العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:24 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (34) إلى الآية (38) ]

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 05:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ ومثلاً من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين}.
يقول تعالى ذكره: ولقد أنزلنا إليكم أيّها النّاس دلالاتٍ وعلاماتٍ مبيّناتٍ؛ يقول: مفصّلاتٍ الحقّ من الباطل، وموضّحاتٍ ذلك.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة وبعض الكوفيّين والبصريّين: (مبيّناتٍ) بفتح الياء: بمعنى مفصّلاتٍ، وأنّ اللّه فصّلهنّ وبيّنهنّ لعباده، فهنّ مفصّلاتٌ مبيّناتٌ.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {مبيّناتٍ} بكسر الياء، بمعنى أنّ الآيات هنّ تبيّنّ الحقّ والصّواب للنّاس وتهديهم إلى الحقّ.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان معروفتان، وقد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماءٌ من القرّاء، متقاربتا المعنى. وذلك أنّ اللّه إذ فصّلها وبيّنها صارت مبيّنةً بنفسها الحقّ لمن التمسه من قبلها، وإذا بيّنت ذلك لمن التمسه من قبلها، فتبيين اللّه ذلك فيها. فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ في قراءته الصّواب.
وقوله: {ومثلاً من الّذين خلوا من قبلكم} يقول: ومثلاً من الّذين مضوا من قبلكم من الأمم، وموعظةً لمن اتّقى اللّه، فخاف عقابه، وخشي عذابه). [جامع البيان: 17/294-295]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ ومثلًا من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين (34)
قوله تعالى: ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ.
- به عن قتادة: ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ وهو هذا القرآن فيه حلال اللّه وحرام اللّه، وموعظة اللّه.
قوله تعالى: آياتٍ مبيّناتٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: آياتٍ مبيّناتٍ يعنى ما فرض عليهم في هذه السّورة من أوّلها إلى آخرها.
قوله: ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: ومثلا من الّذين خلوا يعنى: مضوا.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ عن بيانٍ عن الشّعبيّ قوله: وموعظةٌ قال موعظةٌ من الجهل.
قوله: للمتّقين.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا المحاربيّ، عن محمّد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: وموعظةً للمتّقين الّذين من بعدهم إلى يوم القيامة.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع عن أبي العالية وموعظةً للمتّقين قال: موعظةً للمتّقين خاصّةً، وروي عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال: محمد ابن إسحاق: وموعظةٌ للمتّقين قال: لمن أطاعني وعرف أمري.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله وموعظةً للمتّقين قال: هو موعظة اللّه لمن اتّعظ به). [تفسير القرآن العظيم: 8/2592-2593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات} يعني ما فرض عليهم في هذه السورة). [الدر المنثور: 11/56]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ {فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} ). [الدر المنثور: 11/57]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال ابن عياش: وقال زيد في قول الله: {الله نور السموات والأرض مثل نوره}، ونوره الذي ذكر القرآن، ومثله الذي ضرب له نورٌ على نورٍ يضيء بعضه بعضا). [الجامع في علوم القرآن: 1/59]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وسئل عن المشكاة، فقال: هي التي توضع فيها الفتيلة). [الجامع في علوم القرآن: 1/128]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسئل يزيد بن أبي حبيب عن هذه الآية: {زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ}، فقال: كان محمد بن كعب القرظي يقول: هي القبلة). [الجامع في علوم القرآن: 1/128]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني الليث قال: حدثني من سمع محمد بن كعب القرظي يقول في قول الله: {زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ يكاد زيتها يضيء}، قال: لو أن زيتونة كانت في وسط الزيتون لا تصيبها الشمس عند مطلعها حين تطلع ولا عند غروبها حين تغرب، فأصفى زيتها زيتونها ذلك لأشفى على أن يضيء). [الجامع في علوم القرآن: 2/65-66]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى كمشكاة فيها مصباح قال هو مثل نور الله الذي في قلب المؤمن كمشكاة والمشكاة الكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى كوكب مضيء فهذا مثل لهذا ضربه الله يوقد من شجرة مبركة زيتونة لا شرقية ولا غربية قال معمر وقال الحسن ليست من شجرة الدنيا ليست شرقية ولا غربية قال معمر وقال الكلبي لا شرقية لا يسترها من المشرق شيء ولا غربية لا يسترها من المغرب شيء وهو أصفى الزيت). [تفسير عبد الرزاق: 2/60]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة هي الشجرة لا يفيء عليها ظل غرب ضاحية للشمس ذلك أصفى الزيت يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور). [تفسير عبد الرزاق: 2/60]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال سعد بن عياضٍ الثّماليّ: " المشكاة: الكوّة بلسان الحبشة "). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال سعد بن عياضٍ الثّماليّ بضمّ المثلّثة وتخفيف الميم نسبةً إلى ثمالة قبيلةٍ من الأزد وهو كوفيٌّ تابعيٌّ ذكر مسلمٌ أنّ أبا إسحاق تفرّد بالرّواية عنه وزعم بعضهم أنّ له صحبةً ولم يثبت وما له في البخاريّ إلّا هذا الموضع وله حديثٌ عن بن مسعود عند أبي داود والنّسائيّ قال بن سعدٍ كان قليل الحديث وقال البخاريّ مات غازيًا بأرض الرّوم قوله المشكاة الكوّة بلسان الحبشة وصله بن شاهينٍ من طريقه ووقع لنا بعلوٍّ في فوائد جعفرٍ السّرّاج وقد روى الطّبريّ من طريق كعب الأحبار قال المشكاة الكوّة والكوّة بضمّ الكاف وبفتحها وتشديد الواو وهي الطّاقة للضّوء وأمّا قوله بلسان الحبشة فمضى الكلام فيه في تفسير سورة النّساء وقال غيره المشكاة موضع الفتيلة رواه الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وأخرج الحاكم من وجه آخر عن بن عبّاس في قوله كمشكاة قال يعني الكوة). [فتح الباري: 8/447]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال سعد بن عياض الثمالي المشكاة الكوة بلسان الحبشة
أخبرنا أبو الحسن بن أبي المجد عن سليمان بن حمزة أن جعفر بن علّي أخبرهم أنا الحافظ أبو طاهر السلفي أنا جعفر السراج أنا أبو الحسن القزويني أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم ثنا عمر بن محمّد ثنا محمّد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع ثنا أبي وإسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن عياض بهذا). [تغليق التعليق: 4/264]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال سعد بن عياضٍ الثّماليّ. المشكاة الكوّة بلسان الحبشة
سعد بن عياض من التّابعين من أصحاب ابن مسعود، وقال ابن عبد البر: حديثه مرسل ولا يصح له صحبة، والثمالي، بضم الثّاء المثلّثة وتخفيف الميم: نسبة إلى ثمالة في الأزد وفي ألهان وفي تميم، والّذي في الأزد ثمالة هو عوف بن أسلم بن كعب، والّذي في ألهان ثمالة بن ألهان، والّذي في تميم ثمالة وهو عبد الله بن حرام بن مجاشع بن دارم. قوله: (المشكاة الكوة) ، بفتح الكاف وضمّها، وقال الواحدي: وهي عند الجميع غير نافذة، وقيل: المشكاة الّتي يعلق بها القنديل يدخل فيها الفتيلة، وقيل: المشكاة الوعاء من أدم يبرد فيها الماء، وعن مجاهد: هي القنديل، وقال ابن كعب: المشكاة صدره والمصباح الإيمان والقرآن والزجاجة قلبه، والشجرة المباركة الإخلاص). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال سعد بن عياض) بسكون العين (الثمالي) بضم المثلثة وتخفيف الميم نسبة إلى ثمالة قبيلة من الأزد الكوفي التابعي مما وصله ابن شاهين من طريقه (المشكاة) هي (الكوّة) بضم الكاف وفتحها وتشديد الواو وهي الطاقة غير النافذة (بلسان الحبشة) ثم عرّب وقال مجاهد هي القنديل وقيل هي الأنبوبة في وسط القنديل). [إرشاد الساري: 7/250]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {الله نور السّموات والأرض}
- أخبرنا محمّد بن معمرٍ، حدّثنا حمّاد بن مسعدة، عن عمران بن مسلمٍ، عن قيسٍ عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا قام من اللّيل يصلّي قال: «اللهمّ أنت قيّام السّموات والأرض، ولك الحمد، أنت نور السّموات والأرض، ولك الحمد، أنت ربّ السّموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد، أنت الحقّ، وقولك الحقّ، ووعدك الحقّ، ولقاؤك حقٌّ، والسّاعة حقٌّ، والنّار حقٌّ، اللهمّ لك أسلمت، وبك آمنت، وإليك حاكمت، وبك خاصمت، وإليك أنبت، فاغفر لي ما قدّمت وأخّرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلّا أنت»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {اللّه نور السّموات والأرض} هادي من في السّماوات والأرض، فهم بنوره إلى الحقّ يهتدون، وبهداه من حيرة الضّلالة يعتصمون.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم فيه نحو الّذي قلنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {اللّه نور السّموات والأرض} يقول اللّه سبحانه هادي أهل السّماوات والأرض.
- حدّثني سليمان بن عمر بن خالدٍ الرّقّيّ، قال: حدّثنا وهب بن راشدٍ، عن فرقدٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: إنّ إلهي يقول: نوري هداي.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اللّه مدبّر السّماوات والأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ، وابن عبّاسٍ في قوله: {اللّه نور السّموات والأرض} يدبّر الأمر فيهما: نجومهما وشمسهما وقمرهما.
وقال آخرون: بل عنى بذلك النّور الضّياء. وقالوا: معنى ذلك: ضياء السّماوات والأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، في قول اللّه: {اللّه نور السّموات والأرض} قال: فبدأ بنور نفسه، فذكره، ثمّ ذكر نور المؤمن.
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في ذلك؛ لأنّه عقيب قوله: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ ومثلاً من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين} فكان ذلك بأن يكون خبرًا عن موقعٍ يقع تنزيله من خلقه، ومن مدح ما ابتدأ بذكر مدحه، أولى وأشبه، ما لم يأت ما يدلّ على انقضاء الخبر عنه من غيره.
فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ولقد أنزلنا إليكم أيّها النّاس آياتٍ مبيّناتٍ الحقّ من الباطل {ومثلاً من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين} فهديناكم بها، وبيّنّا لكم معالم دينكم بها، لأنّي هادي أهل السّماوات وأهل الأرض. وترك وصل الكلام باللاّم، وابتدأ الخبر عن هداية خلقه ابتداءً، وفيه المعنى الّذي ذكرت، استغناءً بدلالة الكلام عليه من ذكره. ثمّ ابتدأ في الخبر عن مثل هدايته خلقه بالآيات المبيّنات الّتي أنزلها إليهم، فقال: {مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} يقول: مثل ما أنار من الحقّ بهذا التّنزيل في بيانه كمشكاةٍ.
وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بالهاء في قوله: {مثل نوره} علام هي عائدةٌ؟ ومن ذكر ما هي؟ فقال بعضهم: هي من ذكر المؤمن. وقالوا: معنى الكلام: مثل نور المؤمن الّذي في قلبه من الإيمان والقرآن مثل مشكاةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، في قول اللّه: {مثل نوره} قال: ذكر نور المؤمن فقال: مثل نوره، يقول: مثل نور المؤمن. قال: وكان أبيّ يقرؤها كذلك: مثل المؤمن. قال: هو المؤمن قد جعل الإيمان والقرآن في صدره.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره} قال: بدأ بنور نفسه فذكره، ثمّ قال: {مثل نوره} يقول: مثل نور من آمن به. قال: وكذلك كان يقرأ أبيٌّ، قال: هو عبدٌ جعل اللّه القرآن والإيمان في صدره.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {مثل نوره} قال: مثل نور المؤمن.
- حدّثني عليّ بن الحسن الأزديّ، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن أبي سنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {مثل نوره} قال: نور المؤمن.
وقال آخرون: بل عني بالنّور: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقالوا: الهاء الّتي قوله: {مثل نوره} عائدةٌ على اسم اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن حفصٍ، عن شمرٍ، قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار، فقال له: حدّثني عن قول اللّه، عزّ وجلّ: {اللّه نور السّموات والأرض}. الآية؟ فقال كعبٌ: اللّه نور السّماوات والأرض، مثل نوره؛ مثل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، كمشكاةٍ.
- حدّثني عليّ بن الحسن الأزديّ، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {مثل نوره} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: بل عني بذلك: هدي اللّه وبيانه، وهو القرآن. قالوا: والهاء من ذكر اللّه، قالوا: ومعنى الكلام: اللّه هادي أهل السّماوات والأرض بآياته المبيّنات، وهي النّور الّذي استنار به السّماوات والأرض، مثل هداه وآياته الّتي هدى بها خلقه، ووعظهم بها في قلوب المؤمنين كمشكاةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {مثل نوره} مثل هداه في قلب المؤمن.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {مثل نوره} قال: مثل هذا القرآن في القلب كمشكاةٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {مثل نوره} نور القرآن الّذي أنزل على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وعباده، هذا مثل القرآن {كمشكاةٍ فيها مصباحٌ}.
- قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ، قال: قال زيد بن أسلم، في قول اللّه تبارك وتعالى {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره} ونوره الّذي ذكر القرآن، ومثله الّذي ضرب له.
وقال آخرون: بل معنى ذلك مثل نور اللّه. وقالوا: يعني بالنّور: الطّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {اللّه نور السّماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} وذلك أنّ اليهود قالوا لمحمّدٍ: كيف يخلص نور اللّه من دون السّماء؟ فضرب اللّه مثل ذلك لنوره، فقال: {اللّه نور السّماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ} قال: وهو مثلٌ ضربه اللّه لطاعته، فسمّى طاعته نورًا، ثمّ سمّاها أنوارًا شتّى.
وقوله: {كمشكاةٍ} اختلف أهل التّأويل في معنى المشكاة، والمصباح، وما المراد بذلك، وبالزّجاجة، فقال بعضهم: المشكاة كلّ كوّةٍ لا منفذ لها، وقالوا: هذا مثلٌ ضربه اللّه لقلب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن حفصٍ، عن شمرٍ، قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار، فقال له: حدّثني عن قول اللّه: {مثل نوره كمشكاةٍ} قال: المشكاة وهي الكوّة، ضربها اللّه مثلاً لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، المشكاة {فيها مصباحٌ المصباح} قلبه {في زجاجةٍ الزّجاجة} صدره الزّجاجة {كأنّها كوكبٌ درّيّ} شبّه صدر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالكوكب الدّرّيّ، ثمّ رجع المصباح إلى قلبه، فقال: {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} لم تمسّها شمس المشرق، ولا شمس المغرب، {يكاد زيتها يضيء} يكاد محمّدٌ يبيّن للنّاس وإن لم يتكلّم أنّه نبيٌّ، كما يكاد ذلك الزّيت يضيء {ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ}.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كمشكاةٍ} يقول: موضع الفتيلة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {اللّه نور السّموات والأرض}. إلى {كمشكاةٍ} قال: المشكاة: كوّة البيت.
وقال آخرون: عنى بالمشكاة: صدر المؤمن، وبالمصباح: القرآن والإيمان، وبالزّجاجة: قلبه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} قال: مثل المؤمن قد جعل الإيمان والقرآن في صدره {كمشكاةٍ} قال: المشكاة: صدره. {فيها مصباحٌ} قال: والمصباح القرآن والإيمان الّذي جعل في صدره. {المصباح في زجاجةٍ} قال: والزّجاجة: قلبه. {الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد} قال: فمثله ممّا استنار فيه القرآن والإيمان كأنّه كوكبٌ درّيٌّ، يقول: مضيءٌ. {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ} والشّجرة المباركة، أصله المباركة: الإخلاص للّه وحده، وعبادته، لا شريك له. {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: فمثله مثل شجرةٍ التفّ بها الشّجر، فهي خضراء ناعمةٌ، لا تصيبها الشّمس على أيّ حالٍ كانت، لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، وكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصيبه شيءٌ من الغير، وقد ابتلي بها فثبّته اللّه فيها، فهو بين أربع خلالٍ: إن أعطي شكر، وإن ابتلي صبر، وإن حكم عدل، وإن قال صدق؛ فهو في سائر النّاس كالرّجل الحيّ يمشي في قبور الأموات. قال: {نورٌ على نورٍ} فهو يتقلّب في خمسةٍ من النّور: فكلامه نورٌ، وعمله نورٌ، ومدخله نورٌ، ومخرجه نورٌ، ومصيره إلى النّور يوم القيامة في الجنّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني يحيى بن اليمان، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: المشكاة: صدر المؤمن {فيها مصباحٌ} قال: القرآن.
- قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أمّ جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، نحو حديث عبد الأعلى، عن عبيد اللّه.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {مثل نوره كمشكاةٍ} قال: مثل هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزّيت الصّافي يضيء قبل أن تمسّه النّار، فإذا مسّته النّار ازداد ضوءًا على ضوءٍ، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم ازداد هدًى على هدًى، ونورًا على نورٍ، كما قال إبراهيم صلوات اللّه عليه قبل أن تجيئه المعرفة: قال {هذا ربّي} حين رأى الكوكب من غير أن يخبره أحدٌ أنّ له ربًّا، فلمّا أخبره اللّه أنّه ربّه ازداد هدًى على هدًى.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} وذلك أنّ اليهود قالوا لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يخلص نور اللّه من دون السّماء؟ فضرب اللّه مثل ذلك لنوره، فقال: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} والمشكاة كوّة البيت فيها مصباحٌ، {المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيّ} والمصباح: السّراج يكون في الزّجاجة، وهو مثلٌ ضربه اللّه لطاعته، فسمّى طاعته نورًا، وسمّاها أنواعًا شتّى.
قوله: {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي شجرةٌ لا يفيء عليهما ظلّ شرقٍ، ولا ظلّ غربٍ، ضاحيةٌ، ذلك أصفى للزّيت. {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ}.
قال معمرٌ: وقال الحسن: ليست من شجر الدّنيا، ليست شرقيّةً ولا غربيّةً.
وقال آخرون: هو مثلٌ للمؤمن؛ غير أنّ المصباح وما فيه مثلٌ لفؤاده، والمشكاة مثلٌ لجوفه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ، وابن عبّاسٍ جميعًا: المصباح وما فيه مثل فؤاد المؤمن وجوفه، المصباح مثل الفؤاد، والكوّة مثل الجوف.
قال ابن جريجٍ {كمشكاةٍ} كوّةٌ غير نافذةٍ.
قال ابن جريجٍ، وقال ابن عبّاسٍ: قوله: {نورٌ على نورٍ} يعني: إيمان المؤمن وعمله.
وقال آخرون: بل ذلك مثلٌ للقرآن في قلب المؤمن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ} قال: ككوّةٍ {فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيّ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره} نور القرآن الّذي أنزل على رسوله وعباده، فهذا مثل القرآن؛ {كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ} فقرأ حتّى بلغ: {مباركةٍ} فهذا مثل القرآن يستضاء به في نوره، ويعلمونه، ويأخذون به، وهو كما هو لا ينقص، فهذا مثلٌ ضربه اللّه لنوره. وفي قوله: {يكاد زيتها يضيء} قال: الضّوء إشراق ذلك الزّيت، والمشكاة الّتي فيها الفتيلة الّتي في المصباح، والقناديل تلك المصابيح.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن عياضٍ، في قوله: {كمشكاةٍ} قال: الكوّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا قرّة، عن عطيّة، في قوله: {كمشكاةٍ} قال قال ابن عمر: المشكاة: الكوّة.
وقال آخرون: المشكاة: القنديل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {كمشكاةٍ} قال: القنديل، ثمّ العمود الّذي فيه القنديل.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {كمشكاةٍ} الصّفر الّذي في جوف القنديل.
- حدّثني إسحاق بن شاهين، قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن داود، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، قال: المشكاة: القنديل.
وقال آخرون: المشكاة الحديد الّذي يعلّق به القنديل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن المفضّل، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا داود بن أبي هندٍ، عن مجاهدٍ، قال: المشكاة الحدائد الّتي يعلّق بها القنديل.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: ذلك مثلٌ ضربه اللّه للقرآن في قلب أهل الإيمان به، فقال: مثل نور اللّه الّذي أنار به لعباده سبيل الرّشاد، الّذي أنزله إليهم، فآمنوا به، وصدّقوا بما فيه، في قلوب المؤمنين، مثل مشكاةٍ، وهي عمود القنديل الّذي فيه الفتيلة؛ وذلك هو نظير الكوّة الّتي تكون في الحيطان الّتي لا منفذ لها. وإنّما جعل ذلك العمود مشكاةً، لأنّه غير نافذٍ، وهو أجوف، مفتوح الأعلى، فهو كالكوّة الّتي في الحائط الّتي لا تنفذ. ثمّ قال: {فيها مصباحٌ} وهو السّراج، وجعل السّراج، وهو المصباح مثلاً لما في قلب المؤمن من القرآن والآيات المبيّنات. ثمّ قال: {المصباح في زجاجةٍ} يعني: أنّ السّراج الّذي في المشكاة في القنديل، وهو الزّجاجة، وذلك مثلٌ للقرآن، يقول: القرآن الّذي في قلب المؤمن الّذي أنار اللّه قلبه في صدره. ثمّ مثل الصّدر في خلوصه من الكفر باللّه، والشّكّ فيه، واستنارته بنور القرآن، واستضاءته بآيات ربّه المبيّنات، ومواعظه فيها، بالكوكب الدّرّيّ، فقال: {الزّجاجة} وذلك صدر المؤمن الّذي فيه قلبه {كأنّها كوكبٌ درّيّ}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {درّيّ} فقرأته عامّة قرّاء الحجاز: {درّيّ} بضمّ الدّالّ، وترك الهمز.
وقرأ بعض قرّاء البصرة والكوفة: (درّيءٌ) بكسر الدّالّ وهمزةٍ.
وقرأ بعض قرّاء الكوفة: (درّيءٌ) بضمّ الدّالّ وهمزةٍ.
وكأنّ الّذين ضمّوا داله، وتركوا الهمرة، وجّهوا معناه إلى ما قاله أهل التّفسير الّذي ذكرنا عنهم، من أنّ الزّجاجة في صفائها وحسنها كالدّرّ، وأنّها منسوبةٌ إليه لذلك من نعتها وصفتها.
ووجّه الّذين قرءوا ذلك بكسر داله وهمزه، إلى أنّه فعيلٌ من درّئ الكوكب: أي دفع ورجم به الشّيطان، من قوله: {ويدرأ عنها العذاب} أي يدفع، والعرب تسمّي الكواكب العظام الّتي لا تعرف أسماءها: الدّراريّ، بغير همزٍ.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: هي الدّرارئ، بالهمز، من يدرأن.
وأمّا الّذين قرءوه بضمّ داله وهمزه، فإن كانوا أرادوا به درّوءٌ، مثل سبّوحٍ، وقدّوسٍ، من درّأت، ثمّ استثقلوا كثرة الضّمّات فيه، فصرفوا بعضها إلى الكسرة، فقالوا: درّيءٌ، كما قيل: {وقد بلغت من الكبر عتيًّا}، وهو فعولٌ، من عتوت عتوًّا، ثمّ حوّلت بعض ضمّاتها إلى الكسر، فقيل: عتيًّا. فهو مذهبٌ، وإلاّ فلا أعرف لصحّة قراءتهم ذلك كذلك وجهًا، وذلك أنّه لا يعرف في كلام العرب فعّيلٌ. وقد كان بعض أهل العربيّة يقول: هو لحنٌ.
والّذي هو أولى القراءات عندي في ذلك بالصّواب قراءة من قرأ {درّيّ} بضمّ داله، وترك همزه، على النّسبة إلى الدّرّ، لأنّ أهل التّأويل بتأويل ذلك جاءوا. وقد ذكرنا أقوالهم في ذلك قبل، ففي ذلك مكتفًى عن الاستشهاد على صحّتها بغيره. فتأويل الكلام: الزّجاجة: وهي صدر المؤمن، {كأنّها} يعني كأنّ الزّجاجة، وذلك مثلٌ لصدر المؤمن، {كوكبٌ} يقول في صفائها وضيائها وحسنها. وإنّما يصف صدره بالنّقاء من كلّ ريبٍ وشكٍّ في أسباب الإيمان باللّه، وبعده من دنس المعاصي، كالكوكب الّذي يشبه الدّرّ في الصّفاء والضّياء والحسن.
واختلفوا أيضًا في قراءة قوله (توقد من شجرةٍ مباركةٍ) فقرأ ذلك بعض المكّيّين والمدنيّين وبعض البصريّين: (توقّد من شجرةٍ) بالتّاء، وفتحها، وتشديد القاف، وفتح الدّال. وكأنّهم وجّهوا معنى ذلك إلى توقّد المصباح من شجرةٍ مباركةٍ.
وقرأه بعض عامّة قرّاء المدنيّين {يوقد} بالياء، وتخفيف القاف، ورفع الدّال؛ بمعنى: يوقد المصباح موقده من شجرةٍ، ثمّ لم يسمّ فاعله.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: (توقد) بضمّ التّاء، وتخفيف القاف ورفع الدّال، بمعنى: يوقد الزّجاجة موقدها من شجرةٍ مباركةٍ، لما لم يسمّ فاعله، فقيل: توقد.
وقرأه بعض أهل مكّة: (توقّد) بفتح التّاء، وتشديد القاف، وضمّ الدّال؛ بمعنى: تتوقّد الزّجاجة من شجرةٍ، ثمّ أسقطت إحدى التّاءين اكتفاءً بالباقية من الذّاهبة.
وهذه القراءات متقاربات المعاني، وإن اختلفت الألفاظ بها؛ وذلك أنّ الزّجاجة إذا وصفت بالتّوقّد أو بأنّها توقد، فمعلومٌ معنى ذلك، فإنّ المراد به توقّد فيها المصباح، أو يوقد فيها المصباح، ولكن وجّهوا الخبر إلى أنّ وصفها بذلك أقرب في الكلام منها، وفهم السّامعين معناه، والمراد منه.
فإذا كان ذلك كذلك فبأيّ القراءات قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ أعجب القراءات إليّ أن أقرأ بها في ذلك: (توقّد) بفتح التّاء، وتشديد القاف، وفتح الدّال، بمعنى وصف المصباح بالتّوقّد؛ لأنّ التّوقّد والاتّقاد لا شكّ أنّهما من صفته، دون الزّجاجة. فمعنى الكلام إذن: كمشكاةٍ فيها مصباحٌ، المصباح من دهن شجرةٍ مباركةٍ، زيتونةٍ، لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ.
وقد ذكرنا بعض ما روي عن بعضهم من الاختلاف في ذلك فيما قد مضى، ونذكر باقي ما حضرنا ممّا لم نذكره قبل. فقال بعضهم: إنّما قيل: لهذه الشّجرة: لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ أي: ليست شرقيّةً وحدها حتّى لا تصيبها الشّمس إذا غربت، وإنّما لها نصيبها من الشّمس بالغداة ما دامت بالجنب الّذي يلي الشّرق، ثمّ لا يكون لها نصيبٌ منها إذا مالت إلى جانب الغرب. ولا هي غربيّةٌ وحدها، فتصيبها الشّمس بالعشيّ إذا مالت إلى جانب الغرب، ولا تصيبها بالغداة؛ ولكنّها شرقيّةٌ غربيّةٌ، تطلع عليه الشّمس بالغداة، وتغرب عليها، فيصيبها حرّ الشّمس بالغداة والعشيّ. قالوا: وإذا كانت كذلك، كان أجود لزيتها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: لا يسترها من الشّمس جبلٌ ولا وادٍ، إذا طلعت وإذا غربت.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا حرميّ بن عمارة قال: حدّثنا شعبة قال: أخبرني عمارة، عن عكرمة، في قوله: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: الشّجرة تكون في مكانٍ لا يسترها من الشّمس شيءٌ، تطلع عليها، وتغرب عليها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ وابن عبّاسٍ {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قالا: هي الّتي بشقّ الجبل، الّتي يصيبها شروق الشّمس وغروبها، إذا طلعت أصابتها، وإذا غربت أصابتها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ليست شرقيّةً ولا غربيّةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثني محمّد بن الصّلت قال: حدّثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي شجرةٌ وسط الشّجر، ليست من الشّرق، ولا من الغرب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} متيامنة الشّأم، لا شرقيّ، ولا غربيّ.
وقال آخرون: ليست هذه الشّجرة من شجر الدّنيا
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قول اللّه: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: واللّه لو كانت في الأرض لكانت شرقيّةً أو غربيّةً، ولكنّما هو مثلٌ ضربه اللّه لنوره.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عثمان يعني ابن الهيثم قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قول اللّه: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: لو كانت في الأرض هذه الزّيتونة كانت شرقيّةً أو غربيّةً، ولكن واللّه ما هي في الأرض، وإنّما هو مثلٌ ضربه اللّه لنوره.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه، ولو كانت هذه الشّجرة في الدّنيا لكانت إمّا شرقيّةً، وإمّا غربيّةً.
وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك قول من قال: إنّها شرقيّةٌ غربيّةٌ؛ وقال: ومعنى الكلام: ليست شرقيّةً تطلع عليها الشّمس بالعشيّ، دون الغداة، ولكنّ الشّمس تشرق عليها وتغرب، فهي شرقيّةٌ غربيّةٌ.
وإنّما قلنا ذلك أولى بمعنى الكلام، لأنّ اللّه إنّما وصف الزّيت الّذي يوقد على هذا المصباح بالصّفاء والجودة، فإذا كان شجره شرقيًّا غربيًّا كان زيته لا شكّ أجود وأصفى وأضوأ.
وقوله: {يكاد زيتها يضيء} يقول تعالى ذكره: يكاد زيت هذه الزّيتونة يضيء من صفائه، وحسن ضيائه. {ولو لم تمسسه نارٌ} يقول: فكيف إذا مسّته النّار؟.
وإنّما أريد بقوله: {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ} أنّ هذا القرآن من عند اللّه، وأنّه كلامه، جعل مثله، ومثل كونه من عنده مثل المصباح الّذي يوقد من الشّجرة المباركة الّتي وصفها جلّ ثناؤه في هذه الآية.
وعني بقوله: {يكاد زيتها يضيء} أنّ حجج اللّه تعالى ذكره على خلقه تكاد من بيانها ووضوحها تضيء لمن فكرّ فيها، ونظر، أو أعرض عنها ولها. {ولو لم تمسسه نارٌ} يقول: ولو لم يزدها اللّه بيانًا ووضوحًا بإنزاله هذا القرآن إليهم، منبّهًا لهم على توحيده، فكيف إذا نبّههم به، وذكّرهم بآياته، فزادهم به حجّةً إلى حججه عليهم قبل ذلك؟ فذلك بيانٌ من اللّه، ونورٌ على البيان، والنّور الّذي كان قد وصفه لهم ونصبه قبل نزوله.
وقوله: {نورٌ على نورٍ} يعني النّار على هذا الزّيت الّذي كاد يضيء ولو لم تمسسه النّار.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {نورٌ على نورٍ} قال: النّار على الزّيت.
قال أبو جعفرٍ: وهو عندي كما ذكرت مثل القرآن. ويعني بقوله: {نورٌ على نورٍ} هذا القرآن نورٌ من عند اللّه، أنزله إلى خلقه يستضيئون به. {على نورٍ} على الحجج والبيان الّذي قد نصبه لهم قبل مجيء القرآن، وإنزاله إيّاه، ممّا يدلّ على حقيقة وحدانيّته. فذلك بيانٌ من اللّه، ونورٌ على البيان، والنّور الّذي كان وصفه لهم ونصبه قبل نزوله.
وذكر عن زيد بن أسلم في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ، قال: قال زيد بن أسلم، في قوله: {نورٌ على نورٍ} يضيء بعضه بعضًا، يعني القرآن.
وقوله: {يهدي اللّه لنوره من يشاء} يقول تعالى ذكره: يوفّق اللّه لاتّباع نوره، وهو هذا القرآن، من يشاء من عباده.
وقوله: {ويضرب اللّه الأمثال للنّاس} يقول: ويمثّل اللّه الأمثال والأشباه للنّاس، كما مثّل لهم مثل هذا القرآن في قلب المؤمن بالمصباح في المشكاة، وسائر ما في هذه الآية من الأمثال
{واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يقول: واللّه يضرب الأمثال وغيرها من الأشياء كلّها، ذو علمٍ). [جامع البيان: 17/295-315]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اللّه نور السّماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (35)
قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: اللّه نور السماوات والأرض يقول سبحانه هادي أهل السّموات والأرض.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ المذحجيّ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قوله: اللّه نور السماوات والأرض قال: هو المؤمن الّذي قد جعل الإيمان والقرآن في صدره فعند اللّه مثله، فقال: الله نور السماوات والأرض فبدأ بنور نفسه عزّ وجلّ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن علي بن مهران، ثنا عامر ابن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: اللّه نور السماوات والأرض قال فبنوره أضاءت السّموات والأرض.
قوله تعالى: مثل نوره.
[الوجه الأول]
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قول اللّه الله نور السماوات والأرض مثل نوره قال: هو المؤمن الّذي قد جعل اللّه الإيمان والقرآن في صدره فضرب اللّه مثله فقال: اللّه نور السماوات والأرض فبدأ بنور نفسه عزّ وجلّ ثمّ ذكر نور المؤمن فقال: مثل نور من آمن به قال: فكان أبيّ بن كعبٍ يقرؤها: مثل نور من آمن به فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا عبد الرّحمن بن عبد الله ابن سعدٍ الدّشتكيّ، أنبأ عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: اللّه نور السماوات والأرض يقول: مثل نوره مثل نور من آمن باللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: مثل نوره كمثل هداه في قلب المؤمن، وروى عن عكرمة مثل حديث عليّ بن أبي طلحة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا الحكم بن بشيرٍ. عن عمرو بن قيسٍ، عن سليمان الأعمش مثل نوره الّذي جعل في قلب المؤمن وفي سمعه وبصره.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد مثل نوره قال: محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وروي عن كعب الأحبار مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ عن زيد بن أسلم في قول اللّه: الله نور السماوات والأرض مثل نوره ونوره الّذي ذكر القرآن ومثله الّذي ضرب له نورٌ على نورٍ يضيء بعضه بعضًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ عن الحسن في قول اللّه: مثل نوره قال: مثل القرآن في القلب.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي عن شبل بن عبّادٍ عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ: اللّه نور السماوات والأرض مثل نوره قال: هي خطأٌ من الكاتب هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال: مثل نور المؤمن كمشكاةٍ.
قوله: كمشكاةٍ.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قوله كمشكاةٍ قال: فصدر المؤمن المشكاة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله: كمشكاةٍ يقول: موضع الفتيلة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ، عن عاصم بن محمّد بن كعبٍ قال: المشكاة موضع الفتيلة من القنديل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة عن جويبرٍ، عن الضّحّاك كمشكاةٍ قال: الكوّة.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا هشيمٌ عن حصينٍ عن أبي مالكٍ، قال: المشكاة الكوّة الّتي ليس لها منفذٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله كمشكاةٍ قال: الصّفر الّذي في جوف القنديل.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن خلفٍ أبو سلمة الجوباريّ ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه كمشكاةٍ قال: القنديل ثمّ العمود الّذي فيه الفتيل.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا هشيمٌ، عن داود بن أبي هند، عن مجاهدٍ قال: المشكاة الحدائد الّتي يعلّق بها القنديل
- حدّثنا عليّ بن الحسين، أنبأ نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي عن شبل بن عبّادٍ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه: كمشكاةٍ قال: المشكاة الكوّة بلغة الحبشة.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: اللّه نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ وذلك أنّ اليهود قالوا: لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم كيف يخلص نور اللّه من دون السّماء، فضرب اللّه مثل ذلك لنوره فقال: اللّه نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ والمشكاة كوّة البيت.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز الطيالسي، ثنا يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن شمر بن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال حدّثني عن قول اللّه: اللّه نور السماوات والأرض مثل نوره مثل نور محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم كمشكاةٍ قال: المشكاة الكوّة ضربها مثلا.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في قوله: كمشكاةٍ فيها مصباحٌ فالمصباح النّور.
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفر، عن الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية: فيها مصباحٌ قال المصباح القرآن والإيمان الّذي جعل في صدره
- حدّثنا عليّ بن حرب المصلي، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: مصباحٌ قال القرآن.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ فيها مصباحٌ قال: المصباح هو النّور والإيمان والقرآن.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ في قوله: فيها مصباحٌ يعنى فيها سراجٌ وهو مثلٌ ضرب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز، ثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن شمر بن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدّثني عن قول اللّه: فيها مصباحٌ والمصباح قلبه يعني قلب محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم.
قوله: المصباح في زجاجةٍ.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قوله: المصباح في زجاجةٍ فذلك النّور في زجاجةٍ، والزّجاجة قلبه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ والزّجاجة هي القلب.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز، ثنا يعقوب، عن جعفرٍ عن شمر بن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدّثني عن قول اللّه: في زجاجةٍ قال والزّجاجة: صدره، يعنى: صدر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ فالمصباح السّرّاج يكون في الزّجاجة وهو المثل ضربه اللّه لطاعته فسمّى طاعته نورًا ثمّ سمّاها أنواعًا شتّى.
قوله تعالى: الزّجاجة كأنّها كوكبٌ.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث الرّازيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبي ابن كعبٍ في هذه الآية: المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ قال فالزّجاجة قلبه كأنّها كوكبٌ درّيٌّ، قال: فقلبه لمّا استنار فيه القرآن والإيمان كأنّه كوكبٌ درّيٌّ.
- حدّثنا محمد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز الطيالسي، ثنا يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن شمر ابن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول الله في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ شبّه صدره، يعنى: صدر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بالكوكب الدّرّيّ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ فالزّجاجة هي القلب، والمشكاة هي الصّدر، فلمّا دخل هذا المصباح في الزّجاجة فأضاء، فكذلك أضاء القلب، ثمّ خرج من الزّجاجة فأضاءت المشكاة فكذلك أضاء الصّدر، ثمّ نزل الضّوء من الكوّة فأضاء البيت، فكذلك نزل النّور من الصّدر فأضاء الجوف كلّه فلم يدخله حرامٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا مروان بن معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: كوكبٌ درّيٌّ قال: هي الزّهرة.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن قتادة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يقول: فهذا مثلٌ ضربه اللّه لهذا.
قوله: درّيٌّ.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في قوله: كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يقول: كوكب مضيء.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: كوكبٌ دري قال: أن درّيٌّ منيرٌ مضيءٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح، ثنا الخفّاف، يعني عبد الوهّاب بن عطاءٍ قال: قرأ أبو عمرٍو درّيءٌ بهمزٍ يعنى مضيئًا، وهارون عن أبي إسحاق نحوه.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن قتادة قوله: كأنّها كوكبٌ درّيٌّ قال: كوكب ضخم.
قوله تعالى: توقد من شجرةٍ مباركةٍ.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية:
توقد من شجرةٍ مباركةٍ فالشّجرة المباركة: أصله المبارك الإخلاص للّه وحده وعبادته لا شريك له.
- حدّثنا أبي، ثنا سلمة بن بشرٍ النّيسابوريّ، أخبرني أبو هشام بن حوشبٍ، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: توقد من شجرةٍ مباركةٍ قال: رجل صالح.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز، ثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ عن شمر بن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدّثني عن قول اللّه: توقد من شجرةٍ مباركةٍ قال: ثمّ رجع المصباح إلى قلبه يعني قلب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: توقد من شجرةٍ مباركةٍ.
- حدّثني أبي، ثنا عمرو بن رافعٍ، ثنا سليمان بن عامرٍ، سمعت الرّبيع بن أنسٍ يقول: توقد من شجرةٍ مباركةٍ فاضلةٍ مباركةٍ إنّه أخذ بسنّة أئمّة الأنبياء.
قوله تعالى: زيتونةٍ.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ في قول اللّه:
زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال فمثله كمثل شجرةٍ التفّ بها الشّجر.
قوله: لا شرقية ولا غربية.
[الوجه الأول]
- وبه عن أبيّ بن كعبٍ في قول اللّه: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: فهي خضراء ناعمةٌ لا يصيبها الشّمس على أيّ حالٍ كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت قال: فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يضلّه شيءٌ من الفتن، وقد ابتلي بها فثبّته اللّه فيها فهو بين أربع خلالٍ: إن قال صدق، وإن حكم عدل، وإن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، فهو في سائر النّاس كالرّجل الحيّ يمشي بين قبور الأموات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس عن أبيه، عن عطيّة لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: هي في موضعٍ من الشّجر يرى ظلّ ثمرها في ورقها، وهذه من الشّجر لا تطلع عليها الشّمس ولا تغرب.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا أبو عوانة عن أبي بشرٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: هي وسط الشّجر لا يصيبها الشّمس شرقًا ولا غربًا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن سعدٍ، أنبأ عمرو بن أبي قيسٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: شجرةٌ بالصّحراء لا يظلّها شجرٌ ولا جبلٌ ولا كهفٌ ولا يواريها شيءٌ هو أجود لزيتها.
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم ابن أبان، عن عكرمة في قوله تعالى: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: نبتٌ في فلاةٍ من الأرض لا يظلّها جبلٌ ولا شجرٌ ولا بنيانٌ ولا شيءٌ ممّا خلق اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيم، ثنا عمرو بن فرّوخ، عن حبيب بن الزّبير عن عكرمة، سأله رجلٌ عن زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ فقال: تلك زيتونةٌ بأرضٍ فلاةٍ، إذا أشرقت الشّمس أشرقت عليها، وإذا غربت غربت عليها، فذاك أصفى ما يكون من الزّيت.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى عن عمران بن حديرٍ، عن عكرمة في قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: هي مصرحة، وذلك أصفى لزيتها وأجود وأجلد، ألم تروا إلى الوحش ما أجلدها؟ فكذلك هذه الشّجرة.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عمرو ابن أبي قيسٍ عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ ليست بشرقيّةٍ وليس فيها غربٌ ولا غربيّةٍ ليس فيها شرقٌ ولكنّها شرقيّةٌ غربيّةٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان، ثنا قيسٌ، عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: ليست بشرقيّةً لا يصيبها الشّمس إذا غربت ولا غربيّةً، لا يصيبها الشّمس إذا طلعت، ولكنّها شرقيّةٌ وغربيّةٌ تصيبها إذا طلعت وإذا غربت.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يقول: ليست بشرقيّةٍ يجوزها المشرق دون المغرب، وليست بغربيّةٍ يجوزها المغرب دون المشرق، ولكنّها على رأس جبلٍ أو صحراء تصيبها الشّمس النهار كله.
- حدثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، أنبأ جريرٌ عن عطاءٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء قال: هو أجود الزّيت قال: إذا طلعت الشّمس أصابتها من قبل المشرق، فإذا أخذت في الغروب أصابتها الشّمس، فالشّمس تصيبها بالغداة والعشيّ، فتلك لا تعدّ شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ.
الوجه الرّابع:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني ابن لهيعة وسئل يزيد بن أبي حبيبٍ عن هذه الآية زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: كان محمّد بن كعبٍ يقول: القبليّة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو طاهرٍ، أنبأ ابن وهبٍ، عن ابن لهيعة قال: سئل يزيد بن حبيبٍ عن هذه الآية: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ كان محمّد بن كعبٍ يقول: هي القبليّة.
والوجه الخامس:
- حدّثنا أبي، ثنا سلمة بن بشير النّيسابوريّ، أخبرني أبو هشام ابن حوشبٍ، عن أبي سنانٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: توقد من شجرةٍ مباركةٍ قال رجلٍ صالحٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: لا يهودي ولا نصراني.
والوجه السّادس:
- حدّثنا أبي، ثنا هوذة، ثنا عوفٌ عن الحسن في قوله: زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: لو كانت هذه الزّيتونة في الأرض كانت شرقيّةً أو غربيّةً ولكنّه ضربه اللّه لنوره.
الوجه السّابع:
- ذكر عن يحيى بن يمانٍ، عن أسامة بن زيدٍ، عن أبيه في قوله: لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ قال: الشّام.
قوله تعالى: يكاد زيتها يضيء.
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم ابن أبان عن عكرمة في قوله: يكاد زيتها يضيء يقول من شدّة النّور قال عكرمة ذلك مثل المؤمن.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن الحسن بن الهيثم المقسميّ البصريّ، ثنا الهيثم بن جميلٍ، ثنا يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يكاد زيتها يضيء قال: يكاد من رأى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم يعلم أنّه رسول اللّه وإن لم يتكلّم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ زيد بن عبد العزيز الطّيالسيّ، ثنا يعقوب عن جعفرٍ عن شمر بن عطيّة قال جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدّثني عن قول اللّه: يكاد زيتها يضيء قال: يكاد محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم يبيّن للنّاس.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: يكاد زيتها يضيء يعنى: نارًا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ، قال: سمعت ابن زيدٍ في قول اللّه: يكاد زيتها يضيء قال: الضّوء إشراق الزّيت.
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، يكاد زيتها يضيء قال: هو أجود الزّيت.
قوله تعالى: ولو لم تمسسه نار.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ يزيد بن عبد العزيز الطّيالسيّ وأبو الربيع ويوسف بن واقدٍ قالوا: ثنا يعقوب عن جعفرٍ، وقال أبو الرّبيع: ثنا جعفرٌ عن شمر بن عطيّة قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول اللّه: يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ قال: يكاد محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبيّن للنّاس ولو لم يتكلّم أنّه نبيٌّ كما يكاد ذلك الزّيت أن يضيء.
قوله: نورٌ على نورٍ.
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، عن عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفرٍ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية: نورٌ على نورٍ فهو يتقلّب في خمسةٍ من النّور فكلامه نورٌ، وعمله نورٌ ومدخله نورٌ، ومخرجه نورٌ، ومصيره إليّ النّور يوم القيامة إلى الجنّة.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: نورٌ على نورٍ يعنى بذلك إيمان العبد وعمله.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ نورٌ على نورٍ قال: نور الزّيت ونور النّار حين اجتمعا أضاءا، ولا يضيء واحدٌ بغير صاحبه، كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا، فلا يكون واحدٌ منهما إلا بصاحبه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ نورٌ على نورٍ النّار على الزّيت جاورته.
- أخبرنا موسى بن هارون بن موسى الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة: نورٌ على نورٍ هذا مثلٌ ضربه اللّه للقرآن، يقول: قد جاء منّي نورٌ وهدًى متظاهرٌ.
قوله تعالى: يهدي اللّه لنوره من يشاء.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، عن أبيه، عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: يهدي اللّه لنوره من يشاء وهو مثل المؤمن.
قوله: ويضرب اللّه الأمثال للنّاس.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ويضرب اللّه الأمثال للنّاس قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه عزّ وجلّ.
قوله: واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ يعني من أعمالكم عليمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2593-2604]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كمشكاة يعني الصفر الذي في جوف القنديل). [تفسير مجاهد: 442]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله نور على نور قال يعني النار على الزيت ضوئه وجودته وصفائه). [تفسير مجاهد: 443]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه الدّشتكيّ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: «اللّه نور السّموات والأرض مثل نور من آمن باللّه كمشكاةٍ» ، قال: «وهي القبّرة يعني الكوّة» صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن عبد اللّه بن عيسى بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن أبي أسيدٍ رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «كلوا الزّيت وادّهنوا به، فإنّه من شجرةٍ مباركةٍ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهدٌ آخر بإسنادٍ صحيحٍ "). [المستدرك: 2/432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بكّار بن قتيبة القاضي، بمصر، ثنا صفوان بن عيسى القاضي، عن عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ، قال: سمعت جدّي، يحدّث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «كلوا الزّيت وادّهنوا به فإنّه طيّبٌ مباركٌ»). [المستدرك: 2/432]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} [النور: 35].
- عن عبد اللّه بن عمر في قوله {كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} [النور: 35] قال: جوف محمّدٍ - صلّى اللّه عليه وسلّم -، الزّجاجة قلبه، والمصباح النّور الّذي في قلبه توقد {من شجرةٍ مباركةٍ} [النور: 35] الشّجرة إبراهيم {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} [النور: 35] لا يهوديّةٍ ولا نصرانيّةٍ، {[ثمّ قرأ " ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا "] ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين} [آل عمران: 67].
رواه الطّبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه الوازع بن نافعٍ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجه الزجاجه كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
أخرج البخاري ومسلم والنسائي، وابن ماجه والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تهجد في الليل يدعو اللهم لك الحمد أنت رب السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيام السموات والارض ومن فيهن أنت الحق وقولك حق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق الله لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت واليك أنبت وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت الهي لا إله إلا أنت). [الدر المنثور: 11/57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن زيد بن أرقم قال سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول في دبر صلاة الغداة وفي دبر الصلاة اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد بأنك انت الرب وحدك لا شريك لك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان محمدا عبدك ورسولك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان العباد كلهم اخوة اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة في الدنيا والآخرة ذا الجلال والأكرام اسمع واستجب الله أكبر الله أكبر الله نور السموات والأرض الله أكبر الله أكبر حسبي الله ونعم الوكيل الله أكبر الله أكبر). [الدر المنثور: 11/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قال: كان ابن عباس يقول: اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض ان تجعلني في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك). [الدر المنثور: 11/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض} يدبر الأمر فيهما، نجومهما وشمسهما وقمرهما). [الدر المنثور: 11/59]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} الذي أعطاه المؤمن {كمشكاة} مثل الكوة {فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} في سفح جبل لا تصيبها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور} فذلك مثل قلب المؤمن نور على نور {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال: أعمال الكفار إذا جاؤا رأوها مثل السراب إذا أتاه الرجل قد احتاج إلى الماء فأتاه فلم يجد شيئا، فذلك مثل عمل الكافر يرى أن له ثوابا وليس له ثواب {أو كظلمات في بحر لجي} إلى قوله {لم يكد يراها} فذلك مثل قلب الكافر ظلمة فوق ظلمة). [الدر المنثور: 11/59-60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الانباري في المصاحف عن الشعبي قال: في قراءة أبي بن كعب (مثل نور المؤمن كمشكاة) ). [الدر المنثور: 11/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {الله نور السماوات والأرض} يقول: مثل نور من آمن بالله كمشكاة قال: وهي النقرة يعني الكوة). [الدر المنثور: 11/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {مثل نوره} قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال: مثل نور المؤمن كمشكاة). [الدر المنثور: 11/60]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات من طريق علي عن ابن عباس {الله نور السماوات والأرض} قال: هادي أهل السموات والأرض {مثل نوره} مثل هداه في قلب المؤمن {كمشكاة} يقول: موضع الفتيلة يقول: كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار إذا مسته النار ازداد ضوأ على ضوئه كذلك يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا أتاه العلم ازداد هدى على هدى ونورا على نور). [الدر المنثور: 11/60-61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن أبي العالية قال: هي في قراءة أبي بن كعب مثل نور من آمن به، أو قال مثل من آمن به). [الدر المنثور: 11/61]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي بن كعب {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال: هو المؤمن الذي جعل الايمان والقرآن في صدره فضرب الله مثله فقال {الله نور السماوات والأرض} فبدأ بنور نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال: مثل نور من آمن به فكان أبي بن كعب يقرؤها: مثل نور من آمن به فهو المؤمن جعل الايمان والقرآن في صدره {كمشكاة} قال: فصدر المؤمن المشكاة {فيها مصباح} والمصباح: النور وهو القرآن والايمان الذي جعل في صدره {في زجاجة} والزجاجة: قلبه، {كأنها كوكب دري} فقلبه مما استنار فيه القرآن والايمان كأنه كوكب دري يقول: كوكب مضيء، {يوقد من شجرة مباركة} والشجرة المباركة: أصل المبارك الاخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: فمثله كمثل شجرة التف بها الشجرن فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حالة كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصله شيء من الفتن وقد ابتلي بها فثبته الله فيها فهو بين اربع خلال، ان قال صدق وان حكم عدل وان اعطي شكر وان ابتلي صبر، فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي بين قبور الأموات {نور على نور} فهو يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة، ثم ضرب مثل الكافر فقال: {والذين كفروا أعمالهم كسراب} قال: وكذلك الكافر يجيء يوم القيامة وهو يحسب أن له عند الله خيرا فلا يجده ويدخله الله النار قال: وضرب مثلا آخر للكافر فقال {أو كظلمات في بحر لجي} فهو يتقلب في خمس من الظلم، فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومخرجه ظلمة ومدخله ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار، فكذلك ميت الاحياء يمشي في الناس لا يدري ماذا له وماذا عليه). [الدر المنثور: 11/61-63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ان اليهود قالوا لمحمد: كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة} والمشكاة: كوة البيت، {فيها مصباح} وهو السراج يكون في الزجاجة، وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا ثم سماها انواعا شتى {لا شرقية ولا غربية} قال: هي وسط الشجرة لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك لوجود الزيت {يكاد زيتها يضيء} يقول: بغير نار {نور على نور} يعني بذلك ايمان العبد وعمله {يهدي الله لنوره من يشاء} هو مثل المؤمن). [الدر المنثور: 11/63-64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن عدي، وابن مردويه، وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله {كمشكاة فيها مصباح} قال: المشكاة: جوف محمد صلى الله عليه وسلم، والزجاجة: قلبه، والمصباح: النور الذي في قلبه، {يوقد من شجرة مباركة} الشجرة: إبراهيم، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} لا يهودية ولا نصرانية ثم قرأ {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} آل عمران الآية 67). [الدر المنثور: 11/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن شمر بن عطية قال: جاء ابن عباس رضي الله عنهما إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول الله {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم كمشكاة قال: المشكاة الكوة، ضربها مثلا لفمه {فيها مصباح} والمصباح: قلبه، {في زجاجة} والزجاجة صدره، {كأنها كوكب دري} شبه صدر محمد صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري ثم رجع إلى المصباح إلى قلبه فقال: توقد من شجرة مباركة زيتونة يكاد زيتها يضيء قال: يكاد محمد صلى الله عليه وسلم يبين للناس ولو لم يتكلم انه نبي كما يكاد ذلك الزيت انه يضيء ولو لم تمسسه نار). [الدر المنثور: 11/64-65]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الله نور السماوات والأرض} قال: الله هادي أهل السموات والأرض {مثل نوره} يا محمد في قلبك كمثل هذا المصباح في هذه المشكاة فكما هذا المصباح في هذه المشكاة كذلك فؤادك في قلبك، وشبه قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري الذي لا يخبو [ توقد من شجرة مباركة زيتونة ] تأخذ دينك عن إبراهيم عليه السلام، وهي الزيتونة {لا شرقية ولا غربية} ليس بنصراني فيصلي نحو المشرق ولا يهودي فيصلي نحو المغرب {يكاد زيتها يضيء} فيقول: يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يوحى إليه بالنور الذي جعل الله في قلبه). [الدر المنثور: 11/65]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {مثل نوره} قال: محمد صلى الله عليه وسلم {يكاد زيتها يضيء} قال: يكاد من رأى محمد صلى الله عليه وسلم يعلم انه رسول الله وان لم يتكلم). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمه رضي الله عنه {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال مثل نور المؤمن). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه {مثل نوره} قال: مثل هذا القرآن في القلب {كمشكاة} قال: ككوة). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال: ان الهي يقول ان نوري هداي). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {كمشكاة} قال: هي موضع الفتيلة من القنديل). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {كمشكاة} قال: ككوة). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنه قال {كمشكاة} الكوة). [الدر المنثور: 11/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المشكاة بلسان الحبشة، الكوة). [الدر المنثور: 11/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: المشكاة الكوة بلغة الحبشة). [الدر المنثور: 11/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن عياض {كمشكاة} قال: ككوة بلسان الحبشة). [الدر المنثور: 11/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {كمشكاة} قال: الكوة التي ليست بنافذة.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك، مثله). [الدر المنثور: 11/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال المشكاة الكوة التي ليس لها منفذ والمصباح السراج). [الدر المنثور: 11/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {مثل نوره} قال: مثل نور الله في قلب المؤمن {كمشكاة} قال: الكوة {كأنها كوكب دري} قال: منير يضيء {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: لا يفي عليها ظل شرقي ولا غربي كنا نتحدث انها صاحبة الشمس، وهو أصفى الزيت وأطيبه وأعذبه هذا مثل ضربه الله للقرآن أي قد جاءكم من الله نور وهدى متظاهر أن المؤمن يسمع كتاب الله، فوعاه وحفظه وانتفع بما فيه وعمل به فهذا مثل المؤمن). [الدر المنثور: 11/67-68]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {كمشكاة} قال: الصفر الذي في جوف القنديل {فيها مصباح} قال: السراج {في زجاجة} قال: القنديل {لا شرقية ولا غربية} قال: هي الشمس من حين تطلع إلى أن تغرب ليس لها ظل وذلك أضوأ لزيتها وأحسن لهن وأنور له {نور على نور} قال: النار على الزيت جاورته). [الدر المنثور: 11/68]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {كأنها كوكب دري} قال: يعني الزهرة، ضرب الله مثل المؤمن مثل ذلك النور يقول: قلبه نور وجوفه نور ويمشي في نور). [الدر المنثور: 11/68-69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {كوكب دري} قال: ضخم). [الدر المنثور: 11/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: قلب إبراهيم لا يهودي ولا نصراني). [الدر المنثور: 11/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال: شجرة لا يظلمها كهف ولا جبل ولا يواريها شيء وهو أجود لزيتها.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنه ومحمد بن سيرين، مثله). [الدر المنثور: 11/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال: ليست شرقية ليس فيها غرب ولا غربية ليس فيها شرق ولكنها شرقية غربية). [الدر المنثور: 11/69]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا شرقية ولا غربية} قال: هي في وسط الشجر لا تصيبها الشمس في شرق ولا غرب وهي من وجوه الشجر.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ومحمد بن كعب، مثله). [الدر المنثور: 11/69-70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية، ولكنه مثل ضربه الله لنوره). [الدر المنثور: 11/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما {يوقد من شجرة مباركة} قال: رجل صالح {لا شرقية ولا غربية} قال: لا يهودي ولا نصراني). [الدر المنثور: 11/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد في مسنده والترمذي، وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة مباركة). [الدر المنثور: 11/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في "شعب الايمان " عن أبي أسيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة "). [الدر المنثور: 11/70-71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها انها ذكر عندها الزيت فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر ان يؤكل ويدهن ويستعط به ويقول انه من شجرة مباركة). [الدر المنثور: 11/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن شريك بن سلمة قال: ضفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة فأطعمني كسورا من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا، وقال: هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه). [الدر المنثور: 11/71]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد عن عكرمة {يكاد زيتها يضيء} يقول: من شدة النور). [الدر المنثور: 11/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الضوء إشراق الزيت). [الدر المنثور: 11/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {نور على نور} قال: نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا، وكذلك نور القرآن ونور الايمان). [الدر المنثور: 11/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي العالية {نور على نور} قال: أتى نور الله تعالى على نور محمد). [الدر المنثور: 11/72]

تفسير قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال ابن عياش: وقال زيد في قول الله: {في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة}، إقامة الدين، ويوم {تتقلب فيه القلوب والأبصار}، يوم القيامة). [الجامع في علوم القرآن: 1/59-60]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله في بيوت أذن الله أن ترفع قال هي المساجد أذن الله أن ترفع يقول أن
[تفسير عبد الرزاق: 2/60]
تعظم لذكره يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله أذن الله أن تبنى ويصلى له فيها بالغدو والآصال). [تفسير عبد الرزاق: 2/61]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي قال أدركت أصحاب النبي وهم يقولون إن المساجد بيوت الله في الأرض فإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها). [تفسير عبد الرزاق: 2/61]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان قال أنا عمرو بن دينار مولى لآل الزبير عن سالم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم فدخلوا المسجد فقال ابن عمر فيهم نزلت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/61]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال (36) رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار (37) ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} اللّه نور السّماوات والأرض، مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ، في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: المشكاة: الّتي فيها الفتيلة الّتي فيها المصباح قال: المصابيح في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع.
قال أبو جعفرٍ: قد يحتمل أن تكون (من) في صلة (توقّد) فيكون المعنى: توقّد من شجرةٍ مباركةٍ ذلك المصباح في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع.
وعني بالبيوت المساجد.
وقد اختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم بالّذي قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، ونصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قالا: حدّثنا حكّامٌ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قول اللّه: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: المساجد.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} وهي المساجد تكرم، ونهي عن اللّغو فيها.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} يعني كلّ مسجدٍ يصلّى فيه، جامعٍ أو غيره.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: مساجد تبنى.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: في المساجد.
- قال: أخبرنا معمرٌ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: أدركت أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهم يقولون: المساجد بيوت اللّه، وإنّه حقٌّ على اللّه أن يكرم من زاره فيها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سالم بن عمر، في قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: هي المساجد.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: المساجد.
وقال آخرون: عنى بذلك البيوت كلّها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، ونصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قالا: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عكرمة: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: هي البيوت كلّها.
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في ذلك، لدلالة قوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} على أنّها بيوتٌ بنيت للصّلاة؛ فلذلك قلنا هي المساجد.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {أذن اللّه أن ترفع} فقال بعضهم: معناه: أذن اللّه أن تبنى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أذن اللّه أن ترفع} قال: تبنى.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
وقال آخرون: معناه: أذن اللّه أن تعظّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {أذن اللّه أن ترفع} يقول: أن تعظّم لذكره.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب القول الّذي قاله مجاهدٌ، وهو أنّ معناه: أذن اللّه أن ترفع بناءً، كما قال جلّ ثناؤه {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}، وذلك أنّ ذلك هو الأغلب من معنى الرّفع في البيوت والأبنية.
وقوله: {ويذكر فيها اسمه} يقول: وأذن لعباده أن يذكروا اسمه فيها وقد قيل: عني به أنّه أذن لهم بتلاوة القرآن فيها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ثمّ قال: {ويذكر فيها اسمه} يقول: يتلى فيها كتابه.
وهذا القول قريب المعنى ممّا قلناه في ذلك، لأنّ تلاوة كتاب اللّه من معاني ذكر اللّه. غير أنّ الّذي قلنا به أظهر معنييه، فلذلك اخترنا القول به.
وقوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {يسبّح له} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار: {يسبّح له} بضمّ الياء، وكسر الباء، بمعنى يصلّي له فيها رجالٌ، وبجعل {يسبّح} فعلاً لـ (الرّجال) وخبرًا عنهم، وترفع به (الرّجال). سوى عاصمٍ، وابن عامرٍ، فإنّهما قرأا ذلك: (يسبّح له) بضمّ الياء، وفتح الباء، على ما لم يسمّ فاعله، ثمّ يرفعان (الرّجال) بخبر ثانٍ مضمرٍ، كأنّهما أرادا: يسبّح اللّه في البيوت الّتي أذن اللّه أن ترفع، فسبّح له رجالٌ؛ فرفعا (الرّجال) بفعلٍ مضمرٍ.
والقراءة الّتي هي أولاهما بالصّواب: قراءة من كسر الباء، وجعله خبرًا لـ (الرّجال) وفعلاً لهم.
وإنّما كان الاختيار رفع الرّجال بمضمرٍ من الفعل لو كان الخبر عن البيوت لا يتمّ إلاّ بقوله: {يسبّح له فيها}، فأمّا والخبر عنها دون ذلك تامٌّ، فلا وجه لتوجيه قوله: {يسبّح له} إلى غيره، أي غير الخبر عن الرّجال.
وعني بقوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} يصلّي له في هذه البيوت بالغدوات والعشيّات رجالٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن الحسن الأزديّ، قال: حدّثنا المعافى بن عمران، عن سفيان، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كلّ تسبيحٍ في القرآن فهو صلاةٌ.
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ثمّ قال: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} يقول: يصلّي له فيها بالغداة والعشيّ. يعني بالغدوّ: صلاة الغداة، ويعني بالآصال صلاة العصر. وهما أوّل ما افترض اللّه من الصّلاة، فأحبّ أن يذكرهما، ويذكر بهما عباده.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ} أذن اللّه أن تبنى، فيصلّى فيها بالغدوّ والآصال.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: في قوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} يعني الصّلاة المفروضة). [جامع البيان: 17/315-321]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال (36)
قوله: في بيوتٍ أذن الله أن ترفع.
[الوجه الأول]
- حدّثني أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع وهي المساجد يكرمونهنّ ونهى عن اللّغو فيها، وروى عن عكرمة، وأبي صالحٍ، والضّحّاك، ونافع بن جبير، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسفيان بن حسينٍ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن صالح بن حيّان عن ابن بريدة يعنى قوله: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع قال: إنّما هي أربع مساجد لم يبنهنّ إلا نبيٌّ، الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعل قبلةً، وبيت أريحا بيت المقدس بناه داود وسليمان، ومسجد المدينة بناه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ، عن ليثٍ عن مجاهدٍ في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه قال: هي بيوت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان، عن محمد ابن سوقة، عن عكرمة في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع قال: البيوت كلّها.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا جعفر بن مسافرٍ، ثنا يحيى بن حسّان، ثنا رشدينٌ عن الحسن بن ثوبان عن عكرمة: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع قال: هي المساكن. المسكن يعمرونه ويذكرون اللّه فيها وليست بالمساجد الّتي سمّاها اللّه بأسمائها.
والوجه الخامس:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن الحسين: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع قال: هي المساجد قال: وقال الحسن هو بيت المقدس لأنّه يسرج فيه كلّ ليلةٍ عشرة آلاف قنديلٍ.
قوله تعالى: أن ترفع.
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: في بيوت أذن الله أن ترفع قال: مساجد تبنى.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان محمّد بن عمرٍو، ثنا يحيى بن الضّريس قال: سمعت أبا سنانٍ عن ثابتٍ عن الضّحّاك في قوله: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع قال: تعظّم.
- حدّثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه وهي هذه المساجد، أذن اللّه في بنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها.
- وقد ذكر لنا أن كعبًا كان يقول: إنّ في التّوراة مكتوبًا: «ألا إنّ بيوتي في الأرض المساجد، وأنّه من توضّأ فأحسن وضوءه ثمّ زارني في بيتي أكرمته وحقٌّ على المزور كرامة الزائر».
قوله تعالى: ويذكر فيها اسمه.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ويذكر فيها اسمه يقول: يتلى فيها كتابه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن عبد اللّه الطّلّاس، ثنا شيخٌ عن أبي روقٍ ويذكر فيها اسمه يعنى الصّلاة.
قوله: يسبّح.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ يسبّح له فيها يقول يصلّى له فيها بالغدوّ والآصال.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل ابن حيّان قوله يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال يقول: يصلّى للّه فيها بالغداة والعشيّ.
قوله: بالغدوّ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: بالغداة صلاة الغداة، وروى عن مقاتلٍ نحو ذلك.
قوله: والآصال.
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: والآصال يعنى بالآصال صلاة العصر، وهما أوّل ما فرض اللّه من الصّلاة فأحبّ أن يذكرهما، ويذكّر بهما عباده.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال قال: الآصال العشيّ، وروي عن اللّيث بن سعدٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم نحو ذلك.
- ذكر عن سعيد بن عبد اللّه الطّلاس ثنا شيخٌ عن أبي روقٍ: يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال يعنى صلاة الغداة والآصال حين تميل الشّمس إلى صلاة المغرب). [تفسير القرآن العظيم: 8/2604-2606]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله في بيوت أذن الله أن ترفع قال مساجد تبنى). [تفسير مجاهد: 443]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: هي المساجد تكرم ونهى عن اللغو فيها {ويذكر فيها اسمه} يتلى فيها كتابه يسبح: يصلي له فيها بالغدوة: صلاة الغداة والآصال: صلاة العصر وهما أول ما فرض الله من الصلاة وأحب أن يذكرهما ويذكرهما عباده). [الدر المنثور: 11/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فينادي مناد: سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول: أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع: ثم يقول: أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ثم يقول: أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم). [الدر المنثور: 11/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: هي المساجد، أذن الله في بنيانها ورفعها وأمر بعمارتها وبطهورها). [الدر المنثور: 11/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: في مساجد ان تبنى). [الدر المنثور: 11/73]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن الحسن في قوله {أذن الله أن ترفع} يقول: ان تعظم بذكره {يسبح} يصلي له فيها). [الدر المنثور: 11/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: هي بيوت النبي). [الدر المنثور: 11/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: إنما هي أربع مساجد لم يبنهن إلا نبي، الكعبة بناها إبراهيم واسمعيل وبيت المقدس بناه داود وسليمان ومسجد المدينة بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {في بيوت أذن الله أن ترفع} فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله قال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها البيت علي وفاطمة قال: نعم، من أفاضلها). [الدر المنثور: 11/74]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي، وابن ماجه، وابن مردويه عن ابن بريدة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: من دعا إلى الجمل الأحمر في المسجد فقال: لا وجدته ثلاثا إنما بنيت هذه المساجد للذي بنيت له: وقال أبو سنان الشيباني في قوله {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال: تعظم). [الدر المنثور: 11/74-75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي، وابن ماجه عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وان تنظف وتطيب). [الدر المنثور: 11/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ان نصنع المساجد في دورنا وان نصلح صنعتها ونطهرها). [الدر المنثور: 11/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى عن ابن عمر، ان عمر كان يجمر المسجد في كل جمعة). [الدر المنثور: 11/75-76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة ودفنه حسنة). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعث النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من بزق في قبلة ولم يوارها جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه). [الدر المنثور: 11/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال من صلى فبزق تجاه القبلة جاءت البزقة يوم القيامة في وجهه). [الدر المنثور: 11/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال إذا بزق في القبلة جاءت أحمى ما تكون يوم القيامة حتى تقع بين عينيه). [الدر المنثور: 11/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: ان المسجد لينزوي من المخاط أو النخامة كما تنزوي الجلدة من النار). [الدر المنثور: 11/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن العباس بن عبد الرحمن الهاشمي قال: أول ما خلقت المساجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المسجد نخامة فحكها ثم أمر بخلوق فلطخ مكانها قال فخلق الناس المساجد). [الدر المنثور: 11/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في قبلة المسجد نخامة فقام اليها فحكها بيده ثم دعا بخلوق فقال الشعبي: هو سنة). [الدر المنثور: 11/77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن يعقوب بن زيد، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة). [الدر المنثور: 11/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال: كان المسجد يرش ويقم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر). [الدر المنثور: 11/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها). [الدر المنثور: 11/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال لا ينبغين في المسجد، لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقبض فيه بقوس ولا يتخذ سوقا). [الدر المنثور: 11/78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم واقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وبخروها في الجمع). [الدر المنثور: 11/78-79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود، وابن ماجه عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر أحدكم بالنبل في المسجد فليمسك على نصولها). [الدر المنثور: 11/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المسجد وعن تناشد الاشعار ولفظ ابن أبي شيبة عن انشاد الضوال). [الدر المنثور: 11/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاث مرات ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولا: لا أربح الله تجارتك). [الدر المنثور: 11/79-80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسل السيوف ولا تنثر النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد ولا تمنع القائلة في المساجد مقيما ولا مضيفا ولا تبنى التصاوير ولا تزين بالقوارير فإنما بنيت بالامانة وشرفت بالكرامة). [الدر المنثور: 11/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقام الحدود في المساجد). [الدر المنثور: 11/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس انه قال لرجل أخرج حصاة من المسجد: ردها والا خاصمتك يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: ان الحصاة إذا اخرجت من المسجد تناشد صاحبها). [الدر المنثور: 11/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: إذا خرجت الحصاة من المسجد صاحت أو سبحت). [الدر المنثور: 11/80-81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: الحصاة تسب وتلعن من يخرجها من المسجد). [الدر المنثور: 11/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن يسار قال: الحصاة إذا خرجت من المسجد تصيح حتى ترد إلى موضعها). [الدر المنثور: 11/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي، وابن ماجه عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، واذا خرج قال: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك). [الدر المنثور: 11/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: اعطوا المساجد حقها قيل: وما حقها قال: ركعتان قبل ان تجلس). [الدر المنثور: 11/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: من أشراط الساعة ان تتخذ المساجد طرقا، والله أعلم، أما قوله تعالى: {يسبح له فيها بالغدو والآصال} ). [الدر المنثور: 11/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ (يسبح) بنصب الباء). [الدر المنثور: 11/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال: ان صلاة الضحى لفي القرآن وما يغوص عليها الاغواص، في قوله {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} ). [الدر المنثور: 11/82]

تفسير قوله تعالى: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كنا عند عبد الله، فأتى بشراب، فقال: ناوله القوم، فقالوا: نحن صيام، قال: لكني لست بصائم، ثم قرأ: {يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} [سورة النور: 37] ). [الزهد لابن المبارك: 2/666]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عوف، عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي، قال: حدثنا شهر بن حوشب، قال: حدثني ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحدٍ، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها، فينتشروا على وجه هذه الأرض، فلأهل السماء أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف، فإذا رآهم أهل الأرض فزعوا إليهم، ويقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، فيقولون لهم: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آتٍ، ثم تقاض السماء الثانية، فلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل هذه السماء الدنيا، ومن جميع أهل الأرض بالضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم فيقولون: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آت، ثم تقاض السموات سماءً سماءً، كلما قيضت سماءٌ كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم، كلما نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، ويقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهلها وحدهم أكثر من أهل ست سماوات، ومن جميع أهل الأرض بالضعف، ويجيء الله فيهم تبارك وتعالى، والأمم جُثًى صفوفًا، فينادي منادٍ: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحامدون لله على كل حال، فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي ثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الذين كانت: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون} [سورة السجدة: 16]، فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي بالثالثة: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقوم الذين كانوا: {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} [سورة النور: 37] فيقومون، فيسرحون إلى الجنة، قال: فإذا أخذ من هؤلاء الثلاثة خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق، له عينان تبصران، ولسان فصيح، قال: فيقول: إني وكلت بثلاثة: إني وكلت بكل جبار عنيد، قال: فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، قال: فيحبس بهم في جهنم، قال: ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت بمن آذى الله ورسوله، فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيحبس بهم في جهنم، قال: ثم يخرج ثالثة.
قال أبو المنهال: فأحسبه قال: تقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، قال: فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء وهؤلاء ثلاثة من هؤلاء، وثلاثة من هؤلاء، نشرت الصحف، ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب). [الزهد لابن المبارك: 2/ 732-733]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال ابن عياش: وقال زيد في قول الله: {في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة}، إقامة الدين، ويوم {تتقلب فيه القلوب والأبصار}، يوم القيامة). [الجامع في علوم القرآن: 1/59-60] (م)

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، قال: أتي عبد الله بشرابٍ، فقال: أعطه علقمة، قال: إنّي صائمٌ، ثمّ قال: أعطه الأسود، فقال: إنّي صائمٌ، حتّى مرّ بكلّهم، ثمّ أخذه فشربه، ثمّ تلا هذه الآية: {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 176]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} يقول تعالى ذكره: لا يشغل هؤلاء الرّجال الّذين يصلّون في هذه المساجد الّتي أذن اللّه أن ترفع عن ذكر اللّه فيها وإقام الصّلاة، تجارةٌ ولا بيعٌ.

- كما حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن رجلٍ، نسي اسمه في هذه الآية: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} إلى قوله: {والأبصار} قال: هم قومٌ في تجاراتهم وبيوعهم، لا تلهيهم تجاراتهم ولا بيوعهم عن ذكر اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن دينارٍ، عن سالم بن عبد اللّه: أنّه نظر إلى قومٍ من السّوق قاموا وتركوا بياعاتهم إلى الصّلاة، فقال: هؤلاء الّذين ذكر اللّه في كتابه: {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} الآية.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن سيّارٍ، عمّن حدّثه عن ابن مسعودٍ، نحو ذلك.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن سيّارٍ، قال: حدّثت عن ابن مسعودٍ: أنّه رأى قومًا من أهل السّوق حيث نودي بالصّلاة تركوا بياعاتهم، ونهضوا إلى الصّلاة، فقال عبد اللّه: هؤلاء من الّذين ذكر اللّه في كتابه {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه}.
وقال بعضهم: معنى ذلك {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ} عن صلاتهم المفروضة عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ثمّ قال: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} يقول: عن الصّلاة المكتوبة.
قوله: {وإقام الصّلاة} يقول: ولا يشغلهم ذلك أيضًا عن إقام الصّلاة بحدودها في أوقاتها.
وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا عوفٌ، عن سعيد بن أبي الحسن، عن رجلٍ، نسي عوفٌ اسمه في: {وإقام الصّلاة} قال: يقومون للصّلاة عند مواقيت الصّلاة.
فإن قال قائلٌ: أو ليس قوله: {وإقام الصّلاة} مصدرًا من قوله أقمت؟
قيل: بلى.
فإن قال: أو ليس المصدر منه إقامةً، كالمصدر من أجرت إجارةً؟
قيل: بلى.
فإن قال: وكيف قال: {وإقام الصّلاة} أو تجيز أن نقول: أقمت إقامًا؟
قيل: ولكنّي أجيز: أعجبني إقام الصّلاة.
فإن قيل: وما وجه جواز ذلك؟
قيل: إنّ الحكم في أقمت إذا جعل منه مصدرٌ أن يقال إقوامًا، كما يقال: أقعدت فلانًا إقعادًا، وأعطيته إعطاءً؛ ولكنّ العرب لمّا سكّنت الواو من (أقمت) فسقطت لاجتماعها وهي ساكنةٌ، والميم وهي ساكنةٌ، بنوا المصدر على ذلك؛ إذ جاءت الواو ساكنةً قبل ألف الإفعال وهي ساكنةٌ، فسقطت الأولى منهما، فأبدلوا منها هاءً في آخر الحرف، كالتّكثير للحرف، كما فعلوا ذلك في قولهم: وعدته عدةً، ووزنته زنةً؛ إذ ذهبت الواو من أوّله، كثّروه من آخره بالهاء؛ فلمّا أضيفت الإقامة إلى الصّلاة، حذفوا الزّيادة الّتي كانوا زادوها للتّكثير، وهي الهاء في آخرها؛ لأنّ الخافض وما خفض عندهم كالحرف الواحد، فاستغنوا بالمضاف إليه من الحرف الزّائد. وقد قال بعضهم في نظير ذلك:
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا = وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا
يريد: عدة الأمر. فأسقط الهاء من العدة لمّا أضافها، فكذلك ذلك في إقام الصّلاة.
وقوله: {وإيتاء الزّكاة} قيل: معناه: وإخلاص الطّاعة للّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة}، {وكان يأمر أهله بالصّلاة والزّكاة}، وقوله: {وأوصاني بالصّلاة والزّكاة}، وقوله: {ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحدٍ أبدًا}، وقوله: {وحنانًا من لدنّا وزكاةً}. ونحو هذا في القرآن، قال: يعني بالزّكاة: طاعة اللّه والإخلاص.
وقوله: {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار} يقول: يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب من هوله، بين طمعٍ بالنّجاة وحذرٍ بالهلاك. {والأبصار} أيّ ناحيةٍ يؤخذ بهم: أذات اليمين؟ أم ذات الشّمال؟ ومن أين يؤتون كتبهم: أمن قبل الأيمان، أو من قبل الشّمائل؟ وذلك يوم القيامة.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال عبد اللّه بن عيّاشٍ: قال زيد بن أسلم، في قول اللّه: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع}. إلى قوله: {تتقلّب فيه القلوب والأبصار} يوم القيامة). [جامع البيان: 17/321-325]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار (37)
قوله تعالى: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيع.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عمرو بن السّرح، ثنا ابن وهبٍ أنبأ ابن لهيعة، حدّثنا قال: ثنا سليمان بن أحمد، ثنا يحيى بن إسحاق الأحمس، ثنا ابن لهيعة، عن درّاجٍ، أبي السّمح، عن ابن حجرة، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه قال هم الّذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل اللّه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن عمارة بن الحارث، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه ابن سعدٍ، أنبأ عمرو بن أبي قيسٍ عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ قال: ضرب اللّه هذا المثل، قوله: مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة لأولئك القوم الّذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ جعفر بن سليمان، عن عمرو بن دينارٍ مولًى لآل الزّبير عن سالمٍ عن ابن عمر أنّه كان في السّوق فأقيمت الصّلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر: فيهم نزلت رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد اللّه بن بكرٍ الصّنعانيّ، ثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد اللّه بن بحيرٍ، ثنا أبو عبد ربٍّ قال: قال أبو الدّرداء: إنّي أقمت على هذا الدّرج أبايع عليه أربح كلّ يومٍ ثلاثمائة دينارٍ، وأشهد الصّلاة في كلّ يومٍ في المسجد، أما إنّي لا أقول: إنّ ذلك ليس بحلالٍ، ولكنّي أحبّ أن أكون من الّذين قال اللّه: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ عن الضّحّاك:
رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه قال: هم في أسواقهم يبيعون ويشترون، فإذا جاء وقت الصّلاة لم يلههم البيع والشّراء عن الصلاة.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا بشر بن الفضل ثنا عوفٌ، عن سعيد بن أبي الحسن في قوله: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه قال: قومٌ في تجارتهم وبيوعهم لا تلهيهم تجارتهم ولا بيوعهم عن ذكر اللّه أن يأتوها لوقتها.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الظّفر بن عبد السّلام بن مطهّرٍ، ثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن دينارٍ الأعور، قال: كنت مع سالم بن عبد اللّه، ونحن نريد المسجد فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصّلاة وخمّروا متاعهم، فنظر سالمٌ إلى أمتعتهم ليس معها أحدٌ فتلا هذه الآية رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه ثمّ قال: هم هؤلاء.
- حدّثنا أبي، ثنا إسحاق بن خالدٍ البزّار الأعسم، ثنا زفر، عن عبد العزيز بن خالدٍ التّرمذيّ، عن طلحة، عن عطاءٍ رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة قال: كانوا لا يلهيهم الشّراء والبيع عن مواضع حقوق اللّه الّتي افترضها عليهم أن يؤدّوها لأوقاتها.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن عبد اللّه الدّمشقيّ، ثنا ضمرة عن ابن شوذبٍ عن مطرٍ في قول اللّه: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه قال: أما إنّهم قد كانوا يشترون ويبيعون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النّداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصّلاة.
قوله تعالى: عن ذكر اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: عن ذكر اللّه يقول: عن الصّلاة المكتوبة، وروي عن الرّبيع بن أنسٍ، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: وإقام الصّلاة.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ عن زيد بن أسلم في قول اللّه: وإقام الصّلاة قال: إقامة الدّين.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه عن أبيه عن الرّبيع عن أبي العالية قال: رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصلاة يعني الصّلاة المفروضة.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: وإقام الصّلاة قال: إقامة الصّلاة في جماعةٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان وإقام الصّلاة يعنى: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصّلاة أن يقيمونها كما أمرهم اللّه، وأن يحافظوا على مواقيتها وما استحفظهم اللّه فيها.
قوله تعالى: وإيتاء الزّكاة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن علي بن أي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الزّكاة يعني بالزّكاة طاعة اللّه والإخلاص.
قوله: يخافون يومًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفصٌ عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، قال أتي عبد اللّه بشرابٍ فقال: أعط علقمة، فقال: إنّي صائمٌ، فقال: أعط مسروقًا، فقال: إنّي صائمٌ، قال فأخذ عبد اللّه فشرب، ثمّ قرأ يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار.
- قريء على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ عن زيد بن أسلم في قول اللّه: يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار قال: يوم القيامة.
قوله: تتقلّب فيه القلوب والأبصار.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ عن جويبرٍ، عن الضّحّاك قوله: يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار قال: تتقلّب القلوب في الجوف ولا تقدر تخرج حتّى تقع في الحنجرة فهو قوله: إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2607-2609]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن زيادٍ الفقيه بالأهواز، ثنا محمّد بن أيّوب، أنبأ محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما،: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} [النور: 37] قال: «ضرب اللّه هذا المثل» قوله: {مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ} [النور: 35] «لأولئك القوم الّذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وكانوا أتجر النّاس وأبيعهم ولكن لم تكن تلهيهم تجارتهم ولا بيعهم عن ذكر اللّه» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، أنبأ الحسن بن مكرمٍ البزّاز، أنبأ يزيد بن هارون، أنبأ أبو غسّان محمّد بن مطرّفٍ اللّيثيّ، حدّثنا أبو حازمٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد اللّه بن سلّامٍ رضي اللّه عنه، قال: «إنّ للمساجد أوتادًا هم أوتادها لهم جلساء من الملائكة، فإن غابوا سألوا عنهم، وإن كانوا مرضى عادوهم، وإن كانوا في حاجةٍ أعانوهم» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين موقوفٌ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عليّ بن عيسى الحيريّ، ثنا مسدّد بن قطنٍ، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبد اللّه بن عطاءٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ رضي اللّه عنه، قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في سفرٍ فكنّا نتناوب الرّعيّة، فلمّا كانت نوبتي سرّحت إبلي، ثمّ رجعت فجئت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب النّاس فسمعته يقول: «ما من مسلمٍ يتوضّأ فيسبغ الوضوء، ثمّ يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلّا انفتل كيوم ولدته أمّه من الخطايا ليس عليه ذنبٌ» قال: فما ملكت نفسي عند ذلك أن قلت: بخٍ بخٍ. فقال عمر: وكنت إلى جنبه أتعجب من هذا؟ قد قال: قبل أن تجيء ما هو أجود منه. فقلت: ما هو فداك أبي وأمّي؟ قال: قال: " ما من رجلٍ يتوضّأ فيسبغ الوضوء، ثمّ يقول عند فراغه من وضوئه: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله إلّا فتحت له ثمانية أبوابٍ من الجنّة يدخل من أيّها شاء " ثمّ قال: «يجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ ينفذهم البصر ويسمعهم الدّاعي فينادي منادٍ سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم» ثلاث مرّاتٍ " ثمّ يقول: «أين الّذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع» ، ثمّ يقول: " أين الّذين كانوا {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} [النور: 37] إلى آخر الآية، ثمّ ينادي منادٍ سيعلم الجمع لمن الكرم اليوم "، ثمّ يقول: «أين الحمّادون الّذين كانوا يحمدون ربّهم» هذا حديثٌ صحيحٌ وله طرقٌ عن أبي إسحاق ولم يخرجاه وكان من حقّنا أن نخرّجه في كتاب الوضوء فلم نقدر فلمّا وجدت الإمام إسحاق الحنظليّ خرّج طرقه عند قوله: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} [النور: 37] اتّبعته "). [المستدرك: 2/432]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن موسى بن عمران الفقيه ثنا إبراهيم بن أبي طالبٍ، حدّثني محمّد بن سهل بن عسكرٍ، ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، أنّه دعا بشرابٍ، فأتي به فقال: «ناول القوم». فقالوا: نحن صيامٌ فقال: " لكن أنا لست بصائمٍ، ثمّ أمره فشربه، ثمّ قال: {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار} [النور: 37] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/434]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} [النور: 37].
- عن ابن مسعودٍ أنّه رأى ناسًا من أهل السّوق سمعوا الأذان فتركوا أمتعتهم وقاموا إلى الصّلاة، فقال: هؤلاء الّذين قال اللّه - عزّ وجلّ -: {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} [النور: 37].
رواه الطّبرانيّ، وفيه راوٍ لم يسمّ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح.
- وعن ابن عبّاسٍ قال: كانوا تجّارًا لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه.
رواه الطّبرانيّ، وفيه عمرو بن ثابتٍ النّكريّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب.
أخرج أحمد عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير مساجد النساء قعر بيوتهن). [الدر المنثور: 11/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي حميد الساعدي عن أبيه عن جدته أم حميد قالت: قلت يا رسول الله تمنعنا أزواجنا ان نصلي معك ونحب الصلاة معك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاتكن في بيوتكن أفضل من صلاتكن في حجركن وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في الجماعة). [الدر المنثور: 11/82-83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: ما صلت امرأة قط صلاة أفضل من صلاة تصليها في بيتها إلا ان تصلي عند المسجد الحرام، إلا عجوز في منقلبها يعني حقبها). [الدر المنثور: 11/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله). [الدر المنثور: 11/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: هم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله). [الدر المنثور: 11/83-84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فإذا سمعوا النداء بالصلاة القوا ما بأيديهم وقاموا إلى المسجد فصلوا). [الدر المنثور: 11/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: أما والله ولقد كانوا تجارا فلم تكن تجارتهم ولا بيعهم يلهيهم عن ذكر الله). [الدر المنثور: 11/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في الآية قال: ضرب الله هذا المثل قوله {مثل نوره كمشكاة} لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وكانوا اتجر الناس وأبيعهم ولمن لم تكن تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). [الدر المنثور: 11/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: عن شهود الصلاة المكتوبة.
وأخرج الفريابي عن عطاء مثله). [الدر المنثور: 11/84-85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عمر: انه كان في السوق فاقيمت الصلاة فاغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر: فيهم نزلت {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} ). [الدر المنثور: 11/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود انه رأى ناسا من أهل السوق سمعوا الاذان فتركوا أمتعتهم وقاموا إلى الصلاة فقال: هؤلاء الذين قال الله {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} ). [الدر المنثور: 11/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: هم في أسواقهم يبيعون ويشترون فإذا جاء وقت الصلاة لم يلههم البيع والشراء عن الصلاة {يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} قال: تتقلب في الجوف ولا تقدر تخرج حتى تقع في الحنجرة فهو قوله {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} غافر الآية 18). [الدر المنثور: 11/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن اسلم في قوله {يخافون يوما} قال يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/85-86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد عن أبي الدرداء قال: أحب ان ابايع على هذا الدرج وأربح كل يوم ثلثمائة دينار وأشهد الصلاة في الجماعة اما أنا لا ازعم ان ذلك ليس بحلال ولكنني أحب أن أكون من الذين قال الله {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} ). [الدر المنثور: 11/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد بن السري في الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أسماء بنت يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، فيقوم مناد فينادي: أين الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يعود فينادي أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب فيعود فينادي أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يقوم سائر الناس فيحاسبون). [الدر المنثور: 11/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عقبة بن عامر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فنادي مناد: سيعلم أهل الموقف لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول: أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ثم يقول: أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة إلى آخر الآية، ثم يقول: أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم). [الدر المنثور: 11/86-87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الرب عز وجل سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله قال: أهل الذكر في المساجد). [الدر المنثور: 11/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم يناادي مناد: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم ينادي أيضا فيقول: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، أين الحمادون لله على كل حال فيقومون وهم كثير، ثم تكون التبعة والحساب على من بقي). [الدر المنثور: 11/87-88]

تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا} يقول: فعلوا ذلك، يعني: أنّهم لم تلههم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه، وأقاموا الصّلاة، وآتوا الزّكاة، وأطاعوا ربّهم، مخافة عذابه يوم القيامة؛ كي يثيبهم اللّه يوم القيامة بأحسن أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا، ويزيدهم على ثوابه إيّاهم على أحسن أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا، من فضله، فيتفضّل عليهم من عنده بما أحبّ من كرامته لهم.
وقوله: {واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ} يقول تعالى ذكره: يتفضّل على من شاء وأراد من طوله وكرامته، ممّا لم يستحقّه بعمله، ولم يبلغه بطاعته؛ {بغير حسابٍ} يقول: بغير محاسبةٍ على ما بذل له، وأعطاه). [جامع البيان: 17/325]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ (38)
قوله: ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله.
- حدّثنا أبي، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، ثنا عبد الرّحمن بن إسحاق، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين يوم القيامة، جاء منادٍ فنادى بصوتٍ يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، ليقم الّذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه، فيقومون وهم قليلٌ، ثمّ يحاسب سائر النّاس».
قوله تعالى: ويزيدهم من فضله.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن مصفًّى، ثنا بقيّة، ثنا إسماعيل بن عبد اللّه الكنديّ، عن الأعمش في قوله: ويزيدهم من فضله قال الشّفاعة لمن وجبت له النّار ممّن صنع إليهم المعروف في الدّنيا.
قوله: واللّه يرزق من يشاء بغير حساب.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن جعفرٍ الرّقّيّ، ثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران بغير حسابٍ قال: غرفًا، وروي عن الوليد بن قيسٍ نحو هذا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: يرزق من يشاء بغير حسابٍ قال لا يخرجه بحسابٍ يخاف أن ينقص ما عنده، إنّ اللّه لا ينقص ما عنده). [تفسير القرآن العظيم: 8/2610]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:53 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ} [النور: 34] الحلال، والحرام، والأمر، والنّهي والإحكام.
{ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم} [النور: 34] أخبار الأمم السّالفة.
وقال السّدّيّ: سنن العذاب في الأمم الخالية.
قال: {وموعظةً للمتّقين} [النور: 34] قال قتادة: وهو القرآن.
- وحدّثني النّضر بن معبدٍ، عن أبي قلابة، عن أبي الدّرداء قال: نزل القرآن على ستّ آياتٍ: آيةٌ مبشّرةٌ، وآيةٌ منذرةٌ، وآية فريضةٍ، وآية قصصٍ وإخبارٍ، وآيةٌ تأمرك، وآيةٌ تنهاك). [تفسير القرآن العظيم: 1/448]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مّبيّناتٍ...}

قرأ يحيى بن وثّاب (مبيّناتٍ) بالكسر. والناس بعد {مبيّناتٍ} بفتح الياء، هذه والتي في سورة النساء الصغرى. فمن قال {مبيّنات} جعل الفعل واقعاً عليهنّ، وقد بيّنهن الله وأوضحهنّ {ومبيّنات}: هاديات واضحات). [معاني القرآن: 2/251]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبيّنات ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتّقين}
يقرأ بالفتح والكسر - فمن قرأ مبيّناب بالفتح فالمعنى أنه ليس فيها لبس، ومن قرأ بالكسر فالمعنى أنها تبيّن لكم الحلال من الحرام). [معاني القرآن: 4/43]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات}
قال قتادة يعني القرآن فيه بيان الحلال من الحرام
ويقرأ مبينات بكسر الياء أي بينات هاديات). [معاني القرآن: 4/534]
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {اللّه نور السّموات والأرض} [النور: 35] يعني هدى السّموات والأرض.
{مثل نوره} [النور: 35] يعني مثل هداه.
وهو تفسير السّدّيّ.
{كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ} [النور: 35] قال قتادة: منيرٌ ضخمٌ.
{يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم
[تفسير القرآن العظيم: 1/448]
تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [النور: 35] أمّا قوله: {مثل نوره} [النور: 35]
- حدّثني أشعث، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره} [النور: 35] لا مثل لنور اللّه، مثل نور المؤمن كمشكاةٍ.
قال يحيى: يقول مثل نوره الّذي أعطى المؤمن في قلبه كمشكاةٍ.
- قرّة بن خالدٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن ابن عمر قال: المشكاة: الكوّة في البيت الّتي ليست بنافذةٍ.
وهي بلسان الحبشة.
وهي مثل صدر المؤمن.
- أشعث، عن عاصمٍ الجحدريّ، عن سليمان بن قتّة، عن ابن عبّاسٍ قال: المشكاة الرّزونة في البيت.
قال يحيى: وهي بالفارسيّة.
قال: {فيها مصباحٌ} [النور: 35] وهو النّور الّذي في قلب المؤمن.
قال: {المصباح في زجاجةٍ} [النور: 35] صافيةٍ.
والزّجاجة القنديل.
وهو مثل قلب المؤمن.
قلبٌ صافٍ.
{الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ} [النور: 35] قال قتادة: منيرٌ ضخمٌ.
{يوقد} [النور: 35] من قرأها بالياء يعني المصباح، ومن قرأها بالتّاء: توقد يعني الزّجاجة بما فيها.
فكذلك قلب المؤمن يتوقّد نورًا.
{من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ} [النور: 35] وهي مثل المؤمن.
{لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} [النور: 35] قال بعضهم: لا شرقيّةٌ تصيبها الشّمس إذا أشرقت ولا تصيبها إذا غربت، ولا غربيّةٌ تصيبها الشّمس إذا غربت ولا تصيبها إذا أشرقت ليس يغلب عليها الشّرق دون الغرب، ولا الغرب دون الشّرق، ولكن يصيبها الشّرق والغرب.
وقال قتادة: لا يفيء عليها ظلٌّ شرقيٌّ ولا غربيٌّ.
كنّا نحدّث أنّها ضاحيةٌ للشّمس.
وهي أصفى الزّيت، وأعذبه، وأطيبه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/449]
وقال بعضهم: لا تصيبها في شرقٍ ولا في غربٍ.
هي في سفح جبلٍ، وهي شديدة الخضرة، وهي مثل المؤمن.
لا شرقيّةٌ، لا نصرانيّةٌ تصلّي إلى الشّرق، ولا غربيّةٌ، ولا يهوديّةٌ تصلّي إلى المغرب، إلى بيت المقدس.
الموضع الّذي نزل فيه القرآن غربيّه بيت المقدس.
{يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ} [النور: 35] يكاد زيت الزّجاجة يضيء ولو لم تمسسه نارٌ وهو مثل قلب المؤمن يكاد أن يعرف الحقّ من قبل أن يبيّن له فيما يذهب إليه قلبه من موافقة الحقّ فيما أمر به وفيما يذهب إليه من كراهية ما نهي عنه.
وهو مثلٌ لقوله: {ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ} [النور: 35] قال مجاهدٌ: نور النّار على الزّيت في المصباح، فكذلك قلب المؤمن، إذا تبيّن له صار نورًا على نورٍ كما صار المصباح حين جعلت فيه النّار نورًا على نورٍ.
فكذلك قلب المؤمن نورًا على نورٍ، نور الزّجاجة، ونور الزّيت، ونور المصباح.
{يهدي اللّه لنوره} [النور: 35] قال السّدّيّ: يعني لدينه.
وقال في قوله: {نورٌ على نورٍ} [النور: 35] يعني: نبيًّا من نسل نبيٍّ.
قال: {من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [النور: 35] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/450]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كمشكاةٍ...}

المشكاة الكوّة التي ليست بنافذة، وهذا مثل ضربه الله لقلب المؤمن والإيمان فيه. وقوله: {الزّجاجة} اجتمع القراء على ضمّ الزجاجة. وقد يقال زجاجة وزجاجة.
وقوله: {كوكبٌ درّيٌّ} يخفض أوله ويهمز، ... حدثني بذلك المفضّل الضبيّ قال قرأها عاصم كذلك {درّيء} بالكسر. وقال أبو بكر بن عيّاش: قرأها عاصم {درّيء} بضم الدال والهمز. وذكر عن الأعمش أنه قرأ {درّيء} و{درّي} بهمزٍوغير همز رويا عنه جميعاً ولا تعرف جهة ضمّ أوله وهمزه لا يكون في الكلام فعيل إلاّ عجمياً. فالقراءة إذا ضممت أوّله بترك الهمز. وإذا همزته كسرت أوّله. وهو من قولك: درأ الكوكب إذا انحط كأنه رجم به الشيطان فدمغه.
ويقال في التفسير: إنه واحد من الخمسة: المشتري وزحل عطارد والزهرة والمريّخ. والعرب قد تسمّى الكواكب العظام التي لا تعرف أسماءها الداراريّ بغير همز.
ومن العرب من يقول: كوكب درّي فينسبه إلى الدّرّ فيكسر أوّله ولا يهمز؛ كما قالوا: سخري وسخري، ولجّيّ ولجّيّ.
وقوله: {توقد من شجرةٍ} (تذهب إلى الزجاجة. إذا قال (توقد) . ومن قال (يوقد) ذهب إلى المصباح ويقرأ (توقّد) مرفوعة مشدّدة. ويقرأ (توقّد) بالنصب والتشديد.
من قال (توقّد) ذهب إلى الزجاجة. ومن قال (توقّد) نصبا ذهب إلى المصباح) وكلّ صواب.
وقوله: {شجرةٍ مّباركةٍ زيتونةٍ لاّ شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} وهي شجرة الزيت تنبت على تلعة من الأرض، فلا يسترها عن الشمس شيء. وهو أجود لزيتها فيما ذكر.
والشرقيّة: التي تأخذها الشمس إذا شرقت، ولا تصيبها إذا غربت لأن لها سترا.
والغربية التي تصيبها الشمس بالعشيّ ولا تصيبها بالغداة، فلذلك قال لا شرقيّة وحدها ولا غربيّةٍ وحدها ولكنها شرقية غربية.
وهو كما تقول في الكلام: فلان لا مسافر ولا مقيم إذا كان يسافر ويقيم، معناه؛ أنه ليس بمنفرد بإقامة ولا بسفر.
وقوله: {ولو لم تمسسه نارٌ} انقطع الكلام ها هنا ثم استأنف فقال {نّورٌ على نورٍ} ولو كان: نوراً على نورٍ كان صواباً تخرجه من الأسماء المضمرة من الزجاجة والمصباح).
[معاني القرآن: 2/253-252]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مثل نوره كمشكاةٍ} وهي الكوة في الحائط التي ليست بنافذة، ثم رجع إلى المشكاة فقال: {كأنّها كوكبٌ درّيٌ} بغير همز أي مضيءٌ ويراد كالدر إذا ضممت أوله، فإن كسرت جعلته فعيلا من درأت وهو من النجوم الدراريء اللاتي يدرأن). [مجاز القرآن: 2/66]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةّ ولا غربيّةٍ} مجازه لا بشرقية تضحى للشمس ولا تصيب ظلاً ولا بغربية في الظل ولا يصيبها الشرق ولكنها شرقية وغربية يصيبها الشرق والغرب وهو خير الشجر والنبات). [مجاز القرآن: 2/66]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {اللّه نور السّماوات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد من شجرةٍ مّباركةٍ زيتونةٍ لاّ شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ نّورٌ على نورٍ يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}
وقال: {كمشكاةٍ} أي: كمثل مشكاةٍ.
وقال: {كوكبٌ درّيٌّ} إذا جعله من "الدرّ" و{درّيء} من "درأ" همزها وجعلها "فعّيل" وذلك من تلالئه. وقال بعضهم{درّيٌ} مثل (فعّيل).
وأمّا {مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} فالمصباح في المعنى أن مثل ما أنار من الحق في بيانه كمثل المشكاة. ليس لله مثل تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 3/15-14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {المشكاة}: الكوة في الحائط ليست بنافذة.
{كوكب دريء}: من كسر الدال فهو من قولهم درأ من مطلعه أي طلع. ومن ضم الدال ولم يهمز أراد به مضيء كالدر.
{لا شرقية ولا غربية}: يقول: لا شرقية: لا تضحى للشرق، ولا غربية لا تضحى للغرب، ولكنها شرقية غربية يصيبها الشرق والغرب أي الشمس والظل.
يقولون: لا خير في شجرة في مقناه. لا يصيبها شمس ولا خير فيها مضحاة ((وهي التي تبرز للشمس ولا يصيبها الظل)).
المقناة ما كان في أسفل الجبل مما لا تصيبه الشمس والمضحاة ما كان أعلى الجبل مما تصيبه الشمس). [غريب القرآن وتفسيره: 273-371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اللّه نور السّماوات والأرض، مثل نوره} في قلب المؤمن.
{كمشكاةٍ} وهي: الكوّة غير النافذة. {فيها مصباحٌ} أي سراج {كوكبٌ درّيٌّ}: مضيء، منسوب إلى الدّر.
ومن قرأ: دري: بالهمز وكسر الدال، فإنه من الكواكب الدّراري وهن: اللائي يدرأن عليك، أي يطلعن. وتقديره: فعّيل، من «درأت» أي دفعت.
{لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} أي ليست في مشرقة أبدا، فلا يصيبها ظلّ.
ولا في مقنأة أبدا، فلا تصيبها الشمس. ولكنها قد جمعت الأمرين فهي شرقية غريبة: تصيبها الشمس في وقت وتصيبها الظل في وقت الظلّ في وقت.
{تتقلّب فيه القلوب والأبصار} أي تتقلب عمّا كانت عليه في الدنيا: من الشك والكفر، وتتفتّح فيه الأبصار من الأغطية). [تفسير غريب القرآن: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قول الله عز وجل:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.
هذا مثل ضربه الله لقلب المؤمن، وما أودعه بالإيمان والقرآن من نوره فيه. فبدأ فقال:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، أي بنوره يهتدي من في السموات والأرض.
ثم قال: {مَثَلُ نُورِهِ}، يعني في قلب المؤمن. كذلك قال المفسّرون. وكان أبيّ يقرأ: الله نور السموات والأرض مثل نور المؤمن، روى ذلك عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرّازي،
عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية.
كمشكاةٍ، وهي: الكوّة غير النافذة.
فيها مصباحٌ، أي سراج المصباح في قنديل، القنديل كأنه من شدة بياضه وتلألئه، كوكب درّي، يتوقّد ذلك المصباح بزيت من شجرة لا شرقيّةٍ، أي لا بارزة للشمس كلّ النهار ولا غربيّةٍ لا مستترة في الظلّ كلّ النهار. ولكنها شرقية غربية تصيبها الشمس في بعض النهار، والظلّ في بعض النهار. وإذا كان كذلك فهو أنضر لها، وأجود لحملها، وأكثر لنزلها، وأصفى لدهنها.
{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ} يسرج به من شدة صفائه. وتم الكلام ثم ابتدأ فقال: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}، يعني نور المصباح على نور الزّجاجة والدّهن، {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}
ثم قال: هذا المصباح في بيوتٍ، يعني المساجد. وذكر أهلها فقال: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، يريد أن القلوب يوم القيامة تعرف أمره يقينا فتتقلّب عما كانت عليه من الشك والكفر، وأن الأبصار يومئذ ترى ما كانت مغطّاة عنه فتتقلّب عمّا كانت عليه. ونحوه قوله تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}.
ثم ضرب مثلا للكافرين، فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً}، أي كالسراب يحسبه العطشان من البعد ماء يرويه {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}.
كذلك الكافر يحسب ما قدّم من عمله نافعه، حتى إذا جاءه، أي مات، لم يجد عمله شيئا، لأنّ الله، عزّ وجلّ، قد أبطله بالكفر ومحقه، ووجد الله عنده، أي عند عمله فوفّاه حسابه.
ثم ضرب مثلا آخر، فقال: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}، يريد: أنه في حيرة من كفره كهذه الظلمات.
{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا} في قلبه، {فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 329-327]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ أنه قد بيّن جميع أمر السماء، وأمر الأرض بيانا نيّرا لا غاية بعد نوره فقال:
(اللّه نور السّماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزّجاجة كأنّها كوكب درّيّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيء عليم}
{اللّه نور السّماوات والأرض} أي مدبّر أمرهما بحكمة بالغة وحجة نيّرة.
ثم مثل مثل نوره ذلك في القلوب بأبين النور الذي لم يدرك بالأبصار فقال:
{مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}.
فنوره يجوز أن يكون ما ذكرنا من تدبيره، وجائز أن يكون كتابه الذي بيّن به فقال: {قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين} وجائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو النور الذي قال مثل نوره، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المرشد والمبيّن والناقل عن الله ما هو نيّر، بيّن.
وقال: (كمشكاة)، وهي الكوّة، وقيل إنها بلغة الحبش، والمشكاة من كلام العرب، ومثلها - وإن كانت لغير الكوّة - الشكوة وهي معروفة، وهي الزُّقيق الصغير أو ما يعمل مثله.
{فيها مصباح المصباح في زجاجة}.
والمصباح السراج.
وقال: {المصباح في زجاجة}- لأن النور في الزّجاج.
وضوء النار أبين منه في كل شيء، وضوؤه يزيد في الزّجاج.
ثم وصف الزجاجة فقال:
{كأنّها كوكب درّيّ}.
و (درّيّ)، منسوب إلى أنه كالدّر، في صفائه وحسنه، وقرئت درّيّ ودرّيّ - بالكسر والفتح - وقد رويت بالهمز.
والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه فيه، لأنه ليس في كلام العرب شيء على فعّيل، ولكن الكسر جيّد بالهمز - يكون على وزن فعّيل، ويكون من النجوم الدّراري التي تدر.
أي ينحط ويسير متدافعا، ويجوز أن يكون درّيّ بغير همز مخففا من هذا.
قال أبو إسحاق: ولا يجوز أن يضم الدال ويهمز، لأنه ليس في الكلام
فعّيل، ومثال " درّيّ " فعليّ منسوب إلى الدّرّ، ومن كسر الدال قال درّيّ - فكان له، أن يهمز ولا يهمز، فمن همز أخذه من درأ يدرأ الكوكب إذا تدافع منقضّا، فتضاعف ضوءه، يقال: تدارأ الرجلان إذا تدافعا، ويكون وزنه على فعّيل.
ومن كسرها فإنما أصله الهمز فخفف، وبقيت كسرة الدال على أصلها.
ووزنه أيضا فعّيل كما كان وهو مهموز.
وقوله: {يوقد من شجرة مباركة} ويقرأ (توقد) بالتاء، فمن قرأ بالياء عنى به المصباح، وهو مذكر.
ومن قرأ بالتاء عنى به الزجاجة.
ويجوز " في زجاحة " بفتح الزاي وفيها وجهان آخران قرئ بهما - توقّد - بفتح الدال وضمها وتشديد القاف فيهما جميعا.
فمن قرأ توقّد، فالمعنى تتوقد الزجاجة، ومن قرأ توقّد فتحه لأنه فعل ماض.
ويكون المعنى: المصباح في زجاجة توقّد المصباح.
وقوله: {من شجرة مباركة زيتونة} وليس شيء في الشجر يورق غصنه من أوله إلى آخره مثل الزيتون والرمّان
قال الشاعر:
بورك الميت الغريب كما=بورك نظم الرمان والزيتون

قوله عزّ وجلّ: {لا شرقيّة ولا غربيّة}.
أكثر التفسير أنها ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها فقط أو عند الغروب، أي ليس يسترها في وقت من النهار شيء، أي فهي شرقية غربيّة، أي تصيبها الشمس بالغداة، والعشى، فهو أنضر لها وأجود لزيتها وزيتونها.
وقال الحسن: إن تأويل قوله: {لا شرقيّة ولا غربيّة} أنها ليست من شجر الدّنيا أي هي من شجر الجنّة). [معاني القرآن: 4/43-45]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الله نور السموات والأرض}
هو تمثيل أي بنوره يهتدي أهل السموات والأرض
والتقدير الله ذو نور السموات والأرض
والهدي يمثل بالنور ثم قال جل وعز: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}
روى علي بن طلحة عن ابن عباس {الله نور السموات والأرض} قال: هادي أهل أهل السموات والأرض، كما هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه نار فإذا مسته ازداد ضوءا على ضوء، كذا قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا جاءه العلم ازداد هدى ونورا على نور
كما قال إبراهيم صلى الله عليه وعلى آله قبل أن تجيئه المعرفة حين رأى الكوكب هذا ربي من غير أن يخبره أحد أن له ربا فلما أخبره الله جل وعز أنه ربه ازداد هدى على هداه
قال ابن عباس هذا للمؤمن
وقال سعيد بن جبير أي مثل نور المؤمن
وروى أبو العالية عن أبي بن كعب أنه قرأ مثل نور المؤمن
وقال زيد بن أسلم مثل نوره يعني القرآن
قال أبو جعفر ويجوز أن يكون المعنى مثل نوره للمؤمن ويكون معنى قول ابن عباس للمؤمن
ويجوز أن يكون معناه مثل نور المؤمن كمشكاة
قال ابن عباس وابن عمر المشكاة هي الكوة
وروى أبي بن كعب في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} أي تصيبها الشمس وقت الشروق فهي شرقية غربية
وقال عكرمة لا تخلو من الشمس وقت الشروق والغروب وذلك أصفى لدهنها
ثم قال تعالى: {يكاد زيتها يضيء} أي لصفائه ولو لم تمسسه نار تم الكلام). [معاني القرآن: 4/537-534]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نور على نور}
قال الضحاك أي الإيمان والعمل
وقال غيره نور السراج على نور الزيت والقنديل
وقال أبي بن كعب مثله كمثل شجرة التفت بها الشجر لا تصيبها الشمس عل حال فهي خضراء ناعمة فكذا المؤمن نور على نور كلامه نور وعلمه نور ومصيره إلى النور يوم القيامة
وقال السدي نور النار ونور الزيت لا يغير واحدا تغير صاحبه وكذا نور القرآن ونور الإيمان). [معاني القرآن: 4/537]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا شرقية ولا غربية} قال الإمامان جميعا: معناه: لا شرقية كلها، ولا غربية كلها، هي شرقية وغربية، وهو أحسن ما يكون من الشجر تطلع عليها الشمس، وتغرب عليها الشمس). [ياقوتة الصراط: 378]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مثل نوره كمِشْكَاةٍ}: وهو الكوة غير النافذة.
{دُرِّيٌّ}: منسوب إلى الدر. في قراءة من قرأ ولم يهمز. ومن كسر وهمز نسبه إلى الدراري من الكواكب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 169-168]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المِشْكَـاةُ}: الكوة التي لا منفذ لها.
{دُرِّيٌّ}: كلون البدر
{لَّا شَرْقِيَّةٍ}: هي شرقية
{وَلَا غَرْبِيَّةٍ}: وغربية). [العمدة في غريب القرآن: 220-219]

تفسير قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} [النور: 36] ابن مجاهدٍ عن أبيه قال: أن تبنى.
{ويذكر فيها اسمه} [النور: 36] سعيدٌ عن قتادة قال: هي المساجد.
- مندلٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من بنى مسجدًا ولو مثل مفحص قطاةٍ بني له بيتٌ في الجنّة».
- ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزّبير، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه:
[تفسير القرآن العظيم: 1/450]
«من بنى مسجدًا من ماله بنى اللّه له بيتًا في الجنّة».
سعيدٌ عن قتادة أنّ كعبًا قال: إنّ في التّوراة مكتوبًا: إنّ بيوتي في الأرض المساجد فمن توضّأ فأحسن الوضوء ثمّ زارني في بيتي أكرمته، وحقٌّ على المزور كرامة الزّائر.
قوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} [النور: 36] الغدوّ صلاة الصّبح، والآصال العشيّ، الظّهر والعصر.
وقد ذكر في غير هذه الآية المغرب والعشاء وجميع الصّلوات الخمس في غير آيةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/451]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال...}

قرأ الناس بكسر الباء. وقرأ عاصم (يسبّح) بفتح الباء. فمن قال {يسبّح} رفع الرجال بنيّة فعل مجدّد. كأنه قال يسبّح له رجال لا تلهيهم تجارة. ومن قال {يسبّح} بالكسر جعله فعلاً للرجال ولم يضمر سواه.
وأمّا وقوله: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} فإن دخول (في) لذكر المصباح الذي وصفه فقال: كمثل مصباح في مسجد. ولو جعلت (في)
لقوله: {يسبّح} كان جائزاً، كأنه: قال في بيوت أذن الله أن ترفع يسبح له فيها رجال.
وأمّا قوله: {أذن اللّه أن ترفع} أي تبنى). [معاني القرآن: 2/254-253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {في بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال}
جاء في التفسير أن تبنى، وقال الحسن: تأويل " أن ترفع " أن تعظّم.
و " في " من صلة قوله (كمشكاة).
المعنى كمشكاة في بيوت، أي في مساجد.
وقال الحسن يعنى به بيت المقدس.
ويجوز أن تكون " في " متصلة بـ (يسبّح)
ويكون فيها تكريرا على التوكيد، فيكون المعنى يسبح للّه رجال في بيوت أذن اللّه لأن ترفع.
وتقرأ (يسبّح) له فيها، فيكون رفع رجال ههنا على تفسير ما لم يسم فاعله، فيكون المعنى على أنه لما قال: (يسبّح له فيها) كأنّه قيل: من يسبّح الله فقيل يسبّح رجال كما قال الشاعر:
ليبك يزيد ضارع لخصومة=ومختبط مما تطيح الطّوائح
(والآصال): واحدها أصل، وهي العشايا). [معاني القرآن: 4/46-45]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه}
والمعنى كمشكاة في بيوت
وقيل المعنى المصباح في بيوت
وقيل المعنى يسبح له رجال في بيوت
قال الحسن في بيوت أي مساجد أذن الله أن ترفع أي تعظم وتصان
وقال عكرمة هي البيوت كلها
وقال مجاهد أن ترفع أي تبنى). [معاني القرآن: 4/538]

تفسير قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ} [النور: 37] التّجارة، الجالب، والبيع الّذي يبيع على يديه.
قال: {عن ذكر اللّه} [النور: 37] قال السّدّيّ: يعني عن الصّلوات الخمس.
قال: {وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة} [النور: 37] كانوا إذا سمعوا المؤذّن تركوا بيعهم وقاموا إلى الصّلاة.
وذكر اللّه في هذا الموضع الأذان والصّلاة، والصّلوات الخمس.
وإيتاء الزّكاة، الزّكاة المفروضة.
عاصم بن حكيمٍ، عن مسلمٍ أبي عبد اللّه، عن إبراهيم قال: قومٌ لا تلهيهم التّجارة عن وقت الصّلاة، وهم هؤلاء الّذين سمّى اللّه.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صفوان بن سليمٍ أنّ رسول اللّه رأى امرأةً في المسجد فقال: «يا أيّها النّاس كفّوا عليكم نساءكم فإنّما عذّبت بنو إسرائيل حين أرسلوا نساءهم إلى المساجد والأسواق».
- حمّاد بن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي عمرٍو الشّيبانيّ، عن ابن مسعودٍ قال: ما صلّت امرأةٌ في مكانٍ خيرٌ من قعر بيتها، إلا أن يكون المسجد الحرام ومسجد النّبيّ، إلا أن تخرج في منقليها.
قال حمّادٌ: المنقلان: الخفّان.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن أسيد بن سليمان السّاعديّ، عن سعيد بن المنذر، عن أمّ حميدٍ السّاعديّة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «صلاة المرأة في بيتها
[تفسير القرآن العظيم: 1/451]
أفضل من صلاتها في حجرتها، وحجرتها خيرٌ لها من دارها، ودارها خيرٌ لها من مسجد عشيرتها، ومسجد عشيرتها خيرٌ لها من مسجدي».
همّامٌ عن قتادة أنّ كعبًا قال: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في صفّتها وصلاتها في صفّتها أفضل من صلاتها في حجرتها.
ثمّ يتبعه قتادة: وما ستر امرأةٍ فهو خيرٌ لها.
قال يحيى: وهذا الحرف يقرأ على وجهين: {يسبّح له فيها} [النور: 36] في المسجد {رجالٌ} [النور: 37]، قال: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال {36} رجالٌ} [النور: 36-37] والحرف الآخر {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} [النور: 36] ثمّ قال: {رجالٌ} [النور: 37] فهم الّذين يسبّحون له فيها بالغدوّ والآصال.
قوله: {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار} [النور: 37] قلوب الكفّار وأبصارهم.
وتقلّب القلوب أنّ القلوب انتزعت من أماكنها، فغصّت به الحناجر، فلا هي ترجع إلى أماكنها ولا هي تخرج وهو قوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} [غافر: 18] وأمّا تقلّب الأبصار، فالزّرق بعد الكحل، والعمى بعد البصر). [تفسير القرآن العظيم: 1/452]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لاّ تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ...}

فالتجارة لأهل الجلب، والبيع ما باعه الرجل على يديه كذا جاء في التفسير.
وقوله: {تتقلّب فيه القلوب والأبصار} يقول: من كان في دنياه شاكاً أبصر ذلك في أمر آخرتته، ومن كان يشكّ ازداد قلبه بصرا؛ لأنه لم يره في دنياه: فذلك تقلّبها.
وأمّا قوله: {وإقام الصّلاة...}
فإن المصدر من ذوات الثلاثة إذا قلت: أفعلت كقيلك: أقمت وأجرت وأجبت يقال فيه كله: إقامةً وإجارةً وإجابةً لا يسقط منه الهاء. وإنما أدخلت لأن الحرف قد سقطت منه العين، كان ينبغي أن يقال: أقمته إقواماً وإجوابا فلمّا سكّنت الواو وبعدها ألف الإفعال فسكّنتا سقطت الأولى منهما. فجعلوا فيها الهاء كأنها تكثير للحرف. ومثله ممّا أسقط منه بعضه فجعلت فيه الهاء قولهم: وعدته عدة ووجدت في المال جدةٍ، وزنة ودية وما أشبه ذلك، لما أسقطت الواو من أوّله كثّر من آخره بالهاء.
وإنما استجيز سقوط الهاء من قوله: {وإقام الصّلاة} لإضافتهم إيّاه، وقالوا: الخافض وما خفض بمنزلة الحرف الواحد. فلذلك أسقطوها في الإضافة.
وقال الشاعر:
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا=وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
يريد عدة الأمر فاستجاز إسقاط الهاء حين أضافها). [معاني القرآن: 2/254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار}
ومعنى: {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة}.
أي لا يشغلهم أمر عن ذلك.
ويروى أن ابن مسعود رأى قوما من أهل السوق، وقد نودي بالصّلاة فتركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصّلاة، فقال: هؤلاء من الذين قال اللّه - عز وجل - فيهم، {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه}.
وقوله: (وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة)
الكلام أقمت الصلاة إقامة، وأصلها أقمت إقواما، ولكن قلبت الواو أيضا فاجتمعت ألفان، فحذفت إحداهما لالتقاء السّاكنين، فبقي أقمت الصلاة إقامة وأدخلت الهاء عوضا من المحذوف، وقامت الإضافة ههنا في التعويض مقام الهاء المحذوفة.
وهذا إجماع من النحويين.
وقوله: {يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار}.
ويجوز تقلّب فيه القلوب والأبصار، في غير القرآن، ولا يجوز في القران " تقلّب، لأن القراءة سنة لا تخالف وإن جاز في العربية ذلك.
ومعنى تتقلب أي ترجف وتجف من الجزع والخوف، ومعناه أن من كان قلبه موقنا بالبعث والقيامة ازداد بصيرة، ورأى ما يحبّه مما وعد به، ومن كان قلبه على غير ذلك رأى ما يوقن معه بأمر القيامة والبعث، فعلم ذلك بقلبه وشاهده ببصره، فذلك تقلب القلوب والأبصار). [معاني القرآن: 4/47-46]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}
قال عطاء أي لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن حضور الصلاة في جماعة
وقال سالم جاز عبد الله بن عمر بالسوق وقد أغلقوا حوانيتهم وقاموا ليصلوا في جماعة فقال فيهم نزلت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة).
[معاني القرآن: 4/539-538]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار}
أي تعرف القلوب الأمر عيانا فتنقلب عما كانت عليه من الشك والكفر ويزداد المؤمنون يقينا ويكشف عن الأبصار غطاؤها فتنظر ومثله فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). [معاني القرآن: 4/540-539]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتَقَلَّبُ فِيهِ القلوب والأبصار}: أي تتقلب عما كانت عليه في الدنيا من الكفر، وتنكشف الأغطية عن الأبصار).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا} [النور: 38] ثواب ما عملوا، الجنّة.
{ويزيدهم من فضله} [النور: 38] فأهل الجنّة أبدًا في مزيدٍ.
حمّادٌ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن مطرّف بن عبد اللّه، عن كعبٍ قال: وجدت في التّوراة: إنّ بيوتي في الأرض المساجد فمن توضّأ في بيته ثمّ زارني في بيتي أكرمته وحقٌّ على المزور أن يكرم الزّائر، ووجدت في القرآن: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال {36} رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون
يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار {37}
[تفسير القرآن العظيم: 1/452]
ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ {38}} [النور: 36-38] قوله: {بغير حسابٍ} [النور: 38] بغير أن يحاسب نفسه، أي: لا ينقص ما عند اللّه كما ينقص ما في أيدي النّاس.
وقال السّدّيّ: {بغير حسابٍ} [النور: 38] يقول: ليس فيه تباعةٌ فيما يرزق.
ويقول: أنا الملك أعطي من شئت بغير حسابٍ أخافه من أحدٍ، ليس فوقي ملكٌ يحاسبني.
وبعضهم يقول: لا أحدٌ يحاسبهم بما أعطاهم اللّه كقوله: {لهم أجرٌ غير ممنونٍ} [فصلت: 8] غير محسوبٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/453]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:57 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) }

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا: هذا كوكبٌ درّيٌّ، على فعليٍّ، غير مهموز، ودرّيٌّ، على فعليٍّ. يكون من قولهم: درأ الكوكب بضوئه درءاً ودرءاً، أي أضاء.
وقالوا: درأت له بساطاً [إذا] بسطته.
وقالوا: كوكبٌ درّيءٌّ، على فعّيل، بالهمز وفتحة الدال.
وقالوا أيضاً: درّيء يا هذا، بالضمّ للدال والهمز.
و(درّيٌّ)، بغير همز، منسوبٌ إلى الدّرّ، وهي قراءة العامّة. ودرّيٌّ، بغير همزٍ: الكوكب نفسه). [الأزمنة: 30]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ودوية لا يهتدى لفلاتها = بعرفان أعلام ولا ضوء كوكب
...
يقول: لا يهتدى فيها بضوء الكواكب لعمائها. ويقال: هو الضَّوْء والضُّوْء، وقد أضاء الشيء يُضِيء إضَاءَة.
وضَاء يضوء ضَوْءا وضُوْءا). [شرح ديوان امرئ القيس:372- 373] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل وله المثل الأعلى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}. وقال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ}. وقد اعترض معترض من الجهالة الملحدين، في هذه الآية. فقال: إنما يمثل الغائب بالحاضر، ورؤوس الشياطين لم نرها، فكيف يقع التمثيل بها! وهؤلاء في هذا القول كما قال الله جل وعز: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}. وهذه الآية قد جاء تفسيرها على ضربين: أحدهما، أن شجرًا يقال له الأستن، منكر الصورة يقال لثمره: رؤوس الشياطين، وهو الذي ذكره النابغة في قوله:
تحيد عن أستن سود أسافله
وزعم الأصمعي أن هذا الشجر يسمى الصوم.
والقول الآخر - وهو الذي يسبق إلى القلب - أن الله جل ذكره شنع صورة الشياطين في قلوب العباد. فكان ذلك أبلغ من المعاينة، ثم مثل هذه الشجرة مما تنفر منه كل نفس). [الكامل: 2/996-997]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الأضداد أيضا قول العرب: لم أضرب عبد الله ولم يضربني زيد؛ يحتمل معنيين متضادين: أحدهما أن يكون: ضربي عبد الله مجحودا وكذلك ضرب زيد إياي؛ يراد به ما كان ذا وما كان ذا. والوجه الآخر أن يكون الفعل الأول والثاني صحيحين مثبتين، والتقدير: لم أضرب عبد الله حتى ضربني زيد، فوقع ضربي بعبد الله لما وقع لي ضرب زيد؛ قال الشاعر حجة
لهذا المذهب:

فلا أسقى ولا يسقى شريبي = ويرويه إذا أوردت مائي
معناه: فلا أسقى حتى يسقى شريبي.
وشبيه به قول العرب: فلان لا مسافر ولا مقيم؛ يراد به لا يلزم أحد الأمرين دون الآخر، بل يسافر في وقت ويقيم في وقت. ومن هذا قول الله جل وعز: {يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية}، معناه: هي شرقية غربية، وليست بشرقية ولا غربية، ولا غربية لا شرقية، لكنها تجمع الأمرين جميعا، تلحقها الشمس في وقت الطلوع وفي وقت الغروب، وذلك أصفى لزيتها وأجود له. وقد قال بعض المفسرين: وصف الله عز وجل شجرة خضراء ناعمة، قد حفت بها الأشجار وأظلتها، فهي تمنع الشمس من أن تلحقها في وقت الطلوع، أو في وقت الغروب. فهذا التفسير يضاد التفسير الأول؛ لأن أصحابه يذهبون إلى أن الشمس لا تلحق هذه الشجرة في واحد من هذين الوقتين.
وقال آخرون: هي شجرة في أصل جبل، قد منع
الجبل الشمس من أن تلحقها في هذين الوقتين؛ فهي مستورة ممنوعة من الشمس بالجبل العالي عليها، وهذا التفسير يضارع التفسير الذي قبله). [كتاب الأضداد: 259-261]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله تبارك وتعالى تفسيرين متضادين قوله جل وعلا: {كمشكاة فيها مصباح المصباح}، قال بعض المفسرين: المشكاة الكوة، لسان الحبشة.
وقال أبو عبيدة: المشكاة: الكوة لا منفذ لها في كلام العرب، وأنشد:
تدير عينين لها كحلاوين = كمثل مصباحين في مشكاتين).
[كتاب الأضداد: 423-424]

تفسير قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والآصالُ: العَشِيَّاتُ, واحدُها أَصيلٌ). [شرح لامية العرب: --] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الآصال: من نصف النهار إلى العصر). [مجالس ثعلب: 398] (م)

تفسير قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) }

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:26 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:26 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عدد تعالى على المؤمنين نعمه فيما أنزل إليهم من الآيات المنيرات، وفيما ضرب لهم من أمثال الماضين من الأمم ليقع التحفظ مما وقع أولئك فيه، وفيما ذكر لهم من المواعظ. وقرأ جمهور الناس: "مبينات" بفتح الياء، أي: بينها الله تعالى وأوضحها، وقرأ الحسن، وطلحة، وعاصم، والأعمش: "مبينات" بكسر الياء، أي: بينت الحق وأوضحته). [المحرر الوجيز: 6/384]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم}
"النور" في كلام العرب: الأضواء المدركة بالبصر، ويستعمل مجازا فيما صح من المعاني ولاح، فيقال: "كلام له نور"، ومنه "الكتاب المنير" ومنه قول الشاعر:
نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن فلق الصباح عمودا
والله تعالى ليس كمثله شيء، فبين أنه ليس كالأضواء المدركة، ولم يبق للآية معنى إلا أنه أراد: الله ذو نور السماوات والأرض، أي بقدرته أنارت أضواؤها، واستقامت
[المحرر الوجيز: 6/384]
أمورها، وقامت مصنوعاتها، فالكلام على التقرير للذهن، كما تقول: الملك نور الأمة، أي به قوام أمورها وصلاح جملتها، والأمر في الملك مجاز، وهو في صفة الله تعالى حقيقة محضة؛ إذ هو الذي أبدع الموجودات، وخلق العقل نورا هاديا؛ لأن ظهور الوجود به حصل، كما حصل بالضوء ظهور المبصرات، تبارك الله لا رب سواه.
وقالت فرقة: التقدير: دين الله نور السماوات والأرض، قال ابن عباس رضي الله عنهما: المعنى: هادي أهل السماوات والأرض. والأول أعم للمعاني وأوضح مع التأمل.
وقرأ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وأبو عبد الرحمن السلمي: "الله نور" بفتح النون والواو المشددة وفتح الراء على أنه فعل.
وروي أن اليهود لما نزلت هذه الآية جسموا في تأويلها، واعترضوا محمدا صلى الله عليه وسلم بأن قالوا: كيف هو نور الأرض والسماء بيننا وبينه، فنزلت حينئذ مثل نوره كمشكاة الآية، أي: ليس الأمر كما ظننتم، وإنما هو نور بأنه قوام كل شيء وخالقه وموجده، مثل نوره كذا وكذا.
واختلف المتأولون في الضمير في "نوره" على من يعود؟ فقال كعب الأحبار، وابن جبير: هو عائد على محمد صلى الله عليه وسلم، أي: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم، وقال أبي بن كعب رضي الله عنه، وابن جبير، والضحاك: هو عائد على المؤمنين، وفي قراءة أبي بن كعب: "مثل نور المؤمنين"، وروي أن في قراءته "مثل نور المؤمن"، وروي أن فيها
[المحرر الوجيز: 6/385]
"مثل نور من آمن به"، وقال الحسن: هو عائد على القرآن والإيمان، قال مكي بن أبي طالب: وعلى هذه الأقوال يوقف على قوله: "والأرض".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه أقوال فيها عود الضمير على من لم يجر له ذكر، وفيها قطع المعنى المراد بالآية.
وقالت فرقة: الضمير في "نوره" عائد على الله تعالى، ثم اختلفت هذه الفرقة في المراد بالنور الذي أضيف إلى الله تعالى إضافة خلق إلى خالق، كما تقول: سماء الله، وناقة الله، فقال بعضها: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقال بعضها: هو المؤمن، وقال بعضها: هو الإيمان والقرآن، وهذه الأقوال متجهة مطرد معها المعنى، فكأن اليهود لما تأولوا الله نور السماوات والأرض الآية بمعنى الضوء قيل لهم: ليس كذلك، وإنما هو نور بأنه قوام كل شيء وهاديه، مثل نوره في محمد صلى الله عليه وسلم، أو في المؤمن، أو في القرآن والإيمان كمشكاة، وهي الكوة غير النافذة فيها القنديل ونحوه.
وهذه الأقوال الثلاثة تضطرد فيها مقابلة جزء من المثال لجزء من الممثل، فعلى قول من قال: "الممثل به محمد صلى الله عليه وسلم -وهو قول كعب الخير - فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو المشكاة، أو صدره، والمصباح هو النبوة وما يتصل بها من عمله وهداه، والزجاجة قلبه، والشجرة المباركة هي الوحي والملائكة رسل الله إليه وسببه المتصل به، والزيت هو الحجج والبراهين والآيات التي تضمنها الوحي.
وعلى قول من قال: "الممثل به المؤمن" -وهو قول أبي بن كعب - فالمشكاة صدره، والمصباح الإيمان والعلم، والزجاجة قلبه، والشجرة القرآن، وزيتها هو الحجج والحكمة التي تضمنها، قال أبي: فهو على أحسن الحال يمشي في الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات.
ومن قال: "إن الممثل به القرآن والإيمان" فتقدير الكلام: مثل نوره -الذي هو الإيمان في صدر المؤمن- في قلبه كمشكاة، أي: كهذه الجملة. وهذا القول ليس في مقابلة التشبيه كالأولين، لأن المشكاة ليست تقابل الإيمان.
[المحرر الوجيز: 6/386]
وتحتمل الآية معنى آخر ليس فيه مقابلة جزء من المثال لجزء من الممثل به، بل وقع التشبيه فيه جملة بجملة، [وذلك أن يريد: مثل نور الله الذي هو هداه وإتقانه صنعة كل مخلوق وبراهينه الساطعة على الجملة] كهذه الجملة من النور الذي تتخذونه أنتم على هذه الصفة التي هي أبلغ صفات النور الذي بين أيدي الناس، أي: فمثل نور الله في الوضوح كهذا الذي هو منتهاكم أيها البشر.
و "المشكاة": الكوة في الحائط غير النافذة، قاله ابن جبير، وسعيد بن عياض، وجمهور المفسرين، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وقال مجاهد: المشكاة: العمود الذي يكون المصباح على رأسه، وقال أبو موسى: المشكاة: الحديدة أو الرصاصة التي يكون فيها الفتيل في جوف الزجاجة، وقال مجاهد أيضا: المشكاة: الحدائد التي يعلق بها القنديل. والأول أصح هذه الأقوال.
وقوله تعالى: "في زجاجة" لأنه جسم شفاف، المصباح فيه أنور منه في غير الزجاج. و"المصباح": الفتيل بناره. وأمال الكسائي -فيما روى عنه أبو عمرو الداني - الألف من "مشكاة" فكسر الكاف التي قبلها، وقرأ نصر بن عاصم: "في زجاجة" بفتح الزاي و"الزجاجة" كذلك، وهي لغة.
وقوله تعالى: {كأنها كوكب دري} أي في الإنارة والضوء، وذلك يحتمل معنين: إما أن يريد أنها بالمصباح كذلك، وإما أن يريد أنها في نفسها لصفائها وجودة جوهرها كذلك، وهذا التأويل أبلغ في التعاون على النور، قال الضحاك: الكوكب الدري هو الزهرة، وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص: "دري" بضم الدال وشد الياء، ولهذه القراءة وجهان: إما أن ينسب الكوكب إلى الدر لبياضه وصفائه، وإما أن يكون أصله "دريء" مهموز من الدراء وهو الدفع، وخففت الهمزة. وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم: "دريء" بالهمزة، وهو فعيل من الدراء، بمعنى أنها تدفع بعضها بعضا، أو بمعنى أن بها ما يدفع خفاءها، وفعيل بناء لا يوجد في الأسماء إلا في قولهم: مريق
[المحرر الوجيز: 6/387]
للعصفر وفي السرية إذا اشتقت من السر، ووجه هذه القراءة أبو علي وضعفها غيره. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: "دريء" على وزن فعيل بكسر الفاء، من الدرء، وهذه متوجهة. وقرأ قتادة: "دريء" بفتح الدال والهمزة، قال أبو الفتح: وهذا عزيز، وإنما حفظ منه "السكينة" بشد الكاف، وقرأ سعيد بن المسيب، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم: "دري" بفتح الدال دون همز
وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، وطلحة، والأعمش، والحسن، وقتادة، وابن وثاب، وعيسى: "توقد" بضم التاء، أي الزجاجة. وقرأ أبو عمرو، وأهل الكوفة، والحسن، وابن محيصن: "توقد" بفتح التاء والواو وشد القاف وضم الدال، أي الزجاجة. وقرأ أبو عمرو أيضا، وابن كثير: "توقد" بفتح التاء والدال، أي المصباح، وقرأ عاصم -فيما روى عنه إسماعيل - "يوقد" بالياء المرفوعة، على معنى: يوقد المصباح، قال أبو الفتح: وقرأ السلمي، والحسن، وابن محيصن، وسلام، وقتادة: "يوقد" بفتح الياء والواو والقاف المشددة ورفع الدال، أصله: يتوقد.
وقوله تعالى: "من شجرة" أي: من زيت شجرة، و"المباركة": المنماة، و"الزيتون" من أعظم الثمار نماء واطراد أفنان وغضارة ولا سيما بالشام، والرمان كذلك، والعيان يقضي بذلك، وقول أبي طالب يرثي مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس:
ليت شعري مسافر بن أبي عمـ ... ـرو، وليت يقولها المحزون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك الرمان والزيتون
[المحرر الوجيز: 6/388]
وقوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} قرأ الجمهور فيهما بالخفض عطفا على "زيتونة"، وقرأ الضحاك: "لا شرقية ولا غربية" بالرفع، واختلف المتأولون في معناه، فقال ابن عباس رضي الله عنهما -فيما حكى عنه الطبري -: معناه أنها شجرة في دوحة قد أحاطت بها فهي غير منكشفة من جهة الشرق ولا من جهة الغرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول لا يصح عندي عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن الوجود يقتضي أن الشجرة التي تكون بهذه الصفة ينفذ جناها.
وقال الحسن: ليست هذه الشجرة من شجر الدنيا، وإنما هو مثل ضربه الله تعالى لنوره، ولو كانت في الدنيا لكانت إما شرقية وإما غربية.
وقال ابن زيد: أراد أنها من شجر الشام؛ لأن شجر الشام هي أفضل الشجر، ومن الأرض المباركة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وعكرمة، وقتادة، وغيرهم: المعنى في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} أنها في منكشف من الأرض، تصيبها الشمس طول النهار، تستدير عليها، فليست خالصة للشرق فتسمى شرقية، ولا للغرب فتسمى غربية.
وقوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} مبالغة في صفة من صفاته وحسنه وجودته، وقرأ الجمهور: "تمسسه" بالتاء من فوق، وقرأ ابن عباس، والحسن بالياء من تحت. وقوله: {نور على نور} أي هذه كلها معاون تكامل بها هذا النور الممثل به، وفي هذا الموضع تم المثال.
ثم ذكر تبارك وتعالى هداه لنوره من شاء وأسعد من عباده، وذكر تفضله في ضرب الأفعال للعباد ليقع لهم العبرة والنظر المؤدي إلى الإيمان). [المحرر الوجيز: 6/389]

تفسير قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار}
الباء في "بيوت" تضم وتكسر، واختلف في الفاء من قوله: "في" فقيل: هي متعلقة بـ "مصباح"، قال أبو حاتم: وقيل: متعلقة بـ "يسبح" المتأخر، فعلى هذا التأويل يوقف على "عليم"، قال الرماني: هي متعلقة بـ "يوقد".
واختلف الناس في البيوت التي أرادها بقوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع} فقال ابن عباس رضي الله عنهما، والحسن، ومجاهد: هي المساجد المخصوصة لله تعالى التي من عادتها أن تنور بذلك النوع من المصابيح، وقال الحسن بن أبي الحسن: أراد بيت المقدس، وسماه بيوتا من حيث فيه مواضع يتحيز بعضها عن بعض، ويؤثر أن عادة بني إسرائيل في وقيد بيت المقدس كانت غاية في التهمم به، وكان الزيت منتخبا مختوما على ظروفه، قد صنع صنعة وقدس حتى لا يجزي الوقيد بغيره، فكان أضوأ بيوت الأرض. وقال عكرمة: أراد بيوت الإيمان على الإطلاق، مساجد ومساكن، فهي التي يستصبح فيها بالليل للصلاة وقراءة العلم، وقال مجاهد: أراد بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقوله تعالى: {يسبح له فيها بالغدو والآصال} يقوي أنها المساجد.
وقوله تعالى: "أذن" بمعنى أمر وقضى، وحقيقة الإذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنفاذ كان أقوى، و"ترفع" قيل: معناه تبنى وتعلى، قاله مجاهد وغيره، فذلك نحو قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة، وفي هذا المعنى
[المحرر الوجيز: 6/390]
أحاديث. وقال الحسن بن أبي الحسن: معناه تعظم ويرفع شأنها. و"ذكر اسمه تعالى" هو بالصلاة والعبادة قولا وفعلا.
وقرأ ابن كثير، وعاصم: "يسبح" بفتح الباء المشددة، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: "يسبح" بكسر الباء المشددة، فـ "رجال" -على القراءة الأولى- مرتفع بفعل مضمر يدل عليه "يسبح"، تقديره: يسبحه رجال، فهذا عند سيبويه نظير قول الشاعر:
لبيك يزيد ضارع لخصومة ... ... ....
أي: يبكيه ضارع، و"رجال" -على القراءة الثانية- مرتفع بـ "يسبح" الظاهر، وروي عن يحيى بن وثاب أنه قرأ: "تسبح" بالتاء من فوق. و"الغدو والآصال" قال الضحاك: أراد الصبح والظهر، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد ركعتي الضحى والعصر، وإن ركعتي الضحى لفي كتاب الله تعالى، وما يغوص عليها إلا غواص.
وقرأ أبو مجلز: "والإيصال"). [المحرر الوجيز: 6/391]

تفسير قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وصف الله تعالى المسبحين بأنهم لمراقبتهم أمر الله تعالى وطلبهم لرضاه لا يشغلهم عن الصلاة وذكر الله شيء من أمور الدنيا. وقال كثير من الصحابة رضوان الله عليهم: نزلت هذه الآية في أهل الأسواق الذين إذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا إليها، ورأى سالم بن عبد الله بن عمر أهل الأسواق وهم مقبلون إلى الصلاة فقال: هؤلاء الذين أراد الله تعالى بقوله: {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}، وروي ذلك عن ابن مسعود.
[المحرر الوجيز: 6/391]
و "إقام" مصدر من أقام يقيم، أصله إقوام، نقلت حركة الواو إلى القاف فبقيت ساكنة والألف ساكنة، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فجاء "إقام"، فقال بعض النحويين: هو مصدر بنفسه قد لا يضاف، وقيل: لا يجوز أقمته إقاما، وإنما يستعمل مضافا، ذكره الرماني، وقال بعضهم من حيث رأوه لا يستعمل إلا مضافا: ألحقت به هاء عوضا من المحذوف فجاء "إقامة"، فهم إذا أضافوه حذفوا العوض لاستغنائهم عنه، فإن المضاف والمضاف إليه كاسم واحد. و"الزكاة" هنا عند ابن عباس رضي الله عنهما: الطاعة لله، وقال الحسن: هي الزكاة المفروضة في المال. و"اليوم المخوف" الذي ذكره الله تبارك وتعالى هو يوم القيامة.
واختلف الناس في تقلب القلوب والأبصار، كيف هو؟ فقالت فرقة: يرى الناس الحقائق عيانا فتتقلب قلوب الشاكين ومعتقدي الضلال عن معتقداتها إلى اعتقاد الحق على وجهه، وكذلك الأبصار، وقالت فرقة: هو تقلب على جمر جهنم، ومقصد الآية هو وصف هول يوم القيامة. فأما القول الأول فليس يقتضي هولا، وأما الثاني فليس التقلب في جمر جهنم في يوم القيامة، وإنما هو بعده، وإنما معنى الآية عندي أن ذلك -لشدة هوله ومطلعه- القلوب والأبصار فيه مضطربة قلقة متقلبة من طمع في النجاة إلى طمع، ومن حذر هلاك إلى حذر، ومن نظر في هول إلى النظر في الآخر. والعرب تستعمل هذا المعنى في الحروب ونحوها، ومنه قول الشاعر:
بل كان قلبك في جناحي طائر
ومنه قول بشار:
كأن فؤاده كرة تنزى ... ... .....
وهذا كثير). [المحرر الوجيز: 6/392]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} اللام في قوله تعالى: "ليجزيهم" متعلقة بفعل مضمر تقديره: فعلوا ذلك، ويسروا لذلك، ونحو هذا، ويحتمل أن تكون متعلقة بقوله سبحانه: "يسبح". وقوله: "أحسن ما عملوا" فيه حذف مضاف تقديره: ثواب أحسن ما عملوا، ثم وعدهم عز وجل بالزيادة من فضله على ما تقتضيه أعمالهم، فأهل الجنة أبدا في مزيد، ثم ذكر أنه يرزق من يشاء، ويخصه بما يشاء من رحمته دون حساب ولا تعديد، وكل تفضل لله فهو بغير حساب، وكل جزاء على عمل فهو بحساب). [المحرر الوجيز: 6/3930]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله واللّه واسعٌ عليمٌ (32) وليستعفف الّذين لا يجدون نكاحًا حتّى يغنيهم اللّه من فضله والّذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا وآتوهم من مال اللّه الّذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا لتبتغوا عرض الحياة الدّنيا ومن يكرهّنّ فإنّ اللّه من بعد إكراههنّ غفورٌ رحيمٌ (33) ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم وموعظةً للمتّقين (34)}
اشتملت هذه الآيات الكريمات المبينة على جملٍ من الأحكام المحكمة، والأوامر المبرمة
...
ولـمّا فصّل تعالى هذه الأحكام وبيّنها قال: {ولقد أنزلنا إليكم آياتٍ مبيّناتٍ} يعني: القرآن فيه آياتٌ واضحاتٌ مفسّراتٌ، {ومثلا من الّذين خلوا من قبلكم} أي: خبرًا عن الأمم الماضية، وما حلّ بهم في مخالفتهم أوامر اللّه تعالى، كما قال تعالى: {فجعلناهم سلفًا ومثلا للآخرين} [الزّخرف: 56]
{وموعظةً} أي: زاجرًا عن ارتكاب المآثم والمحارم {للمتّقين} أي: لمن اتّقى اللّه وخافه.
قال عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، في صفة القرآن: فيه حكم ما بينكم، وخبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه اللّه، ومن ابتغى الهدى من غيره أضلّه اللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 57]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجةٍ الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي اللّه لنوره من يشاء ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (35)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {اللّه نور السّموات والأرض} يقول: هادي أهل السموات والأرض.
وقال ابن جريج: قال مجاهدٌ وابن عباس في قوله: {اللّه نور السّموات والأرض} يدبّر الأمر فيهما، نجومهما وشمسهما وقمرهما.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا سليمان بن عمر بن خالدٍ الرقّي، حدّثنا وهب بن راشدٍ، عن فرقد، عن أنس بن مالكٍ قال: إنّ إلهي يقول: نوري هداي.
واختار هذا القول ابن جريرٍ، رحمه اللّه.
وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في قول الله تعالى: {اللّه نور السّموات والأرض} قال: هو المؤمن الّذي جعل [اللّه] الإيمان والقرآن في صدره، فضرب اللّه مثله فقال: {اللّه نور السّموات والأرض} فبدأ بنور نفسه، ثمّ ذكر نور المؤمن فقال: مثل نور من آمن به. قال: فكان أبي بن كعبٍ يقرؤها: "مثل نور من آمن به فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره.
وهكذا قال سعيد بن جبير، وقيس بن سعدٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأها كذلك: "نور من آمن بالله".
وقرأ بعضهم:"اللّه نوّر السّموات والأرض" ".
وعن الضحاك: "اللّه نوّر السّموات والأرض ".
وقال السدي في قوله: {اللّه نور السّموات والأرض}: فبنوره أضاءت السموات والأرض.
وفي الحديث الّذي رواه محمّد بن إسحاق في السّيرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال في دعائه يوم آذاه أهل الطّائف: "أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة، أن يحلّ بي غضبك أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتّى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلّا بك ".
وفي الصّحيحين، عن ابن عبّاسٍ: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه سلّم إذا قام من اللّيل يقول: "اللّهمّ لك الحمد، أنت قيّم السموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهنّ" الحديث.
وعن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، قال: إنّ ربّكم ليس عنده ليلٌ ولا نهارٌ، نور العرش من نور وجهه.
وقوله: {مثل نوره} في هذا الضّمير قولان:
أحدهما: أنّه عائدٌ إلى اللّه، عزّ وجلّ، أي: مثل هداه في قلب المؤمن، قاله ابن عبّاسٍ {كمشكاةٍ}.
والثّاني: أنّ الضّمير عائدٌ إلى المؤمن الّذي دلّ عليه سياق الكلام: تقديره: مثل نور المؤمن الّذي في قلبه، كمشكاةٍ. فشبّه قلب المؤمن وما هو مفطورٌ عليه من الهدى، وما يتلقّاه من القرآن المطابق لما هو مفطورٌ عليه، كما قال تعالى: {أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه ويتلوه شاهدٌ منه} [هودٍ: 17]، فشبّه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزّجاج الشّفّاف الجوهريّ، وما يستهديه من القرآن والشّرع بالزّيت الجيّد الصّافي المشرق المعتدل، الّذي لا كدر فيه ولا انحراف.
فقوله: {كمشكاةٍ}: قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، ومحمّد بن كعبٍ، وغير واحدٍ: هو موضع الفتيلة من القنديل. هذا هو المشهور؛ ولهذا قال بعده: {فيها مصباحٌ}، وهو الذّبالة الّتي تضيء.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ [في] قوله: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ}: وذلك أنّ اليهود قالوا لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يخلص نور اللّه من دون السّماء؟ فضرب اللّه مثل ذلك لنوره، فقال: {اللّه نور السّموات والأرض مثل نوره}. والمشكاة: كوّة في البيت -قال: وهو مثلٌ ضربه اللّه لطاعته. فسمّى اللّه طاعته نورًا، ثمّ سماها أنواعًا شتّى.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: الكوّة بلغة الحبشة. وزاد غيره فقال: المشكاة: الكوّة الّتي لا منفذ لها. وعن مجاهدٍ: المشكاة: الحدائد الّتي يعلّق بها القنديل.
والقول الأوّل أولى، وهو: أنّ المشكاة هي موضع الفتيلة من القنديل؛ ولهذا قال: {فيها مصباحٌ} وهو النور الذي في الذّبالة.
قال أبيّ بن كعبٍ: المصباح: النّور، وهو القرآن والإيمان الّذي في صدره.
وقال السّدّي: هو السّراج.
{المصباح في زجاجةٍ} أي: هذا الضّوء مشرقٌ في زجاجةٍ صافيةٍ.
قال أبيّ بن كعبٍ وغير واحدٍ: وهي نظير قلب المؤمن. {الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ}: قرأ بعضهم بضمّ الدّال من غير همزةٍ، من الدّرّ، أي: كأنّها كوكبٌ من درّ.
وقرأ آخرون: "درّيء" و"درّيء" بكسر الدّال وضمّها مع الهمز، من الدرء وهو الدّفع؛ وذلك أنّ النّجم إذا رمي به يكون أشدّ استنارةً من سائر الأحوال، والعرب تسمّي ما لا يعرف من الكواكب دراريّ.
قال أبيّ بن كعبٍ: كوكبٌ مضيءٌ. وقال قتادة: مضيءٌ مبينٌ ضخمٌ. {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ} أي: يستمدّ من زيت زيتون شجرةٍ مباركةٍ {زيتونةٍ} بدلٌ أو عطف بيانٍ {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} أي: ليست في شرقيّ بقعتها فلا تصل إليها الشّمس من أوّل النّهار، ولا في غربيّها فيتقلّص عنها الفيء قبل الغروب، بل هي في مكانٍ وسطٍ، تفرعه الشّمس من أوّل النّهار إلى آخره، فيجيء زيتها معتدلًا صافيًا مشرقًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عمّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن سعدٍ، أخبرنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: شجرةٌ بالصّحراء، لا يظلّها جبلٌ ولا شجرٌ ولا كهفٌ، ولا يواريها شيءٌ، وهو أجود لزيتها.
وقال يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن عمران بن حدير، عن عكرمة، في قوله: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي بصحراء، وذلك أصفى لزينتها.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا عمر بن فرّوخ، عن حبيب بن الزّبير، عن عكرمة -وسأله رجلٌ عن: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال تلك [زيتونةٌ] بأرض فلاةٍ، إذا أشرقت الشّمس أشرقت عليها، وإذا غربت غربت عليها فذاك أصفى ما يكون من الزّيت.
وقال مجاهدٌ في قوله: {[زيتونةٍ] لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: ليست بشرقيّةٍ، لا تصيبها الشّمس إذا غربت، ولا غربيّةٍ لا تصيبها الشّمس إذا طلعت، [ولكنّها شرقيّةٌ وغربيّةٌ، تصيبها إذا طلعت] وإذا غربت.
وقال سعيد بن جبير في قوله {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء} قال: هو أجود الزّيت. قال: إذا طلعت الشّمس أصابتها من صوب المشرق، فإذا أخذت في الغروب أصابتها الشّمس، فالشّمس تصيبها بالغداة والعشيّ، فتلك لا تعدّ شرقيّةً ولا غربيّةً.
وقال السّدّيّ [في] قوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} يقول: ليست بشرقية يحوزها المشرق، ولا غربيّةٍ يحوزها المغرب دون المشرق، ولكنّها على رأس جبلٍ، أو في صحراء، تصيبها الشّمس النهار كلّه.
وقيل: المراد بقوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} أنّها في وسط الشّجر، وليست باديةً للمشرق ولا للمغرب.
وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبي بن كعبٍ، في قول اللّه تعالى: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: فهي خضراء ناعمةٌ، لا تصيبها الشّمس على أيّ حالٍ كانت، لا إذا طلعت ولا إذا غربت. قال: فكذلك هذا المؤمن، قد أجير من أن يصيبه شيءٌ من الفتن، وقد ابتلي بها فيثبّته اللّه فيها، فهو بين أربع خلالٍ: إن قال صدق، وإن حكم عدل، وإن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، فهو في سائر النّاس كالرّجل الحيّ يمشي في قبور الأموات.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا مسدّد قال: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي وسط الشّجر، لا تصيبها الشّمس شرقًا ولا غربًا.
وقال عطيّة العوفيّ: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي شجرةٌ في موضعٍ من الشّجر، يرى ظلّ ثمرها في ورقها، وهذه من الشّجر لا تطلع عليها الشّمس ولا تغرب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن الدّشتكي، حدّثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، في قوله تعالى: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} ليست شرقيّةً ليس فيها غربٌ، ولا غربيّةً ليس فيها شرقٌ، ولكنّها شرقيّةٌ غربيّةٌ.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظي: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: هي القبلية.
وقال زيد بن أسلم: {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: الشّام.
وقال الحسن البصريّ: لو كانت هذه الشّجرة في الأرض لكانت شرقيّةً أو غربيّةً، ولكنّه مثلٌ ضربه اللّه لنوره.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {توقد من شجرةٍ مباركةٍ} قال: رجلٌ صالحٌ {زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: لا يهوديٍّ ولا نصرانيٍّ.
وأولى هذه الأقوال القول الأوّل، وهو أنّها في مستوًى من الأرض، في مكانٍ فسيحٍ بارزٍ ظاهرٍ ضاحٍ للشّمس، تفرعه من أوّل النّهار إلى آخره، ليكون ذلك أصفى لزينتها وألطف، كما قال غير واحدٍ ممّن تقدّم؛ ولهذا قال: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ} قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: يعني: لضوء إشراق الزّيت.
وقوله: {نورٌ على نورٍ} قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: يعني بذلك إيمان العبد وعمله.
وقال مجاهدٌ، والسّدّيّ: يعني نور النّار ونور الزّيت.
وقال أبيّ بن كعبٍ: {نورٌ على نورٍ} فهو يتقلّب في خمسةٍ من النّور، فكلامه نورٌ، وعمله نورٌ، ومدخله نورٌ، ومخرجه نورٌ، ومصيره إلى النّور يوم القيامة إلى الجنّة.
وقال شمر بن عطية: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدّثني عن قول اللّه: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ} قال: يكاد محمّدٌ يبيّن للنّاس، وإن لم يتكلّم، أنّه نبيٌّ، كما يكاد ذلك الزّيت أن يضيء.
وقال السّدّي في قوله: {نورٌ على نورٍ} قال: نور النّار ونور الزّيت، حين اجتمعا أضاءا، ولا يضيء واحدٌ بغير صاحبه [كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا، فلا يكون واحدٌ منهما إلّا بصاحبه]
وقوله: {يهدي اللّه لنوره من يشاء} أي: يرشد اللّه إلى هدايته من يختاره، كما جاء في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد:
حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ الفزاريّ، حدّثنا الأوزاعيّ، حدّثني ربيعة بن يزيد، عن عبد اللّه [بن] الدّيلميّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه خلق خلقه في ظلمةٍ، ثمّ ألقى عليهم من نوره يومئذٍ، فمن أصاب يومئذٍ من نوره اهتدى، ومن أخطأه ضلّ. فلذلك أقول: جفّ القلم على علم اللّه عزّ وجلّ"
طريقٌ أخرى عنه: قال البزّار: حدّثنا أيّوب بن سويد، عن يحيى بن أبي عمرٍو الشّيباني، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه خلق خلقه في ظلمةٍ، فألقى عليهم نورًا من نوره، فمن أصابه من ذلك النّور اهتدى، ومن أخطأه ضلّ. [ورواه البزّار، عن عبد اللّه بن عمرٍو من طريقٍ آخر، بلفظه وحروفه] .
وقوله تعالى: {ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} لمّا ذكر تعالى هذا مثلًا لنور هداه في قلب المؤمن، ختم الآية بقوله: {ويضرب اللّه الأمثال للنّاس واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} أي: هو أعلم بمن يستحقّ الهداية ممّن يستحقّ الإضلال.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو النّضر: حدّثنا أبو معاوية -يعني شيبان -، عن ليثٍ، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختري، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "القلوب أربعةٌ: قلبٌ أجرد فيه مثل السّراج يزهر، وقلبٌ أغلف مربوطٌ على غلافه، وقلبٌ منكوسٌ، وقلبٌ مصفح: فأمّا القلب الأجرد فقلب المؤمن، سراجه فيه نوره. وأمّا القلب الأغلف فقلب الكافر. وأمّا القلب المنكوس فقلب [المنافق] عرف ثمّ أنكر. وأمّا القلب المصفح فقلبٌ فيه إيمانٌ ونفاقٌ، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطّيّب، ومثل النّفاق فيه كمثل القرحة يمدّها القيح والدّم، فأيّ المدّتين غلبت على الأخرى غلبت عليه". إسناده جيد ولم يخرجوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 57-61]

تفسير قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال (36) رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار (37) ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ (38)}
لمّا ضرب اللّه تعالى [مثل] قلب المؤمن، وما فيه من الهدى والعلم، بالمصباح في الزّجاجة الصّافية المتوقّد من زيتٍ طيّبٍ، وذلك كالقنديل، ذكر محلّها وهي المساجد، الّتي هي أحبّ البقاع إلى اللّه تعالى من الأرض، وهي بيوته الّتي يعبد فيها ويوحّد، فقال: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} أي: أمر اللّه تعالى برفعها، أي: بتطهيرها من الدّنس واللّغو، والأفعال والأقوال الّتي لا تليق فيها، كما قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية الكريمة: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع} قال: نهى اللّه سبحانه عن اللّغو فيها. وكذا قال عكرمة، وأبو صالحٍ، والضّحّاك، ونافع بن جبيرٍ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة وسفيان بن حسينٍ، وغيرهم من علماء المفسّرين.
وقال قتادة: هي هذه المساجد، أمر اللّه، سبحانه، ببنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها. وقد ذكر لنا أنّ كعبًا كان يقول: إنّ في التّوراة مكتوبًا: " ألا إنّ بيوتي في الأرض المساجد، وإنّه من توضّأ فأحسن وضوءه، ثمّ زارني في بيتي أكرمته، وحقّ على المزور كرامة الزّائر". رواه عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ في تفسيره.
وقد وردت أحاديث كثيرةٌ في بناء المساجد، واحترامها وتوقيرها، وتطييبها وتبخيرها. وذلك له محلٌّ مفردٌ يذكر فيه، وقد كتبت في ذلك جزءًا على حدة، وللّه الحمد والمنّة. ونحن بعون اللّه تعالى نذكر هاهنا طرفًا من ذلك، إن شاء اللّه تعالى، وبه الثّقة وعليه التّكلان:
فعن أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "من بنى مسجدًا يبتغي به وجه اللّه، بنى اللّه له مثله في الجنّة". أخرجاه في الصّحيحين.
وروى ابن ماجه، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من بنى مسجدًا يذكر فيه اسم اللّه، بنى اللّه له بيتًا في الجنّة".
وللنّسائيّ عن عمرو بن عبسة مثله. والأحاديث في هذا كثيرةٌ جدًّا.
وعن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيّب. رواه أحمد وأهل السّنن إلّا النّسائيّ. ولأحمد وأبي داود، عن سمرة بن جندب نحوه.
وقال البخاريّ: قال عمر: ابن للنّاس ما يكنّهم، وإيّاك أن تحمّر أو تصفّر فتفتن النّاس.
وروى ابن ماجه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "ما ساء عمل قومٍ قطّ إلّا زخرفوا مساجدهم". وفي إسناده ضعفٌ.
وروى أبو داود عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما أمرت بتشييد المساجد". قال ابن عبّاسٍ: لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنّصارى
وعن أنسٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد". رواه الإمام أحمد وأهل السّنن إلّا التّرمذيّ
وعن بريدة أنّ رجلا أنشد في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا وجدت، إنّما بنيت المساجد لما بنيت له". رواه مسلمٌ.
وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن البيع والابتياع، وعن تناشد الأشعار في المساجد. رواه أحمد وأهل السّنن، وقال التّرمذيّ: حسنٌ.
وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه سلّم: قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح اللّه تجارتك. وإذا رأيتم من ينشد ضالّةً في المسجد، فقولوا: لا ردّ اللّه عليك". رواه التّرمذيّ، وقال: حسنٌ غريبٌ.
وقد روى ابن ماجه وغيره، من حديث ابن عمر مرفوعًا، قال: "خصالٌ لا تنبغي في المسجد: لا يتّخذ طريقًا، ولا يشهر فيه سلاحٌ، ولا ينبض فيه بقوسٍ، ولا ينثر فيه نبلٌ، ولا يمرّ فيه بلحمٍ نيء: ولا يضرب فيه حدٌّ، ولا يقتص فيه من أحدٍ، ولا يتّخذ سوقًا".
وعن واثلة بن الأسقع، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "جنّبوا المساجد صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم وسلّ سيوفكم، واتّخذوا على أبوابها المطاهر، وجمّروها في الجمع".
ورواه ابن ماجه أيضًا وفي إسنادهما ضعفٌ.
أمّا أنّه "لا يتّخذ طريقًا" فقد كره بعض العلماء المرور فيه إلّا لحاجةٍ إذا وجد مندوحةً عنه. وفي الأثر: "إنّ الملائكة لتتعجّب من الرّجل يمرّ بالمسجد لا يصلّي فيه".
وأمّا أنّه "لا يشهر فيه بسلاحٍ. ولا ينبض فيه بقوسٍ، ولا ينثر فيه نبلٌ. فلما يخشى من إصابة بعض النّاس به، لكثرة المصلّين فيه؛ ولهذا أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا مرّ أحدٌ بسهامٍ أن يقبض على نصالها؛ لئلّا يؤذي أحدًا، كما ثبت في الصّحيح.
وأما النّهي عن المرور باللّحم النّيّء فيه، فلما يخشى من تقاطر الدّم منه، كما نهيت الحائض عن المرور فيه إذا خافت التّلويث.
وأمّا أنّه "لا يضرب فيه حدٌّ ولا يقتصّ"، فلما يخشى من إيجاد نجاسةٍ فيه من المضروب أو المقطوع.
وأمّا أنّه "لا يتّخذ سوقًا"، فلما تقدّم من النّهي عن البيع والشّراء فيه، فإنّه إنّما بني لذكر اللّه والصّلاة كما قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لذلك الأعرابيّ الّذي بال في طائفة المسجد: "إنّ المساجد لم تبن لهذا، إنّما بنيت لذكر اللّه والصّلاة فيها". ثمّ أمر بسجل من ماءٍ، فأهريق على بوله.
وفي الحديث الثّاني: "جنّبوا مساجدكم صبيانكم"، وذلك لأنّهم يلعبون فيه ولا يناسبهم، وقد كان عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، إذا رأى صبيانًا يلعبون في المسجد، ضربهم بالمخفقة -وهي الدّرّة- وكان يعسّ المسجد بعد العشاء، فلا يترك فيه أحدًا.
"ومجانينكم" يعني: لأجل ضعف عقولهم، وسخر النّاس بهم، فيؤدّي إلى اللّعب فيها، ولما يخشى من تقذيرهم المسجد، ونحو ذلك.
"وبيعكم وشراءكم" كما تقدّم.
"وخصوماتكم" يعني: التّحاكم والحكم فيه؛ ولهذا نصّ كثيرٌ من العلماء على أنّ الحاكم لا ينتصب لفصل الأقضية في المسجد، بل يكون في موضعٍ غيره؛ لما فيه من كثرة الحكومات والتّشاجر والعياط الّذي لا يناسبه؛ ولهذا قال بعده: "ورفع أصواتكم".
وقال البخاريّ: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا الجعيد بن عبد الرّحمن قال: حدّثني يزيد بن خصيفة، عن السّائب بن يزيد الكنديّ قال: كنت قائمًا في المسجد، فحصبني رجلٌ، فنظرت فإذا عمر بن الخطّاب، فقال: اذهب فأتني بهذين. فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو: من أين أنتما؟ قالا من أهل الطّائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما: ترفعان أصواتكما في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال النّسائيّ: حدّثنا سويد بن نصرٍ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوفٍ قال: سمع عمر صوت رجلٍ في المسجد فقال: أتدري أين أنت؟ وهذا أيضًا صحيحٌ.
وقوله: "وإقامة حدودكم، وسلّ سيوفكم": تقدّما.
وقوله: "واتّخذوا على أبوابها المطاهر" يعني: المراحيض الّتي يستعان بها على الوضوء وقضاء الحاجة. وقد كانت قريبًا من مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آبارٌ يستقون منها، فيشربون ويتطهرون، ويتوضؤون وغير ذلك.
وقوله: "وجمّروها في الجمع" يعني: بخّروها في أيّام الجمع لكثرة اجتماع النّاس يومئذٍ.
وقد قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا عبيد اللّه، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن عبد اللّه بن عمر، عن نافعٍ عن ابن عمر؛ أنّ عمر كان يجمّر مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلّ جمعةٍ. إسناده حسنٌ لا بأس به واللّه أعلم.
وقد ثبت في الصّحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "صلاة الرّجل في الجماعة تضعّف على صلاته في بيته وفي سوقه، خمسًا وعشرين ضعفًا. وذلك أنّه إذا توضّأ فأحسن وضوءه ثمّ خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلّا الصّلاة، لم يخط خطوة إلّا رفع له بها درجةٌ، وحطّ عنه بها خطيئةٌ، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام في مصلاه: اللّهمّ صلّ عليه، اللّهمّ ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصّلاة"
وعند الدّارقطنيّ مرفوعًا: "لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد".
وفي السّنن: "بشّر المشّائين إلى المساجد في الظّلم بالنّور التّامّ يوم القيامة".
والمستحبّ لمن دخل المسجد أن يبدأ برجله اليمنى، وأن يقول كما ثبت في صحيح البخاريّ عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان إذا دخل المسجد قال:أعوذ باللّه العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشّيطان الرّجيم" [قال: أقطّ؟ قال: نعم]. قال: فإذا قال ذلك قال الشّيطان: حفظ منّي سائر اليوم.
وروى مسلمٌ بسنده عن أبي حميدٍ -أو: أبي أسيد -قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك".
ورواه النّسائيّ عنهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [مثله] .
وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلّم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وليقل: اللّهمّ افتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج فليسلّم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وليقل: اللّهمّ اعصمني من الشّيطان الرّجيم".
ورواه ابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبّان في صحيحيهما.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد اللّه بن حسنٍ. عن أمّه فاطمة بنت حسينٍ، عن جدّتها فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل المسجد صلّى على محمّدٍ وسلّم، ثمّ قال:"اللّهمّ، اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك". وإذا خرج صلّى على محمّدٍ وسلّم ثمّ قال: "اللّهمّ، اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك".
ورواه التّرمذيّ وابن ماجه، وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ وإسناده ليس بمتّصلٍ؛ لأنّ فاطمة بنت الحسين الصّغرى لم تدرك فاطمة الكبرى.
فهذا الّذي ذكرناه، مع ما تركناه من الأحاديث الواردة في ذلك لحال الطّول. كلّه داخلٌ في قوله تعالى: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع}.
وقوله: {ويذكر فيها اسمه} أي: اسم الله، كقوله: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجدٍ} [الأعراف: 31]، وقوله {وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين} [الأعراف: 29]، وقوله {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} [الجنّ: 18].
قال ابن عبّاسٍ: {ويذكر فيها اسمه} يعني: يتلى فيها كتابه.
وقوله: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} أي: في البكرات والعشيّات. والآصال: جمع أصيل، وهو آخر النّهار.
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: كلّ تسبيحٍ في القرآن هو الصّلاة.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: يعني بالغدوّ: صلاة الغداة، ويعني بالآصال: صلاة العصر، وهما أوّل ما افترض اللّه من الصّلاة، فأحبّ أن يذكرهما وأن يذكّر بهما عباده.
وكذا قال الحسن، والضّحّاك: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} يعني: الصّلاة.
ومن قرأ من القرأة " يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال" -بفتح الباء من "يسبح" على أنّه مبنيٌّ لما لم يسمّ فاعله -وقف على قوله: {والآصال} وقفًا تامًا، وابتدأ بقوله: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} وكأنّه مفسّرٌ للفاعل المحذوف، كما قال الشّاعر:
ليبك يزيد، ضارعٌ لخصومة = ومختبطٌ ممّا تطيح الطّوائح...
كأنّه قال: من يبكيه؟ قال: هذا يبكيه. وكأنّه قيل: من يسبّح له فيها؟ قال: رجالٌ.
وأمّا على قراءة من قرأ: {يسبّح} -بكسر الباء -فجعله فعلًا وفاعله: {رجال} فلا يحسن الوقف إلّا على الفاعل؛ لأنّه تمام الكلام.
فقوله: {رجال} فيه إشعارٌ بهممهم السّامية، ونيّاتهم وعزائمهم العالية، الّتي بها صاروا عمّارا للمساجد، الّتي هي بيوت اللّه في أرضه، ومواطن عبادته وشكره، وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالى: {من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه} [الأحزاب: 23].
فأمّا النّساء فصلاتهن في بيوتهنّ أفضل لهنّ؛ لما رواه أبو داود، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن غيلان، حدّثنا رشدين، حدّثني عمرٌو، عن أبي السّمح، عن السّائب مولى أمّ سلمة عن أمّ سلمة -رضي اللّه عنها، -عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "خير مساجد النّساء [قعر] بيوتهنّ".
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا هارون، أخبرني عبد اللّه بن وهبٍ، حدّثنا داود بن قيسٍ، عن عبد اللّه بن سويد الأنصاريّ، عن عمّته أمّ حميدٍ -امرأة أبي حميدٍ السّاعديّ -أنّها جاءت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: يا رسول اللّه، إنّي أحبّ الصّلاة معك قال: "قد علمت أنّك تحبّين الصّلاة معي، وصلاتك في بيتك خيرٌ من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خيرٌ من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خيرٌ من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خيرٌ من صلاتك في مسجدي". قال: فأمرت فبني لها مسجدٌ في أقصى بيتٍ من بيوتها وأظلمه، فكانت تصلي فيه حتّى لقيت الله، عز وجل. لم يخرجوه.
هذا ويجوز لها شهود جماعة الرّجال، بشرط أن لا تؤذي أحدًا من الرّجال بظهور زينةٍ ولا ريح طيبٍ كما ثبت في الصّحيحين عن عبد اللّه بن عمر أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه".
رواه البخاريّ ومسلمٌ، ولأحمد وأبي داود: "وبيوتهنّ خيرٌ لهنّ" وفي روايةٍ: "وليخرجن وهنّ تفلات" أي: لا ريح لهنّ.
وقد ثبت في صحيح مسلمٍ، عن زينب -امرأة ابن مسعودٍ -قالت: قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا شهدت إحداكنّ المسجد فلا تمسّ طيبًا".
وفي الصّحيحين عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ يرجعن متلفّعاتٍ بمروطهن، ما يعرفن من الغلس.
وفي الصّحيحين أيضًا عنها أنّها قالت: لو أدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أحدث النّساء لمنعهنّ المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل.
وقوله: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه}، كقوله {يا أيّها الّذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللّه ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون} [المنافقون: 9]، وقال تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} [الجمعة: 9]
يقول تعالى: لا تشغلهم الدّنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وريحها، عن ذكر ربّهم الّذي هو خالقهم ورازقهم، والّذين يعلمون أنّ الّذي عنده هو خيرٌ لهم وأنفع ممّا بأيديهم؛ لأنّ ما عندهم ينفد وما عند اللّه باقٍ؛ ولهذا قال: {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة} أي: يقدّمون طاعته ومراده ومحبّته على مرادهم ومحبّتهم.
قال هشيم: عن سيّار: [قال] حدّثت عن ابن مسعودٍ أنّه رأى قومًا من أهل السّوق، حيث نودي بالصّلاة، تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصّلاة، فقال عبد اللّه: هؤلاء من الّذين ذكر اللّه في كتابه: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه}.
وهكذا روى عمرو بن دينارٍ القهرمانيّ، عن سالمٍ، عن عبد اللّه بن عمر، رضي اللّه عنهما، أنّه كان في السّوق فأقيمت الصّلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه}. رواه ابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن بكرٍ الصّنعانيّ، حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ حدّثنا عبد اللّه بن بجير، حدّثنا أبو عبد ربٍّ قال: قال أبو الدّرداء، رضي اللّه عنه: إنّي قمت على هذا الدّرج أبايع عليه، أربح كلّ يومٍ ثلاثمائة دينارٍ، أشهد الصّلاة في كلّ يومٍ في المسجد، أما إنّي لا أقول: "إنّ ذلك ليس بحلالٍ" ولكنّي أحبّ أن أكون من الّذين قال اللّه: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه}.
وقال عمرو بن دينارٍ الأعور: كنت مع سالم بن عبد اللّه ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصّلاة وخمّروا متاعهم، فنظر سالمٌ إلى أمتعتهم ليس معها أحدٌ، فتلا سالمٌ هذه الآية: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} ثمّ قال: هم هؤلاء.
وكذا قال سعيد بن أبي الحسن، والضّحّاك: لا تلهيهم التّجارة والبيع أن يأتوا الصّلاة في وقتها.
وقال مطرٌ الورّاق: كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النّداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ {لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه} يقول: عن الصّلاة المكتوبة. وكذا قال الرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان.
وقال السّدّي: عن الصّلاة في جماعةٍ.
وعن مقاتل بن حيّان: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصّلاة، وأن يقيموها كما أمرهم اللّه، وأن يحافظوا على مواقيتها، وما استحفظهم اللّه فيها.
وقوله: {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار} أي: يوم القيامة الّذي تتقلّب فيه القلوب والأبصار، أي: من شدّة الفزع وعظمة الأهوال، كما قال تعالى {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} [غافرٍ: 18]، وقال تعالى: {إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم: 42]، وقال تعالى: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا إنّا نخاف من ربّنا يومًا عبوسًا قمطريرًا فوقاهم اللّه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسرورًا وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرًا} [الإنسان: 8-12].
وقال هاهنا {ليجزيهم اللّه أحسن ما عملوا} أي: هؤلاء من الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيّئاتهم.
وقوله: {ويزيدهم من فضله} أي: يتقبّل منهم الحسن ويضاعفه لهم، كما قال تعالى: {إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّةٍ وإن تك حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} [النّساء: 40]، وقال تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160]، وقال {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرةً} [البقرة: 245]، وقال {واللّه يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261]كما قال هاهنا: {واللّه يرزق من يشاء بغير حسابٍ}.
وعن ابن مسعودٍ: أنّه جيء بلبنٍ فعرضه على جلسائه واحدًا واحدًا، فكلّهم لم يشربه لأنّه كان صائمًا، فتناوله ابن مسعودٍ وكان مفطرًا فشربه، ثمّ تلا قوله تعالى {يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار}، رواه النّسائيّ، وابن أبي حاتمٍ، من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عنه.
وقال [ابن أبي حاتمٍ] أيضًا: حدّثنا أبي، حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا عليّ بن مسهر عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين يوم القيامة، جاء منادٍ فنادى بصوتٍ يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، ليقم الّذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه. فيقومون، وهم قليلٌ، ثمّ يحاسب سائر الخلائق".
وروى الطّبرانيّ، من حديث بقيّة، عن إسماعيل بن عبد اللّه الكنديّ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ليوفّيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} [فاطرٍ: 30] قال: {أجورهم} يدخلهم الجنّة {، ويزيدهم من فضله}، الشّفاعة لمن وجبت له الشّفاعة، لمن صنع لهم المعروف في الدّنيا). [تفسير ابن كثير: 6/ 62-70]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة