تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّ قلت إنّما وقعت في الكلام العرب على أن يحكى بها وإنما تحكى بعد القول ما كان كلاماً لا قول نحو قلت زيدٌ منطلقٌ لأنه يحسن أن تقول زيدٌ منطلقٌ ولا تدخل قلت. وما لم يكن هكذا أسقط القول عنه. وتقول قال زيدٌ إنّ عمراً خير الناس. وتصديق ذلك قوله جل ثناؤه: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك} ولولا ذلك لقال أنّ الله). [الكتاب: 1/122]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب إن المكسورة ومواقعها
اعلم أن مكانها في الكلام في أحد ثلاثة مواضع ترجع إلى موضع واحد وهو الابتداء؛ لأنه موضع لا يخلص للاسم دون الفعل.
وإنما تكون المفتوحة في الموضع الذي لا يجوز أن يقع فيه الاسم. وذلك قولك: إن زيداً منطلق، وإن عمراً قائم، لا يكون في هذا الموضع إلا الكسر. فأما قوله: (وأن هذه أمتكم أمةً واحدةً) فإنما المعنى معنى اللام، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمةً واحدة، وأنا ربكم فاعبدون.
وكذلك قوله عند الخليل: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} أي: ولأن.
وأما المفسرون فقالوا: هو على أوحي. وهذا وجهٌ حسن جميل وزعم قوم من النحويين موضع أن خفض في هاتين الآيتين وما أشبههما، وأن اللام مضمره وليس هذا بشيء. واحتجوا بإضمار رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
وليس كما قالوا؛ لأن الواو بدل من رب كما ذكرت لك، والواو في قوله تبارك وتعالى: {وأن المساجد لله} واو عطف. ومحالٌ أن يحذف حرف الخفض ولا يأتي منه بدلٌ.
واحتج هؤلاء بأنك لا تقول: أنك منطلق بلغني أو علمت.
فقيل لهم: هي لا تتقدم إلا مكسورةٌ، وإنما كانت هاهنا بعد الواو منصوبة لأن المعنى معنى اللام؛ كما تقول: جئتك ابتغاء الخير، فتنصب والمعنى معنى اللام، وكذلك قال الشاعر:
وأغفر عوراء الكريم ادخـاره = وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
فإذا قلت: جئتك أنك تحب المعروف فالمعنى معنى اللام، فعلى هذا قدمت، وهذا قد مر. فهذا قول الخليل.
والموضع الآخر للمكسورة: أن تدخل اللام في الخبر. وقد مضى قولنا في هذا، لأن اللام تقطعها مما قبلها، فتكون مبتدأة. فهذا مما ذكرت لك أنها ترجع إلى الابتداء.
والموضع الثالث: أن تقع بعد القول حكايةً فتكون مبتدأة. كما تقول: قال زيد: عمروٌ منطلقٌ، وقلت: الله أكبر. وقد مضى هذا في باب الحكاية.
فعلى هذا تقول: قال زيد: إن عمراً منطلق، وقال عبد الله: إنك خير منه. من ذلك قوله عز وجل: {قال الله إني منزلها عليكم}. وقال: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك} وقال: {قال يا قوم إني لكم نذيرٌ مبين} ). [المقتضب: 2/346-348] (م)
تفسير قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب حروف العطف بمعانيها
فمنها الواو. ومعناها: إشراك الثاني فيما دخل فيه الأوّل؛ وليس فيها دليل على أيّهما كان أوّلاً؛ نحو قولك: جاءني زيد وعمرو، ومررت بالكوفة والبصرة. فجائز أن تكون البصرة أوّلاً، كما قال الله عزّ وجلّ: {واسجدي واركعي مع الرّاكعين} والسجود بعد الركوع). [المقتضب: 1/148]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال حسان بن ثابت:
مازال في الإسلام من آل هاشم = دعائم عز لا ترام ومفخر
بهاليل منهم جعفر وابن أمه = عليّ ومنهم أحمد المتخيّر
فقال: منهم كما قال من نفره، من النفر الذين العباس هذا الممدوح منهم.
وأما قول حسّان: منهم جعفر وابن أبن أمه عليّ ومنهم أحمد المتحيز فإن، العرب إذا كان العطف بالواو قدمت وأخرت، قال الله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}، وقال: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ}، وقال: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}، ولو كان بثم أو بالفاء لم يصلح إلا تقديم المقدم، ثم الذي يليه واحدًا: أحدا). [الكامل: 2/529] (م)
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) }
تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: المسائح الشعر والواحدة مسيحة والمسيح العرق. والمسيح القطعة من الفضة. غيره: المسيح الصديق: وبه قيل لعيسى ابن مريم مسيح). [الغريب المصنف: 3/970]
تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال سحيم بن وثيل الرياحي:
أخو خمسين مجتمع أشدي = ونجذني مداورة الشؤون
يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل). [خلق الإنسان: 161]
تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن سألت امرأة عن رجل قلت: كيف ذاك الرجل? تكسر الكاف؛ لأنها لمؤنث. قال الله عز وجل: {قال كذلك الله يخلق ما يشاء} ). [المقتضب: 3/275]
تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) }
تفسير قوله تعالى: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (والأكمَهُ: الأعمى، ويقال للذاهب العَقْلِ: إنَّه لأكمهُ). [كتاب الجيم: 3/150]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال غيره: الأكمه من الأضداد. يقال: أكمه
للذي تلده أمه أعمى. قال الله عز وجل: {وأبرئ الأكمه والأبرص}، فقال أبو عبيدة: الأكمه: الذي يولد أعمى، وأنشد لرؤبة:
هرجت فارتد ارتداد الأكمه = في غائلات الحائر المتهته
وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: الأكمه: الذي يبصر بالنهار، ولا يبصر بالليل.
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: {وأبرئ الأكمه}، قال: الأعمش.
ويقال إن قتادة بن دعامة كان أكمه، ولدته أمه أعمى، ويقال: الأكمه: الأعمى وإن ولد بصيرا فحدث به العمى، وقد كمه الرجل إذا عمي، قال الشاعر:
كمهت عيناه حتى ابيضتا = فهو يلحى نفسه لما نزع).
[كتاب الأضداد: 377-378]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( كمهت عيناه حتى ابيضتا = فهو يلحى نفسه لما نزع
الأكمه: الذي يولد أعمى، يلحى يلوم ولحيته ولحوته من قشر لحاء العود وكذا رواها التوزي ويروى كمهت عينيه أي عمتهما). [شرح المفضليات: 405]
تفسير قوله تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) }
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) }
تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): ( ولقد يحل بها الجميع وفيهم = حور العيون كأنهن صوار
...
حور العيون البقر وإنما قال حور العيون لشدة بياضها وإنما سمي الحواري حواري لشدة بياضه وكذلك الحور لشدة بياضها وشدة سواد الأشفار والحدقة وذلك مما يشتد به بياضها وإنما سمي الحواريون مع عيسى ابن مريم عليهما السلام لشدة بياض ثيابهم ويقال إنهم كانوا قصارين). [نقائض جرير والفرزدق: 867] (م)
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): ( حور العيون يمسن غير حوادف = هز الجنوب نواعم العيدان
قال الحور العيون من النساء ما كان بياض العين أكثر من السواد ومنه سميت الحوراء حوراء لذلك ومنه سمي الحواري من الدقيق والحواريون أصحاب عيسى عليه السلام لبياض ثيابهم ويقال أنهم كانوا قصارين). [نقائض جرير والفرزدق: 890] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأموي: الأحورار البياض وأنشدنا:
يا ورد إني سأموت مره
فمن حليف الجفنة المحوره
يعني المبيضة بالسنام، وقال الفرزدق:
فقلت إن الحواريات معطبة = إذا تقتلن من تحت الجلابيب
غيرهم: إنما سموا الحواريين من البياض وكانوا قصارين). [الغريب المصنف: 3/979]
تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) }
تفسير قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم = فتخرموا ولكل جنب مصرع
...
«ولكل جنب مصرع». وقال الأصمعي والأخفش: هذا مثل قولهم: (الجزاء بالجزاء) فالأخير جزاء، والأول ليس بجزاء، فأجرى الأول على الثاني. والمعنى أنه لما قال: (سبقوا هواي وأعنقوا لهواهم)، كأنهم جازوني بهواي، وإن كنت لم أجازهم، لأن المبتدئ فعلا لم يجاز، وإنما يجازى الثاني، فأجراه عليه، ومثله: {ومكروا ومكر الله}، والله لا يمكر، ولكنه لما قال: (مكروا)، جرى اللفظ على الأول). [شرح أشعار الهذليين: 1/7]
تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) }
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) }
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) }
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) }
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ}: أي إن مثل آدم أعجب؛ لأن آدم جاء من غير نفس، وعيسى قد جاء من نفس). [مجالس ثعلب: 325]
تفسير قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) }
تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث ابن عباس: «من شاء باهلته أن الله لم يذكر في كتابه جدا وإنما هو أب». وفي حديث آخر: «من شاء باهلته أن الظهار ليس من الأمة، إنما قال الله عز وجل: {والذين يظهرون من نسائهم}.
حدثنيه ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة.
قال ابن علية: وهو يشبه كلام ابن عباس، ولكن هكذا قال أيوب لم يجز به ابن أبي مليكة.
قوله: باهلته، من الابتهال وهو الدعاء، قال الله تبارك وتعالى: {ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين} وقال لبيد:
في قروم سادة من قومهم = نظر الدهر إليهم فابتهل
يقول: دعا عليهم بالموت ومنه قيل: بهلة الله عليه: أي لعنة الله عليه،
قال: وهما لغتان: بَهلة الله عليه وبُهلة الله عليه). [غريب الحديث: 5/261-262]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) }
تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) }
تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: الآساس واحدها أس، وتقديرها فعل وأفعال وقد يقال للواحد: أساس، وجمعه أسس.
والبهلول: الضحاك.
وقوله:
بعد ميل من الزمان ويأس
يقال: فيك ميل علينا، وفي الحائط ميل، وكذلك كل منتصب.
وقوله: واقطعن كل رقلة، الرقلة: النخلة الطويلة، ويقال إذا وصف الرجل بالطول: كأنه رقلة.
والأواسي، ياؤه مشددة في الأصل وتخفيفها يجوز، ولو لم يجز في الكلام لجاز في الشعر؛ لأن القافية تقتطعه، وكل مثقل فتخفيفه في القوافي جائز، كقوله:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر = ومن الحب جنون مستعر
وواحدها أسية وهي أصل البناء بمنزلة الأساس.
وقوله: وغاظ سوائي تقول: ما عندي رجل سوى زيد، فتقصر إذا كسرت أوله، فإذا فتحت أوله على هذا المعنى مددت، قال الأعشى:
تجانف عن جو اليمامة، ناقتي = وما قصدت من أهلها لسوائكا
والسواء ممدود في كل موضع وإن اختلفت معانيه، فهذا واحد منه، والسواء: الوسط، ومنه قوله عز وجل: {فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}, وقال:
يا ويح أنصار النبي ورهطه = بعد المغيب في سواء الملحد
والسواء: العدل والاستواء، ومنه قوله عز وجل: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}، ومن ذلك: عمرو وزيد سواء، والسواء: التمام، يقال: هذا درهم سواء، وأصله من الأول، وقوله عز وجل: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}، معناه تمامًا. ومن قرأ: (سَواءٍ) فإنما وضعه في موضع مستويات). [الكامل: 3/1368-1369] (م)
تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) }
تفسير قوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) }
تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) }
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) }
تفسير قوله تعالى: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) }
تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) }
تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) }
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) }
تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) }
تفسير قوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) }
تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن حكيم بن حزام قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ألا أخر إلا قائما....
...
وقوله: إلا قائما، إلا ثابتا على الإسلام وكل من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه، قال الله تبارك وتعالى: {ليسوا سواء من أهل الكتب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون} وإنما هذا من المواظبة على الدين والقيام به.
وقال الله عز وجل: {ومن أهل الكتب من إن تأمنه بقنطار لا يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما}.
حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في
قوله: إلا ما دمت عليه قائما، قال مواكظا، أي مداوما.
ومنه قيل -في الكلام- للخليفة: هو القائم بالأمر، وكذلك فلان قائم بكذا وكذا إذا كان حافظا له متمسكا به وفي بعض الحديث أنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أبايعك على ألا أخر إلا قائما، فقال: أما من قبلنا فلن تخر إلا قائما أي: لسنا ندعوك ولا نبايعك إلا قائما أي على الحق). [غريب الحديث: 4/92-94] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمرو بن العاص أن ابن الصعبة ترك مائة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير ذهب وفضة.
...
والقناطير: واحدها
قنطار وقد اختلف الناس في القنطار، فيروى عن معاذ أنه قال: ألف ومائتا أوقية، وعن غيره أنه قال: سبعون ألف دينار، وبعضهم يقول: ملء مسك ثور ذهبا). [غريب الحديث: 5/185-186] (م)
تفسير قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "وإن عاهدوا أوفوا" أوفى، أحسن اللغتين، يقال وفى وأوفى. قال الشاعر – فجمع بين اللغتين:
أما ابن بيض فقد أوفى بذمته = كما وفى بقلاص النجم حاديها
وفي القرآن: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ}، وقال الله تبارك وتعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وقال عز وجل: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا}.
فهذا كله على أوفى. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما روي من أنه قتل مسلمًا بمعاهد، وقال: ((أنا أولى من أوفى بذمته)).
وقال السموأل في اللغة الأخرى:
وفيت بأدرع الكندي إني = إذا عاهدت أقوامًا وفيت
وقال المكعبر الضبي:
وفيت وفاء لهم ير الناس مثله = بتعشار إذ تحبو إلي الأكابر).
[الكامل: 2/718-719]