العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الإيمان بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 17 محرم 1432هـ/23-12-2010م, 08:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

القرآن كلام الله؛ وكلامه تعالى صفة من صفاته، وصفات الله غير مخلوقة
...
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - وأخبرني أبو القاسم عمر بن أحمد الجابريّ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن هارون قال: وحدّثني عبيد اللّه بن حنبلٍ، قال: حدّثني أبو حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " قال اللّه عزّ وجلّ في كتابه {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، فجبريل سمعه من اللّه، وسمعه النّبيّ من جبريل، وسمعه أصحاب النّبيّ من النّبيّ فالقرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، ولا نشكّ ولا نرتاب فيه، وأسماء اللّه في القرآن وصفاته، والقرآن من علم اللّه، وصفاته منه، فمن زعم أنّ القرآن مخلوقٌ، فهو كافرٌ، والقرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، منه بدأ وإليه يعود، فقد كنّا نهاب الكلام في هذا، حتّى أحدث هؤلاء ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، ودعوا النّاس إلى ما دعوهم إليه، فبان لنا أمرهم، وهو الكفر باللّه العظيم "
- ثمّ قال أبو عبد اللّه: " لم يزل اللّه عالمًا متكلّمًا يعبد بصفاته غير محدودةٍ ولا معلومةٍ، إلّا بما وصف به نفسه سميعًا، عليمًا، غفورًا، رحيمًا، عالم الغيب والشّهادة، علّام الغيوب، فهذه صفات اللّه وصف بها نفسه، لا تدفع ولا تردّ، وهو على العرش بلا حدٍّ، كما استوى على العرش كيف شاء، المشيئة إليه والاستطاعة إليه {ليس كمثله شيءٌ وهو السّميع البصير} [الشورى: 11]، لا تبلغه صفة الواصفين، وهو كما وصف نفسه، نؤمن بالقرآن محكمه ومتشابهه، كلٌّ من عند ربّنا، قال اللّه عزّ وجلّ: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} [الأنعام: 68]، فاترك الجدل والمراء في القرآن، ولا تجادل ولا تمار، وتؤمن به كلّه وتردّه إلى عالمه، إلى اللّه، فهو أعلم به، منه بدأ وإليه يعود ".
- قال أبو عبد اللّه: وقال لي عبد الرّحمن: " كان اللّه ولا قرآن؟ فقلت له مجيبًا: كان اللّه ولا علم؟ فالعلم من اللّه وله، وعلم اللّه منه والعلم غير مخلوقٍ، فمن قال: إنّه مخلوقٌ، فقد كفر باللّه، وزعم أنّ اللّه مخلوقٌ، فهذا الكفر البيّن الصّراح ".
- أخبرني أبو القاسم الجابريّ، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثني محمّد بن سليمان الجوهريّ، قال: قلت لأبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ: ما تقول في القرآن؟
قال: «عن أيّ باله تسأل؟»،
قلت: كلام اللّه،
فقال: " كلام اللّه وليس بمخلوقٍ ولا تحرّج أن تقول: ليس بمخلوقٍ، فإنّ كلام اللّه من اللّه ومن ذات اللّه، وتكلّم اللّه به، وليس من اللّه شيءٌ مخلوقٌ "
- وأخبرني أبو القاسم، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثني محمّد بن يحيى، ومحمّد بن المنذر، وأحمد بن يحيى الصّفّار، قالوا: حدّثنا أحمد بن الحسن التّرمذيّ، قال: سألت أبا عبد اللّه، قال: " قد وقع من أمر القرآن ما قد وقع، فإن سئلت عنه ماذا أقول؟
قال لي: ألست أنت مخلوقًا؟
قلت: نعم،
قال: أليس كلّ شيءٍ منك مخلوقًا؟
قلت: نعم،
قال: فكلامك أليس هو منك وهو مخلوقٌ؟ "
قلت: نعم.
قال: فكلام اللّه أليس هو منه؟ ".
قلت: نعم.
قال: فيكون شيءٌ من اللّه مخلوقًا؟ " .). [الإبانة الكبرى: 6/ 32-35]
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( استنباط آيةٍ أخرى من القرآن وهو قوله عزّ وجلّ:
{ولكن حقّ القول منّي} [السجدة: 13] وما كان منه فهو غير مخلوقٍ
- وذكر أحمد بن فرجٍ الضّرير قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الهاشميّ قال: حدّثنا عمّي قال: سمعت وكيع بن الجرّاح يقول: " من زعم أنّ القرآن مخلوقٌ فقد زعم أنّ شيئًا من اللّه مخلوقٌ.
فقلت: يا أبا سفيان، من أين قلت هذا؟
قال: لأنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: {ولكن حقّ القول منّي} [السجدة: 13] ولا يكون من اللّه شيءٌ مخلوقٌ "
وكذلك فسّره أحمد بن حنبلٍ، ونعيم بن حمّادٍ، والحسن بن الصّبّاح البزّار، وعبد العزيز بن يحيى المكّيّ الكنانيّ. ).[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 244-245]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) : (باب القول في القرآن
القرآن كلام الله عز وجل، وكلام الله صفة من صفات ذاته، ولا يجوز أن يكون شيء من صفات ذاته مخلوقا ولا محدثا ولا حادثا، قال الله جل ثناؤه: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)؛ فلو كان القرآن مخلوقا لكان الله سبحانه قائلا له كن، والقرآن قوله، ويستحيل أن يكون قوله مقولا له؛ لأن هذا يوجب قولا ثانيا، والقول في القول الثاني وفي تعلقه بقول ثالث كالأول، وهذا يفضي إلى ما لا نهاية له، وهو فاسد، وإذا فسد ذلك فسد أن يكون القرآن مخلوقا، ووجب أن يكون القول أمرا أزليا متعلقا بالمكون، فيما لا يزال كما أن الأمر متعلق بصلاة غد، وغد غير موجود، ومتعلق بمن يخلق من المكلفين إلى يوم القيامة، إلا أن تعليقه بهم على الشرط الذي يصح فيما بعد، كذلك قوله في التكوين، وهذا كما أن علم الله عز وجل أزلي متعلق بالمعلومات عند حدوثها، وسمعه أزلي متعلق بإدراك المسموعات عند ظهورها، وبصره أزلي متعلق بإدراك المرئيات عند وجودها من غير حدوث معنى فيه تعالى عن أن يكون محلا للحوادث، وأن يكون شيء من صفات ذاته محدثا؛ ولأن الله عز وجل قال: {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان}، فلما جمع في الذكر بين القرآن الذي هو كلامه وصفته وبين الإنسان الذي هو خلقه ومصنوعه، خص القرآن بالتعليم، والإنسان بالتخليق، فلو كان القرآن مخلوقا كالإنسان لقال: خلق القرآن والإنسان. ). [كتاب الاعتقاد: ؟؟] (م)
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيْلاً )، ( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيْسى بنَ مَرْيَمَ )، (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وقولُهُ: ( وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً ).
( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ )، ( وَلَمَّا جَاءَ مُوْسَى لِمِيْقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ).
( وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيّاً )، وقَوْلُهُ: ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوْسَى أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ)، (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ )، وقَوْلُهُ: ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقولُ مَاذا أَجَبْتُمُ المُرْسَلينَ ).). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال زيد بن عبد العزيز الفياض (ت: 1416هـ) : ( فِي هَذِهِ الآْيَاتِ إثباتُ صِفَةِ الكلامِ لله حَقِيقَةً عَلَى ما يَلِيقُ بِجَلالِهِ تَعَالَى وهُوَ سُبْحَانَهُ قد تَكَلَّمَ بالْقُرْآنِ والكُتُبِ المُنزَّلةِ عَلَى الأَنْبِيَاءِ . وغيرِ ذَلِكَ ويَتَكَلَّمُ إذا شَاءَ مَتَى شَاءَ والْقُرْآنُ كَلامُه تَعَالَى مُنَزَّلٌ غَيرُ مَخلوقٍ وهُوَ كلامُ اللهِ حُروفُه ومَعَانِيهِ وهُوَ سورٌ وآياتٌ وحُروفٌ وكَلِماتٌ قد تَكَلَّمَ بها .
وهَذَا مَذْهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ، وقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وصَرِيحُ السُّنَّةِ والمَعْقولُ وكلامُ السَّلفِ عَلَى أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَتكَلَّمُ بِمَشيئتِهِ ، كما دَلَّ عَلَى أَنَّ كَلامَهُ صِفَةٌ قَائِمةٌ بِذَاتِهِ وهِيَ صِفةُ ذَاتٍ وفِعلٍ .). [الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)

قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408): ( قولُه:(غير مخلوقٍ).
ش: هَذَا ردٌّ لكلامِ الجهميَّةِ والمعتزِلةِ وغيرِهم ممَّن يقولُ: كلامُ اللَّهِ مخلوقٌ، فالجهميَّة يقولون: إنَّ اللَّهَ لا يتكلَّمُ، بل خَلقَ كلاماً في غيرِه وجَعلَ غيرَه يُعبِّرُ عنه، وما جاء مِن الأدلَّة أنَّ اللَّهَ تكلَّم أو يُكلِّمُ أو نادى أو نحوَ ذَلِكَ، قالوا هَذَا مجازٌ.
وأمَّا المعتزِلةُ فيقولون: إنَّ اللَّهَ متكَلِّمٌ حقيقةً لكنْ معنى ذَلِكَ أنَّه خَلقَ الكلامَ في غيرِه، فمذَهبُهم ومَذهبُ الجهميَّةِ في المعنى سواءٌ، وحقيقةُ قولِ الطَّائفتَيْنِ أنَّه غيرُ متكلِّمٍ، وهَذَا باطلٌ مخالفٌ لقولِ السَّلَفِ والأئمَّةِ ومخالفٌ للأدلَّةِ العقليَّةِ والسَّمعِيَّة، فإنَّه لا يُعْقَلُ متكلِّمٌ إلاَّ مَن قامَ به الكلامُ، ولا مُريدٌ إلاَّ مَن قامتْ به الإرادةُ، ولا محِبٌّ ولا راضٍ إلاَّ مَن قام به ذَلِكَ، ولأنَّ كلامَ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ- مِن صفاتِه -سُبْحَانَهُ- غيرُ مخلوقةٍ، كما في الصَّحيحِ عن خَوْلةَ بنتِ حكيمٍ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْحَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ)) فاستدلَّ العلماءُ بِذَلِكَ على أنَّ كلامَ اللَّهِ غيرُ مخلوقٍ؛ قالوا: لأنَّ الاستعاذةَ بالمخلوقِ شِركٌ.). [التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 صفر 1435هـ/15-12-2013م, 08:18 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

كلام الله صفة من صفاته لا ينفد ولا يبيد فلا يكون مخلوقاً
...
قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (واللّه جلّ وعلا قد أعلم في محكم تنزيله أنّ كلماته لا يعادلها، ولا يحصيها محصٍ من خلقه ودلّ ذوي الألباب من عباده المؤمنين على كثرة كلماته: وأنّ الإحصاء من الخلق لا يأتي عليها، فقال عزّ وجلّ: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} [الكهف: 109]، وهذه الآية من الجنس الّذي نقول: مجملةٌ غير مفسّرةٍ، معناها: قل يا محمّد، لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي فكتبت به كلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي، ولو جئنا بمثله مددًا والآية المفسّرة لهذه الآية: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
فلمّا ذكر اللّه الأقلام في هذه الآية، دلّ - ذوي العقول - بذكر الأقلام أنّه أراد: لو كان ما في الأرض من شجرةٍ أقلامًا يكتب بها كلمات اللّه، وكان البحر مدادًا فنفد ماء البحر لو كان مدادًا لم تنفد كلمات ربّنا وفي قوله: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} أيضًا ذكرٌ مجملٌ، فسّره بالآية الأخرى، لم يرد في هذه الآية أن لو كتبت بكثرة هذه الأقلام بماء البحر كلمات اللّه، وإنّما أراد لو كان البحر مدادًا كما فسّره في الآية الأخرى وفي قوله جلّ وعلا: {لو كان البحر مدادًا} [الكهف: 109] الآية، قد أوقع اسم البحر على البحار في هذه الآية، أي على البحار كلّها، واسم البحر قد يقع على البحار كلّها؛ لقوله: {هو الّذي يسيّركم في البرّ والبحر حتّى إذا كنتم في الفلك} [يونس: 22] الآية وكقوله: {والفلك تجري في البحر بأمره} [الحج: 65]، والعلم محيطٌ أنّه لم يرد في هاتين بحرٌ واحدٌ من البحار لأنّ اللّه يسيّر من أراد من عباده في البحار، وكذلك الفلك تجري في البحار بأمر اللّه، لا أنّها كذا في بحرٍ واحدٍ، وقوله: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} يشبه أن يكون من الجنس الّذي يقال: إنّ السّكت ليس خلاف النّطق، لم يدلّ اللّه بهذه الآية أن لو زيد من المداد على ماء سبعة أبحرٍ لنفدت كلمات اللّه جلّ اللّه عن أن تنفد كلماته والدّليل على صحّة ما تأوّلت هذه الآية: أنّ اللّه جلّ وعلا: قد أعلم في هذه الآية الأخرى، أن لو جيء بمثل البحر مدادًا لم تنفد لكلمات اللّه، معناه: لو جيء بمثل البحر مدادًا، فكتب به أيضًا كلمات اللّه لم تنفد، واسم البحر كما علمت يقع على البحار كلّها، ولو كان معنى قوله في هذا الموضع {قل لو كان البحر مدادًا} [الكهف: 109] بحرًا واحدًا، لكان معناه في هذا الموضع أنّه لو كان به بحرًا واحدًا، لو كان مدادًا لكلمات اللّه وجيء بمثله أي ببحرٍ ثانٍ لم تنفد كلمات اللّه فلم يكن في هذه الآية دلالةٌ أنّ المداد لو كان أكثر من بحرين، فيكتب بذلك أجمع كلمات اللّه نفدت كلمات اللّه؛ لأنّ اللّه قد أعلم في الآية الأخرى: أنّ السّبعة الأبحر لو كتب بهنّ جميعًا كلمات اللّه لم تنفد كلمات اللّه. ). [التوحيد: 1/ 396-399]

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (استنباط آيةٍ أخرى من القرآن وهو قوله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27] والمخلوقات كلّها تنفد وتفنى، وكلمات اللّه لا تفنى، وتصديق ذلك قوله تعالى حين يفنى خلقه: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فيجيب تعالى نفسه: {للّه الواحد القهّار} [إبراهيم: 48]
- وعن قتادة في قوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27] قال: قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، فأنزل اللّه تعالى ما تسمعون، يقول: لو كان شجر الأرض أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحرٍ مدادًا، لتكسّرت الأقلام ونفدت البحور قبل أن تنفد عجائب ربّي وحكمته وكلماته وعلمه.
- وعن الحسن في تفسير هذه الآية: {ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ} مذ خلق اللّه الدّنيا إلى أن تقوم السّاعة أقلامٌ، والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ لتكسّرت الأقلام، ونفدت البحور، ولم تنفد كلمات اللّه: فعلت كذا صنعت كذا. ذكره عبد الرّحمن قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا يزيد بن زريعٍ قال: حدّثنا أبو رجاءٍ قال: سمعت الحسن قرأ: {ولو أنّما في الأرض} [لقمان: 27] فذكره كما مضى.
- وعن أبي الجوزاء ومطرٍ الورّاق مثله.
- وسأل رجلٌ أبا الهذيل العلّاف المعتزليّ البصريّ عن القرآن، فقال: مخلوقٌ. فقال له: مخلوقٌ يموت أو يخلّد؟
قال: لا، بل يموت.
قال: فمتى يموت القرآن؟
قال: إذا مات من يتلوه فهو موته.
قال: فقد مات من يتلوه وقد ذهبت الدّنيا وتصرّمت وقال اللّه عزّ وجلّ: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فهذا القرآن وقد مات النّاس.
فقال: ما أدري. وبهت.
وذكره عبد الرّحمن قال: حدّثنا أبو سعيدٍ أحمد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان قال: سمعت رجلًا سأل أبا الهذيل فذكره.
- أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس قال: أخبرنا عبد اللّه بن محمّد بن زيادٍ النّيسابوريّ قال: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن وهبٍ، عن يونس، عن الزّهريّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يطوي اللّه الأرض يوم القيامة ويطوي السّماوات بيمينه، ثمّ يقول: أنا الملك، فأين ملوك الأرض "؟ أخرجه البخاريّ ومسلمٌ جميعًا من حديث ابن وهبٍ.

- ذكره عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ قال: ذكره أحمد بن محمّد بن عثمان أبو عمرٍو الدّمشقيّ قال: حدّثنا محمّد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنا أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " يأمر اللّه إسرافيل بنفخة الصّعقة فإذا هم خامدون وجاء ملك الموت فقال: يا ربّ فقد مات أهل السّماء والأرض إلّا من شئت فيقول: من بقي؟ وهو أعلم، قال: يا ربّ بقيت أنت الحيّ الّذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا. فيقول: ليمت جبريل وميكائيل وليمت حملة عرشي.

فيقول اللّه تعالى وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحيّ الّذي لا تموت وبقيت أنا. فيقول: يا ملك الموت أنت خلقٌ من خلقي خلقتك لما رأيت فمت. ثمّ لا يحيى. فإذا لم يبق إلّا اللّه الواحد الصّمد قال اللّه: لا موت على أهل الجنّة، ولا موت على أهل النّار. ثمّ طوى اللّه السّماء والأرض كطيّ السّجلّ للكتاب ثمّ قال: أنا الجبّار لمن الملك اليوم؟ ثمّ قال: لمن الملك اليوم؟ ثلاثًا، ثمّ قال لنفسه: للّه الواحد القهّار.

- أخبرنا أحمد بن عبيدٍ قال: أخبرنا عليّ بن عبد اللّه بن مبشّرٍ قال: حدّثنا أبو الأشعث قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ قال: ينادي المنادي بين يدي الصّيحة فيسمعها الأحياء والموتى، وينزل اللّه تعالى إلى سماء الدّنيا فيقول: لمن الملك اليوم؟ للّه الواحد القهّار.

قلت: وهذه دلالة نعيم بن حمّادٍ، وإسحاق بن راهويه، وهشام بن عبيد اللّه الرّازيّ، وسعيد بن رحمة المصّيصيّ صاحب ابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاريّ.). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/ 245-248]


قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) : (ولأن الله تعالى قال: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا}، فلو كانت البحار مدادا يكتب به لنفدت البحار وتكسرت الأقلام ولم يلحق الفناء كلمات الله عز وجل كما لا يلحق الفناء علم الله؛ لأن من فني كلامه لحقته الآفات وجرى عليه السكوت، فلما لم يجر ذلك على ربنا عز وجل صح أنه لم يزل متكلما ولا يزال متكلما، وقد نفى النفاد عن كلامه كما نفى الهلاك عن وجهه.). [كتاب الاعتقاد: ؟؟]
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408): ( قولُه:(غير مخلوقٍ).
ش: ... وقال اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وتعالى-: (وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) الآيةَ، فهَذَا دليلٌ على أنَّ كلامَ اللَّهِ غيرُ مخلوقٍ؛ لأنَّ كُلَّ مخلوقٍ يَنْفَدُ ويَبِيدُ، وكلماتُه لا تَنفَدُ ولا تَبيدُ، وهَذَا الوصفُ لا يكونُ لمخلوقٍ، فالقُرآنُ كلامُ اللَّهِ ووحْيُه وتنَزْيلُه، فهُوَ غيرُ مخلوقٍ، فمَن زَعَم أنَّ القرآنَ مخلوقٌ فهُوَ كافرٌ باللَّهِ العظيمِ، كما رُوِيَ ذَلِكَ عن السَّلَفِ.). [التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12 صفر 1435هـ/15-12-2013م, 08:18 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

القرآن من علم الله، وعلم الله لا يكون مخلوقا

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمدِ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 290هـ): (- سمعت أبي رحمه الله يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل وفيه أسماء الله عز وجل.
- سمعت أبي رحمه الله يقول: إذا قال الرجل العلم مخلوق فهو كافر؛ لأنه يزعم أنه لم يكن له علم حتى خلقه.
- سمعت أبي رحمه الله يقول: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر؛ لأن القرآن من علم الله عز وجل، قال الله عز وجل: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم}، وقال عز وجل: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير}، وقال عز وجل: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين}، وقال عز وجل: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}
قال أبي رحمه الله: والخلق غير الأمر.
وقال عز وجل: {ومن يكفر به من الأحزاب} قال أبي رحمه الله: قال سعيد بن جبير والأحزاب الملل كلها {فالنار موعده} وقال عز وجل: {ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو واليه مآب وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا واق}.). [السنة: 1/ 101-103]
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): ( باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله تعالى، وأن كلامه ليس بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر
قال محمد بن الحسين: اعلموا رحمنا الله وإياكم أن قول المسلمين الذين لم يزغ قلوبهم عن الحق، ووفقوا للرشاد قديما وحديثا: أن القرآن كلام الله تعالى ليس بمخلوق؛ لأن القرآن من علم الله، وعلم الله لا يكون مخلوقا، تعالى الله عن ذلك؛ دل على ذلك القرآن والسنة، وقول الصحابة رضي الله عنهم وقول أئمة المسلمين.). [الشريعة للآجري: ؟؟]
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): (- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وسأله يعقوب الدورقي عمن قال: القرآن مخلوق؟
فقال: من زعم أن علم الله وأسماءه مخلوقة فقد كفر، يقول الله تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} أفليس هو القرآن؟ فمن زعم أن علم الله وأسماءه وصفاته مخلوقة فهو كافر لا يشك في ذلك، إذا أعتقد ذلك، وكان رأيه ومذهبه وكان دينا يتدين به، كان عندنا كافر.). [الشريعة للآجري: ؟؟]
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): (- حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال حدثنا الفضل بن زياد قال: حدثنا أبو طالب قال: قال لي أحمد: يا أبا طالب ليس شيء أشد عليهم مما أدخلت علي من قال: القرآن مخلوق، قلت: علم الله مخلوق؟
قالوا: لا،
قلت: فإن علم الله هو القرآن قال الله تعالى: {ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين} وقال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} هذا في القرآن في غير موضع. ). [الشريعة للآجري: ؟؟]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( وقال تعالى فيما أعلمناه في كتابه أنّ القرآن من علمه، فقال تعالى: {ولا يحيطون بشيءٍ من علمه} [البقرة: 255] وقال: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} [النساء: 166] وقال: {فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنّما أنزل بعلم اللّه} [هود: 14] وقال: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه} [فاطر: 11] فقد دلّنا كتاب اللّه أنّ القرآن كلام اللّه، وأنّه علمٌ من علم اللّه، فكلام اللّه من اللّه. قال اللّه تعالى: {ولكن حقّ القول منّي} [السجدة: 13] فمن زعم أنّ من اللّه شيئًا مخلوقًا، فقد كفر. ومن زعم أنّ علم اللّه مخلوقٌ، فقد زعم أنّ اللّه كان ولا علم له. ومن قال ذلك، فقد جعل اللّه تعالى كخلقه الّذين خلقهم اللّه جهّالًا لا يعلمون ثمّ علّمهم، لأنّ من سبق كونه علمه، فقد كان جاهلًا فيما بين حدوثه إلى حدوث علمه. قال اللّه عزّ وجلّ فيما أخبرنا به من جهل ابن آدم قبل تعليمه: {واللّه أخرجكم من بطون أمّهاتكم لا تعلمون شيئًا} [النحل: 78]
وقال تعالى: {وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل اللّه عليك عظيمًا} [النساء: 113] وقال تعالى: {كما علّمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة: 239] وقال تعالى: {علّم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 5] وقال: {خلق الإنسان علّمه البيان} [الرحمن: 4] فهذه أوصاف الإنسان الّذي خلقه اللّه جاهلًا بلا علمٍ، ثمّ علّمه ما لم يكن يعلم، فمن زعم أنّ القرآن مخلوقٌ، فقد زعم أنّ علم اللّه مخلوقٌ. ومن زعم أنّ علم اللّه مخلوقٌ، فقد شبّه اللّه بخلقه، وأنّه كان لا يعلم ثمّ تعلّم، تعالى اللّه عمّا تنسبه إليه الجهميّة الضّالّة علوًّا كبيرًا. ). [الإبانة الكبرى: 5/ 217-219]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - وأخبرني أبو صالحٍ، وحدّثنا أبو حفصٍ، قالا: حدّثنا محمّد بن داود بن جعفرٍ البصرويّ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، ومن قال مخلوقٌ فهو كافرٌ باللّه واليوم الآخر، والحجّة فيه {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] وقال: {قل إنّ هدى اللّه هو الهدى ولئن اتّبعت أهواءهم بعد الّذي جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ} [البقرة: 120]، وقال {ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ} [الرعد: 37]
فالّذي جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم به من العلم هو القرآن، وهو العلم الّذي جاءه، والعلم غير مخلوقٍ، والقرآن من العلم وهو كلام اللّه. وقال: {الرّحمن علّم القرآن. خلق الإنسان} [الرحمن: 2]، وقال: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] فأخبر أنّ الخلق خلقٌ، والأمر غير الخلق، وهو كلامه، فإنّ اللّه لم يخل من العلم، وقال: {إنّا نحن نزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون} [الحجر: 9] والذّكر هو القرآن، وأنّ اللّه عزّ وجلّ لم يخل منهما ولم يزل اللّه متكلّمًا عالمًا " وقال في موضعٍ آخر: «إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يخل من العلم والكلام وليسا من الخلق، لأنّه لم يخل منهما، فالقرآن من علم اللّه».). [الإبانة الكبرى: 6/ 26-27]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (- حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: سمعت أبي يقول: " من قال: القرآن مخلوقٌ، فهو عندنا كافرٌ، لأنّ القرآن من علم اللّه وفيه أسماء اللّه، قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] ".). [الإبانة الكبرى: 6/65]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - حدّثنا حمزة بن القاسم الخطيب، قال: حدّثنا ابن حنبلٍ إسحاق، قال: سمعت أبا عبد اللّه، وسأله يعقوب الدّورقيّ عمّن قال: القرآن مخلوقٌ.
فقال: " من زعم أنّ علم اللّه وأسماءه مخلوقةٌ، فقد كفر، يقول اللّه عزّ وجلّ {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] أفليس هو القرآن، فمن زعم أنّ علم اللّه وأسماءه وصفاته مخلوقةٌ، فهو كافرٌ لا شكّ في ذلك، إذا اعتقد ذلك وكان رأيه ومذهبه وكان دينًا تديّن به، كان عندنا كافرًا ".). [الإبانة الكبرى: 6/71] (م)
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان النّجاد قال: نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سمعت أبي يقول: " من قال: القرآن مخلوقٌ، فهو عندنا كافرٌ لأنّ القرآن من علم اللّه وفيه أسماء اللّه، فإذا قال الرّجل: العلم مخلوقٌ فهو كافرٌ لأنّه يزعم أنّه لم يكن له علمٌ حتّى خلقه، وقد قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] وقال اللّه تعالى {ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم قل إنّ هدى اللّه هو الهدى ولئن اتّبعت أهواءهم بعد الّذي جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ} [البقرة: 120] وقال تعالى {ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعضٍ ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين} [البقرة: 145]، وقال تعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54] "
قال أبي: " الخلق غير الأمر وقال: {ومن يكفر به من الأحزاب} [هود: 17] "
قال أبي: وقال سعيد بن جبيرٍ: " الأحزاب: الملل كلّها {، فالنّار موعده} [هود: 17]، وقال {ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنّما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب} [الرعد: 36]، {وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًّا ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ} [الرعد: 37] ".). [الإبانة الكبرى: 6/ 138-139]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 صفر 1435هـ/15-12-2013م, 08:18 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

فرَّق الله تعالى بين الخلق والأمر، وكلام الله من أمره؛ فهو غير مخلوق

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمدِ بنُ محمدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 290هـ): (- سمعت سوار بن عبد الله القاضي سمعت أخي عبد الرحمن بن عبد الله بن سوار يقول: كنت عند سفيان بن عيينة فوثب الناس على بشر المريسي حتى ضربوه وقالوا جهمي، فقال له سفيان: يا دويبة يا دويبة الم تسمع الله عز وجل يقول: {ألا له الخلق والأمر} فأخبر عز وجل أن الخلق غير الأمر.
قيل لسوار: فأيش قال بشر، قال: سكت لم يكن عنده حجة. ). [السنة:1/ 169]
قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر البيان من كتاب ربّنا المنزّل على نبيّه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ومن سنّة نبيّنا محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم على الفرق بين كلام اللّه عزّ وجلّ الّذي به يكون خلقه وبين خلقه الّذي يكوّنه بكلامه وقوله، والدّليل على نبذ قول الجهميّة الّذين يزعمون أنّ كلام اللّه مخلوقٌ جلّ ربّنا وعزّ عن ذلك.
الأدلّة من الكتاب: قال اللّه سبحانه وتعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54] ففرّق اللّه بين الخلق والأمر الّذي به يخلق الخلق بواو الاستئناف، وعلّمنا اللّه جلّ وعلا في محكم تنزيله أنّه يخلق الخلق بكلامه وقوله: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40]
الفرق بين الخلق والأمر: فأعلمنا جلّ وعلا أنّه يكوّن كلّ مكوّنٍ من خلقه بقوله: {كن فيكون} [البقرة: 117] وقوله: {كن} [البقرة: 117] : هو كلامه الّذي به يكون الخلق وكلامه عزّ وجلّ الّذي به يكون الخلق غير الخلق الّذي يكون مكوّنًا بكلامه، فافهم، ولا تغلط، ولا تغالط، ومن عقل عن اللّه خطابه علم أنّ اللّه سبحانه لمّا أعلم عباده المؤمنين أنّه يكوّن الشّيء بقوله: {كن} [البقرة: 117]، إنّ القول الّذي هو كن غير المكوّن، بكن المقول له كن، وعقل عن اللّه أنّ قوله: {كن} [البقرة: 117] لو كان خلقًا - على ما زعمت الجهميّة المفترية على اللّه - كان اللّه إنّما يخلق الخلق، ويكوّنه بخلقٍ، لو كان قوله: {كن} [البقرة: 117] خلقًا، فيقال لهم: يا جهلة؛ فالقول الّذي يكون به الخلق على زعمكم لو كان خلقًا ثمّ يكوّنه على أصلكم، أليس قوّد مقالتكم الّذي تزعمون أنّ قوله: {كن} [البقرة: 117] إنّما يخلقه بقولٍ قبله؟ وهو عندكم خلقٌ وذلك القول يخلقه بقولٍ قبله، وهو خلقٌ، حتّى يصير إلى ما لا نهاية له ولا عدد، ولا أوّل، وفي هذا إبطال تكوين الخلق، وإنشاء البريّة، وإحداث ما لم يكن قبل أن يحدث اللّه الشّيء، وينشئه ويخلقه وهذا قولٌ لا يتوهّمه ذو لبٍّ، لو تفكّر فيه، ووفّق لإدراك الصّواب والرّشاد.
قال اللّه سبحانه وتعالى: {والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره} [الأعراف: 54] فهل يتوهّم مسلمٌ - يا ذوي الحجا - أنّ اللّه سخّر الشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بخلقه؟ أليس مفهومًا عند من يعقل عن اللّه خطابه أنّ الأمر الّذي سخّر به المسخّر غير المسخّر بالأمر، وأنّ القول غير المقول له؟ فتفهّموا يا ذوي الحجا عن اللّه خطابه، وعن النّبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بيانه، لا تصدّوا عن سواء السّبيل، فتضلّوا كما ضلّت الجهميّة عليهم لعائن اللّه.
الأدلّة من السّنّة: فاسمعوا الآن الدّليل الواضح البيّن غير المشكل من سنّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقل العدل موصولًا إليه على الفرق بين خلق اللّه وبين كلام اللّه.
حدّثنا عبد الجبّار بن العلاء، قال: ثنا سفيان، عن محمّد بن عبد الرّحمن، وهو مولى طلحة، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى صلاة الصّبح وجويرية جالسةٌ في المسجد فرجع حين تعالى النّهار، فقال: «لم تزالي جالسةً بعدي؟» قالت: نعم
قال: " قد قلت بعدك أربع كلماتٍ، لو وزنت بهنّ لوزنتهنّ: سبحان اللّه وبحمده، عدد خلقه، ومداد كلماته، ورضا نفسه، وزنة عرشه ".
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: ثنا محمّدٌ وهو ابن جعفرٍ، وثنا أبو موسى، قال: حدّثني محمّد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، قال: سمعت كريبًا، يحدّث، عن ابن عبّاسٍ، عن جويرية، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مرّ عليها فذكر الحديث، وهو أتمّ من حديث ابن عيينة، وقالا في الخبر: «سبحان اللّه عدد خلقه، سبحان اللّه عدد خلقه، سبحان اللّه عدد خلقه».
وقال في كلّ صفةٍ ثلاث مرّاتٍ خرّجته في كتاب الدّعاء، قال أبو بكرٍ: فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولي بيان ما أنزل اللّه عليه من وحيه قد أوضح لأمّته، وأبان لهم أنّ كلام اللّه غير خلقه، فقال: «سبحان اللّه عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» ففرّق بين خلق اللّه، وبين كلماته، ولو كانت كلمات اللّه من خلقه لما فرّق بينهما ألا تسمعه حين ذكر العرش الّذي هو مخلوقٌ نطق صلّى الله عليه وسلّم بلفظه لا تقع على العدد، فقال: «زنة عرشه» والوزن غير العدد، واللّه جلّ وعلا قد أعلم في محكم تنزيله أنّ كلماته لا يعادلها، ولا يحصيها محصٍ من خلقه ودلّ ذوي الألباب من عباده المؤمنين على كثرة كلماته: وأنّ الإحصاء من الخلق لا يأتي عليها، فقال عزّ وجلّ: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددًا} [الكهف: 109]، ...). [التوحيد: 1/ 390-396]
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): (- أخبرنا أبو القاسم أيضا قال: حدثني سعيد بن نصير أبو عثمان الواسطي في مجلس خلف البزار قال: سمعت ابن عيينة يقول: ما يقول هذه الدويبة؟ يعني بشرا المريسي
قالوا: يا أبا محمد يزعم أن القرآن مخلوق
فقال: كذب قال الله تعالى: {ألا له الخلق والأمر} فالخلق: خلق الله، والأمر: القرآن .). [الشريعة للآجري: ؟؟]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - حدّثنا حمزة بن القاسم الهاشميّ، قال: حدّثنا حنبلٌ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " كان فيما احتججت عليهم يومئذٍ، قلت: قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54]، ففرّق بين الخلق والأمر، وذلك أنّهم قالوا لي: أليس كلّ ما دون اللّه مخلوقٌ؟ قلت لهم: ما دون اللّه مخلوقٌ، فأمّا القرآن فكلامه وليس بمخلوقٍ "، فقال لي شعيبٌ: قال اللّه: {إنّا جعلناه قرآنًا} [الزخرف: 3]، أفليس كلّ مجعولٍ مخلوقًا؟
قلت: " فقد قال اللّه {فجعلهم جذاذًا} [الأنبياء: 58] خلقهم {فجعلهم كعصفً مأكولٍ} [الفيل: 5] فخلقهم، أفكلّ مجعولٍ مخلوقٌ؟ كيف يكون مخلوقًا وقد كان قبل أن يخلقه؟ قال: فأمسك. وقال {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40]، فقلت لهم حينئذٍ: الخلق غير الأمر. قال اللّه تعالى {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} [النحل: 1]، فأمره وكلامه واستطاعته ليس بمخلوقٍ، فلا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، قد نهينا عن هذا ".). [الإبانة الكبرى: 6/30]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( ومن أبين البيان وأوضح البرهان من تفريق اللّه بين الخلق والقرآن قوله: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54]، فتفهّموا هذا المعنى، هل تشكّون أنّه قد دخل في ذلك الخلق كلّه؟ وهل يجوز لأحدٍ أن يظنّ أنّ قوله: {ألا له الخلق} [الأعراف: 54] أراد أنّ له بعض الخلق؟ بل قد دخل الخلق كلّه في الخلق ثمّ أخبر أنّ له أيضًا غير الخلق ليس هو خلقًا، لم يدخل في الخلق وهو (الأمر)، فبيّن أنّ الأمر خارجٌ من الخلق، فالأمر أمره وكلامه، وممّا يوضّح ذلك عند من فهم عن اللّه وعقل أمر اللّه أنّك تجد في كتاب اللّه ذكر الشّيئين المختلفين إذا كانا في موضعٍ فصل بينهما بالواو، وإذا كانا شيئين غير مختلفين لم يفصل بينهما بالواو، فمن ذلك ما هو شيءٌ واحدٌ وأسماؤه مختلفةٌ ومعناه متّفقٌ، فلم يفصل بينهما بالواو، وقوله عزّ وجلّ: {قالوا يا أيّها العزيز إنّ له أبًا شيخًا كبيرًا} [يوسف: 78]، فلم يفصل بالواو حين كان ذلك كلّه شيئًا واحدًا، ألا ترى أنّ الأب هو الشّيخ الكبير؟ وقال: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنّ مسلماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائحاتٍ ثيّباتٍ وأبكارًا} [التحريم: 5]، فلمّا كان هذا كلّه نعت شيءٍ واحدٍ لم يفصل بعضه عن بعضٍ بالواو، ثمّ قال: {وأبكارًا} [التحريم: 5]، فلمّا كان الأبكار غير الثّيّبات فصل بالواو، لأنّ الأبكار والثّيّبات شيئان مختلفان وقال أيضًا فيما هو شيءٌ واحدٌ بأسماء مختلفةٍ ولم يفصله بالواو، وقال: {هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر} [الحشر: 23]، {هو اللّه الخالق البارئ المصوّر} [الحشر: 24]، فلمّا كان هذا كلّه شيئًا واحدًا لم يفصل بالواو، وكان غير جائزٍ أن يكون هاهنا واوٌ، فيكون الأوّل غير الثّاني، والثّاني غير الثّالث، وقال فيما هو شيئان مختلفان {إنّ المسلمين والمسلمات. . .} [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية، فلمّا كان المسلمون غير المسلمات، فصل بالواو، ولا يجوز أن يكون المسلمون المسلمات، لأنّهما شيئان مختلفان وقال: {إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي} [الأنعام: 162]، فلمّا كانت الصّلاة غير النّسك، والمحيا غير الممات، فصل بالواو. وقال: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظّلمات ولا النّور، ولا الظّلّ ولا الحرور} [فاطر: 19]، ففصل هذا كلّه بالواو لاختلاف أجناسه ومعانيه.
وقال في هذا المعنى أيضًا: {فأنبتنا فيها حبًّا وعنبًا وقضبًا وزيتونًا ونخلًا وحدائق غلبًا} [عبس: 27]، فلمّا كان كلّ واحدٍ من هذه غير صاحبه، فصل بالواو، ولمّا كانت الحدائق غلبًا شيئًا واحدًا، أسقط بينهما الواو، وقال أيضًا: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً} [الفرقان: 62]، فلمّا كان اللّيل غير النّهار، فصل بالواو، كما قال {وسخّر لكم الشّمس والقمر} [إبراهيم: 33]، فلمّا كان الشّمس غير القمر، فصل بالواو، وهذا في القرآن كثيرٌ، وفي بعض ما ذكرناه كفايةٌ لمن تدبّره وعقله وأراد اللّه توفيقه وهدايته، فكذلك لمّا كان الأمر غير الخلق، فصل بالواو، فقال {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54]، فالأمر أمره وكلامه، والخلق خلقٌ، وبالأمر خلق الخلق، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أمر بما شاء وخلق بما شاء، فزعم الجهميّ أنّ الأمر خلقٌ، والخلق خلقٌ، فكأنّ معنى قول اللّه عزّ وجلّ {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] إنّما هو الإله الخلق والخلق، فجمع الجهميّ بين ما فصله اللّه. ولو كان الأمر كما يقول الجهميّ، لكان قول جبريل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: وما نتنزّل إلّا بخلق ربّك، واللّه يقول: {وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك} [مريم: 64] وممّا يدلّ على أنّ أمر اللّه هو كلامه قوله: {ذلك أمر اللّه أنزله إليكم} [الطلاق: 5]، فيسمّي اللّه القرآن أمره، وفصل بين أمره وخلقه، فتفهّموا رحمكم اللّه، وقال عزّ وجلّ: {ومن يزغ منهم عن أمرنا} [سبأ: 12]، ولم يقل: عن خلقنا. وقال: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره} [الروم: 25]، ولم يقل بخلقه، لأنّها لو قامت بخلقه لما كان ذلك من آيات اللّه، ولا من معجزات قدرته، ولكن من آيات اللّه أن يقوم المخلوق بالخالق، وبأمر الخالق قام المخلوق، وقال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} [الروم: 25] فبدعوة اللّه يخرجون. ). [الإبانة الكبرى: 6/ 166-170] (م)
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (قال أبو عبد اللّه محمّد بن إسماعيل: قال ابن عيينة: فبيّن اللّه الخلق من الأمر لقوله: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54]. ). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 1/ 196]
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): ( استنباط آيةٍ أخرى من كتاب اللّه
وهي قوله: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] ففرّق بينهما. والخلق هو المخلوقات، والأمر هو القرآن.
- أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس قال: أخبرنا عبد اللّه بن محمّدٍ البغويّ قال: حدّثنا سعيد بن نصيرٍ أبو عثمان الواسطيّ الشّعيريّ في مجلس خلف بن هشامٍ البزّار قال: سمعت ابن عيينة يقول: " ما يقول هذا الدّويبة؟ -يعني بشرًا المريسيّ-، قالوا: يا أبا محمّدٍ: يزعم أنّ القرآن مخلوقٌ. قال: فقد كذب، قال اللّه عزّ وجلّ: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] فالخلق خلق اللّه، والأمر القرآن " وكذلك قال أحمد بن حنبلٍ، ونعيم بن حمّادٍ، ومحمّد بن يحيى الذّهليّ، وعبد السّلام بن عاصمٍ الرّازيّ، وأحمد بن سنانٍ الواسطيّ، وأبو حاتمٍ الرّازيّ.). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/244]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ) : (وقال: {ألا له الخلق والأمر}، ففرق بين خلقه وأمره بالواو الذي هو حرف الفصل بين الشيئين المتغايرين، فدل على أن قوله غير خلقه، وقال: {لله الأمر من قبل ومن بعد}، يعني من قبل أن يخلق الخلق ومن بعد ذلك. وهذا يوجب أن الأمر غير مخلوق.). [كتاب الاعتقاد: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12 صفر 1435هـ/15-12-2013م, 08:18 AM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي

أول ما خلق الله من شيء القلم، والكلام قبل القلم

قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ): ( قال محمد بن الحسين رحمه الله: وقد احتج أحمد بن حنبل رحمه الله بحديث ابن عباس: إن أول ما خلق الله من شيء القلم وذكر أنه حجة قوية على من يقول: إن القرآن مخلوق، كأنه يقول: قد كان الكلام قبل خلق القلم، وإذا كان أول خلق الله من شيء القلم دل على أن كلامه ليس بمخلوق؛ ولأنه قبل خلق الأشياء.
- حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: سألت أبا عبد الله عن عباس النرسي، فقلت: كان صاحب سنة؟
فقال: رحمه الله قلت: بلغني عنه أنه قال: ما قولي: القرآن غير مخلوق، إلا كقولي: لا إله إلا الله، فضحك أبو عبد الله، وسر بذلك، قلت: يا أبا عبد الله، أليس هو كما قال؟
قال: بلى، ولكن هذا الشيخ دلنا عليه لؤين على شيء لم يفطن له، قوله: إن أول ما خلق الله تعالى من شيء خلق القلم، والكلام قبل القلم،
قلت: يا أبا عبد الله، أنا سمعته يقوله
قال: سبحان الله، ما أحسن ما قال كأنه كشف عن وجهي الغطاء، ورفع يده إلى وجهه،
قلت: إنه شيخ قد نشأ بالكوفة،
فقال أبو عبد الله: إن واحد الكوفة واحد،
ثم ذكر حديث ابن عباس: إن أول ما خلق الله من شيء القلم فقال: كم ترى، قد كتبناه؟ ثم قال: نظرت فيه، فإذا قد رواه خمسة عن ابن عباس.). [الشريعة للآجري: ؟؟]

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: حدّثنا أبو الحارث، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: قول ابن عبّاسٍ حجّةٌ عليهم، «أوّل ما خلق اللّه القلم، وكلام اللّه قبل أن يخلق القلم».
- أخبرني أبو القاسم عمر بن أحمد، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن صدقة، قال: سمعت لوينًا، يقول: «القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ»، ما أنا قلته، ولكن ابن عبّاسٍ قاله.
- حدّثنا هيثمٌ قال: حدّثنا منصور بن زاذان، عن الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم» قال لوينٌ: فأخبر ابن عبّاسٍ أنّ أوّل ما خلق اللّه القلم.
وقال اللّه تعالى {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40] فإنّما خلق القلم ب {كن} [النحل: 40]، وكلامه قبل الخلق.
- قال أبو بكر بن صدقة: قال الفضل بن زيادٍ: فدخلت على أحمد بن حنبلٍ وقد كنت حضرت مجلس لوينٍ، فقال لي: يا أبا العبّاس حضرت مجلس هذا الشّيخ؟،
قلت: نعم،
قال: وسمعت منه ما احتجّ في القرآن؟
قلت: نعم.
قال: سبحان اللّه كأنّما كان على وجهي غطاءٌ فكشفته عنه، أما سمعت قوله: «إنّ أوّل الخلق القلم، وإنّما خلق القلم بكلامه، وكان كلامه قبل خلقه» ثمّ قال لي: تعلم أنّ واحد الكوفيّين واحدٌ، يعني: أنّ لوينًا أصله كوفيٌّ.
- وأخبرني أبو القاسم، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدّثنا الحسن بن البزّار، قال: قيل لأبي عبد اللّه: إنّ لوينًا قال: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فأوّل الخلق القلم، وكلام اللّه قبل خلق القلم»، فاستحسنه أبو عبد اللّه وقال: أبلغ منهم بما حدّث.). [الإبانة الكبرى: 6/ 22-25]
قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): ( - وقال ابن عبّاسٍ: " أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا ربّ، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائنٌ من ذلك اليوم إلى قيام السّاعة " رواه الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، وأبو الضّحى، عن ابن عبّاسٍ، ورواه منصور بن زاذان، ورواه مجاهدٌ، عن ابن عبّاسٍ، ورواه عروة بن عامرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وحدّث به الحكم، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ فكان أوّل ما خلق اللّه عزّ وجلّ من شرعةٍ القلم وفي هاتين الآيتين ردٌّ على الجهميّة {هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام} [البقرة: 210]، {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا} [الفجر: 22] وقال: {لا مبدّل لكلماته} [الأنعام: 115] ولا يقولون إنّه مخلوقٌ وفي هؤلاء الآيات أيضًا دليلٌ على أنّ الّذي جاءه هو القرآن لقوله تعالى {ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم} [الرعد: 37]
- حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّدٍ قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا منصور بن زاذان، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قال: «إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فأمره فكتب ما هو كائنٌ، فكتب فيما هو كائنٌ تبّت يدا أبي لهبٍ».). [الإبانة الكبرى: 6/ 27-29]
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي (ت: 418هـ): (- حدّثنا جعفر بن عبد اللّه بن يعقوب قال: أخبرنا محمّد بن هارون الرّويانيّ قال: حدّثنا عمرو بن عليٍّ قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا عبد الواحد بن سليمٍ، عن عطاءٍ قال: حدّثني الوليد بن عبادة وسألته: كيف كانت وصيّة أبيك حين حضره الموت؟ قال: دعاني فقال: يا بنيّ، اتّق اللّه، واعلم أنّك لا تتّقي اللّه حتّى تؤمن باللّه، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه، فإن متّ على غير هذا دخلت النّار،
سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أوّل ما خلق اللّه القلم قال: اكتب، فكتب ما كان وما هو كائنٌ إلى الأبد " قلت: فأخبر أنّ أوّل الخلق القلم، والكلام قبل القلم، وإنّما جرى القلم بكلام اللّه الّذي قبل الخلق إذا كان القلم أوّل الخلق.). [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 2/243-244]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة