قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((الشيطان سول لهم وأملى لهم) [25] كان إبراهيم النخعي وأبو جعفر ونافع وابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي يقرؤون: (وأملى لهم) على معنى «فأملى الله لهم». وكان شيبة وأبو عمرو يقرآن: (وأملي لهم) بضم الألف وفتح الياء على أنه فعل ما لم يُسم فاعله. وروي عن مجاهد (وأملي لهم) بضم الألف وتسكين الياء على معنى «وأملي أنا لهم». فمن فتح الألف لم يتم الوقف على (سول لهم) لأن (أملي لهم) نسق عليه. ومن ضم الألف وقف على (سول لهم).
(يربون وجوههم وأدبارهم) [27] حسن.
(أضغانهم) [29] تام.
(فلعرفتهم بسيماهم) [30] حسن.
(ونبلو أخباركم) [31] تام.)[إيضاح الوقف والابتداء:2/898 - 899]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({سول لهم} كاف، سواء قرئ {وأملي لهم} على تسمية الفاعل، أو (أملي لهم) على ما لم يسم فاعله. أو (أملى لهم) على الإخبار، لأن الإملاء في كل القرآن مسند إلى الله تعالى كقوله: {فأمليت للكافرين} فيحسن قطعه من التسويل الذي هو مسند إلى الشيطان (وأملى لهم) كاف للكل. ومثله {وأدبارهم}
{أضغانهم} تام. وقيل: كاف. {بسيماهم} كاف. {أخباركم} تام. ومثله {وسيحبط أعمالهم}) [المكتفى: 525]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({الهدى- 25- لا} لأن الجملة بعده خبر {إن}.
{سول لهم- 25- ط} لأن فاعل {وأملي} ضمير اسم الله تعالى، فلو وصل عاد الفعل إلى الشيطان، وقد جاز أن يوصل على جعله حالاً، أي: وقد أملى لهم الله، ولكن الوقف أعزم، لأن
الضمير مستكن، والحال على قراءة {وأملي} بفتح الياء أجوز، أي وقد أملي، والوقف فيه جائز، و من سكن الياء، فالوقف به أليق، لأن المستقبل لا ينعطف على الماضي، ومع ذلك لو جعل حالاً على تقدي: وأنا أملي، جاز.
{في بعض الأمر- 26- ج} لأن ما بعده يصلح استئنافًا وحالاً، والوقف أجوز؛ لأن الله تعالى يعلم الإسرار في الأحوال لا في حال.
{بسيماهم- 30- ط} للابتداء بما هو جواب القسم. {في لحن القول- 30- ط} {الصابرين- 31- ط} لمن قرأ {ونبلوا} بتسكين الواو.
{الهدى- 32- لا} لأن النفي بعده خبر {إن}.
{شيئًا- 32- ط} )
[علل الوقوف:3/950 - 952]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (الهدى ليس بوقف لأنَّ خبر إن لم يأت بعد وهو قوله الشيطان سوّل لهم .
وسوَّل لهم (حسن) ومثله أملى لهم في جميع الوجوه كلها في أملي أعني سواء قرئ أملى بضم الهمزة وإسكان الياء أو قرئ أملى بفتحها أي سواء جعل الإملاء من الله أم من الشيطان فتقديره على ضم الهمزة وأملى أنا لهم وتقديره على فتحها والله أملى لهم وليس بوقف إن جعل الإملاء والتسويل من الشيطان فلا يوقف على سوّل لهم لعطف وأملى عليه قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر وأملي لهم وقرأ أبو عمرو وأملي لهم بضم الهمزة وفتح الياء على أنه فعل ما لم يسم فاعله وهو منقطع مما قبله وذلك أنَّه أراد وأملى الله لهم أي لا يعاجلهم بالعقوبة .
في بعض الأمر (حسن)
إسرارهم (كاف) ومثله وأدبارهم وقال نافع توفتهم الملائكة أي فكيف يفعلون إذا توفتهم الملائكة ثم يبتدئ يضربون أي هم يضربون
فأحبط أعمالهم (تام)
أضغانهم (كاف) ومثله بسيماهم وكذا في لحن القول .
أعمالكم (تام)
والصابرين (جائز) على قراءة يعقوب من العشرة ونبلو أخباركم بالنون وإسكان الواو مستأنف مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل وليس بوقف إن عطف على ولنبلونكم وكان الوقف التام أخباركم للابتداء بإن .
الهدي ليس بوقف لأنَّ خبر إن لم يأت وهو لن يضروا الله شيئًا .
و شيئًا (حسن)
أعمالهم (تام) للابتداء بيا النداء .)[منار الهدى: 362-363]