سورة الرحمن
[ من الآية (31) إلى الآية (36) ]
{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ (31) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)}
قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سنفرغ لكم أيّه الثّقلان (31).
قرأ حمزة والكسائي " سيفرغ " بالياء وضم الراء.
وقرأ الباقون (سنفرغ لكم) بالنون وضم الراء.
قال أبو منصور: من قرأ (سيفرغ) أو (سنفرغ) فالفعل لله.
ومعنى سيفرغ: سيقصد، ليس أنه كان مشغولاً ففرغ، ولكنه كما شاء الله). [معاني القراءات وعللها: 3/46]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- [31]- وقوله تعالى: {سنفرغ لكم} [31].
قرأ حمزة والكسائي: {سيفرغ لكم} بالياء.
وقرأ الباقون بالنون، فمن قرأ بالياء.
وقرأ الباقون بالنون، فمن قرأ بالياء رده على قوله {يسأله من في السموات} [29] ومن قرأ بالنون فالله تعالى يخبر عن نفسه.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/335]
وفيه قراءة ثالثة: روي حسين عن أبي عمرو: {سيفرغ} بالياء وفتح الراء؛ لأن العرب تقول فرغ يفرغ، ويفرغ للحرف الحلقي، وهو الغين، ثمل نهق ينهق، وصبغ يصبغ.
وحدثنا أحمد عن على عن أبي عبيد بذلك.
وحدثنا ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: حدثني إسرائيل عن طلحة بن مطرف {سيفرغ لكم} قال الفراء: وقرأ بعضهم: {سنفرغ لكم} مثل علمت تعلم. وقد روي في شعر العجاج:
وفرغا من حنذه أن يهرجا
بكسر الماضي، فعلى هذا فعل يفعل مثل شرب يشرب.
ومعنى قوله: {سنفرغ لكم} أي: سنقصد لكم بالعذاب وما كان مشغولاً قط. قال جرير:
ألان وقد فرغت إلى نمير = فهذا حين كنت له عذابًا
أي: سأقصدكم بالهجاء والمكروه. والفراغ على ضربين: القصد، وفراغ من شغل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/336]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- قوله تعالى: {أيه الثقلان} [31].
قرأ ابن عامر وحده: {أيه الثقلان}.
والباقون: {أيه} وقد ذكرت عله ذلك في (النور) والثقلان الجن والإنس.
فإن سأل سائل فقال: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله، وعترتي» فما وجه تشبيههما بالثقلين؟
فالجواب في ذلك ما حدثني أبو عمر الزاهد عن ثعلب – استخراج حسن – أنه قال: إن الأخذ بهما ثقيل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/337]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: سنفرغ [الرحمن/ 31] بالنون، وروى حسين الجعفي عن أبي عمرو سيفرغ بفتح الياء والراء.
وقرأ حمزة والكسائي: سيفرغ بفتح الياء وضمّ الراء.
وجه الياء في سيفرغ أن الغيبة قد تقدم في قوله: وله الجواري [الرحمن/ 24] وقوله:... وجه ربك [الرحمن/ 27]
[الحجة للقراء السبعة: 6/248]
سيفرغ، ويقال: فرغ يفرغ وفرغ يفرغ، وقال أبو الحسن: بنو تميم يقولون: فرغ يفرغ مثل: علم يعلم، وروي أن في حرف أبيّ: سنفرغ إليكم، وليس الفراغ هنا فراغا من شغل، ولكن تأويله القصد، كما قال جرير:
ألان فقد فرغت إلى نمير فهذا حين صرت لهم عذابا). [الحجة للقراء السبعة: 6/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن عامر: أيه الثقلان [الرحمن/ 31] بضمّ الهاء، ويقف بالهاء، قال: فمن قرأ بهذه القراءة وقف على الهاء، وكان أبو عمرو يقف أيها بألف.
قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدّثنا أبو جعفر الضرير، يعني محمدا، قال: كان الكسائي يقف: أيها بالألف.
لا وجه لقول ابن عامر أيه الثقلان وقد ذكرنا فيما قبل وجه الشّبهة فيها). [الحجة للقراء السبعة: 6/249]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي: [سَنِفْرَغُ لَكُمْ]، بكسر النون، وفتح الراء.
وقرأ: [سَنَفْرَغُ لَكُمْ]، بفتح النون والراء - قتادة ويحيى بن عمارة الزارع والأعمش -بخلاف- وابن إدريس.
وقرأ: [سَيَفْرَغُ لَكُمْ]، بنصب الياء والراء أبو عمرو والأعرج.
أبو حاتم عن الأعمش: [سَيُفْرَغُ لَكُمْ].
قال أبو الفتح: يقال: فرغ يفرغ كدفع يدفع، وفرغ يفرغ كذبغ يدبغ، وفرغ يفرغ كلثغ يلثغ.
وأما [سَيفْرَغُ]، بالياء فالفاعل فيه اسم الله تعالى.
و[سَيُفْرَغُ] واضح). [المحتسب: 2/304]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سنفرغ لكم أيها الثّقلان} 31
قرأ حمزة والكسائيّ (سيفرغ لكم) بالياء أي سيفرغ الله لكم وحجتهما أنه أتى عقيب ذكر الله بلفظ التّوحيد وهو قوله تعالى {يسأله من في السّماوات والأرض كل يوم هو في شأن} 29 فأجريا الفعل بعده على لفظ ما تقدمه إذ كان في سياقه ليأتلف الكلام على نظم واحد
وقرأ الباقون {سنفرغ} بالنّون الله يخبر عن نفسه وحجتهم أن ما جرى في القرآن من إسناد الأفعال إلى الله بلفظ الجمع وشبيه به قوله {وقدمنا إلى ما عملوا} قالوا لأن معنى {سنفرغ} سنقصد بحسابكم ومعنى {وقدمنا} وعمدنا وقصدنا متقاربان). [حجة القراءات: 692]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {سنفرغ لكم} قرأه حمزة والكسائي بالياء وفتحها، وقرأ الباقون بنون مفتوحة.
وحجة من قرأ بالياء أنه رده على لفظ الغيبة المتقدمة في قوله تعالى:{وله الجوار المنشآت} «24» وفي قوله: {وجه ربك} «27».
8- وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على الإخبار من الله جل ذكره عن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/301]
نفسه، وقد تقدم له نظائر كثيرة، ومستقبل «فرغ» يقال فيه: يفرغ بالضم، وبه جاء القرآن، ويقال فيه: يفرغ بالفتح من أجل حرف الحلق، وحكى الأخفش أنه بنى تميم يقولون: فرغ يفرغ، مثل: علم يعلم، ومعنى الفراغ في الآية القصد، وليس معناه الفراغ من شغل، تعالى الله عن أن يشغله شيء، ويدل على ذلك أن في حرف أبي {سنفرغ إليكم} و{قصد} يتعدى بـ «إلى» ولا يتعدى «فرغ» بـ «إلى» إذا كان من الفراغ من الشغل فهي تعديته بـ «إلى» دليل على أنه ليس من الفراغ من شغل، أو أنه بمعنى «سنقصد» والنون أحب إلي؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/302]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {سَيَفْرُغُ} [آية/ 31] بالياء مفتوحة:-
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على لفظ الغيبة، والضمير راجع إلى الرب تعالى، وقد تقدم ذكره، ويعود إليه أيضًا الضمير في قوله {وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنْشَآَتُ}.
والفراغ ههنا بمعنى القصد.
وقرأ الباقون {سَنَفْرُعُ لَكُمْ} بالنون.
والوجه أن المعنى مثل الأول؛ لأن الفاعل هو الله تعالى، لكن في هذا رجوعًا عن لفظ الإفراد إلى لفظ الجمع، والمعنى واحد، وقد سبق مثله). [الموضح: 1231]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {أَيُّهُ الثَّقَلانِ} [آية/ 31] بضم الهاء في الوصل:-
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {أَيُّهُ الثَّقَلانِ} بفتح الهاء.
ووقف أبو عمرو والكسائي ويعقوب على {أَيُّهَا} بالألف، والباقون يقفون بغير ألف، وقد مضى ذكر ذلك ووجهه في سورتي النور والزخرف). [الموضح: 1232]
قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32)}
قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33)}
قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)}
قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يرسل عليكما شواظٌ من نارٍ ونحاسٌ (35).
قرأ ابن كثير وحده " شواظٌ " بكسر الشين، وقرأ الباقون (شواظٌ)
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (ونحاسٍ) خافضًا.
وقرأ الباقون (ونحاسٌ) رفعًا.
[معاني القراءات وعللها: 3/46]
قال أبو منصور: الشّواظ، والشّواظ لغتان في اللهب الذي له دخان.
ونحاس - ههنا - معناه الدخان. ومن خفضه عطفه على قوله: (من نارٍ) ومن رفعه عطفه على قوله: (شواظٌ).
وقال الجعدي:
يضيء سراجا كضوء السّليـ... ـط لم يجعل الله فيه نحاسًا). [معاني القراءات وعللها: 3/47]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {يرسل عليكما شواظ} [35].
قرأ ابن كثير وحده: {شواظ}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/337]
وقرأ الباقون بالضم، لغتان فصيحتان. والشواظ: النار الخالصة المحضة لا دخان فيها. وأنشد:
إن لهم من وقعنا أقياظا = ونار حرب تسعر الشواظا
وقال الخليل: الشواظ الخضرة التي دون النار المحضة، والمحضة: اللهب وقال آخرون: الخضرة تسمي الكلحبة: والنحاس، الدخان، وأنشد:
تضيء كضوء سراج السليـ = ط لم يجعل الله فيه نحاسا
السليط: دهن السمسم. وقال آخرون: دهن السنام المذاب قال الفراء: الاختيار أن يكون السليط: الزيت.
وحدثني من أثق به أن بعض الأطباء ذكر أن بالهند وردة عليها كتابة خلقة أن السليط ينفع لكل شيء ولا يضر. وذكر ابن قتيبة: أن شجرة بالهند تخرج ورقًا تقرأ لا إله إلا الله محمد رسول الله. ورؤي على ساق سفيان الثوري لما مات عروق مشبكة تقرأ: حسبي الله ونعم الوكيل. وحث خيثمة بن حيدره أن سفيان الثوري كان بين أصابعه رقعة مكتوب فيها يا سفيان أذكر مقام ربك غدًا لا تفارقه.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/338]
حدثنا ابن عقدة بسنده عن جعفر بن محمد – عليه السلام – قال: على جناح كل هدهد مكتوب بالسريانية: «آل محمد خير البري».
وحدثني أحمد عن على عن أبي عبيد قال حدثني هشيم عن مغيرة عن مجاهد {ونحاس فلا تنتصران} بكسر النون.
وقرأ بعضهم: {ونحس فلا تنتصران} أي: نستأصل شأفتكم من قوله {إذ تحسونهم}.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {ونحاس} عطفًا على {من نار}.
وقرأ الباقون: {ونحاس} بالرفع عطفًا على {شواظ} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/339]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وحده: شواظ من نار بكسر الشين [الرحمن/ 35].
وقرأ الباقون: شواظ برفع الشين.
الشّواظ والشّواظ لغتان. زعموا. قال أبو الحسن: أهل مكّة يكسرون الشواظ.
قال: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: ونحاس كسرا،
[الحجة للقراء السبعة: 6/249]
[الرحمن/ 35]، وقرأ الباقون: ونحاس رفعا.
أبو عبيدة: شواظ من نار: اللهب لا دخان له، وقال رؤبة:
إنّ لهم من وقعنا أقياظا ونار حرب تسعر الشّواظا قال: والنحاس: الدخان. قال الجعدي:
يضيء كضوء سراج السلى ط لم يجعل الله فيه نحاسا قال: السليط: الحلّ. وروي عن ابن عباس أيضا: الشواظ:
لهب لا دخان فيه، وعنه أيضا: النحاس: الدخان.
قال أبو علي: إذا كان الشواظ اللهب لا دخان فيه، ضعف قراءة من قرأ: شواظ من نار ونحاس ولا يكون على تفسير أبي عبيدة إلا الرفع، ونحاس على: يرسل عليكما شواظ من نار، ويرسل نحاس، أي: يرسل هذا مرة وهذا أخرى. فإن قلت: فهل يجوز الجرّ في نحاس على تفسير ابن عباس وأبي عبيدة، فإنه يجوز من وجه وهو
[الحجة للقراء السبعة: 6/250]
على أن تقدّره: يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس، فتحذف الموصوف وتقيم الصفة مقامه كقوله: ومن آياته يريكم البرق [الروم/ 24] ومن الذين هادوا يحرفون الكلم [النساء/ 46] وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به [النساء/ 159] ومن أهل المدينة مردوا على النفاق [التوبة/ 101]، فحذف الموصوف من ذلك كلّه، وكذلك في الآية فإن قلت: فإن هذا فاعل، والفاعل لا يحذف فقد جاء:
وما راعني إلّا يسير بشرطة وعهدي به قينا يفشّ بكير على أن هذا الحذف قد جاء في المبتدأ في الآية التي تلوتها أو بعضها، وقد قالوا: تسمع بالمعيديّ لا أن تراه.
فإذا حذف الموصوف بقي بعده قوله: من نار الذي هو صفة لشيء المحذوف، وحذف من، لأن ذكره قد تقدّم في قوله من نار فحسّن ذلك حذفه، كما حسّن حذف الجار من قوله: على من تنزل أنزل، وكما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
أصبح من أسماء قيس كقابض على الماء لا يدري بما هو قابض أي: بما هو قابض عليه، فحذف لدلالة الجار على المتقدّم
[الحجة للقراء السبعة: 6/251]
عليه، وكما حذف الجار عند الخليل من قوله:
إن لم يجد يوما على من يتّكل يريد عنده: على من يتّكل عليه، فحذف الجارّ لجري ذكره، فكذلك سهل حذف من في الآية بعض السهولة لجري ذكره قبل، فيكون انجرار نحاس على هذا بمن المضمرة، لا بالإشراك بمن التي جرّت في قوله: من نار، وإذا انجرّت بمن هذه لم يكن الشواظ الذي هو: اللهب، قسطا من الدخان.
وحكي عن أبي عمرو أنه قال: لا يكون الشواظ إلا من نار، وشيء، يعني من شيئين. وقال أبو الحسن: قال بعضهم: لا يكون الشواظ إلا من النار والدخان جميعا، قال: وكل حسن، إلا أنّا نختار الرفع، يعني الرفع في قوله: ونحاس. قال أبو علي: فإذا كان الأمر على هذا فالجرّ متّجه، وليس بممتنع كما امتنع من تفسير أبي عبيدة، إلا من حيث ذكر). [الحجة للقراء السبعة: 6/252]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن أبي بكرة: [ونَحُسٌّ]، بفتح النون، وضم الحاء، وتشديد السين، رفع.
قال أبو الفتح: [نَحُسٌّ]، أي: نقتل بالعذاب. يقال: حس القوم يحسهم حسا: إذا استأصلهم. قال الله تعالى : {إِذْ تَحُسُّونَهُم}، أي: تقتلونهم قتلا ذريعا). [المحتسب: 2/304]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران}
[حجة القراءات: 692]
قرأ ابن كثير {شواظ} بكسر الشين وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان معناهما واحد
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {من نار ونحاس} بالخفض عطفا على قوله {من نار} كأنّه أراد من نار ومن نحاس قال يونس النّحويّ كان أبو عمرو يقول لا يكون الشواظ إلّا من النّار والنحاس جميعًا والنحاس الدّخان فعلى ما فسره أبو عمرو يكون النّحاس معطوفًا على قوله {من نار} فيكون معناه يرسل عليكما شواظ وذلك الشواظ من نار ونحاس
وقرأ الباقون {شواظ من نار ونحاس} بالرّفع عطفا على الشواظ قال أبو عبيدة شواظ من نار لهب من نار لا دخان فيه وعن ابن عبّاس قال الشواظ لا دخان فيه فكلهم يريدون الّذي لا دخان له أي يرسل عليكما نار محضة لا يشوبها دخان ويرسل عليكما دخان بعد ذلك فيكون واصفا شيئين من العذاب من نوع واحد كل واحد منهما عذاب على حدته
واعلم أنه إذا كان الشواظ اللهب الّذي لا دخان فيه ضعفت قراءة من قرأ {من نار ونحاس} ولا يكون على تفسير أبي عبيدة إلّا الرّفع في {ونحاس} عطفا على قوله {يرسل عليكما شواظ} ويرسل نحاس أي يرسل هذا مرّة وهذا أخرى). [حجة القراءات: 693]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {من نارٍ ونحاس} قرأه أبو عمرو وابن كثير {ونحاس} بالخفض، ورفعه الباقون.
وحجة من رفعه أنه عطفه على «الشواظ»، و«الشواظ» اللهب، و«النحاس» والدخان، فالمعنى: يرسل عليكما لهب من نار، ويرسل عليكم دخان، فهو المعنى الصحيح، وهو الاختيار.
10- وحجة من خفضه أنه عطفه على «نار» فجعل «الشواظ» يكون من «نار» ويكون من «دخان» وفيه بعد في المعنى؛ لأن اللهب لا يكون من الدخان، وحكي عن أبي عمرو أنه قال: لا يكون «الشواظ» إلا من نار وشيء آخر، يعني: من نار ودخان، فتصح القراءة بخفض «النحاس» على هذا التفسير، وحكى الأخفش أن بعض العلماء قال: لا يكون «الشواظ» إلا من النار والدخان، وقد قيل: إن تقدير القراءة بخفض «النحاس» يرسل عليكما {شواظ} من نار وشيء من {نحاس}، أي: من دخان، ثم حذ الموصوف وقامت الصفة مقامه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/302]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {شواظ} قرأه ابن كثير بكسر الشين، وضمها الباقون،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/302]
وهما لغتان بمعنى اللهب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/303]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {شُوَاظٌ} [آية/ 35] بكسر الشين:-
قرأها ابن كثير وحده.
وقرأ الباقون {شُوَاظٌ} بضم الشين.
والوجه أن شواظًا وشواظًا بضم الشين وكسرها لغتان في اللهب الذي له دخان). [الموضح: 1232]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وُنُحَاسٍ} [آية/ 35] بالجر:-
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب –ح-و-ان-.
والوجه أنه معطوف على {نَارٍ} من قوله تعالى {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}، والتقدير: من نار ومن نحاس، والنحاس: الدخان، قال الجعدي:
[الموضح: 1232]
167- يضيء سراجًا كضوء السليط = لم يجعل الله فيه نحاسا
أي دخانًا.
وقرأ الباقون ويعقوب –يس- {وَنُحَاسٌ} بالرفع.
والوجه أن رفعه بالعطف على قوله {شُوَاظٌ}، {شُوَاظٌ} مرفوع، فما عطف عليه أيضًا مرفوع، والتقدير: يرسل عليكما شواظ من نار ويرسل عليكما نحاس). [الموضح: 1233]
قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين