العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > نزول القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 10:16 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (وقوله: {فَوَيلٌ لِلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم ثم يقولون هذا من عند الله..} الآية
نزلت في الذين غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم وبدلوا نعته قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا: إنهم غيروا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم وجعلوه آدم سبطًا طويلاً وكان ربعة أسمر صلى الله عليه وسلم وقالوا لأصحابهم وأتباعهم: انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود فخافوا أن تذهب مأكلتهم إن بينوا الصفة فمن ثم غيروا). [أسباب النزول: 24]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا}
قال الواحدي: قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا: إنهم غيروا صفة رسول الله في كتابهم وجعلوه آدم سبطا طويلا وكان ربعة أسمر، وقالوا لأصحابهم وأتباعهم: انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا. وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود فخافوا أن تذهب مأكلتهم أن بينوا صفته فمن ثم غيروا.
قلت: الكلبي تقدم وصفه، وقد وجدت هذا من وجه آخر قوي أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس، وفيه مغايرة لسياق الكلبي ولفظ شبيب بن بشر هذا وقد وثقه ابن معين قال: (هم أحبار يهود وجدوا نعت النبي محمد مكتوبا في التوراة أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فمحوه حسدا؛ وبغيا فأتاهم نفر من قريش من أهل مكة فقالوا: أتجدون في التوراة نبيا أميا؟ قالوا: نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر. فقالت قريش: ما هذه صفة صاحبنا).
- ومن طريق أبي العالية عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد فحرفوه عن مواضعه يبتغون بذلك عرضا من الدنيا.
- ومن طريق السدي كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب وغيرهم ويحدثونهم أنه من عند الله ليأخذوا به ثمنا قليلا
- ومن طريق قتادة عن معمر نحوه). [العجاب في بيان الأسباب: 1/271-273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}
أخرج النسائي عن ابن العباس قال: نزلت هذه الآية في أهل الكتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت في أحبار اليهود وجدوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم مكتوبة في التوراة: أكحل العين، ربعة، جعد الشعر، حسن الوجه، فمحوه حسدا وبغيا وقالوا: نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر). [لباب النقول: 16]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}.
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتابه خلق أفعال العباد [ص54]: حدثنا يحيى ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن علقمة عن ابن عباس رضي الله عنه {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} قال: نزلت في أهل الكتاب.
الحديث رجاله رجال الصحيح إلا عبد الرحمن بن علقمة، وقد وثقه النسائي وابن حبان والعجلي، وقال ابن شاهين: قال ابن مهدي: كان من الأثبات الثقات ا.هـ. تهذيب التهذيب). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 19]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 10:21 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله: {وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّامًا مَّعدودَةً}
أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن سعد الزهري قال: حدثنا أبي وعمي قالا: حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال: حدثنا محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تقول: إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: {وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّامًا مَّعدودَةً}.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التميمي أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان حدثنا محمد بن عبد الرحمن الرازي حدثنا سهل بن عثمان حدثنا مروان بن معاوية حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّامًا مَّعدودَةً} قال: وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين عاما فقالوا: لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعدودة قال: فقال لهم خزنة أهل النار: يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أيامًا معدودات فقد انقضى العدد وبقي الأمد). [أسباب النزول: 24-25]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة}
أسند الواحدي من طريق محمد بن إسحق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: (قدم النبي المدينة واليهود تقول "إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا من أيام الآخرة، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب"؛ فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة}).
ثم أسند من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: (وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين يوما فقالوا: لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعدودة، قال: فقال لهم خزنة أهل النار يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياما معدودة فقد انقضى العدد وبقي الأمد).
قلت: وجويبر ضعيف جدا، والضحاك لم يسمع من ابن عباس والسند الذي قبله إلى ابن عباس أولى بالاعتماد.
وقد أخرجه الطبري من رواية العوفي عن ابن عباس، والعوفي ضعيف، ولعله أخذه عن الضحاك لكن سياق العوفي أتم من سياق الضحاك وعنده عن ابن عباس ذكر أن (اليهود وجدوا في التوراة..) فذكره، وقال في آخره: (ساروا في العذاب حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة؛ فلما أكلوا من شجرة الزقوم وملؤوا منها البطون؛ قال لهم خزان سقر: زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياما معدودة فقد خلا العدد وأنتم في الأمد، فأخذ بهم في صعود في جهنم يرهقون).
و أخرج الطبري من وجه آخر عن جويبر عن الضحاك في هذه الآية قال: (قالت اليهود: لا نعذب في النار إلا أربعين يوما بمقدار ما عبدنا العجل).
وأما السند الأول من طريق ابن إسحاق فقد تقدم في حال النسخة المروية عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد وإنه صدوق عند ابن أبي حاتم وغيره لكن الأحاديث التي يقول فيها ابن إسحاق "حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس" فالترديد بين عكرمة وسعيد بن جبير وفي هذا الموضع اقتصر الواحدي في سياقه على عكرمة وأظنه اختصر، وإلا فقد أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق على العادة قال: عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس.
وقد أخرجه الطبري أيضا من طريق حفص بن عمر عن الحكم بن إبان عن عكرمة مرفوعا مرسلا قال: (خاصمت اليهود رسول الله فقالوا: لن ندخل إلا أربعين ليلة ويخلفنا فيها قوم آخرون يعنون أصحاب محمد فقال النبي: ((بل أنتم فيها خالدون لا يخلفكم فيها أحد))؛ فأنزل الله تعالى ذكره هذه الآية).
وأخرجه سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عكرمة قال: (اجتمعت يهود تخاصم النبي فقالوا لن تصيبنا النار فذكره وفيه كذبتم بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم فيها إن شاء الله تعالى أبدا فنزل القرآن تصديقا لقول النبي وتكذيبا لهم {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة..} إلى قوله {..هم فيها خالدون}).
وأخرج الطبري عن قتادة قال: قالت اليهود: لن ندخل النار إلا تحلة القسم عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل فقال الله تعالى {قل أتخذتم عند الله عهدا} أي بهذا الذي تقولون فهاتوا حجتكم.
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: (حدثني أبي زيد بن أسلم أن رسول الله قال ليهود: ((أنشدكم الله الذي أنزل التوراة على موسى من أهل النار الذين ذكرهم الله تعالى في التوراة؟)) قالوا: إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة ثم نخرج فتخلفوننا فيها. فقال: ((كذبتم والله لا نخلفكم فيها أبدا))؛ فنزل القرآن تصديقا لرسول الله {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة..} إلى {..خالدون}).
قلت: أصل هذا دون ذكر نزول الآية في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أخرجه من رواية الليث عن سعيد المقبري عنه في أثناء حديث قال فيه: قال لهم -أي النبي-: ((من أهل النار؟)) قالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها.
فقال النبي: ((اخسؤوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا)) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/273-277]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
أخرج الطبراني في الكبير وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قدم رسول الله المدينة ويهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة، فإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب، فأنزل الله في ذلك {وقالوا لن تمسنا النار} إلى قوله: {فيها خالدون}.

وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس أن اليهود قالوا: لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم الأيام التي أصبنا فيها العجل أربعين ليلة، فإذا انقضت انقطع عنا العذاب، فنزلت الآية. وأخرج عن عكرمة وغيره). [لباب النقول: 16]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 10:35 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان}
قال ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس: (كانوا فريقين -يعني بالمدينة- بنو قينقاع ولهم حلفاء الخزرج، وقريظة والنضير ولهم حلفاء الأوس، فوقع بين الأوس والخزرج حرب فخرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت قريظة والنضير مع الأوس؛ فظاهر كل فريق حلفاءه على إخوانهم حتى سفكت دماؤهم، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها تحريم سفك دمائهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون حلالا من حرام، فإذا انقضت الحرب افتدوا أسرى من أسر منهم فتفتدي قينقاع من أسرة الأوس وتفتدي قريظة والنضير من أسرة الخزرج؛ فأنبهم الله تعالى بذلك).
قال ابن إسحاق: ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج نزلت هذه القصة فيما بلغني. أخرجه الطبري.
- وأخرج من طريق السدي نحوه لكن خالف في بعضه فقال: (إن الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعض بعضا، وأيما عبد أمة وجدتم من بني إسرائيل فاشتروه فأعتقوه، فكانت قريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج وكانوا يقتتلون في حرب سمير فإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه، فكان العرب تعيرهم بذلك يقولون: كيف تقاتلونهم وتفدونهم، فإذا قالوا أمرنا بأن نفديهم؛ فإن قيل لهم فقد نهيتم عن قتالهم قالوا: إنا نستحي من حلفائنا؛ فنزلت الآية بتوبيخهم على ذلك) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/278-279]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #29  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 10:39 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( قوله تعالى {وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم}
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: (قالت اليهود: قلوبنا مملوءة علما لا نحتاج إلى علم محمد ولا غيره بل هي غلف؛ فنزلت {بل لعنهم الله بكفرهم}).
ومن طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي: (قالوا: قلوبنا أوعية العلم).
قال: وروي عن عطاء الخراساني مثله.
قلت: ويستفاد من هذا أمران:
أحدهما: أن قراءة الجمهور غلف بسكون اللام مخففة.
ثانيهما: أن بل للإضراب على بابها). [العجاب في بيان الأسباب: 1/279-280]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس
  #30  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 10:43 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا}
قال ابن عباس: (كان يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود خيبر؛ فعاذت اليهود بهذا الدعاء وقالت: اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله تعالى: {وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا} أي بك يا محمد، إلى قوله: {فَلَعنَةُ اَلله عَلى الكافِرينَ}).
وقال السدي: (كانت العرب تمر بيهود فيلقون منهم أذى وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة ويسألون لله أن يبعثه فيقاتلون معه العرب، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به حسدًا وقالوا: إنما كانت الرسل من بني إسرائيل فما بال هذا من بني إسماعيل؟) ). [أسباب النزول: 25-26]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا}
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق بالسند المذكور أولا: (إن اليهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله قبل بعثته، فلما بعثه الله جحدوا ما كانوا يقولون؛ فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أحد بني سلمة: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته، فقال سلام بن مشكم -أخو بني النضير-: ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم؛ فأنزل الله عز وجل {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا..} الآية).
وهكذا أخرجه ابن إسحاق في السيرة الكبرى. وأخرج فيها أيضا والطبري من طريقه عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ
منهم قالوا: فينا والله وفيهم -أي الأنصار واليهود- نزلت هذه القصة، قالوا: كنا علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب، فكانوا يقولون أن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وأرم، فلما بعث الله عز وجل رسوله من قريش واتبعناه كفروا به، قال الله عز وجل {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به..} الآية.


وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: (كان أهل الكتاب يستنصرون بخروج محمد عليه الصلاة والسلام على مشركي العرب فلما بعث الله عز وجل محمدا ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه).
ومن طريق قتادة نحوه وزاد: (وقالوا: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا في التوراة يعذبهم ويقتلهم؛ فلما بعث من غيرهم كفروا به حسدا) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/281-282]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا}
قال الواحدي: قال ابن عباس: (كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فإذا التقوا هزمت يهود، فعاذت اليهود بهذا الدعاء "اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم" فكانوا إذا التقوا فدعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان، فلما بعث النبي كفروا به فأنزل الله عز وجل: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا..} أي بك يا محمد، إلى قوله: {..فلعنة الله على الكافرين}).
قال: وقال السدي: كانت العرب تمر باليهود فتلقى اليهود منهم أذى، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة فيسألون الله عز وجل أن يبعثه ليقاتلوا معه؛ فلما جاءهم محمد كفروا به حسدا وقالوا: إنما كانت الرسل من بني إسرائيل.
قلت: المحفوظ عن ابن عباس ما تقدم، وأما هذا الطريق بهذا اللفظ فأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه، واعتذر عن إخراجه فقال: غريب من حديثه، أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير.
قلت: وأي ضرورة تحوج إلى إخراج حديث من يقول فيه يحيى بن معين كذاب في المستدرك على البخاري ومسلم! ما هذا إلا اعتذار ساقط.
- وجاء عن ابن عباس في تفسير {يستفتحون} قول آخر؛ أخرجه الطبري من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله {يستفتحون} قال: (كانوا يستظهرون يقولون: نحن نعين محمدا عليهم، وليسوا كذلك بل يكذبون).وأما أثر السدي فأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عنه بهذا، ولكن فيه "تمر باليهود ويؤذونهم وكانوا يجحدون محمدا في التوراة" وفيه "فيقاتلوا معه العرب" وفيه "كفروا به حين لم يكن" والباقي سواء، زاد ابن أبي حاتم في آخره "فما بال هذا من بني إسماعيل".
وأخرجه الطبري من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: (كانت اليهود تستنصر بمحمد على مشركي العرب، يقولون: "اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم"، فلما بعث الله محمدا ورأوه أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب- وهم يعلمون أنه رسول الله- فقال عز وجل {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به..} الآية).
ومن طريق ابن جريج: (قلت لعطاء: قوله تعالى {وكانوا من قبل يستفتحون..}؟ قال: كانوا يرجون أن يكون منهم، فلما خرج ورأوا أنه ليس منهم كفروا به، وقد عرفوا أنه الحق).
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (كانت يهود يستفتحون على كفار العرب يقولون: أما والله لو قد جاء النبي الذي بشر به موسى وعيسى أحمد لكان لنا عليكم، وكانوا يظنون أنه منهم وكانوا بالمدينة والعرب حولهم، فلما كان من غيرهم أبوا أن يؤمنوا به وحسدوه وقد تبين لهم أنه رسول الله، فمن هناك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أن نبيا خارج).
ومن طريق ابن أبي نجيح عن علي الأزدي هو ابن عبد الله البارقي تابعي ثقة قال: (قالت اليهود "اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس"، يستفتحون يستنصرون).
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة نحو رواية السدي وأوله: "كانت اليهود تستفتح بمحمد على كفار العرب"، وقال في آخره: "كفروا به حسدا للعرب وهم يعرفون أنه رسول الله"). [العجاب في بيان الأسباب: 1/282-285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}
أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود، فعاذت يهود بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فيهزمون غطفان، فلما بعث النبي عليه السلام كفروا به، فأنزل الله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الكافرين}).
(ك)، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس: (أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله {ولما جاءهم كتاب من عند الله} الآية) ). [لباب النقول: 16-17]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا}.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: (إن مما دعانا إلى الإسلام -مع رحمة الله تعالى وهداه لنا- لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم؛ فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزل هذه الآيات من البقرة {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}) ا.هـ. [من سيرة ابن هشام ج1 ص213]، وهو حديث حسن، فإن ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث فحديثه حسن كما ذكره الحافظ الذهبي في الميزان). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 19-20]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس
  #31  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:11 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس}
ذكر ابن الجوزي أنها: نزلت لما قالت اليهود أن الله لم يخلق الجنة إلا لإسرائيل وبنيه.
قلت: الذي أخرج الطبري من طريق أبي العالية قال: (قالت اليهود -يعني والنصارى-: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وقالت اليهود: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ فأنزل الله عز وجل {قل إن كانت لكم الدار الآخرة..} الآية). ومن طريق قتادة ونحوه.
ومن طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر عن ابن عباس قال: (لو تمنوه يوم قال لهم {فتمنوا الموت..} ما بقي على ظهر الأرض يهودي إلا مات، وذلك أنهم فيما ذكر لنا قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه).
وبه إلى ابن عباس في قوله تعالى {فتمنوا الموت}: أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك على رسول الله.
وقال عبد الرزاق: عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة قال: قال ابن عباس: (لو تمنى اليهود لماتوا). وهذا سند صحيح.
وعند ابن أبي حاتم من طريق الأعمش أحسبه عن المنهال يعني ابن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه.
وهذه الطرق موقوفة على ابن عباس وقد رفعه عبيد الله بن عمرو الرقي وهو ثقة عن عبد الكريم.
أخرجه الطبري من طريقه ولفظه: (عن رسول الله لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا) أو (لو خرج الذين يباهلون رسول الله -يعني نصارى نجران- لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا).
وأخرجه أحمد في مسنده من وجه آخر عن عبد الكريم وسند الطبري صحيح وقد أخرجه الضياء المقدسي في المختارة.
ووقع في تفسير ابن ظفر: أنهم لما ادعوا أنه لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا أو نصرانيا - أعلم الله نبيه أنه يحول بينهم وبين تمني الموت؛ فجمعهم وتلا عليهم الآية فامتنعوا من تمني الموت، فقال: لو تمنوا الموت لما قام رجل منهم من مجلسه حتى يغصه الله بريقه فيموت.
وسيأتي في تفسير سورة الجمعة ما يؤيد رواية ابن إسحاق أنها نزلت في زعمهم أنهم أولياء الله.
ويؤخذ من مجموع الآيتين:
أن دعاءهم إلى تمني الموت نزل بسبب القولين معا؛ دعواهم أنهم أولياء الله، وأن الدار الآخرة خالصة لهم). [العجاب في بيان الأسباب: 1/285-288]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: (قالت يهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا...، فقال الله {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة} الآية) ). [لباب النقول: 17]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #32  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:12 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}
قال محمد بن يوسف الفريابي في تفسيره: حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (كان أهل الكتاب يقول أحدهم لصاحبه عش ألف سنة كل ألف سنة فنزلت).
وأخرجه الحاكم أيضا من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد عن ابن عباس {ولتجدنهم} قال: هم اليهود، {ومن الذين أشركوا} قال: الأعاجم.
وأخرجه من تفسير إسحاق بن راهويه عن أبي معاوية عن الأعمش بهذا السند بلفظ: ({يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} هو قول الأعاجم إذا عطس: زِهْ هَزَارْ سَالْ).
وأخرجه الطبري وابن المنذر من طريق أبي معاوية وقال في آخره: "يعني عش ألف سنة"). [العجاب في بيان الأسباب: 1/288-289]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #33  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:19 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي


نزول قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {قُل مَن كانَ عَدوَّا لِجِبريلَ} الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني قال: أخبرنا المؤمل بن الحسن ين عيسى قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن الوليد عن بكير عن ابن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (أقبلت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من عند ربه عز وجل بالرسالة وبالوحي فمن صاحبك؟
قال: ((جبريل)). قالوا: ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ذاك عدونا، لو قلت: ميكائيل الذي ينزل بالمطر والرحمة اتبعناك فأنزل الله تعالى: {قُل مَن كانَ عَدُوَّا لِجِبريلَ فَإِنَّهُ نَزَلَهُ عَلى قَلبِكَ} إلِى قوله: {فَإِنَ الَلهَ عَدُوٌّ لِّلكافِرينَ}) ). [أسباب النزول: 26]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {مَن كانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلائِكَتِهِ} الآية.
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا علي بن مسهر عن داود عن الشعبي قال: (قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة فأعجب من موافقة القرآن التوراة وموافقة التوراة القرآن فقالوا: يا عمر ما أحد أحب إلينا منك. قلت: ولم؟ قالوا: لأنك تأتينا وتغشانا. قلت: إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضًا وموافقة التوراة القرآن وموافقة القرآن التوراة، فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهري فقالوا: هذا صاحبك فقم إليه، فالتفت إليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل خوخة من المدينة، فأقبلت عليهم فقلت: أنشدكم الله وما أنزل عليكم من كتاب أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم: قد نشدكم بالله فأخبروه. فقالوا: أنت سيدنا فأخبره، فقال سيدهم: إنا نعلم أنه رسول الله.
قال: فقلت: فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لم تتبعوه. قالوا: إن لنا عدوًا من الملائكة وسلمًا من الملائكة. فقلت: من عدوكم ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل؛ وهو ملك الفظاظة والغلظة والإصار والتشديد. قلتُ: ومن سلمكم؟ قالوا: ميكائيل؛ وهو ملك الرأفة واللين والتيسير. قلت: فإني أشهد ما يحل لجبريل أنه يعادي سلم ميكائيل وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل فإنهما جميعًا ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا، ثم قمت فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلني فقال: ((يا ابن الخطاب ألا أقرؤك آيات أنزلت علي قبل؟))قلت: بلى فقرأ{قًل مَن كانَ عَدُوًّا لِجِبريلَ فَإِنَّهُ..} الآية، حتى بلغ: {وَما يَكفُرُ بِها إِلا الفاسِقونَ} قلت: والذي بعثك بالحق نبيا ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر: فقد رأيتني أشد في دين الله من حجر).
وقال ابن عباس: (إن حبرًا من أحبار اليهود من فدك يقال له عبد الله بن صوريا حاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أشياء فلما اتجهت الحجة عليه قال: أي ملك يأتيك من السماء؟ قال: ((جبريل ولم يبعث الله نبيًا إلا وهو وليه)) قال: ذاك عدونا من الملائكة، ولو كان ميكائيل مكانه لآمنا بك إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة، وإنه عادانا مرارًا كثيرة، وكان أشد ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له بختنصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان وقته بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلامًا مسكينًا ليست له قوة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله؟، فصدقه صاحبنا ورجع إلينا، وكبر بختنصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس؛ فلهذا نتخذه عدوًا، فأنزل الله هذه الآية).
وقال مقاتل: (قالت اليهود: إن جبريل عدونا؛ أمر أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا، فأنزل الله هذه الآية)). [أسباب النزول: 27-28]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {قل من كان عدوا لجبريل إلى قوله للكافرين}
أسند الواحدي من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (أقبلت يهود إلى النبي فقالوا: يا أبا القاسم نسألك عن أشياء؛ فإن أجبتنا فيها اتبعناك: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة، فإنه ليس نبي إلا يأتيه ملك من عند ربه بالرسالة أو بالوحي فمن صاحبك؟، قال: ((جبريل عليه السلام)). قالوا: ذاك الذي نزل بالحرب وبالقتال ذاك عدونا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك؛ فأنزل الله عز وجل {قل من كان عدوا لجبريل..} الآية إلى قوله {.. للكافرين}).
قلت: أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من هذا الوجه، وفي أول الحديث: (إنا نسألك عن خمسة أشياء..) وذكرها في سياقه وهي: علامة النبي، وكيف تؤنث المرأة وتذكر، وعما حرم إسرائيل على نفسه، وعن الرعد، وآخرها من صاحبك من الملائكة.. الحديث.
وعند أحمد أيضا وعبد بن حميد والطبري من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: (حضرت عصابة من اليهود رسول الله فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي. فقال: ((سلوا عم شئتم)) ..) فذكر الحديث، وفيه: (قالوا: فأخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: ((أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديداً وطال سقمه؛ فنذر لله نذرا أن شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها؟)). قالوا: اللهم نعم. قال: ((اللهم اشهد عليهم))،قالوا: فأخبرنا بهذا النبي الأمي من وليه من الملائكة؟ قال: ((فإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه))، قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك. قال: ((فما يمنعكم؟))، قالوا: إنه عدونا؛ فأنزل الله عز وجل الآية).
وأخرجه ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب بنحوه ولم يذكر ابن عباس وزاد فيه: (قالوا: فأخبرنا عن الروح. قال: ((أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني؟)) قالوا: نعم، ولكنه لنا عدو، وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء ولولا ذاك اتبعناك؛ فأنزل الله الآية إلى قوله: {..كأنهم لا يعلمون}).
وقال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة: (قالت اليهود: إن جبريل يأتي محمدا وهو عدونا لأنه ينزل بالشدة والحرب والسنة، وإن ميكائيل ينزل بالرخاء والعافية والخصب؛ فقال الله تعالى {من كان عدوا لجبريل..} الآية).
وأخرج الطبري من طريق القاسم بن أبي بزة: (يهودا سألوا النبي من صاحبك الذي ينزل عليك بالوحي؟ قال: ((جبريل)). قالوا: فإنه عدونا لا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال فنزلت).
وفي صحيح البخاري عن أنس قال: (سمع عبد الله بن سلام بمقدم النبي...) فذكر الحديث، وفيه: (أنه سأله عن أشياء فقال: ((أخبرني بهن جبريل آنفا))، قال: جبريل؟ قال: ((نعم)). قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة). هكذا في هذه الطريق من قول عبد الله بن سلام، وهي قصة غير التي في حديث ابن عباس.
وأسند الواحدي من طريق علي بن مسهر والطبري من طريق ربعي بن علية -وهو أخو إسماعيل- عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: نزل عمر الروحاء فذكر قصة فيها: "فقال عمر: (كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق الفرقان ومن الفرقان كيف يصدق التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم فقالوا: يا ابن الخطاب ما أحد أحب إلينا منك؛ إنك تأتينا وتغشانا.
قال: ومر رسول الله فقالوا: يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فالحق به. فقلت لهم: عند ذلك: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو وما استرعاكم من حقه واستودعكم من كتابه أتعلمون أنه رسول الله؟ فسكتوا، فقال عالمهم وكبيرهم: إنه قد عظم عليكم فأجيبوه. قالوا: أنت عالمنا وسيدنا فأجبه أنت. قال: أما إذ نشدتنا بما نشدتنا به فإنا نعلم أنه رسول الله. قال: قلت: ويحكم فأنى هلكتم!. قالوا: إنا لم نهلك.
قال: كيف ذاك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه؟. قالوا: لأن لنا عدوا من الملائكة وسلما وأنه قرن بنبوته عدونا من الملائكة.
قال: قلت: ومن عدوكم؟ ومن سلمكم؟. قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل.
قال: قلت: وفيم عاديتم جبريل؟ وفيم سالمتم ميكائيل؟. قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا، وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف ونحو هذا. قال: قلت: وما منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينهوالآخر عنيساره.
قال: قلت: فوالله الذي لا إله إلا هو إن الذي بينهما لعدو لمن عاداهما، وسلم لمن سالمهما، ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبريل. قال: ثم قمت فاتبعت النبي فلحقته وهو خارج من خوخه لبني فلان فقال لي: ((يا ابن الخطاب ألا أقرئك آيات نزلن قبل؟)) فقرأ {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه..} حتى قرأ الآيات.
قال: قلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك الخبر فأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر)".
لفظ الطبري وأخرجه أيضا من طريق إسماعيل بن علية عن داود نحوه.
ومن طريق مجالد عن الشعبي نحوه.
وأخرج أيضا من طريق قتادة قال: ذكر لنا أن عمر انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال لهم عمر: "أما والله ما جئت لحبكم ولا لرغبة فيكم ولكن جئت لأسمع منكم"، فسألهم وسألوه، فقالوا من صاحب صاحبكم ؟ فقال لهم: ((جبريل))، فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء يطلع محمدا على سرنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسنة، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم.
فقال لهم عمر: "أتعرفون جبريل وتنكرون محمدا؟!" ففارقهم وتوجه نحو النبي ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله..} الآية.
ومن طريق السدي قال: (كانت لعمر أرض بأعلى المدينة فكان ممره على طريق مدارس اليهود فدخل فسمع منهم فقالوا: يا عمر ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك فإنك تمر بنا فلا تؤذينا. فقال عمر: أي يمين أعظم فيكم؟. قالوا: الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء. فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمدا عندكم؟...) فذكر نحو حديث الشعبي بطوله.
ومن طريق هشيم عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (قالت اليهود للمسلمين: لو أن ميكائيل الذي ينزل عليكم اتبعناكم؛ فإنه ينزل بالرحمة والغيث وإن جبريل ينزل بالنقمة والعذاب وهو لنا عدو فنزلت هذه الآية {من كان عدوا لجبريل...}).
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن الدشتكي عن حصين عن ابن أبي ليلى مختصرا ولفظه: (إن يهوديا لقي عمر فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا. فقال عمر: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله..} إلى {..للكافرين}، قال: فنزلت على لسان عمر).
قلت: وهذا غريب إن ثبت فليضف إلى موافقات عمر، وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف ولم يبين جهة ضعفه وليس فيه إلا الإرسال.
ثم قال الواحدي: قال ابن عباس: أن (حبرا من أحبار اليهود من فدك يقال له عبد الله بن صوريا حاج النبي، فسأله عن أشياء فلما اتجهت عليه الحجة قال: أي ملك يأتيك من السماء؟. قال: ((جبريل، ولم يبعث الله نبيا إلا وهو وليه)). قال: ذاك عدونا من الملائكة ولو كان ميكائيل مكانه لآمنا بك؛ إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة على يدي رجل يقال له بخت نصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصر ليقتله، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليست له قوة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم هو الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله؟ فصدقه صاحبنا ورجع إلينا، وكبر بخت نصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية).
قلت: يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مع ضعف طريقه فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي، وقد قدمت أنه هالك.
وقد أخرج الطبري من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس: (أن اليهود سألت محمدا عن أشياء كثيرة؛ فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة، ولم يكن عندهم صاحب وحي ينزل من الله على رسله ولا صاحب رحمة فأخبرهم رسول الله فيما سألوه عنه أن جبريل صاحب وحي وصاحب نقمة وصاحب رحمة فأنكروا ذلك، وقالوا: هو عدو لنا؛ فأنزل الله عز وجل تكذيبا لهم {قل من كان عدوا لجبريل..} الآية).
ثم قال الواحدي: قال مقاتل: (قالت اليهود: إن جبريل أمره الله أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله هذه الآية).
قلت: جعل الواحدي هذا السبب ترجمتين من أجل الاختلاف في سبب عداوتهم لجبريل، وإن كان سبب النزول واحدا، وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: قول الجمهور إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب.
ثانيها: كونه حال دون قتل بخت نصر الذي خرب مسجدهم وسفك دماءهم وسبى ذراريهم.
ثالثها: كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.
وهذا الثالث قواه الفخر الرازي من جهة المعنى؛ لأن معاداة جبريل وهو رسول الله بامتثاله أمر الله فيما ينزل به من الشدة والعذاب لا يصدر من عاقل بخلاف تجويز النسيان عليه مع من أمر بالإنزال عليه.. هذا حاصل ما رجحه به، وفاته ترجيح أن يرجح الثاني لأنه ليست مخالفة لما أمر به لا عمدا ولا سهوا بل هو راجع إلى اجتهاده ومن عادى من اجتهد فأداه اجتهاده إلى ضرر من عاداه لا يلام في المعاداة.
وقد وجدت ما يصلح معه إفراد الترجمة الثانية وهو سبب معاداتهم لرسول الله؛ لأن الأولى من جميع طرقها خاصة بجبريل عليه السلام وذلك فيما أخرجه الطبري من طريق عبيد الله العتكي -وهو أبو المنيب المروزي صدوق- عن رجل من قريش قال: (سأل النبي اليهود فقال: ((أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون هل تجدونني قد بشر بي عيسى أن يأتيكم رسول من بعدي اسمه أحمد؟)). قالوا: اللهم وجدناك في كتبنا ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال -يعني الغنائم- وتهريق الدماء. فأنزل الله عز وجل {من كان عدوا لله وملائكته ورسله..} الآية) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/289-300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}
روى البخاري عن أنس قال: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلى نبي: فما أول أشراط الساعة، وما أول طعام أهل الجنة، وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: ((أخبرني بهن جبريل آنفا)). قال: جبريل؟ قال: ((نعم)) قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقرأ هذه الآية {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك}.
قال شيخ الإسلام ابن حجر في فتح الباري: ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردا لقول اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ.
قال: وهذا هو المعتمد.
فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام؛ فأخرج أحمد والترمذي والنسائي من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (أقبلت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي، فذكر الحديث، وفيه أنهم سألوه عما حرم إسرائيل على نفسه، وعن علامة النبي، وعن الرعد وصوته، وكيف تذكر المرأة وتؤنث، وعمن يأتيه بخير السماء، إلى أن قالوا: فأخبرنا من صاحبك؟ قال: ((جبريل)). قالوا: جبريل، ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان خيرا؛ فنزلت).
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير من طريق شعبي: أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة، فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن، قال: فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله؟، فقال عالمهم: نعم، نعلم أنه رسول الله. قلت: فلما لا تتبعونه؟، قالوا: سألناه من يأتيه بنبوته، فقال: عدونا جبريل، لأنه ينزل بالغلطة والشدة والحرب والهلاك، قلت: فمن رسلكم من الملائكة؟ قالوا: ميكائيل، ينزل بالقطر والرحمة، قلت: وكيف منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر من الجانب الآخر. قلت: فإنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل، ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، وإنني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا، وحرب لمن حاربوا، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن أخبره، فلما لقيته قال: ((ألا أخبرك بآيات أنزلت علي؟)) فقلت: بلى يا رسول الله، فقرأ {من كان عدوا لجبريل}حتى بلغ {للكافرين} قلت: يا رسول الله، والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم، فوجدت الله قد سبقني. وإسناده صحيح إلى الشعبي لكنه لم يدرك عمر.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن طريق آخر عن الشعبي.
وأخرجه ابن جرير من طريق السدي عن عمر، ومن طريق قتادة عن عمر. وهما أيضا منقطعان.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر بن الخطاب فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا، فقال عمر: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}، فنزلت على لسان عمر.
فهذه طرق يقوي بعضها بعضا.
وقد نقل ابن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك). [لباب النقول: 17-19]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.
قال الإمام أحمد [ج1 ص274]: حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي -وكانت له هيئة رأيناه عند حسن- عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك؛ فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا الله على ما نقول وكيل، قال: ((هاتوا)).
قالوا: أخبرنا عن علامة النبي، قال: ((تنام عيناه ولا ينام قلبه))، قالوا: أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال: ((يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت))، قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه قال: ((كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا))، -قال عبد الله قال أبي، قال بعضهم: يعني الإبل فحرم لحومها- قالوا: صدقت؛ قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: ((ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده -أو في يده- مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله))، قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع. قال: ((صوته))، قالوا: صدقت، إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك. قال: ((جبريل عليه السلام)). قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان؛ فأنزل الله عز وجل: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ..} إلى آخر الآية.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [ج8 ص242]: رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات وأخرجه أبو نعيم في الحلية [ج4 ص305] والحديث في سنده بكير بن شهاب قال الحافظ في التقريب مقبول يعني إذا توبع وإلا فلين كما نبه عليه في المقدمة. لكن الحديث له طرق إلى ابن عباس كما في تفسير ابن جرير؛ منها ما أخرجه الإمام أحمد.. قال الإمام أحمد [ج1 ص278]: ثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد ثنا شهر: قال ابن عباس: (حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمنهن إلا نبي. قال: ((سلوني عما شئتم لكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب عليه السلام على بنيه لئن حدثتكم شيئا فعرفتموه لَتُتابِعُنِّي على الإسلام)) قالوا: فذلك لك. قال: ((فسلوني عما شئتم)). قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن؛ أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل؟ كيف يكون الذكر منه؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة؟ قال: ((فعليكم عهد الله وميثاقه فإن أنا أخبرتكم لتتابعني؟))، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. قال: ((فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى صلى الله عليه وسلم هل تعلمون إن إسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضا شديدا وطال سقمه فنذر الله نذرا لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمن من أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها)) قالوا: اللهم نعم. قال: ((اللهم اشهد عليهم فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى, هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وأن ماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله , إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرا بإذن الله وإن علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله)), قالوا: اللهم نعم, قال : ((اللهم اشهد عليهم فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى, هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولاينام قلبه))؟ قالوا: اللهم نعم, قال : ((اللهم أشهد)). قالوا: وأنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال: ((فإن وليي جبريا عليه السلام ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه)). قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك, قال: ((فما يمنعكم من أن تصدقوه)), قالوا: إنه عدونا, قال: فعند ذلك قال الله عز وجل: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله} إلى قوله عز وجل: {كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون} فعند ذلك باؤوا بغضب على غضب. الآية). الحديث في سنده شهر بن حوشب مختلف فيه والراجح ضعفه من أجل سوء حفظه لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
والحديث أخرجه الطيالسي [ج2 ص11] وابن جرير [ج1 ص431] وابن سعد [ج1 ق1 ص116] من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس نحوه. وقد حكى ابن جرير الإجماع أنها نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل؛ إذ زعموا أن جبريل عدو لهم وأن ميكائيل ولي لهم ا.هـ. فيكون الإجماع مؤيدا لهاتين الطريقتين على ما بهما من الضعف، أما الأولى فلأن بكير بن شهاب قد خولف كما في التاريخ الكبير للبخاري [ج2 ص114 و115] فرواه سفيان الثوري عن حبيب عن سعيد –عن ابن عباس قوله. وأما الثانية فلما في شهر من الكلام). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 20-22]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:20 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {قل من كان عدوا لجبريل إلى قوله للكافرين}
أسند الواحدي من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (أقبلت يهود إلى النبي فقالوا: يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك.. أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة فإنه ليس نبي إلا يأتيه ملك من عند ربه بالرسالة أو بالوحي فمن صاحبك؟ قال: ((جبريل عليه السلام)). قالوا: ذاك الذي نزل بالحرب وبالقتال ذاك عدونا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك؛ فأنزل الله عز وجل {قل من كان عدوا لجبريل..} الآية إلى قوله {.. للكافرين}).
قلت: أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من هذا الوجه، وفي أول الحديث: (إنا نسألك عن خمسة أشياء..) وذكرها في سياقه وهي: علامة النبي، وكيف تؤنث المرأة وتذكر، وعما حرم إسرائيل على نفسه، وعن الرعد، وآخرها من صاحبك من الملائكة.. الحديث.
وعند أحمد أيضا وعبد بن حميد والطبري من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: (حضرت عصابة من اليهود رسول الله فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي. فقال: ((سلوا عم شئتم)) ..) فذكر الحديث، وفيه: (قالوا: فأخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: ((أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديداً وطال سقمه؛ فنذر لله نذرا أن شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها؟)) قالوا: اللهم نعم. قال: ((اللهم اشهد عليهم))، قالوا: فأخبرنا بهذا النبي الأمي من وليه من الملائكة؟ قال: ((فإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه))، قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك. قال: ((فما يمنعكم؟))، قالوا: إنه عدونا؛ فأنزل الله عز وجل الآية).
وأخرجه ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب بنحوه ولم يذكر ابن عباس وزاد فيه: (قالوا: فأخبرنا عن الروح. قال: ((أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني؟)) قالوا: نعم، ولكنه لنا عدو، وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء ولولا ذاك اتبعناك؛ فأنزل الله الآية إلى قوله: {..كأنهم لا يعلمون}).
وقال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة: (قالت اليهود: "إن جبريل يأتي محمدا وهو عدونا لأنه ينزل بالشدة والحرب والسنة، وإن ميكائيل ينزل بالرخاء والعافية والخصب"؛ فقال الله تعالى {من كان عدوا لجبريل..} الآية).
وأخرج الطبري من طريق القاسم بن أبي بزة: (يهودا سألوا النبي من صاحبك الذي ينزل عليك بالوحي؟ قال: ((جبريل)). قالوا: فإنه عدونا لا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال فنزلت).
وفي صحيح البخاري عن أنس قال: (سمع عبد الله بن سلام بمقدم النبي...) فذكر الحديث، وفيه: (أنه: سأله عن أشياء فقال: ((أخبرني بهن جبريل آنفا))، قال: ((جبريل؟)) قال: ((نعم)). قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة). هكذا في هذه الطريق من قول عبد الله بن سلام وهي قصة غير التي في حديث ابن عباس.
وأسند الواحدي من طريق علي بن مسهر والطبري من طريق ربعي بن علية -وهو أخو إسماعيل- عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: "نزل عمر الروحاء.." فذكر قصة فيها: "فقال عمر: (كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق الفرقان ومن الفرقان كيف يصدق التوراة، فبينما أنا عندهم ذات يوم فقالوا: يا ابن الخطاب ما أحد أحب إلينا منك؛ إنك تأتينا وتغشانا. قال: ومر رسول الله فقالوا: يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فالحق به. فقلت لهم عند ذلك: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو وما استرعاكم من حقه واستودعكم من كتابه أتعلمون أنه رسول الله؟ فسكتوا، فقال عالمهم وكبيرهم: إنه قد عظم عليكم فأجيبوه. قالوا: أنت عالمنا وسيدنا فأجبه أنت. قال: أما إذ نشدتنا بما نشدتنا به فإنا نعلم أنه رسول الله. قال: قلت: ويحكم فأنى هلكتم!. قالوا: إنا لم نهلك. قال: كيف ذاك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه؟. قالوا: لأن لنا عدوا من الملائكة وسلما وأنه قرن بنبوته عدونا من الملائكة. قال: قلت: ومن عدوكم؟ ومن سلمكم؟. قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل. قال: قلت: وفيم عاديتم جبريل؟ وفيم سالمتم ميكائيل؟. قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا، وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف ونحو هذا. قال: قلت: وما منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره.
قال: قلت: فوالله الذي لا إله إلا هو إن الذي بينهما لعدو لمن عاداهما، وسلم لمن سالمهما، ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبريل. قال: ثم قمت فاتبعت النبي فلحقته وهو خارج من خوخه لبني فلان فقال لي: ((يا ابن الخطاب ألا أقرئك آيات نزلن قبل؟)) فقرأ {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه..} حتى قرأ الآيات.
قال: قلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك الخبر فأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر)".
لفظ الطبري وأخرجه أيضا من طريق إسماعيل بن علية عن داود نحوه.
ومن طريق مجالد عن الشعبي نحوه.
وأخرج أيضا من طريق قتادة قال: (ذكر لنا أن عمر انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال لهم عمر: "أما والله ما جئت لحبكم ولا لرغبة فيكم ولكن جئت لأسمع منكم"، فسألهم وسألوه، فقالوا من صاحب صاحبكم ؟ فقال لهم: "جبريل"، فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء يطلع محمدا على سرنا، وإذا جاء جاء بالحرب والسنة، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم. فقال لهم عمر: "أتعرفون جبريل وتنكرون محمدا؟!" ففارقهم وتوجه نحو النبي ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله..} الآية.


ومن طريق السدي قال: (كانت لعمر أرض بأعلى المدينة فكان ممره على طريق مدارس اليهود فدخل فسمع منهم فقالوا: يا عمر ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك فإنك تمر بنا فلا تؤذينا. فقال عمر: أي يمين أعظم فيكم؟. قالوا: الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء. فقال لهم عمر: فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمدا عندكم؟...) فذكر نحو حديث الشعبي بطوله.

ومن طريق هشيم عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قالت اليهود للمسلمين لو أن ميكائيل الذي ينزل عليكم اتبعناكم؛ فإنه ينزل بالرحمة والغيث وإن جبريل ينزل بالنقمة والعذاب وهو لنا عدو فنزلت هذه الآية {من كان عدوا لجبريل...}.
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن الدشتكي عن حصين عن ابن أبي ليلى مختصرا ولفظه: (إن يهوديا لقي عمر فقال: إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا. فقال عمر: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله..} إلى {..للكافرين}، قال: فنزلت على لسان عمر).
قلت: وهذا غريب إن ثبت فليضف إلى موافقات عمر، وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف ولم يبين جهة ضعفه وليس فيه إلا الإرسال.
ثم قال الواحدي: (قال ابن عباس: أن حبرا من أحبار اليهود من فدك يقال له عبد الله بن صوريا حاج النبي، فسأله عن أشياء فلما اتجهت عليه الحجة قال: أي ملك يأتيك من السماء؟. قال: ((جبريل، ولم يبعث الله نبيا إلا وهو وليه)). قال: ذاك عدونا من الملائكة ولو كان ميكائيل مكانه لآمنا بك؛ إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة على يدي رجل يقال له بخت نصر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصر ليقتله، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليست له قوة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم هو الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله؟ فصدقه صاحبنا ورجع إلينا، وكبر بخت نصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية).
قلت: يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مع ضعف طريقه فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي وقد قدمت أنه هالك.
وقد أخرج الطبري من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس (أن اليهود سألت محمدا عن أشياء كثيرة فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة، ولم يكن عندهم صاحب وحي ينزل من الله على رسله ولا صاحب رحمة فأخبرهم رسول الله فيما سألوه عنه أن جبريل صاحب وحي وصاحب نقمة وصاحب رحمة فأنكروا ذلك، وقالوا: هو عدو لنا؛ فأنزل الله عز وجل تكذيبا لهم {قل من كان عدوا لجبريل..} الآية). ثم قال الواحدي: قال مقاتل: (قالت اليهود: إن جبريل أمره الله أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله هذه الآية).
قلت: جعل الواحدي هذا السبب ترجمتين من أجل الاختلاف في سبب عداوتهم لجبريل، وإن كان سبب النزول واحدا، وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: قول الجمهور إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب.
ثانيها: كونه حال دون قتل بخت نصر الذي خرب مسجدهم وسفك دماءهم وسبى ذراريهم.
ثالثها: كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.
وهذا الثالث قواه الفخر الرازي من جهة المعنى؛ لأن معاداة جبريل وهو رسول الله بامتثاله أمر الله فيما ينزل به من الشدة والعذاب لا يصدر من عاقل بخلاف تجويز النسيان عليه مع من أمر بالإنزال عليه.. هذا حاصل ما رجحه به، وفاته ترجيح أن يرجح الثاني لأنه ليست مخالفة لما أمر به لا عمدا ولا سهوا بل هو راجع إلى اجتهاده ومن عادى من اجتهد فأداه اجتهاده إلى ضرر من عاداه لا يلام في المعاداة.
وقد وجدت ما يصلح معه إفراد الترجمة الثانية وهو سبب معاداتهم لرسول الله؛ لأن الأولى من جميع طرقها خاصة بجبريل عليه السلام وذلك فيما أخرجه الطبري من طريق عبيد الله العتكي -وهو أبو المنيب المروزي صدوق- عن رجل من قريش قال: (سأل النبي اليهود فقال: ((أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون هل تجدونني قد بشر بي عيسى أن يأتيكم رسول من بعدي اسمه أحمد؟)). قالوا: اللهم وجدناك في كتبنا ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال -يعني الغنائم- وتهريق الدماء. فأنزل الله عز وجل {من كان عدوا لله وملائكته ورسله..} الآية) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/289-300](م)


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #35  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:21 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)}

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى:{وَلَقَد أَنزَلنا إِليكَ آياتٍ بَيِّناتٍ}
قال ابن عباس: هذا جواب لابن صوريا حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل عليك من آية بينة فنتبعك بها؛ فأنزل الله هذه الآية). [أسباب النزول: 28-29]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات}
قال الواحدي: قال ابن عباس: (هذا جواب لابن صوريا حيث قال لرسول الله: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بينة نتبعك بها فأنزل الله عز وجل هذه الآية).
قلت: أخرجه الطبري من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (قال ابن صوريا الفطيوني لرسول الله: يا محمد...) فذكره وفي آخره (فأنزل الله في ذلك من قوله {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون}).
وأخرجه ابن المنذر من وجه آخر: عن ابن إسحاق بغير سند لابن إسحاق، لكن قال: (قال ابن صلوبا الفطيوني:..). والمحفوظ ما تقدم). [العجاب في بيان الأسباب: 1/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك...} الآيتين
أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: (قال ابن صوريا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة، فأنزل الله في ذلك {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} الآية).
وقال مالك بن الصيف: (حين بعث رسول الله وذكر ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد، والله ما عهد إلينا في محمد، ولا أخذ علينا ميثاقا، فأنزل الله تعالى {أوكلما عاهدوا} الآية) ). [لباب النقول: 19]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #36  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:22 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100)}

قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم}
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال: (قال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله وذكرهم ما أخذ الله عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد الله إلينا في محمد ولا أخذ علينا ميثاق فأنزل الله عز وجل {أوَ كُلَّما عاهَدوا عَهداً نبذهُ فريقٌ منهم...} الآية).
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج في هذه الآية قال: لم يكن في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ويعاهدون اليوم وينقضون غدا.
ومن طريق أخرى عن عطاء قال: هي العهود بينه وبين اليهود نقضوها كفعل قريظة والنضير وهي كقوله تعالى {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم..} الآية.
وذكر ابن ظفر في قوله تعالى {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات..}: قيل كان اليهود يقولون للنبي: "إن أخبرتنا عن كذا وكذا آمنا بك" فيوحي الله إليه بذلك فيخبرهم به فلا يؤمنون، وهو المراد بقوله {أوَ كُلَّما عاهَدوا عهداً نبذهُ فريق منهم..}.
قال: وقيل إن الأعراب التي كانت منازلهم بقرب يثرب كانوا يغيرون عليهم ويقاتلونهم فيقولون: إن خرج النبي الذي يسفك دماءكم ويسبي أولادكم لنقاتلنكم معه ونؤمن به ويكررون الحلف، فلما بعث نبذوا جميع تلك العهود.). [العجاب في بيان الأسباب: 1/302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك} الآيتين ..
أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: (قال ابن صوريا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة، فأنزل الله في ذلك {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} الآية).
وقال مالك بن الصيف: حين بعث رسول الله وذكر ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد، والله ما عهد إلينا في محمد، ولا أخذ علينا ميثاقا، فأنزل الله تعالى {أوَكُلَّما عاهَدوا..} الآية.). [لباب النقول: 19](م)


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #37  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:26 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله}
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي قال في هذه الآية: {ولما جاءهم رسول..} قال: لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة فخاصموه بها فاتفق التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف ونسخة هاروت وماروت فلم توافق القرآن؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية إلى قوله {..كأنهم لا يعلمون}.
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: (لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات، فلما رجع إلى سليمان إلى ملكه أقام الناس على الدين كما كان ثم ظهر سليمان على كتبهم فدفنها تحت كرسيه ومات حدثان ذلك، فظهرت الجن والإنس على الكتب بعد وفاته فقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منها فأخذوا به فجعلوه دينا؛ فأنزل الله عز وجل {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلو الشياطين..} من المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله عز وجل) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/303-304]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #38  
قديم 16 رجب 1434هـ/25-05-2013م, 11:30 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَاِتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ..} الآية.
أخبرنا محمد بن عبد العزيز القنطري قال: أخبرنا أبو الفضل الحدادي قال: أخبرنا أبو يزيد الخالدي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا جرير قال: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث قال: (بينما نحن عند ابن عباس إذ قال: إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة فيشربها قلوب الناس؛ فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ قالوا: نعم. قال: تحت الكرسي، فأخرجوه فقالوا: هذا سحر فتناسخته الأمم؛ فأنزل الله عذر سليمان{وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ وَما كَفَرَ سُليمانُ}).
وقال الكلبي: إن الشياطين كتبوا السحر والنارنجيات على لسان آصف: (هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك)، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فأما علماء بني إسرائيل فقالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم ففشت الملامة لسليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال: {وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ} الآية.
أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة أن: الفضل بن زكرياء حدثهم عن أحمد بن نجدة أخبرنا سعيد بن منصور حدثنا عتاب بن بشير أخبرنا حصيفة قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال: لأي داء أنت فتقول: لكذا وكذا فلما نبتت شجرة الخرنوبة قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لمسجدك أخربه قال: تخربينه؟ قالت: نعم. قال: بئس الشجرة أنت فلم يلبث أن توفي فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان فأخذت الشياطين فكتبوا كتابًا فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا: نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر ورقى؛ فأنزل الله تعالى: {وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ} إلى قوله: {فَلا تَكفُر}.
قال السري: (إن الناس في زمن سليمان كتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه؛ فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان، وذهب الذين كانوا يعرفون دفنه الكتب تمثل شيطان على صورة إنسان فأتى نفرًا من بني إسرائيل فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدًا قالوا: نعم قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود؛ فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية) ). [أسباب النزول: 29-31]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان}
- أخرج الواحدي من تفسير إسحاق بن راهويه قال: أنا جرير عن حصين عن عمران بن الحارث قال: بينا نحن عند ابن عباس إذ قال: (إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلام حق فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة فيشربها قلوب الناس فاطلع على ذلك سليمان فأخذها يعني الصحف التي نسخوا فيها تلك الأكاذيب وما قبلها من الصدق فدفنها تحت الكرسي، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق وقال: ألا أدلكم على كنز سليمان المنيع الذي لا كنز مثله؟ قالوا: بلى، قال: تحت الكرسي فأخرجوه، فقالوا: هذا سحر فتناسخها الأمم؛ فأنزل الله تعالى عذر سليمان عليه السلام {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان..} الآية).
قال الواحدي: وقال الكلبي: إن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف بن برخيا: (هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك)، ودفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات سليمان استخرجوها من تحت مصلاه وقالوا للناس إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فأما علماء بني إسرائيل فقالوا معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان وأما السفلة فقالوا هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم وفشت الملامة على سليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله عز وجل محمدا فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} الآية.
- ثم أسند الواحدي من طريق سعيد بن منصور ثنا عتاب بن بشير أنا خصيف قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال: لأي داء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فلما نبتت شجرة الخروب قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لمسجدك أخربه. قال: تخربينه؟ قالت: نعم. قال: بئس الشجرة أنت، فلم يلبث أن توفي؛ فجعل الناس يقولون في مرضاهم لو كان مثل سليمان، فأخذت الشياطين فكتبوا كتابا فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا: نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر ورقي فأنزل الله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} إلى قوله {.. فلا تكفر}.
قال الواحدي: وقال السدي: (إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر واشتغلوا بتعلمه فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك، فلما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفن تلك الكتب تمثل الشيطان على صورة إنسان فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا؟ أي لا ينفد، قالوا: نعم. قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان كان يضبط الإنس والجن والشياطين والطير بهذا فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب. فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود فبرأ الله سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية).
قلت: أثر ابن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه، وعمران أخرجه له مسلم وباقي رجاله من رجال الصحيح.
وأما أثر الكلبي فأخرج الطبري نحوه عن ابن إسحاق ولفظه قال: "عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان فكتبوا أصناف السحر من كان يحب أن يبلغ كذا فليقل كذا حتى إذا استوعبوا أصناف السحر جعلوه في كتاب ثم ختموه بخاتم نقشوه على خاتم سليمان وكتبوا في عنوان الكتاب: (هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم)، ثم دفنوه تحت كرسيه، فاستخرجه بعد ذلك بقايا من بني إسرائيل حين أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا: والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا فأفشوا السحر وتعلموه وعلموه، فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود، فلما ذكر رسول الله سليمان وعده في من عده -يعني من الأنبياء- قال من كان بالمدينة من اليهود: ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبيا؟ والله ما كان إلا ساحرا ! فأنزل الله عز وجل هذه الآية" هكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد، وأخرج الطبري من طريق شهر بن حوشب نحوه بطوله فلعل ابن إسحاق أخذه عنه وعن الكلبي.
وحكى الماوردي (إن آصف بن برخيا كاتب سليمان واطأ نفرا من الشياطين على كتاب كتبوه سحرا ودفنوه تحت كرسي سليمان ثم استخرجوه..) فذكر القصة ولم أر في الآثار المسندة أن آصف واطأ الشياطين.
وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (لما جاءهم محمد بالقرآن عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت..) فمراده بـ"كتاب آصف" الكتاب الذي ادعت الشياطين أن آصف هو الذي ألفه، وهذا لا يلزم منه أنهم صدقوا فيما ادعوه على آصف.
ثم إن الثابت في كتابة الشياطين السحر أنه: إنما وقع لهم حين نزع من سليمان ملكه، كذلك أخرجه الطبري من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (كان الذي أصاب سليمان بن داود في سبب أناس من أهل امرأة يقال لها جرادة، وكانت من أكرم نسائه عليه فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل جرادة فيقضي لهم، فعوقب حين لم يكن هواه في الفريقين واحداً، وكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء نزع خاتمه...) فذكر القصة بطولها كما سيأتي في سورة ص إلى أن قال: (فعمدت الشياطين في تلك الأيام فكتبت كتبا فيها سحر وكفر، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها -يعني بعد موته- فقرأوها على الناس فقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب فبرئ الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمدا فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}).
وأخرج ابن أبي حاتم أثر الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس بلفظ: (كان آصف كاتب سليمان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا، وقالوا هذا الذي كان سليمان يعمله فأكفره جهال الناس وسبوه حتى أنزل على محمد {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..}).
وأما أثر خصيف ففيه ضعف مع إعضاله، وأصل قصة سليمان في خطاب الشجرة إذا نبتت وما يتداوى بها منه ثابت في حديث آخر؛ أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (مات سليمان وهو قائم يصلي ولم تعلم الشياطين بموته حتى أكلت الأرضة عصاه فخر، وكان إذا نبتت شجرة سألها لأي داء أنت؟ فتخبره، فلما نبتت الخروب سألها: لأي شيء أنت؟ فقالت: لخراب هذا المسجد. فقال: إن خراب هذا المسجد لا يكون إلا عند موتي، فاتخذ منها عصا يتوكأ عليها، وقال: اللهم عم عن الجن موتي..) الحديث، وسأذكره بتمامه في سورة سبأ إن شاء الله تعالى.
وأما أثر السدي فأخرجه الطبري مطولا، وفي أوله نظير القصة التي في أثر ابن عباس بأبسط منه وأوضح بيانا، ولفظه من طريق أسباط عن السدي قال: (كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع يستمعون من كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة فيخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا، حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم فأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة، فاكتتبت الناس ذلك الحديث في الكتب وفشا في بني إسرائيل إن الجن تعلم الغيب؛ فبعث سليمان في الناس فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق، وقال سليمان: لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين تعلم الغيب إلا ضربت عنقه، فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين يعرفون أمر سليمان وخلف بعد ذلك خلف تمثل شيطان في صورة إنسان..) فذكره، وفيه: (فأراهم المكان وقام ناحية فقالوا ادن، قال: لا، ولكني هاهنا في أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلوني، فحفروا فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان إنما كان يضطر الإنس والجن والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار فذهب وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بني إسرائيل تلك الكتب، فلما جاء محمد خاصموه بها فذلك حين يقول الله عز وجل {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر..}).
وأخرج الطبري أيضا من طريق الربيع بن أنس قال: (إن اليهود سألوا محمدا زمانا عن أمور التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه فيخصمهم؛ فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل الله إلينا منا...) وإنهم (سألوه عن السحر وخاصموه به؛ فأنزل الله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} الآية، وذلك أن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه؛ فأخبرهم النبي بهذا الحديث فرجعوا من عنده بخزي وقد أدحض الله حجتهم).
وأخرج الطبري من طريق عمرو بن دينار عن مجاهد في قوله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان..} قال: كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مئتين مثلها؛ فأرسل سليمان إلى ما كتبوا من ذلك فأخفاه، فلما مات سليمان وجدته الشياطين فعلمته الناس وهو السحر.
- قلت: وجاء في سبب نزول قوله تعالى {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} قول آخر؛ أخرجه الطبري أيضا من طريق عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: (أخذ سليمان من كل دابة عهدا فإذا أصيب رجل فسئل بذلك العهد خلي عنه فزاد الناس السجع والسحر وقالوا هذا كان يعمل به سليمان؛ فقال الله تعالى {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا..}). وهذا سند صحيح، لكنه في حكم المرسل لأن أبا مجلز تابعي وسط من طبقة محمد بن سيرين.
وجاء فيه أيضا ما أخرجه الطبري من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: (كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر ويأخذه فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزائنه فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه، فدبت إلى الإنس فقالوا لهم: أتريدون العلم الذين كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم. قالوا فإنه في بيت خزائنه وتحت كرسيه، فاستشارته الإنس فاستخرجوه فعملوا به، فقال أهل الحجى: ما كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر؛ فأنزل الله تعالى على نبيه براءة سليمان فقال: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا..} الآية، فأبرأ الله سليمان على لسان نبيه محمد) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/304-314]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت}
سبب نزولها ما تقدم في قوله {واتبعوا ما تتلو الشياطين..} وما بعده؛ فأخرج الطبري من طريق السدي في هذه الآية قال: (هذا سحر آخر خاصموه به أي خاصموه بما أنزل الله على الملكين لأن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس وعلمت به كان سحرا).
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: (السحر سحران؛ سحر تعلمه الشياطين، وسحر يعلمه هاروت وماروت).
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: (لم ينزل الله السحر)، ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله قال الطبري: فعلى هذا فالمراد بالملكين جبريل وميكائيل، وهاروت وماروت رجلان من أهل بابل، وفي الكلام تقديم وتأخير والتقدير "وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل" و"هاروت وماروت" بدل من الناس، والقراءة المشهورة أن (الملكين) بفتح اللام وبنى الطبري الاختلاف فيها على تفسيرها:
- فمن قرأ بالفتح قال: هما هاروت وماروت أو جبريل وميكال.
- ومن بالكسر قال: هما علمان ملكا بابل أو شيطانان.
ورجح الأول لشهرة القراءة بالفتح ولتعسف التأويل والتركيب ممن قال: جبريل وميكال.
واختلف في الأمر الذي أنزل الملكان بسببه فوردت في ذلك أقوال:
1- إن السحرة كانوا كثروا وفشا منهم عمل السحر حتى ادعوا النبوة فجاء الملكان يعلمان الناس السحر ليتمكنوا من معارضة السحرة.
2 - وقيل كان السحر الذي يوقع التفرقة بين أعداء الله وأوليائه مباحا فنزلا لذلك فاستعمله بعضهم في التفرقة بين الزوجين وغير ذلك من الباطل.
3 - وقيل إن الجن كانوا يقدرون من السحر على ما لا يقدر عليه البشر فنزلا ليعلما البشر ليحذروا من فعل الجن.
4 - وقيل أنهما نزلا بالوحي على إدريس.
وهذه الأقوال جمعت مما ذكره من ينقل كل ما وجد سواء ثبت عن قائليه أم لا ومنهم من يحذف اسم من نقل ذلك ومن نقل عنه ومهم من يعسر عليه التأويل فيبادر إلى تكذيب المنقول لعدم معرفته بأحوال النقلة حتى أن أبا حيان مع أنه ممن ينتسب إلى الحديث وأهله ويتبسط في توثيق بعض الشيوخ وتجريحهم تبع غيره في إنكار ما ورد من قصة هاروت وماروت والزهرة كما سأذكر لفظه. وقد ورد في ذلك خبر مرفوع رجاله موثقون وله شواهد كثيرة.
قال أحمد في مسنده: حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر إنه سمع نبي الله يقول: ((إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها..} الآية إلى {.. ما لا تعلمون} قالت الملائكة: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم، فقال الله تبارك وتعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى يهبطا إلى الأرض فننظر كيف يعملان، قالوا: ربنا هاروت وماروت، فاهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاآها فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الشرك. فقالا: لا والله لا نشرك شيئا أبدا، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها، فقالت: لا لا والله حتى تقتلا هذا الصبي. فقالا: لا والله لا نقتله أبدا. فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا)).
قال شيخنا الحافظ أبو الحسن في زوائد المسند: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير وهو ثقة.
قلت: السند على شرط الحسن وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه كعادته في تصحيح مثله فأخرجه في النوع الرابع من القسم الثالث عن الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكير ورجاله رجال الصحيح إلا موسى بن جبير فإنه مدني نزل مصر وروى عنه جماعة ولم أر فيه تجريحا ولا تعديلا إلا ذكر ابن حبان له في الثقات وإخراج حديثه في صحيحه.
وقال ابن حبان بعد تخريجه: الزهرة هذه امرأة كانت في ذلك الزمان، لا أنها الزهرة التي هي في السماء.
قلت: وهذا مما قاله من عنده وقد ورد الخبر، بخلاف ما زعم وصرح فيه بأنها الزهرة الكوكب الذي هو الآن في السماء وإن تلك المرأة مسخت كوكبا؛ فأخرج الطبري من طريق حماد بن زيد عن خالد الحذاء عن عمير بن سعيد قال: (سمعت عليا رضي الله عنه يقول: كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء فعلماها فعرجت إلى السماء فمسخت كوكبا). وهذا سند صحيح وحكمه أن يكون مرفوعا؛ لأنه لا مجال للرأي فيه وما كان علي رضي الله عنه يأخذ عن أهل الكتاب.
وأخرجه عبد بن حميد بسند آخر صحيح إلى علي أتم منه قال: حدثنا يعلى ابن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عمير وأخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن أبي خالد به وقال صحيح عن عمير بن سعيد قال: (قال علي أرأيتم هذه الزهرة؟ تسميها العجم أناهيد وكانت امرأة وكان الملكان يهبطان أول النهار يحكمان بين الناس ويصعدان آخر النهار، فأتتهما فأراداها على نفسها كل واحد من غير علم صاحبه ثم اجتمعا فأرادها، فقالت لهما: لا، إلا أن تخبراني بم تهبطان إلى الأرض وبما تصعدان، فقال أحدهما للآخر: علمها، فقال: كيف بنا لشدة عذاب الله، قال: إنا لنرجو سعة رحمة الله فعلماها، فتكلمت به فطارت إلى السماء فمسخها الله فكانت كوكبا).
وقال عبد الرزاق في تفسيره وأخرجه عبد بن حميد عنه قال: أنا ابن التيمي هو معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن ابن عباس قال: (إن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت فهي هذه الكوكب الحمراء) -يعني الزهرة-، وهذا سند صحيح أخرجه الحاكم من هذا الوجه وأخرجه الطبري من وجه آخر أتم منه وسيأتي ذكره في تفسير حم.
وجاء عن ابن عمر مطولا أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد قال: كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه: (انظر طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله، هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة: رب كيف تدع عصاة بني آدم وهو يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض فقال إني قد ابتليتهم فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون، قالوا: لا، قال فاختاروا من خياركم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض وأعهد إليكما أن لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تخونا فاهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشبق وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت: إني على دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا إن كان على مثله فقالا: وما ذلك؟ قالت: المجوسية. قالا: الشرك هذا لا نقربه، فسكتت عنهما ما شاء الله، ثم تعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت: ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فافتضح فإن أقررتما بديني وشرطتما لي أن تصعداني إلى السماء فعلت، فأقراها وأتياها ثم صعدا بها، فلما انتهيا بها اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا يبكيان وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا: لو أتينا فلانا فسألناه أن يطلب لنا التوبة فأتياه فقال: رحمكما الله كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء فقالا: إنا قد ابتلينا. قال: ائتياني يوم الجمعة، فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية، فأتياه فقال: اختاروا قد خيرتما إن أحببتما معاقبة الدنيا وأنتما في الآخرة على حكم الله، وإن أحببتما عذاب الآخرة. فقال أحدهما: الدنيا لم يمض منها إلا قليل. وقال الآخر: ويحك إني قد أطعتك في الأمر فأطعني الآن إن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى فقال: أما تخشى أن يعذبنا في الآخرة؟ فقال: لا إني لأرجو إن علم الله إنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة أن لا يجمعهما علينا، فاختاروا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عاليها وسافلها).
وهذه متابعة قوية لرواية موسى بن جبير عن نافع لكنها موقوفة على ابن عمر لم يضفها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاءت من وجه آخر عن ابن عمر عن كعب الأحبار موقوفة عليه، أخرج ابن أبي حاتم أيضا وعبد بن حميد من طريق الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب قال: (ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما: اهبطا إلى الأرض وإني أرسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكما رسولا، لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر). قال كعب: (فما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استحلا جميع ما حرم عليهما).
قلت: وسند الثوري أقوى من سند زهير إلا أن رواية كعب مختصرة جدا فيحتمل أن يكون ابن عمر استظهر برواية كعب لكونها توافق ما حمله ابن عمر عن النبي.
وقد حكى المنذري عن بعض العلماء أنه رجح الرواية الموقوفة على كعب على الرواية المرفوعة. والذي أقول: لو لم يرد في ذلك غير هاتين الروايتين لسلمت أن رواية سالم أولى من رواية نافع لكن جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عمر ثم من عدة طرق عن الصحابة ومجموع ذلك يقضي بأن للقضية أصلا أصيلا والله أعلم.
وقد جاء عن ابن عباس موقوفا عليه بسند حسن أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس قال: (لما وقع الناس بعد آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء: يا رب هذا العالم الذين إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا في الكفر وقتل النفس وأكل الحرام والزنا والسرقة وغير ذلك وجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم. فقيل لهم: إنهم في غيب، فلم يعذروهم. فقيل لهم: اختاروا منكم ملكين من أفضلكم آمرهما وأنهاهما. فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض، وجعل لهما شهوات بني آدم، وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمان إدريس، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب، وإنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها، فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت: هذا أعبده. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا. فذهبا فغبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها فراوداها عن نفسها ففعلت مثل ذلك، فذهبا، ثم أتيا فأراداها على نفسها، فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما: فاختارا إحدى الخلال الثلاث إما أن تعبدا هذا الصنم وإما أن تقتلا هذه النفس وإما أن تشربا هذه الخمر. فقالا: كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما فوقعا المرأة، وخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه، فلما ذهب عنهم السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا إلى الصعود إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك، وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه من الخطيئة فعجبوا كل العجب، وعرفوا أن من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض، فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب بالآخرة، فقالا: أما عذاب الدنيا فإنه يذهب وينقطع أما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان).
وأخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس وسنده صحيح إلى قتادة قال: حدثنا أبو سعيد العدوي في جنازة يونس أبي غلاب عن ابن عباس قال: (إن الله أفرج السماء لملائكته ينظرون أعمال بني آدم...) فذكر نحو القصة، وقال في روايته: (أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم. قالوا: سبحانك ما ينبغي لنا..) وقال فيها: (فاهبطا إلى الأرض وأحل لهما ما فيها...)، ولم يذكر: (وذلك في زمان إدريس)، وقال فيها: (فما أشهرا حتى عرض لهما بامرأة قد قسم لها نصف الحسن يقال لها "بيذخت" فلما رأياها كسرا بها...)، وقال فيها: (ودخل عليهما سائل فقتلاه...)، وزاد: (فقالت الملائكة: سبحانك أنت كنت أعلم...)، وقال فيها: (فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهم...)، وقال في آخرها: (فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما بمثل أعناق النجب وجعلا ببابل).
وله طريق أخرى بسند جيد إلى يزيد الفارسي عن ابن عباس قال: (إن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم...) فذكر نحوه، وفيه: (اختاروا ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض ويحكموا بينهم وجعلت فيهم شهوة الآدميين فاستقال منهم واحد فأقيل وأهبط اثنان فأتتهما امرأة يقال لها مناهيد فهوياها جميعا...) فذكر القصة، وفي آخرها: (وقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما، فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة، وأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما...)، وفي آخره: (فهما مناطان بين السماء والأرض). أخرجه ابن أبي حاتم.
وجاء من وجه آخر مقتصرا على آخر القصة وسنده على شرط الصحيح إن كان التابعي حمله عن ابن عباس؛ قال عبد الرزاق: أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله: (إن هاروت وماروت كانا ملكين فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فتحاكمت إليهما امرأة، فحافا لها، ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك، فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا).
تنبيه:
طعن في هذه القصة من أصلها بعض أهل العلم ممن تقدم وكثير من المتأخرين وليس العجب من المتكلم والفقيه إنما العجب ممن ينتسب إلى الحديث كيف يطلق على خبر ورد بهذه الأسانيد القوية مع كثرة طرقها أو تباين أسانيدها أنه باطل أو نحو ذلك من العبارة مع دعواهم تقوية أحاديث غريبة أو واردة من أوجه لكنها واهية واحتجاجهم بها والعمل بمقتضاها.
وقد لخص الثعلبي ثم ابن ظفر ثم القرطبي هذه القصة من بعض ما ذكرته ومن رواية الكلبي وغيره من المفسرين، وذكروا في القصة زيادات:
1- منها: إن الذين أنكروا أعمال بني آدم هم الثلاثة الذين اختاروهم.
2- ومنها عن عطاء: "بلغني أن هاروت وماروت قالا: يا ربنا إنك لتعصى في الأرض، فأهبطهما إلى الأرض".
3- ومنها: إن الثالث الذي استقال يسمى عزازيل، وأنه أقام أربعين سنة مطأطئا رأسه استحياء من ربه وأنه عندما ركبت فيه الشهوة أحس بالبلاء فلذلك استقال.
4- ومنها: "لو كنتم مكانهم لعلمتم شرا من أعمالهم".
5- ومنها قول كعب: "ما مر بهما شهر حتى فتنا بالمرأة".
6- ومنها أن: "أحدهما قال للآخر: هل لك أن تقضي على زوجها؟ قال: أما تعلم ما عند الله من العقوبة؟ قال: بلى، ولكن أما تعلم ما عنده من الرحمة لمن تاب،فسألاها نفسها فقالت: لا، إلا أن تقتلاه فأفرغ لكما، فقتلاه وسألاها نفسها فقالت: لا، إلا أن تعبدا معي الصنم، فتقاولا ثم صلبا فتقاولا كالأول).
7- ومنها "فجعل الملائكة يعذرون أهل الأرض".
8- ومنها أنهما لما ندما انطلقا إلى إدريس وقيل إلى سليمان وقيل إلى بعض علماء العصر الذين أنكروا قصة هاروت وماروت.
- وأما من أنكرها فجماعة؛ منهم القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن فقال: "وقد روى المفسرون عن نافع قال: قال لي ابن عمر: (اطلعت الحمراء؟ قلت: نعم. وذكر أنه لعنها فقلت: سبحان الله نجم مسخر مطيع تلعنه! قال: ما قلت إلا ما سمعت من رسول الله أن الملائكة عجبت من معاصي بني آدم في الأرض..)" فذكر القصة ولخص بعض ما ورد في ذلك، ثم قال: "وإنما سقت هذا الخبر لأن العلماء رووه ودونوه فخشينا أن يقع لمن يضل به، وتحقيق القول فيه أنه لم يصح سنده، ولكنه جائز كله في العقل لو صح النقل، ولا يمتنع أن تقع المعصية من الملك، ويوجد منهم خلاف ما كلفوه وتخلق فيهم الشهوات؛ فإنه لا ينكر ذلك إلا جاهل لا يدري الجائز من المستحيل أو من شم ورد الفلاسفة القائلين بأن الملك روحاني بسيط لا تركيب فيه، وشهوة الطعام والشراب والجماع لا تكون إلا في مركب، وهذا تحكم لأنهم أخبروا عن كيفية لم يروها ولا نقلت إليهم ولا دل العقل عليها وجواز تركيب البسيط إنما هو بطريق العادة وأما ما أخبر الله به عنهم أنهم "يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وأنهم يفعلون ما يؤمرون" فهو خبر صدق وحق، لكنه إخبار عن حالهم إلى آخر كلامه فجوز وقوع ذلك ودفع صحة النقل بوقوعه وهو محجوج بما قدمته."
وقد تلقاه عنه القرطبي المفسر فقال بعد أن أشار إلى القصة باختصار ما نصه: وهذا كله ضعيف وبعيد على ابن عمر، وممن أنكر صحة ذلك أبو محمد ابن عطية في تفسيره، فقال: "روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار والسدي والكلبي ما معناه..." فذكر القصة ملخصة، ثم قال: "وهذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره، لا يصح منه شيء فإنه قول تدفعه الأصول في المنقول وأما العقل فلا ينكر ذلك إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم لكن وقوع هذا الجائز لا يدرك إلا بالسمع ولم يصح". انتهى.
و منهم أبو محمد بن حزم فقال في كتاب الملل والنحل بعد أن قرر عصمة الأنبياء، واستدل بالآيات الواردة في ذلك، وأطنب في التمسك بظاهرها وعمومها ثم ختم بأن قال: "وهذا يبطل ظن من قال إن هاروت وماروت كانا ملكين فعصيا بالزنا وشرب الخمر وقتل النفس.." ثم أخذ يتأول القصة التي في الآية قال: "ولم يقل الله إنهما كفرا ولا عصيا، وإنما جاء ذلك في خرافة موضوعة لا تصح من طريق الإسناد أصلا ولا هي مع ذلك عن رسول الله، بل هي موقوفة على من دونه فسقط التعلق بها.." إلى أن قال: "نسبوا إلى الله ما لم يأت به أثر يشتغل به وإنما هو كذب مفترى إن الله أنزل إلى الأرض ملكين وهما هاروت وماروت، وإنهما عصيا بشرب الخمر، والحكم بالباطل وقتل النفس المحرمة والزنا وتعليم الزانية اسم الله الأعظم فطارت به إلى السماء فمسخت كوكبا وهي الزهرة وإنهما عذبا في غار ببابل.." قال: "وأعلى ما في هذا الباب خبر رويناه من طريق عمير بن سعيد -وهو مجهول- يقال له مرة النخعي، ومرة الحنفي ما نعلم له رواية إلا هذه الكذبة وليست مرفوعة بل وقفها على علي، وكذبة أخرى في أن حد الخمر لم يسنه النبي". انتهى.
وكلامه في هذا الفصل ينبئ عن قصوره في النقل فإن عمير بن سعيد وثقه يحيى بن معين ومحمد بن سعد، وحديثه فيما يتعلق بحد الخمر أخرجه البخاري في صحيحه، ولا نعرف أحدا قدح في سنده قبله ولا جرح عمير بن سعيد ولا قال أنه مجهول.
وقد قال شعبة عن الحكم: "قال عمير بن سعيد وحسبك به"، وذكر البخاري في تاريخه أنه كان بالكوفة لما كان المغيرة بن شعبة أميرها في زمن عمر رضي الله عنه.
و أما قوله "إنه ليس له إلا هذان الأثران" فحصر مردود؛ لأن له رواية عن أبي موسى، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، والحسن بن علي، وغيرهم من الصحابة، وعن علقمة، ومسروق وغيرهما من التابعين، وحدث عنه خلق من التابعين، فسقط كلامه وقد تلقاه منه بالقبول شيخ من شيوخنا أثير الدين أبو حيان وسأذكر كلامه بعد.
وممن صرح بنفي ورود حديث مرفوع في هذه القصة القاضي عياض في الشفاء فقال ما نصه بعد أن حكى الخلاف في عصمة الأنبياء هل هي عامة في الجميع أو في المرسلين فقط وفيمن عداهم خلاف قال: "فما احتج به من لم يوجب عصمة جميعهم قصة هاروت وماروت، وما ذكر فيها أهل الأخبار ونقلة التفسير وما يروى عن علي وابن عباس في خبرهما وابتلائهما فاعلم أن هذه الأخبار لم يرو منها شيء لا سقيم ولا صحيح عن رسول الله، وليس هو شيئا يؤخذ بقياس والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه وقد أنكر ما قال بعضهم فيه كثير من السلف وهذه الأخبار من كذب اليهود وافترائهم".
قلت: وهذا من غريب ما وقع لهذا الإمام المشتهر بالحديث، المعدود في حفاظه، المصنف في شرحه، كيف يجزم بما نفاه من ورود خبر مرفوع في هذه القصة؟! وكيف يجزم بأن الذي ورد من ذلك إنما هو من افتراء اليهود؟! مع أن عليا وابن عباس وابن عمر وغيرهم ثبت عنهم الإنكار على من سأل اليهود عن شيء من الأمور وكثرة الأخبار الواردة في هذه القصة.
وقال أبو حيان في تفسيره الكبير الذي سماه البحر: "وقد ذكر المفسرون في قراءة من قرأ (الملَكين) -بفتح اللام- قصصا تتضمن أن: الملائكة تعجبت من بني آدم..." فذكر قصة ملخصة إلى أن قال: "وكل هذا لا يصح منه شيء، والملائكة معصومون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ولا يصح أن رسول الله كان يلعن الزهرة ولا ابن عمر" انتهى.
وليعتبر الناظر في كلام هؤلاء والعجب ممن ينتمي منهم إلى الحديث ويدعي التقدم في معرفة المنقول ويسمى عند كثير من الناس بالحافظ كيف يقدم على هذا النفي ويجزم به مع وجوده في تصانيف من ذكرنا من الأئمة بالأسانيد القوية والطرق الكثيرة؟! والله المستعان.
وأقول: في طرق هذه القصة القوي والضعيف ولا سبيل إلى رد الجميع فإنه ينادى على من أطلقه بقلة الإطلاع والإقدام على رد ما لا يعلمه، لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص فيؤخذ بما اجتمعت عليه ويؤخذ من المختلف ما قوي، ويطرح ما ضعف أو ما اضطرب فإن الاضطراب إذا بعد به الجمع بين المختلف ولم يترجح شيء منه التحقق بالضعيف المردود. والله المستعان). [العجاب في بيان الأسباب: 1/314-343]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
(ك) أخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال: قالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل، يذكر سليمان مع الأنبياء، وإنما كان ساحرا يركب الريح، فأنزل الله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية: أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل إلينا منا، وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه به، فأنزل الله {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} الآية). [لباب النقول: 19]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #39  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:06 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيَّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا} الآية.
قال ابن عباس في رواية عطاء: (وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح فقالوا: إنا كنا نسب محمدًا سرًا فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من كلامه فكانوا يأتون نبي الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد راعنا ويضحكون ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفًا بلغة اليهود فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا: ألستم تقولونها له؟؛ فأنزل الله تعالى:{(يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا وقولوا انظرنا} الآية) ). [أسباب النزول: 31]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا..} الآية.
قال الواحدي: قال ابن عباس في رواية عطاء: (إن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعهم اليهود يقولونها للنبي أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود للسبب القبيح فقالوا إنا نسب محمدا سرا فالآن أعلنوا بسب محمد لأنه من كلامهم فكانوا يأتون نبي الله فيقولون يا محمد راعنا ويضحكون ففطن لها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفا بلغة اليهود فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا ألستم تقولونها له فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا..} الآية). انتهى ما نقله الواحدي، فأوهم بقوله في رواية عطاء أن السند إلى عطاء بذلك قوي، وليس كذلك، وإنما هذا السياق من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي بإسناده الماضي في المقدمة والثابت عن عطاء ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الأشج عن أبي معاوية عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء لا تقولوا راعنا قال كانت لغة تقولها الأنصار فنهى الله عنها فقال {لا تقولوا راعنا..} الآية.
وقال عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة والكلبي في هذه الآية قالا: كانوا يقولون راعنا سمعك وكانت اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك يستهزؤون فنزلت وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن قتادة كانت اليهود تقول راعنا استهزاء فكرهه الله للمؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صخر حميد بن زياد كان رسول الله إذا ولى ناداه من كانت له حاجة من الناس أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك ومن طريق عباد بن منصور عن الحسن الراعن من القول السخري منه نهاهم الله أن يسخروا من قول نبيه وما يدعوهم إليه من الإسلام.
قال ابن ظفر: قرأ ابن مسعود (راعونا) وهي أشبه بلغتهم، ونسب ما ذكر قبل عن سعد بن عبادة لسعد بن معاذ.
وكذا ذكره القرطبي ووافق مقاتل في تفسيره على إنه سعد بن عبادة.
وذكر الثعلبي أن معنى (راعنا) بلغة اليهود: أسمعنا، لا سمعت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي أن: رجلا من اليهود كان يدعى رفاعة بن زيد كان يأتي النبي فإذا لقيه فكلمه قال أرعني سمعك ثم تقدم إلى المؤمنين فقال: لا تقولوا راعنا.). [العجاب في بيان الأسباب:344 - 1/347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(ك) أخرج ابن المنذر عن السدي قال: كان رجلان من اليهود: مالك بن الصيف، ورفاعة بن زيد، إذا لقيا النبي صلى الله عليه وسلم قالا وهما يكلمانه: راعنا سمعك واسمع غير مسمع، فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا} الآية.
وأخرج ابن نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: ((راعنا) بلسان اليهود: السب القبيح، فلما سمعوا أصحابه يقولون: أعلنوا بها له، فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم؛ فنزلت فسمعها منهم سعد بن معاذ، فقال لليهود: يا أعداء الله لئن سمعتها من رجل منكم بعد هذا المجلس لأضربن عنقه).
(ك) وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كان الرجل يقول: أرعني سمعك فنزلت الآية.
(ك) وأخرج عن عطية قال: كان أناس من اليهود يقولون أرعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ذلك فنزلت الآية.
(ك) وأخرج عن قتادة قال: كانوا يقولون راعنا سمعك، فكان اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك، فنزلت.
وأخرج عن عطاء قال: كانت لغة في الأنصار في الجاهلية فنزلت.

وأخرج عن أبي العالية قال: إن العرب كانوا إذا حدث بعضهم يقول أحدهم لصاحبه: أرعني سمعك، فنهوا عن ذلك). [لباب النقول: 19-20]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #40  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:08 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مَن أَهلِ الكِتابِ} الآية.
قال المفسرون: إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود: آمنوا بمحمد قالوا: هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ولوددنا لو كان خيرًا؛ فأنزل الله تعالى تكذيبًا لهم هذه الآية). [أسباب النزول: 31]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم}الآية.
قال الواحدي: كان المسلمون إذا قالوا لحلفائهم: آمنوا بمحمد، قالوا: ما هذا الدين الذي تدعوننا بخير من الدين الذي نحن فيه ولوددنا لو كان خيرا؛ فأنزل الله هذه الآية تكذيبا لهم.
قلت: سبقه الثعلبي ولم ينسبه لقائل، وعبر عنه ابن ظفر والجعبري بـ "قيل" ثم قال ابن ظفر: الخير هنا القرآن كان ينزل بما يقصم به الكفار من البشرى للمؤمنين والوعيد للكفار فيزداد المؤمنين به في جهادهم). [العجاب في بيان الأسباب: 1/347]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #41  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:20 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {ما نَنسَخ مِن آيةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِنها}
قال المفسرون: إن المشركين قالوا: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غدًا، ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام يناقض بعضه بعضًا؛ فأنزل الله تعالى: {إِذا بَدَّلنا آيَةً مَكانَ آَيَةً} الآية، وأنزل أيضًا: {ما نَنسَخ مِن آَيَةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِّنها أو مثلها} الآية). [أسباب النزول: 32]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ما ننسخ من آية أو ننسأها نأت بخير منها}الآية.
قال الواحدي: قال المفسرون: إن المشركين قالوا: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه، ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ثم يرجع عنه غدا، ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام ينقض بعضه بعضا؛ فأنزل الله تعالى {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر..} وأنزل أيضا {ما ننسخ من آية أو ننسها..} الآية.
قلت: وهذا أيضا تبع فيه الثعلبي فإنه أورده هكذا، وتبعهما الزمخشري فلخصه فذكر أنهم طعنوا في النسخ وكذلك القرطبي وزاد أنهم أنكروا شأن القبلة وغيره المنسوخ. ووجدت في المنقول عن السلف ما أخرجه عبد بن حميدعن قتادة قال: كانت الآية تنسخ الآية، وكان نبي الله يقرأ الآية من السورة ثم ترفع فينسيها الله تعالى نبيه، فقال الله تعالى يقص على نبيه {ما ننسخ من آية..} الآية.
قلت: وقد أورد الثعلبي في آخر كلامه هنا حديثا يستأنس به في سبب النزول، وهو ما أخرجه أبو عبيد من طريق الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب قال: أخبرنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف في مجلس سعيد بن المسيب أن: رجلا كانت معه سورة فقام يقرأها من الليل، فلم يقدر عليها وقام آخر يقرأها فلم يقدر عليها، فأصبحوا فأتوا النبي، فقال بعضهم: قمت البارحة فذكر حاله. فقال الآخر: ما جئت إلا لذلك! فقال آخر: وأنا يا رسول الله. فقال رسول الله: ((إنها نسخت البارحة)).
قلت: ولعل قتادة أخذ ما قال من هذا الخبر، وليس في الخبر تعيين الآية الناسخة صريحا بل ما يومئ إلى ذلك، والعلم عند الله تعالى). [العجاب في بيان الأسباب: 1/347-350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}
(ك) أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: (كان ربما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل ونسيه في النهار؛ فأنزل الله{ما ننسخ.. } الآية) ). [لباب النقول: 20]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #42  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:21 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {أَم تُريدونَ أَن تَسأَلوا رَسُولَكُم....} الآية.
قال ابن عباس: (نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي كعب ورهط من قريش قالوا: يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبًا ووسع لنا أرض مكة وفجر الأنهار خلالها تفجيرًا نؤمن بك؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية).
وقال المفسرون: إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قائل يقول: ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائل يقول -وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي-: ائتنا بكتاب من السماء فيه: "من رب العالمين إلى ابن أبي أمية اعلم أنني قد أرسلت محمدًا إلى الناس"، ومن قائل يقول: لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية). [أسباب النزول: 32]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله عز وجل {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} الآية.
قال الواحدي: قال ابن عباس: (نزلت في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش قالوا يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا ووسع لنا أرض مكة وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك فأنزل الله هذه الآية).
- قول آخر: قال المفسرون: إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله؛ فمن قائل يقول ائتنا بكتاب من السماء كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائل يقول -وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي-: ائتنا بكتاب من السماء فيه "من رب العالمين إلى ابن أبي أمية اعلم أنني قد أرسلت محمدا إلى الناس"، ومن قائل يقول: "لن نؤمن بك أو تأتي بالله والملائكة قبيلا"؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قلت: أما الأول فذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد لكنه مغاير له أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله: ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه، وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك؛ فأنزل الله تعالى{أم تريدون أن تسألوا رسولكم..} الآية).
وقد قال الثعلبي عقب الأول: قال مجاهد: (لما قالت قريش هذا لرسول الله قال: نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا فأبوا ورجعوا). قال: الصحيح أنها نزلت في اليهود حين قالوا: يا محمد ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة.
قال الثعلبي: ويصدق هذا القول أن هذه السورة مدنية وقد قال تعالى {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}. انتهى.
وفيما حاوله نظر فإن أثر مجاهد المذكور صريح في أن السائل في ذلك هم قريش ،كذا أخرجه الفريابي والطبري وابن أبي حاتم صحيحا إليه قال: (سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا فقال: نعم، وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل، فأبوا ورجعوا) لكن لم يقل إن هذه الآية نزلت في ذلك.
وأما ما نقله الواحدي عن المفسرين فأومأ به إلى الجمع بين ما نقله الثعلبي عن ابن عباس ثم عن مجاهد، وسيأتي في تفسير سورة "سبحان" تسمية من سأل تحويل الصفا ذهبا مع عبد الله بن أبي أمية وغير ذلك.

وقد جاء عن إمام كبير من المفسرين سبب آخر أوضح مما نقله وأولى بأن يكون سببا لنزول هذه الآية؛ وهو ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند قوي عن أبي العالية -وهو من كبار التابعين- قال في قوله تعالى {أم تريدون أن تسألوا رسولكم..} الآية، قال: (قال رجل: يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل، فقال النبي:((اللهم لا نبغيها ثلاثا ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل؛ كان أحدهم إذا أصاب الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الدنيا والآخرة؛ فأعطاكم الله خيرا مما أعطاهم{من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}))؛ فنزلت {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل..} الآية).
- وحكى ابن ظفر أنه قيل أنها نزلت في من قال من المسلمين لما رأوا شجرة يقال لها ذات أنواط فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط فقال هذا كقول قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال ابن ظفر لأن التبرك بالشجر واتخاذها عيدا يستدرج من يجيء بعدهم إلى عبادتها). [العجاب في بيان الأسباب: 1/350-353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}
(ك) أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله: يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه أو فجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله في ذلك: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} إلى قوله: {سواء السبيل}.
وكان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود حسدا للعرب إذ خصهما الله برسوله، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا: فأنزل الله فيهما {ود كثير من أهل الكتاب} الآية.

(ك) وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: (سألت قريش محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، فقال: ((نعم وهو لكم كمائدة بني إسرائيل إن كفرتم))، فأبوا ورجعوا، فأنزل الله{أم تريدون أن تسألوا رسولكم} الآية).
وأخرج عن السدي قال: سألت العرب محمدا أن يأتيهم بالله جهرة فنزلت.
(ك) وأخرج عن أبي العالية قال: (قال رجل: يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ما أعطاكم الله خير، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة، وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك قال تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} الآية. والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن))، فأنزل الله {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} الآية). [لباب النقول: 20-21]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #43  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:23 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ} الآية.
قال ابن عباس: (نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم).
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه: (أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى؛ فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم، وفيهم أنزلت:{وَدَّ كَثيرُ مَن أَهلِ الكِتابِ}إلى قوله:{فَاِعفوا وَاِصفَحوا})). [أسباب النزول: 32-33]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم}
قال الواحدي: قال ابن عباس: (نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم).
قلت: هذا لعله من تفسير الكلبي، والذي ذكره ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد وحدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: (كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله تعالى برسوله وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا؛ فأنزل الله تعالى فيهما {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم..} الآية).
- قول آخر وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري هو كعب بن الأشرف وللطبري من طريق المعمري عن معمر عن الزهري وقتادة مثله ورد الطبري هذا بأنه لا يقال لمن نسب قولا إلى كثير: يجوز أن يكون المراد به واحدا ولا سيما وقد قال بعد ذلك {لو يردونكم} إذ لو أراد بقوله كثير من أهل الكتاب الواحد كما يقال "فلان في الناس كثير" أي في رفعة القدر وعظيم المنزلة لقال (يردكم) ولم يقل (يردونكم).
قلت: هذا الذي أورده الطبري مختصر من حديث طويل. وقد أخرج الواحدي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ما أخرجه في الزهريات من طريق الزهري: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه:
(إن كعب بن الأشرف كان يهوديا شاعرا فكان يهجو النبي ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة يؤذون النبي وأصحابه أشد الأذى فأمرهم الله بالصبر والعفو وفيهم نزلت {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا..}إلى قوله{فاعفوا واصفحوا}). وهذا سند صحيح وأخرجه أبو داود من هذا الوجه دون هذا الكلام الأخير؛ وعلى هذا فالجمع في قوله (يردونكم) لكعب ومن تابعه ويستقيم الكلام.
ونقل ابن ظفر عن ابن عباس نحو الأول ثم قال: (وبسط هذا الكلام بعض الرواة فقال:...) وذكر ما ذكره الثعلبي بغير إسناد، قال: (نزلت هذه الآية في نفر من اليهود منهم فنحاص ابن عازورا وزيد بن قيس، قالوا لحذيفة وعمار بعد وقعة أحد: انظروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل، ونحن أهدى منكم سبيلا. فقال لهم عمار: كيف نقض العهد عندكم؟ قالوا: هو شديد. قال: فإني عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت. فقالت اليهود: أما هذا فقد خيبنا. فقال حذيفة: وأما أنا فقد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا، ثم أتيا رسول الله فأخبراه بذلك فقال: ((أصبتما الخير وأفلحتما))؛ فأنزل الله تعالى {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم} -يا معشر المؤمنين- {من بعد إيمانكم كفارا}) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/354-357]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الآية.
قال أبو الشيخ في كتاب الأخلاق: أخبرنا ابن أبي عاصم ثنا عمرو بن عثمان بن بشر بن سعيد عن أبيه عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أنه أخبره أن: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ركب على حمار فقال لسعد: ((ألم تسمع ما قال أبو الحباب –يريد عبد الله بن أبي- قال كذا وكذا)) فقال سعد بن عبادة: اعف عنه واصفح، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه يعفون عن أهل الكتاب والمشركين؛ فأنزل الله عز وجل: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
الحديث رجاله ثقات فابن أبي عاصم حافظ كبير ترجمته في تذكرة الحفاظ [ج2 ص640]، والباقون في تهذيب التهذيب والحديث في الصحيح من طريق شعيب بن أبي حمزة بهذا السند لكن ليس في الصحيح سبب النزول، وهكذا في تفسير ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير [ج1 ص135]). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 22-23]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #44  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:24 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن}الآية
قال السدي وغيره: (نزلت في الذين قالوا: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى..}؛ أي قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا) ). [العجاب في بيان الأسباب: 1/357]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #45  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:25 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَقالَتِ اليَهودُ لَيسَتِ النَصارى عَلى شيءٍ ...} الآية
نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران؛ وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم، فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل، وقالت لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بموسى والتوراة؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية). [أسباب النزول: 33]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى{ وقالت اليهود ليست النصارى على شيء}الآية.
قال الواحدي: نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران، وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل، وقالت لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بموسى والتوراة فأنزل الله هذه الآية.
قلت: وذكر ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد بالإسناد المذكور آنفا إلى ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى المدينة أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله فقال رافع بن حريملة للنصارى ما أنتم على شيء وكفر بعيسى والإنجيل وقال له رجل من أهل نجران ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فنزلت في ذلك من قولهما {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء..} الآية.
وأخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس قال: نزلت في أهل الكتاب الذين كانوا في عهد رسول الله.). [العجاب في بيان الأسباب: 1/357-358]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم}الآية
أخرج الطبري من طريق سنيد عن حجاج عن ابن جريج: (قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون؟ قال: أمم كانت قبل اليهود والنصارى). وهكذا أخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن حجاج لم يزد ونقله الثعلبي، وزاد فيه "مثل قوم نوح وهود وصالح ونحوهم قالوا في نبيهم: إنه ليس على شيء وإن الدين ديننا". انتهى. وأظن هذه الزيادة مدرجة من كلام غير عطاء.
وللطبري من طريق أسباط عن السدي هم العرب ومن طريق الربيع بن أنس قال: هم النصارى لأن اليهود كانوا قبلهم.). [العجاب في بيان الأسباب: 1/358-359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: (لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسى والإنجيل، فقال رجل من أهل نجران لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك:{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} الآية) ). [لباب النقول: 22]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #46  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:27 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَساجِدَ اللهِ} الآية
نزلت في ططوس الرومي وأصحابه من النصارى؛ وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف. وهذا معنى قول ابن عباس في رواية الكلبي.
وقال قتادة والسدي: هو بختنصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: (نزلت في مشركي أهل مكة، ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام) ). [أسباب النزول: 33-34]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله} الآية
قال الواحدي تبعا للثعلبي: نزلت في ططوس بن استسيانوس الرومي وأصحابه من النصارى؛ وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير فكان خرابا إلى أن بناه المسلمون في زمن عمر. انتهى كلام الثعلبي. زاد الواحدي: "وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي".
وقال قتادة والسدي: هو بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانهم على ذلك نصارى الروم.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: (نزلت في مشركي مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام).
قلت: أخرج الطبري عن العوفي بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال: (نزلت في النصارى).

ومن طريق ابن نجيح عن مجاهد: (هم النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه).
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (نزلت في النصارى، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بخت نصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس).
ومن طريق معمر عن قتادة: هو بخت نصر وأصحابه خربوا بيت المقدس وأعانه النصارى على ذلك ومن طريق أسباط عن السدي هم الروم كانوا ظاهروا بخت نصر على خراب بيت المقدس حتى خربه وأمر أن يطرح فيه الجيف وإنما أعانوه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا.
- قول آخر: أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية {ومن أظلم ممن منع مساجد الله..} الآية: هم المشركون حالوا بين رسول الله يوم الحديبية وبين أن يدخل مكة حتى نحر هدية بذي طوى وهادنهم بعد أن قال لهم: ما أحد يرد أحدا عن هذا البيت؛ فقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يعدو عليه، قالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق.
ورجح الطبري القول الأول؛ بأن في الآية {وسعى في خرابها} والمشركون لم يسعوا في تخريب المسجد الحرام قط بلا كانوا يفتخرون بعمارته في الجاهلية. وأيد ذلك بما نقله عن قتادة وعن السدي؛ أن كل نصراني الآن لا يدخل بيت المقدس إلا خائفا.

وأجاب الثعلبي عن ذلك بأن: قوله {أولئك ما كان لهم..} خبر بمعنى الأمر، وإن قوله {وسعى في خرابها} منع المسلمين أن يقيموا بها أمر الدين فهو خراب معنوي.). [العجاب في بيان الأسباب: 1/359-361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
أخرج ابن أبي حاتم من طريق المذكور أن قريشا منعوا النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل الله {ومن أظلم ممن منع مساجد الله} الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: (نزلت في المشركين حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية) ). [لباب النقول: 22]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #47  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:28 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَللهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ ...}
اختلفوا في سبب نزولها فأخبرنا أبو منصور المنصوري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا أبو محمد إسماعيل بن علي قال: حدثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال: وجدت في كتاب أبي قال: حدثنا عبد الملك العرزمي قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هي هاهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطًا وقال بعضنا: القبلة هاهنا قبل الجنوب فصلوا وخطوا خطوطًا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى: {وَللهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ} الآية.
أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا يحيى بن صاعد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في ليلة مظلمة فلم ندر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: {فَأَينَما تُوَلوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ} ومذهب ابن عمر أن الآية نازلت في التطوع بالنافلة.
أخبرنا أبو القاسم بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر قال: حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن سليمان عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: أنزلت {فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ} أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: إن النجاشي توفي فأتى جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن النجاشي توفي فصل عليه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحضروا وصفهم ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: ((إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد توفي فصلوا عليه)) فصلى رسول الله وهم عليه فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنفسهم: كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس
حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فأنزل الله تعالى: {فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ الله} ومذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَحَيثُما كُنتُم فَوَلُّوا وجوهَكُم شَطرَهُ} وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء الخراساني. وقال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ} قال: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق.
وقال في رواية علي بن أبي طلحة الوالبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرًا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله تعالى: {فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ} ). [أسباب النزول:34 - 36]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (47 - قوله تعالى {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} [115]
1 - قال الواحدي اختلفوا في سبب نزولها ثم ساق من طريق عبد الملك العزرمي عن عطاء عن جابر بعث رسول الله سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا هي قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي عن ذلك فسكت فأنزل الله عز وجل هذه الآية وفي السند انقطاع
ومن طريق وكيع ثنا أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال كنا نصلي مع النبي في السفر في ليلة مظلمة فلم ندر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله الآية
قلت أخرجه الترمذي وقال ليس إسناده بذاك لا نعرفه إلا من حديث أشعث وأشعث يضعف في الحديث وضعفه العقيلي أيضا
وقد أورده الطيالسي عن أشعث وعمرو بن قيس قالا ثنا عاصم بن عبيد الله وأخرجه الدار قطني وعبد بن حميد وغيرهما من طريق أشعث
2 - قول آخر أخرج الواحدي عن ابن عمر أنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله أن تصلي حيث توجهت بك راحلتك في التطوع وكان رسول الله إذا رجع من مكة صلى على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة أخرجه مسلم والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم ووهم الحاكم فاستدركه بلفظ آخر وهو من طريق أبي أسامة عن عبد الملك بن سعيد عن ابن عمر في قوله فأينما تولوا فثم وجه الله إنما نزلت في التطوع حيث توجه بك بعيرك
3 - قول آخر قال الواحدي وقال ابن عباس في رواية عطاء إن النجاشي توفي فأتى جبريل النبي فقال إن النجاشي توفي فصل عليه فأمر النبي أصحابه أن يحضروا فصفهم ثم تقدم وقال إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي فصلى هو وهم عليه فقال بعضهم في أنفسهم كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله
4 - قول آخر قال الواحدي
مذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وهو موافق لرواية عطاء الخراساني عن ابن عباس أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فصلى رسول الله نحو بيت المقدس وترك البيت 81 العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمر أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله وسيأتي في الكلام في قوله تعالى ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب
وأخرج الطبري من وجهين عن قتادة في قوله فثم وجه الله قال كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله بمكة قبل الهجرة وبعدما هاجر ستة عشر شهرا ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام بقوله فلنولينك قبلة ترضاها الآية فنسخت ما قبلها من أمر القبلة
5 - قول آخر حكاه الثعلبي عن الحسن ومجاهد والضحاك لما نزلت وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قالوا أين ندعوه فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله). [العجاب في بيان الأسباب:362 - 1/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}
أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به، وهو آت من مكة إلى المدينة، ثم قرأ ابن عمر {ولله المشرق والمغرب} وقال: في هذه نزلت هذه الآية.
وأخرج الحاكم عنه قال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} أن تصلي حيثما توجهت بك راحتك في التطوع وقال: صحيح على شرط مسلم.
وهذا أصح ما ورد في الآية إسنادا وقد اعتمده جماعة، لكنه ليس فيه تصريح بذكر السبب، بل قال: أنزلت في كذا، وقد تقدم ما فيه وقد ورد التصريح بسبب نزولها.
فأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام، فكان يدعو وينظر إلى السماء فأنزل الله {فولوا وجوهكم شطره} فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}. فأنزل الله: {قل لله المشرق والمغرب} وقال {فأينما تولوا فثم وجه الله}
إسناده قوي والمعنى أيضا يساعده فليعتمد.
وفي الآية روايات أخرى ضعيفة.
فأخرج الترمذي وابن ماجه والدارقطني من طريق أشعث السمان عن عاصم بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
قال الترمذي: غريب، وأشعث يضعف في الحديث.
وأخرج الدارقطني وابن مرديه من طريق العرزمي عن عطاء عن جابر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة. فقالت طائفة منا قد عرفنا القبلة، هي هاهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا. وقال بعضنا: القبلة هاهنا قبل الجنوب، فصلوا وخطوا خطوطا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم فسكت وأنزل الله {ولله المشرق والمغرب} الآية.
(ك) وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابتهم ضبابة فلم يهتدوا إلى القبلة،
فصلوا، ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة فلما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه، فأنزل الله هذه الآية {ولله المشرق والمغرب} الآية
وأخرج ابن جرير عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخا لكم قد مات –يعني: النجاشي- فصلوا عليه)) قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم قال فنزلت {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} الآية فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله {ولله المشرق والمغرب} الآية
غريب جدا وهو مرسل أو معضل.
(ك) وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لما نزلت {ادعوني أستجب لكم} قالوا إلى أين؟ فنزلت {فأينما تولوا فثم وجه الله} ). [لباب النقول:22 - 24]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية 115.
قال الإمام مسلم في صحيحه ج5 ص209 حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}.
الحديث أخرجه الترمذي في التفسير ج4 ص68، والنسائي ج1 ص196، وأحمد في المسند ج2 ص20، وابن جرير ج1 ص503، وقال الترمذي حديث حسن صحيح). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 23]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #48  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:29 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَقالُوا اِتَّخَذَ الُلَّهُ وَلَدَا......}
نزلت في اليهود حيث قالوا: عزير ابن الله وفي نصارى نجران حيث قالوا: المسيح ابن الله وفي مشركي العرب حيث قالوا: الملائكة بنات الله). [أسباب النزول: 36]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (48 - قوله تعالى {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه}[116]
قال الواحدي نزلت في اليهود قالوا عزير ابن الله وفي نصارى نجران قالوا المسيح ابن الله وفي مشركي العرب قالوا الملائكة بنات الله
قلت وكذا ذكره الثعلبي بغير سند وتبعه ابن ظفر والكواشي وغيرهما
واقتصر الطبري على قوله هم النصارى الذين زعموا أن عيسى ابن الله
قلت وهو قول مقاتل قال نزلت في نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من الوفد قدموا 82 على النبي فقالوا عيسى ابن الله فأكذبهم الله تعالى وزاد الزجاج ومشركو العرب قالوا الملائكة بنات الله وجعل الماوردي ذلك قولين وحكاها الفخر الرازي أقوالا وأغرب الجعبري فقال: قال ابن عباس قال ابن سلام ونعمان وسابق ومالك من اليهود عزير ابن الله وقال مقاتل قال نصارى نجران المسيح ابن الله وقال إبراهيم النخعي قال مشركو العرب الملائكة بنات الله قال وقال الثعلبي الثلاثة). [العجاب في بيان الأسباب:366 - 1/367]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #49  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:30 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) )

قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (49 - قوله تعالى وقال {الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا}[آية :118]
أخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق بسنده المتكرر عن ابن عباس
قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله إن كنت رسولا من عند الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية الآية كلها
وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هم النصارى والذين من قبلهم اليهود
ومن طريق سعيد عن قتادة قال هم كفار العرب ومن طريق أسباط عن السدي ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس جميعا مثله ورجح الطبري قول مجاهد والراجح من حيث السند قول ابن عباس رضي الله عنهما). [العجاب في بيان الأسباب:367 - 1/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه، فأنزل الله في ذلك {وقال الذين لا يعلمون} الآية). [لباب النقول: 24]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #50  
قديم 17 رجب 1434هـ/26-05-2013م, 01:35 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَلا تُسئَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ}
قال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ((ليت شعري ما فعل أبواي)) فنزلت هذه الآية وهذا على قراءة من قرأ {وَلا تُسئَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ} جزما وقال مقاتل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا)) فأنزل الله تعالى: {وَلا تُسئَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ} ). [أسباب النزول:36 - 37]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (50 - قوله تعالى {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}[119]
قال الواحدي قال ابن عباس إن رسول الله قال ذات يوم ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت هذه الآية
قال وقال مقاتل قال رسول الله لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى ولا تسأل عن أصحاب الجحيم
قلت لم أر هذا في تفسير مقاتل بن سليمان فينظر في تفسير مقاتل بن حيان
وأما قول ابن عباس فنسبه الثعلبي لرواية عطاء عنه وهي من تفسير عبد الغني بن سعيد الواهي وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي وعليه اقتصر الماوردي وابن ظفر وغيرهما واستبعد الفخر الرازي صحة هذا السبب قال لأنه يعلم حال من مات كافرا انتهى وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم أن النبي قال ذات يوم فذكره وهذا مرسل أيضا وهو من رواية سنيد بن داود وفيه مقال
وقد ذكر الواحدي السبب الأول في الوسيط بأتم مما هنا فقال وذلك أنه سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه فدله فذهب إلى القبرين فدعى لهما وتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة فنزلت
وذكر الطبري أن هذا التفسير على قراءة من قرأ من أهل المدينة ولا تسأل بصيغة النهي قال والصواب عندي القراءة المشهورة بالرفع على الخبر لأن سياق ما قبل هذه الآية يدل على أن المراد من مضى ذكره من اليهود والنصارى وغيرهم قال ويؤيد ذلك أنها في قراءة أبي وما تسأل وفي قراءة ابن مسعود ولن تسأل وقال يحيى بن سلام وكان النبي يسأل عن أمه فنزلت وهو قول سفيان الثوري ذكره بإسناده
قلت أسنده عبد الرزاق من طريق الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد ابن كعب لكنه عنده باللفظ المنقول أولا عن الطبري وذكر المهدوي أثر ابن عباس بلفظ أي أبوي أحدث موتا وقد بالغ ابن عطية في رده وفي تخطئته نقلا ومعنى لأنه لا خلاف أن أباه مات قبل أمه ولأنه ليس في السؤال عن ذلك ما يناسبه الجواب الوارد في الآية
وحكى القرطبي كلام المهدوي ولم يتعقبه لكن قال قد ذكرنا في كتاب التذكرة أن الله أحيا له أبواه وآمنا به وذكرنا قوله للأعرابي إن أبي وأباك في النار وبينا تأويل ذلك وتعقبه العماد بن كثير بأن الخبر الذي أشار إليه في إحياء أبويه لا أصل له
وإن كان عياض والسهيلي قد سبقا القرطبي إلى ذكره وقد وقع في آخر رواية محمد بن كعب في تفسير الفريابي وغيره فما ذكرهما حتى توفاه الله عز وجل). [العجاب في بيان الأسباب:368 - 1/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}
قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري عن موسى بن عبيده عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليت شعري ما فعل أبواي))؟ فنزلت {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)} فما ذكرهما حتى توفاه الله، مرسل.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريح قال: أخبرني داود عن أبي عاصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ((ليت شعري أين أبواي؟))، فنزلت مرسل أيضا). [لباب النقول:24 - 25]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة