العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (165) إلى الآية (168) ]

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}


قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}

قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)}

قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #52  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:23 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (169) إلى الآية (171) ]

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}

قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين قتلوا... (169)
قرأ ابن عامر وحده: (قتّلوا) مشددًا، وخفف الباقون.
واتفقوا على التاء في (تحسبنّ).
قال أبو منصور: من قرأ (قتّلوا) بالتشديد فهو للتكثير، ومن قرأ (قتلوا) فعلى (فعل) ). [معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (60- وقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله} [169].
اتفق القراء على التاء إلا هشامًا فإنه قرأ: {يحسبن} بالياء في هذا، واختلفوا فيما بعده، وشدد ابن عامر وحده التاء في {قتلوا}.
وخففها الباقون. فمن خفف برواية هشام يكون مرة ومرارًا، ومن شدد لا يكون إلا مرارًا كأنهم قتلوه مرة بعد مرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله [آل عمران/ 169] مخففة التاء إلا ابن عامر فإنّه قرأ: قتلوا* مشدّدة التاء.
[قال أبو علي]: وجه من قرأ قتلوا بالتخفيف أنّ التخفيف يصلح للكثير والقليل، تقول: قتلت القوم فيصلح، التخفيف للكثرة، وضربت زيدا ضربة، فيصلح للقلّة. ووجه التّثقيل أنّ المقتولين كثرة فحسن التثقيل، كما قال: مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50] وفعّل يختص به الكثير دون القليل). [الحجة للقراء السبعة: 3/98]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنها بالتاء). [الحجة للقراء السبعة: 3/101] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنّها بالتاء قوله: تحسبن مسند إلى الفاعل المخاطب، والذين قتلوا المفعول الأول، والمفعول الثاني قوله: أمواتا. فقد استوفى الحسبان فاعله ومفعوليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/110] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (94- قوله: {ولا تحسبن الذين قتلوا} قرأه ابن عامر بالتشديد، على التكثير لأن المقتولين كُثر والتشديد للتكثير، وقرأه الباقون بالتخفيف، لأن التخفيف للتقليل والتكثير، فهو كالتشديد في أحد وجهيه، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ومثله في العلة الذي قبله، وهو قوله: {لو أطاعونا ما قتلوا} «168» قرأه هشام بالتشديد، وخفف الباقون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (44- {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} [آية/ 169]:-
بتشديد التاء، قرأها ابن عامر وحده.
وذلك لأن في المقتولين كثرةً فحسن التثقيل، كما تقول: فتحت الأبواب، قال تعالى {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ}، وفعل بالتشديد يختص بالكثرة.
وقرأ الباقون {قُتِلُوا} بالتخفيف.
والوجه أن فعل بالتخفيف قد يصلح للقليل والكثير، فيجوز أن تقع ههنا
[الموضح: 390]
الكثرة، كما تقول: قتلت القوم). [الموضح: 391]

قوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}

قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين (171).
قرأ الكسائي وحده: (وإنّ اللّه) بكسر الألف، وفتحها الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو منصور: من قرأ (وأن الله) بالفتح فالمعنى: يستبشرون بأن لا خوفٌ عليهم وبأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين.
ومن قرأ (وإنّ اللّه) فهو استئناف). [معاني القراءات وعللها: 1/281]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (61- وقوله تعالى: {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [171].
قرأ الكسائي وحده (إن الله) بالكسر.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
وقرأ الباقون بالفتح. فمن فتح فموضع «أن» خفضٌ بالنَّسق على قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم} بأن الله لا يضيع، ولأن الله.
ومن كسر جعلها مبتدأة، واعتبر قراءته بحرف عبد الله {والله لا يضيع} بغير «إن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/123]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [جلّ وعز] وأن الله لا يضيع [آل عمران/ 171] في كسر الألف وفتحها، فقرأ الكسائي وحده: وإن الله لا يضيع بكسر الألف وقرأ الباقون: وأن الله بفتح الألف.
[قال أبو علي]: وجه الفتح أنّ المعنى يستبشرون بنعمة من الله، وبأنّ الله لا يضيع، فأنّ معطوفة على الباء، المعنى:
يستبشرون، بتوفر ذلك عليهم، ووصوله إليهم، لأنّه إذا لم يضعه،
[الحجة للقراء السبعة: 3/98]
وصل إليهم، فلم يبخسوه، ولم ينقصوه، فهذا مما يستبشر به، كما أنّ النعمة والفضل كذلك. ومن كسر فإلى ذا المعنى يؤول، لأنّه إذا لم يضعه وصل إليهم، فلم ينقصوه، فالأول أشدّ إبانة لهذا المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 3/99]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}
قرأ الكسائي {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} بكسر الألف على معنى والله لا يضيع أجر المؤمنين
وكذلك هي في قراءة عبد الله (والله لا يضيع) فهذا يقوي إن بالكسر
وقرأ الباقون {وأن الله} بالفتح وهي في موضع خفص على النسق على {بنعمة من الله وفضل} المعنى ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين). [حجة القراءات: 181]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (95- قوله: {وأن الله لا يضيع} قرأه الكسائي بكسر الهمزة، على الابتداء والاستئناف، وهو مع ذلك متعلق بالأول، لأنه إذا لم يضعه فهو واصل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
أجره إليهم، وقرأ الباقون بالفتح، عطفوه على {بنعمة} أي: يستبشرون بالنعمة والفضل، وبأن الله لا يضيع الأجر، فـ «أن» في موضع نصب، بحذف الخافض، أو في موضع خفض على تقدير الخافض محذوفًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/365]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (45- {وَأَنَّ الله لَا يُضِيعُ} [آية/ 171]:-
بكسر إن، قرأها الكسائي وحده.
وذلك أنه استأنف بها ولم يعطفها على ما قبلها، فهو على كلامين.
وقرأ الباقون {وَأَنَّ} بالفتح، عطفًا على {نعمةٍ}، كأنه قال: يستبشرون بنعمة وبأن الله لا يضيع؛ لأنه إذا لم يضع تعالى أجرهم، فإن ذلك مما يستبشر به). [الموضح: 391]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #53  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (172) إلى الآية (175) ]

{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}


قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)}

قوله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة وعطاء: [يُخَوِّفُكُمْ أَوْلياءَه].
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على إرادة المفعول في يخوف وحذفه في قراءة أكثر الناس: {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} . وليس هذا كقولنا: فلان يُخوِّف غلامه ويخوف جاريته مِن ضربه إياهما وإساءته إليهما. فالمحذوف هنا هو المفعول الثاني، وهو في الآية المفعول الأول على ما قدمنا). [المحتسب: 1/177]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #54  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (176) إلى الآية (178) ]

{وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)}

قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يحزنك الّذين... (176)
قرأ نافع: (ولا يحزنك الّذين) و(لا يحزنك قولهم) ونحو هذا بضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن، إلا قوله في سورة الأنبياء: (لا يحزنهم الفزع الأكبر) فإنه وافق القراء في هذه.
وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الزاي في كل القرآن.
[معاني القراءات وعللها: 1/281]
قال أبو منصور: اللغة الجيدة (لا يحزنك) بفتح الياء، وبها قرأ أكثر القراء.
وأما قراءة نافع أحزن يحزن فهو لغة صحيحة، غير أن حزن يحزن أفشى وأكثر). [معاني القراءات وعللها: 1/282]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (62- وقوله تعالى: {ولا يحزنك الذين يسارعون} [176].
قرأ نافع وحده {يحزنك} بضم الياء في كل القرآن إلا قوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر}.
وقرأ الباقون بفتح ذلك كله وهما لغتان: حزن وأحزن والاختيار حزن لقولهم: محزون، ولا يقال: محزن، تقول: حزن يحزن حزنا وحزنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/123]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وضمّ الزاي، وضمّ الياء وكسر الزاي من قوله تعالى: ولا يحزنك [آل عمران/ 176].
فقرأ نافع وحده يحزنك* وليحزن [المجادلة/ 10] وإني ليحزنني [يوسف/ 13] بضم الياء، وكسر الزاي في كلّ القرآن إلّا في سورة الأنبياء: لا يحزنهم الفزع [الآية/ 103] فإنّه فتحها، يعني الياء، وضمّ الزاي.
وقرأ الباقون في جميع ذلك يحزن* بفتح الياء وضمّ الزاي في كلّ القرآن.
[قال أبو علي]: قال سيبويه تقول: فتن الرجل وفتنته، وحزن وحزنته. قال: وزعم الخليل أنّك حيث قلت: فتنته
[الحجة للقراء السبعة: 3/99]
وحزنته لم ترد أن تقول: جعلته حزينا وجعلته فاتنا، كما أنّك حين قلت: أدخلته، أردت: جعلته داخلا، ولكنك أردت أن تقول: جعلت فيه حزنا وفتنة، فقلت: فتنته، كما قلت: كحلته، أي: جعلت فيه كحلا، ودهنته جعلت فيه دهنا، فجئت بفعلته على حدّه. ولم ترد بفعلته هاهنا تغيير قوله: حزن وفتن، ولو أردت ذلك لقلت أحزنته، وأفتنته، وفتن من فتنته، كحزن من حزنته. قال: وقال بعض العرب: أفتنت الرجل، وأحزنته: أراد جعلته حزينا وفاتنا، فغيروا فعل.
قال أبو علي: فهذا الذي حكاه عن بعض العرب حجة نافع في قراءته ليحزنني وأمّا قراءته: لا يحزنهم الفزع الأكبر [الأنبياء/ 103] فعلى أنّه يشبه أن يكون تبع فيه أثرا أو أحبّ الأخذ بالوجهين إذ كان كل واحد منهما جائزا). [الحجة للقراء السبعة: 3/100]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحر النحوي: [يُسْرِعون] في كل القرآن.
قال أبو الفتح: معنى {يسارعون} في قراءة العامة: أي يسابقون غيرهم، فهو أسرع لهم وأظهر خفوفًا بهم، وأما [يسرعون] فأضعف معنى في السرعة من يسارعون؛ لأن مَن سابق غيره أحرص على التقدم ممن آثر الخفوف وحده، وأما سَرُع فعادة ونحيزة؛ أي: صار سريعًا في نفسه.
وفعَل من لفظ فَاعلتُ ضربان: متعد، وغير متعد؛ فالمعتدي كضربت زيدًا وضاربته، وغير المتعدي كقمت وقاومت زيدًا. وأما أسرع وسَرُع جميعًا فغير متعديين؛ لكن سَرُع غريزة، وأسرع كلَّف نفسه السرعة؛ لكن سارع متعد). [المحتسب: 1/177]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يحزنك الّذين يسارعون في الكفر} 176
قرأ نافع {ولا يحزنك} بضم الياء في كل القرآن إلّا قوله {لا يحزنهم الفزع الأكبر}
وقرأ الباقون بالفتح وهما لغتان يقال حزن وأحزن والاختيار حزن لقولهم محزون ولا يقال محزن وحجّة نافع قول العرب هذا أمر محزن). [حجة القراءات: 181]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (96- قوله: {يحزُن}، {وليحزُن} وشبهه، قرأه نافع بضم الياء، وكسر الزاي، حيث وقع إلا في موضع واحد، فإنه فتح الياء فيه، وضم الزاي كالجماعة، وهو قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} «الأنبياء 103» وقرأ الباقون بفتح الياء، وضم الزاي في جميع القرآن، وهما لغتان، حكى سيبويه: أحزنت الرجل، إذا جعلته حزينًا، فضممت الياء في المستقبل؛ لأنه رباعي، ويقال: حَزِن الرجل يَحزَن، لغة. وحزّن يحزّن لغة، ومنه قوله: {ولا هم يحزنون} «البقرة 38»، ويقال: حزّنته، جعلت فيه حُزنًا، كما تقول: كحّلته، جعلت فيه كحلا، وخصّ نافع الموضع المذكور بفتح الياء للجمع بين اللغتين، والقراءتان متساويتان، وما عليه الجماعة، من فتح الياء، وضم الزاي، أحب إليّ، لأنها اللغة الفاشية المستعملة المجمع عليها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/365]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (46- {وَلَا يَحْزُنْكَ} [آية/ 176]:-
بضم الياء وكسر الزاي، قرأها نافع وحده، وكذلك {لَيُحْزِنُنِي} و{لَيُحْزِنُكَ} و{لِيُحْزِنَ الَّذِينَ} وأشباهها، إلا قوله تعالى في الأنبياء {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ} فإنه بفتح الياء وبضم الزاي.
والوجه أنه جعله من أحزن، وهي لغة غير فاشيةٍ، والأظهر حزن، وأما قراءته في الأنبياء، فلما أراد من الأخذ باللغتين.
[الموضح: 391]
وقرأها الباقون {يَحْزُنْكَ} بفتح الياء وضم الزاي، وكذلك في كل القرآن.
لأن اللغة الجيدة المشهورة هي حزنه بغير ألف، أي جعل فيه حزنًا، كما تقول كحلته ودهنته، أي جعلت فيه كحلاً ودهنًا، فهذا متعدٍّ أولاً، ويشبه أن يكون أحزن معدى من حزن بكسر الزاي من غير ألفٍ). [الموضح: 392]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)}

قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين كفروا... (178)
و: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون)
و: (لا تحسبنّ الّذين يفرحون)... (فلا تحسبنّهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو أربعهن بالياء، وقرأ نافع وابن عامر ثلاثًا بالياء وواحدة بالتاء، وهو قوله: (فلا تحسبنّهم)، وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب: (ولا يحسبنّ الّذين كفروا) و(لا يحسبنّ الّذين يبخلون) بالياء، والأخريين بالتاء.
وقرأ حمزة كلهن بالتاء، وكل من قرأ (فلا تحسبنّهم) بالتاء فتح الباء، ومن قرأ بالياء ضم الباء (فلا يحسبنّهم).
[معاني القراءات وعللها: 1/282]
قال محمد بن يزيد: من قرأ (يحسبنّ) يفتح (أن)، وكانت تنوب عن الاسم والخبر، يقول: (حسبت أنّ زيدًا منطلق)، ويقبح الكسر مع الياء، وهو مع قبحه جائز.
ومن قرأ (لا تحسبنّ الّذين كفروا) لم يجز عند البصريين إلا كسر ألف (إن)، المعنى: لا تحسبن الذين كفروا إملاؤنا خير لهم.
ودخلت (إن) مؤكدة، وإذا فتحت صار المعنى: ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا.
قال أبو منصور: الفتح جائز مع الياء عند غيره من النحويين، وهو على البدل من (الذين)، المعنى: لا يحسبن إملاءنا الذين كفروا خيرًا لهم.
وقد قرأ بهذه القراءة جماعة.
وقراءتهم دليل على جوازها، ومثله قال الشاعر:
فما كان قيسٌ هلكه هلك واحدٍ... ولكنه بنيان قومٍ تهدّما
[معاني القراءات وعللها: 1/283]
يجوز هلك واحد، وهلك واحد، فمن رفع قوله (هلكه) ابتداءً جعل هلك واحدا خبر الابتداء، ويسدّان معًا مسدّ الخبر.
ومن جعل (هلكه) بدلا من قوله (قيسٌ) نصب (هلك واحد) المعنى: ما كان هلكه هلك واحد.
وقال الفراء: من قرأ (ولا تحسبنّ الّذين كفروا أنّما) قال: هو على التكرير: لا تحسبنهم لا تحسبن أنما نملي لهم.
قال: وهو مثل قوله: (هل ينظرون إلّا السّاعة أن تأتيهم) على التكرير: هل ينظرون إلا أن تأتيهم). [معاني القراءات وعللها: 1/284] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (63- وقوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا} [178].
قرأ حمزة وحده بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء، فمن قرأ بالتاء فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن قرأ بالياء فإخبارٌ عن الذين كفروا، فمن قرأ بالتاء فموضع {الذين} نصب و{كفروا} صلته، «وأن» مع ما بعدها في موضع المفعول الثاني. وإنما فتحت «أن» لأن الفعل واقع عليها «وما» اسم «أن» و{نملي} صلته {وخير} خبر «أن»، تمَّ الكلامُ. ثم استأنف بقوله: {إنما نملي لهم} بكسر الألف {ليزدادوا إثمًا}.
ومن قرأ بالتاء جعل الفعل لمحمد صلى الله عليه وسلم، فموضع {الذين} نصب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/123]
أيضًا. ومن جعل الفعل للكفار فموضع {الذين} رفع بفعلهم و{كفروا} صلتهم «وأن» مع ما بعده نائب عن مفعولي «يحسب»، وذلك أن الحسبان يحتاج إلى مفعولين، «وأن» يحتاج إلى اسمين فناب شيئان عن شيئين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/124]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعز]: ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ولا يحسبن الذين كفروا بالياء، ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم [آل عمران/ 188] بضمّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/100]
الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كل القرآن.
وقرأ نافع وابن عامر ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] لا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] كل ذلك بالياء فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بالتاء وفتح الباء غير أنّ نافعا كسر السين وفتحها ابن عامر. وقرأ حمزة: ولا تحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا تحسبن الذين يفرحون... فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء. وقرأ عاصم والكسائي كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فإنّهما بالياء غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي. ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنها بالتاء.
قال أبو علي: قراءة ابن كثير وأبي عمرو، ولا يحسبن الذين كفروا* [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون
[الحجة للقراء السبعة: 3/101]
[آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم بضم الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كلّ القرآن.
[قال أبو علي]: الذين في هذه الآي في قراءتهما:
رفع بأنّه فاعل يحسب، وإذا كان الذي في الآي فاعلا اقتضى حسب مفعولين، لأنّها تتعدى إلى مفعولين، أو إلى مفعول يسد مسدّ المفعولين، وذلك إذا جرى في صلة ما يتعدى إليه ذكر الحديث والمحدّث عنه نحو: حسبت أنّ زيدا منطلق، وحسبت أن تقوم، فقوله: أنما نملي لهم خير لأنفسهم [آل عمران/ 178] قد سدّ مسدّ المفعولين اللذين يقتضيهما يحسبنّ. وكسر إنّ في قول من قرأ: يحسبن بالياء لا ينبغي، وقد قرئ فيما حكاه غير أحمد بن موسى. ووجه ذلك أنّ «إنّ» يتلقّى بها القسم كما يتلقّى بلام الابتداء، ويدخل كلّ واحد منهما على الابتداء والخبر فكسر إنّ بعد يحسبنّ، وعلّق عليها الحسبان كما يعلّق باللّام. فقال: لا يحسبن الذين كفروا إنما نملي [آل عمران/ 178] كما قال: لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خير لهم. وما تحتمل ضربين أحدهما: أن تكون بمعنى الذي فيكون التقدير: لا يحسبنّ الذين كفروا أنّ الذي نمليه خير لأنفسهم، والآخر: أن يكون ما نملي بمنزلة الإملاء فيكون مصدرا، وإذا كان مصدرا، لم يقتض راجعا إليه. وقال أبو الحسن: المعنى: ولا يحسبنّ الذين كفروا أنّ ما نملي لهم ليزدادوا إثما، إنّما نملي لهم خير لأنفسهم. وأمّا قوله: ولا يحسبن الذين
[الحجة للقراء السبعة: 3/102]
يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180] فالذين يبخلون فاعل يحسبنّ والمفعول الأول محذوف من اللفظ لدلالة اللفظ عليه، وهو بمنزلة قولك: من كذب كان شرا له، أي:
الكذب، فكذلك: لا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيرا لهم، فدخلت هو فصلا، لأنّ تقدّم يبخلون بمنزلة تقدّم البخل، فكأنّك قلت: لا يحسبنّ الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم. فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فلا تحسبنهم فالذين في موضع رفع بأنّه فاعل يحسب، ولم توقع يحسبنّ على شيء. قال أبو الحسن لا يعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء، لأنّه لم يوقعه على شيء، ونرى أنّه لم يستحسن أن لا يعدّى حسبت، لأنّه قد جرى مجرى اليمين في نحو: علم الله لأفعلنّ.
ولقد علمت لتأتينّ منيتي.......
وظننت ليسبقنّني، وظنوا ما لهم من محيص [فصلت/ 48] فكما أنّ القسم لا يتكلّم به حتى يعلّق بالمقسم عليه، كذلك ظننت وعلمت، في هذا الباب.
وأيضا فإنّه قد جرى في كلامهم لغوا، وما جرى [في
[الحجة للقراء السبعة: 3/103]
كلامهم] لغوا لا يكون في حكم الجمل المفيدة، ومن ثمّ جاء نحو:
وما خلت أبقى بيننا من مودّة... عراض المذاكي المسنفات القلائصا
إنّما هو وما أبقى بيننا، وكذلك قال الخليل: تقول: ما رأيته يقول ذاك إلّا زيد، وما أظنّه يقول ذاك إلّا عمرو، فهذا يدلّك أنّك انتحيت على القول، ولم ترد أن تجعل زيدا موضع فعلك كضربت وقتلت. ولذلك لم يجر الشرط مجرى الجمل في نحو:
إن تفعل، لأنّ الشرط بمنزلة القسم، والجزاء بمنزلة المقسم عليه، ولذلك فصل بالشرط بين أمّا وجوابها في نحو وأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلام لك [الواقعة/ 91] ولو كان بمنزلة الجمل لم يجز به الفصل. ووجه قول ابن كثير وأبي عمرو في أن لم يعدّيا حسبت إلى مفعوليه اللذين يقتضيهما أنّ يحسب في قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب [آل عمران/ 188] لمّا جعل بدلا من الأول،
[الحجة للقراء السبعة: 3/104]
وعدّي إلى مفعوليه استغنى بهما عن تعدية الأول إليهما، كما استغنى في قوله:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
بتعدية أحد الفعلين إلى المفعولين عن تعدية الآخر إليهما فإن قلت: كيف يستقيم، تقدير البدل في قوله: لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا... فلا تحسبنهم بمفازة [آل عمران/ 188].
وقد دخلت الفاء بينهما ولا يدخل بين البدل والمبدل منه الفاء؟ فالقول أنّ الفاء زائدة، يدلّك على أنّها لا يجوز أن تكون التي تدخل على الخبر، أنّ ما قبل الفاء ليس بمبتدإ، فتكون الفاء خبره، ولا تكون العاطفة لأنّ المعنى: لا يحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا أنفسهم بمفازة من العذاب. فإذا كان كذلك لم يجز تقدير العطف لأنّ الكلام لم يستقل بعد، فيستقيم فيه تقدير العطف.
فأمّا قوله: فلا يحسبنهم فإنّ فعل الفاعل الذي هو يحسبنّ تعدّى إلى ضميره، وحذفت واو الضمير لدخول النون
[الحجة للقراء السبعة: 3/105]
الثقيلة. فإن قلت: هلّا لم يحذف الواو من يحسبون، وأثبتها كما ثبتت في: تمودّ الثوب، وأ تحاجوني [الأنعام/ 80] ونحو ذلك، مما يثبت فيه التقاء الساكنين لما في الساكن الأوّل من زيادة المدّ التي تقوم مقام الحركة، فالقول فيه أنّه حذفت كما حذفت مع الخفيفة، ألا ترى أنّك لو قلت: لا يحسبن زيدا ذاهبا، لزمك الحذف، فأجرى الثقيلة مجرى الخفيفة لهذا. وقوله: بمفازة من العذاب في موضع المفعول الثاني وفيه ذكر للمفعول الأوّل. وفعل الفاعل في هذا الباب يتعدّى إلى ضمير نفسه، نحو:
ظننتني أخاه، لأنّ هذه الأفعال لمّا كانت تدخل على الابتداء والخبر أشبهت إنّ وأخواتها في دخولهنّ على الابتداء والخبر [كدخول هذه الأفعال عليهما وذلك قولك]: ظننتني ذاهبا، كما تقول:
إنّي ذاهب. ومما يدلّك على ذلك قبح دخول اليقين عليها، لو قلت: أظنّ نفسي تفعل كذا لم يحسن كما يحسن أظنّني فاعلا.
قال: وقرأ نافع وابن عامر: ولا يحسبن الذين كفروا ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180].. ويفرحون [آل عمران/ 188] كلّ ذلك بالياء. فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/106]
قراءتهما في ذلك مثل قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقد مرّ القول فيها إلّا في قوله: فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
والمفعولان اللذان يقتضيهما الحسبان في قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا محذوفان، لدلالة ما ذكر من بعد عليهما، ولا يجوز البدل، كما جاز البدل في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاختلاف الفعلين باختلاف فاعليهما.
قال: وقرأ حمزة ولا تحسبن الذين كفروا ولا تحسبن الذين يفرحون فلا تحسبنهم بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء.
قوله: الذين كفروا في موضع نصب بأنّه المفعول الأول. والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى، فلا يجوز إذا فتح إنّ في قوله: ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم، لأنّ إملاءهم لا يكون إياهم. فإن قلت: فلم لا يجوز الفتح في أنّ، وتجعله بدلا من الذين كفروا كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] وكما كان أنّ من قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7]. [بدلا من إحدى الطائفتين] قيل: لا يجوز ذلك لأنّك إذا أبدلت أنّ من الذين كفروا، كما أبدلت أنّ من إحدى الطائفتين لزمك أن تنصب خيرا على تقدير: لا تحسبنّ إملاء الذين كفروا خيرا لأنفسهم من حيث
[الحجة للقراء السبعة: 3/107]
كان المفعول الثاني: لتحسبنّ وقيل: إنّه لم ينصبه أحد. فإذا لم ينصب علمت أنّ البدل فيه لا يصح، فإذا لم يصح البدل [لم يجز فيه إلّا كسر إنّ] ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم خير لأنفسهم على أن تكون إنّ وخبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبنّ. فأمّا قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فحذف المفعول الذي يقتضيه تحسبنّ، لأنّ ما يجيء من بعد من قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب يدلّ عليه، ويجوز أن تجعل تحسبنهم بدلا من تحسبن، كما جاز أن تجعل يحسبنهم بدلا من يحسبن الذين يفرحون في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاتفاق فعلي الفاعلين. وقد قدّمنا أنّ الفاء زائدة، والقول فيها أنّها لا تخلو من أن تكون للعطف، أو للجزاء، أو زائدة، فإن كانت للعطف فلا يخلو من أن تعطف جملة على جملة، أو مفردا على مفرد، وليس هذا موضع العطف، لأنّ الكلام لم يتمّ، ألا ترى أنّ المفعول الثاني لم يذكر بعد؟ ولا يجوز أيضا أن تكون للجزاء كالتي في قوله: وما بكم من نعمة فمن الله [النحل/ 53] ونحوها، لأنّ تلك تدخل على ما كان خبرا من الجمل، لأنّ أصلها أن تدخل في الجزاء، وهي جملة خبر، وليس ما دخلت عليه الفاء في الآية بجملة، إنّما هو فضلة، ألا ترى أنّ مفعولي حسبت فضلة؟ فإن قلت: إنّ أصلهما أن يكونا خبرا، فإنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/108]
ذلك الأصل قد زال بكونهما فضلة، كما زال في قولك: ليت الذي في الدار منطلق، عن أن يكون خبرا بدخول ليت، وكذلك قد زال بدخول حسبت عليهما أن يكون جملة، ويدلّك على ذلك أنّك تقول: حسبت زيدا اليوم منطلقا. فتفصل بينهما باليوم الذي هو ظرف حسبت، ولو كان الكلام باقيا على ما كان عليه قبل دخول الظنّ، لم يجز أن تفصل بينهما بأجنبي منهما، فإذا لم يجز أن تكون للعطف ولا للجزاء، ثبت أنّها زائدة قال: وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي قال: وقرأ عاصم والكسائي: كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون، ولا يحسبن الذين كفروا فإنّهما بالياء، غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي.
قد تقدّم القول في ولا يحسبن الذين يبخلون فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم [آل عمران/ 178] فالوجه فتح أنّ لأنّها تسدّ مسدّ المفعولين، كما سدّ الفعل والفاعل مسدّهما لمّا جرى ذكرهما في الصلة في نحو قوله: أحسب الناس أن يتركوا [العنكبوت/ 29].
[الحجة للقراء السبعة: 3/109]
قال: ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنّها بالتاء قوله: تحسبن مسند إلى الفاعل المخاطب، والذين قتلوا المفعول الأول، والمفعول الثاني قوله: أمواتا. فقد استوفى الحسبان فاعله ومفعوليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/110] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يحسبن الّذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم}
قرأ حمزة {لا تحسبن الّذين كفروا} بالتّاء خطاب للنّبي صلى الله عليه وموضع الّذين نصب المفعول الأول من {تحسبن} و{كفروا} صلته و{إنّما} مع ما بعدها في موضع المفعول الثّاني لأن حسب يتعدّى إلى مفعولين تقول حسبت زيدا منطلقًا ولا يجوز حسبت زيدا وإنّما فتحت {إنّما} لأن الفعل واقع عليها قال الزّجاج قوله أنما نملي يجوز على البدل من الّذين المعنى لا تحسبن إملاءنا للّذين كفروا خيرا لهم
وقرأ الباقون {ولا يحسبن} بالياء إخبار عن الّذين كفروا فموضع الّذين رفع بفعلهم والمحسبة واقعة على {إنّما} ونابت عن الاسم والخبر تقول حسبت أن زيدا منطلق فاسم إن وخبرها سد مسد المفعولين وتقدير الكلام لا يحسبن الّذين كفروا إملاءنا خيرا لهم). [حجة القراءات: 182]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (97- قوله: {ولا يحسبن الذين كفروا} قرأه حمزة بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
ووجه القراءة بالياء أنه أسند الفعل إلى {الذين كفروا} فهم الفاعلون، وكان ذلك أولى، لتقدم ذكرهم قبل الآية، وقوله: {إنما نملي} يسد مسد مفعولي حسب، و«ما» في {إنما} بمعنى «الذي»، والهاء محذوفة من {نملي} لأنه صلة الذي، ولك أن تجعل «ما» وما بعدها مصدرًا، فلا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/365]
تقدر حذف هاء، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أن الذي نملي لهم خير لأنفسهم، وإن شئت كان التقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أن الإملاء خير لهم.
98- ووجه القراءة بالتاء أنه جعل الفعل خطابًا للنبي عليه السلام، فهو الفاعل، و{الذين كفروا} مفعول أول «يحسب»، و«إنما» وما بعدها بدل من «الذين» في موضع نصب، فيسد مسد المفعولين كما يسد لو لم يكن بدلًا، و«ما» بمعنى «الذي»، والهاء محذوفة من «نملي» ـ والتقدير: ولا تحسبن يا محمد الذين كفروا أن الذي نمليه لهم خير لأنفسهم، فيؤول التقدير: إذا حذف المبدل منه، إلى: ولا تحسبن يا محمد أن الذي نمليه للذين كفروا خير لهم، ولا تحسب، أن تجعل «ما» إلى: ولا تحسبن يا محمد أن الذي نمليه للذين كفروا خيرًا لهم، ولا تحسبن، أن تجعل «ما» والفعل مصدرًا، على هذه القراءة؛ لأن المفعول الثاني في هذا الباب، هو الأول في المعنى، والإملاء غير الذين كفروا، إلا أن تقدّر مع المفعول الأول حذف مضاف، هو الإملاء في المعنى، فيكون التقدير: ولا تحسبن يا محمد شأن الذين كفروا الإملاء هو خير لهم، أو تضمر «حال الذين كفروا»، أو «أمر الذين كفروا»، ونحوه، مما يكون الإملاء خيرًا لهم فيه، ويجوز، في القراءة بالياء، أن يكون الفعل للنبي كالتاء على تقدير: ولا يحسبن محمد الذين كفروا أنما نملي لهم، فتكون القراءتان بمعنى واحد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/366]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (47- {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آية/ 178]:-
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} و{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} {فَلا يَحْسِبُنَّهُمْ} بالياء في ذلك كله وضم الباء في {يَحْسِبُنَّهُمْ}.
وقرأ نافع وابن عامر {فَلاَ تَحْسِبَنَّهُمْ} بالتاء وفتح الباء، والباقي بالياء.
وقرأ حمزة كل ذلك بالتاء.
وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب حرفين بالياء {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ}، والباقي بالتاء، وفتح الباء من {تَحْسَبنّهم}.
وفتح السين في ذلك كله ابن عامرٍ وعاصم وحمزة، وكسرها الباقون.
أما من قرأ بالياء وهو ابن كثير وأبو عمرو، فإنه أسند الفعل إلى {الَّذِينَ}
[الموضح: 392]
فيرتفع {الَّذِينَ} بأنه فاعل يحسبن، وقوله تعالى {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ} قام مقام مفعولي {يحسبنّ}؛ لأن أفعال الظن إذا وقع بعدها أن وما يعمل فيه، كان سادًا مسد المفعولين نحو: ظننت أن زيدًا عالم.
وأما قوله تعالى {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} فالذين يبخلون فاعل يحسبن، والمفعول الأول محذوف يدل عليه {يَبْخَلُونَ} والتقدير: ولا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيرًا، فدل {يَبْخَلُونَ} على البخل، كقول القائل:-
22- إذا نهي السفيه جرى إليه = وخالف والسفيه إلى خلاف
أي جرى إلى السفه.
وقوله {هُوَ} فصل، يسميه الكوفيون عمادًا، ولا موضع له من الإعراب.
وأما قوله تعالى {لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآية، فالذين رفع بأنه فاعل {يَحْسَبَنَّ}، والمفعول الأول محذوف يدل عليه الهاء والميم في {تحسبنّهم بِمَفَازَةٍ}؛ لأن {تحسبَنّهم} بدل من {تحسبَنَّ} الأول، والتقدير: لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا، أنفسهم بمفازةٍ من العذاب، وقوله {فَلا تحسبنّهم} بدل من الأول، ولهذا ضم الباء من ضمه في هذه القراءة؛ لأنه أراد: فلا يحسبوا أنفسهم بمفازةٍ، يعني الذين يفرحون، فهو مسند إلى ضمير الذين المتقدم، وهو جمع، وما قبل ضمير الجماعة في مثل هذا لا يكون إلا مضمومًا، لتدل الضمة على الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين.
[الموضح: 393]
وأما قراءة نافع وابن عامر {فلا تحسبَنّهم} بالتاء وفتح الباء، والباقي بالياء، فإن الفعل عندهما في {تحسبنّهم} مسند إلى المخاطب، والمفعولان اللذان يلزمان في باب الظن محذوفان في قوله تعالى {لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} بدلالة ما ذكر من بعد عليهما، ولا يجوز أن يكون {فلا تحسبنّهم} بدلاً من {تحسبنّ} الأول في هذه القراءة لاختلاف فاعليهما و«هم» في {لا تحسبنّهم} مفعول أول له، و{بمفازةٍ} مفعول ثانٍ.
وأما قراءة حمزة بالتاء في الجميع وبفتح الباء في {لا تحسبَنّهم}، فإنه أسند الفعل في الجميع إلى المخاطب و{الذين} في موضع النصب بأنه المفعول الأول، فقوله تعالى {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ} لا يجوز أ، يفتح {إنَّما} على هذه القراءة؛ لأن إملاءهم لا يكون إياهم، ولا يجوز إلا كسر إن على أن يكون إن وما بعدها في موضع المفعول الثاني من {يحسبن}.
وأما قوله {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} في هذه القراءة، فإن المفعول الثاني الذي يقتضيه يحسبن محذوف؛ لأن قوله {فلا تحسبنّهم بمفازةٍ من العذاب} يدل عليه، ويجوز أن يجعل {تحسبنّهم} بدلاً من {تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} يدل عليه، ويجوز أن يجعل {تحسبنّهم} بدلاً من {تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ}، كما جاز ذلك في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاتفاق فعلي الفاعلين، والفاء زائدة.
وأما قوله {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} على هذه القراءة، فإن التقدير: ولا تحسبن بخل الذين يبخلون، وهو المفعول الأول، ليكون هو والمفعول الثاني سواء، وهو قوله {خيرًا لهم} فحذف المضاف الذي هو بخل، وأقيم المضاف إليه مقامه، فانتصب انتصابه.
وأما قراءة عاصم والكسائي ويعقوب في الحرفين بالياء، والباقي بالتاء، فقد تقدم ذكر وجههما.
[الموضح: 394]
وأما فتح السين في تحسب وكسرها، فقد ذكر في آخر سورة البقرة). [الموضح: 395]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #55  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (179) إلى الآية (180) ]

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)}

قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حتّى يميز الخبيث من الطّيّب... (179)
و: (ليميز).
قرأ حمزة والكسائي والحضرمي: (حتّى يميّز) و: (ليميّز) بضم الياء والتشديد، وقرأ الباقون: (حتّى يميز) و: (ليميز) بالتخفيف وفتح الياء.
قال أبو منصور: يقال: ميّزت الشيء من الشيء فتميّز، إذا خلصته منه، والمعنى: أن المؤمنين هم الطيّب، ميّزهم الله من الخبيث، وهم المشركون، أي: خلصهم.
ومن قرأ (حتى يميز) فهو من مزته أميزه
[معاني القراءات وعللها: 1/284]
ميزًا، فهو مميز، بمعنى ميّزت.
ويقال: مزته فامتاز وأماز، وميزته فتميّز، قال الله جلّ وعزّ: (وامتازوا اليوم أيّها المجرمون)، أي: تميزوا من المؤمنين فإنكم وقود النار، والمؤمنون للجنة). [معاني القراءات وعللها: 1/285]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (67- وقوله تعالى: {حتى يميز الخبيث من الطيب} [179].
قرأ حمزة والكسائي {حتى يميز} مشددة.
وقرأ الباقون مخففة، وهما لغتان، ماز يميز وميز يميز). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/124]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء والتخفيف وضمّها والتّشديد من قوله عز وجل: حتى يميز [آل عمران/ 179] وليميز الله الخبيث [الأنفال/ 37].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: حتى يميز وليميز الله الخبيث بفتح الياء والتخفيف. وقرأ حمزة والكسائي حتى يميز وليميز الله بضمّ الياء والتشديد.
[قال أبو علي]: قال يعقوب: مزته، فلم ينمز، وزلته فلم ينزل، وأنشد أبو زيد:
[الحجة للقراء السبعة: 3/110]
لمّا ثنى الله عنّي شرّ عزمته... وانمزت لا مسئيا
ذعرا ولا وجلا [مسئيا من قول ذي الرّمّة:
... بعيد السأو مهيوم والسأو: هو الهمّة.
تقول: لا أذعر ولا أهم بالذعر. فمزت وميّزت لغتان]، وليس ميّزت بمنقول من مزت كما أنّ غرّمته منقول من غرم، يدلّك على ذلك أنّه لا يخلو تضعيف العين في ميّز من أن يكون لغة في ماز، أو يكون تضعيف العين لنقل الفعل، كما أنّ الهمزة في أقمته له، فالذي يدلّ على أنّه ليس للنقل، كما أن غرّمته للنّقل، أنّه لو كان للنّقل للزم أن يتعدّى ميّزت إلى مفعولين، كما أنّ غرّمت يتعدى إلى مفعولين، تقول: غرّمت زيدا مالا. وفي أنّ ميّزت لا يتعدّى إلى مفعولين إلّا بحرف جر نحو قولهم: ميّزت
[الحجة للقراء السبعة: 3/111]
متاعك بعضه من بعض، دلالة بيّنة على أنّ تضعيف العين ليس للنّقل. ومثل ميّزت في أنّ التضعيف فيه ليس للتعدية إنّما هو لغير هذا المعنى، الهمزة في قولهم: ألقيت ألا ترى أنّ الهمزة فيه ليست لنقل الفعل من فعل إلى أفعل ليزيد في الكلام مفعول؟ إنّما ألقيت بمنزلة أسقطت، ولو كان منقولا من لقي لتعدّى إلى مفعولين، لأنّ لقي يتعدّى إلى مفعول في قولك: لقيت زيدا، ولو كانت الهمزة في ألقيت للنقل لتعدّى إلى مفعولين. وفي قولهم:
ألقيت متاعك بعضه على بعض وتعدّيه إلى المفعول الثاني بالجارّ دلالة على أنّ ألقيت ليس للنقل من لقي، وأنّ ألقيت بمنزلة أسقطت في تعدي ألقيت إلى مفعول واحد كما أنّ أسقطت يتعدّى إلى مفعول واحد، ولا يتعدّى إلى مفعول ثان، إلّا بحرف الجرّ، كما أنّ أسقطت لا يتعدّى إلى مفعول ثان إلّا بحرف الجرّ، كقولك: أسقطت متاعك بعضه على بعض. ومثل ميّز في أنّ التضعيف فيه ليس للتعدي قولهم: عوّض، فالتضعيف فيه ليس للنقل، ولو كان للنقل من عاض، لتعدّى إلى ثلاثة مفعولين لأنّ عاض يتعدّى إلى مفعولين يدلّك على ذلك ما أنشده الأصمعي:
عاضها الله غلاما بعد ما... شابت الأصداغ والضرس نقد
[الحجة للقراء السبعة: 3/112]
وتقول: عوّضت زيدا مالا، فعوّض وعاض لغتان كما أنّ ميّز وماز لغتان، كلّ واحد منهما في معنى الآخر، ليس عوّض منقولا من عاض، كما أنّ ميّز ليس بمنقول من ماز. وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا، فكلتا القراءتين حسنة، لأنّ ماز فعل متعد إلى مفعول واحد، كما أنّ ميّز كذلك. ولقولهم: ماز من المزية أنّ أكثر القراء عليها، وكثرة القراءة بها يدلّ على أنّها أكثر في استعمالهم). [الحجة للقراء السبعة: 3/113]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حتّى يميّز الخبيث من الطّيب}
قرأ حمزة والكسائيّ {حتّى يميّز الخبيث} بالتّشديد من قولك ميزت بين الشّيئين أميز تمييزا إذا خلصته كما تقول فرقت بينهما أفرق تفريقا
وقرأ الباقون {حتّى يميّز الخبيث} بالتّخفيف من مزت الشّيء وأنا أميز ميزا وحجتهم قوله {الخبيث من الطّيب} والتّشديد إنّما يدخل في الكلام للتكثير قال أبو عمرو لا يكون يميّز
[حجة القراءات: 182]
بالتّشديد إلّا كثيرا من كثير فأما واحد من واحد ف يميّز على معنى يعزل
وحجّة التّشديد أن العرب للمشدد أكثر استعمالا وذلك أنهم وضعوا مصدر هذا الفعل على معنى التّشديد فقالوا فيه التّمييز ولم يقولوا الميز فدلّ استعمالهم المصدر على بنية التّشديد فتأويل الكلام حتّى يميّز جنس الخبيث من جنس الطّيب). [حجة القراءات: 183]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (105- قوله: {حتى يميز}، {وليميز} قرأه حمزة والكسائي بضم الياء والتشديد هنا وفي الأنفال، وقرأ الباقون بفتح الياء، والتخفيف فيهما، وهما لغتان، يقال: مازَ يميز، مثل كال يكيل، وميّز يميز مثل: قتل يقتل، وفي التشديد معنى التكثير، يقال: ميزت الطعام فتميّز، وليس التشديد في هذا لتعدي الفعل كـ «كرم وكرمت»؛ لأنه لم يتعد بالتشديد، لأنك تقول: مزت المتاع، وميّزت المتاع، فلا يحدث التشديد تعديًا لم يكن في التخفيف، فالقراءتان بمعنى التخفيف أحب إلي؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/369]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (48- {حَتَّى يُمَيِّزَ} [آية/ 179]:-
بضم الياء وتشديد الياء الثانية، قرأها حمزة والكسائي ويعقوب، وكذلك في الأنفال {لِيُمَيِّزَ الله}.
وهو من ميز يميز تمييزًا، أي فصل وأبان.
وقرأ الباقون {لِيَمِيزَ} بفتح الياء وبالتخفيف في السورتين.
وهو من ماز يميز ميزًا، إذا فصل، وهو بمعنى ميز سواء، وليس ميز بمنقول من ماز، إذ لو كان كذلك لتعدى إلى مفعولين، وليس كذلك، بل يتعدى كلاهما إلى مفعولٍ واحدٍ). [الموضح: 395]

قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين كفروا... (178)
و: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون)
و: (لا تحسبنّ الّذين يفرحون)... (فلا تحسبنّهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو أربعهن بالياء، وقرأ نافع وابن عامر ثلاثًا بالياء وواحدة بالتاء، وهو قوله: (فلا تحسبنّهم)، وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب: (ولا يحسبنّ الّذين كفروا) و(لا يحسبنّ الّذين يبخلون) بالياء، والأخريين بالتاء.
وقرأ حمزة كلهن بالتاء، وكل من قرأ (فلا تحسبنّهم) بالتاء فتح الباء، ومن قرأ بالياء ضم الباء (فلا يحسبنّهم).
[معاني القراءات وعللها: 1/282]
قال محمد بن يزيد: من قرأ (يحسبنّ) يفتح (أن)، وكانت تنوب عن الاسم والخبر، يقول: (حسبت أنّ زيدًا منطلق)، ويقبح الكسر مع الياء، وهو مع قبحه جائز.
ومن قرأ (لا تحسبنّ الّذين كفروا) لم يجز عند البصريين إلا كسر ألف (إن)، المعنى: لا تحسبن الذين كفروا إملاؤنا خير لهم.
ودخلت (إن) مؤكدة، وإذا فتحت صار المعنى: ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا.
قال أبو منصور: الفتح جائز مع الياء عند غيره من النحويين، وهو على البدل من (الذين)، المعنى: لا يحسبن إملاءنا الذين كفروا خيرًا لهم.
وقد قرأ بهذه القراءة جماعة.
وقراءتهم دليل على جوازها، ومثله قال الشاعر:
فما كان قيسٌ هلكه هلك واحدٍ... ولكنه بنيان قومٍ تهدّما
[معاني القراءات وعللها: 1/283]
يجوز هلك واحد، وهلك واحد، فمن رفع قوله (هلكه) ابتداءً جعل هلك واحدا خبر الابتداء، ويسدّان معًا مسدّ الخبر.
ومن جعل (هلكه) بدلا من قوله (قيسٌ) نصب (هلك واحد) المعنى: ما كان هلكه هلك واحد.
وقال الفراء: من قرأ (ولا تحسبنّ الّذين كفروا أنّما) قال: هو على التكرير: لا تحسبنهم لا تحسبن أنما نملي لهم.
قال: وهو مثل قوله: (هل ينظرون إلّا السّاعة أن تأتيهم) على التكرير: هل ينظرون إلا أن تأتيهم). [معاني القراءات وعللها: 1/284] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّه بما تعملون خبيرٌ (180)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: (بما يعملون) بالياء -، وقرأ الباقون: بالتاء.
التاء للخطاب، والياء للغيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/285]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (64- وقوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون} [180].
قرأ حمزة وحده بالتاء.
والباقون بالياء. فمن قرأ بالياء فموضع {الذين} رفع، و{يبخلون} صلة {الذين} والمفعول الأول مصدر دل عليه الفعل، والتقدير: ولا يحسبن الذين يبخلون بُخلهم خيرًا لهم.
ومن قرأ بالتاء فـ {الذين} في موضع نصب، وهو المفعول الأول، {وخيرًا} المفعول الثاني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/124]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (65- وقوله تعالى: {والله بما تعملون خبير} [180].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء؛ إخبارًا عن الكفرة.
وقرأ الباقون بالتاء، أي: والله بما تعملون أنتم وهم خبير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/124]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (68- وقوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يفرحون} [180]
قرأ أهل الكوفة بالتاء.
والباقون بالياء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {فلا يحسبنهم} بالياء وضم الباء وفيه جوابان:
أحدهما: أن يكون الفعل لمحمد صلى الله عليه وسلم، والهاءُ كناية عن الكفرة.
والثاني: فلا يحسب الكفار أنفسهم.
ومن قرأ بالتاء أي: فلا تَحسبنهم يا محمد بمفازة من العذاب أي: بِبُعْدٍ من النار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/125]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعز]: ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ولا يحسبن الذين كفروا بالياء، ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم [آل عمران/ 188] بضمّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/100]
الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كل القرآن.
وقرأ نافع وابن عامر ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] لا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] كل ذلك بالياء فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بالتاء وفتح الباء غير أنّ نافعا كسر السين وفتحها ابن عامر. وقرأ حمزة: ولا تحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا تحسبن الذين يفرحون... فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء. وقرأ عاصم والكسائي كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فإنّهما بالياء غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي. ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنها بالتاء.
قال أبو علي: قراءة ابن كثير وأبي عمرو، ولا يحسبن الذين كفروا* [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون
[الحجة للقراء السبعة: 3/101]
[آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم بضم الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كلّ القرآن.
[قال أبو علي]: الذين في هذه الآي في قراءتهما:
رفع بأنّه فاعل يحسب، وإذا كان الذي في الآي فاعلا اقتضى حسب مفعولين، لأنّها تتعدى إلى مفعولين، أو إلى مفعول يسد مسدّ المفعولين، وذلك إذا جرى في صلة ما يتعدى إليه ذكر الحديث والمحدّث عنه نحو: حسبت أنّ زيدا منطلق، وحسبت أن تقوم، فقوله: أنما نملي لهم خير لأنفسهم [آل عمران/ 178] قد سدّ مسدّ المفعولين اللذين يقتضيهما يحسبنّ. وكسر إنّ في قول من قرأ: يحسبن بالياء لا ينبغي، وقد قرئ فيما حكاه غير أحمد بن موسى. ووجه ذلك أنّ «إنّ» يتلقّى بها القسم كما يتلقّى بلام الابتداء، ويدخل كلّ واحد منهما على الابتداء والخبر فكسر إنّ بعد يحسبنّ، وعلّق عليها الحسبان كما يعلّق باللّام. فقال: لا يحسبن الذين كفروا إنما نملي [آل عمران/ 178] كما قال: لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خير لهم. وما تحتمل ضربين أحدهما: أن تكون بمعنى الذي فيكون التقدير: لا يحسبنّ الذين كفروا أنّ الذي نمليه خير لأنفسهم، والآخر: أن يكون ما نملي بمنزلة الإملاء فيكون مصدرا، وإذا كان مصدرا، لم يقتض راجعا إليه. وقال أبو الحسن: المعنى: ولا يحسبنّ الذين كفروا أنّ ما نملي لهم ليزدادوا إثما، إنّما نملي لهم خير لأنفسهم. وأمّا قوله: ولا يحسبن الذين
[الحجة للقراء السبعة: 3/102]
يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180] فالذين يبخلون فاعل يحسبنّ والمفعول الأول محذوف من اللفظ لدلالة اللفظ عليه، وهو بمنزلة قولك: من كذب كان شرا له، أي:
الكذب، فكذلك: لا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيرا لهم، فدخلت هو فصلا، لأنّ تقدّم يبخلون بمنزلة تقدّم البخل، فكأنّك قلت: لا يحسبنّ الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم. فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فلا تحسبنهم فالذين في موضع رفع بأنّه فاعل يحسب، ولم توقع يحسبنّ على شيء. قال أبو الحسن لا يعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء، لأنّه لم يوقعه على شيء، ونرى أنّه لم يستحسن أن لا يعدّى حسبت، لأنّه قد جرى مجرى اليمين في نحو: علم الله لأفعلنّ.
ولقد علمت لتأتينّ منيتي.......
وظننت ليسبقنّني، وظنوا ما لهم من محيص [فصلت/ 48] فكما أنّ القسم لا يتكلّم به حتى يعلّق بالمقسم عليه، كذلك ظننت وعلمت، في هذا الباب.
وأيضا فإنّه قد جرى في كلامهم لغوا، وما جرى [في
[الحجة للقراء السبعة: 3/103]
كلامهم] لغوا لا يكون في حكم الجمل المفيدة، ومن ثمّ جاء نحو:
وما خلت أبقى بيننا من مودّة... عراض المذاكي المسنفات القلائصا
إنّما هو وما أبقى بيننا، وكذلك قال الخليل: تقول: ما رأيته يقول ذاك إلّا زيد، وما أظنّه يقول ذاك إلّا عمرو، فهذا يدلّك أنّك انتحيت على القول، ولم ترد أن تجعل زيدا موضع فعلك كضربت وقتلت. ولذلك لم يجر الشرط مجرى الجمل في نحو:
إن تفعل، لأنّ الشرط بمنزلة القسم، والجزاء بمنزلة المقسم عليه، ولذلك فصل بالشرط بين أمّا وجوابها في نحو وأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلام لك [الواقعة/ 91] ولو كان بمنزلة الجمل لم يجز به الفصل. ووجه قول ابن كثير وأبي عمرو في أن لم يعدّيا حسبت إلى مفعوليه اللذين يقتضيهما أنّ يحسب في قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب [آل عمران/ 188] لمّا جعل بدلا من الأول،
[الحجة للقراء السبعة: 3/104]
وعدّي إلى مفعوليه استغنى بهما عن تعدية الأول إليهما، كما استغنى في قوله:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
بتعدية أحد الفعلين إلى المفعولين عن تعدية الآخر إليهما فإن قلت: كيف يستقيم، تقدير البدل في قوله: لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا... فلا تحسبنهم بمفازة [آل عمران/ 188].
وقد دخلت الفاء بينهما ولا يدخل بين البدل والمبدل منه الفاء؟ فالقول أنّ الفاء زائدة، يدلّك على أنّها لا يجوز أن تكون التي تدخل على الخبر، أنّ ما قبل الفاء ليس بمبتدإ، فتكون الفاء خبره، ولا تكون العاطفة لأنّ المعنى: لا يحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا أنفسهم بمفازة من العذاب. فإذا كان كذلك لم يجز تقدير العطف لأنّ الكلام لم يستقل بعد، فيستقيم فيه تقدير العطف.
فأمّا قوله: فلا يحسبنهم فإنّ فعل الفاعل الذي هو يحسبنّ تعدّى إلى ضميره، وحذفت واو الضمير لدخول النون
[الحجة للقراء السبعة: 3/105]
الثقيلة. فإن قلت: هلّا لم يحذف الواو من يحسبون، وأثبتها كما ثبتت في: تمودّ الثوب، وأ تحاجوني [الأنعام/ 80] ونحو ذلك، مما يثبت فيه التقاء الساكنين لما في الساكن الأوّل من زيادة المدّ التي تقوم مقام الحركة، فالقول فيه أنّه حذفت كما حذفت مع الخفيفة، ألا ترى أنّك لو قلت: لا يحسبن زيدا ذاهبا، لزمك الحذف، فأجرى الثقيلة مجرى الخفيفة لهذا. وقوله: بمفازة من العذاب في موضع المفعول الثاني وفيه ذكر للمفعول الأوّل. وفعل الفاعل في هذا الباب يتعدّى إلى ضمير نفسه، نحو:
ظننتني أخاه، لأنّ هذه الأفعال لمّا كانت تدخل على الابتداء والخبر أشبهت إنّ وأخواتها في دخولهنّ على الابتداء والخبر [كدخول هذه الأفعال عليهما وذلك قولك]: ظننتني ذاهبا، كما تقول:
إنّي ذاهب. ومما يدلّك على ذلك قبح دخول اليقين عليها، لو قلت: أظنّ نفسي تفعل كذا لم يحسن كما يحسن أظنّني فاعلا.
قال: وقرأ نافع وابن عامر: ولا يحسبن الذين كفروا ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180].. ويفرحون [آل عمران/ 188] كلّ ذلك بالياء. فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/106]
قراءتهما في ذلك مثل قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقد مرّ القول فيها إلّا في قوله: فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
والمفعولان اللذان يقتضيهما الحسبان في قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا محذوفان، لدلالة ما ذكر من بعد عليهما، ولا يجوز البدل، كما جاز البدل في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاختلاف الفعلين باختلاف فاعليهما.
قال: وقرأ حمزة ولا تحسبن الذين كفروا ولا تحسبن الذين يفرحون فلا تحسبنهم بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء.
قوله: الذين كفروا في موضع نصب بأنّه المفعول الأول. والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى، فلا يجوز إذا فتح إنّ في قوله: ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم، لأنّ إملاءهم لا يكون إياهم. فإن قلت: فلم لا يجوز الفتح في أنّ، وتجعله بدلا من الذين كفروا كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] وكما كان أنّ من قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7]. [بدلا من إحدى الطائفتين] قيل: لا يجوز ذلك لأنّك إذا أبدلت أنّ من الذين كفروا، كما أبدلت أنّ من إحدى الطائفتين لزمك أن تنصب خيرا على تقدير: لا تحسبنّ إملاء الذين كفروا خيرا لأنفسهم من حيث
[الحجة للقراء السبعة: 3/107]
كان المفعول الثاني: لتحسبنّ وقيل: إنّه لم ينصبه أحد. فإذا لم ينصب علمت أنّ البدل فيه لا يصح، فإذا لم يصح البدل [لم يجز فيه إلّا كسر إنّ] ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم خير لأنفسهم على أن تكون إنّ وخبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبنّ. فأمّا قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فحذف المفعول الذي يقتضيه تحسبنّ، لأنّ ما يجيء من بعد من قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب يدلّ عليه، ويجوز أن تجعل تحسبنهم بدلا من تحسبن، كما جاز أن تجعل يحسبنهم بدلا من يحسبن الذين يفرحون في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاتفاق فعلي الفاعلين. وقد قدّمنا أنّ الفاء زائدة، والقول فيها أنّها لا تخلو من أن تكون للعطف، أو للجزاء، أو زائدة، فإن كانت للعطف فلا يخلو من أن تعطف جملة على جملة، أو مفردا على مفرد، وليس هذا موضع العطف، لأنّ الكلام لم يتمّ، ألا ترى أنّ المفعول الثاني لم يذكر بعد؟ ولا يجوز أيضا أن تكون للجزاء كالتي في قوله: وما بكم من نعمة فمن الله [النحل/ 53] ونحوها، لأنّ تلك تدخل على ما كان خبرا من الجمل، لأنّ أصلها أن تدخل في الجزاء، وهي جملة خبر، وليس ما دخلت عليه الفاء في الآية بجملة، إنّما هو فضلة، ألا ترى أنّ مفعولي حسبت فضلة؟ فإن قلت: إنّ أصلهما أن يكونا خبرا، فإنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/108]
ذلك الأصل قد زال بكونهما فضلة، كما زال في قولك: ليت الذي في الدار منطلق، عن أن يكون خبرا بدخول ليت، وكذلك قد زال بدخول حسبت عليهما أن يكون جملة، ويدلّك على ذلك أنّك تقول: حسبت زيدا اليوم منطلقا. فتفصل بينهما باليوم الذي هو ظرف حسبت، ولو كان الكلام باقيا على ما كان عليه قبل دخول الظنّ، لم يجز أن تفصل بينهما بأجنبي منهما، فإذا لم يجز أن تكون للعطف ولا للجزاء، ثبت أنّها زائدة قال: وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي قال: وقرأ عاصم والكسائي: كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون، ولا يحسبن الذين كفروا فإنّهما بالياء، غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي.
قد تقدّم القول في ولا يحسبن الذين يبخلون فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم [آل عمران/ 178] فالوجه فتح أنّ لأنّها تسدّ مسدّ المفعولين، كما سدّ الفعل والفاعل مسدّهما لمّا جرى ذكرهما في الصلة في نحو قوله: أحسب الناس أن يتركوا [العنكبوت/ 29].
[الحجة للقراء السبعة: 3/109]
قال: ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنّها بالتاء قوله: تحسبن مسند إلى الفاعل المخاطب، والذين قتلوا المفعول الأول، والمفعول الثاني قوله: أمواتا. فقد استوفى الحسبان فاعله ومفعوليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/110] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: والله بما يعملون خبير [آل عمران/ 180] بالياء وقرأ الباقون بالتاء.
[قال أبو علي]: القول في ذلك أنّ من قرأ بالياء أتبعه ما قبله، وهو على الغيبة، وذلك قوله: سيطوقون [آل عمران/ 180] والله بما يعملون خبير [آل عمران/ 180] من منعهم الحقوق من أموالهم فيجازيهم عليه، ومن قرأ بالتاء فلأنّ قبله خطابا، وهو قوله: وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم [آل عمران/ 179] والله بعملكم المرضيّ خبير فيجازيكم عليه، فالغيبة أقرب إليه من الخطاب). [الحجة للقراء السبعة: 3/113]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يحسبن الّذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شرّ لهم سيطوقون ما بخلوا به} {والله بما تعملون خبير} 180
قرأ حمزة (ولا تحسبن الّذين يبخلون) بالتّاء خطاب للنّبي صلى الله عليه ف الّذين في موضع نصب على المفعول الأول و{خيرا لهم} المفعول الثّاني قال أحمد بن يحيى الوجه عندنا بالتّاء ليكون للمحسبة اسم وخبر فيكون {الّذين} نصبا باسم المحسبة و{هو خيرا لهم} خبرا والمعنى لا تحسبن بخل الباخلين خيرا لهم فأقام الباخلين مقام بخلهم وإذا قرأت بالياء لم تأت للمحسبة باسم فلذلك اخترنا التّاء
وقرأ الباقون {ولا يحسبن} بالياء موضع {الّذين} رفع و{يبخلون} صلة الّذين والم الأول مصدر محذوف وهو البخل دلّ {يبخلون} عليه المعنى ولا يحسبن الّذين يبخلون
[حجة القراءات: 183]
البخل هو خيرا لهم فحذف المفعول الأول واجتزئ ب يبخلون عن البخل كما يقال من صدق كان خيرا له ومن كذب كان شرا تريد كان الصدق خيرا وكان الكذب شرا قال الفراء إنّما {هو} عماد يقال فأين اسم هذا العماد قيل مضمر معناه لا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم فاكتفى بذكر يبخلون من البخل كما قال الشّاعر
إذا نهي السّفيه جرى إليه ... وخالف والسّفيه إلى خلاف
يريد جرى إلى السّفه ولم يذكر السّفه ولكن دلّ السّفيه على السّفه فكذلك دلّ يبخلون على البخل
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (والله بما يعلمون خبير) بالياء إخبار عن الكفرة وحجتهما قوله {سيطوقون ما بخلوا به}
وقرأ الباقون {بما تعملون خبير} التّاء أي أنتم وهم وحجتهم قوله قبلها {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} ). [حجة القراءات: 184]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (99- قوله: {ولا يحسبن الذين يبخلون} قرأه حمزة وحده بالتاء كالأول، وقرأ الباقون بالياء كالأول.
100- ووجه القراءة بالياء أنه أضيف الفعل إلى ما بعده، وهم «الذين
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/366]
يبخلون»، فهم الفاعلون، ورد الفعل على ما قبله من الغيبة، في قوله: {ولا يحسبن الذين كفروا}، والمفعول الأول لـ «يحسب» محذوف. والتقدير: ولا يحسبن الذين يبخلون البخل خيرًا لهم، فحذف البخل لدلالة «يبخلون» عليه، ويجوز أن يكون الفعل للنبي عليه السلام على معنى: ولا يحسبن محمد الذين يبخلون، على حذف مضاف أيضًا، أي: ولا يحسبن محمد بخل الذين يبخلون هم خير لهم.
101- ووجه القراءة بالتاء أنه على الخطاب للنبي عليه السلام، فهو الفاعل، و{الذين يبخلون} مفعول بهم أول، على تقدير حذف مضاف، أي: بخل الذين، ولابد من الإضمار في القراءتين جميعًا، ليكون المفعول الثاني هو الأول في المعنى، لأن «الذين» غير خبر، ولابد من إضمار شيء يكون هو خبرًا في المعنى؛ لأن «الذين» غير خبر، ولابد من إضمار شيء يكون هو خبرًا في المعنى والنفي إنما وقع على ان البخل ليس هو «خيرًا» لهم و«خيرًا» هو المفعول الثاني، وهو فاصلة لا موضع لها من الإعراب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/367]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (106- قوله: {بما تعملون خبير} قرأه ابن كثير وأبو عمرو بالياء، رداه على لفظ الغيبة التي قبله، في قوله: {سيطوقون} قوله: {ولا يحسبن الذين يبخلون}، وقرأ الباقون بالتاء، ردوه على الخطاب المكرر الذي قبله في قوله: {وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم} «179» ونوي به التقدم، ليكون أقرب إليه، والتقدير: فلكم أجر عظيم، والله بما تعملون خبير، والتاء أحب إلي، لتكرر لفظ الخطاب الذي قبله، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/369]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (49- {والله بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آية/ 180]:-
بالياء، قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب؛ لأنهم جعلوه تابعًا لما قبله، وهو على الغيبة، وذلك قوله تعالى {سَيُطَوَّقُونَ}.
وقرأ الباقون {تَعْمَلُون} بالتاء، جعلوه موافقًا لقوله تعالى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا
[الموضح: 395]
وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}، والمعنى والله بعملكم المرضي خبير فيجازيكم عليه، على أن الخطاب أبعد منه، والغيبة أقرب). [الموضح: 396]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #56  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (181) إلى الآية (184) ]

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) }

قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سنكتب ما قالوا وقتلهم... ونقول... (181).
قرأ حمزة وحده: (سنكتب ما قالوا) بياء مضمومة، و(قتلهم) و(يقول ذوقوا) بالياء.
وقرأ الباقون: (سنكتب) بالنون: و(قتلهم) نصبا، و(نقول) بالنون.
[معاني القراءات وعللها: 1/285]
قال أبو منصور: من قرأ (قتلهم) فعلى أنه معطوف على (ما قالوا) وهي في موضع الرفع، أي: سيكتب قولهم وقتلهم الأنبياء.
ومن قرأ (وقتلهم) عطفه على (ما قالوا) لأنه مفعول بقوله (سنكتب)، و(قتلهم) معطوف عليه). [معاني القراءات وعللها: 1/286]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (66- قوله تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء} [181].
قرأ حمزة {سيكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياءْ على ما لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون على ما سمي فاعله، لقول الله تعالى: {سنكتب ما قالوا} ونكتب قتلهم الأنبياء، فـــ «ما» موضعها نصب على هذه القراءة، وعلى قراءة حمزة موضعها رفع؛ لأنه اسم ما لم يُسمَّ فاعله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/124]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: سنكتب ما قالوا، وقتلهم الأنبياء بغير حق.... وتقول [آل عمران/ 181] في الياء والنون والرفع والنصب.
فقرأ حمزة وحده: سيكتب ما قالوا بالياء، وقتلهم* رفعا ويقول* بالياء. وقرأ الباقون: سنكتب ما قالوا بالنون وقتلهم نصبا، ونقول بالنون.
قال أبو علي: وجه قراءة من قرأ سنكتب أنّ قبله: لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير [آل عمران/ 181] فالنون هاهنا بعد الاسم الموضوع للغيبة، كقوله: بل الله مولاكم [آل عمران/ 150] ثمّ قال: سنلقي [آل عمران/ 151] ولو قرئ:
سيكتب ما قالوا بالياء لكان في الإفراد كقوله: وقذف في قلوبهم الرعب [الأحزاب/ 26] وقوله: كتب الله لأغلبن أنا [المجادلة/ 21] وقوله: ونقول [آل عمران/ 181] معطوف على سنكتب. ووجه قول حمزة: ويقول* أنّ معنى سيكتب، سيكتب، كما أنّ معنى: كتب عليه أنه من تولاه [الحج/ 4] كتب، ويقوّي سنكتب قوله: وكتبنا عليهم فيها [المائدة/ 45].
وأمّا رفع حمزة وقتلهم* [آل عمران/ 181] فلأنّه عطفه على ما قالوا وهو في موضع رفع بإسناده إلى الفعل المبني للمفعول به.
[الحجة للقراء السبعة: 3/115]
ومن قال: وقتلهم فنصب حمله على سنكتب ما قالوا وهو في موضع نصب بأنّه مفعول به). [الحجة للقراء السبعة: 3/116]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق}
قرأ حمزة (سيكتب ما قالوا) بالياء وضمّها {وقتلهم الأنبياء} بالرّفع على ما لم يسم فاعله {ويقول} بالياء
[حجة القراءات: 184]
وقرأ الباقون {سنكتب ما قالوا} بالنّون أخبر جلّ وعز عن نفسه {وقتلهم الأنبياء} نصب أي ونكتب قتلهم الأنبياء {ونقول} بالنّون). [حجة القراءات: 185]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (107- قوله: {سنكتب ما قالوا وقتلهم} قرأه حمزة «سيكتب» بياء مضمومة «قتلهم» بالرفع، و«يقول» بالياء، وقرأ الباقون «سنكتب» بنون مفتوحة، و«قتلهم» بالنصب و«نقول» بالنون.
108- وحجة من قرأ بالياء أنه أجراه على لفظ الغيبة، وجعله فعلا لم يسم فاعله فـ «ما» في موضع رفع، لأنه مفعول لم يُسم فاعل، فلذلك رفع «وقتلهم» على العطف على «ما » وعطف «ويقول» على «سيكتب» فأجري على الغيبة لتقدم ذكر اسم الله جل ذكره، لكنه أجرى الفعل الثاني على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/369]
ما سمي فاعله، وخالف به الأول، ولو أجراه على الأول لقال: ويقال ذوقوا، وعلته في إجرائه «سيكتب» على ما لم يسم فاعله، ثم بـ «يقول» على ما سمي فاعله، أن الأول وهو «سيكتب» فعل متعد. فلما وجد سبيلًا إلى مفعول، يقوم مقام الفاعل، وهو ما حمله على ما لم يسم فاعله، ولما كان «يقول» لا يتعدى إلى مفعول، وليس معه مفعول، يقوم مقام الفاعل، لم يردّه إلى ما لم يُسم فاعله، إذ لا مفعول في الكلام، يقوم مقام الفاعل، إلا أن يضمر مصدرًا يقوم مقام الفاعل، وذلك تكلف، وفيه بُعد وخروج عن الظاهرة.
109- وحجة من قرأ بالنون أنه ردّه على الإخبار عن الله جل ذكره لما تقدم في قوله: {لقد سمع اله} فنصب به، وعطف {وقتلهم} على «ما» فنصبه، وعطف عليه «ونقول» فجرى كله على الغخبار عن الله جل ذكره، لتقدم ذكر اسمه جل وعز، وهو في القرآن كثير، وهو الاختيار، ليرد الكلام على أوله، ولأن الإجماع عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/370]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (50- {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آية/ 181]:-
مضمومة الياء ومفتوحة التاء، {وَقَتْلُهُمُ} بضم اللام، {وَيَقُولُ} بالياء، قرأها حمزة وحده.
والوجه أن {سَيُكْتَبُ} يفعل، ما لم يسم فاعله، وصلته في موضع رفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، وهو في تقدير المصدر، والمعنى سيكتب قولهم، ولهذا عطف عليه {قَتْلُهُمْ} بالرفع، والفاعل في هذا الفعل هو الله تعالى، وإن جاء على ما لم يسم فاعله، ولهذا قال {وَيَقُولُ} بالياء، والمراد: يقول الله.
وقرأ الباقون {سَنَكْتُبُ} بالنون، {وَقَتْلَهُمُ} نصبًا، {وَنَقُولُ} بالنون.
والوجه أنه على مجيء ضمير اسم الله سبحانه وتعالى بلفظ الجمع على التعظيم، والفاعل هو الله سبحانه وتعالى، ومثله كثير، وكذلك القول بالنون.
ونصب {قَتْلَهُمْ} على أنه مفعول {سَنَكْتُبُ} ). [الموضح: 396]

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه رَوْح عن أحمد عن عيسى أنه كان يقرأ: [بقُرُبان] بضم الراء.
[المحتسب: 1/177]
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون أصله "قُرْبان" ساكنة الراء والضمة فيها إتباع؛ لتعذر فُعُلان في الكلام. وحكى صاحب الكتاب منه السُّلُطان، وذهب إلى أن ضمة اللام إتباع كضمة الراء من القُرُفْصاء؛ وإنما هي القُرْفُصاء بسكون الراء. ومثله من الإتباع ما حكاه من قولهم: مُنْتُن بضم التاء، وهو مُنْحَدُر من الجبل؛ أي: منحدر. وحكى أيضًا: أجُوءُك وأُنْبُؤُك. فأما العَرَقُصان والعَرَتُن فليس إتباعًا؛ لكنه يراد به العريْقُصان بالياء والعَرَنْقُصان يقال أيضًا، فحذفت الياء والنون، وكذلك العرَتُن إنما هو العَرَنْتُن، فحذفت النون. وكذلك العَبَقُر أصله العَبَيْقُر، فحذفت الياء، فهذا طريق حذف وليس طريق إتباع). [المحتسب: 1/178]

قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بالبيّنات والزّبر... (184).
قرأ ابن عامر وحده: (بالبيّنات وبالزّبر)، وكذلك هي في مصاحفهم بالباء.
وقرأ الباقون: (والزّبر) بغير باء.
[معاني القراءات وعللها: 1/286]
قال أبو منصور: إذا أظهرت اسما ثم عطفت عليه اسما فإن شئت عطفته بالباء وإن شئت نويت حذفها، وأما المضمر فلا يعطف عليه إلا بإظهار الخافض). [معاني القراءات وعللها: 1/287]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (68- وقوله تعالى: {بالبينات والزبر} [184]
قرأ ابن عامر {وبالزبر} بالباء، وكذلك في مصاحف أهل الشام، وقرأ الباقون بغير باء، فقال قوم: مررت بزيد وعمرو ومررت بزيد وبعمر سواء. وأما هشام فإنه قرأ {بالكتاب} بزيادة الباء، والباقون بغير زيادة الباء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/125]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن عامر وحده: بالبينات وبالزبر [آل عمران/ 184] بالباء وكذلك في مصاحف أهل الشام، وقرأ الباقون: بالبينات والزبر بغير باء [في الزبر] وكذلك هي في مصاحفهم.
[الحجة للقراء السبعة: 3/113]
قال أبو علي: وجه قراءة من قرأ: بالبينات والزبر أنّ الواو قد أغنت عن تكرير العامل، ألا ترى أنّك إذا قلت: مررت بزيد وعمرو، أشركت الواو عمرا في الباء، فأنت عن تكريرك الباء مستغن، وكذلك إذا قلت: جاءني زيد وعمرو: فالواو: قد.
أشركت عمرا في المجيء، وكذلك جميع حروف العطف. ووجه قول ابن عامر أنّ إعادة الباء، وإن كان مستغنى عنها فإنّه لضرب من التأكيد، ولو لم يكرر لاستغنى بإشراك حرف العطف فممّا جاء على قياس قراءة ابن عامر قول رؤبة:
يا دار عفراء ودار البخدن.
فكرر الدار ولو قلت: دار زيد وعمرو، لأشركت الحرف في الاسم الجار كما تشرك بالباء، فكما كرر الدار كذلك كرر الباء، والدار في شعر رؤبة [دار ] واحدة لهما. ويدلك على ذلك قوله:
أما جزاء العارف المستيقن... عندك إلّا حاجة التفكّن
وكلا الوجهين حسن عربي). [الحجة للقراء السبعة: 3/114]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({جاؤوا بالبيّنات والزبر والكتاب المنير} 184
قرأ ابن عامر {بالبيّنات وبالزبر} بالباء وكذلك هي في مصاحف أهل الشّام
وقرأ الباقون {والزبر} بغير باء
واختلف أهل النّحو في ذلك فقال قوم مررت بزيد وعمرو ومررت بزيد وبعمرو سواء وكذلك {جاؤوا بالبيّنات والزبر} {وبالزبر} وقال الخليل مررت بزيد وعمرو مرورا واحدًا كأنّك مررت بمها في حال واحد فكذلك جاءت الرّسل بالبيّنات والزبر في حال وفي وقت واحد ومررت بزيد وبعمرو مرورين هذا لا يكون في وقت واحد فكذلك قوله {جاؤوا بالبيّنات} ثمّ جاؤوا بالزبر وأراد بالبيّنات المعجزات ثمّ جاؤوا بعد ذلك بالزبر أي بالكتب). [حجة القراءات: 185]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (110- قوله: {والزبر الكتاب} قرأ ابن عامر «وبالزبر» بزيادة باء، وقرأ هشام «وبالكتاب» بزيادة باء، أعاد الحرف للتأكيد، وكذلك هو في مصاحف أهل الشام، وقرأهما الباقون بغير باء، لأن حرف العطف أغنى عن إعادة حرف الجر، كما تقول: مررت بزيد وعمرو وخالد، فلا تعيد حرف الجر فهو المستعمل، وهو أخصر، وإثبات الحرف هو الأصل، إلا أنه ترك استعماله في أكثر القرآن والكلام استخفافًا، ولو لزم تكرير العامل لوجب أن يقول: جاءني زيد وجاءني عمرو وجاءني خالد، وهذا ثقيل، فالواو تغني عن تكرير الفعل، كذلك تغني عن تكرير حرف الجر، وأيضًا فإنهما بغير باء في مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة، وهو الاختيار؛ لأنه المستعمل، ولأنه أخصر، ولأن حرف العطف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/370]
يغني عن إعادة حرف الجر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/371]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (51- {بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ} [آية/ 184]:-
بإعادة الباء في الزبر، قرأها ابن عامر وحده.
وهذه الباء وإن كانت مستغنىً عنها بالباء الأولى الحاصلة في البينات، فإن في إعادتها في المعطوف ضربًا من التأكيد، ولو لم يعدها لاستغنى عنها بإشراك حرف العطف، ولكن فيها ما ذكرت من التأكيد.
وقرأ الباقون {وَالزُبُرِ} بغير ياءٍ؛ لأن الواو قد أغنت بإشراكها عن تكرير العامل، ألا ترى أنك إذا قلت مررت بزيدٍ وعمروٍ، فإن الواو أشركت عمرًا في معنى الباء، فأنت مستغنٍ عن تكرير الباء). [الموضح: 397]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #57  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:36 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (185) إلى الآية (186) ]

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}

قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)}

قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #58  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:38 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (187) إلى الآية (189) ]

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه... (187)
قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بالياء فيهما.
وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأها بالياء فلأنهم غيب، ومن قرأ بالتاء فعلى الخطاب لهم وقد أخذ الميثاق عليهم، والمعنى: أن الله جلّ وعزّ أخذ عليهم الميثاق ليبيّننّ أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فنبذوه وراء ظهورهم ولعنهم). [معاني القراءات وعللها: 1/287]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (69- وقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [187].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بالياء. وحجتهم: {فنبذوه} ردوه على الغيب.
وقرأ الباقون بالتاء، جعلوه حكاية لوقت أخذ الميثاق عليهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/125]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعز]: لتبيننه للناس ولا تكتمونه [آل عمران/ 187].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بالياء فيهما.
وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بالتاء فيهما.
قال أبو علي: حجّة من قرأ بالتاء قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم [آل عمران/ 81] والاتفاق عليه، وكذلك: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله [البقرة/ 83] وقد تقدّم القول في ذلك.
وحجّة من قرأ بالياء أنّ الكلام حمل على الغيبة لأنّهم غيب.
[وقد تقدم القول في ذلك] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/116]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لتبيننه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (ليبيننه للنّاس ولا يكتمونه) بالياء فيهما وحجتهم قوله {فنبذوه} ولم يقل فنبذتموه وبهذا كان يحتج أبو عمرو ويقول الكلام أتى عقيبه بلفظ الخبر
[حجة القراءات: 185]
وهو قوله {فنبذوه} فجعل ما قبله بلفظه ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون بالتّاء بلفظ الخطاب وحجتهم أنه يحكي اللّفظ الّذي خوطبوا به في وقت أخذ الميثاق عليهم والميثاق الّذي أخذ عليهم هو بيان أمر النّبي صلى الله عليه). [حجة القراءات: 186]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (111- قوله: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} قرأ أبو بكر وأبو عمرو وابن كثير بياء فيهما، حملوه على لفظ الغيبة، لأن المخبر عنه غائب، وردوه في الغيبة على ما تقدّم من ذكر الغيبة القريبة منه، في قوله: {الذين أوتوا الكتاب} «186» وعلى ما أتى بعده من لفظ الغيبة، في قوله: {فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلًا فبئس ما يشترون} فجاء كله بلفظ الغيبة، فحمل ما قبله عليه، لينتظم الكلام على سنن واحد، ويأتلف على طريقة واحدة في الغيبة، وقرأ الباقون بالتاء فيهما، حملوه على لخطاب، كما قال: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم} «آل عمران 81» فرجع إلى الخطاب، ولو حمل على ما قبله لقال: آتيتهم، وفي القراءة بالتاء معنى توكيد الأمر لأن التاء للمواجهة، فتقديره: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب، فقال لهم لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وهو الاختيار، لما فيه من معنى التأكيد، ولأن أكثر القراء عليه، والقراءة بالياء حسنة قوية مختارة أيضًا، لكن نفسي تميل إلى الجماعة، لا سيما إذا كان فيهم أهل المدينة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/371]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (52- {لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ} [آية/ 187]:-
بالياء فيهما، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ياش-؛ لأن الكلام على الغيبة وهو قوله: {مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، وهم غيب.
وقرأ الباقون {لَتُبَيِّنُنَّهُ}، {ولا تَكْتُمُونَهُ} بالتاء فيهما، على الخطاب، بإضمار القول؛ أو لأن أخذ الميثاق يتضمن القول، كما قال تعالى: {وَإِذْ
[الموضح: 397]
أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ} وكقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا الله} عند من قرأ بالتاء). [الموضح: 398]

قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين كفروا... (178)
و: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون)
و: (لا تحسبنّ الّذين يفرحون)... (فلا تحسبنّهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو أربعهن بالياء، وقرأ نافع وابن عامر ثلاثًا بالياء وواحدة بالتاء، وهو قوله: (فلا تحسبنّهم)، وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب: (ولا يحسبنّ الّذين كفروا) و(لا يحسبنّ الّذين يبخلون) بالياء، والأخريين بالتاء.
وقرأ حمزة كلهن بالتاء، وكل من قرأ (فلا تحسبنّهم) بالتاء فتح الباء، ومن قرأ بالياء ضم الباء (فلا يحسبنّهم).
[معاني القراءات وعللها: 1/282]
قال محمد بن يزيد: من قرأ (يحسبنّ) يفتح (أن)، وكانت تنوب عن الاسم والخبر، يقول: (حسبت أنّ زيدًا منطلق)، ويقبح الكسر مع الياء، وهو مع قبحه جائز.
ومن قرأ (لا تحسبنّ الّذين كفروا) لم يجز عند البصريين إلا كسر ألف (إن)، المعنى: لا تحسبن الذين كفروا إملاؤنا خير لهم.
ودخلت (إن) مؤكدة، وإذا فتحت صار المعنى: ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا.
قال أبو منصور: الفتح جائز مع الياء عند غيره من النحويين، وهو على البدل من (الذين)، المعنى: لا يحسبن إملاءنا الذين كفروا خيرًا لهم.
وقد قرأ بهذه القراءة جماعة.
وقراءتهم دليل على جوازها، ومثله قال الشاعر:
فما كان قيسٌ هلكه هلك واحدٍ... ولكنه بنيان قومٍ تهدّما
[معاني القراءات وعللها: 1/283]
يجوز هلك واحد، وهلك واحد، فمن رفع قوله (هلكه) ابتداءً جعل هلك واحدا خبر الابتداء، ويسدّان معًا مسدّ الخبر.
ومن جعل (هلكه) بدلا من قوله (قيسٌ) نصب (هلك واحد) المعنى: ما كان هلكه هلك واحد.
وقال الفراء: من قرأ (ولا تحسبنّ الّذين كفروا أنّما) قال: هو على التكرير: لا تحسبنهم لا تحسبن أنما نملي لهم.
قال: وهو مثل قوله: (هل ينظرون إلّا السّاعة أن تأتيهم) على التكرير: هل ينظرون إلا أن تأتيهم). [معاني القراءات وعللها: 1/284] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعز]: ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ولا يحسبن الذين كفروا بالياء، ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم [آل عمران/ 188] بضمّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/100]
الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كل القرآن.
وقرأ نافع وابن عامر ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] لا يحسبن الذين يفرحون [آل عمران/ 188] كل ذلك بالياء فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بالتاء وفتح الباء غير أنّ نافعا كسر السين وفتحها ابن عامر. وقرأ حمزة: ولا تحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] ولا تحسبن الذين يفرحون... فلا تحسبنهم [آل عمران/ 188] بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء. وقرأ عاصم والكسائي كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين كفروا [آل عمران/ 178] فإنّهما بالياء غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي. ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنها بالتاء.
قال أبو علي: قراءة ابن كثير وأبي عمرو، ولا يحسبن الذين كفروا* [آل عمران/ 178] ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180] ولا يحسبن الذين يفرحون
[الحجة للقراء السبعة: 3/101]
[آل عمران/ 188] فلا يحسبنهم بضم الباء في يحسبنهم وكلّهنّ بالياء وكسر السين في كلّ القرآن.
[قال أبو علي]: الذين في هذه الآي في قراءتهما:
رفع بأنّه فاعل يحسب، وإذا كان الذي في الآي فاعلا اقتضى حسب مفعولين، لأنّها تتعدى إلى مفعولين، أو إلى مفعول يسد مسدّ المفعولين، وذلك إذا جرى في صلة ما يتعدى إليه ذكر الحديث والمحدّث عنه نحو: حسبت أنّ زيدا منطلق، وحسبت أن تقوم، فقوله: أنما نملي لهم خير لأنفسهم [آل عمران/ 178] قد سدّ مسدّ المفعولين اللذين يقتضيهما يحسبنّ. وكسر إنّ في قول من قرأ: يحسبن بالياء لا ينبغي، وقد قرئ فيما حكاه غير أحمد بن موسى. ووجه ذلك أنّ «إنّ» يتلقّى بها القسم كما يتلقّى بلام الابتداء، ويدخل كلّ واحد منهما على الابتداء والخبر فكسر إنّ بعد يحسبنّ، وعلّق عليها الحسبان كما يعلّق باللّام. فقال: لا يحسبن الذين كفروا إنما نملي [آل عمران/ 178] كما قال: لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خير لهم. وما تحتمل ضربين أحدهما: أن تكون بمعنى الذي فيكون التقدير: لا يحسبنّ الذين كفروا أنّ الذي نمليه خير لأنفسهم، والآخر: أن يكون ما نملي بمنزلة الإملاء فيكون مصدرا، وإذا كان مصدرا، لم يقتض راجعا إليه. وقال أبو الحسن: المعنى: ولا يحسبنّ الذين كفروا أنّ ما نملي لهم ليزدادوا إثما، إنّما نملي لهم خير لأنفسهم. وأمّا قوله: ولا يحسبن الذين
[الحجة للقراء السبعة: 3/102]
يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم [آل عمران/ 180] فالذين يبخلون فاعل يحسبنّ والمفعول الأول محذوف من اللفظ لدلالة اللفظ عليه، وهو بمنزلة قولك: من كذب كان شرا له، أي:
الكذب، فكذلك: لا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيرا لهم، فدخلت هو فصلا، لأنّ تقدّم يبخلون بمنزلة تقدّم البخل، فكأنّك قلت: لا يحسبنّ الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم. فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فلا تحسبنهم فالذين في موضع رفع بأنّه فاعل يحسب، ولم توقع يحسبنّ على شيء. قال أبو الحسن لا يعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء، لأنّه لم يوقعه على شيء، ونرى أنّه لم يستحسن أن لا يعدّى حسبت، لأنّه قد جرى مجرى اليمين في نحو: علم الله لأفعلنّ.
ولقد علمت لتأتينّ منيتي.......
وظننت ليسبقنّني، وظنوا ما لهم من محيص [فصلت/ 48] فكما أنّ القسم لا يتكلّم به حتى يعلّق بالمقسم عليه، كذلك ظننت وعلمت، في هذا الباب.
وأيضا فإنّه قد جرى في كلامهم لغوا، وما جرى [في
[الحجة للقراء السبعة: 3/103]
كلامهم] لغوا لا يكون في حكم الجمل المفيدة، ومن ثمّ جاء نحو:
وما خلت أبقى بيننا من مودّة... عراض المذاكي المسنفات القلائصا
إنّما هو وما أبقى بيننا، وكذلك قال الخليل: تقول: ما رأيته يقول ذاك إلّا زيد، وما أظنّه يقول ذاك إلّا عمرو، فهذا يدلّك أنّك انتحيت على القول، ولم ترد أن تجعل زيدا موضع فعلك كضربت وقتلت. ولذلك لم يجر الشرط مجرى الجمل في نحو:
إن تفعل، لأنّ الشرط بمنزلة القسم، والجزاء بمنزلة المقسم عليه، ولذلك فصل بالشرط بين أمّا وجوابها في نحو وأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلام لك [الواقعة/ 91] ولو كان بمنزلة الجمل لم يجز به الفصل. ووجه قول ابن كثير وأبي عمرو في أن لم يعدّيا حسبت إلى مفعوليه اللذين يقتضيهما أنّ يحسب في قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب [آل عمران/ 188] لمّا جعل بدلا من الأول،
[الحجة للقراء السبعة: 3/104]
وعدّي إلى مفعوليه استغنى بهما عن تعدية الأول إليهما، كما استغنى في قوله:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
بتعدية أحد الفعلين إلى المفعولين عن تعدية الآخر إليهما فإن قلت: كيف يستقيم، تقدير البدل في قوله: لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا... فلا تحسبنهم بمفازة [آل عمران/ 188].
وقد دخلت الفاء بينهما ولا يدخل بين البدل والمبدل منه الفاء؟ فالقول أنّ الفاء زائدة، يدلّك على أنّها لا يجوز أن تكون التي تدخل على الخبر، أنّ ما قبل الفاء ليس بمبتدإ، فتكون الفاء خبره، ولا تكون العاطفة لأنّ المعنى: لا يحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا أنفسهم بمفازة من العذاب. فإذا كان كذلك لم يجز تقدير العطف لأنّ الكلام لم يستقل بعد، فيستقيم فيه تقدير العطف.
فأمّا قوله: فلا يحسبنهم فإنّ فعل الفاعل الذي هو يحسبنّ تعدّى إلى ضميره، وحذفت واو الضمير لدخول النون
[الحجة للقراء السبعة: 3/105]
الثقيلة. فإن قلت: هلّا لم يحذف الواو من يحسبون، وأثبتها كما ثبتت في: تمودّ الثوب، وأ تحاجوني [الأنعام/ 80] ونحو ذلك، مما يثبت فيه التقاء الساكنين لما في الساكن الأوّل من زيادة المدّ التي تقوم مقام الحركة، فالقول فيه أنّه حذفت كما حذفت مع الخفيفة، ألا ترى أنّك لو قلت: لا يحسبن زيدا ذاهبا، لزمك الحذف، فأجرى الثقيلة مجرى الخفيفة لهذا. وقوله: بمفازة من العذاب في موضع المفعول الثاني وفيه ذكر للمفعول الأوّل. وفعل الفاعل في هذا الباب يتعدّى إلى ضمير نفسه، نحو:
ظننتني أخاه، لأنّ هذه الأفعال لمّا كانت تدخل على الابتداء والخبر أشبهت إنّ وأخواتها في دخولهنّ على الابتداء والخبر [كدخول هذه الأفعال عليهما وذلك قولك]: ظننتني ذاهبا، كما تقول:
إنّي ذاهب. ومما يدلّك على ذلك قبح دخول اليقين عليها، لو قلت: أظنّ نفسي تفعل كذا لم يحسن كما يحسن أظنّني فاعلا.
قال: وقرأ نافع وابن عامر: ولا يحسبن الذين كفروا ولا يحسبن الذين يبخلون [آل عمران/ 180].. ويفرحون [آل عمران/ 188] كلّ ذلك بالياء. فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/106]
قراءتهما في ذلك مثل قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقد مرّ القول فيها إلّا في قوله: فلا تحسبنهم بالتاء وفتح الباء.
والمفعولان اللذان يقتضيهما الحسبان في قوله: ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا محذوفان، لدلالة ما ذكر من بعد عليهما، ولا يجوز البدل، كما جاز البدل في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاختلاف الفعلين باختلاف فاعليهما.
قال: وقرأ حمزة ولا تحسبن الذين كفروا ولا تحسبن الذين يفرحون فلا تحسبنهم بفتح الباء والسين وكل ذلك بالتاء.
قوله: الذين كفروا في موضع نصب بأنّه المفعول الأول. والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى، فلا يجوز إذا فتح إنّ في قوله: ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم، لأنّ إملاءهم لا يكون إياهم. فإن قلت: فلم لا يجوز الفتح في أنّ، وتجعله بدلا من الذين كفروا كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] وكما كان أنّ من قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7]. [بدلا من إحدى الطائفتين] قيل: لا يجوز ذلك لأنّك إذا أبدلت أنّ من الذين كفروا، كما أبدلت أنّ من إحدى الطائفتين لزمك أن تنصب خيرا على تقدير: لا تحسبنّ إملاء الذين كفروا خيرا لأنفسهم من حيث
[الحجة للقراء السبعة: 3/107]
كان المفعول الثاني: لتحسبنّ وقيل: إنّه لم ينصبه أحد. فإذا لم ينصب علمت أنّ البدل فيه لا يصح، فإذا لم يصح البدل [لم يجز فيه إلّا كسر إنّ] ولا تحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم خير لأنفسهم على أن تكون إنّ وخبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبنّ. فأمّا قوله: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا [آل عمران/ 188] فحذف المفعول الذي يقتضيه تحسبنّ، لأنّ ما يجيء من بعد من قوله: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب يدلّ عليه، ويجوز أن تجعل تحسبنهم بدلا من تحسبن، كما جاز أن تجعل يحسبنهم بدلا من يحسبن الذين يفرحون في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاتفاق فعلي الفاعلين. وقد قدّمنا أنّ الفاء زائدة، والقول فيها أنّها لا تخلو من أن تكون للعطف، أو للجزاء، أو زائدة، فإن كانت للعطف فلا يخلو من أن تعطف جملة على جملة، أو مفردا على مفرد، وليس هذا موضع العطف، لأنّ الكلام لم يتمّ، ألا ترى أنّ المفعول الثاني لم يذكر بعد؟ ولا يجوز أيضا أن تكون للجزاء كالتي في قوله: وما بكم من نعمة فمن الله [النحل/ 53] ونحوها، لأنّ تلك تدخل على ما كان خبرا من الجمل، لأنّ أصلها أن تدخل في الجزاء، وهي جملة خبر، وليس ما دخلت عليه الفاء في الآية بجملة، إنّما هو فضلة، ألا ترى أنّ مفعولي حسبت فضلة؟ فإن قلت: إنّ أصلهما أن يكونا خبرا، فإنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/108]
ذلك الأصل قد زال بكونهما فضلة، كما زال في قولك: ليت الذي في الدار منطلق، عن أن يكون خبرا بدخول ليت، وكذلك قد زال بدخول حسبت عليهما أن يكون جملة، ويدلّك على ذلك أنّك تقول: حسبت زيدا اليوم منطلقا. فتفصل بينهما باليوم الذي هو ظرف حسبت، ولو كان الكلام باقيا على ما كان عليه قبل دخول الظنّ، لم يجز أن تفصل بينهما بأجنبي منهما، فإذا لم يجز أن تكون للعطف ولا للجزاء، ثبت أنّها زائدة قال: وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي قال: وقرأ عاصم والكسائي: كلّ ما في هذه السورة بالتاء إلّا حرفين: قوله: ولا يحسبن الذين يبخلون، ولا يحسبن الذين كفروا فإنّهما بالياء، غير أنّ عاصما فتح السين وكسرها الكسائي.
قد تقدّم القول في ولا يحسبن الذين يبخلون فأمّا قوله: ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم [آل عمران/ 178] فالوجه فتح أنّ لأنّها تسدّ مسدّ المفعولين، كما سدّ الفعل والفاعل مسدّهما لمّا جرى ذكرهما في الصلة في نحو قوله: أحسب الناس أن يتركوا [العنكبوت/ 29].
[الحجة للقراء السبعة: 3/109]
قال: ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنّها بالتاء قوله: تحسبن مسند إلى الفاعل المخاطب، والذين قتلوا المفعول الأول، والمفعول الثاني قوله: أمواتا. فقد استوفى الحسبان فاعله ومفعوليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/110] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لا تحسبن الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} 188
قرأ عاصم وحمزة 4 والكسائيّ {لا تحسبن الّذين يفرحون} بالتّاء هؤلاء قوم من اليهود أظهروا لأصحاب محمّد صلى الله عليه أنهم معهم ليحمدوا وأضمروا خلاف ما أظهروا فقال الله لنبيه صلى الله عليه {لا تحسبن الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} ثمّ كرر عليه لطول القصّة فقال {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} أي بمنجاة من النّار فأعلمه الله أمرهم وأعلمهم أنهم ليسوا بمفازة من العذاب
وقرأ الباقون (لا يحسبن) بالياء إن قيل أين مفعول (لا يحسبن) الجواب عنه من وجهين أحدهما أن {الّذين} في موضع نصب على قراءة من قرأ {تحسبن} بالتّاء ولم يذكر المفعول الثّاني لأنّه ذكره في قوله {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} وإنّما لم يذكر المفعول الثّاني في قوله {تحسبن الّذين} لأنّه كرر الفعل وتكرير الفعل ينوي به التوكيد للنّهي كأنّه قال لا تحسبن لا تحسبنهم كما تقول لا تقومن لا تقومن إلى ذلك
[حجة القراءات: 186]
والوجه الآخر أن يكون أراد لا تحسبن الّذين كفروا بمفازة من العذاب فيكون الخبر في قوله بمفازة ثمّ قال {فلا تحسبنهم} ويكون الخبر في الثّانية متروكا اكتفى بعلم المخاطب بموضعه
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (فلا يحسبنهم) بالياء ورفع الباء والفعل للكفّار أي فلا يحسب الكفّار أنفسهم بمفازة من العذاب وإنّما أعيد يحسبنهم ثانية لأن معها الاسم والخبر وليس مع الفعل الأول الاسم والخبر فاجتزئ بالثّاني عن الأول
وقرأ الباقون {تحسبنهم} بالتّاء ونصب الباء). [حجة القراءات: 187]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (102- قوله: {ولا تحسبن الذين يفرحون} قرأه الكوفيون بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
103- وحجة من قرأ بالياء أنه أضاف الفعل إلى {الذين يفرحون} فـ «الذين» فاعلون، ولم يعد «يحسبن» إلى شيء، وقد كره ذلك الأخفش؛ لأن تعديته أعظم في الفائدة، لكن من قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء، وقرأ: «لا يحسبن الذين يفرحون» بالياء أيضًا، يجوز أن يكون قد أبدل «فلا يحسبنهم» من «لا يحسبن الذين يفرحون»، وقد تعدى {فلا تحسبنهم} إلى مفعولين، فاستغنى بذلك عن تعدي «ولا يحسبن»؛ لأن المبدل منه قام مقامه في التعدي، ولا تمنع الفاء البدل؛ لأنها زائدة، ولأنها ليست العاطفة، وليست التي تدخل في جواب الشرط فهي زائدة، فأما من قرأ الثاني
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/367]
بالتاء والأول بالياء فلا يحسن فيه البدل؛ لاختلاف فاعلهما، ومجازه أنه لم يعد الفعل الأول إلى شيء، كما تقول: حسبت وعلمت وظننت، فتخبر أنه كان منك حسبان وعلم وظن، ولا تخبر على من وقع ذلك، فالكلام فيه فائدة، وإن لم تعده، لكن الفائدة مع التعدي أعظم وأبين، وحسن ترك تعدي الأول في هذا، لدلالة تعدي الثاني على ذلك، وهو: {فلا تحسبنهم بمفازة} وكأن مفعولي الأول حذفا لدلالة مفعولي الثاني على ذلك، وتقديره: لا يحسبن الذين يفرحون بما أوتوا، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، بمفازة من العذاب، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ثم حذف الأول، لدلالة الثاني عليه.
104- وحجة من قرأ بالتاء أنه أضاف الفعل إلى النبي عليه السلام، فجرى على المخاطبة، و{الذين يفرحون} مفعول أول لـ «حسب»، وحذف الثاني، لدلالة ما بعده عليه، وهو قوله: {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}، ويجوز أن يكون المفعول الثاني قوله: {بمفازة من العذاب}، الذي بعد {تحسبنهم} يُراد به التقديم، ويكون مفعول {تحسبنهم} محذوفًا؛ لدلالة الأول عليه، كما تقول: ظننت زيدًا ذاهبًا، وظننت عمرًا، ويحسن أن يكون {تحسبنهم} في قراءة من قرأه بالتاء، بدلًا من {لا تحسبن} في قراءة من قرأه بالتاء، لاتفاق الفاعلين، والفاء زادة على ما ذكرنا، فإذا حسن البدل فمفعولا {تحسبنهم} هما مفعولا {لا تحسبن} لأن المبدل منه كأنه لم يذكر، فأما من قرأ {لا تحسبن} بالتاء قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء فلا يحسن فيه البدل، لاختلاف الفاعلين، ولكن لابد من حذف فمفعولي «لا يحسبن» لدلالة مفعولي {فلا تحسبنهم} على ذلك، ويكون {بمفازة من العذاب} هو المفعول الثاني، لقوله: {لا يحسبن الذين يفرحون} ويكون المفعول الثاني لقوله: {فلا تحسبنهم} محذوفًا؛ لدلالة الأول عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/368]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (112- قوله: {فلا تحسبنهم بمفازة} قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء وضم الباء، وقرأ الباقون بالتاء وفتح الباء.
113- وحجة من قرأ بالتاء وفتح الباء أنه جعل الفعل خطابًا للنبي عليه السلام، لأن القرآن عليه نزل، فهو المخاطب بأكثره، فخوطب بذلك، وعدّى الفعل إلى ضمير {الذين يفرحون} وهم المفعول الأول و{بمفازة}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/371]
الثاني، و{تحسبنهم} بدل من «تحسبن» الذي قبله إذا قرئا جميعًا بالتاء والياء، وقد تقدم ذكر هذا، وتقدم ذكر فتح السين في «نحسب» والاختلاف في ذلك.
114- وحجة من قرأ بالياء، وضم الباء أنه أضاف الفعل إلى {الذين يفرحون} لتقدم ذكرهم، وعدّى فعلهم إلى نفسهم، فهو المفعول الأول و{بمفازة} المفعول الثاني، و«يحسبنهم» بدل من «يحسبن» إذا قرئا جميعًا بالياء، وقد تقدم ذكر هذا، وحسن تعدي فعل الفاعل إلى نفسه، كما تقول: ظننتني أخاك، وإنما يجوز هذا في أفعال الظن وأخواته، ولا يجوز في غير ذلك عند البصريينن لو قلت: ضربتني وشتمتني، فتعدل الفعل إلى نفسك، لم يجز، إنما هذا هذا في هذه الأفعال، لأنها داخلة على الابتداء والخبر، كان وأخواتها، ولما كانت «أن» يتصل بها ضمير الفاعل في المعنى، فيتعدّى إليه، جاز ذلك في هذه الأفعال لم يجز تعدي الفعل إلى المفعول، وهو الفاعل، لو قلت: ظن نفسي ذاهبًا لم يجز، كما لا يجوز مع «إن» لو قلت: إن نفسي، لم يجز، وإن أنا ذاهب، لم يجز، وضمت الباء في «تحسبنهم» لتدل على الواو المحذوفة التي للجمع، التي حذفت لسكونها وسكون أول المشدد، وقد أثبتوا الواو مع المشدد في: {أتحاجوني} «الأنعام 80» وقامت المدة مقام الحركة، وإنما لم تثبت في «تحسبنهم» وتمدّ للتشديد، لأنها قد حذفت مع النون الخفيفة، في قولك: لا تحسبن زيدًا قائمًا، فلما حذفت الواو مع الخفيفة، ولم تمد، كان حذفها مع المشدد لازمًا، وحسن ذلك، لئلا يختلف الفعل، وإنما لم تحذف الواو في «أتحاجوني» في قراءة من شدد، كما حذفت في «تحسبنهم» لأن النون في «أتحاجوني» أصلها الحركة، والإسكان عارض، دخل للإدغام، وليست
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/372]
كذلك نون «تحسبنهم» أصل الأول السكون لا الحركة، والقراءة بالتاء وفتح الباء أحب إلي، لما ذكرت من العلة، ولأن أكثر القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/373]

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #59  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (190) إلى الآية (191) ]

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}


قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #60  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (192) إلى الآية (195) ]

{رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}

قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)}

قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال [أحمد]: وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: مع الأبرار [آل عمران/ 193] ومن الأشرار [ص/ 62] وذات قرار [المؤمنون/ 50] وما كان مثله بين الفتح والكسر.
وقرأ ابن كثير وعاصم بالفتح. وروى خلف بن هشام وأبو هشام الرفاعي عن سليم بن عيسى الحنفي عن حمزة أنّه كان يشمّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/117]
الراء الأولى من قوله: ذات قرار، والأشرار، وما كان مثل ذلك الكسر من غير إشباع.
قال أبو علي: الإمالة في فتحة الراء حسنة، لأنّ الراء المكسورة تغلب المفتوحة، كما غلبت المستعلي في قولهم: قارب وطارد، وقادر، فإذا غلبت المستعلي فأن تغلب الراء المفتوحة أجدر لأنّه لا استعلاء في الراء، إنّما هو حرف من مخرج اللام فيه تكرير. ومن لم يمل فلأنّ كثيرا من الناس لا يميل شيئا من ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/118]

قوله تعالى: {رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)}

قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقاتلوا وقتلوا... (195)
قرأ حمزة والكسائي: (وقتلوا وقاتلوا) بدأ بالمفعول قبل الفاعل.
وبذلك قرأ في التوبة: (فيقتلون ويقتلون) مفعول وفاعل.
وقرأ الباقون: (وقاتلوا وقتلوا) المفعول بعد الفاعلين في السورتين، وشدد ابن كثير وابن عامر قوله: (وقتّلوا) وخفف الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/288]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (70- وقوله تعالى: {وقاتلوا وقتلوا} [195].
قرأ ابن كثير وابن عامر {وقاتلوا وقتلوا} مشددة التاء، أي: مرة بعد مرة للتكثير.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/125]
وقرأ حمزة والكسائي {وقتلوا وقاتلوا} يبدآن بالمفعولين قبل الفاعلين.
وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو (وقاتلوا وقتلوا) خفيفة التاء من قتلوا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/126]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله: وقاتلوا [آل عمران/ 195] وقتلوا [آل عمران/ 195] في تقديم الفعل المبني للفاعل، وتأخيره والتشديد والتخفيف.
فقرأ ابن كثير وابن عامر: وقاتلوا وقتلوا مشدّدة التاء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/116]
وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو: وقاتلوا وقتلوا خفيفة.
وقرأ حمزة والكسائي: وقتلوا، وقاتلوا. يبدءان بالفعل المبني للمفعول به قبل الفعل المبني للفاعل، وكذلك اختلافهم في سورة التوبة، غير أنّ ابن كثير وابن عامر شدّدا في التوبة.
قال أبو علي: تقديم قاتلوا على: قتلوا حسن، لأنّ القتال قبل القتل، والتشديد حسن لتكرّر القتل، فهو مثل مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50]. ومن خفّف فقال: وقتلوا فإنّ فعلوا يقع على الكثير والقليل، والتثقيل تختص به الكثرة. ومن قرأ: قتلوا وقاتلوا كان حسنا، لأنّ المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولا في المعنى، وإن كان مؤخرا في اللفظ، وليس العطف بها كالعطف بالفاء، وكذلك اختلافهم في سورة التوبة. ووجه قول من قرأ قتلوا وقاتلوا أن يكون لمّا قتل منهم قاتلوا ولم يهنوا ولم يضعفوا للقتل الذي أوقع بهم، كما قال: فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله [آل عمران/ 146].
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فالّذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم} 195
قرأ حمزة والكسائيّ {وقاتلوا} وقاتوا يبدآن بالمفعولين قبل الفاعلين فإن سأل سائل فقال فإذا قتلوا كيف يقاتلون فالجواب أن العرب تقول قتل بنو تميم بني أسد إذا قتل بعضهم فكأنّه يقتل بعضهم فيقتل الباقون الباقين قال أحمد بن يحيى هذه القراءة أبلغ في المدح لأنهم يقاتلون بعد أن يقتل منهم
وقرأ الباقون {وقاتلوا وقتلوا} وحجتهم أن الله بدأ بوصفهم بأنّهم قاتلوا أحياء ثمّ قتلوا بعد أن قاتلوا وإذا اخبر عنهم بأنّهم قتلوا فمحال أن يقاتلوا بعد هلاكهم فهذا يوجبه ظاهر الكلام
[حجة القراءات: 187]
قرأ ابن عامر وابن كثير: (قاتلوا وقُتِّلُوا) بالتشديد، أي مرة بعد مرة، للتكثير والتكرير). [حجة القراءات: 188]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (115- قوله: {وقاتلوا وقتلوا} قرأه حمزة والكسائي «وقتلوا وقاتلوا» بتقديم المفعول على الفاعل هنا وفي براءة، وقرأ الباقون فيهما بتقديم الفاعل على المفعول، وكلهم خفف «قتلوا» إلا ابن كثير وابن عامر فإنهما شدداه.
116- وحجة من قدّم المفعول أن الواو لا تعطي ترتيبًا، فسواء التقديم والتأخير، والمعنى هو لتقديم الفاعل على المفعول؛ لأن القتل لا يكون إلا بعد قتال، فالمقتول متأخر عن القتال، إنما يحدث له القتل بعد القتال، فهو أولى أن يكون متأخرًا، لكن الواو لا تعطي رتبة قدمت المفعول أو أخرته، فالتقديم هو لمن له المعنى في التقديم، وقد قيل إن معنى تقديم المفعول: وقتل بعضهم وقاتل الباقون، ولم يهنوا بعد قتل أصحابهم، بهذا المعنى يوجب تقديم المفعول، وهذا أبلغ في مدحهم لأنهم لم يهنوا، ولا ارتاعوا لقتل أصحابهم، بل جدّوا في القتال بعد قتل أصحابهم، وهذا مثل قوله: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا} «آل عمران 146» إذا رفعت «ربيين» بـ «قاتل»، أي:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/373]
فما ضعف من بقي منهم بعد قتل أصحابهم ولا ذل ولا وهن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/374]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (53- {وَقُتِلُوا} بالضمِّ {وَقَاتَلُوا} بالألف [آية/ 195]:-
قرأها حمزة والكسائي، على تقديم الفعل المبني للمفعول به.
وهذا وإن كان القتال قبل القتل حسن؛ لن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولاً في المعنى، وإن كان مؤخرًا في اللفظ؛ لأن الواو لا توجب ترتيبًا ويجوز أن يكون المراد أنه لما قتل منهم قوم، قاتل الباقون ولم يهنوا ولم يضعفوا.
وقرأ الباقون {وَقَاتَلُوا} بالألف، {وقُتِلوا} بالضم.
وشدد ابن كثير وابن عامر التاء من {قُتِّلوا} وخففها الباقون.
اعلم أن تقديم {قَاتَلُوا} على {قُتِلُوا} هو الوجه؛ لأن القتال قبل القتل، والتشديد في {قُتِّلُوا} حسن لتكرار الفعل وهو القتل، ومن خفف {قُتِلُوا} فلأن فعل المخفف يقع على القليل والكثير، لما في الأفعال من معنى الجنسية). [الموضح: 398]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #61  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران

[من الآية (196) إلى الآية (198) ]

{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا يغرّنّك... (196).
اتفق القراء على تشديد النون، إلا ما روى عن يعقوب وحده أنه قرأ: (لا يغرّنك) ساكنة النون.
قال الأزهري: التشديد أجود القراءتين؛ لأنها أوكد وأفشى والتخفيف جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/288]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {لا يغرنك} [آية/ 196]:-
بسكون النون، قرأها يعقوب وحده يس-، على إدخال النون الخفيفة
[الموضح: 398]
دون الثقيلة، لما كانتا معًا لمعنىً واحدٍ، وهو التأكيد، اختار الخفيفة لخفتها.
وقرأ الباقون {لا يَغُرَّنَّكَ} بالتشديد، وكذلك ح- عن يعقوب.
والقول فيه ان النون الثقيلة أبلغ في التأكيد فلذلك اختاروها). [الموضح: 399]

قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)}

قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #62  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران

[من الآية (199) إلى الآية (200) ]

{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}

قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}




روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة