العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأحزاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:16 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة الأحزاب [ من الآية (35) إلى الآية (36) ]

تفسير سورة الأحزاب
[ من الآية (35) إلى الآية (36) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 08:55 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال لما ذكر الله أزواج النبي دخل نساء من المسلمات عليهن فقلن ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خير ذكرنا فأنزل الله تعالى إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات). [تفسير عبد الرزاق: 2/116]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لا يكون الرجل من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا). [تفسير عبد الرزاق: 2/117]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: قلت أمّ سلمة يا رسول اللّه يذكر الرّجال ولا تذكر النّساء فنزلت {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} إلى آخر الآية [الآية: 35]). [تفسير الثوري: 241-242]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، قال: حدّثنا سليمان بن كثيرٍ، عن حصينٍ، عن عكرمة، عن أمّ عمارة الأنصاريّة، أنّها أتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: ما أرى كلّ شيءٍ إلاّ للرّجال وما أرى النّساء يذكرن بشيءٍ؟ فنزلت هذه الآية {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} الآية.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ وإنّما نعرف هذا الحديث من هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/207]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّ المسلمين والمسلمات}
- أخبرنا محمّد بن حاتمٍ، حدّثنا سويدٌ، أخبرنا عبد الله، عن شريكٍ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أمّ سلمة، أنّها قالت: للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «يا نبيّ الله، ما لي أسمع الرّجال يذكرون في القرآن والنّساء لا يذكرن؟»، فأنزل الله عزّ وجلّ {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35]
- أخبرنا محمّد بن معمرٍ، حدّثنا المغيرة بن سلمة أبو هشامٍ المخزوميّ، حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، حدّثنا عثمان بن حكيمٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة، قال: سمعت أمّ سلمة، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تقول: قلت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرّجال؟»، قالت: " فلم يرعني ذات يومٍ ظهرًا إلّا نداؤه على المنبر، قالت: وأنا أسرّح رأسي، فلففت شعري، ثمّ خرجت إلى حجرة بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول على المنبر: " يا أيّها النّاس، إنّ الله يقول في كتابه: {إنّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية {أعدّ الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا} [الأحزاب: 35]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/219]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والذّاكرين الله كثيرًا والذّاكرات}
- أخبرنا القاسم بن زكريّا، حدّثنا عبيد الله، عن شيبان، عن الأعمش، عن عليّ بن الأقمر، عن الأغرّ، عن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من استيقظ من اللّيل وأيقظ امرأته فصلّيا ركعتين جميعًا، كتبا ليلتهما من الذّاكرين الله كثيرًا والذّاكرات»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/219]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات أعدّ اللّه لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا}.
يقول تعالى ذكره: إنّ المتذلّلين للّه بالطّاعة والمتذلّلات، والمصدّقين والمصدّقات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أتاهم به من عند اللّه، والقانتين والقانتات للّه، والمطيعين للّه والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم، والصّادقين للّه فيما عاهدوه عليه والصّادقات فيه، والصّابرين للّه في البأساء والضّرّاء على الثّبات على دينه، وحين البأس والصّابرات، والخاشعة قلوبهم للّه وجلاً منه ومن عقابه والخاشعات، والمتصدّقين والمتصدّقات، وهم المؤدّون حقوق اللّه من أموالهم والمؤدّيات، والصّائمين شهر رمضان الّذي فرض اللّه صومه عليهم والصّائمات، الحافظين فروجهم إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، والحافظات ذلك إلاّ على أزواجهنّ إنّ كنّ حرائر، أو من ملكهنّ إن كنّ إماء، والذّاكرين اللّه بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذّاكرات، كذلك أعدّ اللّه لهم مغفرةً لذنوبهم، وأجرًا عظيمًا: يعني ثوابًا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيمًا، وذلك الجنّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: دخل نساء على نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلن: قد ذكركنّ اللّه في القرآن، ولم نذكر بشيءٍ، أما فينا ما يذكر؟ فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات} أي المطيعين والمطيعات {والخاشعين والخاشعات} أي الخائفين والخائفات {أعدّ اللّه لهم مغفرةً} لذنوبهم {وأجرًا عظيمًا} في الجنّة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأجرًا عظيمًا} قال: الجنّة وفي قوله: {والقانتين والقانتات} قال: المطيعين والمطيعات.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن عامرٍ، قال: القانتات: المطيعات.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قالت أمّ سلمة: يا رسول اللّه يذكر الرّجال ولا نذكر، فنزلت: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، أنّ يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ حدّثه عن أمّ سلمة قالت: قلت: يا رسول اللّه أيذكر الرّجال في كلّ شيءٍ، ولا نذكر؟ فأنزل اللّه: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا سيّار بن مظاهرٍ العنزيّ، قال: حدّثنا أبو كدينة يحيى بن مهلّبٍ، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما له يذكر المؤمنين، ولا يذكر المؤمنات؟ فأنزل اللّه: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إنّ المسلمين والمسلمات} قال: قالت أمّ سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما للنّساء لا يذكرن مع الرّجال في الصّلاح؟ فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثني محمّد بن معمرٍ، قال: حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا عبد الواحد، قال: حدّثنا عثمان بن حكيمٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة، قال: سمعت أمّ سلمة، زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تقول: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه، ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرّجال؟ قالت: فلم يرعني ذات يومٍ ظهرًا إلاّ نداؤه على المنبر وأنا أسرّح رأسي، فلففت شعري ثمّ خرجت إلى حجرةٍ من حجر بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول على المنبر: يا أيّها النّاس إنّ اللّه يقول في كتابه: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} إلى قوله: {أعدّ اللّه لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا} ). [جامع البيان: 19/109-111]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا الحسين بن حفصٍ، ثنا سفيان بن سعيدٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها، قالت: قلت: يا رسول اللّه، يذكر الرّجال ولا يذكر النّساء. فأنزل اللّه عزّ وجلّ {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35] الآية. وأنزل {أنّي لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى} [آل عمران: 195] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/451]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ الحارث بن أبي أسامة، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن عليّ بن الأقمر، عن الأغرّ، عن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا أيقظ الرّجل امرأته من اللّيل فصلّيا ركعتين كتبا من الذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات» لم يسنده أبو نعيمٍ ولم يذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الإسناد وأسنده عيسى بن جعفرٍ وهو ثقةٌ «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/452]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أمّ عمارة الأنصارية - رضي الله عنها -: قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما أرى كلّ شيءٍ إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيءٍ، فنزلت {إن المسلمين والمسلمات} - إلى قوله -: {أعدّ اللّه لهم مغفرةً وأجراً عظيماً} [الأحزاب: 35]. أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/307]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، يغزو الرجال، ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث؟ فأنزل الله تعالى: {ولا تتمنّوا ما فضّل الله به بعضكم على بعضٍ} [النساء: 32].
قال مجاهد: وأنزل فيها: {إنّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] وكانت أمّ سلمة أوّل ظعينةٍ قدمت المدينة مهاجرة. أخرجه الترمذي، وقال: هو مرسلٌ.
[شرح الغريب]
(الظعينة) : المرأة، وهي في الأصل: ما دامت في الهودج، ثم صارت تطلق على المرأة وإن لم تكن في هودج). [جامع الأصول: 2/87-88] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35]
- «عن ابن عبّاسٍ قال: قالت النّساء: يا رسول اللّه، ما باله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات؟ فنزلت {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35]»).
رواه الطّبرانيّ، وفيه قابوس وهو ضعيفٌ وقد وثّق، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظون فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما.
أخرج أحمد والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول: يا أيها الناس ان الله يقول {إن المسلمين والمسلمات} إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 12/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن سعد، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أم سلمة، رضي الله عنها انها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما لي أسمع الرجال يذكرون في القرآن والنساء لا يذكرن فانزل الله {إن المسلمين والمسلمات} ). [الدر المنثور: 12/46-47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والطبراني، وابن مردويه عن أم عمارة الانصارية رضي الله عنها: انها أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت هذه الآية {إن المسلمين والمسلمات} ). [الدر المنثور: 12/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والطبراني، وابن مردويه بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت النساء: يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنون ولم يذكر المؤمنات فنزل {إن المسلمين والمسلمات} ). [الدر المنثور: 12/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: دخل نساء على نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلن: قد ذكركن الله في القرآن ولم نذكر بشيء أما فينا ما يذكر فأنزل الله {إن المسلمين والمسلمات} ). [الدر المنثور: 12/47]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعيد عن عكرمة ومن وجه آخر عن قتادة رضي الله عنه قال: لما ذكر أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال النساء: لو كان فينا خير لذكرن، فأنزل الله {إن المسلمين والمسلمات} ). [الدر المنثور: 12/47-48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه قال: قال النساء للرجال: أسلمنا أسلمتم وفعلنا كما فعلتم فتذكرون في القرآن ولا نذكر وكان الناس يسمون المسلمين فلما هاجروا سموا المؤمنين فأنزل الله {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات} يعني المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات} شهر رمضان {والحافظين فروجهم والحافظات} يعني من النساء {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} يعني ذكر الله وذكر نعمه {أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} ). [الدر المنثور: 12/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إن المسلمين والمسلمات} يعني المخلصين لله من الرجال والمخلصات من النساء {والمؤمنين والمؤمنات} يعني المصدقين والمصدقات {والقانتين والقانتات} يعني المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات} يعني الصادقين في ايمانهم {والصابرين والصابرات} يعني على أمر الله {والخاشعين} يعني المتواضعين لله في الصلاة من لا يعرف عن يمينه ولا من عن يساره ولا يلتفت من الخشوع لله {والخاشعات} يعني المتواضعات من النساء {والصائمين والصائمات} قال: من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر فهو من أهل هذه الآية {والحافظين فروجهم والحافظات} قال: يعني فروجهم عن الفواحش ثم أخبر بثوابهم فقال {أعد الله لهم مغفرة} يعني لذنوبهم و{أجرا عظيما} يعني جزاء وافر في الجنة). [الدر المنثور: 12/48-49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات). [الدر المنثور: 12/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: لا يكتب الرجل من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا). [الدر المنثور: 12/49]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال خطب النبي زينب وهي ابنة عمته وهو يريدها لزيد فظنت أنه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت فأنزل الله ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم فرضيت وسلمت). [تفسير عبد الرزاق: 2/117]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينًا}.
يقول تعالى ذكره: لم يكن لمؤمنٍ باللّه ورسوله، ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله في أنفسهم قضاءً أن يتخيّروا من أمرهم غير الّذي قضى فيهم، ويخالفوا أمر اللّه وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما، ومن يعص اللّه ورسوله فيما أمرا أو نهيا {فقد ضلّ ضلالاً مبينًا} يقول: فقد جار عن قصد السّبيل، وسلك غير سبيل الهدي والرّشاد.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في زينب بنت جحشٍ حين خطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على فتاه زيد بن حارثة، فامتنعت من إنكاحه نفسها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} إلى آخر الآية، وذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انطلق يخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحشٍ الأسديّة فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فانكحيه، فقلت: يا رسول اللّه أؤامر في نفسي فبينما هما يتحدّثان أنزل اللّه هذه الآية على رسوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ} إلى قوله: {ضلالاً مبينًا} قالت: قد رضيته لي يا رسول اللّه منكحًا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا أعصي رسول اللّه، قد أنكحته نفسي.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} قال: زينب بنت جحشٍ وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} قال: نزلت هذه الآية في زينب بنت جحشٍ، وكانت بنت عمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرضيت، ورأت أنّه يخطبها على نفسه؛ فلمّا علمت أنّه يخطبها على زيد بن حارثة أبت وأنكرت، فأنزل اللّه: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} قال: فتابعته بعد ذلك ورضيت.
- حدّثني أبو عبيدٍ الوصابيّ، قال: حدّثنا محمّد بن حميرٍ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن ابن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زينب بنت جحشٍ لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه وقالت: أنا خيرٌ منه حسبًا، وكانت امرأةً فيها حدّةٌ، فأنزل اللّه: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} الآية كلّها.
وقيل: نزلت في أمّ كلثومٍ بنت عقبة بن أبي معيطٍ، وذلك أنّها وهبت نفسها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فزوّجها زيد بن حارثة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} إلى آخر الآية، قال: نزلت في أمّ كلثومٍ بنت عقبة بن أبي معيطٍ، وكانت من أوّل من هاجر من النّساء، فوهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فزوّجها زيد بن حارثة، فسخطت هي وأخوها، وقالا: إنّما أردنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فزوّجنا عبده قال: فنزل القرآن: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} إلى آخر الآية قال: وجاء أمرٌ أجمع من هذا: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم}. قال: فذاك خاصٌّ، وهذا إجماعٌ). [جامع البيان: 19/112-114]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ} [الأحزاب: 36]
- عن قتادة قال: «خطب النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - زينب وهي بنت عمّته وهو يريدها لزيدٍ، فظنّت أنّه يريدها لنفسه فلمّا علمت أنّه يريدها لزيدٍ أبت، فأنزل اللّه - تعالى - {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] فرضيت وسلّمت».
رواه الطّبرانيّ بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/91-92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا.
أخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق ليخطب على فتاة زيد بن حارثة فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها قالت: لست بناكحته قال: بلى، فانكحيه قالت: يا رسول الله أوامر في نفسي، فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا، الآية، قالت: قد رضيته لي يا رسول الله منكحا قال: نعم، قالت: اذن لا أعصي رسول الله قد أنكحته نفسي). [الدر المنثور: 12/49-50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه وقالت: أنا خير منه حسبا وكانت امرأة فيها حدة، فأنزل الله {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة} ). [الدر المنثور: 12/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني عن قتادة رضي الله عنه قال: خطب النّبيّ صلى الله عليه وسلم زينب وهو يريدها لزيد رضي الله عنه فظنت انه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت فأنزل الله {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا}، فرضيت وسلمت). [الدر المنثور: 12/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا} قال: زينب بنت جحش وكراهتها زيد بن حارثة حين أمرها به محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/50-51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب رضي الله عنها اني أن أزوجك زيد بن حارثة فاني قد رضيته لك، قالت: يا رسول الله لكني لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قومي وبنت عمتك فلم أكن لأفعل، فنزلت هذه الآية {وما كان لمؤمن} يعني زيدا {ولا مؤمنة} يعني زينب {إذا قضى الله ورسوله أمرا} يعني النكاح في هذا الموضع {أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} يقول: ليس لهم الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به {ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} قالت: قد أطعتك فاصنع ما شئت فزوجها زيدا ودخل عليها). [الدر المنثور: 12/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت أول امرأة هاجرت من النساء فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها زيد بن حارثة فسخطت هي وأخوها وقالت: إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها عبده فنزلت). [الدر المنثور: 12/51-52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه"، عن طاووس أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن ركعتين بعد العصر فنهاه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} ). [الدر المنثور: 12/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والبيهقي في "سننه"، وابن عساكر من طريق الكميت بن يزيد الأسدي قال: حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش قالت خطبني عدة من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأرسلت اليه أخي يشاوره في ذلك قال: زيد بن حارثة، فغضبت وقالت: تزوج بنت عمتك مولاك ثم أتتني فأخبرتني بذلك فقلت: أشد من قولها وغضبت أشد من غضبها فأنزل الله تعالى {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فأرسلت اليه زوجني من شئت فزوجني منه فأخذته بلساني فشكاني إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: اذن طلقها فطلقني فبت طلاقي فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي صلى الله عليه وسلم وأنا مكشوفة الشعر فقلت: هذا أمر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة قال: الله المزوج وجبريل الشاهد). [الدر المنثور: 12/60-61] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلى امرأته خديجة فاتخذه ولدان فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم مكث ما شاء الله أن يمكثن ثم أراد أن يزوجه زينب بنت جحش فكرهت ذلك فأنزل الله {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فقيل لها: ان شئت الله ورسوله وان شئت ضلالا مبينا فقالتك بل الله ورسول، فزوجه رسول الله إياها فمكثت ما شاء الله أن تمكث ثم ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل يوما بيت زيد فرآها وهي بنت عمته فكأنها وقعت في نفسه قال عكرمة: رضي الله عنه فأنزل الله {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه} يعني زيدا بالإسلام {وأنعمت عليه} يا محمد بالعتق {أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} قال: عكرمة رضي الله عنه فكان النساء يقولون: من شدة ما يرون من حب النّبيّ صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه انه ابنه فأراد الله أمرا قال الله {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها} يا محمد {لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم} وأنزل الله {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} فلما طلقها زيد تزوجها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعذرها قالوا: لو كان زيد بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تزوج امرأة ابنه). [الدر المنثور: 12/61-62]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 12:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35] وهو واحدٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/717]
وقال في آيةٍ أخرى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين {35} فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين {36}} [الذاريات: 35-36] والإسلام هو اسم الدّين.
قال: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85] والإيمان باللّه وما أنزل.
- حمّاد بن سلمة، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن رجلٍ، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له: «أسلم تسلم»، قال: وما الإسلام، قال: «أن يسلم قلبك للّه وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك»، قال: وأيّ الإسلام أفضل، قال: «الإيمان»، قال: وما الإيمان، قال: «أن تؤمن باللّه وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالبعث بعد الموت» قال: فأيّ الإيمان أفضل، قال:
«الهجرة»، قال: وما الهجرة، قال: «أن تهجر السّوء»، قال: فأيّ الهجرة أفضل؟ قال: «الجهاد»، قال: وما الجهاد، قال: «أن تقاتل المشركين إذا لقيتهم ثمّ لا تغلّ ولا تجبن».
- خداشٌ، عن عبد الملك بن قدامة، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينما هو في ملإٍ من أصحابه إذ أقبل رجلٌ حتّى سلّم عليه فردّ عليه النّبيّ عليه السّلام.
- الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله، وزاد فيه أيضًا، وردّ الملأ فقال: يا محمّد، ألا تخبرني ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن باللّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والبعث بعد الموت والحساب، والميزان، والجنّة، والنّار، والقدر خيره وشرّه»، قال: فإذا فعلت هذا فقد آمنت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، فعجب أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقوله: صدقت.
[تفسير القرآن العظيم: 2/718]
ثمّ قال: يا محمّد ألا تخبرني ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تقيم الصّلاة وتؤتي الزّكاة»، قال: فإذا فعلت هذا فقد أسلمت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمّد ألا تخبرني ما الإحسان؟ فقال: «الإحسان أن تخشى اللّه كأنّك تراه، فإنّك إلا تكون تراه فإنّه يراك»، قال: فإذا فعلت هذا فقد أحسنت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمّد أخبرني متى السّاعة؟ فقال: " سبحان اللّه العظيم، سبحان اللّه العظيم، سبحان اللّه العظيم، ما المسئول عنها بأعلم من السّائل، استأثر اللّه بعلم خمسٍ لم يطلع عليهنّ أحدًا، إنّ اللّه يقول: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} [لقمان: 34] حتّى أتمّ الآية، ولكن سأخبرك بشيءٍ يكون قبلها حين تلد الأمة ربّتها، ويتطاول أهل الشّاء في البنيان، ويصير الحفاة العراة على رقاب المسلمين "، قال: ثمّ ولّى الرّجل، فأتبعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرفه طويلا ثمّ ردّ طرفه عليه، فقال: هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل جاءكم يعلّمكم أمر دينكم، أو جاءكم يتعاهد دينكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/719]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والقانتين والقانتات} [الأحزاب: 35] والقنوت: الطّاعة.
وقال السّدّيّ: يعني: المطيعين للّه والمطيعات.
قال: {وقوموا للّه} [البقرة: 238]، أي: في صلاتكم {قانتين} [البقرة: 238] مطيعين.
{والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات} [الأحزاب: 35] على ما أمرهم اللّه به وعمّا نهاهم اللّه عنه.
{والخاشعين والخاشعات} [الأحزاب: 35] وهو الخوف الثّابت في القلب.
{والمتصدّقين والمتصدّقات} [الأحزاب: 35]، يعني: الزّكاة المفروضة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/719]
{والصّائمين والصّائمات} [الأحزاب: 35] قال يحيى: بلغني أنّه من صام رمضان وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ فهو من الصّائمين والصّائمات.
{والحافظين فروجهم والحافظات} [الأحزاب: 35] ممّا لا يحلّ لهنّ.
{والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات} [الأحزاب: 35]، يعني: باللّسان، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: وليس في هذا الذّكر وقتٌ.
{أعدّ اللّه لهم مغفرةً} [الأحزاب: 35] لذنوبهم.
{وأجرًا عظيمًا} [الأحزاب: 35] الجنّة.
- حدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا، قال: إنّ أمّ سلمة قالت: يا رسول اللّه ما للنّساء لا يذكرن مع الرّجال في العمل الصّالح؟ فأنزل اللّه هذه الآية: {إنّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية). [تفسير القرآن العظيم: 2/720]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ المسلمين والمسلمات...}

ويقول القائل: كيف ذكر المسلمين والمسلمات , والمعنى بأحدهما كافٍ؟
وذلك أنّ امرأة قالت: (يا رسول الله: ما الخير إلاّ للرجال, هم الذين يؤمرون وينهون), وذكرت غير ذلك من الحجّ والجهاد , فذكرهن الله لذلك.). [معاني القرآن: 2/342-343]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (القنوت: القيام.
وسئل صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القنوت»
أي طول القيام.
وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}، أي أمن هو مصلّ، فسميت الصلاة قنوتا: لأنها بالقيام تكون.
وروي عنه، عليه السلام، أنه قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم))، يعني المصلّي الصّائم.
[تأويل مشكل القرآن: 451]
ثم قيل للدعاء: قنوت، لأنّه إنما يدعو به قائما في الصلاة قبل الركوع أو بعده.
وقيل، الإمساك عن الكلام في الصلاة قنوت؛ لأن الإمساك عن الكلام يكون في القيام، لا يجوز لأحد أن يأتي فيه بشيء غير القرآن.
قال زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت.
ويقال: إن قانتين في هذا الوضع: مطيعين.
والقنوت: الإقرار بالعبوديّة، كقوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، أي مقرّون بعبوديته.
والقنوت: الطاعة، كقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، أي: المطيعين والمطيعات.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}، أي مطيعا لله.
ولا أرى أصل هذا الحرف إلا الطاعة، لأنّ جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء وغير ذلك- يكون عنها). [تأويل مشكل القرآن: 452] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات أعدّ اللّه لهم مغفرة وأجرا عظيما (35)}
لما نزل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما نزل، قال النساء من المسلمات: (فما نزل فينا نحن شيء)، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن النساء , والرجال يجازون بأعمالهم المغفرة , والأجر العظيم.
وقوله عزّ وجلّ: {والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات}


المعنى : والحافظين فروجهم , والحافظاتها , والذاكرين اللّه كثيرا, والذاكراته.
استغنى عن ذكر الهاء بما تقدّم , ودل على المحذوف، ومثله : ونخلع , ونترك من يفجرك، المعنى : ونخلع من يفجرك , ونتركه.


ومثله من الشعر:
وكمتا مدمّاة كأنّ متونها= جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
على رفع لون, المعنى : جرى فوقها لون مذهب , واستشعرته.
وقوله تعالى: {ومن يقنت منكنّ للّه ورسوله}: بالياء، (وتعمل) بالتاء.
الأول: محمول على اللفظ، وتعمل على المعنى.
ومن قرأهما جميعا بالتاء , حمل على المعنى, أراد : والتي تقنت منكن للّه ورسوله , وتعمل.
ومن قرأ الأول بالتاء , قبح أن يقرأ , ويعمل، لأنه قد حمل على المعنى، وأوضح الموصول بأنه مؤنث، فيقبح الحمل على اللفظ.). [معاني القرآن: 4/228]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}
قال قتادة : أي: القرآن , والسنة.
وروى محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أم سلمة قالت: (قلت: يا رسول الله , أرى الله جل وعز يذكر الرجال , ولا يذكر النساء , فنزلت: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات}) .). [معاني القرآن: 5/349] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والحافظين فروجهم والحافظات}
أي : والحافظاتها , ونظيره:
وكمتا مدماة كأن متونها = جرى فوقها واستشعرت لون المذهب
مذهب وروى سيبويه لوت مذهب بالنصب , وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء , كأنه قال : فاستشعرته فيمن رفع لونا , وقوله جل وعز: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا}

قال قتادة : (لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش و, هي ابنة عمته , وهو يريدها لزيد , ظنت أنه يريدها لنفسه , فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت , وامتنعت , فأنزل الله عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} , فأطاعت وسلمت)). [معاني القرآن: 5/350]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُِينًا (36) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يزوّج زينب بنت جحشٍ زيد بن حارثة، فأبت وقالت: أزوّج نفسي رجلا كان عبدًا بالأمس، وكانت ذات شرفٍ، فلمّا أنزلت هذه الآية جعلت أمرها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فزوّجها إيّاه، ثمّ صارت سنّةً بعد في جميع
[تفسير القرآن العظيم: 2/720]
الدّين، ليس لأحدٍ خيارٌ على قضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحكمه.
حدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: نزلت في كراهية زينب بنت جحشٍ نكاح زيد بن حارثة حين أمره محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال السّدّيّ: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} [الأحزاب: 36]، يعني: فعل اللّه ورسوله أمرًا، يعني: شيئًا من أمر تزويج زينب.
{أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] قال: {ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينًا} [الأحزاب: 36] بيّنًا.
وقال السّدّيّ: {فقد ضلّ ضلالا مبينًا} [الأحزاب: 36]، يعني: أخطأ خطأً طويلا). [تفسير القرآن العظيم: 2/721]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم...}



نزلت في زينب بنت جحش الأسدية, أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوّجها زيد بن حارثة، فذكر لها ذلك، فقالت: (لا, لعمر الله، أنا بنت عمّتك , وأيّم نساء قريش) , فتلا عليها هذه الآية، فرضيت وسلّمت، وتزوّجها زيد, ثم إن النبي عليه السلام أتى منزل زيدٍ لحاجةٍ، فرأى زينب , وهي في درعٍ وخمارٍ، فقال: ((سبحان مقلّب القلوب)), فلمّا أتى زيدٌ أهله , أخبرته زينب الخبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكوها إليه, فقال: (يا رسول الله , إنّ في زينب كبراً، وإنها تؤذيني بلسانها , فلا حاجة لي فيها).
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتّق الله , وأمسك عليك زوجك)), فأبى، فطلّقها، وتزوّجها النبي عليه السلام بعد ذلك.


وكان الوجهان جميعاً: تزوجها زيد , والنبي عليه السلام من بعد؛ لأن الناس كانوا يقولون: زيد بن محمدٍ؛ وإنما كان يتيما في حجره, فأراهم الله أنه ليس له بأبٍ، لأنه قد كان حرّم أن ينكح الرجل امرأة أبيه، أو أن ينكح الرجل امرأة ابنه إذا دخل بها.). [معاني القرآن: 2/343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا (36)}
الخيرة: التخيير, ونزلت هذه الآية بسبب زينب بنت جحش, وكانت بنت عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وزيد بن حارثة، وكان زيد مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم , وكانت منزلته منه في محبّته إياه كمنزلة الولد، فخطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زينب ليزوجها من زيد، فظنت أنه خطبها لنفسه عليه السلام، فلما علمت أنه يريدها لزيد , كرهت ذلك, وأعلم اللّه جل وعلا أنه لا اختيار على ما قضاه اللّه ورسوله، وزوّجها من زيد.). [معاني القرآن: 4/228]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 12:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب الفاعلين والمفعولين
اللذين كلّ واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذي يفعل به
وما كان نحو ذلك
وهو قولك ضربت وضربني زيدٌ وضربني وضربت زيداً تحمل الاسم على الفعل الذي يليه. فالعامل في اللفظ أحد الفعلين وأمّا في المعنى
فقد يعلم أنّ الأوّل قد وقع إلاّ أنّه لا يعمل في اسمٍ واحدٍ نصبٌ ورفعٌ. وإنّما كان الذي يليه أولى لقرب جواره وأنه لا ينقض معنىً وأنّ المخاطب قد عرف أنّ الأوّل قد وقع بزيدٍ كما كان خشّنت بصدره وصدر زيدٍ وجه الكلام حيث كان الجرّ في الأول وكانت الباء أقرب إلى الاسم من الفعل ولا تنقض معنّى. سوّوا بينهما في الجرّ كما يستويان في النصب. ومما يقوي ترك نحو هذا لعلم المخاطب قوله عزّ وجلّ: {والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} فلم يعمل الآخر فيما عمل فيه الأوّل استغناءً عنه ومثل ذلك: (ونخلع ونترك من يفجرك) ). [الكتاب: 1/73-74]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الإخبار في باب الفعلين المعطوف أحدهما على الآخر
وذلك قولك: ضربت، وضربني زيد. إذا أعملت الآخر فاللفظ معرًّى من المفعول في الفعل الأول، وهو في المعنى عامل، وكان في التقدير: ضربت زيداً، وضربني زيدٌ، فحذف، وجعل ما بعده دالاً عليه. وقد مضى تفسير هذا في بابه. فالعرب تختار إعمال الآخر؛ لأنه أقرب، وتحذف إذا كان فيما أبقوا دليل على ما ألقوا. قال الله عز وجل: {والذاكرين الله كثيراً والذاكرات}، وقال: {والحافظين فروجهم والحافظات}. فالفعلان فارغان في اللفظ، معملان في المعنى). [المقتضب: 3/112]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب من إعمال الأول والثاني
وهما الفعلان اللذان يعطف أحدهما على الآخر
وذلك قولك: ضربت وضربني زيد، ومررت ومر بي عبد الله، وجلست وجلس إلي أخواك، وقمت وقام إلي قومك.
فهذا اللفظ. هو الذي يختاره البصريون، وهو إعمال الفعل الآخر في اللفظ.
وأما في المعنى فقد يعلم السامع أن الأول قد عمل؛ كما عمل الثاني، فحذف لعلم المخاطب، ونظير ذلك في الحذف قول الله عز وجل: {والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات}، فقد يعلم المخاطبون أن الذاكرات متعديات في المعنى، وكذلك الحافظات؛ لأن المعنى: والحافظاتها، والذاكراته). [المقتضب: 4/72]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 06:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 06:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 06:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} الآية. روي عن أم سلمة أن سببها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، يذكر الله تعالى الرجال في كتابه في كل شيء، ولا يذكرنا" فنزلت الآية في ذلك.
وروى قتادة أن نساء من الأنصار دخلن على أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، فقلن لهن: "ذكركن الله في القرآن ولم يذكر سائر النساء بشيء"، فنزلت الآية في ذلك. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نساء النبي قلن له: "ما له تعالى يذكر المؤمنين ولم يذكر المؤمنات"، فنزلت الآية في ذلك.
وبدأ تعالى بذكر "الإسلام" الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح، ثم ذكر "الإيمان" تخصيصا وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته، و"القانت": العابد المطيع، و"الصادق" معناه: فيما عوهد عليه أن يفي به ويكمله، و"الصابر": عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط، و"الخاشع": الخائف لله المستكين لربوبيته الوقور، و"المتصدق": بالفرض والنفل، وقيل: هي في الفرض خاصة، والأول أمدح، و"الصائم" كذلك في الفرض والنفل، و"حفظ الفرج" هو من الزنى وشبهه، ويدخل مع ذلك كل ما يؤدي إلى الزنى أو هو في طريقه. وفي قوله: "والحافظات" حذف ضمير يدل عليه المتقدم، تقديره: والحافظاتها، وفي "الذاكرات" أيضا مثله، و"المغفرة" هي ستر ذنوبهم والصفح عنها، و"الأجر العظيم": الجنة).[المحرر الوجيز: 7/ 119-120]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا * وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا}
قوله: "وما كان" لفظه النفي ومعناه الحظر والمنع من فعل هذا، وهذه العبارة: "ما كان" و"ما ينبغي" ونحوها تجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا، كقوله: {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها}، وربما كان العلم بامتناعه شرعا، كقوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله}، وربما كان حظره بحكم شرعي كهذه الآية، وربما كان في المندوبات، كما تقول: "ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل" ونحو هذا.
وسبب هذه الآية فيما قال قتادة، وابن عباس، ومجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش، فظنت أن الخطبة لنفسه، فلما بين أنه إنما يريدها لزيد بن حارثة كرهت وأبت، فنزلت الآية، فأذعنت زينب حينئذ وتزوجته، وقال ابن زيد: إنما أنزلت بسبب أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها من زيد بن حارثة، فكرهت ذلك هي وأخوها، وقالا: إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها غيره. فنزلت الآية بسبب ذلك، فأجابا إلى تزويج زيد.
و"الخيرة": مصدر بمعنى التخير، وهذه الآية في ضمن قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}. وهذه الآية تقوي في قوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} أن "ما" نافية لا مفعولة.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، وشيبة، والأعرج، وعيسى: "أن تكون" بالتاء على لفظ "الخيرة". وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، والأعمش، وأبو عبد الرحمن: "أن يكون" على معنى "الخيرة"، وأن تأنيثها غير حقيقي، وقوله في الآية الأخرى: {ما كان لهم الخيرة} دون علامة تأنيث يقوي هذه القراءة التي بالياء.
ثم توعد عز وجل وأخبر أن من يعص الله ورسوله فقد ضل، وهذا العصيان يعم الكفر فما دونه، وكل عاص يأخذ من الضلال بقدر معصيته). [المحرر الوجيز: 7/ 120-121]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 08:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 08:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات أعدّ اللّه لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا (35)}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، حدّثنا عثمان بن حكيمٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن شيبة، سمعت أمّ سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تقول: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرّجال؟ قالت: فلم يرعني منه ذات يومٍ إلّا ونداؤه على المنبر، قالت، وأنا أسرّح شعري، فلففت شعري، ثمّ خرجت إلى حجرة من حجر بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول عند المنبر: "يا أيّها النّاس، إنّ اللّه يقول: إنّ المسلمين والمسلّمات والمؤمنين والمؤمنات" إلى آخر الآية.
وهكذا رواه النّسائيّ وابن جريرٍ، من حديث عبد الواحد بن زيادٍ، به مثله.
طريقٌ أخرى عنها: قال النّسائيّ أيضًا: حدّثنا محمّد بن حاتمٍ، حدّثنا سويد، أخبرنا عبد اللّه بن شريك، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أمّ سلمة أنّها قالت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا نبيّ اللّه، ما لي أسمع الرّجال يذكرون في القرآن، والنّساء لا يذكرن؟ فأنزل اللّه {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات}.
وقد رواه ابن جريرٍ، عن أبي كريب، عن أبي معاوية، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة: أنّ يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ، حدّثه عن أمّ سلمة، رضي اللّه عنها، قالت: قلت: يا رسول اللّه، أيذكر الرّجال في كلّ شيءٍ ولا نذكر؟ فأنزل اللّه: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية
طريقٌ أخرى: قال سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قال: قالت أمّ سلمة: يا رسول اللّه، يذكر الرّجال ولا نذكر؟ فأنزل اللّه: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية.
حديثٌ آخر: قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب قال: حدّثنا سيّار بن مظاهرٍ العنزي حدّثنا أبو كدينة يحيى بن المهلّب، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قال: قال النّساء للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما له يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات؟ فأنزل اللّه: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية.
وحدّثنا بشرٌ حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيدٌ ؛ عن قتادة قال: دخل نساءٌ على نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلن: قد ذكركنّ اللّه في القرآن، ولم نذكر بشيءٍ، أما فينا ما يذكر؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ المسلمين والمسلمات} الآية.
فقوله: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} دليلٌ على أنّ الإيمان غير الإسلام، وهو أخصّ منه، لقوله تعالى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم} [الحجرات:14]. وفي الصّحيحين: "لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمنٌ". فيسلبه الإيمان، ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين، فدلّ على أنّه أخصّ منه كما قرّرناه في أوّل شرح البخاريّ.
[وقوله]: {والقانتين والقانتات} القنوت: هو الطّاعة في سكونٍ، {أم من هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه} [الزّمر:9]، وقال تعالى: {وله من في السّموات والأرض كلٌّ له قانتون} [الرّوم:26]، {يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين} [آل عمران:43]، {وقوموا للّه قانتين} [البقرة:238]. فالإسلام بعده مرتبةٌ يرتقي إليها، ثمّ القنوت ناشئٌ عنهما.
{والصّادقين والصّادقات}: هذا في الأقوال، فإنّ الصّدق خصلةٌ محمودةٌ؛ ولهذا كان بعض الصّحابة لم تجرّب عليه كذبة لا في الجاهليّة ولا في الإسلام، وهو علامةٌ على الإيمان، كما أنّ الكذب أمارةٌ على النّفاق، ومن صدق نجا، "عليكم بالصّدق؛ فإنّ الصّدق يهدي إلى البرّ، وإنّ البرّ يهدي إلى الجنّة. وإيّاكم والكذب؛ فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النّار. ولا يزال الرّجل يصدق ويتحرّى الصّدق حتّى يكتب عند اللّه صدّيقًا، ولا يزال الرّجل يكذب ويتحرّى الكذب حتّى يكتب عند اللّه كذّابًا". والأحاديث فيه كثيرةٌ جدًّا.
{والصّابرين والصّابرات}: هذه سجيّة الأثبات، وهي الصّبر على المصائب، والعلم بأنّ المقدور كائنٌ لا محالة، وتلقّي ذلك بالصّبر والثّبات، وإنّما الصّبر عند الصّدمة الأولى، أي: أصعبه في أوّل وهلةٍ، ثمّ ما بعده أسهل منه، وهو صدق السّجيّة وثباتها.
{والخاشعين والخاشعات} الخشوع: السّكون والطّمأنينة، والتّؤدة والوقار والتّواضع. والحامل عليه الخوف من اللّه ومراقبته، [كما في الحديث]: "اعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك".
{والمتصدّقين والمتصدّقات}: الصّدقة: هي الإحسان إلى النّاس المحاويج الضّعفاء، الّذين لا كسب لهم ولا كاسب، يعطون من فضول الأموال طاعةً للّه، وإحسانًا إلى خلقه، وقد ثبت في الصّحيحين: "سبعةٌ يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه" فذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". وفي الحديث الآخر: "والصّدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النّار".
[وفي التّرمذيّ عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: "إن الصّدقة تطفئ غضب الرّبّ وتدفع ميتة السّوء".
وفي الصّحيحين عن عديّ بن حاتمٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "ما منكم من أحدٍ إلّا سيكلّمه ربّه، ليس بينه وبينه ترجمانٌ، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلّا النّار تلقاء وجهه. فاتّقوا النّار ولو بشقّ تمرةٍ".
وفي حديث أبي ذرٍّ أنّه قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ماذا ينجي العبد من النّار؟ قال: "الإيمان باللّه". قلت: يا نبيّ اللّه، مع الإيمان عملٌ؟ قال: "ترضخ ممّا خوّلك اللّه"، أو "ترضخ ممّا رزقك اللّه"؛ ولهذا لمّا خطب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم العيد قال في خطبته: "يا معشر النّساء تصدّقن ولو من حليّكنّ، فإنّي رأيتكنّ أكثر أهل النّار". وكأنّه حثّهنّ ورغّبهنّ على ما يفدين به أنفسهنّ من النّار، وقال عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه: ذكر لي أنّ الأعمال تتباهى، فتقول الصّدقة: أنا أفضلكم.
وفي الصّحيحين عن أبي هريرة قال: ضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، مثل البخيل والمتصدّق، كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديدٍ، أو جنّتان من حديدٍ. قد اضطرّت أيديهما إلى ثديّهما وتراقيهما، فجعل المتصدّق، كلّما تصدّق بصدقةٍ انبسطت عنه، حتّى تغشى أنامله، وتعفو أثره، وجعل البخيل كلّما همّ بصدقةٍ قلصت، وأخذت كلّ حلقةٍ مكانها. قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول بإصبعه هكذا في جيبه. فلو رأيته يوسّعها ولا يتّسع. وقد قال تعالى: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [التّغابن:16] فجود الرّجل يحبّبه إلى أضداده، وبخله يبغّضه إلى أولاده. كما قيل:
ويظهر عيب المرء في النّاس بخله = وتستره عنهم جميعًا سخاؤه...
تغطّ بأثواب السّخاء فإنّني = أرى كلّ عيبٍ والسّخاء غطاؤه]...
والأحاديث في الحثّ عليها كثيرةٌ جدًّا، له موضعٌ بذاته.
{والصّائمين والصّائمات}: في الحديث الّذي رواه ابن ماجه: "والصّوم زكاة البدن" أي: تزكّيه وتطهّره وتنقّيه من الأخلاط الرّديئة طبعًا وشرعًا.
قال سعيد بن جبيرٍ: من صام رمضان وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، دخل في قوله: {والصّائمين والصّائمات}.
ولمّا كان الصّوم من أكبر العون على كسر الشّهوة -كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا معشر الشّباب، من استطاع منكم الباء فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء" -ناسب أن يذكر بعده: {والحافظين فروجهم والحافظات} أي: عن المحارم والمآثم إلّا عن المباح، كما قال تعالى: {والّذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 5-7].
وقوله: {والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات} قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عبيد اللّه، حدّثنا محمّد بن جابرٍ، عن عليّ بن الأقمر، عن الأغرّ أبي مسلمٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أيقظ الرّجل امرأته من اللّيل، فصلّيا ركعتين، كتبا تلك اللّيلة من الذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات".
وقد رواه أبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه، من حديث الأعمش، [عن عليّ بن الأقمر]، عن الأغرّ أبي مسلمٍ، عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدري، رضي اللّه عنه، أنّه قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ العباد أفضل درجةً عند اللّه يوم القيامة؟ قال: "الذّاكرون اللّه كثيرًا والذّاكرات".
قال: قلت: يا رسول اللّه، ومن الغازي في سبيل اللّه؟ قال: "لو ضرب بسيفه في الكفّار والمشركين حتّى ينكسر ويختضب دمًا لكان الذّاكرون اللّه أفضل منه".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسير في طريق مكّة، فأتى على جمدان فقال: "هذا جمدان، سيروا فقد سبق المفرّدون". قالوا: وما المفرّدون ؟ قال: "الذّاكرون اللّه كثيرًا ". ثمّ قال: "اللّهمّ اغفر للمحلّقين". قالوا: والمقصّرين؟ قال: "اللّهمّ، اغفر للمحلّقين". قالوا: والمقصّرين؟ قال: "والمقصّرين".
تفرّد به من هذا الوجه، ورواه مسلمٌ دون آخره.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حجين بن المثنّى، حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن زياد بن أبي زيادٍ -مولى عبد اللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة -أنّه بلغه عن معاذ بن جبلٍ، رضي اللّه عنه، أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما عمل آدميٌّ عملًا قطّ أنجى له من عذاب اللّه من ذكر اللّه". وقال معاذٌ: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذّهب والفضّة، ومن أن تلقوا عدوّكم غدًا فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم"؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: "ذكر اللّه عزّ وجلّ".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا زبّان بن فائدٍ، عن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهنيّ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّ رجلًا سأله فقال: أيّ المجاهدين أعظم أجرًا يا رسول اللّه؟ فقال: "أكثرهم للّه ذكرًا". قال: فأيّ الصّائمين أكثر أجرًا؟ قال: "أكثرهم للّه ذكرًا". ثمّ ذكر الصّلاة والزّكاة والحجّ والصّدقة، كلّ ذلك يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أكثرهم للّه ذكرًا". فقال أبو بكرٍ لعمر، رضي اللّه عنهما: ذهب الذّاكرون بكلّ خيرٍ. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أجل".
وسنذكر بقيّة الأحاديث الواردة في كثرة الذّكر عند قوله تعالى في هذه السّورة: {يا أيّها الّذين آمنوا اذكروا اللّه ذكرًا كثيرًا وسبّحوه بكرةً وأصيلا} الآية [الأحزاب:41، 42]، إن شاء اللّه تعالى.
وقوله: {أعدّ اللّه لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا} أي: هيّأ لهم منه لذنوبهم مغفرة وأجرا عظيما وهو الجنة). [تفسير ابن كثير: 6/ 416-421]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينًا (36)}.
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ} الآية، وذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحشٍ الأسديّة فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بل فانكحيه". قالت: يا رسول اللّه، أؤامر في نفسي. فبينما هما يتحدّثان أنزل اللّه هذه الآية على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} الآية، قالت: قد رضيته لي منكحًا يا رسول اللّه؟ قال: "نعم". قالت: إذًا لا أعصي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، قد أنكحته نفسي.
وقال ابن لهيعة، عن ابن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زينب بنت جحشٍ لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه، وقالت: أنا خيرٌ منه حسبًا -وكانت امرأةً فيها حدّةٌ -فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ} الآية كلّها.
وهكذا قال مجاهدٌ، وقتادة، ومقاتل بن حيّان: أنّها نزلت في زينب بنت جحشٍ [الأسديّة] حين خطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على مولاه زيد بن حارثة، فامتنعت ثمّ أجابت.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، نزلت في أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت أوّل من هاجر من النّساء -يعني: بعد صلح الحديبية -فوهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: قد قبلت. فزوّجها زيد بن حارثة -يعني واللّه أعلم بعد فراقه زينب -فسخطت هي وأخوها وقالا إنّما أردنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فزوّجنا عبده. قال: فنزل القرآن: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} إلى آخر الآية. قال: وجاء أمرٌ أجمع من هذا: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} قال: فذاك خاصٌّ وهذا جماعٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن ثابتٍ البناني، عن أنسٍ قال: خطب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على جليبيب امرأةً من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتّى أستأمر أمّها. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: فنعم إذًا. قال: فانطلق الرّجل إلى امرأته، [فذكر ذلك لها]، فقالت: لاها اللّه ذا، ما وجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا جليبيبا، وقد منعناها من فلانٍ وفلانٍ؟ قال: والجارية في سترها تسمع. قال: فانطلق الرّجل يريد أن يخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك. فقالت الجارية: أتريدون أن تردّوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه. قال: فكأنّها جلّت عن أبويها، وقالا صدقت. فذهب أبوها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إن كنت رضيته فقد رضيناه. قال: "فإنّي قد رضيته". قال: فزوّجها، ثمّ فزع أهل المدينة، فركب جليبيب فوجدوه قد قتل، وحوله ناسٌ من المشركين قد قتلهم، قال أنسٌ: فلقد رأيتها [وإنّها] لمن أنفق بيتٍ بالمدينة.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد -يعني: ابن سلمة -عن ثابتٍ، عن كنانة بن نعيمٍ العدويّ، عن أبي برزة الأسلميّ أنّ جليبيبًا كان امرأً يدخل على النّساء يمرّ بهنّ ويلاعبهنّ، فقلت لامرأتي: لا يدخلن اليوم عليكم جليبيب، فإنّه إن دخل عليكم لأفعلنّ ولأفعلنّ. قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّمٌ لم يزوّجها حتّى يعلم: هل لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيها حاجةٌ أم لا؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لرجلٍ من الأنصار: "زوّجني ابنتك". قال: نعم، وكرامةٌ يا رسول اللّه، ونعمة عينٍ. فقال: إنّي لست أريدها لنفسي. قال: فلمن يا رسول اللّه؟ قال: لجليبيب.
فقال: يا رسول اللّه، أشاور أمّها. فأتى أمّها فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب ابنتك؟ فقالت: نعم ونعمة عينٍ. فقال: إنّه ليس يخطبها لنفسه، إنّما يخطبها لجليبيبٍ. فقالت: أجليبيب إنيه ؟ أجليبيبٌ إنيه ؟ لا لعمر اللّه لا تزوّجه. فلمّا أراد أن يقوم ليأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيخبره بما قالت أمّها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمّها. قالت: أتردّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟! ادفعوني إليه، فإنّه لن يضيّعني. فانطلق أبوها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: شأنك بها. فزوّجها جليبيبًا. قال: فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزاةٍ له، فلمّا أفاء اللّه عليه قال لأصحابه: "هل تفقدون من أحدٍ"؟ قالوا: نفقد فلانًا ونفقد فلانًا. قال: "انظروا هل تفقدون من أحدٍ؟ " قالوا: لا. قال: "لكنّي أفقد جليبيبًا". قال: "فاطلبوه في القتلى". فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعةٍ قد قتلهم ثمّ قتلوه. [قالوا: يا رسول اللّه، ها هو ذا إلى جنب سبعةٍ قد قتلهم ثمّ قتلوه]. فأتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقام عليه، فقال: قتل سبعةً [وقتلوه]، هذا منّي وأنا منه. مرّتين أو ثلاثًا، ثمّ وضعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ساعديه [وحفر له، ما له سريرٌ إلّا ساعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم]. ثمّ وضعه في قبره، ولم يذكر أنّه غسله، رضي اللّه عنه. قال ثابتٌ: فما كان في الأنصار أيّمٌ أنفق منها. وحدّث إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة ثابتًا: هل تعلم ما دعا لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال: "اللّهمّ، صبّ عليها [الخير] صبًّا، ولا تجعل عيشها كدًّا" كذا قال، فما كان في الأنصار أيّمٌ أنفق منها.
هكذا أورده الإمام أحمد بطوله، وأخرج منه مسلمٌ والنّسائيّ في الفضائل قصّة قتله. وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ في "الاستيعاب" أنّ الجارية لمّا قالت في خدرها: أتردّون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمره؟ تلت هذه الآية: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
وقال ابن جريج [أخبرني عامر بن مصعبٍ، عن طاوسٍ قال: إنّه سأل ابن عبّاسٍ عن ركعتين بعد العصر، فنهاه، وقرأ ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}].
فهذه الآية عامّةٌ في جميع الأمور، وذلك أنّه إذا حكم اللّه ورسوله بشيءٍ، فليس لأحدٍ مخالفته ولا اختيار لأحدٍ هاهنا، ولا رأي ولا قول، كما قال تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا} [النّساء:65] وفي الحديث: "والّذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعًا لما جئت به". ولهذا شدّد في خلاف ذلك، فقال: {ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينًا}، كقوله تعالى: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} [النور:63] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 421-423]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة