العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 12:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (49) إلى الآية (55) ]

{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 12:09 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال فمن ربّكما يا موسى} في هذا الكلام متروكٌ، ترك ذكره استغناءً بدلالة ما ذكر عليه عنه، وهو قوله: {فأتياه} فقالا له ما أمرهما به ربّهما وأبلغاه رسالته، فقال فرعون لهما {فمن ربّكما يا موسى} فخاطب موسى وحده بقوله: يا موسى، وقد وجّه الكلام قبل ذلك إلى موسى وأخيه. وإنّما فعل ذلك كذلك، لأنّ المجاوبة إنّما تكون من الواحد وإن كان الخطاب لجماعة لا من الجميع، وذلك نظير قوله: {نسيا حوتهما} وكان الّذي يحمل الحوت واحدٌ، وهو فتى موسى، يدلّ على ذلك قوله: {فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلاّ الشّيطان أن أذكره} ). [جامع البيان: 16/79]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن الحسن في قوله أعطى كل شيء خلقه قال أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه لذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/17]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي قال أعطى الرجل المرأة والجمل الناقة والذكر أعطاه الأنثى ثم هداه لذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/17]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدًى} يقول تعالى ذكره: قال موسى له مجيبًا: ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه، يعني: نظير خلقه في الصّورة والهيئة كالذّكور من بني آدم، أعطاهم نظير خلقهم من الإناث أزواجًا، وكالذّكور من البهائم، أعطاها نظير خلقها، وفي صورتها وهيئتها من الإناث أزواجًا، فلم يعط الإنسان خلاف خلقه، فيزوّجه بالإناث من البهائم، ولا البهائم بالإناث من الإنس، ثمّ هداهم للمأتى الّذي منه النّسل والنّماء كيف يأتيه، ولسائر منافعه من المطاعم والمشارب، وغير ذلك.
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: بنحو الّذي قلنا فيه
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} يقول: خلق لكلّ شيءٍ زوجةً، ثمّ هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه ومولده.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} يقول: أعطى كلّ دابّةٍ خلقها زوجًا، ثمّ هدًى للنّكاح.
وقال آخرون: معنى قوله {ثمّ هدى} أنّه هداهم إلى الألفة والاجتماع والمناكحة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} يعني: هدى بعضهم إلى بعضٍ، ألّف بين قلوبهم وهداهم للتّزويج أن يزوّج بعضهم بعضًا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أعطى كلّ شيءٍ صورته، وهي خلقه الّذي خلقه به، ثمّ هداه لما يصلحه من الاحتيال للغذاء والمعاش.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو السّائب، قالا: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} قال: أعطى كلّ شيءٍ صورته ثمّ هدى كلّ شيءٍ إلى معيشته.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} قال: سوّى خلق كلّ دابّةٍ، ثمّ هداها لما يصلحها، فعلّمها إيّاه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} قال: سوّى خلق كلّ دابّةٍ ثمّ هداها لما يصلحها وعلّمها إيّاه، ولم يجعل النّاس في خلق البهائم، ولا خلق البهائم في خلق النّاس، ولكن خلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حميدٍ عن مجاهدٍ {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} قال: هداه إلى حيلته ومعيشته.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أعطى كلّ شيءٍ ما يصلحه، ثمّ هداه له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه} قال: أعطى كلّ شيءٍ ما يصلحه. ثمّ هداه له.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما اخترنا القول الّذي اخترنا في تأويل ذلك، لأنّه جلّ ثناؤه أخبر أنّه أعطى كلّ شيءٍ خلقه، ولا يعطي المعطي نفسه، بل إنّما يعطي ما هو غيره، لأنّ العطيّة تقتضي المعطي والمعطى والعطيّة، ولا تكون العطيّة هي المعطى، وإذا لم تكن هي هو، وكانت غيره، وكانت صورة كلّ خلقٍ بعض أجزائه، كان معلومًا أنّه إذا قيل: أعطى الإنسان صورته، إنّما يعني أنّه أعطى بعض المعاني الّتي به مع غيره دعي إنسانًا، فكأنّ قائله قال: أعطى كلّ خلقٍ نفسه، وليس ذلك إذا وجّه إليه الكلام بالمعروف من معاني العطيّة، وإن كان قد يحتمله الكلام.
فإذا كان ذلك كذلك، فالأصوب من معانيه أن يكون موجّهًا إلى أنّ كلّ شيءٍ أعطاه ربّه مثل خلقه، فزوّجه به، ثمّ هداه لما يشاء، ثمّ ترك ذكر مثلٍ، وقيل {أعطى كلّ شيءٍ خلقه} كما يقال: عبد اللّه مثل الأسد، ثمّ يحذف مثل، فيقول: عبد اللّه الأسد). [جامع البيان: 16/79-82]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أعطى كل شيء خلقه قال سوى خلق كل دابة ثم هدى يقول هداها لما يصلحها فعلمها إياه). [تفسير مجاهد: 397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {الذي أعطى كل شيء خلقه} قال: خلق لكل شيء روحه ثم {هدى} قال: هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه). [الدر المنثور: 10/210-211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أعطى كل شيء خلقه} يقول: مثله أعطى الإنسان إنسانة والحمار حمارة والشاة شاته: {ثم هدى} إلى الجماع). [الدر المنثور: 10/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال: أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له). [الدر المنثور: 10/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال: سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها وعلمها إياه لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم ولا خلق البهائم كخلق الناس ولكن (خلق كل شيء فقدره تقديرا) (الفرقان آية 2) ). [الدر المنثور: 10/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {أعطى كل شيء خلقه} قال: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة ولا الدابة في خلق الكلب ولا الكلب في خلق الشاة وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح وهيأ كل شيء على ذلك ليس منها شيء يملك شيئا في فعاله في الخلق والرزق والنكاح {ثم هدى} قال: هدى كل شيء إلى رزقه وإلى زوجته). [الدر المنثور: 10/211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أعطى كل شيء خلقه} قال: أعطى كل شيء صورته {ثم هدى} قال: لمعيشته). [الدر المنثور: 10/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال: ألم تر إلى البعير كيف يقوم لصاحبه ينتظره حتى يجيء هذا منه). [الدر المنثور: 10/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ثم هدى} قال: كيف يأتي الذكر الأنثى). [الدر المنثور: 10/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سابط قال: ما أبهت البهائم فلم تبهم عن أربع: تعلم أن الله ربها ويأتي الذكر الأنثى وتهتدي لمعايشها وتخاف الموت). [الدر المنثور: 10/212]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى}.
يقول تعالى ذكره: قال فرعون لموسى إذ وصف موسى ربّه جلّ جلاله بما وصفه به من عظيم السّلطان، وكثرة الإنعام على خلقه والإفضال: فما شأن الأمم الخالية من قبلنا لم تقرّ بما تقول، ولم تصدّق بما تدعو إليه، ولم تخلص له العبادة، ولكنّها عبدت الآلهة والأوثان من دونه، إن كان الأمر على ما تصف من أنّ الأشياء كلّها خلقه، وأنّها في نعمه تتقلّب، وفي مننه تتصرّف؟ فأجابه موسى فقال: علم هذه الأمم الّتي مضت من قبلنا فيما فعلت من ذلك، عند ربّي في كتابٍ: يعني في أمّ الكتاب، لا علم لي بأمرها، وما كان سبب ضلال من ضلّ منهم فذهب عن دين اللّه). [جامع البيان: 16/82-83] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قال فما بال القرون الأولى} يقول: فما حال القرون). [الدر المنثور: 10/212]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى}.
يقول تعالى ذكره: قال فرعون لموسى إذ وصف موسى ربّه جلّ جلاله بما وصفه به من عظيم السّلطان، وكثرة الإنعام على خلقه والإفضال: فما شأن الأمم الخالية من قبلنا لم تقرّ بما تقول، ولم تصدّق بما تدعو إليه، ولم تخلص له العبادة، ولكنّها عبدت الآلهة والأوثان من دونه، إن كان الأمر على ما تصف من أنّ الأشياء كلّها خلقه، وأنّها في نعمه تتقلّب، وفي مننه تتصرّف؟ فأجابه موسى فقال: علم هذه الأمم الّتي مضت من قبلنا فيما فعلت من ذلك، عند ربّي في كتابٍ: يعني في أمّ الكتاب، لا علم لي بأمرها، وما كان سبب ضلال من ضلّ منهم فذهب عن دين اللّه {لا يضلّ ربّي} يقول: لا يخطئ ربّي في تدبيره وأفعاله، فإن كان عذّب تلك القرون في عاجلٍ، وعجّل هلاكها، فالصّواب ما فعل، وإن كان أخّر عقابها إلى القيامة، فالحقّ ما فعل، هو أعلم بما يفعل، لا يخطئ ربّي {ولا ينسى} فيترك فعل ما فعله حكمةٌ وصوابٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى} يقول: لا يخطئ ربّي ولا ينسى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فما بال القرون الأولى} يقول فما أعمى القرون الأولى، فوكلها نبيّ اللّه موكلاً فقال: {علمها عند ربّي}.. الآية، يقول: أي أعمارها وآجالها.
وقال آخرون: معنى قوله {لا يضلّ ربّي ولا ينسى} واحدٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لا يضلّ ربّي ولا ينسى} قال: هما شيءٌ واحدٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
والعرب تقول: ضلّ فلانٌ منزله: إذا أخطأه، يضلّه بغير ألفٍ، وكذلك ذلك في كلّ ما كان من شيءٍ ثابتٍ لا يبرح، فأخطأه مريده، فإنّها تقول: ضله ولا تقول أضلّه، فأمّا إذا ضاع منه ما يزول بنفسه من دابّةٍ وناقةٍ وما أشبه ذلك من الحيوان الّذي ينفلت منه فيذهب، فإنّها تقول: أضلّ فلانٌ بعيره أو شاته أو ناقته يضلّه بالألف.
وقد بيّنّا معنى النّسيان فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 16/82-84]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد لا يضل ربي ولا ينسى قال هما شيء واحد). [تفسير مجاهد: 397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لا يضل ربي} قال: لا يخطئ). [الدر المنثور: 10/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لا يضل ربي ولا ينسى} قال: هما شيء واحد). [الدر المنثور: 10/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لا يضل ربي ولا ينسى} قال: {لا يضل ربي} الكتاب {ولا ينسى} ما فيه). [الدر المنثور: 10/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي المليح قال: الناس يعيبون علينا الكتاب وقال الله تعالى: {علمها عند ربي في كتاب} ). [الدر المنثور: 10/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي هلال قال: كنا عند قتادة فذكروا الكتاب وسألوه عن ذلك فقال: وما بأس بذلك، أليس الله الخبير يخبر قال: {فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربي في كتاب} ). [الدر المنثور: 10/213]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: (الذي جعل لكم الأرض مهادا) [الآية: 53]). [تفسير الثوري: 194]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذي جعل لكم الأرض مهدًا وسلك لكم فيها سبلاً وأنزل من السّماء ماءً فأخرجنا به أزواجًا من نباتٍ شتّى}.
اختلف أهل التّأويل في قراءة قوله {مهدًا} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: ( الّذي جعل لكم الأرض مهادًا ) بكسر الميم من المهاد وإلحاق ألفٍ فيه بعد الهاء، وكذلك فعلهم ذلك في كلّ القرآن.
وزعم بعض من اختار قراءة ذلك كذلك، أنّه إنّما اختاره من أجل أنّ المهاد: اسم الموضع، وأنّ المهد الفعل، قال: وهو مثل الفرش والفراش.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين: {مهدًا} بمعنى: الّذي مهّدكم الأرض مهدًا.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّهما قراءتان متقاربتا المعنى؛ لأن الأرض إذا كان الله قد جعلها مهدا لخلقه فقد مهدهموها، وإن كان قد مهدهموها فقد جعلها لهم مهدا، وهما مع ذلك قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مشهورتان، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب فيها.
وقوله: {وسلك لكم فيها سبلاً} يقول: وأنهج لكم في الأرض طرقًا.
والهاء في قوله فيها: من ذكر الأرض، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وسلك لكم فيها سبلاً} أي طرقًا.
وقوله: {وأنزل من السّماء ماءً} يقول: وأنزل من السّماء مطرًا {فأخرجنا به أزواجًا من نباتٍ شتّى} وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن إنعامه على خلقه بما يحدث لهم من الغيث الّذي ينزله من سمائه إلى أرضه، بعد تناهي خبره عن جواب موسى فرعون عمّا سأله عنه وثنائه على ربّه بما هو أهله. يقول جلّ ثناؤه: فأخرجنا نحن أيّها النّاس بما ننزل من السّماء من ماءٍ أزواجًا، يعني ألوانًا من نبات شتّى، يعني مختلفة الطّعوم، والأراييح والمنظر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من نباتٍ شتّى} يقول: مختلفٌ). [جامع البيان: 16/84-86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 53 - 54.
أخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فأخرجنا به أزواجا} يقول: أصنافا فكل صنف من نبات الأرض أزواج، النخل زوج صنف والأعناب زوج صنف وكل شيء تنبته الأرض أزواج). [الدر المنثور: 10/213-214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {من نبات شتى} قال: مختلف وفي قوله: {لأولي النهى} قال: لأولي التقى). [الدر المنثور: 10/214]

تفسير قوله تعالى: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (و {النّهى} [طه: 54] : «التّقى»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله هوى شقي وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة أيضًا قوله سيرتها حالتها الأولى وقوله النّهى التّقى بالوادي المقدّس المبارك طوًى اسم الوادي تقدّم كلّه في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/434] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هضما} لا يظلم فيهضم من حسناته {عوجا} واديا {أمتا} رابية {سيرتها} حالتها الأولى {النهى} التقى {ضنكا} الشّقاء {هوى} شقي {المقدّس} المبارك {طوى} اسم الوادي {بملكنا} بأمرنا وقال مجاهد {مكانا سوى} منتصف بينهم {يبسا} يابسا {على قدر} على موعد {ولا تنيا} تضعفا {يفرط} عقوبة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 112 طه {فلا يخاف ظلما} قال لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته
وبه في قوله 107 طه {لا ترى فيها عوجا} يقول واديا
وفي قوله 107 طه {ولا أمتا} يقول رابية
وبه في قوله 121 طه {سيرتها الأولى} يقول حالتها الأولى
وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله بن صالح ثنا معاوية عن علّي عن عبّاس في قوله 54 طه {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} قال التقي). [تغليق التعليق: 4/255-256] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (النّهى التّقى
أشار به إلى قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} (طه: 54) وفسّر: (النهى) بقوله: (التقى) . وعن ابن عبّاس: معناه ذوو التقى، وعن الضّحّاك: هم الّذين ينتهون عمّا حرم الله عليهم، وعن قتادة: هم ذوو الورع، وقال الثّعلبيّ: ذوو العقول واحدها نهيا، سميت بذلك لأنّها تنهي صاحبها عن القبائح والفضائح وارتكاب المحظورات والمحرمات). [عمدة القاري: 19/59]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({النهى}) في قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} [طه: 128] أي (التقى) وقال في الأنوار لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح جمع نهية). [إرشاد الساري: 7/237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كلوا وارعوا أنعامكم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى}.
يقول تعالى ذكره: كلوا أيّها النّاس من طيّب ما أخرجنا لكم بالغيث الّذي أنزلناه من السّماء إلى الأرض من ثمار ذلك وطعامه، وما هو من أقواتكم وغذائكم، وارعوا فيما هو أرزاق بهائمكم منه وأقواتها أنعامكم. {إنّ في ذلك لآياتٍ} يقول: إنّ فيما وصفت في هذه الآية من قدرة ربّكم، وعظيم سلطانه لآياتٌ: يعني لدلالاتٌ وعلاماتٌ تدلّ على وحدانيّة ربّكم، وأن لا إله لكم غيره {أولي النّهى} يعني: أهل الحجى والعقول.
والنّهى: جمع نهيةٍ، كما الكشى: جمع كشيةٍ: والكشى: شحمةٌ تكون في جوف الضّبّ، شبيهةٌ بالسّرّة.
وخصّ تعالى ذكره بأنّ ذلك آياتٌ لأولي النّهى، لأنّهم أهل التّفكّر والاعتبار، وأهل التّدبّر والاتّعاظ). [جامع البيان: 16/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {من نبات شتى} قال: مختلف وفي قوله: {لأولي النهى} قال: لأولي التقى). [الدر المنثور: 10/214] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لأولي النهى} قال: لذوي الحجا والعقول). [الدر المنثور: 10/214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لأولي النهى} قال: لأولي الورع). [الدر المنثور: 10/214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه في قوله: {لأولي النهى} قال: الذين ينتهون عما نهوا عنه). [الدر المنثور: 10/214]

تفسير قوله تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى}.
يقول تعالى ذكره: من الأرض خلقناكم أيّها النّاس، فأنشأناكم أجسامًا ناطقةً. {وفيها نعيدكم} يقول: وفي الأرض نعيدكم بعد مماتكم، فنصيّركم ترابًا، كما كنتم قبل إنشائناكم بشرًا سويًّا. {ومنها نخرجكم} يقول: ومن الأرض نخرجكم كما كنتم قبل مماتكم أحياءً، فننشئكم منها، كما أنشأناكم أوّل مرّةٍ.
وقوله: {تارةً أخرى} يقول: مرّةً أخرى كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومنها نخرجكم تارةً أخرى} يقول: مرّةً أخرى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {تارةً أخرى} قال: مرّةً أخرى الخلق الآخر.
قال أبو جعفرٍ فتأويل الكلام إذن: من الأرض أخرجناكم ولم تكونوا شيئًا خلقًا سويًّا، وسنخرجكم منها بعد مماتكم مرّةً أخرى، كما أخرجناكم منها أوّل مرّةٍ). [جامع البيان: 16/86-87]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو جعفرٍ محمّد بن محمّدٍ البغداديّ، ثنا يحيى بن عثمان بن صالحٍ السّهميّ، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن أيّوب، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، قال: لمّا وضعت أمّ كلثوم بنت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في القبر، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى، بسم اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملّة رسول اللّه» فلمّا بني عليها لحدها طفق يطرح إليهم الحبوب ويقول: «سدّوا خلال اللّبن» ثمّ قال: «أما هذا ليس بشيءٍ ولكنّه يطيب بنفس الحيّ»). [المستدرك: 2/411]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 55 - 58
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عطاء الخراساني قال: إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة وذلك قوله منها خلقناكم وفيها نعيدكم). [الدر المنثور: 10/214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة قال: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله). [الدر المنثور: 10/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {تارة أخرى} قال مرة أخرى). [الدر المنثور: 10/215]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 12:11 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قال فمن رّبّكما يا موسى...}
يكلّم الاثنين ثم يجعل الخطاب لواحد؛ لأن الكلام إنما يكون من الواحد لا من الجميع. ومثله مما جعل الفعل على اثنين وهو لواحدٍ.
قوله: {نسيا حوتهما} وإنما نسيه واحد ألا ترى أنه قال لموسى: {فإنّي نسيت الحوت} ومثله {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من الملح). [معاني القرآن: 2/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الرجل بشيء ثم يجعل الخطاب لغيره:
كقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ}، الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، ثم قال للكفار: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
يدلك على ذلك قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
وقال: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}؟.
وقال: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، ثم قال: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}.
وقال: {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}، يريد أباكم آدم، صلّى الله عليه وسلم). [تأويل مشكل القرآن: 291،290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فمن ربّكما يا موسى {49} قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه} [طه: 49-50] قال قتادة: صلاحه.
وقال الحسن: صلاحه وقوّته الّذي يقوم به ويعيش به.
{ثمّ هدى} [طه: 50]
[تفسير القرآن العظيم: 1/261]
قال قتادة: إلى أخذه.
قال يحيى: يقول ثمّ هداه فدلّه حتّى أخذه.
وقال مجاهدٌ: سوّى خلق كلّ دابّةٍ، ثمّ هداها لما يصلحها وعلّمها إيّاه.
وقال الكلبيّ: أعطاه شكله من نحوه: أعطى الرّجل المرأة، والجمل النّاقة، والذّكر الأنثى، ثمّ هداه: عرّفه كيف يأتيها.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن أنّه قال: {صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} [النمل: 88] ثمّ قال: أم تر إلى كلّ دابّةٍ كيف تتّقي على نفسها.
وقال السّدّيّ: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه} [طه: 50] يعني: صورته الّتي تصلح له.
قال: {ثمّ هدى} [طه: 50] يعني: ألهمه لمرعاه، فمنها ما يأكل النّبت، ومنها ما يأكل الحبّ، ومنها ما يأكل اللّحم، ألهمه كيف يأتي معيشته ومرعاه). [تفسير القرآن العظيم: 1/262]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أعطى كلّ شيء خلقه} [يقال: أعطى الذكر من الناس امرأة مثله من صنفه، والشاة شاة، والثور بقرة] ).
[معاني القرآن: 2/181]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ هدى...}
ألهم الذكر المأتي). [معاني القرآن: 2/181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه} أي أعطي كل ذكر خلقا مثله من الإناث.
{ثمّ هدى} أي هدى الذكر لإتيان الأنثى). [تفسير غريب القرآن: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالإلهام، كقوله: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، أي صورته من الإناث، ثم هدى أي ألهمه إتيان الأنثى، ويقال: طلب المرعى وتوقّى المهالك.
وقوله عز وجل: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}، أي هدى الذكر بالإلهام لإتيان الأنثى). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى}
معناه خلق كل شيء على الهيئة التي بها ينتفع، والتي هي أصلح الخلق له، ثم هداه لمعيشته، وقد قيل ثم هداه لموضع ما يكون منه الولد.
والأول أبين في التفسير، وهذا جائز، لأنا نرى الذّكر من الحيوان يأتي الأنثى ولم ير ذكرا قد أتى أنثى قبله فألهمه اللّه - عزّ وجلّ - ذلك وهداه إلى المأتي.
والقول الأول ينتظم هذا المعنى، لأنّه إذا هداه لمصلحته فهذا داخل في المصلحة، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 3/359،358]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قال فما بال القرون الأولى} [طه: 51] دعاه موسى إلى الإيمان بالبعث فقال له فرعون: {فما بال القرون الأولى} [طه: 51] قد هلكت فلم تبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/262]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال قتادة: {قال فما بال القرون الأولى} [طه: 51] أي أين أعمال القرون الأولى؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/262]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فما بال القرون الأولى} أي ما خبر الأمم الأولى وما حديثهم).
[مجاز القرآن: 2/20]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فما بال القرون الأولى} أي فما حالها؟ يقال: أصلح اللّه بالك، أي حالك). [تفسير غريب القرآن: 279]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {قال فما بال القرون الأولى}
قال له موسى عليه السلام:{قال علمها عند ربّي في كتاب لا يضلّ ربّي ولا ينسى} . [معاني القرآن: 3/359]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَمَا بَالُ القرون الأولى}: ما حالها؟). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 152]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال علمها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى} [طه: 52] لا يضلّه فيذهب ولا ينسى ما فيه.
هذا تفسير الحسن). [تفسير القرآن العظيم: 1/262]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال علمها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى} [طه: 52] قال قتادة: يعني ذلك الكتاب، {ولا ينسى} [طه: 52] علم أعمالها وآجالها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/262]
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن أبي المهزّم، عن أبي هريرة قال: قال فرعون: يا هامان، إنّ موسى يعرض عليّ أنّ لي ملكي حياتي ما بقيت، وأنّ لي الجنّة إذا متّ.
وقال له هامان: بينما أنت إلهٌ تعبد إذ صرت عبدًا تعبد، فردّه عن رأيه). [تفسير القرآن العظيم: 1/263]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {في كتابٍ لاّ يضلّ ربّي...}

ربّي أي لا ينساه و(ربّي) في موضع رفع تضمر الهاء في يضلّه (ولا ينسى) وتقول: أضللت الشيء إذا ضاع؛ مثل الناقة والفرس وما انفلت منك. وإذا أخطأت الشيء الثابت موضعه مثل الدار والمكان قلت: ضللته وضللته لغتان ولا تقل أضللت ولا أضللته). [معاني القرآن: 2/181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال علمها عند ربّي في كتاب لا يضلّ ربّي ولا ينسى}
معناه لا يضلها ولا ينساها، ولا يضله ربي ولا ينساه، يعنى به الكتاب.
ومعنى ضللت الشيء وضللت بكسر اللام وفتحها أضلّه وأضلّه، إذا جعلته في مكان لم تدر أين هو، ويضل من أضللته، ومعنى أضللته أضعته.
قال أبو إسحاق من قرأ بالفتح فمعناه لا يضل أي لا يضل عن ربّي..
وإذا ضممت الياء فمعناه لا يوجد ربي ضالّا عنها). [معاني القرآن: 3/359]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذي جعل لكم الأرض مهدًا} [طه: 53] مثل قوله: {جعل لكم الأرض بساطًا} [نوح: 19].
{فراشًا} [البقرة: 22] قوله: {وسلك لكم فيها سبلا} [طه: 53] أي: وجعل لكم فيها طرقًا.
{وأنزل} [طه: 53] لكم.
{من السّماء ماءً فأخرجنا به أزواجًا من نباتٍ شتّى} [طه: 53] مختلفٌ في لونه وطعمه.
وكلّ ما ينبت في الأرض فالواحد منه زوجٌ.
قال: فالّذي ينبت هذه الأزواج الشّتّى قادرٌ على أن يبعثكم بعد الموت). [تفسير القرآن العظيم: 1/263]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أزواجاً مّن نّباتٍ شتّى...}

مختلف الألوان والطعوم). [معاني القرآن: 2/181]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فيها سبلاً وأنزل من السّماء ماء فأخرجنا به أزواجاً مّن نّباتٍ شتّى}
وقال: {أزواجاً مّن نّباتٍ شتّى} يريد: "أزواجاً شتّى من نباتٍ" أو يكون النبات هو شتى. كلّ ذلك مستقيم). [معاني القرآن: 3/4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أزواجاً} أي ألوانا كل لون زوج). [تفسير غريب القرآن: 279]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {كلوا وارعوا أنعامكم} [طه: 54] من ذلك النّبات.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} [طه: 54] سعيدٌ، عن قتادة قال: لأولي الورع.
وقال الحسن: لأولي العقول). [تفسير القرآن العظيم: 1/263]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى...}

يقول: في اختلاف ألوانه وطعمه آيات لذوي العقول. وتقول للرجل. إنه لذو نهية إذا كان ذا عقل). [معاني القرآن: 2/181]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لأولي النّهى} مجازه لذوي الحجى واحدتها نهية، أي أحلام وعقول وانتهى إلى عقول أمرهم ورأيهم،
ومجاز قولهم لذي حجى أي لذي عقل ولب). [مجاز القرآن: 2/20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لأولي النهى}: العقول. واحده نهية. يقال إنه لذو رأي ونهية). [غريب القرآن وتفسيره: 246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لأولي النّهى} أي أولي العقول. والنّهية: العقل. قال ذو الرّمة:
[لعرفانها والعهد ناء] وقد بدا لذي نهية إلا إلى أمّ سالم). [تفسير غريب القرآن: 279]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {كلوا وارعوا أنعامكم إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}
{إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى} معناه لذوي العقول، واحد لنهى نهية.
يقال: فلان ذو نهية ومعناه ذو عقل ينتهي به عن المقابح ويدخل به في المحاسن.
وقال بعض أهل اللغة: ذو النهية الذي ينتهى إلى رأيه وعقله.
وهذا حسن أيضا). [معاني القرآن: 3/359]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لأولي النهى} أي: لأولي العقول). [ياقوتة الصراط: 347]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِّأُوْلِي النُّهَى}: أولي العقول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 153]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {النُّهـى}: العقول). [العمدة في غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {منها خلقناكم} [طه: 55] يعني من الأرض خلقناكم.
قال الحسن: يعني خلق آدم.
{وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى} [طه: 55] سعيدٌ 1: 264 -، عن قتادة قال: مرّةً أخرى.
[تفسير القرآن العظيم: 1/263]
- يحيى، عن صاحبٍ له، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين يومًا نطفةً، ثمّ يكون علقةً أربعين يومًا، ثمّ يكون مضغةً أربعين يومًا، ثمّ يؤمر الملك أن يكتب أربعًا: رزقه، وعمله، وأثره، وشقيًّا أو سعيدًا.
والّذي لا إله غيره إنّ العبد ليعمل بعمل أهل الجنّة حتّى ما يكون بينه وبين الجنّة إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النّار حتّى يدخلها، وإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل النّار حتّى ما يكون بينه وبين النّار إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنّة حتّى يدخلها ".
قال يحيى: وبلغني أنّه يؤخذ من تربة الأرض الّتي يموت فيها، فيخلط بخلقه أو فتذرى على خلقه وهو قوله: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى} [طه: 55] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/264]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تارةً أخرى...}

مردودة على قوله: {منها خلقناكم} لا مردودة على {نعيدكم} لأن الأخرى والآخر إنما يردّان على أمثالهما. تقول في الكلام: اشتريت ناقةً وداراً وناقة أخرى فتكون (أخرى) مردودة على الناقة التي هي مثلها ولا يجوز أن (تكون مردودةً) على الدار. وكذلك قوله: {منها خلقناكم} كقوله: (منها أخرجناكم، ونخرجكم بعد الموت (مرة أخرى) ). [معاني القرآن: 2/181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}
يعنى به الأرض، لأن اللّه - عزّ وجلّ - خلق آدم من تراب، وجرى الإضمار على قوله: {الّذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا}.
وقوله: {تارة أخرى}.
{منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}
متعلق بقوله {منها نخرجكم}، لأن المعنى كمعنى الأول.
لأن معنى {ومنها نخرجكم} بمنزلة منها خلقناكم، فكأنّه قال - واللّه أعلم -: ومنها نخلقكم تارة أخرى، لأن إخراجهم وهم تراب بمنزلة خلق آدم من تراب). [معاني القرآن: 3/360،359]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 12:12 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (وقولُه: مِن شَتَّى, أيْ: مِن كُلِّ وجْهٍ). [شرح لامية العرب: --]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) }

تفسير قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 05:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 05:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 05:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما فرغا من المقالة التي أمر بها عن قوله: "وتولى" خاطبهما فرعون، وفي سرد هذه الآية حذف يدل عليه ظاهر الكلام، تقديره: فأتياه فلما قالا جميع ما أمرا به قال لهما فرعون: فمن ربكما؟ وقوله: "يا موسى" بعد جمعه مع "هارون" في الضمير نداء بمعنى التخصيص والتوقيف؛ إذ كان صاحب عظم الرسالة ولزيم الآيات). [المحرر الوجيز: 6/99]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}
استبد موسى عليه السلام بجوابه من حيث خصه في السؤال، ثم أعلمه من صفات الله بالتي لا تشريك لفرعون فيه ولا بوجه مجاز. واختلف المفسرون في قوله: {الذي أعطى كل شيء خلقه} فقالت فرقة: أعطى الله الذكر من كل الحيوان - نوعه وخلقته - أنثى، ثم هدى للإتيان، وقالت فرقة: أعطى الله كل موجود من مخلوقاته خلقته وصورته، أي أكمل ذلك له وأتقنه، ثم هدى أي: يسر كل شيء لمنافعه ومرافقه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا القول أشرف معنى وأعم في الموجودات.
وقرأت فرقة: "خلقه" بفتح اللام، ويكون المفعول الثاني بـ "أعطى" مقدرا، تقديره: كماله أو مصلحته). [المحرر الوجيز: 6/99]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقول فرعون: فما بال القرون الأولى يحتمل أن يريد محاجته بحسب ما تقدم من القول ومناقضته فيه، فليس يتجه على هذا أن يريد إلا: ما بال القرون الأولى لم تبعث ولم يوجد أمرك عندها؟ فرد موسى عليه السلام علم ذلك إلى الله تعالى. ويحتمل أن يريد فرعون قطع الكلام الأول والرجوع إلى سؤال موسى عمن سلف من الناس روغانا في الحجة وحيدة، وقيل: "البال": الحال، فكأنه سأله عن حالهم، كما جاء في الحديث: يهديكم الله ويصلح بالكم. وقال النقاش: إنما قال فرعون: {فما بال القرون الأولى} لما سمع مؤمن آله يقول: {يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب
[المحرر الوجيز: 6/99]
مثل دأب قوم نوح وعاد} الآية). [المحرر الوجيز: 6/100]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ورد موسى العلم إلى الله لأنه لم تأته التوراة بعد. وقوله: {في كتاب} يريد اللوح المحفوظ، أو فيما كتبه الملائكة من أحوال البشر.
وقرأت فرقة: "لا يضل" بفتح الياء وكسر الضاد، واختلف في معنى هذه القراءة فقالت فرقة: هو ابتداء كلام، تنزيه لله تبارك وتعالى عن هاتين الصفتين، وقد كان الكلام تم في قوله: "في كتاب"، و"يضل" معناه: يتلف، وقالت فرقة: بل قوله: {لا يضل ربي ولا ينسى} من صفة الكتاب، أي أن الكتاب لا يغيب عن الله تعالى، تقول العرب: "ضلني الشيء" إذا لم أجده، و"أضللته أنا"، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الإسرائيلي الذي طلب أن يحرق بعد موته: لعلي أضل الله الحديث، ولا ينسى أظهر ما فيه أن يعود ضميره إلى الله تعالى، ويحتمل أن يعود إلى الكتاب في بعض
[المحرر الوجيز: 6/100]
التأويلات، يصفه بأنه لا ينسى، أي: لا يدع شيئا، فالنسيان هنا استعارة، كما قال في موضع آخر: إلا أحصاها، فوصفه بالإحصاء من حيث حصرت فيه الحوادث). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى}
انظر هذه الأشياء التي ذكرها موسى عليه السلام، هي مما تقضي بداية العقول أن فرعون وكل بشر بعيد منها؛ لأنه لو قال: هو الرازق القادر المريد العالم ونحوه من العبارات لأمكن فرعون أن يغالط ويقول: أنا أفعل هذا كله، فإنما أتاه موسى عليه السلام بصفات لا يمكن فرعون أن يقول: إن ذلك له.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عباس: "مهادا" بكسر الميم وبألف، و"المهاد" هو جمع مهد، وقيل: هو اسم مفرد كفرش وفراش، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "مهدا" بفتح الميم وسكون الهاء، وقوله: "سلك" بمعنى: نهج ولحب، و"السبل": الطرق. وقوله: {فأخرجنا به} يحتمل أن يكون كلام موسى عليه السلام، على تقدير: يقول الله عز وجل: "فأخرجنا"، ويحتمل أن يكون كلام موسى تم عند قوله: {وأنزل من السماء ماء} ثم وصل الله تعالى كلام موسى بإخباره لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمراد الخلق أجمع بهذه الآيات المنبه عليها. و"الأزواج" بمعنى: الأنواع، وقوله: "شتى" نعت للأزواج، أي: مختلفات). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلوا وارعوا أنعامكم} بمعنى هي صالحة أن يؤكل منها وترعى الغنم فيها، فأخرج العبارة في صيغة الأمر؛ لأنه أوحى الأفعال وأهدأها للنفوس، و"النهى" جمع نهية، والنهية: العقل الناهي عن القبائح). [المحرر الوجيز: 6/101]

تفسير قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {منها خلقناكم}، أي: من الأرض، وهذا من حيث خلق آدم عليه السلام من تراب، وقوله: {وفيها نعيدكم} يريد: بالموت والدفن أو الفناء كيف كان، وقوله: {ومنها نخرجكم} يريد: بالبعث يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 6/101]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 08:56 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 09:00 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فمن ربّكما يا موسى (49) قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى (50) قال فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى (52)}.
يقول تعالى مخبرًا عن فرعون أنّه قال لموسى منكرًا وجود الصّانع الخالق، إله كلّ شيءٍ وربّه ومليكه، قال: {فمن ربّكما يا موسى} أي: الّذي بعثك وأرسلك من هو؟ فإنّي لا أعرفه، وما علمت لكم من إلهٍ غيري). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 297]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّنا الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى}. قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ يقول: خلق لكلّ شيءٍ زوجة.
وقال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: جعل الإنسان إنسانًا، والحمار حمارًا، والشّاة شاةً.
وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهدٍ: أعطى كلّ شيءٍ صورته.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: سوّى خلق كلّ دابّةٍ.
وقال سعيد بن جبيرٍ في قوله: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} قال: أعطى كلّ ذي خلق ما يصلحه من خلقه، ولم يجعل للإنسان من خلق الدّابّة، ولا للدّابّة من خلق الكلب، ولا للكلب من خلق الشّاة، وأعطى كلّ شيءٍ ما ينبغي له من النّكاح، وهيّأ كلّ شيءٍ على ذلك، ليس شيءٌ منها يشبه شيئًا من أفعاله في الخلق والرّزق والنّكاح.
وقال بعض المفسّرين: {أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى} كقوله تعالى: {والّذي قدّر فهدى} [الأعلى: 3] أي: قدّر قدرًا، وهدى الخلائق إليه، أي: كتب الأعمال والآجال والأرزاق، ثمّ الخلائق ماشون على ذلك، لا يحيدون عنه، ولا يقدر أحدٌ على الخروج منه. يقول: ربّنا الّذي خلق [الخلق] وقدّر القدر، وجبل الخليقة على ما أراد). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 297-298]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فما بال القرون الأولى} أصحّ الأقوال في معنى ذلك: أنّ فرعون لـمّا أخبره موسى بأنّ ربّه الّذي أرسله هو الّذي خلق ورزق وقدّر فهدى، شرع يحتجّ بالقرون الأولى، أي: الّذين لم يعبدوا اللّه، أي: فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول، لم يعبدوا ربّك بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإنّ عملهم عند اللّه مضبوطٌ عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب اللّه، وهو اللّوح المحفوظ وكتاب الأعمال، {لا يضلّ ربّي ولا ينسى} أي: لا يشذّ عنه شيءٌ، ولا يفوته صغيرٌ ولا كبيرٌ، ولا ينسى شيئًا. يصف علمه تعالى بأنّه بكلّ شيءٍ محيطٌ، وأنّه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدّس، فإنّ علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما: عدم الإحاطة بالشّيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنزّه نفسه عن ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 298]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذي جعل لكم الأرض مهدًا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السّماء ماءً فأخرجنا به أزواجًا من نباتٍ شتّى (53) كلوا وارعوا أنعامكم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى (54) منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى (55) ولقد أريناه آياتنا كلّها فكذّب وأبى (56)}.
هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربّه، عزّ وجلّ، حين سأله فرعون عنه، فقال: {الّذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه ثمّ هدى}، ثمّ اعترض الكلام بين ذلك، ثمّ قال: {الّذي جعل لكم الأرض مهادًا}
وفي قراءة بعضهم "مهدًا" أي: قرارًا تستقرّون عليها وتقومون وتنامون عليها وتسافرون على ظهرها، {وسلك لكم فيها سبلا} أي: جعل لكم طرقًا تمشون في مناكبها، كما قال تعالى: {وجعلنا فيها فجاجًا سبلا لعلّهم يهتدون} [الأنبياء: 31].
{وأنزل من السّماء ماءً فأخرجنا به أزواجًا من نباتٍ شتّى} أي: [من] ألوان النّباتات من زروعٍ وثمارٍ، ومن حامضٍ وحلوٍ، وسائر الأنواع). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 298-299]

تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلوا وارعوا أنعامكم} أي: شيءٌ لطعامكم وفاكهتكم، وشيءٌ لأنعامكم لأقواتها خضرًا ويابسًا.
{إنّ في ذلك لآياتٍ} أي: لدلالاتٍ وحججًا وبراهين {لأولي النّهى} أي: لذوي العقول السّليمة المستقيمة، على أنّه لا إله إلّا اللّه، ولا ربّ سواه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 299]

تفسير قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى}أي: من الأرض مبدؤكم، فإنّ أباكم آدم مخلوقٌ من ترابٍ من أديم الأرض، {وفيها نعيدكم} أي: وإليها تصيرون إذا متّم وبليتم، ومنها نخرجكم تارةً أخرى. {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلا قليلا} [الإسراء: 52].
وهذه الآية كقوله تعالى: {قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} [الأعراف: 25].
وفي الحديث الّذي في السّنن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حضر جنازةً، فلمّا دفن الميّت أخذ قبضةً من التّراب فألقاها في القبر ثمّ قال {منها خلقناكم} ثمّ [أخذ] أخرى وقال: {وفيها نعيدكم}. ثمّ أخذ أخرى وقال: {ومنها نخرجكم تارةً أخرى}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 299]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة