العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة آل عمران

توجيه القراءات في سورة آل عمران


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة آل عمران

مقدمات توجيه القراءات في سورة آل عمران
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة آل عمران). [معاني القراءات وعللها: 1/241]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السورة التي يذكر فيها (آل عمران) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة آل عمران). [الحجة للقراء السبعة: 3/5]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): ( [آخر الكلام في سورة آل عمران] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/118]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة آل عمران). [المحتسب: 1/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (3 - سورة آل عمران). [حجة القراءات: 153]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة آل عمران). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/334]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة آل عمران). [الموضح: 360]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مدنية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/334]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائتا آية في المدني والكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/334]

ياءات الإضافة:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (واختلف القراء في ستة آيات)
{وجهي لله} [20] فتحها نافع وحفص، عن عاصم، وأسكنها الباقون.
{وتقبل مني إنك} [35]
فتحها نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
{وإني أعيذها} [36].
فتحها نافع وحده، وأسكنها الباقون.
و{اجعل لي آية} [41].
فتحها نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/126]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (117- فيها ست ياءات إضافة:
{وجهي لله} «20» قرأها نافع وابن عامر وحفص بالفتح.
{مني إنك} «35»، {اجعل لي آية} «41» قرأهما نافع وأبو عمرو بالفتح.
{إني أعيذها} «36»، {من أنصاري إلى} «52» قرأهما نافع بالفتح.
{أني أخلق} «49» قرأها الحرميان وأبو عمرو بالفتح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/374]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ست ياءات للمتكلم وهن:
{وَجْهِيَ لله}، {فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك}، {إنِّي أُعِيذُها}، {اجْعَلْ لِيَ آيَةً}، {أَنِّيَ أَخْلُقُ}، {مَنْ أَنْصَارِيَ إلى الله}.
فتحهن كلهن نافع.
وفتح ابن كثير واحدةً وه] أَنِّيَ أَخْلُقُ لَكُمْ}، وأسكن البواقي.
وفتح أبو عمرو ثلاثًا {مِنِّيَ إنَّكَ}، {اجْعَلْ لي آيَةً}، {إنِّيَ أَخْلُقُ}، وأسكن البواقي.
وفتح ابن عامر و- ص- عن عاصم واحدةً {وَجْهِيَ لله}.
وأسكنهن كلهن حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم ويعقوب.
والوجه أن الفتح في هذه الياءات أصل كما في ضربتك، ولأن الأصل فيما كان على حرف واحد اسمًا كان أو حرفًا أن تكون حركته الفتح لخفته.
وأما إسكانها فلأن الياء تشبه الألف، فكما أن الألف ساكن ألبتة، فكذلك
[الموضح: 399]
استحبوا في الياء سكونها، سيما وقد انكسر ما قبلها ليتوفر حظها من المد، فيتحقق فيها شبه الألف). [الموضح: 400]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (118- فيها زائدتان، قوله: {ومن اتبعن} «20» قرأه نافع وأبو عمرو بياء في الوصل.
قوله: {وخافون} «175» قرأه أبو عمرو بياء في الوصل، وقد قدمنا الحجة في ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/374]

الياءات المحذوفة:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (واختلفوا في إثبات ياءين وحذفهما {ومن اتبعن} [20] و{وخافون} [175] أثبتهما أبو عمرو ونافع في رواية إسماعيل وأسقطهما الباقون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/126]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ثلاث ياءات حذفن من الخط، وهن:-
{وَمَنِ اتّبَعَنِي} و{أَطِيعُونِي} و{خَافُونِي}.
فأثبتهن كلهن يعقوب في الوصل والوقف.
ووصل أبو عمرو و- يل- عن نافع اثنين: {ومَن اتَّبَعَنِي} و{خَافُونِي} بالياء، ووقفا عليهما بغير ياءٍ.
و- ش- و- ن- عن نافع {ومَنِ اتّبَعَنِي} بياء في الوصل دون الوقف، و{خَافُونِ} بغير ياء في الحالين.
وقرأ الباقون بغير ياءٍ فيهن جميعًا في الحالين.
والوجه أن الأصل أن تثبت هذه الياءات، وحذفها لأجل التخفيف، فإن الكسرة التي بقيت تدل عليها، فمعناها حاصل، والشيء إذا أفاد محذوفًا ما يفيده ثابتًا، كان حذفه هو الأحسن.
فالإثبات إذن أصل، والحذف تخفيف، وإثبات البعض وحذف البعض أخذ بالوجهين). [الموضح: 400]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (1) إلى الآية (4) ]
بسم الله الرحمن الرحيم

{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) }

قوله تعالى: {الم (1)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قال أبو بكر: قراءة الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: (الم (1) اللّه... (2)
الميم ساكنة ومن اسم الله مقطوعة.
وقرأ الباقون: (الم (1) اللّه) ألقوا فتحة الألف على الميم وحذفوها في الوصل.
وقال أبو إسحاق النحوي روي عن الرؤاسي: (الم الله) بتسكين الميم.
قال: وقد رويت هذه القراء عن عاصم.
قال: والمضبوط عن عاصم في رواية أبي بكر بن عياش وابن عمر بفتح الميم. قال: ففتح الميم إجماع من النحويين.
قال: واختلف النحويون في علة فتح الميم.
فقال بعضهم: فتحت لالتقاء الساكنين،
[معاني القراءات وعللها: 1/241]
وقال بعضهم: طرحت عليها فتحة الهمزة؛ لأن نية حروف
الهجاء الوقف، وهذا قول الكوفيين.
وقال الأخفش: إن الميم لو كسرت لالتقاء الساكنين فقيل (الم الله) لجاز.
قال أبو إسحاق: وهذا غلط من الأخفش؛ لأن قبل الميم ياء مكسور ما قبلها، فحقها الفتح لالتقاء الساكنين؛ ولثقل الكسر مع الياء.
وقال مجاهد: إنما قرأ القراء (الم الله) لأنهم ألقوا فتحة الألف على الميم وحذفوها في الوصل). [معاني القراءات وعللها: 1/242]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرءوا كلّهم: الم الله [آل عمران/ 1] مفتوحة الميم والألف ساقطة إلّا ما حدثني به القاضي موسى بن إسحاق الأنصاري قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا
[الحجة للقراء السبعة: 3/5]
يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ (الم) ثم قطع وابتدأ (الله) ثم سكّن فيها. قال يحيى بن آدم وآخر ما حفظت عنه (الم الله) مثل حمزة.
[حدثنا ابن مجاهد قال]: حدثنا موسى بن إسحاق قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: سمعت أبا يوسف الأعشى قرأها على أبي بكر (الم) ثم قطع فقال: (الله) بالهمز.
[الحجة للقراء السبعة: 3/6]
حدثنا ابن مجاهد قال: حدثني محمد بن الجهم عن ابن أبي أمية عن أبي بكر عن عاصم الم جزم، ثم ابتدأ ألله.
[حدثنا ابن مجاهد قال]: حدثني أحمد بن محمد ابن صدقة قال: حدثنا أبو الأسباط عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ: (الم الله) بتسكين
[الحجة للقراء السبعة: 3/7]
الميم وقطع الألف. [حدثنا ابن مجاهد قال]: حدثني محمد بن الجهم عن الفرّاء قال: قرأ عاصم: الم جزم [و] الله مقطوع. والمعروف عن عاصم الم الله موصولة. و حفص عن عاصم الم (صل) الله مفتوحة الميم غير مهموزة الألف.
قال أبو علي: اتفاق الجميع على إسقاط الألف الموصولة في اسم الله وذاك أن الميم ساكنة كما أن سائر حروف التهجي مبنية على الوقف فلمّا التقت الميم الساكنة، ولام التعريف حرّكت الميم بالفتح للساكن الثالث الذي هو لام المعرفة. والدّليل على أنّ التحريك للساكن الثالث- وهو مذهب سيبويه- أن حروف التهجي يجتمع فيها الساكنان نحو كهيعص [مريم/ 1] وحم عسق وذلك أنّها مبنيّة على الوقف، كما أنّ أسماء العدد كذلك فحرّكت الميم للساكن
[الحجة للقراء السبعة: 3/8]
الثالث بالفتح كما حرّكت النون في قوله: من الله [آل عمران/ 15] ومن المسلمين [يونس/ 72] ومن البقر اثنين [الأنعام/ 144] بالفتح لالتقاء الساكنين.
فأمّا ما روي عن عاصم من قطعه الألف، فكأنّه قدّر الوقوف على الميم، واستأنف (الله)، فقطع الهمزة للابتداء بها. والوجه ما عليه الجماعة، وما وافقهم هو أيضا عليه، من أنّ الهمزة تسقط في الوصل، فإذا سقطت لم يجز أن تلقى لها حركة على ما قبلها.
والّذي حكاه سيبويه من قولهم: ثلاثة اربعة، لم تحمل عليه هذه الآية، ألا ترى أنّه ذهب إلى أنّ الحركة فيها لالتقاء الساكنين، وأنّه في الفتح لالتقاء الساكنين بمنزلة قوله:
من الله.
وأمّا ما حكاه بعض البغداديين من قوله: مريب الذي جعل [ق/ 25/ 26]. فإنّه حرّك النّون بالفتح كما حرّك في قولهم: من الله به.
ولا يجوز أن تكون الفتحة لهمزة الوصل ألقيت على النون، لأنّ الهمزة إذا أوجب الإدراج إسقاطها لم تبق لها حركة تلقى على شيء، ولم يأت في نحو هذا عنهم شيء فيما علمناه، كما جاء (ثلاثة اربعة) ). [الحجة للقراء السبعة: 3/9]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قال أبو محمد: قد ذكرنا، في سورة البقرة، من وجدنا ممن قرأ في كل حرف من الصدر الأول، ولست آخذ ذلك في كل القرآن ولا في كل حرف، إلا عن تطويل كثير، فيطول الكتاب لذلك، وأنا أقتصر على ذكر القراء المشهورين فقط في باقي القرآن، إلا أن نجد نصا على قراءة النبي عليه السلام، أو قراءة أصحابه رضي الله عنه، فنذكر ذلك لا غير، وما لم نجد فيه شيئًا اكتفيت فيه بذكر القراء المشهورين، فاعلم ذلك وكل ما تقدم الكلام فيه، والعلل في قراءته من الأصول، وغير ذلك من الحروف، نستغني بذكره متقدمًا عن إعادته، فذلك أخصر، فتكرر الشيء صعب سماعه، كتكرير الحديث، فاعلم ذلك كله من شرط هذا الكتاب، قد ذكرنا إمالة {التوراة} وعلتها وأصلها في أبواب الإمالة، وذكرنا فتح الميم من {المر لله} وعلة ذلك في أبواب المد، فأما ما قرأت به للأعشى، عن أبي بكر، من قطع الألف من اسم «الله» جل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/334]
ذكره فعلته في ذلك على وجهين: أحدهما أن يكون ينوي الوقف على {الم}، ثم يبتدئ باسم الله، فيقطع الألف، وهذه الحروف أصلها السكون، والوقف عليها، لأنها حروف مقطعة، لا أصل لها في الإعراب، إلا أن يخبر عنها، أو يُعطف بعضها على بعض، فيدخلها الإعراب، لأنها تصير كسائر الأسماء، فلما كان أصلها الوقف عليها، وقف على الميم، ثم ابتدأ ما بعدها فهمز.
2- والوجه الثاني أن تكون الألف من اسم الله جل ذكره عنده ألف قطع، كما ذهب إليه ابن كيسان، فردّها إلى أصلها فهمز، وإنما وصلت لكثرة الاستعمال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/335]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- قوله {الم، الله} آية/ 1 و2]:-
اتفق القراء على وصل الألف من اسم الله وفتح الميم من {ألم}، وروى ياش- عن عاصم فقطع الألف من اسم الله، (وأسكن) الميم من {الم}.
ووجه قراءة الجماعة أن هذه الألف أعني ألف {الله} ألف وصل، يسقط إذا اتصل بشيء قبله، فالواجب أن يسقط ههنا لاتصاله بـ {الم}، والميم من {الم} كانت ساكنة كما أن سائر حروف التهجي مبنية على السكون، فالتقت مع لام التعريف من اسم الله، فحركت الميم بالفتح لالتقاء الساكنين هي ولام المعرفة، ولم تحرك هذه الميم للساكن الذي قبلها؛ لأن حروف التهجي قد يجتمع فيها ساكنان نحو: {كهيعص} ونحوها لبنائها على الوقف، ولا يجوز أن تكون حركة الميم منقولةً إليها عن ألف {الله}؛ لأن هذه الألف لا توجد في حال الوصل، فكيف يكون لها حركة تنقل؟
[الموضح: 360]
وأما ما روى ياش- عن عاصم من قطع الألف فيمكن أن يكون قدر الوقوف على الميم، ثم استأنف {الله}، فقطع الهمزة على نية الابتداء بها. والوجه ما عليه الجمهور). [الموضح: 361]

قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (من ذلك قراءة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- وابن مسعود وإبراهيم النخعي والأعمش وأصحاب عبد الله وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي رجاء بخلاف ورُويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: [الحيُّ القيَّام]، وقرأ علقمة: [الحيُّ القَيِّم].
قال أبو الفتح: أما [القيَّام] ففيعال من قام يقوم؛ لأن الله تعالى هو القيم على كل نفس، ومثله من الصفة على فيعال الغيْداق والبَيْطار، وأصله: القيْوَام، فلما التقت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء فصارت القيام، ومثله قولهم: "ما بالدار ديَّار"، وهو فيعال من دار يدور وأصلها دَيْوار، وأهل الحجاز يقولون للصَّوَّاغ: الصَّيَّاغ، فعلى هذا ينبغي أن يحمل لا على فَعَّال؛ لأنه كان يجب أن يكون صوَّاغًا، هذا هو الباب.
وأما الفيَّاد لِذَكر البوم فحمله أبو علي على أنه فَعَّال من الأسماء؛ وذلك أنه من فاد يفيد إذا تبختر. وأما الجيَّار للسُّعال فكذا يجب أن يكون أيضًا، وهو فَعَّال من لفظ "جَيْر" بمعنى نعم ومعناها؛ وذلك أن السَّعلة تجيب أختها كما أن جير جواب.
قال العجاج:
تجاوب الرَّعْدِ إذا تبوَّجا
وأنشدنا أبو علي:
إذا حنَّت الأولى سَجَعْنَ لها معا
[المحتسب: 1/151]
والحديث طويل لكن هذا طريقه.
وأما القَيِّم من قام يقوم بأمره، وهو من لفظ قيَّام ومعناه قال:
الله بيني وبين قيِّمها ... يفر مني بها وأَتَّبع
لما قال الشاعر هذا قيل له: لا، بل الله بين قيمها وبينك.
و{القيوم} قراءة الجماعة، فيعول من هذا أيضًا، ومثله الدَّيُّور في معنى الدَّيَّار). [المحتسب: 1/152]

قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {وأنزل التوراة والإنجيل} [3]
قرأ نافع وحمزة {التوراة} بين الإمالة والتفخيم، غير أن حمزة يقف بالتاء.
وقرأ أبو عمرو والكسائي وورش، عن نافع {التورية} بالكسر لاجتماع الراء مع الياء.
وقرأ الباقون بالتفخيم على لفظ الكلمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إمالة الرّاء وفتحها من التوراة [آل عمران/ 3].
فقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: (التوراة) مفخّما.
وكان نافع وحمزة يلفظان: بالراء بين الفتح والكسر، وكذلك كانا يفعلان بقوله تعالى: مع الأبرار [آل عمران/ 193] ومن الأشرار [ص/ 62] ومن قرار [إبراهيم/ 26] وذات قرار [المؤمنون/ 50] إذا كان الحرف مخفوضا.
وقال ابن سعدان عن المسيّبي عن نافع: الراء مفتوحة، وكذلك قال ابن المسيبي عن نافع. وقال ورش عن نافع:
(التّورية)، بكسر الراء وكان أبو عمرو والكسائي يقرءان:
(التورية) مكسورة الراء ويميلان هذه الحروف أشد من إمالة حمزة ونافع أعني: (الأبرار) و (من قرار) وما أشبه ذلك. ابن عامر يشم الراء الأولى من (الأبرار) الكسر.
قال أبو علي: قالوا ورى الزند، يري، إذا قدح ولم يكب، وقالوا ورى وأوريته، وفي التنزيل: فالموريات قدحا [العاديات/ 2] وفيه: أفرأيتم النار التي تورون [الواقعة/ 71]. فأمّا قولهم: وريت بك زنادي على مثال شريت، فزعم
[الحجة للقراء السبعة: 3/10]
أبو عثمان: أنّه استعمل في هذا الكلام فقط لم يجاوز به غيره. وقال أبو زيد: ورى النّقي، يري، وريا: إذا كثر ودكه، قال: والواري: الكثير الودك. والوراء في اسم الجهة التي هي خلاف الأمام ليس من هذا، لأنّ تحقيره: وريئة، مثل وريعة.
وألحقت الهاء في تحقيرها، وإن كانت على أربعة أحرف كما ألحقت في قديديمة.
فأمّا الوراء: لولد الولد فيمكن أن يكون من هذا وقيل له:
وراء، كما قيل له: نجل.
وأنشد أبو زيد:
يا قاتل الله صبيانا تجيء بهم * أمّ الهنيبر من زند لها واري
[الحجة للقراء السبعة: 3/11]
قال السكري: ضرب الزّند مثلا للرحم، والزّند: تستخرج به النار، وقال أمية:
الحامل النار في الرّطبين يحملها... حتّى تجيء من اليبسين تضطرم
يأتي بها حيّة تهديك رؤيتها... من صلب أعمى أصمّ الصلب منقصم
روى محمد بن السري أن الرّطبين: هما العودان الرطبان، يعني: الشجر الذي فيه النار، واليبسين: هما العودان اليابسان، يعني: الزندين، يقول: تكون النار في عودين رطبين، فإذا جفا قدحا، فجاءت النار منهما، والأعمى الأصمّ: يعني الزّند، والزّند: الأعلى، والزندة: السفلى، وأصمّ الصّلب يعني:
العود، وأعمى: لا جوف له، يريد: يأتي بها حية للناس أي:
حياة لهم. فأمّا قولهم: التّريّة: لما تراه المرأة من الطهر [بعد الحيض] فيجوز أن تكون فعيلة من الوراء، لأنّها ترى بعد الصفرة والكدرة اللتين تريان في الحيض، وتكون فعيلة من: ورى الزند، يري، كأنّها من خروجها من الطهر بعد الحيض، فكأنّ الطهر أخرجه، والتاء في الوجهين بدل من الواو التي هي فاء، كما أنّها في «تيقور»، و «تولج» كذلك.
[الحجة للقراء السبعة: 3/12]
فأمّا القول في التوراة، فلا تخلو من أن تكون فوعلة، على قول الخليل: في تولج، أو تفعلة مثل تتفلة، أو تفعلة بالكسر وفتح العين كما فتح في: ناصاة، فممّا يدلّ على أنّها فوعلة، ليست تفعلة، مثل تتفلة، وتألب، أنّ هذا البناء يقلّ، وأنّ فوعلة في الكثرة بحيث لا يتناسبان، ولا إشكال في أن الحمل على الأكثر الأشيع أولى من الحمل على خلافه.
ويدلّك على ذلك أن التاء لم تكثر زائدة أوّلا كما لم تكثر النون أوّلا، فكما أنّ النون إذا جاءت أولا في نحو نهشل ونعثل، لا يحكم بزيادتها، لقلتها زائدة. أوّلا، كذلك لا يحكم بزيادة التاء.
فإن قلت: إنك إذا جعلته فوعلة، حكمت بإبدال الفاء التي هي واو: تاء، وإذا حكمت بزيادة التاء لم تجعلها بدلا، ولكنك جعلتها التاء التي زيدت في الكلمة، قيل:
ليس هذا باعتراض لأنّ الواو إذا كانت أوّلا فقد استمرّ البدل
[الحجة للقراء السبعة: 3/13]
فيها نحو وجوه، وأجوه، ووقّتت، وأقّتت، ووشاح، وإشاح ووفادة، وإفادة، ووجم، وأجم، ووناة وأناة، فإذا اجتمعا لزم الأول منهما البدل إمّا همزة وإمّا تاء، فالهمزة نحو الأولى في فعلى من الأول، وأواق في جمع واقية. وقد أبدلت التاء من الواو إذا كانت مفردة أوّلا نحو تيقور من الوقار، فهذا فيعول، وليس بتفعول كتعضوض، ألا ترى كثرة فيعول نحو سيهوج، وسيهوب، وديقوع. وقد أبدلت تاء أولى مفردة في نحو: تجاه، وتراث، وتخمة، وتكلان، وزعم أبو عثمان أنّ إبدال نحو تخمة، مضطرد، وقال أبو الحسن:
ليس بمطرد.
فإذا كثر إبدال التاء من الواو أوّلا، هذه الكثرة، كان حملها على هذا الكثير أولى من حملها على ما لم يكثر، ولم يتسع هذا الاتساع. ولا يقرب حملها أيضا على تفعلة لأنّه لا يخلو من أن تجعلها اسما نحو: تودية، أو مصدرا نحو:
توصية، فأمّا باب تودية فقليل، كما أنّ تفعلة كذلك، وباب توصية فيه اتساع وحمل على لغة لم نعلم منها شيئا في
[الحجة للقراء السبعة: 3/14]
التنزيل، فإذا لم يكن هذان الوجهان بالسهلين حملته على فوعلة دونهما للكثرة، ألا ترى أن نحو صومعة، وحوجلة ودوسرة، وعومرة، قد كثر؟.
ومن لم يمل التوراة. فلأنّ الراء حرف يمنع الإمالة، لما فيه من التكرير، كما يمنعها المستعلي، فكما أنّ الراء لو كان مكانها مستعل مفتوح لم تحسن الإمالة، كذلك إذا كانت الراء مفتوحة. وأيضا فإنّ ما بعد الواو من توراة لو كان منفصلا لم تكن فيه الإمالة كذلك إذا كان متصلا.
وقول من أمال: إنّ الألف لما كانت رابعة لم تخل من أن تشبه ألف التأنيث أو الألف المنقلبة عن الياء أو عن الواو.
وألف التأنيث تمال وإن كان قبلها مستعل كقولهم: فوضى وجوخى.
فكما أمالوا المستعلية معها كذلك يميلون الراء، وإذا أمالوا نحو صغا، وضغا، وشقا مع أنّ الواو تصحّ في هذا البناء الذي على ثلاثة أحرف فأن يميلوا فيما لا تصحّ الواو معه أجدر.
[الحجة للقراء السبعة: 3/15]
وممّا يقوّي ذلك أنّهم قد أمالوا اسم المفعول إذا كان فيه مستعل، نحو معطا، وإذا أمالوا مع المستعلي كانت الإمالة مع الراء أجود، لأنّ الإمالة على الراء أغلب منها على المستعلي، ألا ترى أنّه قد حكى الإمالة في نحو عمران ونحو فراش، وجراب، ولو كان مكان الراء المستعلي لم تكن فيها إمالة؟. وممّا يقوّي الإمالة في الراء من توراة أنّهم قد قالوا: رأيت علقا، وعرقا، وضيقا، فأمالوه للتشبيه بألف حبلى إلّا أنّ الأول من هذه الحروف مكسور وليس من التوراة كذلك والإمالة في فتحة الراء نحو الكسرة في نحو: مع الأبرار [آل عمران/ 193] ومن قرار [إبراهيم/ 26] أقوى منها في التوراة، وذلك أنّ الراء المكسورة قد غلبت المستعلي في نحو قارب وغارم وطارد، فلما غلبت المستعلي مع قوته على الإمالة كان أن تغلب الراء المفتوحة فتميل فتحها إلى الكسرة
[الحجة للقراء السبعة: 3/16]
أولى، لأنّ الراء، وإن كان فيها تكرير، صارت به كأنّها حرفان مفتوحان؛ فهي بزنة حرف واحد، فلمّا قويت على المستعلي كانت على الراء المفتوحة أقوى). [الحجة للقراء السبعة: 3/17]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [الأَنجيل] بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح: هذا مثال غير معروف النظير في كلامهم؛ لأنه ليس فيه أفعيل بفتح الهمزة، ولو كان أعجميًّا لكان فيه ضرب من الحِجاج؛ لكنه عندهم عربي، وهو أفعيل من نجل ينجُل: إذا أثار واستخرج، ومنه نَجْلُ الرجل لولده؛ لأنه كأنه استخرجهم من صلبه وبطن امرأته، قال الأعشى:
أنجب أزمان والداه به ... إذ نَجَلاه فنعم ما نَجلا
أي: أنجب والداه به أزمان إذ نجلاه، ففصل بالفاعل بين المضاف الذي هو أزمان وبين المضاف إليه الذي هو إذ، كقولهم: حينئذ، ويومئذ، وساعتئذ، وليلتئذ.
وقال أبو النجم:
تنجُل أيديهن كل منْجل
يريد: أيدي الإبل؛ أي: تثير بأيديها في سيرها ما تمر به من نبت وحجر وغيرهما.
وقيل له: إنجيل؛ لأن به ما استخرج علم الحلال والحرام ونحوهما، كما قيل: توراة، وهو فوعلة من وَرَى الزنْد إذا قدح وأصله وَوْرَيَة، فأبدلت الواو التي هي الفاء تاء كما قالوا: التُّجاه والتُّخَمة والتُّكْلان والتَّيقُور، وهي من الوجه والوخامة والوكيل والوقار، وقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت توراة، فهذه من ورى الزند: إذا ظهرت ناره، وهذا من نَجَل ينجُل: إذا استَخْرج؛ لما في هذين الكتابين من معرفة الحِل والحِرْم كما قيل لكتاب نبينا -صلى الله عليه وسلم- الفرقان؛ لأنه فرَّق بين الحق والباطل، وهذا الحديث الذي نحن عليه من بابٍ
[المحتسب: 1/152]
ضُمنه كتابنا الخصائص وسَمتُه: باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني؛ وذلك أن التوراة من لفظ ورى، والإنجيل من لفظ ن ج ل، والفرقان من ف ر ق، والتوارة فوعلة، والإنجيل إفعيل، والفرقان فُعلان. فالأصول مختلفة والمباني كذلك، والمعاني واحدة ومعتنقة، وكلها للإظهار والإبراز والفرق بين الأشياء، أفلا ترى إلى هذه الحكمة الممرور بها، الواطئة الأقدام عليها، المسهو لعادة الدعة وقلة المراعاة والمراجعة عنها؟
وفي كل شيء له شاهد ... يدل على أنه واحد
ونظائره تكاد تكون أكثر من الرمل، منه قولهم للمسك: صِوَار، فأصلاهما مختلفان: هذا من م س ك، وهذا من ص ور، ومثالاهما كذلك؛ لأن مِسْكًا فِعْلٌ، وصِوَار فِعَال، ومعنياهما واحد؛ وذلك لأنه سمي مسكًا لأنه بطيب رائحته يمسك الحس عليه استلذاذًا له، وصِوَار من صار يصور إذا عطف وجمع فأمسكت الشيء وعطفته وجمعته شيء واحد، ومنه قولهم: سحاب، قيل له ذلك كما قيل له حَبِيّ، فهذا من ح ب و، وهذا من س ح ب، وسحاب فَعال، وحبي فعيل، فالأصلان مختلفان، والمثالان اثنان، والمعنيان واحد، وذلك أنه لثقله ما ينسحب على وجه الأرض، وكذلك ما يحبو عليها، قالت امرأة تصف غيثًا:
وأقبل يزحف زحف الكسير ... كأن على عضديه رِفَاقا
وقال أوس أو عبيد:
دانٍ مسفٌ فويق الأرض هَيْدبُه ... يكاد يدفعه مَن قام بالرَّاح
واللطيف الحسن الجميل كثير؛ لكن أين لك بالمحسن المستثير؟ فهذا حديث هذا المثال الذي هو الإنجيل، وأما فتحه فغريب؛ ولكنه الشيخ أبو سعيد -نضر الله وجهه ونوَّر ضريحه- ونحن نعلم أنه لو مر بنا حرف لم نسمعه إلا من رجل من العرب لوجب علينا تسليمه له إذا أُونست فصاحته، وأن نَبْهأَ به، ونتحلى بالمذاكرة بإعرابه، فكيف الظن بالإمام في فصاحته وتحريه وثقته؟ ومعاذ الله أن يكون ذلك شيئًا جنح فيه إلى رأيه دون أن يكون أخذه عمن
[المحتسب: 1/153]
قبله، وبعد فقد حكى أبو زيد في السِّكِّينة: السَّكِّينة، بفتح السين وتشديد الكاف. فهذا فَعِّيلة وإن لم يكن لها نظير، وإفعيل أخو فِعِّيل، وأحسبني سمعت في بِرْطيل بَرْطيل، فهذا فَعليل بفتح الفاء، وأَفعيل وفَعليل وفَعِّيل يكاد يكون مثالًا واحدًا). [المحتسب: 1/154]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم فيما رواه المغيرة والأعمش عنه: [نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ بِالْحَقِّ] خفيفة الزاي، ورفع الباء من الكتاب.
قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على استقلال الجملة التي هي قوله عز اسمه: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} .
ألا ترى أنه لا ضمير في قوله: [نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ] يعود على اسم الله تعالى؟ فعلى هذا ينبغي أن تكون جملة مستقلة أيضًا في قول مَن شدَّد الزاي ونصب الكتاب، فيكون اسم
[المحتسب: 1/160]
الله مرفوعًا بالابتداء، وقوله: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} خبر عنه، ويكون {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} صفة له وثناء عليه، وإن شئت جعلت قوله: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ثناء عليه معترضًا بين المبتدأ والخبر، ويكون {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} خبرين عنه، كحلو حامض.
وإن شئت جعلت قوله: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} خبرًا عنه، و {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أيضًا خبرين عنه؛ فيكون له ثلاثة أخبار.
وإن شئت أن تخبر عن المبتدأ بعشرة أخبار أو بأكثر من ذلك جاز وحسن؛ لما يتضمنه كل خبر منها من الفائدة، فكأنه أخبر عنه وآثنى عليه، ثم أخذ يقص الحديث فقال: [نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ].
ومَن شدد الزاي ونصب "الكتاب" جاز أن يكون على قوله خبرًا رابعًا، وجاز أن يكون أيضًا جميع ما قبل "نزل" ثناء وإعظامًا، ويفرد قوله: [نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ] فيجعل خبرًا عنه؛ كقولك: الله سبحانه، وجل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، يأمر بالعدل، وينهى عن السوء. وفيه اكثر من هذا؛ إلا أن في هذا مقنعًا بحمد الله). [المحتسب: 1/161]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {التَّوْرَاةَ} [آية/ 3]:-
بفتح الراء في جميع القرآن، قرأها ابن كثير وعاصم ويعقوب.
وذلك لأن الراء حرف مكرر يمنع بالتكرير الذي فيه عن الإمالة، كما يمنع عنها الحرف المستعلي.
وقرأ نافع بين الفتح والكسر، وهو إلى الفتح أقرب، على عادته فيما تحسن فيه الإمالة، لأنه كره إشباع الإمالة والمصير إلى الياء، إذ رآهم يقلبون الياء في مثل ذلك ألفًا، فكره أن يقلب الألف ياء، ومنه هربوا.
وذلك لأن هذه الألف رابعة، فهي كألف التأنيث في كونها في حكم المنقلب عن الياء، وألف التأنيث قد تمال وإن كان قبلها المستعلي نحو: فوضى وجوخى، كما تمال الألف المنقلبة عن الواو أيضًا مع المستعلي في نحو: صفا وطفا، فإذا أميل مثل هذه الألف مع المستعلي فلأن تمال مع
[الموضح: 361]
حرف التكرير أولى؛ لأنه لا يبلغ حد المستعلي في منع الإمالة). [الموضح: 362]

مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (5) إلى الآية (6) ]

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (7) إلى الآية (9) ]

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}

قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي واقد الجراح: [رَبَّنَا لا تَزِغْ قُلُوبُنا].
قال أبو الفتح: هذا في المعنى عائد إلى قراءة الجماعة: {لا تُزغْ قلوبَنا}؛ وذلك أنه في الظاهر طلب من القلوب ورغبة إليها، فهو كقول الراجز فيما أنشده ابن الأعرابي:
يا رب لا يرجع إلينا طِفْيلا
وفسره طفلًا، فظاهره الطلب والرغبة إلى ذلك الإنسان المدعو إليه؛ وإنما المسئول الله سبحانه، حتى كأنه قال: اللهم لا ترجعه إلينا، ويؤكد في ذلك النداء في قوله تعالى: [ربنا]، ويزيد في شرحه لك أنك تقول للأمير: لا ترهقني؛ لأنه يملك التنفيس عنك، ولا تقول له: أيها الأمير، أدخلني الجنة؛ لأن ذلك ليس له ولا إليه؛ فقد علمت إذن أن معنى [لا تَزِغْ قلوبُنا] هو معنى [لا تُزغ قلوبَنا]؛ ألا ترى أن القلوب لا تملك شيئًا فيطلب منها؟ فالمسئول إذن واحد وهو الله سبحانه). [المحتسب: 1/154]

قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (10) إلى الآية (13) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)}

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}
و منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستغلبون وتحشرون.. (12) و: (يرونهم مثليهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: (ستغلبون وتحشرون) بالتاء و(يرونهم) بالياء.
وقرأ نافع ويعقوب: (ستغلبون وتحشرون) و: (ترونهم) كله بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي: (سيغلبون ويحشرون) و(يرونهم مثليهم) بالياء ثلاثتهن.
وروى أبان عن عاصم: (ترونهم) بالتاء، وقال الفراء: من قرأ بالياء (سيغلبون ويحشرون) فإنه ذهب بها إلى
[معاني القراءات وعللها: 1/242]
مخاطبة اليهود وإلى أن الغلبة تقع على المشركين بعد يوم أحد، وذلك أن النبي صلى الله عليه لما هزم المشركين يوم بدر قال اليهود: هذا النبي الذي لا ترد له راية، فلما نكب المسلمون يوم أحد كذبوا ورجعوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد قل لليهود: سيغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم.
فليس في هذا المعنى إلا الياء.
قال الفراء: ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين كأنهم شيء واحد داخلين في الخطاب، فيجوز على هذا المعنى ستغلبون بالياء والتاء.
وهذا كما تقول في الكلام: قل لعبد الله إنه قائم وإنك قائم.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: الاختيار عندنا بالياء لأنه جلّ وعزّ خاطب اليهود، وأخبر أن مشركي أهل مكة سيغلبون، والتفسير عليه.
[معاني القراءات وعللها: 1/243]
وقال الزجاج: من قرأها بالتاء فللحكاية والمخاطبة، أي: قل لهم في خطابك ستغلبون.
قال: ومن قرأ (سيغلبون) فالمعنى بلغهم أنهم سيغلبون.. ). [معاني القراءات وعللها: 1/244] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} [12]
و {يؤونهم} [13]
قرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالياء.
وقرأهن نافع بالتاء.
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتاء {يرونهم}، بالياء، والأمر بينهن قريب.
فمن قرأ بالتاء تقديره: قل يا محمد ستغلبون، وتحشرون. ومن قرأ بالياء أخبر عن غيب، ومثل ذلك في الكلام أن تقول: قلت لزيد أن سيركب وستركب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: سيغلبون، ويحشرون [آل عمران/ 12] ويرونهم مثليهم [آل عمران/ 13].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: ستغلبون وتحشرون بالتاء، ويرونهم بالياء.
وحكى أبان عن عاصم: ترونهم بالتاء، وفي رواية أبي بكر بالياء.
وقرأ نافع: ستغلبون، وتحشرون، وترونهم بالتاء ثلاثتهن.
وقرأ حمزة والكسائيّ بالياء ثلاثتهن.
قال أبو علي: قوله: قل للذين كفروا...
[آل عمران/ 12] يجوز أن يعنى به اليهود والمشركون جميعا، يدلّ على ذلك قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين [البقرة/ 105] ففسر الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 3/17]
بالقبيلين، وكذلك قوله جلّ وعزّ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين [البينة/ 1] فالتقدير على هذا: قل للقبيلين: ستغلبون.
ويدلّ على حسن التاء هنا والمخاطبة قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة [آل عمران/ 81] والآية كلّها على الخطاب. وكذلك قول من قرأ: ستغلبون بالتاء.
وللتاء على الياء مزية ما في الحسن، وهو أنّه إذا قيل:
سيغلبون فقد يمكن أن يكون المغلوبون والمحشورون من غير المخاطبين، وأنّهم قوم آخرون، فإذا كان بالخطاب، لم يجز أن يظنّ هذا.
وحجة من قرأ بالياء قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [الأنفال/ 38] وقوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون [الجاثية/ 14] والدّليل على حسن مجازهما جميعا أنّهم زعموا أنّ في حرف عبد الله: قل للذين كفروا إن تنتهوا نغفر لكم. فأمّا قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [النور/ 30] فظاهره يقوّي قول من قرأ بالياء. ألا ترى
[الحجة للقراء السبعة: 3/18]
أنّه قال: يغضوا، ولم يقل: غضوا، فيكون للخطاب كقراءة من قرأ ستغلبون وكذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [النور/ 31].
إلّا أنّ من الناس من يحمل هذا على إضمار لام الأمر، وإضمار الجازم لم نعلمه جاء في حال السعة، وقد قيل: إنّ الذين كفروا: اليهود. والضمير في سيغلبون للمشركين، فعلى هذا القول لا يكون سيغلبون إلّا بالياء، لأنّ المشركين غيب.
والخطاب لهم، وما تقدّم ذكره أوجه لما ذكرناه من جواز وقوع الذين كفروا على الفريقين، ولأنّهما جميعا مغلوبان، فاليهود وأهل الكتاب غلبوا بوضع الجزى عليهم، وحشرهم لأدائها، والمشركون غلبوا بالسيف، فالقول الأول أبين. ومن قرأ: (يرونهم) بالياء، فلأنّ بعد الخطاب غيبة، وهو قوله: فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم [آل عمران/ 13] أي: ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثليهم.
ومما يؤكد الياء قوله: مثليهم، ولو كان على التاء لكان:
مثليكم، وإن كان قد جاء: وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] ثمّ قال: فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] ورأيت هنا المتعدية إلى مفعول واحد يدلّك على ذلك تقييده برأي العين، وإذا كان كذلك، كان انتصاب مثليهم على الحال لا على أنّه مفعول ثان.
وأمّا مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع.
[الحجة للقراء السبعة: 3/19]
فمن الإفراد في التثنية قوله:
وساقيين مثل زيد وجعل... سقبان ممشوقان مكنوزا العضل
ومن إفراده في الجمع قوله تعالى: إنكم إذا مثلهم [النساء/ 140]. ومن جمعه قوله: ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد/ 38]. وأمّا قوله: ترونهم مثليهم [آل عمران/ 13] ويرونهم فمن قرأ بالتاء فللخطاب الذي قبله، وهو قوله: قد كان لكم آية في فئتين... ترونهم مثليهم فالضمير المرفوع في ترونهم للمسلمين، والضمير المنصوب للمشركين. المعنى: ترون- أيّها المسلمون- المشركين مثلي المسلمين، وكان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، فرآهم المسلمون ستمائة وكسرا، وأرى الله المشركين أن المسلمين أقلّ من ثلاثمائة، وذلك أن المسلمين قد قيل لهم: فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين [الأنفال/ 66] فأراهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/20]
الله عددهم حسب ما حدّ لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليه، ولا يحجموا عنهم.
ومثل هذا في المعنى، قوله: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم [الأنفال/ 44] وقال قتادة: كان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا). [الحجة للقراء السبعة: 3/21] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل للّذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنّم وبئس المهاد}
قرأ حمزة والكسائيّ (سيغلبون ويحشرون) بالياء فيهما أي بلغهم بأنّهم سيغلبون وحجتهما إجماع الجميع على قوله {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ويقوّي الياء أن
[حجة القراءات: 153]
أهل التّفسير تأولوا في ذلك أن النّبي صلى الله عليه وسلم لما هزم المشركين يوم بدر قالت اليهود بعضهم لبعض هذا هو النّبي الّذي لا ترد له راية فصدقوا فقال بعضهم لا تعجلوا بتصديقه حتّى تكون وقعة أخرى فلمّا اصاب المسلمين يوم أحد ما أصابهم شكوا في أمره وخالفوه فأنزل الله قل يا محمّد سيغلبون ويحشرون
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتّاء على المخاطبة أي قل لهم في خطابك {ستغلبون وتحشرون} وحجتهم قوله {قل للّذين كفروا} فقد أمره أن يخاطبهم والمخاطبة لهم أن يقول في وجوههم {ستغلبون وتحشرون} بالتّاء). [حجة القراءات: 154]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ستغلبون وتحشرون} قرأهما حمزة والكسائي بالياء، وقرأهما الباقون بالتاء.
4- وحجة من قرأ بالتاء أنه أمر من الله لنبيه أن يخاطبهم بهذا، فهو خطاب للكفار من النبي بأمر الله له، والتاء للخطاب لليهود، بأنهم سيغلبون ويحشرون إلى جهنم، وقد قيل: إن الخطاب لليهود والمشركين، لأن كل فريق منهم كافر، فخوطبوا وأعلموا بوقوع الغلبة عليهم، ثم يحشرهم إلى جنهم.
5- وحجة من قرأ بالياء أنه أتى به على لفظ الغيبة؛ لأنهم غيب، حين أمر الله نبيه بالقول لهم، وهم اليهود، وقيل: هم المشركون، وكلاهما غائب، فإذا كانوا المشركين فهم أقوى في الغيبة، لأن المعنى: قل يا محمد لليهود سيُغلب المشركون ببدر ويحشرون إلى جهنم، ويقوي ذلك إجماعهم على الياء في قوله: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} «الأنفال 38» وإجماعهم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/335]
على الياء في قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا} «الجاثية 14»، و{قل للمؤمنين يغضوا} «النور 30»، والتاء أحب إلي لإجماع الحرميين وعاصم وغيرهم على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/336]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} [آية/ 12]:-
بالياء فيهما، قرأها حمزة والكسائي.
وذلك لأنهم غيب وإن كانوا مأمورًا بخطابهم، يؤيد ذلك قوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} و{قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ الله}.
وقرأ الباقون بالتاء فيهما.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلمأمر بأن يقول لهم ذلك ويخاطبهم به، فكأنه قال: خاطبهم بذلك، وهذا كما تقول: قل لعبد الله إنك مضروب، ويجوز إنه مضروب، والأول أظهر). [الموضح: 362]

قوله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
و منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستغلبون وتحشرون.. (12) و: (يرونهم مثليهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: (ستغلبون وتحشرون) بالتاء و(يرونهم) بالياء.
وقرأ نافع ويعقوب: (ستغلبون وتحشرون) و: (ترونهم) كله بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي: (سيغلبون ويحشرون) و(يرونهم مثليهم) بالياء ثلاثتهن.
وروى أبان عن عاصم: (ترونهم) بالتاء، وقال الفراء: من قرأ بالياء (سيغلبون ويحشرون) فإنه ذهب بها إلى
[معاني القراءات وعللها: 1/242]
مخاطبة اليهود وإلى أن الغلبة تقع على المشركين بعد يوم أحد، وذلك أن النبي صلى الله عليه لما هزم المشركين يوم بدر قال اليهود: هذا النبي الذي لا ترد له راية، فلما نكب المسلمون يوم أحد كذبوا ورجعوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد قل لليهود: سيغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم.
فليس في هذا المعنى إلا الياء.
قال الفراء: ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين كأنهم شيء واحد داخلين في الخطاب، فيجوز على هذا المعنى ستغلبون بالياء والتاء.
وهذا كما تقول في الكلام: قل لعبد الله إنه قائم وإنك قائم.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: الاختيار عندنا بالياء لأنه جلّ وعزّ خاطب اليهود، وأخبر أن مشركي أهل مكة سيغلبون، والتفسير عليه.
[معاني القراءات وعللها: 1/243]
وقال الزجاج: من قرأها بالتاء فللحكاية والمخاطبة، أي: قل لهم في خطابك ستغلبون.
قال: ومن قرأ (سيغلبون) فالمعنى بلغهم أنهم سيغلبون.. ). [معاني القراءات وعللها: 1/244] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} [12]
و {يؤونهم} [13]
قرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالياء.
وقرأهن نافع بالتاء.
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتاء {يرونهم}، بالياء، والأمر بينهن قريب.
فمن قرأ بالتاء تقديره: قل يا محمد ستغلبون، وتحشرون. ومن قرأ بالياء أخبر عن غيب، ومثل ذلك في الكلام أن تقول: قلت لزيد أن سيركب وستركب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: سيغلبون، ويحشرون [آل عمران/ 12] ويرونهم مثليهم [آل عمران/ 13].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: ستغلبون وتحشرون بالتاء، ويرونهم بالياء.
وحكى أبان عن عاصم: ترونهم بالتاء، وفي رواية أبي بكر بالياء.
وقرأ نافع: ستغلبون، وتحشرون، وترونهم بالتاء ثلاثتهن.
وقرأ حمزة والكسائيّ بالياء ثلاثتهن.
قال أبو علي: قوله: قل للذين كفروا...
[آل عمران/ 12] يجوز أن يعنى به اليهود والمشركون جميعا، يدلّ على ذلك قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين [البقرة/ 105] ففسر الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 3/17]
بالقبيلين، وكذلك قوله جلّ وعزّ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين [البينة/ 1] فالتقدير على هذا: قل للقبيلين: ستغلبون.
ويدلّ على حسن التاء هنا والمخاطبة قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة [آل عمران/ 81] والآية كلّها على الخطاب. وكذلك قول من قرأ: ستغلبون بالتاء.
وللتاء على الياء مزية ما في الحسن، وهو أنّه إذا قيل:
سيغلبون فقد يمكن أن يكون المغلوبون والمحشورون من غير المخاطبين، وأنّهم قوم آخرون، فإذا كان بالخطاب، لم يجز أن يظنّ هذا.
وحجة من قرأ بالياء قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [الأنفال/ 38] وقوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون [الجاثية/ 14] والدّليل على حسن مجازهما جميعا أنّهم زعموا أنّ في حرف عبد الله: قل للذين كفروا إن تنتهوا نغفر لكم. فأمّا قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [النور/ 30] فظاهره يقوّي قول من قرأ بالياء. ألا ترى
[الحجة للقراء السبعة: 3/18]
أنّه قال: يغضوا، ولم يقل: غضوا، فيكون للخطاب كقراءة من قرأ ستغلبون وكذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [النور/ 31].
إلّا أنّ من الناس من يحمل هذا على إضمار لام الأمر، وإضمار الجازم لم نعلمه جاء في حال السعة، وقد قيل: إنّ الذين كفروا: اليهود. والضمير في سيغلبون للمشركين، فعلى هذا القول لا يكون سيغلبون إلّا بالياء، لأنّ المشركين غيب.
والخطاب لهم، وما تقدّم ذكره أوجه لما ذكرناه من جواز وقوع الذين كفروا على الفريقين، ولأنّهما جميعا مغلوبان، فاليهود وأهل الكتاب غلبوا بوضع الجزى عليهم، وحشرهم لأدائها، والمشركون غلبوا بالسيف، فالقول الأول أبين. ومن قرأ: (يرونهم) بالياء، فلأنّ بعد الخطاب غيبة، وهو قوله: فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم [آل عمران/ 13] أي: ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثليهم.
ومما يؤكد الياء قوله: مثليهم، ولو كان على التاء لكان:
مثليكم، وإن كان قد جاء: وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] ثمّ قال: فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] ورأيت هنا المتعدية إلى مفعول واحد يدلّك على ذلك تقييده برأي العين، وإذا كان كذلك، كان انتصاب مثليهم على الحال لا على أنّه مفعول ثان.
وأمّا مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع.
[الحجة للقراء السبعة: 3/19]
فمن الإفراد في التثنية قوله:
وساقيين مثل زيد وجعل... سقبان ممشوقان مكنوزا العضل
ومن إفراده في الجمع قوله تعالى: إنكم إذا مثلهم [النساء/ 140]. ومن جمعه قوله: ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد/ 38]. وأمّا قوله: ترونهم مثليهم [آل عمران/ 13] ويرونهم فمن قرأ بالتاء فللخطاب الذي قبله، وهو قوله: قد كان لكم آية في فئتين... ترونهم مثليهم فالضمير المرفوع في ترونهم للمسلمين، والضمير المنصوب للمشركين. المعنى: ترون- أيّها المسلمون- المشركين مثلي المسلمين، وكان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، فرآهم المسلمون ستمائة وكسرا، وأرى الله المشركين أن المسلمين أقلّ من ثلاثمائة، وذلك أن المسلمين قد قيل لهم: فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين [الأنفال/ 66] فأراهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/20]
الله عددهم حسب ما حدّ لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليه، ولا يحجموا عنهم.
ومثل هذا في المعنى، قوله: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم [الأنفال/ 44] وقال قتادة: كان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا). [الحجة للقراء السبعة: 3/21] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وطلحة: [يُرَوْنَهم مِثلَيهم] بياء مضمومة.
قال أبو الفتح: هذه قراءة حسنة المعنى؛ وذلك أن رَأيتُ وأرى أقوى في اليقين من أُريتُ وأُرَى، تقول: أرى أن سيكون كذا؛ أي: هذا غالب ظني، وأرى أن سيكون كذا؛ أي: أعلمه وأتحققه؛ وسبب ذلك أن الإنسان قد يُريه غيره الشيء فلا يصح له، فمعناه إذن أن غيره يشرع في أن يراه ولا أنه هو لا يراه، وأما أرى فإخبار بيقين منه، فكذلك هذه الآية: [يُرَوْنَهم مِثلَيهم] أي: يُصوَّر لهم ذلك وإن لم يكن حقًّا؛ لأن الشيء الواحد لا يكون اثنين
[المحتسب: 1/154]
في حال واحد؛ ولكن قد يُظن ويتوهم شيئين بل أشياء كثيرة، ومثله قول الله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا}، فهذا يُحسِّن هذه القراءة.
وأما قراءة الجماعة: {يَرَوْنَهم } فلأنها أقوى معنى؛ وذلك أنه أوكد لفظًا؛ أي: حتى لا يقع شك فيهم ولا ارتياب بهم أنهم مثلاهم، فهذا أبلغ في معناه من أن يكون مُرٍ يُرِيهم ذلك، فقد يجوز أن يتم له ذلك وقد لا، هذا في ظاهر الأمر؛ فأما على اليقين ومع الحقيقة فلا يجوز أن يكون الشيء الواحد شيئين اثنين فيما له كان واحدًا، ومما جاء مفصولًا فيه بين أَرَى وأُرَى قوله:
تَرَى أو تُراءَى عند معقِد غَرْزِها ... تهاويل من أجلاد هر مؤوَّم
فلما قال: "ترى" استكثر ذلك؛ لأنه مع التحصيل لا حقيقة له، فأتبعه بما لان له القول الأول، فقال: أو تراءى، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/155]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين}
قرأ نافع (ترونهم مثليهم) بالتّاء على مخاطبة اليهود وحجته أن الكلام قبل ذلك جرى بمخاطبة اليهود وهو قوله {قد كان لكم آية} فإلحاق هذا أيضا بما تقدم أولى ومعنى الكلام قد كان يا معشر اليهود آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وهم رسول الله صلى الله عليه وأصحابه ببدر وأخرى كافرة وهم مشركون ترونهم أنتم أيها اليهود مثلي الفئة الّتي تقاتل في سبيل الله
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم ما روي عن أبي عمرو قال أبو عمرو لو كانت ترونهم لكانت مثليكم قال الفراء
[حجة القراءات: 154]
من قرأ بالتّاء فإنّه ذهب إلى اليهود ومن قرأ بالياء فعل ذلك كما قال {حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} فإن شئت جعلت يرونهم من المسلمين دون اليهود أي يرى المسلمون المشركين مثليهم). [حجة القراءات: 155]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {يرونهم} قرأه نافع بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
7- ووجه القراءة بالتاء أن قبله خطابا، فجرى آخر الكلام عليه، وهو قوله: {قد كان لكم} فجرى {ترونهم} على الخطاب في {لكم}، فيحسن أن يكون الخطاب للمسلمين، والهاء والميم للمشركين، وقد كان يلزم من قرأ بالتاء أن يقرأ {مثليكم} وذلك لا يجوز، لمخالفة الخط، ولكن جرى الكلام على الخروج من الخطاب إلى الغيبة، فهو في القرآن وكلام العرب كثير، بمنزلة قوله تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك} ثم قال: {وجرين بهم} «يونس 22» فخاطب ثم عاد إلى الغيبة، ومثله: {وما آتيتم من زكاة} ثم قال: {فأولئك هم المضعفون} «الروم 39»، فرجع إلى الغيبة، ولاهاء والميم في {مثليهم} يحتمل أن تكون للمشركين، أي: ترون أيها المسلمون المشركين مثلي ما هم عليه من العدد، وهو بعيد في المعنى؛ لأن الله لم يكثر المشركين في أعين المؤمنين، بل أعلمنا أنه قللهم في أعين المؤمنين، ويحتمل أن يكون الضمير للمسلمين، أي: ترون أيها المسلمون مثلي ما هم عليه من العدد، أي: ترون أنفسكم مثلي عددكم، فعل الله ذلك بهم لتقوى أنفسهم على لقاء المشركين، ويحتمل أن يكون المعنى: ترون أيها المسلمون المشركين مثليكم في العدد، وقد كانوا ثلاثة أمثالهم، فللهم الله في أعين المسلمين، لتقوى أنفسهم، ويجسروا على لقائهم، وتصديق هذا القول قوله: {إذ يريكهم الله في منامك قليلًا} «الأنفال 43» {وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلًا} «الأنفال 44».
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/336]
8- ووجه القراءة بالياء أن قبله لفظ غيبة، فحمل آخر الكلام على أوله، وهو قوله: {فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة}، فالرؤية للفئة المقاتلة في سبيل الله والمرئية الفئة الكافرة، فالهاء والميم في {مثليهم} للفئة المقاتلة في سبيل الله والمرئية الفئة الكافرة، فالهاء والميم في {مثليهم} للفئة المقاتلة في سبيل الله، والمعنى: يُري الفئة المقاتلة في سبيل الله للفئة الكافرة مثلي الفئة المؤمنة، وقد كانت الفئة الكافرة ثلاثة أمثال المؤمنة، فقللهم الله في أعنيهم ليقوي نفوسهم، وليثبتوا على ما فرض الله عليهم، من أن لا يفر الواحد من اثنين، على ما ذكر في سورة الأنفال، وإنما أرى الله المسلمين المشركين مثليهم؛ لأنه تعالى ضمن لهم الغلبة على المشركين بقوله: {إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} «الأنفال 66»، وكذلك قال: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلًا} ويبعد أن تكون الهاء والميم في {مثليهم} لـ «الفئة الكافرة» لأن الله لم يخبر أنه كثَّر الفئة الكافرة في أعين المؤمنين، إنما أعلمنا أنه قللهم في أعين المؤمنين، والخطاب في {لكم} لليهود، وانتصاب {مثليهم} على الحال؛ لأن ترى من رؤية البصر لا يتعدى إلى مفعولين، ودل على أنه من رؤية البصر قوله: {رأي العين} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/337]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} [آية/ 13]:-
بالتاء، قرأها نافع ويعقوب.
وذلك لأن ما قبله خطاب، وهو قوله تعالى {قَدْ كانَ لكمْ آيةٌ} والمعنى ترون أيها المسلمون المشركين مثلي المسلمين، والقياس مثليكم، ولكن لما
[الموضح: 362]
كان المخاطبون هم الفئة المقاتلة أعاد الضمير اليهم.
وقرأ الباقون {يَرَوْنَهُمْ} بالياء.
وذلك لأن بعد الخطاب غيبة، وهو قوله تعالى {فئَةٌ تُقَاتِلُ} {وَأخْرَى} {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} أي ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثلي أنفسهم). [الموضح: 363]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 09:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (14) إلى الآية (17) ]

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)}

قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد: [زَيَّنَ لِلنَّاسِ حُبَّ الشَّهَوَاتِ] بفتح الزاي والياء.
قال أبو الفتح: فاعل هذا الفعل إبليس، ودل عليه ما يتردد في القرآن من ذكره، فهذا نحو قول الله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ}، وما جرى هذا المجرى). [المحتسب: 1/155]

قوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ورضوانٌ من اللّه... (15).
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر: (ورضوانٌ) بضم الراء في كل القرآن، إلا قوله في المائدة: (من اتبع رضوانه) فإنه كسر الراء ها هنا، وهذه رواية يحيى عن أبي بكر.
وقال الأعشى: (رضوانه) بالضم مثل سائر القرآن.
وكسر الباقون الراء في جميع القرآن، وكذلك روى حفص عن عاصم.
قال أبو منصور: الرّضوان والرّضوان لغتان فصيحتان، من رضي يرضى، إلا أن الكسر أكثر في القراءة، وهو الاختيار). [معاني القراءات وعللها: 1/244]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل أؤنبّئكم... (15)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: (أنبّئكم) بهمزة واحدة مقصورة.
وقرأ نافع: (ءانبئكم) بهمزة مطولة.
[معاني القراءات وعللها: 1/246]
وقرأ الباقون: (أؤنبّئكم) بهمزتين.
وقال أبو منصور: وهي لغات صحيحة فاقرأ بأيها شئت). [معاني القراءات وعللها: 1/247]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {ورضوان من الله} [15].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {ورضوان} بضم الراء في كل القرآن إلا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108]
حرفًا واحدًا في سورة (المائدة) {من اتبع رضوانه} فإنه يكسر الراء فيها.
وقرأ الباقون كل ذلك بالكسر، وهي اللغة المشهورة. ومن ضم الراء فله حجتان:
إحداهُما: أنه فَّرق بين الاسم والمصدر، وذلك أن اسم خازن الجنة رضوان، ورُضوان مصدر، رضي يرضى رضً ورضوانًا، وغفر غفرانًا.
والحجة الأخرى: أن (فعلانًا) في المصادر يأتي منه كسر للضم، كقولك: رجل قُنعان إذا رضي الخصمان به وبحكمه، والفرقان لكل ما فَّرق بين الشيئين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/109]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الراء وضمّها من قوله تعالى: ورضوان [آل عمران/ 15].
فقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (ورضوان) بضم الراء في كلّ القرآن إلّا قوله في المائدة [16]: من اتبع رضوانه فإنّه كسر الراء فيه. وقال شيبان عن عاصم، وابن أبي حمّاد عن أبي بكر عن عاصم، والأعشى عن أبي بكر عن عاصم، بضم الراء، في كل ذلك. وقال محمد بن المنذر عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم أنّه ضمّه كلّه.
[الحجة للقراء السبعة: 3/21]
[حدثنا ابن مجاهد قال]: حدثني محمد بن الجهم عن ابن أبي أميّة عن أبي بكر عن عاصم: (رضوان) و (رضوانا) [المائدة/ 2] بضمّ الراء في كلّ القرآن، وكذلك حدّثني ابن صدقة عن أبي الأسباط عن ابن أبي حماد عن أبي بكر عن عاصم. وقال حفص عن عاصم: مكسور كلّه، وقرأ الباقون: (رضوان) كسرا.
قال أبو علي: رضوان مصدر، فمن كسر جعله كالرّئمان والحرمان، ومن ضمّ فقد قال سيبويه: رجح رجحانا، كما قالوا: الشكران والرّضوان). [الحجة للقراء السبعة: 3/22]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للّذين اتّقوا عند ربهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله}
ذكر أبو بكر ابن مجاهد في كتابه عن أبي عبد الرّحمن اليزيدي عن أبيه قال لقيني الخليل بن أحمد في حياة أبي عمرو قال لي لم قرأ {أؤلقي الذّكر} و(آؤنزل) ولم يقرأ {أؤنبئكم} قال فلم أدر ما أقول له فرحت إلى أبي عمرو فذكرت له ما قال الخليل فقال فإذا ليقته فأخبره أن هذا من نبأت وليس من أنبأت قال فلقيته فأخبرته بقول أبي عمرو فسكت
أبو بكر قال هذا شيء لا أدري ما معناه اللّهمّ إلّا أن يكون الّذي علم منه شيئا منع غيره أن يعلمه وإن كانت العربيّة فلا فرق بين اجتماع الهمزتين من نبأت ولا من أنبأت
قال الشّيخ أبو زرعة رضي الله عنه سألت أبا عبد الله الخطيب
[حجة القراءات: 155]
عن هذا فقال إن أبا عمرو أشار إلى أنه يرى الفصل بالألف بين الهمزتين المتلازمتين نحو همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة ثانية في الفعل الماضي نحو أفعل لأن هذا المثال مبنيّ على الهمزة فهي تصحبه في متصرفاته إمّا مقدرة في اللّفظ وإمّا مقدرة في النّيّة ففي اللّفظ في الماضي والمصدر نحو أنذر إنذارا وفي التّقدير في المستقبل نحو أنذر واصله أؤنذر بهذه الهمزة الّتي بني الفعل عليها بملازمتها له هي أثقل من الهمزة الّتي تعرض من جملة امثلة الأفعال في مثال واحد وهي في إخبار المتكلّم عن نفسه بفعل مستقبل فلمّا كانت أثقل كان الفصل معها أوجب ولما كانت العارضة في حال واحدة أخف لم يحتج عند دخول ألف الاستفهام عليها إلى الفصل بينها وبينها لخفتها والهمزة في {أؤنبئكم} عارضة في المستقبل وليست ثابتة في الماضي والمصدر والهمزة في أنذر ثابتة في الماضي والمصدر
قرأ أبي عن نافع {قل أؤنبئكم} بهمزة واحدة مطوّلة والأصل في هذا {أؤنبئكم} بهمزتين ثمّ زاد الألف الفاصلة بينهما ليبعد المثل عن المثل ويزول الاجتماع فيخف اللّفظ فصار آؤنبئكم وهذه قراءة هشام ثمّ لين الهمزة الثّانية فصار {أؤنبئكم}
وقرأ نافع إلّا ما ذكرنا وبان كثير وأبو عمرو {أؤنبئكم} بهمزة
[حجة القراءات: 156]
واحدة من غير مد الأصل في هذا أؤنبئكم بهمزتين مثل ما ذكرنا ثمّ لينوا الهمزة الثّانية ولم يدخلوا بينهما ألفا
وقرأ الباقون بهمزتين على أصل الكلمة وقد ذكرنا الحجّة في سورة البقرة
قرأ أبو بكر عن عاصم {ورضوان من الله} بصم الرّاء في جميع القرآن إلّا في سورة المائدة فإنّه قرأ بالكسرة وفي رواية الأعشى قرأ بالضّمّ أيضا وحجته أنه فرق بين الاسم والمصدر وذلك أن اسم خازن الجنّة رضوان كذا جاء في الحديث ورضوان مصدر رضي يرضى رضى ورضوانا ففرق بين الاسم والمصدر
وقرأ الباقون بالكسر وحجتهم أن ذلك لغتان معروفتان يقال رضي يرضى رضى ومرضاة ورضوانا ورضوانا والمصادر تأتي على فعلان وفعلان فأما فعلان فقوله عرفته عرفانا وحسبته حسبانا وأما فعلان فقولهم غفرانك لا كفرانك). [حجة القراءات: 157]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {رضوان} قرأه أبو بكر بضم الراء حيث وقع، إلا قوله في المائدة: {رضوانه سبل السلام} «16» فإنه كسر كالجماعة، وقرأ الباقون بالكسر حيث وقع، وهما مصدران بمعنى واحد، فالكسر كـ «الحِرمان» والضم كـ «الشُكران»، وخص أبو بكر ما في المائدة بالكسر للجمع بين اللغتين، مع اتباعه للرواية، والكسر هو الاختيار، لإجماع القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/337]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {وَرِضْوَانٌ} [آية/ 15]:-
بضم الراء، قرأها عاصم ياش- وحده في جميع القرآن إلا قوله تعالى {مَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَهُ} في المائدة فانه كسرها.
ووجه ذلك أنه مصدر كالرجحان والفرقان والقربان.
وقرأ الباقون و- ص- عن عاصم {وَرِضوانٌ} بالكسر.
[الموضح: 363]
وهو مصدر على فعلان كالرئمان والحرمان، وكلتاهما لغتان، والكسر أكثر). [الموضح: 364]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)}

قوله تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 09:04 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (18) إلى الآية (20) ]

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}

قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس: {شَهِدَ اللَّهُ}، وقرأ أبو المهلب محارب بن دِثار: [شُهَدَاءَ اللَّهِ] مضمومة الشين، مفتوحة الهاء، ممدودة على فعلاء.
[المحتسب: 1/155]
قال أبو الفتح: هو منصوب على الحال من الضمير في المستغفرين؛ أي: يستغفرونه شهداء لله أنه لا إله إلا هو، وهو جمع شهيد، ويجوز أن يكون جمع شاهد؛ كعالم وعلماء، والأول أجود). [المحتسب: 1/156]

قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ الدّين عند اللّه الإسلام... (19).
قرأ الكسائي وحده: (أنّ الدّين). وقرأ الباقون: ((إنّ) بكسر الألف.
[معاني القراءات وعللها: 1/244]
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى في قول الله جلّ وعزّ: (إنّ الدّين عند اللّه الإسلام) بكسر الألف، وعليه القراء من أهل الأمصار إلا الكسائي فإنه فتح (أنّ) اعتبارا لقراءة ابن مسعود وابن عباس من غير أن يكون عنده فيها حجة حكاية عن أحد من السلف، غير أنه قال في قراءة عبد الله (أنّ الدّين عند اللّه الإسلام): وهذا دليل على وقوع الشهادة على أن شهد الله بإنه لا إله إلا هو، وبأن الذين عند الله الإسلام.
قال: وحكى الفراء قال: قرأ ابن عباس بكسر الأول وفتح أن الدين عند الله الإسلام، وهاتان حجة للكسائي في الفتح لموافقة ابن مسعود وابن عباس، فقد كسر الأولى لأن الباء حسن فيها (شهد الله بإنه لا إله إلا هو... أنّ الدين) جعلها مستأنفة معترضة؛ لأنها تعظيم للّه، كما تقول: (اعتقك اللّه وأعتقتك)، فتبدأ بالله تعظيمًا). [معاني القراءات وعللها: 1/245]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [19].
قرأ الكسائي وحده {أن الدين} بفتح الألف.
وقرأ الباقون {إن الدين} بكسر الألف، فمن كسر أوقع الشهادة على الأولى، وابتدأ {إن الدين} ومن فتحها جعل الثانية بدلاً من الأولى، والتقدير: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وأن الدين عند الله الإسلام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/109]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: كلّهم قرأ: إن الدين عند الله الإسلام [آل عمران/ 19] بكسر الألف إلّا الكسائي فإنّه فتح الألف من أن الدين عند الله الإسلام.
قال أبو علي: الوجه: الكسر في (إنّ)، لأنّ الكلام الذي قبله قد تمّ، وهذا النحو من الكلام الذي يراد به التنزيه، والتقرب، أن يكون بجمل متباينة أحسن من حيث كان أبلغ في
[الحجة للقراء السبعة: 3/22]
الثناء، وأذهب في باب المدح، ومن ثمّ جاء والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء [البقرة/ 177].
ومن فتح (أنّ) جعله بدلا، والبدل، وإن كان في تقدير جملتين، فإنّ العامل لمّا لم يظهر، أشبه الصفة. فإذا جعلته بدلا جاز أن تبدله من شيئين: أحدهما: من قوله: أنه لا إله إلا هو [آل عمران/ 18] فكأنّ التقدير: شهد الله أنّ الدين عنده الإسلام، فيكون البدل من الضرب الذي الشيء فيه هو هو. ألا ترى أنّ الدّين الذي هو الإسلام يتضمن التوحيد والعدل وهو هو في المعنى؟. وإن شئت جعلته من بدل الاشتمال لأنّ الإسلام يشتمل على التوحيد والعدل، وإن شئت جعلته من القسط لأنّ الدين الذي هو الإسلام قسط وعدل، فيكون من البدل الذي الشيء فيه هو هو). [الحجة للقراء السبعة: 3/23]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الدّين عند الله الإسلام}
قرأ الكسائي {إن الدّين عند الله الإسلام} بفتح الألف وحجته
[حجة القراءات: 157]
قوله قبله {شهد الله أنه لا إله إلّا هو} وقد أجمعوا على فتح أنه فجعل الشّهادة واقعة عليه كأنّه قال شهد الله أنه وشهد الله أن الدّين عند الله الإسلام
وقرأ الباقون {إن الدّين} بكسر الألف على الاستئناف). [حجة القراءات: 158]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {إن الدين عند الله} قرأه الكسائي بفتح الهمزة، وكسرها الباقون.
11- ووجه قراءة الكسائي أنه جعل الكلام متصلًا بما قبله، فأبدل «أن» مما قبلها، فيجوز أن يكون بدلًا من «أن» في قوله: {شهد الله أنه} «18» فتكون «أن» في موضع نصب، فالتقدير: شهد الله أن الدين عند الله، فهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو، لأن التوحيد والعدل هو الإسلام، وهو التوحيد والعدل، ويجوز أن يكون بدلًا من «أنه» على بدل الاشتمال، لأن الإسلام يشتمل على التوحيد والعدل والشرائع والسنن وغير ذلك، فيكون الثاني مشتملًا على الأول، ويجوز أن تكون «أن» بدلًا من «القسط» في موضع خفض على بدل الشيء من الشيء، وهو هو؛ لأن «القسط» العدل، والعدل هو الإسلام، والإسلام هو العدل.
12- ووجه القراءة بالكسر أنه على الابتداء والاستئناف، لأن الكلام قد تم عند قوله: {الحكيم}، ثم استأنف وابتدأ بخبر آخر، فكسر «إن» لذلك، وهو أبلغ في التأكيد والمدح والثناء، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ولتمام الكلام قبله، ولأنه أبلغ في التأكيد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/338]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {إِنَّ الدِّينَ} [آية/ 19]:-
بفتح الألف، قرأها الكسائي وحده.
والوجه في ذلك أنه جعل {أنّ الدينَ} بدلاً عن قوله تعالى {أَنَّهُ لا إلهَ إلاّ هُو} كأنه قال: شهد الله بأنه لا إله إلا هو وبأن الدين عند الله الإسلام، فيكون {أنّ الدينَ} بدلاً عن {أنّه} بدل الكل، ويجوز أن يكون بدل الاشتمال؛ لأن الدين مشتمل على التوحيد، ويجوز أن يكون بدلاً عن القسط؛ لأن كون الدين هو الإسلام هو قسط وعدل. وقرأ الباقون بكسر {إِنَّ}؛ لأن الكلام الذي قبله تام، فيكون استئنافًا، وهو أحسن؛ لأن ما يقصد به الثناء على الباري سبحانه- كان الكلام فيه- إذا كان جملاً متباينة- أحسن؛ لأنه أبلغ في المدح). [الموضح: 364]

قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وجهي للّه... (20)
فتح الياء نافع وابن عامر والأعشى وحفص، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/256]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن}
قرأ نافع وأبو عمرو {ومن اتبعني} بياء في الوصل وحجتهما أنّها ياء المتكلّم كما تقول من كلمني فلا تحذف الياء
وقرأ الباقون بحذف الياء وحجتهم مرسوم المصاحف بغير ياء وحجّة أخرى أن الكسرة تنوب عن الياء وأصل اتبعني اتبعي ولكن النّون زيدت لتسلم فتحة العين فالكسرة مع النّون تنوب عن الياء). [حجة القراءات: 158]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران

[من الآية (196) إلى الآية (198) ]

{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يغرّنّك... (196).
اتفق القراء على تشديد النون، إلا ما روى عن يعقوب وحده أنه قرأ: (لا يغرّنك) ساكنة النون.
قال الأزهري: التشديد أجود القراءتين؛ لأنها أوكد وأفشى والتخفيف جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/288]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {لا يغرنك} [آية/ 196]:-
بسكون النون، قرأها يعقوب وحده يس-، على إدخال النون الخفيفة
[الموضح: 398]
دون الثقيلة، لما كانتا معًا لمعنىً واحدٍ، وهو التأكيد، اختار الخفيفة لخفتها.
وقرأ الباقون {لا يَغُرَّنَّكَ} بالتشديد، وكذلك ح- عن يعقوب.
والقول فيه ان النون الثقيلة أبلغ في التأكيد فلذلك اختاروها). [الموضح: 399]

قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)}

قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة