تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا الفضيل بن مرزوق، قال: حدثني عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا إني بما تعملون عليم} [سورة المؤمنون: 51]، وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [سورة البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يده إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغدي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!
- حدثنا أبو إسماعيل قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا الفضيل، بإسناده نحوه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 233]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات واعملوا صالحًا إنّي بما تعملون عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: وقلنا لعيسى: يا أيّها الرّسل كلوا من الحلال الّذي طيّبه اللّه لكم دون الحرام، {واعملوا صالحًا} يقول: اعملوا بما أمركم الله به، وأطيعوه في أمركم إياه ونهية لكم. وجمع (الرسل) والخطاب لواحدٍ، كما يقال في الكلام للرّجل الواحد: أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم، وكما قال: {الّذين قال لهم النّاس}، وهو رجلٌ واحدٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثني عبيد بن إسحاق الضّبّيّ العطّار، عن حفص بن عمر الفزاريّ، عن أبي إسحاق السّبيعيّ، عن عمرو بن شرحبيل: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات واعملوا صالحًا} قال: كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمّه.
وقوله: {إنّي بما تعملون عليمٌ} يقول: إنّي بأعمالكم ذو علمٍ، لا يخفى عليّ منها شيءٌ، وأنا مجازيكم بجميعها، وموفّيكم أجوركم وثوابكم عليها، فخذوا في صالحات الأعمال واجتهدوا). [جامع البيان: 17/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.
أخرج أحمد ومسلم والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي من الحرام يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب فاني يستجاب لذلك). [الدر المنثور: 10/577-578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس أنها بعثت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم فرد إليها رسولها أنى لك هذا اللبن قال: من شاة لي، فرد إليها رسولها أنى لك الشاة فقالت: اشتريتها من مالي، فشرب منه، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت: يا رسول الله بعثت إليك بلبن فرددت إلى الرسول فيه فقال لها: بذلك أمرت الرسل قبلي أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا). [الدر المنثور: 10/578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} الآية، قال: ذاك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه مرسل حفص تابعي.
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفا عليه). [الدر المنثور: 10/578-579]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} قال: كان عيسى بن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه). [الدر المنثور: 10/579]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال: أمسى داود عليه السلام صائما فلما كان عند إفطاره أتي بشربة لبن فقال: من أين لكم هذا اللبن قالوا: من شاتنا، قال: ومن أين ثمنها قالوا: يا نبي الله من أين تسأل قال: إنا معاشر الرسل أمرنا أن نأكل من الطيبات ونعمل صالحا). [الدر المنثور: 10/579]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاءني جبريل ألا أمرني بهاتين الدعوتين، اللهم ارزقني طيبا واستعملني صالحا). [الدر المنثور: 10/579]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} قال: هذه للرسل ثم قال للناس عامة و{إن هذه أمتكم أمة واحدة} الأنبياء الآية 92 يعني، دينكم دين واحد). [الدر المنثور: 10/580]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً}، فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: (وأنّ) بالفتح، بمعنى: إنّي بما تعملون عليمٌ، وأنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً. فعلى هذا التّأويل (وأنّ) في موضع خفضٍ، عطفٌ بها على (ما) من قوله: {بما تعملون}، وقد يحتمل أن تكون في موضع نصبٍ إذا قرئ ذلك كذلك، ويكون معنى الكلام حينئذٍ: واعلموا أنّ هذه، ويكون نصبها بفعلٍ مضمرٍ.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين بالكسر: {وإنّ} هذه على الاستئناف.
والكسر في ذلك عندي على الابتداء هو الصّواب، لأنّ الخبر من اللّه عن قيله لعيسى: {يا أيّها الرّسل} مبتدأٌ، فقوله: {وإنّ هذه} مردودٌ عليه عطفًا به عليه؛ فكان معنى الكلام: وقلنا لعيسى: يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات، وقلنا: وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً.
وقيل: إنّ الأمّة الّذي في هذا الموضع: الدّين والملّة
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً} قال: الملّة والدّين.
وقوله: {وأنا ربّكم فاتّقون} يقول: وأنا مولاكم فاتّقون بطاعتي تأمنوا عقابي.
ونصبت {أمّةً واحدةً} على الحال. وذكر عن بعضهم أنّه قرأ ذلك رفعًا.
وكان بعض نحويّي البصرة يقول: رفع ذلك إذا رفع على الخبر، ويجعل أمّتكم نصبًا على البدل من هذه.
وأمّا نحويّو الكوفة فيأبون ذلك إلاّ في ضرورة شعرٍ، وقالوا: لا يقال: مررت بهذا غلامكم؛ لأنّ هذا لا تتبعه إلاّ الألف واللاّم والأجناس، لأنّ (هذا) إشارةٌ إلى عددٍ، فالحاجة في ذلك إلى تبيين المراد من المشار إليه أيّ الأجناس هو؟ وقالوا: وإذا قيل: هذه أمّتكم واحدةً، والأمّة غائبةٌ وهذه حاضرةٌ، قالوا: فغير جائزٍ أن يبيّن عن الحاضر بالغائب، قالوا: فلذلك لم يجز: إنّ هذا زيدٌ قائمٌ، من أجل أنّ هذا محتاجٌ إلى الجنس لا إلى المعرفة.
وقوله: {وأنا ربّكم فاتّقون} يقول: وأنا مولاكم فاتّقون بطاعتي تأمنوا عقابي). [جامع البيان: 17/60-61]
تفسير قوله تعالى: (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى بينهم زبرا قال كتبا). [تفسير عبد الرزاق: 2/46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {زبرًا} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والعراق: {زبرًا} بمعنى جمع الزّبور.
فتأويل الكلام على قراءة هؤلاء: فتفرّق القوم الّذين أمرهم اللّه من أمّة الرّسول عيسى بالاجتماع على الدّين الواحد، والملّة الواحدة، دينهم الّذي أمرهم اللّه بلزومه {زبرًا} كتبًا، فدان كلّ فريقٍ منهم بكتابٍ غير الكتاب الّذين دان به الفريق الآخر، كاليهود الّذين زعموا أنّهم دانوا بحكم التّوراة، وكذّبوا بحكم الإنجيل والقرآن، وكالنّصارى الّذين دانوا بالإنجيل بزعمهم وكذّبوا بحكم الفرقان.
ذكر من تأوّل ذلك كذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {زبرًا} قال: كتبًا.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بينهم زبرًا} قال: كتب اللّه فرّقوها قطعًا.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا} قال مجاهدٌ: كتبهم فرّقوها قطعًا.
وقال آخرون من أهل هذه القراءة: إنّما معنى الكلام: فتفرّقوا دينهم بينهم كتبًا أحدثوها يحتجّون فيها لمذهبهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} قال: هذا ما اختلفوا فيه من الأديان والكتب، كلٌّ معجبون برأيهم، ليس أهل هواءٍ إلاّ وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الّذي اخترق ذلك لهم.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الشّام: (فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا) بضمّ الزّاي، وفتح الباء، بمعنى: فتفرّقوا أمرهم بينهم قطعًا كزبر الحديد، وذلك القطع منها، واحدتها زبرةٌ، من قول اللّه: {آتوني زبر الحديد}. فصار بعضهم يهودًا، وبعضهم نصارى.
والقراءة الّتي نختار في ذلك: قراءة من قرأه بضمّ الزّاي والباء، لإجماع أهل التّأويل في تأويل ذلك على أنّه مرادٌ به الكتب، فذلك يبيّن عن صحّة ما اخترنا في ذلك، لأنّ الزّبر هي الكتب، يقال منه: زبرت الكتاب: إذ كتبته.
فتأويل الكلام: فتفرّق الّذين أمرهم اللّه بلزوم دينه من الأمم دينهم بينهم كتبًا، كما بيّنّا قبل.
وقوله: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} يقول: كلّ فريقٍ من تلك الأمم بما اختاروه لأنفسهم من الدّين والكتب فرحون. معجبون به، لا يرون أنّ الحقّ سواه.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} قطعةٌ وهؤلاء هم أهل الكتاب.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {كلّ حزبٍ} قطعةٌ. أهل الكتاب). [جامع البيان: 17/61-64]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فتقطعوا أمره بينهم زبرا يعني الكتب فرقوها قطعا). [تفسير مجاهد: 431]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد كل حزب بما لديهم فرحون يعني كل قطعة وهؤلاء أهل الكتاب). [تفسير مجاهد: 431-432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون * فذرهم في غمرتهم حتى حين.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال: وقال الحسن: تقطعوا كتاب الله بينهم فحرفوه وبدلوه). [الدر المنثور: 10/580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال: كتب الله حيث فرقوها قطعا {كل حزب} يعني: كل قطعة وهؤلاء أهل الكتاب). [الدر المنثور: 10/580]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال: هذا ما اختلفوا فيه من الأديان {كل حزب} كل قوم {بما لديهم فرحون} معجبون برأيهم). [الدر المنثور: 10/580]
تفسير قوله تعالى: (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله فذرهم في غمرتهم حتى حين قال في ضلالتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فذرهم في غمرتهم حتّى حينٍ (54) أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
قال أبو جعفرٍ: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فدع يا محمّد هؤلاء الّذين تقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا، {في غمرتهم} في ضلالتهم وغيّهم، {حتّى حينٍ} يعني: إلى أجلٍ سيأتيهم عند مجيئه عذابي.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {فذرهم في غمرتهم حتّى حينٍ} قال: في ضلالهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فذرهم في غمرتهم حتّى حينٍ} قال: الغمرة: الغمر). [جامع البيان: 17/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد: {فذرهم في غمرتهم} قال: في ضلالتهم). [الدر المنثور: 10/580-581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {فذرهم في غمرتهم} قال: في ضلالتهم {حتى حين} قال: الموت). [الدر المنثور: 10/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مقاتل {فذرهم في غمرتهم حتى حين} قال: يوم بدر). [الدر المنثور: 10/581]
تفسير قوله تعالى: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين} يقول تعالى ذكره: أيحسب هؤلاء الأحزاب الّذين فرّقوا دينهم زبرًا، أنّ الّذي نعطيهم في عاجل الدّنيا من مالٍ وبنين). [جامع البيان: 17/65]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أيحسبون أنما نمدهم به من مال أي نعطيهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون يقول أيحسبون أن ما نعطيهم من مال وبنين ونريد بهم الخير أي بل نملي لهم ولكن لا يشعرون هذا لقريش). [تفسير مجاهد: 432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أيحسبون} قال: قريش، {أنما نمدهم به} قال: نعطيهم {من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات} نزيد لهم في الخير بل نملي لهم في الخير ولكن لا يشعرون). [الدر المنثور: 10/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} قال: مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح). [الدر المنثور: 10/581-582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن الحسن، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه فقال: الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي من بني مدلج، ثم قال: اللهم إني قد علمت أن رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا اللهم أني أعوذ بك أن يكون هذا مكرا منك بعمر ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ). [الدر المنثور: 10/582-583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال: أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن اقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ). [الدر المنثور: 10/583]
تفسير قوله تعالى: (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({نسارع لهم} يقول: نسابق لهم في خيرات الآخرة، ونبادر لهم فيها؟
و(ما) من قوله: {أنّما نمدّهم به} نصبٌ، لأنّها بمعنى الّذي.
{بل لا يشعرون} يقول تعالى ذكره تكذيبًا لهم: ما ذلك كذلك بل لا يعلمون أنّ إمدادي إيّاهم بما أمدّهم به من ذلك إنّما هو إملاءٌ واستدراجٌ لهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أنّما نمدّهم} قال: نعطيهم، نسارع لهم قال: نزيدهم في الخير، نملي لهم قال: هذا لقريشٍ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ، قال: حدّثني أشعث بن عبد اللّه قال: حدّثنا شعبة، عن خالدٍ الحذّاء، قال: قلت لعبد الرّحمن بن أبي بكرة، قول اللّه: {نسارع لهم في الخيرات} قال: يسارع لهم في الخيرات.
وكأنّ عبد الرّحمن بن أبي بكرة وجّه بقراءته ذلك كذلك، إلى أنّ تأويله: يسارع لهم إمدادنا إيّاهم بالمال والبنين في الخيرات). [جامع البيان: 17/65]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أيحسبون أنما نمدهم به من مال أي نعطيهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون يقول أيحسبون أن ما نعطيهم من مال وبنين ونريد بهم الخير أي بل نملي لهم ولكن لا يشعرون هذا لقريش). [تفسير مجاهد: 432] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} قال: مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإيمان والعمل الصالح). [الدر المنثور: 10/581-582] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قرأ (نسارع لهم في الخيرات) ). [الدر المنثور: 10/582]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن الحسن، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه فقال: الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي من بني مدلج، ثم قال: اللهم إني قد علمت أن رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا اللهم أني أعوذ بك أن يكون هذا مكرا منك بعمر ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ). [الدر المنثور: 10/582-583] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال: أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن اقبض عنه الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين} {نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ). [الدر المنثور: 10/583] (م)