العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (101) إلى الآية (105) ]
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)}

قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {وَالله أَعْلَمُ بِمَا يُنْزِلُ} [آية/ 101] مخففة:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وزيدٌ عن يعقوب.
وقرأ الباقون {يُنَزِّلُ} مشددة.
وقد سبق الكلام في هذا). [الموضح: 744]

قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {قل نزله روح القدس} [102].
ابن كثير يسكن الدال.
والباقون يضمون، وقد مرت علته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/360]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير: (روح القدس) [102] خفيفة ساكنة الدال.
الباقون القدس متحركة الدال.
[الحجة للقراء السبعة: 5/78]
قال: التحريك أكثر. والإسكان تخفيف من التحريك، وقد تقدم ذكر هذا الحرف). [الحجة للقراء السبعة: 5/79]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {رُوْحُ القُدْسِ} [آية/ 102] مخففة:
قرأها ابن كثير وحده.
وقرأ الباقون {القُدُس} مضمومة الدال.
وقد مضى الكلام فيه). [الموضح: 744]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {لسان الذي يلحدون إليه} [103].
قرأ حمزة والكسائي بفتح الحاء والياء.
والباقون {يلحدون} بالضم، وهو الاختيار، لأن الله تعالى قال: {ومن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/359]
يرد فيه بإلحاد بظلم} والإلحاد: مصدر ألحد يُلحد، وإن كانت الأخرى جيدة، قال الشاعر: حجة لألحد يلحد:
يا ويح أنصار النبي ورهطه = بعد المغيب في سواء الملحد
ولو كن من لحد لقال: ملحود.
وقال آخرون: لحدت في القبر، والحدت في الدين. فأما قول علي بن الحسين وقد خطب الناس -: يا قصة على ملحود، أراد: يا جصا على قبر، وقد روى هذا الكلام عن زينب رضي الله عنها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/360]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء والحاء وضمها من قوله: يلحدون [103] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: يلحدون بضم الياء وكسر الحاء وقرأ حمزة والكسائي (يلحدون) بفتح الياء والحاء.
حجة يلحدون بالضم قوله: ومن يرد فيه بإلحاد [الحج/ 25] ويلحدون لغة. وينبغي أن يكون الضم أرجح من حيث كان لغة التنزيل). [الحجة للقراء السبعة: 5/78]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [بَشَرٌ الِلسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ]، بألف ولام.
قال أبو الفتح: ليس قوله: [الِلسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ] جملة في موضع صفة "بَشَر"، ألا تراها خالية من ضميره؟ وكذلك أيضا هي خالية منه في قراءة الجماعة: {بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ}، ولأن المعنى أيضا ليس على كونها وصفا، وإنما الوقف على قوله: "بَشَر"، ثم استأنف الله تعالى القول ردا عليهم، فقال: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} أي: يميلون بالتهمة إليه {أَعْجَمِيٌّ}، {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}، أي: فكيف يعلم الأعجمي العربية.
ولهذا قال سبحانه: {أَعْجَمِيٌّ}، ولم يقل: عجمي، وذلك أن "الأعجمي" هو الذي لا يفصح وإن كان عربيا. والعجمي هو المنسوب للعجم وإن كان فصيحا، ألا ترى أن سيبويه كان عجميا فإن كان لسان اللغة العربية فقال الله تعالى: لسان هذا المتهم بأنه يعلمه أعجم، فكيف يجوز أن يعلم العربية وهو لا يفصح؟ فأعجميٌّ من أعجم بمنزلة أحمريُّ من أحمر، وأشقريٌّ من أشقر، ودوَّاريٌّ من دوَّار، وكلابيٌّ من كِلَّاب. وقد مضى ذلك). [المحتسب: 2/12]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لسان الّذي يلحدون إليه أعجمي}
قرأ حمزة والكسائيّ {لسان الّذي يلحدون} بفتح الياء والحاء من لحد يلحد إذا مال
وقرأ الباقون {يلحدون} بضم الياء يقال ألحد يلحد إلحادا وحجتهم قوله {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم}
قال الكسائي إن كل واحد من لحدت وألحدت يأتي بمعنى غير معنى الآخر وذلك أن ألحد يلحد معناه اعترض وأن لحد يلحد معناه مال وعدل فلمّا ولي ألحد ما يلي الاعتراض الّذي هو بمعناه قرأ بألف فقال {وذروا الّذين يلحدون في أسمائه} و{إن الّذين يلحدون في آياتنا} بمعنى يعترضون في آياتنا إذ كان من عادة في أن تصحب الاعتراض الّذي بمعنى الإلحاد فلمّا ولي الفعل ما ليس من عادة الاعتراض أن يليه وهو إلى دلّ على أن معناه غير معنى الاعتراض وأنه بمعنى الميل فقرأه يلحدون بفتح الياء إذ كانت بمعنى يميلون فحسن ذلك وكان ذلك مشهورا من كلام العرب لحد فلان إلى كذا إذا مال إليه). [حجة القراءات: 394]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {لِسَانُ الَّذِي يَلْحَدُونَ إِلَيْهِ} [آية/ 103] بفتح الياء والحاء:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {يُلْحِدُونَ} بضم الياء وكسر الحاء.
وقد سبق القول فيه). [الموضح: 745]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (106) إلى الآية (110) ]
{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)}

قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108)}

قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)}

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من بعد ما فتنوا (110)
قرأ ابن عامر وحده (فتنوا) بفتح التاء والفاء، وقرأ الباقون (فتنوا) بضم الفاء وكسر التاء.
قال أبو منصور: من قرأ (فتنوا) فمعناه: افتتنوا.
روى أبو عبيد عن أبى زيد: فتن الرجل يفتن فتونًا، إذا وقع في الفتنة، أو تحوّل من حالٍ حسنةٍ إلى حالٍ سيئة، وفتن إلى النساء فتونًا، إذا أراد الفجور، وهذا يؤيد قراءة ابن عامر.
ومن قرأ (فتنوا) وهو الأجود، فمعناه: امتحنوا، كما فتن عمار بن ياسر وغيره ممن عذّب وأكره على الكفر فغفر الله لهم ذلك إذ قلوبهم مطمئنة بالإيمان). [معاني القراءات وعللها: 2/83]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {من بعد ما فتنوا} [110].
قرأ ابن عامر وحده {فتنه} جعل الفعل لهم.
وقرأ الباقون على ما لم يُسم فاعله. والأصل في ذلك أن عمار
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/360]
ابن ياسر وجماعة من أهل مكة أرادوهم على الكفر وعرضوهم على الكفر فقالوا ذلك بألسنتهم، وقلبهم مطمئن بالإيمان، ثم أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأنزل الله تعالى فيهم: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} والاختيار أن تجعل قراءة ابن عامر {فتنوا} فعلاً للكفار، أي: فتنوا المؤمنين. وتقول العرب: فتنت زيدًا، وهي اللغة الجيدة، وأجاز آخرون: أفتنت. والفتنة في القرآن على (عشر أوجه؟) وقد أمللتها في إعراب (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/361]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الفاء وضمها من قوله جل وعز: فتنوا [110] فقرأ ابن عامر وحده: (فتنوا) بفتح الفاء والتاء. وقرأ الباقون: فتنوا بضم الفاء وكسر التاء.
حجة من قال: فتنوا: أن الآية في المستضعفين المقيمين كانوا بمكة، وهم: صهيب وعمّار وبلال. فتنوا وحملوا على الارتداد عن دينهم فمنهم من أعطى للتقيّة. وروي أن عمّارا كان ممّن أظهر ذلك ثم هاجروا إلى المدينة، فالآية فيهم، والمعنى على فتنوا.
فأمّا قول ابن عامر: (فتنوا): فيكون على أنه: فتن نفسه وكأنّ المعنى: من بعد ما فتن بعضهم نفسه بإظهار ما أظهر للتقية، وكأنه يحكي الحال التي كانوا عليها من إظهار ما أخذوا به من التقية، لأن الرحمة فيه لم تكن نزلت بعد، وهي قوله:
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله: إلا المستضعفين [النساء/ 97، 98] وقوله: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [106] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/79]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ إن ربك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا}
[حجة القراءات: 394]
قرأ ابن عامر (من بعدما فتنوا) بفتح الفاء والتّاء جعل الفعل لهم يقال فتنت الشّيء إذا امتحنته وفتنت الذّهب إذا امتحنته فعرفت جيده من رديئه فمعنى القراءة أنهم هجروا أوطانهم وقد عرفوا ما في ذلك من الشدّة
وقرأ الباقون {فتنوا} بضم الفاء على ما لم يسم فاعله أي من بعدما فتنهم الله وحجتهم {فإنّا قد فتنا قومك من بعدك} ). [حجة القراءات: 395]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {من بعد ما فتنوا} قرأه ابن عامر بفتح الفاء والتاء، على معنى: من بعد ما فتنوا غيرهم، أي عذبوا غيرهم على الدين ليرتدوا عن الإسلام، ثم آمنوا وهاجروا، فالله غفور لفعلهم، ويجوز أن يكون المعنى: فتنوا أنفسهم بإظهار ما أظهروا من الكفر للتقية، وقرأ الباقون بضم الفاء، وكسر التاء، على ما لم يسم فاعله، أي: عُذبوا في الله وحُملوا على الارتداد عن دينهم وقلوبهم مطمئنة على الإيمان، فأعلمهم الله بالمغفرة لهم لما حُملوا عليه وأكرهوا من الارتداد، ودليله قوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} «النحل 106» والاختيار الضم، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/41]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {مِنْ بَعْدِ مَا فَتَنُوا} [آية/ 110] بفتح الفاء والتاء:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن المراد فتنوا أنفسهم بإظهار ما أُكرهوا عليه من الكفر للتقية، وذلك لما حملهم المشركون على الارتداد بمكة، وهم المستضعفون بلال وصهيب وعمار، فتنوا أنفسهم بإظهار الكفر وقايةً للنفس، فجُعل الفعل لهم وحُذف المفعول به وهو أنفسهم.
وقرأ الباقون {فُتِنُوا} بضم الفاء وكسر التاء.
[الموضح: 745]
والوجه أنهم حُملوا على الكفر، والذين حملوهم على ذلك هم المشركون، فالمشركون هم الفاتنون، والمستضعفون هم المفتونون، فالأظهر {فُتِنُوا} بضم الفاء لذلك). [الموضح: 746]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #28  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:49 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (111) إلى الآية (114) ]
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)}

قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)}

قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف (112)
روى علي بن نصر وعباس بن الفضل وداود الأودي عن أبي عمرو (لباس الجوع والخوف) بنصب الخوف، وخفضه الباقون.
قال أبو منصور: من نصب (الخوف) عطفه على قوله (لباس)، ومن خفضه - وهو الوجه - عطفه على (الجوع) - ويجوز النصب بإضمار: أذاقها
[معاني القراءات وعللها: 2/83]
الله لباس الجوع أو لباس الخوف، فلما حذف (لباس) نصب (الخوف) كقول الأعشى:
لا يسمع المرء فيها ما يؤنّسه... بالليل إلا نئيم البوم والضّوعا
أراد: ونئيم الضوع، فلما حذفت أقام الضّوع مقامه). [معاني القراءات وعللها: 2/84]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {لباس الجوع والخوف} [112].
قرأوا كلهم بكسر الفاء.
وروى نصر وعبيد وعباس وداود الأودي عن أبي عمرو: {لباس الجوع والخوف} كأنه اضمر فعلاً، وذلك أن الله تعالى ابتلاهم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بالقحط والجوع والخوف، يعني سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقذف في قلوبهم الرعب خوفًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم رق للمشركين فحمل إليهم طعامًا فأنزل الله تعالى: {فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا} [114] ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/362]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وكلّهم قرأ: لباس الجوع والخوف [112] بخفضهما إلا ما روى علي بن نصر وعباس بن الفضل وداود الأزديّ وعبيد بن عقيل عن أبي عمرو: (لباس الجوع والخوف) بفتح الفاء. وروى اليزيدي وغيره عن أبي عمرو لباس الجوع والخوف بكسر الفاء.
قوله: فأذاقها الله لباس الجوع والخوف المعنى فيه:
مقاربة الجوع لهم ومسّه إياهم، كمخالطة الذائق ما يذوقه، أو اللابس لما يلبسه، واتصاله به فأوقع عليه الذوق كما قال:
[الحجة للقراء السبعة: 5/80]
دونك ما جنيته فاحس وذق وكذلك لباس الجوع هو مسّه لهم كمسّ الثوب للابسه قال الشاعر:
وقد لبست بعد الزبير مجاشع... ثياب التي حاضت ولم تغسل الدما
يريد أن العار والسّبّة لحقهم، واتصل بهم لغدرهم، فجعل ذلك لباسا لهم، وقال أوس بن حجر:
وإن هزّ أقوام إلي وحدّدوا... كسوتهم من برد برد متحم
وقال آخر:
إذا ما الضجيع ثنى عطفها... تثنّت فصارت عليه لباسا
فإنّما المعنى أن اتصالها به ومسها له، كمسّ الملبوس للابسه، ومن ثمّ جاء في التنزيل: هن لباس لكم وأنتم لباس
[الحجة للقراء السبعة: 5/81]
لهن [البقرة/ 187] ولذلك سمى المرأة إزارا في قوله:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا... فدى لك من أخي ثقة إزاري
فسمّى المرأة إزارا، كما جاء هن لباس لكم وأنتم لباس لهن فالجر على لباس الجوع ولباس الخوف، جعل مسّ كلّ واحد منهما لأصحابهما كمس الآخر لهم، وجعل للجوع لباسا كما جعله للخوف. ويقوّي الجر في الخوف أنّ في حرف أبيّ لباس الخوف والجوع فقد جعل للخوف لباسا، كما جعله للجوع.
وأما ما روي من نصب الخوف عن أبي عمرو فإنه حمله على الإذاقة، والخوف لا يذاق في الحقيقة، فإذا لم يذق على الحقيقة كان حمله على اللباس أولى، لأن اللباس أقرب إليه من الإذاقة، فحمله على الأقرب أولى، وليكونا محمولين على عامل واحد، كما كان في قوله: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع [البقرة/ 155] الحمل على عامل واحد). [الحجة للقراء السبعة: 5/82]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)}

قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #29  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (115) إلى الآية (119) ]
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج وابن يعمر والحسن -بخلاف- وابن أبي إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة: [أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبِ]، وقرأ [الكُذُبَ] يعقوب، وقرأ [الكُذُبُ] مسلمة بن محارب، وقراءة الناس: {الكَذِبَ} .
قال أبو الفتح: أما [الْكَذِبِ] بالجر فبدل من "ما" في قوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ} أي: لا تقولوا للكذبِ الذي تصف ألسنتكم.
[المحتسب: 2/12]
وأما [الكُذُبَ] بالنصب فجمع كِذَاب، ككِتاب وكُتُب. يقال: كذَب الرجل يكذِب كَذِبًا وكِذَابا، وهو رجل كَيْذَبان، وكِيْذَبان، وكَذَبْذَب. ويقال أيضا: مَكْذَبان، كمَلْكَعان. وجاز جمع الكِذَاب لأنه ذُهِبَ به مذهب النوع، ولو أُرِيدَ به الجنس لكان جمعُه مستحيلا. والكُذُبُ وصف الألسنة، وقد تقدم مثله). [المحتسب: 2/13]

قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}

قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (120) إلى الآية (124) ]
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)}

قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)}

قوله تعالى: {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)}

قوله تعالى: {وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)}

قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #31  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 02:57 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النحل

[ من الآية (125) إلى الآية (128) ]
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}

قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}

قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن سيرين: [وَإِنْ عَقَّبْتُمْ فَعَقِّبُوا].
قال أبو الفتح: معناه إن تتبعتم فتتبعوا بقدر الحق الذي لكم، ولا تزيدوا عليه. قال لبيد:
حتى تَهَجَّرَ في الرواحِ وهاجَهُ ... طلبُ المعقِّب حقَّه المظلوم
أي هاجه طلبا مثل طلب المعقب حقه المظلوم، أي عاذَه ومنعَه المظلومُ، فـ"حَقَّه" على هذا فِعْلٌ: حَقَّه يَحُقُّه، أي لَوَاهُ حقَّه. ويجوز: طلبَ المعقِّب حقه، فتنصب "حقه" بنفس الطلب مع نصب "طلب" كما تنصبه، أي الحق مع رفعه، أي الطلب. والمظلوم صفة المعقب على معناه دون لفظه، أي أن طلب المعقب المظلوم حقه في الموضعين جميعا). [المحتسب: 2/13]

قوله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تك في ضيقٍ (127)
قرأ ابن كثير وحده (ولا تك في ضيقٍ) بكسر الضاد، ومثله في النمل، وكذلك روى أبو عبيد عن إسماعيل عن نافع، وخلف عن المسيبي عن نافع، وقرأ الباقون (في ضيق) بفتح الضاد في السورتين.
قال الفراء: الضّيق: ما ضاق عنه صدرك.
والضّيّق: يكون في الذي يتسع ويضيق، مثل: الدار، والثوب.
قال الفراء: وإذا رأيت الضّيق قد وقع في موضع الضّيق كان على أمرين: أحدهما: أن يكون جمعا للضيقة؟ قال الأعشى:
كشف الضّيقة عنا وفسح
[معاني القراءات وعللها: 2/84]
والآخر: أن وراد به: (ضيّق) فيخفف، قال: ضيّق، كما يقال: هيّن وهين.
قال أبو منصور: وعلى تفسير الفراء لا يجوز القراءة بالكسر.
وقد قال غير الفراء: يقال في صدر فلان ضيق وضيق، وروى أبو عبيدة عن أبي عمرو: والضّيق: الشيء الضّيّق، والضّيق: المصدر، والضّيق: الشك، والضيقة، مثل الضيق، وأنشد:
بضيقة بين النجم والدبران
قال الزجاج: من قال: ضيق، فهو بمعنى: ضيّق، فخفف وقيل: ضيق.
وجائز أن يكون الضّيق بمعنى: ضيّق). [معاني القراءات وعللها: 2/85]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {ولا تك في ضيق} [127].
قرأ ابن كثير وإسماعيل عن نافع {في ضيق} بكسر الضاد.
وقرأ الباقون بالفتح، فمن فتح أراد: ضيف فخفف مثل ميت وميت وهين وهين. ومن كسر يجوز أن يجعله لغتين. ويجوز أن يكون الضيق اسمًا، والضيق مصدرًا. والاختيار أن تقول: الضيق في المكان والمنزل والضيق في غير ذلك. فإذا كان الأمر كذلك فالاختيار {فلا تك في ضيق} لأنه لم يرد تعالى ضيق المعيشة ولا ضيق المنزل. والعلة في (النمل) كالعلة في (النحل).
فإن قيل: لم سقطت النون في قوله: {ولا تك}؟
فالجواب في ذلك: أن الأصل: ولا تكون فاستثقلوا الضمة على الواو فنقلوها إل الكاف فالتقى ساكنان الواو والنون فحذفوا الواو لالتقاء الساكنين فصار لا تكن، والموضع الذي حذفت النون مع الواو، فلأن النون يضارع حروف المد واللين، وكثر استعمال كان يكون فحذفوها لذلك، ألا ترى أنك تقول: لم يكونا، والأصل: لم يكونان فأسقطوا النون للجزم فشبهوا لم يك في حذف النون بلم يكونا فأعرف ذلك.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/361]
قال ابن مجاهد: رواية إسماعيل عن نافع {ولا تك في ضيق} غلط، يعني: أن الرواية الصحيحة عن نافع {ضيق} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/362]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الضاد وكسرها من قوله عز وجل: في ضيق [127].
فقرأ ابن كثير: (في ضيق) كسرا، وكذلك روى أبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع، وخلف عن المسيبي عن نافع وهو غلط في روايتهما جميعا.
[الحجة للقراء السبعة: 5/79]
وقرأ الباقون: في ضيق وكذلك في النمل [70] من كسر هذه كسر تلك، ومن فتح هذه فتح تلك.
وقال أبو عبيدة: في ضيق: تخفيف ضيّق، يقال: أمر ضيّق وضيق.
قال أبو الحسن: الضّيق والضّيق: لغتان في المصدر، وأما المثقلة فيكون فيها التخفيف، فيكون ضيق مثل ميت، وينبغي أن يحمل على أن ضيقا مصدر، لأنك إن حملته على أنه مخفف من ضيق، فقد أقمت الصفة مقام الموصوف من غير ضرورة، والمعنى: لا تك في ضيق. أي: لا يضق صدرك من مكرهم، كما قال: وضائق به صدرك [هود/ 12] وليس المراد: لا تكن في أمر ضيّق، فمن فتح ضيقا، كان في معنى من كسر، وهما لغتان كما قال أبو الحسن). [الحجة للقراء السبعة: 5/80]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تك في ضيق ممّا يمكرون}
قرأ ابن كثير {ولا تك في ضيق} بكسر الضّاد وفي النّمل مثله وقرأ الباقون بالفتح
[حجة القراءات: 395]
قال أبو عبيد ضيق تخفيف ضيق يقال أمر ضيق وضيق والأصل ضييق فيعل ثمّ حذفوا الياء فصار ضيق على وزن فيل مثل هين وهين قال الأخفش الضّيق والضيق لغتان وقال أبو عمرو الضّيق بالفتح الغم والضيق بالكسر الشدّة قوم الضّيق بالفتح مصدر والضيق اسم ووزنه على هذا القول فعل لم يحذف منه شيء). [حجة القراءات: 396]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {في ضيق} قرأ ابن كثير بكسر الضاد، وفتح الباقون، ومثله في النمل، وهما لغتان في المصدر عند الأخفش يقول ضاق يضيق ضيقًا، وقال أبو عبيدة: ضيق، بالفتح مخفف من «ضيق» كـ «ميْت» من «ميَت» ويلزمه أن يكون قد حذف الموصوف، وأن يكون التقدير في أمر «ضيق»، ثم خفف، وحذف الموصوف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/41]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {ضِيْقٍ} [آية/ 127] بكسر الضاد:
قرأها ابن كثير وحده، وكذلك في النمل.
وقرأ الباقون {ضَيْق} بفتح الضاد في السورتين.
والوجه أنهما لغتان، وقال الفراء: الضيق بالفتح يكون في المصدر، والضيق في الكسر فيما يتسع ويضيق كالثوب ونحوه.
وقيل: الضيق بالفتح جمع ضيقةٍ، والضيق بالكسر المصدر.
وقيل: الضيق بالفتح بمعنى الضيِّق كالميْت والميِّت، وأراد ههنا: الأمر الضيِّق، والضِيقُ: المصدر). [الموضح: 746]

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة