن قرأ (أن يغلّ) فهو على وجهين:
أحدهما: ما كان لنبي أن يغلّه أصحابه، أي: يخونوه، وجاء عن النبي صلى الله عليه: "لا يخونن أحدكم خيطا ولا خياطا".
والوجه الثاني: أن يكون (يغلّ) بمعنى: يخوّن، المعنى: ما كان لنبي أن يخوّن، أي: ينسب إلى الخيانة؛ لأن نبي الله لا يخون إذ هو أمين الله في الأرض). [معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (59- وقوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل} [161].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (أن يغل) بفتح الياء وضم الغين.
وقرأ الباقون (يغل) بضم الياء وفتح الغين، فمن ضم الياء فمعناه: أن يُخان، والأصل يُخْوَنَ. ومن قرأ بفتح الياء {يغل} أي: يخون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وضمّ الغين، وضمّ الياء وفتح الغين من قوله: [جلّ وعز]: يغل [آل عمران/ 161].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بغل بفتح الياء وضمّ الغين.
وقرأ الباقون: يغل بضم الياء، وفتح الغين.
[الحجة للقراء السبعة: 3/94]
[قال أبو علي]: قالوا في الخيانة: أغلّ يغلّ إغلالا: إذا خان ولم يؤدّ الأمانة، قال النمر بن تولب:
جزى الله عنّا جمرة ابنة نوفل... جزاء مغلّ بالأمانة كاذب
وقال آخر:
حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن... للغدر خائنة مغلّ الإصبع
أي: لكراهة الغدر.
فأمّا «خائنة» فيحتمل أن تكون مصدرا كالعافية، والعاقبة، فإن حملته في البيت على هذا قدرت حذف المضاف، وإن شئت جعلته مثل راوية.
[الحجة للقراء السبعة: 3/95]
ونسب الإغلال إلى الإصبع كما نسب الآخر الخيانة إلى اليد في قوله:
فولّيت العراق ورافديه... فزاريا أحذّ يد القميص
[الرواية: أأطعمت العراق].
وقالوا: من الغلّ الذي هو الشحناء والضّغن، غلّ يغلّ، بكسر الغين. وقالوا في الغلول من الغنيمة: غلّ يغلّ بضمّ الغين.
والحجّة لمن قرأ: يغل أنّ ما جاء في التنزيل من هذا النحو أسند الفعل فيه إلى الفاعل نحو ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [يوسف/ 38] وما كان ليأخذ أخاه [يوسف/ 76] وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله [آل عمران/ 145] وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم [التوبة/ 115] وما كان الله ليطلعكم على الغيب [آل عمران/ 179] ولا يكاد يجيء منه: ما كان زيد ليضرب، فيسند الفعل فيه إلى المفعول به.
فكذلك ما كان لنبي أن يغل [آل عمران/ 161] يسند الفعل فيه إلى الفاعل. وروي عن ابن عباس أنّه قرأ: يغل وقيل له: إنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/96]
عبد الله قرأ: يغل فقال ابن عباس: بلى والله ويقتل، وروي أيضا عن ابن عباس: «قد كان النبي يقتل فكيف لا يخوّن» ؟.
ومن قال: يغلّ احتمل أمرين: أحدهما أن ينسب إلى ذلك، أي:
لا يقال له غللت، كقولك: أسقيته. أي: قلت له: سقاك الله. وقال:
وأسقيه حتّى كاد ممّا أبثّه... تكلّمني أحجاره وملاعبه
وكقولهم: [أكفرتني أي: نسبتني] إلى الكفر قال:
فطائفة قد أكفرتني بحبّكم.....
أي: نسبتني إلى الكفر. ويجوز أن يكون يغل. أي: ليس لأحد أن يغلّه، فيأخذ من الغنيمة التي حازها، وإن كان لا يجوز أن يغلّ غير النبي صلى الله عليه وسلم من إمام للمسلمين وأمير لهم، لأنّ ذلك يجوز أن يعظم بحضرته، ويكبر كبرا لا يكبر عند غيره [عليه
[الحجة للقراء السبعة: 3/97]
السلام]، لأنّ المعاصي تعظم بحضرته، كما قال: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي. [الحجرات/ 2] فالغلول وإن كان كبيرا، فهو بحضرته عليه السلام أعظم). [الحجة للقراء السبعة: 3/98]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما كان لنبيّ أن يغل}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {أن يغل} بفتح الياء وضم الغين أي ما كان لنبيّ أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم وحجتهم في ذلك أن النّبي صلى الله عليه جمع الغنائم في غزاة فجاءه جماعة من المسلمين فقالوا ألا تقسم بيننا غنائمنا فقال صلى الله عليه
لو أن لكم مثل أحد ذهبا ما منعتكم درهما أترونني أغلكم مغنمكم
[حجة القراءات: 179]
فنزلت {وما كان لنبيّ أن يغل} أي ما ينبغي لنبيّ أن يجور في القسم ولكن يعدل ويعطي كل ذي حق حقه
عن ابن عبّاس قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه في قطيفة حمراء فقدت في غزوة بدر فقال من كان مع النّبي صلى الله عليه لعلّ رسول الله صلى الله عليه أخذها فأنزل الله الآية
وحجّة أخرى وهي أن المستعمل في كلام العرب أن يقال لمن فعل ما لا يجوز له أن يفعل ما كان لزيد أن يفعل كذا وكذا وما كان له أن يظلم ولا يقال أن يظلم لأن الفاعل فيما لا يجوز له يقال له ما كان ينبغي له أن يفعل ذلك به نظير قوله وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله وكما قال {ما كان للنّبي والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} ألا ترى أنهم المستغفرون ولم يقل أن يستغفروا
وقرأ الباقون {يغل} بضم الياء وفتح الغين أي ما كان لنبيّ أن يغله أصحابه أي يخونوه ثمّ أسقط الأصحاب فبقي الفعل غير مسمّى فاعله وتأويله ما كان لنبيّ أن يخان وحجتهم ما ذكر عن قتادة قال ما كان لنبيّ أن يغله اصحابه الّذين معه من المؤمنين
ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النّبي صلى الله عليه يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه وقال آخرون معنى ذلك وما كان لنبيّ
[حجة القراءات: 180]
أن يتهم بالغلول قال الفراء يغل أي يسرق ويخون أي ينسب إلى الغلول يقال أغللته أي نسبته إلى الغلول وقال آخرون {وما كان لنبيّ أن يغل} أي يلفى غالا أي خائنا كما يقال أحمدت الرجل إذا وجدته محمودًا). [حجة القراءات: 181]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (91- قوله: {أن يغل} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بفتح الياء، وضم الغين، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين.
92- وحجة من فتح الياء وضمّ الغين أنه نفى الغلول عن النبي، وأضاف الفعل إليه، ونفاه عنه أن يفعله، وقد ثبت أن الغُلول وقع من غيره، فلا يحسن أن ينفي الغلول عن غيره، لأنه أمر قد وقع، وإنما ينفي الغلول عنه، وهي الخيانة في المغانم، فالمعنى: ما كان لنبي أن يخون من معه في الغنيمة، وقد نفى ابن عباس القراءة بضم الياء، وقال: كيف لا يكون له أن يغل، وقد كان جائزًا أن يقتل، قال الله: {ويقتلون الأنبياء} «آل عمران 112» قال: ولكن المنافقين اتهموا النبي في شيء فقد، فأنزل الله: {وما كان لنبي أن يغل} أي: يخون أمته في المغانم، فنفى عنه الغلول، وروى معاذ بن جبل أن النبي عليه السلام كان يقرأه بفتح الياء، وبه قرأ ابن عباس.
93- وحجة من ضم الياء وفتح العين أنه حمله على النفي عن أصحاب النبي، أن يخونوه في المغانم، وفيه معنى النهي عن فعل ذلك، فدلّ على هذا المعنى قوله: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} فدل على أنه كان في القم غلول تنزيها للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له أن يكون أحد من أمته نسب إليه الغلول بل هم المخطئون والمذنبون، فالمعنى: ما كان لنبي أن يغان في الغنائم، قال جابر بن عبد الله: أنزلت يوم بدر هذه الآية، قال: وكان ناس غلوا فأنزلت فيهم، فلو يخونوا بعد، وقيل: إن أصله «يغلل» أي: يخون، أي: ما كان لنبي أن يخونه أصحابه، لكن حذفت إحدى اللامات استخفافًا، فالفعل على هذا منفي عن النبي عليه السلام كالقراءة بفتح الياء،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/363]
ويجوز أن يكون المعنى في هذه القراءة: ما كان لنبي أن ينسب إلى الغلول، أي: لا يقال له: أغللت، كقولك: أكفرت الرجل، أي: نسبته إلى الكفر، فيكون النفي أيضًا عن النبي، لا عن أصحابه، ويجوز أن يكون المعنى: ما كان لنبي أن يوجد غالًا، كقوله: أحمدت الرجل، أي: وجدتُه محمودًا، فيكون النفي أيضًا عن النبي عليه السلام، والاختيار ضم الياء، لأن عليه أكثر القراء، ولأن فيه تنزيهًا للنبي وتعظيمًا له، أن يكون أحد من أمته نسب إليه الغلول، بل هم المخطئون المذنبون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (43- {أَنْ يَغُلّ} [آية/ 161]:-
بفتح الياء وضم الغين، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم.
والمراد ما كان لنبيٍ أن يخون أمته في الغنيمة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الغنائم في غزاة ليقسمها، فجاءه جماعة، فقالوا: ألا تقسم بيننا غنائمنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لو أن لكم عندي مثل
[الموضح: 389]
أحدٍ ذهبًا ما منعتكم دينارًا، أترونني أغلكم مغنمكم» فنزلت هذه الآية، وعلى هذه القراءة ورد في القرآن ما جاء من نظيره نحو {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ} و{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ} على إسناد الفعل إلى الفاعل، وقلما يقال: ما كان لزيدٍ أن يضرب، على إسناد الفعل إلى المفعول به.
وقرأ الباقون «يغل» بضم الياء وفتح الغين.
والوجه أ، المراد ينسب إلى الغلول، وهو الخيانة في المغنم، يقال: أكفرته أي نسبته إلى الكفر.
ويجوز أن يكون المعنى: ليس لأحدٍ أن يغله، أي يخونه في الغنيمة؛ لأن الغلول وإن كانت كبيرةً فإنه معه وبحضرته أعظم إثمًا). [الموضح: 390]

قوله تعالى: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)}

قوله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #50  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[ الآية (164) ]

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}

قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة