التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الآزفة...}, وهي: القيامة.
وقوله: {كاظمين...}: نصبت على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، والمعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. وإن شئت جعلت قطعه من الهاء في قوله: {وأنذرهم} ، والأول أجود في العربية.
ولو كانت "كاظمون" مرفوعة على قولك: إذ القلوب لدى الحناجر : إذ هم كاظمون، أو على الاستئناف كان صوابا.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع...}: تقبل شفاعته). [معاني القرآن: 3/6-7]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع}
وقال: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}, فانتصاب {كاظمين} على الحال ؛ كأنه أراد "القلوب لدى الحناجر في هذه الحال".). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الآزفة} : القيامة. سميت بذلك: لقربها, يقال: أزفت , فهي آزفة، وأزف: شخوص فلان، أي قرب.). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18)}
معنى أنذرهم خوّفهم، والآزفة يوم القيامة، كذا جاء في التفسير.
وإنما قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها.
يقال قد أزف الأمر إذا قرب.
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
نصب{كاظمين}على الحال، والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها كاظمة، وإنّما الكاظمون أصحاب القلوب والمعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم.
وجاء في التفسير : أن القلب من الفزع يرتفع , فيلتصق بالحنجرة , فلا يرجع إلى مكانه , ولا يخرج ؛ فيستراح من كرب غمّه.
{ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع}ْ : {يطاع} من صفة شفيع، أي ولا من شفيع مطاع.). [معاني القرآن: 4/369-370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال مجاهد , وقتادة: أي: القيامة.
قال الكسائي : يقال أزف الشيء يأزف , أي: دنا , واقترب .
قال أبو جعفر : قيل للقيامة الآزفة لقربها , وإن بعدت عن الناس , ومنه يقال: أزف رحيل فلان .
ثم قال جل وعز: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال قتادة: شخصت من صدورهم , فنشبت في حلوقهم فلم تخرج , ولم ترجع .
وقال غيره: تزحزحت قلوبهم من الفزع , فلم تخرج فيستريحوا , ولم ترجع .
ثم قال تعالى: {كاظمين} :أي: مغتاظين , ولا شيء يزيل غيظهم , يقال : كظم البعير بجرته إذا رددها في حلقه , وكظم غيظه إذا حبسه .
ثم قال جل وعز: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} :أي :ليس لهم شفيع مطاع.
قال الحسن: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين , فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه , فإذا رأى الكفار ذلك , قالوا: فما لنا من شافعين , ولا صديق حميم). [معاني القرآن: 6/211-212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْآزِفَةِ}: القيامة سميت بذلك لقربها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]
تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {يعلم خائنة الأعين} : يعني: الله عز وجل، يقال: إنّ للرجل نظرتين: فالأولى مباحة له، والثانية محرمة عليه، فقوله: {يعلم خائنة} : الأعين في النظرة الثانية، وما تخفى الصدور في النظرة الأولى, فإن كانت النظرة الأولى تعمّداً , كان فيها الإثم أيضاً، وإن لم يكن تعمّدها فهي مغفورة). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يعلم خائنة الأعين}, قال قتادة: هي همزه بعينه , وإغماضه فيما لا يحب اللّه.
والخيانة والخائنة واحد, قال اللّه تعالى: {ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم} ). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19)}
إذا نظر الناظر نظرة خيانة علمها اللّه، فإذا نظر أول نظرة غير متعمد خيانة فذلك غير إثم، فإن عاد ونيته الخيانة في النّظر علم الله ذلك، والله عزّ وجلّ عالم الغيب والشهادة، ولكنه ذكر العلم ههنا ؛ ليعلم أن المجازاة لا محالة واقعة). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور}
قال ابن عباس : (هو الرجل ينظر إلى المرأة , فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره , فإذا رأى منهم غفلة تدسس , فإذا نظروا إليه غض بصره , وقد علم الله جل وعز منه أن بوده أن لو نظر إلى عورتها) .
وقال جرير بن عبد الله : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة , فأمرني أن أغض بصري).). [معاني القرآن: 6/212-213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}: أي: خيانة , وهو همزه , وإغماضه بعينه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآثارا في الأرض}
قال مجاهد: هو مشيهم , وتأثيرهم في الأرض.). [معاني القرآن: 6/213]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }