العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 11:04 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من يوم الجمعة...}.خفضها الأعمش فقال: الجمعة، وثقلها عاصم وأهل الحجاز، وفيها لغة: جمعة، وهي لغة لبني عقيل لو قرئ بها كان صوابا. والذين قالوا: {الجمعة}: ذهبوا بها إلى صفة اليوم أنه يوم جمعة؛ كما تقول: رجل ضحكة للذي يكثر الضحك.
وقوله: {فاسعوا إلى ذكر اللّه...} وفي قراءة عبد الله: (فامضوا إلى ذكر الله)، والمضي والسعي والذهاب في معنى واحد؛ لأنك تقول للرجل: هو يسعى في الأرض يبتغي من فضل الله، وليس هذا باشتداد.
وقد قال بعض الأئمة: لو قرأتها: "فاسعوا" لاشتددت يقول: لأسرعت، والعرب تجعل السعي أسرع من المضي، والقول فيها القول الأول.
وقوله تبارك وتعالى: {وذروا البيع...} إذا أمر بترك البيع فقد أمر بترك الشراء؛ لأن المشتري والبيّع يقع عليهما البيّعان، فإذا أذن المؤذن من يوم الجمعة حرم البيع والشراء). [معاني القرآن: 3/156-157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فاسعوا إلى ذكر اللّه} أجيبوا وليس من العدو). [مجاز القرآن: 2/258]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خيرٌ لّكم إن كنتم تعلمون}، وقال: {من يوم الجمعة} يقول - والله أعلم - من صلاة يوم الجمعة. [معاني القرآن: 4/30]
وقال بعض النحويين لا يكون لـ"الأسفار" واحد كنحو "أبابيل" و"أساطير"، ونحو قول العرب: "ثوبٌ أكباشٌ" وهو الرديء الغزل، و"ثوبٌ مزقٌ" للمتمزّق). [معاني القرآن: 4/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فاسعوا إلى ذكر الله}: أجيبوا. ليس من العدو). [غريب القرآن وتفسيره: 377]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({فاسعوا إلى ذكر اللّه}: بادروا بالنية والجد. ولم يرد العدو، ولا الإسراع في المشي).
[تفسير غريب القرآن: 465]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أي امشوا.
وقرأ بعض السلف: (فامضوا إلى ذكر الله)). [تأويل مشكل القرآن: 509]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} وقرئت (الجمعة) -بإسكان الميم- ويجوز في اللغة (الجمعة) -بفتح الميم- ولا ينبغي أن يقرأ بها إلا أن تثبت بها رواية عن إمام من القرّاء.فمن قرأ الجمعة فهو تخفيف الجمعة، لثقل الضمّتين.
ومن قال في غير القراءة الجمعة، فمعناه التي تجمع النّاس، كما تقول رجل لعنة، أي يكثر لعن الناس، ورجل ضحكة، يكثر الضّحك.
وقوله: {فاسعوا إلى ذكر اللّه} معناه فاقصدوا إلى ذكر اللّه، وليس معناه العدو.
وقرأ ابن مسعود: (فامضوا إلى ذكر اللّه) وقال: لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي. وكذلك قرأ أبيّ بن كعب: (فامضوا). وقد رويت عن عمر بن الخطاب.
ولكن اتباع المصحف أولى، ولو كانت عند عمر " فامضوا " لا غير، لغيرها في المصحف.
والدليل على أن معنى السّعي التصرف في كل عمل قول اللّه عز وجل: {وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى * وأنّ سعيه سوف يرى} فلا اختلاف في أن معناه: وأن ليس للإنسان إلّا ما عمل.
وقوله عزّ وجلّ: {وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} فالبيع من وقت الزوال في يوم الجمعة إلى انقضاء الصلاة كالمحرّم). [معاني القرآن: 5/171-172]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَاسْعَوْا}: أجيبوا الداعي). [العمدة في غريب القرآن: 305]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه...} هذا: إذنٌ، وإباحةٌ، من شاء باع، ومن شاء لزم المسجد). [معاني القرآن: 3/157]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فإذا قضيت الصّلاة} أي فرغ منها). [تفسير غريب القرآن: 466]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً}، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}). [تأويل مشكل القرآن: 280](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه واذكروا اللّه كثيرا لعلّكم تفلحون} هذا معناه الإباحة، ليس معناه إذا انقضت الصلاة وجب أن يتجر الإنسان كما قال: {وإذا حللتم فاصطادوا} فليس على من حلّ من إحرام أن يصطاد إنما هو مباح له، مثل ذلك قوله في الكلام: إذا حضرتني فلا تنطق وإذا غبت عني فتكلم بما شئت، إنّما معناه الإباحة.
وقوله: (فتمنّوا الموت) بضم الواو لسكونها وسكون اللام. واختير الضم مع الواو، لأن الواو ههنا أصل حركتها الرفع؛ لأنها تنوب عن أسماء مرفوعة.
وقد قرئت (فتمنو الموت) بكسر الواو لالتقاء السّاكنين، إذا التقيا من كلمتين كسر الأول منهما كما تقول: قل الحق فتكسر اللام لسكون لام الحق). [معاني القرآن: 5/172]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضّوا إليها...} فجعل الهاء للتجارة دون اللهو، وفي قراءة عبد الله: (وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفضوا إليها).
وذكروا أن النبي صلى الله [عليه] كان يخطب يوم الجمعة، فقد دحية الكلبي بتجارة من الشام فيها كل ما يحتاج إليه الناس، فضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه؛ فخرج جميع الناس إليه إلاّ ثمانية نفر، فأنزل الله عز وجل: {وإذا رأوا تجارةً} يعني: التجارة التي قدم بها، {أو لهواً}: يعني: الضرب بالطبل. ولو قيل: انفضوا إليه، يريد: اللهو كان صوابا، كما قال: {ومن يكسب خطيئةً أو إثماً ثمّ يرم به بريئاً} ولم يقل: بها. ولو قيل: بهما، وانفضوا إليهما كما قال: {إن يكن غنيّاً أو فقيراً فالله أولى بهما}، كان صوابا وأجود من ذلك في العربية أن تجعل الراجع من الذكر للآخر من الاسمين وما بعد ذا فهو جائز. وإنما اختير في انفضوا إليها - في قراءتنا وقراءة عبد الله؛ لأن التجارة كانت أهم إليهم، وهم بها أسرّ منهم بضرب الطبل؛ لأن الطبل إنما دل عليها، فالمعنى كله لها). [معاني القرآن: 3/157]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضّوا إليها} مجازها: إذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهواً قال الشاعر:
من كان يسعى في تفّرق فالجٍ = فلبونه جربت معاً وأغدّت). [مجاز القرآن: 2/258]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإذا رأوا تجارةً أو لهواً} يقال: «قدم دحية الكلبي - رضي اللّه عنه - بتجارة له من الشام، فضرب بالطبل: ليؤذن الناس بقدومه».{انفضّوا إليها} أي تفرّقوا عنك إليها. وقال (إليها)، ولو قال: «إليهما» أو «إليه»، لكان جائزا.{وتركوك قائماً} تخطب. يقال: «إن الناس خرجوا إلا ثمانية نفر» ). [تفسير غريب القرآن: 466]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان فيجعل الفعل لأحدهما، أو تنسبه إلى أحدهما وهو لهما:
كقوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}). [تأويل مشكل القرآن: 288](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضّوا إليها وتركوك قائما قل ما عند اللّه خير من اللّهو ومن التّجارة واللّه خير الرّازقين} ولم يقل إليهما، ويجوز من الكلام، وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليه انفضوا إليها، وانفضوا إليهما فحذف خبر أحدهما لأن الخبر الثاني يدل على الخبر المحذوف والمعنى إذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهوا انفضوا إليه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خطبته فجاءت إبل لدحية بن خليفة الكلبي وعليها زيت فانفضوا ينظرون إليها وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وبقي النبي عليه السلام مع اثني عشر رجلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لحق آخرهم أوّلهم لالتهب الوادي نارا.فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة، وأعلم النبي عليه السلام غليظ ما في التولي عن الإمام إذا كان يخطب يوم الجمعة.واللّهو ههنا قيل الطّبل، وهو -واللّه أعلم- كل ما يلهى به.
{واللّه خير الرّازقين} أي ليس يفوتهم من أرزاقهم لتخلفهم عن النظر إلى الميرة شيء من رزق ولا بتركهم البيع في وقت الصلاة والخطبة). [معاني القرآن: 5/172-173]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 11:07 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) )
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وأمّا أسماء الأيّام فالسّبت والأحد والاثنان والثلاثاء والأربَعاء، والأربِعاء بالكسر، والخميس والجمعة). [الأزمنة: 34]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والجُمعة، بتسكين الميم وتحريكها، فمن سكَّن وجمع قال: جُمَع ومن حرَّك قال: جُمُعات. يقال: هذا يوم الجُمْعة والجُمُعة. وقد قرئ بهما جميعا. والجَمع: جُمُعات وجُمَع). [الأيام والليالي: 34]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:05 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه واذكروا اللّه كثيراً لعلّكم تفلحون (10) وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضّوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند اللّه خيرٌ من اللّهو ومن التّجارة واللّه خير الرّازقين (11)
«النداء بالجمعة» هو في ناحية من المسجد، وكان على الجدار في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال السائب بن يزيد: كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن واحد على باب المسجد، وفي مصنف أبي داود: كان بين يديه وهو على منبر أذان، وهو الذي استعمل بنو أمية، وبقي بقرطبة إلى الآن، ثم زاد عثمان النداء على الزوراء ليسمع الناس، فقوم عبروا عن زيادة عثمان بالثاني، كأنهم لم يعتدوا الذي كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقوم عبروا عنه بالثالث، وقرأ الأعمش وابن الزبير: «الجمعة» بإسكان الميم وهي لغة، والمأمور بالسعي هو المؤمن الصحيح البالغ الحر الذكر، ولا جمعة على مسافر في طاعة، فإن حضرها أحسن، وأجزأته.
واختلف الناس في الحد الذي يلزم منه السعي، فقال مالك: ثلاثة أميال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: من منزل الساعي إلى المنادي، وقال فريق: من منزل الساعي إلى أول المدينة التي فيها النداء، وقال أصحاب الرأي: يلزم أهل المدينة كلها السعي من سمع النداء ومن لم يسمع، وإن كانت أقطارها فوق ثلاثة أميال. قال أبو حنيفة: ولا من منزله خارج المدينة كزرارة من الكوفة، وإنما بينهما مجرى نهر، ولا يجوز لهم إقامتها لأن من شروطها الجامع والسلطان القاهر، والسوق القائمة، وقال بعض أهل العلم: يلزم السعي من خمسة أميال، وقال الزهري: من ستة أميال، وقال أيضا: من أربعةأميال وقاله ابن المنكدر، وقال ابن عمر وابن المسيب وابن حنبل: إنما يلزم السعي من سمع النداء، وفي هذا نظر. والسعي في الآية: ليس الإسراع في المشي كالسعي بين الصفا والمروة، وإنما هو بمعنى قوله: وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى [النجم: 39]، فالقيام والوضوء ولبس الثوب والمشي سعي كله إلى ذكر الله تعالى، قال الحسن وقتادة ومالك وغيرهم: إنما تؤتى الصلاة بالسكينة، فالسعي هو بالنية والإرادة، والعمل والذكر هو وعظ الخطبة قاله ابن المسيب، ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة على باب المسجد يوم الجمعة يكتبون الأول فالأول إذا خرج الإمام طويت الصحف وجلست الملائكة يستمعون الذكر»، والخطبة عند جمهور العلماء شرط في انعقاد الجمعة، وقال الحسن: وهي مستحبة، وقرأ عمر بن الخطاب، وعلي وأبي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير، وجماعة من التابعين: «فامضوا إلى ذكر الله»، وقال ابن مسعود: لو قرأت «فاسعوا» لأسرعت حتى يقع ردائي.
واختلف الناس في: «البيع» في الوقت المنهي عنه إذا وقع ما الحكم فيه بعد إجماعهم على وجوب امتناعه بدءا، فقال الشافعي: يمضي، وقال مرة: يفسخ ما لم يفت فإن فات صح بالقيمة، واختلف في وقت التقويم، فقيل: وقت القبض، وقيل: وقت الحكم، وقوله تعالى: ذلكم إشارة إلى السعي وترك البيع). [المحرر الوجيز: 8/ 302-304]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: فانتشروا أجمع الناس على أن مقتضى هذا الأمر الإباحة، وكذلك قوله تعالى:وابتغوا من فضل اللّه أنه الإباحة في طلب المعاش، وأن ذلك مثل قوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا [المائدة: 2] إلا ما روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذلك الفضل المبتغى هو عيادة مريض أو صلة صديق أو اتباع جنازة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا ينبغي أن يكون المرء بقية يوم الجمعة، ويكون تخيره صبح يوم السبت، قاله جعفر بن محمد الصادق، وقال مكحول: الفضل المبتغي العلم، فينبغي أن يطلب إثر الجمعة). [المحرر الوجيز: 8/ 304-305]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وإذا رأوا تجارةً أو لهواً الآية نزلت بسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قائما على المنبر يخطب يوم الجمعة، فأقبلت عير من الشام تحمل ميرة وصاحب أمرها دحية بن خليفة الكلبي، قال مجاهد: وكان من عرفهم أن يدخل عير الميرة بالطبل والمعازف والصياح سرورا بها، فدخلت العير بمثل ذلك، فانفض أهل المسجد إلى رؤية ذلك وسماعه وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر ولم يبق معه غير اثني عشر رجلا. قال جابر بن عبد الله: أنا أحدهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولم تمر بي تسميتهم في ديوان فيما أذكر الآن، إلا إني سمعت أبي رضي الله عنه يقول: هم العشرة المشهود لهم بالجنة، واختلف في الحادي عشر، فقيل: عمار بن ياسر، وقيل:عبد الله بن مسعود، وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي: بقي معه ثمانية نفر، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا هؤلاء لقد كانت الحجارة سومت على المنفضين من السماء»، وفي حديث آخر: «والذي نفس محمد بيده، ولو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد، أسال عليكم الوادي نارا». وقال قتادة:بلغنا أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات، لأن قدوم العير كان يوافق يوم الجمعة يشبه أن المراحل كانت تعطيذلك. وقال تعالى: إليها ولم يقل إليهما تقديما للأهم، إذ كانت هي سبب اللهو ولم يكن اللهو سببها، وفي مصحف ابن مسعود: «ومن التجارة للذين اتقوا والله خير الرازقين». وتأمل إن قدمت التجارة مع الرؤية لأنها أهم وأخرت مع التفضيل لتقع النفس أولا على الأبين، وهذه الآية، قيام الخطيب، وأول من استراح في الخطبة عثمان، وأول من جلس معاوية وخطب جالسا، والرازق صفة فعل، وقد يتصف بها بعض البشر تجوزا إذا كان سبب رزق الحيوان، واللّه تعالى خير الرّازقين). [المحرر الوجيز: 8/ 305-306]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه واذكروا اللّه كثيرًا لعلّكم تفلحون (10) وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند اللّه خيرٌ من اللّهو ومن التّجارة واللّه خير الرّازقين (11)}
إنّما سمّيت الجمعة جمعةً؛ لأنّها مشتقّةٌ من الجمع، فإنّ أهل الإسلام يجتمعون فيه في كلّ أسبوعٍ مرّةً بالمعابد الكبار وفيه كمل جميع الخلائق، فإنّه اليوم السّادس من الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض. وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها. وفيه تقوم السّاعة. وفيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يسأل اللّه فيها خيرًا إلّا أعطاه إيّاه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصّحاح
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا عبيدة بن حميد، عن منصورٍ، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن قرثع الضّبّيّ، حدّثنا سلمان قال: قال أبو القاسم صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا سلمان، ما يوم الجمعة؟ ". قلت: اللّه ورسوله أعلم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يومٌ جمع فيه أبواك -أو أبوكم"
وقد روي عن أبي هريرة، من كلامه، نحو هذا، فاللّه أعلم.
وقد كان يقال له في اللّغة القديمة يوم العروبة. وثبت أنّ الأمم قبلنا أمروا به فضلّوا عنه، واختار اليهود يوم السّبت الّذي لم يقع فيه خلقٌ واختار النّصارى يوم الأحد الّذي ابتدئ فيه الخلق، واختار اللّه لهذه الأمّة [يوم] الجمعة الّذي أكمل اللّه فيه الخليقة، كما أخرجه البخاريّ ومسلمٌ من حديث عبد الرّزّاق، عن معمر، عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة، بيد أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا. ثمّ هذا يومهم الّذي فرض اللّه عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا اللّه له، فالنّاس لنا فيه تبعٌ، اليهود غدًا، والنّصارى بعد غدٍ" لفظ البخاري.
وفي لفظٍ لمسلمٍ: "أضلّ اللّه من كان قبلنا فكان لليهود يوم السّبت، وكان للنّصارى يوم الأحد. فجاء اللّه بنا فهدانا اللّه ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسّبت والأحد، وكذلك هم تبعٌ لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدّنيا، والأوّلون يوم القيامة، المقضيّ بينهم قبل الخلائق".
وقد أمر اللّه المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه} أي: اقصدوا واعمدوا واهتمّوا في مسيركم إليها، وليس المراد بالسعي هاهنا المشي السّريع، وإنّما هو الاهتمام بها، كقوله تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ} [الإسراء: 19] وكان عمر بن الخطّاب وابن مسعودٍ رضي اللّه عنهما يقرآنها: "فامضوا إلى ذكر اللّه". فأمّا المشي السّريع إلى الصّلاة فقد نهي عنه، لما أخرجاه في الصّحيحين، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصّلاة، وعليكم السّكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا". لفظ البخاريّ
وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذ سمع جلبة رجالٍ، فلمّا صلّى قال: "ما شأنكم؟ ". قالوا: استعجلنا إلى الصّلاة. قال: "فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصّلاة فامشوا وعليكم بالسّكينة فما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فأتمّوا". أخرجاه
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصّلاة فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها تمشون، وعليكم السّكينة والوقار، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا".
رواه التّرمذيّ، من حديث عبد الرّزّاق كذلك وأخرجه من طريق يزيد بن زريع، عن معمرٌ، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بمثله
قال الحسن أما واللّه ما هو بالسّعي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصّلاة إلّا وعليهم السّكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنّيّة والخشوع.
وقال قتادة في قوله: {فاسعوا إلى ذكر اللّه} يعني: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها، وكان يتأول قوله تعالى: {فلمّا بلغ معه السّعي} [الصّافّات: 102] أي: المشي معه. روي عن محمّد بن كعبٍ، وزيد بن أسلم، وغيرهما نحو ذلك.
ويستحب لمن جاء الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها، لما ثبت في الصّحيحين عن عبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"
ولهما عن أبي سعيدٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "غسل يوم الجمعة واجبٌ على كلّ محتلم"
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "حقٌّ للّه على كلّ مسلمٍ أن يغتسل في كلّ سبعة أيّامٍ، يغسل رأسه وجسده". رواه مسلمٌ
وعن جابرٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "على كلّ رجلٍ مسلمٍ في كلّ سبعة أيّامٍ غسل يومٍ، وهو يوم الجمعة". رواه أحمد، والنّسائيّ، وابن حبّان
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا ابن المبارك، عن الأوزاعيّ، عن حسّان بن عطيّة، عن أبي الأشعث الصّنعانيّ، عن أوس بن أوسٍ الثّقفيّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "من غسّل واغتسل يوم الجمعة، وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكلّ خطوة أجر سنة، صيامها وقيامها".
وهذا الحديث له طرقٌ وألفاظٌ، وقد أخرجه أهل السّنن الأربعة وحسّنه التّرمذيّ
وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنةً، ومن راح في السّاعة الثّانية فكأنّما قرّب بقرةً، ومن راح في السّاعة الثّالثة فكأنّما قرّب كبشًا أقرن، ومن راح في السّاعة الرّابعة فكأنّما قرّب دجاجةً، ومن راح في السّاعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر" أخرجاه
ويستحبّ له أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيّب ويتسوّك، ويتنظّف ويتطهّر. وفي حديث أبي سعيدٍ المتقدّم: "غسل يوم الجمعة واجبٌ على كلّ محتلمٍ، والسواك، وأن يمس من طيب أهله".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني محمّد بن إبراهيم التّيميّ، عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله -إن كان عنده-ولبس من أحسن ثيابه، ثمّ خرج حتّى يأتي المسجد فيركع -إن بدا له-ولم يؤذ أحدًا، ثمّ أنصت إذا خرج إمامه حتّى يصلّي، كانت كفّارةً لما بينها وبين الجمعة الأخرى"
وفي سنن أبي داود وابن ماجه، عن عبد اللّه بن سلامٍ، رضي اللّه عنه، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول على المنبر: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته"
وعن عائشة رضي اللّه عنها: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطب النّاس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النّمار، فقال: "ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتّخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مهنته". رواه ابن ماجه
وقوله تعالى: {إذا نودي للصّلاة} المراد بهذا النّداء هو النّداء الثّاني الّذي كان يفعل بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خرج فجلس على المنبر، فإنّه كان حينئذٍ يؤذّن بين يديه، فهذا هو المراد، فأمّا النّداء الأوّل الّذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، فإنّما كان هذا لكثرة النّاس، كما رواه البخاريّ رحمه اللّه حيث قال: حدّثنا آدم -هو ابن أبي إياسٍ-حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ، عن السّائب بن يزيد قال: كان النّداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبي بكرٍ وعمر، فلمّا كان عثمان [بعد زمنٍ] وكثر النّاس، زاد النّداء الثّاني على الزّوراء يعني: يؤذّن به على الدّار الّتي تسمّى بالزّوراء، وكانت أرفع دارٍ بالمدينة، بقرب المسجد.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا محمّد بن راشدٍ المكحوليّ، عن مكحولٍ: أنّ النّداء كان في يوم الجمعة مؤذّنٌ واحدٌ حين يخرج الإمام، ثمّ تقام الصّلاة، وذلك النّداء الّذي يحرم عنده البيع الشراء إذا نودي به، فأمر عثمان، رضي اللّه عنه، أن ينادى قبل خروج الإمام حتّى يجتمع النّاس.
وإنّما يؤمر بحضور الجمعة [الرّجال] الأحرار دون النّساء والعبيد والصّبيان، ويعذر المسافر والمريض، وقيّم المريض، وما أشبه ذلك من الأعذار، كما هو مقرّرٌ في كتب الفروع.
وقوله: {وذروا البيع} أي: اسعوا إلى ذكر اللّه واتركوا البيع إذا نودي للصّلاة: ولهذا اتّفق العلماء رضي اللّه عنهم على تحريم البيع بعد النّداء الثّاني. واختلفوا: هل يصحّ إذا تعاطاه متعاطٍ أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصّحّة كما هو مقرّرٌ في موضعه، واللّه أعلم.
وقوله: {ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} أي: ترككم البيع وإقبالكم إلى ذكر اللّه وإلى الصّلاة خيرٌ لكم، أي: في الدّنيا والآخرة إن كنتم تعلمون). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 119-122]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فإذا قضيت الصّلاة} أي: فرغ منها، {فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه} لمّا حجر عليهم في التّصرّف بعد النّداء وأمرهم بالاجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل اللّه. كما كان عراك بن مالكٍ رضي اللّه عنه إذا صلّى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللّهمّ إنّي أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني،فارزقني من فضلك، وأنت خير الرّازقين. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وروي عن بعض السّلف أنّه قال: من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصّلاة، بارك اللّه له سبعين مرّةً، لقول اللّه تعالى: {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه}
وقوله: {واذكروا اللّه كثيرًا لعلّكم تفلحون} أي: حال بيعكم وشرائكم، وأخذكم وعطائكم، اذكروا اللّه ذكرًا كثيرًا، ولا تشغلكم الدّنيا عن الّذي ينفعكم في الدّار الآخرة؛ ولهذا جاء في الحديث: "من دخل سوقًا من الأسواق فقال: لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ كتبت له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سيئة"
وقال مجاهدٌ: لا يكون العبد من الذّاكرين اللّه كثيرًا، حتّى يذكر اللّه قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خيرٌ من اللّهو ومن التّجارة والله خير الرّازقين}
يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التّجارة الّتي قدمت المدينة يومئذٍ، فقال تعالى: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها وتركوك قائمًا} أي: على المنبر تخطب. هكذا ذكره غير واحدٍ من التّابعين، منهم: أبو العالية، والحسن، وزيد بن أسلم، وقتادة.
وزعم مقاتل بن حيّان: أنّ التّجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبلٌ، فانصرفوا إليها وتركوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائمًا على المنبر إلّا القليل منهم. وقد صحّ بذلك الخبر، فقال الإمام أحمد:حدّثنا ابن إدريس، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابرٍ قال: قدمت عيرٌ المدينة، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب، فخرج النّاس وبقي اثنا عشر رجلًا فنزلت: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها}
أخرجاه في الصّحيحين، من حديث سالمٍ، به
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا زكريّا بن يحيى، حدّثنا هشيم، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد وأبي سفيان، عن جابر بن عبد اللّه قال: بينما النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة، فقدمت عيرٌ إلى المدينة، فابتدرها أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، حتّى لم يبق مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا اثنا عشر رجلًا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لو تتابعتم حتّى لم يبق منكم أحدٌ، لسال بكم الوادي نارًا" ونزلت هذه الآية: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضّوا إليها وتركوك قائمًا} وقال: كان في الاثني عشر الّذين ثبتوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أبو بكرٍ، وعمر، رضي اللّه عنهما.
وفي قوله: {وتركوك قائمًا} دليلٌ على أنّ الإمام يخطب يوم الجمعة قائمًا. وقد روى مسلمٌ في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: كانت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس.
ولكن هاهنا شيءٌ ينبغي أن يعلم وهو: أنّ هذه القصّة قد قيل: إنّها كانت لمّا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقدّم الصّلاة يوم الجمعة على الخطبة، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل: حدّثنا محمود بن خالدٍ، عن الوليد، أخبرني أبو معاذٍ بكير بن معروف، أنّه سمع مقاتل بن حيّان يقول: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتّى إذا كان يومٌ والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب، وقد صلّى الجمعة، فدخل رجلٌ فقال: إنّ دحية بن خليفة قد قدم بتجارةٍ يعني: فانفضّوا، ولم يبق معه إلّا نفرٌ يسيرٌ.
وقوله: {قل ما عند اللّه} أي: الّذي عند اللّه من الثّواب في الدّار الآخرة {خيرٌ من اللّهو ومن التّجارة واللّه خير الرّازقين} أي: لمن توكّل عليه، وطلب الرّزق في وقته). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 123-124]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة