العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة مريم

توجيه القراءات في سورة مريم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة مريم

مقدمات توجيه القراءات في سورة مريم
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة مريم). [معاني القراءات وعللها: 2/129]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة مريم عليها السلام) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/5]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة مريم). [الحجة للقراء السبعة: 5/184]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة مريم). [المحتسب: 2/36]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (19 - سورة مريم عليها السّلام). [حجة القراءات: 437]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة مريم عليها السلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة مريم عليها السلام). [الموضح: 808]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي تسعون آية وثمان في الكوفي، وتسع في المدني). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]

ياءات الإضافة:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (فأما ياآت هذه السورة)
فقوله: {من ورآءي وكانت} وقد ذكرته، وقوله: {إني أعوذ بالرحم} [18]، {ءاتني الكتب} [30].
{وإني أخاف} [45] ففتحهن ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/25]
وأسكنهن الباقون.
وأسكن ابن عامرٍ وعاصم والكسائي {إني أعوذ} {وإني أخاف} وقوله: {اجعل لي ءاية} [10]، {وربي إنه} [47] ففتحهما نافع، وأبو عمرو، وأسكنهما الباقون. وقوله: {ءاتني الكتب} [30] أسكنها حمزة، وفتحها الباقون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/26]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- فيها ست ياءات إضافة قوله: {من ورائي وكانت} «5» فتحها ابن كثير، قوله: {اجعل لي آية} «10»، {ربي إنه} «47» فتحهما نافع وأبو عمرو.
قوله: {إني أخاف} «45»، {إني أعوذ} «18» فتحهما الحرميان وأبو عمرو.
وقوله: {آتاني الكتاب} «30» أسكنها حمزة وحده). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/94]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ست ياءات للمتكلم وهن؛ {مِن ورَائِي}، {اجْعَل لِّي آيَةً}، {إنِّي أَعُوذُ}، {آتَانِيَ الكِتَابَ}، {إنِّي أَخَافُ}، {رَبِّي إنَّهُ}.
ففتحهن كلهن نافع وأبو عمرو، إلا قوله {مِن ورَائِي}.
وأسكن ابن كثير اثنتين {لِّي آيَةً}، {رَبِّي إنَّهُ}وفتح البواقي.
وفتح ابن عامر وعاصم والكسائي ويعقوب واحدة {آتَانِيَ الكِتَابَ}، وأسكنوا البواقي.
ولم يفتح حمزة منهن شيئًا.
وقد تقدم وجه الفتح والإسكان في هذه الياء). [الموضح: 827]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها زائدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/94]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:57 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (1) إلى الآية (6) ]
{كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}

قوله تعالى: {كهيعص (1)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم والأعشى عن أبي بكر ويعقوب (كهيعص) مفتوحة الياء والهاء.
وقرأ نافع بين الفتح والكسر في الهاء والياء.
وقرأ أبو عمرو (كهيعص) بكسر الهاء وفتح الياء.
وقرأ ابن عامر وحمزة، (كهيعص) بفتح الهاء وكسر الياء، وقرأ الكسائي وأبو بكر في رواية يحيى عنه عن عاصم (كهيعص) بكسر الهاء والياء، وأظهر الدال التي في صاد عند الذال ابن كثيرٍ ونافع وعاصم والحضرمي، وأدغمهما الباقون - واتفقوا على إدغام نون عين.
قال أبو منصور: هذه لغات، اتفق أهل اللغة على جواز جميعها مع اختلافها فبأيها قرأت فأنت مصيب، فاقرأ كيف شئت، والتفخيم فيها لغة أهل الحجاز). [معاني القراءات وعللها: 2/129]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {كهيعص}
فيها خمس قراءات:
قرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم بتفخيم الحروف كلها، وكان نافع قراءته بين بين؛ وذلك أن هذه الحروف تذكر وتؤنث، وتمد وتقصر، وتمال وتفخم، فيقال: ياء وطاء، ويا وطا.
ومن العرب من ينحو به نحو الواو فيقول: طو ويو وهو. وقد قرأ بذلك الحسن{كهيعص}.
وقرأ ابن عامر، وحمزة بفتح الهاء وإمالة الياء {كهيعص} وكأنهما كرها تواتي الفتحات والكسرات، فأمالا بعضًا، وفتحا بعضًا.
وقرأ أبو عمرو ضد ذلك، فكسر الهاء وفتح الياء لهذه العلة التي تقدمت.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/5]
وحدثنى محمد بن الحسن الأنباري، عن ابن فرح، عن أبي عمر، عن اليزيدي، عن أبي عمرو أنه قرأ {كهيعص} بكسر الهاء والياء. قال: قلت لأبي عمرو، لم كسرت الهاء؟ قال: لئلا تلتبس بالهاء التي للتنبيه، قلت: فلم كسرت الياء؟ قال: لئلا تلتبس بالياء التي للنداء إذا قلت: يا رجل، ويازيد. وهذا حسن جدًا.
قال ابن مجاهد: واللفظ بهذه الحروف أن تنظر فما كان منها على حرفين كان أقصر مدا نحو "ها"، و"يا"، وما كان على ثلاثة أحرف كان أطول مدا نحو "كاف" و"صاد".
فإن قيل لك: فإن أبا عمرو وغيره ممن أدغم الدال في الذال من {ص. ذكر} جعلوه أطول من كاف؟
فالجواب في ذلك: أن الألف إذا وقع بعدها حرف مشدد نحو دابة، وشابة، وتابة وهي العجوز فلابد من مده؛ تمكنًا للحرف المدغم، وليكون حاجزًا بين الساكنين.
واختلف أهل التأويل في {كهيعص}.
قال قوم: أقسم الله تعالى بحروف المعجم، ثم اجتزأ ببعض عن بعض.
وقال آخرون: بل وهو شعار للسورة.
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: لله تعالى مع كل نبي سر، وسر الله تعالى مع محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الحروف المقطعة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/6]
فإن سأل سائل: ما معنى قول على رضى الله عنه: يا كاف ها، يا ع ص اغفر لي؟
فالجواب في ذلك: أن عليا رضي الله عنه كان يتأول كل حرف من الحروف المقطعة آسما من أسماء الله عز وجل، فالكاف من {كهيعص} الكافي، والهاء: الهادي، والصاد: من صادق، والعين: من عليم. كأنه قال: يا كافى يا هادى، يا عليم، يا صادق، ثم اجتزأ ببعض الحروف عن كل، كما تقول العرب: ألاتا، تريد ألا ترحل؟ فيقول: بلى فا، أ يبلى فأفعل. قال الشاعر:
ناداهم أن الجموا الأتا = قول امرى للجلبات عبا
ثم تنادوا بعد تلك الضوضا = منهم بهاب وهل وابا با
ومن ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفي بالسيف شا» أراد أن يقول عليه السلام: شاهدًا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: لولا أن يتتابع فيه الغيران والسكران»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/7]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كهيعص. ذكر [1، 2].
فقرأ ابن كثير كهيعص بفتح الهاء والياء، وتبيين الدال التي في هجاء صاد.
وقرأ أبو عمرو كهيعص. ذكر بكسر الهاء وفتح الياء ويدغم الدال في الذال. نافع يلفظ بالهاء والياء بين الكسر والفتح، ولا يدغم الدال التي في هجاء صاد في الذال من ذكر هذا قول محمد بن إسحاق عن أبيه. وقال ابن سعدان عن إسحاق المدني عن نافع بفتح الهاء والياء ويدغم، وقال إسماعيل بين الكسر والفتح. وقال أحمد بن صالح عن ورش، وقالون عن نافع: الهاء بين الكسر والفتح، ونون العين غير مبيّنة، ودال صاد غير مبيّنة وهو معها ذال. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر والكسائي بكسر الهاء والياء والكسائي لا يبين الدال وعاصم يبيّنها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/184]
وقرأ حمزة وابن عامر كهيعص. ذكر بفتح الهاء وكسر الياء ويدغمان، وكلّهم يخفي نون (عين).
وروى ابن اليتيم عن أبي حفص عن عاصم أنه كان يبين الهاء ولا يرفعها ولا يكسر الياء. أبو عمارة عن حفص عن عاصم يفخم.
القول في إمالة هذه الحروف أن إمالتها لا تمتنع، لأنها ليست بحروف معنى وإنما هي أسماء لهذه الأصوات، قال سيبويه: قالوا: با، تا، لأنها أسماء ما يتهجى به، فلما كانت أسماء غير حروف جازت فيها الإمالة كما جازت في الأسماء. ويدلّك على أنها أسماء أنها إذا أخبرت عنها أعربتها، وإن كنت لا تعربها قبل ذلك، كما أن أسماء العدد إذا أخبرت عنها أعربتها، فكما أن أسماء العدد قبل أن تعربها أسماء، فكذلك هذه الحروف، وإذا كانت أسماء ساغت الإمالة فيها، فأما من لم يمل فعلى قول أهل الحجاز.
قال: كلّهم يخفي نون عين. حفص عن عاصم يبيّن النون، قال أبو عثمان: بيان النون مع حروف الفم لحن، إلا أن هذه الحروف تجري على الوقف عليها والقطع لها مما بعدها، فحكمها البيان وأن لا تخفى، وقول عاصم هو القياس فيها وما لا مذهب عنه، وكذلك أسماء العدد حكمها على الوقف على أنها منفصلة مما بعدها. ومما يبيّن أنها على الوقف أنهم قالوا: ثلاثة اربعة، فألقوا حركة الهمزة على الهاء لسكونها ولم يقلبوها تاء، وإن كانت موصولة لما كانت النية بها الوقف، فكذلك النون ينبغي أن تبيّن لأنها في نيّة الوقف والانفصال
[الحجة للقراء السبعة: 5/185]
ممّا بعدها. ولمن لم يبيّن أن يستدلّ بتركهم قطع الهمزة من قوله: (الميم الله) [آل عمران/ 1 - 2] ألا ترى أن الهمزة لم تقطع، وإن كان ما هي منه في تقدير الانفصال ممّا قبله، فكما لم تقطع الهمزة في الم الله وفي قولهم: واحد اثنان، كذلك لم تبيّن النون لأنها جعلت في حكم الاتصال، كما كانت الهمزة فيما ذكرنا كذلك. قال أبو الحسن: التبيين: يعني تبيين النون، أجود في العربية لأن حروف الهجاء والعدد منفصل بعضها من بعض، قال: وعامة القراء على خلاف التبيين). [الحجة للقراء السبعة: 5/186]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ أبو جعفر: [كافْ هَا يَا عَين صَاد].
وقرأ: [كافْ هَا يُا عَين صَاد]، بفتح الهاء، ورفع "الياء" - الحسن.
وقرأ: [كافْ هُا يَا عَين صَاد]، بضم الهاء وفتح الياء - الحسن أيضا.
قال أبو الفتح: أما على الجملة فإن الإمالة والتفخيم في حروف المعجم ضرب من الاتساع، وذلك أن الإمالة والتفخيم ضربان من ضروب التصرف، وهذه الحروف جوامد لا حظ لها في التصرف؛ لأنها كـ"ما" و"لا" و"هل" و"قد" و"بل" و"إنما". وإنما أتاه ذانك من قبل أنها إذا فارقت موضعها من الهجاء صارت أسماء، كقولنا: الهاء حرف هاوٍ، والواو والياء والألف حروف الإعلال، وفي الصاد والزاي والسين صفير، والميم حرف ثقيل.
فلما كانت تفارق كونها هجاء إلى الاسمية دخلها ضرب من القوة؛ فتصرفت، فحملت الإمالة والتفخيم.
فمن فتح ولم يفخم ولم يُمِلْ فعلَى ظاهر الأمر، ومن أمال أو فخم اعتمد ما ذكرنا: من جواز كونها أسماء، فمن قال "يا" فأمال - جنح بالإمالة إلى الياء، كما جنح بها إليها في نحو قولك: السَّيَال والهِيَام. ومن فخم تصور أن عين الفعل في الياء انقلبت عن الواو، كالباب والدار والمال والحال؛ وذلك أن هذه الألِفَات -وإن كانت مجهولة أنه لا اشتقاق لها- فإنها تُحمَلُ على ما هو في اللفظ مشابِهٌ لها، والألف إذا وقعت عينا فجهلت فالواجب فيها
[المحتسب: 2/36]
أن يعتقد منقلبة عن الواو. على ذلك وجدنا سرد اللغة عند اعتبارنا له، ولذلك حمل الخليل ألف آءَة على أنها من الواو، فقال: كأنها من أُؤتُ. وبمثل ذلك ينبغي أن يحكم في راءَة وصاءَة، حتى كأنها في الأصل روَأة وصوَأة. فهذا قول جامع في هذا الضرب من الألِفات، فَاغْنَ به عما وراءه). [المحتسب: 2/37]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (قرأ أبو عمرو {كهيعص} بكسر الهاء وفتح الياء قال اليزيدي قلت لأبي عمرو لم كسرت الهاء قال لئلّا تلتبس بالهاء الّتي للتّنبيه إذا قلت ها زيد
وقرأ حمزة وابن عامر بفتح الهاء وكسر الياء وحجتهما في ذلك أن الكسرة هي أخت الياء وليست الكسرة أخت الهاء فلهذا كسرا الياء وفتحا الهاء
وقرأ أبو بكر والكسائيّ بكسر الهاء والياء وإنّما كسرا الهاء لئلّا تلتبس بالهاء الّتي للتّنبيه والياء لئلّا تلتبس بياء النداء إذا قلت يا رجل
قرأ نافع وابن كثير وحفص بفتح الهاء والياء وهو الأصل العرب تقول ها يا ومن العرب من يقول ها يا
قال سيبويهٍ إنّما جازت فيه الإمالة نحو يا تا ها لأنّها أسماء ما تكتبه وإنّما أمالتها العرب لتفصل بينها وبين الحروف لأن الإمالة إنّما تلحق الأسماء والأفعال ويدلك على أنّها أسماء أنّها إذا أخبرت عنها أعربتها فتقول هذه هاء وياء قال ولا أميل لا ولا ما لأنّهما حرفان وقال ما الّتي تكون اسما بمنزلة الّذي لا أميلها لأنّها لا تتمّ إلّا بصلة). [حجة القراءات: 437]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قد تقدم ذكر الاختلاف في {كهيعص} وذكر علة الإمالة وعلة الإدغام والإظهار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {كّـهيعص}[آية/ 1] بفتح الهاء والياء:
قرأها ابن كثير وعاصم- ص- ويعقوب.
والوجه أن ترك الإمالة جائز في كل ما جازت الإمالة فيه؛ لأن الإمالة ليست بواجبة، وأهل الحجاز لا يرون الإمالة وقد ذكرنا ذلك.
وقرأ الكسائي و- ياش- عن عاصم بالإمالة في الهاء والياء جميعًا.
والوجه أن الإمالة حسنة في نحو ذلك من حروف التهجي؛ لأنها ليست بحروف معانٍ، وإنما هي أسماء لهذه الأصوات، فجازت الإمالة فيها لكونها أسماء، ولحكمهم بأن لاماتها ياءات.
[الموضح: 808]
وجعلهما نافع بين الفتح والكسر.
والوجه أنه مذهب نافع في الإمالة، وأنه في حكم الإمالة وقد ذكرناه.
وقرأ أبو عمرو بكسر الهاء وفتح الياء.
والوجه أنه أمال أحد الحرفين، وترك إمالة الآخر ليعلم أن كليهما جائز.
وقرأ ابن عامر وحمزة بفتح الهاء وكسر الياء.
والوجه ما ذكرنا في قراءة أبي عمرو.
واتفق القراء على إخفاء نون عين في صاد إلا ما روي عن عاصم من التبيين.
والوجه في إخفاء النون أنه هو القياس؛ لأن بيان النون عند حروف الفم لحن، إذا لم يكن النية على النون الوقف، وهذه الحروف لها حكم الاتصال من غير نية وقوف على أحدها. يدل على ذلك وصلهم الألف في قوله تعالى {الـم الله}من غير قطع ألف {الله}؛ لأن هذه الحروف متصل بعضها ببعض.
[الموضح: 809]
وأما ما روي من تبيين النون في عين صاد، فإنه نوى الوقف على كل حرفٍ من هذه الحروف، وقطعه عما بعده فلذلك بين ولم يخف، وإنما نوى الوقف؛ لأنه جعل حكم كل واحد من هذه الحروف على الوقف والقطع عما بعده كأسماء الأعداد، ألا ترى أنك تقول ثلاثة أربعة فتقلب التاء هاء، لما كان النية بها الوقف.
وأدغم أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي الدال من صاد في الذال من {ذِكْرٌ}؛ لأن الدال والذال متقاربتا المخرجين فأدغمت إحداهما في الأخرى لتقاربهما.
وأظهرها ابن كثير ونافع وعاصم ويعقوب؛ لأن لكل واحدٍ من الدال والذال حيزاً مغايراً لحيز الآخر؛ فالدال من حيز الطاء، والذال من حيز الظاء، وقد ذكرنا مثله). [الموضح: 810]
قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ص. ذكر رحمة ربك عبده زكريا} أدغم الدال في الذال. أبو عمرو وحمزة، والسكائي. تحفيفًا لقرب مخرج الدال من الذال.
والباقون يظهرون إذا لم يتجانسا، وليسا أختين.
وكان أبو عمرو يسكن الراء من {ذكر} ويدغمها في الراء من {رحمه} فيقول {ذكر رحمه ربك}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/7]
والباقون يظهرون إذا كانا من كلمتين؛ ولأن الراء الأولى متحركة، وقد مضى مثل ذلك فيما سلف من الكتاب، والتقدير في الآية: ذكر بك عبده بالرحمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/8]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن أيضا: [ذَكَّرَ رَحْمَة رَبِّكَ].
قال أبو الفتح: فاعل: ذَكَّرَ ضمير ما تقدم، أي: هذا المتلو من القرآن الذي هذه الحروف أوله وفاتحته يُذَكِّرُ رحمةَ ربِّكَ، فهو كقوله تعالى : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}. وعلى هذا أيضا يرتفع قوله: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ}، أي: هذا القرآن ذكر رحمة ربك. وإن شئت كان تقديره: مما يُقَصُّ عليك، أو يُتْلَى عليك ذِكْرُ رحمةِ ربِّك عبدَهُ زَكَرِيَّا). [المحتسب: 2/37]

قوله تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)}

قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من ورائي وكانت)
قرأ ابن كثير، (من ورائي) مفتوحة الياء ممدودة مهموزة، وروى عبيد عن شبل عنه (وراي) بغير مدٍّ، مثل: عصاي.
وقرأ الباقون (ورائي) ممدودة ساكنة الياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/129]
قال أبو منصور: الذي رواه عبيد عن شبل عن ابن كثير (وراي) بغير مد مثل: عصاي، ليس بجيد؛ لأن وراء ممدود في كلام العرب كأنه بمعنى خلفًا وأمامًا، وأما (الورى) بمعنى الخلق فهو مقصور، يكتب بالياء، يقال: لا أدرى أيّ الورى هو - أي: ما أدرى أي الخلق هو.
والقراءة الجيدة ما اتفق عليه القراء (من ورائي) بالمد، وأما الياء فإن شئت حركها وإن شئت أسكنتها). [معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- قوله تعالى: {إني خفت الموالي من وراءي}.
قرأ ابن كثير فيما قرأت على ابن مجاهد عن قتبل {ورآءى} بفتح الياء، والمد. والباقون يسكنون الياء تخفيفًا؛ لطول الحرف مع الهمزة.
وفيها قراءة ثالثة: روى عبيد عن شبل عن ابن كثير {من وراى وكانت} مثل هداى.
وقد ذكرت علة ذلك في سورة (ابراهيم) عليه السلام والوراء: ولد الولد ممدود، الوراء: الخلف، والوراء: القدام. ومعنى هذه الآية: خفت الموالي من ورائى أي: أمامي وقدامي، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/8]
ايرجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والفلاة ورائيا
والورى مقصور: داء في الجوف، والورى أيضًا الخلق، يقال: ما أدري أي الورى هو؟ وأي الطمش هو؟ وأي ترخم، وأي الطبل هو؟ وأي برنساء هو؟ كل ذلك معناه: لا أدري أي الناس هو؟
وذكر الحجاج عن هارون عن محمد بن إسحق عن أبيه وهب عن كعب مولى سعيد بن العاص عن سعيد بن العاص قال، أملى على عثمان بن عفان رضي الله عنه، {وإني خفت الموالي من ورآءي}.
أي: ذهبت وقلت، والموالي: بنو الأعمام. قال الشاعر:-
مهلاً بني عمنا، مهلاً موالينا = لا تنبشوا بيننا ما كان مدوفونا
فالمولي: ابن العم، والمولى: المعنق، والمولى: المعتق، والمولى: الناصر، والمولى، الأولى، والمولى: الولى، والمولى: الإمام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/9]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: من ورائي [مريم/ 5].
فقرأ ابن كثير فيما قرأت على قنبل- من ورائي مهموزة ممدودة مفتوحة الياء.
وحدثوني عن خلف عن عبيد عن شبل عن ابن كثير: (من وراي) مثل: عصاي [طه/ 18] وهداي [طه/ 123] بغير همز ونصب الياء.
وكلّهم همز ومدّ وأسكن الياء، غير ابن كثير.
قال أبو عبيدة وغيره: من ورائي: من قدامي، وكذلك قال: في قوله: وكان وراءهم ملك [الكهف/ 79] أي: بين أيديهم وأنشد لسوار بن المضرّب:
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي... وقومي تميم والفلاة ورائيا
[الحجة للقراء السبعة: 5/186]
أي: أمامي، وهكذا حكى عنه التوزي، قال: وقال: وراء الرجل: خلفه ووراؤه: قدّامه: قال: وكان وراءهم ملك أي:
أمامهم. وكذلك قوله عز وجل: ومن ورائه عذاب غليظ [إبراهيم/ 17]، أي: أمامه، قال التوزي: وأنشدنا أبو عبيدة:
أتوعدني وراء بني رياح... كذبت لتقصرنّ يداك دوني
وراء بني رياح، أي: قدام بني رياح. وأنشد:
أليس ورائي أن أدبّ على العصا... فيأمن أعدائي ويسأمني أهلي
وقال غيره أيضا: وراء: يكون بمعنى خلف، وبمعنى قدّام، قال: وفي القرآن في معنى خلف وبعد قوله: ومن وراء إسحاق يعقوب [هود/ 71]. وروي عن ابن عباس: وكان وراءهم ملك أي: أمامهم، ونحو ذلك قال يعقوب مثل غيره.
وقد حكى متقدّمو أهل اللغة وقوع الاسم على الشيء وعلى ضدّه، وصنّفوا فيه الكتب كقطرب، والتوّزيّ ويعقوب وغيرهم، وربما أنكر ذلك منكرون بتعسف وتأويلات غير سهلة، وليس ينكر أحد أن
[الحجة للقراء السبعة: 5/187]
اللفظة الواحدة تقع على الشيء وعلى خلافه، وكذلك لا ينبغي أن ينكر وقوعه على الشيء وعلى ضدّه، لأن الضدّ ضرب من الخلاف، فإن زعموا أن ذلك يلبس فهو في الخلاف أيضا يلبس.
والقصر الذي روي عن ابن كثير لم أعلم أحدا من أهل اللغة حكاه ولعلّه لغة، وقد جاء في الشعر من قصر الممدود شيء كثير وقياسه قياس ردّ الشيء إلى أصله، واللام من هذه الكلمة همزة وليس من باب الوراء، ولا من قول الشاعر:
كظهر اللأى لو يبتغي ريّة بها لأنهم قالوا في تحقيرها: وريئة، مثل: وديعة، حكى ذلك أبو عثمان وغيره، ولو كان من باب الوري والتواري لكان تحقيره وريّة، ومن نادر ما جاء في هذه الكلمة دخول الهاء في تحقيرها مع أنها على أربعة أحرف، وكذلك دخلت في: قديديمة، وتحقير قدّام، قال:
قديديمة التجريب والحلم إنّني... أرى غفلات العيش قبل التجارب
وقال:
يوم قديديمة الجوزاء مسموم
[الحجة للقراء السبعة: 5/188]
والقول في ذلك أنّ ما كان على أربعة أحرف لا تدخله تاء التأنيث في التحقير كما يدخل عامة ما كان على ثلاثة أحرف، وكأنّ الحرف الأصل قام مقام الزائد، كما قام مقامه في قولهم لم يغز، ولم يخش ولم يرم، ألا ترى أن هذه اللامات حذفت كما تحذف الحركات للجزم، وأما دخولها على قديديمة، ووريّئة، فمن الأشياء التي تشذّ فتردّ إلى الأصل المرفوض نحو: استحوذ والقصوى والقود ورجل لدوغ، وطعام قضض، حكاه أبو زيد.
فأما قوله: وإني خفت الموالي من ورائي فإن الخوف لا يكون من الأعيان في الحقيقة، إنما يكون من معان فيها، فإذا قال القائل: خفت الله، وخفت الوالي، وخفت الناس، فالمعنى: خفت عقاب الله ومؤاخذته، وخفت عقوبة الوالي وملامة الناس، وكذلك وإني خفت الموالي من ورائي أي: خفت تضييع بني عمي، فحذف المضاف، والمعنى على تضييعهم الدين ونبذهم إياه واطّراحهم له، فسأل ربّه وليّا يرث نبوّته وعلمه لئلا يضيع الدين. ويقوّي ذلك ما روي عن الحسن أنه قال: يرثني [مريم/ 6]: يرث نبوّتي، وهذا بيّن لأنه لا يخلو من أن يكون أراد: يرث مالي أو علمي ونبوّتي. وفيما أثر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من أنه قال: «نحن- معاشر الأنبياء- لا نورث ما تركناه صدقة».
دلالة على أن الذي سأل أن يرثه وليّه ليس المال، فإذا بطل هذا ثبت الوجه الآخر.
[الحجة للقراء السبعة: 5/189]
وقريب من هذا الوجه: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين [الأنبياء/ 89] على أنه لا يجوز على نبيّ الله أن يقول: أخاف أن يرثني بنو عمي وعصبتي على ما فرضته لهم، وكأن الذي حمله على مسألة ذلك ربّه ما شاهدهم عليه من تبديلهم الدين واطّراحهم له وتوثّبهم على الأنبياء وقتلهم إيّاهم. وروي عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه: وإني خفت الموالي من ورائي وكأن المعنى: أنهم قلّوا وقلّ من كان منهم يقوم بالدين، فسأل وليّا يقوم به، وقد قال الشاعر:
إذا أنا لم أومن عليك فلم يكن... كلامك إلّا من وراء وراء
فيجوّز فيه أهل النظر في العربية غير وجه، منها: إلا من وراء وراء، بضمها كما ضممت قبل، وبعد، وتحت، ودون، وتجعل الثاني بدلا من الأول، قال أبو الحسن: أنشدناه يونس وبيتا آخر قبله، قال: وزعم أنه شعر مرفوع: وإلا من وراء وراء، يريد به: ورائي، فحذف ياء الإضافة، وتدلّ الكسرة عليها. فيكون: من وراء وراء، وتكون الثانية بدلا من الأولى، أو تكريرا، ويكون: من وراء وراء، على أن تجعل وراء معرفة فلا تصرفها للتأنيث والتعريف، وتكون الثانية تكريرا، وروى ابن حبيب عن أبي توبة: إلا من وراء وراء، أضاف وراء إلى وراء فجره للإضافة، وبنى وراء المضاف إليها على الضمّ مثل: تحت ودون، ويجوز: إلا من وراء وراء، تضيف وراء الأول إلى الثاني، وقد جعلته لا ينصرف للتأنيث والتعريف وراء الأول التقدير فيه الإفراد كما يقدر في سائر ما يضاف ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/190]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عثمان وزيد بن ثابت وابن عباس وسعيد بن العاص وابن يعمَر وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وشُبَيل بن عزرة: [خَفَّتِ الْمَوَالِي]، بفتح الحاء والتاء مكسورة.
قال أبو الفتح: أي قَلَّ بنو عمي وأهلي، ومعنى قوله -والله أعلم: {مِنْ وَرَائي}، أي مَنْ أُخَلِّفُه بعدي. قوله: {مِنْ وَرَائي} حال متوقَّعَة محكية. أي: خَفُّوا مُتوقَّعًا مُتصوَّرًا
[المحتسب: 2/37]
كونهم بعدي. ومثله مسألة الكتاب: مررت برجل معه صقرٌ صائدًا، أي: مُتَصَوَّرًا صيدُه بهِ غدًا، ومثله قول الله تعالى : {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}، أي مُتَصَوَّرًا خُلُودُهُم فيها مدةَ دوامِ السمواتِ والأرضِ. فإذا أشفقت من ذلك فارْزُقْنِي وَلَدًا يَخْلُفُنِي). [المحتسب: 2/38]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإنّي خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب} 5 و6
[حجة القراءات: 437]
قرأ ابن كثير {من ورائي} بفتح الياء وقرأ الباقون بسكون الياء تخفيفًا لطول الحرف مع الهمزة
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {يرثني ويرث} جزما جوابا للأمر وإنّما صار جواب الأمر مجزومًا لأن الأمر مع جوابه بمنزلة الشّرط والجزاء المعنى هب لي وليا فإنّك إن وهبته لي ورثني
وقرأ الباقون {يرثني ويرث} بالرّفع جعلوه صفة للوليّ أي أي وليا وارثا وإنّما اختاروا الرّفع لأن {وليا} نكرة فجعلوا {يرثني} صفة كما تقول أعرني دابّة أركبها وكما قال {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ولو كان الاسم معرفة لكان الاختيار الجزم كما قال {فذروها تأكل} فالهاء معرفة فلا يجوز أن تجعل النكرة صفة للمعرفة
واعلم أن الفعل المضارع إذا حل محل اسم الفاعل لم يكن إلّا رفعا كقوله تعالى {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرا وحجتهم في ذلك أن زكريّا إنّما سأل وليا وارثا علمه ونبوته وليس المعنى على الجزاء أي إن وهبته ورث ذلك لأنّه ليس كل ولي يرث فإذا لم يكن كذلك لم يسهل الجزاء من حيث لم يصح أن تقول إن وهبته ورث لأنّه قد يهب وليا لا يرث وأخرى وهي أن الآية قد تمت عند قوله {وليا} ثمّ تبتدئ {يرثني} أي هو يرثني ويرث من آل يعقوب). [حجة القراءات: 438] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {مِن ورَاءِي}[آية/ 5] بالمد وفتح الياء:
قرأها ابن كثير.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن {ورَاءِ}ممدود، وأصل ياء الضمير الفتح على ما سبق.
و{ورَاءِ}يكون بمعنى قدام وبمعنى خلفٍ، وهو من الأضداد، وقيل
[الموضح: 810]
إنه ههنا بمعنى قدام.
وروى شبل عن ابن كثير أيضًا {من ورايَ}بالقصر مثل عصاي.
وهذا من باب قصر الممدود وموضعه الشعر، إلا أن عذره أنه رد للكلمة إلى الأصل بحذف الزيادة منها؛ لأن ألف فعال زائدة.
ويجوز أن يكون القصر لغة في هذه الكلمة.
وقرأ الباقون «وراءي» بالمد وإسكان الياء.
والوجه أنه تخفيف من الأصل في هذه الياء؛ لأن أصلها الفتح، وقد ذكرنا). [الموضح: 811]

قوله تعالى: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يرثني ويرث)
قرأ أبو عمرو والكسائي (يرثني ويرث) بالجزم فيهما معًا، وقرأ الباقون (يرثني ويرث) بالرفع فيهما.
قال أبو منصور: من قرأهما بالجزم فإنهما جواب الأمر، ومن رفعهما فلأنه صفة للولي، كأنه في الكلام: هب لي من لدنك وليا وارثًا.
أقيم المضارع مقام الاسم وجعل حالا.
ومثله قول اللّه جلّ وعزّ: (ولا تمنن تستكثر) بالرفع، أي: لا تمنن مستكثرًا). [معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {يرثني ويرث من ءال يعقوب} [6].
قرأ أبو عمرو والكسائي جزمًا جوابًا للأمر، وإنما صار جواب الأمر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/9]
مجزومًا؛ لأن الأمر مع جوابه بمنزلة الشرط والجزاء أي: هب لي وليا، فإنك إن وهبته لي ورثني.
قرأ الباقون {يرثني} بالرفع على تقدير: فإنه يرثني، ومن اختار الرفع قال: {وليا} نكرة، فجعلت {يرثني} صلة كما قال تعالى {فذروها تأكل في أرض الله} والنكرة نحو قوله: {خذ من أمولهم صدقة تطهرهم}.
ولمن رفع حجة أخرى: أن الآية قد تمت عند قوله {وليا}. وقال ابن مجاهد: من جزم جاز له أن يقف على {وليا}، ومن رفع لم يجز؛ لأنه صلة.
قال أبو عبد الله: الصلة من الموصول كالشرط من الجزاء لا يتم أحدهما إلا بصاحبه، فمن أجاز الوقف على {وليا}؛ لأنهما رأس آية جعلها وقفًا حسنًا لا تامًا؛ لأن الحسن ما حسن الوقف عليه وقبح الابتداء به. وقال المفسرون التقدير: هب الذي يرثني. ولو قال قائلا إنما رفعت {يرثني} لأن معناه هب لي وليا وارثا. والفعل المضارع إذا حل محل اسم الفاعل لم يكن إلا رفعًا كقوله تعالى: {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرًا. وقرأ سعيد ابن جبير {هب لي أويرثًا} أراد: وويرثا فانقلبت الواو همزة مثل:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/10]
{وإذا الرسل اقتت} والأصل: وقتت {وويرثًا} تصغير وارث كما تقول في صالح: صويلح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/11]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والجزم من قوله عز وجل: يرثني ويرث [مريم/ 6].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة: يرثني ويرث برفعهما.
وقرأ أبو عمرو والكسائي: (يرثني ويرث) بالجزم فيهما.
وجه الرفع: أنه سأل وليّا وارثا علمه ونبوّته، وليس المعنى على الجزاء. أي: إن وهبته ورث، وذلك أنه ليس كلّ ولي يرث، فإذا لم يكن كذلك لم يسهل الجزاء من حيث لم يصحّ أن تقول: إن وهبته ورث، لأنه قد يهب وليّا لا يرث، وكون وليّا فاصلة لا يدلّ على أن يرثني ليس بصفة، ألا ترى أن الفاصلة قد يكون ما بعدها متصلا بها، فلا توجب الفاصلة قطع ما بعدها عنها.
ووجه الجزم: أنه أوقع الوليّ الذي هو اسم عام موضع الخاصّ فأراد بالوليّ وليّا وارثا، كما وضع العام موضع الخاص في غير هذا كقوله: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم [آل عمران/ 173] وإنما يراد بكلّ واحد من قوله الناس رجل مفرد، وقد يقول الرجل: جاءني أهل الدنيا، وإنما أتاه بعضهم إذا قصد التكثير.
وتقول: سير عليه الدهر والأبد، فوضع العامّ في كلّ ذا موضع الخاصّ، فكذلك قوله: وليا لفظة عامّة تقع على الوارث وغير الوارث، فأوقعه على الوارث دون غيره، فعلى هذا يصحّ معنى الجزاء). [الحجة للقراء السبعة: 5/191]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس عليهما السلام وابن يعمَر وأبي حرب بن أبي الأسود والحسن والجحدري وقتادة وأبي نَهِيك وجعفر بن محمد: [يَرِثُنِي وَارثٌ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ].
قال أبو الفتح: هذا ضرب من العربية غريب، ومعناه التجريد؛ وذلك أنك تريد؛ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي منه أو به وَارثٌ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ، وهو الوارث نفسه، فكأنه جَرَّدَ منه وارثًا. ومثله قول الله تعالى : {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ}، فهي نفسها دارُ الخلد، فكأنه جَرَّدَ من الدارِ دارًا، وعليه قول الأخطل:
بنزوةِ لصٍّ بعد ما مرَّ مُصعَبٌ ... بأشعثَ لا يُفْلَى ولا هو يَقْمَلُ
ومصعب نفسه هو الأشعثُ، فكأنه استخلص منه أشعثَ. ومثله قول الأعشى:
[المحتسب: 2/38]
.................. أمْ مَنْ ... جَاءَ مِنْها بِطائِفِ الأهْوَالِ*
وهي نفسُها طائفُ الأهوال. وقد أفردنا لهذا الضرب من العربية بابا من كتاب الخصائص فاعرفه، فإنه موضع غريب لطيف وطريف. وقد ذكرناه أيضا فيما مضى). [المحتسب: 2/39]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإنّي خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب} 5 و6
[حجة القراءات: 437]
قرأ ابن كثير {من ورائي} بفتح الياء وقرأ الباقون بسكون الياء تخفيفًا لطول الحرف مع الهمزة
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {يرثني ويرث} جزما جوابا للأمر وإنّما صار جواب الأمر مجزومًا لأن الأمر مع جوابه بمنزلة الشّرط والجزاء المعنى هب لي وليا فإنّك إن وهبته لي ورثني
وقرأ الباقون {يرثني ويرث} بالرّفع جعلوه صفة للوليّ أي أي وليا وارثا وإنّما اختاروا الرّفع لأن {وليا} نكرة فجعلوا {يرثني} صفة كما تقول أعرني دابّة أركبها وكما قال {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ولو كان الاسم معرفة لكان الاختيار الجزم كما قال {فذروها تأكل} فالهاء معرفة فلا يجوز أن تجعل النكرة صفة للمعرفة
واعلم أن الفعل المضارع إذا حل محل اسم الفاعل لم يكن إلّا رفعا كقوله تعالى {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرا وحجتهم في ذلك أن زكريّا إنّما سأل وليا وارثا علمه ونبوته وليس المعنى على الجزاء أي إن وهبته ورث ذلك لأنّه ليس كل ولي يرث فإذا لم يكن كذلك لم يسهل الجزاء من حيث لم يصح أن تقول إن وهبته ورث لأنّه قد يهب وليا لا يرث وأخرى وهي أن الآية قد تمت عند قوله {وليا} ثمّ تبتدئ {يرثني} أي هو يرثني ويرث من آل يعقوب). [حجة القراءات: 438] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {يرثني ويرث من} قرأهما أبو عمرو والكسائي بالجزم، وقرأهما الباقون بالرفع.
وحجة من جزم أنه جعل {يرثني} جوابًا للطلب، فجزمه، وعطف عليه، و«يرث» في الطلب قوله: {فهب لي} «5» لأنه بمعنى الجزاء، وجعل الكلام متصلًا بعضه ببعض، وقدّر أن الولي بمعنى «الوارث» فتقديره: فهب لي من لدنك وليا وارثا يرثني، ويقوي الجزم أن «وليا» رأس آية مستغن عن أن يكون ما بعده صفة له، فحمله على الجواب دون الصفة.
2- وحجة من رفع أنه جعل {يرثني} صفة لـ «ولي»، لأنه إنما سأل زكريا وليا وارثا علمه ونبوته، فليس المعنى على الجواب لأن الولي يكون غير وارث فليس المعنى: إن وهبت لي وليا يرثني، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، ويقوي الرفع أن {وليا} رأس آية، فاستغنى الكلام عن الجواب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {يَرِثُنِي ويَرِثُ}[آية/ 6] مجزومتان:
قرأهما أبو عمر والكسائي.
والوجه أن كليهما مجزوم؛ لأنه جواب للدعاء، وهو قوله تعالى {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ولِيًا}وإنما صح كونه جوابًا له؛ لأن المطلوب هو ولي مخصوص، وهو الولي الوارث، وأراد بالولي الذي يلي أمره بعدهن وكأنه قال: فهب لي من لدنك وليًا وارثًا يرثني، وهذا من وضع العام موضع الخاص.
[الموضح: 811]
وقرأ الباقون {يَرِثُنِي ويَرِثُ}مرفوعتين.
والوجه أن {يَرِثُنِي}صفة لقوله {ولِيًا}فكأنه قال وليًا وارثًا، كما تقول هذا رجل يضرب أي ضارب، ولم يجعل على الجواب؛ لأنه لا يستقيم أن يرث كل ولي، والوراثة ههنا وراثة العلم والنبوة، وهو مجاز). [الموضح: 812]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:58 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (7) إلى الآية (11) ]
{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}

قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله: {لم نجعل له من قبل سميا} [7].
قيل: لم يسم أحد يحيى قبل يحيى. وقال آخرون: السمى: الولد واحتجوا بقوله: {هل تعلم له سميا} [65].
قال أبو عبد الله: وسمعت القاضي أبا عمران بن الأشيب يقول: يحيى أفضل من عيسى عند أهل التأويل؛ لأن الله تعالى سلم على يحيى فقال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/13]
{وسلم عليه} [15] وعيسى يسلم على نفسه فقال: {والسلام علي} [33] والأمر عندي واحد؛ لأن عيسى لم يسلم على نفسه في حال البلوغ والنطق، وإنما أنطقه الله في المهد صبيا إمارة لنبوته، وأنه من غير فحل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/14]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ}[آية/ 7] مخففة:
قرأها حمزة وحده، وكذلك {لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ}.
وقرأ الباقون {نُبَشِّرُكَ} و{لِتُبَشِّرَ}بالتشديد فيهما.
والوجه أن بشر وبشر بالتشديد والتخفيف لغتان، وقد يقال في هذا المعنى أيضًا أبشر بالهمزة). [الموضح: 812]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (75) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وقد بلغت من الكبر عتيا}.
قرأ حمزة والكسائي {عتيا} و{صليا} و{جثيا} و{بكيا} وكذلك حفص، إلا {بكيا} فإنه ضم. والباقون يضمون كل ذلك، فمن كسر أوائل هذه الحروف. فلمجاورة الياء والأصل الضم؛ لأنها جمع فاعل مثل جالس وجلوس، وكذلك صال وصلي والأصل صلوى، ويكوي على وزن فعول، فانقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. فالتشديد من جلل ذلك.
والأصل في {عيتا}: عتو؛ لأنه من عتا يعتو، والأول من بكى يبكي. كما قال تعالى {وعتوا عتوا كبيرًا}.
فإن قيل لك: قيل في هذه السورة: {عيتا} بالياء، ولم يقل: عتوا بالواو؟
فالجواب في ذلك: أن عتيا جمع عات، وأصل عات، وأصل عاتٍ: عاتو فانقلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها، فبنوا الجمع على الواحد في قلب الواو ياءً، لأن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/11]
الجمع أثقل من الواحد، وقوله: {وعتوا عتوا} مصدر والمصدر يجري مجرى الواحد حكمًا، وإن كان في اللفظ مشاركًا للجمع، ألا ترى أنك تقول: قعد قعودًا، وقوم قعود.
فإن قيل: {فعتيا} في (مريم) أيضًا مصدر فلم قلب؟
فقل: ليوافق رءوس الآي، فأعرفه.
فإن قيل: فلم لم يختلف في قوله: {فما استطعوا مضيا} فيقرأ مضيا كما قرئ {بكيا}؟
فالجواب في ذلك أن الاعتلال، والخروج عن الأصل إنما يكون في الجمع للعلة التي أنباتك بها، و{مضيا} مصدر، تقول: مضى يمضى مضيا، ولو كان جمعًا لماض لقلت: قوم مضى ومضى، كما تقول: بكي وبكي، إنما قال الله تعالى: {فما استطاعوا مضيا} أي: مضاء، وهذا واضح بحمد الله. وفي حرف عبد الله، {وقد بلغت من الكبر عسيا} يقال: للشيخ إذا كبر عسا يعسو، وعتا يعتو إذا يبس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/12]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جل وعز: عتيا [مريم/ 8] و (جثيا) [68] وبكيا [58] و (صليا) [70] في كسر أوائلها وضمها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/191]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: بضم أوائل هذه الحروف.
وقرأ حمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف كلّها. حفص عن عاصم بكسر أوائل هذه الحروف كلّها إلا بكيا فإنه يضمّ أوله.
أبو عبيدة: كلّ مبالغ في شرّ أو كفر فقد عتا عتيّا، ومثلها عسى.
اعلم أن ما كان على فعول كان على ضربين، أحدهما: أن يكون جمعا، والآخر: أن يكون مصدرا، وقد جاءت أحرف في غير المصادر وهي قليلة.
فالجمع إذا كان على فعول من المعتل اللام جاء على ضربين، أحدهما: أن تكون اللام واوا، والآخر: أن تكون ياء، فما كان اللام منه واوا من هذه الجموع قلب إلى الياء، وذلك نحو: حقو وحقيّ، ودلو ودليّ وعصا وعصيّ وصفا وصفيّ، فاللام إذا كانت واوا لزمها القلب على الاطراد إلى الياء، ثم قلبت واو فعول إلى الياء لإدغامها في الياء، وكسرت عين الفعل كما كسرت في مرميّ ونحوه، وقد جاءت حروف من ذلك قليلة على الأصل، فمن ذلك ما حكاه سيبويه من قولهم: إنكم لتنظرون في نحوّ كثيرة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/192]
وحكى غيره في جمع نحو الذي يعنى به السحاب: نحوّ، وفي حما: حموّ، وأنشد:
وأصبحت من أدنى حموّتها حما فما كان كذلك فإنّ كسر الفاء فيه مطّرد، وذلك نحو دليّ وحقيّ وعصبيّ. وجاز ذلك فيها لأنها غيّرت تغييرين، وهما: أن الواو التي هي لام قلبت، والواو التي كانت قبلها قلبت أيضا، فلما غيّرت تغييرين قويا على هذا التغيير من كسر الفاء، كما أن باب: حنيفة، وجديلة، في الإضافة لما غير تغييرين قوي على حذف الياء في قولهم: جدليّ، وحنفيّ، وفرضيّ وقد تركوا أحرفا من ذلك على الأصل فلم تغير فقالوا في السليقة، سليقي، وفي عميرة كلب: عميري. وفي الخريبة خريبيّ، والمستمر هو الأول، فأما ما كان لامه ياء من هذا النحو نحو ثديّ وحليّ ولحيّ فقد كسروا الفاء منه أيضا فقالوا: ثديّ وحليّ وإن لم يغيروا التغييرين اللذين
ذكرنا في باب حقيّ وعصيّ وذلك لأنهم أجروا الياء هاهنا مجرى الواو، كما أجروها مجراها في اتّسر واتّبس، إذا أردت: افتعل من اليسر واليبس، فاستمر الكسر في فاء ما كان من الياء كما استمر في باب الواو الذي غير تغييرين لإجرائهم الياء مجرى الواو، لأنهم قد غيّروا أيضا في باب النصب لتغيير واحد، فقالوا:
قرشي وهذلي، فحذفوا الياء لمّا ألحقوا ياءي الإضافة.
وأما ما كان من ذلك مصدرا فما كان من الواو فالقياس فيه أن
[الحجة للقراء السبعة: 5/193]
يصحح نحو: العتو والقلو، لأن واوه لم يلزمها الانقلاب كما لزمها الانقلاب في الجمع، ولكن لما كانوا قد قلبوا الواو من هذا النحو وإن كان مفردا نحو: معديّ ومرميّ، وقلب ما كان قبل الآخر بحرف كما قلب الآخر نحو صيّم، وما كان على وزنه، وغيّر تغييرين كما غيروا في الجمع، قلبوا ذلك أيضا في نحو عتيّ، وزعموا أن في حرف عبد الله: (ظلما وعليا) [النمل/ 14] في علوّ ولم يكن شبه هذا الضرب للجمع حيث وافقه في البناء، وغير تغييرين بدون شبه أحمد بأشرب، فأجري المصدر مجرى الجمع في كسر الفاء منه.
فأما ما كان من هذه المصادر من الياء، فليس يستمر الكسر في فائه، كما استمر في الجمع، وفي المصادر التي من الواو، ألا ترى أن المضيّ في نحو: فما استطاعوا مضيا [يس/ 67] ليس أحد يروي فيه الكسر فيما علمناه، وحكى أبو عمر عن أبي زيد: أوى إليه إويا، ومما يؤكّد الكسر في هذا النحو أنهم قالوا: قسيّ وألزموها كسر الفاء، ولم نعلم أحدا يسكن إلى روايته حكى فيه غير الكسر، وذلك أنه قلبت الواو إلى موضع اللام، فلما وقعت موقعها قلبت كما تقلب الواو إذا كانت لاما، وكسرت الفاء وألزمت الكسر فأن لم نسمع فيها غيره دلالة على تمكّن الكسر في هذا الباب.
قال أبو الحسن: أكثر القراء يضمون أوّل هذا، يعني: (عتيّا).
قال: وكذلك: الجثّي، والبكي، والصليّ، قال: وزعم يونس أنها لغة تميم، وغيرهم يكسر. قال أبو الحسن: وسمعناه من العرب مكسورا سوى بني تميم في المصدر والجمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/194]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود: [الْكِبَرِ عَتِيًّا]، بفتح العين.
وكذلك قرأ أيضا: [أَوْلَى بِهَا صَلِيًّا]، بفتح الصاد. وقال ابن مجاهد: لا أعرف لهما في العربية، أصلا، قال ابن مجاهد: ويقرأ مع ذلك {بُكِيًّا} بضم الباء.
قال أبو الفتح: لا وجه لإنكار ابن مجاهد ذلك لأن له في العربية أصلا ماضيا، وهو ما جاء من المصادر على فعيل نحو: الحويل، والزويل، والشخير، والنخير. فأما "البكِيّ" فجماعة، وهي فعول: كالحثيّ، والدني، والفلي، جمع فلاة، والحلي). [المحتسب: 2/39]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقد بلغت من الكبر عتيا}
[حجة القراءات: 438]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {عتيا} و{صليا} و{جثيا} و{وبكيا} بكسر العين والصّاد والجيم والباء حفص خرج في قوله {وبكيا} فرفع وإنّما كسروا أوائل هذه الحروف لمجاورة الكسرة
وقرأ الباقون بضم هذه الحروف على الأصل وكان أصل الكلمة عتووا مصدر عتا مثل قعد قعودا ثمّ جعلوا الواو الّتي هي لام الفعل ياء ثمّ أدغموا فيها واو فعول بعد أن قلبوها فصارت عتيا بضم العين والياء فاجتمع ضمتان وبعدهما ياء مشدّدة وكسرت التّاء لمجيء الياء بعدها فصارت عتيا ومن كسر العين فإنّه استثقل ضمة العين لمجيء كسرة التّاء وبعدها ياء مشدّدة وكذلك الكلام في قوله {أيهم أشد على الرّحمن عتيا} و{صليا} كان الأصل صلويا وكذلك بكويا وهو جمع باك مثل شاهد وشهود و{جثيا} جمع جاث وكان الأصل جثووا). [حجة القراءات: 439]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {عتيا}، و{جثيا}، و{بكيا}، و{صليا} قرأ ذلك حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائلها، غير أن حفصا ضم الباء من {بكيا}، وقرأ الباقون بالضم فيها.
وحجة من كسر أن هذه الأسماء جمع «عات وجاث وباك وصال»، جمع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/84]
على «فعول» فأصل الثاني منها الضم، لكن كُسر لتصح الياء التي بعده، التي أصلها واو، في «عتي وجثي» لأن الياء الساكنة لا يكون قبلها ضمة، فلما كسر الثاني أتبع كسرته كسر الأول، فكسر للإتباع، ليعمل اللسان فيه عملًا واحدًا، وعلى ذلك قالوا: عِصي وقِسي، فكسروا الأول على الإتباع لكسرة الثاني، واصله «فعول» وقد يمكن أن تكون هذه الأسماء مصادر، أتت على فعول، فوقع فيها من التعليل والإتباع مثل ما ذكرنا في الجمع، والتغيير في الجمع أحسن لثقله، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله: {من حُليهم} «الأعراف 148».
4- وحجة من ضم أنه غيّر الثاني بالكسر، لتصح الياء الساكنة، على ما ذكرنا، وترك الأول مضمومًا على أصله، كان جمعا أو مصدرا، أصل أوله الضم، وهو الاختيار؛ لأنه الأصل، وعليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/85]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)

قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد خلقتك من قبل)
قرأ حمزة والكسائي (وقد خلقناك) بالنون والألف.
وقرأ الباقون (وقد خلقتك) بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء وبالنون فالفعل دثه لا شريك له، والقرآن عربي والملك من العرب يقول: فعلنا كذا وكذا.
فخوطبوا بما يعرفونه، إذ اللّه جلّ وعزّ ملك الملوك ومالكهم، وهذا كما أخبر الله عن الكافر الذي دعا ربه حين عاين العذاب فقال: (ربّ ارجعون).
ومن قرأ (وقد خلقتك) فهو على ما يتعارفه الناس، وكل صحيح). [معاني القراءات وعللها: 2/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وقد خلقتك من قبل}.
قرأ حمزة والكسائي، {وقد خلقنك}.
وقرأ الباقون: {وقد خلقتك} بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/12]
فمن قرأ التاء فحجته: {هو على هين}، ولم يقل: علينا. ومن قرأ بلفظ الجمع، فلأن الله تعالى قد قال بعد الآية: {وحنانًا من لدنا} [13] أي: رحمة من عندنا، والعرب تقول: حنانيك أي: رحمة بعد رحمة كما قال: لبيك وسعديك. قال الشاعر:-
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وسمعت أبا عمر يقول: {وحنانًا} قال هيبة من لدنا.
وذكر الله تعالى نعمه على يحيى بن زكريا حيث خلقه ولم يك شيئًا موجودًا مرئيًا عند المخلوقين. فأما الله تعالى فعلمه مالم يكن كعلمه به بعن أن كونه. وقد كان يحيى عليه السلام في علم الله شيئًا. وإنما سمى يحيى لأنه حيي من عقيمين كانت أمه أتت عليها خمس وتسعون سنة وأبوه نيف وتسعون لا يولد لهما فحيي من بين ميتين قد يئسا من الولد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/13]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جل وعز: خلقتك و (خلقناك) [مريم/ 9].
[الحجة للقراء السبعة: 5/194]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: خلقتك بالتاء من غير ألف.
وقرأ حمزة والكسائي: (خلقناك) بالنون والألف.
حجة من قال: وقد خلقتك من قبل أن قبله: قال ربك هو علي هين وقد خلقتك. وحجة من قال: (وقد خلقناك) أنه قد جاء لفظ الجمع بعد لفظ الإفراد، قال: سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء/ 1] وجاء بعد: وآتينا موسى الكتاب [الإسراء/ 2] وقال: ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون [الحجر/ 26] ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه [ق/ 16] ولقد خلقناكم ثم صورناكم [الأعراف/ 11]، ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/195]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا كذلك قال ربك هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} 9
قرأ حمزة والكسائيّ (وقد خلقناك) بالنّون كذا يكون كلام الملوك والعظماء وحجتهما أن ما أتى في القرآن من هذا اللّفظ بلفظ الجمع أكثر ممّا أتى بلفظ التّوحيد وذلك قوله {وما خلقنا السّماوات والأرض} {ولقد خلقناكم ثمّ صورناكم} {وخلقناكم أزواجًا}
[حجة القراءات: 439]
{أم من خلقنا إنّا خلقناهم} في نظائر ذلك
وقرأ الباقون {وقد خلقتك} بالتّاء وحجتهم أنه قرب من قوله {قال ربك هو عليّ هين} ولم يقل علينا يجب أن يكون الكلام بعده جاريا على لفظه إذ هو في سياقه ولم يعترض بينهما بكلام يوجب صرفه عن لفظ ما تقدمه إلى لفظ الجمع). [حجة القراءات: 440]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {وقد خلقتك} قرأه حمزة والكسائي بنون والف، على لفظ الجمع، وقرأ الباقون بالتاء، على لفظ الواحد.
وحجة من قرأ بالتاء أنه رده على التوحيد في قوله: {قال ربك هو عليّ هين} وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه.
6- وحجة من قرأ بلفظ الجمع أن العرب تخبر عن العظيم القدر بلفظ الجمع، على إرادة التعظيم له، ولا عظيم أعظم من الله جل ذكره، ففيه معنى التعظيم، وقد أجمعوا على قوله: {ولقد خلقنا الإنسان} «الحجر 26»، وقوله: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} «الأعراف 11»، وقوله: {وآتينا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/85]
موسى الكتاب} «البقرة 87» وهو كثير بلفظ الجمع مجمع عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/86]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وقَدْ خَلَقْنَاكُ}[آية/ 9] بالنون والألف:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {خَلَقْتُكَ}بالتاء.
والوجه أن لفظ الجمع ولفظ الإفراد في نحو هذا واحد، فلفظ الإفراد لتقدم اسم الرب في قوله تعالى {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ}، ولفظ الجمع لأن ما بعده على لفظ الجمع وهو قوله تعالى {حَنَانًا مِّن لَّدُنَّا}، وقد يجوز مجيء لفظ الجمع بعد لفظ الإفراد إذا كان المعنى واحداً، قال الله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى}ثم قال {آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ} ). [الموضح: 814]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (اجعل لي آيةً)
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/131]

قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (12) إلى الآية (15) ]
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}

قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}

قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}

قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)}

قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:15 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (16) إلى الآية (21) ]
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)}

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}

قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {فَتَمَثَّلَ لَهَا}[آية/ 17] بالإدغام:
قرأها يعقوب- يس- كابي عمرو إذا أدغم.
فالوجه أن اللام أدغمت في اللام لكونهما مثلين وإن كانتا من كلمتين، وقد سبق ذلك في الإدغام.
وقرأ الباقون بالإظهار، وهو الأصل). [الموضح: 814]

قوله تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي أعوذ بالرّحمن منك)
فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان جيدتان فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 2/132]

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لأهب لك غلامًا زكيًّا (19)
قرأ أبو عمرو ويعقوب (ليهب لك) بالياء، وكذلك روى ورش عن نافع، وقرأ الباقون (لأهب لك) بألف.
قال أبو منصور: المعنى واحد في (ليهب) و(لأهب)، أراد: أرسلني الله ليهب لك، ومن قال (لأهب لك) فهو على الحكاية المحمولة على المعنى، كأنه قال: أرسلت إليك (لأهب لك) ). [معاني القراءات وعللها: 2/132]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {لأهب لك غلمًا} [19].
قرأ أبو عمر وحده {إنما أنا رسول ربك ليهب لك} بالياء أي: ليهب الله لك؟
وقرأ الباقون {لأهب لك} جبريل يخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم؟
فإن قال قائل: الهبة لله تعالى فلم أخبر جبريل عن نفسه صلى الله عليه وسلم؟
ففي ذلك قولان.
أحدهما: إنما أنا رسول ربك. يقول الله: {لأهب لك}.
والقول الثاني: لأهب أنا لك بأمر الله، إذ كان النافخ في جيبها بأمر الله تعالى.
ورأيت أبا عبيد قد ضعف قراءة أبي عمرو وأختياره؛ لخلاف المصحف قال: ولو جاز لنا تغيير المصحف لجاز لنا في كل ذلك.
قال أبو عبد الله: ليس هذا خلافًا للمصحف؛ لأن حروف المد واللين وذوات الهمز يحول بعض إلى بعض وتلين. لا يسمى خلافًا، ألا ترى أن نافعًا في رواية ورش قرأ {ليلا يكون للناس} يريد: لئلا، فجعل الهمزة ياء، والقراء يقرأون: إذا وإيذا، وكذلك ورش عن نافع مثل قراءة أبي عمرو، {ليهبْ},
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/14]
وإنما الخلاف نحو {كالصوف المنقوش} و{كالعهن} و{واسأل بني إسراءيل} و{سل بني إسرءيل} فإما التليين فلا يسمى خلافًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/15]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: (ليهب) [مريم/ 19].
فقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: لأهب بالهمز. وقرأ أبو عمرو ونافع في رواية ورش والحلواني عن قالون: (ليهب لك) بغير همز. وفي رواية غير ورش عن نافع: لأهب لك بالهمز.
حجة من قال: لأهب لك، فأسند الفعل إلى المتكلم، والهبة لله سبحانه، ومنه أن الرسول والوكيل قد يسندون هذا النحو إلى أنفسهم، فإن كان الفعل للموكل والمرسل للعلم بأنه في المعنى للمرسل، وأن الرسول والوكيل مترجم عنه، ومن قال: (ليهب لك) فهو على تصحيح اللغة على المعنى، ففي قوله: (ليهب لك) ضمير من
[الحجة للقراء السبعة: 5/195]
قوله ربك، وهو سبحانه الواهب. وزعموا أن في حرف أبي وابن مسعود: (وليهب لك)، ولو خفّفت الهمزة من لأهب لكان في قول أبي الحسن: (ليهب) فتقلبها ياء محضة، وفي قول الخليل لأهب تجعلها بين الياء والهمزة). [الحجة للقراء السبعة: 5/196]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال إنّما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} 19
قرأ أبو عمرو وورش والحلواني عن نافع (قال إنّما أنا رسول ربك ليهب لك) بالياء أي ليهب الله لك ولم يكن جبريل الّذي يهب بل الله يهب المعنى أرسلني ليهب الله لك
وقرأ الباقون {لأهب لك} جبرئيل يخبر عن نفسه فإن قال قائل الهبة من الله تعالى فلم أخبر جبرئيل عن نفسه قيل ففي ذلك قولان أحدهما قال إنّما أنا رسول ربك يقول الله تعالى لأهب لك
قال الزّجاج من قرأ {لأهب لك} فهو على الحكاية وحمل الحكاية على المعنى على ت تأويل قال أرسلت إليك لأهب لك فحذف من الكلام أرسلت لدلالة ما ظهر على ما حذف والقول الثّاني جبريل عليه السّلام قال لمريم إنّما أنا رسول ربك أرسلني لأهب لك
[حجة القراءات: 440]
إذ كان النافخ في جيبها بأمر الله فتكون الهبة في المعنى من الله وهي في اللّفظ مسندة إلى جبرئيل لأن الرّسول والوكيل قد يسندان هذا النّحو إلى أنفسهم وإن كان الفعل للموكل والمرسل للعلم بأنّه في المعنى للمرسل وأن الرّسول مترجم عنه). [حجة القراءات: 441]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {لأهب لك} قرأه ورش وأبو عمرو بالياء، وقرأ الباقون بالهمز.
وحجة من همز أنه أسند الفعل إلى الذي خاطب مريم، وهو جبريل عليه السلام، تقديره: إنما أنا رسول ربك لأهب أنا لك غلامًا بأمر ربك، أو من عند ربك، فالهبة من الله على يد جبريل، فحسن إسناد الهبة إلى الرسول، إذ قد عُلم أن المرسل هو الواهب، فالهبة لما جرت على يدي الرسول أضيفت إليه لالتباسها به.
8- وحجة من قرأ بالياء أنه يحتمل أن يكون أراد الهمزة، ولكن خففها، فأبدل منها ياء لانكسار ما قبلها، على أصول التخفيف في المفتوحة، قبلها كسرة، فتكون كالقراءة بالهمز في المعنى ويجوز أن تكون الياء للغائب، فأجراه على الإخبار من الرب تعالى ذكره، لتقدم ذكره، فالمعنى: إنما أنا رسول ربك فيهب لك ربك غلامًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/86]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {ليهَبَ لَكِ}[آية/ 19] بالياء:
قرأها أبو عمرو، ونافع- ش- و- ن-، ويعقوب- ح- و- يس-.
والوجه أن قبله ذكر الرب تعالى وهو قوله {إنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ليهَبَ لَكِ غُلامًا}أي ليهب الرب، ففيه ضمر عائد إلى الرب، أي أرسلت ليهب.
وقرأ الباقون و- يل- عن نافع و- ان- عن يعقوب {لأَهَبَ}بالهمز.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المتكلم، وهو الرسول في قوله تعالى {إنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ}، والهبة على الحقيقة لله تعالى، ولكن الرسل والوكلاء قد يسندون مثل ذلك إلى أنفسهم مجازاً، وإن كان الفعل للمرسل والموكل). [الموضح: 815]

قوله تعالى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)}

قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (22) إلى الآية (26) ]
{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}

قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)}

قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكنت نسيًا منسيًّا (23)
قرأ حمزة وحفص (نسيًا) بفتح النون، وقرأ الباقون (نسيًا) بكسر النون).
قال أبو منصور: من قرأ (نسيًا) بكسر النون فإن النسي في كلام العرب: الشيء الذي يلقى ولا يؤبه له كالحيضة الملقاة، والخرق البالية، والرمم التي لا قيمة لها.
[معاني القراءات وعللها: 2/132]
ومن قرأ (نسيًا) فإنه كان في الأصل (نسيًّا) فخفف فقيل: نسي، معناه: المنسي، كما يقال، للهدى هدي، وجاز تكرير لفظين مختلفين بمعنى واحد للتأكيد.
والنّسي أكثر في الكلام من النّسي). [معاني القراءات وعللها: 2/133]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {نسيًا منسيًا} [23] قرأ حمزة وحفص عن عاصم ~{نسيا}بفتح النون، والباقون بالكسر. فمن فتح أراد المصدر نسيت الشيء أنسي نسيًا ونسيانًا. ويقال: هذا شيء لقًا مقصور ونسي. قال الشاعر:-
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه = على أمها وإن تحادثك تبلت
معنى تبلت أي: تعقب وتصدق. فأما النسء بالفتح والهمز فالتأخير قرأ ابن كثير {إنما النسؤ زيادة في الكفر} والنسؤ: اللبن، قال عروة بن الورد:
بآنسة الحديث رضاب فيها = بعيد النوم كالعنب العصير
أطعت الآمرين بصرم سلمى = فطاروا في البلاد اليستعور
سقوني الحمر ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/15]
اليتستعور: البلاد البعيدة. والحيتعور: الداهيه والخيتعور: الغدر، والمرأة الغدارة، والخيتعور: الأسد: قال الشاعر:
كل أنثى وإن بدا لك منها = آية الحب حبها خيتعور
إن من غرة النساء بشيء = بعد هند لجاهل مغرور
ويروي: «سقوني النسيء» يعني اللبن. وكان ابن الأعرابي ينشد: «سقوني النسي» أي: شيء نساني عقلي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/16]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر النون وفتحها من قوله عز وجل: نسيا منسيا [مريم/ 23] فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر والكسائي: (نسيا) بكسر النون.
وقرأ حمزة بفتح النون.
واختلف عن عاصم فروى أبو بكر عنه: (نسيا) كسرا، وروى حفص عن عاصم نسيا فتحا مثل حمزة.
وقال أبو الحسن: النسي: هو الشيء الحقير ينسى نحو النعل والسوط، وقال غيره: النّسي ما أغفل من شيء حقير، وقال بعضهم:
ما إذا ذكر لم يطلب، وقالوا: الكسر أعلى اللغتين. وقال الشنفرى:
كأنّ لها في الأرض نسيا تقصّه... على أمّها وإن تحدّثك تبلت). [الحجة للقراء السبعة: 5/196]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة شبيل بن عزرة: [فَأَجَأها]، مثل فألجأها.
قال أبو الفتح: رواها ابن مجاهد أيضا أنها من المفاجأة، إلا أن ترك همزها إنما هو بدل لا تخفيف قياسي. وقد يجوز أن تكون القراءة على التخفيف القياسي، إلا أنه لطفت لضعف
[المحتسب: 2/39]
الهمزة بعد الألف فظنها القراء ألفا ساكنة مدة، إلا أن قوله: مثل ألجأها يشهد لقراءة الجماعة: {فَأَجَاءَهَا} . وقد يمكن أن يكون أراد مثل: أجاءها إذا أبدلت همزته ألفا فيكون التشيبه لفظيا لا معنويا). [المحتسب: 2/40]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن كعب وبكر بن حبيب السهمي: [نَسْئًا]، بفتح النون مهموزة؟
قال أبو الفتح: قال أبو زيد نسأت اللبن أنسؤه نسئا، وذلك أن تأخذ حليبا فتصب عليه ماء، واسمه النسء والنسيء، وأنشد:
سَقُونِي نَسْئًا قَطَعَ الماءُ مَتْنَهُ ... يُبِيلُ على ظَهْرِ الفِرَاشِ ويُعْجِلُ
فتأويل هذه القراءة -والله أعلم- يا ليتني مِتُّ قبل هذا، وكنت كهذا اللبن المخلوط. بالماء في قلته وصغارة حاله، كما أن قوله: [وَكُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا]، أي: كنت كالشيء المحقر ينساه أهله، ونَزَارَة أمره). [المحتسب: 2/40]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا}
قرأ حمزة وحفص {نسيا} بفتح النّون مصدر نسيت أنسى نسيا ونسيانا مثل غشيته غشيا وغشيانا
وقرأ الباقون {نسيا} بالكسر وهو الاسم وقال الفراء هما لغتان مثل الجسر والجسر والوتر والوتر قال الأخفش النسي هو الشّيء الحقير ينسى نحو النّعل قال الزّجاج نسيا حيضة ملقاة وقيل نسيا في معنى منسية لا أعرف). [حجة القراءات: 441]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {نسيًا} قرأه حمزة وحفص بفتح النون، وكسرها الباقون، وهما لغتان، ومعنى النسي أنه الشيء الحقير الذي لا قيمة له، ولا يحتاج إليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/86]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {نَسْيًا مَّنسِيًا}[آية/ 23] بفتح النون:
قرأها حمزة و- ص- عن عاصم.
وقرأ الباقون {نَسْيًا}بكسر النون.
والوجه أنهما لغتان: نسي ونسي بكسر النون وفتحها، والكسر أعلى اللغتين، والمعنى هو الشيء الحقير ينسى). [الموضح: 815]

قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فناداها من تحتها)
قرأ ابن كثير فالمعنى وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب (من تحتها) مفتوحة الميم والتاء، وقرأ الباقون (من تحتها) بكسر الميم والتاء قال أبو منصور: من قرأ (من تحتها) عنى به عيسي عليه السلام، والمعنى في مناداة عيسى لها أن الله - عزّ وجلّ - بيّن لمريم الآية فيه، وأعلمها أن الله سيجعل لها في النخلة آية.
ومن قرأ (من تحتها) أراد الذي استقر تحتها). [معاني القراءات وعللها: 2/133]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {فنادها من تحتها} [24].
قرأ نافع وحموة الكسائي وحفص عن عاصم {من تحتها} بكسر الميم.
وقرأ الباقون {من تحتها} بالفتح فـ «من» اسم، و«من» حرف، فمن فتح أراد: عيسى عليه السلام، ومن كسر أراد: جبريل عليه السلام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/16]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({وقد جعل ربك تحتك سريا} [24] قال الحسن: كان والله عيسى سريًا فقيل له: إن السري: النهر، فقال أستغفر الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/17] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الميم والتاء وكسرها من قوله جل وعز: من تحتها [مريم/ 24].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (من تحتها) بفتح الميم والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/196]
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم من تحتها بكسر الميم والتاء.
قال أبو علي: من تحتها لأنه إنما هو جبريل عليه السلام، أو عيسى، وقال بعض أهل التأويل: لا يكون إلا عيسى، ولا يكون جبريل لأنه لو كان جبريل لناداها من فوقها. وقد يجوز أن يكون جبريل، وليس قوله من تحتها يراد به الجهة المحاذية للتمكن من تحته، ولكن المعنى: فناداها من دونها، ويدلّ على ذلك قوله: قد جعل ربك تحتك سريا [مريم/ 24] فلم يكن الجدول محاذيا لهذه الجهة، ولكن المعنى جعله دونك، وقد يقال: فلان تحتنا، أي: دوننا في الموضع، قال ذلك أبو الحسن، فمن تحتها، أبين لأن المنادي أحد هذين، وأن يكون المنادي عيسى أشبه وأشدّ إزالة لما خامرها من الوحشة والاغتمام، لما يوجد به طعن عليها، لأن ذلك يثقل على طباع البشر، ألا ترى قوله للنبي صلّى الله عليه وسلّم: قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون [الأنعام/ 33] وقوله: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون [الحجر/ 97] وإذا قال: من تحتها، كان عاما، فلم يبلغ في إزالة وحشتها وهمّها ما يبلغه نداء عيسى عليه السلام.
ووجه من قرأ: (من تحتها): أنه وضع اللفظة العامة موضع اللفظ الخاص، فقال: (من تحتها) وهو يريد عيسى صلى الله عليه كما تقول: رأيت من عندك، وأنت تعني واحدا بعينه). [الحجة للقراء السبعة: 5/197]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فناداها من تحتها ألا تحزني}
قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو بكر {فناداها من تحتها} بفتح الميم والتّاء جعلوا {من} اسما وجعلوا النداء له المعنى فناداها الّذي تحتها وهو عيسى و{تحتها} صلة {من} وحجتهم ما روي عن أبي بن كعب قال الّذي خاطبها هو الّذي حملته في جوفها
وقرأ الباقون {من تحتها} بكسر الميم والتّاء أي فناداها جبريل من بين يديها وحجتهم ما روي عن ابن عبّاس {من تحتها} قال جبريل ولم يتكلّم عيسى حتّى أتت به قومها وقال آخرون منهم الحسن
[حجة القراءات: 441]
البصريّ من تحتها عيسى فكأنّه جعل الفاعل مستترا في {فناداها} المعنى فناداها عيسى من تحتها وهو أجود الوجهين وذلك أنه جرى ذكره في قوله {فحملته} فلمّا أتى الفعل بعد ذكره دلّ على أنه فعل المذكور وأنه مستتر في فعله فالكسر أعم وذلك أن من كسر يحتمل المعنى أن يكون الملك ويحتمل أن يكون عيسى عليه السّلام). [حجة القراءات: 442]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {من تحتها} قرأه نافع وحفص وحمزة والكسائي بكسر الميم والتاء الثانية، وقرأ الباقون بفتح الميم والتاء الثانية.
وحجة من كسر أنه حمله على معنى: أن عيسى كلمها، وهو تحتها، أي: تحت ثيابها؛ لأن ذلك موضع ولادة عيسى، فجعل {من} حرف جر وخفض بها {تحتها}، فكسر التاء الثانية وفي {ناداها} ضمير الفاعل، وهو عيسى، وقيل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/86]
إن معناه: فناداه جبريل من تحتها، أي: من أسفل من مكانها، أي: من دونها، كما تقولك داري تحت دارك، وبلدي تحت بلدك، أي: دونها، وعلى هذا معنى قوله: {قد جعل ربك تحتك سريا}، أي: دونك نهرا، تستمتعين به، فليس المعنى إذا جعلنا الفاعل جبريل أنه تحت ثيابها، فيكون في {ناداها} ضمير جبريل عليه السلام، وكون الضمير لـ {عيسى} أبينُ لها، وأعظم في زوال وحشتها، لتسكين نفسها، فالمعنى: فكلمها جبريل من الجهة المحاذية لها، أو فكلمها عيسى من موضع ولادته، وذلك تحت ثيابها.
11- وحجة من فتح الميم أنه جعل {من} الفاعل للنداء، ونصب {تحتها} على الظرف، و{من} هو عيسى، كلمها من تحتها، أي: من موضع ولادته، وكون الضمير لـ {عيسى} في القراءة بفتح الميم أقوى في المعنى، وكون الضمير لجبريل عليه السلام، في القراءة بكسر الميم، أقوى في المعنى، ويجوز في القراءتين أن يكون لـ {عيسى} وأن يكون لجبريل عليهما السلام، فإذا كان لجبريل كان معنى {تحتها} دونها، أسفل منها، وإذا كان لعيسى كان معنى {تحتها} تحت ثيابها، من موضع ولاداته، وأصل {من} أن تقع للعموم، ولكنها وقعت في هذا الموضع للخصوص، لعيسى أو لجبريل عليهما السلام، وذلك جائز). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/87]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {مِن تَحْتِهَا}[آية/ 24] بفتح ميم «من» ونصب تحت:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم- ياش- ويعقوب- يس-.
[الموضح: 815]
والوجه أن المعنى: الذي تحتها، وهو عيسى عليه السلام، والتقدير: من حصل تحتها، وانتصاب تحت لأنه ظرف، والعامل فيه معنى الفعل من الحصول أو الاستقرار.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي و- ص- عن عاصم و- ح- و- ان- عن يعقوب {مِن تَحْتِهَا}بكسر ميم {مِن}وجر تحت.
والوجه أن قوله {فَنَادَاهَا}فيه ضمير الغلام، وهو عيسى عليه السلام، أي ناداها الغلام الزكي من تحتها، فمن جارة وتحت مجرور بها وهو اسم غير ظرف.
وقيل بل المنادى جبريل عليه السلام، ويكون معنى من تحتها: من دونها، كما يقال: فلان تحتنا أي دوننا في الموضع). [الموضح: 816]

قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تساقط عليك رطبًا جنيًّا (25)
قرأ حمزة (تساقط) بفتح التاء مخففة، وقرأ حفص (تساقط عليك) بضم التاء، وكسر القاف خفيفتين، وقرأ الحضرمي (يسّاقط عليك) بياء مفتوحة وتشديد السين، وقرأ الباقون (تسّاقط) بفتح التاء وتشديد السين، وقرأ عاصم في رواية حمّاد والكسائي في رواية نصير (يسّاقط) بالياء مفتوحة وبتشديد السين وفتح القاف.
[معاني القراءات وعللها: 2/133]
قال أبو منصور: قوّى قراءة يعقوب ما حدثنا محمد بن إسحاق عن الصّغاني عن أبي عبيد عن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقرأ (يسّاقط).
وروي عن مسروق مثله.
قال أبو منصور: وقوله (يسّاقط) الأصل فيه: يتساقط، المعنى: يساقط الرطب جنيًّا.
ومن قرأ (تساقط) بفتح التاء مخففة ذهب به إلى النخلة، وكان في الأصل: تتساقط.
قال الفراء: انتصاب قوله (رطبا) على التمييز المحوّل، كأن الفعل كان للرطب، فلما حوّل إلى الجذع أو النخلة خرج قوله رطبا مفسّرًا.
ومن قرأ (تسّاقط) بتشديد السين فإنه أدغم إحدى التاءين في السين، ومعناه معنى تساقط.
ومن قرأ (تساقط) ذهب به إلى النخلة، ومن قرأ (يساقط) ذهب به إلى الجذع، ومعناهما يسقط، ولم يقرأ به هؤلاء القراء.
وذكر أبو إسحاق عن محمد بن يزيد المبرد أنه قال: نصب (رطبًا) لأنه مفعول به، المعنى: وهزّي إليك بجذع النّخلة رطبا تسّاقط عليك.
قال، وهذا وجه حسن، والله أعلم). [معاني القراءات وعللها: 2/134]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {تساقط عليك} [25].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/16]
قرأ حمزة وحده {تساقط} خفيفًا.
والباقون {تساقط عليك} مشددًا، أرادوا: تتساقط فأدغموا التاء في السين. وحمزة أسقط تاء مثل تذكرون وتذكرون. وقد بينت نحو ذلك فيما سلف. وروى حفص عن عاصم {تساقط عليك} جعله فاعل ساقط يساقط مساقطة فهو مساقط. وحدثني أحمد عن علي عن أبي عبيد أن البراء بن عازب قرأ {يساقط عليك} بالياء والتشديد، أراد: يتساقط فأدغم، فمن ذكر رده على الجذع. ومن أنث رده على النخلة. {وهذي إليك بجدع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا} قيل: بغباره، وقيل: برنيا وقيل: كانت النخلة صرفانة وهو رطب يملا الضرس، وهو أملأ للضرس، وكان الجذع جذعًا يابسًا أتي به ليبني به بناء فاهتز خضيرًا وأينع بالرطب بإذن الله تعالى.
{وقد جعل ربك تحتك سريا} [24] قال الحسن: كان والله عيسى سريًا فقيل له: إن السري: النهر، فقال أستغفر الله. وقرأ أبو حيوة: {يسقط عليك} وروي عنه {يسقط عليك} ففي هذا الحرف من القراءات: يساقط وتساقط ويساقط وتسقط وتسقط وتساقط). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/17]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: تساقط عليك [مريم/ 25].
[الحجة للقراء السبعة: 5/197]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: (تساقط) بالتاء مشددة السين.
وقرأ حمزة: (تساقط) بالتاء مخففة السين.
واختلف عن عاصم فروى عنه أبو بكر: (تسّاقط) مثل أبي عمرو وروى عنه حفص تساقط بضم التاء، وكسر القاف مخفّفة السين.
قال أبو علي: هذه الوجوه كلّها متفقة في المعنى إلا ما رواه حفص عن عاصم، ألا ترى أن قول حمزة: (تسّاقط) إنما هو تتساقط، فحذف التاء التي أدغمها غيره، وكلّهم جعل فاعل الفعل الذي هو (تسّاقط) أو تساقط في رواية حفص: النخلة، ويجوز بأن يكون فاعل تساقط أو تساقط هو: جذع النخلة، إلا أنه لما حذف المضاف أسند الفعل إلى النخلة في اللفظ، ويجوز في قراءة عاصم: تساقط هزّه النخلة فيحذف، أو: تساقط النخلة، فأمّا تعديتهم تساقط وهو تفاعل، فإن يتفاعل مطاوع فاعل، كما أن تفعل مطاوع فعّل، فكما عدّى تفعل في نحو: تجرعته وتمليته، وتمزّزته، كذلك عدي تفاعل، فمما جاء من ذلك في الشعر قول ذي الرمة:
ومن جودة غفل بساط تحاسنت... بها الوشي قرّات الرياح وخورها
ومن ذلك قول الآخر:
[الحجة للقراء السبعة: 5/198]
تطالعنا خيالات لسلمى... كما يتطالع الدين الغريم
وأنشد أبو عبيدة لأوفى بن مطر:
تخاطأت النبل أحشاءه... وأخّر يومي فلم يعجل
قال هو في موضع أخطأت، وأنشد للأعشى:
ربّي كريم لا يكدّر نعمة... وإذا تنوشد بالمهارق أنشدا
قال: هو في موضع نشد، أي: يسأل بالكتب، وهي المهارق، وأنشد لامرئ القيس:
ومثلك بيضاء العوارض طفلة... لعوب تناساني إذا قمت سربالي
قال: يريد تنسيني. وقد قرأ غيرهم: (يتساقط). فمن قرأ كذلك أمكن أن يكون فاعله الهزّ، لأن قوله: هزي قد دل على الهزّ، فإذا كان كذلك جاز أن يضمره كما أضمر الكذب في قوله: من كذب كان شرا له، ويمكن أن يكون الجذع، أي: يساقط عليك الجذع، ويجوز في الفعل إذا أسند إلى الجذع وجهان: أحدهما أن الفعل أضيف إلى الجذع كما أضيف إلى النخلة برمتها، لأن الجذع معظمها. والآخر:
[الحجة للقراء السبعة: 5/199]
أن يكون الجذع منفردا عن النخلة يسقط عليها، ويكون سقوط الرطب من الجذع آية لعيسى عليه السلام، ويصير سقوط الرطب من الجذع أسكن لنفسها وأشد إزالة لاهتمامها، وسقوط الرطب من الجذع منفردا عن النخل مثل رزقها الذي كان يأتيها في المحراب في قوله: كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا [آل عمران/ 37] إلى قوله: قالت هو من عند الله [آل عمران/ 37].
وقوله: رطبا في هذه الوجوه منصوب على أنه مفعول به، ويجوز في قوله: (تساقط عليك): أي تساقط عليك ثمرة النخلة رطبا، فحذف المضاف الذي هو الثمرة، ويكون انتصاب رطب على الحال، وجاز أن تضمر الثمرة وإن لم يجر لها ذكر، لأن ذكر النخلة يدلّ عليها كما دلّ البرق على الرعد فيما ذكرناه فيما مر.
فأما الباء في قوله: هزي إليك بجذع النخلة، فتحتمل أمرين: أحدهما: أن تكون زائدة، كقولك: ألقى بيده، أي: ألقى يده، وقوله:
بواد يمان ينبت الشّثّ حوله... وأسفله بالمرخ والشّبهان
ونحو ذلك، ويجوز أن يكون المعنى: وهزي إليك بجذع النخلة أي: بهز جذع النخلة رطبا كما قال:
[الحجة للقراء السبعة: 5/200]
وصوّح البقل نئّاج تجيء به... هيف يمانية في مرّها نكب
أي: تجيء بمجيئه هيف، أي: إذا جاء النئّاج جاء الهيف، وكذلك إذا هززت الجذع هززت بهزّه رطبا، أي: فإذا هززت الرطب سقط). [الحجة للقراء السبعة: 5/201]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مسروق: [يُسَاقِطْ]، بالياء خفيفة.
[المحتسب: 2/40]
قال أبو الفتح: يساقط هنا بمعنى يسقط، إلا أنه شيئا بعد شيء، وعليه قول ضابئ البرجمي:
يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِيَاتِها ... سِقَاطَ حَدِيدِ القَين أَخْوَلَ أَخْوَلا
أي يسْقُطُ قرن هذا الثور ضاريات كلاب الصيد لطعنه إياها، شيئا بعد شيء). [المحتسب: 2/41]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [رُطَبًا جِنِيًّا]، بكسر الجيم.
قال أبو الفتح: أتبع فتحة الجيم من [جِنِيًّا] كسرة النون، وشبه النون وإن لم تكن من حروف الحلق بهن في نحو صَأَى الفرخ صِئِيا، وفي نحو: الشخير، والنخير، والنغيق والشعير، والبعير، والرغيف. وحكى أبو زيد عنهم: ذلك لمن خاف وعيد الله.
وله في تشبيهه النون بالحرف الحلقي عذر ما؛ وذلك لتفاوتهما، فالنون متعالية، كما أنهن سوافل: فكل في شقه مضاد لصاحبه، ألا ترى أن أبا العباس قال في همزة صحراء وبطحاء ونحوهما: صحراوان وبطحاوان وصحراوات وبطحاوات؟ شبهت الهمزة بالواو، لأن كل واحدة منهما طارفة في جهتها؛ فجعل تناهيهما في البعد طريقا إلى تلاقيهما في الحكم.
وبعد فالعرب تجري الشيء مجرى نقيضه، كما تجريه مجرى نظيره. ألا تراها قالت: طَوِيل كما قالت: قَصِير، وشَبْعان كجَوْعان، وكَرُمَ كلَؤُمَ، وعَلِمَ كجَهِلَ؟ ولأجل هذا قال بعضهم: إن قَوِيَ فعل في الأصل حملا على نظيره الذي هو ضَعُفَ، وفي هذا كاف من غيره. ونحو من معناه قول المنجمين في النحسين إذا تقابلا: استحالا سعدا، وعليه قول الناس: عداوة أربعين سنة مودة. والمعاني في هذا العالم متلاقية على تفاوُتها، ومجتمعة مع ظاهر تفرقها، لكنها محتاجة إلى طَبٍّ بها وملاطف لها). [المحتسب: 2/41]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وهزي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطبا جنيا}
قرأ حفص {تساقط} بضم التّاء وكسر القاف جعله فاعل ساقط يساقط مساقطة وعنى به النّخلة وقال {تساقط} لأن ذلك لا يكون دفعة واحدة ومثله في الكلام أنا أساقط إليك المال أولا فأولا
قرأ حمزة {تساقط} بفتح التّاء والتّخفيف أراد تتساقط ثمّ حذف التّاء لاجتماع التّاءين
[حجة القراءات: 442]
وحجته قوله {فأنت له تصدى} {فأنت عنه تلهى} والأصل تتلهى وتتصدى
وقرأ الباقون {تساقط} بالتّشديد أدغموا التّاء في السّين
قرأ حمّاد (يساقط) بالياء ذهب إلى الجذع وآخرون ذهبوا إلى النّخلة). [حجة القراءات: 443]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {تُساقط عليك} قرأه حفص بضم التاء وكسر القاف مخففة، وفتحهما الباقون، وكلهم شدد السين إلا حمزة وحفصا.
وحجة من ضم التاء أنه جعله مستقبل «ساقطت» فعدّاه إلى الرطب فنصبه به، والفاعل النخلة تُضمر في {تساقط} أي: تساقط النخلة رطبًا جنيًا عليك.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/87]
ويجوز أن يكون الفاعل الجذع، وأنثه لأنه ملتبس بالنخلة، إذ هو بعضها كما قالوا: ذهبت بعض أصابعه، فأنثوا البعض لالتباسه بالأصابع، لأنه بعضها.
13- وحجة من فتح التاء وخفف أنه أراد «تتساقط» ثم حذف إحدى التائين مثل «تظاهرون وتساءلون» وشبهه، وقد مضى الكلام عليه، ويكون الفعل مسندًا إلى النخلة وأيضًا أو إلى الجذع، وفي نصب {رطبًا} في هذه القراءة بـ {تساقط} فيه بُعد، لأنه مستقبل «تفاعل» وهو في أكثر أحواله لا يتعدى، فيكون نصب «رطب» على الحال، وقد أجاز بعض النحويين نصبه، في هذه القراءة على المفعول به قال: لأن {تساقط} مطاوع ساقط كما أن «تفعل» مطاوع «فعل» فكما عدّى «تفعل» في نحو «تجرعته» كذلك عدّى «تفاعل» كما عدّى «فاعل».
14- وحجة من شدد أنه أدغم التاء الثانية في السين، على ما ذكرناه في {تساءلون به} وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، ولأنه الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/88]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {يَسَاقِطْ عَلَيْكِ}[آية/ 25] بالياء مفتوحة، وبتشديد السين:
قرأها يعقوب وحده، وكذلك حماد عن عاصم.
والوجه أن أصله: يتساقط، فأدغمت التاء في السين لتقاربهما في المخرج ولتشاركهما في الهمس فبقي: يساقط، وهو من فعل الجذع أو الهز، والمعنى يتساقط عليك جذع النخلة أو الهز رطبا، أي يسقطه، ويدل على الهز قوله {وهُزِّي إلَيْكِ}.
وقوله {رُطَبًا}يجوز أن يكون مفعولاً به على ما ذكرنا، ويتساقط متعد؛
[الموضح: 816]
لأنه يقال تسقطته وتساقطته أي اسقطته، ويجوز أن يكون تمييزاً، ويتساقط لازم، والأصل يتساقط عليك رطب جذع النخلة، فلما نقل الفعل عن الرطب إلى الجذع نصب {رُطَبًا}على التمييز، ويجوز أن يكون حالاً، وتساقط لازم أيضًا، والتقدير يتساقط عليك تمر النخلة في حال كونه رطبا.
وروى- ص- عن عاصم {تُسَاقِطْ}بالتاء مضمومة، مخففة السين، مكسورة القاف.
والوجه أن معنى {تُسَاقِطْ}: تسقط يقال أسقطته وساقطته كأبعدته وباعدته، والتأنيث للنخلة، أي تسقط النخلة رطبا، فهو مفعول به.
وقرأ حمزة {تُسَاقِطْ}بالتاء مفتوحة، وبتخفيف السين، وفتح القاف.
والوجه أن أصله تتساقط، فحذفت التاء الثانية؛ لأنها هي التي تدغم في السين إذا أدغمت، فبقي تساقط، والتأنيث للنخلة، أو الثمرة، والتقدير تتساقط عليك النخلة رطبًا، أي تسقطه فيكون تتساقط متعديًا كما سبق، و{رُطَبًا}مفعولاً به، أو يكون لازمًا و{رُطَبًا}حالاً أو تمييزاً على ما سبق.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي و- ياش- عن عاصم {تُسَاقِطْ}بالتاء مفتوحة، وبتشديد السين.
والوجه أن أصله أيضًا تتساقط، فأدغمت التاء الثانية في السين، وهي التي حذفت في قراءة حمزة). [الموضح: 817]

قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [فَإِمَّا تَرَيِنَ].
وروى عن أبي عمرو: [تَرَئِنَّ]، بالهمز.
قال أبو الفتح: الهمز هنا ضعيف؛ وذلك لأن الياء مفتوح ما قبلها، والكسرة فيها لالتقاء الساكنين؛ فليست محتسبة أصلا، ولا يكثر مستثقَلُه، وعليه قراءة الجماعة: {تَرَيِنَّ}، بالياء لما ذكرنا. غير أن الكوفيين قد حكوا الهمز في نحو هذا، وأنشدوا:
كَمُشْتَرِئ بِالْحَمْدِ أَحْمِرَةً بُتْرَا
نعم، وقد حكى الهمز في الواو التي هي نظيرة الياء في قول الله: تعالى : {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ}، فشبه الياء لكونها ضميرا وعلم تأنيث بالواو؛ من حيث كانت ضميرا وعلم تذكير. وهذا تعذر ما وليس قويا، ولا تُرَيَنَّ هذه الهمزة هي همزة رأيت، تلك قد حذفت للتخفيف في أصل الكلمة [تَرْأَيْنَ]؛ فحذفت الهمزة، وألقيت حركتها على الراء فصارت [تَرَيْنَ]، فالهمزة الأصلية إذا محذوفة، وغير هذه الملفوظ بها.
وأما قراءة طلحة: [فَإِمَّا تَرَيِن] فشاذة، ولست أقول إنها لحن لثبات علم الرفع، وهو النون في حال الجزم، لكن تلك لغة: أن تثبت هذه النون في الجزم، وأنشد أبو الحسن:
لَوْلَا فَوَارِسُ مِنْ قَيْسٍ وَأُسْرَتِهِمْ ... يَوْمَ الصُّلَيْفَاءِ لَمْ يُوفُونَ بِالْجَارِ
كذا أنشده "يُوفُونَ" بالنون، وقد يجوز أن يكون على تشبيه "لم" بلا). [المحتسب: 2/42]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (27) إلى الآية (33) ]
{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}

قوله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}

قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}

قوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}

قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ الكسائي وحده وأوصاني [مريم/ 31] ممالة.
وآتاني [مريم/ 30] ممالة، الباقون لا يميلون.
الإمالة في آتاني أحسن منها في أوصاني لأن في أوصاني مستعليا، وهو مع ذلك يجوز كما جازت إمالة صاد، وطغا وصغا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/201] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {آتَانِيَ الكِتَابَ}[آية/ 30] {وأَوْصَانِي}[آية/ 31] بالإمالة فيهما:
قرأهما الكسائي وحده.
والوجه أن الفعلين من الياء فجازت الإمالة فيهما لذلك، إلا أن الإمالة في {آتَانِيَ}أحسن منها في {وأَوْصَانِي}؛ لأن في {أَوْصَانِي}الصاد وهو حرف مستعلٍ، والحرف المستعلي مانع للإمالة، إلا أن الأفعال قد تمال مع المستعلي لتصرفها، ألا ترى أن الإمالة جائزة في صار وطغى ونحوهما.
ونافع يجعلهما بين الفتح والكسر وقد ذكرنا وجهه.
وقرأ الباقون بالفتح فيهما، وقد ذكرنا مراراً أنه الأصل). [الموضح: 818] (م)

قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وأوصاني بالصلاة والزكاة} [31]
قرأ الكسائي وحده {وأوصاني} بالإمالة من أجل الياء؛ لأن الأصل فيه قبل الإضافة أوصي مثل أودي فلما أضافه إلى النفس تركه ممالاً.
وأما من فتح فقال: إذا قلت: أوصي ثم أضافه المتكلم إلى نفسه صارت الألف ياء، مثل قضى وقضيت وأوصى وأوصيت، فإذا قلت قضاني ورماني صارت الياء ألفًا فأتبعوا اللفظ الخط، والكسائي جرى على الأصل؛ لأن من خالفه في {أوصاني} فقد وافقه. {قالت إحدهما} في الإمالة.
وحجة الباقين أن {إحديهما} كتب في المصحف بالياء {وأوصاني} بالألف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/18]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ الكسائي وحده وأوصاني [مريم/ 31] ممالة.
وآتاني [مريم/ 30] ممالة، الباقون لا يميلون.
الإمالة في آتاني أحسن منها في أوصاني لأن في أوصاني مستعليا، وهو مع ذلك يجوز كما جازت إمالة صاد، وطغا وصغا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/201] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {آتَانِيَ الكِتَابَ}[آية/ 30] {وأَوْصَانِي}[آية/ 31] بالإمالة فيهما:
قرأهما الكسائي وحده.
والوجه أن الفعلين من الياء فجازت الإمالة فيهما لذلك، إلا أن الإمالة في {آتَانِيَ}أحسن منها في {وأَوْصَانِي}؛ لأن في {أَوْصَانِي}الصاد وهو حرف مستعلٍ، والحرف المستعلي مانع للإمالة، إلا أن الأفعال قد تمال مع المستعلي لتصرفها، ألا ترى أن الإمالة جائزة في صار وطغى ونحوهما.
ونافع يجعلهما بين الفتح والكسر وقد ذكرنا وجهه.
وقرأ الباقون بالفتح فيهما، وقد ذكرنا مراراً أنه الأصل). [الموضح: 818] (م)

قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي نهيك وأبي مجلز: "وبِرًّا"، بكسر الباء.
[المحتسب: 2/42]
قال أبو الفتح: هو معطوف على موضع الجار والمجرور من قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ}، كأنه قال: ألزمني بِرًّا، وأشعرني بوالدتي؛ لأنه إذا أوصاه به؛ فقد ألزمه إياه. وعليه بيت الكتاب:
يَذْهَبْنَ فِي نَجْدٍ وَغَوْرًا غَائِرَا*
أي: ويسلكن غورا، وبيته أيضا:
فَإنْ لَمْ تَجِدْ مِنْ دُونِ عَدْنَانَ وَالِدًا ... وَدُونَ مَعْدٍّ فَلْتَزَعْكَ الْعَوَاذِلُ
عطف "دونَ" الثانية على موضع "من دونِ" الأولى، نظائره كثيرة جدًّا. وإن شئت حملته على حذف المضاف، أي: وجعلني ذا برّ، وإن شئت جعلته إياه على المبالغة، كقولها:
فإنما هي إقبالٌ وإدبارٌ
على غير حذف المضاف). [المحتسب: 2/43]

قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة