تفسير قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما لاعبين}.
يقول تعالى ذكره: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما} إلاّ حجّةً عليكم أيّها النّاس، ولتعتبروا بذلك كلّه، فتعلموا أنّ الّذي دبّره، وخلقه لا يشبهه شيءٌ، وأنّه لا تكون الألوهة إلاّ له، ولا تصلح العبادة لشيءٍ غيره، ولم يخلق ذلك عبثًا ولعبًا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما لاعبين} يقول: ما خلقناهما عبثًا ولا باطلاً). [جامع البيان: 16/237-238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 16.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} يقول: ما خلقناهما عبثا ولا باطلا). [الدر المنثور: 10/276]
تفسير قوله تعالى: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى لو أردنا أن نتخذ لهوا قال اللهو في بعض لغة أهل اليمن المرأة لاتخذناه من لدنا إن كنا فعلين يقول ما كنا فاعلين). [تفسير عبد الرزاق: 2/22]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا لاتّخذناه من لدنّا إن كنّا فاعلين}.
يقول تعالى ذكره: لو أردنا أن نتّخذ زوجةً وولدًا لاتّخذنا ذلك من عندنا، ولكنّا لا نفعل ذلك، ولا يصلح لنا فعله، ولا ينبغي، لأنّه لا ينبغي أن يكون للّه ولدٌ، ولا صاحبةٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني سليمان بن عبيد اللّه الغيلانيّ، قال: حدّثنا أبو قتيبة، قال: حدّثنا سلاّم بن مسكينٍ، قال: حدّثنا عقبة بن أبي جسرة، قال: شهدت الحسن بمكّة قال: وجاءه طاوسٌ وعطاءٌ ومجاهدٌ، فسألوه عن قول اللّه تبارك وتعالى: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا لاتّخذناه} قال الحسن: اللّهو: المرأة.
- حدّثني سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن عليّ بن هارون، عن محمّدٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا} قال: زوجةً.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا} الآية، أي أنّ ذلك لا يكون ولا ينبغي. واللّهو بلغة أهل اليمن: المرأة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ، عن قتادة: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا} قال: اللّهو في بعض لغة أهل اليمن: المرأة. {لاتّخذناه من لدنّا}.
وقوله: {إن كنّا فاعلين}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {إن كنّا فاعلين} يقول: ما كنّا فاعلين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قالوا مريم صاحبته، وعيسى ولده، فقال تبارك وتعالى: {لو أردنا أن نتّخذ لهوًا} نساءً وولدًا، {لاتّخذناه من لدنّا} من عندنا، لاتخذنا نساء وولداً من أهل السماء، وما اتخذنا نساء وولداً من أهل الأرض {إن كنّا فاعلين} ما كنا نفعل.
- قال ابن جريج: قال مجاهد: او أردنا أن نتخذ لهوا وولدا {لاتّخذناه من لدنّا} قال: من عندنا، ولا خلقنا جنّةً، ولا نارًا، ولا موتًا، ولا بعثًا، ولا حسابًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لاتّخذناه من لدنّا} من عندنا، وما خلقنا جنّةً، ولا نارًا، ولا موتًا، ولا بعثًا، ولا حسابا). [جامع البيان: 16/238-240]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا يعني من عندنا يقول وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا حياة ولا حسابا). [تفسير مجاهد: 408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 17 - 20.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال: اللهو الولد). [الدر المنثور: 10/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} الآية، يقول: لو أردت أن أتخذ ولدا لاتخذت من الملائكة). [الدر المنثور: 10/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال: النساء). [الدر المنثور: 10/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: اللهو بلسان اليمن المرأة). [الدر المنثور: 10/276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال: اللهو بلغة أهل اليمن المرأة، وفي قوله: {إن كنا فاعلين} أي إن ذلك لا يكون ولا ينبغي). [الدر المنثور: 10/277]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال: نساء {لاتخذناه من لدنا} قال: من الحور العين). [الدر المنثور: 10/277]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {لو أردنا أن نتخذ لهوا} قال: لعبا). [الدر المنثور: 10/277]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لاتخذناه من لدنا} قال: من عندنا {إن كنا فاعلين} أي ما كنا فاعلين، يقول: وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا وكل شيء في القرآن {إن} فهو إنكار). [الدر المنثور: 10/277]
تفسير قوله تعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فإذا هو زاهق قال هالك). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله بل نقذف بالحق قال القرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/132]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، قال: حدثنا أيّوب، عن الحسن؛ في قوله: {لكم الويل ممّا تصفون} قال: هي والله لكلّ واصفٍ كذوبٍ إلى يوم القيامة الويل). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 373-374]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا الحسن بن موسى، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: الويل وادٍ في جهنّم يهوي فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يبلغ قعره.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلاّ من حديث ابن لهيعة). [سنن الترمذي: 5/171]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقٌ ولكم الويل ممّا تصفون}.
يقول تعالى ذكره: ولكن ننزّل الحقّ من عندنا، وهو كتاب اللّه، وتنزيله على الكفر به وأهله، {فيدمغه} يقول: فيهلكه، كما يدمغ الرّجل الرّجل بأن يشجّه على رأسه شجّةً تبلغ الدّماغ، وإذا بلغت الشّجّة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياةٌ.
وقوله {فإذا هو زاهقٌ} يقول: فإذا هو هالكٌ مضمحلٌّ.
- كما حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {فإذا هو زاهقٌ} قال: هالكٌ.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فإذا هو زاهقٌ} قال: ذاهبٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهقٌ} والحقّ كتاب اللّه القرآن، والباطل: إبليس، {فيدمغه فإذا هو زاهقٌ} أي ذاهبٌ.
وقوله: {ولكم الويل ممّا تصفون} يقول: ولكم الويل من وصفكم ربّكم بغير صفته، وقيلكم إنّه اتّخذ زوجةً وولدًا، وفريتكم عليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل، إلاّ أنّ بعضهم قال: معنى {تصفون} تكذبون وقال آخرون: معنى ذلك: تشركون.
وذلك وإن اختلفت به الألفاظ فمتّفقةٌ معانيه، لأنّ من وصف اللّه بأنّ له صاحبةً فقد كذب في وصفه إيّاه بذلك، وأشرك به، ووصفه بغير صفته. غير أنّ أولى العبارات أن يعبّر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه.
ذكر من قال ما قلنا في ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولكم الويل ممّا تصفون} أي تكذبون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ولكم الويل ممّا تصفون} قال: تشركون وقوله {عمّا يصفون} قال: يشركون، قال: وقال مجاهدٌ: {سيجزيهم وصفهم}، قال: قولهم الكذب في ذلك). [جامع البيان: 16/240-242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {بل نقذف بالحق} قال: القرآن {على الباطل} قال: اللبس {فإذا هو زاهق} قال: هالك). [الدر المنثور: 10/277]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولكم الويل مما تصفون} قال: هي والله لكل واصف كذب إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/277-278]
تفسير قوله تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يستحسرون قال لا يعيون). [تفسير عبد الرزاق: 2/23]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لا يستحسرون} [الأنبياء: 19] : " لا يعيون، ومنه {حسيرٌ} [الملك: 4] : وحسرت بعيري "). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ولا يستحسرون لا يعيبون ومنه حسيرٌ وحسرت بعيري هو قول أبي عبيدة أيضًا وكذا روى الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة في قوله ولا يستحسرون قال لا يعيبون
تنبيهٌ: وقع في رواية أبي ذر يعيون بفتح أوله ووهاه ابن التّين وقال هو من أعيي أي الصّواب بضمّ أوّله). [فتح الباري: 8/436]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لا يستحسرون لا يعيون ومنه حسيرٌ وحسرت بعيري
أشار به إلى قوله تعالى: {لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} (الأنبياء: 19) وفسره بقوله: (لا يعيون) بفتح الياء كذا وقع في رواية أبي ذر، ورد عليه ابن التّين، وقال: الصّواب الضّم من الإعياء. قلت: لا وجه للرّدّ عليه بل الصّواب الفتح لأن معنى: لا يعيون، بالفتح لا يعجزون، وقيل: لا ينقطعون ومنه الحسير وهو المنقطع الواقف عياً وكلالاً والإعياء يكون من الغير. قوله: (وحسرت بعيري) أي: أعييته). [عمدة القاري: 19/64]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لا يستحسرون}) قال أبو عبيدة (لا يعيون) في الفرع وأصله بضم أوله مصححًا عليه وثالثه وكلاهما مصلح على كشط من أعيا وفي نسخة عن أبي ذر يعيون بفتحهما ورده ابن التين والسفاقسي وصوّب الضم وأجاب العيني بأن الصواب الفتح لأن معناه لا يعجزون وقيل لا ينقطعون (ومنه حسير وحسرت بعيري) أي أعييته). [إرشاد الساري: 7/241]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله من في السّموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون}.
يقول تعالى ذكره: وكيف يجوز أن يتّخذ اللّه لهوًا، وله ملك جميع من في السّماوات والأرض، والّذين عنده من خلقه لا يستنكفون عن عبادتهم إيّاه، ولا يعيون من طول خدمتهم له، وقد علمتم أنّه لا يستعبد والدٌ ولده، ولا صاحبته، وكلّ من في السّماوات والأرض عبيده، فأنّى يكون له صاحبةٌ وولدٌ؟ يقول: أو لا تتفكّرون فيما تفترون من الكذب على ربّكم؟
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا يستحسرون} لا يرجعون.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولا يستحسرون} لا يحسرون.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا يستحسرون} قال: لا يفترون.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ عن قتادة قوله: {ولا يستحسرون} قال: لا يعيون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة مثله.
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون} قال: لا يستحسرون، لا يملّون ذلك الاستحسار، قال: " ولا يفترون، ولا يسأمون " هذا كلّه معناه واحدٌ، والكلام مختلفٌ، وهو من قولهم: بعيرٌ حسيرٌ: إذا أعيا وقام، ومنه قول علقمة بن عبدة:
بها جيف الحسرى فأمّا عظامها = فبيضٌ، وأمّا جلدها فصليب). [جامع البيان: 16/242-243]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا يستحسرون يقول ولا يحسرون أي لا يعيون). [تفسير مجاهد: 408-409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ومن عنده} قال: الملائكة). [الدر المنثور: 10/278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله: {ولا يستحسرون} يقول: لا يرجعون). [الدر المنثور: 10/278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قول: {ولا يستحسرون} قال: لا يحسرون). [الدر المنثور: 10/278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {ولا يستحسرون} قال: لا يعيون). [الدر المنثور: 10/278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ولا يستحسرون} قال: لا ينقطعون من العبادة). [الدر المنثور: 10/278]
تفسير قوله تعالى: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن عامر البكالي قال إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة أجزاء منهم الكوربيون وهم الملائكة الذين يحملون العرش وهم أيضا يسبحون الليل والنهار لا يفترون قال ومن بقي من الملائكة لأمر الله ولوحي الله ولرسالات الله قال ثم جزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منها الجن ولا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ثم جزأ الإنس عشرة أجزاء فتسعة منهم يأجوج ومأجوج وسائر الناس جزء واحد). [تفسير عبد الرزاق: 2/28]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن مجاهدٍ: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} قال: نفسهم التسبيح [الآية: 20]). [تفسير الثوري: 199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون (20) أم اتّخذوا آلهةً مّن الأرض هم ينشرون}.
يقول تعالى ذكره: يسبّح هؤلاء الّذين عنده من ملائكة ربّهم اللّيل والنّهار لا يفترون من تسبيحهم إيّاه
- كما حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا حميدٌ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن الحارث، عن أبيه، أنّ ابن عبّاسٍ، سأل كعبًا عن قوله: {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون}، و{يسبّحون له باللّيل والنّهار وهم لا يسأمون} فقال: هل يئودك طرفك؟ هل يئودك نفسك؟ قال: لا، قال: فإنّهم ألهموا التّسبيح، كما ألهمتم الطّرف والنّفس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو معاوية، عن أبي إسحاق الشّيبانيّ، عن حسّان بن مخارقٍ، عن عبد اللّه بن الحارث، قال: قلت لكعب الأحبار: {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} أما يشغلهم رسالةٌ أو عملٌ؟ قال: يا ابن أخي إنّه جعل لهم التّسبيح كما جعل لكم النّفس، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجيء وتذهب وأنت تنفّس؟ قلت: بلى، قال: فكذلك جعل لهم التّسبيح.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وأبو داود قالا: حدّثنا عمران القطّان، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن عمرٍو البكاليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: " إنّ اللّه جزأ الخلق عشرة أجزاءٍ، فجعل تسعة أجزاءٍ الملائكة، وجزءًا سائر الخلق. وجزّأ الملائكة عشرة أجزاءٍ، فجعل تسعة أجزاءٍ يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، وجزءًا لرسالته. وجزّأ الخلق عشرة أجزاءٍ، فجعل تسعة أجزاءٍ الجنّ، وجزءًا سائر بني آدم. وجزّأ بني آدم عشرة أجزاءٍ، فجعل يأجوج ومأجوج تسعة أجزاءٍ، وجزءًا سائر بني آدم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} يقول: الملائكة الّذين هم عند الرّحمن لا يستكبرون عن عبادته ولا يسأمون فيها. وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينما هو جالسٌ مع أصحابه، إذ قال: " تسمعون ما أسمع؟ " قالوا: ما نسمع من شيءٍ يا نبيّ اللّه، قال: " إنّي لأسمع أطيط السّماء، وما تلام أن تئطّ، وليس فيها موضع راحةٍ إلاّ وفيه ملكٌ ساجدٌ أو قائمٌ "). [جامع البيان: 16/244-245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه أنه سأل كعبا عن قوله: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} أما شغلهم رسالة أما شغلهم عمل فقال: جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ألست تأكل وتشرب وتجيء وتذهب وتتكلم وأنت تتنفس فكذلك جعل لهم التسبيح). [الدر المنثور: 10/278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} قال: جعلت أنفاسهم تسبيحا). [الدر المنثور: 10/278-279]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن أبي كثير قال: خلق الله الملائكة صمدا ليس لهم أجواف). [الدر المنثور: 10/279]