جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثنا القاسم بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن عبد اللّه بن عمر أنّه سئل عن {الشّفق}، فقال: ذهاب البياض، وسئل عن الـ {غسق}، فقال: ذهاب الحمرة). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 63]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن بن خثيم، عن ابن لهيعة، عن أبي هريرة، قال: {الشفق}؛ البياض). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن جعفر بن برقان، عن عمر بن عبد العزيز، قال: {الشفق}؛ البياض). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر بن راشد، أنه سمع مكحولا، يقول: {الشفق}؛ الحمرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: {الشفق}؛ النهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وهذا قَسَمٌ، أَقْسَمَ ربُّنا بِالشَّفَقِ، والشفقُ الحمرةُ فِي الأفقِ مِن ناحيةِ المغربِ مِن الشَّمْسِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِم.
واختلفَ أهلُ التأويلِ فِي ذَلِكَ؛ فقالَ بَعْضُهُم: هو الحمرةُ. كما قلْنا، وَمِمَّنْ قالَ ذَلِكَ جماعةٌ مِن أهلِ العراقِ.
وقالَ آخرونَ: هو اَلنَّهَارُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ الأَحْمَسِيُّ، قالَ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ عبيدٍ، قالَ: ثنا العوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ ، قالَ: قُلْتُ لمجاهدٍ: {الشفقُ}؛ قالَ: لاَ تَقُل الشفقَ؛ إِنَّ الشفقَ مِن الشَّمْسِ، وَلكِنْ قلْ: حمرةُ الأفقِ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: {بِالشَّفَقِ}؛ قالَ: اَلنَّهَارُ كُلُّه.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}؛ قالَ: اَلنَّهَارِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
وقال آخرونَ: الشفقُ هو اسْمٌ للحمرةِ والبياضِ، وَقَالُوا: هو مِن الأضْدَادِ.
والصوابُ مِن الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِندِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِالنَّهَارِ مُدْبِراً، وَاللَّيْلِ مُقْبِلاً. وأمَّا {الشفقُ}؛ الذي تَحِلُّ بِه صلاةُ العشاءِ، فإنَّه الحمرةُ عِندَنَا؛ للعلَّةِ الَّتِي قد بيَّناها فِي كِتَابِنَا "كِتَابِ الصَّلاةِ"). [جامع البيان: 24/ 243-244]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {فلا أقسم بالشفق}؛ قال: الشفق النهار كله). [تفسير مجاهد: 2/ 742]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ، عن العَوَّامِ بنِ حَوْشَبٍ قال: قُلْتُ لمُجَاهِدٍ: {الشَّفَقُ}؟ قال: إِنَّ الشَّفَقَ مِنَ الشَّمْسِ). [الدر المنثور: 15/ 320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ وابنُ أبي شَيْبَةَ وابنُ المُنْذِرِ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عُمَرَ قال: {الشَّفَقُ}: الحُمْرَةُ). [الدر المنثور: 15/ 320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سَمُّويَهْ في فوائِدِه، عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ قالَ: {الشَّفَقُ}؛ الحُمْرَةُ). [الدر المنثور: 15/ 320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرَجَ عَبْدُ الرزَّاقِ وابنُ أبي حَاتِمٍ عن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: {الشَّفَقُ}؛ البَيَاضُ). [الدر المنثور: 15/ 320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المنذِرِ عن مُجَاهدٍ في قَوْلِهِ: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}؛ قالَ: الشَّفَقُ: النَّهَارُ كُلُّهُ.
- وأَخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15/ 320]
تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله: {وما وسق}؛ قال: وما جمع). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 358]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وسق}: «جمع من دابّةٍ»). [صحيح البخاري: 6/ 167]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {وَسَقَ}: جَمَعَ مِن دَابَّةٍ وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ أيضًا من طَرِيقِهِ، وقد تَقَدَّمَ في بَدْءِ الخَلقِ مثلُهُ وأَتَمُّ منه.
- وأَخرَجَ سَعِيدُ بنُ منصورٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وسَقَ}؛ قَالَ: وما دَخَلَ فيه. وإِسنادُهُ صحيحٌ). [فتح الباري: 8/ 697]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {وَسَقَ}: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ.
أَشَارَ به إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} وفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَمَا أَوَى فِيهَا مِنْ دَابَّةٍ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ: وَمَا جَمَعَ فِيهَا مِنْ دَوَابَّ وَعَقَارِبَ وَحَيَّاتٍ، وَعَنْ مُقَاتِلٍ: وَمَا سَاقَ مِنْ ظُلْمَةٍ، قَوْلُهُ: (وَسَقَ) مِنْ وَسَقْتُهُ أَسِقُهُ وَسْقًا أَيْ جَمَعْتُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلطَّعَامِ الْكَثِيرِ الْمُجْتَمِعِ: وَسْقٌ، وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا، وَطَعَامٌ مَوْسُوقٌ أَيْ: مَجْمُوعٌ فِي غِرَارَةٍ، وَمَرْكَبٌ مَوْسُوقٌ إِذَا كَانَ مَشْحُونًا بِالْخَلْقِ أَوْ بالبضائعِ). [عمدة القاري: 19/ 284]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {وَسَقَ} أي: (جَمَعَ) ما دَخَلَ عليه (مِنْ دَابَّةٍ) وَغَيْرِهَا). [إرشاد الساري: 7/ 414]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {والليل وما وسق}؛ قال: وما جمع).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: وَاللَّيْلِ وما جَمَعَ، مِمَّا سَكَنَ وهدأَ فِيه مِن ذِي رُوحٍ كانَ يَطِيرُ، أَو يدِبُّ نَهَاراً، يُقَالُ منه: وسَقْتُه أَسِقُهُ وَسْقاً، وَمِنْه: طَعَامٌ موسَقٌ، وهُو المجموعُ فِي غرائرَ أَو وِعَاءٍ، وَمِنْه الوَسْقُ، وهُو الطَّعَامُ المجتمعُ الكثيرُ، مِمَّا يُكالُ أَو يُوزنُ، يُقَالُ: هو ستُّونَ صاعاً. وَبِه جَاءَ الخبرُ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَهُ: {وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: وما جَمَعَ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ جعفرٍ، قالَ: ثنا شعبةُ، عن أَبِي بِشْرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي هذه الآيَة: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}. قالَ: وما جَمَعَ. وقالَ ابْنُ عبَّاسٍ:
مُستوسقاتٍ لَو يَجِدْنَ سائِقَا
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، قالَ: سَأَلَ حفصٌ الحسنَ عن قولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما جَمَعَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما جَمَعَ، يقولُ: مَا آوَى فِيه مِن دابَّةٍ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}: وما لفَّ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما أظلمَ عَلَيْهِ، وما أدخَلَ فِيه. وقالَ ابْنُ عبَّاسٍ:
مُسْتَوْسِقَاتٍ لَو يَجِدْنَ حاديَا
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَهُ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: وما جَمَعَ مِن نجمٍ أَو دابَّةٍ.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما جَمَعَ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما جَمَعَ؛ يجتمعُ فِيه الأشياءُ الَّتِي يجمعُها اللَّهُ، الَّتِي تأوِي إِلَيه، وأشياءُ تَكُونُ فِي اللَّيْلِ لاَ تَكُونُ فِي النَّهَارِ، مَا جَمَعَ مِمَّا فِيه مَا يأوي إِلَيهِ، فهو مِمَّا جَمَعَ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا حكَّامٌ، قالَ: ثنا عمرٌو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: مَا لُفَّ عَلَيْهِ.
قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: وما دخلَ فِيه.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أَبِي الهيثمِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}: وما جَمَعَ.
قالَ: ثنا وكيعٌ، عن نافعِ بنِ عمرَ، عن ابْنِ أَبِي مليكةَ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {وَمَا وَسَقَ}: وما جَمَعَ، ألمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الشاعرِ:
مُستوسقاتٍ لم يجدنَ سائقَا
- حدَّثنا هنَّادٌ، قالَ: ثنا أبو الأحوصِ، عن سِماكٍ، عن عكرمةَ فِي قولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: مَا حازَ إِذا جَاءَ اللَّيْلُ.
وقال آخرونَ: معنَى ذَلِكَ: وما سَاقَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، قالَ: ثنا عَلِيُّ بنُ الحسنِ، قالَ: ثنا حسينٌ، قالَ: سَمِعْتُ عكرمةَ وسُئِلَ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: مَا سَاقَ مِن ظلمةٍ، فَإِذا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ كُلُّ شيءٍ إلَى مأواهُ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يَحْيَى بنُ واضحٍ، قالَ: ثنا الحسنُ، عن عكرمةَ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: مَا سَاقَ مِن ظلمةٍ، إِذا جَاءَ اللَّيْلُ سَاقَ كُلَّ شيءٍ إلَى مأواهُ.
- حُدِّثتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قالَ: مَا سَاقَ مَعَهُ مِن ظلمةٍ إِذا أقبلَ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يعني: وما سَاقَ اللَّيْلُ مِن شيءٍ جَمَعَهُ النُّجُومُ، ويقالُ: وَاللَّيْلِ وما جَمَعَ). [جامع البيان: 24/ 245-248]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: {والليل وما وسق}؛ يقول: وما جمع). [تفسير مجاهد: 2/ 742]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شيبان قال: قال منصور، عن مجاهد {والليل وما وسق}؛ قال: يقول: والليل وما لف عليه). [تفسير مجاهد: 2/ 742]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {والليل وما وسق}؛ يقول: وما جمع يعني ما أوى إليه من دوابه). [تفسير مجاهد: 2/ 743]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ سعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ أبي حاتِمٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قال: ومَا دَخَلَ فيهِ). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو عُبَيدٍ في فضائلِه وابنُ أبي شَيْبةَ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِه: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قال: وما جَمَعَ). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ، عن عِكْرِمةَ: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قال: ما أَوَى فيهِ وما جَمَعَ مِن حَيَّاتِه وعَقاربِه ودوابِّه). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، عن مجاهدٍ {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ يقولُ: ما أَوَى فيهِ من دابةٍ). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ: {وَمَا وَسَقَ}؛ قال: ما عُمِلَ فيهِ). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ الأنبارِيِّ مِن طُرُقٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه سُئِلَ عن قولِه: {واللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ قال: ومَا جَمَعَ، أمَا سَمِعْتَ قولَه:
إنَّ لَنَا قَلائِصاً نَقانِقَا ....... مُسْتَوْسِقَاتٍ لَوْ يَجِدْنَ سَائِقَا).
[الدر المنثور: 15/ 322]
تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، في قوله: {إذا اتسق}؛ قال: إذا استدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 358]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيد: {والقمر إذا اتسق}؛ قال: لثلاث عشرة). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 38] [سعيد: هو ابن جبير]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ يقولُ: وبالقمرِ إِذا تمَّ واستوَى.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ، قولَه: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ يقولُ: إِذا استوَى.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا اجتمعَ واستوى.
- حدَّثنا هنادٌ، قالَ: ثنا أبو الأحوصِ، عن سماكٍ، عن عكرمةَ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا استوى.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، قالَ: سَأَلَ حفصٌ الحسنَ عن قولِهِ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا اجتمعَ، إِذا امتلأَ.
- حدَّثني أبو كدينةَ، قالَ: ثنا ابْنُ يمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفرِ بنِ أَبِي المغيرةِ، عن سعيدٍ فِي قولِهِ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: لثلاثَ عَشْرَةَ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا حكَّامٌ، قالَ: ثنا عمرٌو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- قال ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ مِثْلَه.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: {إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا استوى.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أَبِي الهيثمِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}: إِذا استوى.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْد الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {إِذا اتَّسَق}؛ قالَ: إِذا استدارَ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}: إِذا استوى.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا اجتمعَ فَاسْتَوَى.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قالَ: إِذا استوى). [جامع البيان: 24/ 248-250]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: نا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {والقمر إذا اتسق}؛ يعني إذا استوى.
- نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شيبان، عن منصور، عن مجاهد مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 743]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حاتِمٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {والقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قال: إِذَا اسْتَوَى). [الدر المنثور: 15/ 321]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في مسائلِه وابنُ الأَنْبارِيِّ في الوَقْفِ والابتداءِ، والطَّبَرانِيُّ عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ نافِعَ بنَ الأزرقِ سأَلَه عن قولِه: {والقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قال: اتِّسَاقُه: اجْتِمَاعُه.
قال: وهلْ تعرِفُ العربُ ذلك؟
قال: نعمْ، أمَا سَمِعْتَ قولَ ابنِ صِرْمَةَ:
إِنَّ لَنَا قَلائِصاً نَقَانِقَا ....... مُسْتَوْسِقَاتٍ لَوْ يَجِدْنَ سَائِقَا).
[الدر المنثور: 15 / 321-322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ، عن قَتَادَةَ: {والقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قال: إذا اسْتَدَارَ.
- وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن عِكْرِمةَ مِثْلَه). [الدر المنثور: 15/ 322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {والقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ قال: لَيْلَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ). [الدر المنثور: 15/ 322]
تفسير قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)}
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن أبي فروة، عن مرة، عن ابن مسعود: {لتركبن طبقًا عن طبق}[سورة الانشقاق:19]، قال: حالًا بعد حال، مرة تشقق، ومرة واهية). [الزهد لابن المبارك: 2/ 731-732]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، في قوله: {لتركبن طبقا عن طبق}؛ قال: حالا عن حال ومنزلة عن منزلة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن عروة بن الحارث، عن رجل، عن عبد الله بن مسعود، في قوله تعالى: {لتركبن طبقا عن طبق}؛ قال: هي السماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت مرة ابن شراحيل عن قول الله: {لتركبن طبقا عن طبق}؛ قال: حالا بعد حال). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: {لتركبن طبقا عن طبق}؛ قال: حالا بعد حال). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 359]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ}
- حدّثني سعيد بن النّضر، أخبرنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ جعفر بن إياسٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ} «حالًا بعد حالٍ» ، قال: «هذا نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم»). [صحيح البخاري: 6/ 168]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: بَابٌ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}؛ سَقَطَتْ هذه التَّرجَمَةُ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ.
قولُهُ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}: حَالاً بعدَ حَالٍ، قَالَ: هَذَا نبيُّكُم -صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ- أي: الخطابُ له وهُو على قِراءةِ فَتحِ المُوحَّدَةِ وبها قَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ والأَعْمَشُ والأَخَوَانِ.
وقد أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ الحديثَ المذكورَ عن يَعقوبَ بنِ إبرَاهِيمَ عنَ هُشَيمٍ بلفظِ: إنَّ ابنَ عَبَّاسٍ كانَ يَقْرَأُ لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ يَعْنِي نبيَّكُم حَالاً بعدَ حالٍ. وأخرجَهُ أَبُو عُبَيدٍ في كتابِ القِراءاتِ عن هُشَيمٍ وزَادَ: يَعْنِي بفَتْحِ البَاءِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: قَرَأَهَا ابنُ مَسعُودٍ وابنُ عَبَّاسٍ وعامَّةُ قُرَّاءِ أهْلِ مَكَّةَ والكُوفَةِ بالفَتحِ، والبَاقونَ بالضَّمِ على أنه خِطابٌ للأمَّةِ، ورجَّحَها أَبُو عُبَيْدَةَ لسِيَاقِ مَا قَبْلَها وما بَعدَها، ثم أَخْرَجَ عنِ الحَسَنِ وعِكرِمَةَ وسَعيدِ بنِ جُبَيرٍ وغيرِهِم قالوا: طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ يَعْنِي حَالاً بعدَ حَالٍ.
ومن طريقِ الحَسَنِ أيضًا وأبي العالِيةِ ومَسْروقٍ قَالَ: السَّماواتِ.
- وأخرج الطَّبَرِيُّ أيضًا والحاكِمُ مِن حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ إلى قولِهِ: يَقْرَأُ {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}؛ قَالَ: السَّمَاءَ. وفي لفظٍ للطَّبريِّ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ: المرادُ أن السَّمَاءَ تَصيرُ مَرَّةً كالدِّهانِ ومرَّةً تَشَّقَّقُ ثم تَحمَرُّ ثم تَنفَطِرُ. ورجَّحَ الطَّبَرِيُّ الأوَّلَ. وأصلُ الطَّبَقِ الشِّدَةُ، والمرادُ بها هنا مَا يَقَعُ منَ الشَّدائِدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، والطَّبَقُ مَا طابَقَ غيرَهُ يُقَالُ: مَا هَذَا بطَبَقِ كَذا أي: لا يُطابِقُهُ.
ومعنى قولِهِ: حَالاً بعدَ حَالٍ أي: حالٍ مُطابِقَةٍ للتي قَبلَها في الشِّدَّةِ، أو هُو جَمعُ طَبَقَةٍ وهي المرتبةُ؛ أي: هِيَ طَبَقَاتٌ بَعضُها أشدُّ من بعضٍ.
وقيلَ: المرادُ اختِلافُ أحوالِ المَولودِ منذ يكونُ جَنِينًا إلى أن يَصيرَ إلى أَقصَى العُمُرِ، فهو قَبْلَ أن يُولدَ جَنينٌ، ثم إذا وُلِدَ صَبِيٌّ، فإذا فُطِمَ غُلامٌ، فإذا بَلغَ سَبعًا يَافِعٌ، فإذا بَلغَ عَشْرًا حَزْوَرٌ، فإذا بَلَغَ خَمسَ عَشَرَةَ قُمُدٌّ، فإذا بَلغَ خَمسًا وعِشرينَ عَنَطْنَطٌ، فإذا بَلَغَ ثَلاثِينَ صُمُلٌّ، فإذا بلَغَ أَربَعِينَ كَهْلٌ، فإذا بَلغَ خَمسينَ شَيخٌ، فإذا بَلَغَ ثَمانِين هَرِمٌ، فإذا بَلَغَ تِسعينَ فَانٍ). [فتح الباري: 8/ 698]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بَابٌ: {لتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}؛
أَيْ: هَذَا بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} وَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ إِلاَّ لأَبِي ذَرٍّ. قَوْلُهُ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْبَاءِ وَهُوَ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] ومَعْنَاهُ: الآخِرَةَ بَعْدَ الأُولَى، وَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ فِيهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وقَرَأَ نَافَعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ وَهُوَ خِطَابٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، ومَعْنَاهُ: حَالاً بَعْدَ حَالٍ، وقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِالْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، وقَرَأَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ بِالْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَرَفْعِ الْبَاءِ.
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ أخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أخْبَرَنَا أبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ إِيَاسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}؛ حَالاً بَعْدَ حَالٍ قَالَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَسَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْبَغْدَادِيُّ مَرَّ فِي أَوَّلِ التَّيَمُّمِ، وَهُشَيْمٌ بِضَمِّ الهاءِ ابْنُ بَشِيرٍ، وَأَبُو بِشْرٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ.
قَوْلُهُ: (حَالاً بَعْدَ حَالٍ)، أَيْ: حَالٌ مُطَابِقَةٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَهَا فِي الشِّدَّةِ، وَقِيلَ: الطَّبَقُ جَمْعُ طَبَقَةٍ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ أَيْ: هِيَ طَبَقَاتٌ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الآيةِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: حَالاً بعدَ حَالٍ وَأَمْرًا بَعْدَ أَمْرٍ، وَهُوَ مَوَاقِفُ القيامةِ وَعنِ الْكَلْبِيِّ: مَرَّةً يَعْرِفُونَ وَمَرَّةً يَجْهَلُونَ، وعَنْ مُقَاتِلٍ يَعْنِي الْمَوْتَ ثُمَّ الْحَيَاةَ ثُمَّ الموتَ ثُمَّ الحياةَ، وَعَنْ عَطَاءٍ: مَرَّةً فَقْرٌ أَوْ مَرَّةً غِنَاءٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الشَّدَائِدُ وَالأَهْوَالُ الْمَوْتُ، ثُمَّ البعثُ، ثُمَّ الْعَرْضُ، والعربُ تَقُولُ لِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْرٍ شَدِيدٍ: وَقَعَ فِي بَنَاتِ طَبَقٍ وَفِي إِحْدَى بَناتِ طَبَقٍ، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: سَنَنُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَأَحْوَالُهُمْ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ: حَالاً بَعْدَ حَالٍ: رَضِيعٌ ثُمَّ فَطِيمٌ ثُمَّ غُلاَمٌ ثُمَّ شَابٌّ ثُمَّ شَيْخٌ.
وَقَالَتِ الْحُكَمَاءُ: يَشْمَلُ الإِنْسَانُ كَوْنُهُ نُطْفَةً إِلَى أَنْ يَمُوتَ عَلَى سَبْعَةٍ وَثَلاَثِينَ حَالاً وَسَبْعَةٍ وَثَلاَثِينَ اسْمًا: نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عِظَامًا، ثُمَّ خَلْقًا آخَرَ، ثُمَّ جَنِينًا، ثُمَّ وَلِيدًا، ثُمَّ رَضِيعًا، ثُمَّ فَطِيمًا، ثُمَّ يَافِعًا، ثُمَّ نَاسِيًا، ثُمَّ مُتَرَعْرِعًا، ثُمَّ حَزَوَّرًا، ثُمَّ مُرَاهِقًا، ثُمَّ مُحْتَلِمًا، ثُمَّ بَالِغًا، ثُمَّ أَمْرَدَ، ثُمَّ طَارًّا، ثُمَّ بَاقِلاً، ثُمَّ مُسْتَطِرًا، ثُمَّ مُطْرَخِمًّا، ثُمَّ مِخْلَطًا، ثُمَّ صُمُلاَّ، ثُمَّ مُلْتَحِيًا، ثُمَّ مُسْتَوِيًا، ثُمَّ مُصْعِدًا، ثُمَّ مُجْتَمِعًا، وَالشَّابُّ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ، ثُمَّ مَلْهُوزًا، ثُمَّ كَهْلاً ثُمَّ أَشْمَطَ، ثُمَّ شْيَخًا ثُمَّ شبب([1])، ثُمَّ حَوْقَلاً، ثُمَّ صِفْتَاتًا، ثُمَّ هَمًّا([2])، ثُمَّ هَرِمًا، ثُمَّ مَيْتًا. فهذا مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} وَالطَّبَقُ فِي اللُّغَةِ: الْحَالُ، قَالَهُ الثَّعْلَبِيُّ.
قُلْتُ: ثُمَّ يَافِعًا بِاليَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ مِنْ أَيْفَعَ الْغُلامُ أَيِ: ارْتَفَعَ فَهُوَ يَافِعٌ، وَالْقِيَاسُ: مُوفِعٌ وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، كَذَا قَالَهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ، وَقِيلَ: جَاءَ يَفَعَ الْغُلاَمُ فَعَلَى هَذَا يَافِعٌ عَلَى الأَصْلِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ خَلْقِ الإِنْسَانِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْيَافِعُ وَالْحَزَوَّرُ وَالْمُتَرَعْرِعُ وَاحِدٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَزَوَّرُ الْغُلامُ إِذَا اشْتَدَّ وَقَوِيَ وَحَزُمَ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ الْحَزْوَرَةِ وَهِيَ كُلُّ صَغِيرٍ، وَالْمُتَرَعْرِعُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ أَيْ تَحَرَّكَ وَنَشَأَ، وَالطَّارُّ بتشديدِ الراءِ مِنْ طَرَّ شَارِبُ الْغُلاَمِ إِذَا نَبَتَ وَالْمُطْرَخِمُّ بتشديدِ الميمِ الَّتِي فِي آخِرِهِ مِنِ اطْرَخَمَّ أَيْ شَمَخَ بِأَنْفِهِ وَتَعَظَّمَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: شَابٌّ مُطْرَخِمٌّ أَيْ حَسَنٌ تَامٌّ وَالْمِخْلَطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ: الرَّجُلُ الَّذِي يُخَالِطُ الأُمُورَ وَالصُّمُلُّ بِضَمِّ الصادِ والميمِ وتشديدِ اللاَّمِ أَيْ: شَدِيدُ الْخَلْقِ، وَالْمَلْهُوزُ بالزَّايِ فِي آخِرِهِ مِنْ لَهَزْتُ الْقَوْمَ أَيْ خَالَطْتُهُمْ، وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَالْحَوْقَلُ مِنْ حَوْقَلَ الشَّيْخُ حَوْقَلَةً وَحِقْيَالاً إِذَا كَبِرَ وَفَتَرَ عَنِ الْجِمَاعِ، وَالصِّفْتَاتُ بكسرِ الصادِ المهملةِ وسكونِ الفاءِ وَبِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ الرَّجُلُ الْقَوِيُّ، وَكَذَلِكَ الصِّفْتِيتُ، وَفِي الأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ أَسَامِي لَمْ تُذْكَرْ، وَهِيَ: شَرْخٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَ أَنْ يُقَالَ: غُلامٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُسَمَّى جَفْرًا بِالْجِيمِ، وَالْجَحُوشُ بِالْجِيمِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا الْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ الْمَضْمُومَةُ، وَفِي آخِرِهِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ بَعْدَ أَنْ يُقَالَ: فَطِيمٌ وَنَاشِئٌ يُقَالُ بَعْدَ كَوْنِهِ شَابًّا وَمُحَمَّمٌ إِذَا اسْوَدَّ شَعْرُ وَجْهِهِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَصَتْمٌ إِذَا بَلَغَ أَقْصَى الْكُهُولَةِ، وَعَانِسٌ إِذَا قَعَدَ بَعْدَ بُلُوغِ النِّكَاحِ أَعْوَامًا لاَ يَنْكِحُ، وَشَمِيطٌ وَأَشْمَطُ يُقَالُ لَهُ بَعْدَمَا شَابَ، وَمُسِنٌّ وَنَهْشَلٌ يُقَالُ إِذَا ارْتَفَعَ عَنِ الشَّيْخُوخَةِ، وإِذَا ارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ يُقَالُ: فَخْمٌ، وإِذَا تَضَعْضَعَ لَحْمُهُ يُقَالُ: مُتَلَحِّمٌ، وإِذَا قَارَبَ الْخَطْوَ وَضَعُفَ يُقَالُ لَهُ: دَالِفٌ، وإِذَا ضَمُرَ وَانْحَنَى يُقَالُ لَهُ: عَشَمَةٌ وَعَشَبَةٌ، وَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى ذَلِكَ يُقَالُ: لَهُ هَرِمٌ وَهَمٌّ، وإِذَا أَكْثَرَ الْكَلاَمَ وَاخْتَلَطَ يُقَالُ لَهُ: مُهْتَرٌ، وإِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ يُقَالُ لَهُ خَرِفٌ.
وقال بَعْضهم: مَا دَامَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ جَنِينٌ، فإِذَا وَلَدَتْهُ يُسَمَّى: صَبِيًّا مَا دَامَ رَضِيعًا، فإِذَا فُطِمَ يُسَمَّى غُلاَمًا إِلَى سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ يَصِيرُ يَافِعًا إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ، ثُمَّ يَصِيرُ حَزَوَّرًا إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ قُمُدًّا إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ عَنْطَنَطًا إِلَى ثَلاَثِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ صُمُلاًّ إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ كَهْلاً إِلَى خَمْسِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ شَيْخًا إِلَى ثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَصِيرُ هَمًّا بَعْدَ ذَلِكَ فَانِيًا كَبِيرًا.
قَوْلُهُ: هَذَا نَبِيُّكُمْ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أَيِ الْخِطَابُ فِي لَتَرْكَبَنَّ لِلنَّبِيِّ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَهُوَ عَلَى قِرَاءَةِ فَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فَافْهَمْ). [عمدة القاري: 19/ 285-286]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( بَابٌ بالتَّنْوِينِ أي في قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَرْكَبُنُّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}؛ أَصْلُهُ لَتَرْكَبُونَنَّ، فَحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِتَوالِي الأمثالِ، والواوُ لالتقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَفَتَحَ الْبَاءَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ والْكِسَائِيُّ خِطَابًا لِلْوَاحِدِ وَالْبَاقُونَ بِضَمِّهَا خِطَابًا لِلْجَمْعِ، وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٌ وَمَا بعده لغيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وبه قَالَ: حَدَّثَنَا بالْجَمْعِ، ولأَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ -بسكونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ- الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ -بِضَمِّ الْهَاءِ مُصَغَّرًا- ابْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ -بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ- جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ -بِكْسَرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ- ابْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ الْمُفَسِّرِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتَرْكَبُنَّ} بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وفي الْيُونِينِيَّةِ بِفَتْحِهَا {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} أي: حَالاً بَعْدَ حَالٍ قَالَ هذا نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني يَكُونُ لك الظَّفَرُ وَالْغَلَبَةُ على الْمُشْرِكِينَ حتى يَخْتِمَ لك بِجَمِيلِ الْعَاقِبَةِ، فلا يَحْزُنْكُ تَكْذِيبُهُمْ وتَمَادِيهِمْ في كُفْرِهِمْ، وقِيلَ: سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ كما وَقَعَ في الإِسْرَاءِ، والْمَعْنَى على الْجَمْعِ: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ حالاً بَعْدَ حَالٍ وَأَمْرًا بَعْدَ أَمْرٍ، وذلك في مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، أوِ الشَّدَائِدُ والأَهْوَالُ الْمَوْتُ ثم الْبَعْثُ ثُمَّ الْعَرْضُ، أو حَالُ الإِنْسَانِ حَالاً بَعْدَ حَالٍ رَضِيعٌ ثُمَّ فَطِيمٌ ثم غُلاَمٌ ثم شَابٌّ ثم كَهْلٌ ثُمَّ شَيْخٌ). [إرشاد الساري: 7/ 415]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ} حالاً عبر حال، ومنازلاً عبر منازل. وفي قول اللّه عزّ وجلّ: {ولقد فتنا الذين من قبلهم} قال: بلونا الّذين من قبلهم).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 100]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ اختلفت القَرَأَةُ فِي قراءتِه، فقرأَهُ عمرُ بنُ الْخَطَّابِ وابنُ مسعودٍ وأصحابُه وابنُ عبَّاسٍ وعامَّةُ قَرَأَةِ مَكَّةَ والكوفةِ: (لَتَرْكَبَنَّ) بفتحِ التاءِ والباءِ. واختلفَ قارئُو ذَلِكَ كذلك فِي معناهُ، فقالَ بَعْضُهُم: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ أنتَ حالاً بَعْدَ حالٍ، وأمراً بَعْدَ أَمْرٍ مِن الشدائدِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قالَ: أخبرنا أبو بِشْرٍ، عن مجاهدٍ أَنَّ ابْنَ عبَّاسٍ كانَ يقرأُ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عنْ طبقٍ}؛ يعني نبيَّكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، قالَ: ثنا إسرائيلُ، عن أَبِي إسحاقَ، عن رَجُلٍ حدَّثه، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: منزلاً بَعْدَ مَنْزِلٍ.
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ يقولُ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أَبِي، قالَ: ثني عَمِّي، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق}؛ يعني: منزلاً بَعْدَ مَنْزلٍ، ويُقالُ: أمراً بَعْدَ أَمْرٍ، وحالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ جعفرٍ، قالَ: ثنا شعبةُ، عن أَبِي بِشْرٍ، قالَ: سَمِعْتُ مجاهداً، عن ابْنِ عبَّاسٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- حدَّثنا هنَّادٌ، قالَ: ثنا أبو الأحوصِ، عن سِماكٍ، عن عكرمةَ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا هوذةُ، قالَ: ثنا عوفٌ، عن الحسنِ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا ابْنُ عليَّةَ، عن أَبِي رجاءٍ، قالَ: سَأَلَ حفصٌ الحسنَ عن قولِه: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: منزلاً عن مَنْزلٍ، وحالاً عن حالٍ.
- حدَّثنا ابْنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَ: ثنا شَرِيكٌ، عن موسَى بنِ أَبِي عائشةَ، قالَ: سألتُ مُرَّةَ عن قولِه: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} ، قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
قال ثنا وكيعٌ، عن نضرٍ، عن عكرمةَ، قالَ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: لَتَرْكَبَنَّ الأُمُورَ حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَهُ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ يقولُ: حالاً بَعْدَ حالٍ، ومنزلاً عن مَنْزِلٍ.
- حدِّثْتُ عن الحسينِ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا مُعَاذٍ يقولُ: أخبرنا عبيدٌ، قالَ: سَمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ منزلاً بَعْدَ مَنْزِلٍ، وحالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا حكَّامٌ، قالَ: ثنا عمرٌو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: أمراً بَعْدَ أَمْرٍ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: أمراً بَعْدَ أَمْرٍ.
وقال آخرونَ مِمَّنْ قرأَ هذه المقالةَ، وقرأَ هذه القراءةَ: عُنِي بِذَلِك: لَتَرْكَبَنَّ أنتَ يَا مُحَمَّدُ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يَزِيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قالَ: قالَ الحسنُ وأبو العاليةِ: {لَتَرْكَبَنَّ}: يعني محمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ): السماواتِ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن جابرٍ، عن أَبِي الضُّحَى، عن مسروقٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}، قالَ: أنتَ يَا مُحَمَّدُ سَمَاءً عن سَمَاءٍ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن إِسْمَاعِيلَ، عن الشعبيِّ، قالَ: سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ.
حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن علقمةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: سَمَاءً فَوْقَ سَمَاءٍ.
وقال آخرونَ: بلْ معنَى ذَلِكَ: لَتَرْكَبَنَّ الآخِرَةَ بَعْدَ الأُولَى.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني يُونُس، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: الآخِرَةَ بَعْدَ الأُولَى.
وقال آخرونَ مِمَّنْ قرأَ هذه القراءةَ: إنَّما عُنيَ بِذَلِك أَنَّهَا تتغيَّرُ ضُروباً مِن التغييرِ، وتَشَقَّقُ بالغَمَامِ مَرَّةً، وتَحْمَرُّ أُخْرَى، فتصيرُ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ، وَتَكُونُ أُخْرَى كَالْمُهْلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن قيسِ بنِ وَهْبٍ، عن مُرَّةَ، عن ابْنِ مسعودٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: السَّمَاءُ مَرَّةً كَالدِّهَانِ، ومرَّةً تشقَّقُ.
- حدَّثنا ابْنُ المثنَّى، قالَ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ جعفرٍ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا الزَّرْقاءِ الهَمْدانيَّ، وليسَ بأبي الزرقاءِ الذي يُحَدِّثُ فِي المسحِ عَلَى الجوربينِ،، قالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الهَمْدانيَّ، قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يقولُ فِي هذه الآيَة: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: الْسَّمَاءُ.
- حدَّثني عَلِيُّ بنُ سعيدٍ الكِنْديُّ، قالَ: ثنا عَلِيُّ بنُ غرابٍ، عن الأعمشِ، عن إِبْراهِيمَ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: هِي الْسَّمَاءُ تَغَيَّرُ وتَحْمَرُّ وتَشَقَّقُ.
- حدَّثنا أبو السائبِ، قالَ: ثني أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إِبْراهِيمَ، عن عَبْدِ اللَّهِ فِي قولِهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: هِي الْسَّمَاءُ تشقَّقُ، ثُمَّ تحمرُّ، ثُمَّ تنفطرُ؛، قالَ: وقال ابْنُ عبَّاسٍ: حالاً بَعْدَ حالٍ.
- حدَّثني يَحْيَى بنُ إِبْراهِيمَ المسعوديُّ، قالَ: ثني أَبِي، عن أبيهِ، عن جدِّه، عن الأعمشِ، عن إِبْراهِيمَ، قالَ: قرأَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا الحرفَ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: الْسَّمَاءَ حالاً بَعْدَ حالٍ، ومنزلةً بَعْدَ منزلةٍ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن إِبْراهِيمَ، عن عَبْدِ اللَّهِ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: هِي الْسَّمَاءُ.
- حدَّثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن أَبِي فروةَ، عن مُرَّةَ، عن ابْنِ مسعودٍ أنه قرأَها: {لَتَرْكَبَنَّ} نَصْباً، وقالَ: هِي الْسَّمَاءُ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن إِبْراهِيمَ، عن عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: هِي الْسَّمَاءُ تغيَّرُ لوناً بَعْدَ لونٍ.
وقرأَ ذَلِكَ عامَّةُ قَرَأَةِ الْمَدِينَةِ وبعضُ الكوفيِّينَ: {لَتَرْكَبُنَّ} بالتاءِ، وبضمِّ الباءِ، عَلَى وجهِ الْخِطَابِ للنَّاسِ كافَّةً، أنَّهم يركبونَ أحوالَ الشدَّةِ حالاً بَعْدَ حالٍ. وَقَد ذكَرَ بَعْضُهُم أنَّه قُرِئَ ذَلِكَ بالياءِ، وبضمِّ الباءِ، عَلَى وجهِ الخبرِ عن النَّاسِ كافةً أنهم يفعلونَ ذَلِكَ.
وأوْلَى القراءاتِ فِي ذَلِكَ عِندِي بالصوابِ قراءةُ مَن قَرَأَهُ بالتاءِ وبفتحِ الباءِ؛ لأَنْ تَأْوِيلَ أهلِ التأويلِ مِن جميعِهم بِذَلِك وردَ وَإِنْ كانَ للقراءاتِ الأُخَرِ وُجُوهٌ مفهومةٌ. وَإِذ كانَ الصوابُ مِن القراءةِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا، فالصوابُ مِن التأويلِ قَوْلُ مَن قالَ: لَتَرْكَبَنَّ أنتَ يَا مُحَمَّدُ حالاً بَعْدَ حالٍ، وأمراً بَعْدَ أَمْرٍ مِن الشدائدِ. والمرادُ بِذَلِك -وَإِنْ كانَ الْخِطَابُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موجَّهاً- جميعُ النَّاسِ، أنَّهم يَلْقَوْنَ مِن شدائدِ يَومِ القيامةِ وأهوالِه أحوالاً.
وإنَّما قلْنا: عُنِيَ بِذَلِك مَا ذَكَرْنَا، أَنَّ الكلامَ قَبْلَ قولِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ جرَى بخطابِ الجميعِ، وكذلك بَعْدَه، فَكَانَ أشبَهَ أَنْ يكونَ ذَلِكَ نظيرَ مَا قَبْلَه وما بَعْدَه.
وقولُهُ: {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ مِن قَوْلِ العربِ: وَقَعَ فلانٌ فِي بَنَاتِ طَبَقٍ. إِذا وَقَعَ فِي أَمْرٍ شَدِيدٍ). [جامع البيان: 24/ 250-256]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شيبان، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس {لتركبن طبقا عن طبق}؛ قال: يقول: لتركبن من الأمور يا محمد حالا بعد حال). [تفسير مجاهد: 2/ 743]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: نا شريك، عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود، قال: هي السماء تكون ألوانا كالمهل وتكون وردة كالدهان وتكون واهية وتشقق وتكون حالا بعد حال.
- نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شريك، عن موسى بن أبي عائشة، عن مرة، عن ابن مسعود: مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 743-744]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا إسرائيل وشيبان، عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق: أنه قرأها {لتركبن} قال: يقول يا محمد لتركبن سماء بعد سماء). [تفسير مجاهد: 2/ 744]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّدٍ القرشيّ بالكوفة، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا الحسن بن عطيّة، عن حمزة بن حبيبٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ: {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ} قال: «السّماء» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 563]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن غالبٍ، ثنا عمرو بن عونٍ، ثنا هشيمٌ، أنبأ أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ}؛ قال: يعني نبيّكم -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: «حالًا بعد حالٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 564]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) - ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ }، قال: «حالًا بعد حالٍ»، قال هذا نبيّكم -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2 / 426]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قولُه تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}
عن عبدِ اللهِ - يعني: ابنَ مَسْعُودٍ - أنه قالَ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: حَدَّثَنَا محمدٌ: سَمَاءً بعدَ سماءٍ.
روَاه الطبرانيُّ، وفيه الحُسَيْنُ بنُ عبدِ الأَوَّلِ، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن عبدِ اللهِ أيضاً: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}: يا محمدُ, حالاً بعدَ حالٍ.
رَوَاه البَزَّارُ، وفيه جَابِرُ الجُعْفِيُّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن ابنِ عبَّاسٍ في قوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: محمدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
روَاه الطبرانيُّ ورِجالُه ثِقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سليمانَ الهيثميُّ (ت: 807هـ) : (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} يَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي حَالاً بَعْدَ حَالٍ.
قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ). [كشف الأستار: 3/ 79]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أحمد بن منيعٍ: ثنا هشيمٍ، ثنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- "أنّه قال: {لتركبن طبقاً عن طبق}؛ قال- يعني نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم: يقول:«حالًا بعد حالٍ».
هذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ، أبو بشرٍ هو جعفر بن أبي وحشيّة.
قلت: رواه جابرٌ الجعفيّ، عن مجاهدٍ به، ورواه البزّار في مسنده من طريق جابرٍ الجعفيّ، عن الشّعبيّ، عن عبد اللّه ... فذكره). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 300]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: حدثنا هشيمٌ، ثنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {لتركبنّ طبقًا عن طبقٍ}؛ قال: يعني نبيّكم -صلّى اللّه عليه وسلّم-، يقول: حالًا بعد حالٍ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/ 433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن عُمرَ بنِ الخطابِ في قَوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: حَالاً بعدَ حالٍ). [الدر المنثور: 15/ 322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}. قال: أمراً بعدَ أمرٍ). [الدر المنثور: 15/ 322]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البخاريُّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِه:{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}: حَالاً بعدَ حالٍ.
قال: هذا نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم). [الدر المنثور: 15/ 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو عُبيدٍ في القراءاتِ وسعيدُ بنُ منصورٍ وابنُ مَنيعٍ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه كانَ يقرَأُ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛
يعني بفتحِ الباءِ. قال: يَعْنِي نبيَّكُم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم؛ حالاً بعدَ حالٍ). [الدر المنثور: 15/ 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أبو عُبيدٍ في القراءاتِ وسعيدُ بنُ مَنْصورٍ وابنُ مَنِيعٍ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ مَرْدُويَهْ، عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه كانَ يقرَأُ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛
يعنِي بفَتْحِ الباءِ. قال: يعني نبيَّكُم؛ حالاً بعدَ حالٍ). [الدر المنثور: 15/ 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حاتِمٍ والطبَرانِيُّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: يَا مُحَمَّدُ، السَّماءَ طَبَقاً بعدَ طَبَقٍ). [الدر المنثور: 15/ 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ والحاكِمُ في (الكُنَى) والطبرانيُّ، وابنُ مَنْدَهٍ في غَرَائبِ شُعْبَةَ وابنُ مَرْدُويَهْ عن ابنِ مَسْعودٍ أنَّه قرَأ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ بالنصب: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ). [الدر المنثور: 15/ 323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَزَّارُ، عن ابنِ مَسْعودٍ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}: يَا مُحَمَّدُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ). [الدر المنثور: 15/ 323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حاتِمٍ، عن الشَّعْبِيِّ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قالَ: لَتَرْكَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ سماءً بعدَ سماءٍ). [الدر المنثور: 15/ 324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزَّاقِ والفِرْيَابِيُّ وسعيدُ بنُ مَنْصورٍ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حاتِمٍ والحاكِمُ وابنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقيُّ في البَعْثِ، عن ابنِ مَسْعودٍ في قَوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: يَعْنِي السَّمَاءَ تَنْفَطِرُ ثمَّ تَنْشَقُّ ثمَّ تَحْمَرُّ). [الدر المنثور: 15/ 324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقيُّ، عن ابنِ مَسْعودٍ في الآيةِ قال: السَّمَاءُ تَكُونُ أَلْواناً كالمُهْلِ، وتكونُ وَرْدَةً كالدِّهَانِ، وتكونُ وَاهِيَةً، وتَشَقَّقُ فتكونُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ). [الدر المنثور: 15/ 324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حاتِمٍ، عن مَكْحُولٍ في قَوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: في كُلِّ عِشْرِينَ عَاماً تُحْدِثُونَ أَمْراً لَمْ تَكُونوا عليه). [الدر المنثور: 15/ 324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: قَوْمٌ كانوا في الدنيا خَسِيسٌ أَمْرُهم، فارْتَفَعُوا في الآخرةِ، وقومٌ كانوا في الدنيا أشرافاً فاتَّضَعُوا في الآخرةِ). [الدر المنثور: 15/ 324-325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن قَتَادَةَ في الآيةِ قال: حَالاً بعدَ حَالٍ، بينَما صاحبُ الدنيا في رَخَاءٍ إِذْ صَارَ في بَلاءٍ، وبينَما هو في بلاءٍ إذْ صَارَ في رَخاءٍ). [الدر المنثور: 15/ 325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ وأبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ، عن مَكْحولٍ في قَوْلِه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}؛ قال: تكونونَ في كلِّ عِشْرينَ سَنَةً عَلَى حَالٍ لمْ تكونوا على مِثْلِها). [الدر المنثور: 15/ 325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي العالِيَةِ أنَّه قرَأ: {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً} بالنَّصْبِ). [الدر المنثور: 15/ 325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن أبي عَمْرِو بنِ العلاءِ، عن مُجَاهِدٍ أنَّه قَرَأ: (لَتَرْكَبَنَّ طَبَقاً) بالنَّصْبِ). [الدر المنثور: 15/ 325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن عاصمٍ أنَّه قرَأ: {لَتَرْكَبُنَّ} بالتَّاءِ ورَفْعِ البَاءِ عَلَى الجِمَاعِ). [الدر المنثور: 15/ 325]
تفسير قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فما لِهَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ لاَ يُصَدِّقُونَ بتوحيدِ اللَّهِ، وَلاَ يُقِرُّونُ بالبعثِ بَعْدَ الموتِ، وَقَد أَقْسَمَ لهم رَبُّهُمْ بِأَنَّهُم راكبونَ طَبَقاً عن طَبَقٍ، مَعَ مَا قد عاينُوا مِن حُجَجِهِ بحقيقةِ توحيدِهِ.
وقد حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}؛ قالَ: بهذا الْحَدِيثِ، وبهذا الأَمْرِ). [جامع البيان: 24/ 256-257]
تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِم كِتَابُ رَبِّهِمْ لاَ يخضعونَ وَلاَ يستكينونَ. وَقَد بيَّنَّا معنَى السجودِ قَبْلُ بشواهدِهِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عن إعادتِه). [جامع البيان: 24/ 257]
تفسير قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قولُه: {بَلِ الَّذِينَ كَفرُوا يُكَذِّبُونَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: بل الَّذِينَ كَفرُوا يُكَذِّبُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وتنزيلِه). [جامع البيان: 24/ 257]
تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله: {يوعون}؛ قال: يوعون في صدورهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 360]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {يوعون}: «يسرّون»). [صحيح البخاري: 6/ 167]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {يُوعُونَ}: يُسِرُّونَ)، ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَهُ، ووَصَلَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ عنه، وقَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأنَا مَعْمَرٌ عن قَتَادَةَ: يُوعُونَ قَالَ: في صُدُورِهِم). [فتح الباري: 8/ 697]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {يُوعُونَ}؛ يَشْتَرُونَ.
أَيْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} أَيْ: يَشْتَرُونَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ: يَكْتُمُونَ، وَعَنْ قَتَادَةَ: يَزْعُمُونَ فِي صُدُورِهِمْ، وَهَذَا ثَبَتَ لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ). [عمدة القاري: 19/ 284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تُوعيهِ صُدُورُ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ مِن التكذيبِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عَاصِمٍ، قالَ: ثنا عِيسى، وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابْنِ أَبِي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {يُوعُونَ}؛ قالَ: يَكْتُمونَ.
- حدَّثني يُونُسُ، قالَ: أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابْنُ زيدٍ فِي قولِهِ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ قالَ: الْمَرْءُ يوعِي متاعَه ومالَه هَذَا فِي هَذَا، وهذا فِي هَذَا، هكذا يَعْرِفُ اللَّهُ مَا يُوعُونَ مِن الأعمالِ، والأعمالُ السَّيِّئَةُ مِمِّا توعيهِ قُلُوبُهُم، ويجتمعُ فيها مِن هذه الأعمالِ الخيرُ والشرُّ، فالقلوبُ وِعَاءُ هذه الأعمالِ كُلِّهَا؛ الخيرِ والشرِّ، يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وما يُعْلِنونَ، وَلَقدْ وعَى لَكُم مَا لاَ يدري أَحَدٌ مَا هو مِن القُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فاتَّقوا اللَّهَ وَإِيَّاكُم أَنْ تُدخلوا عَلَى مكارمِ هذه الأعمالِ بَعْضَ هَذَا الخَبَثِ مَا يُفْسِدُها.
- حدَّثنا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قالَ: ثنا ابْنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ فِي قولِهِ: {يُوعُونَ}؛ قالَ: فِي صُدُورِهِمْ). [جامع البيان: 24/ 257-258]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {والله أعلم بما يوعون}؛ يقول: بما يكتمون). [تفسير مجاهد: 2/ 744]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتِمٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِه: {واللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ قال: يُسِرُّونَ). [الدر المنثور: 15/ 325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرزاَّقِ، عن قَتَادَةَ: {بِمَا يُوعُونَ}؛ قال: في صُدُورِهِمْ). [الدر المنثور: 15/ 326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مجاهدٍ في قَوْلِه: {واللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} قال: يَكْتُمونَ.
وفي قَوْلِه: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قال: غَيْرُ مَحْسُوبٍ). [الدر المنثور: 15/ 326]
تفسير قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}؛ يقولُ جلَّ ثناؤُه: فَبَشِّرْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلاءِ الْمُكَذِّبِينَ بآيَاتِ اللَّهِ، بعذابٍ أليمٍ لهم عِنْدَ اللَّهِ مُوجِعٍ). [جامع البيان: 24 / 258]
تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ يقولُ: إِلاَّ الَّذِينَ تابوا مِنْهُم وصدَّقوا، وأقرُّوا بتوحيدِه، ونبوَّةِ نبيِّهِ مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، وبالبعثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ يقولُ: وأدَّوْا فرائضَ اللَّهِ، وَاجْتَنَبُوا رُكوبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِم ركوبَه.
وقولُهُ: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لِهَؤُلاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، ثَوَابٌ غَيْرُ محسوبٍ وَلاَ مَنقُوصٍ.
وبنحوِ الذي قلْنا فِي ذَلِكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ
- حدَّثني عَلِيٌّ، قالَ: ثنا أبو صَالِحٍ، قالَ: ثني معاويةُ، عن عَلِيٍّ، عن ابْنِ عبَّاسٍ قولَه: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ يقولُ: غَيْرُ مَنقُوصٍ.
- حدَّثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عن مجاهدٍ قولَهُ: {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ يعني: غَيْرُ محسوبٍ). [جامع البيان: 24 / 258-259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مجاهدٍ في قَوْلِه: {واللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ قال: يَكْتُمونَ.
وفي قَوْلِه: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قال: غَيْرُ مَحْسُوبٍ). [الدر المنثور: 15 / 326] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن الحَسَنِ في قَوْلِه: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ قال: يُعْطَوْنَ أَجْرَهُمْ ولا يُمَنُّ علَيهِم.
وقالَ الطَّسْتِيُّ في مَسائلِه، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ نافِعَ بنَ الأَزْرقِ سَألَه عن قولِه: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
قال: غَيْرُ مَنْقُوصٍ.
قال: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذلك؟ قال: نَعَمْ, أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ زُهَيْرٍ:
فَضْلَ الجَوَادِ عَلَى الخَيْلِ البِطَاءِ فَلا ....... يُعْطِي بذَلِكَ مَمْنُوناً ولا نَزِقَا).
[الدر المنثور: 15/ 326]
[1] كذا بالأصل ولعلها أشيب.
[2] كذا بالأصل.