العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة القصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 11:46 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة القصص [ من الآية (29) إلى الآية (35) ]

{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({آنس} [القصص: 29] : " أبصر. الجذوة: قطعةٌ غليظةٌ من الخشب ليس فيها لهبٌ، والشّهاب فيه لهبٌ). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (آنس: أبصر
أشار به إلى قوله تعالى: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارا} (القصص: 29) وفسره بقوله: (أبصر).

الجذوة قطعةٌ غليظةٌ من الخشب ليس فيها لهبٌ: والشّهاب فيه لهبٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {أو جذوة من النّار لعلّكم تصطلون} (القصص: 29) وفسّر الجذوة بقوله: (قطعة) إلى آخره، وقال مقاتل وقتادة: الجذوة العود الّذي احترق بعضه، وجمعها جذى، والجيم في جذوة مثلّثة وهي لغات وقرءات ومعنى: يصطلون تستدفئون. قوله: (والشهاب فيه لهب) ، أشار به إلى قوله تعالى في سورة النّمل: {إنّي آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلّكم تصطلون} (النّمل: 7) وفسّر الشهاب بأن فيه لهباً، قال الجوهري: الشهاب شعلة نار ساطعة، وقال: اللهب لهب النّار وهو لسانها، وكنى أبو لهب لجماله). [عمدة القاري: 19/106]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({آنس}) بالمد في قوله: {وسار بأهله آنس من جانب الطور نارًا} [القصص: 29] أي (أبصر) من الجهة التي تلي الطور نارًا وكان في البرية في ليلة مظلمة.
(الجذوة) في قوله تعالى: {لعلّي آتيكم منها بخبر أو جذوة} [القصص: 29] هي (قطعة غليظة من الخشب) أي في رأسها نار (ليس فيها لهب) قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها = جزل الجذا غير خوّار ولا ذعر
الخوار الذي يتقصف والذعر الذي فيه لهب، وقد ورد ما يقتضي وجود اللهب فيه قال الشاعر:
وألقى على قيس من النار جذوة = شديدًا عليها حميها والتهابها
وقيل: الجذوة العود الغليظ سواء كان في رأسه نار أو لم يكن وليس المراد هنا إلا ما في رأسه نار كما في الآية أو جذوة من النار.
(والشهاب) المذكور في النمل في قوله: {بشهاب قبس} [النمل: 7] هو ما (فيه لهب) وذكر تتميمًا للفائدة). [إرشاد الساري: 7/283-284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارًا، قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لّعلّي آتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النّار لعلّكم تصطلون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا وفّى موسى صاحبه الأجل الّذي فارقه عليه، عند إنكاحه إيّاه ابنته، وذكر أنّ الّذي وفّاه من الأجلين أتمّهما وأكملهما، وذلك العشر الحجج، على أنّ بعض أهل العلم قد روي عنه أنّه قال: زاد مع العشر عشرًا أخرى.
ذكر من قال: الّذي قضى من ذلك هو الحجج العشر:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: سألت ابن عبّاسٍ: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: خيرهما وأوفاهما.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمّهما وأخيرهما.
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قضى موسى آخر الأجلين.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، سئل ابن عبّاسٍ: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمّهما وأوفاهما.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قال يهوديّ بالكوفة وأنا أتجهّز للحجّ: إنّي أراك رجلاً يتّبع العلم، أخبرني أيّ الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا الآن قادمٌ على حبر العرب يعني ابن عبّاسٍ، فسائله عن ذلك؛ فلمّا قدمت مكّة سألت ابن عبّاسٍ عن ذلك وأخبرته بقول اليهوديّ، فقال ابن عبّاسٍ: قضى أكثرهما وأطيبهما، إنّ النّبيّ إذا وعد لم يخلف، قال سعيدٌ: فقدمت العراق فلقيت اليهوديّ، فأخبرته، فقال: صدق، وما أنزل على موسى هذا، واللّه العالم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: سألني رجلٌ من أهل النّصرانيّة: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا يومئذٍ لا أعلم، فلقيت ابن عبّاسٍ، فذكرت له الّذي سألني عنه النّصرانيّ، فقال: أما كنت تعلم أنّ ثمانيًا واجبٌ عليه، لم يكن نبيّ اللّه لينقص منها شيئًا، وتعلم أنّ اللّه كان قاضيًا عن موسى عدّته الّتي وعده، فإنّه قضى عشر سنين.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلمّا قضى موسى الأجل} قال: حدّث ابن عبّاسٍ، قال: رعى عليه نبيّ اللّه أكثرها وأطيبها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أوفاهما وأتمّهما.
- حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الطّوسيّ، قال: حدّثنا الحميديّ أبو بكر بن عبد اللّه بن الزّبير، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: سألت جبرائيل أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمّهما وأكملهما.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سأل جبرائيل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال سوف أسأل إسرافيل، فسأله فقال: سوف أسأل اللّه تبارك وتعالى، فسأله، فقال: أبرّهما وأوفاهما.
ذكر من قال: قضى العشر الحجج وزاد على العشر عشرًا أخرى:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فلمّا قضى موسى الأجل} قال: عشر سنين، ثمّ مكث بعد ذلك عشرًا أخرى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {قضى موسى الأجل} عشر سنين، ثمّ مكث بعد ذلك عشرًا أخرى.
- حدّثني ابن المثنّى، قال: حدّثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدّثنا أبي، عن قتادة، قال: حدّثنا أنسٌ، قال: لمّا دعا نبيّ اللّه موسى صاحبه إلى الأجل الّذي كان بينهما، قال له صاحبه: كلّ شاةٍ ولدت على غير لونها فلك ولدها، فعمد، فرفع خيالاً على الماء، فلمّا رأت الخيال، فزعت، فجالت جولةً فولدن كلّهنّ بلقًا، إلاّ شاةً واحدةً، فذهب بأولادهنّ ذلك العام.
وقوله: {وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارًا} يقول تعالى ذكره: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله} شاخصًا بهم إلى منزله من مصر {آنس من جانب الطّور} يعني بقوله: آنس: أبصر وأحسّ، كما قال العجّاج:
آنس خربان فضاءٍ فانكدر = دانى جناحيه من الطّور فمر
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل، وقد ذكرنا الرّواية بذلك فيما مضى قبل، غير أنّا نذكر ها هنا بعض ما لم نذكر قبل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {آنس من جانب الطّور نارًا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا}: أي أحسست نارًا.
وقد بيّنّا معنى (الطّور) فيما مضى بشواهده، وما فيه من الرّواية عن أهل التّأويل.
وقوله: {لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا} يقول: قال موسى لأهله: تمهّلوا وانتظروا: إنّي أبصرت نارًا {لعلّي آتيكم منها} يعني من النّار {بخبرٍ أو جذوةٍ من النّار} يقول: أو آتيكم بقطعةٍ غليظةٍ من الحطب فيها النّار، وهي مثل الجذمة من أصل الشّجرة؛ ومنه قول ابن مقبلٍ:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها = جزل الجذا غير خوّارٍ ولا دعر
وفي (الجذوة) لغاتٌ للعرب ثلاثٌ: (جذوةٍ) بكسر الجيم، وبها قرأت قرّاء الحجاز والبصرة وبعض أهل الكوفة، وهي أشهر اللّغات الثّلاث فيها: وجذوةٍ بفتح الجيم، وبها قرأ أيضًا بعض قرّاء الكوفة، وجذوةٌ بضمّ الجيم. وهذه اللّغات الثّلاث وإن كنّ مشهوراتٍ في كلام العرب، فالقراءة بأشهرها أعجب إليّ، وإنّ لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهنّ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى (الجذوة) قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {أو جذوةٍ من النّار} يقول شهابٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أو جذوةٍ} والجذوة: أصل شجرةٍ فيها نارٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله {إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النّار} قال: أصل الشّجرة في طرفها النّار، فذلك قوله {أو جذوةٍ} قال: السّعف فيه النّار.
قال معمرٌ، وقال قتادة: {أو جذوةٍ}: أو شعلةٍ من النّار.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {أو جذوةٍ من النّار} قال: أصل شجرةٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {أو جذوةٍ من النّار} قال: أصل شجرةٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {أو جذوةٍ من النّار} قال: الجذوة: العود من الحطب الّذي فيه النّار، ذلك الجذوة.
وقوله: {لعلّكم تصطلون} يقول: لعلّكم تتسخّنون بها من البرد، وكان في شتاءٍ). [جامع البيان: 18/234-240]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارًا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النّار لعلّكم تصطلون (29)
قوله تعالى: فلمّا قضى موسى الأجل.
- حدّثنا محمّد بن داود السّمنانيّ، ثنا أبو همّامٍ الوليد بن شجاعٍ، ثنا عوبد بن عبد الملك بن حبيبٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الصّامت، عن أبي ذرٍّ- رضي اللّه، عنه- قال لي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: يا أبا ذرٍّ، إن سئلت أيّ الأجلين قضى موسى؟ فقل: خيرهما وأوفاهما.
- حدّثنا أبي، ثنا الحميديّ، ثنا سفيان، حدّثني إبراهيم بن يحي بن أبي يعقوب، وكان من أسناني أو أصغر منّي-، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- سأل جبريل: أيّ الأجلين قضي موسى؟ أتمّهما وأكملهما.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أنبأ عمرو بن الحارث، عن يحي بن ميمونٍ الحضرميّ، عن يوسف بن سرجٍ، أنّ رسول اللّه- صلّى الله عليه وسلّم- سئل أيّ الأجلين قضى موسى فسأل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- جبريل- عليه السّلام- فقال: لا علم لي فسأل جبريل ملكًا فوقه، فقال: لا علم لي، فسأل ذلك الملك ربّه عمّا سأله، عنه جبريل، عمّا سأله، عنه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلم- فقال الرّبّ- عزّ وجلّ-: أبرّهما وأبقاهما أو أزكاهما.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، وحدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد الحضرميّ، عن عليّ بن رباحٍ اللّخميّ قال: سمعت عتبة بن النّدّر السّلميّ صاحب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- يحدّث أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: إنّ موسى آجر نفسه بعفّة فرجه وطعمة بطنه، فلمّا وفّى الأجل قيل: يا رسول اللّه، أيّ الأجلين؟ قال: أبرّهما وأوفاهما، فلمّا أراد فراق شعيبٍ أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت من غنمه من قالب لونٍ من ولد ذلك العام وكانت غنمه سوداء حسناء، فانطلق موسى إلى عصاه فتسلّمها من طرفها ثمّ وضعها في أدنى الحوض، ثمّ أوردها فسقاها ووقف موسى بإزاء الحوض فلم يصدر منها شاةٌ إلا ضرب جنبها شاةً شاةً قال: فأنمت وأثلثت ووضعت كلّها قوالب ألوانٍ إلا شاةً أو شاتينٍ، ليس فيها فشوش قال يحي: ولا ضنوبٌ، وقال صفوان: ولا ضنوبٌ، قال أبو زرعة الصّواب: طنوبٌ، ولا عزوزٌ ولا ثعولٌ، ولا كمشة، تفوت الكفّ، قال النّبيّ- صلى الله عليه وسلم-: ولو اقترحتم الشّام وجدتم تلك الغنم وهي السّامريّة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، قال: فسمعت الوليد، قال: فسألت ابن لهيعة: ما الفشوش؟ قال: الّتي تفشّ بلبانها، وسعة الشّخب، قلت: فما الطّنوب؟
قال: الطّويلة الضّرع، تجرّه، قلت: فما العزوز؟ قال: ضيّقة الشّخب. قلت: فما الثّعول؟ قال: الّتي ليس لها ضرعٌ إلا كهيئة حلمتين، قلت: فما الكمشة؟ قال: الّتي تفوت الكفّ كمشة الضّرع صغيرٌ لا يدركه الكفّ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: فلمّا قضى موسى الأجل عشر سنين، ثمّ مكث بعد ذلك عشرًا أخرى.
قوله تعالى: وسار بأهله.
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: فلمّا قضى موسى الأجل سار بأهله، فضلّ الطّريق وكان في الشّتاء.
قوله: آنس.
حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارًا أي أحسّ من جانب الطور نارا.
قوله: من جانب الطّور نارًا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا. قد تقدّم تفسيره.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: إنّي آنست نارًا أي أحسست نارًا- سار نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- حين سار وهو شاتٍ.
قوله: لعلّي آتيكم منها بخبرٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: لعلّي آتيكم منها بخبرٍ فإن لم أجد خبرًا آتيكم بشهابٍ قبسٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ، قال: كانوا شاتينٍ، وكانوا قد ضلّوا الطّريق فلمّا رأى النّار، قال: لعلّي آتيكم منها بخبرٍ، لعلّي أجد من يدلّني على الطّريق.
قوله تعالى: أو جذوةً من النّار.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: جذوةٌ من النّار يقول: بشهابٍ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ جذوةٌ من النّار أصل الشّجرة في طرفها النّار، وذلك قوله: أو جذوةٍ من النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/2970-2972]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قضى موسى عشر سنين ثم مكث بعد ذلك عشر سنين أخرى). [تفسير مجاهد: 485]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو جذوة من النار قال الجذوة أصل شجرة). [تفسير مجاهد: 485]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29].
- عن ابن عبّاسٍ قال: «قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " سألت جبريل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: أكملهما وأتمّهما» ".
رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصّحيح، غير الحاكم بن أبانٍ وهو ثقةٌ. ورواه البزّار إلّا أنّه قال: عن ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - سئل.
- وعن عتبة بن النّدّر «أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: " أبرّهما وأوفاهما ". ثمّ قال النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لمّا أراد موسى فراق شعيبٍ - صلّى اللّه عليهما وسلّم - أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لونٍ ". قال: " فما مرّت شاةٌ إلّا ضرب موسى جنبها بعصاه فولدت قوالب ألوانها كلّها وولدت ثنتين وثلاثين، كلّ شاةٍ ليس فيها فشوشٌ ولا ضبوبٌ ولا كمشةٌ تفوت الكفّ ولا ثعولٌ ". وقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إذا افتتحتم الشّام فإنّكم ستجدون بقايا منها وهي السّامريّة» ".
رواه البزّار والطّبرانيّ إلّا أنّه قال: " فلمّا وردت الغنم الحوض وقف - صلّى اللّه عليه وسلّم - بإزاء الحوض فلم يصدر منها شيءٌ إلّا ضرب جنبها، فحملت فنتجت كلّها قوالب لونٍ واحدٍ ليس فيها فشوشٌ ولا ضبوبٌ ولا ثعولٌ ولا كمشةٌ تفوت الكفّ، فإن افتتحتم الشّام وجدتم بقايا منها فاتّخذوها وهي السّامريّة ". قال يحيى بن بكيرٍ: قال: الفشوش: الّتي ينفش لبنها عند الحلب، والضّبوب: الّتي يضبّ ضرعها عند الحلب، والكمشة: الّتي تعتاص عند الحلب. وفي إسنادهما ابن لهيعة وفيه ضعفٌ وقد يحسّن حديثه، وبقيّة رجالهما رجال الصّحيح.
- وعن أبي ذرٍّ «أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - سئل: أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: " أوفاهما وأبرّهما ". قال: " وإن سئلت أيّ المرأتين تزوّج؟ فقل: الصّغرى منهما» ".
رواه البزّار، وفيه إسحاق بن إدريس وهو متروكٌ، ورواه الطّبرانيّ في الصّغير والأوسط أطول من هذا وإسناده حسنٌ. ويأتي في ذكر موسى الكليم هو وحديث جابرٍ أيضًا). [مجمع الزوائد: 7/87-88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما قضى موسى الأجل} قال: عشر سنينثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى). [الدر المنثور: 11/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن مجاهد في قوله: (فلما قضى موسى الأجل) قال: عشر سنين ثم مكث بعد ذلك عشرا أخري). [الدر المنثور: 11/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال عبد الله بن عباس، لما قضى موسى الاجل سار بأهله فضل عن الطريق وكان في الشتاء، ورفعت له نار فلما رآها ظن انها نار وكانت من نور الله فقال لاهله {امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر} فان لم أجد خبرا آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون من البرد). [الدر المنثور: 11/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله (آنس) قال: أحس وفي قوله {إني آنست نارا} قال: أحسست). [الدر المنثور: 11/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لعلي آتيكم منها بخبر} قال: لعلي أجد من يدلني على الطريق، وكانوا قد ضلوا الطريق). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {جذوة} قال: شهاب). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جذوة} قال: أصل شجرة). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جذوة} قال: أصل شجرة في طرفها نار). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الجذوة عود من حطب فيه النار). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (أو جذوة) بنصب الجيم). [الدر المنثور: 11/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن مردويه، وابن عساكر عن أبي المليح قال: أتيت ميمون بن مهران لا ودعه عند خروجي في تجارة فقال: لا تيأس ان تصيب في وجهك هذا في أمر دينك أفضل مما ترجو أن تصيب في أمر دنياك فان صاحبة سبأ خرجت وليس شيء أحب اليها من ملكها فاخرجها الله إلى ما هو خير من ذلك فهداها إلى الإسلام وان موسى عليه السلام خرج يريد ان يقتبس لأهله نارا فاخرجه الله إلى ما هو خير من ذلك: كلمه الله تعالى). [الدر المنثور: 11/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب عن عائشة رضي الله عنها قالت: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس نارا فرجع بالنبوة). [الدر المنثور: 11/463]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى المباركة من الشجرة قال شجرة العوسج). [تفسير عبد الرزاق: 2/91]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي كان عصا موسى من عوسج والشجرة أيضا من العوسج). [تفسير عبد الرزاق: 2/91] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا أتى موسى النّار الّتي {آنس من جانب الطّور} {نودي من شاطئ الواد الأيمن} يعني بالشّاطئ: الشّطّ، وهو جانب الوادي وعدوته، والشّاطئ يجمع شواطئ وشطآن. والشّطّ: الشّطوط. والأيمن: نعتٌ من الشّاطئ عن يمين موسى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {من شاطئ الواد الأيمن} قال ابن عمرو في حديثه عند الطّور. وقال الحارث في حديثه من شاطئ الوادي الأيمن عند الطّور عن يمين موسى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن} قال: شقّ الوادي عن يمين موسى عند الطّور.
وقوله: {في البقعة المباركة} من صلة الشّاطئ.
وتأويل الكلام: فلمّا أتاها نادى اللّه موسى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة منه من الشّجرة: {أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}.
وقيل: إنّ معنى قوله {من الشّجرة}: عند الشّجرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة} قال: نودي من عند الشّجرة {أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}.
وقيل: إنّ الشّجرة الّتي نادى موسى منها ربّه: شجرة عوسجٍ. وقال بعضهم: بل كانت شجرة العليق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله {البقعة المباركة من الشّجرة} قال: الشّجرة عوسجٌ.
قال معمرٌ، وقال غير قتادة: عصا موسى من العوسج؛ والشّجرة من العوسج.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض من لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ، {إنّي آنست نارًا} قال: خرج نحوها، فإذا هي شجرةٌ من العليق، وبعض أهل الكتاب يقول: هي عوسجةٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه، قال: رأيت الشّجرة الّتي نودي منها موسى عليه السّلام، شجرةٌ سمرةٍ خضراء ترفّ). [جامع البيان: 18/241-243]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين (30)
قوله تعالى: من شاطئ الواد الأيمن
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من شاطئ الواد الأيمن، عند الطّور، عن يمين موسى.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فلمّا أتاها نودي من جانب الوادي الأيمن من الشّجرة في البقعة المباركة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة قال: كان النّداء من الشّجرة والنّداء من السّماء، وذلك في التّقديم والتّأخير.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن أبي نعيمٍ الواسطيّ، ثنا إبّان بن يزيد العطّار، ثنا أبو عمران الجونيّ، عن نوفٍ البكاليّ: أنّ موسى لمّا نودي من شاطئ الواد الأيمن قال: ومن أنت الّذي تنادي قال: أنا ربّك الأعلى.
قوله تعالى: من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فلمّا سمع موسى النّداء فزع فقال: سبحان اللّه ربّ العالمين نودي يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا هارون الجمّال والقاسم بن عيسى قالا: ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن الفضل بن عيسى الرّقاشيّ، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه تبارك وتعالى إنّما كلّم موسى عليه السّلام يوم الطّور، كلّمه بكلامٍ غير كلامه الأوّل: ففزع موسى لذلك فقال: يا ربّ، أهذّا كلامك الّذي كلّمتني به قال: لا يا موسى، أنا كلّمتك بقوّة عشرة آلاف لسانٍ ولي قوّة الألسنة كلّها وأنا أقوى من ذلك، فلمّا رجع إلى بني إسرائيل قالوا له: يا موسى، صف لنا كلام الرّحمن قال: سبحان اللّه لا أستطيعه. قالوا:
فشبّه. قال: ألم تروا إلى أصوات الصّواعق الّتي تقبل في أحلا حلاوةٍ سمعتموها: فإنّه قريبٌ منه، وليس منه وليس به. زاد هارون: قال: لمّا كلّم اللّه موسى كلّمه بكلامٍ ليّنٍ، فلمّا كلّمه يوم الطّور كلّمه بكلامٍ غير الكلام، والباقي نحوه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن بكّار بن الرّمّان الرّغاميّ، ثنا أبو معشرٍ، عن ابن الحويرث قال: إنّما كلّم اللّه موسى بكلامٍ يطيق موسى من كلامه، ولو تكلّم بكلامه كلّه لم يطقه فمكث موسى أربعين ليلةً، لا يراه أحدٌ إلا مات من نور ربّ العالمين.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: أو جذوةٍ من النّار قال: الجذوة: عودٌ من الحطب الّذي فيه نارٌ ذاك الجذوة.
قوله تعالى: لعلّكم تصطلون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ لعلّكم تصطلون قال: من البرد.
قوله تعالى: فلمّا أتاها نودي
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: نودي من شاطئ الواد الأيمن قال: كان النّداء من السّماء الدّنيا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا عليّ بن المدينيّ، ثنا محمّد بن عمرو بن مقسمٍ قال: سمعت عطاء بن مسلمٍ يقول: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ كلّم موسى في ألف مقامٍ، وكان إذا كلّمه رؤي النّور على وجهه ثلاثة أيّامٍ، ثمّ لم ينس موسى كلمةً بعد ما كلّمه ربّه.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً أنبأ بن وهبٍ أخبرني بكر بن مضرٍ، عن ابن عجلان قال: كلّم اللّه موسى بالألسنة كلّها، وكان ممّا كلمة لسان البربر فقال كلمته بالبربريّة: أنا اللّه الكبير). [تفسير القرآن العظيم: 9/2972-2974]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله نودي من شاطئ الوادي الأيمن يعني عند الطور عن يمين موسى). [تفسير مجاهد: 485]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الشّاطئ والشّطّ واحدٌ وهما ضفّتا وعدوتا الوادي ثبت هذا للنّسفيّ أيضًا وقد قال أبو عبيدة نودي من شاطئ الوادي الشّاطئ والشّطّ واحدٌ وهما ضفّتا الوادي وعدوتاه). [فتح الباري: 8/509]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {نودي من شاطئ الوادي الأيمن} قال: كان النداء من السماء الدنيا). [الدر المنثور: 11/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من شاطئ الوادي الأيمن} قال: الايمن عن يمين موسى عليه السلام عند الطور). [الدر المنثور: 11/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح في الآية قال: كان النداء من أيمن الشجرة، والنداء من السماء، وذلك في التقديم والتأخير). [الدر المنثور: 11/463-464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: نودي عن يمين الشجرة). [الدر المنثور: 11/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {من الشجرة} قال: أخبرت انها عوسجة). [الدر المنثور: 11/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن الكلبي {من الشجرة} قال: شجرة العوسج). [الدر المنثور: 11/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ذكرت لي الشجرة التي أوى اليها موسى عليه السلام فسرت اليها يومي وليلتي حتى صبحتها فاذا هي سمرة خضراء ترف فصليت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاهوى اليها بعيري وهو جائع فاخذ منها ملء فيه فلاكه فلم يستطع أن يسغه فلفظه فصليت على النّبيّ وسلمت ثم انصرفت). [الدر المنثور: 11/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف البكالي: ان موسى عليه السلام لما نودي من شاطئ الوادي الايمن قال: ومن أنت الذي تنادي قال: أنا ربك الاعلى). [الدر المنثور: 11/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الثقفي قال: أتى موسى عليه السلام الشجرة ليلا وهي خضراء والنار تتردد فيها فذهب يتناول النار فمالت عنه فذعر وفزع فنودي من شاطئ الوادي الايمن قال: عن يمين الشجرة فاستأنس بالصوت فقال: أين أنت، أين أنت قيل: الصوت، انا فوقك قال: ربي قال: نعم). [الدر المنثور: 11/465]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي كان عصا موسى من عوسج والشجرة أيضا من العوسج). [تفسير عبد الرزاق: 2/91]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (والحيّات أجناسٌ، الجانّ والأفاعي والأساود "). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله كأنّها جانٌّ في روايةٍ أخرى حيّةٌ تسعى والحيّات أجناسٌ الجانّ والأفاعي والأساود ثبت هذا للنّسفيّ أيضًا وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (كأنّها جانٌّ وهي في آيةٍ أخرى كأنّها حيّةٌ حيّةٌ تسعى والحيّات أجناسٌ الجانّ والأفاعي والأساود
هذا ثبت للنسفي، وأشار بقوله: (كأنّها) إلى قوله تعالى في هذه السّورة: {وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتز كأنّها جان ولى مدبرا} (القصص: 31) قوله: (وهي في آية أخرى) {كأنّها حيّة تسعى} (طه: 20) وهو في سورة طه، وهي قوله تعالى: {قال: القها يا موسى فألقاها فإذا هي حيّة تسعى} وفي الشّعراء: {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} (الأعراف: 107 والشعراء: 32) ولم يذكر البخاريّ هذا مع أنه داخل في قوله: (والحيات أجناس) وهي جمع حيّة وهي إسم جنس يقع على الذّكر والأنثى والصّغير والكبير، وذكر الله تعالى في القرآن الحيّة والجان والثعبان، فالحية تشمل الجان والثعبان، وكانت حيّة ليلة المخاطبة لئلّا يخاف موسى عليه الصّلاة والسّلام، منها إذا ألقاها بين يدي فرعون، وعن ابن عبّاس: صارت حيّة صفراء لها عرف كعرف الفرس، وجعلت تتورم حتّى صارت ثعباناً وهي أكبر ما يكون من الحيّات فلذلك قال في موضع آخر: {كأنّها جان} وهي أصغر الحيّات وفي موضع آخر: ثعبان، وهو أعظمها، فالجان ابتداء حالها والثعبان. انتهاء حالها، وكان الجان في سرعة فلذلك قال: {فلمّا رآها تهتز كأنّها جان} ويقال: كان ما بين لحيي الحيّة أربعون ذراعا، وعن ابن عبّاس: لما انقلبت الحيّة ثعباناً ذكرا صار يبتلع الصخر والحجر. قوله: (والأفاعي) جمع أفعى على وزن أفعل، يقال: هذه أفعى بالتّنوين، والأفعوان ذكر الأفاعي. قوله: (والأساود) ، جمع أسود وهو العظيم من الحيّات وفيه سواد، وقال الجوهري: الجمع الأساود لأنّه إسم، ولو كان صفة لجمع على فعل يعني لقال: سود، يقال: أسود سالخ غير مضاف لأنّه يسلخ جلده كل عام والأنثى: أسودة، ولا توصف بسالخة). [عمدة القاري: 19/106]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (والحيات) جمع حيّة يشير إلى قوله: ({فألقاها}) يعني فألقى موسى عصاه {فإذا هي حية تسعى} [طه: 20] وأنها (أجناس الجان) كما في قوله هنا: كأنها جان (والأفاعي والأساود) وكذا الثعبان في قوله: {فإذا هي ثعبان مبين} [الأعراف: 107] ولم يذكره المؤلّف، وقد قيل إن موسى عليه السلام لما ألقى العصا انقلبت حيّة صفراء بغلظ العصا ثم تورمت وعظمت فلذلك سماها جانًا تارة نظرًا إلى المبدأ، وثعبانًا مرة باعتبار المنتهى، وحية أخرى بالاسم الشامل للحالين، وقيل كانت في ضخامة الثعبان وجلادة الجان ولذلك قال: كأنها جان). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ ولّى مدبرًا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين (31) اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قومًا فاسقين}.
يقول تعالى ذكره: نودي موسى: أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين، وأن ألق عصاك فألقاها موسى، فصارت حيّةً تسعى، فلمّا رآها موسى {تهتزّ} يقول: تتحرّك وتضطرب. {كأنّها جانٌّ} والجانّ: واحد الجنّان، وهي نوعٌ معروفٌ من أنواع الحيّات، وهي منها عظامٌ. ومعنى الكلام: كأنّها جانٌّ من الحيّات. {ولّى مدبرًا} يقول: ولّى موسى هاربًا منها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولّى مدبرًا} فارًّا منها. {ولم يعقّب} يقول: ولم يرجع على عقبه.
وقد ذكرنا الرّواية في ذلك، وما قاله أهل التّأويل فيما مضى، فكرهنا إعادته، غير أنّا نذكر في ذلك بعض ما لم نذكره هنالك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولم يعقّب} يقول: ولم يعقّب، أي لم يلتفت من الفرق.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ولم يعقّب} يقول: لم ينتظر.
وقوله: {يا موسى أقبل ولا تخف} يقول تعالى ذكره: فنودي موسى: يا موسى أقبل إليّ ولا تخف من الّذي تهرب منه. {إنّك من الآمنين} من أن يضرّك، إنّما هو عصاك). [جامع البيان: 18/243-244]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ ولّى مدبرًا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين (31)
قوله تعالى: وأن ألق عصاك
- ذكر، عن الحسن بن الحلوانيّ، ثنا أبو يحيى، ثنا حبيب بن حسّان، عن مسلمٍ قال: عصا موسى هي الدّابّة من دابّة الأرض.
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ ولّى مدبرًا
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، ثنا عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهبًا يقول. فقال له الرّبّ عزّ وجلّ: ألقها يا موسى فظنّ موسى أنّه يقول: ارفضها فألقاها على وجه الرّفض فحانت منه نظرةٌ، فإذا بأعظم ثعبانٍ نظر إليه النّاظرون يدبّ يلتمس أكنّةً يبغي شيئًا يريد أخذه يمرّ بالصّخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها ويطعن بالنّاب من أنيابه في أصل الشّجرة العظيمة فيجتثها عينا توقدان نارًا وقد عاد المحجن عرفًا فيه شعرٌ مثل النّيازك وعاد الشّعبتان فما مثل القليب الواسع فيه أضراسٌ وأنيابٌ لها صريفٌ فلمّا عاين ذلك موسى ولّى مدبرًا ولم يعقب
قوله تعالى: ولّى مدبرًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ولّى مدبرًا أي فارًّا منها.
قوله تعالى: ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين
تقدّم تفسيره.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق يا موسى أقبل ولا تخف فلمّا أقبل قال: خذها ولا تخف أدخل يدك في فمها، وعلى موسى جبّةٌ له من صوفٍ فلفّ يده بكمّه وهو لها هائب فنودي أن ألق كمّك، عن يدك فألقاه، عنها، ثمّ أدخل يده بين لحييها فلمّا أدخلها قبض عليها فإذا هي عصاه في يده، ويده بين شعبتيها حيث كان يضعها ومحجنها فيها بوضعه الّذي كان لا ينكر منها شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2974-2975]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولم يعقب ولم يرجع). [تفسير مجاهد: 481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولى مدبرا}، من الرهب قال: هذا من تقديم القرآن). [الدر المنثور: 11/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولم يعقب} قال: لم يلتفت من الفرق وفي قوله {اسلك يدك في جيبك} قال: في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} قال: من غير برص {واضمم إليك جناحك من الرهب} قال: من الرعب {فذانك برهانان} قال: آيتان من ربك، {فأرسله معي ردءا} قال: عونا لي). [الدر المنثور: 11/466]

تفسير قوله تعالى: (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى من الرهب قال من الرعب). [تفسير عبد الرزاق: 2/89]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {اسلك يدك في جيبك} يقول: أدخل يدك. وفيه لغتان: سلكته، وأسلكته {في جيبك} يقول: في جيب قميصك.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {اسلك يدك في جيبك}: أي في جيب قميصك.
وقد بيّنّا فيما مضى السّبب الّذي من أجله أمر أن يدخل يده في الجيب دون الكمّ.
وقوله: {تخرج بيضاء من غير سوءٍ} يقول: تخرج بيضاء من غير برصٍ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا ابن المفضّل، قال: حدّثنا قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، في قوله: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ} قال: فخرجت كأنّها المصباح، فأيقن موسى أنّه لقي ربّه.
وقوله: {واضمم إليك جناحك} يقول: واضمم إليك يدك.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {واضمم إليك جناحك} قال: يدك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {واضمم إليك جناحك} قال: وجناحاه: الذّراع. والعضد: هو الجناح. والكفّ: اليد، {واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوءٍ}.
وقوله: {من الرّهب} يقول: من الخوف والفرق الّذي قد نالك من معاينتك ما عاينت من هول الحيّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {من الرّهب} قال: الفرق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {واضمم إليك جناحك من الرّهب}: أي من الرّعب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {من الرّهب} قال: ممّا دخله من الفرق من الحيّة والخوف، وقال: ذلك الرّهب، وقرأ قول اللّه {يدعوننا رغبًا ورهبًا} قال: خوفًا وطمعًا.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل الحجاز والبصرة: (من الرّهب)، بفتح الرّاء والهاء. وقرأته عامّة قرّاء الكوفة: (من الرّهب)، بضمّ الرّاء وتسكين الهاء.
والقول في ذلك أنّهما قراءتان متّفقتا المعنى مشهورتان في قرّاء الأمصار، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {فذانك برهانان من ربّك} يقول تعالى ذكره: فهذان اللّذان أريتكهما يا موسى من تحوّل العصا حيّةً، ويدك وهي سمراء بيضاء تلمع من غير برصٍ، برهانان: يقول: آيتان وحجّتان.
وأصل البرهان: البيان، يقال للرّجل يقول القول إذا سئل الحجّة عليه: هات برهانك على ما تقول: أي هات تبيان ذلك ومصداقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فذانك برهانان من ربّك} العصا واليد آيتان.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {فذانك برهانان من ربّك} تبيانان من ربّك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فذانك برهانان من ربّك} هذان برهانان.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فذانك برهانان من ربّك} فقرأ: {هاتوا برهانكم}، هاتوا على ذلك آيةً نعرفها، وقال: برهانان: آيتان من اللّه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فذانك} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار، سوى ابن كثيرٍ وأبي عمرٍو: {فذانك} بتخفيف النّون، لأنّها نون الاثنين، وقرأه ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو: (فذانّك) بتشديد النّون.
واختلف أهل العربيّة في وجه تشديدها، فقال بعض نحويّي البصرة: ثقّل النّون من ثقّلها للتّوكيد، كما أدخلوا اللاّم في ذلك. وقال بعض نحويّي الكوفة: شدّدت فرقًا بينها وبين النّون الّتي تسقط للإضافة، لأنّ هاتان وهذان لا تضاف. وقال آخر منهم: هو من لغة من قال: هذا آقال ذلك، فزاد على الألف ألفًا، كذا زاد على النّون نونًا ليفصل بينهما وبين الأسماء المتمكّنة، وقال في (ذانك) إنّما كانت ذلك فيمن قال: هذاني يا هذا، فكرهوا تثنية الإضافة فأعقبوها باللاّم، لأنّ الإضافة تعقّبٌ باللاّم. وكان أبو عمرٍو يقول: التّشديد في النّون في {ذانك} من لغة قريشٍ.
{إلى فرعون وملئه} يقول: إلى فرعون وأشراف قومه، حجّةً عليهم، ودلالةً على حقيقة نبوّتك يا موسى؛ {إنّهم كانوا قومًا فاسقين} يقول: إنّ فرعون وملئه كانوا قومًا كافرين). [جامع البيان: 18/244-249]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قومًا فاسقين (32)
قوله تعالى: اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ
تقدّم تفسيره.
- وبه، عن محمّد بن إسحاق ثم قيل لموسى: أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ وكان موسى رجلا آدم أقنى، جعدًا طوالا، فأدخل يده في جيبه، ثمّ أخرجها بيضاء، مثل الثّلج، ثمّ ردّها فخرجت كما كانت على لونه.
قوله تعالى: واضمم إليك جناحك من الرّهب
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: واضمم إليك جناحك وجناحه: الذراع، والعضد: هو الجناح، والكفّ واليد.
قوله تعالى: من الرّهب
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من الرّهب: من الفرق.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: واضمم إليك جناحك من الرّهب أي: من الرّعب.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه عزّ وجلّ: واضمم إليك جناحك من الرّهب قال: ممّا داخله من الفرق من الحيّة والخوف قال: فذلك الرّهب، فقرأ قول اللّه عز وجل: يدعوننا رغبًا ورهبًا قال: خوفًا وطمعًا.
قوله تعالى: فذانك برهانان من ربّك
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فذانك برهانان من ربّك قال: العصا واليد- وروي، عن السّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: فذانك برهانان من ربّك أي بيّنتان من ربّك.
- أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: فذانك برهانان من ربّك فقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: قل هاتوا برهانكم قل هاتوا على ذلك آيةً نعرفها وقال: برهانان من اللّه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، فأدخل يده في جيبه، ثمّ أخرجها بيضاء مثل الثّلج ثمّ ردّها فخرجت كما كانت على لونه ثمّ قال له: فذانك برهانان من ربّك.
قوله تعالى: إلى فرعون وملائه
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصّمد بن معقلٍ قال: سمعت وهبًا يقول: ثمّ قال له ربّه: ادن فلم يزل يدنيه حتّى شدّ ظهره بجذع الشّجرة فاستقرّ وذهبت، عنه الرّعدة وجمع يديه في العصا وخضع برأسه وعنقه، ثمّ قال له: إنّي قد أقمتك اليوم في مقامٍ لا ينبغي لبشرٍ بعدك.
الحديث بطوله وقد كتب في سورة طه.
قوله تعالى: إنّهم كانوا قومًا فاسقين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: إنّهم كانوا قومًا فاسقين يعني: عاصين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2975-2976]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من الرهب يعني من الفرق). [تفسير مجاهد: 486]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله برهانان من ربك قال العصا واليد). [تفسير مجاهد: 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واضمم إليك جناحك} قال: يدك). [الدر المنثور: 11/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واضمم إليك جناحك} قال: كفه تحت عضده {من الرهب} قال: من الفرق {فذانك برهانان} قال: العصا واليد، وفي قوله {ردءا} قال: عونا وفي قوله {ونجعل لكما سلطانا} قال: الحجة). [الدر المنثور: 11/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولم يعقب} قال: لم يلتفت من الفرق وفي قوله {اسلك يدك في جيبك} قال: في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} قال: من غير برص {واضمم إليك جناحك من الرهب} قال: من الرعب {فذانك برهانان} قال: آيتان من ربك، {فأرسله معي ردءا} قال: عونا لي). [الدر المنثور: 11/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {من الرهب} مخففة مرفوعة الراء وقرأ (فذانك) مخففة). [الدر المنثور: 11/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن كثير وقيس انهما كانا يقرآن (فذنك برهانان) مثقلة النون). [الدر المنثور: 11/466]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33) وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}.
يقول تعالى ذكره: قال موسى: ربّ إنّي قتلت من قوم فرعون نفسًا، فأخاف إن أتيتهم فلم أبن عن نفسي بحجّةٍ أن يقتلون، لأنّ في لساني عقدةً، ولا أبين معها ما أريد من الكلام). [جامع البيان: 18/249]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33)
قوله تعالى: قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33) وأخي هارون هو أفصح مني لسانا.
تقدّم تفسيره في سورة طه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2977]

تفسير قوله تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني نافع بن أبي نعيم قال: سألت مسلم بن جندب عن: {ردءا يصدقني}، فقال: الردأ الزيادة، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
أسمر خطيا كأن كعوبه نوى القسب = قد أردأ ذراعا على عشر). [الجامع في علوم القرآن: 1/25-26]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ردءا يصدقني قال عونا لي). [تفسير عبد الرزاق: 2/91]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ردءًا} [القصص: 34] : «معينًا» ، قال ابن عبّاسٍ: «يصدّقني»). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
{ردءًا} معينا وقال ابن عبّاس كي يصدقني تقدم في سورة طه). [تغليق التعليق: 4/278]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ردءاً معيناً
أشار به إلى قوله تعالى: {وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءًا يصدقني} (القصص: 34) وفسره بقوله: (معينا) يقال: فلان رده فلان إذا كان ينصره ويشد ظهره، ويقال: أردأت الرجل أعنته.
عبيد الله قال ابن عبّاسٍ لكي يصدّقني. وقال غيره سنشدّ كلّما عزّزت شيئاً فقد جعلت له عضداً
أي: قال ابن عبّاس في قوله: {ردءا يصدقني} (القصص: 34) لكي يصدقني، وفي التّفسير: يصدقني أي: مصدقا وليس الغرض بتصديقه أن يقول له: صدقت، أو يقول للنّاس: صدق موسى، وإنّما هو أن يلخس بلسانه الحق أو يبسط القول فيه، ويجادل به الكفّار كما يفعل الرجل المنطيق ذو المعارضة). [عمدة القاري: 19/106-107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ردءًا}) في قوله: {فأرسله معي ردءًا} [القصص: 34] أي (معينًا) وهو في الأصل اسم ما يعان به كالدفء بمعنى المدفوء به فهو فعل بمعنى مفعول ونصبه على الحال.
(قال ابن عباس: يصدقني) بالرفع وبه قرأ حمزة وعاصم على الاستئناف أو الصفة لردءًا أو الحال من هاء أرسله أو من الضمير في ردءًا أي مصدقًا وبالجزم، وبه قرأ الباقون جوابًا للأمر يعني إن أرسلته يصدقني، وقيل ردءًا كيما يصدقني أو لكي يصدقني فرعون وليس الغرض بتصديق هارون أن يقول له: صدقت أو يقول للناس: صدق موسى بل إنه يلخص بلسانه الفصيح وجوه الدلائل ويجيب عن الشبهات). [إرشاد الساري: 7/284]

قالَ أبو جعفر مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا عبد العزيز بن عمران قال: وثنا ابن وهبٍ قال: قال لي سعيد بن أبي مريم ثنا زياد بن يونس، قال: حدّثني نافع بن أبي نعيمٍ قال: سألت مسلم بن جندبٍ عن قول اللّه عز وجل: {ردءاً يصدقني} قال [زيادةٌ] أما سمعت قول الشّاعر:
وأسمر خطيٌّ كأنّ كعوبه = نوى القسب قد أردى ذراعًا على عشر
ويروى أرمى فقال لي سعيد بن أبي مريم: وقد سمعت أنا نافعًا يذكر ذلك عن مسلم بن جندبٍ فيما أعلم.
قال أبو جعفرٍ: والقائل قال لي سعيدٌ: هو ابن وهبٍ). [جزء تفسير نافع بن أبي نعيم: 43-44]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا} يقول: أحسن بيانًا عمّا يريد أن يبيّنه، {فأرسله معي ردءًا} يقول: عونًا. يصدّقني: أي يبيّن لهم عنّي ما أخاطبهم به.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا، فأرسله معي ردءًا يصدّقني}: أي يبيّن لهم عنّي ما أكلّمهم به، فإنّه يفهم ما لا يفهمون.
وقيل: إنّما سأل موسى ربّه يؤيّده بأخيه، لأنّ الاثنين إذا اجتمعا على الخير، كانت النّفس إلى تصديقهما أسكن منها إلى تصديق خبر الواحد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فأرسله معي ردءًا يصدّقني} لأنّ الاثنين أحرى أن يصدّقا من واحدٍ.
وبنحو الّذي قلنا في (الرّدء) قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {فأرسله معي ردءًا يصدّقني} قال عونًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ردءًا يصدّقني}: أي عونًا.
وقال آخرون: معنى ذلك: كيما يصدّقني.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ردءًا يصدّقني} يقول: كي يصدّقني.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فأرسله معي ردءًا يصدّقني} يقول: كيما يصدّقني.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ردءًا يصدّقني} يقول: كيما يصدّقني.
والرّدء في كلام العرب: هو العون، يقال منه: قد أردأت فلانًا على أمره: أي أكنفته وأعنته.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {يصدّقني} فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والبصرة: (ردءًا يصدّقني) بجزم (يصدّق).
وقرأ عاصمٌ وحمزة: {يصدّقني}، برفعه، فمن رفعه جعله صلةً للرّدء، بمعنى: فأرسله معي ردءًا من صفته يصدّقني؛ ومن جزمه جعله جوابًا لقوله: {فأرسله}، فإنّك إذا أرسلته صدّقني، على وجه الخبر. والرّفع في ذلك أحبّ القراءتين إليّ، لأنّه مسألةٌ من موسى ربّه أن يرسل أخاه عونًا له بهذه الصّفة.
وقوله: {إنّي أخاف أن يكذبون} يقول: إنّي أخاف أن لا يصدّقون على قولي لهم إنّي أرسلت إليكم). [جامع البيان: 18/249-251]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33)
قوله تعالى: قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33) وأخي هارون هو أفصح مني لسانا.
تقدّم تفسيره في سورة طه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2977] (م)
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فأرسله معي ردءًا يصدّقني
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا فأرسله معي ردءًا قال: ونبّئ هارون ساعتئذٍ حين نبّئ موسى صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ردءًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: ردءًا يصدّقني قال: عونًا. وروي، عن قتادة، مثل ذلك.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ وهبٌ، ثنا نافع ابن أبي نعيمٍ قال: سألت مسلم بن جندبٍ، عن قوله: ردءًا يصدّقني قال: الرّداء الزّيادة، أما سمعت قول الشّاعر.
وأسمر خطيا كأن كعوبه نوى القصب... قد أردى ذراعًا على عشر.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ردءًا يصدّقني. وروي، عن السّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم مثل ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق فأرسله معي ردءًا يصدّقني أي يبيّن لهم على ما أكلّمهم فإنّه يفهم، عنّي ما لا يفهمون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2977]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ردءا قال عونا). [تفسير مجاهد: 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واضمم إليك جناحك} قال: كفه تحت عضده {من الرهب} قال: من الفرق {فذانك برهانان} قال: العصا واليد، وفي قوله {ردءا} قال: عونا وفي قوله {ونجعل لكما سلطانا} قال: الحجة). [الدر المنثور: 11/465] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولم يعقب} قال: لم يلتفت من الفرق وفي قوله {اسلك يدك في جيبك} قال: في جيب قميصك {تخرج بيضاء من غير سوء} قال: من غير برص {واضمم إليك جناحك من الرهب} قال: من الرعب {فذانك برهانان} قال: آيتان من ربك، {فأرسله معي ردءا} قال: عونا لي). [الدر المنثور: 11/466] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ردءا يصدقني} كي يصدقني). [الدر المنثور: 11/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب نبأنا نافع بن أبي نعيم قال: سألت مسلم بن جندب رضي الله عنه عن قوله {ردءا يصدقني} قال: الردء الزيادة أما سمعت قول الشاعر:
واسمر خطى كأن كعوبه * نوى القصب قد اردى ذراعا على عشر). [الدر المنثور: 11/466-467]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {سنشدّ} [القصص: 35] : " سنعينك، كلّما عزّزت شيئًا، فقد جعلت له عضدًا). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قوله: (قال غيره) ، أي: غير ابن عبّاس في معنى قول الله تعالى: {سنشد عضدك بأخيك} (القصص: 35) سنعينك. وقيل: سنقويك به، وشد العضدد كناية عن التقوية. قوله: (كلما عززت) ، من: عز فلان أخاه إذا قوّاه، ومنه قوله تعالى: {فعززنا بثالث} (يس: 142) يخفف ويشدد أي: قوينا وشددنا). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره): أي غير ابن عباس ({سنشد}) عضدك أي (سنعينك كلما عززت شيئًا) بعين مهملة وزايين معجمتين (فقد جعلت له عضدًا) يقويه وهو من باب الاستعارة شبه حالة موسى بالتقوّي بأخيه بحالة اليد المتقوية بالعضد فجعل كأنه يد مستندة بعضد شديدة، وسقط لأبي ذر والأصيلي من قوله: ({آنس}) إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}.
يقول تعالى ذكره: قال اللّه لموسى {سنشدّ عضدك}؛ أي نقوّيك ونعينك بأخيك.
تقول العرب إذا أعزّ رجلٌ رجلاً، وأعانه ومنعه ممّن أراده بظلمٍ: قد شدّ فلانٌ على عضد فلانٍ، وهو من عاضده على أمره: إذا أعانه، ومنه قول ابن مقبلٍ:
عاضدتها بعتودٍ غير معتلثٍ = كأنّه وقف عاجٍ بات مكنونا
يعني بذلك: قوسًا عاضدها بسهمٍ.
وفي العضد لغاتٌ أربعٌ: أجودها: العضد، ثمّ العضد، ثمّ العضد والعضد. يجمع جميع ذلك على أعضادٍ.
وقوله: {ونجعل لكما سلطانًا} يقول: ونجعل لكما حجّةً.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {لكما سلطانًا} حجّةً.
- حدّثنا القاسم قال: قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ونجعل لكما سلطانًا} والسّلطان: الحجّة.
وقوله: {فلا يصلون إليكما} يقول تعالى ذكره: فلا يصل إليكما فرعون وقومه بسوءٍ.
وقوله: {بآياتنا} يقول تعالى ذكره: {فلا يصلون إليكما} فرعون وقومه {بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} فالباء في قوله بآياتنا من صلة غالبون. ومعنى الكلام: أنتما ومن اتّبعكما الغالبون فرعون وملأه بآياتنا أي بحجّتنا وسلطاننا الّذي نجعله لكما). [جامع البيان: 18/251-253]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: سنشدّ عضدك بأخيك
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن أبي الثّلج، ثنا يزيد بن هارون أنبأ أصبغ بن زيدٍ، ثنا القاسم بن أبي أيّوب، ثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فآتاه اللّه سؤله فحلّ عقدةً من لسانه، فأوحى اللّه إلى هارون فانطلقا جميعًا إلى فرعون.
قوله تعالى: ونجعل لكما سلطانًا
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة الدّمشقيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر حدّثني سعيدٌ، عن قتادة قوله: ونجعل لكما سلطانًا بآياتنا، عند أهل الإيمان ومعذرةً، عند النّاس.
قوله تعالى: فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الرّبيع بن ثعلب الشّيخ الصّالح، ثنا أبو إسماعيل المؤدّب، عن عبد اللّه بن مسلمٍ، عن مجاهدٍ قال: كان موسى صلّى اللّه عليه وسلّم قد ملئ قلبه رعبًا من فرعون، فكان إذا رآه قال: اللّهمّ أدرأ بك في نحره وأعوذ بك من شرّه ففرّغ اللّه ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون، فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار). [تفسير القرآن العظيم: 9/2977-2978]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ونجعل لكما سلطانا قال يقول نجعل لكما حجة بآياتنا فلا يصلون إليكما أنتما ومن اتبعكما الغالبون). [تفسير مجاهد: 486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واضمم إليك جناحك} قال: كفه تحت عضده {من الرهب} قال: من الفرق {فذانك برهانان} قال: العصا واليد، وفي قوله {ردءا} قال: عونا وفي قوله {ونجعل لكما سلطانا} قال: الحجة). [الدر المنثور: 11/465] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن قوله {سنشد عضدك بأخيك} قال: العضد: المعين الناصر قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول النابغة:
في ذمة من أبي قابوس منقذة * للخائفين ومن ليست له عضد). [الدر المنثور: 11/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: كان موسى عليه السلام قد ملى ء قلبه رعبا من فرعون فكان اذا رآه قال: اللهم أدرأ بك في نحره وأعوذ بك من شره ففزع الله تعالى ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون فكان اذا رآه بال كما يبول الحمار). [الدر المنثور: 11/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات عن الضحاك رضي الله عنه قال: دعاء موسى حين توجه إلى فرعون ودعاء النّبيّ عليه السلام يوم حنين ودعاء كل مكروب كنت وتكون وأنت حي لا تموت تنام العيون وتكدر النجوم وأنت حي قيوم لا تاخذك سنة ولا نوم يا حي يا قيوم). [الدر المنثور: 11/467-468]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 08:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29] حدّثني أشعث، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قضى أوفاهما وأبرّهما، العشر.
وقال السّدّيّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29]، يعني: أتمّ موسى شرطه.
قوله عزّ وجلّ: {وسار بأهله} [القصص: 29] أخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله} [القصص: 29] قضى العشر السّنين ثمّ أقام بعد ذلك عشر سنين، فخرج بعد عشرين سنةً.
{آنس من جانب الطّور} [القصص: 29] والطّور الجبل.
{نارًا} [القصص: 29] وقال قتادة: أحسّ، أي: رأى نارًا، وإنّما كان نورًا، وكانت عند موسى نارًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/589]
وقال السّدّيّ: {آنس من جانب الطّور نارًا} [القصص: 29] رأى من جانب الطّور نارًا {قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ} [القصص: 29] الطّريق، وكان على غير طريقٍ.
{أو جذوةٍ من النّار} [القصص: 29] قال قتادة: وهي أصل شجرةٍ.
{لعلّكم تصطلون} [القصص: 29] لكي تصطلوا وكان شاتيًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أو جذوةٍ مّن النّار...}

قرأها عاصم : {أو جذوة} بالفتح , والقراءة بكسر الجيم , أو برفعها, وهي مثل : أوطأتك عشوةً وعشوةً وعشوة , والرّغوة والرّغوة والرّغوة, ومنه : ربوةً وربوة وربوة.).
[معاني القرآن: 2/305-306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ آنس من جانب الطّور ناراً }: أي: أبصر، قال:
آنس خربان فضاءٍ فانكدر= دانى جناحيه من الطور فمرّ
الطور: الجبل.
{ أو جذوةٍ من النّار }: أي : قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهبٌ , وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة , جماعها الجذاء، قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها= جزل الجذا غير خوّارٍ ولا دعر).
[مجاز القرآن: 2/102-103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جذوة من النار}: قطعة من الخشب ليس فيها لهب). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أو جذوةٍ من النّار} : أي قطعة منها, ومثلها الجذمة, وفي التفسير: «الجذوة عود قد احترق».). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النّار لعلّكم تصطلون}
يروى : أنه قضى أتم الأجلين، وهو عشر سنين.
وقوله:{آنس من جانب الطور ناراً}
آنس : علم وأبصر، يقال: قد آنست ذلك الشخص , أي: أبصرته.
{قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر}: أي : لعلي أعلم لم أوقدت.
{أو جذوة من النّار}: الجذوة : القطعة الغليظة من الحطب, ويقرأ: أو جذوة بالضم، ويقال: جذوة بالفتح.
, فيها ثلاث لغات.). [ معاني القرآن: 4/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله}
روى الحكم بن أبان , عن عكرمة , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( سألت جبريل , أي الأجلين قضى موسى ؟.
فقال : أتمهما وأكملهما .)).
ومعنى :{لعلي آتيكم منها بخبر }: لعلي أعلم لم أوقدت .
{أو جذوة من النار }: قال قتادة : الجذوة : أصل الشجرة فيها نار.
قال أبو جعفر : وكذلك الجذوة بضم الجيم , وكسرها , وفتحها , والجذوة : القطعة من الخشب الكبيرة فيها نار , ليس فيها لهب.). [معاني القرآن: 5/177]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {جذوة}: أي: شعلة.).. [ياقوتة الصراط: 399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {جذْوَةٍ}: قطعة.). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {فلمّا أتاها} [القصص: 30] أتى موسى النّار عند نفسه.
{نودي من شاطئ الوادي الأيمن} [القصص: 30] تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: عن يمين موسى.
{في البقعة المباركة من الشّجرة} [القصص: 30] وقال قتادة: نودي عن يمين الشّجرة، أي: الأيمن من الشّجرة.
وفيهما تقديمٌ: نودي من شاطئ الوادي الأيمن من الشّجرة من البقعة المباركة.
{أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين {30}). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({شاطئ الوادي الأيمن}: شط الوادي , وهو ضفة الوادي , وعدوته , وعدوتا وعدوتاه، ومنه شط السنام , لنصفه).

[مجاز القرآن: 2/103]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلمّا أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
وقال: {من شاطئ الوادي الأيمن} : جماعة "الشّاطئ" , "الشواطئ" , وقال بعضهم "شطّ" , والجماعة "شطوطٌ".). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الشاطئ}: والشط واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
[معاني القرآن: 4/142]
سميت مباركة : لأن اللّه كلم موسى فيها، وبعثه نبيّا، ويقال بقعة , وبقعة بالضم والفتح.
وقد قرئ بهما جميعا، فمن جمع بقاعا، فهي جمع بقعة بالفتح، مثل : قصعة وقصاع، ومن قال بقعة بالضم فأجود، الجمع بقع مثل: غرفة وغرف،
وقد يجوز في بقعة: بقاع، مثل حفرة وحفار.
وقوله:{أن يا موسى}: (أن) في موضع نصب, المعنى : نودي بأنه يا موسى , وكذلك: {وأن ألق عصاك}: عطف عليها.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقال جل وعز: {في البقعة المباركة من الشجرة} , لأنه جل وعز كلمه فيها ,
وقوله جل وعز: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} معنى {اسلك }:أدخل ). [معاني القرآن: 5/178]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({الشَاطِئِ}: جانب الوادي ). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأن ألق عصاك} [القصص: 31] فألقاها.
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ} [القصص: 31] كأنّها حيّةٌ.
{ولّى مدبرًا} [القصص: 31] هاربًا منها.
{ولم يعقّب} [القصص: 31]
[تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قال قتادة: أي: ولم يلتفت من الفرق.
وقال مجاهدٌ: ولم يرجع.
فقال اللّه: {يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/591]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
:({ تهتزّ كأنّها جانٌّ }, وفي آية أخرى:{فإذا هي حيّةٌ تسعى }, فالحيات أجناس فيها الجان , وغير ذلك , والأفعى , والحفاث , ومجازها : كأنها جان من الحيات , ومجاز الأخرى : فإذا هي حية من الجان.

{ولم يعقّب}: أي : لم يرجع , يقال: عقب على ما كان فرده, أي: رجع عليه.). [مجاز القرآن: 2/103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولم يعقب}: يرجع. يقال عقب على الأمر إذا رجع). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب}: معناه : لم يلتفت.
وقوله: {أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}: أي : قد آمنت من أن ينالك منها مكروه , وهي حيّة.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({يُعَقِّبْ}: يرجع). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({اسلك يدك} [القصص: 32]، أي: أدخل يدك.
{في جيبك} [القصص: 32] قال قتادة: أي: في جيب قميصك.
{تخرج بيضاء من غير سوءٍ} [القصص: 32]، أي: من غير برصٍ، وهو تفسير السّدّيّ.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أخرجها واللّه كأنّها مصباحٌ، فعلم موسى أن قد لقي ربّه.
قال: {واضمم إليك جناحك} [القصص: 32]، أي: يديك.
{من الرّهب} [القصص: 32] قال قتادة: أي: من الرّعب، إلى صدرك يذهب ما في صدرك من الرّعب، وكان قد دخله فزعٌ وفرقٌ من آل فرعون، فأذهب اللّه ذلك.
قال: {فذانك برهانان من ربّك} [القصص: 32]، أي: بيانان من ربّك، يعني: العصا واليد في قول مجاهدٍ.
وقال قتادة: {برهانان} [القصص: 32]، أي: بيّنتان {من ربّك} [القصص: 32] والبرهان في قول الحسن الحجّة، أي: حجّتان من ربّك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/591]
وقال السّدّيّ: فذانك برهانان من ربّك، يعني: آيتين من ربّك.
{إلى فرعون وملئه} [القصص: 32]، أي: وقومه.
{إنّهم كانوا قومًا فاسقين} [القصص: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {واضمم إليك جناحك من الرّهب...}

و{الرّهب} , قرأها أهل المدينة : {الرّهب}, وعاصم والأعمش :{الرّهب}
وقوله: {فذانك برهانان} اجتمع القراء على تخفيف النون من (ذانك) وكثير من العرب يقول (فذانّك) و(وهذانّ) قائمان
{واللذانّ يأتيانها منكم} فيشدّدون النون.
وقوله: {واضمم إليك جناحك} :يريد عصاه في هذا الموضع , والجناح في الموضع الآخر: ما بين أسفل العضد إلى الرّفغ , وهو الإبط). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اسلك يدك في جيبك }: مجازه: أدخل , وهما لغتان : سلكته , وأسلكته , وقد فسرناه فوق هذا.
{بيضاء من غير سوء}: أي : من غير برص.
{واضمم إليك جناحك }:أي: يدك, و { الرّهب} مثل الرهبة , ومعناهما الخوف , والفرق.
{ فذانّك برهانان }: واحدهما برهان, وهو البيان يقال: هات على ما تقول ببرهان ونون , قوله : {فذانّك } مشددة لأنها أشد مبالغة منه إذا خففتها , وقد يخفف في الكلام ).
[مجاز القرآن: 2/103-104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من رّبّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قوماً فاسقين}
وقال: {فذانك برهانان} , ثقلّ بعضهم , وهم الذين قالوا : {ذلك} أدخلوا التثقيل للتأكيد , كما أدخلوا اللام في "ذلك " ). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرهب}: والرهبة واحد.[غريب القرآن وتفسيره: 291]
(برهنان): تبيانان ومنه جيء على ما تقول ببرهان). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({اسلك يدك في جيبك} :أي : أدخل يدك يقال: سلكت يدي , وأسلكتها.
{الجناح}: الإبط, والجناح: اليد أيضاً.
{الرّهب} : والرّهب , والرّهب, والرّهبة واحد.
{برهانان} : أي : حجّتان.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملأه إنّهم كانوا قوما فاسقين} أي: من غير برص.
{واضمم إليك جناحك من الرّهب}: والرّهب جميعاً, ومعناهما واحد، مثل الرّشد , والرّشد.
والمعنى : في جناحك ههنا , هو العضد، ويقال : اليد , كلها جناح.
وقوله:{فذانك برهانان}: تقرأ بتخفيف النون وتشديدها - فذانّك - , فكأن فذانّك تثنية ذلك , وذانك تثنية ذاك , جعل بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك،
وبرهانان: آيتان بيّنتان.
{إلى فرعون وملئه}: أي : أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين.). [معاني القرآن: 4/143-144]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واضمم إليك جناحك من الرهب}
قال الفراء : الجناح ههنا العصا، ولم يقل هذا أحد من أهل التفسير، ولا من المتقدمين علمته، وحكى أكثر أهل اللغة أن الجناح من أسفل العضد إلى آخر الإبط، وربما قيل لليد جناح، ولهذا قال أبو عبيدة :{جناحك }أي : يدك .
قال مجاهد :{من الرهب }: من الفرق.
وقوله جل وعز: {فذانك برهانان من ربك}
قال مجاهد : يعني : اليد، والعصا .
والبرهان : الحجة .
قال ابن عباس : جناحك : يدك.
وقال أبو زيد : العضد : هو الجناح .
حدثني محمد بن أيوب، قال : أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا محمد بن عامر، عن أبيه، عن بشر بن الحصين، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك، عن ابن عباس :{واضمم إليك جناحك من الرهب}: أي: أدخل يدك , فضعها على صدرك حتى يذهب عنك الرعب.
قال : فقال ابن عباس : ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى، ثم يدخل يده، فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب .
وقوله جل وعز: {فأرسله معي ردءا يصدقني} الردء : العون، وقد أردأه وردأه، أي: أعانه ). [معاني القرآن: 5/178-180]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {الرَّهْبِ}: الرهبة، {بُرْهَانَانِ}: تبيانان ). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 33] موسى: {ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا} [القصص: 33]، يعني: القبطيّ.
{فأخاف أن يقتلون {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا} [القصص: 34]، يعني: العقدة الّتي كانت في لسانه.
{فأرسله معي ردءًا} [القصص: 34]، أي: عونًا.
{يصدّقني} [القصص: 34] في تفسير الحسن، وابن مجاهدٍ، عن مجاهدٍ.
وقال الكلبيّ: {معي ردءًا يصدّقني} [القصص: 34] كيما يصدّقني، ويصدّقني يكون معي في الرّسالة.
{إنّي أخاف أن يكذّبون {34}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ردءاً يصدّقني...}

تقرأ جزماً رفعاًمن رفعها جعلها صلة للردء , ومن جزم فعلى الشرط, و الرّدء: العون, تقول: أردأت الرجل: أعنته, وأهل المدينة يقولون : {رداً يصّدّقني} بغير همزٍ , والجزم على الشرط: أرسله معي يصدّقني مثل {يرثني ويرث} ). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (وقوله: {هو أفصح منّي لساناً }:لأن موسى كانت في لسانه عقدة، ويقال للفرس والبعير إذا كان صافي الصهيل،
وصافي الهدير: إنه لفصيح الصهيل، وإنه لفصيح الهدير.
{ردءًا }أي: معيناً، ويقال: قد أردأت فلاناً على عدوه، وعلى ضيعته, أي: أكنفته , وأعنته , أي :صرت له كنفاً ). [مجاز القرآن: 2/104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً فأرسله معي ردءاً يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
وقال: {ردءاً يصدّقني} أي: عوناً، فيمنعني، ويكون في هذا الوجه:{ردأته}:أعنته. و {يصدّقني} جزم إذا جعلته شرطاً, و{يصدّقني} إذا جعلته من صفة الردء.). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ردءًا}: عونا. يقال أرأدته على عدوه وأرديته بمعنى واحد أعنته. وقرئت {ردا}: بغير همز). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فأرسله معي ردءاً} :أي :معيناً, يقال: أردأته على كذا، أي: أعنته.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانا فأرسله معي ردءا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
{فأرسله معي ردءا يصدّقني}:ويصدّقني - بالرفع والجزم - قرئ بهما جميعا، فمن قرأ :{يصدّقني } بضم القاف، فهو صفة قوله: {ردءاً}، والردء العون، تقول ردأته أردؤه ردءا،
إذا أعنته، والردء المعين.
ومن جزم {يصدّقني}، فعلى جواب المسألة، أرسله يصدقني، ومن رفع :يصدقني، فالمعنى : ردءا ًمصدّقاً لي ). [معاني القرآن: 4/144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رِدْءًا}: أي :معيناً، ومن يهمز احتمل معنى الهمز، وروي عن نافع -رحمه الله- أنه قال في {رِدْاً}: بغير همز: إن معناه: الزيادة ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 181-182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({رِدْءًا}: عوناً). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 35] اللّه تعالى: {سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا} [القصص: 35] حجّةً.
{فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} [القصص: 35] فانطلق موسى نحو فرعون، وأوحى اللّه إلى هارون أن يستقبل أخاه، فاستقبله، فأتيا باب فرعون، فقالا للبوّاب: اذهب فأخبر فرعون أنّ بالباب رسول ربّ العالمين.
فدخل عليه البوّاب فقال: إنّ بالباب رجلا مجنونًا يزعم أنّه رسول ربّ العالمين.
فقال له فرعون: أتعرفه؟ قال: لا، ولكن معه هارون، وكان هارون عندهم معروفًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/592]
وكان موسى قد غاب عنهم زمانًا من الدّهر، قال فرعون: اذهب فأدخله، فدخل عليه، فعرفه، في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: كأنّه عرف وجهه ولم يثبت من هو، فقال: من أنت؟ فقال: أنا رسول ربّ العالمين، فقال: ليس عن هذا أسألك ولكن من أنت، وابن من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، وقد كان ربّاه، وكان في حجره حتّى صار رجلا.
فقال له فرعون: {ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين} [الشعراء: 18] وأنت لا تدّعي هذه النّبوّة {وفعلت فعلتك الّتي فعلت وأنت من الكافرين} [الشعراء: 19] بي أنّي إلهٌ، في تفسير الحسن.
وبعضهم يقول: من الكافرين لنعمتنا، أي: فيما ربّيناك). [تفسير القرآن العظيم: 2/593]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({سنشدّ عضدك بأخيك }:أي:سنقويك به , ونعينك به , يقال: إذا أعز رجل رجلاً , ومنعه: قد شد فلان على عضد فلان، وهو من عاضدته على أمره، أي : عاونته، وآزرته عليه.

قال ابن مقبل:
عاضدتها بعنودٍ غير معتلثٍ= كأنه وقف عاجٍ بات مكنونا
معتلث يعني القدح، العنود: السهم، والمعتلث: تكون السهام من قنا فيكون فيها السهم من غير قنأ، فذاك المعتلث وكذاك الخشب، وقف عاج: موقف فيه طرائق من حسنه والمعتلث يقال: امتلث وافتلث , واسم علاثة مشتق منه، وفلان يأكل العليث؛ إذا أكل خبز الشعير والحنطة، وافتلث واعتلث واحد , وهو المختلط , يعني: قوساً ؛ أنه عاضدها بسهم ).
[مجاز القرآن: 2/104-105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونجعل لكما سلطاناً}: أي : حجة). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قال سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}
أي : سنعينك بأخيك، ولفظ العضد على جهة المثل، لأن اليد قوامها عضدها، فكل معين عضد, وتقول: قد عاضدني فلان على الأمر , أي: عاونني.
وقوله: {ونجعل لكما سلطاناً} أي : حجة نيرة بينة، وإنما قيل للزيت السليط ؛ لأنه يستضاء به, فالسلطان أبين الحجج.
وقوله: {فلا يصلون إليكما بآياتنا} أي : بسلطاننا , وحجتنا.
فـ {بآياتنا} صلة {يصلون}؛ كأنه قال: لا يصلون إليكما، تمتنعان منهم بآياتنا.
وجائز أن يكون { بآياتنا } متصل، بـ {نجعل لكما سلطانا بآياتنا}، أي : حجة تدلّ على النّبوة بآياتنا، أي : بالعصا، واليد، وسائر الآيات التي أعطي موسى صلى الله عليه وسلم .
ويجوز أن يكون بآياتنا مبينا ًعن قوله:{أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} أي : تغلبون بآياتنا.). [معاني القرآن: 4/144-145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {سنشد عضدك}
أي: سنعينك , ونقويك , وهو تمثيل ؛ لأن قوة اليد بالعضد .
{ونجعل لكما سلطاناً}: قال سعيد بن جبير :أي: حجة .
{فلا يصلون إليكما بآياتنا}: أي :تمنعان بآياتنا .
ويجوز أن يكون المعنى :{ونجعل لكما سلطانا بآياتنا }:أي: بالعصا , واليد ,وما أشبههما ). [معاني القرآن: 5/180]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 08:53 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فأدبر يكسوها الرغام كأنه = على القور والآكام جذوة مقبس
...
جذوة: قطعة من نار.
قال أبو عبيدة: الجذوة: القطعة الغليظة من الحطب ليس فيها لهب). [شرح ديوان امرئ القيس: 530]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
أو آنس القلب من خوف لهم فزعا
يقول: أحس، وأصل الإيناس في العين، يقال آنست شخصاٌ، أي أبصرته من بعد وفي كتاب الله عز وجل: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} ). [الكامل: 1/336]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "جذو مغنية" فالجذو: جمع جذوه، وهي القطعة، وأصل ذلك في الخشب ما كان منه فيه نارٌ، وقال الله عز وجل: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} وتجمع أيضًا جذًا، قال ابن مقبل:
باتت حواطب سلمى يلتمسن لها = جزل الجذا غير خوارٍ ولا دعر).
[الكامل: 2/682-683]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قال أوس:
فجال ولم يعكم
(وشيع إلفه = بمنقطع الغضراء شد مؤالف)
يقول: هرب ولم يكر وعقب مثله تعقيبا. قال لبيد:
طلب المعقب حقه المظلوم
ومنه قوله (عز وجل): {ولى مدبرا ولم يعقب} ). [الغريب المصنف: 3/733-734] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : ( (ويقال: هرب ولم يكر وعقب مثله تعقيبا، قال لبيد: طلب المعقب حقه المظلوم

ومنه قوله عز وجل: {ولى مدبرا ولم يعقب} ). [الغريب المصنف: 3/799-800] (م)

تفسير قوله تعالى: (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) )
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (الرَّهَبُ: الخوْفُ، وكذلك الرُّهْبُ). [شرح لامية العرب: --]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن قال في الرجل ذلك قال في الاثنين ذانك بتشديد النون. تبدل من اللام نوناً، وتدغم إحدى النونين في الأخرى، كما قال عز وجل: {فذانك برهانان من ربك} ). [المقتضب: 3/275]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنه أيضا: أردأت الرجل وأرديته: أعنته ومنه قول الله جل ثناؤه: {ردءا يصدقني}. وقالوا أيضا: أرديته: أعنته وأرديته: أهلكته). [الأضداد: 140]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وقد أردأت الرجل إذا أعنته قال الله جل وعز: {أرسله معي ردءا} وقد أرديته إذا أهلكته). [إصلاح المنطق: 155]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأرديت حرف من الأضداد. يقال: أرديت الرجل إذا أهلكته، ويقال: قد ردي الرجل يردى ردى، إذا هلك؛ قال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه:

ولا تصحب أخا الجهل = وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى = حليما حين آخاه
وقال الآخر:

لعل الذي يرجو رداي ويدعي = به قبل موتي أن يكون هو الردي
وقال طالب بن أبي طالب:
إلا إن كعبا في الحروب تخاذلوا = فأردتهم الأيام واجترحوا ذنبا
وقال الله عز وجل: {وما يغني عنه ماله إذا تردى}، معناه إذا هلك. وقال بعضهم: معناه إذا تردى في النار، قال الشاعر:
خطفته منية فتردى = وهو في الملك يأمل التعميرا
ويقال: أرديت الرجل إذا أعنته، من قول الله عز وجل: {فأرسله معي ردءا يصدقني}، معناه عونا.
ويقال منه: أردأت الرجل وأرديته، فمن قال: (أرداته) لين الهمزة، ومن قال: (أرديته)، انتقل عن الهمز؛ وشبه (أرديت) بـ (أرضيت)؛ ومثل هذا قول العرب: قرأت بتحقيق الهمز، وقرأت بتليين الهمزة، وقريت بترك الهمز؛ والانتقال عنه إلى التشبيه بقضيت ورميت، وكذلك يقال: اقرأ رقعتي بالتحقيق، واقرأ رقعتي بالتليين، واقر رقعتي بالترك؛ وهو أقل الثلاثة.
وكذلك لم يجئ فلان، ولم يجي، بتسكين الياء، ولم، يجِ بحذف الياء وهي أقلها). [كتاب الأضداد: 207-209] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والردء: العون، قال الله عز وجل: {فأرسله معي ردءًا يصدّقني} [القصص: 34] ). [الأمالي: 1/95]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«العضد» أنثى). [المذكور والمؤنث: 68]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله}، قال سعيد بن جبير: سألني رجل من النصارى: أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدري حتى أقدم على خير العرب، أعني ابن عباس -رضي الله عنهما-، فقدمت عليه فسألته، فقال: قضى أكملهما وأوفاهما، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال وفى، فعدت فأعلمت النصراني، فقال: صدق والله هذا العالم، وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في ذلك جبريل عليه السلام، فأخبره أنه قضى عشر سنين، وحكى الطبري عن مجاهد أنه قضى عشرا وعشرا بعدها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف.
وفي قصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما قضى الأجل أراد أن يسير بأهله إلى مصر وقومه، وقد كان لا محالة أحس بالترشيح للنبوة، وكان رجلا غيورا لا يصحب الرفاق، فكان في بعض طريقه في ليلة مظلمة، قال النقاش: كانت ليلة جمعة، ففقدوا النار، وأصلد الزناد، وضلوا الطريق، واشتد عليهم الخصر، فبينا هو كذلك إذ رأى نارا، وكان ذلك نورا من نور الله تعالى قد التبس بشجرة، قال وهب: كانت عليقا، وقال قتادة: كانت عوسجا، وقيل: زعرورا، وقيل: سمرة، قاله ابن مسعود. و"آنس" معناه: أحس، والإحساس ها هنا بالبصر، ومن هذه اللفظة قوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشدا}، ومنها قول حسان:
انظر خليلي بباب جلق هل ... تؤنس دون البلقاء من أحد
وكان هذا الأمر كله في جانب الطور، وهو جبل معروف بالشام، والطور: كل جبل، وخصصه قوم بأنه الذي لا ينبت، فلما رأى موسى النار سر، فقال لأهله: أقيموا فقد رأيت نارا فلما قضى موسى الأجل عن الطريق، أين هو؟ أو جذوة أي: قطعة من النار في قطعة عود كبيرة لا لهب لها، إنما هي جمرة، ومن ذلك قول الشاعر:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها ... جزل الجذا غير خوار ولا دعر
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وأحسب أن أصل الجذوة أصول الشجر، وأهل البوادي يوقدونها أبدا، فهي الجذوة في الحقيقة، ومنه قول السلمي يصف الصلى:
حما حب هذا النار حب خليلي ... وحب الغواني فهي دون الحبائب
وبدلت بعد المسك والبان شقوة ... دخان الجذا في رأس أشمط شاحب
وقرأ الجمهور: "جذوة" بكسر الجيم، وقرأ حمزة، والأعمش: "جذوة" بضمها، وقرأ عاصم: "جذوة" بفتحها، وهي لغات، والصلى: حر النار، و"تصطلون" تفتعلون، أبدلت التاء طاء). [المحرر الوجيز: 6/ 588-590]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فلما أتى موسى ذلك الضوء الذي رآه وهو في تلك الليلة ابن أربعين سنة، نبئ صلى الله عليه وسلم، فروي أنه كان يمشي إلى ذلك النور فكان يبعد منه، تمشي به الشجرة وهي غضة خضراء حتى نودي. والشاطئ والشط: ضفة الوادي، وقوله: "الأيمن" يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطئ، ويحتمل أن يكون معادلا لليسار، فذلك لا يوصف به الشاطئ إلا بالإضافة إلى موسى في استقباله مهبط الوادي، أو بعكس ذلك، وكل ذلك قد قيل. وبركة البقعة هي ما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام، والناس على ضم الباء من "بقعة"، وقرأ بفتحها الأشهب العقيلي، قال أبو زيد: سمعت من العرب: "هذه بقعة طيبة" بفتح الباء. وقوله تعالى: {من الشجرة} يقتضي أن موسى عليه السلام سمع ما سمع من جهة الشجرة، وسمع وأدرك غير مكيف ولا محدد. وقوله تعالى: {أن يا موسى} يحتمل أن تكون "أن" مفسرة، ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر. وقرأت فرقة: "أني أنا الله" بفتح الهمزة من "إني"). [المحرر الوجيز: 6/ 590]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره الله تعالى بإلقاء العصا فألقاها فانقلبت حية عظيمة، ولها اضطراب الجان، وهو صغير الحيات، فجمعت هول الثعبان ونشاط الجان. وقالت فرقة: بل الجان يعم الصغير والكبير، وإنما شبه بالجان جملة العصا لاضطرابها فقط، وولى موسى عليه السلام مدبرا فزعا منها. ولم يعقب معناه: لم يرجع على عقبه من توليه، فقال الله تبارك وتعالى له: {يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين}، وهذا من تأمين الله تعالى إياه). [المحرر الوجيز: 6/ 590-591]

تفسير قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره بأن يدخل يده في جيبه، وهو فتح الجبة من حيث يخرج رأس الإنسان، وروي أن كم الجبة كان في غاية الضيق فلم يكن له جيب تدخل يده إلا في جيبه. و"اسلك" معناه: أدخل، ومنه قول الشاعر:
حتى سلكن الشوى منهن في مسك ... من نسل جوابة الآفاق مهداج
وقوله تعالى: {من غير سوء} أي: من غير مرض ولا مثله، وروي أن يده كانت تضيء كأنها قطعة شمس.
وقوله تعالى: {واضمم إليك جناحك من الرهب}، ذهب مجاهد، وابن زيد إلى أن ذلك على المجاز والاستعارة، وأنه أمره بالعزم على ما أمر به وأنه كما تقول العرب: "اشدد حيازيمك، واربط جأشك"، أي: شمر في أمرك، ودع الرهب، وذلك لما كثر تخوفه وفزعه في غير ما موطن، قاله أبو علي. وقوله تعالى: {فذانك برهانان} قال مجاهد، والسدي: هي إشارة إلى العصا واليد.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والناس: "الرهب" بفتح الراء والهاء، وقرأ عاصم، وقتادة: "الرهب" بسكون الهاء، وقرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر، وعاصم أيضا: "الرهب" بضم الراء والهاء. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "فذانك" بشد النون، وقرأ الباقون: "فذانك" بالتخفيف بالنون، وقرأ شبل عن ابن كثير: "فذانيك" بياء بعد النون المخففة، أبدل إحدى النونين ياء كراهة التضعيف، وقرأ ابن مسعود: "فذانيك" بالياء أيضا مع شد النون، وهي لغة هذيل، وحكى المهدوي أن لغتهم تخفي النون، و"برهانان": حجتان ومعجزتان. وباقي الآية بين).[المحرر الوجيز: 6/ 591-592]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون}
كان موسى عليه السلام قد امتحن بمخاوف فطلب شد العضد بأخيه هارون؛ لأنه كان فصيح اللسان سمح الخلق. وقرأ الجمهور: "ردءا" بالهمز، وقرأ نافع وحده: "ردا" بتنوين الدال دون همز، وهي قراءة أبي جعفر، وذلك على التخفيف من "ردء"، والردء: الوزير المعين والذي يسند إليه في الأمر، وذهبت فرقة إلى أنها من معنى الزيادة، كما قال الشاعر:
وأسمر خطيا كأن كعوبه نوى القسب قد أردى ذراعا على العشر
وهذا على ترك الهمز، وأن يكون وزنه فعلا.
وقرأ جمهور القراء: "يصدقني" بالجزم، وذلك على جواب "أرسله"، وقرأ عاصم وحده: "يصدقني"، أي: مصدقا، فهو صفة للردء، أو حال.
و "شد العضد" استعارة في المعونة والإنهاض، وقرأ الحسن بضم العين من "عضدك"، وقرأ عيسى بن عمر بفتح العين والضاد. و"السلطان": الحجة. وقوله: "بآياتنا" يحتمل أن تتعلق الباء بقوله: {ونجعل لكما}، أو بـ "يصلون" وتكون باء السبب، ويحتمل أن تتعلق بقوله: "الغالبون"، أي: تغلبون بآياتنا، و"الآيات" ها هنا معجزاته عليه السلام). [المحرر الوجيز: 6/ 592-593]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 06:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارًا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النّار لعلّكم تصطلون (29) فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين (30) وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ ولّى مدبرًا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين (31) اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قومًا فاسقين (32)}.
قد تقدّم في تفسير الآية قبلها أنّ موسى عليه السّلام، قضى أتمّ الأجلين وأوفاهما وأبرّهما وأكملهما وأنقاهما، وقد يستفاد هذا أيضًا من الآية الكريمة من قوله: {فلمّا قضى موسى الأجل} أي: الأكمل منهما، واللّه أعلم.
قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: قضى عشر سنين، وبعدها عشرًا أخر. وهذا القول لم أره لغيره، وقد حكاه عنه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، واللّه أعلم.
وقوله: {وسار بأهله} قالوا: كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله، فعزم على زيارتهم في خفيةٍ من فرعون وقومه، فتحمّل بأهله وما كان معه من الغنم الّتي وهبها له صهره، فسلك بهم في ليلةٍ مطيرةٍ مظلمةٍ باردةٍ، فنزل منزلًا فجعل كلّما أورى زنده لا يضيء شيئًا، فتعجّب من ذلك، فبينما هو كذلك [إذ] {آنس من جانب الطّور نارًا} أي: رأى نارًا تضيء له على بعدٍ، {قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا} أي: حتّى أذهب إليها، {لعلّي آتيكم منها بخبرٍ}. وذلك لأنّه قد أضلّ الطّريق، {أو جذوةٍ من النّار} أي: قطعةٍ منها، {لعلّكم تصطلون} أي: تتدفؤون بها من البرد). [تفسير ابن كثير: 6/ 234]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن} أي: من جانب الوادي ممّا يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب، كما قال تعالى: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر}، فهذا ممّا يرشد إلى أنّ موسى قصد النّار إلى جهة القبلة، والجبل الغربيّ عن يمينه، والنّار وجدها تضطرم في شجرةٍ خضراء في لحف الجبل ممّا يلي الوادي، فوقف باهتًا في أمرها، فناداه ربّه: {من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة}.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه قال: رأيت الشّجرة الّتي نودي منها موسى، عليه السّلام، سمرةً خضراء ترفّ. إسناده مقاربٌ.
وقال محمّد بن إسحاق، عن بعض من لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ قال: شجرةٌ من العلّيق، وبعض أهل الكتاب يقول: من العوسج.
وقال قتادة: هي من العوسج، وعصاه من العوسج.
وقوله تعالى: {أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين} أي: الّذي يخاطبك ويكلّمك هو ربّ العالمين، الفعّال لما يشاء، لا إله غيره، ولا ربّ سواه، تعالى وتقدّس وتنزّه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته، وأقواله وأفعاله سبحانه!). [تفسير ابن كثير: 6/ 234-235]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأن ألق عصاك} أي: الّتي في يدك. كما قرّره على ذلك في قوله: {وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكّأ عليها وأهشّ بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى} [طه: 17، 18]. والمعنى: أمّا هذه عصاك الّتي تعرفها ألقها {فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى} فعرف وتحقّق أنّ الّذي يخاطبه ويكلّمه هو الّذي يقول للشّيء: كن، فيكون. كما تقدّم بيان ذلك في سورة "طه".
وقال هاهنا: {فلمّا رآها تهتزّ} أي: تضطرب {كأنّها جانٌّ} أي: في حركتها السّريعة مع عظم خلق قوائمها واتّساع فمها، واصطكاك أنيابها وأضراسها، بحيث لا تمرّ بصخرةٍ إلّا ابتلعتها، فتنحدر في فيها تتقعقع، كأنّها حادرةٌ في وادٍ. فعند ذلك {ولّى مدبرًا ولم يعقّب} أي: ولم يكن يلتفت؛ لأنّ طبع البشريّة ينفر من ذلك. فلمّا قال اللّه له: {يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}، رجع فوقف في مقامه الأوّل). [تفسير ابن كثير: 6/ 235]

تفسير قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال اللّه له: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ} أي: إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثمّ أخرجتها فإنّها تخرج تتلألأ كأنّها قطعة قمرٍ في لمعان البرق؛ ولهذا قال: {من غير سوءٍ} أي: من غير برصٍ.
وقوله: {واضمم إليك جناحك من الرّهب}: قال مجاهدٌ: من الفزع. وقال قتادة: من الرّعب. وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم وابن جريرٍ: ممّا حصل لك من خوفك من الحيّة.
والظّاهر أنّ المراد أعمّ من هذا، وهو أنّه أمر عليه السّلام، إذا خاف من شيءٍ أن يضمّ إليه جناحه من الرّهب، وهي يده، فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف. وربّما إذا استعمل أحدٌ ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يديه على فؤاده، فإنّه يزول عنه ما يجد أو يخف، إن شاء اللّه، وبه الثّقة.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا الرّبيع بن ثعلبٍ الشّيخ الصّالح، أخبرنا أبو إسماعيل المؤدّب، عن عبد اللّه بن مسلمٍ، عن مجاهدٍ، قال: كان موسى عليه السّلام، قد ملئ قلبه رعبًا من فرعون، فكان إذا رآه قال: اللّهمّ إنّي أدرأ بك في نحره، وأعوّذ بك من شرّه، ففرّغ اللّه ما كان في قلب موسى عليه السّلام، وجعله في قلب فرعون، فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار.
وقوله: {فذانك برهانان من ربّك} يعني: إلقاءه العصا وجعلها حيّةً تسعى، وإدخاله يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوءٍ -دليلان قاطعان واضحان على قدرة الفاعل المختار، وصحّة نبوّة من جرى هذا الخارق على يديه؛ ولهذا قال: {إلى فرعون وملئه} أي: وقومه من الرّؤساء والكبراء والأتباع، {إنّهم كانوا قومًا فاسقين} أي: خارجين عن طاعة الله، مخالفين لدين الله، [والله أعلم]). [تفسير ابن كثير: 6/ 235]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا فأخاف أن يقتلون (33) وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون (34) قال سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون (35)}.
لـمّا أمره اللّه تعالى بالذّهاب إلى فرعون، الّذي إنّما خرج من ديار مصر فرارًا منه وخوفًا من سطوته، {قال ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا} يعني: ذلك القبطيّ، {فأخاف أن يقتلون} أي: إذا رأوني). [تفسير ابن كثير: 6/ 236]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا}، وذلك أنّ موسى، عليه السّلام، كان في لسانه لثغةٌ، بسبب ما كان تناول تلك الجمرة، حين خيّر بينها وبين التّمرة أو الدّرّة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه، فحصل فيه شدّةٌ في التّعبير؛ ولهذا قال: {واحلل عقدةً من لساني. يفقهوا قولي. واجعل لي وزيرًا من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري} [طه: 27 -32] أي: يؤنسني فيما أمرتني به من هذا المقام العظيم، وهو القيام بأعباء النّبوّة والرّسالة إلى هذا الملك المتكبّر الجبّار العنيد. ولهذا قال: {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانًا فأرسله معي ردءًا [يصدّقني]}، أي: وزيرًا ومعينًا ومقوّيا لأمري، يصدّقني فيما أقوله وأخبر به عن اللّه عزّ وجلّ؛ لأنّ خبر اثنين أنجع في النّفوس من خبر واحدٍ؛ ولهذا قال: {إنّي أخاف أن يكذّبون}.
وقال محمّد بن إسحاق: {ردءًا يصدّقني} أي: يبيّن لهم عنّي ما أكلّمهم به، فإنّه يفهم [عنّي].
فلمّا سأل ذلك قال اللّه تعالى: {سنشدّ عضدك بأخيك} أي: سنقوّي أمرك، ونعزّ جانبك بأخيك، الّذي سألت له أن يكون نبيًّا معك. كما قال في الآية الأخرى: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} [طه: 36]، وقال تعالى: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيًّا} [مريم: 53]. ولهذا قال بعض السّلف: ليس أحدٌ أعظم منّةً على أخيه، من موسى على هارون، عليهما السّلام، فإنّه شفّع فيه حتّى جعله اللّه نبيًّا ورسولًا معه إلى فرعون وملئه، ولهذا قال [اللّه تعالى] في حقّ موسى: {وكان عند اللّه وجيهًا} [الأحزاب: 69].
وقوله تعالى: {ونجعل لكما سلطانًا} أي: حجّةً قاهرةً، {فلا يصلون إليكما بآياتنا} أي: لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات اللّه، كما قال اللّه تعالى [لرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم]: {يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك [وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته] واللّه يعصمك من النّاس} [المائدة: 67]. وقال تعالى: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلا اللّه وكفى باللّه حسيبًا} [الأحزاب: 39]، أي: وكفى باللّه ناصرًا ومعينًا ومؤيّدًا. ولهذا أخبرهما أنّ العاقبة لهما ولمن اتّبعهما في الدّنيا والآخرة، فقال: {أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}، كما قال تعالى: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} [المجادلة: 21]، وقال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافرٍ: 51، 52].
ووجّه ابن جريرٍ على أنّ المعنى: {ونجعل لكما سلطانًا فلا يصلون إليكما}، ثمّ يبتدئ فيقول: {بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}، تقديره: أنتما ومن اتّبعكما الغالبون بآياتنا.
ولا شكّ أنّ هذا المعنى صحيحٌ، وهو حاصلٌ من التّوجيه الأوّل، فلا حاجة إلى هذا، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 236-237]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة