العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة القصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:01 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة القصص [ من الآية (79) إلى الآية (84) ]

{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي الرواد، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قول الله: {فخرج على قومه في زينته}، على براذين بيض سروجهم الأرجوان وعليهم المعصفرات). [الجامع في علوم القرآن: 1/48]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عثمان بن الأسود عن مجاهد في قوله فخرج على قومه في زينته قال خرج على براذين بيض سروجها أرجوان وعليه ثياب معصفرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/94]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال خرج على أربعة آلاف دافة عليهم ثياب حمر منها ألف بغلة بيضاء عليها قطائف أرجوان). [تفسير عبد الرزاق: 2/94]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: فخرج قارون على قومه في زينته، وهي فيما ذكر ثياب الأرجوان.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا طلحة بن عمرٍو، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ، {فخرج على قومه في زينته} قال: في القرمز.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثيابٍ حمرٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، {فخرج على قومه في زينته} قال: على براذين بيضٍ، عليها سروج الأرجوان، عليهم المعصفرات.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {فخرج على قومه في زينته} قال: عليه ثوبان معصفران.
وقال ابن جريجٍ: على بغلةٍ شهباء عليها الأرجوان، وثلاث مائة جاريةٍ على البغال الشّهب، عليهنّ ثيابٌ حمرٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي ويحيى بن يمانٍ، عن مباركٍ، عن الحسن، {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثيابٍ حمرٍ وصفرٍ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، أنّه سمع إبراهيم النّخعيّ قال في هذه الآية {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثيابٍ حمرٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن إبراهيم النّخعيّ، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا غندرٌ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن إبراهيم مثله.
- حدّثنا محمّد بن عمر بن عليٍّ المقدّميّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن حكيمٍ، قال: دخلنا على مالك بن دينارٍ عشيّةً، وإذا هو في ذكر قارون، قال: وإذا رجلٌ من جيرانه عليه ثيابٌ معصفرةٌ، قال: فقال مالكٌ: {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثيابٍ مثل ثياب هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فخرج على قومه في زينته}: ذكر لنا أنّهم خرجوا على أربعة آلاف دابّةٍ، عليهم وعلى دوابّهم الأرجوان.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فخرج على قومه في زينته} قال: خرج في سبعين ألفًا، عليهم المعصفرات، فيما كان أبي يذكر لنا.
{قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} يقول تعالى ذكره: قال الّذين يريدون زينة الحياة الدّنيا من قوم قارون: يا ليتنا أعطينا مثل ما أعطي قارون من زينتها، {إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ} يقول: إنّ قارون لذو نصيبٍ من الدّنيا). [جامع البيان: 18/328-330]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ (79)
قوله تعالى: فخرج على قومه في زينته
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يمانٌ وابن إدريس وأبو خالدٍ، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ فخرج على قومه في زينته قال: خرج على البراذين البيض عليها سروج الأرجوان عليهم المعصفرات والسّياق لأبي خالدٍ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا سعيد بن محمّدٍ الورّاق، عن طلحة، عن عطاءٍ فخرج على قومه في زينته قال: في ثوبين أحمرين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ حدّثنا عقبة، عن مباركٍ، عن الحسن فخرج على قومه في زينته قال: في صفرٍ وحمرٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فخرج على قومه في زينته وكانت زينته أنّه خرج في جوارٍ بيضٍ على سروجٍ من ذهبٍ على قطف أرجوانٍ وهنّ على بغالٍ بيضٍ عليهنّ ثيابٌ حمرٌ وحليّ ذهبٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، ثنا نوح بن قيسٍ، عن أخيه خالد بن قيسٍ، عن قتادة فخرج على قومه في زينته قال: على ألف بغلةٍ شهبٍ عليها مياثر الأرجوان.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، عن الحسن بن يحيى، عن ابن جابرٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ في قول اللّه: فخرج على قومه في زينته قال: خرج عليهم في أربعة آلافٍ على البغال الشّهب في الرحائل البزيون.
- حدّثنا أبي، ثنا صالح بن عبد اللّه الهاشميّ، ثنا الوليد، ثنا ابن حديرٍ، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: فخرج على قومه في زينته قال: ذكر لنا أنّهم خرجوا على أربعة آلاف دابّةٍ عليهم وعلى دوابّهم الأرجوان.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ، فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: فخرج على قومه في زينته قال: خرج في سبعين ألفًا عليهم المعصفرات، وكان ذلك أوّل يومٍ في الأرض رؤيت المعصفرات فيما كان أبي يذكر ذلك لنا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ عن جويبرٍ، عن الضّحّاك فخرج على قومه في زينته قال: شارته.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ ثنا الحسن بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: فخرج على قومه في زينته قال: في حشمه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن ابن جريجٍ فخرج على قومه في زينته قال: خرج على بغلةٍ شهباء، عليها الأرجوان ومعه ثلاثمائة جاريةٍ على بغالٍ شهبٍ عليهنّ ثياب الحمر.
- ذكر عن المسيّب بن واضحٍ، ثنا الجرّاح بن مليحٍ البهرائيّ، عن الزّبيديّ في قوله: فخرج على قومه في زينته قال: كان عليه ثيابٌ حمرٌ وخفّان أبيضان.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن منيعٍ، ثنا خالد بن عبد الرّحمن البزّار، عن محمّد بن مسلمٍ الطّائفيّ، عن عبدة بن أبي لبابة قال: أوّل من صبغ بالسّواد قارون.
قوله تعالى: قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسن بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: الّذين يريدون الحياة الدّنيا أناسٌ من أهل التّوحيد قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون.
قوله تعالى: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ فخرج على قومه في زينته فلمّا رآه قومه في زينته قالوا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون
قوله تعالى: إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا رجلٌ سمّاه، ثنا نصرٌ، عن الضّحّاك لذو حظٍّ عظيمٍ يعني: درجةً عظيمةً.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ قال: ذو جدٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3013-3015]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: خرج على براذين بيض عليها سرج من أرجوان وعليها ثياب معصفرة). [الدر المنثور: 11/511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثوبين أحمرين). [الدر المنثور: 11/511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي الزبير رضي الله عنه قال: خرج قارون على قومه في ثوبين بغير عصفر كالقرمز). [الدر المنثور: 11/511]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: في ثياب صفر وحمر). [الدر المنثور: 11/511-512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات وكان ذلك أول يوم في الأرض رؤيت المعصفرات فيها). [الدر المنثور: 11/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: في حشمه، وذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة الآف دابة عليهم ثياب حمر منها ألف بغلة بيضاء وعلى دوابهم قطائف الارجوان). [الدر المنثور: 11/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: خرج على بغلة شهباء عليها الارجوان وعليها ثلاثمائة جارية على بغال شهب عليهن ثياب حمر). [الدر المنثور: 11/512]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فخرج على قومه في زينته} قال: خرج في جوار بيض على سروج من ذهب على قطف أرجوان وهن على بغال بيض عليهن ثياب حمر وحلى ذهب). [الدر المنثور: 11/512-513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أوس بن أوس الثقفي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {فخرج على قومه في زينته} قال في أربعة آلاف بغل يعني عليه البزيون). [الدر المنثور: 11/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة بن أبي لبابة رضي الله عنه قال: أول من صبغ بالسواد قارون). [الدر المنثور: 11/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال الذين يريدون الحياة الدنيا} قال: أناس من أهل التوحيد قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} وفي قوله {ولا يلقاها إلا الصابرون} يعني لا يلقى ثواب الله والصواب من القول). [الدر المنثور: 11/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إنه لذو حظ عظيم} قال: ذو جد). [الدر المنثور: 11/513]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه، وهو ابن نوفل الهاشمي قال: بلغنا أن قارون أوتي من الكنوز والمال حتى جعل باب داره من ذهب وجعل داره كلها من صفائح الذهب وكان الملا من بني اسرائيل يغدون اليه ويروحون يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده وكان مؤذيا لموسى عليه الصلاة والسلام فلم تدعه القسوة والهوى حتى أرسل إلى امرأة من بني اسرائيل مذكورة بالجمال كانت تذكر بريبة فقال لها: هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتين والملا من بني اسرائيل عندي فتقولين: يا قارون ألا تنهي موسى عني فقالت: بلى، فلما جاء أصحابه واجتمعوا عنده دعا بها فقامت على رؤوسهم فقلب الله قلبها ورزقها التوبة فقالت: ما أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله وأبرى ء رسول الله عليه فقالت: ان قارون بعث الي فقال: هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني اسرائيل عندي وتقولين: يا قارون ألا تنهي موسى عني فاني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله وأبريء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكس قارون رأسه وعرف انه قد هلك، وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى عليه السلام وكان موسى عليه السلام شديد الغضب، فلما بلغه توضأ ثم صلى وسجد وبكى وقال: يا رب، عدوك قارون كان لي مؤذيا فذكر أشياء ثم لن يناه حتى أراد فضيحتي، يا رب سلطني عليه، فأوحى الله اليه: ان مر الأرض بما شئت تطعك، فجاء موسى إلى قارون فلما رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال: يا موسى ارحمني فقال موسى عليه السلام: يا أرض خذيهم فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه حتى تغيبت أقدامهم وساخت دارهم على قدر ذلك فقال قارون: يا موسى ارحمني فقال: يا أرض خذيهم فخسف به وبداره وبأصحابه فلما خسف به قيل له: يا موسى ما أفظك أما وعزتي لو إياي دعا لرحمته وقال أبو عمران الجوني: فقيل لموسى: لا أعبد الأرض بعدك أحدا). [الدر المنثور: 11/514-516]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون}.
يقول تعالى ذكره: وقال الّذين أوتوا العلم باللّه، حين رأوا قارون خارجًا عليهم في زينته، للّذين قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون}: ويلكم، اتّقوا اللّه وأطيعوه، فثواب اللّه وجزاؤه لمن آمن به وبرسله، وعمل بما جاءت به رسله من صالحات الأعمال في الآخرة، خيرٌ ممّا أوتي قارون من زينته وماله لقارون.
وقوله: {ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون} يقول: {ولا يلقّاها}: أي ولا يوفّق لقيل هذه الكلمة، وهي قوله: {ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} والهاء والألف كنايةٌ عن الكلمة. وقال: {إلاّ الصّابرون} يعني بذلك: الّذين صبروا عن طلب زينة الحياة الدّنيا، وآثروا ما عند اللّه من جزيل ثوابه على صالحات الأعمال على لذّات الدّنيا وشهواتها، فجدّوا في طاعة اللّه، ورفضوا الحياة الدّنيا). [جامع البيان: 18/330-331]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلّا الصّابرون (80)
قوله تعالى: وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن
- وبه عن السّدّيّ يعني قوله: وقال الّذين أوتوا العلم قال الّذين يريدون الآخرة ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن.
قوله تعالى: لمن آمن
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: لمن آمن يعني: وحّد اللّه.
قوله تعالى: وعمل صالحًا
فيما بينه وبين اللّه. تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: ولا يلقّاها إلا الصّابرون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ولا يلقّاها إلا الصّابرون يعني: الجنّة.
قوله تعالي: إلا الصابرون
تقدم تفسير الصبر، قول عمرو سعيد بن جبيرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3015-3016]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قال الذين يريدون الحياة الدنيا} قال: أناس من أهل التوحيد قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} وفي قوله {ولا يلقاها إلا الصابرون} يعني لا يلقى ثواب الله والصواب من القول). [الدر المنثور: 11/513] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين}.
يقول تعالى ذكره: فخسفنا بقارون وأهل داره.
وقيل: {وبداره}، لأنّه ذكر أنّ موسى إذ أمر الأرض أن تأخذه أمرها بأخذه، وأخذ من كان معه من جلسائه في داره، وكانوا جماعةً جلوسًا معه، وهم على مثل الّذي هو عليه من النّفاق والمؤازرة على أذى موسى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: أخبرنا الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت الزّكاة أتى قارون موسى، فصالحه على كلّ ألف دينارٍ دينارًا، وكلّ ألف شيءٍ شيئًا، أو قال: وكلّ ألف شاةٍ شاةً، الطّبريّ يشكّ، قال: ثمّ أتى بيته فحسبه فوجده كثيرًا، فجمع بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل إنّ موسى قد أمركم بكلّ شيءٍ فأطعتموه، وهو الآن يريد أن يأخذ من أموالكم، فقالوا: أنت كبيرنا وأنت سيّدنا، فمرنا بما شئت، فقال: آمركم أن تجيئوا بفلانة البغيّ فتجعلوا لها جعلاً، فتقذفه بنفسها، فدعوها فجعل لها جعلاً على أن تقذفه بنفسها، ثمّ أتى موسى، فقال لموسى: إنّ بني إسرائيل قد اجتمعوا لتأمرهم ولتنهاهم، فخرج إليهم وهم في براحٍ من الأرض، فقال: يا بني إسرائيل من سرق قطعنا يده، ومن افترى جلدناه ثمانين، ومن زنى وليس له امرأةٌ جلدناه مائةً، ومن زنى وله امرأةٌ جلدناه حتّى يموت، أو رجمناه حتّى يموت، والطّبريّ يشكّ، فقال له قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإنّ بني إسرائيل يزعمون أنّك فجرت بفلانة. قال: ادعوها، فإن قالت فهو كما قالت؛ فلمّا جاءت قال لها موسى: يا فلانة، قالت: يا لبّيك، قال: أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ قالت: لا وكذبوا، ولكن جعلوا لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي؛ فوثب، فسجد وهو بينهم، فأوحى اللّه إليه: مر الأرض بما شئت، قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أقدامهم. ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم. ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى حقيّهم، ثمّ قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، قال: فجعلوا يقولون: يا موسى، يا موسى، ويتضرّعون إليه.
قال: يا أرض خذيهم، فاطبقت عليهم، فأوحى اللّه إليه: يا موسى، يقول لك عبادي: يا موسى، يا موسى، فلا ترحمهم؟ أما لو إيّاي دعوا، لوجدوني قريبًا مجيبًا؛ قال: فذلك قول اللّه: {فخرج على قومه في زينته} وكانت زينته أنّه خرج على دوابٍّ شقرٍ عليها سروجٌ حمرٌ، عليهم ثيابٌ مصبّغةٌ بالبهرمان. {قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} إلى قوله: {إنّه لا يفلح الكافرون} يا محمّد {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن المنهال، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أمر اللّه موسى بالزّكاة، قال: رموه بالزّنا، فجزع من ذلك، فأرسلوا إلى امرأةٍ كانوا قد أعطوها حكمها على أن ترميه بنفسها؛ فلمّا جاءت عظّم عليها وسألها بالّذي فلق البحر لبني إسرائيل، وأنزل التّوراة على موسى إلاّ صدقت. قالت: إذ قد استحلفتني، فإنّي أشهد أنّك بريءٌ، وأنّك رسول اللّه، فخرّ ساجدًا يبكي، فأوحى اللّه تبارك وتعالى: ما يبكيك؟ قد سلّطناك على الأرض، فمرها بما شئت، فقال: خذيهم، فأخذتهم إلى ما شاء اللّه، فقالوا: يا موسى، يا موسى، فقال: خذيهم، فأخذتهم إلى ما شاء اللّه، فقالوا: يا موسى، يا موسى، فخسفتهم. قال: وأصاب بني إسرائيل بعد ذلك شدّةٌ وجوعٌ شديدٌ، فأتوا موسى، فقالوا: ادع لنا ربّك؛ قال: فدعا لهم، فأوحى اللّه إليه: يا موسى، أتكلّمني في قومٍ قد أظلم ما بيني وبينهم خطاياهم، وقد دعوك فلم تجبهم، أما إيّاي لو دعوا لأجبتهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {فخسفنا به وبداره الأرض} قال: قيل للأرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعقابهم؛ ثمّ قيل لها: خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم؛ ثمّ قيل لها: خذيهم، فأخذتهم إلى أحقائهم؛ ثمّ قيل لها: خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم؛ ثمّ قيل لها: خذيهم، فخسف بهم، فذلك قوله: {فخسفنا به وبداره الأرض}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {إنّ قارون كان من قوم موسى} قال: كان ابن عمّه، وكان موسى يقضي في ناحية بني إسرائيل، وقارون في ناحيةٍ، قال: فدعا بغيّةً كانت في بني إسرائيل، فجعل لها جعلاً على أن ترمي موسى بنفسها، فتركته حتّى إذا كان يومٌ تجتمع فيه بنو إسرائيل إلى موسى، أتاه قارون فقال: يا موسى ما حدّ من سرق؟ قال: أن تقطع يده، قال: وإن كنت أنت؟ قال: نعم؛ قال. فما حدّ من زنى؟ قال: أن يرجم، قال: وإن كنت أنت؟ قال: نعم؛ قال: فإنّك قد فعلت، قال: ويلك بمن؟ قال: بفلانة، فدعاها موسى، فقال: أنشدك بالّذي أنزل التّوراة، أصدق قارون؟ قالت: اللّهمّ إذ نشدتني، فإنّي أشهد أنّك بريءٌ، وأنّك رسول اللّه، وأنّ عدوّ اللّه قارون جعل لي جعلاً على أن أرميك بنفسي؛ قال: فوثب موسى، فخرّ ساجدًا للّه، فأوحى اللّه إليه أن ارفع رأسك، فقد أمرت الأرض أن تطيعك، فقال موسى: خذيهم، فأخذتهم حتّى بلغوا الحقو، قال: يا موسى؛ قال: خذيهم، فأخذتهم حتّى بلغوا الصّدور، قال: يا موسى، قال: خذيهم، قال: فذهبوا. قال: فأوحى اللّه إليه يا موسى: استغاث بك فلم تغثه، أما لو استغاث بي لأجبته ولأغثته.
- حدّثنا بشر بن هلالٍ الصّوّاف، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان الضّبعيّ، قال: حدّثنا عليّ بن زيد بن جدعان، قال: خرج عبد اللّه بن الحارث من الدّار، ودخل المقصورة؛ فلمّا خرج منها، جلس وتساند عليها، وجلسنا إليه، فذكر سليمان بن داود {قال يا أيّها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} إلى قوله: {إنّ ربّي غنيٌّ كريمٌ} ثمّ سكت عن ذكر سليمان، فقال: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم} وكان قد أوتي من الكنوز ما ذكر اللّه في كتابه {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة}، {قال إنّما أوتيته على علمٍ عندي} قال: وعادى موسى، وكان مؤذيًا له، وكان موسى يصفح عنه ويعفو للقرابة، حتّى بنى دارًا، وجعل باب داره من ذهبٍ، وضرب على جدر داره صفائح الذّهب، وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون عليه ويروحون، فيطعمهم الطّعام، ويحدّثونه ويضحكونه، فلم تدعه شقوته والبلاء، حتّى أرسل إلى امرأةٍ من بني إسرائيل مشهورةٍ بالخنا، مشهورةٍ بالسّبّ، فأرسل إليها فجاءته، فقال لها: هل لك أن أموّلك وأعطيك، وأخلطك في نسائي، على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي، فتقولي: يا قارون ألا تنهى عنّي موسى؟ قالت: بلى.
فلمّا جلس قارون، وجاء الملأ من بني إسرائيل، أرسل إليها، فجاءت فقامت بين يديه، فقلّب اللّه قلبها، وأحدث لها توبةً، فقالت في نفسها: لأنّ أحدث اليوم توبةً أفضل من أن أوذي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأكذّب عدوًّا له. فقالت: إنّ قارون قال لي: هل لك أن أموّلك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي فتقولي: يا قارون ألا تنهى عنّي موسى، فلم أجد توبةً أفضل من أن لا أوذي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأكذّب عدوّ اللّه؛ فلمّا تكلّمت بهذا الكلام، سقط في يدي قارون، ونكّس رأسه، وسكت الملأ، وعرف أنّه قد وقع في هلكةٍ، وشاع كلامها في النّاس، حتّى بلغ موسى؛ فلمّا بلغ موسى اشتدّ غضبه، فتوضّأ من الماء، وصلّى وبكى، وقال: يا ربّ، عدوّك لي مؤذٍ، أراد فضيحتي وشيني، يا ربّ سلّطني عليه. فأوحى اللّه إليه أن مر الأرض بما شئت تطعك. فجاء موسى إلى قارون؛ فلمّا دخل عليه، عرف الشّرّ في وجه موسى له، فقال: يا موسى ارحمني؛ قال: يا أرض خذيهم، قال: فاضطربت داره، وساخت بقارون وأصحابه إلى الكعبين، وجعل يقول: يا موسى ارحمني؛ قال: يا أرض خذيهم، قال: فاضطربت داره، وساخت، وخسف بقارون وأصحابه إلى ركبهم، وهو يتضرّع إلى موسى: يا موسى ارحمني؛ قال: يا أرض خذيهم، قال: فاضطربت داره وساخت وخسف بقارون وأصحابه إلى سررهم، وهو يتضرّع إلى موسى: يا موسى ارحمني؛ قال: يا أرض خذيهم، فخسف به وبداره وأصحابه. قال: وقيل لموسى صلّى اللّه عليه وسلّم: يا موسى ما أفظّك، أما وعزّتي، لو إيّاي نادى لأجبته.
- حدّثني بشر بن هلالٍ، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجونيّ، قال: بلغني أنّه قيل لموسى: لا أعبّد الأرض لأحدٍ بعدك أبدًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، وعبد الحميد الحمّانيّ، عن سفيان، عن الأغرّ بن الصّبّاح، عن خليفة بن حصينٍ، قال عبد الحميد، عن أبي نصرٍ، عن ابن عبّاسٍ، ولم يذكر ابن مهديٍّ أبا نصرٍ: {فخسفنا به وبداره الأرض} قال: الأرض السّابعة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: بلغنا أنّه يخسف به كلّ يومٍ قامةٍ، ولا يبلغ أسفل الأرض إلى يوم القيامة، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينارٍ، قال: بلغني أنّ قارون يخسف به كلّ يومٍ مائة قامةٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فخسفنا به وبداره الأرض} ذكر لنا أنّه يخسف به كلّ يومٍ قامةً، وأنّه يتجلجل فيها، لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
وقوله: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه} يقول: فلم يكن له جندٌ يرجع إليهم ويفيء، ينصرونه لما نزل به من الله سخطه، بل تبرّءوا منه، {وما كان من المنتصرين} يقول: ولا كان هو ممّن ينتصر من اللّه إذا أحلّ به نقمته، فيمتنع لقوّته منها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه} أي جندٌ ينصرونه، وما عنده منعةٌ يمتنع بها من اللّه.
وقد بيّنّا معنى (الفئة) فيما مضى، وأنّها الجماعة من النّاس، وأصلها الجماعة الّتي يفيء إليها الرّجل عند الحاجة إليهم، للعون على العدوّ، ثمّ تستعمل ذلك العرب في كلّ جماعةٍ كانت عونًا للرّجل، وظهرًا له؛ ومنه قول خفافٍ:
فلم أر مثلهم حيًّا لقاحًا = وجدّك بين ناضحةٍ وحجر
أشدّ على صروف الدّهر آدًا = وأمر منهم فئةً بصبر). [جامع البيان: 18/331-338]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين (81)
قوله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، ثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فخسفنا به وبداره الأرض قال: قيل للأرض: خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم، قال: قيل لها: خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم فقيل لها: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، فقيل لها: خذيهم فخسف بهم.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ قال: أوحى اللّه إلى موسى ما يبكيك؟ قد أمرت الأرض أن تطيعك فأمرها بما شئت، قال: فقال: خذيهم فأخذتهم إلى ما شاء اللّه فنادوا: يا موسى.. يا موسى.. قال: خذيهم فأخذتهم فخسف بهم الأرض قال: فأصاب بني إسرائيل بعد ذلك شدّةٌ وجوعٌ شديدٌ فأتوا موسى صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربّك، فدعا لهم فأوحى اللّه إليه يا موسى، أتكلّمني في قومٍ قد أظلم ما بيني وبينهم من خطاياهم، وقد دعوك فلم تجبهم، أما لو إيّاي دعوا لأجبتهم.
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، حدّثني أبي، ثنا أبي، ثنا إدريس بن محمّدٍ الرّوذيّ، ثنا عيسى بن موسى حدّثني خالد بن الهيثم، عن يزيد الرّقاشيّ أنّ موسى لمّا دعا على قارون فابتلعته الأرض إلى عنقه أخذ نعليه فخفق بهما وجهه، وقارون يقول: يا موسى، ارحمني، فقال اللّه: يا موسى، ما أشدّ قلبك دعاك عبدي واسترحمك فلم ترحمه، وعزّتي لو دعاني لأجبته.
- حدّثنا عبيد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن علي، ثنا عامر ابن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ فخسفنا به وبداره الأرض قال: فبغى على موسى فانطلق إلى زانيةٍ يقال لها: شيرتا فقال لها: هل لك أن أعطيك ألفي درهمٍ على أن تجيئي إلى الملأ من بني إسرائيل إذا قعد موسى فتقولين: إنّ موسى يراودني، عن نفسي قالت: نعم، فأعطاها الألفي وختمها بخاتمه، فلمّا أخذتها قالت: بئست المرأة أنا إن كنت أزني وأكذب على نبيّ اللّه وأفتري عليه، فلمّا أصبحوا غدا قارون فجلس مجلسه واجتمعت إليه بنو إسرائيل وحضرت شيرتا فقال قارون: يا موسى، ما أنزل اللّه في الزّاني: قال: الرّجم، قال: انظر ما تقول قال: الرّجم قال: تنظر ما تقول؟ قال: الرجم. قال: عومي يا شيرتا فأخبري بني إسرائيل بما أراد منك موسى، فقالت: إنّ قارون أعطاني ألفي درهمٍ أن آتي الملأ من بني إسرائيل إذا جلس موسى فأقول: إنّ موسى راودني، عن نفسي، ومعاذ اللّه من ذلك وهذا ماله بخاتمه فغضب موسى فقام فصلّى ركعتين، ودعا ربّه أن يخسف ويسلّط عليه الأرض فأمر اللّه الأرض أن تطيعه قال للأرض خذيه فغيّبت رجليه وقام هارون فأخذ برأسه فقال يا موسى: أنشدك الرّحم، فجعل قارون يقول: يا موسى أنشدك الرّحم وموسى يقول للأرض: خذيه حتّى غيّبته فذهبت به وخسف بداره الأرض، فأوحى اللّه إلى موسى: استغاث بك وأنشدك الرّحم وأبيت أن تغيثه، لو إيّاي دعا أو استغاث لأغثته.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم دحيمٌ، ثنا الوليد ابن مسلمٍ، ثنا ابن جابرٍ حدّثني عطاءٌ كان خلقًا من موسى أن يخرج بني إسرائيل في يومٍ يعظهم فيه فإذا علم بذلك قارون، خرج في أربعة آلافٍ عليهم ثياب الأرجوان على أربعة آلاف بغلةٍ شهباء حتّى يمرّ بجنبتي موسى فيلفت النّاس وجوههم إليه فأرسل إليه موسى عليه السّلام: ما يحملك على ما تصنع فأرسل إليه واللّه إنّ النّسب لواحدٌ ولئن كنت فضّلت عليّ بالنّبوّة لقد فضّلت عليك بالدّنيا، ولئن شئت لنخرجنّ فتدعو على وأدعوا عليك، فخرج موسى وخرج قارون، في قومه. فقال له موسى: أتدعو أم أدعو فقال قارون: بل أدعو فدعا فلم يجب، وكان لذلك أهلا قال: فقال موسى: أدعو قال: نعم، قال: اللّهمّ مر الأرض فلتطعني، فأمرت بطاعته قال: فقال موسى عليه السّلام، خذيهم فأخذتهم بأقدامهم فقال: يا موسى. يا موسى. قال: خذ بهم فأخذتهم إلى ركبهم، ثمّ إلى حجرهم، ثمّ إلى مناكبهم، ثمّ قال: أقبلي بكنوزهم وأموالهم قال: فأقبلت بها حتّى نظروا إليها، ثمّ أشار موسى بيده، قال: اذهبوا بني لاوي، فاستوت بهم الأرض.
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الهرويّ، ثنا محاضرٌ، ثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّ قارون كان من قوم موسى وكان ابن عمّه وكان تتبّع العلم حتّى جمع علمًا فلم يزل في أمره ذلك حتّى بغى على موسى وحسده، فقال له موسى: إنّ اللّه أمرني أن آخذ الزّكاة من كلّ أربعين درهمًا درهمٌ فأبى، فقال: من كلّ مائة درهمٍ درهمٌ فأبى، فقال: لا يطيق هذا حتّى الألف، فقال: في كلّ ألف دينارٍ أو درهمٍ، قال: إنّ موسى يريد أن يأكل أموالكم، فكيف نصنع؟ قالوا: أمرنا بأمرك تبعٌ، فأرسلوا إلى امرأةٍ من بغايا بني إسرائيل فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنّه فجر بك قالت: نعم، قال: فجاء قارون إلى موسى قال: اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربّك، قال: نعم، فجمعهم فقالوا: ما أمرك؟ قال: أمرني أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئًا وأن تصلوا الرّحم، وكذا وكذا، وأمرني في الزّاني إذا زنى وقد أحصن أن يرجم فقالوا: وإن كنت أنت؟ قال: نعم. وفي السّارق إذا سرق أن يقطع، فقالوا: وإن كنت أنت؟
قال: نعم قالوا فإنّك قد زنيت، قال: إذًا فأرسلوا إلى المرأة، فجاءت فقالوا ما تشهدين على موسى؟ فقال لها موسى: أنشدك باللّه إلا ما صدقت فقالت: أما إذا أنشدتني باللّه فإنّهم دعوني وجعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأنا أشهد أنك برئ وأنّك رسول اللّه، قال: فخرّ موسى ساجدًا يبكي فأوحى اللّه إليه ما يبكيك؟ قد سلّطناك على الأرض فمرها فتطيعك، قال: فرفع رأسه فقال: خذيهم فأخذتهم وأشار إلى وركيه، فقالوا: يا موسى، فقال: خذيهم وأشار إلى صدره، فقالوا: يا موسى. فقال: خذيهم قال: فغرقوا فيها فقال اللّه: فخسفنا به وبداره الأرض إلى آخر الآية، فأصاب بني إسرائيل بلاءٌ وجوعٌ شديدٌ فأتوا موسى فقالوا: ادع لنا، فدعى اللّه، فقال اللّه: أتدعوني لقومٍ قد أظلم ما بيني وبينهم من الذّنوب، فقال: أما إنّهم قد دعوك حين هلكوا ولو إيّاي دعوا لأجبتهم.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إلي، ثنا عبد الرزاق أنبأ جعفر ابن سليمان، ثنا عليّ بن زيدٍ قال: سمعت عبد اللّه بن الحارث بن نوفلٍ الهاشميّ، وهو مستندٌ إلى المقصورة فذكر قارون وما أوتي الكنوز فقال: إنّما أوتيته على علمٍ، عندي قال: بلغنا أنّه أوتي الكنوز والمال حتّى جعل باب داره من ذهبٍ وجعل داره كلّها من صفائح الذّهب وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون يطعمهم الطّعام ويتحدّثون، عنده، وكان مؤذيًا لموسى فلم تدعه القسوة والبلاء حتّى أرسل إلى امرأةٍ من بني إسرائيل مذكورةٍ بالجمال كانت تذكر برنيّةً، فقال لها: هل لك أن أموّلك وأن أعطيك وأن أخلطك بنسائي؟ على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل، عندي، فتقولين: يا قارون: ألا تنهى موسى، عنّي، فقالت: بلى، قال: فلمّا جاء أصحابه واجتمعوا، عنده دعا بها، فقامت على رؤوسهم فقلب اللّه قلبها ورزقها التّوبة، فقالت: ما أجد اليوم توبةً أفضل من أن أكذّب عدوّ اللّه وأبرّئ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت إنّ قارون بعث إليّ فقال: هل لك أن أموّلك وأعطيك وأخلطك بنسائي؟ على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل، عندي، وتقولين: يا قارون، ألا تنهى موسى، عنّي؟ فإنّي لم أجد اليوم توبةً أفضل من أكذّب عدوّ اللّه وأبرّئ رسول اللّه.
فنكّس قارون رأسه وعرف أنّه قد هلك، وفشى الحديث في النّاس حتّى بلغ موسى صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان موسى شديد الغضب، فلمّا بلغه ذلك توضّأ ثمّ صلّى وسجد يبكي، وقال: يا ربّ، عدوّك قارون كان لي مؤذيا فذكر أشياء ثم لم يتناهى حتّى أراد فضيحتي، يا ربّ سلّطني عليه، فأوحى اللّه إليه أن مر الأرض بما شئت تطيعك، قال: فجاء موسى إلى قارون، فلمّا رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال: يا موسى.. ارحمني. فقال موسى: يا أرض، خذيهم فاضطرت داره وخسف به وبأصحابه إلى ركبهم وساخت داره على قدر ذلك، قال: وجعل يقول: يا موسى ارحمني، ويقول موسى: يا أرض خذيهم. فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه الأرض إلى سررهم وساخت داره على قدر ذلك وجعل يقول: يا موسى ارحمني فقال موسى: يا أرض خذيهم قال: فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه إلى حلوقهم وساخت داره على قدر ذلك وقال: يا موسى ارحمني فقال: يا أرض خذيهم فقال: فخسف به وبأصحابه وبداره فلمّا خسف به قيل له: يا موسى ما أفظّك أما وعزّتي لو إيّاي دعا لرحمته.
- وقال أبو عمران الجونيّ: فقيل لموسى: لا أعيد الأرض بعدك لأحدٍ أبدًا.
قوله تعالى: الأرض
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أحمد الزّبيريّ، عن سفيان، عن الأغرّ بن الصّبّاح، عن خليفة بن حصينٍ، عن أبي نصرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: فخسفنا به وبداره الأرض قال: أرض السّفلى السّابعة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض قال: ذكر لنا أنّه يخسف به كلّ يومٍ قامةً، وأنّه يتجلجل فيها ولا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة، عن أبي ميمونة، عن سمرة بن جندبٍ، أنّه قال: يخسف بقارون وقومه في كلّ يومٍ قدر قامةٍ، فلا يبلغ الأرض السّفلى إلى يوم القيامة.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة الدّمشقيّ فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر أخبرني سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قال: إنّ اللّه أمر الأرض أن تطيعه ساعةً.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني اللّيثٌ حدّثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ أخبرني عبد اللّه بن عوفٍ القاريّ عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين أنّه بلغه أنّ اللّه تبارك وتعالى أمر الأرض أن تطيع موسى في قارون، فلمّا لقيه قال للأرض: اطبقي فأخذته إلى الرّكبتين، ثمّ قال: اطبقي فأخذته إلى الحقوين وهو يستغيث يا موسى، ثمّ قال: اطبقي فوارته في جوفها، فأوحى اللّه إليه يا موسى ما أشدّ قلبك أو ما أغلظ قلبك أما وعزّتي وجلالي لو بي استغاث لأغثته قال: ربّ غضبًا لك فعلت.
قوله تعالى: فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه أي جندٌ ينصرونه من دون اللّه: وما كان من المنتصرين
قال: ما كانت، عنده منعةٌ يمتنع بها من اللّه تبارك وتعالى). [تفسير القرآن العظيم: 9/3016-3020]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان قال نا عبد الله بن الحارث بن نوفل قال كان قارون يؤذي موسى بكل أذى وكان ابن عمه فقال لامرأة بغي إذا اجتمع الناس عندي غدا فتعالي فقولي إن موسى راودني عن نفسي ولك كذا وكذا فلما كان الغد واجتمع الناس عند قارون جاءت المرأة فقالت إن قارون أمرني أن أقول إن موسى راودني عن نفسي وإن موسى لم يقل لي ذلك فبلغ موسى قوله وهو في المحراب فسجد فقال يا رب إن قارون قد بلغ أذاه أن قال كذا وكذا فأوحى الله إليه أن يا موسى إني قد أمرت الأرض أن تطيعك وقد أمرت السماء أن تطيعك وقد أمرت الجبال أن تطيعك وقد أمرت البحار أن تطيعك فأتى موسى قارون وهو في غرفة قد ضرب عليها صفائح الذهب فقال يا قارون أقلت كذا وكذا يا ارض خذيهم فأخذتهم إلى أكعبهم فقال له قارون ومن معه يا موسى ادع لنا ربك فينجينا ونؤمن بك فقال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم فقالوا له مثل ذلك فقال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أنصافهم فقالوا مثل ذلك فلم يزل يقول ذلك ويقولون له يا موسى ادع لنا ربك ينجينا ونؤمن لك حتى تطابقت عليهم وهم يهتفون فأوحى الله إليه ما أفظك يا موسى أما وعزتي لو دعوتني دعوة واحدة لرحمتهم ولأنجيتهم). [تفسير مجاهد: 491-492]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن عبد اللّه بن الحارث، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا أتى موسى قومه أمرهم بالزّكاة فجمعهم قارون فقال لهم: «جاءكم بالصّلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحمّلوا أن تعطوه أموالكم». فقالوا: لا نحتمل أن نعطيه أموالنا فما ترى؟ فقال لهم: " أرى أن أرسل إلى بغيّ بني إسرائيل فنرسلها إليه فترميه بأنّه أرادها على نفسها، فدعا موسى عليهم فأمر اللّه الأرض أن تطيعه، فقال موسى للأرض: خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم " فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى، ثمّ قال للأرض: «خذيهم فأخذتهم إلى ركبهم» فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى، ثمّ قال: «للأرض خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم» فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال للأرض: " خذيهم فأخذتهم فغيّبتهم، فأوحى اللّه إلى موسى يا موسى سألك عبادي وتضرّعوا إليك فلم تجبهم، وعزّتي لو أنّهم دعوني لأجبتهم، قال ابن عبّاسٍ: وذلك قول اللّه عزّ وجلّ {فخسفنا به وبداره الأرض} [القصص: 81] خسف به إلى الأرض السّفلى «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبه في المصنف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن قارون كان من قوم موسى} قال: كان ابن عمه وكان يبتغي العلم حتى جمع علما فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى حسده، فقال له موسى عليه السلام: ان الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال: ان موسى عليه السلام يريد أن يأكل أموالكم، جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحملوه أن تعطوه قالوا: لا نحتمل فما ترى فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني اسرائيل فنرسلها اليه فترميه بانه أرادها على نفسها، فارسلوا اليها فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنه فجر بك، قالت: نعم، فجاء قارون إلى موسى عليه السلام قال: اجمع بني اسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال: نعم، فجمعهم فقالوا له: بم أمرك ربك قال: أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تصلوا الرحم وكذا وكذا وقد أمرني في الزاني اذا زنى وقد أحصن أن يرجم، قالوا: وان كنت أنت قال: نعم، قالوا: فانك قد زنيت قال: أنا، فأرسلوا إلى المرأة فجاءت فقالوا: ما تشهدين على موسى فقال لها موسى عليه السلام: أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت: أما اذ نشدتني بالله فانهم دعوني وجعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأنا أشهد أنك بريء وأنك رسول الله فخر موسى عليه السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه: ما يبكيك وأنك رسول الله فخر موسى عليه السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه: ما يبكيك قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك.
فرفع رأسه فقال: خذيهم فاخذتهم إلى أعقابهم فجعلوا يقولون: يا موسى، يا موسى، فقال: خذيهم إلى أعناقهم فجعلوا يقولون: يا موسى، يا موسى، فقال: خذيهم فغيبتهم فأوحى الله يا موسى: سألك عبادي وتضرعوا اليك فلم تجبهم وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم، قال ابن عباس: وذلك قوله تعالى {فخسفنا به وبداره الأرض} وخسف به إلى الأرض السفلى). [الدر المنثور: 11/501-503] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فخسفنا به وبداره الأرض} قال: خسف به إلى الأرض السفلى). [الدر المنثور: 11/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أبي ميمون عن سمرة بن جندب قال: يخسف بقارون وقومه في كل يوم قدر قامة فلا يبلغ الأرض السفلى إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا انه يخسف به كل يوم قامة وانه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه، مثله). [الدر المنثور: 11/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ان الله أمر الأرض ان تطيعه ساعة). [الدر المنثور: 11/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مالك بن دينار رضي الله عنه: ان قارون يخسف به كل يوم قامة). [الدر المنثور: 11/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما خسف بقارون فهو يذهب وموسى قريب منه قال: يا موسى ادع ربك يرحمني، فلم يجبه موسى حتى ذهب، فأوحى الله اليه استغاث بك فلم تغثه وعزتي وجلالي لو قال: يا رب لرحمته). [الدر المنثور: 11/516-517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله القاري عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين انه بلغه: ان الله عز وجل أمر الأرض ان تطيع موسى عليه السلام في قارون فلما لقيه موسى قال للأرض: أطيعيني فأخذته إلى الركبتين ثم قال: أطيعيني فوارته في جوفها فأوحى الله اليه يا موسى ما أشد قلبك وعزتي وجلالي لو بي استغاث لأغثته قال: رب غضبا لك فعلت). [الدر المنثور: 11/517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين} قال: ما كانت عنده منعة يمتنع بها من الله تعالى). [الدر المنثور: 11/517]

تفسير قوله تعالى: (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال يقول أولا يعلم أن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر يقول لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون يقول أولا يعلم أنه لا يفلح الكافرون). [تفسير عبد الرزاق: 2/94]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ويكأنّ اللّه} [القصص: 82] : " مثل: ألم تر أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر: يوسّع عليه، ويضيّق عليه "). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويكأنّ اللّه مثل ألم تر أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر يوسّع عليه ويضيّق وقع هذا لغير أبي ذرٍّ وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى ويكأن الله أي ألم تر أنّ اللّه وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله ويكأن الله أي أولا يعلم أن الله). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {ويكأنّ الله} مثل: {ألم تر أن الله يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} (القصص: 82) يوسّع عليه ويضيّق عليه
أشار به إلى قوله تعالى: {وأصبح الّذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون وي كأن الله يبسط الرزق لمن يشار من عباده ويقدر} وهذا وقع لغير أبي ذر، وفسّر قوله: (وي كأن الله) بقوله: مثل: (ألم تر) إلى آخره، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال الزّمخشريّ وي، مفصولة عن: كأن، وهي كلمة تنبيه على الخطأ وهو مذهب الخليل وسيبويه، وعند الكوفيّين إن: وبك بمعنى: ويلك، وأن المعنى: ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون، ويجوز أن يكون الكاف كاف الخطاب مضمومة إلى وي، وأنه بمعنى: لأنّه، والكلام لبيان المقول لأجله هذا القول أو لأنّه لا يفلح الكافرون. قوله: (ويقدر) ، أي: ويقتر. قوله: (يوسع عليه) ، يرجع إلى قوله: {يبسط الرزق} وقوله: (يضيق عليه) يرجع إلى قوله: (ويقدر) ). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ويكأن الله}) هي (مثل: {ألم تر أن الله}) وحينئذ تكون ويكأن كلها كلمة مستقلة بسيطة وعند الفراء أنها بمعنى أما ترى إلى صنع الله؟ وقيل غير ذلك ({يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}) [الرعد: 26] أي (يوسع عليه ويضيق عليه) أي بمقتضى مشيئته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب النقص، وسقط لأبي ذر والأصيلي: ويكأن الله الخ). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: وأصبح الّذين تمنّوا مكانه من الدّنيا وغناه وكثرة ماله وما بسط له منها، {بالأمس} يعني قبل أن ينزل به ما نزل من سخط اللّه وعقابه، يقولون: {ويكأنّ اللّه}.
اختلف في معنى {ويكأنّ اللّه} فأمّا قتادة، فإنّه روي عنه في ذلك قولان: أحدهما ما:
- حدّثنا به ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن خالد بن عثمة، قال: حدّثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، قال في قوله {ويكأنّه} قال: ألم تر أنّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ويكأنّه}: أولا ترى أنّه.
- وحدّثني إسماعيل بن المتوكّل الأشجعيّ، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، قال: حدّثني معمرٌ، عن قتادة: {ويكأنّه} قال: ألم تر أنّه.
والقول الآخر ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق} قال: أولم يعلم أنّ اللّه {ويكأنّه}: أولا يعلم أنّه.
وتأوّل هذا التّأويل الّذي ذكرناه عن قتادة في ذلك أيضًا بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، واستشهد لصحّة تأويله ذلك كذلك، بقول الشّاعر:
سالتاني الطّلاق أن رأتاني = قلّ مالي قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشبٌ = يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
وقال بعض نحويّي الكوفة: (ويكأنّ) في كلام العرب: تقريرٌ، كقول الرّجل: أما ترى إلى صنع اللّه وإحسانه وذكر أنّه أخبره من سمع أعرابيّةً تقول لزوجها: أين ابنك؟ فقال: ويكأنّه وراء البيت. معناه: أما ترينه وراء البيت قال: وقد يذهب بها بعض النّحويّين إلى أنّهما كلمتان، يريد: ويك أنّه، كأنّه أراد: (ويلك)، فحذف اللاّم، فتجعل (أنّ) مفتوحةً بفعلٍ مضمرٍ، كأنّه قال: ويلك اعلم أنّه وراء البيت، فأضمر (اعلم).
قال: ولم نجد العرب تعمل الظّنّ مضمرًا، ولا العلم وأشباهه في (أنّ)؛ وذلك أنّه يبطل إذا كان بين الكلمتين، أو في آخر الكلمة، فلمّا أضمر جرى مجرى الترك؛ ألا ترى أنّه لا يجوز في الابتداء أن يقول: يا هذا، أنّك قائمٌ، ويا هذا أن قمت، يريد: علمت، أو أعلم، أو ظننت، أو أظنّ. وأمّا حذف اللاّم من قولك: ويلك حتّى تصير: ويك، فقد تقوله العرب، لكثرتها في الكلام، قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قول الفوارس ويك عنتر أقدم
قال: وقال آخرون: إنّ معنى قوله {ويكأنّ}: (وي) منفصلةٌ من (كأنّ)، كقولك للرّجل: وي أما ترى ما بين يديك؟ فقال: وي ثمّ استأنف، (كأنّ اللّه يبسط الرّزق)، وهي تعجّبٌ، و(كأنّ) في معنى الظّنّ والعلم، فهذا وجهٌ يستقيم. قال: ولم تكتبها العرب منفصلةً، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلةً، وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام، فوصلت بما ليست منه.
وقال آخر منهم: إنّ (وي): تنبيهٌ، و(كأنّ) حرفٌ آخر غيره، بمعنى: لعلّ الأمر كذا، وأظنّ الأمر كذا؛ لأنّ (كأنّ) بمنزلة (أظنّ وأحسب وأعلم).
وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة: القول الّذي ذكرنا عن قتادة، من أنّ معناه: ألم تر، ألم تعلم، للشّاهد الّذي ذكرنا فيه من قول الشّاعر، والرّواية عن العرب؛ وأنّ {ويكأنّ} في خطّ المصحف حرفٌ واحدٌ.
ومتى وجّه ذلك إلى غير التّأويل الّذي ذكرنا عن قتادة، فإنّه يصير حرفين، وذلك أنّه إن وجّه إلى قول من تأوّله بمعنى: ويلك اعلم أنّ اللّه، وجب أن يفصل ويك من أنّ، وذلك خلاف خطّ جميع المصاحف، مع فساده في العربيّة، لما ذكرنا. وإن وجّه إلى قول من يقول: وي بمعنى التّنبيه، ثمّ استأنف الكلام بكأنّ، وجب أن يفصل (وي) من (كأنّ)، وذلك أيضًا خلاف خطوط المصاحف كلّها.
فإذا كان ذلك حرفًا واحدًا، فالصّواب من التّأويل: ما قاله قتادة، وإذ كان ذلك هو الصّواب، فتأويل الكلام: وأصبح الّذين تمنّوا مكان قارون وموضعه من الدّنيا بالأمس، يقولون لمّا عاينوا ما أحلّ اللّه به من نقمته، ألم تر يا هذا أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده، فيوسّع عليه، لا لفضل منزلته عنده، ولا لكرامته عليه، كما كان بسط من ذلك لقارون، لا لفضله ولا لكرامته عليه، {ويقدر} يقول: ويضيّق على من يشاء من خلقه ذلك، ويقتر عليه، لا لهوانه عليه، ولا لسخطه عمله.
وقوله: {لولا أن منّ اللّه علينا} يقول: لولا أن تفضّل علينا، فصرف عنّا ما كنّا نتمنّاه بالأمس {لخسف بنا}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار سوى شيبة: (لخسف بنا) بضمّ الخاء، وكسر السّين، وذكر عن شيبة والحسن: {لخسف بنا} بفتح الخاء والسّين، بمعنى: لخسف اللّه بنا.
وقوله: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون} يقول: ألم تعلم أنّه لا يفلح الكافرون، فتنجح طلباتهم). [جامع البيان: 18/339-342]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون (82)
قوله تعالى: وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أبي معمرٌ، عن قتادة في قوله: ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق يقول: أولا يعلم أنّ اللّه يبسط الرّزق.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه أولا ترى أنّ اللّه.
قوله تعالى: يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن عرفه، ثنا مروان بن معاوية، عن حصين ابن أبي الجميل قال رجلٌ للحسن: يا أبا سعيدٍ إنّي أرى الدّار فأتمنّى أن تكون لي، والجارية فأتمنّاها، فقال له الحسن: فلا تفعل، فإنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر
قوله تعالى: ويقدر
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة بن خالدٍ، ثنا الحارث بن السّائب قال: سمعت الحسن يقول: إنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال: يخير له.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا مروان بن معاوية، عن حصين بن أبي الجميل، عن الحسن، يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال: ينظر له فإن كان الغنى خيرًا له أغناه، وإن كان الفقر خيرًا له أفقره.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، يقول: في قوله: يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال: يقدر: يقلّ، وكذلك كلّ شيءٍ في القرآن يقدر كذلك.
قوله تعالى: لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: ويكأنّه لا يفلح الكافرون يقول: أو لا يعلم أنّه لا يفلح الكافرون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ويكأنّه أو لا يرى أنّه لا يفلح الكافرون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا محمّد بن خالد بن عثمة، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ويكأنّه قال: ألم تر أنّه). [تفسير القرآن العظيم: 9/3021-3022]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويكأن الله} يقول: أو لا يعلم {أن الله يبسط الرزق} وفي قوله: (ويكأنه لا يفلح الكافرون). يقول: أولا تعلم أنه لا يفلح الكافرون). [الدر المنثور: 11/517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ويكأنه لا يفلح الكافرون} يقول: أو لا يعلم {إنه لا يفلح الكافرون} والله أعلم). [الدر المنثور: 11/518]

تفسير قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جرير بن حازم، قال: حدثني المغيرة بن حكيم، قال: قالت لي فاطمة: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول: اللهم، أخف عليهم موتى ولو ساعة من نهار، قال: فقلت له يومًا: يا أمير المؤمنين، ألا أخرج عنك عسى أن تغفي شيئًا، فإنك لم تتم، قالت: فخرجت عنه إلى بيت إلى جنب البيت الذي هو فيه، قالت: فجعلت أسمعه يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين} [سورة القصص: 83] يرددها مرارًا، ثم أطرق فلبث طويلًا لا أسمع له حسًا، فقلت لوصيف له كان يخدمه: ويحك ادخل، فلما دخل صاح، قالت: فدخلت عليه فوجدته ميتًا، قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه، والأخرى على عينيه). [الزهد لابن المبارك: 2/513]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين}.

يقول تعالى ذكره: تلك الدّار الآخرة نجعل نعيمها للّذين لا يريدون تكبّرًا عن الحقّ في الأرض وتجبّرًا عنه {ولا فسادًا}. يقول: ولا ظلم النّاس بغير حقٍّ، وعملاً بمعاصي اللّه فيها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن زياد بن أبي زيادٍ، قال: سمعت عكرمة، يقول {لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا} قال: العلوّ: التّجبّر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين، {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا} قال: العلوّ: التّكبّر في الحقّ، والفساد: الأخذ بغير الحقّ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين: {للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} قال: التّكبّر في الأرض بغير الحقّ {ولا فسادًا} أخذ المال بغير حقٍّ.
- قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} قال: البغي.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} قال: تعظّمًا وتجبّرًا {ولا فسادًا}: عملاً بالمعاصي.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أشعث السّمّان، عن أبي سلاّمٍ الأعرج، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه قال: إنّ الرّجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه، فيدخل في قوله {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين}.
وقوله: {والعاقبة للمتّقين} يقول تعالى ذكره: والجنّة للمتّقين، وهم الّذين اتّقوا معاصي اللّه، وأدّوا فرائضه.
وبنحو الّذي قلنا في معنى العاقبة قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {والعاقبة للمتّقين} أي الجنّة للمتّقين). [جامع البيان: 18/343-344]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين (83)
قوله تعالى: تلك
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: تلك يعني: الجنّة.
قوله تعالى: تلك الدّار الآخرة
- حدّثنا أبي، ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا إسماعيل بن زكريّا حدّثني محمّد بن عونٍ الخراسانيّ، عن عكرمة قوله: الدّار الآخرة- يقول: الجنّة.
قوله تعالى: نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا محمّد بن الصّبّاح البزّار، ثنا إسماعيل بن زكريّا، عن محمّد بن عونٍ الخراسانيّ، عن عكرمة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض قال: نجعل الدّار الآخرة للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض، عند سلاطينها وملوكها.
قوله تعالى: علوا في الأرض
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد يعني ابن جبيرٍ للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض قال: بغيًا.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين لا يريدون علوًّا في الأرض قال: العلوّ التّكبّر بغير حقٍّ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الحسن لا يريدون علوًّا في الأرض قال: الشّرف والعزّ، عند ذوي سلطانهم.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن أسلم الطّرسوسيّ قال: سمعت معاوية الأسود في قول اللّه: تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا قال: لم ينازعوا أهلها في عزّها التّجبّر والتّكبّر ولم يجزعوا من ذلّها.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا القاسم بن مالكٍ حدّثني أشعث بن يزيد الشّاميّ قال: سمعت أبا سلامٍ الأعرج الحبشيّ قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ يقول: إنّ الرّجل ليحبّ أن يكون شسع نعله أفضل من شسع صاحبه فيدخل في هذه الآية تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا إبراهيم بن المختار، عن، عنبسة بن الأزهر، عن نصيرٍ أبي الأسود، عن الضّحّاك لا يريدون علوًّا في الأرض يقول: ظلماء.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين قال: الاعتداء في الأرض بغير الحقّ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين ولا فسادًا قال: الفساد الآخذ بغير حقٍّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا محمّد بن الصّبّاح البزّار، ثنا إسماعيل بن زكريّا، عن محمّد بن عونٍ الخراسانيّ، عن عكرمة ولا فسادًا لا يعملون بمعاصي اللّه.
قوله تعالى: والعاقبة
- به، عن عكرمة والعاقبة للمتّقين قال: العاقبة: الجنّة- وروي، عن قتادة مثل ذلك.
قوله تعالى: للمتّقين
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق للمتّقين أي لمن أطاعني وأطاع رسولي.
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/3022-3023]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين * من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون.
أخرج المحاملي والديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} قال: التجبر في الأرض والآخذ بغير الحق). [الدر المنثور: 11/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مسلم البطين رضي الله عنه في قوله {للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} قال: العلو التكبر في الأرض بغير الحق، والفساد الأخذ بغير الحق). [الدر المنثور: 11/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا يريدون علوا في الأرض} قال: بغيا). [الدر المنثور: 11/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {للذين لا يريدون علوا في الأرض} قال: تعظما وتجبرا {ولا فسادا} قال: بالمعاصي). [الدر المنثور: 11/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {تلك الدار الآخرة} قال: نجعل الدار الآخرة {للذين لا يريدون علوا في الأرض} قال: التكبر وطلب الشرف والمنزلة عند سلاطينها وملوكها {ولا فسادا} قال: لا يعملون بمعاصي الله ولا يأخذون المال بغير حقه {والعاقبة للمتقين} قال: الجنة). [الدر المنثور: 11/518-519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا يريدون علوا في الأرض} قال: الشرف والعز عند ذوي سلطانهم). [الدر المنثور: 11/519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاوية الاسود في قوله {لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} قال: لم ينازعوا أهلها في عزها ولا يجزعوا من ذلها). [الدر المنثور: 11/519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ان الرجل ليحب ان يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه فيدخل في هذه الآية {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} ). [الدر المنثور: 11/519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبقال والبيع فيفتح عليه القرآن ويقرأ {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع في الولاة وأهل القدرة من سائر الناس.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، نحوه). [الدر المنثور: 11/519-520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما دخل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ألقى اليه وسادة فجلس على الأرض فقال: اشهد أنك لا تبتغي في الأرض ولا فسادا، فاسلم). [الدر المنثور: 11/520]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلاّ ما كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: من جاء اللّه يوم القيامة بإخلاص التّوحيد، فله خيرٌ، وذلك الخير هو الجنّة والنّعيم الدّائم، ومن جاء بالسّيّئة، وهى الشّرك باللّه.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها}: أي له منها حظّ خيرٍ، والحسنة: الإخلاص، والسّيّئة: الشّرك.
وقد بيّنّا ذلك باختلاف المختلفين، ودلّلنا على الصّواب من القول فيه.
وقوله: {فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات} يقول: فلا يثاب الّذين عملوا السّيّئات على أعمالهم السّيّئة، {إلاّ ما كانوا يعملون} يقول: إلاّ جزاء ما كانوا يعملون). [جامع البيان: 18/345]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلّا ما كانوا يعملون (84)
قوله تعالى: من جاء بالحسنة
[الوجه الأول]
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن رجلٍ من التّيم، عن أبي ذرٍّ قال: قلت: يا رسول اللّه، لا إله إلا اللّه من الحسنات؟ قال: هي من أحسن الحسنات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن الأجلح وابن فضيلٍ، عن الحسن بن عبيد اللّه، عن جامع بن شدّادٍ، عن الأسود بن هلالٍ، عن عبد اللّه في قوله: من جاء بالحسنة قال: لا إله إلا اللّه- وروي، عن ابن عبّاسٍ وأبي هريرة وعليّ بن الحسين وسعيد بن جبيرٍ والحسن وعطاءٍ ومجاهدٍ وأبي صالحٍ ذكوان وعكرمة ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ والنّخعيّ، والضّحّاك والزّهريّ وقتادة، وزيد بن أسلم نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- ذكر، عن محمّد بن عتيبة الكنديّ، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا فضيل بن الزّبير، عن أبي داود، عن ابن عبد اللّه الجدليّ قال: دخلت على عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه، عنه فقال: يا أبا عبد اللّه، ألا أحدّثك بالحسنة الّتي من جاء بها أدخله اللّه الجنّة وفعل به وفعل به، قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، قال: الحسنة حبّنا.
قوله تعالى: فله خير منها
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله تعالى: فله خيرٌ منها قال: خير ثوابٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن يحيى يعني: الأمويّ حدّثني أبي، ثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ فله خيرٌ منها له منها خيرٌ- وروي، عن الحسن، ومجاهدٍ، وقتادة، نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن نكيرٍ حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبير قوله: فله خيرٌ منها يقول: ثوابه من تلك الحسنة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ومن جاء بالسّيّئة قال: الشّرك- وروي، عن ابن مسعودٍ وأبي هريرة وأنس بن مالكٍ وأبي وائل وعطاءٍ والحسن وسعيد بن جبيرٍ وعكرمة والنّخعيّ وأبي صالحٍ والزّهريّ وزيد بن أسلم ومحمّد بن كعبٍ والسّدّيّ وقتادة والضّحّاك مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- ذكر، عن محمّد بن عتبة الكنديّ بإسناده أعلاه قال: دخلت على علي ابن أبي طالبٍ فقال: يا أبا عبد اللّه، ألا أحدّثك بالسّيّئة الّتي من جاء بها أكبّه اللّه على وجهه في النّار، ولم يقبل منه معها عملٌ قلت: بلى، يا أمير المؤمنين قال: السّيّئة بغضنا.
قوله تعالى: فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلا ما كانوا يعملون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلا ما كانوا يعملون قال: من جاء بالسّيّئة فجزاؤها سيّئةٌ مثلها من جميع الذّنوب وذلك، عند الحساب إذا حوسب ألقي بدل كلّ حسنةٍ عشر سيّئاتٍ، فإن بقيت حسنةٌ واحدةٌ أضعفت له وأدخل بها الجنّة وإن كانت سيّئاته، عند المقاصّة إذا ألقيت عشرًا بحسنةٍ أكثر من حسناته فزادت سيّئةً واحدةً كان جزاؤه النّار، إلا أن يعفو اللّه، عنه). [تفسير القرآن العظيم: 9/3024-3025]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:40 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فخرج على قومه} [القصص: 79]، يعني: قارون.
{في زينته} [القصص: 79] تفسير الكلبيّ: أنّه خرج وعليه ثيابٌ حمرٌ مصبوغةٌ بالأرجوان على بغلةٍ بيضاء، ومعه أربع مائة جاريةٍ عليهنّ ثيابٌ حمرٌ على بغالٍ بيضٍ.
وتفسير عمرٍو، عن الحسن: أنّه خرج في صنوف ماله من درّه، وذهبه، وفضّته.
وفي حديث المبارك بن فضالة، عن الحسن: أنّه خرج في الحمرة والصّفرة.
وفي حديث الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن: أنّ قارون خرج في زينته، فكانت ثيابه وسروجه الأرجوان والحمرة.
{قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا} [القصص: 79] المشركون، لا يقرّون بالآخرة.
{يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ} [القصص: 79] لذو نصيبٍ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/610]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم}

جاء في التفسير : أنه خرج هو وأصحابه على خيلهم، وعليهم , وعلى الخيل: الأرجوان, والأرجوان في اللغة : صبغ أحمر.
وقيل: كان عليهم , وعلى خيلهم الديباج الأحمر.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخرج على قومه في زينته}
روى عثمان بن الأسود , عن مجاهد قال: خرج هو , وأصحابه على براذين بيض عليها سروج أرجوان , وعليهم المعصفر .
قال قتادة : خرجوا على أربعة آلاف دابة , عليها ثياب حمرة , منها ألف بغل بيض عليها قطف حمر .
وقوله جل وعز: {ولا يلقاها إلا الصابرون}: أي: لا يلقى هذه الفعلة , وهي القول: ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقال الّذين أوتوا العلم} [القصص: 80] وهم المؤمنون للمشركين.
{ويلكم ثواب اللّه} [القصص: 80] جزاء اللّه، الجنّة.
{خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} [القصص: 80] ممّا أوتي قارون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/610]
{ولا يلقّاها} [القصص: 80] ولا يعطاها، الجنّة.
{إلا الصّابرون} [القصص: 80] وهم المؤمنون.
وقال السّدّيّ: {ولا يلقّاها إلا الصّابرون} [القصص: 80]، يعني: وما يؤتاها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون...}

يقول: ولا يلقّى أن يقول ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلاّ الصابرون, ولو كانت: ولا يلقّاه لكان صوباً؛ لأنه كلام والكلام يذهب به إلى التأنيث والتذكير, وفي قراءة عبد الله :{بل هي آيات بيّنات}, وفي قراءتنا: {بل هو آياتٌ} , فمن قال: {هي}: ذهب إلى الآيات، ومن قال :{هو} : ذهب إلى القرآن, وكذلك {تلك من أنباء الغيب} , و{ذلك من أنباء الغيب}, ومثله في الكلام: قد غمّني ذاك , وغمّتني تلك منك.). [معاني القرآن: 2/311-312]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}: مجازه: لا يوقف لها, ولا يرزقها, ولا يلقاها ). [مجاز القرآن: 2/111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يلقّاها}: أي : لا يوفّق لها, ويقال: يرزقها.). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقّاها إلّا الصّابرون }
{ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}:أي : لا يلقى هذه الفعلة، وهذه الكلمة ,يعني قولهم: {ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحاً} .). [معاني القرآن: 4/155]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فخسفنا به} [القصص: 81] بقارون.
{وبداره} [القصص: 81]، أي: ومسكنه.
{الأرض} فهو يخسف به كلّ يومٍ قامةٌ إلى أن تقوم السّاعة في تفسير سعيدٍ عن قتادة.
قال: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه} [القصص: 81] يمنعونه.
{من دون اللّه وما كان من المنتصرين} [القصص: 81]، أي: من الممتنعين من عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فما كان له من فئة}: أي : من أعوان وظهراء، قال خفاف:

فلم أر مثلهم حيّاً لقاحا= وجدّك بين قاسية وحجرٍ
أشدّ على صروف الدهر آداً= وآمر منهم فيئة بصبرٍ). [مجاز القرآن: 2/111-112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخسفنا به وبداره الأرض}
قال ابن عباس : خسف به إلى الأرض السفلى , {فما كان له من فئة }, أي: من فرقة.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى:{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه} [القصص: 82]، أي: أنّ اللّه.
{يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا} [القصص: 82] قوله عزّ وجلّ: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، أي: وأنّه لا يفلح الكافرون.
قال: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ في شيءٍ يكلّمه به: «ويكأنّك لم تكن لتعلمه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/611]
وبعضهم يقول ويكأنّ اللّه، ولكنّ اللّه{ويكأنّه} [القصص: 82] ولكنّه{لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، يعني: لا يفوزون في الآخرة، هو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ويكأنّ اللّه...}في كلام العرب تقرير, كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله, وأنشدني:

ويكأن من يكن له نشبٌ يحـ = ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
... وأخبرني شيخ من أهل البصرة , قال: سمعت أعرابيّة تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ .
فقال: ويكأنّه وراء البيت, معناه: أما ترينه وراء البيت, وقد يذهب بعض النحوّيين إلى أنهما كلمتان يريد : ويك أنّه، أراد : ويلك، فحذف اللام , وجعل (أنّ) مفتوحةً بفعلٍ مضمرٍ، كأنه قال: ويلك أعلم أنه وراء البيت، فأضمر (اعلم), ولم نجد العرب تعمل الظنّ والعلم بإضمارٍ مضمرٍ في أنّ. وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين أو في آخر الكلمة، فلمّا أضمره جرى مجرى الترك؛ ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن تقول: يا هذا أنك قائم، ولا يا هذا أن قمت تريد: علمت أو أعلم أو ظننت أو أظنّ. وأمّا حذف اللام من (ويلك) حتى تصير (ويك) فقد تقوله العرب لكثرتها في الكلام قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قول الفوارس ويك عنتر أقدم
وقد قال آخرون: أن معنى (وي كأنّ) : أنّ (وي) منفصلة من (كأنّ) , كقولك للرجل: وي، أما ترى ما بين يديك، فقال: وي، ثم استأنف (كأنّ) يعني : {كأنّ اللّه يبسط الرّزق} , وهي تعجّب، و(كأنّ) في مذهب الظنّ والعلم. فهذا وجه مستقيم, ولم تكتبها العرب منفصلةً، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلةً, وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام , فوصلت بما ليست منه؛ كما اجتمعت العرب على كتاب {يا بن أمّ} , {يابنؤمّ} قال: وكذا رأيتها في مصحف عبد الله, وهي في مصاحفنا أيضاً.
وقوله: {لخسف بنا} قراءة العامة : {خسف}, وقد قرأها شيبة , والحسن - فيما أعلم - {لخسف بنا}, وهي في قراءة عبد الله : {لانخسف بنا}, فهذا حجّةٌ لمن قرأ {لخسف} ). [معاني القرآن: 2/312-313]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ويكأنّ الله }: مجازه: ألم تر أن الله يبسط الرزق، قال الشاعر:
وى كأنّ من يكن له نشبٌ يجب = ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
{إنّ الّذي فرض عليك القرآن }:مجازه: أنزل عليك). [مجاز القرآن: 2/112]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن مّنّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
وقال: {ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء} , المفسرون يفسرونها: "ألم تر أنّ الله" , وقال: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون},
وفي الشعر:

سالتاني الطّلاق أن رأتا ما = لي قليلاً قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشبٌ يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ).
[معاني القرآن: 3/24-25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ويكأن}: معناه ألم تروا وقالوا أعلمك وقالوا ذلك أن الله). [غريب القرآن وتفسيره: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ويكأنّ اللّه}, قال قتادة: هي: «ألم تعلم!», وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل «ألم تر؟», وقد ذكرت الحرف والاختلاف فيه في كتاب «تأويل المشكل».). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكأن
ويكأنّ. قد اختلف فيها: فقال الكسائي: معناها: ألم تر، قال الله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}
وقال: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، يريد: ألم تر.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: ويكأنّ: أولا يعلم أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. وهذا شاهد لقول الكسائي.
وذكر الخليل أنها مفصولة: وي، ثم تبتدئ فتقول: كأنّ الله.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: هي: كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء، كأنه لا يفلح الكافرون. وقال: وي صلة في الكلام.
وهذا شاهد لقول الخليل.[تأويل مشكل القرآن: 526]
ومما يدل على أنها كأنّ: أنها قد تخفف أيضا كما تخفّف كأن قال الشاعر:
ويكأنّ من يكن له نشب يح =بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
وقال (بعضهم): ويكأن: أي رحمة لك، بلغة حمير). [تأويل مشكل القرآن: 527]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
يعني الذين قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون}
{يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}هذه اللفظة لفظة " ويك " قد أشكلت على جماعة من أهل اللغة , وجاء في التفسير أن معناها : ألم تر أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعضهم معناها : ما ترى أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعض النحويين - وهذا غلط عظيم - إنّ معناها : ويلك , اعلم أنه لا يفلح الكافرون , فحذف اللام , فبقيت ويك وحذف أعلم أنه لا يفلح الكافرون، وهذا خطأ من غير جهة، لو كان كما قال , لكانت أن مكسورة كما تقول: ويلك إنه قد كان كذا وكذا، ومن جهة أخرى: أن يقال لمن خاطب القوم بهذا .
فقالوا: ويلك { إنه لا يفلح الكافرون}, ومن جهة أخرى أنه حذف اللام من ويل, والقول الصحيح في هذا ما ذكره سيبويه عن الخليل , ويونس.
قال سألت عنها الخليل : فزعم أنها " وي " مفصولة من كأنّ, وأن القوم تنبهوا , فقالوا: وي، متندّمين على ما سلف منهم، وكل من تندم , أو ندم , فإظهار تندمه وندامته
أن يقول " وي " كما تعاتب الرجل على ما سلف منه , فقول: وي، كأنك قصدت مكروهي، فحقيقة الوقف عليها وي، وهو أجود في الكلام، ومعناه: التنبيه والتندم.
قال الشاعر:

سألتاني إلى طلاق إذ رأتانني= قلّ مالي قد جئتما في بنكر
وي كأن من يكن له نشب يح= بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
فهذا تفسير الخليل، وهو مشاكل لما جاء في التفسير، لأن قول المفسرين : هو تنبيه.). [معاني القرآن: 4/156-157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر}
قوله: {ويكأن} , قيل: هي ويك أن : ويك: بمعنى : ويلك.
قال أبو جعفر : وهذا لا يصح لأن هذه اللام لا تحذف , ولو كان هكذا لوجب أن يقال : ويلك إنه , ولا يجوز أن يضمر اعلم , وليس ههنا مخاطبة لواحد .
والصحيح في هذا ما قال الخليل , وسيبويه , والكسائي .
قال الكسائي : وي : ههنا صلة , وفيها معنى التعجب .
وقال سيبويه : سألت الخليل عن قوله جل وعز: {ويكأنه لا يفلح الكافرون} , وقوله: {ويكأن الله} , فزعم أنها وي مفصولة من كأن.
والمعنى : وقع على أن القوم انتبهوا , فتكلموا على قدر علمهم , أو نبهوا , فقيل لهم : أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا , والله أعلم, وأما المفسرون ,
فقالوا معناها : ألم تر أن الله.
قال قتادة : ويكأن : المعنى : أو لا تعلم .
قال أبو جعفر , وقول الخليل موافق لهذا , وأنشد أهل اللغة:
وي كأن من يكن له نشب = يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقد كتبت في المصحف متصلة ؛ كأنهم لما كثر استعمالهم إياها , جعلوها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد.). [معاني القرآن: 5/203-205]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ويكأن الله}: أي: أعلم ). [ياقوتة الصراط: 400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَيْكَأَنَّ الله}: قيل معناه: ألم يعلم، وقيل: ألم تر، وقيل: ويلك.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وَيْكَأَنَّهُ}: ألم تر أن ، اعلم أن.). [العمدة في غريب القرآن: 236]

تفسير قوله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تلك الدّار الآخرة} [القصص: 83]، يعني: الجنّة.
{نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} [القصص: 83]، يعني: الشّرك.
{ولا فسادًا} [القصص: 83] قتل الأنبياء والمؤمنين وانتهاك حرمتهم.
{والعاقبة} [القصص: 83]، أي: الثّواب.
{للمتّقين}وهي الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}

روى سفيان , عن منصور, عن مسلم البطين, قال: العلو : التكبر بغير الحق , والفساد: أخذ الأموال بغير الحق , قال الثوري : ولا فساداً: المعاصي .
وقوله جل وعز: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال : إلى معاد: إلى مكة .وكذلك روى يونس بن إسحاق , عن مجاهد.
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال: إلى الموت .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : إلى أن يحييك يوم القيامة .
وقال الزهري, والحسن : المعاد : يوم القيامة .
قال أبو جعفر : وهذا معروف في اللغة , يقال: بيني , وبينك المعاد , أي : يوم القيامة , لأن الناس يعودون فيه أحياء , والقول الأول : حسن كثير , والله أعلم بما أراد .
ويكون المعنى : إن الذي نزل عليك القرآن , وما كنت ترجو أن يلقى إليك , لرادك إلى معاد , أي: إلى وطنك, ومعادك , يعني: مكة , ويقال: رجع فلان إلى معاده , أي: إلى بيته).[معاني القرآن: 5/205-207]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84] لا إله إلا اللّه مخلصًا بها قلبه.
{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، أي: فله منها خيرٌ، يعني: فله منها الجنّة، وفيها تقديمٌ: فله منها خيرٌ، وهي الجنّة.
{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84] بالشّرك.
{فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات} [القصص: 84] الشّرك.
{إلا ما كانوا يعملون} [القصص: 84] جزاؤهم النّار خالدين فيها.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84]، يعني: التّوحيد{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، يعني: فله منها خيرٌ{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84]، يعني: الشّرك.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة [القصص: 84] بالإخلاص.
الحارث بن نبهان، عن حبيب بن الشّهيد، عن الحسن، قال: لا إله إلا اللّه ثمن الجنّة.
- سفيان الثّوريّ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الموجبتين فقال: «من مات لا يشرك باللّه شيئًا دخل
[تفسير القرآن العظيم: 2/612]
الجنّة، ومن مات يشرك باللّه دخل النّار»). [تفسير القرآن العظيم: 2/613]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) }
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) }

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما تكسر فيه الهاء التي هي علامة الإضمار
اعلم أن أصلها الضم وبعدها الواو لأنها في الكلام كله هكذا إلا أن تدركها هذه العلة التي أذكرها لك وليس يمنعهم ما أذكر لك أيضاً من أن يخرجوها على الأصل.
فالهاء تكسر إذا كان قبلها ياءٌ أو كسرة لأنها خفية كما أن الياء خفية وهي من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة وهي من موضع الألف وهي أشبه الحروف بالياء فكما أمالوا الألف في مواضع استخفافاً كذلك كسروا هذه الهاء وقلبوا الواو ياءً لأنه لا تثبت واوٌ ساكنة وقبلها كسرة فالكسرة ههنا كالإمالة في الألف لكسرة ما قبلها وما بعدها نحو كلابٍ وعابدٍ وذلك قولك مررت بهي قبل ولديهي مال ومررت بدارهي قبل.
وأهل الحجاز يقولون مررت بهو قبل ولديهو مالٌ ويقرءون (فخسفنا بهو وبدارهو الأرض).
فإن لحقت الهاء الميم في علامة الجمع كسرتها كراهية الضمة بعد الكسرة ألا ترى أنهما لا يلزمان حرفاً أبداً فإذا كسرت الميم قلبت الواو ياءً كما فعلت ذلك في الهاء.
ومن قال وبدار هو الأرض قال عليهمو مال وبهمو ذلك وقال بعضهم عليهمو أتبع الياء ما أشبهها كما أمال الألف لما ذكرت لك وترك ما لا يشبه الياء ولا الألف على الأصل وهو الميم كما أنك تقول في باب الإدغام مصدر فتقربها من أشبه الحروف من موضعها بالدال وهي الزاي ولا تفعل ذلك بالصاد مع الراء والقاف ونحوهما لأن موضعهما لم يقرب من الصاد كقرب الدال.
وزعم هارون أنها قراءة الأعرج وقراءة أهل مكة اليوم: (حتى يَصْدُرَ الرعاء) بين الصاد والزاي). [الكتاب: 4/195-196]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما يكون عليه الكلم بمعانيه
فأقل ما تكون عليه الكلمة حرف واحد. ولا يجوز لحرف أن ينفصل بنفسه. لأنه مستحيل. وذلك أنه لا يمكنك أن تبتدئ إلا بمتحرك، ولا تقف إلا على ساكن. فلو قال لك قائل: الفِظ بحرف، لقد كان سألك أن تحيل؛ لأنك إذا ابتدأت به ابتدأْت متحركاً، وإذا وقفت عليه وقفت ساكناً، فقد قال لك: اجعل الحرف ساكناً متحركاً في حال .
ولكن سنذكر اللفظ بالحروف ساكنها ومتحركها في موضعه، ليوصل إلى المتكلم به إن شاء الله فما كان على حرف فلا سبيل إلى التكلم به وحده.
فمما جاء على حرف مما هو اسم التاء في قمت إذا عنى المتكلم نفسه، أو غيره من ذكر أو أنثى، إلا أنها تقع له مضمومةً ذكراً كان أو أنثى، ولغيره إذا كان ذكراً مفتوحة، وإن كانت أنثى مكسورة .
والكاف من نحو: ضربتك، ومررت بك، تنفتح للمذكر، وتنكسر للمؤنث .
والهاء في ضربته، ومررت به، ولها أحكام نبينها إن شاء الله .
وذلك أن أصل هذه الهاء أن تلحقها واو زائدة؛ لأن الهاء خفية. فتوصل بها الواو إذا وصلت، فإن وقفت لم تلحق الواو لئلا يكون الزائد كالأصلي. وذلك قولك: رأيتُهو يا فتى، ورأيتَهو يا فتى، فتلحق بعد المضموم والمفتوح .
فإن كان قبلها كسرة جاز أن تتبعها واوا، أو ياء أيهما شئت .
أما الواو فعلى الأصل الذي ذكرت لك، وأما الياء فلقرب الجوار، لأن الضمة مستثقلة بعد الكسرة، والناس عامةً للكسرة، والياء بعدها أكثر استعمالاً .
فأما أهل الحجاز خاصةً فعلى الأمر الأول فيها يقرأون (فخسفنا بِهُو وبدارهو الأرضَ) لزموا الأصل. وهما في القياس على ما وصفت لك.
فإن كانت هذه الهاء بعد واو، أو ياء ساكنتين، أو ألف فالذي يختار حذف حرف اللين بعدها: تقول: عليه مال يا فتى بكسر الهاء من أجل الياء التي قبلها كما فعلت ذلك للكسرة.
ومن لزم اللغة الحجازية قال: عليه مالٌ .
وتقول: هذا أبوه فاعلم {فألقى موسى عصاه} .
وإنما حذفت الياء، والواو، لأن الهاء خفية، والحرف الذي يلحقها ساكن، وقبلها حرف لين ساكن فكره الجمع بين حرفي لين ساكنين لا يفصلهما إلا حرف خفي .
وإن شئت ألحقت الياء. والواو على الأصل، لأن الهاء حرف متحرك في الحقيقة. وذلك قولك على قول العامة: عليهى مال، وعلى قول أهل الحجاز: عليهو مال (فألقى عصاهو فإذا هي). وهذا أبوهو فاعلم .
فإن كان قبل الهاء حرف ساكن من غير حروف المد واللين فأنت مخير: إن شئت أثبت، وإن شئت حذفت .
أما الإثبات فعلى ما وصفت لك، وأما الحذف، فلأن الذي قبل الهاء ساكن وبعدها ساكن وهي خفية. فكرهوا أن يجمعوا بينهما؛ كما كرهوا الجمع بين الساكنين. وذلك قولك: {منه آياتٌ محكماتٌ} وإن شئت قلت (منهو آيات)، وعنهو أخذت. فهذا جملة هذا .
واعلم أن الشاعر إذا احتاج إلى الوزن وقبل الهاء جرف متحرك، حذف الياء والواو اللتين. بعد الهاء؛ إذ لم يكونا من أصل الكلمة. فمن ذلك قوله:
فإنْ يكُ غَثّاً، أو سَمينا فإنَّنِي = سَأَجعَلُ عيْنَيْهي لنفسهِ مقْنَعَا
وقال آخر:
أو معبر الظهر ينبي عن وليتـه = ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمرا
وقال آخر:
وما له من مجد تلـيد، ومـا لـهـو = من الريح فضلٌ لا الجنوب ولا الصبا
وأشد من هذا في الضرورة أن يحذف الحركة كما قال:
فظلت لدى البيت العتيق أريغه = ومطواي مشتاقان له أرقـان
فأما ما كان من هذه الحروف التي جاءت لمعان، فهي منفصلة بأنفسها مما بعدها وقبلها، إلا أن الكلام بها منفردة محالٌ، كما وصفت لك. فإن منها: كاف التشبيه التي في قولك: أنت كزيد، ومعناه: مثل زيد، واللام التي تسمى لام الملك؛ نحو هذا لعبد الله ولك. تكون مكسورة مع الظاهر، ومفتوحة مع المضمر: لعلة قد ذكرت في موضعها .
وهي التي في قولك: جئت لأكرمك؛ لأن الفعل انتصب بإضمار أن، وأن والفعل مصدر. فقد صار المعنى جئت لإكرامك .
ومنها الباء التي تكون للإلصاق، والاستعانة .
فأما الإلصاق فقولك مررت بزيد، وألممت بك، وأما الاستعانة فقولك: كتبت بالقلم، وعمل النجار بالقدوم.
ومنها واو القسم التي تكون بدلاً من الباء؛ لأنك إذا قلت: بالله لأفعلن فمعناه: أحلف بالله. فإذا قلت: والله لأفعلن فذلك معناه؛ لأن مخرج الباء، والواو من الشفة .
ومن ذلك الكاف التي تلحق آخر الكلام لا موضع لها، نحو كاف ذاك، ورويدك و{أرأيتك هذا الذي كرمت علي} .
وقولهم: أبصرك زيدا .
وهذه الحروف كثيرة إلا أنا نذكر منها شيئاً يدل على سائرها). [المقتضب: 1/174-178]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الإضمار الذي يلحق الواحد الغائب
وتفسير أصله، وأين يجوز أن يبدل من الواو التي تلحقها الياء والعلة في ذلك؟
فالأصل في هذا الضمير أن تتبع هاءه واو. فالاسم الهاء وحدها، والواو تلحقها لخفاء الهاء. فإذا وقفت وقفت بالهاء وحدها، لئلا يكون الزاز بمنزلة الحروف الأصلية. وذلك قولك: رأيته، وأعطيته إذا وقفت.
فإذا وصلت قلت: أعطيتهو يا رجل، وجاءني غلامهو فاعلم، ورأيت غلامهو يا فتى، ومررت بغلامهو، ومررت بهو، و( فخسفنا بهو وبدارهو الأرض)، وعليهو مال، وهذه عصاهو يافتى، وهذا أخوهو فاعلم.
هذا الأصل في هذا كله .
فإن كان قبل هذه الهاء ياءٌ أو كسرة، كان الأحسن أن تبدل من ضمتها كسرة، لاستثقالهم الضمة بعد الياء، والكسرة، ومن الواو ياء.
وإن جئت بها على الأصل كما بدأنا به فعربي جيد .
فأما ما كانت قبلها كسرة فنحو: مررت بهى يا فتى، ونزلت في دارهى يا هذا، ونحو ذلك، وأما ما كان بالياء فإنما يصلح إذا كانت الياء ساكنة، نحو نزلت عليهى يا فتى، وذهبت إليهى يا رجل.
وإن شئت حذفت التي بعد الهاء، لسكونها وسكون الياء، لأن الهاء التي بينهما حاجز ليس بحصين. فتقول: نزلت عليه يا فتى، وذهبت إليه فاعلم.
وكذلك تفعل بما كان مثله نحو قوله عز وجل {فألقى موسى عصاه}، لأن هذا يشبه بالتقاء الساكنين، لخفاء الهاء). [المقتضب: 1/399-400]

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل رحمه الله تعالى عن قوله: {ويكأنه لا يفلح} وعن قوله تعالى جده: {ويكأن الله} فزعم أنها وي مفصولة من كأن والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم أو نبهوا فقيل لهم أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا. والله تعالى أعلم.
وأما المفسرون فقالوا: ألم تر أن الله). [الكتاب: 2/154]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:
ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
{كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ}، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الـ = ـرجال فأصلان الرجال أقاصره).
[مجالس ثعلب: 322] (م)

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) }

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى أن قارون خرج على قومه وقد أظهر قدرته من الملابس والمراكب وزينة الدنيا، قال جابر ومجاهد: خرج في ثياب حمر، وقال ابن زيد: خرج هو وحشمه في ثياب معصفرة، وقيل: في ثياب الأرجوان، وقيل غير هذا، وأكثر المفسرون في تحديد زينة قارون وتعيينها -مما لا صحة له- فاختصرته. وباقي الآية في اغترار الجهلة والأغمار من الناس بين). [المحرر الوجيز: 6/ 615]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون}
أخبر تعالى عن الذين أوتوا العلم والمعرفة بالله تعالى وبحق طاعته والإيمان به أنهم زجروا الأغمار الذين تمنوا حال قارون، وحملوهم على الطريقة المثلى من أن النظر والتمني إنما يكون في أمور الآخرة، وأن حالة المؤمن العامل الذي ينتظر ثواب الله خير من حال كل ذي دنيا.
ثم أخبر تعالى عن هذه النزعة وهذه القوة في الخير في الدين أنه لا يلقاها، أي: لا يمكن منها ويخولها إلا الصابر على طاعة الله عز وجل، وعن شهوات نفسه، وهذا هو جماع الخير كله. والضمير في "يلقاها" عائد على ما لم يتقدم له ذكر من حيث الكلام دال عليه، فذلك يجري مجرى: توارت بالحجاب، وكل من عليها فان. وقال الطبري: الضمير عائد على الكلمة، وهي قوله: {ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا}، أي: لا يلقى هذه الكلمة إلا الصابرون، وعنهم تصدر). [المحرر الوجيز: 6/ 615-616]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وروي في الخسف بقارون وداره أن موسى عليه السلام لما أمضه فعل قارون به، وتعديه عليه، ورميه بأمر المرأة، وغير ذلك من فعله، استجار الله تعالى وبكى وطلب النصرة، فأوحى الله تعالى إليه: لا تهتم فإني أمرت الأرض أن تطيعك في قارون وأهله وخاصته وأتباعه، فقال موسى عليه السلام للأرض: خذيهم، فأخذت منهم إلى الركب، فاستغاثوا بموسى، يا موسى، فقال: خذيهم، فأخذتهم شيئا فشيئا، وهم يستغيثون به كل مرة، وهو يلج إلى أن تم الخسف بهم، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، استغاثوا بك فلم ترحمهم، لو بي استغاثوا وإلي تابوا لرحمتهم وكشفت ما بهم. وقال قتادة، ومالك بن دينار: روي لنا أنه يخسف به كل يوم قامة فهو يتجلجل إلى يوم القيامة.
و "الفئة": الجماعة الناصرة التي يفيء إليها الإنسان الطالب للنصرة.
وقصة قارون هي بعد جوازهم اليم; لأن الرواة ذكروا أنه كان ممن حفظ التوراة، وكان يقرؤها). [المحرر الوجيز: 6/ 616]

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن حال الذين تمنوا مكانه بالأمس، وندمهم واستشعارهم أن الحول والقوة لله تعالى. وقوله: {ويكأن} مذهب سيبويه والخليل أن "وي" حرف تنبيه، وهي منفصلة عن "كأن"، لكن أضيفت في الكتاب لكثرة الاستعمال، [والمعنى أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم، أو نبهوا فقيل لهم: أما يشبه أن يكون هذا عندكم هكذا]، فقالوا على جهة التعجب والتندم: فإن الله يبسط الرزق.
وقال أبو حاتم وجماعة من النحويين: "ويك" هي ويلك، حذفت لامه وجرت في الكلام كذلك، ومنه قول عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبر سقمها قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم
فكأن المعنى: ويلك، اعلم أن الله، ونحو هذا من الإضمار للفعل.
وقالت فرقة من النحويين: "ويكأن" بجملتها دون تقدير انفصال كلمة بمنزلة قولك: ألم تر أن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويقوى الانفصال فيها على ما قاله سيبويه؛ لأنها تجيء مع "أن" ومع "أن"، وأنشد سيبويه:
وي كأن من يكن له نشب يحـ ... ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وهذا البيت لزيد بن عمرو بن نفيل.
وقرأ الأعمش: "لولا من الله" بحذف "أن"، وروي عنه: "لولا من" برفع النون، وبالإضافة إلى "الله". وقرأ الجمهور: "لخسف" بضم الخاء وكسر السين، وقرأ عاصم بفتح الخاء والسين، وقرأ الأعمش، وطلحة بن مصرف: "لانخسف" كأنه فعل مضارع أريد به أن الأرض كانت منفعلة، وروي عن الكسائي أنه كان يقف على "وي"، ويبتدئ "كأن"، وروي عنه الوصل كالجماعة، وروي عن أبي عمرو أنه كان يقف على "ويك"، ويبتدئ "إن الله"، وعلى هذا المعنى قال الحسن: إن شئت: "ويك أن" أو "ويك إن" بفتح الهمزة وبكسرها، فكذلك في "ويكأنه"). [المحرر الوجيز: 6/ 616-618]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين}
هذا إخبار مستأنف من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يراد به إخبار جميع العالم وحضهم على السعي بحسب ما تضمنته الآية، وهذا الحض يتضمن الإنحاء على حال قارون ونظرائه، والمعنى أن الآخرة ليست في شيء من أمر قارون، إنما هي لمن صفته كذا وكذا، و"العلو" المذموم، وهو الظلم والتجبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وذلك أن تريد أن يكون شراك نعلك أفضل من شراك نعل أخيك، و"الفساد" يعم الوجوه من الشر، ومما قال العلماء: هو أخذ المال بغير حق، وقوله: {والعاقبة للمتقين} خبر منفصل). [المحرر الوجيز: 6/ 618-619]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها} معناه: إما في الدنيا وإما في الآخرة ولا بد، ففي وصف أمر جزاء الآخرة أنه من عمل صالحا فله خير من القدر الذي يقتضي النظر أنه مواز لذلك الفعل، هذا على أن نجعل الحسنة في التفضيل، وفي القول حذف مضاف، أي: من ثوابها الموازي لها، ويحتمل أن تكون "من" لابتداء الغاية، أي: له خير بحسب حسنته ومن أجلها، وأخبر تبارك وتعالى أن السيئة لا يضاعف جزاؤها فضلا منه ورحمة).[المحرر الوجيز: 6/ 619]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 09:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 09:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ (79) وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلا الصّابرون (80)}.
يقول تعالى مخبرًا عن قارون: إنّه خرج ذات يومٍ على قومه في زينةٍ عظيمةٍ، وتجمّلٍ باهرٍ، من مراكب وملابس عليه وعلى خدمه وحشمه، فلمّا رآه من يريد الحياة الدّنيا ويميل إلى زخرفها وزينتها، تمنّوا أن لو كان لهم مثل الّذي أعطي، قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ} أي: ذو حظٍّ وافرٍ من الدّنيا. فلمّا سمع مقالتهم أهل العلم النّافع قالوا لهم: {ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} أي: جزاء اللّه لعباده المؤمنين الصّالحين في الدّار الآخرة خيرٌ ممّا ترون.
[كما في الحديث الصّحيح: يقول اللّه تعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، واقرؤوا إن شئتم: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} [السّجدة: 17].
وقوله: {ولا يلقّاها إلا الصّابرون}: قال السّدّيّ: وما يلقّى الجنّة إلّا الصّابرون. كأنّه جعل ذلك من تمام كلام الّذين أوتوا العلم. قال ابن جريرٍ: وما يلقّى هذه الكلمة إلّا الصّابرون عن محبّة الدّنيا، الرّاغبون في الدّار الآخرة. وكأنّه جعل ذلك مقطوعًا من كلام أولئك، وجعله من كلام اللّه عزّ وجلّ وإخباره بذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 255]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين (81) وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون (82)}
لـمّا ذكر تعالى اختيال قارون في زينته، وفخره على قومه وبغيه عليهم، عقّب ذلك بأنّه خسف به وبداره الأرض، كما ثبت في الصّحيح -عند البخاريّ من حديث الزّهريّ، عن سالمٍ -أنّ أباه حدّثه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "بينا رجلٌ يجرّ إزاره إذ خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".
ثمّ رواه من حديث جرير بن زيدٍ، عن سالمٍ عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا النّضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاصّ، حدّثنا الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بينا رجلٌ فيمن كان قبلكم، خرج في بردين أخضرين يختال فيهما، أمر اللّه الأرض فأخذته، فإنّه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة". تفرّد به أحمد، وإسناده حسنٌ.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا أبو معلّى بن منصورٍ، أخبرني محمّد بن مسلمٍ، سمعت زيادًا النّميريّ يحدّث عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "بينا رجلٌ فيمن كان قبلكم خرج في بردين فاختال فيهما، فأمر اللّه الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة".
وقد ذكر [الحافظ] محمّد بن المنذر -شكّر- في كتاب العجائب الغريبة بسنده عن نوفل بن مساحقٍ قال: رأيت شابًّا في مسجد نجران، فجعلت أنظر إليه وأتعجّب من طوله وتمامه وجماله، فقال: ما لك تنظر إليّ؟ فقلت: أعجب من جمالك وكمالك. فقال: إنّ اللّه ليعجب منّي. قال: فما زال ينقص وينقص حتّى صار بطول الشّبر، فأخذه بعض قرابته في كمّه وذهب.
وقد ذكر أنّ هلاك قارون كان عن دعوة نبيّ اللّه موسى عليه السّلام واختلف في سببه، فعن ابن عبّاسٍ والسّدّيّ: أنّ قارون أعطى امرأةً بغيّا مالًا على أن تبهت موسى بحضرة الملأ من بني إسرائيل، وهو قائمٌ فيهم يتلو عليهم كتاب اللّه، فتقول: يا موسى، إنّك فعلت بي كذا وكذا. فلمّا قالت في الملأ ذلك لموسى عليه السّلام، أرعد من الفرق، وأقبل عليها وصلّى ركعتين ثمّ قال: أنشدك باللّه الّذي فرق البحر، وأنجاكم من فرعون، وفعل كذا و [فعل] كذا، لما أخبرتني بالّذي حملك على ما قلت؟ فقالت: أمّا إذ نشدتني فإنّ قارون أعطاني كذا وكذا، على أن أقول لك، وأنا أستغفر اللّه وأتوب إليه. فعند ذلك خرّ موسى للّه عزّ وجلّ ساجدًا، وسأل اللّه في قارون. فأوحى اللّه إليه أنّي قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره فكان ذلك.
وقيل: إنّ قارون لـمّا خرج على قومه في زينته تلك، وهو راكبٌ على البغال الشّهب، وعليه وعلى خدمه الثّياب الأرجوان الصّبغة، فمرّ في جحفله ذلك على مجلس نبيّ اللّه موسى عليه السّلام، وهو يذكّرهم بأيّام اللّه. فلمّا رأى النّاس قارون انصرفت وجوه النّاس حوله، ينظرون إلى ما هو فيه. فدعاه موسى عليه السّلام، وقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا موسى، أما لئن كنت فضّلت عليّ بالنّبوّة، فلقد فضّلت عليك بالدّنيا، ولئن شئت لتخرجنّ، فلتدعونّ عليّ وأدعو عليك. فخرج وخرج قارون في قومه، فقال موسى: تدعو أو أدعو أنا؟ قال: بل أنا أدعو. فدعا قارون فلم يجب له، ثمّ قال موسى: أدعو؟ قال: نعم. فقال موسى: اللّهمّ، مر الأرض أن تطيعني اليوم. فأوحى اللّه إليه أنّي قد فعلت، فقال موسى: يا أرض، خذيهم. فأخذتهم إلى أقدامهم. ثمّ قال: خذيهم. فأخذتهم إلى ركبهم، ثمّ إلى مناكبهم. ثمّ قال: أقبلي بكنوزهم وأموالهم. قال: فأقبلت بها حتّى نظروا إليها. ثمّ أشار موسى بيده فقال: اذهبوا بني لاوى فاستوت بهم الأرض.
وعن ابن عبّاسٍ أنّه قال: خسف بهم إلى الأرض السّابعة.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّه يخسف بهم كلّ يومٍ قامةٌ، فهم يتجلجلون فيها إلى يوم القيامة.
وقد ذكر ها هنا إسرائيليّاتٌ [غريبةٌ] أضربنا عنها صفحًا.
وقوله: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين} أي: ما أغنى عنه ماله، وما جمعه، ولا خدمه و [لا] حشمه. ولا دفعوا عنه نقمة اللّه وعذابه ونكاله [به]، ولا كان هو في نفسه منتصرًا لنفسه، فلا ناصر له [لا] من نفسه، ولا من غيره). [تفسير ابن كثير: 6/ 255-257]

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله تعالى: {وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس} أي: الّذين لـمّا رأوه في زينته قالوا {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ}، فلمّا خسف به أصبحوا يقولون: {ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر} أي: ليس المال بدالٍّ على رضا اللّه عن صاحبه [وعن عباده] ؛ فإنّ اللّه يعطي ويمنع، ويضيّق ويوسّع، ويخفض ويرفع، وله الحكمة التّامّة والحجّة البالغة. وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعودٍ: "إنّ اللّه قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم أرزاقكم وإنّ اللّه يعطي المال من يحبّ، ومن لا يحبّ، ولا يعطي الإيمان إلّا من يحبّ".
{لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا} أي: لولا لطف اللّه بنا وإحسانه إلينا لخسف بنا، كما خسف به، لأنّا وددنا أن نكون مثله.
{ويكأنّه لا يفلح الكافرون} يعنون: أنّه كان كافرًا، ولا يفلح الكافر عند اللّه، لا في الدّنيا ولا في الآخرة.
وقد اختلف النّحاة في معنى قوله تعالى [ها هنا]: {ويكأنّ}، فقال بعضهم: معناها: "ويلك اعلم أنّ"، ولكن خفّفت فقيل: "ويك"، ودلّ فتح "أنّ" على حذف "اعلم". وهذا القول ضعّفه ابن جريرٍ، والظّاهر أنّه قويٌّ، ولا يشكل على ذلك إلّا كتابتها في المصاحف متّصلةً "ويكأنّ". والكتابة أمرٌ وضعيٌّ اصطلاحيٌّ، والمرجع إلى اللّفظ العربيّ، واللّه أعلم.
وقيل: معناها: ويكأنّ، أي: ألم تر أنّ. قاله قتادة. وقيل: معناها "وي كأنّ"، ففصلها وجعل حرف "وي" للتّعجّب أو للتّنبيه، و"كأنّ" بمعنى "أظنّ وأحسب". قال ابن جريرٍ: وأقوى الأقوال في هذا قول قتادة: إنّها بمعنى: ألم تر أنّ، واستشهد بقول الشّاعر:
سألتاني الطّلاق أن رأتاني = قلّ مالي، وقد جئتماني بنكر...
ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 257-258]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين (83) من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلا ما كانوا يعملون (84)}.
يخبر تعالى أنّ الدّار الآخرة ونعيمها المقيم الّذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين، الّذين لا يريدون علوًّا في الأرض، أي: ترفّعًا على خلق اللّه وتعاظمًا عليهم وتجبّرًا بهم، ولا فسادًا فيهم. كما قال عكرمة: العلوّ: التّجبّر.
وقال سعيد بن جبيرٍ: العلوّ: البغي.
وقال سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن منصورٍ، عن مسلمٍ البطين: العلوّ في الأرض: التّكبّر بغير حقٍّ. والفساد: أخذ المال بغير حقٍّ.
وقال ابن جريج: {لا يريدون علوًّا في الأرض} تعظّمًا وتجبّرًا، {ولا فسادًا}: عملًا بالمعاصي.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيع، حدّثنا أبي، عن أشعث السّمّان، عن أبى سلّامٍ الأعرج، عن عليٍّ قال: إنّ الرّجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه، فيدخل في قوله: {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتّقين}.
وهذا محمولٌ على ما إذا أراد [بذلك] الفخر [والتّطاول] على غيره؛ فإنّ ذلك مذمومٌ، كما ثبت في الصّحيح، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [أنّه قال] إنّه أوحي إليّ أن تواضعوا، حتّى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ"، وأمّا إذا أحبّ ذلك لمجرّد التّجمّل فهذا لا بأس به، فقد ثبت أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه، إنّي أحبّ أن يكون ردائي حسنًا ونعلي حسنةً، أفمن الكبر ذلك؟ فقال: "لا إنّ اللّه جميلٌ يحبّ الجمال"). [تفسير ابن كثير: 6/ 258-259]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقال: {من جاء بالحسنة} أي: يوم القيامة {فله خيرٌ منها} أي: ثواب اللّه خيرٌ من حسنة العبد، فكيف واللّه يضاعفه أضعافًا كثيرةً فهذا مقام الفضل.
ثمّ قال: {ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات إلا ما كانوا يعملون}، كما قال في الآية الأخرى: {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} [النّمل: 90] وهذا مقام الفصل والعدل). [تفسير ابن كثير: 6/ 259]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة