التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تتنزّل عليهم الملائكة...}.
عند الممات يبشرونهم بالجنة، وفي قراءتنا {ألاّ تخافوا}, وفي قراءة عبد الله : {لا تخافوا} : بغير أن على مذهب الحكاية.). [معاني القرآن: 3/18]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون}
وقال: {ألاّ تخافوا}: يقول: بأن لا تخافوا). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا} : أي آمنوا، ثم استقاموا على طاعة اللّه.
قال النبي - صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلم -: «استقيموا، ولن تحصوا»). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (30)}
أي: وحدوا اللّه، واستقاموا: عملوا بطاعته , ولزموا سنة نبيّه.
{تتنزّل عليهم الملائكة} : بشراء يبشرونهم عند الموت , وفي وقت البعث فلا تهولهم أهوال القيامة). [معاني القرآن: 4/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}
قال مجاهد وإبراهيم: قالوا لا إله إلا الله , ثم استقاموا.
روي عن أبي بكر الصديق أنه قال لهم :(ما معنى :{ ثم استقاموا}؟).
فقالوا: لم يعصوا الله .
فقال : (لقد صعبتم الأمر , إنما هو استقاموا على ألا يشركوا بالله شيئا) .
وقال مجاهد وإبراهيم :{ ثم استقاموا } : لم يشركوا.
وقال الزهري قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه :{ ثم استقاموا} : على طاعة الله عز وجل , ولم يروغوا روغان الثعلب .
وروى معمر , عن قتادة:{ ثم استقاموا }, قال: على طاعة الله.
قال أبو جعفر : في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «استقيموا , ولن تحصوا» : أي: استقيموا على أمر الله , وطاعته.
ثم قال جل وعز: {تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا}
قال مجاهد : تتنزل عليهم الملائكة عند الموت أن لا تخافوا ولا تحزنوا.
روى سفيان , عن زيد بن اسلم قال: (لا تخافوا ما أمامكم من العذاب , ولا تحزنوا على ما خلفكم من عيالكم وضيعتكم, فقد خلفتم فيها بخير) .
وفي قراءة ابن مسعود:{ تتنزل عليهم الملائكة لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون }
قال زيد بن اسلم: (يقال لهم هذا عند الموت).).[معاني القرآن: 6/265-267]
تفسير قوله تعالى: {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({نزلاً مّن غفورٍ رّحيمٍ}, وقال: {نزلاً} لأنه شغل {لكم} بـ {ما تشتهي أنفسكم} حتى صارت بمنزلة الفاعل , وهو معرفة , وقوله: {نزلاً} ينتصب على "نزّلنا نزلا" نحو قوله: {رحمةً مّن رّبّك}). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({نزلًا من غفورٍ رحيمٍ}:أي: رزقا.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {نزلا من غفور رحيم (32)} : معناه : وأبشروا بالجنة تنزلونها نزلا.
قال أبو الحسن الأخفش: {نزلا} منصوب من وجهين:
-أحدهما: أن يكون منصوبا على المصدر، على معنى : لكم فيها ما تشتهي أنفسكم أنزلناه نزلا.
- ويجوز أن يكون منصوبا على الحال , على معنى : لكم فيها ما تشتهي أنفسكم منزلا نزلا، كما تقول : جاء زيد مشيا , في معنى : جاء زيد ماشيا.). [معاني القرآن: 4/385-386]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نُزُلًا}: أي رزقاً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]
تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى اللّه وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين (33)}
{ومن أحسن قولا} : منصوب على التفسير , كما تقول : زيد أحسن منك وجها، وجاء في التفسير : أنه يعنى به محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه دعا إلى توحيد اللّه، وجاء أيضا في التفسير , عن عائشة وغيرها: أنها نزلت في المؤذنين.). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا}
في معناه ثلاثة أقوال:
- فمذهب الحسن: أنها عامة لجميع المؤمنين .
- وروى هشيم , عن عوف, عن ابن سيرين في قوله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} , قال : ذلك النبي صلى الله عليه وسلم , أي: دعا إلى توحيد الله .
- وقال محمد بن نافع : قالت عائشة : (نزلت في المؤذنين {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا})) [معاني القرآن: 6/267-268]
تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ كأنّه وليٌّ حميم }: الحميم القريب). [مجاز القرآن: 2/197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميمٌ} , وقال: {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة} , وقد يجوز؛ لأنك تقول: "لا يستوي عبد الله ولا زيدٌ" إذا أردت: لا يستوي عبد الله وزيدٌ" لأنهما جميعاً لا يستويان. وإن شئت قلت : أن الثانية زائدة تريد: لا يستوي عبد الله وزيدٌ.
فزيدت لا توكيدا كما قال: {لّئلاّ يعلم أهل الكتاب} : أي: لأن يعلم, وكما قال: {لا أقسم بيوم القيامة}). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ولي حميم}: الحميم القريب). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم (34)}
و" لا " زائدة مؤكدة، المعنى لا تستوي والسيئة.
{ادفع بالّتي هي أحسن} : معناه : ادفع السيئة بالتي هي أحسن.
{كأنّه وليّ حميم} : الحميم القريب). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} : لا زائدة للتوكيد .
ثم قال جل وعز: {ادفع بالتي هي أحسن}
قال عطاء , ومجاهد : تقول إذا لقيته : سلام عليكم .
ويروى , عن ابن عباس في قوله: {ادفع بالتي هي أحسن}
قال: (هما الرجلان متقاولان , فيقول أحدهما لصاحبه: يا صاحب كذا وكذا , فيقول له الآخر : إن كنت صادقا علي فغفر الله لي , وإن كنت كاذبا فغفر الله لك) .
وحدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا أبو صالح , عن معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس:{ ادفع بالتي هي أحسن }, قال: (أمر الله جل وعز المؤمنين بالصبر عند الغضب , والحلم , والعفو عند الإساءة, فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان , وخضع لهم عدوهم , كأنه ولي حميم)). [معاني القرآن: 6/268-269]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَمِيمٌ} : القريب).[العمدة في غريب القرآن: 264]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما يلقّاها إلاّ الّذين صبروا...}.
يريد ما يلقّى دفع السيئة بالحسنة إلاّ من هو صابر، أو ذو حظ عظيم، فأنّثها لتأنيث الكلمة، ولو أراد الكلام فذكر , كان صوابا). [معاني القرآن: 3/18]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يلقّاها إلّا الّذين صبروا وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم (35)}
أي: ما يلقى مجازاة هذا , أي: وما يلقى هذه الفعلة {إلّا الّذين صبروا}: أي: إلّا الّذين يكظمون الغيظ.
{وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم} : الحظ ههنا الجنّة، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
ومعنى :{ذو حظّ عظيم} , أي: حظّ عظيم في الخير.). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}
قال: يقول الذين أعد الله لهم الجنة .
روى معمر , عن قتادة :{كأنه ولي حميم }, قال: قريب.
ثم قال جل وعز: {وما يلقاها إلا الذين صبروا}
أي :وما يلقى هذه الفعلة غلا الذين يكظمون الغيظ , وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم , أي: من الخير .
وروى معمر, عن قتادة قال :الحظ العظيم: الجنة). [معاني القرآن: 6/270]
تفسير قوله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ...}.
يقول: يصدنّك عن أمرنا إياك , يدفع بالحسنة السيئة , فاستعذ بالله , تعّوذ به.). [معاني القرآن: 3/18]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغ فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع العليم (36)}
يقول: إن نزغك من الشيطان ما يصرفك به عن الاحتمال , فاستعذ باللّه من شرّه , وامض على حلمك.). [معاني القرآن: 4/387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله}
أي: إن عرض لك الشيطان ليصدك عن الحلم , فاستعذ بالله منه , واحلم). [معاني القرآن: 6/270-271]