التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب (30)}
المعنى : نعم العبد سليمان , إنّه أوّاب , كثير الرجوع). [معاني القرآن: 4/330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب}
فيه سبعة أقوال:
-قال ابن المسيب : (الأواب : الذي يذنب , ثم يتوب , ثم يذنب , ثم يتوب) .
- وقال سعيد بن جبير: (الأواب : المسبح).
- وقال قتادة: (المطيع) .
- وقال عبيد بن عمير : (الذي يذكر ذنبه في الخلاء , فيستغفر منه) .
- وقيل : الراحم .
- وقيل: التائب .
وقال أهل اللغة: الرجاع : الذي يرجع إلى التوبة.) [معاني القرآن: 6/106-108]
تفسير قوله تعالى:{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الصّافنات الجياد...}
يعني: الخيل، كان غنمها سليمان بن داود من جيشٍ قاتله , فظفر به. فلمّا صلّى الظهر دعا بها، فلم يزل يعرضها حتّى غابت الشمس , ولم يصلّ العصر , وكان عندهم مهيباً, لا يبتدأ بشيء حتى يأمر به، فلم يذكر العصر, ولم يكن ذلك عن تجبّر منه، فلمّا ذكرها قال: {إنّي أحببت حبّ الخير} : يقول: آثرت حبّ الخيل، والخير في الكلام العرب: الخيل.
والصّافنات: فيما ذكر الكلبي بإسناده : القائمة على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يدٍ , أو رجلٍ.
وهي في قراءة عبد الله : {صوافن فإذا وجبت}: يريد: معقولة على ثلاث, وقد رأيت العرب تجعل الصّافن القائم على غير ثلاث. وأشعارهم : تدلّ عل أنها القيام خاصّةً , والله أعلم بصوابه.
وفي قراءة عبد الله :{إنّي أحببت} بغير (قال) , ومثله ممّا حذف في قراءتنا منه القول , وأثبت في قراءة عبد الله : {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان} , وليس في قراءتنا ذلك. وكلّ صواب).[معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد }: من الخيل، والصافن الذي يجمع بين يديه , ويثني طرف سنبك احدى رجليه والسنبك مقدم الحافر , وقال بعض العرب: بل الصافن الذي يجمع يديه , والذي يرفع طرف سنبك رجله , فهو مخيم.). [مجاز القرآن: 2/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الصافنات الجياد}: الصافن: الذي يجمع بين يديه ويثني طرف سنبك إحدى رجليه. والسنبك: مقدم الحافر. وبعضهم يقول: الصافن الذي يجمع يديه). [غريب القرآن وتفسيره: 323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({والصّافنات الجياد}: الخيل, يقال: هي القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت اليد الأخرى على طرف الحافر من يد كان أو رجل. وهذا قول بعض المفسرين.
والصافن في كلام العرب: الواقف من الخيل , وغيرها.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم: ((من سرّه أن يقوم الرجال له صفونا، فليتبوّأ مقعده من النار))، أي: يديمون له القيام.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إذ عرض عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد (31)}
الصافنات : الخيل القائمة، وقال أهل اللّغة , وأهل التفسير: الصافن : القائم الذي يثني إحدى يديه أو إحدى رجليه حتى يقف بها على سنبكه,
وهو طرف الحافر، فثلاث من قوائمه متصلة بالأرض، وقائمة منها تتصل بالأرض , طرف حافرها فقط , قال الشاعر:
ألف الصّفون فلا يزال كأنه= مما يقوم على الثلاث كسيرا
وقال بعضهم: الصافن القائم ثنى إحدى قوائمه ولم يثنها، والخيل أكثر ما تقف - إذا وقفت - صافنة؛ لأنها كأنّها تراوح بين قوائمها). [معاني القرآن: 4/330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد}
قال مجاهد : (الصافنات من الخيل : التي ترفع إحدى يديها , وتقف على ثلاث) .
وقال الفراء : الصافن القائم , وهذا المعروف في كلام العرب.
قال مجاهد: (الجياد السراع).). [معاني القرآن: 6/108-109]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الصافنات الجياد}: أي: الخيل، التي تقف وتثني سنبك إحدى الرجلين، وهي أجود الخيل.). [ياقوتة الصراط: 438]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{الصَّافِنَاتُ}: الخيل القائمات على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الصَّافِنَ): القائم على ثلاث.). [العمدة في غريب القرآن: 259]
تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الصّافنات الجياد...}
يعني : الخيل، كان غنمها سليمان بن داود من جيشٍ قاتله , فظفر به. فلمّا صلّى الظهر دعا بها، فلم يزل يعرضها حتّى غابت الشمس , ولم يصلّ العصر, وكان عندهم مهيباً, لا يبتدأ بشيء حتى يأمر به، فلم يذكر العصر, ولم يكن ذلك عن تجبّر منه، فلمّا ذكرها قال: {إنّي أحببت حبّ الخير} : يقول: آثرت حبّ الخيل، والخير في الكلام العرب: الخيل.
والصّافنات - فيما ذكر الكلبي بإسناده - : القائمة على ثلاث قوائم , وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يدٍ , أو رجلٍ.
وهي في قراءة عبد الله : {صوافن فإذا وجبت}: يريد: معقولة على ثلاث.
وقد رأيت العرب تجعل الصّافن القائم على غير ثلاث.
وأشعارهم تدلّ عل أنها القيام خاصّةً , والله أعلم بصوابه.
وفي قراءة عبد الله : {إنّي أحببت} بغير (قال), ومثله ممّا حذف في قراءتنا منه القول , وأثبت في قراءة عبد الله : {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان} , وليس في قراءتنا ذلك, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/405] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي }: جازه أحببته حباً , ثم أضاف الحب إلى الخير.
{ حتّى توارت بالحجاب}: المعنى للشمس , وهي مضمرة.).[مجاز القرآن: 2/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله عز وجل: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} أراد الخيل، فسمّاها الخير لما فيها من المنافع.
قال الرّاجز بعد أن عدّد فضائلها وأسباب الانتفاع بها:
=فالخيلُ والخيراتُ في قرنينِ
وقال طفيل:
وللخيلِ أيّام فمن يصطبر لَهَا = ويعرف لَهَا أيّامَها الخيرَ تُعْقِبُ). [تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الاختصار أن تضمر لغير مذكور كقوله جل وعز: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} يعني: الشمس، ولم يذكرها قبل ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فقال إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي حتّى توارت بالحجاب (32)}
{الخير }: ههنا الخيل، والنبي صلى الله عليه وسلم- سمى زيد الخيل - : زيد الخير، وإنما سميت الخيل: الخير ؛ لأن ((الخير معقود بنواصي الخيل)) كذا جاء في الحديث.
وكانت هذه الخيل : وردت على سليمان من غنيمة جيش كان له، فتشاغل باعتراضها إلى أن غابت الشمس , وفاتته صلاة العصر.
قال أهل اللغة: {حتّى توارت بالحجاب}: يعنى الشمس، ولم يجر للشمس ذكر..
وهذا لا أحسبهم أعطوا الفكر حقّه فيه؛ لأن في الآية دليلا : يدل على الشمس، وهو قوله: {إذ عرض عليه بالعشيّ}: والعشي في معنى : بعد زوال الشمس.
حتى توارت الشمس بالحجاب، وليس يجوز الإضمار إلا أن يجري ذكر , أو دليل ذكر بمنزلة الذكر.
وكان سليمان لهيبته لا يجسر عليه أحد حتّى ينبّه لوقت صلاة، ولست أدري: هل كانت صلاة العصر مفروضة في ذلك الوقت أم لا، إلا أن اعتراضه الخيل قد شغله , حتى جاز وقت يذكر اللّه - جلّ وعزّ - فيه.
ومعنى{أحببت حبّ الخير} : آثرت حب الخير على ذكر الله.) [معاني القرآن: 4/331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي}
قال الفراء : الخير في كلام العرب , والخيل واحد.
قال أبو جعفر : في الحديث الشريف:(( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة .)), فكأنها سميت خيرا لهذا .
وفي الحديث : لما وفد زيد الخيل على النبي صلى الله عليه وسلم , فقال له :((أنت زيد الخير )), وهو زيد بن مهلهل الشاعر .
قال الفراء : المعنى : إني آثرت حب الخير.
قال أبو جعفر: أحسن ما قيل في هذا أن المعنى: إني أحببت حب الخير حبا , فألهاني عن ذكر ربي .
قال قتادة : (عن صلاة العصر) .
ثم قال جل وعز: {حتى توارت بالحجاب}
في معناه قولان:
أحدهما : أن المعنى : حتى توارث الشمس , وأنه قد عرف معنى الضمير , كما قال:
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي=ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
أي: منها يعني من الفلاة , ولم يجر لها ذكر
قال أبو إسحاق : لما قال: بالعشي , كان المعنى بعد زوال الشمس , فجيء بالضمير على هذا .
وروى أبو إسحاق , عن الحارث , عن علي رضي الله عنه قال : (الصلاة التي فرط فيها سليمان : صلاة العصر) .
وقيل : {حتى توارت بالحجاب} : يعني : الخيل
وروى سعيد بن مسروق , عن عكرمة قال : (كانت الخيل التي شغل بها سليمان عشرين ألف فرس , فقطعها).) [معاني القرآن: 6/108-111]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و{الخير} : هاهنا: الخيل,ئ{حتى توارت} : التاء للشمس.). [ياقوتة الصراط: 439]
تفسير قوله تعالى: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فطفق...}
يريد: أقبل , يمسح: يضرب سوقها , وأعناقها, فالمسح : القطع.). [معاني القرآن: 2/405]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فطفق مسحاً }: ما زال يفعل ذاك , و" كرب " مثلها مجازها يمسح مسحاً , والمعنى : يضرب، يقال: مسح علاوته , أي: ضربها.) [مجاز القرآن: 2/183]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ردّوها عليّ فطفق مسحاً بالسّوق والأعناق}
وقال: {فطفق مسحاً}, أي: يمسح مسحاً). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فطفق مسحاً بالسّوق والأعناق}: أي: أقبل يمسح بضرب سوقها , وأعناقها.). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ردّوها عليّ فطفق مسحا بالسّوق والأعناق (33)}
المسح ههنا على ما جاء في التفسير : القطع، وروي: أنه ضرب سوقها , وأعناقها، وسوق : جمع ساق، مثل دار ودور, ولم يكن سليمان ليضرب أعناقها إلا وقد أباح اللّه ذلك؛ لأنه لا يجعل التوبة من الذنب بذنب عظيم.
وقال قوم : إنه مسح أعناقها وسوقها بالماء , وبيده، وهذا ليس يوجب شغلها إياه، أعني أن يمسحها بالماء، وإنّما قال ذلك قوم ؛ لأن قتلها كان عندهم منكرا. وليس ما يبيحه اللّه بمنكر.
وجائز أن يباح ذلك لسليمان في وقته , ويحظر في هذا الوقت، ومالك يذهب إلى أنه لا ينبغي أن يؤكل لحم الخيل , والبغال, والحمير، لقول اللّه عزّ وجلّ: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}
وقال في الإبل:{لتركبوا منها ومنها تأكلون} ). [معاني القرآن: 4/331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق}
قال الحسن في قوله تعالى: {فطفق مسحا بالسوق والأعناق}: (فقطع أسوقها , وأعناقها , فأبدله الله جل وعز مكانها خيرا منها) .
وقيل معنى :{فطفق مسحا }: أقبل يمسحها بيده من غير قتل , كما روى ابن أبي طلحة , عن ابن عباس قال : يقول : (جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها) .
ومن قال: قتلها , فذلك على أنه ذكاة, أو أنه أبيح ذلك , كما روي عن عبد الله بن عمر : أنه أعجبه غلام , فأعتقه.).[معاني القرآن: 6/112-113]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : {ردوها علي}: الهاء والألف للخيل, {فطفق}: أي: أقبل, {مسحا}: أي: قطعا, {بالسوق}: السيقان.). [ياقوتة الصراط: 439]