سورة الشمس
[ من الآية (1) إلى الآية (10) ]
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}
قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (والشّمس وضحاها (1).
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم ويعقوب ياءاتها كلّها بالتفخيم.
وقرأها نافع وأبو عمرو بين الفتح والكسر.
وكسرها الكسائي كلّها.
وقرأ حمزة (تلاها) و(طحاها) بالفتح.
وكذلك قرأ في النازعات (دحاها) بالفتح وكسرها الباقي.
وقال عباس: سألت أبا عمرو فكسرها كلّها.
قال أبو منصور: من فخّم هذه الألفات كلها فلأن التفخيم هي لغة أهل الحجاز القديمة.
ومن قرأها بين الفتح والكسر فلأن ذوات الياء كثرت فيها، فأتبعها ذوات الواو؛ لتتواطأ الفواصل كلها على نسقٍ واحد، وذوات الياء الإمالة أولى بها؛ لأن الياءات أخوات الكسرة.
ومن فخم (تلاها) و(طحاها) و(دحاها) فلأنها من ذوات الواو، وكسر باقي السورة؛ لأنها من ذوات الياء). [معاني القراءات وعللها: 3/149]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: {وضحاها} [1] بالفتح، وكذلك أواخر هذه السورة.
وقرأ نافع بين الفتح والكسر، وكذلك أبو عمرو.
وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة. غير أن حمزة كان يفتح ذوات الواو منها خاصة {تلاها} [2] لأنها من تلوت و{سجا} لأنه من سجوت، و{طحا} [6] لأنها من طحوت فالزم أن يقرأ: {ضحا} بالفتح، لأنه من ذوات الواو لقولك: ضحو. ولكن الكسائي وأهل العربية ذكروا أن رؤوس الآي إذا جاوزت ذوات الياء ذوات الواو أميلت كلها، ولحمزة حجة في فرقة بين «تلا»، و«ضحا»، وإن كانا من ذوات الواو؛ لأن أهل الكوفة ذكروا أن ذوات الواو نحو «ضحى»، و«عدى» في جمع عدو، ونحوهما يكتب بالياء، ويثنى بالياء لانكسار فاء الفعل في عدي، وانضمها في ضحي.
وقال أهل البصرة لا يعتل آخر الاسم لأوله، ولا يجيزون كتب ضحا إلا بالألف. وهو النهار كله.
وقال آخرون: الضحى، وهو الشمس لقوله: ضحيت للشمس إذا ظهرت لها، وقوله: {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} فأما الضحاء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/488]
-بالمد- فوقت الغداء، وينشد:
أعجلها أقدحي الضحاء ضحى = وهي تناصي ذوائب السلم
السلم: شجر. وتناصي: تناول بفيها. والأضحى: يوم العيد يذكر ويؤنث، والأضحية: ما ينسك يوم الأضحى ويعيد، والجمع أضاحي، وليلة أضحيان: إذا كانت قمراء فأقسم الله تعالى بـ{الشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها} [1، 2] ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/489]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: بفتح أواخر آي هذه السورة، والليل، والضحى.
وقرأ الكسائي بإضجاع ذلك كله، وإضجاع أواخر سورة والليل وسورة الضحى.
وقرأ حمزة: وضحاها* [1] كسرا، ويفتح تلاها [الشمس/ 2]، وطحاها [6] وفي الضحى سجا [2] وفي النازعات: دحاها [30]، ويكسر سائر ذلك وقرأ نافع ذلك كلّه بين الفتح والكسر. وقال خلف عن إسحاق عن نافع: آياتها وآيات والضحى والليل والأعلى، وما أشبه ذلك بين الكسر والفتح. وقال محمد بن إسحاق عن أبيه، وأحمد بن صالح عن ورش وقالون: آياتها كلّها مفتوحات. وقال ابن جمّاز: كان نافع يبطحها كلّها إلا تلاها فإنه يفتحها وحدها. وقال خارجة عن نافع مثله: يفتح تلاها ويبطح سائرهنّ.
وقال اليزيدي عن أبي عمرو: ذلك كله بين الفتح والكسر، وكذلك قال عبد الوارث عن أبي عمرو. وقال عباس: سألت أبا عمرو فقرأ: وضحاها* وتلاها وجلاها ودحاها بكسرها كلها. قال:
[الحجة للقراء السبعة: 6/418]
وسألته فقرأ: والضحى وسجى وقلى يكسر، وقال عبيد بن عقيل عن أبي عمرو أنه قرأ آيات والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها وجلاها وما أدراك [القارعة/ 10] بالياء في القرآن كله.
وإذا رآك الذين كفروا [الأنبياء/ 36] وإذا رأى الذين أشركوا [النحل/ 86] ولقد رأى من آيات ربه الكبرى [النجم/ 18] يكسرهنّ في كلّ القرآن.
وجه قول ابن كثير وعاصم وابن عامر في ترك الإمالة في هذه الحروف أن كثيرا من العرب..
ألا ترى أنها إذا كانت رابعة في الفعل لزم بدل الياء نحو: أغزيت، وكذلك إذا كان في اسم نحو: المدعي والمغزي، ثنّي بالياء وكذلك في نحو مسني ومعدي، تقلب إلى الياء، ولا تجد الياء تقلب إلى الواو في هذا النحو، ولمّا كانت هذه في حكم الانقلاب عن الياء أجروا الألف مجرى الألف المنقلبة عن الياء، ويدلّك على أن لهذا المعنى استجازوا الإمالة في باب: دحاها، وطحاها وسجا، وتلا أن ما كان من الأسماء ألفه منقلبة عن الواو نحو العصا، والعطا، لم يجيزوا فيه الإمالة لمّا لم تكن تنقلب واوها إلى الياء، كما انقلبت إليها في الفعل. فإن قلت: فقد زعم أنهم أمالوا العشا والكبا والمكا، فذلك من القلّة بحيث لا يسوغ الاعتراض به.
وأما من جمع من الأمرين، كما روي عن نافع أنه فتح تلا
[الحجة للقراء السبعة: 6/419]
وأمال غيرها، وكلّ واحد من الإمالة وخلافها جائز، فقوله حسن لأخذه شيئين: كلّ واحد منهما مسموع مأخوذ به، فأخذ بأحدهما مرّة وبالأخرى مرّة أخرى، وأما كسر الراء من رأى فقد تقدّم القول فيه). [الحجة للقراء السبعة: 6/420] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {ضُحَاهَا} [آيَةُ/1] وَ{تَلاهَا} [آيَةُ/2] وَكُلُّ مَا فِيهَا مِنْ رُؤُوسِ الآيِ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: -
قَرَأَهَا نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو، وَنَافِعٌ إِلَى الْفَتْحِ أَقْرَبُ، وَكَذَلِكَ آيَاتُ سُورَةِ اللَّيْلِ، وَالضُّحَى، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي، وَبَعْضُ آيَاتِ سُورَةِ الْقِيَامَةِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَعَبَسَ، وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ السُّوَرِ إِذَا تَوَالَتْ رُؤُوسُ الآيِ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الإِمَالَةَ لَمَّا كَانَتْ تَصْيِيرًا لِلْفَتْحَةِ وَالأَلِفِ إِلَى الْكَسْرَةِ وَالْيَاءِ، وَهَذَا الأَلْفَاتُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الإِمَالَةُ مُنْقَلِبَةً عَنِ الْيَاءِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْقَلِبَةِ، فَلَمَّا كَانُوا هَرَبُوا مِنَ الْيَاءِ إِلَى الأَلِفِ حِينَ قُلِبَتْ عَنْهُ كَرِهُوا أَنْ يَعُودُوا بِالإِمَالَةِ إِلَى مَا مِنْهُ هَرَبُوا، فَلِذَلِكَ قَرَأَ مَنْ قَرَأَ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ.
[الموضح: 1375]
وقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا جَعَلُوهَا بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ إِعْلامًا بِجَوَازِ الْوَجْهَيْنِ: الإِمَالَةِ وَتَرْكِهَا.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ والْكِسَائِيُّ كُلَّ ذَلِكَ بِالإِمَالَةِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، فَإِنَّ حَمْزَةَ يَفْتَحُهَا نَحْوُ {دَحَاهَا} فِي النَّازِعَاتِ وَ{تَلاهَا} وَ{طَحَاهَا} فِي الشَّمْسِ وَ{سَجَى} فِي الضُّحَى وَنَحْوِهِنَّ؛ لأَنَّكَ تَقُولُ دَحَوْتُ وَطَحَوْتُ وَتَلَوْتُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الأَلِفَ إِذَا كَانَتْ مُنْقَلِبَةً مِنَ الْيَاءِ، فَإِنَّهَا تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ لِتَدُلَّ عَلَيْهَا؛ وَلأَنَّ الأَلِفَ قَرِيبَةُ الْمَخْرَجِ مِنَ الْيَاءِ وَهِيَ أَذْهَبُ فِي بَابِ الاعْتِلالِ مِنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، فَإِجْرَاءُ الإِمَالَةِ فِيهَا لِذَلِكَ.
وَأَمَّا فَصْلُ حَمْزَةَ بَيْنَ الأَلْفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْيَاءِ، وَالأَلْفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْوَاوِ، فَهُوَ حَسَنٌ، وَذَلِكَ لأَنَّ الأَلِفَ إِنَّمَا تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ لِتَكُونَ إِمَالَتُهَا نَحْوَهَا دَالَّةً عَلَيْهَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَلِفُ مِنَ الْوَاوِ وَلَمْ تَكُنْ مِنَ الْيَاءِ لَمْ يَجِبْ أَنْ تُمَالَ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ إِمَالَةَ {دَحَاهَا} وَ{طَحَاهَا}؛ لأَنَّهَا مِنَ الْوَاوِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ ويَعْقُوبُ كُلَّ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الإِمَالَةَ حُكْمٌ جَائِزٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ لا يُمِيلُونَ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ الإِمَالَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ حَيْثُ جَاءَتْ لِتَدُلَّ عَلَى مَا انْقَلَبَتِ الأَلِفُ عَنْهُ مِنَ الْيَاءِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الدَّلالَةُ بِوَاجِبَةٍ فَإِنَّ الْوَاوَ فِي مُوسِرٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ، وَالْيَاءُ فِي مِيعَادٍ وَمِيقَاتٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ، وَلَمْ يَلْزَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلالَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَا انْقَلَبَتْ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ فِيهَا دَلالَةٌ عَلَى ما هِيَ مُنْقَلِبَةٌ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ غَيْرَ مُمَالَةٍ.
[الموضح: 1376]
هَذَا وَجْهُ تَرْكِ الإِمَالَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ). [الموضح: 1377] (م)
قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( {والقمر إذا تلاها} [1، 2] أي: تبعها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/489]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {ضُحَاهَا} [آيَةُ/1] وَ{تَلاهَا} [آيَةُ/2] وَكُلُّ مَا فِيهَا مِنْ رُؤُوسِ الآيِ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: -
قَرَأَهَا نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو، وَنَافِعٌ إِلَى الْفَتْحِ أَقْرَبُ، وَكَذَلِكَ آيَاتُ سُورَةِ اللَّيْلِ، وَالضُّحَى، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي، وَبَعْضُ آيَاتِ سُورَةِ الْقِيَامَةِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَعَبَسَ، وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ السُّوَرِ إِذَا تَوَالَتْ رُؤُوسُ الآيِ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الإِمَالَةَ لَمَّا كَانَتْ تَصْيِيرًا لِلْفَتْحَةِ وَالأَلِفِ إِلَى الْكَسْرَةِ وَالْيَاءِ، وَهَذَا الأَلْفَاتُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الإِمَالَةُ مُنْقَلِبَةً عَنِ الْيَاءِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْقَلِبَةِ، فَلَمَّا كَانُوا هَرَبُوا مِنَ الْيَاءِ إِلَى الأَلِفِ حِينَ قُلِبَتْ عَنْهُ كَرِهُوا أَنْ يَعُودُوا بِالإِمَالَةِ إِلَى مَا مِنْهُ هَرَبُوا، فَلِذَلِكَ قَرَأَ مَنْ قَرَأَ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ.
[الموضح: 1375]
وقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا جَعَلُوهَا بَيْنَ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ إِعْلامًا بِجَوَازِ الْوَجْهَيْنِ: الإِمَالَةِ وَتَرْكِهَا.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ والْكِسَائِيُّ كُلَّ ذَلِكَ بِالإِمَالَةِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، فَإِنَّ حَمْزَةَ يَفْتَحُهَا نَحْوُ {دَحَاهَا} فِي النَّازِعَاتِ وَ{تَلاهَا} وَ{طَحَاهَا} فِي الشَّمْسِ وَ{سَجَى} فِي الضُّحَى وَنَحْوِهِنَّ؛ لأَنَّكَ تَقُولُ دَحَوْتُ وَطَحَوْتُ وَتَلَوْتُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الأَلِفَ إِذَا كَانَتْ مُنْقَلِبَةً مِنَ الْيَاءِ، فَإِنَّهَا تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ لِتَدُلَّ عَلَيْهَا؛ وَلأَنَّ الأَلِفَ قَرِيبَةُ الْمَخْرَجِ مِنَ الْيَاءِ وَهِيَ أَذْهَبُ فِي بَابِ الاعْتِلالِ مِنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، فَإِجْرَاءُ الإِمَالَةِ فِيهَا لِذَلِكَ.
وَأَمَّا فَصْلُ حَمْزَةَ بَيْنَ الأَلْفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْيَاءِ، وَالأَلْفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْوَاوِ، فَهُوَ حَسَنٌ، وَذَلِكَ لأَنَّ الأَلِفَ إِنَّمَا تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ لِتَكُونَ إِمَالَتُهَا نَحْوَهَا دَالَّةً عَلَيْهَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَلِفُ مِنَ الْوَاوِ وَلَمْ تَكُنْ مِنَ الْيَاءِ لَمْ يَجِبْ أَنْ تُمَالَ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ إِمَالَةَ {دَحَاهَا} وَ{طَحَاهَا}؛ لأَنَّهَا مِنَ الْوَاوِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ ويَعْقُوبُ كُلَّ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الإِمَالَةَ حُكْمٌ جَائِزٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ لا يُمِيلُونَ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ الإِمَالَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ حَيْثُ جَاءَتْ لِتَدُلَّ عَلَى مَا انْقَلَبَتِ الأَلِفُ عَنْهُ مِنَ الْيَاءِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الدَّلالَةُ بِوَاجِبَةٍ فَإِنَّ الْوَاوَ فِي مُوسِرٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ، وَالْيَاءُ فِي مِيعَادٍ وَمِيقَاتٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ، وَلَمْ يَلْزَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلالَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَا انْقَلَبَتْ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ فِيهَا دَلالَةٌ عَلَى ما هِيَ مُنْقَلِبَةٌ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ غَيْرَ مُمَالَةٍ.
[الموضح: 1376]
هَذَا وَجْهُ تَرْكِ الإِمَالَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ). [الموضح: 1377] (م)
قوله تعالى: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({والنهار إذا جلاها} [3] الهاء في {جلاها} كناية عن الظلمة ولم يتقدم له ذكر، وذلك جائز؛ لأن العرب قد تكني عن الشيء وإن لم يتقدم ذكره إذا كان ذلك مفهومًا غير ملتبس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/489]
قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)}
قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها} [4، 5] في {ما} ها هنا – غير قول، قال أبو عبيده: معناه: ومن بناها يعني الله فزعم أن «ما» بمعنى «من».
وقال آخرون معناه: والذي بناها. وكان المبرد يختار أن يجعل «ما» مع الفعل مصدرًا. والتقدير: والسماء وبنائها، وجواب القسم لام مقدرة في {قد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/489]
أفلح من زكاها} [9] والتقدير: لقد أفلح من زكى نفسه بالصدقة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/490]
قوله تعالى: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)}
قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)}
قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)}
قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وجواب القسم لام مقدرة في {قد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/489]
أفلح من زكاها} [9] والتقدير: لقد أفلح من زكى نفسه بالصدقة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/490] (م)
قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({وقد خاب من دساها} [10] أي: دسسها وأخفاها عن الصدقة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/490]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين