العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة يوسف

توجيه القراءات في سورة يوسف


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

مقدمات توجيه القراءات في سورة يوسف
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة يوسف). [معاني القراءات وعللها: 2/47]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السورة التي يُذكر فيها (يوسف) صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/298]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (سورة يوسف عليه السلام). [الحجة للقراء السبعة: 4/390]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة يوسف). [المحتسب: 1/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (12 - سورة يوسف عليه السّلام). [حجة القراءات: 353]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة يوسف عليه السلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة يوسف عليه السلام). [الموضح: 666]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائة آية واحدى عشرة آية في المدني والكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]

الياءات المحذوفة:
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وحذف من ياءات هذه السورة أربع ياءات: قوله: (فأرسلون (45)
و (لا تقربون (60)، (حتى تؤتون موثقًا (66)، (لولا أن تفنّدون (94)
وقرأهنّ الحضرمي بياء في الوصل والوقف، وقرأ أبو عمرو (تؤتوني) بياء في الوصل، وروى عن نافع.
وقرأ ابن كثير (حتى تؤتوني موثقًا) بياء في الوصل والوقف). [معاني القراءات وعللها: 2/53]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وحذفت من هذه السورة {تؤتون موثقا من الله} [66] فوصلها أبو عمرو ونافع في رواية غسماعيل، ووقف بغير ياء ووصلها ابن كثير بالياء، ووقف بياء أيضًا، ووصل الباقون ووقفوا بغير ياء اتباعًا للمصحف، وقد أنبأت عن العلة فيما تقدم فأغنى عن الإعادة هاهنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/319]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها أربع ياءات حُذفن من الخط وهن قوله:
{فَأَرْسِلُونِي} و{لا تَقْرَبُونِي}، {حتَّى تُؤْتُونِي}، {لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِي}. فأثبتهن كلهن يعقوب في الوصل والوقف جميعًا، وكذلك ابن كثير ل- في قوله {حتَّى تؤتوني}.
والوجه في إثبات الياء أنه الأصل، فإن هذه الياءات حقها أن تكون مثبتةً؛ لأنها ضمائر للمتكلم.
وإنما حذفها من حذف اكتفاءً بكسرة النون الدالة على الياء المحذوفة.
وإنما جاءت هذه النون اعتمادًا للياء؛ لأن هذه الياء لا بد من أن ينكسر ما قبلها فأرادوا بقاء آخر الكلمة على حالها غير مكسور، فجاءوا بالنون ليقع الكسر فيها ولا ينكسر آخر الكلمة.
فأما إذا حُذفت الياء فإنه يكون تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة والنون، وإذا أثبتت كان أصلًا.
[الموضح: 694]
وكذلك نافع وأبو عمرو أثبتا الياء في قوله {تُؤْتُونِي} حالة الوصل دون الوقف.
وإنما أثبتاها في الوصل؛ لأن الوصل ليس بموضع تغيير، وحذف الياء تغييرٌ عن الأصل، والتغيير إنما يلحق الوقف.
وقرأ الباقون ونافع في رواية ش- و-ن- بغير ياء في الحالين في الأحرف الأربعة.
والوجه هو ما قدمناه من إرادة التخفيف والاستغناء عن الياء بالكسرة في النون الدالة على الياء المحذوفة، ويؤيد ذلك أن أكثرها فواصل، والفواصل يُحذف منها كما يُحذف من القوافي، وما لم يكن فاصلةً فهو مشبهٌ بالفاصلة). [الموضح: 695]

ياءات الإضافة:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (واختلفوا في هذه السورة في تحريك ياءات الإضافة وإسكانها في مواضع قد بينت بعضها وسأذكر الباقي)
{بيني وبين إخوتي} [100].
فتح نافع الياء في رواية إسماعيل، وأسكنها الباقون. واسكن ابن كثير {تدعونني إليه} [33] {وأراني أعصر خمرًا} [36] و{أراني أحمل فوق رأسي} [36] و{أبرى} [53] و{رحمة ربي} [53] و{ألا ترون أني أوفي الكيل} [59] و{يأذن لي أبي} [80] و{حزني إلى الله} [86] و{ربي أحسن} [23] {وبين إخوتي} [100] {سبيلي أدعوا} [108].
وحركهن نافع وأبو عمرو إلا قوله {إني أوفي الكيل} وأسكن أيضًا {ليحزنني} [13] و{تدعونني إليه} و{إخوتي إن} [100] و{هذه سبيلي أدعو} [108].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/318]
وحركها نافع.
وأسكن الباقون كل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/319]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- فيها ثلاث وعشرون ياء إضافة، اختلف فيها، من ذلك: {ليحزنني} «13» فتحها الحرميان، وقد ذكرنا {يا بشرى}، ومن ذلك: {ربي أحسن} «13»، {أراني أعصر}، {أراني أحمل} «36»، {إني أرى} «43»، {إني أنا أخوك} «69»، {أبي أو يحكم} «80»، {إني أعلم} «96» قرأ الحرميان وأبو عمرو بالفتح في السبع الياءات.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/17]
ومن ذلك: {قال أحدهما إني}، {وقال الآخر إني} «36»، {ربي إني تركت} «37»، {نفسي إن}، {ما رحم ربي} «53»، {يأذن لي أبي} «80»، {ربي إنه} «98»، {بي إذا} «100»، قرأ نافع وأبو عمرو بالفتح في الثماني الياءات.
ومن ذلك: {آبائي إبراهيم} «38»، {لعلي أرجع} «46» قرأ الكوفيون بالإسكان فيهما.
{أني أوفي} «59»، {سبيلي أدعو} «108» قرأ نافع بالفتح فيهما.
{وبين أخوتي} «100» قرأ ورش بالفتح فيها.
{وحزني إلى الله} «86» قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر بالفتح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/18]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (اختلفوا فيها في اثنتين وعشرين ياء إضافة وهي:
{لَيَحْزُنُنِي أَنْ}، {رَبِّي أَحْسَنَ}، {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ}، {إِنِّي أَرَانِي
[الموضح: 692]
أَحْمِلُ}، {رَبِّي}، {آبائِي}، {إِنِّي تَرَكْتُ}، {أَنِّي أُوفِي}، {إِنِّي أَرَى}، {لَعَلّي}، {نَفْسِي}، {رَحِمَ رَبِّي}، {سَبِيلي أَدْعُوا}، {إِنِّي أَنا}، {يأْذَن لِي}، {وَحُزْنِي}، {إِنِّي أَعْلَمُ}، {رَبّي}، {أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي}.
فتحهن كلهن نافعٌ ش-.
و-ن-كن واحدة منها وهي {إخْوَتِي}.
و-يل- أسكن ثلاثًا: {أني أوفي} و{بين إخوتي} و{سبيلي}.
وفتح أبو عمرو الجميع إلا أربعًا: {ليحزنني}، {أني أوفي}، {إخوتي}، {سبيلي}.
وفتح ابن كثير عشرًا: {ليحزننيَ}، {ربيَ أحسنَ} و{أرانيَ} و{أرانيَ} و{آبائيَ} و{إنيَ أرى}، {لعليَ}، {إنيَ أنا}، {أبيَ أو}، {أنيَ أعلم}، وأسكن الباقية.
وفتح ابن عامر ثلاثًا: {آبائيَ} و{لعليَ} و{حزنيَ}، وأسكن الباقية.
ولم يفتح الكوفيون ويعقوب منهن شيئًا.
اعلم أن الياء التي هي ضمير المتكلم أصلها أن تكون مفتوحة؛ لأنها على حرف واحد فحقها الفتح كالكاف في ضربتك ومررت بك، وإنما تُسكَّن في بعض الأحوال للتخفيف، فمن فتح الياء في هذه المواضع التي ذكرنا
[الموضح: 693]
فلخفة الفتحة؛ ولنها الأصل في هذا الباب كما بينا، ومن أسكن الياء فللتخفيف؛ لأن الحركة على الجملة تستثقل على حروف العلة، والسكون على كل حال أخف من الحركة.
وأما فتح من فتح البعض دون البعض فللأخذ باللغتين.
وأما اختيار الفتح مع الهمزة التي بعدها فمن أجل أن الهمزة يفتح لها ما قبلها للاستعلاء الذي فيها، وقد سبق ذلك). [الموضح: 694]

الياءات الزوائد:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- فيها من الزوائد ياءات قوله: {حتى تؤتون} «66» قرأ أبو عمرو بياء في الوصل، وقرأ ابن كثير بياء في الوصل والوقف.
{إنه من يتق} «90» قرأ قنبل بياء في الوصل والوقف وحذفها الباقون في الوصل والوقف.
والحجة في إثبات الياء في {يتق} أن تكون {من} بمعنى «الذي» فيرتفع الفعل بعدها، لأنه في الصلة وفي الكلام معنى الشرط، لأن الفاء تدخل في خبر «الذي» للإبهام الذي فيها، والإبهام مضارع للشرط، فتجزم ويصير حملًا على معنى الشرط، ويجوز أن تقدر الضمة في الياء، ثم تحذفها للشرط، فتكون {من} للشرط، وأكثر ما يأتي هذا في الشعر، وحذف الياء هو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/18]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:15 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (1) إلى الآية (6) ]

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قد تقدم ذكر الإمالة وعلتها في «الر والمر» ونحوه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]

قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}

قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}

قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- [قوله تعالى: {يا أبت إني ...} [4].
قرأ ابن عامر وحده: {يا أبت} بفتح التاء، أراد: يا أبتاه فرخم.
وقرأ الباقون {يا أبت} بكسر التاء، أرادوا: يا أبتي فحذفوا الياء للنداء كما تقول: رب اغفر لي.
ووقف ابن كثير وابن عامر إن شاء الله {يا أبه} والباقون يقفون بالتاء.
وقال البصريون: يا أبه ويا أبي سواء، ويا عمه ويا عمي، فيجوز أن تكون قراءة ابن عامر يا أبه ثم رخم الهاء ثم ردها وتركها على فتحها، كما تقول العرب: يا طلحة أقبل، يريدون يا طلح، فلما رخموا الهاء ردوها بعد أن حذفوها وتركوها مفتوحة لفتحة الهاء، قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب = وليل أقاسيه بطيء الكواكب
أراد: يا أميم، ثم رد الهاء وترك الهاء مفتوحة فهذا قول البصريين وقال غيرهم: أراد: يا أميمتاه، قال الراجز.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/298]
فيا أبى ويا أبه
حسنت إلا الرقبه
فحسننها يا أبه
كيما تجيء الخطبه
بإبل محنجيه
للفحل فيها قبقبه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/299]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر التاء وفتحها من قوله: يا أبت [يوسف/ 4].
فقرأ ابن عامر وحده: يا أبت* بفتح التاء في جميع القرآن.
وقرأ الباقون: بكسر التاء.
وابن كثير يقف على الهاء ب يا أبه وكذلك ابن عامر فيما أرى. والباقون يقفون بالتاء وهم يكسرون.
قال أبو علي: من فتح يا أبت* فله وجهان: أحدهما:
أن يكون مثل: يا طلحة أقبل. ووجه قول من قال: يا طلحة، أن هذا النحو من الأسماء التي فيها تاء التأنيث أكثر ما يدعى مرخّما، فلمّا كان كذلك ردّ التاء المحذوفة في الترخيم إليه، وترك الآخر يجري على ما كان عليه في الترخيم من الفتح، فلم يعتدّ بالهاء، وأقحمها، كما أن أكثر ما تقول: اجتمعت اليمامة، وهو يريد أهل اليمامة، فردّ الأهل ولم يعتدّ به، فقال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/390]
اجتمعت أهل اليمامة، فجعله على ما كان يكون عليه من الكثرة.
والوجه الآخر: أن يكون أراد: يا أبتا فحذف الألف كما يحذف التاء، فتبقى الفتحة دالّة على الألف، كما أن الكسرة تبقى دالة على الياء، والدليل على قوة هذا الوجه كثرة ما جاء من هذه الكلمة على هذا الوجه كقول الشاعر:
وقد زعموا أني جزعت عليهما* وهل جزع أن قلت وا بأباهما وكقول رؤبة:
وهي ترثي يا أبا وابنيما وقال الأعشى:
ويا أبتا لا تزل عندنا* فإنّا نخاف بأن تخترم وقال رؤبة: يا أبتا علّك أو عساكا وقال آخر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/391]
يا أبتا ويا أبه* حسنت إلا الرّقبه فلما كثرت هذه الكلمة في كلامهم هذه الكثرة ألزموها القلب والحذف على أن أبا عثمان قد رأى أن ذلك مطّردا في جميع هذا الباب.
وأما وقف ابن كثير على الهاء وقوله: يا أبه، فإنما وقف بالهاء لأن التاء التي للتأنيث يبدل منها الهاء في الوقف، فيتغيّر الحرف في الوقف ولذلك كما غيّر التنوين فانفتح ما قبله بأن أبدل منه الألف، وكما غيّرت الألف بأن أبدل منها قوم الهمزة في الوقف، وتغييرات الوقف كثيرة، فإن قلت: هلّا أبدلت التاء ياء في الوقف، ولم تبدل منها الهاء، لأنه مّمن يكسر، فيقرأ:
يا أبت* وإذا كان كذلك، فالإضافة في الاسم مرادة، كما أنه لو أضاف صحّح التاء ولم يبدل منها الهاء، كذلك إذا وقف، وهو يريدها؛ قيل له: لا يلزم اعتبار الإضافة، لأنه إذا وقف عليها سكنت للوقف، وإذا سكنت كانت بمنزلة ما لا يراد فيه الإضافة، فتبدل منها الهاء، كما أنه إذا قال: يا طلحة أقبل، ففتح التاء ووقف عليها، أبدل التاء، فقد ساوى ما يراد به الإضافة ما لا يراد به الإضافة في الوقف، ويدلّ على صحة هذا أن سيبويه قال: لو رخّمت اسم رجل يسمى خمسة عشر، فحذفت الاسم الآخر للترخيم لقلت: يا خمسه، فأبدلت من التاء الهاء، ولم تصحّح التاء، وإن كان الاسم الآخر
[الحجة للقراء السبعة: 4/392]
المضموم إلى الصدر مرادا فيه، بدلالة ترك الآخر من الاسم الأوّل على الحركة التي كانت تكون عليها قبل أن تحذف الاسم الآخر للترخيم، فكذلك تبدل من التاء في يا أبت الهاء في الوقف، كما تبدل من سائر تاءات التأنيث الهاء في أكثر الاستعمال.
وأما ابن عامر، فإنه إن أراد بقوله: يا أبت* غير الإضافة وقف بالهاء، كما أنه لو نادى مثل طلحة وحمزة فوقف، وقف بالهاء، وإن أراد به الإضافة قال: يا أبت* فحذف الألف، كما حذف الباقون الياء في: يا عباد فاتقون [الزمر/ 16]، فوقف بالهاء كان كوقف ابن كثير بالهاء، وإن كان يريد الإضافة لكسر التاء في يا أبت.
قال أحمد: والباقون يقفون بالتاء، وهم يكسرون، ووقف الباقون بالتاء في: يا أبت وفصلوا بين هذا وبين رجل يسمّى: خمسة عشر، ثم يرخّم، وبين: يا طلحة زيد، لأن المضاف إليه على حرف واحد، فهو لذلك بمنزلة الحركة، من حيث كان حرفا واحدا، والحرف قد يكون بمنزلة الحركة، من حيث كان حرفا واحدا، والحرف قد يكون بمنزلة الحركة، والدالّ على الاسم المضمر هنا حركة، والحركة لا تكون في تقدير الانفصال من الكلمة، كما أن الحرف الواحد كذلك، كما يكون الاسم الثاني في نحو: خمسة عشر، والمضاف إلى المظهر نحو: طلحة زيد، لأن المضاف إليه هنا في الأصل على حرف واحد قد حذف، وتركت الحركة تدل عليه، والحركة لا تكون في تقدير الانفصال من الكلمة، كما يكون الاسم الثاني في نحو خمسة عشر، وطلحة زيد في تقدير
[الحجة للقراء السبعة: 4/393]
الانفصال، ألا ترى أن المضاف إلى الظاهر يفصل بينهما في نحو:
لله درّ اليوم من لامها ولا يجوز ذلك في الضمير إذا كان على حرف واحد، ولا في الحركة. فجعلوا الياء المحذوفة في تقدير الثبات كما جعلوا الحركة كذلك، ويدل على أن الحركة في تقدير الثبات تحريكهم الساكن الذي قبل الحرف الموقوف عليه بالحركة التي تجب للحرف الموقوف عليه في الإدراج نحو:
إذ جدّ النّقر فكذلك تكون الحركة فيمن قرأ: يا أبت، إذا وقف، وقف بالتاء، كما أن الحركة إذا كانت ثابتة كالحرف، وقد جرت الحركة المحذوفة في غير هذا الموضع مجرى المثبتة، ألا ترى أنهم قالوا: لقضو الرجل، فكانت الحركة المحذوفة بمنزلة المثبتة وكذلك الحركة، في قولهم:
رضي وغزي وشقي، وقد حكي أن قوما يقفون على التاء في الوقف ولا يبدلون منها الهاء. وأنشد أبو الحسن:
[الحجة للقراء السبعة: 4/394]
ما بال عين عن كراها قد جفت مسبلة تستنّ لما عرفت بل جوز تيهاء كظهر الحجفت أما ما أنشده أبو زيد وأبو الحسن من قول الشاعر:
تقول ابنتي لمّا رأتني شاحبا... كأنّك فينا يا أبات غريب
فالقول فيه: أنه ردّ المحذوف من الأب، وزاد عليها التاء كما تزاد إذا كان اللام ساقطا، كما ردّ اللام الأخرى في إنشاد من أنشد:
... تحيّزت... ثباتا عليها ذلّها واكتئابها
[الحجة للقراء السبعة: 4/395]
لا يكون إلا كذلك، لأن أحدا لا يقول: رأيت مسلماتا، قال سيبويه: من حذف التنوين من نحو:
تخيّرها أخو عانات شهرا.
لم يقل: حللت عانات فيفتح إنما يكسر التاء، وقد ردّوا هذا المحذوف مع التاء، كما ردّوه مع غير التاء في قولهم: غد وغدو، وقالوا سما، في قولهم اسم، فردّ اللام. حكاه أحمد بن يحيى). [الحجة للقراء السبعة: 4/396]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة الناس: {أَحَدَ عَشَرَ} بفتح العين، وأسكنها أبو جعفر ونافع بخلاف وطلحة بن سليمان.
قال أبو الفتح: سبب ذلك عندي أن الاسمين لما جُعلا كالاسم الواحد، وبُني الأول منهما لأنه كصدر الاسم، والثاني منهما لتضمنه معنى حرف العطف؛ لم يجز الوقف على الأول لأنه كصدر الاسم من عجزه، فجُعل تسكين أول الثاني دليلًا على أنهما قد صارا كالاسم الواحد، وكذلك بقية العدد إلى تسعة عشر، إلا اثنا عشر واثني عشر، فإنه لا يسكن العين لسكون الألف والياء قبلهما.
ومما يدلك على أن الاسمين إذا جريا مجرى الاسم الواحد بالتركيب عوملا في مواضع معاملته، ما حكاه أبو عمر الشيباني من قولهم في حضرموت: حَضْرَمُوت بضم الميم؛ ليكون كحَذْرفُوت وتَرْنَمُوت وعنكبوت، وهذا واضح). [المحتسب: 1/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنّي رأيت}
قرأ ابن عامر {يا أبت} بفتح التّاء في جميع القرآن
وقرأ الباقون بكسر التّاء على الإضافة إلى نفسه الأصل يا أبي فحذفت الياء لأن ياء الإضافة تحذف في النداء كما يحذف التّنوين
[حجة القراءات: 353]
وتبقى الكسرة تدل على الياء كما تقول رب اغفر لي وفي التّنزيل {رب قد آتيتني من الملك} و{يا قوم} والأصل يا قومي فحذفت الياء وإنّما تحذف في النداء لأن باب النداء باب التّغيير والحذف وأما إدخال تاء التّأنيث في الأب فقال قوم إنّما دخلت للمبالغة كما تقول علامة ونسابة فاجتمع ياء المتكلّم والتّاء الّتي للمبالغة فحذفوا الياء لأن الكسرة تدل عليها
وقال الزّجاج إن التّاء كثرت ولزمت في الأب عوضا عن ياء الإضافة فلهذا كسرت التّاء لأن الكسرة أخت الياء ومن فتح فله وجهان أحدهما أن يكون أراد يا أبتا فأبدل من ياء الإضافة ألفا ثمّ حذف الألف كما تحذف الياء وتبقى الفتحة دالّة على الألف كما أن الكسرة تدل على الياء والوجه الآخر أنه إنّما فتح التّاء لأن هذه التّاء بدل من ياء المتكلّم واصل ياء المتكلّم الفتح فتقول يا غلامي وإنّما قلنا ذلك لأن الياء هو اسم والاسم إذا كان على حرف واحد فأصله الحركة فتكون الحركة تقوية للاسم فلمّا كان أصل هذه الياء الفتحة كان الواجب أن تفتح لأنّها بدل من الحرف الّذي هو أصله ليدل على المبدل
وقف ابن كثير وابن عامر (يا أبه) على الهاء وحجتهما أن التغييرات تكون في حال الوقف دون الإدراج فتقول رأيت زيدا فتقف عليه بالألف ووقف الباقون بالتّاء وحجتهم أن هذه التّاء بدل من الياء فكما أن الياء على صورة واحدة في الوصل والوقف فكذلك البدل يجب أن يكون مثل المبدل منه على صورة واحدة). [حجة القراءات: 354]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {يا أبت إني} قرأه ابن عامر فتح التاء في جميع القرآن وقرأ الباقون بالكسر، ووقف ابن كثير وابن عامر على {يا أبت} بالهاء، ووقف الباقون بالتاء.
وحجة من فتح التاء أنه قدر إثبات ياء الإضافة في النداء وهي لغة مستعملة في القرآن والكلام، قال تعالى ذكره: {قل يا عبادي الذين أسرفوا} «الزمر 53» و{يا عبادي الذين آمنوا} «العنكبوت 56» فلما أثبت الياء في المنادى أبدل الكسرة، التي قبل الياء، فتحة فانقلبت الياء ألفًا، ثم حذفت الألف لدلالة الفتحة عليها، وهذا عند المازني أصل مطرد حسن ويجوز أن تكون فتحة التاء في {يا أبت} بمنزلة فتحة التاء في «يا طلحة» ووجه ذلك أن أكثر ما يُدعى ما فيه تاء التأنيث بالترخيم، فردت التاء المحذوفة للترخيم، وترك الآخر من الاسم يجري في الحركة، على ما كان عليه، والتاء محذوفة فلم يعتد برد التاء، وأقحمها، فاستعملت مفتوحة، كما أن ما قبلها كان مفتوحًا عند حذف الهاء للترخيم، كذلك فعل في {يا أبت} والوجه الأول أقوى.
2- وحجة من كسر أنه أبقى الكسرة تدل على الياء المحذوفة في النداء، وأصله «يا أبتي» كما تقول: يا غلام أقبل، وهذه هي اللغة المستعملة الفاشية، وهي الاختيار.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/3]
3- وحجة من وقف بالتاء أن الياء مقدرة منوية، فكما أنه لو وقف بالياء لم يكن بد من التاء كذلك حكم الهاء مع عدم الياء من الفظ، لأن الياء مرادة مقدرة، وأيضًا فإنه اتبع خط المصحف في ذلك، فهي بالتاء في المصحف وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، ولمتابعة خط المصحف الإمام في ذلك.
4- وحجة من وقف بالهاء أنه جعلها بمنزلة تاء رحمة ونعمة، فغيرها في الوقف، كما فعل بـ «رحمة ونعمة» ولم يتعد بالياء لأنها غير ملفوظ بها، ولأن الكسرة التي تدل على الياء تسقط في الوقف، وقد قال سيبويه: لو رخمت رجلًا اسمه خمسة عشرة لقلت: يا خمسه، فأبدلت من التاء هاء في الوقف، ولم تبق التاء؛ لأن الاسم الثاني قد انفصل، وزال الترخيم، فكذلك يجب أن تقف بالهاء على «يا أبتي» لأن التاء قد زالت وانفصلت من الاتصال بالياء، وزالت الحركة الدالة على الياء أيضًا، فأما من قرأ بفتح التاء، وقدره أنه مثل «يا طلحة أقبل» فجعل حركة التاء كحركة ما قبلها، فإنه يجب أن يقف بالهاء؛ لأنه لا شيء محذوف من آخر الكلام يقدر اتصاله بالتاء، فإن فتحت التاء في «يا أبت» على تقدير حذف ألف، هي بدل من الياء حسن فيه الوجهان، إن قدرت الألف، وقدرت الياء، وقفت بالتاء، لأن التاء تصير كالهاء متوسطة في التقدير، لأن الذي بعدها منوي مقدر، وإن لم تعتد بالألف ولا بالياء، لزوالهما من اللفظ، وقفت بالهاء، على ما ذكرنا أولًا في كسر التاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/4]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {يَا أَبَتَ} [آية/ 4] بفتح التاء في كل القرآن:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن أصله يا أبتا بألف هي بدلٌ عن ياء الإضافة، فحُذفت الألف كما تُحذف الياء، فبقيت الفتحة تدل على الألف، كما تبقى الكسرة تدل على الياء عند حذف الياء.
ويجوز أن يكون على نية الترخيم، أراد يا أبةُ بالضم، فنوى الترخيم ففتح التاء، كما قالوا يا طلحة بفتح التاء أرادوا يا طلحَ بالترخيم، ثم ردوا التاء التي حُذفت للترخيم وتركوا آخر الكلمة على ما كان عليه في حال الترخيم من الفتحة، وجعلوا التاء غير مُعتدٍّ بها، ومن هذا قول النابغة:
59- كليني لهمٍ يا أميمة ناصب
بفتح التاء من أميمة، أراد يا أميم بالترخيم.
[الموضح: 666]
وقرأ الباقون {يا أَبَتِ} بكسر التاء في جميع القرآن.
والوجه أن أصله يا أبتي فحُذفت الياء تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة؛ لأن باب النداء باب حذفٍ، وذلك نحو قوله تعالى {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}.
ووقف ابن كثير (وابن عامر) ويعقوب على يا أبة بالهاء.
والوجه فيه أن التاء للتأنيث وهي مفردة عن الياء؛ لأن الياء محذوفة فينبغي أن يبدل منها في الوقف هاء، كما وقفوا على غير المضاف بالهاء فقالوا يا طلحهْ.
ووقف الباقون عليه بالتاء.
والوجه أن الكلمة مضافة إلى الياء، والياء المضاف إليها في نية الثبات وإن كانت محذوفة، ألا ترى أن الحركة الباقية في حال الوصل دالة عليها، ثم إن الياء التي أُضيف إليها هذا الاسم حرف واحد، فلا يجوز تقدير الانفصال فيه؛ لأن الحرف الواحد لا ينفصل.
وهذه التاء تاء التأنيث عند الأكثرين زيدت على الأب في حال النداء.
وذكر بعضهم أن الأب والأبة لغتان.
وقيل: التاء بدل من لام الكلمة المحذوفة وهي واو، بدلالة الأبوين). [الموضح: 667]

قوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: كان الكسائيّ يميل قوله: رؤياي [100] ورؤياك [5] والرؤيا* [43] في كلّ القرآن. وروى أبو الحارث الليث بن خالد عن الكسائي أنه لم يمل هذا الحرف، لا تقصص رؤياك وحده، وأمال سائر القرآن. أبو عمر الدوري عن الكسائي الإمالة في ذلك كله، ولا يستثني.
وكان حمزة يفتح رؤياك والرؤيا*، في كل القرآن، وكذلك الباقون.
قال أبو علي: الرؤيا مصدر كالبشرى والسقيا، والبقيا، والشورى، إلا أنه لما صار اسما لهذا المتخيّل في المنام جرى مجرى الأسماء، كما أن درّا لما كثر في كلامهم في قولهم: لله درّك، جرى مجرى الأسماء، وخرج من حكم الإعمال، فلا يعمل واحد منهما إعمال المصادر.
وممّا يقوّي خروجه عن أحكام المصادر تكسيرهم رؤى.
فصار بمنزلة ظلم، والمصادر في أكثر الأمر لا تكسّر، والرؤيا على تحقيق الهمز، فإن خفّفت الرؤيا فقلبتها في اللفظ، ولم تدغم الواو في الياء وإن كانت قد تقدمتها ساكنة، كما تقلب نحو طيّ وليّ، لأن الواو في تقدير الهمزة، فهي لذلك غير لازمة، فإذا لم تلزم لم يقع الاعتداد فلم تدغم، كما لم تقلب
[الحجة للقراء السبعة: 4/398]
الأولى من ووري عنهما [الأعراف/ 20] لما كانت الثانية غير لازمة، ومن ثمّ جاز: ضو وشي في تخفيف ضوء وشيء، فبقي الاسم على حرفين أحدهما حرف لين، وجاز تحرّك حرف اللين، وتصحيحه مع انفتاح ما قبله، لأن الهمزة في تقدير الثبات، وقد كسر أولها قوم فقالوا: «ريّا» فهؤلاء قلبوا الواو قلبا على غير وجه التخفيف، ومن ثم كسروا الفاء، كما كسروه من قولهم: قرن ألوى، وقرون ليّ). [الحجة للقراء السبعة: 4/399]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا تَقْصُصْ رُؤْياك} [آية/ 5] بالإمالة:
قرأها أبو عمرو والكسائي.
والوجه أنها على فُعلى فهي مؤنثة، والألف للتأنيث، وألف التأنيث يجوز فيها الإمالة؛ لأنها تجري مجرى المنقلب عن الياء، وقد بينا ذلك فيما سبق.
وقرأ الباقون بالفتح، إلا أن نافعًا يُضجعها قليلًا.
والوجه في الفتح أنه الأصل، والإمالة من الأحكام غير الواجبة.
وأما إضجاع نافع فإنه إمالة إلا أنها غير مشبعة، وإنما فعل ذلك لئلا يعود إلى الياء التي يهربون منها حين يقلبون الياءات ألفات). [الموضح: 668]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 07:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة هود
[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}

قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ءايات للسائلين} [7].
قرأ ابن كثير {آية ...}.
والباقون {ءايت....} جمعًا، لأن أمر يوسف صلى الله عليه وسلم وشأنه وحديثه كان فيه عبر وآيات. ومن وحد جعل كل أموره عبرة واحدة؛ لأن الواحدة تنوب عن الجميع كما قال تعالى: {أو الطفل الذين لم يظهروا} فمن قرأ بالتاء احتج أنه كتب في المصحف بالتاء، فهذه التاء علامة الجمع والتأنيث، والتاء التي في قراءة ابن كثير تاء التأنيث فقط. وقيل: الياء ألفان لفظًا وإن [كان] الخط بألف واحدة، فأجمع النحويون أن الألف الأولى فاء الفعل أصلية والثانية اختلفوا فيها، وقال الفراء: الأصل في آية: أييه، فقلبوا الياء ألفًا كراهة التشديد، وقال الكسائي: وزنها فاعلة على وزن دابة، والأصل آييه وداببة فالألف الثانية محمولة كالألف في ضاربه. وقال سيبويه: الأصل أيية فقلبوا الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/299]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التوحيد والجمع من قوله عزّ وجلّ: آيات للسائلين [يوسف/ 7].
فقرأ ابن كثير: آية للسائلين واحدة.
وقرأ الباقون: آيات للسائلين جماعة.
وجه الإفراد أنه جعل شأنه كله آية، ويقوي ذلك قوله: وجعلنا ابن مريم وأمه آية [المؤمنون/ 50]، فأفرد وكلّ واحد منهم على انفراده يجوز أن يقال فيه. آية* فأفرد مع ذلك.
ومن جمع جعل كلّ حال من أحواله آية، وجمع على
[الحجة للقراء السبعة: 4/396]
ذلك، على أن المفرد المذكور في الإيجاب يقع على الكثرة، كما يكون ذلك في غير الإيجاب. قال:
فقتلا بتقتيل وضربا بضربكم... جزاء العطاس لا ينام من اتّأر). [الحجة للقراء السبعة: 4/397]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
قرأ ابن كثير (آية للسائلين) أي عبرة وحجته قوله {لقد كان في قصصهم عبرة} ولم يقل عبر كأنّه جلّ شأنه كله آية كما قال جلّ وعز {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} فأفرد كل واحد منهما آية
وقرأ الباقون {آيات للسائلين} على الجمع أي عبر جعلوا كل حال من أحوال يوسف آية وعبرة وحجتهم في ذلك أنّها كتبت في المصحف بالتّاء). [حجة القراءات: 355]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {آياتٌ للسائلين} قرأه ابن كثير بالتوحيد، جعل شأن يوسف كله آية على الجملة، وإن كان في التفصيل آيات، كما قال: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} «المؤمنون 50» فوحّد وإن كان شأنهما على التفصيل آيات، وقرأ الباقون بالجمع؛ لاختلاف أحوال يوسف، ولانتقاله من حال إلى حال، ففي كل حال جرت عليه آية، فجمع لذلك المعنى، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/5]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {آَيَةٌ لِلسَّائِلِينَ} [آية/ 7] على الوحدة:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه جعل قصة يوسف وأحواله كلها آية واحدة، كما قال تعالى {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً}.
ويجوز أنه إنما وحّد؛ لأن الآية ههنا تفيد معنى الآيات من جهة المعنى، كما قال الشاعر:
[الموضح: 668]
60- في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وهذا من وضع الواحد موضع الجمع.
وقرأ الباقون {آيَاتٌ} بالجمع.
والوجه أن كل واحد من أحواله وأموره آيةٌ، فاختير الجمع لذلك). [الموضح: 669]

قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {مبين * اقتلوا} [8-9].
قرأ ابن كثير ونافع والكسئي بضم التنوين كأنهم كرهوا الخروج من كسر إلى ضم، فأتبعوا الضم الضم.
والباقون: {مبين * اقتلوا} بكسر التنوين، لالتقاء الساكنين مثل {أحد الله الصمد} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/300]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال. وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي: مبين اقتلوا [يوسف/ 8، 9] بضم التنوين.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة بكسر التنوين.
وجه قول من ضمّ التنوين: أن تحريكه يلزم لالتقاء الساكنين وهما التنوين والقاف في اقتلوا فلما التقيا لزم تحريك الأول منهما، وحركه بالضم ليتبع الضمّة الضمّة، كما قالوا: مدّ، وكما قالوا: «ظلمات» فأتبعوا الضمة الضمة، وكذلك: أن اقتلوا [النساء/ 66]. فإذا كانوا قد أبدلوا من غير الضمة لتتبع. ضمّة الإعراب في نحو: أجوؤك وأنبؤك، وهو منحدر من الجبل، مع أن ضمة الإعراب، ليست لازمة، ولم يعتدّ بها في نحو: هذه كتف، ثابتة، فأن يتبعوا الضمّة الثانية في عين: اقتلوا اللازمة أولى.
ومن قال: مبين اقتلوا، لم يتبع الضمّ. كما أن من قال: مدّ وظلمات، لم يتبع، وكسر الساكن على ما يجري عليه
[الحجة للقراء السبعة: 4/397]
أمر تحريك الأول من الساكنين المنفصلين في الأمر الشائع). [الحجة للقراء السبعة: 4/398]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مُبِينٍ اقْتُلُوا} [آية/ 8 و9] بضم التنوين:
قرأها ابن كثير ونافع والكسائي.
والوجه أن التنوين من {مبينٍ} إنما ضُم اتباعًا لحركة التاء في {اقْتُلُوا}؛ لأنهم لو كسروه لخرجوا من كسرٍ إلى ضمٍ، وهذا ليس في كلامهم، ألا ترى أنه لم يجيء في الكلام فعل بكسر الفاء وضم العين.
وأما الحرف الذي بين التنوين المكسور وبين التاء المضموم وهو القاف من {اقْتُلُوا}، فإنه ساكن، والساكن ليس بحاجزٍ حصين فلا يُعتد به، فكأن الكسرة تلي الضمة.
وقرأ الباقون {مُبِينٍ اقْتُلُوا} بكسر التنوين.
والوجه أن التنوين كان ساكنًا، والقاف من {اقْتُلُوا} ساكن، فالتقى ساكنان فحُرّك التنوين بالكسر لالتقاء الساكنين). [الموضح: 669]

قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)}

قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين} [10].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/300]
وقرأ الباقون: {في غيابة الجب} على التوحيد، وهو الاختيار؛ لأنهم ألقوه في مكان واحد، لا في أمكنة، وجسم واحد لا يشغل مكانين.
وشاهدهم أيضًا: ما حدثني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد قال: في حرف أُبَيٍّ {وألقوه في غيبة الجب} فهذا شاهد لمن وحد.
فأما قوله: {يلتقطه} فقرأ القراء السبعة بالياء، وإنما ذكرته، لأنه الحسن البصري قرأ: {تلتقطه بعض السيارة} بالتاء. وإنما أنث بعضا وهو مذكر، لأنه مضاف إلى السيارة، وبعض السيارة من السيارة، كما تقول: ذهبت بعض أصابعه؛ لأنك لو قلت ذهبت أصابعه، أو تلتقطه [السيارة] فأحللت الأول محل الثاني كان صوابًا، قال جرير:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/301]
أرى مر السنين أخذن مني = كما أخذ السرار من الهلال
وقال أيضًا:
إذا بعض السنين تعرقتنا = كفى الأيتام فقد أبى اليتيم
ولو قلت تعجبني ضحك الجارية كان خطأ؛ لأن الضحك قد يعجبك ولا تُعجبك الجارية، وكذلك لو قلت: قامت غلام المرأة كان خطأ؛ لأن الغلام ليس هو المرأة. فقس على هذا ما يرد عليك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/302]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله عز وجل في غيابة الجب [يوسف/ 10].
فقرأ نافع وحده: غيابات جماعة.
وقرأ الباقون: غيابة واحدة.
قال أبو عبيدة: كلّ شيء غيّب عنك فهو غيابة. قال منخّل بن سبيع [وفي أخرى سميع]:
فإن أنا يوما غيّبتني غيابتي... فسيروا بسيري في العشيرة والأهل
وقال ابن أحمر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/399]
ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث... إلى ذاكما ما غيّبتني غيابيا
جمع غيابة.
قال: والجبّ: الركيّة التي لم تطو.
وجه قول من أفرد: أن الجبّ لا يخلو من أن يكون له غيابة واحدة، أو غيابات، فغيابة المفرد يجوز أن يعنى به الجمع، كما يعنى به الواحد، ووجه قول من جمع: أنه يجوز أن تكون له غيابة واحدة فجعل كلّ جزء منه غيابة، فجمع على ذلك، كقولهم: شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين، ويجوز أن يكون للجب عدّة غيابات، فجمع لذلك، والدليل على جواز الجمع فيه قوله:
إلى ذاكما ما غيّبتني غيابيا فجعل له غيابات مع أن ذا الغيابة واحد، كذلك الجبّ المذكور في التنزيل، يجوز أن يكون له غيابات). [الحجة للقراء السبعة: 4/400]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [فِي غَيَّابَاتِ الْجُبِّ] مشددة. وقرأ الحسن: [في غَيْبَة الجب].
قال أبو الفتح: "أما [غيَّابة] فإنه اسم جاء على فَعَّالة، وكان أبو علي يضيف إلى ما حكاه سيبويه من الأسماء التي جاءت على فَعَّال؛ وهو الجبَّار والكلَّاء، الفيَّاد لذكر البوم. ووجدت أنا غير ذلك، وهو التيَّار للموج، والفخَّار للخزف، والحمَّام، والجيار: السعال، والكَرَّار: كبش الراعي.
وأما [غَيْبَة الجب] فيجوز أن يكون حدثا فَعْلَة من غِبْت، فيكون كقولنا: في ظُلمة الجب، ويجوز أن يكون موضعًا على فَعْلَة كالقَرْمَة والْجَرْفَة). [المحتسب: 1/333]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وألقوه في غيابة الجب}
قرأ نافع في (غيابات الجب) بالألف أراد ظلم البئر ونواحيها لأن البئر لها غيابات فجعل كل جزء منها غيابة فجمع على ذلك
وقرأ الباقون {غيابة} وحجتهم أنهم ألقوه في بئر واحدة في مكان واحد لا في أمكنة). [حجة القراءات: 355]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {في غيابة الجب} قرأه نافع وحده بالجمع؛ لأن كل ما غاب عن النظر من الجب غيابة، فالمعنى: ألقوه فيما غاب عن النظر من الجب، وذلك أشياء كثيرة تغيب عن النظر منه، ويجوز أن يكون المعنى على حذف مضاف، أي ألقوه في إحدى غيابات الجب، فيكون بمنزلة القراءة بالتوحيد، وقرأ الباقون بالتوحيد؛ لأن يوسف لم يلق إلا في غيابة واحدة؛ لأن الإنسان لا تحويه أمكنة إنما يحويه مكان واحد، ويجوز أن يكون الواحد يدل على الجميع، فتتفق أيضًا القراءتان، والتوحيد الاختيار؛ لرجوع القراءة بالجمع إلى معناه، ولأن عليه الجماعة، وقد تقدم ذكر الإشمام في {تأمنا} وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/5]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فِي غَيَابَاتِ الْجُبّ} [آية/ 10 و15] على الجمع:
[الموضح: 669]
قرأها نافع وحده في الحرفين.
والوجه أنه جمع غيابةٍ، فكأنه كان في تلك الجبّ غيابات عدة.
ويجوز أن يكون جعل كل جزء من تلك الغيابة التي كانت في الجبّ غيابة، فلهذا جمع، كما يقال شابت مفارقه، قال الشماخ:
61- ولو أني أشاء كننت نفسي = إلى لبّات هيكلةٍ شموع
فجمع اللبة بما حولها.
وقرأ الباقون {غيابةِ} على الوحدة.
والوجه أنه لا يخلو أن يكون لتلك الجبّ غيابة واحدة أو غيابات، فإن كانت واحدة فلا نظر في صحة الوحدة، وإن كانت غيابات عدّة كانت هذه واحدة قد وقعت موقع جمع، وأُريد بها الجمع.
والغيابة: كل ما غَيّب عنك شيئًا، كذا ذكر أبو عبيدة). [الموضح: 670] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 09:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (11) إلى الآية (14) ]

{ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}

قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {مالك لا تأمنا} [11].
قرأ القراءُ السبعة بفتح الميم وتشديد النون وتشمها الضم اتفاقًا. وإما ذكرته، لأن الأعمش قرأ {تأمننا} بالإظهار، أتى بالكلمة على أصلها.
والباقون أدغموا كراهة اجتماع حرفين متجانسين.
وقرأ أبو جعفر أيضًا: {تأمنا} مدغما غير أنه لم يشم النون الضمة، لأن كل حرف مدغم يسكن ثم يدغم.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/302]
وقرأ يحيى بن وثاب: {تيمنا} بكسر التاء، هي لغة، يقولون في كل فعل كان الماضي منه على فعل بكسر أول المضارع نحو علمت تعلم وأمنت تيمن.
حدثني أحمد بن عبدان قالك رأيت أعرابيًا يطوف بالبيت وهو يقول «رب اغفر لي وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم». وأنشدني ابن مجاهد:
لو قلت ما في قومها لم تيثم = يفضلها في حسب وميسم
وذكر سيبويه رضي الله عنه أن من كسر التاء والنون والهمزة في تعلم ونعلم وأنا اعلم لم يقل: زيد يعلم استثقالاً للكسرة على اليا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/303]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: لا تأمنا [يوسف/ 11]، بفتح الميم وإدغام النون الأولى في الثانية والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضمّ اتفاقا.
وجهه: أن الحرف المدغم بمنزلة الحرف الموقوف عليه من حيث جمعها السكون، فمن حيث أشمّوا الحرف الموقوف
[الحجة للقراء السبعة: 4/400]
عليه إذا كان مرفوعا في الإدراج أشمّوا النون المدغمة في تأمنا وليس ذلك بصوت خارج إلى اللفظ، إنّما تهيئة العضو لإخراج ذلك الصوت به، ليعلم بالتهيئة أنه يريد ذلك المتهيّئ له، ويدلّك على أنه يجري مجرى الوقف أن الهمزة إذا كان قبلها ساكن حذفت حذفا، ولم تخفف بأن تجعل بين بين كما أنّها إذا ابتدئت لا تخفف، لأن التخفيف تقريب من الساكن، فكما لا يبتدأ بالساكن، كذلك لا يبتدأ بالمقرّب منه، ولو رام الحركة فيها لم يجز مع الإدغام، كما جاز الإشمام مع الإدغام لأن روم الحركة حركة، وإن كان الصوت قد أضعف بها، ألا ترى أنهم قالوا: إن روم الحركة يفصل به بين المذكر والمؤنث، نحو:
رأيتك، ورأيتك، وإذا كان كذلك، فالحركة تفصل بين المدغم والمدغم فيه، فلا يجوز الإدغام مع الحركة، وإن كانت قد أضعفت، لأن اللسان لا يرتفع عن الحرفين ارتفاعة واحدة، كما لا يرتفع إذا فصل بينهما حرف لانفكاك الإدغام بالحركة إذا دخلت بين المثلين أو المتقاربين، كانفكاكه بالحرف إذا دخل بينهما، وتضعيف الصوت بالحركة لا يمنع أن تكون الحركة مع تضعيفها في الفصل، كما أنّ الفصل بالحرف الضعيف القليل الجرس يجري مجرى الفصل بالحرف الزائد الصوت، ألا ترى أن الفصل بالنون التي هي من الخياشيم كالفصل بالصاد في منع المثلين من الإدغام، فكذلك الحركة التي قد أضعفت الصوت بها تفصل كما تفصل الحركة أشبعت ومططت، فهذا وجه الإدغام، والإشارة بالضم إلى الحرف المدغم.
وقد يجوز في ذلك وجه آخر في العربية؛ وهو أن تبيّن
[الحجة للقراء السبعة: 4/401]
ولا تدغم، ولكنك تخفي الحركة، وإخفاؤها هو أن لا تشبعها بالتمطيط، ولكنك تختلسها اختلاسا، وجاز الإدغام والبيان جميعا، لأن الحرفين ليسا يلزمان، فلمّا لم يلزما صار بمنزلة:
اقتتلوا* في جواز البيان فيه والإدغام جميعا، ومثل ذلك: نعما يعظكم به [النساء/ 58]، فيمن أسكن العين، فالذي أسكن العين لم يدغم، كما يجوز أن يدغم من كسر العين، والذي كسر العين لم يحرك الساكن من أجل الإدغام، لأن تحريك ما قبل الحرف المدغم لا يجوز في الإدغام، إذا كان المدغم منفصلا من المدغم فيه، ولكن: نعم* على لغة من حرك العين قبل الإدغام، ولو حرّكه وألقى حركة المدغم عليه لوجب أن يكون مفتوحا أو يجوز فيه التحريك بالفتح، لأن حركة المدغم الفتحة من حيث كان آخر المثال الماضي). [الحجة للقراء السبعة: 4/402]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {لَا تَأْمَنَّا} [آية/ 11]:
اتفق القراء الثمانية على فتح الميم وإدغام النون الأولى في الثانية وإشمام الضمة في النون الأولى، وهو إشارة إلى الضمة من غير إمحاض.
ووجه ذلك أن أصله لا تأمننا بنونين على تفعلنا، فأُدغمت النون الأولى في الثانية، فبقي تأمنا بنون مدغمة، ثم أُشمت النون الأولى المدغمة الضمة التي كان لها قبل الإدغام، كما يُشم الحرف الموقوف عليه الحركة في حال الوقف، نحو قولك: هذا فرج بإشمام الجيم الضمة.
وإنما فعلوا ذلك لحرصهم على إبانة ما للحرف من الحركة.
وليس هذا الإشمام بصوتٍ، إنما هو تهيئة العضو لإخراج ذلك الصوت ليُعلم أن الذي يُتهيأ له مراد.
ورُوي عن نافع أنه ترك الإشمام.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأنه إذا أدغم أحد الحرفين في الآخر أسكن الأول لا محالة، وليس الإشمام بواجب، إنما هو زيادة في التبيين، فهو دلالة على الحركة). [الموضح: 671]

قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {يرتع ويلعب} [12].
قرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون جميعًا وإسكان الباء والعين. فمعنى نرتع، أي: نتسع في الخصب، مأخوذ من الرتعة. ونلعب: نُسرُّ. فقيل لأبي عمرو: وكيف يلعبون وهم أنبياء الله؟ قال: إذ ذاك لم يكونوا بأنبياء بعد. يقال: رتع يرتع رتعا ورتوعا فهو راتع، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/303]
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت = فإنما هي إقبال وإدبار
وقرأ مجاهد {نرتع} بضم النون، جعله من أرتع يرتع، ومن كسر العين جعله ارتعيت أرتعى ارتعاء، أنشدني ابن دريد رضي الله عنه:
إذا أحس نبأة ريع وإن = تطامنت عنه تمادى ولها
نهال للشيء الذي يروعنا = ونرتعي في غفلة إذا انقضى
نحن ولا كفران لله كمن = قد قيل في السارب أخلى فارتعى
وقال آخر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/304]
رأيت غزالاً يرتعى وسط روضة = فقلت أرى ليلى تلس به زهرا
معنى تلس، أي: تتناول النبات بفيها، وإنما كسر نافع العين؛ لأن الأصل: نرتعي ونلعب فسقطت الياء للجزم، وإنما انجزم، لأنه جواب الأمر {أرسله معنا ... نرتع}.
وقرأ ابن كثير بالنون مثل أبي عمرو. وقرأ بالكسر مثل نافع.
وقرأ الباقون: {يرتع ويلعب} بالياء جميعًا وإسكان العين والياء، والعلة فيه أيضًا ما تقدم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/305]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: نرتع ونلعب [يوسف/ 12].
فقرأ ابن كثير: نرتع ونلعب بفتح النون فيهما وكسر العين في نرتع من ارتعيت. وحدثني عبيد الله بن علي قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا أبو بكر البكراوي عن إسماعيل المكي قال: سمعت ابن كثير يقرأ: نرتع ويلعب نرتع بالنون وكسر العين، ويلعب بالياء وجزم الباء.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر: نرتع ونلعب بالنون فيهما وتسكين الباء والعين.
[الحجة للقراء السبعة: 4/402]
وقرأ نافع: يرتع ويلعب مثل ابن كثير في كسر العين وهي بياء، ويلعب بالياء وجزم الباء.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: يرتع ويلعب بالياء فيهما وجزم العين والباء.
قراءة ابن كثير: نرتع ويلعب بالياء أحسن، لأنه جعل الارتعاء والقيام على المال لمن بلغ وجاوز الصّغر، وأسند اللعب إلى يوسف لصغره، ولا لوم على الصغير في اللعب ولا ذمّ، والدليل على صغر يوسف، قول إخوته: وإنا له لحافظون [يوسف/ 12]، ولو كان كبيرا لم يحتج إلى حفظهم، ويدلّ على ذلك أيضا قول يعقوب: وأخاف أن يأكله الذئب [يوسف/ 13]، ولو لم يكن صغيرا قاوم الذئب، وإنما يخاف الذئب على من لا دفاع فيه ولا ممانعة عنده من شيخ فان وصبيّ صغير، وعلى هذا قال:
أصبحت لا أحمل السّلاح ولا... أملك رأس البعير إن نفرا
[الحجة للقراء السبعة: 4/403]
والذئب أخشاه إن مررت به... وحدي وأخشى الرّياح والمطرا
وفي المثل: «بما لا أخشى الذئب».
وأما اللعب فمما لا ينبغي أن ينسب إلى أهل النسك والصلاح، ألا ترى قوله: أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين [الأنبياء/ 55] فقوبل اللعب بالحق، فدلّ أنه خلافه، وقال:
ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب [التوبة/ 65]، وقال: وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا [الأعراف/ 51].
فأما الارتعاء: فهو افتعال من رعيت مثل: شويت واشتويت، وكل واحد منهما متعدّ إلى مفعول به، قال الأعشى:
ترتعي السّفح فالكثيب فذاقا... ر فروض القطا فذات الرّئال
وقال الآخر:
رعى بارض البهمى جميما وبسرة... وصمعاء حتّى آنفته نصالها
[الحجة للقراء السبعة: 4/404]
وقد يستقيم أن يقال: نرتع وترتع إبلهم فيما قال أبو عبيدة، ووجه ذلك أنه كان الأصل: ترتع إبلنا، ثم حذف المضاف، وأسند الفعل إلى المتكلمين فصار نرتع، وكذلك نرتعي على: ترتعي إبلنا، ثم يحذف المضاف فيكون: نرتعي.
وقال أبو عبيدة: نرتع: نلهو، وقد تكون هذه الكلمة على غير معنى اللهو، ولكن على معنى النّيل من الشيء، كقولهم: «القيد والرّتعة»، وكان هذا على النيل
والتناول مما يحتاج إليه الحيوان، وقد قال الأعشى:
صدر النهار تراعي ثيرة رتعا
[الحجة للقراء السبعة: 4/405]
وعلى هذا قالوا: رأيت مرتع إبلك، لمرادها الذي ترعى فيه، فهذا لا يكون على اللهو، لأنه جمع ثور راتع أو رتوع.
وأما قراءة أبي عمرو وابن عامر: نرتع ونلعب فيكون:
نرتع على: ترتع إبلنا، أو على أنّنا ننال مما نحتاج إليه وتنال معنا.
فأمّا نلعب فحكي أنّ أبا عمرو قيل له: كيف يقولون:
نلعب وهم أنبياء؟! فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء، فلو صحّت هذه الحكاية عن أبي عمرو، وصحّ عنده هذا التاريخ فذاك وإلا... فقد قال الشاعر:
جدّت جذاذ بلاعب وتقشّعت... غمرات قالب لبسة حيران
فكأنّ اللاعب هنا الذي يشمّر في أمره فدخله بعض الهوينى، فهذا أسهل من الوجه الذي قوبل به الحق، وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال لجابر: «فهلّا بكرا تلاعبها وتلاعبك»
فهذا كأنه يتشاغل بمباح وتنفيس وجمام من الجدّ وتعمّل لما يتقوّى به عمل النظر في العلم والعبادة، وقد روي عن بعض السلف أنه كان إذا أكثر النظر في مسائل الفقه قال: «أحمضوا»، وروي: «إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن
[الحجة للقراء السبعة: 4/406]
المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى»
وليس هذا اللعب كاللعب في قوله: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب [التوبة/ 65].
فأما قراءة عاصم وحمزة والكسائيّ يرتع ويلعب جميعا بالياء، فإن كان يرتع من اللهو، كما فسّره أبو عبيدة، فلا يمتنع أن يخبر به عن يوسف لصغره، كما لا يمتنع أن ينسب إليه اللعب لذلك، فإن كان يرتع من النيل من الشيء، فذلك لا يمتنع عليه أيضا فوجهه بيّن، وهذا أبين من قول من قال:
ونلعب بالنون، لأنهم إنما سألوا إرساله ليتنفس بلعبه، ولم يسألوا إرساله ليلعبوا هم). [الحجة للقراء السبعة: 4/407]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة العلاء بن سيابة: [يَرْتَعِ] بالياء وكسر العين، و[يَلْعَبُ] رفعًا، وقرأ: [يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ] أبو رجاء.
قال أبو الفتح: أما [يَرْتَعِ] فجزم؛ لأنه جواب [أرسله]، و"يلعب" مرفوع لأنه جعله استئنافًا؛ أي: هو ممن يعلب، كقولك: زرني أُحسنُ إليك؛ أي: أنا ممن يحسن إليك، إلا أن الرفع في "أُحسن" هنا يُضعف الضمان، ألا ترى أن معناه: أنا كذلك، وليس فيه قوة معنى الإحسان إليه مع الجزم؟
وأما [يُرْتِعْ وَيَلْعَبْ] فمجزومان لأنهما جوابان؛ أحدهما: معطوف على صاحبه، وهو على حذف المفعول؛ أي: يُرْتِعْ مطيته، فحذف المفعول.
وعلى ذكر حذف المفعول فما أعرَبه وأعذَبه في الكلام! ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} أي: تذودان إبلهما، ولو نطق بالمفعول لما كان في عذوبة حذفه ولا في علوه. وأنشدنا أبو علي للحطيئة:
منعَّمةٌ تصون إليك منها ... كَصَونِك من رداءٍ شَرْعَبِيِّ
[المحتسب: 1/333]
أي: تصون الحديث وتَخزُنه، فهو كقول الشَّنْفَرَى:
كأن لها في الأرض نِسْيًا تَقُصُّهُ ... على أمها وإن تخاطبك تَبْلِتِ
أي: تقطع حديثها حياء وخفرًا. واعتدل في هذا الموضع ذو الرمة، قال:
لها بشَر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هُرَاء ولا نَزْرُ
وما أظرف قوله: رخيم الحواشي؛ أي: لا تنتشر حواشيه فتهرأ فيه، ولا يضيق عما يُحتاج من مثلها إليه للسماع والفكاهة؛ لكنه على اعتدال، وكما يُستحسن ويستعذب من التِّقال، ألا ترى إلى قول الآخر:
ولما قضينا من مِنى كل حاجة ... ومَسَّحَ بالأركان مَن هو ماسحُ
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح
ومنه:
وحديث أَلَذُّه هو مما ... تشتهيه النفوس يُوزَن وزْنا
مَنطِقٌ صائب وتلحَن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لَحْنَا
أي: تارة تورد القول صائبًا مسددًا، وأخرى تُحرف فيه وتلحن؛ أي: تعدل عن الجهة الواضحة معتمدة لذلك تلعُّبا بالقول، وهو من قوله عليه السلام: "فلعل أحدكم يكون ألحن
[المحتسب: 1/334]
بحجته"؛ أي: أنهض بها وأحسن تصرفًا فيها. وليس من اللحن الذي هو إفساد الإعراب، ذلك حديث غير هذا، وقد تقصيت هذا المذهب في الخصائص، فليُطلب هناك). [المحتسب: 1/335]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أرسله معنا غدا يرتع ويلعب}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (نرتع ونلعب) بالنّون أخبر الإخوة عن أنفسهم وحجتهم ذكرها الزيدي قال وتصديقها قوله بعدها {إنّا ذهبنا نستبق} فكأن اليزيدي ذهب إلى أنهم أسندوا جميع ذلك إلى جماعتهم إذ أسندوا الاستباق قيل لأبي عمرو
[حجة القراءات: 355]
فكيف يلعبون وهم أنبياء الله فقال إذ ذاك لم يكونوا أنبياء الله
وقرأ أهل المدينة والكوفة {يرتع ويلعب} بالياء إخبارًا عن يوسف وبذلك جاء تأويل أهل التّأويل في ذلك قال ابن عبّاس {يرتع ويلعب} أي يلهو وينشط ويسعى وحجتهم في ذلك أن القوم إنّما كان قولهم ذلك ليعقوب اختداعا منهم إيّاه عن يوسف إذ سألوه أن يرسله معهم لينشط يوسف لخروجه إلى الصّحراء ويلعب هناك لا أنهم أرادوا إعلامه بما لهم من الرّفق والفائدة لخروجه
قرأ نافع وابن كثير (نرتع) بكسر العين أي يرعى ماشيته ويرعى المال كما يرعاه الرّاعي وهو يفتعل من الرّعاية تقول ارتعى القوم إذا تحارسوا ورعى بعضهم بعضًا وحفظ بعضهم بعضًا ويقال رعاك الله أي حفظك والأصل نرتعي فسقطت الياء للجزم لأنّه جواب الأمر
وقرأ الباقون {يرتع} بجزم العين أي يأكل يقال رتعت الإبل وأنا أرتعتها إذا تركتها ترعى كيف شاءت قال الشّاعر:
ترتع ما رتعت حتّى إذا ادكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار
وكذلك الإنسان يقال رتع يرتع رتعا فهو راتع
وعلامة الجزم سكون العين في هذه القراءة وإنّما انجزم لأنّه جواب الأمر المعنى أرسله إن ترسله يرتع ويلعب). [حجة القراءات: 356]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {يرتع ويلعب} قرأ الكوفيون ونافع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/5]
بالياء فيهما، وقرأ الباقون بالنون، وكسر الحرميان العين من {يرتع}، وأسكنها الباقون وعن ابن كثير أنه قرأ «نرتع» بالنون وكسر العين، و«يلعب» بالياء.
وحجة من قرأ بالياء أنه أسند الفعل إلى يوسف لتقدم ذكره، وحسن الاختيار عنه باللعب لصغره؛ لأن ذلك مرفوع عنه في اللوم.
8- وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على الإخبار من أخوة يوسف عن أنفسهم بذلك إذ لم يكونوا أنبياء في ذلك الوقت، واللعب في غير الباطل جائز، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر: «فهلا بكرا تلاعبها أو تلاعبك» فلا نقص عليهم في إضافتهم اللعب إلى أنفسهم على هذا المعنى.
9- وحجة من قرأ «نرتع» بالنون و«يلعب» بالياء أنه أخبر عن أخوة يوسف بـ «نرتع» لجواز ذلك عليهم؛ لأن المعنى: نرتع إبلنا، وأضاف «يلعب» إلى يوسف؛ لجواز اللعب عليه لصغر سنه.
10- وحجة من قرأ بإسكان العين أنه جعله من «رتع يرتع» إذا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/6]
رعى، فأسكن العين للجزم لأنه جواب الطلب في يقوله: {أرسله معنا}.
11- وحجة من كسر العين أنه جعله من «رعى يرعى» وهو مثل «رتع» في المعنى، إلا أن من جعله من «رعى» فإن لامه ياء، فحذفها علم الجزم، ومن جعله من «رتع» فلامه عين، فسكونها علم الجزم، وقد قيل: معنى نرتع نلهو، فتحسن القراءة بالياء لإضافة اللهو إلى يوسف، إذ لام ذم عليه في ذلك لصغره، ويعد في القراءة بالنون لإضافة اللهو إلى أخوة يوسف، وهم كبار، وقد ذكرنا همز «الذئب» فيما تقدم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/7]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} [آية/ 12] بالنون فيهما، وبإسكان العين من {نَرتَعْ}:
قرأهما أبو عمرو وابن عامر.
[الموضح: 671]
وابن كثير يوافقهما في النون فيهما إلا أنه يكسر العين من {نَرْتَعِ}.
وقنبل يلحق به ياء، والبزي لا يلحقها.
والوجه أن {نَرْتَعْ} بسكون العين مضارع رتعنا، وهو جزم؛ لأنه جواب الأمر وهو {أَرْسِلْهُ}.
وأما {نَرتَعِ} بكسر العين، فإنه نفتعل من الرعي، وهو مضارع ارتعينا، وهو جزم أيضًا؛ لأنه جواب الأمر، فلهذا حذف منه الياء من حذف، وكان الأصل نرتعي، والمعنى في نرتعْ ونرتعِ: ترتعْ إبلنا أو ترتعِ إبلنا، فحُذف المضاف وأُسند الفعل إلى المضاف إليه.
والمراد بقوله {نَلعَبْ} بالنون هو تشاغل منهم بإجمام النفس من الجد بمباح يحصل به تنفيسٌ وقوة على العلم والعبادة، وليس هو كاللعب في قوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}.
وحُكي عن أبي عمرو أنه سئُل عن هذا، وقيل له: كيف قالوا نلعب وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياء، فإن صحّ هذا فهو وجهٌ.
وقرأ نافع {يَرْتَعِ ويلعبْ} بالياء فيهما، وكسر العين من {يرتعِ}.
وقرأ الكوفيون ويعقوب {يرتَعْ ويلعَبْ} بالياء فيهما، وإسكان العين من {يَرْتَعْ}.
والوجه أن الرتع أو الارتعاء (في هذه القراءة، إنما) هما مسندان إلى
[الموضح: 672]
يوسف، والمعنى ينال ما يحتاج إليه من رعي المواشي ويلعب كما (يلعب) الصبيان؛ لأن يوسف كان صغيرًا، يدل على صغره حينئذٍ قول أبيه {أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} وقول إخوته {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وروى يل- عن ابن كثير {نَرْتَعِ} بالنون وكسر العين، و{يَلْعَبْ} بالياء.
والوجه أنه جعل رَعي المواشي والقيام على المال مسندًا إلى البالغين، واللعب مسندًا إلى يوسف وهو صغير في ذلك الوقت). [الموضح: 673]

قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأخاف أن يأكله الذّئب وأنتم عنه غافلون}
[حجة القراءات: 356]
قرأ أبو عمرو والكسائيّ وورش عن نافع (الذيب) بغير همز وقرأ الباقون بالهمز وهو الأصل لأنّه مأخوذ من تذاء بت الرّيح إذا أتت من كل ناحية فكأنّه شبه من خفته وسرعة حركته بالرّيح). [حجة القراءات: 357]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {الذئبُ} [آية/ 13 و14 و17] بالهمز:
قرأها ابن كثير، ونافع يل-، وأبو عمرو إذا لم يُدْرِج، وعاصمٌ، وابن عامر، وحمزة إذا لم يقف.
وقرأ الكسائي، و-ياش- عن عاصم، و-ش- عن نافع، وأبو عمرو في الدرج، وحمزة في الوقف {الذيب} بترك الهمز.
[الموضح: 673]
والوجه في الهمز أنه هو الأصل؛ لأنه من قولهم تذأبت الريح إذا جاءت من كل وجه، ويجمع الذئب أذؤبًا بالهمز وذئابًا، ومنه المثل: استذأب النقد، أي صار ذئبًا، يضرب للذليل يصير عزيزًا.
فهذا كاه يدل على أن أصل الذئب الهمز.
والوجه في ترك الهمز أن الهمزة خُففت فقُلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وكل همزة سكنت وتحركت ما قبلها فتخفيفها أن تُقلب حرفًا من جنس حركة ما قبلها). [الموضح: 674] (م)

قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {لئن أكله الذئب} [14].
قرأ الكسائي وحده بغير همز.
وقرأ الباقون مهموزًا، وهو الأصل؛ لأنه مأخوذ من تذأبت الريح: إذا أتت من كل ناحية.
وجمع الذئب: أذؤب وذئاب وذؤبان، [وذؤبان] العرب: لصوصهم مشبهة بالذئب؛ لأن الذئب لص، ويقال للص: الطمل، ويقال للذئب: الطمل. ومن ترك الهمزة فتخفيفًا كما تركت الهمزة من البئر. وهمزها آخرون قال ذو الرمة:
فبات يشئزه ثأد ويسهره = تذاؤب الريح والوسواس والهضب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/305]
يشئزه: يقلقه. والثأد: الندى. والوسواس: الحركة. والهضب: الأمطار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/306]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في همز الذئب وتركه. [13 - 14].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة: بالهمز.
وقرأ الكسائيّ وحده بغير همز.
حدثني عبيد الله عن نصر عن أبيه قال: سمعت أبا عمرو يقرأ: فأكله الذيب لا يهمز.
قال: وأهل الحجاز يهمزون.
وروى عباس بن الفضل عن أبي عمرو أنه لا يهمز.
وروى ورش عن نافع أنه لم يهمز، وقال ابن جمّاز:
[الحجة للقراء السبعة: 4/407]
أبو جعفر، وشيبة ونافع: لا يهمزون الذيب. قال أبو بكر: وهذا وهم، إنما هو أبو جعفر وشيبة لا يهمزانه، ونافع يهمز. كذا قال إسماعيل بن جعفر عنهم، وروى المسيّبي وأبو بكر بن أبي أويس وقالون، وإسماعيل ويعقوب ابنا جعفر بن أبي كثير عن نافع أنه همز. وأخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد الحارثي البصري كريزان عن الأصمعي قال: سألت نافعا عن الذئب والبئر، فقال: إن كانت العرب تهمزها فاهمزها.
قال أبو علي: الذئب مهموز في الأصل، وقالوا: تذاءبت الرّيح إذا جاءت من كلّ جهة، كأن المعنى أنها أتت كما يأتي الذئب. قال:
غدا كأنّ به جنّا تذاء به... من كلّ أقطاره يخشى ويرتقب
أي: يأتيه من جميع جهاته فإذا خفّفت الهمزة منه قلبت ياء، وكذلك البير، ولو وقعت في ردف لقلبتها قلبا إلى الياء، كما تقلب ألف رال في قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/408]
كأنّ مكان الرّدف منه على رال وقد جمعوا فقالوا في العدد القليل: أذؤب، وقالوا: ذئب وذؤبان، كما قالوا زقّ وزقّان. قال:
وأزور يمطو في بلاد بعيدة... تعاوى به ذؤبانه
وثعالبه وقالوا: ذئاب، قال:
ولكنّما أهلي بواد أنيسه... ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحد
فإن خفّفت الهمزة أبدلت منها الياء فقلت: دياب). [الحجة للقراء السبعة: 4/409]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {الذئبُ} [آية/ 13 و14 و17] بالهمز:
قرأها ابن كثير، ونافع يل-، وأبو عمرو إذا لم يُدْرِج، وعاصمٌ، وابن عامر، وحمزة إذا لم يقف.
وقرأ الكسائي، و-ياش- عن عاصم، و-ش- عن نافع، وأبو عمرو في الدرج، وحمزة في الوقف {الذيب} بترك الهمز.
[الموضح: 673]
والوجه في الهمز أنه هو الأصل؛ لأنه من قولهم تذأبت الريح إذا جاءت من كل وجه، ويجمع الذئب أذؤبًا بالهمز وذئابًا، ومنه المثل: استذأب النقد، أي صار ذئبًا، يضرب للذليل يصير عزيزًا.
فهذا كاه يدل على أن أصل الذئب الهمز.
والوجه في ترك الهمز أن الهمزة خُففت فقُلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وكل همزة سكنت وتحركت ما قبلها فتخفيفها أن تُقلب حرفًا من جنس حركة ما قبلها). [الموضح: 674] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 09:45 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (15) إلى الآية (18) ]

{ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) }

قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فِي غَيَابَاتِ الْجُبّ} [آية/ 10 و15] على الجمع:
[الموضح: 669]
قرأها نافع وحده في الحرفين.
والوجه أنه جمع غيابةٍ، فكأنه كان في تلك الجبّ غيابات عدة.
ويجوز أن يكون جعل كل جزء من تلك الغيابة التي كانت في الجبّ غيابة، فلهذا جمع، كما يقال شابت مفارقه، قال الشماخ:
61- ولو أني أشاء كننت نفسي = إلى لبّات هيكلةٍ شموع
فجمع اللبة بما حولها.
وقرأ الباقون {غيابةِ} على الوحدة.
والوجه أنه لا يخلو أن يكون لتلك الجبّ غيابة واحدة أو غيابات، فإن كانت واحدة فلا نظر في صحة الوحدة، وإن كانت غيابات عدّة كانت هذه واحدة قد وقعت موقع جمع، وأُريد بها الجمع.
والغيابة: كل ما غَيّب عنك شيئًا، كذا ذكر أبو عبيدة). [الموضح: 670] (م)

قوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه عيسى بن ميمون عن الحسن أنه قرأ: [وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عُشًا يَبْكُونَ]، قال: عُشْوًا من البكاء.
قال أبو الفتح: طريق ذلك أنه أراد جمع عَاشٍ، وكان قياسه عُشاةً كماشٍ ومُشاة، إلا أنه حذف الهاء تخفيفًا وهو يريدها، كقوله:
أبلغ النعمان عني مأْلُكًا ... أنه قد طال حبسي وانْتِظَارْ
أراد: مأْلُكَة، فحذف الهاء. وقد تقصينا ذلك في أماكن من كتبنا، وفيه بعد هذا ضعف؛ لأن قَدْرَ ما بَكَوْا في ذلك اليوم لا يعشو منه الإنسان.
ويجوز أن يكون جمع عِشْوة: أي ظلامًا، وجمَعه لتفرِّق أجزائه كقولهم: مُغَيْربانَات وأُصَيْلَال، ونحو ذلك). [المحتسب: 1/335]

قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {الذئبُ} [آية/ 13 و14 و17] بالهمز:
قرأها ابن كثير، ونافع يل-، وأبو عمرو إذا لم يُدْرِج، وعاصمٌ، وابن عامر، وحمزة إذا لم يقف.
وقرأ الكسائي، و-ياش- عن عاصم، و-ش- عن نافع، وأبو عمرو في الدرج، وحمزة في الوقف {الذيب} بترك الهمز.
[الموضح: 673]
والوجه في الهمز أنه هو الأصل؛ لأنه من قولهم تذأبت الريح إذا جاءت من كل وجه، ويجمع الذئب أذؤبًا بالهمز وذئابًا، ومنه المثل: استذأب النقد، أي صار ذئبًا، يضرب للذليل يصير عزيزًا.
فهذا كاه يدل على أن أصل الذئب الهمز.
والوجه في ترك الهمز أن الهمزة خُففت فقُلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وكل همزة سكنت وتحركت ما قبلها فتخفيفها أن تُقلب حرفًا من جنس حركة ما قبلها). [الموضح: 674] (م)

قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن أيضًا:" [بِدَمٍ كَدِبٍ] بالدال.
قال أبو الفتح: أصل هذا من الكَدَب؛ وهو الفُوفُ؛ يعني: البياض الذي يخرج على أظفار الأحداث فكأنه دم قد أثَّر في قميصه فلحقته أعراض كالنقش عليه. وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بهذه القراءة أيضًا). [المحتسب: 1/335]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 09:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ من الآية (19) إلى الآية (22) ]

{ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}

قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {يا بشرى} [19].
قرأ أهل الكوفة {بشرى} جعلوه اسم رجل.
قال أبو عبيد الاختيار: {يا بشرى} لأنه يحتمل أن يكون اسم رجل. وأن يكون من البشارة. ورده بعض النحويين فقال إذا جعلته من البشارة لم يجز إلا أن تضيفه إلى نفسك كما تقول: {يا ويلتى ءألد}.
قال أبو عبد الله (رضي الله عنه): أصاب أبو عبيد؛ لأن العرب تقول: يا عجبًا لهذا الأمر ويا عجبي، ويا حسرتا ويا حسرتي، كل ذلك صواب، غير أن حمزة والكسائي يميلان (يا بشرى} الراء والياء، وإنما المُمالُ في الحقيقة الألف فقط، وإنما أشرت إلى الراء بالكسرة، ومن زعم أن ما قبل الألف ممالٌ فقد غلط.
وقرأ الباقون {يا بشراى} فأضافوا إلى النفس، وفتحت الياء على أصلها لئلا يلتقى ساكنان.
وقرأ نافع في رواية ورش {يا بشراي} و{مثواي} [23] و{محياي} سواكن، وإنما جاز له أن يجمع بين ساكنين؛ لأن الساكن الأول ألف، وهو حرف لين.
وفيها قراءة ثالثة، قرأ ابن أبي إسحاق فيما حدثني ابن مجاهد عن السمري عن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/306]
الفراء رحمه الله {يا بشرى هذا غلام} قلب الألف ياء وأدغم الياء في الياء والتشديد من جلل ذلك، قال أبو ذؤيب:
تركوا هوى وأعنقوا لسبيلهم
فتخرموا ولكل جنب مصرع
وهذه اللغة كثيرة في طيىء، وهي لغة رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: {فمن اتبع هدى} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/307]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وإثبات الألف وإسكانها، وإسقاط الألف من قوله عزّ وجلّ: يا بشراي هذا غلام [يوسف/ 19].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: يا بشراي بفتح الياء وإثبات الألف.
وروى ورش عن نافع: يا بشراي [يوسف/ 19] ومثواي [يوسف/ 23] ومحياي [الأنعام/ 162] وعصاي [طه/ 18] بسكون الياء.
الباقون عن نافع: بتحريك الياء إلا محياي. ورأيت أصحاب ورش لا يعرفون هذا، ويروون عنه بفتح الياء في ذلك كلّه.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: يا بشرى بألف بغير ياء.
وعاصم بفتح الراء وحمزة والكسائيّ يميلانها.
من قال: يا بشراي هذا فأضاف إلى الياء التي للمتكلم كان للألف التي هي حرف الإعراب عنده موضعان من وجهين:
أحدهما: أن الألف في موضع نصب من حيث كان نداء
[الحجة للقراء السبعة: 4/410]
مضاف، والآخر: أن تكون في موضع كسر من حيث كانت بمنزلة حرف الإعراب في: غلامي.
والدليل على استحقاقها لهذا الموضع قولهم: كسرت فيّ، فلولا أنّ حرف الإعراب الذي ولي ياء الإضافة في موضع كسر ما كسرت الفاء من فيّ، فلما كسرت كما كسرت في قولهم: بفيك، وكما فتحت من قولهم: رأيت فاك، لما كانت في موضع الفتحة في قولك: رأيت غلامك، وانضمت في قولك: هذا فوك، لاتباعه الضمّة المقدرة فيها، كالتي في قولك: هذا غلامك، كذلك كسرت في قولهم: كسرت فيّ، وهذا يدل على أنه ليس يعرب من مكانين: ألا ترى أنها تبعت حركة غير الإعراب في قولك: كسرت فيّ يا هذا، كما تبعت الإعراب في: رأيت فاك.
ومن قال: يا بشرى هذا غلام احتمل وجهين: أحدهما:
أن يكون في موضع ضمّ مثل: يا رجل لاختصاصه بالنداء، كاختصاص الرجل ونحوه من الأسماء الشائعة به. والآخر: أن يكون في موضع نصب، وذلك لأنك أشعت النداء ولم تخصصه، كما فعلت في الوجه الأول، فصار كقوله: يا حسرة على العباد [يس/ 30]، فالوجه الأول على أنه بشرى مختصة بالنداء، والآخر: أن تنزّله من جملة كلّها مثلها في الشّياع، إلا أن التنوين لم يلحق بشرى لأنها لا تنصرف.
فأما قوله: لا بشرى يومئذ للمجرمين [الفرقان/ 22]، فإن حرف الإعراب فيه يحتمل أيضا وجهين: أحدهما: أن
[الحجة للقراء السبعة: 4/411]
يكون في موضع فتحة لبناء الذي في: لا ريب، و: لا رجل، والآخر: أن يكون في موضع نصب.
فأما الوجه الذي يكون فيه في موضع فتحه للبناء، فأن تجعل قوله للمجرمين الخبر وتجعل يومئذ متعلقا باللام، وإن كان قوله: يومئذ متقدّما عليها. والوجه الذي يكون فيه في موضع نصب مثل: لا خيرا من زيد عندك هو أن تجعل يومئذ من صلة بشرى، فيصير لذلك اسما طويلا ينتصب لطوله في النفي، كما ينتصب المضاف، وكذلك في النداء، ولم يدخله التنوين، لأنه لم ينصرف، وامتناع دخول التنوين عليه لذلك ليس مما يمتنع أن تكون الألف في موضع فتح، وهو نصب، فأما من زعم أنّ بشرى اسم لرجل منادى فيحتاج إلى ثبات ذلك بخبر يسكن إليه، كما أنّ من قال في ولد يعقوب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنهم لم يكونوا أنبياء، حين أخبر عنهم باللعب، يحتاج إلى ذلك. ووجه نداء البشرى على الوجهين اللذين قدّمنا، والمعنى فيه: أن هذا الوقت من أوانك، ولو كنت ممّن تخاطب نحو: طبت الآن، ومثل ذلك: يا حسرة على العباد [يس/ 30].
وأما فتح عاصم الراء في بشرى فحسن لمكان الراء، وهي تجري مجرى المستعلية، إذا كانت مفتوحة في منع الإمالة، وإمالة حمزة والكسائيّ إياها حسنة أيضا، لأن الراء في هذا النحو لا تمنع الإمالة، كما لا يمنع في طغى وصغى، وكما لم تمنع في قولهم: صار مكان كذا.
فأما قول نافع محياي ومماتي [الأنعام/ 162]،
[الحجة للقراء السبعة: 4/412]
وجمعه بين الساكنين على غير حدّ دابّة وشابّة، فوجه ذلك أنّه يجوز أن يختص به الألف لزيادة المدّ الذي فيها على زيادة المدّ الذي في أختها، واختصت بهذا كما اختصت القوافي بالتأسيس، وكما اختصت في تخفيف الهمزة بعدها، نحو:
هباءة، وليس شيء من ذلك الياء والواو، وكذلك يجوز أن تختص لوقوع الساكن بعدها فيما قرأه نافع.
ويقوّي ذلك ما ذهب إليه يونس، في قولهم في الخفيفة:
اضربان، واضربنان، فجمع بين الساكنين على الحدّ الذي قرأ به نافع.
وحكى هشام: «التقت حلقتا البطان». فهذه الأشياء مثل ما قرأ به نافع من قوله: محياي، والتحريك للياء بعد الألف أكثر، وعليه العامة من القراء والعرب والنحويين.
والدليل على ضعف ذلك من طريق القياس مع قلته في السماع أنهم قالوا: جأنّ، ودأبّة، وأنشد:
خاطمها زأمّها كي يركبا فكرهوا التقاء الساكنين، مع أنّ الثاني منهما مدغم يرتفع اللسان عنه، وعن المدغم فيه ارتفاعة واحدة فإذا كره كارهون هذا الكثير في الاستعمال،
فحكم ما قلّ في الاستعمال، ولم يكن على حدّ دابّة الرفض والاطّراح.
[الحجة للقراء السبعة: 4/413]
وقد قرأ ناس من غير القرّاء السبعة هذا النحو بقلب الألف ياء، وإدغامها في ياء الإضافة، فقالوا: هدي وبشري*، والقول في ذلك أن ما يضاف إلى الياء يحرّك بالكسر إذا كان الحرف صحيحا نحو: غلامي وداري. فلمّا لم تحتمل الألف الكسرة؛ قرّبت الألف من الياء بقلبها إليها، كما كان الحرف يكون مكسورا والألف قريبة من الياء، فكذلك أبدل كلّ واحد منهما من الآخر في حاري وضاري. وقوله:
لنضربن بسيفنا قفيكا فإن قلت: أتقول إن في قولك: هديّ حركة مقدّرة في الياء المنقلبة عن الألف، كما كانت في غلامي؟ فالقول: إن الياء لا ينبغي أن تقدر فيها الحركة التي قدّرت في غلامي، لأن انقلابها إلى الياء فيه دلالة على الكسرة، فلم يلزم أن تقدّر فيه الحركة، كما لم تقدّر الحركة له في الألف والياء في رجلان، ورجلين، ألا ترى أنّه قال في حرف التثنية غير محرّك ولا منوّن، فإنّما يريد غير مقدّرة فيه الحركة التي تقدّر في نحو: قال وباع، ولو قدّرت فيها الحركة للزم أن تقلب الياء من رجلين، ولا تثبت ياء. فإن قلت: هلّا قلت: إن الحركة في بشري مقدّرة، وإن كانت الياء قد أبدلت من الألف فيها، لأن القلب ليس يختص بهذا الموضع، ألا ترى أنهم يقولون أيضا في الوقف: أفعي وأعشي، وإذا لم يختص بهذا الموضع، لم يكن مثل
[الحجة للقراء السبعة: 4/414]
التثنية! قيل: هذا يختصّ به الوقف، فلا يثبت في الوصل ويسقط، وإذا لم تثبت لم يقع الاعتداد بها، وكان في تقدير الألف. فإن قلت: إنه قد حكي أن منهم من يقول في الوصل والوقف:
أفعي، وأعشي؛ فالقول في ذلك: أنه يجوز أن يكون جعل الحرف في الوصل مثله في الوقف، كما يجري الوصل مجرى الوقف في أشياء. وكأنّهم أرادوا بذلك أن يكون الحرف أبين، على أنّي رأيت أبا إسحاق لا يرتضي هذه اللغة، ويقدح فيها من طريق القياس.
قال أبو الحسن: قرأ بعض أهل المدينة بالكسر للياء في الإضافة، قال: وذا رديء!.
قال أبو علي: لا وجه لذلك إلا أن يكون جاء به على قول من قال:
هل لك يا تافيّ فحذف الياء التي تتبع الياء وهذا قليل في الاستعمال، ورديء في القياس، ألا ترى أن الياء للمتكلم، بمنزلة الكاف للمخاطب، فكما لا تلحق الكاف زيادة في الأمر الشائع،
[الحجة للقراء السبعة: 4/415]
كذلك لا تلحق الياء زيادة الياء، ومن ألحق الكاف الزيادة فقال: أعطيتكاه؛ جعل الكاف بمنزلة الهاء التي للغائب في لحاق الزيادة له، وعلى هذا ألحق التاء التي للخطاب حرف المد وذلك في قوله:
رميتيه فأصممت... فما أخطأت الرّمية
عباس عن أبي عمرو أبي إبراهيم: لا يحرك الياء، الباقون بتحريك الياء، وروى اليزيدي عن أبي عمرو فتحها، لا فصل بين الإسكان والتحريك، بل يجريان مجرى واحدا، قال أبو الحسن: الياء تخفى بعد الهمزة، فكأنهم أرادوا إيضاحها فذا حجّتها). [الحجة للقراء السبعة: 4/416]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي الطفيل والجحدري وابن أبي إسحاق ورُويت عن الحسن: [يَا بُشْرَيَّ].
قال أبو الفتح: هذه لغة فاشية فيهم، ما رويناه عن قطرب من قول الشاعر:
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ ... ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
فإن لم تَثْأَرَا لي من عِكَبٍّ ... فلا أَرْوَيْتُمَا أبدا صَدَيَّا
ونظائره كثيرة جدًّا.
وقال لي علي: إن قلب هذه الألف لوقوع الياء بعدها ياء؛ كأنه عوض مما كان يجب فيها من كسرها لياء الإضافة بعدها؛ ككسرة ميم غُلَامِي وياء صاحبي ونحو ذلك، ومَن قلب هذه الألف لوقوع هذه الياء بعدها ياء لم يفعل ذلك في ألف التثنية، نحو: غلاماي وصاحباي؛ كراهة التباس المرفوع بالمنصوب والمجرور.
فإن قيل بعد: وهلا قلبوها وإن صار لفظ ما هي فيه إلى لفظ المجرور كما صار لفظ المرفوع والمنصوب جميعًا إلى لفظ المجرور في نحو: هذا غلامي؛ ورأيت غلامي، قيل: قَلْبُ الألف لوقوع الياء بعدها ياء أغلظ من قلب الضمة والفتحة حيث ذَكرْت كسرة؛ وذلك أن الجناية على الحرف أغلظ من الجناية على الحركة، فاحتُمل ذلك في: هذا غلامي ورأيت غلامي، ولم يُحتمل نحو: هذان غلامَيّ وما جرى مجراه.
فإن قيل: فالذي قال: [يا بُشْرَيَّ] قد جنى على الألف بقلبها ياء، قيل: هذه الألف يمكن أن تقدَّر الكسرة فيها، وحرف التثنية لا تقدير حركة فيه أصلًا عندنا، فجائز أن تقول: [بُشْرَيَّ]، ولم يُقَل: قام غلامَيّ. فأما الحركة في ياء {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} فلالتقاء الساكنين، وهي غير
[المحتسب: 1/336]
محفول بها، والحركة قبل الياء من [صَاحِبَي] ونحوه أقوى من حركة التقاء الساكنين، والكلام هنا يطول، لكن هذا مُتَوَجَّهُهُ). [المحتسب: 1/337]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال يا بشرى هذا غلام}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {يا بشرى} بترك الإضافة فيها وجهان أحدهما أنهم جعلوه اسم رجل فيكون دعا إنسانا اسمه بشرى وحجتهم ما قد روي عن جماعة من المفسّرين أنهم قالوا كان اسمه بشرى فدعاه المستقي باسمه كما يقال يا زيد فيكون بشرى في موضع رفع بالنداء والوجه الآخر أن يكون أضاف البشرى إلى نفسه ثمّ حذف الياء وهو يريدها كما تقول يا غلام لا تفعل يكون مفردا بمعنى الإضافة
وقرأ الباقون (يا بشراي) بإثبات ياء الإضافة وفتحها أضاف البشرى إلى نفسه وإنّما فتحوا الياء على أصلها لئلّا يلتقي ساكنان فجرت مجرى عصاي و(بشراي) في موضع نصب كما تقول يا غلام زيد). [حجة القراءات: 357]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {يا بشرى} قرأ الكوفيون بغير ياء بعد الألف، وقرأ الباقون بياء مفتوحة بعد الألف، وقد ذكرنا الإمالة فيما تقدم.
وحجة من قرأ بياء أنه أضاف «بشرى» إلى نفسه، فهو نداء مضاف منصوب كما تقول: يا هداي ويا يحياي تعال.
13- وحجة من حذف الياء أنه نادى {بشرى}، ولم يضف، فهو نداء مفرد شائع، ومعنى ندائه البشرى أنه على تقدير: تعالي يا بشراي، فهذا من وقتك وآياتك، أي: لو كنت ممن يخاطب لخوطبت الآن ما قال: {يا حسرة على العباد} «يس 30» فهو في موضع نصب؛ لأنه شائع، لا يراد به شيء بعينه، مثل {يا حسرة على العباد} لكنه لا ينصرف؛ لأنه صفة، وللزوم ألف التأنيث له، واختار أبو عبيد {يا بشرى} بغير ياء، اسم رجل دعاه إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/7]
المستقي، واحتج أبو عبيد في اختياره لذلك أنه يجمع المعنين: اسما لرجل ونداء البشرى، وتعقب عليه ابن قتيبة فاختار «يا بشراي» بالإضافة لأنها قراءة أهل المدينة ومكة وأبي عمرو، ولم يجز أن يكون حذف الياء على نداء «البشرى» فقال: لا تنادى البشرى إلا بالإضافة إلى النفس، كما تقول: يا طوباي إن قبل الله عملي، ولا تقول يا طوبي، وقيل: إن بشرى اسم رجل كان معهم، فناداه المدني على ما ذكرنا من قول أبي عبيد، فيكون في الموضع ضم كما تقول: يا رجل، وقيل: إنه أراد يا بشراي، ثم حذف ياء الإضافة للنداء، فتكون القراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/8]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {يا بُشْرى} [آية/ 19] بغير ياء على فُعلى:
قرأها الكوفيون، وأمال الراء حمزة والكسائي، وفتحها عاصم.
والوجه في إفرادها عن ياء المتكلم هو أن {بُشْرى} نكرة ههنا، فناداها كما تُنادى النكرات، محو قولك: يا رجلًا ويا راكبًا، إذا جعلت النداء شائعًا، فيكون موضعه نصبًا مع التنوين، إلا أن فُعلى لا سبيل إليها للتنوين.
ويجوز أن يكون {بُشْرى} منادى معرفةً تعرَّف بالقصد، نحو: يا رجل، فيكون {بشرى} في موضع ضم.
والمعنى في نداء البشرى أن هذا أوانك فاقربي.
وأما الإمالة في {بُشْرى} فحسنة؛ لأن الألف فيها ألف تأنيث، فيجوز فيه الإمالة، وقد سبق.
[الموضح: 674]
وأما ترك الإمالة فيه فهو الأصل، وحسّنه أن الراء المفتوحة تجري مجرى الحرف المستعلي.
وقرأ الباقون {يا بُشْرَايَ} بالألف.
والوجه أن {بشرى} مضافة إلى ياء المتكلم، وهو منادى مضافٌ، فموضعه نصبٌ). [الموضح: 675]

قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)}

قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 09:53 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يوسف
[ الآيتين (23) ، (24) ]

{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) }

قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {هيت لك} [23].
قرأ ابن كثير {هيت لك} بضم التاء.
وقرأ نافع {هيت لك} بكسر الهاء، وابن عامر مثله إلا أن ابن عامر يهمز برواية هشام، وأما هشام فإنه قرأ بضم التاء والخلاف مثله.
وقرأ الباقون {هيت} وهي اللغة الفصحى.
ومعنى {هيت لك} هلم لك فـــ «هيت» و«هلم» و«ادنه» بمعنى. قال أعرابي يخاطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/307]
أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا
أن الحجاز وأهله عنق إليك فهيت هيتا
وإنما صار الفتح أجود؛ لأن الساكن الأول ياء كقولك «كيف» و«أين» و«ليت»، ولا يقال: «كيف» و«أين» و«ليت»، ولو قيل لجاز؛ لأن العرب تكسر لالتقاء الساكنين وتفتح وتضم فالفتح نحو «أين» و«حيث» حكاهما الخليل رضي الله عنه. وبالضم حيث، وهو الأكثر؛ لأن القرآن نزل به. وتقول: جير لأفعلن كذا وكذا كما تقول: والله لأفعلن كذا.
وأخبرني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد أن ابن أبي إسحاق قرأ {وقالت هيت لك} بكسر الياء.
وقرأ يحيى بن وثاب وابن عباس {هئت} بكسر الهاء والهمزة. أخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: قال أبو أحمد وكان لألاء، وكان مع القضاة ثم جلس في بيته إنه سأل أبا عمرو عن {هئت لك} قال: نبسي، أي: باطل؟! انظر من الخندق إلى أقصى حجر بالشام هل يقوم أحد (هئت)؟! ولكنه فعلت من تهيأت لك.
وقد روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «ها أنا لك» فــ «ها» تنبيه. وروى عنه: {هيت لك}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/308]
فذلك سبع قراءات {هيت) و(هيتُ) و(هِيْتَ) و(هَيِتَ) و(هِئتُ) و(ها أنا) و(هُيَّتْ) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/309]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: هيت لك [يوسف/ 23].
فقرأ ابن كثير: هيت لك بفتح الهاء، وتسكين الياء، وضم التاء.
وقرأ نافع وابن عامر: هيت* بكسر الهاء، وسكون الياء، ونصب التاء.
وروى هشام بن عامر بإسناده عن ابن عامر: هئت لك من تهيّأت لك بكسر الهاء وهمز الياء وضمّ التاء.
وكذلك حدّثني ابن بكر مولى بني سليم عن هشام. وقال
[الحجة للقراء السبعة: 4/416]
الحلواني عن هشام: هئت لك مهموز بكسر الهاء وفتح التاء، وهو خطأ، ولم يذكره ابن ذكوان.
أبو عبيدة: هيت لك أي: هلمّ لك، قال رجل لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه:
أبلغ أمير المؤمنين... أخا العراق إذا أتيتا
أنّ العراق وأهله... عنق إليك فهيت هيتا
أي: هلمّ إلينا.
وقال أبو الحسن: وقد كسر بعضهم التاء، وهي لغة في ذا المعنى، ورفعت في ذا المعنى.
قال: وقراءة أهل المدينة: هيت لك في ذا المعنى، الهاء مكسورة، والتاء مفتوحة، قال: وقال بعضهم: هئت لك مهموز، جعلها من تهيّأت لك، وهي حسنة، إلا أن المعنى الآخر أثبت، لأنها دعته، والمفتوحة في ذا المعنى أكثر اللغات.
[الحجة للقراء السبعة: 4/417]
فأما قولهم: هيّت فلان بفلان: إذا دعاه، فينبغي أن يكون مأخوذا من قوله: هيت لك.
كما أن قولهم: أفف مأخوذ من أفّ، وجعلوها بمنزلة الأصوات، لموافقتها لها في البناء، واشتقوا منها كما اشتقوا من الأصوات نحو: دعدع إذا قالوا: داع داع، ويجري هذا المجرى: سبّح ولبّى إذا قال: سبحان الله، ولبّيك. وأنشد بعض البغداديين:
قد رابني أنّ الكريّ أسكتا... لو كان معنيا بنا لهيّتا
أسكت: صار ذا سكوت، مثل: أجرب وأقطف.
قد تقدم من قول أبي الحسن الأخفش ما يعلم منه: أن في هيت، الذي يراد به اسم الفعل، ثلاث لغات: هيت لك، وهيت لك، وهيت لك إلا أن الهاء مكسورة وذلك قراءة نافع وابن عامر، ونسبه أبو الحسن إلى أهل المدينة ومثل هذه الكلمة في أن الآخر منها قد جازت فيه الحركات الثلاث لالتقاء
[الحجة للقراء السبعة: 4/418]
الساكنين قولهم: كان من الأمر ذيت وذيت وذيت، ولو قرأ قارئ: هيت لك كان اسما للفعل، وفتح كما فتح الآخر من رويد، ألا ترى أنه اسم فعل، كما أن رويد اسم فعل، ولك على هذا للتبيين، بمنزلة لك في قولهم: هلمّ لك، ومثل تبيينهم إياه ب: لك، تبيينهم رويد بالكاف في رويدك، وتبيينهم ها، وهاء بقولهم: هاك، وهاءك، ولك في: هلمّ لك، يتعلق بهذا الاسم الذي سمّي الفعل به، ولا يجوز أن يتعلق بمضمر، لأنك لو علقته بمضمر لصار وصفا، وهذه الأسماء التي سمّيت بها الأفعال لا توصف، لأنها بمنزلة مثال الأمر، فكما لا يوصف مثال الأمر، كذلك لا توصف هذه الأسماء، وقول ابن كثير:
هيت لك بضم التاء لغة في ذا المعنى وحرّك الآخر بالضم، كما حرّك آخر ما ذكرته من ذيت، وحيث في أنه حرّك مرّة بالضم وأخرى بالفتح لالتقاء الساكنين. ومعنى هيت: هلمّ، وقد تقدم تفسيره بقول أبي عبيدة.
وقراءة ابن عامر فيما روى هشام عنه: هئت لك بكسر الهاء والهمزة وضم التاء، وجهها أنه فعلت من الهيئة، والتاء في هئت ضمير الفاعل المسند إليه الفعل.
قال أبو زيد: هئت للأمر أهيء هيئة، وهيّأت، فهئت:
فعلت، وقال غير أبي زيد: رجل هيّئ صيّر شيّر، إذا كان حسن الهيئة والصورة، والشارة، ونظير ما حكاه أبو زيد من هئت وتهيأت قولهم: فئت وتفيّأت، وفي التنزيل يتفيأ ظلاله [النحل/ 48]، وحتى تفيء إلى أمر الله [الحجرات/ 9]، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم [البقرة/ 226].
[الحجة للقراء السبعة: 4/419]
ويجوز في قراءة من حذف الهمزة أن يقول: هيت لك بغير همز، والتاء ضمير الفاعل، أن يكون خفّف الهمزة كما تخفّف من: جئت، وشئت، وفئت، ومن الأسماء نحو: ذيب، وبير. فإن قلت: فلم لا يكون: هئت* في الآية من: هؤت بالرجل خيرا أهوء به هوءا؛ إذا أزننته به، حكاه أبو زيد، ويكون الفعل مبنيا للمفعول دون الفاعل مثل: سؤت زيدا، وسيء زيد، وسيئت، قيل: لا يشبه ذلك، لأن سياق الآية يدلّ على التهيؤ الذي هو استعداد، وليس المعنى على التّهمة والإزنان، ألا ترى أن المراودة وتغليق الأبواب إنما هو تهيّؤ وتعمّل لطلب الخلوة وما تلتمسه المرأة فيها! وأما ما رواه الحلواني عن هشام: هئت* مهموزا بفتح التاء وكسر الهاء، فهو أن يشبه أن يكون وهما من الراوي، لأن الخطاب يكون من المرأة ليوسف، وهو لم يتهيأ لها، يبيّن ذلك أن في السورة مواضع تدلّ على خلاف ذلك من قوله: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه [يوسف/ 23]، وقوله: امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه [يوسف/ 30] وقوله: أنا راودته عن نفسه [يوسف/ 32] وقوله: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [يوسف/ 32]، ولو كان على هذه الرواية لقالت له: هيت لي، فالوهم في هذه الرواية ظاهر). [الحجة للقراء السبعة: 4/420]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك: [هِئْتُ لك] بالهمز وضم التاء، قرأ بها علي -عليه السلام- وأبو وائل وأبو رجاء ويحيى، واختُلف عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وطلحة بن مُصَرِّف وأبي عبد الرحمن. وقرأ: [هَيْتِ لَكَ] بفتح الهاء وكسر التاء ابن عباس بخلاف وابن محيصن وابن أبي إسحاق وأبو الأسود وعيسى الثقفي. وقرأ: [هُيِّئْتُ لَكَ] ابن عباس.
قال أبو الفتح: فيها لغات: هَيْتَ لك، وهِيتَ لك، وهَيْتُ لك، وهَيْتِ لك. وكلها أسماء سمي بها الفعل بمنزلة صَه ومَه وإيه في ذلك.
ومعنى [هَيْتَ] وبقية أخواتها: أَسْرِعْ وبادرْ، وقال:
أبلغ أمير المؤمنين ... أخا العراق إذا أتيتا
إن العراق وأهله ... عُنُق إليك فهَيْتَ هَيْتَا
وقال طرفة:
ليس قومي بالأَبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة: هَيْتُ
هم يجيبون: وا هَلُمَّ سراعا ... كالأَبَابِيل لا يُغَادَرُ بيْتُ
والحركات في أواخرها لالتقاء الساكنين.
وأما [هِئْتُ] بالهمز وضم التاء فَفِعْل، يقال فيه: هِئْتُ أَهِيءُ هيئة كجئت أجيء جيئة؛ أي: تهيأت. وقالوا أيضًا: هِئْتُ أَهَاءُ كخفت أخاف، هذا بمعنى خذ. قال:
أفاطم هائي السيف غير مُذَمَّمِ
[المحتسب: 1/337]
أي: خذي السيف.
فأما قول الله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ}، فحديث غير هذا وتصريف سواه، وفيه طول. وقد ذكرناه في كتاب الخصائص.
وأما [هُيِّئْتُ لك] ففعل صريح كهِئْتُ لك، كقولك: أُصْلِحْتُ لك؛ أي: فدونك، وما انتظارك؟ واللام متعلقة بنفس هَيْتَ وهَيْتِ وهِيتَ وهَيْتُ كتعلقها بنفس هلم من قولهم: هَلُمَّ لك، وإن شئت كانت خبر مبتدأ محذوف؛ أي: إرادتي لذلك.
فأما [هئتُ لك] و[هيِّئتُ] فاللام فيه متعلقة بالفعل نفسه، كقولك: أُصْلِحْتُ لكذا وصَلَحْت لكذا). [المحتسب: 1/338]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقالت هيت لك}
قرأ أهل العراق هيت لك بفتح الهاء والتّاء أي هلمّ وتعال وأقبل إلى ما أدعوك إليه وحجتهم قول الشّاعر
ابلغ أمير المؤمنين ... أخا العراق إذا أتيتا
أن العراق وأهله .... عنق إليك فهيت هيتا
[حجة القراءات: 357]
قال الزّجاج أما فتح التّاء في هيت فلأنّها بمنزلة أصوات ليس منها فعل يتصرّف ففتحت التّاء لسكونها وسكون الياء واختير الفتح لأن قبل التّاء ياء كما قالوا كيف وأين
وقرأ أهل المدينة والشّام {هيت} وهي لغة وقرأ ابن كثير {هيت} بفتح الهاء وضم التّاء وحجته قول الشّاعر
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت
هم يجيبون ذا هلمّ سراعًا ... كالأبابيل لا يغادر بيت
فأما الضّم من {هيت} فلأنّها بمعنى الغايات كأنّها قالت دعائي لك فلمّا حذفت الإضافة وتضمنت هيت معناها بنيت على الضّم كما بنيت حيث
وقرأ هشام (هئت) بالهمز من الهيئة كأنّها قالت تهيأت لك). [حجة القراءات: 358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {هيت لك} قرأه نافع وابن عامر بكسر الهاء وفتح التاء، غير أن هشامًا همز موضع الياء همزة ساكنة، وقرأ الباقون بفتح التاء والهاء، من غير همز، غير أن ابن كثير ضم التاء، وفتح الهاء وكسرها لغتان، وفتح التاء على المخاطبة من المرأة ليوسف على معنى الدعاء له والاستجلاب له إلى نفسها، على معنى: هلم لك، أي تعالى يا يوسف إلي، فأما من ضم التاء فعلى الإخبار عن نفسها بالإتيان إلى يوسف، ودل على ذلك قراءة من همز؛ لأنه يجعله من «هيأت لك» تخبر عن نفسها أنها متصنعة له متهيئة، وقد تحتمل قراءة من لم يهمز أن تكون على إرادة الهمز، لكن خفف الهمزة، فيكون من «تهيأت» فيكون فعلًا، ولا يحسن ذلك ويتمكن إلا على قراءة من ضم الياء؛ لأنها تخبر عن نفسها بذلك، والتاء مضمومة، ويبعد الهمز في قراءة من فتح التاء لأنه إذا فتح التاء فإنه يخاطب، وتاء المخاطب مفتوحة، فيصير المعنى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/8]
أنها تخبره أنه تهيأ لها، والمعنى على خلاف ذلك، لأنها هي التي دعته وتهيأت له، لم يدعها هو لا تهيأ لها، يعيذه الله من ذلك، حكى أبو زيد «هيت للأمر أهيء هيئة وتهيأت» ويجوز أن يكون على هذا الاشتقاق «هيت» فعلًا، ويكون الفعل إذا كسرت الهاء مبنيًا للمفعول على «فعلت» والأول أليق بالمعنى، لأن معناه في الهمز الاستعداد، والتهيؤ له، وليس المعنى على التهمة والارتياب. وقرأه هشام بالهمز وفتح التاء، وهو وهم عند النحويين؛ لأن فتح التاء للخطاب ليوسف، فيجب أن يكون اللفظ: قالت هيت لي؛ أي تهيأت لي يا يوسف، ولم يقرأ بذلك أحد. وأيضًا فإن المعنى على خلافه؛ لأنه كان يفر منها ويتباعد عنها، وهي تراوده وتطلبه، وتقدُّ قميصه، فكيف تخبره عن نفسه أنه تهيأ لها، هذا ضد حالهما، وقد قال يوسف: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} «52» وهو الصادق في ذلك، فلو كان تهيأ لها لم يقل هذا، ولا ادعاه، والاختيار فتح التاء لصحة معناه، والهمز وتكره سواء، وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: أقرأني النبي عليه السلام {هيت لك} بفتح الهاء والتاء وبذلك كان هو يقرأ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/9]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {هِيْتَ لَكَ} [آية/ 23] بكسر الهاء وفتح التاء:
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أن «هيتَ» بمعنى هلُم، وهو من الأسماء التي سُميت بها الأفعال، وإنما فُتح؛ لأنه التقى ساكنان أولهما ياء ففُتح الآخر كما في كيف لذلك.
وقرأ ابن كثير {هَيْتُ} بفتح الهاء وضم التاء.
وقرأ الباقون {هَيْتَ} بفتح الهاء والتاء جميعًا.
والوجه أن في هذه الكلمة ثلاث لغات:
هِيتَ بكسر الهاء وفتح التاء، وقد ذكرناه، وهَيْتُ بفتح الهاء وضم التاء، وهَيْتَ بفتح الهاء والتاء، والكل بمعنى هلُم.
والكلمة مبنية على ما سبق؛ لأنها اسم سمي به الفعل، والحركات الثلاث كلها جائزة فيها؛ لالتقاء الساكنين، فالفتح ككيف، والضم كحيث، والكسر كجير.
[الموضح: 675]
وقوله {لك} للتبين، بمنزلته في قولهم هلم لك، يدل على المقصود بالخطاب.
وقرأ بعضهم {هِئْتُ لك} بكسر الهاء وضم التاء وهمز بينهما على مثال جِئْتُ، وهي قراءة شاذة.
والوجه أنها فعلت من الهيئة، والتاء ضمير الفاعل، ويجوز فيه تخفيف الهمزة كما جاز في جبت وشيت وذئب وبئر). [الموضح: 676]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {من عبادنا المخلصين} [24].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {المخلصين} بكسر اللام في جميع القرآن؛ لأن الله تعالى وصفهم بالإخلاص كما قال: {مخلصين له الدين} يقال: أخلص يخلص إخلاصًا فهو مخلص.
وقرأ الباقون {مخلصين} بفتح اللام على أنهم مفعولون، الله أخلصهم فصاروا مخلصين، وحجتهم قوله تعالى: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} وقد شاركوا أبا عمرو وأصحابه في (مريم) بكسر اللام: {إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا} وإنما كسروا هذا الحرف ليبينوا أن اللغتين جائزتان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/309]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر اللام وفتحها من قوله جلّ وعزّ: المخلصين*، [24].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: المخلصين ومخلصا* [مريم/ 51] بكسر اللام، وتابعهم نافع في قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/420]
إنه كان مخلصا في مريم بكسر اللام، وقرأ سائر القرآن المخلصين بفتح اللام، فأما ما فيه الدين [الأعراف/ 29، والزمر/ 11] أو ديني [الزمر/ 14]، فلم: يختلف فيه أنه بكسر اللام.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: المخلصين، ومخلصا في سائر القرآن بفتح اللام.
حجّة من كسر اللام من المخلصين* ومخلصا* قوله:
وأخلصوا دينهم لله [النساء/ 146]. فأما قراءة نافع في مريم: مخلصا بكسر اللام فعلى معنى أنه كان مخلصا دينه، أو مخلصا عبادته.
فأما ما فيه الدين كقوله: مخلصين له الدين [غافر/ 14] قل الله أعبد مخلصا له ديني [الزمر/ 14] فلأن الدين وديني مفعول به، وفي اسم الفاعل ذكر مرتفع بأنه فاعل. ومعنى: مخلصا له ديني: أي: أتوجه في عبادتي إليه، من غير مراءاة في ذلك، وكذلك مخلصين له الدين أي: لا يشركون في عبادته أحدا، كما قال: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [الكهف/ 110]، ولم يكونوا كمن قال: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [الزمر/ 3]. وأقول في ذلك: أخلصت ديني لله، ولا يكون أخلصت ديني لله، كما لا يكون: أخلصوا دينهم لله، ويجوز في التي في الزّمر: وهو مخلصا له ديني أي: أخلصه أنا، ومخلصا له ديني أي: يخلص ديني له، يكون هو المخلص في المعنى، إلّا أنه بني الفعل للمفعول به، وهذا يجوز في العربية.
[الحجة للقراء السبعة: 4/421]
وحجة من كسر اللام قوله: وأخلصوا دينهم لله، فإذا أخلصوا فهم مخلصون، كما أنهم إذا أخلصوا لهم كانوا مخلصين). [الحجة للقراء السبعة: 4/422]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّه من عبادنا المخلصين}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {المخلصين} بكسر اللّام في جميع القرآن أي أخلصوا دينهم وأعمالهم من الرّياء وحجتهم قوله {وأخلصوا دينهم} وقوله {مخلصا له ديني} فإذا
[حجة القراءات: 358]
أخلصوا فهم مخلصون تقول رجل مخلص مؤمن فترى الفعل في اللّفظ له
وقرأ أهل المدينة والكوفة {المخلصين} بفتح اللّام أي الله أخلصهم من الأسواء والفواحش فصاروا مخلصين وحجتهم قوله تعالى {إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدّار} فصاروا مخلصين بإخلاص الله إيّاهم). [حجة القراءات: 359]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {المخلصين} قرأ نافع وأهل الكوفة بفتح اللام، حيث وقع، فيما فيه ألف ولام، بنوا الفعل للمفعول من «أخلص» فهو مخلص؛ لأن الله جل ذكره أخلصهم، أي اختارهم لعبادته، وقرأ الباقون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/9]
بكسر اللام، بنوا الفعل للفعل من «أخلص» فهو ملخص، والمفعول محذوف فأضافوه إلى العبادة؛ لأنهم أخلصوا أنفسهم لعبادة الله.
وفتح اللام أحب إلي لأنهم لم يخلصوا أنفسهم لعبادة الله إلا من بعد ما اختارهم الله وأخلصهم لذلك، وقد قال تعالى ذكره: {وأخلصوا دينهم لله} «النساء 146» وأيضًا فإن عليه الأكثر، فأما قوله: {مخلصًا} في «مريم 15».
فإن الكوفيين قرؤوه بفتح اللام، وهو الاختيار وقرأه الباقون بكسر اللام. والحجة فيه كالحجة فيما ذكرنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/10]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {المخلِصِينَ} [آية/ 24] بكسر اللام في كل القرآن:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب، وكذلك في مريم {إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا}، وتابعهم نافع في سورة مريم في قوله {مُخْلِصًا} فكسرها.
واتفقوا على كسر اللام فيما فيه الدين نحو {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} و{مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} ونحوهما.
[الموضح: 676]
والوجه أن المعنى المخلصين دينهم، فحُذف المفعول بدلالة ما ظهر فيه الدين مما قدمناه.
وإنما اتفقوا على كسر اللام فيما فيه الدين؛ لأنهم لو فتحوا اللام لبقي الدين المنصوب بلا ناصب، فكسروا اللام؛ لأن المعنى هم الذين أخلصوا الدين، وما ليس فيه ذكر الدين فإنه محمول على ما فيه ذكره.
وقرأ الباقون {المُخْلَصِينَ} و{مُخْلَصًا} بفتح اللام في كل القرآن إذا لم يكن فيه ذكر الدين.
والوجه أن الفعل فيه مبنيٌّ للمفعول به؛ لأن المعنى أُخلصوا فهم مخلصون، والمراد أخلصهم الله تعالى). [الموضح: 677]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة