العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1434هـ/22-02-2013م, 01:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (116) إلى الآية (121) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (116) إلى الآية (121) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (116) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)}




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:35 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) )
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا خلاّد بن أسلم، قال: حدّثنا النّضر بن شميلٍ، عن إسرائيل، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبٍ، قال: ما في القرآن آيةٌ أحبّ إليّ من هذه الآية {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، وأبو فاختة اسمه: سعيد بن علاقة، وثويرٌ يكنى أبا جهمٍ، وهو رجلٌ كوفيٌّ من التّابعين، وقد سمع من ابن عمر، وابن الزّبير، وابن مهديٍّ كان يغمزه قليلاً). [سنن الترمذي: 5/97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك باللّه فقد ضلّ ضلالاً بعيدًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ اللّه لا يغفر لطعمة إذ أشرك ومات على شركه باللّه ولا لغيره من خلقه بشركهم وكفرهم به {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} يقول: ويغفر ما دون الشّرك باللّه من الذّنوب لمن يشاء، يعني بذلك جلّ ثناؤه: أنّ طعمة لولا أنّه أشرك باللّه ومات على شركه لكان في مشيئة اللّه على ما سلف من خيانته ومعصيته، وكان إلى اللّه أمره في عذابه والعفو عنه. وكذلك حكم كلّ من اجترم جرمًا، فإلى اللّه أمره، إلاّ أن يكون جرمه شركًا باللّه وكفرًا فإنّه ممّن حتّم عليه أنّه من أهل النّار إذا مات على شركه، فإذا مات على شركه، فقد حرّم اللّه عليه الجنّة، ومأواه النّار.
وقال السّدّيّ في ذلك بما:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} يقول: من يجتنب الكبائر من المسلمين
وأمّا قوله: {ومن يشرك باللّه فقد ضلّ ضلالاً بعيدًا} فإنّه يعني: ومن يجعل للّه في عبادته شريكًا، فقد ذهب عن طريق الحقّ، وزال عن قصد السّبيل ذهابًا بعيدًا وزوالاً شديدًا. وذلك أنّه بإشراكه باللّه في عبادته، فقد أطاع الشّيطان وسلك طريقه وترك طاعة اللّه ومنهاج دينه، فذاك هو الضّلال البعيد والخسران المبين). [جامع البيان: 7/484-485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك باللّه فقد ضلّ ضلالًا بعيدًا (116)
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به.
قد تقدّم تفسيرها). [تفسير القرآن العظيم: 3/1067]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار.
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع الله أمتي، أو قال: هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة). [الدر المنثور: 5/18]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) )

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلّا إناثًا وإن يدعون إلّا شيطانًا مريدًا} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا نوح بن قيسٍ الحدّاني، عن محمّد بن سيفٍ، عن الحسن قال: لم يكن حيٌّ من أحياء العرب إلّا ولهم صنمٌ يعبدونه يسمّونه: أنثى بني فلانٍ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إن يدعون من دونه إلّا إناثًا وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا}). [سنن سعيد بن منصور: 4/1373]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({إلّا إناثًا} [النساء: 117]:«يعني الموات، حجرًا أو مدرًا، وما أشبهه» ، {مريدًا} [النساء: 117]:«متمرّدًا»). [صحيح البخاري: 6/47] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله إلّا إناثًا يعني الموات حجرًا أو مدرًا أو ما أشبهه قال أبو عبيدة في قوله تعالى إن يدعون من دونه إلّا إناثًا إلّا الموات حجرًا أو مدرًا أو ما أشبه ذلك والمراد بالموات ضدّ الحيوان وقال غيره قيل لها إناثٌ لأنّهم سمّوها مناة واللّات والعزّى وإساف ونائلة ونحو ذلك وعن الحسن البصريّ لم يكن حيٌّ من أحياء العرب إلّا ولهم صنمٌ يعبدونه يسمّى أنثى بني فلانٍ وسيأتي في الصّافّات حكايةٌ عنهم أنّهم كانوا يقولون الملائكة بنات اللّه تعالى اللّه عن ذلك وفي رواية عبد اللّه بن أحمد في مسند أبيه عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية قال مع كلّ صنمٍ جنّيّةٌ ورواته ثقاتٌ ومن هذا الوجه أخرجه بن أبي حاتمٍ قوله مريدًا متمرّدًا وقع هذا للمستمليّ وحده وهو تفسير أبي عبيدة بلفظه وقد تقدم في بدء الخلق ومعناه الخروج عن الطّاعة وروى بن أبي حاتمٍ من طريق قتادة في قوله مريدًا قال متمرّدًا على معصية اللّه). [فتح الباري: 8/257]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (إلاّ إناثًا يعني الموات حجرا أو مدرا وما أشبهه
أشار به إلى قوله تعالى: {أن يدعون من دون إلاّ إناثًا} (النّساء: 117) وفسره بقوله: (يعني الموات) والمراد بالموات ضد الحيوان، ولهذا قال: (حجرا أو مدرا وما أشبه ذلك) على طريق عطف البيان أو البدل، ويقال: المراد منه اللات والعزى ومناة وهي أصنامهم، وكانوا يقولون: هي بنات الله تعالى عن ذلك، وقال الحسن: لم يكن حيّ من أحياء العرب إلاّ ولهم صنم يعبدونه يسمى: أنثى بني فلان، وهذا التّفسير الّذي ذكره منقول عن أبي عبيدة نحوه.
مريدا متمرّدا
أشار به إلى قوله تعالى: {وأن يدعون إلاّ شيطانا مريدا} وفسّر قوله: (مريدا) بقوله: (متمردا) وهو تفسير أبي عبيدة بلفظه. وروى ابن أبي حاتم من طريق قتادة. قال: متمردا على معصيّة الله تعالى، وهذا لم يقع إلاّ للمستملي وحده). [عمدة القاري: 18/181]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({إلا إناثًا}) يريد قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} [النساء: 117] أي ما يعبدون من دون الله إلا إناثًا لأن كل من عبد شيئًا فقد دعاه لحاجته وإناثًا (يعني الموات حجرًا أو مدرًا وما أشبهه) قال الحسن: كل شيء لا روح فيه كالحجر والخشبة في إناث، وقد كانوا يسمون أصنامهم بأسماء الإناث فيقولون: اللات والعزى ومناة، وعن الحسن أن لكل قبيلة صنمًا يدعى أنثى بني فلان وذلك لقولهم: هنهن بنات الله أو قولهم الملائكة بنات الله، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى اتخذوا أربابًا وصوروهن صور الجواري وقالوا هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة. وعن كعب في الآية قال: مع كل صنم جنية. رواه ابن أبي حاتم وسقط لفظ يعني لغير أبي ذر). [إرشاد الساري: 7/89]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مريدًا}) يريد قوله تعالى: {وإن يدعون} أي ما يدعون بعبادة الأصنام {إلا شيطانًا مريدًا} [النساء: 117] أي (متمردًا) قال قتادة فيما رواه ابن أبي حاتم متمردًا على معصية الله تعالى. قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان} [يس: 60] وسقط قوله: {مريدًا} متمردًا للكشميهني والحموي). [إرشاد الساري: 7/89]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به}
قوله: (إلا إناثاً) يريد قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثاً}. وقوله: يعني الموت الخ. قال الحسن: كل شيء لا روح فيه فهو أنثى. وقد كانوا يسمون أصنامهم بأسماء الإناث، فيقولون: اللات والعزى ومناة). [حاشية السندي على البخاري: 3/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلاّ اللاّت، والعزّى، ومناة، فسمّاهنّ اللّه إناثًا بتسمية المشركين إيّاهنّ باسماء الإناث.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} قال: اللاّت والعزّى ومناة، كلّها مؤنّثٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ بنحوه، إلاّ أنّه قال: كلّهنّ مؤنّثٌ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} يقول: يسمّونهم إناثًا: لات، ومناة، وعزّى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} قال: آلهتهم: اللاّت، والعزّى، ويساف، ونائلة، هم إناثٌ يدعونهم من دون اللّه. وقرأ: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا}.
- وقال آخرون: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلاّ مواتًا لا روح فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} يقول: ميتًا.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} أي إلاّ ميتًا لا روح فيه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج، قال: حدّثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} قال: والإناث: كلّ شيءٍ ميّتٌ ليس فيه روحٌ، خشبةٌ يابسةٌ، أو حجرٌ يابسٌ، قال اللّه تعالى: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا} إلى قوله: {فليبتّكنّ آذان الأنعام}
وقال آخرون: عنى بذلك أنّ المشركين كانوا يقولون: إنّ الملائكة بنات اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} قال: الملائكة يزعمون أنّهم بنات اللّه.
وقال آخرون: معنى ذلك: إنّ أهل الأوثان كانوا يسمّون أوثانهم إناثًا، فأنزل اللّه ذلك كذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، عن نوح بن قيسٍ، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، قال: كان لكلّ حيٍّ من أحياء العرب صنمٌ يسمّونها أنثى بني فلانٍ، فأنزل اللّه: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ، قال: حدّثنا محمّد بن سيفٍ أبو رجاءٍ الحدّانيّ، قال: سمعت الحسن يقول: كان لكلّ حيٍّ من العرب، فذكر نحوه
وقال آخرون: الإناث في هذا الموضع: الأوثان.
ذكر من قال ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إناثًا} قال: أوثانًا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان في مصحف عائشة: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا}.
قال أبو جعفرٍ: روي عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤها: إن يدعون من دونه إلا أثنًا، بمعنى جمع وثنٍ، فكأنّه جمع وثنًا وثنًا، ثمّ قلب الواو همزةً مضمومةً، كما قيل: ما أحسن هذه الأجوه، بمعنى الوجوه، وكما قيل: {وإذا الرّسل أقّتت} بمعنى: وقّتت.
وذكر عن بعضهم، أنّه كان يقرأ ذلك: (إن يدعون من دونه إلاّ أنثًا)، كأنّه أراد جمع الإناث، فجمعها أنثًا، كما تجمع الثّمار ثمرًا.
والقراءة الّتي لا أستجيز القراءة بغيرها قراءة من قرأ: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا} بمعنى جمع أنثى، لأنّها كذلك في مصاحف المسلمين، ولإجماع الحجّة على قراءة ذلك كذلك.
وأولى التّأويلات الّتي ذكرت بتأويل ذلك إذ كان الصّواب عندنا من القراءة ما وصفت، تأويل من قال: عنى بذلك الآلهة الّتي كان مشركو العرب يعبدونها من دون اللّه، ويسمّونها بالإناث من الأسماء كاللاّت والعزّى ونائلة ومناة، وما أشبه ذلك.
وإنّما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لأنّ الأظهر من معاني الإناث في كلام العرب ما عرف بالتّأنيث دون غيره. فإذ كان ذلك كذلك، فالواجب توجيه تأويله إلى الأشهر من معانيه، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية: {ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى، ويتّبع غير سبيل المؤمنين، نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرًا،} {إن يدعون من دونه إلاّ إناثًا}، يقول: ما يدعو الّذين يشاقّون الرّسول ويتّبعون غير سبيل المؤمنين شيئًا من دون اللّه بعد اللّه وسواه، إلاّ إناثًا، يعني: إلاّ ما سمّوه بأسماء الإناث كاللاّت والعزّى وما أشبه ذلك. يقول جلّ ثناؤه: فحسب هؤلاء الّذين أشركوا باللّه وعبدوا ما عبدوا من دونه من الأوثان والأنداد، حجّةً عليهم في ضلالتهم وكفرهم وذهابهم عن قصد السّبيل، أنّهم يعبدون إناثًا ويدعونها آلهةً وأربابًا. والإناث من كلّ شيءٍ أخسّه؛ فهم يقرّون للخسيس من الأشياء بالعبوديّة على علمٍ منهم بخساسته، ويمتنعون من إخلاص العبوديّة للّذي له ملك كلّ شيءٍ وبيده الخلق والأمر). [جامع البيان: 7/486-490]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا} وما يدعو هؤلاء الّذين يدعون هذه الأوثان الإناث من دون اللّه بدعائهم إيّاها إلاّ شيطانًا مريدًا، يعني متمرّدًا على اللّه في خلافه فيما أمره به وفيما نهاه عنه. كما:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا} قال: تمرّد على معاصي اللّه). [جامع البيان: 7/491]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إن يدعون من دونه إلّا إناثًا وإن يدعون إلّا شيطانًا مريدًا (117)
قوله تعالى: إن يدعون من دونه إلا إناثا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن غيلان، أنبأ الفضل بن موسى، أنبأ الحسين بن واقدٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ إن يدعون من دونه إلا إناثًا قال: مع كلّ صنمٍ جنّيّةٌ. وروي عن الحسن نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ إن يدعون من دونه إلا إناثًا قال: موتى.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا مباركٌ، عن الحسن: إن يدعون من دونه إلا إناثًا قال الحسن: الإناث: كلّ شيءٍ ميّتٌ ليس له روحٌ إمّا خشبةٌ يابسةٌ وإمّا حجرٌ يابسٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سلمة الباهليّ، ثنا عبد العزيز بن محمّدٍ عن هشام يعني بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: إن يدعون من دونه إلا إناثًا قالت:
أوثانًا. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، وعروة بن الزّبير، ومجاهدٍ، وأبي مالكٍ الغفاريّ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون يعني الدّولابيّ، ثنا مروان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: إن يدعون من دونه إلا إناثًا قال المشركون: إنّ الملائكة بنات اللّه، وإنّما نعبدهم ليقرّبونا إلى اللّه زلفى، قال: اتّخذوا أربابًا وصورهنّ صور الحواري فحلّوا وقلّدوا، وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات اللّه الّذين نعبدهم يعنون الملائكة.
قوله تعالى: وإن يدعون إلا شيطانا مريدا.
[الوجه الأول]
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ أبو وهبٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وإن يدعون إلا شيطانًا يعني: إبليس.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبي حمّادٌ، ثنا مهران، عن سفيان في قوله:
وإن يدعون إلا شيطانًا قال: ليس من صنمٍ إلا فيه شيطانٌ). [تفسير القرآن العظيم: 3/1067-1068]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إلا إناثا يعني أوثانا). [تفسير مجاهد: 174]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله إلا إناثا كل شيء ليس فيه روح الخشبة والحجر ونحوه). [تفسير مجاهد: 174]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلّا إناثًا} [النساء: 117]
- عن أبيّ بن كعبٍ قال: {إن يدعون من دونه إلّا إناثًا} [النساء: 117] قال: مع كلّ صنمٍ جنّيّته.
رواه عبد اللّه بن أحمد، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/12]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: مع كل صنم جنية
وأخرج عبد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مالك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: اللات والعزى ومنات كلها مؤنث.
وأخرج ابن جرير عن السدي {إن يدعون من دونه إلا إناثا} يقول: يسمونهم إناثا لات ومناة وعزى.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: موتى.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح مثل الخشبة اليابسة ومثل الحجر اليابس.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال {إلا إناثا} قال: ميتا لا روح فيه.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن قال: كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان فأنزل الله {إن يدعون من دونه إلا إناثا}
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال المشركون: إن الملائكة بنات الله وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة.
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف إن يدعون من دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قال مع كل صنم شيطانة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {إلا إناثا} قال: إلا أوثانا.
وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ ((إن يدعون من دونه إلا أوثانا)) ولفظ ابن جرير كان في مصحف عائشة {إن يدعون من دونه إلا إناثا}
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن يدعون من دونه إلا أنثى)).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن يدعون إلا شيطانا} يعني إبليس.
وأخرج عن سفيان {وإن يدعون إلا شيطانا} قال: ليس من صنم إلا فيه شيطان.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مريدا} قال: تمرد على معاصي الله). [الدر المنثور: 5/18-21]

تفسير قوله تعالى: (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لعنه اللّه وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {لعنه اللّه} أخزاه وأقصاه وأبعده.
ومعنى الكلام: وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا قد لعنه اللّه وأبعده من كلّ خيرٍ.
وقال: {لأتّخذنّ} يعني بذلك أنّ الشّيطان المريد قال لربّه إذ لعنه: {لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا} يعني بالمفروض: المعلوم؛ كما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {نصيبًا مفروضًا} قال: معلومًا.
فإن قال قائلٌ: وكيف يتّخذ الشّيطان من عباد اللّه نصيبًا مفروضًا؟ قيل: يتّخذ منهم ذلك النّصيب بإغوائه إيّاهم عن قصد السّبيل، ودعائه إيّاهم إلى طاعته، وتزيينه لهم الضّلال والكفر حتّى يزيلهم عن منهج الطّريق؛ فمن أجاب دعاءه واتّبع ما زيّنه له، فهو من نصيبه المعلوم وحظّه المقسوم. وإنّما أخبر جلّ ثناؤه في هذه الآية بما أخبر به عن الشّيطان من قيله: {لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا} ليعلم الّذين شاقّوا الرّسول من بعد ما تبيّن لهم الهدى أنّهم من نصيب الشّيطان الّذي لعنه اللّه المفروض، وأنّه ممّن صدّق عليهم ظنّه. وقد دلّلنا على معنى اللّعنة فيما مضى، فكرهنا إعادته). [جامع البيان: 7/491-492]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لعنه اللّه وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا (118)
قوله تعالى: مريدًا لعنه اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد زريعٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: مريدًا قال: تمرّد على معاصي اللّه لعنه اللّه.
قوله تعالى: وقال لأتّخذنّ من عبادك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وقال لأتّخذنّ من عبادك قال: هذا قول إبليس.
قوله تعالى: نصيبًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون، ثنا مروانٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا قال: يتّخذونها من دونك، ويكونون من حزبي.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: نصيبًا قال: حظًّا.
قوله تعالى: مفروضًا.
- قرأت على محمّدٍ، ثنا محمّدٌ، ثنا محمّدٌ، عن بكيرٍ، عن مقاتلٍ قوله:
مفروضًا قال: هذا إبليس مفروضًا، يقول: من كلّ ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةٌ وتسعون إلى النّار، وواحدٌ إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 3/1068-1069]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وقال لأتخذن من عبادك} قال: هذا قول إبليس {نصيبا مفروضا} يقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال: يتخذونها من دونه ويكونون من حزبي
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال: معلوما.
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين). [الدر المنثور: 5/21-22]

تفسير قوله تعالى: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن حصين، عن المغيرة، عن إبراهيم: {فليغيرن خلق الله}، قال: دين الله). [الجامع في علوم القرآن: 1/136]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فليبتكن آذان الأنعم قال التبتيك في البحيرة والسائية كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فليغيرن خلق الله قال دين الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال إن من تغيير خلق الله الخصاء). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان قال أخبرني شبيل أنه سمع شهر ابن حوشب قرأ هذه الآية فليغيرن خلق الله ثم قال الخصاء منه قال فأمرت أبا التياح فسأل الحسن عن الخصاء خصاء الغنم فقال لا بأس به). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني عمي وهب بن نافع عن القاسم بن أبي برة قال أمرني مجاهد أن أسأل عكرمة في قوله تعالى فليغيرن خلق الله قال هو الخصاء فأخبرت مجاهدا فقال أخطأ فليغيرن خلق الله قال دين الله.
وأخبرني المثنى بن الصباح عن القاسم مثله). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (الثوري عن قيس بن مسلم عن إبراهيم في قوله تعالى فليغيرن خلق الله قال دين الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/173]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن قيس بن مسلمٍ عن إبراهيم في قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق الله} قال: دين الله [الآية: 119].
سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ مثله). [تفسير الثوري: 97]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {فليغيّرنّ خلق الله} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ وخالدٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {فليغيّرنّ خلق الله} - قال: دين الله.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن حميد الأعرج، عن عكرمة قال: هو الإخصاء.
- قال حميد:فسألت سعيد بن جبيرٍ، فقال: هو دين اللّه تبارك وتعالى). [سنن سعيد بن منصور: 4/1374-1375]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فليبتّكنّ} [النساء: 119]:«بتّكه قطّعه»). [صحيح البخاري: 6/47] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فليبتّكنّ بتكه قطعه قال أبو عبيدة في قوله تعالى فليبتكن آذان الآنعام يقال بتّكه قطّعه وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة كانوا يبتّكون آذانها لطواغيتهم). [فتح الباري: 8/257]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فليبتّكنّ بتّكه قطّعه
أشار به إلى قوله تعالى: {فليبتكن آذان الأنعام} (النّساء: 119) وقال: إنّه من بتكه، بفتح الباء الموحدة وتشديد التّاء المثنّاة من فوق، وفسره بقطعه، بالتّشديد وهو تفسير أبي عبيدة. وقال عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة، كانوا يبتكون آذان الأنعام لطواغيتهم). [عمدة القاري: 18/181]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فليبتكن}) هو من حكاية قول الشيطان في قوله تعالى: {وقال لأتخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا} [النساء: 118] أي حظًّا مقدرًا معلومًا {ولأضلّنهم} أي عن طريق الحق {ولأمنينّهم} من طول العمر وبلوغ الأمل وتوقع الرحمة للمذنب بغير توبة أو الخروج من النار بالشفاعة {ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} [النساء: 118، 119] (بتكه) أي (قطعه) وقد كانوا يشقون أذني الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرًا وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها ولا يردونها عن ماء ولا مرعى). [إرشاد الساري: 7/89]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (بتكه) أي: قطعة، وقد كانوا يشقون أذني الناقة إذا ولدت خمسة أبطن، والخامس ذكر ويحرمون الانتفاع بها اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/48]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولأضلنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا (119) يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا}
يعني بقوله جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل الشّيطان المريد، الّذي وصف صفته في هذه الآية: ولأضلّهم ولأصدّنّ النّصيب المفروض الّذي أتّخذه من عبادك عن محجّة الهدى إلى الضّلال، ومن الإسلام إلى الكفر. {ولأمنّينّهم} يقول: لأزيغنّهم بما أجعل في نفوسهم من الأمانيّ عن طاعتك وتوحيدك إلى طاعتي، والشّرك بك. {ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام} يقول: ولآمرنّ النّصيب المفروض لي من عبادك بعبادة غيرك من الأوثان والأنداد، حتّى ينسكوا له، ويحرّموا ويحلّلوا له، ويشرّعوا غير الّدين شرعته لهم فيتّبعوني ويخالفونك.
والبتك: القطع، وهو في هذا الموضع: قطع أذن البحيرة ليعلم أنّها بحيرةٌ. وإنّما أراد بذلك الخبيث أنّه يدعوهم إلى البحيرة فيستجيبون له ويعملون بها طاعةً له.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {فليبتّكنّ آذان الأنعام} قال: البتك في البحيرة والسّائبة، كانوا يبتّكون آذانها لطواغيتهم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام} أمّا يبتّكنّ آذان الأنعام: فيشقّونها فيجعلونها بحيرةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثنى حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن عكرمة: {فليبتّكنّ آذان الأنعام} قال: دينٌ شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسّيئب). [جامع البيان: 7/492-493]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}
اختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} فقال بعضهم: معنى ذلك: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه من البهائم بإخصائهم إيّاها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّارٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن داود، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أنسٍ، أنّه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: هو الإخصاء، يعني قول اللّه: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن مطرّفٍ، قال: ثني رجلٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: إخصاء البهائم مثله، ثمّ قرأ: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: من تغيير خلق اللّه الخصاء.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، قال: أخبرني شبيلٌ، أنّه سمع شهر بن حوشبٍ، قرأ هذه الآية: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الخصاء، قال: فأمرت أبا التّيّاح، فسأل الحسن عن خصاء الغنم، فقال: لا بأس به.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا عمّي، وهب بن نافعٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، قال: أمرني مجاهدٌ أن أسأل، عكرمة عن قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} فسألته، فقال: هو الخصاء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي عن عبد الجبّار بن وردٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، قال: قال لي مجاهدٌ: سل عنها عكرمة: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} فسألته، فقال: الإخصاء. قال مجاهدٌ: ما له لعنه اللّه، فواللّه لقد علم أنّه غير الإخصاء. ثمّ قال: سله. فسألته، فقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول اللّه تبارك وتعالى: {فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه} قال: لدين اللّه، فحدّثت به مجاهدًا فقال: ما له أخزاه اللّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن ليثٍ، قال: قال عكرمة: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الإخصاء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا هارون النّحويّ، قال: حدّثنا مطرٌ الورّاق، قال: سئل عكرمة، عن قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: هو الإخصاء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن أبي صالحٍ، قال: الخصاء.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول في قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: منه الخصاء.
- حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن قتادة عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثنا ابن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّارٍ، عن ابن عبّاسٍ، بمثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدّثني أبي عن قتادة، عن عكرمة أنّه كره الإخصاء، قال: وفيه نزلت: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه}
- حدثنا يونس قال اخبرنا سفيان في قوله {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال هو الخصاء
وقال آخرون: معنى ذلك: ولآمرنّهم فليغيّرنّ دين اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وأبو أحمد، قالا: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن إبراهيم: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني قيس بن مسلمٍ، عن إبراهيم مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، عن سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن إبراهيم مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، مثله.
- حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبى ومسعر عن سفيان عن قيس بن مسلم عن إبراهيم مثله
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال,أخبرنا وهب عن القاسم بن أبي بزّة، قال: أخبرت مجاهدًا، بقول عكرمة في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} فقال أخطا{فليغيّرنّ خلق اللّه}: دين اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا هارون النّحويّ، قال: حدّثنا الورّاق، قال: ذكرت لمجاهدٍ قول عكرمة في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} فقال: كذب العبد {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وعمرو بن عليٍّ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، عن ابن جريجٍ، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، وعكرمة، قالا: دين اللّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، وحفصٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: دين اللّه، ثمّ قرأ: {ذلك الدّين القيّم}.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، وعمرو بن عليٍّ، قالا: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الفطرة دين اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الفطرة: الدّين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاج، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، أنّه سمع مجاهدًا يقول: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} أي دين اللّه، في قول الحسن وقتادة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبد الملك، عن عثمان بن الأسود، عن القاسم بن أبي بزّة، في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: أمّا خلق اللّه: فدين اللّه.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه، وهو قول اللّه: {فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه} يقول: لدين اللّه.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول في قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه، وقرأ: {لا تبديل لخلق اللّه} قال: لدين اللّه.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا قيس بن مسلمٍ، عن إبراهيم: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: دين اللّه.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا معاذٌ، قال: حدّثنا عمران بن حديرٍ، عن عيسى بن هلالٍ، قال: كتب كثيرٌ مولى ابن سمرة إلى الضّحّاك بن مزاحمٍ يسأله عن قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} فكتب: إنّه دين اللّه.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه بالوشم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن، في قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الوشم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد بن نوحٍ، عن قيسٍ، عن خالد بن قيسٍ، عن الحسن: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الوشم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني هشيمٌ، قال: أخبرنا يونس بن عبيدٍ أو غيره، عن الحسن: {فليغيّرنّ خلق اللّه} قال: الوشم.
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا أبو هلالٍ الرّاسبيّ، قال: سأل رجلٌ الحسن: ما تقول في امرأةٍ قشرت وجهها؟ قال: ما لها لعنها اللّه، غيّرت خلق اللّه.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال عبد اللّه: لعن اللّه المتفلّجات والمتنمّصات والمتوشمات المغيّرات خلق اللّه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: لعن اللّه الواشرات والمستوشمات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن المغيّرات خلق اللّه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد اللّه، قال: لعن اللّه المتنمّصات والمتفلّجات، قال شعبة: وأحسبه قال: المغيّرات خلق اللّه.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال بالصّواب في تأويل ذلك قول من قال: معناه: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه، قال: دين اللّه، وذلك لدلالة الآية الأخرى على أنّ ذلك معناه، وهي قوله: {فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم} وإذا كان ذلك معناه دخل في ذلك فعل كلّ ما نهى اللّه عنه من خصاء ما لا يجوز خصاؤه، ووشم ما نهى عن وشمه ووشره، وغير ذلك من المعاصي، ودخل فيه ترك كلّ ما أمر اللّه به، لأنّ الشّيطان لا شكّ أنّه يدعو إلى جميع معاصي اللّه، وينهى عن جميع طاعته، فذلك معنى أمره نصيبه المفروض من عباد اللّه بتغيير ما خلق اللّه من دينه؛ فلا معنى لتوجيه من وجّه قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} إلى أنّه وعد الأمر بتغيير بعض ما نهى اللّه عنه دون بعضٍ، أو بعض ما أمر به دون بعضٍ. فإذ كان الّذي وجّه معنى ذلك إلى الخصاء والوشم دون غيره، إنّما فعل ذلك لأنّ معناه: كان عنده أنّه عنى به تغيير الأجسام، فإنّ في قوله جلّ ثناؤه إخبارًا عن قيل الشّيطان: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} ما ينبئ أنّ معنى ذلك غير ما ذهب إليه، لأنّ تبتيك آذان الأنعام من تغيير خلق اللّه، الّذي هو أجسامٌ. وقد مضى الخبر عنه أنّه وعد الأمر بتغيير خلق اللّه من الأجسام مفسّرًا، فلا وجه لإعادة الخبر عنه به مجملاً، إذ كان الفصيح في كلام العرب أن يترجم عن المجمل من الكلام بالمفسّر وبالخاص عن العام دون التّرجمة عن المفسّر بالمجمل، وبالعام عن الخاصّ، وتوجيه كتاب اللّه إلى الأفصح من الكلام أولى من توجيهه إلى غيره ما وجد إليه السّبيل). [جامع البيان: 7/494-503]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا (119) يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا}
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن حال نصيب الشّيطان المفروض من الّذين شاقّوا اللّه ورسوله من بعد ما تبيّن لهم الهدى، يقول اللّه: ومن يتّبع الشّيطان فيطيعه في معصية اللّه، وخلاف أمره، ويواليه فيتّخذه وليًّا لنفسه ونصيرًا دون اللّه {فقد خسر خسرانًا مبينًا} يقول: فقد هلك هلاكًا، وبخس نفسه حظّها فأوبقها بخسًا مبينًا يبين عن عطبه وهلاكه، لأنّ الشّيطان لا يملك له نصرًا من اللّه إذا عاقبه على معصيته إيّاه في خلافه أمره، بل يخذله عند حاجته إليه، وإنّما حاله معه ما دام حيًّا ممهلا بالعقوبة، كما وصفه اللّه جلّ ثناؤه بقوله: {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} يعني بذلك جلّ ثناؤه: يعد الشّيطان المريد أولياءه الّذين هم نصيبه المفروض أن يكون لهم نصيرًا ممّن أرادهم بسوءٍ، وظهيرًا لهم عليه، يمنعهم منه ويدافع عنهم، ويمنّيهم الظّفر على من حاول مكروههم والفلج عليهم.
ثمّ قال: {وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} يقول: وما يعد الشّيطان أولياءه الّذين اتّخذوه وليًّا من دون اللّه إلاّ غرورًا، يعني: إلاّ باطلاً. وإنّما جعل عدته إيّاهم جلّ ثناؤه ما وعدهم غرورًا، لأنّهم كانوا يحسبون أنّهم في اتّخاذهم إيّاه وليًّا على حقيقته من عداته الكاذبة وأمانيه الباطلة، حتّى إذا حصحص الحقّ وصاروا إلى الحاجة إليه، قال لهم عدوّ اللّه: {إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل} وكما قال للمشركين ببدرٍ وقد زيّن لهم أعمالهم: {لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جارٌ لكم فلمّا تراءت الفئتان} وحصحص الحقّ، وعاين جدّ الأمر، ونزول عذاب اللّه بحزبه {نكص على عقبيه وقال إنّي بريءٌ منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه واللّه شديد العقاب} فصارت عداته، عدوّ اللّه، إيّاهم عند حاجتهم إليه غرورًا {كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظّمآن ماءً حتّى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد اللّه عنده فوفّاه حسابه}). [جامع البيان: 7/503-504]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا (119)
قوله تعالى: ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ هشام يعني بن يوسف عن بن جريح، أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن عكرمة يعني قوله: ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم قال: دين شرعه لهم الشّيطان كهيئة البحائر والسّيّب.
قوله تعالى: فليبتّكنّ آذان الأنعام.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام أمّا يبتّكنّ آذان الأنعام فيشقّونها فيجعلونها بحيرةً. وروي عن قتادة نحو ذلك.
قوله تعالى: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أحمد يعني الزبير، عن حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّارٍ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه تعالى: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه قال: الإخصاء. وروي عن ابن عم، وأنس بن مالكٍ، وسعيد بن المسيّب، وعكرمة في أحد قوليه، وأبي عياضٍ، وأبي صالحٍ في إحدى الرّوايات، والثّوريّ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ وأسباطٌ، عن مطرّفٍ عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه قال: دين اللّه. وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة في أحد قوليه، إبراهيم النّخعيّ، والحكم والحسن والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك في الرّواية الثّانية. وعطاءٍ الخرساني نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا سعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، ثنا يحيى بن حسّان ثنا حمّاد بن سلمة، عن يونس عن الحسن في قوله: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه قال: هو الوشم.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، أنبأ شيبان، عن قتادة: ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه قال: ما بال أقوامٍ جهلةٍ يغيّرون صبغة اللّه ولون اللّه.
قوله تعالى: ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانا مبينا
- حدّثنا أبي ثنا خالد بن جذاش المهلّبيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ عن الزّبير بن خرّيتٍ عن عكرمة قال: إنّما سمّي الشّيطان، لأنّه تشيطن.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب قال التقى ناسٌ من المسلمين واليهود والنّصارى، فقالت اليهود للمسلمين: نحن خيرٌ منكم ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم ونبيّنا قبل نبيّكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنّة إلا من كان يهوديًّا، وقالت النّصارى مثل ذلك، فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبيّنا بعد نبيّكم، وديننا بعد دينكم وقد أمرتم أن تتّبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خيرٌ منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ولن يدخل الجنّة إلا من كان على ديننا فردّ اللّه عليهم قولهم فقال: ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 3/1069-1070]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال نا حماد بن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس في قوله ولآمرنهم فليغيرن خلق الله يعني إخصاء البهائم). [تفسير مجاهد: 174]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} قال: دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فليبتكن آذان الأنعام} قال: التبتك في البحيرة والسائبة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فليبتكن آذان الأنعام} قال: ليقطعن آذان الأنعام.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: أما (فليبتكن آذان الأنعام) فيشقونها فيجعلونها بحيرة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء وقال: فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء وقال: فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ولفظ عبد الرزاق قال: من تغيير خلق الله الإخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن عباس قال: إخصاء البهائم مثله ثم قرأ {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وأخرج عبد بن حميد من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال: هو الخصاء.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم قال ابن عمر: فيه نماء الخلق.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم ويقول: هل النماء إلا في الذكور.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية {فليغيرن خلق الله} قال: الخصاء منه، فأمرت أبا التياج فسأل الحسن عن خصاء الغنم قال: لا بأس به.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة في قوله {فليغيرن خلق الله} قال: هو الخصاء.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء ويقول: هو نماء خلق الله.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال: فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له.
وأخرج ابن المنذر، عن طاووس أنه خصى جملا له.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول فقال: لا بأس لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن الحسن قال: لا بأس بإخصاء الدواب.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل ونهانا عنه عبد الملك بن مروان.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضه وسوء خلقه بأسا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال: دين لله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله، وهو قوله (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) (الروم الآية 30) يقول: لدين الله.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن سعيد بن جبير {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله.
وأخرج عبد الرزاق وآدم، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله ثم قرأ {لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فليغيرن خلق الله} قال: الوشم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله.
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة: عن الوشر والوشم والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم وعن النهبى وعن ركوب النمور ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمستوشمة والواصلة والمتصلة.
وأخرج أحمد ومسلم، عن جابر قال: زجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرداوا أن يصلوها فسألوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عروسا وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها أفأصله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قال: ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله). [الدر المنثور: 5/22-28]

تفسير قوله تعالى: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا (119) يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا}
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه عن حال نصيب الشّيطان المفروض من الّذين شاقّوا اللّه ورسوله من بعد ما تبيّن لهم الهدى، يقول اللّه: ومن يتّبع الشّيطان فيطيعه في معصية اللّه، وخلاف أمره، ويواليه فيتّخذه وليًّا لنفسه ونصيرًا دون اللّه {فقد خسر خسرانًا مبينًا} يقول: فقد هلك هلاكًا، وبخس نفسه حظّها فأوبقها بخسًا مبينًا يبين عن عطبه وهلاكه، لأنّ الشّيطان لا يملك له نصرًا من اللّه إذا عاقبه على معصيته إيّاه في خلافه أمره، بل يخذله عند حاجته إليه، وإنّما حاله معه ما دام حيًّا ممهلا بالعقوبة، كما وصفه اللّه جلّ ثناؤه بقوله: {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} يعني بذلك جلّ ثناؤه: يعد الشّيطان المريد أولياءه الّذين هم نصيبه المفروض أن يكون لهم نصيرًا ممّن أرادهم بسوءٍ، وظهيرًا لهم عليه، يمنعهم منه ويدافع عنهم، ويمنّيهم الظّفر على من حاول مكروههم والفلج عليهم.
ثمّ قال: {وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورًا} يقول: وما يعد الشّيطان أولياءه الّذين اتّخذوه وليًّا من دون اللّه إلاّ غرورًا، يعني: إلاّ باطلاً. وإنّما جعل عدته إيّاهم جلّ ثناؤه ما وعدهم غرورًا، لأنّهم كانوا يحسبون أنّهم في اتّخاذهم إيّاه وليًّا على حقيقته من عداته الكاذبة وأمانيه الباطلة، حتّى إذا حصحص الحقّ وصاروا إلى الحاجة إليه، قال لهم عدوّ اللّه: {إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل} وكما قال للمشركين ببدرٍ وقد زيّن لهم أعمالهم: {لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جارٌ لكم فلمّا تراءت الفئتان} وحصحص الحقّ، وعاين جدّ الأمر، ونزول عذاب اللّه بحزبه {نكص على عقبيه وقال إنّي بريءٌ منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه واللّه شديد العقاب} فصارت عداته، عدوّ اللّه، إيّاهم عند حاجتهم إليه غرورًا {كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظّمآن ماءً حتّى إذا جاءه لم يجده شيئًا ووجد اللّه عنده فوفّاه حسابه}). [جامع البيان: 7/503-504] (م)

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك مأواهم جهنّم ولا يجدون عنها محيصًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {أولئك} هؤلاء الّذين اتّخذوا الشّيطان وليًّا من دون اللّه {مأواهم جهنّم} يعني: مصيرهم الّذي يصيرون إليه جهنّم {ولا يجدون عنها محيصًا} يقول: لا يجدون عن جهنّم إذا صيّرهم اللّه إليها يوم القيامة، معدلاً يعدلون إليه، يقال منه: حاص فلانٌ عن هذا الأمر يحيص حيصًا وحيوصًا: إذا عدل عنه، ومنه خبر ابن عمر أنّه قال: بعثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سريّةً كنت فيهم، فلقينا المشركين فحصنا حيصةً؛ وقال بعضهم: فجاضوا جيضةً، والحيص والجيض متقاربا المعنى). [جامع البيان: 7/505]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)}

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن يشاقق الرسول} أي يخالف كأنه يصير في شق خلاف شقة أي في ناحية قال سعيد بن جبير لما أطلع الله النبي على أمر ابن أبيرق هرب إلى المشركين فارتد فأنزل الله: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} قال مجاهد أي نتركه وما يعبد وكذلك هو في اللغة يقال وليته ما تولى إذا تركته في اختياره قال سعيد بن جبير لما صار إلى مكة نقب بيتا بمكة فلحقه المشركون فقتلوه فأنزل الله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} إلى قوله: {فقد ضل ضلالا بعيدا}). [معاني القرآن: 2/190-191] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً...}
يقول: اللات والعزّى وأشباههما من الآلهة المؤنثة. وقد قرأ ابن عباس {إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً} جمع الوثن فضم الواو فهمزها، كما قال {وإذا الرّسل أقّتت}
وقد قرئت (إن يدعون من دونه إلا أنثا) جمع الإناث، فيكون مثل جمع الثمار والثمر {كلوا من ثمره}). [معاني القرآن: 1/288-289]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً) إلا الموات؛ حجراً أو مدراً أو ما أشبه ذلك.
(شيطاناً مريداً) أي متمرداً). [مجاز القرآن: 1/140]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({إن يدعون من دونه إلّا إناثاً} يعني اللات والعزّى ومناة.
{وإن يدعون إلّا شيطاناً مريداً} أي ماردا. مثل قدير وقادر، والمارد: العاتي). [تفسير غريب القرآن: 135]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (إن يدعون من دونه إلّا إناثا وإن يدعون إلّا شيطانا مريدا (117)
إن يدعون تقرأ إلا أنثا، وإلا أثنا - بتقديم الثاء، وتأخيرها. فمن قال أناث فهو جمع أنثى وإناث، ومن قال أنث فهو جمع إناث، لأن إناثا على وزن مثال، وإناث وأنث مثل مثال ومثل. ومن قال أثنا فإنه جمع وثن.
والأصل وثن، إلا أنّ الواو إذا انضمّت يجوز إبدالها همزة، كقوله تعالى: (وإذا الرّسل أقتت) الأصل وقّتت، ومثال وثن في الجمع مثل سقف.
وجائز - أن يكون اثن مثل أسد وأسد، وجائز أن يكون اثن أصلها اثن، فاتبعت الضمّة الضمّة.
وقوله جلّ وعزّ: (وإن يدعون إلّا شيطانا مريدا).
يعني به إبليس لأنهم إذا أطاعوه فيما سوّل لهم فقد عبدوه، ويدعون في معنى يعبدون، لأنهم إذا دعوا اللّه مخلصين فقد عبدوه.
وكذلك قوله: (وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم) أي اعبدوني.
والدليل على ذلك قوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي).
ومعنى (مريدا) أي خارج عن الطاعة متملص منها، ويقال " شجرة مرداء.
إذا تناثر ورقها، ومن ذلك يسمى من لم تنبت له لحية أمرد أي أملس موضع اللحية، وقد مرد الرجل يمرد مرودا إذا عتا وخرج عن الطاعة).
[معاني القرآن: 2/108]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال مجاهد يعني الأوثان وعن أبي مع كل صنم جنية وقال أهل اللغة إنما سميت إناثا لأنهم سموها اللات والعزى ومناة وهذا عندهم إناث وقال الحسن أي ما يعبدون إلا حجارة وخشبا
قال وكان لكل حي صنم يعبدونه فيقال أنثى بني فلان فأنزل الله هذا وهذا قول حسن في اللغة لأن هذه الأشياء يخبر عنها بالتأنيث يقال الحجارة يعجبنه ولا يقال يعجبونه وروي عن ابن عباس أنه قرأ (إن يدعون من دونه إلا أثنا) وهذا جمع الجمع كأنه جمع وثنا على وثان كما تقول مثال ومثل ثم أبدل من الواو همزة لما انضمت كما قال جل وعز: {وإذا الرسل أقتت} من الوقت وقرئ (إن يدعون من دونه إلا أنثا) وهو جمع إناث). [معاني القرآن: 2/191-192]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله} فالمريد الخارج من الخير المتجرد منه وأمرد من هذا وقيل المريد الممتد في الشر من قولهم بيت ممرد أي مطول). [معاني القرآن: 2/193]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({إِلاَّ إِنَاثًا} يعني اللات وعزى ومناة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 64]

تفسير قوله تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {نصيباً مّفروضاً...} جعل الله له عليه السبيل؛ فهو كالمفروض). [معاني القرآن: 1/289]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({نصيباً مفروضاً} أي حظا افترضته لنفسي منهم فأضلهم). [تفسير غريب القرآن: 135]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( (وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيبا مفروضا (118)
قيل في مفروض إن معناه مؤقت، وجاء في بعض التفسير من كل ألف واحد للّه وسائرهم لإبليس.
ومعنى مفروض - واللّه أعلم - أي أفترضه على نفسي وأصل الفرض في اللغة القطع، والفرضة الثلمة تكون في النهر، يقال سقاها بالفراض وبالفرض، والفرض الحز الذي يكون في المسواك يشد فيه الخيط، والفرض في القوس الحز الذي يشدّ فيه الوتر، والفريضة في سائر ما افترض ما أمر الله به العباد فجعله أمرا حتما عليهم قاطعا، وكذلك قوله: (وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم) أي جعلتم لهنّ قطعة من المال وقد فرضت الرجل جعلت له قطعة من مال الفيء.
فأما قول الشاعر:
إذا أكلت سمكا وفرضا... ذهبت طولا وذهبت عرضا
فالفرض ههنا التمر، وإنما سمي التمر فرضا لأنه يؤخذ في فراض الصدقة). [معاني القرآن: 2/108-109]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ومعنى لعنه باعده من رحمته. ثم قال جل وعز: {وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} أي موقتا وهو من فرضت أي قطعت). [معاني القرآن: 2/193]

تفسير قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ولأضلّنّهم...} وفي قراءة أبيّ "وأضلهم وأمنّيهم"). [معاني القرآن: 1/289]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فليبتّكنّ آذان الأنعام)، بتكه: قطعه). [مجاز القرآن: 1/140]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({فليبتكن آذان الأنعام}: يقطعونها بتكة قطعة). [غريب القرآن وتفسيره: 124]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فليبتّكنّ آذان الأنعام} أي يقطعونها ويشقّونها. يقال: بتكه، إذا فعل ذلك به.
{فليغيّرنّ خلق اللّه} يقال: دين اللّه. ويقال لا، يغيرون خلقه بالخصاء وقطع الآذان وفقء العيون. وأشباه ذلك). [تفسير غريب القرآن: 136]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (والخلق: الدّين، كقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}، أي لدين الله.
وقال تعالى: {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، أي دينه: ويقال:
تغيير خلقه بالخصاء وبتك الآذان، وأشباه ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 507]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه ومن يتّخذ الشّيطان وليّا من دون اللّه فقد خسر خسرانا مبينا (119)
(ولأمنّينّهم).
أي أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون من الآخرة حظا.
كما قال: (وزيّن لهم الشيطان أعمالهم).
(ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام).
كأنه - واللّه أعلم - ولآمرنهم بتبتيك آذان الأنعام فليبتكن، أي يشققن، يقال بتكت الشيء أبتكه بتكا إذا قطعته، وبتكة وبتك، مثل قطعة وقطع، وهذا في البحيرة، كانت الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن فكان الخامس ذكرا شقوا أذن الناقة وامتنعوا من الانتفاع بها ولم تطرد عن ماء ولا
مرعى، وإذا لقيها المعي لم يركبها. فهذا تأويل (فليبتّكنّ آذان الأنعام).
سوّل لهم إبليس أن في تركها لا ينتفع بها قربة إلى الله.
(ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه).
قيل إن معناه أن الله خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها فحرموها على أنفسهم، وخلق الشمس والقمر والأرض والحجارة سخرة للناس ينتفعون بها فعبدها المشركون، فغيروا خلق اللّه، أي دين اللّه، لأن الله فطر الخلق على الإسلام، خلقهم من بطن آدم كالذر، وأشهدهم أنه ربهم فآمنوا، فمن كفر فقد غير فطرة الله التي فطر الناس عليها.
فأمّا قوله: (لا تبديل لخلق الله)، فإنّ معناه ما خلقه الله هو الصحيح، لا يقدر أحد أن يبدل معنى صحة الدين.
وقال بعضهم: (فليغيّرنّ خلق اللّه) هو الخصاء لأن الذي يخصي الفحل قد غير خلق اللّه.
ومعنى (إن يدعون من دونه إلّا إناثا).
أي ما يعبدون إلا ما قد سموه باسم الإناث، يعني به المشركون، سمّوا الأصنام اللات والعزى ومناة، وما أشبهه، وقيل إن معنى قوله: (إن يدعون من دونه إلّا إناثا) أي مواتا، والموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث، تقول من ذلك: هذه الأحجار تعجبني، ولا تقول يعجبونني، وكذلك الدراهم تنفعني). [معاني القرآن: 2/109-110]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولأضلنهم ولأمنينهم} أي ولأوهمنهم أن لهم حظا في المخالفة).
[معاني القرآن: 2/194]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} يقال بتك إذا قطع قال قتادة يعني البحيرة والبحيرة الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا شقوا آذانها ولم ينتفعوا بها
والتقدير في العربية ولآمرنهم بتبتيك آذان الأنعام). [معاني القرآن: 2/194-195]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} عن ابن عباس دين الله وعنه أيضا الخصاء وكذلك روي عن أنس وقال سعيد بن جبير ومجاهد وإبراهيم والضحاك وقتادة يعني دين الله وزاد مجاهد يعني الفطرة أي أنهم ولدوا على الإسلام وأمرهم الشيطان بتغييره
وروي عن عكرمة قولان: أحدهما أنه الخصاء والآخر أنه دين الله وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنها ترجع إلى الأفعال فأما قوله: {لا تبديل لخلق الله} وقال ههنا فليغيرن خلق الله فإن التبديل هو بطلان عين الشيء فهو ههنا مخالف للتغيير وقال محمد بن جرير أولاهما أنه دين الله وإذا كان ذلك معناه دخل فيه فعل كل ما نهى الله عنه من خصاء ووشم وغير ذلك من المعاصي لأن الشيطان يدعو إلى جميع المعاصي أي فليغيرن ما خلق الله من دينه). [معاني القرآن: 2/195-197]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (فليبتكن آذان الأنعام) أي: فليقطعن آذان الإبل). [ياقوتة الصراط: 203]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (فليغيرن خلق الله) قال: يعني: الإخصاء.
(قيلا) أي: قولا). [ياقوتة الصراط: 203]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ} أي يقطعونها، ويشقونها.
{فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ} أي دين الله، وقيل: يغيرونه بالخصاء وقطع الآذان ونحوه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَلَيُبَتِّكُنَّ}: يقطعن). [العمدة في غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120)}

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (محيصاً) (120)، حاص عنه: عدل عنه). [مجاز القرآن: 1/140]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({محيصا}: معدلا حاص عن الطريق عدل عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 124]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (أولئك مأواهم جهنّم ولا يجدون عنها محيصا (121)
(ولا يجدون عنها محيصا).
أي لا يجدون عنها معدلا ولا ملجأ.
يقال حصت عن الرجل أحيص، ورووا جضت عنه أجيض بالجيم والضاد المعجمة، بمعنى حصت، ولا يجوز ذلك في القرآن، وإن كان المعنى واحدا والخط غير مخالف، لأن القرآن سنة لا تخالف فيه الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والسلف وقراء الأمصار بما يجوز في النحو واللغة، وما فيه أفصح ممّا يجوز. فالاتباع فيه أولى.
يقال حصت أحوص حوصا وحياصا، إذا خطت، قال الأصمعي: يقال حص عين صقرك أي خط عينه، والحوص في العين ضيق مؤخرها.
والخوص بالخاء - معجمة - غؤورها). [معاني القرآن: 2/110-111]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا} المحيص في اللغة المعدل والملجأ يقال حصت وجضت وعدلت بمعنى واحد). [معاني القرآن: 2/197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({مَحِيصاً}: معدلا). [العمدة في غريب القرآن: 115]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 12:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن كل جمع مؤنث؛ لأنك تريد معنى جماعة. ولا تذكر من ذلك إلا ما كان فعله يجري بالواو والنون في الجمع، وذلك كل ما يعقل، تقول: مسلم ومسلمون؛ كما تقول: قوم يسلمون، وتقول للجمال: هي تسير وهن يسرن, كما تقول للمؤنث، لأن أفعالها على ذلك، وكذلك الموات، قال الله عز وجل في الأصنام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ}، والواحد مذكر. وقال المفسرون في قوله: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا}، قالوا: الموات، فكل ما خرج عما يعقل فجمعه بالتأنيث وفعله عليه، لا يكون إلا ذلك، إلا ما كان من باب المنقوص. نحو سنين وعزين وليس هذا موضعه. وجملته أنه لا يكون إلا مؤنثًا، فلهذا كان يقع على بعض هذا الضرب الاسم المؤنث، فيجمع الذكر والأنثى، فمن ذلك قولهم: عقرب، فهن اسم مؤنث، إلا أنك إن عرفت الذكر قلت: هذا عقرب، وكذلك الحية، تقول للأنثى: هذه حية، وللذكر هذا حية، قال جرير:

إن الحفافيث منكم يا بني لجإ = يطرقن حيث يصول الحية الذكر
[قال الأخفش: الحفافيث: ضرب من الحيات يكون صغير الجرم ينتفخ ويعظم وينفخ نفخًا شديدًا، لا غائلة له].
وتقول: هذا بطة للذكر، وهذه بطة للأنثى، وهذا دجاجة، وهذه دجاجة.
قال جرير:
لما تذكرت بالديرين أرقني = صوت الدجاج وقرع بالنواقيس
يريد زقاء الديوك، فالاسم الذي يجمعهما دجاجة للذكر والأنثى. ثم يخص الذكر بأن يقال: ديك. وكذلك تقول: هذا بقرة "وهذه بقرة" لهما جميعًا. وهذا حباري، ثم يخص الذكر فتقول: ثور. وتقول للذكر من الحباري: خرب، فعلى هذا يجري هذا الباب، وكل ما لم نذكره فهذا سبيله). [الكامل: 3/1477-1478] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أوجب تعالى أنه لا يغفر أن يشرك به، وقد مضى تفسير مثل هذه الآية وما يتصل بها من المعتقد والبعد في صفة الضلال، مقتض بعد الرجوع إلى المحجة البيضاء وتعذره وإن بقي غير مستحيل). [المحرر الوجيز: 3/23]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً وإن يدعون إلاّ شيطاناً مريداً (117) لعنه اللّه وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيباً مفروضاً (118)
الضمير في يدعون عائد على من تقدم ذكره من الكفرة في قوله: ومن يشاقق الرّسول [النساء: 115] إن نافية بمعنى «ما» ويدعون عبارة مغنية موجزة في معنيي: يعبدون ويتخذون آلهة، وقرأ أبو رجاء العطاردي «إن تدعون» بالتاء من فوق، ورويت عن عاصم، واختلف في معنى «الإناث»، فقال أبو مالك والسدي وغيرهما: ذلك لأن العرب كانت تسمي أصنامها بأسماء مؤنثة، فاللات والعزى ومناة ونائلة.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق: ويرد على هذا أنها كانت تسمي بأسماء مذكرة كثيرة، وقال الضحاك وغيره: المراد ما كانت العرب تعتقده من تأنيث الملائكة وعبادتهم إياها، فقيل لهم هذا على جهة إقامة الحجة من فاسد قولهم، وقال ابن عباس والحسن وقتادة: المراد: الخشب والحجارة وهي مؤنثات لا تعقل، فيخبر عنها كما يخبر عن المؤنث من الأشياء فيجيء قوله: إلّا إناثاً عبارة عن الجمادات، وقيل:
إنما هذا لأن العرب كانت تسمي الصنم أنثى فتقول: أنثى بني فلان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا على اختلافه يقضي بتعييرهم بالتأنيث وأن التأنيث نقص وخساسة بالإضافة إلى التذكير، وقيل معنى إناثاً أوثانا، وفي مصحف عائشة «إن يدعون من دونه إلا أوثانا» وقرأ ابن عباس فيما روى عنه أبو صالح «إلا أنثا» يريد وثنا، فأبدل الهمزة واوا، وهو جمع جمع على ما حكى بعض الناس، كأنه جمع وثنا على وثان، كجمل وجمال، ثم جمع وثانا على وثن كرهان ورهن وكمثال ومثل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا خطأ، لأن فعالا في جمع فعل إنما هو للتكثير والجمع الذي هو للتكثير لا يجمع وإنما تجمع جموع التقليل، والصواب أن تقول وثن جمع وثن دون واسطة، كأسد وأسد، قال أبو عمرو: وبهذا قرأ ابن عمر وسعيد بن المسيب ومسلم بن جندب وعطاء، وروي عن ابن عباس أنه قرأ «إلا وثنا» بفتح الواو والثاء على إفراد اسم الجنس، وقرأ ابن عباس أيضا «وثنا» بضم الواو والثاء، وقرأت فرقة «إلا وثنا»، وقرأت فرقة «إلا أثنا» بسكون الثاء، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم «إلا أنثا» بتقديم النون وهو جمع أنيث كغدير وغدر ونحو ذلك، وحكى الطبري: أنه جمع إناث كثمار وثمر، وحكى هذه القراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو عمرو الداني، قال: وقرأ بها ابن عباس وأبو حيوة والحسن، واختلف في المعنى ب «الشيطان»، فقالت فرقة: هو الشيطان المقترن بكل صنم، فكأنه موحد باللفظ جمع بالمعنى، لأن الواحد يدل على الجنس، وقال الجمهور: المراد إبليس وهذا هو الصواب، لأن سائر المقالة به تليق، ومريداً معناه عاتيا صليبا في غوايته، وهو فعيل من مرد: إذا عتا وغلا في انحرافه وتجرد للشر والغواية). [المحرر الوجيز: 3/23-24]

تفسير قوله تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأصل اللعن: الإبعاد، وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط وغضب، ويحتمل أن يكون لعنه صفة الشيطان، ويحتمل أن يكون خبرا عنه، والمعنى يتقارب على الوجهين، وقوله تعالى: وقال لأتّخذنّ الآية، التقدير: وقال الشيطان، والمعنى، لأستخلصنهم لغوايتي: ولأخصنهم بإضلالي وهم الكفرة والعصاة، والمفروض معناه في هذا الموضع المنحاز، وهو مأخوذ من الفرض وهو الحز في العود وغيره، ويحتمل أن يريد واجبا أن أتخذه، وبعث النار هو نصيب إبليس). [المحرر الوجيز: 3/25]

تفسير قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسراناً مبيناً (119) يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غروراً (120) أولئك مأواهم جهنّم ولا يجدون عنها محيصاً (121) والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سندخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وعد اللّه حقًّا ومن أصدق من اللّه قيلاً (122)
قوله: ولأضلّنّهم معناه أصرفهم عن طريق الهدى، ولأمنّينّهم لأسولن لهم.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله: وهذا لا ينحصر إلى نوع واحد من الأمنية، لأن كل واحد في نفسه إنما تمنيه بقدر نصبته وقرائن حاله، ومنه قوله عليه السلام: «إن الشيطان يقول لمن يركب ولا يذكر الله: تغن، فإن لم يحسن قال له تمن»، واللامات كلها للقسم، «والبتك»: القطع. وكثر الفعل إذ القطع كثير على أنحاء مختلفة، وإنما كنى عز وجل عن البحيرة والسائبة ونحوه مما كانوا يثبتون فيه حكما، بسبب آلهتهم وبغير ذلك، وقرأ أبو عمرو بن العلاء ولآمرنّهم بغير ألف، وقرأ أبيّ «وأضلهم وأمنيهم وأمرهم» واختلف في معنى «تغيير خلق الله»، فقال ابن عباس وإبراهيم ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم: أراد: يغيرون دين الله، وذهبوا في ذلك إلى الاحتجاج بقوله تعالى: فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه [الروم: 30] أي لدين الله، والتبديل يقع موضعه التغيير، وإن كان التغيير أعم منه، وقالت فرقة: «تغيير خلق الله» هو أن الله تعالى خلق الشمس والنار والحجارة وغيرها من المخلوقات ليعتبر بها وينتفع بها، فغيرها الكفار بأن جعلوها آلهة معبودة، وقال ابن عباس أيضا وأنس وعكرمة وأبو صالح: من تغيير خلق الله الإخصاء، والآية إشارة إلى إخصاء البهائم وما شاكله، فهي عندهم أشياء ممنوعة، ورخص في إخصاء البهائم جماعة إذا قصدت به المنفعة، إما السمن أو غيره، ورخصها عمر بن عبد العزيز في الخيل، وقال ابن مسعود والحسن: هي إشارة إلى الوشم وما جرى مجراه من التصنع للحسن، فمن ذلك الحديث: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والموشومات والمتنمصات والمتفلجات المغيرات خلق الله». ومنه قوله عليه السلام، «لعن الله الواصلة والمستوصلة»، وملاك تفسير هذه الآية: أن كل تغيير ضار فهو في الآية، وكل تغيير نافع فهو مباح، ولما ذكر الله تعالى عتو الشيطان وما توعد به من بث مكره، حذره تبارك وتعالى عباده، بأن شرط لمن يتخذه وليا جزاء الخسران، وتصور الخسران إنما هو بأن أخذ هذا المتخذ حظ الشيطان، فكأنه أعطى حظ الله تبارك وتعالى فيه وتركه من أجله). [المحرر الوجيز: 3/25-27]

تفسير قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يعدهم ويمنّيهم: يعدهم بأباطيله من المال والجاه، وأن لا بعث ولا عقاب ونحو ذلك لكل أحد ما يليق بحاله. ويمنيهم كذلك، ثم ابتدأ تعالى الخبر عن حقيقة ذلك بقوله: وما يعدهم الشّيطان إلّا غروراً). [المحرر الوجيز: 3/27]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى بمصير المتخذين الشيطان وليا وتوعدهم بأن مأواهم جهنّم، ولا يدافعونها بحيلة، ولا يعدلون عنها. ولا ينحرفون ولا يتروغون، و «المحيص» مفعول من حاص إذا راغ ونفر، ومنه قول الشاعر [جعفر بن علبة الحارثي]: [الطويل]
ولم أدر إن حصنا من الموت حيصة = كم العمر باق والمدى متطاول
ومنه الحديث، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، يقال حاص الرجل من كذا، وجاض بالجيم والضاد المنقوطة إذا راغ بنفور، ولغة القرآن الحاء والصاد غير منقوطة). [المحرر الوجيز: 3/27]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك باللّه فقد ضلّ ضلالا بعيدًا (116) إن يدعون من دونه إلا إناثًا وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا (117) لعنه اللّه وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا (118) ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا (119) يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلا غرورًا (120) أولئك مأواهم جهنّم ولا يجدون عنها محيصًا (121) والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سندخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا وعد اللّه حقًّا ومن أصدق من اللّه قيلا (122)}
قد تقدّم الكلام على هذه الآية الكريمة، وهي قوله: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك [لمن يشاء]} الآية [النّساء: 48]، وذكرنا ما يتعلّق بها من الأحاديث في صدر هذه السّورة.
وقد روى التّرمذيّ حديث ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة، عن أبيه، عن عليٍّ رضي اللّه عنه أنّه قال: ما في القرآن آيةٌ أحبّ إليّ من هذه الآية: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به [ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء]} الآية، ثمّ قال: حسنٌ غريبٌ.
وقوله: {ومن يشرك باللّه فقد ضلّ ضلالا بعيدًا} أي: فقد سلك غير الطّريق الحقّ، وضلّ عن الهدى وبعد عن الصّواب، وأهلك نفسه وخسرها في الدّنيا والآخرة، وفاتته سعادة الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/413-414]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمود بن غيلان، أنبأنا الفضل بن موسى، أخبرنا الحسن بن واقدٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قال: مع كلّ صنمٍ جنيّة.
وحدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن سلمة الباهليّ، عن عبد العزيز بن محمد، عن هشامٍ -يعني ابن عروة -عن أبيه عن عائشة: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قالت: أوثانًا.
وروى عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، وعروة بن الزّبير، ومجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
وقال جويبر عن الضّحّاك في [قوله] {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قال المشركون: إنّ الملائكة بنات اللّه، وإنّما نعبدهم ليقرّبونا إلى اللّه زلفى، قال: اتّخذوها أربابًا وصوّروهنّ صور الجواري، فحكموا وقلّدوا، وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات اللّه الّذي نعبده، يعنون الملائكة.
وهذا التّفسير شبيه بقوله تعالى: {أفرأيتم اللات والعزّى. [مناة الثّالثة الأخرى. ألكم الذّكر وله الأنثى. تلك إذًا قسمةٌ ضيزى. إن هي إلا أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّه بها من سلطانٍ]} [النّجم: 19-23]، وقال تعالى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا [أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون]} [الزّخرف: 19]، وقال تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنّة نسبًا ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون. سبحان اللّه عمّا يصفون]} [الصّافّات: 158، 159].
وقال عليّ بن أبي طلحة والضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قال: يعني موتى.
وقال مباركٌ -يعني ابن فضالة -عن الحسن: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا} قال الحسن: الإناث كلّ شيءٍ ميّتٍ ليس فيه روحٌ، إمّا خشبةٌ يابسةٌ وإمّا حجرٌ يابسٌ. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وهو غريب.
وقوله: {وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا} أي: هو الّذي أمرهم بذلك وحسّنه لهم وزيّنه، وهم إنّما يعبدون إبليس في نفس الأمر، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشّيطان [إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ]} [يس: 60] وقال تعالى إخبارًا عن الملائكة أنّهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الّذين ادّعوا عبادتهم في الدّنيا: {بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون} [سبأٍ: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/414-415]

تفسير قوله تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لعنه اللّه} أي: طرده وأبعده من رحمته، وأخرجه من جواره.
وقال: {لأتّخذنّ من عبادك نصيبًا مفروضًا} أي: معيّنا مقدّرًا معلومًا. قال مقاتل بن حيّان: من كلّ ألفٍ تسعمائةٌ وتسعةٌ وتسعون إلى النّار، وواحدٌ إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/415]

تفسير قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولأضلّنّهم} أي: عن الحقّ {ولأمنّينّهم} أي: أزيّن لهم ترك التّوبة، وأعدهم الأماني، وآمرهم بالتّسويف والتّأخير، وأغرّهم من أنفسهم.
وقوله: {ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام} قال قتادة والسّدّيّ وغيرهما: يعني تشقيقها وجعلها سمةً وعلامةً للبحيرة والسّائبة.
{ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} قال ابن عبّاسٍ: يعني بذلك خصاء الدّوابّ. وكذا روي عن ابن عمر، وأنسٍ، وسعيد بن المسيّب، وعكرمة، وأبي عياضٍ، وأبي صالحٍ، وقتادة، والثّوريّ. وقد ورد في حديثٍ النّهي عن ذلك.
وقال الحسن ابن أبي الحسن البصريّ: يعني بذلك الوشم. وفي صحيح مسلمٍ النّهي عن الوشم في الوجه وفي لفظٍ: "لعن اللّه من فعل ذلك". وفي الصّحيح عن ابن مسعودٍ أنّه قال: لعن اللّه الواشمات والمستوشمات، والنّامصات والمتنمّصات، والمتفلّجات للحسن المغيّرات خلق اللّه، عزّ وجلّ، ثمّ قال: ألا ألعن من لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في كتاب اللّه، عزّ وجلّ، يعني قوله: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].
وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ عنه، ومجاهدٌ، وعكرمة أيضًا وإبراهيم النخعي، والحسن، وقتادة، والحكم، والسّدّيّ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراساني في قوله: {ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه} يعني: دين اللّه، عزّ وجلّ. وهذا كقوله تعالى: {فأقم وجهك للدّين حنيفًا فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه} [الرّوم: 30] على قول من جعل ذلك أمرًا، أي: لا تبدّلوا فطرة اللّه، ودعوا النّاس على فطرتهم، كما ثبت في الصّحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، وينصّرانه، ويمجّسانه، كما تولد البهيمة بهيمةً جمعاء، هل يحسّون فيها من جدعاء؟ " وفي صحيح مسلمٍ، عن عياض بن حمار قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قال اللّه عزّ وجلّ: إنّي خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشّياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم".
وقوله تعالى: {ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون اللّه فقد خسر خسرانًا مبينًا} أي: فقد خسر الدّنيا والآخرة، وتلك خسارةٌ لا جبر لها ولا استدراك لفائتها.
وقوله: {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلا غرورًا} وهذا إخبارٌ عن الواقع؛ لأنّ الشّيطان يعد أولياءه ويمنّيهم بأنّهم هم الفائزون في الدّنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك؛ ولهذا قال: {وما يعدهم الشّيطان إلا غرورًا} كما قال تعالى مخبرًا عن إبليس يوم المعاد: {وقال الشّيطان لمّا قضي الأمر إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ [إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل] إنّ الظّالمين لهم عذابٌ أليمٌ} [إبراهيم: 22] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/415-416]

تفسير قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم الشّيطان إلا غرورًا} وهذا إخبارٌ عن الواقع؛ لأنّ الشّيطان يعد أولياءه ويمنّيهم بأنّهم هم الفائزون في الدّنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك؛ ولهذا قال: {وما يعدهم الشّيطان إلا غرورًا} كما قال تعالى مخبرًا عن إبليس يوم المعاد: {وقال الشّيطان لمّا قضي الأمر إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطانٍ [إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل] إنّ الظّالمين لهم عذابٌ أليمٌ} [إبراهيم: 22] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/416]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: أي: المستحسنون له فيما وعدهم ومنّاهم {مأواهم جهنّم} أي: مصيرهم ومآلهم يوم حسابهم {ولا يجدون عنها محيصًا} أي: ليس لهم عنها مندوحةٌ ولا مصرفٌ، ولا خلاصٌ ولا مناصٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/416]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة