أنواع المؤلّفات في شرح معاني الحروف
سلك العلماء طرقاً متنوعة في التأليف في شرح معاني الحروف، وسأوجز الحديث عن أشهر تلك الأنواع:
النوع الأول: إدراجها في كتب الوجوه والنظائر، وهو أوّل ما ظهر من الكتابة في معاني الحروف، وسبب ذلك أنّ الحروف ترد على وجوه متعددة من المعاني، غير أنّ هذا النوع من التأليف لا يختص بالحروف ولا يتقصّاها؛ ومن أشهر الكتب المؤلفة في هذا النوع:
1. كتاب "الوجوه والنظائر" لمقاتل بن سليمان البلخي(ت:150هـ)، وقد ذكر فيه معاني بعض الحروف مثل: "إلى"، و"إلا" و"إن"، و"أو" و"أم" و"حتى"، و"لولا"، و"لما" وغيرها.
2. "الوجوه والنظائر" لهارون بن موسى النحوي(ت:170هـ) ، وقد ذكر فيه معاني بعض الحروف ومنها: "إن" و"أنى" و"أم" و"أو" و"من" و"في" "ولما" وغيرها، وفيه اعتماد كبير على كتاب مقاتل، وزيادة عليه.
3. التصاريف ليحيى بن سلام البصري(ت:200هـ)، وقد ذكر فيه معاني بعض الحروف مثل معاني "من" و"في" و"إن" و"أن" وغيرها.
4. كتاب "وجوه القرآن" لإسماعيل بن أحمد الحيري الضرير(ت:431هـ).
5. "إصلاح الوجوه والنظائر" للقاضي أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني(ت:478هـ)
6. "نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر" لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي(ت:597هـ).
7. "كشف السرائر في معنى الوجوه والأشباه والنظائر"، لشمس الدين محمد بن محمد البلبيسي المعروف بابن العماد المصري(ت:887هـ).
النوع الثاني: إدراج شرحها في معاجم اللغة
وسبب ذلك أنّ الحروف من المفردات التي يكثر دورانها في الاستعمال؛ فكان من عناية أصحاب المعاجم اللغوية شرحها فيما يشرحون من المفردات على تفاوت ظاهر بينهم في ذلك، ومن أشهر المعاجم اللغوية:
1. كتاب "العين"، للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت:170هـ) وقد شرح معاني بعض الحروف كما في شرحه لـ"أو" و"أم" و"أي" وغيرها.
وهذا الكتاب أصله للخليل بن أحمد، وأتمّه تلميذه الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، وقد تتبعَّه ونقده الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه الجليل "تهذيب اللغة"؛ فلذلك أوصي من يرجع إلى شرح مفردة في كتاب "العين" أن يطالع شرح تلك المفردة في "تهذيب اللغة".
2. جمهرة اللغة"، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي(ت:321هـ).
3. "تهذيب اللغة" لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري(ت:370هـ).
4. "المحيط في اللغة"، لأبي القاسم إسماعيل بن عباد الطالقاني المعروف بالصاحب بن عباد (ت:385هـ).
5. "تاج اللغة وصحاح العربية"، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت: 393هـ )
6. "مجمل اللغة"، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي(ت: 395هـ) ، وله أيضاً "مقاييس اللغة" ، لكن تناوله لمعاني الحروف في "مجمل اللغة" أكثر.
7. "المخصص"، لأبي الحسن علي بن إسماعيل المرسي المعروف بابن سيده الأندلسي(ت:458هـ)، وله أيضاً "المحكم والمحيط الأعظم"
8. "لسان العرب"، لأبي الفضل محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري الأفريقي(ت:711هـ)
9. "القاموس المحيط"، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت:817هـ)
10. "تاج العروس من جواهر القاموس"، لأبي الفيض مرتضى الزبيدي(ت:1205هـ).
فهذه أشهر المعاجم اللغوية، وفيها تناول لمعاني بعض الحروف بالشرح والتمثيل، واستخراج كلام أصحاب المعاجم في معاني الحروف، وترتيبه على حروف المعجم عمل نافع لو تصدّى له أحد.
النوع الثالث: التأليف المفرد في معاني الحروف
وقد صنّف في معاني الحروف جماعة من أهل العلم، ومن أشهر كتبهم وأهمّها:
1: الحروف، لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني (ت 255 هـ).
2: المحلّى، لأبي بكر أحمد بن الحسن بن شقير النحوي البغدادي(ت:317هـ)، وقد بدأه بتفسير وجوه النصب والرفع والخفض والجزم، ثمّ أخذ في شرح أنواع الحروف ومعانيها.
3: حروف المعاني والصفات، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت 340 هـ).
4: الحروف، لأبي الحسن علي بن الفضل المزني النحوي (ت: ق4)، وكان معاصراً لابن جرير الطبري.
5: منازل الحروف، لأبي الحسن علي بن عيسى الرُّمَّاني(ت:388ه).
6: الأُزهية في علم الحروف، لأبي الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ).
7: رصف المباني في حروف المعاني، لأبي جعفر أحمد بن عبد النور المالقي(ت:702ه)
8: التحفة الوفية بمعاني حروف العربية، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي(ت:742هـ) تلميذ أبي حيان الأندلسي.
9: الجنى الداني في حروف المعاني، لأبي محمد الحسن بن قاسم المرادي المراكشي(ت:749ه) المشتهر بابن أمّ قاسم.
10: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لأبي محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري(ت:761ه).
11: جواهر الأدب في معرفة كلام العرب، لعلاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي(ت:ق8 هـ)، وفي اسم مؤلّفه خلاف، وقال الأستاذ محمّد عبد الخالق عضيمة: (الظاهر أن مؤلف الكتاب هو: العلاء بن أحمد بن محمد بن أحمد السيرامي المتوفي سنة 790).
12: مصابيح المغاني في حروف المعاني، لجمال الدين محمد بن علي المَوزعي المعروف بابن نور الدين (ت 825 هـ).
13: فتح الرؤوف في أحكام الحروف وما في معناها من الأسماء والظروف، لجمال الدين محمد بن عمر بن مبارك الحميري الحضرمي المعروف بِبَحْرَق(ت: 930هـ) ، وهي منظومة شرحها في كتاب لطيف.
14. كفاية المُعاني في حروف المعاني، وهي منظومة حسنة لأبي محمد عبد الله بن محمد البيتوشي الكردي (ت:1211ه)، وقد ذُكر عنه أنه كان يحفظ "القاموس المحيط" عن ظهر قلب، وقد اعتنى بمنظومته هذه عناية فائقة، وألّف في شرحها ثلاثة كتب:
أ: الحفاية بتوضيح الكفاية، وهو شرح كبير طُبع في نحو ثمانمائة صفحة.
ب: والكفاية لراغب الحفاية، وهي تعليقات مختصرة.
ج: وصرف العناية في كشف الكفاية، وهو شرح متوسط أودع فيه زبدة ما في الحفاية مع زوائد وفوائد.
15: غنية الطالب ومنية الراغب في الصرف والنحو وحروف المعاني، للأستاذ أحمد بن فارس الشدياق(ت:1305هـ).
وعامّة هذه الكتب مطبوعة.
هذا ، وقد ذُكر عن جماعة من العلماء المتقدمين أنّهم ألّفوا في الحروف كالخليل بن أحمد والكسائي والنضر بن شميل وأبي عمرو الشيباني وابن السكّيت والمبرّد وأبي علي الفارسي وغيرهم إلا أنّ ما ذكر عنهم على ثلاثة أصناف:
أ: صنف لا تصحّ نسبته إليهم، ومن ذلك:
- كتاب الحروف المنسوب إلى الخليل بن أحمد، وقد طبع بتحقيق د.رمضان عبد التواب، وقال: (ويبدو أن الكتاب مزيّف) وذكر أنّ الحافظ الذهبي قد اختصره، وأن الفيروزآبادي والسيوطي قد نقلا عنه.
- ورسالة في الحروف العربية، طبعت منسوبة إلى النضر بن شميل المازني(ت: 204هـ) بتحقيق: هبة الدين الحسيني، في مجلة العلم ببغداد، ونشرها المستشرق أوغست هفنر في المجموع الذي سمّاه "البلغة في شذور اللغة".
ب: وصنف وإن كان عنوانه في الحروف إلا أنّ موضوعه في غير بيان معاني الحروف؛ ومن ذلك:
- كتاب ابن السكيت في "الحروف التي يُتكلّم بها في غير موضعها" لم يُرِدْ فيه حروف المعاني، وإنما أطلق لفظ الحرف على ما نسمّيه الجُملة.
- وكتاب الحروف لأبي عمرو الشيباني(ت:213هـ) إنما هو كتاب "الجيم" له، وهو معجم لغوي.
- وكتاب الحروف المنسوب لأبي نصر الفارابي(ت:339هـ) كتاب فلسفي لم يجر فيه على طريقة أهل اللغة في شرح حروف المعاني.
- وكتاب الحروف لابن الطحّان (ت:560هـ) هو في صفاتها ومخارجها.
- وكتاب الحروف لأبي الفضائل الرازي(ت: ق7 هـ) وهو كتاب فيه فصول عن علم الحروف الهجائية وصفاتها وأنواعها ومخارجها، وليس فيه حديث عن حروف المعاني.
ج: وصنف لم يصل إلينا، ولا أعرف عنه سوى اسمه، ككتب الكسائي والمبرّد وأبي علي الفارسي.
النوع الرابع: إفراد بعض الحروف بالتأليف.
ومن الكتب المفردة في معاني بعض الحروف:
1: الهمز، لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري(ت:215هـ).
2: الألفات، لأبي محمد بن القاسم بن بشار ابن الأنباري: (ت: 328 هـ)
3: الألفات، لأبي عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني(ت:370هـ)
4: كتاب "اللامات"، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي(ت: 340هـ).
5:اللامات، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس(ت:338هـ).
6: واللامات، لأبي زكريا أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (ت:395هـ)، وله "مقالة كلا".
7: ولأبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري(ت:577هـ) كتب مفردة في بعض الحروف منها: كتاب "كلا وكلتا"، كتاب "لو وما" ، وكتاب "كيف" ، وكتاب "الألف واللام".
8. الفصول المفيدة في الواوات المزيدة، لأبي سعيد خليل بن كيلكلدى بن عبدالله العلائي(ت:761هـ).
وتتبع ما كتب في هذا النوع من الرسائل والكتب وجمعه نافع جداً لو تصدّى له أحد.
الدراسات المعاصرة لمعاني الحروف في القرآن الكريم
لعلماء هذا العصر جهود مشكورة في إعداد موسوعات علمية في معاني الحروف في القرآن الكريم، ومن أهمّ تلك الأعمال:
1. قسم معاني الحروف من كتاب "دراسات لأسلوب القرآن الكريم" للأستاذ الجليل محمد عبد الخالق عضيمة، وهو عمل جليل أمضى فيه نحو خمسة وعشرين عاماً، وبذل وسعه في حصر مواضع حروف المعاني في القرآن الكريم، وأقوال العلماء في معانيها من مراجع كثيرة.
وقدّم لكل حرف بلمحات معرّفة عن مواضع وروده في القرآن الكريم ومعانيها.
2. معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم، إعداد الدكتور إسماعيل عمايرة والدكتور عبد الحميد السيد.
3. معجم حروف المعاني في القرآن الكريم، للأستاذ محمد حسن الشريف.