العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 01:56 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة النحل [ من الآية (65) إلى الآية (69) ]

{وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 01:59 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه أنزل من السّماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها، إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون}.
يقول تعالى ذكره منبّه خلقه على حججه عليهم في توحيده، وأنّه لا تنبغي الألوهة إلاّ له، ولا تصلح العبادة لشيءٍ سواه: أيّها النّاس، ومعبودكم الّذي له العبادة دون كلّ شيءٍ، {أنزل من السّماء ماءً} يعني: مطرًا، يقول: فأنبت بما أنزل من ذلك الماء من السّماء الأرض الميتة الّتي لا زرع بها، ولا عشب، ولا تنبت، {بعد موتها} بعد ما هي ميتةٌ لا شيء فيها. {إنّ في ذلك لآيةً}. يقول تعالى ذكره: إنّ في إحيائنا الأرض بعد موتها بما أنزلنا من السّماء من ماءٍ لدليلاً واضحًا وحجّةً قاطعةً عذر من فكّر فيه {لقومٍ يسمعون} يقول: لقومٍ يسمعون هذا القول فيتدبّرونه ويعقلونه، ويطيعون اللّه بما دلّهم عليه). [جامع البيان: 14/269]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({الأنعام لعبرةً} [النحل: 66] : " وهي تؤنّث وتذكّر، وكذلك: النّعم الأنعام جماعة النّعم "). [صحيح البخاري: 6/82]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الأنعام لعبرةً هي تؤنّث وتذكّر وكذلك النّعم الأنعام جماعة النّعم قال أبو عبيدة في قوله وإنّ لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونه فذكّر وأنّث فقيل الأنعام تذكّر وتؤنّث وقيل المعنى على النّعم فهي تذكّر وتؤنّث والعرب تظهر الشّيء ثمّ تخبر عنه بما هو منه بسبب وأن لم يظهروه كقول الشّاعر قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ وللسّبع أولى من ثلاثٍ وأطيب أي ثلاثةٍ أحياءٍ ثمّ قال من ثلاثٍ أي قبائل انتهى وأنكر الفرّاء تأنيث النّعم وقال إنّما يقال هذا نعمٌ ويجمع على نعمان بضمّ أوّله مثل حملٍ وحملان). [فتح الباري: 8/386]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الأنعام لعبرةً وهي تؤنّث وتذكّر وكذلك النّعم للأنعام جماعة النّعم
أشار به إلى قوله تعالى: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونه} (النّحل: 66) قوله: (لعبرة) ، أي: لعظة. قوله: (نسقيكم) ، قرىء بفتح النّون وضمّها، قيل: هما لغتان، وقال الكسائي، تقول العرب: أسقيته لبنًا إذا جعلته له سقيا دائما، فإذا أرادوا أنهم أعطوه شربة قالوا: سقيناه. قوله: {ممّا في بطونه} ولم يقل: بطونها، لأن الأنعام والنعم واحد، ولفظ: النعم، مذكّر قاله الفراء، فباعتبار ذلك ذكّر الضّمير. قوله: (وهي) ، أي: الأنعام تؤنث وتذكر. قوله: (وكذلك النعم) ، أي: يذكر ويؤنث، وقد ذكرنا الآن عن الفراء أن النعم مذكّر ويجمع على أنعام وهي الإبل والبقر والغنم). [عمدة القاري: 19/16]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {وإن لكم في} ({الأنعام لعبرة}) [النحل: 66]. (وهي) أي الأنعام (تؤنث وتذكر وكذلك النعم) تذكر وتؤنث (الأنعام) هي (جماعة النعم) ولغير أبي ذر وكذلك النعم للأنعام بحرف الجر جماعة النعم ومعنى لعبرة أي دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم وذكر الضمير ووحده هنا في قوله: {نسقيكم مما في بطونه} [النحل: 66] للفظ وأنثه في سورة المؤمنين للمعنى فإن الأنعام اسم جمع ولذلك عده سيبويه في المفردات المبنية على أفعال كأخلاق، ومن قال إنه جمع نعم جعل الضمير للبعض فإن اللبن لبعضها دون جميعها أو لواحده أو له على المعنى فإن المراد به الجنس قاله في الأنوار). [إرشاد الساري: 7/196-197]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبنا خالصًا سائغًا للشّاربين}.
يقول تعالى ذكره: وإنّ لكم أيّها النّاس لعظةً في الأنعام الّتي نسقيكم ممّا في بطونه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {نسقيكم} فقرأته عامّة أهل مكّة والعراق والكوفة والبصرة، سوى عاصمٍ، ومن أهل المدينة أبو جعفرٍ: {نسقيكم} بضمّ النّون، بمعنى: أنّه أسقاهم شرابًا دائمًا، وكان الكسائيّ يقول: العرب تقول: أسقيناهم نهرًا وأسقيناهم لبنًا: إذا جعله له شربًا دائمًا، فإذا أرادوا أنّهم أعطوه شربةً قالوا: سقيناهم، فنحن نسقيهم بغير ألفٍ.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة سوى أبي جعفرٍ، ومن أهل العراق عاصمٌ: ( نسقيكم ) بفتح النّون من سقاه اللّه فهو يسقيه، والعرب قد تدخل الألف فيما كان من السّقي غير دائمٍ وتنزعها فيما كان دائمًا، وإن كان أشهر الكلامين عندها ما قال الكسائيّ، يدلّ على ما قلنا من ذلك، قول لبيدٍ في صفة سحابٍ:
سقى قومي بني مجدٍ وأسقى = نميرًا والقبائل من هلال
فجمع اللّغتين كلتيهما في معنًى واحدٍ
فإذا كان ذلك كذلك، فبأيّة القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ أعجب القراءتين إليّ قراءة ضمّ النّون لما ذكرت من أنّ أكثر الكلامين عند العرب فيما كان دائمًا من السّقي أسقى بالألف فهو يسقي، وأن ما أسقى اللّه عباده من بطون الأنعام فدائمٌ لهم غير منقطعٍ عنهم
وأمّا قوله: {ممّا في بطونه} وقد ذكر الأنعام قبل ذلك، وهي جمعٌ والهاء في البطون موحّدةٌ، فإنّ لأهل العربيّة في ذلك أقوالاً، فكان بعض نحويّي الكوفة يقول: النّعم والأنعام شيءٌ واحدٌ، لأنّهما جميعًا جمعان، فردّ الكلام في قوله: {ممّا في بطونه} إلى التّذكير مرادًا به معنى النّعم، إذ كان يؤدّي عن الأنعام، ويستشهد لقول ذلك برجز بعض الأعراب:
إذا رأيت أنجمًا من الأسد
جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيلٌ في الفضيخ ففسد
وطاب ألبان اللّقاح فبرد
ويقول: رجع بقوله: " فبرد " إلى معنى اللّبن، لأنّ اللّبن والألبان يكون في معنًى واحدٍ
وفي تذكير النّعم قول الآخر:
أكلّ عامٍ نعمٌ تحوونه
يلقحه قومٌ وتنتجونه
فذكّر النّعم
وكان غيره منهم يقول: إنّما قال: {ممّا في بطونه} لأنّه أراد: ممّا في بطون ما ذكرنا، وينشد في ذلك رجزًا لبعضهم:
مثل الفراخ نتّفت حواصله
وقول الأسود بن يعفر:
إنّ المنيّة والحتوف كلاهما = يوفي المخارم يرقبان سوادي
فقال: " كلاهما "، ولم يقل: " كلتاهما "، وقول الصّلتان العبديّ:
إنّ السّماحة والمروءة ضمّنا = قبرًا بمرو على الطّريق الواضح
وقول الآخر:
وعفراء أدنى النّاس منّي مودّةً = وعفراء عنّي المعرض المتواني
ولم يقل: المعرضة المتوانية، وقول الآخر:
إذ النّاس ناسٌ والبلاد بغبطةٍ = وإذ أمّ عمّارٍ صديقٌ مساعف
ويقول: كلّ ذلك على معنى هذا الشّيء وهذا الشّخص والسّواد،
وما أشبه ذلك ويقول: من ذلك قول اللّه تعالى ذكره: {فلمّا رأى الشّمس بازغةً قال هذا ربّي}، بمعنى: هذا الشّيء الطّالع، وقوله: {كلاّ إنّها تذكرةٌ. فمن شاء ذكره}، ولم يقل ذكرها، لأنّ معناه: فمن شاء ذكر هذا الشّيء، وقوله: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون فلمّا جاء سليمان} ولم يقل " جاءت ".
وكان بعض البصريّين يقول: قيل: {ممّا في بطونه} لأنّ المعنى: نسقيكم من أيّ الأنعام كان في بطونه ويقول: فيه اللّبن مضمرٌ، يعني أنّه يسقي من أيّها كان ذا لبنٍ، وذلك أنّه ليس لكلّها لبنٌ، وإنّما يسقى من ذوات اللّبن
والقولان الأوّلان أصحّ مخرجًا على كلام العرب من هذا القول الثّالث
وقوله: {من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا} يقول: نسقيكم لبنًا، نخرجه لكم من بين فرثٍ ودمٍ خالصًا، يقول: خلص من مخالطة الدّم والفرث فلم يختلطا به {سائغًا للشّاربين} يقول: يسوغ لمن شربه فلا يغصّ به كما يغصّ الغاصّ ببعض ما يأكله من الأطعمة، وقيل: إنّه لم يغصّ أحدٌ باللّبن قطّ). [جامع البيان: 14/269-274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي كبشة عن أبيه عن جده أن رسول الله قال: ما شرب أحد لبنا فشرق أن الله يقول: {لبنا خالصا سائغا للشاربين} ). [الدر المنثور: 9/68]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن أبي حاتم عن ابن سيرين، أن ابن عباس لبنا فقال له مطرف: ألا تمضمضت فقال: ما أباليه بالة اسمح يسمح لك، فقال قائل: إنه يخرج من بين فرث ودم، فقال ابن عباس: قد قال الله {لبنا خالصا سائغا للشاربين} ). [الدر المنثور: 9/68]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا قال السكر هي خمور الأعاجم ونسخت في سورة المائدة والرزق الحسن ما ينتبذون ويخللونه ويأكلون). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأسود بن قيس عن عمر بن سفيان عن ابن عباس قال سئل عن هذه الآية تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا قال السكر ما حرم من ثمرها والرزق الحسن ما حل من ثمرها). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأسود بن قيسٍ عن عمرو بن سفيان عن ابن عباس في قوله: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال: السّكر ما حرّم من ثمرتها والرّزق الحسن: ما أحلّ من ثمرتها [الآية: 67].
سفيان [الثوري] عن أبي حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ {تتّخذون منه سكرًا ورزقا حسنا} قال: السّكر الحرام والرّزق الحسن: الحلال). [تفسير الثوري: 165]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (السّكر ما حرّم من ثمرتها، والرّزق الحسن ما أحلّ اللّه» ). [صحيح البخاري: 6/82]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله السّكر ما حرّم من ثمرتها والرّزق الحسن ما أحلّ وصله الطّبريّ بأسانيد من طريق عمرو بن سفيان عن بن عبّاسٍ مثله وإسناده صحيحٌ وهو عند أبي داود في النّاسخ وصحّحه الحاكم ومن طريق سعيد بن جبيرٍ عنه قال الرّزق الحسن الحلال والسّكر الحرام ومن طريق سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ مثله وزاد أنّ ذلك كان قبل تحريم الخمر وهو كذلك لأنّ سورة النّحل مكّيّةٌ ومن طريق قتادة السّكر خمر الأعاجم ومن طريق الشّعبيّ وقيل له في قوله تتّخذون منه سكرا أهو هذا الّذي تصنع النّبط قال لا هذا خمرٌ وإنّما السّكر نقيع الزّبيب والرّزق الحسن التّمر والعنب واختار الطّبريّ هذا القول وانتصر له). [فتح الباري: 8/387]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة أن الضياء محمّد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ أخبرهم أنا زاهر بن أبي طاهر أن الحسين بن عبد الملك أخبرهم أنا عبد الرّحمن بن الحسن أنا أحمد بن إبراهيم أنا محمّد بن إبراهيم الديبلي ثنا سعيد بن عبد الرّحمن ثنا سفيان بن عيينة ثنا الأسود بن قيس عن عمرو بن سفيان عن ابن عبّاس في قوله تعالى 67 النّحل {تتّخذون منه سكرا ورزقًا حسنا} قال السكر ما حرم الله من ثمرها والرزق الحسن ما أحل الله من ثمرها
رواه عبد بن حميد في تفسيره من حديث الثّوريّ وأبو داود في النّاسخ والمنسوخ من حديث زهير بن معاوية كلاهما عن الأسود بن قيس به ومن طريق قبيصة عن الثّوريّ رواه الحاكم في المستدرك
وقال عبد بن حميد أيضا ثنا النّضر بن شميل أنا إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال السكر ما حرم منه والرزق الحسن حلاله). [تغليق التعليق: 4/236-237]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (السّكر ما حرّم من ثمرها والرّزق الحسن ما أحلّ
أشار به إلى قوله تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتّخذون منه سكرا ورزقًا حسنا} (النّحل: 67) الآية، وبين السكر بقوله: (ما حرم من ثمرها) أي: من ثمر النخيل والأعناب، ويروى: من ثمرتها، ويروى: ما حرم الله من ثمرها وبين الرزق الحسن المذكور في الآية بقوله: والرزق الحسن ما أحل، أي: الّذي جعل حلالا، ويروى: ما أحل الله، وقال الثّعلبيّ: قال قوم: السكر الخمر، والرزق الحسن الدبس، والتّمر والزّبيب، قالوا: وهذا قبل تحريم الخمر، وإلى هذا ذهب ابن مسعود وابن عمر وسعيد بن جبير وإبراهيم والحسن ومجاهد وابن أبي ليلى والكلبي، وفي رواية عن ابن عبّاس، قال: السكر ما حرم من ثمرتيهما، والرزق الحسن ما أحل من ثمرتيهما، وقال قتادة: أما السكر فخمور هذه الأعاجم، وأما الرزق الحسن فهو ما تنتبذون وما تخللون وتأكلون، قال: ونزلت هذه الآية وما حرمت الخمر يومئذٍ، وإنّما نزل تحريمها بعد في سورة المائدة، وقال الثّعلبيّ: السكر ما شربت، والرزق الحسن ما أكلت، وعن ابن عبّاس: الحبشة يسمون الخمر سكرا). [عمدة القاري: 19/17]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({السكر}) في قوله تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرًا} [النحل: 67] (ما حرم من ثمرتها) أي من ثمرات النخيل والأعناب أي من عصيرهما والسكر مصدر سمي به الخمر يقال: سكر يسكر سكرًا وسكرًا نحو: رشد يرشد رشدًا ورشدًا قال:
وجاؤونا لهم سكر علينا = فأجلى اليوم والسكران صاحي.
(والرزق الحسن) في قوله تعالى: {ورزقًا حسنًا} (ما أحل الله) ولأبي ذر ما أحل بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول وحذف الفاعل للعلم به وهو كالتمر والزبيب والدبس والخل والآية إن كانت سابقة على تحريم الخمر فدالة على كراهتها وإلا فجامعة بين العتاب والمنّة). [إرشاد الساري: 7/197]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {سكرًا ورزقًا حسناً} قال: السّكر: النّبيذ، والرّزق الحسن: الزّبيب). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 96]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا، إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون}.
يقول تعالى ذكره: ولكم أيضًا أيّها النّاس عبرةً فيما نسقيكم من ثمرات النّخيل والأعناب ما {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} مع ما نسقيكم من بطون الأنعام من اللّبن الخارج من بين الفرث والدّم.
وحذف من قوله: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب} الاسم، والمعنى ما وصفت، وهو: ومن ثمرات النّخيل والأعناب ما تتّخذون منه، لدلالة " من " عليه، لأنّ " من " تدخل في الكلام مبعّضةً، فاستغنى بدلالتها ومعرفة السّامعين بما تقتضي من ذكر الاسم معها
وكان بعض نحويّي البصرة يقول في معنى الكلام: ومن ثمرات النّخيل والأعناب شيءٌ تتّخذون منه سكرًا، ويقول: إنّما ذكرت الهاء في قوله: {تتّخذون منه} لأنّه أريد بها الشّيء.
وهو عندنا عائدٌ على المتروك، وهو " ما ".
وقوله: {تتّخذون} من صفة " ما " المتروكة.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} فقال بعضهم: عنى بالسّكر: الخمر، وبالرّزق الحسن: التّمر والزّبيب، وقال: إنّما نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ثمّ حرّمت بعد
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أيّوب بن جابرٍ الحنفي عن الأسود، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " السّكر: ما حرّم من شرابه، والرّزق الحسن: ما أحلّ من ثمرته ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وسعيد بن الرّبيع الرّازيّ قالا: حدّثنا ابن عيينة، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " الرّزق الحسن: ما أحلّ من ثمرتها، والسّكر: ما حرّم من ثمرتها ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن الأسود، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ قال: حدّثنا سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ بنحوه
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن الأسود بن قيسٍ قال: سمعت رجلاً يحدّث، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " السّكر: ما حرّم من ثمرتيهما، والرّزق الحسن: ما أحلّ من ثمرتيهما ".
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا الحسن بن صالحٍ، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو غسّان قال: حدّثنا زهير بن معاوية قال: حدّثنا الأسود بن قيسٍ قال: حدّثني عمرو بن سفيان قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول، وذكرت عنده هذه الآية: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " السّكر: ما حرّم منهما، والرّزق الحسن: ما أحلّ منهما "
- حدّثني يونس قال: أخبرنا سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان البصريّ قال: قال ابن عبّاسٍ، في قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " فأمّا الرّزق الحسن: فما أحلّ من ثمرتهما، وأمّا السّكر: فما حرّم من ثمرتهما "
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا الحمّانيّ قال: حدّثنا شريكٌ، عن الأسود، عن عمرو بن سفيان البصريّ، عن ابن عبّاسٍ: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " السّكر: حرامه، والرّزق الحسن: حلاله "
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا العبّاس بن أبي طالبٍ قال: حدّثنا أبو عوانة، عن الأسود، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ قال: " السّكر: ما حرّم من ثمرتهما، والرّزق الحسن: ما حلّ من ثمرتهما "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: " الرّزق الحسن: الحلال، والسّكر: الحرام ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " ما حرّم من ثمرتهما، وما أحلّ من ثمرتهما "
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: " السّكر خمرٌ، والرّزق الحسن الحلال "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ وسفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: " الرّزق الحسن: الحلال، والسّكر: الحرام ".
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، بنحوه
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في هذه الآية: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " السّكر: الحرام، والرّزق الحسن: الحلال "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن أبي رزينٍ: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " نزل هذا وهم يشربون الخمر، فكان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر "
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، والشّعبيّ، وأبي رزينٍ قالوا: " هي منسوخةٌ في هذه الآية: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} ".
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا أبو قطنٍ، عن سعيدٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم والشّعبيّ، وأبي رزينٍ بمثله
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " هي منسوخةٌ، نسخها تحريم الخمر "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " ذكر اللّه نعمته في السّكر قبل تحريم الخمر "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، وعوفٌ، عن الحسن، قال: " السّكر: ما حرّم اللّه منه، والرّزق: ما أحلّ اللّه منه "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن الحسن قال: " الرّزق الحسن: الحلال، والسّكر: الحرام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة، عن الضّحّاك، قال: " الرّزق الحسن: الحلال، والسّكر: الحرام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي كدينة يحيى بن المهلّب، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: " السّكر: الخمر، والرّزق الحسن: الرّطب والأعناب "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {تتّخذون منه سكرًا} قال: " هي الخمر قبل أن تحرّم "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {تتّخذون منه سكرًا} قال: " الخمر قبل تحريمها، {ورزقًا حسنًا} قال: " طعامًا ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ بنحوه
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} " أمّا السّكر فخمور هذه الأعاجم، وأمّا الرّزق الحسن فما تنتبذون، وما تخلّلون، وما تأكلون، ونزلت هذه الآية ولم تحرّم الخمر يومئذٍ، وإنّما جاء تحريمها بعد ذلك في سورة المائدة ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا عبدة بن سليمان قال: قرأت على ابن أبي عروبة قال: هكذا سمعت قتادة: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} ثمّ ذكر نحو حديث بشرٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {سكرًا} قال: " هي خمور الأعاجم، ونسخت في سورة المائدة، والرّزق الحسن، قال: ما تنتبذون وتخلّلون وتأكلون "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} " وذلك أنّ النّاس كانوا يسمّون الخمر سكرًا، وكانوا يشربونها "، قال ابن عبّاسٍ: " مرّ رجالٌ بوادي السّكران الّذي كانت قريشٌ تجتمع فيه، إذا تلقّوا مسافريهم إذا جاءوا من الشّام، وانطلقوا معهم يشيّعونهم حتّى يبلغوا وادي السّكران ثمّ يرجعوا منه، ثمّ سمّاها اللّه بعد ذلك الخمر حين حرّمت "، وقد كان ابن عبّاسٍ يزعم أنّها الخمر، وكان يزعم أنّ الحبشة يسمّون الخلّ السّكر، قوله: {ورزقًا حسنًا} يعني بذلك: الحلال، التّمر والزّبيب، وما كان حلالاً لا يسكر ".
وقال آخرون: السّكر بمنزلة الخمر في التّحريم وليس بخمرٍ، وقالوا: هو نقيع التّمر والزّبيب إذا اشتدّ وصار يسكر شاربه.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، في قوله: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا}، قال ابن عبّاسٍ: " كان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر، والسّكر حرامٌ مثل الخمر، وأمّا الحلال منه، فالزّبيب، والتّمر، والخلّ، ونحوه "
- حدّثني المثنّى، وعليّ بن داود، قالا: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " {تتّخذون منه سكرًا} فحرّم اللّه بعد ذلك، يعني بعد ما أنزل في سورة البقرة من ذكر الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، السّكر مع تحريم الخمر لأنّه منه، قال: {ورزقًا حسنًا} فهو الحلال من الخلّ والنّبيذ وأشباه ذلك، فأقرّه اللّه، وجعله حلالاً للمسلمين "
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن موسى، قال: " سألت مرّة عن السّكر، فقال: قال عبد اللّه: " هو خمرٌ "
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي فروة، عن أبي عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: " السّكر: خمرٌ "
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم، قال: " السّكر: خمرٌ "
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا حسن بن صالحٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم، وأبي رزينٍ قالا: " السّكر: خمرٌ "
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: " {تتّخذون منه سكرًا} يعني: ما أسكر من العنب والتّمر {ورزقًا حسنًا} يعني: ثمرتها "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " الحلال ما كان على وجه الحلال، حتّى غيّروها فجعلوا منها سكرًا ".
وقال آخرون: السّكر: هو كلّ ما كان حلالاً شربه، كالنّبيذ الحلال، والخلّ، والرّطب، والرب والرّزق الحسن: التّمر والزّبيب
ذكر من قال ذلك
- حدّثني داود الواسطيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال أبو روقٍ: حدّثني قال: قلت للشّعبيّ: أرأيت قوله تعالى: {تتّخذون منه سكرًا} أهو هذا السّكر الّذي تصنعه النّبط؟ قال: " لا، هذا خمرٌ، إنّما السّكر الّذي قال اللّه تعالى ذكره: النّبيذ والخلّ، والرّزق الحسن: التّمر والزّبيب ".
- حدّثني يحيى بن داود، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال: وذكر مجالدٌ، عن عامرٍ، نحوه
- حدّثني أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا مندلٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: " ما كانوا يتّخذون من النّخل النّبيذ، والرّزق الحسن: ما كانوا يصنعون من الزّبيب والتّمر "
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا مندلٌ، عن أبي روقٍ، عن الشّعبيّ قال: قلت له: ما {تتّخذون منه سكرًا}؟ قال: " كانوا يصنعون من النّبيذ والخلّ "، قلت: والرّزق الحسن؟ قال: " كانوا يصنعون من التّمر والزّبيب "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أسامة، وأحمد بن بشيرٍ، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ قال: " السّكر: النّبيذ، والرّزق الحسن: التّمر الّذي كان يؤكل ".
وعلى هذا التّأويل، الآية غير منسوخةٍ، بل حكمها ثابتٌ.
وهذا التّأويل عندي هو أولى الأقوال بتأويل هذه الآية، وذلك أنّ السّكر في كلام العرب على أحد أوجهٍ أربعةٍ: أحدها: ما أسكر من الشّراب، والثّاني: ما طعم من الطّعام، كما قال الشّاعر:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي طعمًا
والثّالث: السّكون، من قول الشّاعر:
وجعلت عين الحرور تسكر
وقد بيّنّا ذلك فيما مضى
والرّابع: المصدر من قولهم: سكر فلانٌ يسكر سكرًا وسكرًا وسكرًا
فإذا كان ذلك كذلك، وكان ما يسكر من الشّراب حرامًا بما قد دلّلنا عليه في كتابنا المسمّى: " لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام " وكان غير جائزٍ لنا أن نقول: هو منسوخٌ، إذ كان المنسوخ هو ما نفى حكمه النّاسخ، وما لا يجوز اجتماع الحكم به وناسخه، ولم يكن في حكم اللّه تعالى ذكره بتحريم الخمر دليلٌ على أنّ السّكر الّذي هو غير الخمر، وغير ما يسكر من الشّراب حرامٌ، إذ كان السّكر أحد معانيه عند العرب، ومن نزل بلسانه القرآن هو كلّ ما طعم، ولم يكن مع ذلك، إذ لم يكن في نفس التّنزيل دليلٌ على أنّه منسوخٌ، أو ورد بأنّه منسوخٌ خبرٌ من الرّسول، ولا أجمعت عليه الأمّة، فوجب القول بما قلنا من أنّ معنى السّكر في هذا الموضع: هو كلّ ما حلّ شربه ممّا يتّخذ من ثمر النّخل والكرم، وفسد أن يكون معناه الخمر أو ما يسكر من الشّراب، وخرج من أن يكون معناه السّكر نفسه، إذ كان السّكر ليس ممّا يتّخذ من النّخل والكرم، ومن أن يكون بمعنى السّكون
وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون} يقول: إن فيما وصفنا لكم من نعمنا الّتي آتيناكم أيّها النّاس من الأنعام والنّخل والكرم، لدلالةٌ واضحةٌ وآيةٌ بيّنةٌ لقومٍ يعقلون عن اللّه حججه، ويفهمون عنه مواعظه فيتّعظون بها). [جامع البيان: 14/284-285]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في الدنيا يقول ليرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا كنعان وقومه). [تفسير مجاهد: 347]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا قال سكر الخمر قبل تحريمها والرزق الحسن طعامه). [تفسير مجاهد: 348]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو النّضر الفقيه، ثنا معاذ بن نجدة القرشيّ، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سليمٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه سئل عن هذه الآية " {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} [النحل: 67] قال: السّكر ما حرّم من ثمرها، والرّزق الحسن ما حلّ من ثمرها «هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/387]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس، وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال: السكر ما حرم من ثمرتها والرزق الحسن ما حل من ثمرتها). [الدر المنثور: 9/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: السكر الحرام منه والرزق الحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه). [الدر المنثور: 9/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: السكر النبيذ والرزق الحسن فنسختها هذه الآية (إنما الخمر والميسر) (المائدة آية 90) ). [الدر المنثور: 9/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير عن أبي رزين في الآية قال: نزل هذا وهم يشربون الخمر قبل أن ينزل تحريمها). [الدر المنثور: 9/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: السكر الخل والنبيذ وما أشبهه، والرزق الحسن: الثمر والزبيب وما أشبهه). [الدر المنثور: 9/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال: فحرم الله بعد ذلك السكر مع تحريم الخمر لأنه منه ثم قال: {ورزقا حسنا} فهو الحلال من الخل والزبيب والنبيذ وأشباه ذلك فأقره الله وجعله حلالا للمسلمين). [الدر المنثور: 9/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} قال: إن الناس يسمون الخمر سكرا وكانوا يشربونها ثم سماها الله بعد ذلك الخمر حين حرمت وكان ابن عباس يزعم أن الحبشة يسمون الخل السكر، وقوله: {ورزقا حسنا} يعني بذلك الحلال التمر والزبيب وكان حلالا لا يسكر). [الدر المنثور: 9/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن عمر أنه سئل عن السكر فقال: الخمر بعينها). [الدر المنثور: 9/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن مسعود قال: السكر خمر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن والشعبي وإبراهيم وأبي رزين مثله). [الدر المنثور: 9/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن الأنباري في المصاحف والنحاس عن قتادة في قوله: {تتخذون منه سكرا} قال: خمور الأعاجم ونسخت في سورة المائدة). [الدر المنثور: 9/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي عن سعيد بن جبير قال: السكر الحرام والرزق الحسن الحلال). [الدر المنثور: 9/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {تتخذون منه سكرا} قال: ذكر الله نعمته عليهم في الخمر قبل أن يحرمها عليهم). [الدر المنثور: 9/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري والبيهقي عن إبراهيم والشعبي في قوله: {تتخذون منه سكرا} قالا: هي منسوخة). [الدر المنثور: 9/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب عن أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: لكم في العنب أشياء تأكلونه عنبا وتشربونه عصيرا ما لم ييبس وتتخذون منه زبيبا وربا والله أعلم). [الدر المنثور: 9/71-72]

تفسير قوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {وأوحى ربك إلى النحل}، وقوله: {وإذ أوحيت إلى الحواريين}، {وأوحينا إلى أم موسى}، إلهامٌ ألهمهم). [الجامع في علوم القرآن: 2/53-54] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى وأوحى ربك إلى النحل قال قذف في أنفسها). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا يحيى بن حكيمٍ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن يعلى بن عطاءٍ، عن وكيع بن عدسٍ، عن عمّه أبي رزينٍ العقيليّ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن مثل النّحلة، لا تأكل إلّا طيّبًا، ولا تضع إلّا طيّبًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/145]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتًا ومن الشّجر وممّا يعرشون}.
يقول تعالى ذكره: وألهم ربّك يا محمّد النّحل إيحاءً إليها {أن اتّخذي من الجبال بيوتًا، ومن الشّجر وممّا يعرشون} يعني: ممّا يبنون من السّقوف، فرفعوها بالبناء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا مروان، عن إسحاق التّميميّ وهو ابن أبي الصّبّاح، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ: {وأوحى ربّك إلى النّحل} قال: " ألهمها إلهامًا "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: بلغني في قوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل} قال: " قذف في أنفسها "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن أصحابه، قوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل} قال: " قذف في أنفسها أن اتّخذي من الجبال بيوتًا ".
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل} الآية، قال: " أمرها أن تأكل من الثّمرات، وأمرها أن تتّبع سبل ربّها ذللاً "
وقد بيّنّا معنى الإيحاء واختلاف المختلفين فيه فيما مضى بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وكذلك معنى قوله: {يعرشون}.
وكان ابن زيدٍ يقول في معنى يعرشون، ما:
- حدّثني به يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {يعرشون} قال: " الكرم "). [جامع البيان: 14/286-287]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 68 - 70.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأوحى ربك إلى النحل} قال: ألهمها). [الدر المنثور: 9/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: النحل دابة أصغر من الجندب ووحيه إليها قذف في قلوبها). [الدر المنثور: 9/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأوحى ربك إلى النحل} قال: ألهمها إلهاما ولم يرسل إليها رسولا). [الدر المنثور: 9/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {وأوحى ربك إلى النحل} قال: أمرها أن تأكل من كل الثمرات وأمرها أن تتبع سبل ربها ذللا). [الدر المنثور: 9/72-73]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ذللا قال مطيعة). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى فيه شفاء للناس قال جاء رجل إلى النبي فأخبره أن أخاه اشتكى بطنه فقال النبي اذهب فاسق أخاك عسلا ثم جاءه فقال ما زاده إلا شدة فقال النبي اذهب فاسق أخاك عسلا فقد صدق الله وكذب بطن أخيك فسقى له فكأنما نشط من عقال فبرأ). [تفسير عبد الرزاق: 1/357-358]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({سبل ربّك ذللًا} [النحل: 69] : «لا يتوعّر عليها مكانٌ سلكته»). [صحيح البخاري: 6/82]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سبل ربك ذللا لا يتوعّر عليها مكانٌ سلكته رواه الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ مثله ويتوعّر بالعين المهملة وذللا حال من السّبل أي ذلّلها اللّه لها وهو جمع ذلولٍ قال تعالى جعل لكم الأرض ذلولًا ومن طريق قتادة في قوله تعالى ذللًا أي مطيعةٌ وعلى هذا فقوله ذللًا حالٌ من فاعل اسلكي وانتصاب سبلٍ على الظّرفيّة أو على أنّه مفعولٌ به). [فتح الباري: 8/385]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {يتفيأ ظلاله} {سبل ربك ذللا} لا يتوعر عليها مكان سلكته
قال أبو جعفر الطّبريّ ثنا محمّد بن عمرو ثنا أبو عاصم ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 48 النّحل {يتفيأ ظلاله} قال تتميل {فاسلكي سبل ربك ذللا} 69 النّحل قال لا يتوعر عليها مكان سلكته وتقدم تفسير يتفيؤ في كتاب الصّلاة). [تغليق التعليق: 4/235] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: ({فاسلكي سبل ربك ذللًا}) (النحل: 69] قال مجاهد فيما رواه الطبري (لا يتوعر) بالعين المهملة (عليها مكان سلكته) وذللًا جمع ذلول ويجوز أن يكون حالًا من السبل أي ذللها لها الله تعالى كقوله: {جعل لكم الأرض ذلولًا} [الملك: 15] وأن يكون حالًا من فاعل اسلكي أي مطيعة منقادة بمعنى أن أهلها ينقلونها من مكان إلى مكان ولها يعسوب إذا وقف وقفت وإذا سار سارت وانتصاب سبل مفعولًا به أي اسلكي في طلب تلك الثمرات سبل ربك الطرق التي أفهمك وعلمك في عمل العسل أو على الظرفية أي فاسلكي ما أكلت في سبل ربك أي في مسالكه التي تحيل فيها قدرته النور ونحوه عسلًا). [إرشاد الساري: 7/195-196]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنّاس إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ كلي أيّتها النّحل من الثّمرات، {فاسلكي سبل ربّك} يقول: فاسلكي طرق ربّك {ذللاً} يقول: مذلّلةً لك، والذّلل: جمع ذلولٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {فاسلكي سبل ربّك ذللاً} قال: " لا يتوعّر عليها مكانٌ سلكته ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فاسلكي سبل ربّك ذللاً} قال: " طرقًا ذللاً، قال: " لا يتوعّر عليها مكانٌ سلكته ".
وعلى هذا التّأويل الّذي تأوّله مجاهدٌ، الذّلل من نعت السّبل.
والتّأويل على قوله: {فاسلكي سبل ربّك ذللاً} الذّلل لك: لا يتوعّر عليك سبيلٌ سلكتيه، ثمّ أسقطت الألف واللاّم فنصب على الحال
وقال آخرون في ذلك بما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: " {فاسلكي سبل ربّك ذللاً} أي مطيعةً "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ذللاً} قال: " مطيعةً "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاسلكي سبل ربّك ذللاً} قال: " الذّلول الّذي يقاد ويذهب به حيث أراد صاحبه، قال: فهم يخرجون بالنّحل ينتجعون بها ويذهبون وهي تتبعهم، وقرأ: {أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون. وذلّلناها لهم} الآية "
فعلى هذا القول الذّلل من نعت النّحل، وكلا القولين غير بعيدٍ من الصّواب في الصّحّة وجهان مخرّجان، غير أنّا اخترنا أن يكون نعتًا للسّبل لأنّها إليها أقرب
وقوله: {يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه} يقول تعالى ذكره: يخرج من بطون النّحل شرابٌ، وهو العسل، مختلفٌ ألوانه، لأنّ فيها أبيض، وأحمر، وأسحر، وغير ذلك من الألوان
قال أبو جعفرٍ: " أسحر ": ألوانٌ مختلفةٌ مثل أبيض، يضرب إلى الحمرة
وقوله: {فيه شفاءٌ للنّاس} اختلف أهل التّأويل فيما عادت عليه الهاء الّتي في قوله: {فيه}، فقال بعضهم: عادت على القرآن، وهو المراد بها
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا نصر بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فيه شفاءٌ للنّاس} قال: " في القرآن شفاءٌ ".
وقال آخرون: بل أريد بها العسل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه، فيه شفاءٌ للنّاس} ففيه شفاءٌ كما قال اللّه تعالى من الأدواء، وقد كان ينهى عن تغريق النّحل وعن قتلها "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر أنّ أخاه اشتكى بطنه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " اذهب فاسق أخاك عسلاً " ثمّ جاءه فقال: ما زاده إلاّ شدّةً، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " اذهب فاسق أخاك عسلاً، فقد صدق اللّه وكذب بطن أخيك " فسقاه، فكأنّما نشط من عقالٍ ".
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنّاس} قال: " جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر نحوه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، قال: " شفاءان: العسل شفاءٌ من كلّ داءٍ، والقرآن شفاءٌ لما في الصّدور "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: " {فيه شفاءٌ للنّاس} العسل " وهذا القول، أعنّي قول قتادة، أولى بتأويل الآية لأنّ قوله: {فيه} في سياق الخبر عن العسل، فأن تكون الهاء من ذكر العسل، إذ كانت في سياق الخبر عنه أولى من غيره
وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون} يقول تعالى ذكره: إنّ في إخراج اللّه من بطون هذه النّحل: الشّراب المختلف، الّذي هو شفاءٌ للنّاس، لدلالةٌ وحجّةٌ واضحةٌ على من سخّر النّحل وهداها لأكل الثّمرات الّتي تأكل، واتّخاذها البيوت الّتي تنحت من الجبال والشّجر والعروش، وأخرج من بطونها ما أخرج من الشّفاء للنّاس، أنّه الواحد الّذي ليس كمثله شيءٌ، وأنّه لا ينبغي أن يكون له شريكٌ، ولا تصحّ الألوهة إلاّ له). [جامع البيان: 14/287-291]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فاسلكي سبل ربك ذللا يقول لا يتوعر عليها كل مكان سلكته). [تفسير مجاهد: 349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال: طرقا لا يتوعر عليها مكان سلكته). [الدر المنثور: 9/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال: مطيعة). [الدر المنثور: 9/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال: الذلول الذي يقاد ويذهب به حيث أراد صاحبه، قال: فهم يخرجون بالنحل وينتجعون بها، ويذهبون وهي تتبعهم، وقرأ {أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم} يس آية 71 - 72 الآية). [الدر المنثور: 9/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {فاسلكي سبل ربك ذللا} قال: ذليلة لذلك، وفي قوله: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه} قال: هذا العسل {فيه شفاء للناس} يقول: فيه شفاء الأوجاع التي شفاؤها فيه). [الدر المنثور: 9/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} يعني العسل). [الدر المنثور: 9/73-74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} قال: هو العسل فيه الشفاء وفي القرآن). [الدر المنثور: 9/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن العسل فيه شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور). [الدر المنثور: 9/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن). [الدر المنثور: 9/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالشفاءين العسل والقرآن). [الدر المنثور: 9/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ قال: الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنا أنهي أمتي عن الكي). [الدر المنثور: 9/74-75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أخي استطلق بطنه فقال: اسقه عسلا: فسقاه عسلا ثم جاء فقال: ما زاده إلا استطلاقا: قال: اذهب فاسقه عسلا فسقاه عسلا ثم جاء فقال: ما زاده إلا استطلاقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه فبرأ). [الدر المنثور: 9/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه، وابن السني والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء). [الدر المنثور: 9/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن عامر بن مالك قال: بعثت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم من وعك كان بي ألتمس منه دواء وشفاء فبعث إلى بعكة من عسل). [الدر المنثور: 9/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج حميد بن زنجويه عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان لا يشكو قرحة ولا شيئا إلا جعل عليه عسلا حتى الدمل إذا كان به طلاه عسلا فقلنا له: تداوي الدمل بالعسل فقال أليس يقول الله: {فيه شفاء للناس}). [الدر المنثور: 9/75-76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان في شيء شاء ففي شرطة من محجم أو شربة من عسل أو كية بنار تصيب ألما وما أحب أن أكتوى). [الدر المنثور: 9/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن حشرم المجمري: أن ملاعب الأسنة عامر بن مالك بعث إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسأله الدواء والشفاء من داء نزل به فبعث إليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعسل أو بعكة من عسل). [الدر المنثور: 9/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر وقال: مثل المؤمن كمثل النحلة تأكل طيبا وتضع طيبا). [الدر المنثور: 9/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال: نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النمل والنحل). [الدر المنثور: 9/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل بلال كمثل النحلة غدت تأكل من الحلو والمر ثم هو حلو كله). [الدر المنثور: 9/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم ثم قال: إنما مثل المؤمن كمثل النحلة رتعت فأكلت طيبا ثم سقطت فلم تؤذ ولم تكسر). [الدر المنثور: 9/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع). [الدر المنثور: 9/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد). [الدر المنثور: 9/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر الذباب أربعون يوما والذباب كله في النار إلا النحل). [الدر المنثور: 9/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير أو ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: كل الذباب في النار إلا النحل وكان ينهى عن قتلها). [الدر المنثور: 9/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الذباب كلها في النار إلا النحل). [الدر المنثور: 9/78]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:10 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه أنزل من السّماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها} الأرض اليابسة الّتي ليس فيها نباتٌ فيحييها بالمطر وتنبت بعد إذ لم يكن فيها نباتٌ.
{إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون} فيعلمون أنّ الّذي أحيا هذه الأرض الميتة حتّى أنبتت قادرٌ على أن يحيي الموتى؛ لأنّ المشركين لا يقرّون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين} ،
يقول: ففي هذا اللّبن الّذي أخرجه اللّه من بين فرثٍ ودمٍ آية لقومٍ يعقلون، فيعلمون أنّ الّذي أخرجه من بين فرثٍ ودمٍ قادرٌ على أن يحيي الموتى). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نّسقيكم مّمّا في بطونه...}
العرب تقول لكلّ ما كان من بطون الأنعام ومن السّماء أو نهر يجري لقوم: أسقيت. فإذا سقاك الرّجل ماء لشفتك قالوا: سقاه. ولم يقولوا: أسقاه؛
كما قال الله عزّ وجل: {وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً} وقال {والّذي هو يطعمني ويسقين} وربما قالوا لما في بطون الأنعام ولماء السّماء سقى وأسقى،
كما قال لبيد:

سقى قومي بني مجد وأسقى = نميرا والقبائل من هلال
رعوه مربعاً وتصيّفوه = بلا وبأٍ سميّ ولا وبال
وقد اختلف القراء فقرأ بعضهم {نسقيكم} وبعضهم {نسقيكم}.
وأمّا قوله: {مّمّا في بطونه} ولم يقل بطونها فإنه قيل - والله أعلم - إن النّعم والأنعام شيء واحد، وهما جمعان، فرجع التذكير إلى معنى النّعم إذا كان يؤدى عن الأنعام،
أنشدني بعضهم:

إذا رأيت أنجما من الأسد = جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيل في الفضيح. ففسد = وطاب ألبان الّلقاح وبرد
فرجع إلى اللبن لأن اللبن والألبان يكون في معنى واحد. وقال الكسائي {نسقيكم ممّا بطونه}: بطون ما ذكرناه، وهو صواب،
أنشدني بعضهم:
* مثل الفراخ نتقت حواصله *
وقال الآخر:
* كذاك ابنة الأعيار خافي بسالة الـ = ـرجال وأصلال الرجال أقاصره *
ولم يقل أقاصرهم. أصلال الرجال: الأقوياء منهم.
وقوله: {سائغاً للشّاربين} يقول: لا يشرق باللبن ولا يغصّ به). [معاني القرآن: 2/109-108]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه} يذكّر ويؤنث، وقال آخرون: المعنى على النّعم لأن النعم يذكر ويؤنث،
قال:
أكلّ عامٍ نعمٌ تحوونه= يلقحه قومٌ وتنتجونه
أربابه نوكي ولا يحمونه
والعرب قد تظهر الشيء ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه وإن لم يظهروه كقوله:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثةٌ= وللسّبع أزكي من ثلاثٍ وأكثر
قال أنتم أحياءٍ ثم قال: من ثلاث، فذهب به إلى القبائل وفي آية أخرى: {وعلى الله قصد السّبيل ومنها جائرٌ} أي من السبل سبيل جائر). [مجاز القرآن: 1/362]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن والأرج {نسقيكم} من سقى.
أبو عمرو وأهل مكة {نسقيكم} من أسقى؛ وقالوا: سقيت وأسقيت، وقالوا: أسقيته: جعلت له سقيا.
وقال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى = نميرا والقبائل من هلال
فجاء بهما جميعًا.
وقال الراجز أيضًا:
.................. = هل أنت مسقيها سقاك الساقي
فجاء بهما). [معاني القرآن لقطرب: 808]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نسقيكم ممّا في بطونه} ذهب إلى النّعم. والنّعم تؤنث وتذكر والفرث: ما في الكرش.
وقوله: {من بين فرثٍ ودمٍ لبناً} لأن اللبن كان طعاما فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فرث في الكرش، وخلص من الدم لبن.
{سائغاً للشّاربين} أي سهلا في الشراب لا يشجي به شاربه ولا يغص). [تفسير غريب القرآن: 245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإنّ لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشّاربين}
وتقرأ {نسقيكم} ويقال سقيته وأسقيته في معنى واحد.
قال سيبويه والخليل سقيته كما تقول ناولته فشرب. وأسقيته جعلت له سقيا، وكذلك قول الشاعر يحتمل المذهبين:
سقى قومي بني مجد وأسقى= نميرا والقبائل من هلال
وهذا البيت وضعه النحويون على أنّه سقى وأسقى بمعنى واحد، وهو يحتمل التفسير الثاني.
والأنعام لفظه لفظ جمع، وهو اسم للجنس يذكر ويؤنث، يقال هو الأنعام وهي الأنعام. نسقيكم مما في بطونه.
وفي موضع آخر {مما في بطونها}. فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن في إخراجه اللبن {من بين فرث ودم} دليلا على قدرة لا يقدر عليها إلا الله الذي ليس كمثله شيء).
[معاني القرآن: 3/209-208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا} الفرث ما يكون في الكرش يقال أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها والمعنى أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم ثم يخلص اللبن من الدم
ثم قال تعالى: {سائغا للشاربين} أي سهلا لا يشجي به من شربه). [معاني القرآن: 4/81]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من بين فرث ودم} الفرث - هاهنا: السرجين). [ياقوتة الصراط: 295]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {سائغا للشاربين} أي: لذة للشاربين، قال ثعلب: وروي.
عن ابن عباس أنة قال: ما غص إنسان بلبن قط). [ياقوتة الصراط: 296-295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والفرث} ما يكون من كروش الأنعام، من غذائها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} ،
أي: وجعل لكم من ثمرات النّخيل والأعناب ما تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا.
تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {سكرًا} الخمر قبل تحريمها.
{ورزقًا حسنًا} طعامًا.
- المعلّى بن هلالٍ ومندل بن عليٍّ عن الأسود بن قيسٍ عن عمرو بن سفيان عن ابن عبّاسٍ قال: السّكر ما حرّم من ثمرتها، والرّزق الحسن ما أحلّ من ثمرتها.
همّامٌ وعثمان عن قتادة قال: نزلت قبل تحريم الخمر.
فأمّا الرّزق الحسن فهو ما أحلّ اللّه من ثمرتها ممّا تأكلون، وتعتصرون وتنتبذون، وتخلّلون، وأمّا السّكر فهو خمور الأعاجم.
- حمّادٌ عن عليّ بن زيدٍ عن صفوان بن محرزٍ عن أبي موسى الأشعريّ، قال: إنّ لكلّ قومٍ خمرًا وإنّ خمر المدينة البسر والتّمر، وإنّ خمر فارس العنب، وإنّ خمر اليمن البتع.
قال حمّادٌ: يعني العسل وإنّ خمر الحبشة السّكركة قال حمّادٌ: يعني الأرزّ.
- أبو أميّة عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي كثيرٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (( إنّ الخمر من هاتين الشّجرتين: النّخلة والعنبة )).
- أبو بكر بن عيّاشٍ عن أبي إسحاق الهمدانيّ عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريّ قال: قال عمر بن الخطّاب: إنّ هذه الأنبذة تنبذ من خمسة أشياء، من التّمر والزّبيب والعسل والبرّ والشّعير، فما خمّرتم منه فعتّقتم فهو خمرٌ.
قوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون} هي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 1/73-72]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تتّخذون منه سكراً} أي طعماً، ويقال: جعلوا لك هذا سكراً أي طعماً، وهذا له سكرٌ أي طعم،
وقال جندل:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
وله موضع آخر مجازه: سكناً،
وقال:
جاء الشتاء واجثالّ القنبر= وجعلت عين الحرور تسكر
أي يسكن حرها ويخبو، ويقال ليلة ساكرة أي ساكنة،
وقال:
تريد الليالي في طولها= وليست بطلقٍ ولا ساكرة
ويروى تزيد ليالي في طولها). [مجاز القرآن: 1/363]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إنّ في ذلك لآيةً لّقومٍ يعقلون}
وقال: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً} ولم يقل "منها" لأنه أضمر "الشيء" كأنه قال "ومنها شيءٌ تتّخذون منه سكراً "). [معاني القرآن: 2/66]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {سكرا ورزقا حسنا} فقالوا: السكر ما أسكر من الشراء؛ وسكر الرجل سكرا، وسكرا بالضم، وسكرا بالفتح، وقالوا أيضًا: جعلته سكرًا أي طعمًا؛ فيجوز أن يكون أراد تتخذون منه طعمًا؛ وهو أغلب على المعنى.
وقال الراجز:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي طعمًا؛ وهو عيب فيما يغلب علي.
وكان ابن عباس يقول سكرًا: أي خمرًا، وهو حلال يومئذ). [معاني القرآن لقطرب: 814]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} {السكر}: الحرام {الرزق الحسن}: الحلال). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تتّخذون منه سكراً} أي خمرا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر.
{ورزقاً حسناً} يعني التمر والزبيب.
وقال أبو عبيدة: السّكر: الطّعم.
ولست أعرف هذا في التفسير). [تفسير غريب القرآن: 245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرا ورزقا حسنا إنّ في ذلك لآية لقوم يعقلون}
أي فيما بيّنّا علامة تدل على توحيد اللّه.
وقالوا في تفسير قوله: {سكرا ورزقا حسنا} إنه الخمر من قبل أن تحرم.
والرزق الحسن يؤكل من الأعناب والتمور.
وقيل إن معنى السكر الطعم
وأنشدوا:
جعلت أعراض الكرام سكرا
أي جعلت دمهم طعما لك. وهذا بالتفسير الأول أشبه.
المعنى جعلت تتخمر بأعراض الكرام، وهو أبين - فيما يقال: الذي يتبرك. في أعراض الناس). [معاني القرآن: 3/209]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} روى عمرو بن سفيان عن ابن عباس
قال السكر ما حرم من ثمرتها والزرق الحسن ما كان حلالا من ثمرتها وروى شعبة عن مغيره عن إبراهيم والشعبي قالا السكر ما حرم وقد نسخ
وروى معمر عن قتادة قال السكر نبيذ للأعاجم وقد نسخت
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال السكر قد حرم وقال مجاهد السكر ما حرم من الخمر والرزق الحسن ما أحل من التمر والعنب قال أبو جعفر الأولى أن تكون الآية منسوخة
لأن تحريم الخمر كان بالمدينة والنحل مكية
والرواية عن ابن عباس كأن معناها أن الآية على الإخبار بأنهم يفعلون ذلك لا أنه أذن لهم في ذلك وذلك معناه وهي رواية تضعف من جهة عمرو بن سفيان
قال أبو جعفر وفي معنى السكر قول آخر قال أبو عبيدة السكر الطعم وأنشد:
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي جعلت ذمهم طعما
قال أبو جعفر قال الزجاج وقول أبي عبيدة هذا لا يعرف وأهل التفسير على خلافة ولا حجة له في البيت الذي أنشده لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس). [معاني القرآن: 4/83-81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سكرا} أي خمرا، نزل هذا قبل تحريم الخمر.
وقيل: السكر الحرام. والرزق الحلال الحسن. وقيل: السكر: الطعم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السَكَرُ}: الخمر.
{الرِزْقُ الحَسَنُ}: الحلال). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل} ، أي: ألهمها.
قال السّدّيّ: وكلّ شيءٍ من الحيوان إلهامٌ.
{أن اتّخذي من الجبال بيوتًا ومن الشّجر وممّا يعرشون}، أي: وممّا يبنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/73]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل...}
ألهمها ولم يأتها رسول.
وقوله: {أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشّجر وممّا يعرشون} وهي سقوف البيوت). [معاني القرآن: 2/109]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وممّا يعرشون} أي يجعلونه عريشاً، ويقال: يعرش ويعرش). [مجاز القرآن: 1/364]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشّجر وممّا يعرشون}
وقال: {إلى النّحل أن اتّخذي} على التأنيث في لغة أهل الحجاز. وغيرهم يقول "هو النّحل" وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء نحو "البرّ" و"الشعير"
هو في لغتهم مؤنث). [معاني القرآن: 2/66]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {ومما يعرشون} بكسر الراء.
الحسن {يعرشون} بضم الراء). [معاني القرآن لقطرب: 808]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وأوحى ربك إلى النحل} فالواحدة: نحلة، كما حكي عن بعضهم: غنم وغنمة؛ يريد: شاة.
وقال ابن مقبل:
كأن على فيها جنى ريق نحلة = يباكره سار من الثلج أملح). [معاني القرآن لقطرب: 814]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأوحى ربّك إلى النّحل} [أي ألهمها. وقيل:] سخّرها.
وقد بينت في كتاب «المشكل» أنه قد يكون كلاما وإشارة وتسخيرا.
{وممّا يعرشون} كل شيء عرش من كرم أو نبات أو سقف: فهو عرش ومعروش.
{ثمّ كلي من كلّ الثّمرات} أي من الثمرات. وكل هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها} ). [تفسير غريب القرآن: 245-246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («اللام» مكان «إلى»
قال الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}، أي أوحى إليها.
قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}، أي إلى هذا.
يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} وقوله: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 572] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحيُ: كلُّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إلهام، كقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ}، و{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، أي ألهمها). [تأويل مشكل القرآن: 489] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتا ومن الشّجر وممّا يعرشون}
وبيوتا. فمن قرأ بيوتا بالضم فهو القياس، مثل كعب وكعوب وقلب وقلوب، ومن قرأ بيوتا بالكسر فهذا لم يذكر مثله أحد من البصريين لأنهم لا يجيزون مثله.
ليس في الكلام مثل فعل ولا فعول، والذين قرأوا به قلبوا الضمة إلى الكسرة من أجل الياء التي بعدها.
ومعنى الوحي في اللغة على وجهين يرجعان إلى معنى الإعلام والإفهام فمن الوحي وحي الله إلى أنبيائه بما سمعت الملائكة من كلامه، ومنه الإلهام كما قال اللّه:
(وأخرجت الأرض أثقالها) إلى {بأن ربّك أوحى لها} معناه ألهمها. فاللّه أوحى إلى كل دابّة وذي روح في التماس منافعها واجتناب مضارها، فذكر من ذلك أمر النحل.
وواحد النحل نحلة، مثل نخل ونخلة - لأن فيها من لطيف الصنعة وبديع الخلق ما فيه أعظم معتبر بأن ألهمها اتخاذ المنازل والمساكن، وأن تأكل من كل الثمرات على اختلاف طعومها..
ثم سهل عليها سبيل ذلك فقال جلّ وعزّ: {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون} ). [معاني القرآن: 3/210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا} روى عن الضحاك أنه قال ألهمها وأصل الوحي في اللغة الإعلان بالشيء في ستره فيقع ذلك بالإلهام وبالإشارة وبالكتابة وبالكلام الخفي). [معاني القرآن: 4/84-83]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك} طرق ربّك الّتي جعل اللّه لك.
{ذللا} مطيعةً في تفسير قتادة.
يعني أنت مطيعةٌ.
وقال مجاهدٌ: {فاسلكي سبل ربّك ذللا} ، ذلّلت لها السّبل لا يتوعّر عليها مكانٌ.
{يخرج من بطونها شرابٌ} يعني العسل.
{مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنّاس} دواءٌ.
- إسماعيل بن مسلمٍ عن أبي المتوكّل النّاجيّ أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّ أخي يشتكي بطنه.
قال: اذهب فاسقه عسلا.
فذهب فسقاه عسلا، فلم ينفعه شيئًا.
فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه فقال: يا رسول اللّه إنّي سقيته، فلم ينفعه شيئًا.
فقال: اذهب فاسقه.
فذهب فسقاه، فلم ينفعه شيئًا، فجاء النّبيّ فأخبره فقال: اذهب فاسقه عسلا.
فذهب فسقاه، فلم يغن عنه شيئًا فأتى إلى النّبيّ فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه في الثّالثة أو في الرّابعة: «صدق اللّه وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلا،
فذهب فسقاه فبرأ بإذن اللّه».
قوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون} هي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 1/74]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذللاً...}نعت للسبل.
يقال: سبيل ذلول وذلل للجمع ويقال: إن الذّلل نعت للنحل أي ذلّلت لأن يخرج الشراب من بطونها.
وقوله: {شفاء للنّاس} يعني العسل دواء ويقال {فيه شفاء للنّاس} يراد بالهاء القرآن، فيه بيان الحلال والحرام). [معاني القرآن: 2/109]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللاً يخرج من بطونها شرابٌ مّختلفٌ ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآيةً لّقومٍ يتفكّرون}
وقال: {ذللاً} وواحدها "الذلول" وجماعة "الذّلول" "الذلل"). [معاني القرآن: 2/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاسلكي سبل ربّك ذللًا} أي منقادة بالتّسخير. وذل: جمع ذلول). [تفسير غريب القرآن: 246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} .
ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين). [تأويل مشكل القرآن: 75] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للنّاس إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون}
أي قد ذللها اللّه لك وسهل عليك مسالكها.
ثم قال {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه}.
فهي تأكل الحامض والمرّ وما لا يوصف طعمه فيحيل الله ذلك عسلا يخرج من بطونها إلا أنها تلقيه من أفواهها ولكنه قال: {من بطونها} لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطون فيخرج بعضها من الفم كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم، فالنحل تخرج العسل من بطونها إلى أفواهها.
{فيه شفاء للنّاس} في هذا قولان، قيل إن. الهاء يرجع على العسل، المعنى في العسل شفاء للناس. وقيل إن الهاء للقرآن، المعنى في القرآن شفاء للناس وهذا القول إذا فسّر علم أنه حسن، المعنى فيما قصصنا عليكم من قصة النحل في القرآن وسائر القصص التي تدل على أن اللّه واحد شفاء للناس.
والتفسير في العسل حسن جدا.
فإن قال قائل: قد رأينا من ينفعه العسل ومن يضره العسل، فكيف يكون فيه شفاء للناس؟
فجواب هذا أن يقال له الماء حياة كل شيء فقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يصادف من علة في البدن، وقد رأينا شفاء العسل في أكثر هذه الأشربة، لأن الجلّاب والسكنجيين، إنما أصلهما العسل، وكذلك سائر المعجونات.
وهذا الاعتراض في أمر العسل إنما هو اعتراض جهلة لا يعرفون قدرة في النفع، فأمّا من عرف مقدار النفع فهو وإن كان من غير أهل هذه الملة فهو غير رافع أن في العسل شفاء).
[معاني القرآن: 3/211-210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فاسلكي سبل ربك ذللا} روى معمر وسعيد عن قتادة قال مطيعة قال أبو جعفر ويحتمل في اللغة أن يكون قوله: {ذللا} للسبل لأنه يقال سبيل ذلول وسبل ذلل أي سهلة السلوك ويحتمل أن يكون للنحل أي هي منقادة مسخرة). [معاني القرآن: 4/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء} للشفاء فيه قولان: أحداهما أن المعنى في القرآن شفاء للناس وهذا قول حسن
أي فيما قصصنا عليكم من الآيات والبراهين شفاء للناس
وقيل في العسل شفاء للناس وهذا القول بين أيضا لأن أكثر الأشربة والمعجونات التي يتعالج بها أصلها من العسل). [معاني القرآن: 4/85-84]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:18 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) }
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأما أفعالٌ فقد يقع للواحد من العرب من يقول هو الأنعام وقال الله عز وجل: {نسقيكم مما في بطونه} ). [الكتاب: 3/230]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إذا القنبضات السود طوفن بالضحى = رقدن عليهن الحجال المسجف
قال الحجال المسجف فذَكَّر كأنه نعت وفي كتاب الله عز وجل: {نسقيكم مما في بطونه} ). [نقائض جرير والفرزدق: 550-551]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال الهذلي يمدح رجلاً:

ومبرئ من كل غير حيضة = ورضاع مغيلة وداء معضل
فأعلمك أنها لم تر عليه دم حيض في حملهم، ودل على أنه قد يكون.
قالوا: فإذا خرج الجنين من الرحم دفعت الطبيعة ذلك الدم الذي كان يغتذيه إلى الثديين، وهما عضوان ناهدان، عصبيان، فغيراه وجعلاه لبنًا. يقول الله عز وجل: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم خالصًا سائغًا للشاربين} ). [عيون الأخبار: 4/64]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا في واحد النحل: نحلة). [الفرق في اللغة: 143]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«النَّحل» أنثى، قال الله عز وجل: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا}. وتصغيرها: «نحيل» كأنه للجميع، كما يصغر النخل إن أنث: «نخيل» ). [المذكور والمؤنث: 76]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) }



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والله أنزل من السماء ماء} الآية. لما أمره تبيين ما اختلف فيه نص العبر المؤدية إلى بيان أمر الربوبية، فبدأ بنعمة المطر التي هي أبين العبر، وهي ملاك الحياة، وفي غاية الظهور، لا يخالف فيها عاقل، وحياة الأرض وموتها استعارة وتشبيه بالحيوان; إذ هي هامدة غبراء غير منبتة فهي كالميت، وإذ هي منبتة مخضرة مهتزة رابية فهي كالحي. وقوله: "يسمعون" يدل على ظهور هذا المعتبر فيه وبيانه; لأنه لا يحتاج
[المحرر الوجيز: 5/376]
إلى تفكر ولا نظر قلب، وإنما يحتاج المنبه إلى أن يسمع القول فقط). [المحرر الوجيز: 5/377]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الأنعام" هي الأصناف الأربعة: الإبل والبقر والضأن والمعز، و"العبرة": الحال المعتبر فيها، وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم -في رواية أبي بكر - وابن مسعود - بخلاف- والحسن، وأهل المدينة: "نسقيكم" بفتح النون، من أسقا يسقي، وقرأ الباقون، وحفص عن عاصم بضم النون، وهي قراءة الكوفيين وأهل مكة، وقال بعض أهل اللغة: هما لغتان بمعنى واحد، وقالت فرقة: تقول لمن سقيته بالشفة أو في مرة واحدة: سقيته، وتقول لمن تمر سقيه أو تمنحه شربا: أسقيته، وهذا قول من قرأ: "نسقيكم"، لأن ألبان الأنعام من المستمر للبشر، وأنشد من قال: "إنهما لغتان بمعنى" قول لبيد:
سقى قومي بني بدر وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال
وذلك لازم; لأنه لا يدعو لقومه بالقليل. وقرأ أبو رجاء: "يسقيكم" بالياء، أي: يسقيكم الله، وقرأت فرقة: "تسقيكم" بالتاء، وهي ضعيفة، وكذلك اختلف القراء في سورة "المؤمنون"، وقوله: {مما في بطونه} الضمير عائد على الجنس، وعلى المذكور، كما قال الشاعر:
مثل الفراخ نتفت حواصله
[المحرر الوجيز: 5/377]
وهذا كثير، كقوله سبحانه: {كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره}، وقيل: إنما قال: "بطونه" لأن الأنعام والنعم واحد فرد، الضمير على معنى النعم، وقالت فرقة: الضمير عائد على "البعض"; إذ الذكور لا ألبان فيها، فكأن العبرة إنما هي في الأنعام. و"الفرث": ما ينزل إلى الأمعاء، و"السائغ": المسهل في الشرب اللذيذ، وقرأت فرقة: "سيغا" بشد الياء، وقرأ عيسى الثقفي: "سيغا" بسكون الياء، وهي تخفيف من "سيغ" كميت وهين، وليس وزنها فعلا; لأن اللفظة واوية، ففعل منها "سوغ"، وروي أن اللبن لم يشرق به أحد قط، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 5/378]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون}
قال الطبري: التقدير: ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون. وقالت فرقة: التقدير: ومن ثمرات النخيل والأعناب شيء تتخذون منه، ويجوز أن يكون قوله: "ومن ثمرات" عطفا على "الأنعام"، أي: ولكم من ثمرات النخيل والأنعام عبرة، ويجوز أن يكون عطفا على "مما"، أي: ونسقيكم أيضا مشروبات من ثمرات.
[المحرر الوجيز: 5/378]
و"السكر": ما يسكر، هذا هو المشهور في اللغة، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر، وأراد "بالسكر" الخمر، و"بالرزق الحسن" جميع ما يشرب ويؤكل حلالا من هاتين الشجرتين، وقال بهذا القول ابن جبير، وإبراهيم، والشعبي، وأبو رزين، وقال الحسن بن أبي الحسن: ذكر الله نعمته في السكر قبل تحريم الخمر، وقال الشعبي، ومجاهد: السكر: المايغ من هاتين الشجرتين كالخل والرب والنبيذ، والرزق الحسن: العنب والتمر، قال الطبري: والسكر أيضا في كلام العرب: ما يطعم، ورجح الطبري هذا القول. ولا يدخل الخمر فيه، ولا نسخ من الآية شيء، وقال بعض الفرقة التي رأت السكر الخمر: إن هذه الآية منسوخة بتحريم الخمر، وفي هذه المقالة درك; لأن النسخ إنما يكون في حكم مستقر مشروع، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "حرمت الخمر بعينها، والسكر من غيرها"، هكذا روي، والرواية الصحيحة بفتح السين والكاف، أي: جميع ما يسكر منه حرم على حد تحريم الخمر قليله وكثيره، ورواه العراقيون و"السكر" بضم السين وسكون الكاف، وهو مبني على فقههم في أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فقليله حلال، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/378]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل} الآية. الوحي في كلام العرب إلقاء المعنى من الموحي إلى الموحى إليه في خفاء، فمنه الوحي إلى الأنبياء برسالة الملك، ومنه وحي الرؤيا، ومنه وحي الإلهام وهو الذي ها هنا باتفاق من المتأولين، والوحي أيضا بمعنى الأمر، كما قال تعالى: {بأن ربك أوحى لها}، وقرأ يحيى بن وثاب: "إلى النخل" بفتح الحاء، و"أن" في قوله: {أن اتخذي} مفسرة. وقد جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة: إما في الجبال وكواها، وإما في متجوف الأشجار، وإما فيما يعرش ابن
[المحرر الوجيز: 5/379]
آدم من الأجباح والحيطان ونحوها. "وعرش" معناه: هيأ، وأكثر ما يستعمل فيما يكون من اتفاق الأغصان والخشب وترتيب ظلالها، ومنه العريش الذي صيغ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ومن هذا هي لفظة العرش، ويقال: عرش يعرش ويعرش بكسر الراء وضمها، قرأ ابن عامر بالضم، وسائرهم بالكسر، واختلف عن عاصم، وجمهور الناس على الكسر، وقرأ بالضم أبو عبد الرحمن، وعبيد بن نضلة، وقال ابن زيد في قوله: "يعرشون" قال: الكروم، وقال الطبري: "ومما يعرشون" يعني: ما يبنون من السقوف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا منهما تفسير غير متقن). [المحرر الوجيز: 5/380]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثم كلي من كل الثمرات} الآية. المعنى: ثم ألهمها أن كلي، فعطف "كلي" على "اتخذي"، و"من" للتبعيض، أي: كلي جزءا أو شيئا من كل الثمرات، وذلك أنها إنما تأكل النوار من الأشجار. و"السبل": الطرق، وهي مسالكها في الطيران وغيره، وأضافها إلى الرب من حيث هي ملكه وخلقه، أي: التي يسر لك ربك. وقوله: "ذللا" يحتمل أن يكون حالا من "النحل"، أي: مطيعة منقادة لما يسرت له، قاله قتادة، وقال ابن زيد: فهم يخرجون بالنحل ينتجعون، وهي تتبعهم، وقرأ: أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا إلى قوله: {يأكلون}، ويحتمل أن يكون حالا من "السبل"، أي: مسهلة مستقيمة، قال مجاهد: لا يتوعر عليها سبيل تسلكه.
ثم ذكر تبارك وتعالى -على جهة تعديد النعمة والتنبيه على العبرة- أمر العسل في قوله: {يخرج من بطونها}، وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل، وورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في تحقيره للدنيا: "أشرف لباس ابن
[المحرر الوجيز: 5/380]
آدم فيها لعاب دودة، وأشرف شرابه رجيع نحلة". فظاهر هذا أنه من غير الفم، واختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل والمراعي، وقد يختلف طعمه بحسب اختلاف المراعي، ومن هذا المعنى قول زينب للنبي صلى الله عليه وسلم: "جرست نحله العرفط"، حين شبهت رائحته برائحة المغافير.
وقوله: {فيه شفاء للناس}، الضمير للعسل، قاله الجمهور، ولا يقتضي العموم في كل علة، وفي كل إنسان، بل هو خبر عن أنه يشفي كما يشفي غيره من الأدوية في بعض دون بعض، وعلى حال دون حال، ففي الآية إخبار منبه على أنه دواء لما كثر الشفاء به وصار خليطا ومعينا للأدوية والأشربة والمعاجن، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان لا يشكو شيئا إلا تداوى بالعسل، حتى إنه كان يدهن به الدمل والقرصة ويقرأ: فيه شفاء للناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يقتضي أنه يرى الشفاء به على العموم، وقال مجاهد: الضمير للقرآن، أي: فيه شفاء، وذهب قوم من أهل الجهالة إلى أن هذه الآية إنما يراد بها أهل البيت من بني هاشم، وأنهم النحل، وأن الشراب القرآن والحكمة، وقد ذكر بعضهم هذا في مجلس المنصور أبي جعفر العباسي، فقال له رجل ممن حضر: جعل الله طعامك وشرابك ما يخرج من بطون بني هاشم، فأضحك الحاضرين وأبهت الآخر، وظهرت سخافة قوله، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/381]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى لرسوله: أنّه إنّما أنزل عليه الكتاب ليبيّن للنّاس الّذي يختلفون فيه، فالقرآن فاصلٌ بين النّاس في كلّ ما يتنازعون فيه {وهدًى} أي: للقلوب، {ورحمةً} أي: لمن تمسّك به، {لقومٍ يؤمنون}
وكما جعل تعالى القرآن حياةً للقلوب الميّتة بكفرها، كذلك يحيي [اللّه] الأرض بعد موتها بما ينزله عليها من السّماء من ماءٍ، {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون} أي: يفهمون الكلام ومعناه).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 580]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين (66) ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون (67)}
يقول تعالى: {وإنّ لكم} أيّها النّاس {في الأنعام} وهي: الإبل والبقر والغنم، {لعبرةً} أي: لآيةً ودلالةً على قدرة خالقها وحكمته ولطفه ورحمته، {نسقيكم ممّا في بطونه} وأفرد هاهنا [الضّمير] عودًا على معنى النّعم، أو الضّمير عائدٌ على الحيوان؛ فإنّ الأنعام حيواناتٌ، أي نسقيكم ممّا في بطن هذا الحيوان.
وفي الآية الأخرى: {ممّا في بطونها} [المؤمنون: 21]، ويجوز هذا وهذا، كما في قوله تعالى: {كلا إنّه تذكرةٌ فمن شاء ذكره} [المدّثّر: 54، 55]، وفي قوله تعالى: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون فلمّا جاء سليمان} [النّمل: 35، 36] أي: المال.
وقوله: {من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا} أي: يتخلّص الدّم بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرثٍ ودمٍ في باطن الحيوان، فيسري كلٌ إلى موطنه، إذا نضج الغذاء في معدته تصرّف منه دمٌ إلى العروق، ولبنٌ إلى الضّرع وبولٌ إلى المثانة، وروثٌ إلى المخرج، وكلٌّ منها لا يشوب الآخر ولا يمازجه بعد انفصاله عنه، ولا يتغيّر به.
وقوله: {لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين} أي: لا يغصّ به أحدٌ.
ولـمّا ذكر اللّبن وأنّه تعالى جعله شرابًا للنّاس سائغًا، ثنّى بذكر ما يتّخذه النّاس من الأشربة، من ثمرات النّخيل والأعناب، وما كانوا يصنعون من النّبيذ المسكر قبل تحريمه؛ ولهذا امتنّ به عليهم فقال: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا} دلّ على إباحته شرعًا قبل تحريمه، ودلّ على التّسوية بين السّكر المتّخذ من العنب، والمتّخذ من النّخل كما هو مذهب مالكٍ والشّافعيّ وأحمد وجمهور العلماء، وكذا حكم سائر الأشربة المتّخذة من الحنطة والشّعير والذّرة والعسل، كما جاءت السّنّة بتفصيل ذلك، وليس هذا موضع بسط ذلك، كما قال ابن عبّاسٍ في قوله: {سكرًا ورزقًا حسنًا} قال: السّكر: ما حرّم من ثمرتيهما، والرّزق الحسن ما أحلّ من ثمرتيهما. وفي روايةٍ: السّكر حرامه، والرّزق الحسن حلاله. يعني: ما يبس منهما من تمرٍ وزبيبٍ، وما عمل منهما من طلاءٍ -وهو الدّبس - وخلٍّ ونبيذٍ، حلالٌ يشرب قبل أن يشتدّ، كما وردت السّنّة بذلك.
{إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعقلون} ناسب ذكر العقل هاهنا، فإنّه أشرف ما في الإنسان؛ ولهذا حرّم اللّه على هذه الأمّة الأشربة المسكرة صيانةً لعقولها؛ قال اللّه تعالى: {وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها ممّا تنبت الأرض ومن أنفسهم وممّا لا يعلمون} [يس: 34 -36]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 580-581]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتًا ومن الشّجر وممّا يعرشون (68) ثمّ كلي من كلّ الثّمرات فاسلكي سبل ربّك ذللا يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنّاس إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون (69)}
المراد بالوحي هاهنا: الإلهام والهداية والإرشاد إلى النّحل أن تتّخذ من الجبال بيوتًا تأوي إليها، ومن الشّجر، وممّا يعرشون. ثمّ هي محكمةٌ في غاية الإتقان في تسديسها ورصّها، بحيث لا يكون بينها خلل).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 581]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أذن لها تعالى إذنًا قدريًّا تسخيريًّا أن تأكل من كلّ الثّمرات، وأن تسلك الطّرق الّتي جعلها اللّه تعالى لها مذلّلةً، أي: سهلةً عليها حيث شاءت في هذا الجوّ العظيم والبراري الشّاسعة، والأودية والجبال الشّاهقة، ثمّ تعود كلّ واحدةٍ منها إلى موضعها وبيتها، لا تحيد عنه يمنةً ولا يسرةً، بل إلى بيتها وما لها فيه من فراخٍ وعسلٍ، فتبني الشّمع من أجنحتها، وتقيء العسل من فيها وتبيض الفراخ من دبرها، ثمّ تصبح إلى مراعيها.
وقال قتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {فاسلكي سبل ربّك ذللا} أي: مطيعةً. فجعلاه حالًا من السّالكة. قال ابن زيدٍ: وهو كقول اللّه تعالى: {وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} [يس: 72] قال: ألا ترى أنّهم ينقلون النّحل من بيوته من بلدٍ إلى بلدٍ وهو يصحبهم.
والقول الأوّل أظهر، وهو أنّه حالٌ من الطّريق، أي: فاسلكيها مذلّلةً لك، نصّ عليه مجاهدٌ. وقال ابن جريرٍ: كلا القولين صحيحٌ.
وقد قال أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا شيبان بن فرّوخ، حدّثنا سكين بن عبد العزيز، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عمر الذّباب أربعون يومًا، والذّباب كلّه في النّار إلّا النّحل".
وقوله تعالى {يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه} أي: ما بين أبيض وأصفر وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة، على اختلاف مراعيها ومأكلها منها.
وقوله: {فيه شفاءٌ للنّاس} أي: في العسل شفاءٌ للنّاس من أدواءٍ تعرض لهم. قال بعض من تكلّم على الطّبّ النّبويّ: لو قال فيه: "الشّفاء للنّاس" لكان دواءً لكلّ داءٍ، ولكن قال {فيه شفاءٌ للنّاس} أي: يصلح لكلّ أحدٍ من أدواءٍ باردةٍ، فإنّه حارٌّ، والشّيء يداوى بضدّه.
وقال مجاهد بن جبر في قوله: {فيه شفاءٌ للنّاس} يعني: القرآن.
وهذا قولٌ صحيحٌ في نفسه، ولكن ليس هو الظّاهر هاهنا من سياق الآية؛ فإنّ الآية إنّما ذكر فيها العسل، ولم يتابع مجاهدٌ على قوله هاهنا، وإنّما الّذي قاله ذكروه في قوله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين} الآية [الإسراء: 82]. وقوله تعالى: {يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم وشفاءٌ لما في الصّدور وهدًى ورحمةٌ للمؤمنين} [يونس: 57].
والدّليل على أنّ المراد بقوله تعالى: {فيه شفاءٌ للنّاس} هو العسل -الحديث الّذي رواه البخاريّ ومسلمٌ في صحيحيهما من رواية قتادة، عن أبي المتوكّل عليّ بن داود النّاجيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ أخي استطلق بطنه. فقال: "اسقه عسلًا". فسقاه عسلًا ثمّ جاء فقال: يا رسول اللّه، سقيته عسلًا فما زاده إلّا استطلاقًا! قال: "اذهب فاسقه عسلًا". فذهب فسقاه، ثمّ جاء فقال: يا رسول اللّه، ما زاده إلّا استطلاقًا! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "صدق اللّه، وكذب بطن أخيك! اذهب فاسقه عسلًا". فذهب فسقاه فبرئ.
قال بعض العلماء بالطّبّ: كان هذا الرّجل عنده فضلاتٌ، فلمّا سقاه عسلًا وهو حارٌّ تحلّلت، فأسرعت في الاندفاع، فزاد إسهاله، فاعتقد الأعرابيّ أنّ هذا يضرّه وهو مصلحةٌ لأخيه، ثمّ سقاه فازداد التّحليل والدّفع، ثمّ سقاه فكذلك، فلمّا اندفعت الفضلات الفاسدة المضرّة بالبدن استمسك بطنه، وصلح مزاجه، واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته، عليه من ربّه أفضل الصّلاة والسّلام.
وفي الصّحيحين، من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي اللّه عنها؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يعجبه الحلواء والعسل. هذا لفظ البخاريّ.
وفي صحيح البخاريّ: من حديث سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الشّفاء في ثلاثةٍ: في شرطة محجم، أو شربة عسلٍ، أو كيّةٍ بنارٍ، وأنهى أمّتي عن الكيّ".
وقال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، سمعت جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إن كان في شيءٍ من أدويتكم، أو يكون في شيءٍ من أدويتكم خيرٌ: ففي شرطة محجم، أو شربة عسلٍ، أو لذعةٍ بنارٍ توافق الدّاء، وما أحبّ أن أكتوي".
ورواه مسلمٌ من حديث عاصم بن عمر بن قتادة، عن جابرٍ، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن إسحاق، أنبأنا عبد اللّه، أنبأنا سعيد بن أبي أيّوب، حدّثنا عبد اللّه بن الوليد، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامرٍ الجهني قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "ثلاثٌ إن كان في شيءٍ شفاءٌ: فشرطة محجم، أو شربة عسلٍ، أو كيّة تصيب ألمًا، وأنا أكره الكيّ ولا أحبّه".
ورواه الطّبرانيّ عن هارون بن ملّول المصريّ، عن أبي عبد الرّحمن المقرئ، [عن حيوة بن شريحٍ] عن عبد اللّه بن الوليد، به. ولفظه: "إن كان في شيءٍ شفاءٌ: فشرطة محجمٍ" = وذكره وهذا إسنادٌ صحيحٌ ولم يخرّجوه.
وقال الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجه القزوينيّ في سننه: حدّثنا علي بن سلمة -هو اللّبقيّ- حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ-قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عليكم بالشّفاءين: العسل والقرآن".
وهذا إسنادٌ جيّدٌ، تفرّد بإخراجه ابن ماجه مرفوعًا، وقد رواه ابن جريرٍ، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان -هو الثّوريّ-به موقوفًا: ولهو أشبه.
وروّينا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، أنّه قال: إذا أراد أحدكم الشّفاء فليكتب آيةً من كتاب اللّه في صحفة، وليغسلها بماء السّماء، وليأخذ من امرأته درهمًا عن طيب نفسٍ منها، فليشتر به عسلًا فليشربه بذلك، فإنّه شفاءٌ. أي: من وجوهٍ، قال اللّه: {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ} [الإسراء: 82] وقال: {ونزلنا من السّماء ماءً مباركًا} [ق: 9] وقال: {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا} [النّساء: 4]، وقال في العسل: {فيه شفاءٌ للنّاس}
وقال ابن ماجه أيضًا: حدّثنا محمود بن خداش، حدّثنا سعيد بن زكريّا القرشيّ، حدّثنا الزّبير بن سعيدٍ الهاشميّ، عن عبد الحميد بن سالمٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من لعق العسل ثلاث غدواتٍ في كلّ شهرٍ لم يصبه عظيمٌ من البلاء".
الزّبير بن سعيدٍ متروكٌ.
وقال ابن ماجه أيضًا: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف بن سرح الفريابيّ، حدّثنا عمرو بن بكرٍ السّكسكي، حدّثنا إبراهيم بن أبي عبلة. سمعت أبا أبي ابن أمّ حرام -وكان قد صلّى القبلتين-يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "عليكم بالسّنى والسّنّوت، فإنّ فيهما شفاءً من كلّ داءٍ إلّا السّام". قيل: يا رسول اللّه، وما السّام؟ قال: "الموت".
قال عمرٌو: قال ابن أبي عبلة: "السّنّوت": الشّبت. وقال آخرون: بل هو العسل الّذي [يكون] في زقاق السّمن، وهو قول الشّاعر:
هم السّمن بالسّنّوت لا ألس فيهم = وهم يمنعون الجار أن يقرّدا
كذا رواه ابن ماجه. وقوله: "لا ألس فيهم" أي: لا خلط. وقوله: "يمنعون الجار أن يقرّدا"، [أي يضطهد ويظلم].
وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون} أي: إنّ في إلهام اللّه لهذه الدّوابّ الضّعيفة الخلقة إلى السّلوك في هذه المهامة والاجتناء من سائر الثّمار، ثمّ جمعها للشمع والعسل، وهو من أطيب الأشياء، {لآيةً لقومٍ يتفكّرون} في عظمة خالقها ومقدّرها ومسخّرها وميسّرها، فيستدلّون بذلك على أنّه [الفاعل] القادر، الحكيم العليم، الكريم الرّحيم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 582-585]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة