قوله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((كان سعيكم مشكورا) [22] تام.)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/960]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({مشكورًا} تمام القصة، وبين ذلك وقوف كافية. وقال الدينوري: {وإذا رأيت ثم} تمام، والمعنى: وإذا نظرت ما ثم. وليس بتام
لأن (رأيت) الثانية جواب (إذا) فلا يتم الكلام دونها.
ومن قرأ (عاليهم) بإسكان الياء ابتدأ به لأنه مبتدأ وخبره {ثياب سندس}، ومن قرأ (عاليهم) بنصب الياء فله تقديران: أحدهما أن يجعله ظرفًا لقوله: (ثياب) على تقدير: فوقهم ثياب سندس. فعلى هذا يبتدأ به أيضًا لأنه غير متعلق بما قبله. والثاني أن يجعل حالاً من الهاء والميم في قوله {يطوف عليهم} أو من (حسبتهم)، فعلى هذا لا يبتدأ به ولا يوقف على ما قبله لتعلقه بذلك.
{مشكورًا} تام.)[المكتفى: 601]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({وسرورًا- 11- ج} للآية مع العطف. {وحريرًا- 12- لا} لأن {متكئين} حال مفعول: {جزاهم}.
[علل الوقوف: 3/1071]
{الأرائك- 13- ج} لأن ما بعده يصلح حالاً بعد حال، أي: متكئين غير رائين، ويصلح مستأنفًا؛ لأنهم لا يرون في حال الاتكاء ولا غيره...، وهو أجوز.
{زمهريرًا- 13- ج} لأن {دانية} خبر {ظلالها}، فإذا قدمت وهي نكرة نصبت نصب الوصف المنكر المقدم، وقيل نصبت بالانعطاف على: {زمهريرًا لقرب الجوار [والأصح: أن قوله: {دانية} منصوب قوله: {وجزاهم}، معطوفًا
على قوله: {وحريرًا}؛ تقديره: وأشجارًا دانية عليهم ظلالها].
{كانت قواريرا- 15- ز} قد قيل، [ولا يوقف] لأن الثانية بدل الأولى.
{زنجبيلاً- 17- ج} لما ذكرنا في: {كافورًا- 5-}.
{مخلدون- 19- ج} لأن {حسبتهم} صفة الولدان، والظرف عارض.
{واستبرق- 21- ز} لاختلاف الجملتين، مع أن وجه الحال في الواو أوضح، أي: وقد حلوا.
{من فضة- 21- ج} لأن الواو يحتمل الحال والعطف، إلا أن الاستئناف أولى، لإفراد هذه النعمة العظيمة عن سائر النعم تعظيمًا.)[علل الوقوف: 3/1072-1074]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (شرّ ذلك اليوم (حسن) ومثله وسرورًا ولا يوقف على حريرًا لأنَّ متكئين حال من مفعول جزاهم ولا يجوز أن يكون صفة لجنة عند البصريين لأنَّه كان يلزم بروز الضمير فيقال متكئين هم فيها لجريان الصفة على غير من هي له خلافًا للزمخشري حيث جوز أن يكون متكئين ولا يرون ودانية كلها صفات لجنة ولا يجوز أن يكون حالاً من فاعل صبروا لأنَّ الصبر كان في الدنيا واتكاؤهم إنَّما هو في الآخرة قاله مكي انظر السمين
على الأرائك (حسن) على استئناف ما بعده ولا يوقف على زمهريرا لأنَّ ودانية منصوب بالعطف على جنة كأنَّه قال جزاؤهم حنة ودانية عليهم ظلالها أي وشجرة دانية عليهم ظلالها وانظر قول السمين ودانية عطف على محل لا يرون مع أنَّه لا يعطف إلاَّ على محل الحرف الزائد وما هنا ليس كذلك
تذليلاً (جائز) ومثله كانت قوارير (كاف) أي أنَّ أهل الجنة قدَّروا الأواني في أنفسهم على أشكال مخصوصة فجاءت كما قدورها تكرمة لهم جعلها السقاة على قد رويّ شاربيها
زنجبيلاً ليس بوقف لأنَّ عينًا بدل من زنجبيلاً فلا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف وإن نصبت عينًا على الاختصاص جاز
سلسبيلاً (كاف) وأغرب بعضهم ووقف
على وإذا رأيت ثم فكأنَّه حذف الجواب تعظيمًا لوصف ما رأى المعنى وإذا رأيت الجنة رأيت ما لا تدركه العيون ولا يبلغه علم أحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر وما أرادوه ليس بشيء لأنَّ ثم ظرف لا يتصرف فلا يقع فاعلاً ولا مفعولاً وغلط من أعربه مفعولاً لرأيت لأنَّه لا مفعول لها لا ظاهرًا ولا مقدرًا خلافًا للأخفش والفراء ليكون أشيع لكل مرئي وزعم الفراء أن تقديره إذا رأيت ما ثم وهذا غير جائز عند البصريين لأنَّ ثم صلة لما ولا يجوز حذف الموصول وترك الصلة بل تقديره إذا وجدت الرؤية في الجنة رأيت نعيمًا
وكبيرًا (جائز) لمن قرأ عاليهم بإسكان الياء مبتدأ خبره ثياب وهو حمزة ونافع والباقون بنصبها ظرفًا أو حالاً من الضمير في يطوف عليهم أو في حسبتهم أي يطوف عليهم ولدان مخلدون عاليًا للمطوف عليهم ثياب أو حسبتم لؤلؤًا عاليهم ثياب ومحلها نصب حال وليس بوقف لمن قرأ عاليهم بالنصب على الحال مما قبله
واستبرق (كاف) على القراءتين أعني برفعه أو جره فمن رفعه عطفه على ثياب ومن جره عطفه على سندس وهمزة استبرق همزة قطع
من فضة (حسن) على استئناف ما بعده
طهورًا (كاف)
جزاء (جائز)
مشكورًا (تام))[منار الهدى: 412-413]
- تفسير