العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:08 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الإسراء [ من الآية (45) إلى الآية (48) ]

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:11 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يحدث قال: لما أنزلت {تبت يدا أبي لهبٍ}، أقبلت امرأة أبي لهب حتى دخلت المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر؛ فلما نظر إليها أبو بكر قال: يا رسول الله، هذه فلانة، لو تنحيت عنها، فإني أخشى أن تؤذيك، فقال رسول الله: إني سأقرأ آية من كتاب الله فلا تراني، فأقبلت حتى وقفت عليهما، فقالت لأبي بكر: أين صاحبك هذا الذي يهجونا، فقال لها أبو بكر: لا، ورب هذه البنية، ما يهجوكم، قالت: بلى، بلغني أنه يهجونا، فقال لها أبو بكر مثل ذلك؛ فقال أبو بكر: فلما تولت عنا قلت: يا رسول الله، أي شيء قرأت به حتى لم ترك، قال: قرأت: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}). [الجامع في علوم القرآن: 3/34] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حجابا مستورا قال هي الأكنة). [تفسير عبد الرزاق: 1/379]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا}.
يقول تعالى ذكره: وإذا قرأت يا محمّد القرآن على هؤلاء المشركين الّذين لا يصدّقون بالبعث، ولا يقرّون بالثّواب والعقاب، جعلنا بينك وبينهم حجابًا، يحجب قلوبهم عن أن يفهموا ما تقرّوه عليهم، فينتفعوا به عقوبةً منّا لهم على كفرهم. والحجاب هاهنا: هو السّاتر كما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا} الحجاب المستور أكنّةً على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به، أطاعوا الشّيطان فاستحوذ عليهم
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {حجابًا مستورًا} قال: هي الأكنّة
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا} قال: قال أبي: لا يفقهونه، وقرأ: {وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا} لا يخلص ذلك إليهم.
وكان بعض نحويّي أهل البصرة يقول: معنى قوله حجابًا مستورًا حجابًا ساترًا، ولكنّه أخرج وهو فاعلٌ في لفظ المفعول، كما يقال: إنّك مشئومٌ علينا وميمونٌ، وإنّما هو شائمٌ ويامنٌ؛ لأنّه من شأمهم ويمنهم. قال: والحجاب ههنا: هو السّاتر. وقال: مستورًا.
وكان غيره من أهل العربيّة يقول: معنى ذلك: حجابًا مستورًا عن العباد فلا يرونه.
وهذا القول الثّاني أظهر بمعنى الكلام أن يكون المستور هو الحجاب، فيكون معناه أنّ للّه سترًا عن أبصار النّاس فلا تدركه أبصارهم، وإن كان للقول الأوّل وجهٌ مفهومٌ). [جامع البيان: 14/607-609]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ بشر بن موسى حدّثنا الحميديّ، ثنا سفيان، ثنا الوليد بن كثيرٍ، عن ابن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي اللّه عنها، قالت: لمّا نزلت {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1] أقبلت العوراء أمّ جميل بنت حربٍ ولها ولولةٌ وفي يدها فهرٌ وهي تقول: مذمّمًا أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جالسٌ في المسجد ومعه أبو بكرٍ فلمّا رآها أبو بكرٍ قال: يا رسول اللّه، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك. فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّها لن تراني» وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال: وقرأ {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا} [الإسراء: 45] فوقفت على أبي بكرٍ ولم تر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا أبا بكرٍ، إنّي أخبرت أنّ صاحبك هجاني. فقال: لا وربّ هذا البيت ما هجاك. فولّت وهي تقول: قد علمت قريشٌ أنّي بنت سيّدها «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لما نزلت (تبت يدا أبي لهب) (المسد آية 1) أقبلت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول:
مذمما أبينا * ودينه قلينا * وأمره عصينا.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك فقال: إنها لن تراني وقرأ قرآنا اعتصم به، كما قال تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا} فجاءت حتى قامت على أبي بكر رضي الله عنه: فلم تر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني فقال أبو بكر رضي الله عنه: لا ورب هذا البيت ما هجاك فانصرفت وهي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها). [الدر المنثور: 9/366-367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا ابن أبي قحافة ما شأن صاحبك ينشد في الشعر فقال: والله ما صاحبي بشاعر وما يدري ما الشعر، فقالت: أليس قد قال: (في جيدها حبل من مسد) (المسد آية 5) فما يدريه ما في جيدي فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: قل لها: هل ترين عندي أحدا فإنها لن تراني جعل بيني وبينها حجاب فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: فقالت: أتهزأ بي والله ما أرى عندك أحدا). [الدر المنثور: 9/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند المقام ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة بين يدي إذ جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية زوجة أبي لهب ومعها فهران فقالت: أين الذي هجاني وهجا زوجي والله لئن رأيته لأرضن أنثييه بهذين الفهرين، وذلك عند نزول (تبت يدا أبي لهب) قال أبو بكر رضي الله عنه: فقلت له: يا أم جميل ما هجاك ولا هجا زوجك، قالت: والله ما أنت بكذاب وإن الناس ليقولون ذلك ثم ولت ذاهبة، فقلت: يا رسول الله إنها لم ترك فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: حال بيني وبينها جبريل). [الدر المنثور: 9/367-368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (تبت يدا أبي لهب) جاءت امرأة أبي لهب فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله لو تنحيت عنها فإنها امرأة بذية فقال: إنه سيحال بيني وبينها فلا تراني فقال: يا أبا بكر هجانا صاحبك قال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله، فقال: إنك لمصدق فاندفعت راجعة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله ما رأتك قال: كان بيني وبينها ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت). [الدر المنثور: 9/368-369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الله قالوا: يهزؤون به (قلوبنا في أكنة بما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) (السجدة آية 5) فأنزل الله في ذلك من قولهم {وإذا قرأت القرآن} الآيات). [الدر المنثور: 9/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز عن العباس بن محمد المنقري رضي الله عنه قال: قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المدينة حاجا فاحتجنا إلى أن نوجه رسولا وكان في الخوف فأبى الرسول أن يخرج وخاف على نفسه من الطريق فقال الحسين رضي الله عنه: أنا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك شيء إن شاء الله تعالى فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته فذهب الرسول فلم يلبث أن جاء سالما فقال: مررت بالأعراب يمينا وشمالا فما هيجني منهم أحد والحرز عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب وإن هذا الحرز كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة: (بسم الله الرحمن الرحيم) (قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون) (المؤمنون آية 109) (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) (مريم آية 18) أخذت بسمع الله وبصره وقوته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين والأعراب والسباع والهوام واللصوص مما يخاف ويحذر فلان بن فلان سترت بينه وبينكم بستر النبوة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة جبريل عن أيمانكم وميكائيل عن شمائاكم ومحمد صلى الله عليه وسلم أمامكم والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته وما فوقه، {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا} {وجعلنا على قلوبهم أكنة} إلى قوله {نفورا} وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا). [الدر المنثور: 9/369-370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا} قال: الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم). [الدر المنثور: 9/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد وإذا قرأت القرآن الآية قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه). [الدر المنثور: 9/370]

تفسير قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا}.
يقول تعالى ذكره: وجعلنا على قلوب هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالآخرة عند قراءتك عليهم القرآن أكنّةً، وهي جمع كنانٍ، وذلك ما يتغشّاها من خذلان اللّه إيّاهم عن فهم ما يتلى عليهم {وفي آذانهم وقرًا} يقول: وجعلنا في آذانهم وقرًا عن سماعه، وصممًا. والوقر بالفتح في الأذن: الثّقل. والوقر بالكسر: الحمل.
وقوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده} يقول: وإذا قلت: لا إله إلاّ اللّه في القرآن وأنت تتلوه {ولّوا على أدبارهم نفورًا} يقول: انفضّوا، فذهبوا عنك نفورًا من قولك استكبارًا له واستعظامًا من أن يوحّد اللّه تعالى.
وبما قلنا في ذلك، قال بعض أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا} وإنّ المسلمين لمّا قالوا: لا إله إلاّ اللّه، أنكر ذلك المشركون وكبرت عليهم، فصافّها إبليس وجنوده، فأبى اللّه إلاّ أن يمضيها وينصرها ويفلجها ويظهرها على من ناوأها، إنّها كلمةٌ من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنّما يعرفها أهل هذه الجزيرة من المسلمين، الّتي يقطعها الرّاكب في ليالٍ قلائل ويسير الدّهر في فئامٍ من النّاس لا يعرفونها ولا يقرّون بها
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} قال: بغضًا لما تكلّم به لئلاّ يسمعوه، كما كان قوم نوحٍ يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلاّ يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتّوبة، ويستغشون ثيابهم، قال: يلتفّون بثيابهم، ويجعلون أصابعهم في آذانهم لئلاّ يسمعوا ولا ينظر إليهم.
وقال آخرون: إنّما عنى بقوله {ولّوا على أدبارهم نفورًا} الشّياطين، وإنّها تهرب من قراءة القرآن، وذكر اللّه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني الحسين بن محمّدٍ الذّارع، قال: حدّثنا روح بن المسيّب أبو رجاءٍ الكليبيّ، قال: حدّثنا عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} هم الشّياطين.
والقول الّذي قلنا في ذلك أشبه بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، وذلك أنّ اللّه تعالى أتبع ذلك قوله {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا} فأن يكون ذلك خبرًا عنهم أولى إذ كان بخبرهم متّصلاً من أن يكون خبرًا عمّن لم يجز له ذكرٌ.
وأمّا النّفور، فإنّها جمع نافرٍ، كما القعود جمع قاعدٍ، والجلوس جمع جالسٍ، وجائزٌ أن يكون مصدرًا أخرج من غير لفظه، إذ كان قوله {ولّوا} بمعنى: نفروا، فيكون معنى الكلام: نفروا نفورًا، كما قال امرؤ القيس:
ورضت فذلّت صعبةٌ أيّ إذلال
إذا كان رضت بمعنى: أذللت، فأخرج الإذلال من معناه، لا من لفظه). [جامع البيان: 14/609-611]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده} [الإسراء: 46].
- عن ابن عبّاسٍ {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} [الإسراء: 46] قال: الشّياطين.
رواه الطّبرانيّ، وفيه روح بن المسيّب. قال ابن معينٍ: صويلحٌ وضعّفه، وقال ابن حبّان: لا تحلّ الرّواية عنه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا} قال: بغضا لما تتكلم به لئلا يسمعوه كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة). [الدر المنثور: 9/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا} قال: الشياطين). [الدر المنثور: 9/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي جعفر محمد بن علي علي أنه قال: لم كتمتم (بسم الله الرحمن الرحيم) فنعم الاسم والله كتموا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر (ببسم الله الرحمن الرحيم) ويرفع صوته بها فتولي قريش فرارا فأنزل الله {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا}). [الدر المنثور: 9/371]

تفسير قوله تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وإذ هم نجوى} [الإسراء: 47] : " مصدرٌ من ناجيت، فوصفهم بها، والمعنى: يتناجون "). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وإذ هم نجوى مصدرٌ من ناجيت فوصفهم بها والمعنى يتناجون كذا فيه وقال أبو عبيدة في قوله إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى هو مصدر ناجيت أو اسمٌ منها فوصف بها القوم كقولهم هم عذابٌ فجاءت نجوى في موضع متناجين انتهى ويحتمل أن يكون على حذف مضافٍ أي وهو ذوو نجوى أو هو جمع نجيٍّ كقتيلٍ وقتلى). [فتح الباري: 8/390]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وإذ هم نجوى مصدرٌ من ناجيت فوصفهم بها والمعنى يتناجون
أشار به إلى قوله تعالى: {إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} (الإسراء: 47)
الآية. قوله: (إذ يستمعون إليك) ، نصب بقوله: أعلم، أي: إعلم وقت استماعهم بما به يستمعون. قوله: (وإذ هم نجوى) ، أي: وبما يتناجون به إذ هم ذو نجوى، يعني: يتناجون في أمرك، بعضهم يقول: هو مجنون، وبعضهم يقول: كاهن، وبعضهم يقول: ساحر، وبعضهم يقول: شاعر. قوله: (مصدر من ناجيت) الأظهر أنه إسم غير مصدر، وقال الجوهري: قوله تعالى: {وإذ هم نجوى} فجعلهم هم النّجوى، وإنّما النّجوى فعلهم، كما تقول: قوم رضا، وإنّما الرّضا فعلهم. انتهى. وقيل: يجوز أن يكون نجوى جمع نجي: كقتلى جمع قتيل). [عمدة القاري: 19/21]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وإذ هم نجوى} مصدر من ناجيت فوصفهم بها) أي بالنجوى فيكون من إطلاق المصدر على العين مبالغة أو على حذف مضاف أي ذو نجوى ويجوز أن يكون جمع نجيٌّ كقتيل وقتلى. (والمعنى يتناجون) ). [إرشاد الساري: 7/199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا}.
يقول تعالى ذكره: نحن أعلم يا محمّد بما يستمع به هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالآخرة من مشركي قومك، إذ يستمعون إليك وأنت تقرأ كتاب اللّه {وإذ هم نجوى}.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: النّجوى: فعلهم، فجعلهم هم النّجوى، كما يقول: هم قومٌ رضًا، وإنّما رضًا: فعلهم
وقوله {إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا} يقول: حين يقول المشركون باللّه ما تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا.
وعنى فيما ذكر بالنّجوى: الّذين تشاوروا في أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في دار النّدوة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إذ يستمعون إليك} قال: هي مثل قيل الوليد بن المغيرة ومن معه في دار النّدوة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون}.. الآية، ونجواهم أن زعموا أنّه مجنونٌ. وأنّه ساحرٌ، وقالوا: {أساطير الأوّلين}.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يذهب بقوله: {إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحورًا} إلى معنى: ما تتّبعون إلاّ رجلاً له سحرٌ: أي له رئةٌ، والعرب تسمّي الرّئة سحرًا، والمسحّر من قولهم للرّجل إذا جبن: قد انتفخ سحره، وكذلك يقال لكلّ ما أكل أو شرب من آدميٍّ وغيره: مسحور ومسحّرٌ، كما قال لبيدٌ:
فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا = عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال:
ونسحر بالطّعام وبالشّراب
أي نغذّى بهما. فكأنّ معناه عنده كان: إن تتّبعون إلاّ رجلاً له رئةٌ، يأكل الطّعام، ويشرب الشّراب، لا ملكًا لا حاجةٌ به إلى الطّعام والشّراب، والّذي قال من ذلك غير بعيدٍ من الصّواب). [جامع البيان: 14/611-613]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذ يستمعون إليك} قال: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل). [الدر المنثور: 9/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إذ يستمعون إليك} قال: هي في مثل الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة وفي قوله: {فلا يستطيعون سبيلا} قال: مخرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك الوليد بن المغيرة وأصحابه). [الدر المنثور: 9/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال: حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فتلاوموا فقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض: مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل واحد منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال: أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد، قال: والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، قال الأخنس: وأنا والذي حلفت به، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فقال: ما رأيك فيما سمعت من محمد قال: ماذا سمعت تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم). [الدر المنثور: 9/372-373]

تفسير قوله تعالى: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً}.
يقول تعالى ذكره: انظر يا محمّد بعين قلبك فاعتبر كيف مثّلوا لك الأمثال، وشبّهوا لك الأشباه، بقولهم: هو مسحورٌ، وهو شاعرٌ، وهو مجنونٌ {فضلّوا} يقول: فجاروا عن قصد السّبيل بقيلهم ما قالوا {فلا يستطيعون سبيلاً} يقول: فلا يهتدون لطريق الحقّ لضلالهم عنه وبعدهم منه، وأنّ اللّه قد خذلهم عن إصابته، فهم لا يقدرون على المخرج ممّا هم فيه من كفرهم بربهم إلى الإيمان به، كما:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فلا يستطيعون سبيلاً} قال: مخرجًا، الوليد بن المغيرة وأصحابه أيضًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً} مخرجًا، الوليد بن المغيرة وأصحابه). [جامع البيان: 14/613-614]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فلا يستطيعون سبيلا يقول لا يستطيعون مخرجا مما قالوا يعني الوليد بن المغيرة وأصحابه). [تفسير مجاهد: 363]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:28 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مّستوراً}
وقال: {حجاباً مّستوراً} لأن الفاعل قد يكون في لفظ المفعول كما تقول: "إنّك مشؤوم علينا" و"ميمون" وإنّما هو "شائم" و"يامن" لأنه من "شأمهم" و"يمنهم" و"الحجاب" ههنا هو الساتر، وقال: {مستورا} ). [معاني القرآن: 2/72-71]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}
قال أهل اللغة معنى {مستورا} ههنا في موضع ساتر،، تأويل الحجاب - واللّه أعلم - الطبع الذي على قلوبهم.
ويدل على ذلك قوله: {وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه} والأكنة جمع كنان وهو ما ستر.
ومعنى {أن يفقهوه} كراهة {أن يفقهوه} وقيل معناه ألا يفقهوه والمعنيان واحد، غير أن كراهة أجود في العربيّة.
وقيل: {جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}
الحجاب منع اللّه إياهم من النبي-عليه السلام-ويجوز أن يكون {مستورا} على غير معنى ساتر، فيكون الحجاب ما لا يرونه ولا يعلمونه من الطبع على قلوبهم).[معاني القرآن: 3/243-252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا} فيه قولان:
أحدهما أن الحجاب الطبع على قلوبهم ودل على هذا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه،
والقول الآخر أن الحجاب منع الله إياه منهم). [معاني القرآن: 4/160]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا {45} وجعلنا على قلوبهم أكنّةً} [الإسراء: 45-46] غلفٌ.
{أن يفقهوه} [الإسراء: 46] لئلا يفقهوه.
{وفي آذانهم وقرًا} [الإسراء: 46] مثل قوله: {وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً} [الجاثية: 23] سعيدٌ، عن قتادة، قال: حجابًا مستورًا، وهو أكنّةٌ على قلوبهم أن يفقهوه.
قال: {وإذا ذكرت ربّك في القرءان وحده} [الإسراء: 46] أنّه لا إله إلا هو.
[تفسير القرآن العظيم: 1/138]
{ولّوا على أدبارهم نفورًا} [الإسراء: 46] أعرضوا عنه.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: إنّ المسلمين لمّا قالوا: لا إله إلا اللّه أنكر ذلك المشركون، وكبرت عليهم، وضاقها إبليس وجنوده). [تفسير القرآن العظيم: 1/139]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وفي آذانهم وقراً} أي صمماً واستكاكاً وثقلاً وأوله مفتوح والوقر من الحمل مكسور الأول.

{ولّوا على أدبارهم نفوراً} أي أعقابهم، نفور: جمع نافر بمنزلة قاعد وقعود وجالس وجلوس). [مجاز القرآن: 1/381-380]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أكنّةً} جمع كنان. مثل غطاء وأغطية). [تفسير غريب القرآن: 255]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورا}
{وفي آذانهم وقرا} الوقر ثقل السمع، والوقر أن يحمل الإنسان وقره
وقوله: {ولّوا على أدبارهم نفورا}.
{نفورا} يحتمل مذهبين:
أحدهما المصدر. المعنى: ولّوا نافرين نفورا
ويجوز أن يكون (نفورا) جمع نافر، فيكون نافر ونفور، مثل شاهد وشهود). [معاني القرآن: 3/243]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا}
قال أبو الجوزاء الذكر قول لا إله إلا الله). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وفي آذانهم وقرا} أي: ثقلا من الصمم). [ياقوتة الصراط: 307]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أكنة} جمع كنان، مثل غطاء وأغطية). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 137]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} [الإسراء: 47] يتناجون في أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إذ يقول الظّالمون} [الإسراء: 47] المشركون.
{إن تتّبعون إلا رجلا مسحورًا} [الإسراء: 47] قال: بلغنا أنّ أبا سفيان بن حربٍ، وأبا جهل بن هشامٍ، وعتبة بن ربيعة في رهطٍ من قريشٍ قاموا من المسجد إلى دارٍ في أصل الصّفا، فيها نبيّ اللّه يصلّي فاستمعوا، فلمّا فرغ نبيّ اللّه من صلاته قال أبو سفيان: يا أبا الوليد، لعتبة، أنشدك اللّه هل تعرف شيئًا ممّا يقول؟ فقال عتبة: اللّهمّ أعرف بعضًا وأنكر بعضًا، فقال أبو جهلٍ: فأنت
يا أبا سفيان؟ فقال أبو سفيان: اللّهمّ نعم.
قال أبو سفيان لأبي جهلٍ: يا أبا الحكم هل تعرف ممّا يقول شيئًا؟ فقال أبو جهلٍ: لا واللّه الّذي جعلها بيته، يعني الكعبة، ما أعرف ممّا يقول قليلًا ولا كثيرًا.
و{إن تتّبعون إلا رجلا مسحورًا} [الإسراء: 47]، يعني: المؤمنين.
وهي تقرأ أيضًا على الياء، يقول المشركون للمؤمنين: إن يتّبعون إلا رجلا مسحورًا وقال سعيدٌ، عن قتادة: نجواهم أن زعموا أنّه مجنونٌ، وأنّه ساحرٌ.
وقالوا أساطير الأوّلين). [تفسير القرآن العظيم: 1/139]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وإذ هم نجوى} وهي مصدر من ناجيت أو اسم منها فوصف القوم بها والعرب تفعل ذلك، كقولهم: إنما هم عذاب وأنتم غم، فجاءت في موضع متناجين.

{إن تتّبعون إلاّ رجلاً مسحوراً} أي ما تتبعون كقولك ما تتبعون إلا رجلاً مسحوراً، أي له سحر وهو أيضاً مسحر وكذلك كل دابة أو طائر أو بشر يأكل فهو مسحور لأن له سحراً، والسحر الرّئة، قال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا= عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال:
ونسحر بالشراب وبالطّعام
أي نغذي لأن أهل السماء لا يأكلون فأرادوا أن يكون ملكاً). [مجاز القرآن: 1/382-381]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {نّحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلاّ رجلاً مّسحوراً}
وقال: {وإذ هم نجوى} وإنما "النّجوى" فعلهم كما تقول: "هم قومٌ رضىً" وإنما "الرّضى" فعلهم). [معاني القرآن: 2/72]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {مسحورا} فقالوا: به سحر ساكنة الحاء؛ وسحر وسحر بالتحريك؛ وهي الرئة؛ يقول: هو أجوف له رئة؛ وكذلك كل دابة تأكل؛ أو طائر فهو مسحور.
وقال لبيد في ذلك:
إن تسألينا فيم نحن فإننا = عصافير من هذا الأنام المسحر
يريد: المغذو.
وقول امرئ القيس:
[معاني القرآن لقطرب: 836]
............... = ونسحر بالطعام وبالشراب
من هذا.
وكان الحسن يقول {إنما أنت من المسحرين} قال: إنما أنت من المسفهين؛ وهو عند أبي عمرو من السحر.
قال أبو علي: وهو في قولنا من المخلوقين على ماذ كرنا؛ ومن قوله: له سحر؛ وانتفخ سحره: أي رئته، وسحره، وسحره). [معاني القرآن لقطرب: 837]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وإذ هم نجوى}: مصدر ناجيت والمعنى متناجون ويقال للقوم هم نجوى. وقال {هم ما يكون من نجوى ثلاثة}
ويقال: الرجل نجي والرجلان نجيان والقوم أنجية. وقد يجوز أن يقال للقوم نجي والمرأة نجي. وقال الله {خلصوا نجيا} فجعله موحدا وهو صفة للقوم.
{رجلا مسحورا}: قالوا من السحر، وبعضهم يقول من السحر، والسحر الرئة. والمعنى أنه كان يأكل الطعام، وكل شيء يأكل الطعام يقال سحر ويقال له سحر).
[غريب القرآن وتفسيره: 217-216]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذ هم نجوى} أي متناجون: يسار بعضهم بعضا.
{إن تتّبعون إلّا رجلًا مسحوراً}. قال أبوة عبيدة: يريدون بشرا ذا سحر، ذا رئة. ولست أدري ما اضطره إلى هذا التفسير المستكره؟.
وقد سبق التفسير من السلف بما لا استكراه فيه. قال مجاهد في قوله: {إلّا رجلًا مسحوراً} أي مخدوعا، لأن السحر حيلة وخديعة.
وقالوا في قوله: {فأنّى تسحرون}: أي من أين تخدعون؟ {إنّما أنت من المسحّرين} أي من المعلّلين.
وقال امرؤ القيس: ونسحر بالطّعام وبالشراب أي نعلّل، فكأنا نخدع.
وقال لبيد: فإن تسألينا: فيم نحن؟ فإنّنا عصافير من هذا الأنام المسحّر
أي المعلّل. والناس يقولون: سحرتني بكلامك. يريدون خدعتني.
وقوله: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال} يدل على هذا التأويل لأنهم لو أرادوا رجلا ذا رئة، لم يكن في ذلك مثل ضربوه.
ولكنهم لما أرادوا رجلا مخدوعا - كأنه بالخديعة سحر - كان مثلا ضربوه، وتشبيها شبهوه.
وكأن المشركين ذهبوا إلى أن قوما يعلّمونه ويخدعونه.
وقال اللّه في موضع آخر حكاية عنهم: {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ}.
وقول فرعون: {إنّي لأظنّك يا موسى مسحوراً} لا يجوز أن يكون أراد به: إني لأظنك إنسانا ذا رئة،
وإنما أراد: إني لأظنك مخدوعا.
والرفات ما رفت. وهو مثل الفتات). [تفسير غريب القرآن: 257-255]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلّا رجلا مسحورا }
{نجوى} في معنى المصدر، أي وإذ هم ذوو نجوى، والنجوى اسم للمصدر، وكانوا يستمعون من النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولون بينهم: هو ساحر وهو مسحور وما أشبه ذلك من القول.
وقال أهل اللغة في قوله: {إلّا رجلا مسحورا} قولين:
أحدهما أن مسحورا ذو سحر، والسحر الرنّة،
وقالوا: إن تتبعون إلا من له سحر بشر مثلكم يأكل الطعام.
قال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا= عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقالوا: مسحورا أي قد سحر وأزيل عن حدّ الاستواء). [معاني القرآن: 3/243-244]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى} أي ذوو نجوة أي سرار ثم بين ما يتناجون به فقال جل ثناءه إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا في معناه قولان:
قال مجاهد أي مخدوعا
وقال أبو عبيدة أي له سَحْرٌ والسَّحْرُ والسُّحْرُ الرئة
والمعنى عنده إن تتبعون إلا بشرا أي ليس بملك قال أبو جعفر والقول الأول أنسب بالمعنى وأعرف في كلام العرب لأنه يقال ما فلان إلا مسحور أي مخدوع كما
قال تعالى: {إني لأظنك يا موسى مسحورا}
أي مخدوعا قال الشاعر:
أرانا موضعين لحتم غيب = ونسحر بالطعام وبالشراب
أي نعلل بهما فكأنهما نخدع ويبينه قوله تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال}
وقال في موضع أخر ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر). [معاني القرآن: 4/162-161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وإذ هم نجوى} أي متناجون، يسار بعضهم بعضا.
{إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} أي مخدوعا، ومنه قوله تعالى: {فأنى تسحرون} أي: من أين تخدعون. وقيل: مسحورا: ذا رئة، والسحر: الرئة، وقيل: مخادعا،
وقيل: معالا بالطعام والشراب. وقيل: مسحورا بالسحر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 137]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {النَّجوى}: السرار). [العمدة في غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَسْحوراً}: من السحر). [العمدة في غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا} [الإسراء: 48] بقولهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/139]
{فلا يستطيعون سبيلا} [الإسراء: 48] قال مجاهدٌ: مخرجًا.
وقال مجاهدٌ: {إذ يستمعون إليك} [الإسراء: 47] قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار النّدوة.
{فلا يستطيعون سبيلا} [الإسراء: 48]، يعني: مخرجًا.
الوليد بن المغيرة وأصحابه). [تفسير القرآن العظيم: 1/140]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:36 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) }

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والوقر الثقل في الأذن من قول الله تبارك
وتعالى (وفي آذاننا وقر) ويقال منه قد وقرت أذنه فهي موقورة ويقال اللهم قر أذنه ويقال أيضا قد وقرت أذنه توقر وقرا والوقر الثقل يحمل على رأس أو على ظهر من قوله تبارك وتعالى (فالحاملات وقرا) ويقال جاء يحمل وقره قال الفراء ويقال هذه امرأة موقرة وموقرة إذا حملت حملا ثقيلا وهذه نخلة موقر وموقرة وموقرة وقد وقر الرجل من الوقار فهو وقور). [إصلاح المنطق: 3-4] (م)

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال سحيم بن وثيل اليربوعي، وأدرك الإسلام:
...

ظلت نساؤهم والقوم أنجية = يعدى عليها كما يعدى على النعم
...
وواحد الأنجية نجي. كما ترى وهم جماعة يتناجون، كما قال تعالى: {خلصوا نجيا} والأنجية: جماعة النجي، كأنهم الجماعات. قال الراجز:
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه
ومنه النجوى: أي الجماعة يتناجون، قال عز وجل: {وإذ هم نجوى} والنجوى أيضا: المناجاة. قال: {وأسروا النجوى} وقال: {فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} وأما قوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة} فيمكن أن يعني الجماعة، ويمكن المناجاة يحتمل المعنيين، أبو حاتم:
كما يعدى على الغنم). [النوادر في اللغة: 158-160] (م)

تفسير قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:38 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:39 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:51 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا}
هذه الآية تحتمل معنيين: أحدهما أن الله تعالى أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يحميه من الكفرة; أهل مكة الذين كانوا يؤذونه في وقت قراءته القرآن وصلاته في المسجد، ويريدون مد اليد إليه، وأحوالهم في هذا المعنى مشهورة. والمعنى الآخر أنه تعالى أعلمه أنه يجعل بين الكفرة وبين فهم ما يقرؤه محمد صلى الله عليه وسلم حجابا، فالآية -على هذا التأويل- في معنى التي بعدها، وعلى التأويل الأول هما آيتان لمعنيين.
وقوله: "مستورا" أظهر ما فيه أن يكون نعتا للحجاب، أي مستورا عن أعين الخلق، فلا يدركه أحد برؤية كسائر الحجب، وإنما هو من قدرة الله وكفايته وإضلاله بحسب التأويلين المذكورين، وقيل: التقدير: مستورا به، على حذف العائد، وقال الأخفش: "مستورا" بمعنى: ساتر، كمشؤم وميمون، بمعنى: شائم ويأمن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا -لغير داعية إليه- تكلف، وليس مثاله بمسلم. وقيل: هو على جهة المبالغة، كما قالوا: شعر شاعر، وهذا معترض بأن المبالغة أبدا إنما تكون باسم الفاعل ومن اللفظ الأول، فلو قال حجابا حاجبا لكان التنظير صحيحا). [المحرر الوجيز: 5/487]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنة} الآية. "الأكنة": جمع كنان، وهو ما غطى الشيء، ومنه كنانة النبل، و"الوقر": الثقل في الأذن المانع من السمع، فهو الصمم، وهذه كلها استعارات للإضلال الذي حفهم الله به، فعبر عن كثرة ذلك وعظمه بأنهم بمثابة من غطي قلبه وصمت أذنه.
وقوله تعالى: {وإذا ذكرت ربك} الآية، يريد: إذا جاءت مواضع التوحيد في القرآن أثناء قراءتك فر كفار مكة من سماع ذلك إنكارا له واستبشاعا; إذ فيه رفض آلهتهم واطراحها، وقال بعض العلماء: إن ملأ قريش دخلوا على أبي طالب يزورونه، فدخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ ومر بالتوحيد، ثم قال: يا معشر قريش: قولوا: "لا إله
[المحرر الوجيز: 5/487]
إلا الله" تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، فولوا ونفروا، فنزلت الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وأن تكون الآية وصف حال الفارين عنه في وقت توحيده في قراءته أبين وأجرى مع اللفظ.
وقوله تعالى: "نفورا" يصح أن يكون مصدرا في موضع الحال، ويصح أن يكون جمع نافر، كشاهد وشهود; لأن فعولا من أبنية فاعل في الصفات، ونصبه على الحال، أي: نافرين، وقوله تعالى: {أن يفقهوه}، "أن" نصب على المفعول، أي: كراهة أن، أو منع أن، والضمير في "يفقهوه" عائد على القرآن. وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت: إنما عنى بقوله: {ولوا على أدبارهم نفورا} الشياطين، وأنهم يفرون من قراءة القرآن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يريد أن المعنى يدل عليهم وإن لم يجر لهم ذكر في اللفظ، وهذا نظير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان له خصاص"). [المحرر الوجيز: 5/488]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {نحن أعلم بما يستمعون به} الآية. هذا كما تقول: فلان يستمع بحرص وإقبال، أو بإعراض وتغافل واستخفاف، فالضمير في "به" عائد على "ما" وهي بمعنى "الذي"، والمراد بالذي ما ذكرناه من الاستخفاف والإعراض، فكأنه قال: نحن أعلم بالاستخفاف والاستهزاء الذي يستمعون به، أي هو ملازمهم، يفضح الله بهذه الآية سرهم، والعامل في "إذ" الأولى وفي المعطوفة عليها "يستمعون" الأولى. وقوله تعالى: {وإذ هم نجوى} وصفهم بالمصدر، كما قالوا: قوم رضى وعدل، وقيل:
[المحرر الوجيز: 5/488]
المراد بقوله تعالى: {وإذ هم نجوى} اجتماعهم في دار الندوة، ثم انتشرت عنهم.
وقوله تعالى: "مسحورا" الظاهر فيه أن يكون من السحر، فشبهوا الخبال الذي عنده بزعمهم وأقواله الوخيمة برأيهم بما يكون من المسحور الذي قد خبل السحر عقله وأفسد كلامه. وتكون الآية -على هذا- شبيهة بقول بعضهم: "به جنة" ونحو هذا، وقال أبو عبيدة: "مسحورا" معناه: ذا سحر، وهي الرئة، يقال لها: "سحر وسحر" بضم السين، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري". ومنه قولهم للجبان "انتفخ سحره" لأن الجازع تنتفخ رئته، فكأن مقصد الكفار بهذا التشبيه على أنه بشر، أي: ذا رئة، قال: ومن هذا يقال لكل من يأكل ويشرب من آدمي وغيره: "مسحور ومسحر"، ومنه قول امرئ القيس:
ونسحر بالطعام وبالشراب
وقول لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافير من هذا الأنام المسحر
[المحرر الوجيز: 5/489]
ومنه: السحور، وهو إلى هذه اللفظة أقرب منه إلى السحر، ويشبه أن يكون من السحر كالصبوح من الصباح، والآية التي بعد هذا تقوي أن اللفظة التي في الآية من السحر بكسر السين، لأن ( ....) حينئذ في قولهم ضرب مثل له، وأما على أنها من السحر الذي هو الرئة، ومن التغذي وأن تكون الإشارة إلى أنه بشر، فلم يضرب له في ذلك مثل، بل هي صفة حقيقة له). [المحرر الوجيز: 5/490]

تفسير قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا}
ضرب المثل له هو قولهم: مسحور، ساحر، مجنون، متكهن; لأنه لم يكن عندهم متيقنا بأحد هذه، فإنما كانت منهم على جهة التشبيه، ثم رأى الوليد بن المغيرة أن أقرب هذه الأمور على تخيل الطارئين عليهم هو أنه ساحر، ثم حكم الله تبارك وتعالى عليهم بالضلال.
وقوله تعالى: {فلا يستطيعون سبيلا} يحتمل معنيين: أحدهما: لا يستطيعون سبيلا إلى الهدى والنظر المؤدي إلى الإيمان، فتجري الآية مجرى قوله تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنة} ونحو هذا. والآخر: لا يستطيعون سبيلا إلى إفساد أمرك،
[المحرر الوجيز: 5/490]
وإطفاء نور الله بضربهم الأمثال لك، واتباعهم كل حيلة في جهتك.
وحكى الطبري أن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه). [المحرر الوجيز: 5/491]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:57 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا (45) وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا (46)}
يقول تعالى لرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإذا قرأت -يا محمّد -على هؤلاء المشركين القرآن، جعلنا بينك وبينهم حجابًا مستورًا.
قال قتادة، وابن زيدٍ: هو الأكنّة على قلوبهم، كما قال تعالى: {وقالوا قلوبنا في أكنّةٍ ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقرٌ ومن بيننا وبينك حجابٌ} [فصّلت: 5] أي: مانعٌ حائلٌ أن يصل إلينا ممّا تقول شيءٌ.
وقوله: {حجابًا مستورًا} أي: بمعنى ساترٍ، كميمونٍ ومشئومٍ، بمعنى: يامنٍ وشائمٍ؛ لأنّه من يمنهم وشأمهم.
وقيل: مستورًا عن الأبصار فلا تراه، وهو مع ذلك حجابٌ بينهم وبين الهدى، ومال إلى ترجيحه ابن جريرٍ، رحمه اللّه.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا أبو موسى الهرويّ إسحاق بن إبراهيم، حدّثنا سفيان، عن الوليد بن كثيرٍ، عن يزيد بن تدرس، عن أسماء بنت أبي بكرٍ [الصّدّيق] رضي اللّه عنها، قالت: لـمّا نزلت {تبّت يدا أبي لهب وتبٍ} [سورة المسد] جاءت العوراء أمّ جميلٍ ولها ولولة، وفي يدها فهر وهي تقول: مدمّما أتينا -أو: أبينا، قال أبو موسى: الشّكّ منّي -ودينه قلينا، وأمره عصينا. ورسول اللّه جالسٌ، وأبو بكرٍ إلى جنبه -أو قال: معه -قال: فقال أبو بكرٍ: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك، فقال: "إنّها لن تراني"، وقرأ قرآنًا اعتصم به منها: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا}. قال: فجاءت حتّى قامت على أبي بكرٍ، فلم تر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: يا أبا بكرٍ، بلغني أنّ صاحبك هجاني. فقال أبو بكرٍ: لا وربّ هذا البيت ما هجاك. قال: فانصرفت وهي تقول: لقد علمت قريشٌ أنّي بنت سيّدها). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 81-82]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجعلنا على قلوبهم أكنّةً}: جمع "كنانٍ"، الّذي يغشى القلب {أن يفقهوه} أي: لئلّا يفهموا القرآن {وفي آذانهم وقرًا} وهو الثقل الّذي يمنعهم من سماع القرآن سماعًا ينفعهم ويهتدون به.
وقوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده} أي: إذا وحّدت اللّه في تلاوتك، وقلت: "لا إله إلّا اللّه" {ولّوا} أي: أدبروا راجعين {على أدبارهم نفورًا} ونفورٌ: جمع نافرٍ، كقعودٍ جمع قاعدٍ، ويجوز أن يكون مصدرًا من غير الفعل، واللّه أعلم، كما قال تعالى: {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين من دونه إذا هم يستبشرون} [الزّمر: 45].
قال قتادة في قوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} إنّ المسلمين لـمّا قالوا: "لا إله إلّا اللّه"، أنكر ذلك المشركون، وكبرت عليهم، وضاقها إبليس وجنوده، فأبى اللّه إلّا أن يمضيها وينصرها ويفلجها ويظهرها على من ناوأها، إنّها كلمةٌ من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنّما يعرفها أهل هذه الجزيرة من المسلمين، الّتي يقطعها الرّاكب في ليالٍ قلائل، ويسير الدّهر في فئامٍ من النّاس، لا يعرفونها ولا يقرّون بها.
قولٌ آخر في الآية:
وروى ابن جريرٍ: حدّثني الحسين بن محمّدٍ الذّارع، حدّثنا روح بن المسيّب أبو رجاءٍ الكلبيّ، حدّثنا عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورًا} هم الشّياطين.
هذا غريبٌ جدًّا في تفسيرها، وإلّا فالشّياطين إذا قرئ القرآن، أو نودي بالأذان، أو ذكر اللّه، انصرفوا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 82-83]

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلا رجلا مسحورًا (47) انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا (48)}.
يخبر تعالى نبيّه -صلوات اللّه [وسلامه] عليه -بما تناجى به رؤساء كفّار قريشٍ، حين جاءوا يستمعون قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سرًّا من قومهم، بما قالوا من أنّه رجلٌ مسحورٌ، من السّحر على المشهور، أو من "السّحر"، وهو الرّئة، أي: إن تتّبعون -إن اتّبعتم محمّدًا - {إلا بشرًا} يأكل [ويشرب]، كما قال الشّاعر:
فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا = عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال الرّاجز
ونسحر بالطّعام وبالشّراب
أي: نغذى: وقد صوّب هذا القول ابن جريرٍ، وفيه نظرٌ؛ لأنّهم إنّما أرادوا هاهنا أنّه مسحورٌ له رئًى يأتيه بما استمعوه من الكلام الّذي يتلوه ومنهم من قال: "شاعرٌ"، ومنهم من قال: "كاهنٌ"، ومنهم من قال: "مجنونٌ"، ومنهم من قال: "ساحرٌ"؛ ولهذا قال تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا} أي: فلا يهتدون إلى الحقّ، ولا يجدون إليه مخلصًا.
قال محمّد بن إسحاق في السّيرة: حدّثني محمّد بن مسلم بن شهابٍ الزّهريّ، أنّه حدث أنّ أبا سفيان بن حربٍ، وأبا جهل بن هشامٍ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهبٍ الثّقفيّ، حليف ابن زهرة، خرجوا ليلةً ليستمعوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو يصلّي باللّيل في بيته، فأخذ كل واحد منهم مجلسًا يستمع فيه، وكلّ لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا. حتّى إذا جمعتهم الطّريق، فتلاوموا، وقال بعضهم لبعضٍ: لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئًا، ثمّ انصرفوا. حتّى إذا كانت اللّيلة الثّانية عاد كلّ رجلٍ منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا حتّى إذا جمعتهم الطّريق فقال بعضهم لبعضٍ مثل ما قال أوّل مرّةٍ، ثمّ انصرفوا. حتّى إذا كانت اللّيلة الثّالثة، أخذ كلّ رجلٍ منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا، فجمعهم الطّريق فقال بعضهم لبعضٍ: لا نبرح حتّى نتعاهد لا نعود، فتعاهدوا على ذلك، ثمّ تفرّقوا.
فلمّا أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه، ثمّ خرج حتّى أتى أبا سفيان بن حربٍ في بيته، فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمّدٍ؟ قال: يا أبا ثعلبة، واللّه لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها، ولا ما يراد بها. قال الأخنس: وأنا والّذي حلفت به. قال: ثمّ خرج من عنده حتّى أتى أبا جهلٍ، فدخل عليه بيته، فقال: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمّدٍ؟ قال: ماذا سمعت؟! تنازعنا نحن وبنو عبد منافٍ الشّرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتّى إذا تجاثينا على الرّكب، وكنّا كفرسي رهان قالوا: منّا نبيٌّ يأتيه الوحي من السّماء، فمتى ندرك هذه؟ واللّه لا نؤمن به أبدًا ولا نصدّقه. قال: فقام عنه الأخنس وتركه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 83-84]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة