العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنبياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:42 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الأنبياء [من الآية(101)إلى الآية(104)]

{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:43 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة الأنبياء: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون (98) لو كان هؤلاء آلهةً ما وردوها وكلٌ فيها خالدون (99)
لهم فيها زفيرٌ وهم فيها لا يسمعون}؛ ثم استثنى بالآية التي تليها فقال: {إنّ الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}). [الجامع في علوم القرآن: 3/77-78] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم أنتم لها واردون} قال: خاصم المشركون إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: فقد عبد عزيز وعيسى والملائكة فهم في النّار فنزلت: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الآية: 101]). [تفسير الثوري: 206]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المعنيّ به، فقال بعضهم: عني به كلّ من سبقت له من اللّه السّعادة من خلقه أنّه عن النّار مبعدٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن يوسف بن سعدٍ، وليس بابن ماهكٍ عن محمّد بن حاطبٍ، قال: سمعت عليًّا، يخطب، فقرأ هذه الآية: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}. قال: " عثمان رضي اللّه عنه منهم.
وقال آخرون: بل عني: من عبد من دون اللّه، وهو للّه طائعٌ ولعبادة من يعبده كارهٌ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {أولئك عنها مبعدون} قال: " عيسى، وعزيرٌ، والملائكة ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
قال ابن جريجٍ: قوله: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه} ثمّ استثنى فقال: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا: قال في سورة الأنبياء: " {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهةً ما وردوها وكلٌّ فيها خالدون لهم فيها زفيرٌ وهم فيها لا يسمعون} ثمّ استثنى فقال: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقد عبدت الملائكة من دون اللّه، وعزيرٌ، وعيسى من دون اللّه ".
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ: {أولئك عنها مبعدون} قال: " عيسى ".
- حدّثني إسماعيل بن سيفٍ، قال: حدّثنا عليّ بن مسهرٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} قال: " عيسى، وأمّه، وعزيرٌ، والملائكة ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: " جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما بلغني يومًا مع الوليد بن المغيرة، فى المسجد فجاء النّضر بن الحارث حتّى جلس معهم، وفي المجلس غير واحدٍ من رجال قريشٍ، فتكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فعرض له النّضر بن الحارث، وكلّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أفحمه، ثمّ تلا عليه وعليهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهةً ما وردوها وكلٌّ فيها خالدون} إلى قوله: {وهم فيها لا يسمعون}. ثمّ قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقبل عبد اللّه بن الزّبعريّ بن قيس بن عديٍّ السّهميّ حتّى جلس، فقال الوليد بن المغيرة لعبد اللّه بن الزّبعريّ: واللّه ما قام النّضر بن الحارث لابن عبد المطّلب آنفًا وما قعد وقد زعم أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنّم، فقال عبد اللّه بن الزّبعريّ: أما واللّه لو وجدته لخصمته، فسلوا محمّدًا: أكلّ من عبد من دون اللّه في جهنّم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنّصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم. فعجب الوليد بن المغيرة ومن كان في المجلس من قول عبد اللّه بن الزّبعريّ، ورأوا أنّه قد احتجّ وخاصم. فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من قول ابن الزّبعريّ، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " نعم، كلّ من أحبّ أن يعبد من دون اللّه فهو مع من عبده، إنّما يعبدون الشّياطين ومن أمرهم بعبادته ".
فأنزل اللّه عليه: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}. إلى: {خالدون} أي عيسى ابن مريم، وعزيرًا، ومن عبدوا من الأحبار والرّهبان الّذين مضوا على طاعة اللّه، فاتّخذهم من بعدهم من أهل الضّلالة أربابًا من دون اللّه. فأنزل اللّه فيما ذكروا أنّهم يعبدون الملائكة وأنّها بنات اللّه: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا سبحانه بل عبادٌ مكرمون} إلى قوله: {نجزي الظّالمين}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، قال: يقول " ناسٌ من النّاس {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني من النّاس أجمعين. فليس كذلك، إنّما يعني من يعبد من الآلهة وهو للّه مطيعٌ، مثل عيسى وأمّه، وعزيرٍ والملائكة، واستثنى اللّه هؤلاء من الآلهة المعبودة الّتي هي ومن يعبدها في النّار ".
- حدّثنا ابن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا الحسن بن الحسين الأشقر، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا نزلت: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} قال المشركون: فإنّ عيسى يعبد، وعزيرٌ، والشّمس والقمر يعبدون فأنزل اللّه: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} لعيسى وغيره.
وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصّواب قول من قال: عنى بقوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} ما كان من معبودٍ كان المشركون يعبدونه، والمعبود للّه مطيعٌ، وعابدوه بعبادتهم إيّاه باللّه كفّارٌ، لأنّ قوله تعالى ذكره: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} ابتداء كلامٍ محقّقٍ لأمرٍ كان ينكره قومٌ، على نحو الّذي ذكرنا في الخبر عن ابن عبّاسٍ، فكأنّ المشركين قالوا لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ قال لهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} ما الأمر كما تقول، لأنّا نعبد الملائكة، ويعبد آخرون المسيح، وعزيرًا. فقال عزّ وجلّ رادًّا عليهم قولهم: بل ذلك كذلك، وليس الّذين سبقت لهم منّا الحسنى، هم عنها مبعدون، لأنّهم غير معنيّين بقولنا: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم}.
فأمّا قول الّذين قالوا ذلك استثناءً من قوله: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} فقولٌ لا معنى له، لأنّ الاستثناء إنّما هو إخراج المستثنى من المستثنى منه، ولا شكّ أنّ الّذين سبقت لهم منّ الله الحسنى إنّما هم إمّا ملائكةٌ، وإمّا إنسٌ، أو جانٌّ، وكلّ هؤلاء إذا ذكرتها العرب فإنّ أكثر ما تذكرها بـ ( من ) لا ب ( ما )، واللّه تعالى ذكره إنّما ذكر المعبودين الّذين أخبر أنّهم حصب جهنّم بـ ( ما ) قال: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} إنّما أريد به ما كانوا يعبدونه من الأصنام والآلهة من الحجارة والخشب، لا من كان من الملائكة والإنس. فإذ كان ذلك كذلك، لما وصفنا فقوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} جوابٌ من اللّه للقائلين ما ذكرنا من المشركين مبتدأٌ.
وأمّا الحسنى فإنّها الفعلى من الحسن، وإنّما عني بها السّعادة السّابقة من اللّه لهم. كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} قال: " الحسنى: السّعادة. وقال: سبقت السّعادة لأهلها من اللّه، وسبق الشّقاء لأهله من اللّه "). [جامع البيان: 16/415-420]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا أبو عبيدة عبد الوارث عن حميد الطويل عن الحسن إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال الحسنى الجنة سبقت من الله عز وجل لكل مؤمن). [تفسير مجاهد: 416]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال الحسنى عن عيسى وعزير والملائكة). [تفسير مجاهد: 417]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس قاسم بن القاسم السّيّاريّ، ثنا محمّد بن موسى بن حاتمٍ، ثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا نزلت {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] فقال المشركون: الملائكة وعيسى وعزيرٌ يعبدون من دون اللّه؟ فقال: لو كان هؤلاء الّذين يعبدون آلهةً ما وردوها، قال: فنزلت {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] عيسى وعزيرٌ والملائكة «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/416] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} [الأنبياء: 98].
- عن ابن عبّاسٍ قال: نزلت هذه الآية إنّكم {وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] ثمّ نسختها {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] يعني عيسى ابن مريم - صلّى اللّه عليه وسلّم - ومن كان معه.
رواه البزّار، وفيه شرحبيل بن سعدٍ مولى الأنصار وثّقه ابن حبّان وضعّفه الجمهور، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن ابن عبّاسٍ قال: «لمّا نزلت {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] قال عبد اللّه بن الزّبعرى: أنا أخصم لكم محمّدًا، فقال: يا محمّد، أليس فيما أنزل عليك {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98]؟ قال: " نعم ". قال: فهذه النّصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود تعبد عزيرًا، وهذه بنو تميمٍ تعبد الملائكة، فهؤلاء في النّار؟ فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه عاصم بن بهدلة وقد وثّق وضعّفه جماعةٌ.
- وعن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: إذا بقي في النّار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نارٍ فيها مسامير من نارٍ - قال ذلك مرّتين أو ثلاثًا - فلا يرون أحدًا في النّار يعذّب غيرهم. ثمّ قرأ عبد اللّه: {لهم فيها زفيرٌ وهم فيها لا يسمعون} [الأنبياء: 100].
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى الحمّانيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/68-69] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا أحمد بن ثابتٍ، ثنا محمّد بن خالد بن عثمة، ثنا يحيى بن عميرٍ، حدّثني شرحبيل، عن ابن عبّاسٍ، قال: نزلت هذه الآية: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] ثمّ نسختها: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] يعني: عيسى ابن مريم صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن كان معه). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/59] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 98 - 104
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه وأبو داود في ناسخه والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال المشركون: فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله، فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} عيسى وعزير والملائكة). [الدر المنثور: 10/385] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال ابن الزبعرى: قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا فنزلت (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) وقالوا أالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (الزخرف آية 57) ثم نزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} ). [الدر المنثور: 10/386] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن مردويه والطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} شق ذلك على أهل مكة، وقالوا: شتم الآلهة، فقال ابن الزبعرى: أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي، فقال: يا محمد هذا شيء لآلهتنا خاصة أم لكل عبد من دون الله قال: بل لكل من عبد من دون الله، فقال ابن الزبعرى: خصمت، ورب هذه البنية يعني الكعبة ألست تزعم يا محمد أن عيسى عبد صالح وأن عزيرا عبد صالح وأن الملائكة صالحون قال: بلى، قال: فهذه النصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود، تعبد عزيرا وهذه بنو مليح تعبد الملائكة فضج أهل مكة وفرحوا فنزلت {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} عزير وعيسى والملائكة {أولئك عنها مبعدون} ونزلت (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) (الزخرف آية 57) قال: هو الصحيح). [الدر المنثور: 10/386-387] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} ثم نسختها {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني عيسى ومن كان معه). [الدر المنثور: 10/387] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال: عيسى والملائكة وعزير). [الدر المنثور: 10/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أولئك عنها مبعدون} قال: عيسى وعزير والملائكة). [الدر المنثور: 10/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أصبغ عن علي في قوله: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} الآية، قال: كل شيء يعبد من دون الله في النار إلا الشمس والقمر وعيسى). [الدر المنثور: 10/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال: أولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق فلا تصيبهم و{يسمعون حسيسها} ويبقى الكفار فيها حبيسا). [الدر المنثور: 10/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عدي، وابن مردويه عن النعمان بن بشير: أن عليا قرأ {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقال: أنا منهم وعمر منهم وعثمان منهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم). [الدر المنثور: 10/390-391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال: السعادة). [الدر المنثور: 10/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير عن محمد بن حاطب قال: سئل علي عن هذه الآية {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} قال: هو عثمان وأصحابه). [الدر المنثور: 10/391-392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا: قال في سورة الأنبياء {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} إلى قوله: {وهم فيها لا يسمعون} ثم استثنى فقال: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فقد عبدت الملائكة من دون الله وعزير وعيسى). [الدر المنثور: 10/392] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: يقول ناس من الناس: إن الله قال: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} يعني من الناس أجمعين وليس كذلك إنما يعني من يعبد الله تعالى وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه وعزير والملائكة، واستثنى الله تعالى هؤلاء من الآلهة المعبودة التي هي مع من يعبدها في النار). [الدر المنثور: 10/392-393]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (الحسيس والحسّ، والجرس والهمس واحدٌ، وهو من الصّوت الخفيّ»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الحسيس والحسّ والجرس والهمس واحدٌ وهو من الصّوت الخفيّ سقط لأبي ذرٍّ والهمس وقال أبو عبيدة في قوله لا يسمعون حسيسها أي صوتها والحسيس والحسّ واحدٌ وقد تقدّم في أواخر سورة مريم). [فتح الباري: 8/437]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الحسيس والحسّ والجرس والهمس واحدٌ وهو من الصّوت الخفيّ
أشار به إلى قوله تعالى: {لا يسمعون حسيسها} (الأنبياء: 102) قوله: (الحسيس) ، مبتدأ وما بعده عطف عليه، وخبره: (واحد) . قوله: (الخفي) مرفوع على أنه خبر المبتدأ الّذي هو قوله: (وهو) ، وكلمة: من، بيانيّة. وفي التّفسير: لا يسمع أهل الجنّة حسيس النّار أي صوتها إذا نزلوا منازلهم من الجنّة. قوله: (والجرس) ، بفتح الجيم وكسرها وسكون الرّاء وهذا كله لم يثبت في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/64]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (الحسيس والحس) في قوله: {لا يسمعون حسيسها} [الأنبياء: 102] (والجرس) بفتح الجيم وسكون الراء (والهمس) بفتح الهاء وسكون الميم (واحد) في المعنى (وهو من الصوت الخفي) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو قوله وهو معنى الآية: لا يسمعون صوتها وحركة تلهبها إذا نزلوا منازلهم في الجنة). [إرشاد الساري: 7/241]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون}.
يقول تعالى ذكره: لا يسمع هؤلاء الّذين سبقت لهم منّا الحسنى حسيس النّار، ويعني بالحسيس: الصّوت والحسّ.
فإن قال قائلٌ: فكيف لا يسمعون حسيسها، وقد علمت ما روي من أنّ جهنّم يؤتى بها يوم القيامة فتزفر زفرةً لا يبقى ملكٌ مقرّبٌ، ولا نبيّ مرسلٌ إلاّ جثا على ركبتيه خوفًا منها.
قيل: إنّ الحال الّتي لا يسمعون فيها حسيسها هي غير تلك الحال، بل هي الحال الّتي؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} يقول: " لا يسمع أهل الجنّة حسيس النّار إذا نزلوا منزلهم من الجنّة ".
وقوله: {وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} يقول: وهم فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذّاتها ماكثون فيها، لا يخافون زوالاً عنها ولا انتقالاً عنها). [جامع البيان: 16/420-421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي في قوله: {لا يسمعون حسيسها} قال: حيات على الصراط تلسعهم فإذا لسعتهم قالوا: حس، حس). [الدر المنثور: 10/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {لا يسمعون حسيسها} قال: حيات على الصراط تقول: حس حس). [الدر المنثور: 10/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا يسمعون حسيسها} يقول: لا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة). [الدر المنثور: 10/392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سفيان {لا يسمعون حسيسها} قال: صوتها). [الدر المنثور: 10/392]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (سمعت سفيان، يقول في قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} [سورة الأنبياء: 103] قال: حين تطبق عليهم جهنم).[الزهد لابن المبارك: 2/ 70]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الكلبي في قوله تعالى لا يحزنهم الفزع الأكبر قال إذا أطبقت النار على أهلها). [تفسير عبد الرزاق: 2/30]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، أو عن الحسن؛ في قوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: إذا أطبقت النّار عليهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 481]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقّاهم الملائكة هذا يومكم الّذي كنتم توعدون}.
اختلف أهل التّأويل في الفزع الأكبر أيّ الفزع هو؟ فقال بعضهم: ذلك النّار إذا أطبقت على أهلها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: " النّار إذا أطبقت على أهلها ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: " حين تطبق جهنّم، وقال: حين ذبح الموت ".
وقال آخرون: بل ذلك النّفخة الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} " يعني النّفخة الآخرة ".
وقال آخرون: بل ذلك حين يؤمر بالعبد إلى النّار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن رجلٍ، عن الحسن: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: " انصراف العبد حين يؤمر به إلى النّار ".
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: ذلك عند النّفخة الآخرة، وذلك أنّ من لم يحزنه ذلك الفزع الأكبر وآمن منه، فهو ممّا بعده أحرى أن لا يفزع، وأنّ من أفزعه ذلك فغير مأمونٍ عليه الفزع ممّا بعده.
وقوله: {وتتلقّاهم الملائكة} يقول: وتستقبلهم الملائكة يهنّئونهم يقولون: {هذا يومكم الّذي كنتم توعدون} فيه الكرامة من اللّه والحباء، والجزيل من الثّواب على ما كنتم تنصبون في الدّنيا للّه في طاعته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال ابن زيدٍ
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هذا يومكم الّذي كنتم توعدون} قال: " هذا قبل أن يدخلوا الجنّة "). [جامع البيان: 16/421-423]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس في قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: أذا أطبقت جهنم على أهلها). [الدر المنثور: 10/393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} يعني النفخة الآخرة). [الدر المنثور: 10/393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: النار إذا أطبقت على أهلها). [الدر المنثور: 10/393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: إذا أطبقت النار عليهم يعني على الكفار). [الدر المنثور: 10/393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: إنصراف العبد حين يؤمر به إلى النار). [الدر المنثور: 10/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير في قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قال: حين تطبق جهنم، وقال: حين ذبح الموت). [الدر المنثور: 10/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع). [الدر المنثور: 10/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: بشر المدلجين في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون). [الدر المنثور: 10/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: المتحابون في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور يفزع الناس ولا يفزعون). [الدر المنثور: 10/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة: رجل أم قوما وهم به راضون ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة وعبد أدى حق الله وحق مواليه). [الدر المنثور: 10/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وتتلقاهم الملائكة} قال: تتلقاهم الملائكة الذين كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة فيقولون: نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة). [الدر المنثور: 10/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} قال: هذا قبل أن يدخلوا الجنة). [الدر المنثور: 10/395]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن السدي في قوله: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب) قال: السجل ملك [الآية: 104].
سفيان [الثوري] قال أصحاب عبد اللّه يقرءونها: (كطيّ السجل للكتاب)). [تفسير الثوري: 206]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظةٍ، فقال: إنّكم محشورون إلى الله حفاةً عراة غرلاً {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين} فأوّل الخلائق يلقى بثوبٍ إبراهيم خليل الرّحمن، قال: ثمّ يؤخذ بقومٍ منكم ذات الشّمال فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم، فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيدًا} إلى قوله: {العزيز الحكيم}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 112]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({السّجلّ} [الأنبياء: 104] : «الصّحيفة»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله السّجلّ الصّحيفة وصله الفريابيّ من طريقه وجزم به الفرّاء وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله كطي السّجل يقول كطيّ الصّحيفة على الكتاب قال الطّبريّ معناه كطيّ السّجلّ على ما فيه من الكتاب وقيل على بمعنى من أي من أجل الكتاب لأنّ الصّحيفة تطوي حسناته لما فيها من الكتابة وجاء عن بن عبّاسٍ أنّ السّجلّ اسم كاتبٍ كان للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخرجه أبو داود والنّسائيّ والطّبريّ من طريق عمرو بن مالكٍ عن أبي الجوزاء عن بن عبّاس بهذا وله شاهد من حديث بن عمر عند بن مردويه وفي حديث بن عبّاس المذكور عند بن مردويه والسجل الرجل بلسان الحبش وعند بن المنذر من طريق السّدّيّ قال السّجلّ الملك وعند الطّبريّ من وجه آخر عن بن عبّاسٍ مثله وعند عبد بن حميدٍ من طريق عطيّة مثله وبإسنادٍ ضعيفٍ عن عليٍّ مثله وذكر السّهيليّ عن النّقّاش أنّه ملكٌ في السّماء الثّانية ترفع الحفظة إليه الأعمال كلّ خميسٍ واثنين وعند الطّبريّ من حديث بن عمر بعض معناه وقد أنكر الثّعلبيّ والسّهيليّ أنّ السّجلّ اسم الكاتب بأنّه لا يعرف في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا في أصحابه من اسمه السّجلّ قال السّهيليّ ولا وجد إلّا في هذا الخبر وهو حصرٌ مردودٌ فقد ذكره في الصّحابة بن منده وأبو نعيم وأوردا من طريق بن نميرٍ عن عبيد اللّه بن عمر عن نافعٍ عن بن عمر قال كان للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كاتب يقال له سجل وأخرجه بن مردويه من هذا الوجه). [فتح الباري: 8/437]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الفريابيّ ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 104 الأنبياء {يوم نطوي السّماء كطي السّجل} قال السّجل الصّحيفة
وقد روي عن ابن عبّاس قال السّجل كاتب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم
أخرجه أبو داود والنّسائيّ عن قتيبة عن نوح بن قيس عن يزيد بن كعب عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عنه بهذا
ورواه ابن مردويه من طريق هارون بن موسى النّحويّ عن عمرو بن مالك به وزادوا السّجل الرجل بلغة الحبش). [تغليق التعليق: 4/259]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (السّجلّ الصّحيفة
أشار به إلى قوله تعالى: {يوم نطوي السّماء كطي السّجل للكتب} (الأنبياء: 104) وفسّر السّجل بالصحيفة، أي: المكتوب، وقيل: السّجل إسم مخصوص كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود والنّسائيّ من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عبّاس، وقيل: هو ملك يطوي الصّحف، وبه قال السّديّ أيضا، واللّام في قوله: (للكتب) بمعنى: على، يعني: كطي الصّحيفة على مكتوبها). [عمدة القاري: 19/65]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({السجل}) في قوله: {كطي السجل} [الأنبياء: 104] هو (الصحيفة) مطلقًا أو مخصوص بصحيفة العهد وطيّ مصدر مضاف للمفعول والفاعل محذوف تقديره كما يطوي الرجل الصحيفة ليكتب فيها). [إرشاد الساري: 7/242]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا} [الأنبياء: 104]
- حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، شيخٌ من النّخع، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: خطب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: " إنّكم محشورون إلى اللّه حفاةً عراةً غرلًا، {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده، وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين} [الأنبياء: 104] ، ثمّ إنّ أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا إنّه يجاء برجالٍ من أمّتي، فيؤخذ بهم ذات الشّمال، فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيدًا، ما دمت فيهم} [المائدة: 117] إلى قوله {شهيدٌ} [المائدة: 117] فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم "). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ثمّ ذكر المصنّف حديث بن عبّاسٍ إنّكم محشورون إلى اللّه حفاةً عراةً الحديث وسيأتي شرحه في كتاب الرّقاق إن شاء اللّه تعالى). [فتح الباري: 8/438]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنّا كنّا فاعلين} (الأنبياء: 104)
وفي بعض النّسخ: باب قوله: {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنّا كنّا فاعلين} قوله: (كما بدأنا) أي: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلًا كذلك نعيدهم يوم القيامة، وقيل: كما بدأناه من الماء نعيده من التّراب، ونصب: وعدا، على المصدر أي: وعدناه وعدا علينا. قوله: (فاعلين) ، يعني: الإعادة والبعث.
- حدّثنا سليمان بن حربٍ حدّثنا شعبة عن المغيرة بن النّعمان شيخ من النّخع عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال خطب النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: {إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غزلاً كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنّا كنّا فاعلين} ثمّ إنّ أوّل من يكسي يوم القيامة إبراهيم إلاّ إنّه يجاء برجالٍ من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال فأقول يا ربّ أصحابي فيقال لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم} إلى قوله: {شهيدٌ} (المائدة: 117) فيقال إنّ هاؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. قوله: (من النخع) ، بفتح الخاء والنّون المعجمة وبالعين المهملة: وهي قبيلة كبيرة من مذحج، واسم النخع جسر بن عمرو بن علّة بن جلد بن أدد، وقيل له: النخع، لأنّه انتخع عن قومه، أي: بعد عنهم، ونزلوا في الإسلام الكوفة.
والحديث مضى في كتاب الأنبياء في: باب قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلًا} (النّساء: 125) فإنّه أخرجه هناك عن محمّد بن كثير عن سفيان عن المغيرة إلى آخره.
قوله: (غرلًا) ، بضم الغين المعجمة: جمع أغرل وهو الأقلف. قوله: (إلّا أنه) أي: لكن إن الشّأن. قوله: (ذات الشمال) ، أي: جهة النّار. قوله: (مرتدين) ، لم يرد بهم الرّدّة عن الإسلام بل التّخلّف عن الحقوق الواجبة ولم يرتد بحمد الله أحد من الصّحابة، وإنّما ارتدّ قوم من جفاة الأعراب الداخلين في الإسلام رغبة أو رهبة، وقد مر الكلام فيه هناك مستقصًى، والله أعلم). [عمدة القاري: 19/65]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا} [الأنبياء: 104]
هذا (باب) بالتنوين في قوله: ({كما بدأنا أول خلق نعيده}) الكاف تتعلق بنعيد وما مصدرية وبدأنا صلتها وأول خلق مفعول بدأنا قاله أبو البقاء أي نعيد أول خلق إعادة مثل بداءتنا
له أي كلما أبرزناه من العدم إلى الوجود نعيده من العدم إلى الوجود وقد اختلف في كيفية الإعادة فقيل إن الله يفرّق أجزاء الأجسام ولا يعدمها ثم يعيد تركيبها أو يعدمها بالكلية ثم يوجدها بعينها والآية تدل على ذلك لأنه شبه الإعادة باللابتداء وهو عن الوجود بعد العدم ({وعدًا علينا}) [الأنبياء: 104] الإعادة وقيل المراد حقًّا علينا بسبب الإخبار عن ذلك وتعلق العلم بوقوعه وإن وقوع ما علم الله وقوعه واجب وسقط باب لغير أبي ذر وكذا وعدًا علينا.
- حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان شيخٍ من النّخع، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: خطب النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: «إنّكم محشورون إلى اللّه حفاةً عراةً غرلًا {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين} [الأنبياء: 104] ثمّ إنّ أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا إنّه يجاء برجالٍ من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال فأقول: يا ربّ أصحابي فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت} إلى قوله: {شهيدٌ} [المائدة: 117] فيقال إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم».
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن المغيرة بن النعمان) بضم النون وسكون العين النخعي الكوفي (شيخ) بالجر بدلًا من سابقه (من النخع) بفتح الخاء (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: خطب النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال):
(إنكم محشورون) مجموعون (إلى الله حفاة) بالحاء المهملة كذا في الفرع وأصله وسقطت في بعض النسخ (عراة) من الثياب (غرلًا) بغين معجمة مضمومة فراء ساكنة جمع أغرل وهو الأقلف الذي لم يختن، قال أبو الوفاء بن عقيل: لما أزالوا تلك القطعة في الدنيا أعادها الله ليذيقها من حلاوة فضله ({كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين} ثم إن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم) وسقط لفظ إن لغير الكشميهني فالتالي رفع قيل وخصوصية إبراهيم بهذه الأولية لكونه ألقي في النار عريانًا وزاد الحليمي في منهاجه من حديث جابر ثم محمد ثم النبيون (ألا) بالتخفيف (إنه) أي لكن إن الشأن (يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال) أي جهة النار (فأقول بل رب أصحابي فيقال لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح) عيسى عليه الصلاة والسلام: ({وكنت عليهم شهيدًا ما دمت}) ولأبي ذر فيهم ({إلى قوله: شهيد} فيقال أن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم) ولأبي ذر عن المستملي إلى أعقابهم (منذ فارقتهم) والمراد بمرتدين التخلف عن الحقوق الواجبة.
وقد مرّ هذا الحديث في آخر سورة المائدة). [إرشاد الساري: 7/242]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {كما بدأنا أول خلقٍ نعيده وعداً علينا}
قوله: (غرلاً): بغين معجمة مضمومة، فراء ساكنة، جمع أغرل، وهو الأقلف الذي لم يختن، قال أبو الوفاءبن عقيل لما أزالوا تلك القطعة في الدنيا أعادها الله ليذيقها من حلاوة فضله اهـ قسطلاني.
قوله: (ثم إن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم) وخصوصية إبراهيم بهذه الأولية لكونه ألقي في النار عرياناً). [حاشية السندي على البخاري: 3/59]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمود بن غيلان، قال: حدّثنا وكيعٌ، ووهب بن جريرٍ، وأبو داود، قالوا: حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قام رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم بالموعظة فقال: يا أيّها النّاس، إنّكم محشورون إلى الله عراةً غرلاً، ثمّ قرأ {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا} إلى آخر الآية. قال: أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإنّه سيؤتى برجالٍ من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال، فأقول: ربّ أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصّالح: {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيدٌ إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم} إلى آخر الآية، فيقال: هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم.
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، نحوه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورواه سفيان الثّوريّ، عن المغيرة بن النّعمان، نحوه.
كأنّه تأوّله على أهل الرّدّة). [سنن الترمذي: 5/173]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا نوحٌ، عن يزيد بن كعبٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، قال: «السّجلّ كاتب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم»
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا نوحٌ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقول في هذه الآية {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ} [الأنبياء: 104] قال: «السّجلّ هو الرّجل»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/187]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده}
- أخبرنا سليمان بن عبيد الله بن عمرٍو، حدّثنا بهزٌ، حدّثنا شعبة، أخبرنا المغيرة بن النّعمان، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يحدّث عن ابن عبّاسٍ، قال: قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بموعظةٍ فقال: «أيّها النّاس، إنّكم محشورون إلى ربّكم شعثًا غرلًا»، ثمّ قرأ هذه الآية {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده} [الأنبياء: 104] إلى آخر الآية، وإنّ أوّل من يكسى من الخلائق إبراهيم عليه السّلام، وإنّه يؤتى أناسٌ من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال، فأقول: ربّ أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول مثل ما قال العبد الصّالح: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118]، فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم القهقرى منذ فارقتهم "
- أخبرنا الرّبيع بن سلمان، حدّثنا شعيب بن اللّيث، حدّثنا اللّيث، عن ابن عجلان، عن أبي الزّبير، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " قال الله عزّ وجلّ: كذّبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يكذّبني، وشتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي أن يشتمني، أمّا تكذيبه إيّاي فقوله: لا أعيده كما بدأته، وليس آخر الخلق بأعزّ عليّ من أوّله، وأمّا شتمه إيّاي فقوله: اتّخذ الله ولدًا، وأنا الله أحدٌ الصّمد، لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفوًا أحدٌ "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/187-188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين}.
يقول تعالى ذكره: لا يحزنهم الفزع الأكبر، يوم نطوي السّماء. فـ ( يوم ) صلةٌ من يحزنهم.
واختلف أهل التّأويل في معنى السّجلّ الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو اسم ملكٍ من الملائكة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا أبو الوفاء الأشجعيّ، عن أبيه، عن ابن عمر، في قوله: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب} قال: " السّجلّ: ملكٌ، فإذا صعد بالاستغفار قال: اكتبها نورًا ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمع السّدّيّ، يقول، في قوله: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ} قال: " السّجلّ: ملكٌ ".
وقال آخرون: السّجلّ: رجلٌ كان يكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ، قال: حدّثنا عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، في هذه الآية: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب} قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: " هو الرّجل ".
- قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ قال: حدّثنا يزيد بن كعبٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ قال: " السّجلّ: كاتبٌ كان يكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ".
وقال آخرون: بل هو الصّحيفة الّتي يكتب فيها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " كطيّ السّجلّ للكتاب " يقول: " كطيٍّ الصّحيفة على الكتاب ".
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتاب ) يقول: " كطيّ الصّحف ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " السّجلّ: الصّحيفة ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: ( يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتاب ) قال: " السّجلّ: الصّحيفة ".
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب قول من قال: السّجلّ في هذا الموضع الصّحيفة، لأنّ ذلك هو المعروف في كلام العرب، ولا نعرف لنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم كاتبٌا كان اسمه السّجلّ، ولا في الملائكة ملكٌا ذلك اسمه.
فإن قال قائلٌ: وكيف تطوى الصّحيفة الكتاب إن كان السّجلّ صحيفةً؟ قيل: ليس المعنى فى ذلك، وإنّما معناه: يوم نطوي السّماء كما يطوى السّجلّ على ما فيه من الكتاب، ثمّ جعل نطوي مصدرًا، فقيل: ( كطيّ السّجلّ للكتاب ) واللاّم في قوله ( للكتاب ) بمعنى: على.
واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار، سوى أبي جعفرٍ القارئ: {يوم نطوي السّماء} بالنّون. وقرأ ذلك أبو جعفرٍ: ( يوم تطوى السّماء ) بالتّاء وضمّها، على وجه ما لم يسمّ فاعله.
والصّواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار، بالنّون، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، وشذوذ ما خالفه.
وأمّا السّجلّ، فإنّه في قراءة جميعهم بتشديد اللاّم. وأمّا الكتاب، فإنّ قرّاء أهل المدينة، وبعض أهل الكوفة والبصرة قرءوه بالتّوحيد: ( كطيّ السّجلّ للكتاب )، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {" للكتب "} على الجماع.
وأولى القراءتين عندنا في ذلك بالصّواب: قراءة من قرأه على التّوحيد للكتاب لما ذكرنا من معناه، فإنّ المراد منه: كطيّ السّجلّ على ما فيه مكتوبٌ. فلا وجه إذ كان ذلك معناه بجمع الكتب إلاّ وجهٌ يبعد من معروف كلام العرب.
وعند قوله: {كطيّ السّجلّ} انقضاء الخبر عن صلةٍ قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} ثمّ ابتدأ الخبر عمّا اللّه فاعلٌ بخلقه يومئذٍ، فقال تعالى ذكره: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده}. فالكاف الّتي في قوله: {كما} من صلة {نعيد} تقدّمت قبلها، ومعنى الكلام: نعيد الخلق عراةً حفاةً غرلاً يوم القيامة، كما بدأناهم أوّل مرّةٍ في حال خلقناهم في بطون أمّهاتهم، على اختلافٍ من أهل التّأويل في تأويل ذلك.
وبالّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل، وبه الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلذلك اخترت القول به على غيره.
ذكر من قال ذلك والأثر الّذي جاء فيه:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أوّل خلقٍ نعيده} قال: " حفاةً عراةً غرلاً ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أوّل خلقٍ نعيده} قال: " حفاةً غلفًا ".
- قال ابن جريجٍ: أخبرني إبراهيم بن ميسرة أنّه سمع مجاهدًا يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لإحدى نسائه: " يأتونه حفاةً عراةً غلفًا "، فاستترت بكمّ درعها، وقالت: واسوأتاه قال ابن جريجٍ: أخبرت أنّها عائشة، قالت: يا نبيّ اللّه، ولا يحتشم النّاس بعضهم بعضًا؟ قال: " لكلّ امرئٍ يومئذٍ شأنٌ يغنيه ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " " يحشر النّاس حفاةً عراةً غرلاً، فأوّل من يكسى إبراهيم "، ثمّ قرأ: " {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين} ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا إسحاق بن يوسف قال: حدّثنا سفيان، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بموعظةٍ، فذكره نحوه.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره نحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا وكيعٌ، عن شعبة قال: حدّثنا المغيرة بن النّعمان النّخعيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، نحوه.
- حدّثنا عيسى بن يوسف بن الطّبّاع أبو يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب فقال: " إنّكم ملاقو اللّه مشاةً غرلاً ".
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عائشة، قالت: دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعندي عجوزٌ من بني عامرٍ، فقال: " من هذه العجوز يا عائشة؟ "، فقلت: إحدى خالاتي. فقالت: ادع اللّه أن يدخلني الجنّة فقال: " إنّ الجنّة لا يدخلها العجز "، قالت: فأخذ العجوز ما أخذها، فقال: " إنّ اللّه ينشئهنّ خلقًا غير خلقهنّ "، ثمّ قال: " تحشرون حفاةً عراةً غلفًا "، فقالت: حاش للّه من ذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " بلى إنّ اللّه قال: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا} إلى آخر الآية فأوّل من يكسى إبراهيم خليل اللّه ".
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عطاءٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ، قال: " يجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ، ينفذهم البصر، ويسمعهم الدّاعي، حفاةً عراةً، كما خلقوا أوّل يومٍ ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني عبّاد بن العوّام، عن هلال بن خبّابٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " يحشر النّاس يوم القيامة حفاةً عراةً مشاةً غرلاً ". قلت: يا أبا عبد اللّه، ما الغرل؟ قال: الغلف، فقال بعض أزواجه: يا رسول اللّه، أينظر بعضنا إلى بعضٍ إلى عورته؟ فقال: " لكلّ امرئٍ منهم يومئذٍ ما يشغله عن النّظر إلى عورة أخيه ". قال هلالٌ: قال سعيد بن جبيرٍ: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّةٍ}، قال: كيوم ولدته أمّه، يردّ عليه كلّ شيءٍ انتقص منه مثل يوم ولد ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كما كنّا، ولا شيء غيرنا، قبل أن نخلق شيئًا، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فانيةً، حتّى لا يكون شيءٌ سوانا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده} الآية، قال: " نهلك كلّ شيءٍ كما كان أوّل مرّةٍ ".
وقوله: {وعدًا علينا} يقول: وعدناكم ذلك وعدًا حقًّا علينا أن نوفي بما وعدنا، إنّا كنّا فاعلي ما وعدناكم من ذلك أيّها النّاس، لأنّه قد سبق في حكمنا وقضائنا أن نفعله، على يقينٍ بأنّ ذلك كائنٌ، فاستعدّوا وتأهّبوا). [جامع البيان: 16/423-431]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال السجل الصحيفة). [تفسير مجاهد: 417]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كما بدأنا أول خلق نعيده يقول حفاة عراة غلفا). [تفسير مجاهد: 417]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن علي في قوله: {كطي السجل} قال: ملك). [الدر المنثور: 10/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عطية قال: السجل اسم ملك). [الدر المنثور: 10/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله: {يوم نطوي السماء كطي السجل} قال: السجل ملك فإذا صد بالاستغفار قال: اكتبوها نورا). [الدر المنثور: 10/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ابي حاتم، وابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال: السجل ملك وكان هاروت وماروت من أعوانه وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت فلما قال تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) (البقرة آية 30) قال: ذلك استطالة على الملائكة). [الدر المنثور: 10/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات دفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: السجل الصحيفة). [الدر المنثور: 10/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن منده في المعرفة، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" وصححه عن ابن عباس قال: السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن عدي، وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} ). [الدر المنثور: 10/397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن ابن عباس قال: السجل هو الرجل زاد ابن مردويه بلغة الحبشة). [الدر المنثور: 10/398]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كطي السجل للكتب} قال: كطي الصحيفة على الكتاب). [الدر المنثور: 10/398]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {كما بدأنا أول خلق نعيده} يقول: نهلك كل شيء كما كان أول مرة). [الدر المنثور: 10/398]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {كما بدأنا أول خلق نعيده} قال: عراة حفاة غرلا). [الدر المنثور: 10/398]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى عليه وسلم وعندي عجوز من بني عامر فقال: من هذه العجوز يا عائشة فقلت: إحدى خالاتي، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: إن الجنة لا يدخلها العجوز، فأخذ العجوز ما أخذها فقال: إن الله تعالى ينشهنه خلقا غير خلقهن ثم قال: تحشرون حفاة عراة غلفا، فقالت: حاشا لله من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، إن الله تعالى قال: {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} فأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن). [الدر المنثور: 10/399]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: يبعثهم الله يوم القيامة على قامة آدم وجسمه ولسانه السريانية عراة حفاة غرلا كما ولدوا). [الدر المنثور: 10/399]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:45 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] وهم عيسى وعزيرٌ، والملائكة. وقال مجاهدٌ: {أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] عيسى، وعزيرٌ، والملائكة.
وقال قتادة: إنّ اليهود قالت: ألستم تزعمون أنّ عزيرًا في الجنّة، وأنّ عيسى في الجنّة، وقد عبدا من دون اللّه؟ فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] فعيسى وعزيرٌ ممّن سبقت لهم الحسنى وهي الجنّة.
وما عبدوا من الحجارة، والخشب، ومن الجنّ، وعبادة بعضهم بعضًا، فهم وما عبدوا حصب جهنّم.
- قال يحيى: حدّثني أبي وبحر بن كنيزٍ السّقّاء وخالد ودرست، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الشّمس والقمر ثوران عقيران في النّار».
قال درست ثمّ قال يزيد الرّقاشيّ: ألستم تقرءون: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} [الأنبياء: 98] قال يحيى: أظنّهما يمثّلان لمن عبدهما في النّار، يوبّخون بذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/346]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} [الأنبياء: 101] يعني الجنّة.
{أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] قد فسّرناه قبل هذا الموضع في أمر عيسى وعزيرٍ والملائكة). [تفسير القرآن العظيم: 1/348]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يسمعون حسيسها} [الأنبياء: 102] يعني صوتها في تفسير الحسن.
وقال ابن عبّاسٍ: حسيسها: مسّها.
قال: ولا صوتًا، وإنّها تلتظي على أهلها.
قوله: {وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} [الأنبياء: 102] قال يحيى: يعني إنّ أهل الجنّة يكون الطّعام في في أحدهم فيخطر على قلبه طعامٌ آخر، فيتحوّل في فيه ذلك الطّعام الّذي اشتهى.
وهو قوله عزّ وجلّ: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين وأنتم فيها خالدون} [الزخرف: 71] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/348]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لا يسمعون حسيسها} أي صوتها والحسيس والحس والواحد،

قال عبيد بن الأبرص:
فاشتال وارتاع من حسيسها=وفعله يفعل المذؤوب
فاشتال يعني الثعلب رفع ذتبه). [مجاز القرآن: 2/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حسيسها}: الحس والحسيس وهو الصوت الخفي). [غريب القرآن وتفسيره: 257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الحَسِيسُ): الصوت الخفي). [العمدة في غريب القرآن: 208]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} [الأنبياء: 103] قال الحسن: النّفخة الآخرة.
قال سفيان الثّوريّ: بلغني أنّه إذا أخرج من النّار من أخرج فلم يبق فيها إلا أهل الخلود، فعند ذلك يقول أهل النّار: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} [المؤمنون: 107] فيقول اللّه تبارك وتعالى: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108] فإذا قال ذلك أطبقت
[تفسير القرآن العظيم: 1/348]
عليهم فلم يخرج منها أحدٌ.
فذلك الفزع الأكبر.
قوله: {وتتلقّاهم الملائكة} [الأنبياء: 103] قال الحسن: تلقاهم بالبشارة حين يخرجون من قبورهم وتقول: {هذا يومكم الّذي كنتم توعدون} [الأنبياء: 103] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/349]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وتتلقّاهم الملائكة هذا يومكم} مجازه مجاز المختصر المضمر فيه " ويقولون: هذا يومكم ").
[مجاز القرآن: 2/43]


تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب} [الأنبياء: 104] سعيدٌ، عن قتادة قال: كطيّ الصّحيفة فيها الكتاب.
معمر بن عيسى أنّ الحسن قال: إنّ السّماء إنّما تطوى من أعلاها كما يطوي الكتاب الصّحيفة من أعلاها إذا كتب.
قوله: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده} [الأنبياء: 104] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: حفاةً، عراةً، غرلا، غلفًا.
وفي تفسير الكلبيّ: إذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يبعث الموتى عاد النّاس كلّهم نطفًا، ثمّ علقًا، ثمّ مضغًا، ثمّ عظامًا، ثمّ لحمًا، ثمّ ينفخ فيه الرّوح.
فكذلك كان بدؤهم.
- قال يحيى: وبلغني عن ابن مسعودٍ قال: ينزّل اللّه تبارك وتعالى مطرًا منيًّا كمنيّ الرّجال فتنبت به جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء، كما تنبت الأرض من الثّرى.
قال: ثمّ قرأ عبد اللّه بن مسعودٍ: {واللّه الّذي أرسل الرّياح فتثير سحابًا فسقناه إلى بلدٍ ميّتٍ فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النّشور} [فاطر: 9] يعني البعث.
قوله: {وعدًا علينا} [الأنبياء: 104] يعني: كائنًا، البعث.
{إنّا كنّا فاعلين} [الأنبياء: 104] أي نحن فاعلون). [تفسير القرآن العظيم: 1/349]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يوم نطوي السّماء...}

بالنون والتاء (تطوى) ولو قيل (يطوي) كما قيل (نطوي) بالنون جاز.
واجتمعت القراء على (السّجلّ) بالتثقيل.
وأكثرهم يقول (للكتاب) وأصحاب عبد الله (للكتب) والسّجلّ: الصّحيفة. فانقطع الكلام عند الكتب، ثم استأنف فقال {كما بدأنا أوّل خلقٍ نّعيده} فالكاف للخلق ،
كأنك قلت: نعيد الخلق كما بدأنهم (أوّل مرّة).
وقوله: {وعداً علينا} كقولك حقّاً علينا). [معاني القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( السّجلّ: الصحيفة). [تفسير غريب القرآن: 288]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):(وأما قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}، فإن للعرب في معنى (الأبد) ألفاظا يستعملونها في كلامهم، يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما طمى البحر، أي ارتفع، وما أقام الجبل، وما دامت السموات والأرض، في أشباه لهذا كثيرة،
يريدون لا أفعله أبدا، لأن هذه المعاني عندهم لا تتغير عن أحوالها أبدا، فخاطبهم الله بما يستعملونه فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي مقدار دوامهما،
وذلك مدة العالم. وللسماء وللأرض وقت يتغيّران فيه عن هيئتهما، يقول الله تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ}،
ويقول:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.
أراد أنهم خالدون فيها مدة العالم، سوى ما شاء الله أن يزيدهم من الخلود على مدة العالم. ثم قال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع.
و(إلّا) في هذا الموضع بمعنى (سوى) ومثله من الكلام: لأسكننّ في هذه الدار حولا إلا ما شئت. تريد سوى ما شئت أن أزيد على الحول. هذا وجه.
وفيه قول آخر، وهو: أن يجعل دوام السماء والأرض بمعنى الأبد، على ما تعرف العرب وتستعمل، وإن كانتا قد تتغيّران، وتستثنى المشيئة من دوامهما؛
لأن أهل الجنة وأهل النار قد كانوا في وقت من أوقات دوام السماء والأرض في الدنيا لا في الجنة، فكأنه قال: خالدين في الجنة وخالدين في النار دوام السماء والأرض،
إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وفيه وجه ثالث: وهو أن يكون الاستثناء من الخلود مكث أهل الذنوب من المسلمين في النار حتى تلحقهم رحمة الله، وشفاعة رسوله، فيخرجوا منها إلى الجنة.
فكأنه قال سبحانه: خالدين في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج المذنبين من المسلمين إلى الجنة،
وخالدين في الجنة ما دامت السموات والأرض، إلا ما شاء ربك من إدخال المذنبين النار مدة من المدد، ثم يصيرون إلى الجنة). [تأويل مشكل القرآن: 76-77] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب كما بدأنا أوّل خلق نعيده وعدا علينا إنّا كنّا فاعلين}
وللكتاب، ويقرأ السّجل بتخفيف اللام، فمن خفف أسكن الجيم.
وجاء في التفسير أن السّجل الصحيفة التي فيها الكتاب.
وقيل إن السّجل ملك وقيل إن السّجل بلغة الجيش الرجل.
وعن أبي الجوزاء أن السّجل كاتب كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتمام الكلام (للكتب).
وقوله: {كما بدأنا أوّل خلق نعيده}.
مستأنف، المعنى نبعث الخلق كما بدأناهم، أي قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الابتداء، ويجوز {يوم تطوى السّماء كطي السجل}
ويجوز يوم يطوي السماء كطيّ السّجل، ولم يقرأ (يطوي).
وقرئت نطوي وتطوى بالنون والتاء.
وقوله: {وعدا علينا}.
(وعدا) منصوب على المصدر، لأن قوله (نعيده) بمعنى وعدنا هذا وعدا
وقوله: {إنّا كنّا فاعلين} أي قادرين على فعل ما تشاء). [معاني القرآن: 3/407-406]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:46 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (وقال الأصمعي: يقال: جيء به من حسك وبسك، أي من حيث كان ولم يكن، وروى أبو نصر: من حيث شئت، والمعنى واحد، والحس والحسيس: الصوت، قال الله عز وجل: {لا يسمعون حسيسها} [الأنبياء: 102] والحس: وجع يأخذ المرأة بعد الولادة.
والحس: برد يحرق الكلأ.
ويقال: أصابتنا حاسة، ويقال: البرد محسة للنبت، أي يحرقه، ويقال: ضربه فما قال: حس مكسور، وهي كلمة تقال عند الجزع، قال الراجز:
فما أراهم جزعا بحس = عطف البلايا المس بعد المس
ويقال: اشتر لي محسةً للدابة.
والحساس: سمك يجفف يكون بالبحرين.
وقال اللحياني: الحساس: الشؤم والنكد،
وأنشدنا أبو زيد:
رب شريب لك ذي حساس = أقعس يمشي مشية النفاس
ليس بريان ولا مواسي
ويقال: انحست أسنانه إذا تكسرت وتحاتت، قال العجاج:
في معدن الملك القديم الكرس = ليس بمقلوع ولا منحس
ويقال: حسستهم إذا قتلتهم، قال الله تعالى: {إذ تحسّونهم بإذنه} [آل عمران: 152] .
ويقال: أحسست بالخبر وحسست به وأحست به وحسيت به، قال أبو زبيد:
خلا أن العتاق من المطايا = حسين به فهن إليه شوس
ويقال: حسست له أحس، أي رققت له، يقال: إني لأحس له، أي أرق له وأرحمه، قال القطامي:
أخوك الذي لا تملك الحس نفسه = وترفض عند المحفظات الكتائف).
[الأمالي: 1/175-176]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما اعترض ابن الزبعرى بأمر عيسى بن مريم، وعزير نزلت: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} مبينة أن هؤلاء ليسوا تحت المراد لأنهم لم يرضوا ذلك ولا دعوا إليه، و"الحسنى" يريد كلمة الرحمة والحتم بالتفضيل). [المحرر الوجيز: 6/205]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقد ذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} يعم كل مؤمن، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: عثمان منهم.
[المحرر الوجيز: 6/205]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا مرية أنها مع نزولها في خصوص مقصود تتناول كل من سعد في الآخرة). [المحرر الوجيز: 6/206]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الحسيس": الصوت، وهو بالجملة ما يتأدى إلى الحس من حركة الأجرام، وهذه صفة لهم بعد دخولهم الجنة، لأن الحديث يقتضي أن في الموقف تزفر جهنم زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا جثا على ركبتيه). [المحرر الوجيز: 6/205]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الفزع الأكبر" عام في كل هول يكون في يوم القيامة، فكأن يوم القيامة بجملته هو الفزع الأكبر، وإن خصص بشيء من ذلك فيجب أن يقصد لأعظم هوله. قالت فرقة في ذلك: هو ذبح الموت، وقالت فرقة: هو وقوع طبق جهنم على جهنم، وقالت فرقة: هو الأمر بأهل النار إلى النار، وقالت فرقة: هو وقت النفخة الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وما قبله من الأوقات أشبه أن يكون فيها الفزع لأنها وقت لرجم الظنون وتعرض الحوادث، فأما وقت ذبح الموت ووقع طبق جهنم فوقت قد حصل فيه أهل الجنة في الجنة، فذلك فزع بين أنه لا يصيب أحدا من أهل الجنة فضلا عن الأنبياء، اللهم إلا أن يريد: لا يحزنهم الشيء الذي هو عند أهل النار فزع أكبر، فأما إن كان فزعا للجميع فلا بد مما قلنا من أنه قبل دخول الجنة). [المحرر الوجيز: 6/205]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وتتلقاهم الملائكة} يريد بالسلام عليهم والتبشير لهم، أي: هذا يومكم الذي وعدتم فيه الثواب والنعيم). [المحرر الوجيز: 6/206]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}
قرأت فرقة: "نطوي" بنون العظمة، وقرأت فرقة: "يطوي السماء" بياء مفتوحة على معنى: يطوي الله، وقرأت فرقة: "تطوى" بتاء مضمومة وبرفع "السماء" على ما لم يسم فاعله.
واختلف الناس في "السجل"، فقالت فرقة: السجل: ملك يطوي الصحف، وقالت فرقة: السجل: رجل كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كله وما شاكله ضعيف. وقالت فرقة: السجل: الصحيفة التي يكتب فيها، والمعنى: "كطي السجل" أي: كما يطوى السجل من أجل الكتاب الذي فيه، فالمصدر مضاف إلى المفعول، ويحتمل أن يكون المصدر مضافا إلى الفاعل، أي: كما يطوي السجل الكتاب الذي فيه، فكأنه قال: يوم نطوي كالهيئة التي فيها طي السجل للكتاب، ففي التشبيه تجوز.
وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "السجل" بشد السين وسكون الجيم وتخفيف اللام، وفتح أبو السمال السين فقرأها: "السجل"، وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير: "السجل" بضم السين وشدها وضم الجيم، وقرأ الجمهور: "للكتاب"، وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: "للكتب".
وقوله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده} يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون خبرا عن البعث، أي: كما اخترعنا الخلق أولا على غير مثال كذلك ننشئهم تارة أخرى فنبعثهم من القبور، والثاني أن يكون خبرا عن أن كل شخص يبعث يوم القيامة على هيئته التي خرج بها إلى الدنيا، ويؤيد هذا التأويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الناس
[المحرر الوجيز: 6/206]
يوم القيامة حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده. والكاف في قوله: "كما بدأنا" متعلقة بقوله: "نعيده"، وقوله: {إنا كنا فاعلين} تأكيد للأمر، بمعنى أن الأمر واجب فيه ذلك). [المحرر الوجيز: 6/207]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 04:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 04:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى}: قال عكرمة: الرّحمة. وقال غيره: السّعادة، {أولئك عنها مبعدون} لـمّا ذكر تعالى أهل النّار وعذابهم بسبب شركهم باللّه، عطف بذكر السّعداء من المؤمنين باللّه ورسله، وهم الّذين سبقت لهم من اللّه السّعادة، وأسلفوا الأعمال الصّالحة في الدّنيا، كما قال: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} [يونس: 26]: وقال {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرّحمن:60]، فكما أحسنوا العمل في الدّنيا، أحسن اللّه مآلهم وثوابهم، فنجّاهم من العذاب، وحصل لهم جزيل الثّواب، فقال: {أولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها} أي: حريقها في الأجساد.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن أبيه، عن الجريريّ، عن أبي عثمان: {لا يسمعون حسيسها}، قال: حيّاتٌ على الصّراط تلسعهم، فإذا لسعتهم قال: حس حس.
وقوله: {وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} فسلّمهم من المحذور والمرهوب، وحصل لهم المطلوب والمحبوب.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن أبي سريج، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أبي يزيد الهمدانيّ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن ابن عمّ النّعمان بن بشيرٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ قال -وسمر مع عليٍّ ذات ليلةٍ، فقرأ: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} قال: أنا منهم، وعمر منهم، وعثمان منهم، والزّبير منهم، وطلحة منهم، وعبد الرّحمن منهم -أو قال: سعدٌ منهم-قال: وأقيمت الصّلاة فقام، وأظنّه يجرّ ثوبه، وهو يقول: {لا يسمعون حسيسها}.
وقال شعبة، عن أبي بشرٍ، عن يوسف المكّيّ، عن محمّد بن حاطبٍ قال: سمعت عليًّا يقول في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} قال: عثمان وأصحابه.
ورواه ابن أبي حاتمٍ أيضًا، ورواه ابن جريرٍ من حديث يوسف بن سعدٍ -وليس بابن ماهك-عن محمّد بن حاطبٍ، عن عليٍّ، فذكره ولفظه: عثمان منهم.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}: فأولئك أولياء اللّه يمرّون على الصّراط مرًّا هو أسرع من البرق، ويبقى الكفّار فيها جثيًا.
فهذا مطابقٌ لما ذكرناه، وقال آخرون: بل نزلت استثناءً من المعبودين، وخرج منهم عزيرٌ والمسيح، كما قال حجّاج بن محمّدٍ الأعور، عن ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم}، ثمّ استثنى فقال: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} فيقال: هم الملائكة، وعيسى، ونحو ذلك ممّا يعبد من دون اللّه عزّ وجلّ. وكذا قال عكرمة، والحسن، وابن جريجٍ.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} قال: نزلت في عيسى ابن مريم وعزير، عليهما السّلام.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة، حدّثنا أبو زهير، حدّثنا سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن عليّ في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى} قال: كلّ شيءٍ يعبد من دون اللّه في النّار إلّا الشّمس والقمر وعيسى ابن مريم. إسناده ضعيفٌ.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {أولئك عنها مبعدون}، قال: عيسى، وعزير، والملائكة.
وقال الضّحّاك: عيسى، ومريم، والملائكة، والشّمس، والقمر. وكذا روي عن سعيد بن جبير، وأبي صالحٍ وغير واحدٍ.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا غريبًا جدًّا، فقال: حدّثنا الفضل بن يعقوب الرّخّاني، حدّثنا سعيد بن مسلمة بن عبد الملك، حدّثنا اللّيث بن أبي سليمٍ، عن مغيث، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} قال: عيسى، وعزير، والملائكة.
وذكر بعضهم قصّة ابن الزّبعرى ومناظرة المشركين، قال أبو بكر بن مردويه:
حدّثنا محمّد بن عليّ بن سهلٍ، حدّثنا محمّد بن حسنٍ الأنماطيّ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة، حدّثنا يزيد بن أبي حكيمٍ، حدّثنا الحكم -يعني: ابن أبانٍ-عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: جاء عبد اللّه بن الزّبعرى إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: تزعم أنّ اللّه أنزل عليك هذه الآية: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون}، فقال ابن الزّبعرى: قد عبدت الشّمس والقمر والملائكة، وعزير وعيسى ابن مريم، كلّ هؤلاء في النّار مع آلهتنا؟ فنزلت: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون. وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون}، ثمّ نزلت: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}. رواه الحافظ أبو عبد اللّه في كتابه "الأحاديث المختارة".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا قبيصة بن عقبة، حدّثنا سفيان -يعني: الثّوريّ-عن الأعمش، عن أصحابه، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} قال المشركون: فالملائكة،عزير، وعيسى يعبدون من دون اللّه؟ فنزلت: {لو كان هؤلاء آلهةً ما وردوها}، الآلهة الّتي يعبدون، {وكلٌّ فيها خالدون}.
وروي عن أبي كدينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ مثل ذلك، وقال فنزلت: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.
وقال [الإمام] محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، رحمه اللّه، في كتاب "السّيرة": وجلس رسول اللّه -فيما بلغني-يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النّضر بن الحارث حتّى جلس معهم، وفي المسجد غير واحدٍ من رجال قريشٍ، فتكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعرض له النّضر بن الحارث، فكلّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أفحمه، وتلا عليه وعليهم {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} إلى قوله: {وهم فيها لا يسمعون}، ثمّ قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقبل عبد اللّه بن الزبعرى السّهميّ حتّى جلس، فقال الوليد بن المغيرة لعبد اللّه بن الزّبعرى: واللّه ما قام النّضر بن الحارث لابن عبد المطّلب آنفًا ولا قعد، وقد زعم محمّدٌ أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنّم. فقال عبد اللّه بن الزّبعرى: أما واللّه لو وجدته لخصمته، فسلوا محمّدًا: كلّ ما يعبد من دون اللّه في جهنّم مع من عبده، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنّصارى تعبد عيسى ابن مريم؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس، من قول عبد اللّه بن الزّبعرى، ورأوا أنّه قد احتجّ وخاصم.
فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "كلّ من أحبّ أن يعبد من دون اللّه فهو مع من عبده، إنّهم إنّما يعبدون الشّياطين ومن أمرتهم بعبادته. وأنزل اللّه: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} أي: عيسى وعزيرٌ ومن عبدوا من الأحبار والرّهبان، الّذين مضوا على طاعة اللّه، فاتّخذهم من يعبدهم من أهل الضّلالة أربابًا من دون اللّه. ونزل فيما يذكرون، أنّهم يعبدون الملائكة، وأنّهم بنات اللّه: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا سبحانه بل عبادٌ مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} إلى قوله: {ومن يقل منهم إنّي إلهٌ من دونه فذلك نجزيه جهنّم كذلك نجزي الظّالمين} [الأنبياء:26 -29]، ونزل فيما ذكر من أمر عيسى، وأنّه يعبد من دون اللّه، وعجب الوليد ومن حضره من حجّته وخصومته: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون. وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون. إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل. ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون. وإنّه لعلمٌ للسّاعة فلا تمترنّ بها} [الزخرف:57 -61]
أي: ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام، فكفى به دليلًا على علم السّاعة، يقول: {فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراطٌ مستقيمٌ} [الزّخرف:61].
وهذا الّذي قاله ابن الزّبعرى خطأٌ كبيرٌ؛ لأنّ الآية إنّما نزلت خطابًا لأهل مكّة في عبادتهم الأصنام الّتي هي جمادٌ لا تعقل، ليكون ذلك تقريعًا وتوبيخًا لعابديها؛ ولهذا قال: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} فكيف يورد على هذا المسيح والعزير ونحوهما، ممّن له عملٌ صالحٌ، ولم يرض بعبادة من عبده. وعوّل ابن جريرٍ في تفسيره في الجواب على أنّ "ما" لما لا يعقل عند العرب.
وقد أسلم عبد اللّه بن الزّبعرى بعد ذلك، وكان من الشّعراء المشهورين. وكان يهاجي المسلمين أوّلًا ثمّ قال معتذرًا:
يا رسول المليك، إنّ لساني = راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور...
إذ أجاري الشّيطان في سنن الغي = ومن مال ميله مثبور).[تفسير ابن كثير: 5/ 378-381]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} قيل المراد بذلك الموت. رواه عبد الرّزّاق، عن يحيى بن ربيعة عن عطاءٍ.
وقيل: المراد بالفزع الأكبر: النّفخة في الصّور. قاله العوفي عن ابن عبّاسٍ، وأبو سنان سعيد ابن سنانٍ الشّيبانيّ، واختاره ابن جريرٍ في تفسيره.
وقيل: حين يؤمر بالعبد إلى النّار. قاله الحسن البصريّ.
وقيل: حين تطبق النّار على أهلها. قاله سعيد بن جبير، وابن جريج.
وقيل: حين يذبح الموت بين الجنّة والنّار. قاله أبو بكرٍ الهذليّ، فيما رواه ابن أبي حاتمٍ، عنه.
وقوله: {وتتلقّاهم الملائكة هذا يومكم الّذي كنتم توعدون}، يعني: تقول لهم الملائكة، تبشّرهم يوم معادهم إذا خرجوا من قبورهم: {هذا يومكم الّذي كنتم توعدون} أي: قابلوا ما يسركم). [تفسير ابن كثير: 5/ 381]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين (104)}.
يقول تعالى: هذا كائنٌ يوم القيامة، {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب} كما قال تعالى: {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون} [الزّمر: 67] وقد قال البخاريّ:
حدّثنا مقدم بن محمّدٍ، حدّثني عمّي القاسم بن يحيى، عن عبيد اللّه، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: "إنّ اللّه يقبض يوم القيامة الأرضين، وتكون السموات بيمينه".
انفرد به من هذا الوجه البخاريّ، رحمه اللّه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحجّاج الرّقّي، حدّثنا محمّد بن سلمة، عن أبي الواصل، عن أبي المليح الأزديّ، عن أبي الجوزاء الأزديّ، عن ابن عبّاسٍ قال: يطوي الله السموات السّبع بما فيها من الخليقة والأرضين السّبع بما فيها من الخليقة، يطوي ذلك كلّه بيمينه، يكون ذلك كلّه في يده بمنزلة خردلةٍ.
وقوله: {كطيّ السّجلّ للكتب}، قيل: المراد بالسّجلّ [الكتاب. وقيل: المراد بالسّجلّ] هاهنا: ملك من الملائكة.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا محمّد بن العلاء، حدّثنا يحيى بن يمانٍ، حدّثنا أبو الوفاء الأشجعيّ، عن أبيه، عن ابن عمر في قوله تعالى: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب}، قال: السّجلّ: ملك، فإذا صعد بالاستغفار قال: اكتبها نورًا.
وهكذا رواه ابن جريرٍ، عن أبي كريب، عن ابن يمانٍ، به.
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن أبي جعفرٍ محمّد بن عليّ بن الحسين أنّ السّجلّ ملكٌ.
وقال السّدّيّ في هذه الآية: السّجلّ: ملك موكّلٌ بالصّحف، فإذا مات الإنسان رفع كتابه إلى السّجلّ فطواه، ورفعه إلى يوم القيامة.
وقيل: المراد به اسم رجلٍ صحابيٍّ، كان يكتب للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الوحي: قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، حدّثنا نوح بن قيسٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: [ {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب}]، قال: السجل: هو الرجل.
قال نوحٌ: وأخبرني يزيد بن كعبٍ -هو العوذي-عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء عن ابن عبّاسٍ قال: السّجلّ كاتبٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهكذا رواه أبو داود والنّسائيّ عن قتيبة بن سعيدٍ، عن نوح بن قيسٍ، عن يزيد بن كعبٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، قال: السّجلّ كاتبٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ورواه ابن جريرٍ عن نصر بن عليٍّ الجهضميّ، كما تقدّم. ورواه ابن عديٍّ من رواية يحيى بن عمرو بن مالكٍ النّكريّ عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ قال: كان للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كاتبٌ يسمّى السّجلّ وهو قوله: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب}، قال: كما يطوي السّجلّ الكتاب، كذلك نطوي السّماء، ثمّ قال: وهو غير محفوظٍ.
وقال الخطيب البغداديّ في تاريخه: أنبأنا أبو بكرٍ البرقاني، أنبأنا محمّد بن محمّد بن يعقوب الحجّاجيّ، أنبأنا أحمد بن الحسن الكرخيّ، أنّ حمدان بن سعيدٍ حدّثهم، عن عبد اللّه بن نميرٍ، عن عبيد اللّه بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: السّجلّ: كاتبٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذا منكرٌ جدًّا من حديث نافعٍ عن ابن عمر، لا يصحّ أصلًا وكذلك ما تقدّم عن ابن عبّاسٍ، من رواية أبي داود وغيره، لا يصحّ أيضًا. وقد صرّح جماعةٌ من الحفّاظ بوضعه -وإن كان في سنن أبي داود-منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجّاج المزّي، فسح اللّه في عمره، ونسأ في أجله، وختم له بصالح عمله، وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا على حدةٍ، وللّه الحمد. وقد تصدّى الإمام أبو جعفر بن جريرٍ للإنكار على هذا الحديث، وردّه أتمّ ردٍّ، وقال: لا يعرف في الصّحابة أحدٌ اسمه السجل، وكتّاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم معروفون، وليس فيهم أحدٌ اسمه السّجلّ، وصدق رحمه اللّه في ذلك، وهو من أقوى الأدلّة على نكارة هذا الحديث. وأمّا من ذكر في أسماء الصّحابة هذا، فإنّما اعتمد على هذا الحديث، لا على غيره، واللّه أعلم. والصّحيح عن ابن عبّاسٍ أنّ السّجلّ هي الصّحيفة، قاله عليّ بن أبي طلحة والعوفيّ، عنه. ونصّ على ذلك مجاهدٌ، وقتادة، وغير واحدٍ. واختاره ابن جريرٍ؛ لأنّه المعروف في اللّغة، فعلى هذا يكون معنى الكلام: {يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ للكتب} أي: على [هذا] الكتاب، بمعنى المكتوب، كقوله: {فلمّا أسلما وتلّه للجبين} [الصّافّات:103]، أي: على الجبين، وله نظائر في اللّغة، واللّه أعلم.
وقوله: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين} يعني: هذا كائنٌ لا محالة، يوم يعيد اللّه الخلائق خلقًا جديدًا، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم، وذلك واجب الوقوع، لأنه من جملة وعد اللّه الّذي لا يخلف ولا يبدّل، وهو القادر على ذلك. ولهذا قال: {إنّا كنّا فاعلين}.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع وابن جعفرٍ المعنى، قالا: حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النّعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بموعظةٍ فقال: "إنّكم محشورون إلى اللّه عزّ وجلّ حفاةً عراةً غرلا كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده، وعدًا علينا إنّا كنّا فاعلين"؛ وذكر تمام الحديث، أخرجاه في الصّحيحين من حديث شعبة. ورواه البخاريّ عند هذه الآية في كتابه.
وقد روى ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، عن عائشة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحو ذلك.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده} قال: نهلك كلّ شيءٍ، كما كان أوّل مرّةٍ). [تفسير ابن كثير: 5/ 382-384]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة