العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 03:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (83) إلى الآية (98) ]

{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)}


قوله تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83)}
قوله تعالى: {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84)}
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85)}
قوله تعالى: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86)}
قوله تعالى: {فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)}
قوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88)}
قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)}
قوله تعالى: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90)}
قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91)}
قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ (92)}
قوله تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن [فَرَاغَ عَلَيْهِمْ سَفْقًا بِالْيَمِينِ].
قال أبو الفتح: قد قالوا: صفقْتُ البابَ، وسفَقْتُه، والصاد أعلى. وقالوا أيضا: أَسْفَقْتُه إسْفاقًا، وقالوا في التَّصْفِيق: التَّصْفَاق، إذا كثر ذلك، كالتَّضْرَاب والتَّلْمَاح والتَّمْشَاء وروي عن الحسن, أيضا: [صَفْقًا] ). [المحتسب: 2/221]

قوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأقبلوا إليه يزفّون (94)
قرأ حمزة، والمفضل عن عاصم (يزفّون) بضم الياء.
وقرأ الباقون (يزفّون) بفتح الياء، وتشديد الفاء.
قال أبو منصور: من قرأ (يزفّون) بفتح الياء فأصله من زفيف النّعام، وهو ابتداء عدوه. يقال: زف النعام يزف" زفيفًا.
ومن قرأ (يزفّون) بضم الياء فالمعنى: يصيرون إلى الزفيف.
والقراءة المختارة (يزفّون) ). [معاني القراءات وعللها: 2/320]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: يزفون [الصافّات/ 94] فقرأ حمزة وحده يزفون، برفع الياء وكسر الزاي، المفضل عن عاصم مثله.
وقرأها الباقون: يزفون بفتح الياء.
قال أبو علي: يقال: زفّت الإبل تزفّ: إذا أسرعت، وقال الهذلي:
وزفّت الشّول من برد العشيّ كما زفت النّعام إلى حفّانة الرّوح
[الحجة للقراء السبعة: 6/56]
الحفان: صغار النعام. والرّوح: جمع روحاء، وهي التي بين رجليها فرجة.
وقول حمزة: يزفون يحملون غيرهم على الزفيف، قال الأصمعي: أزففت الإبل: إذا حملتها على أن تزفّ، وهو سرعة الخطو، ومقاربة المشي، والمفعول محذوف على قراءته، كأنّهم حملوا ظهورهم على الإسراع والجدّ في المشي). [الحجة للقراء السبعة: 6/57]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبد الله بن يزيد: [يَزِفُونَ]، خفيفة.
قال أبو الفتح: المسموع في هذا زَفَّ القومُ يَزِفُّونَ زَفِيفًا، وقالوا أيضا: أَزَفُّوا يُزِفُّونَ، كما قالوا: زَفَفْت العروس، وقالوا أَزْفَفْتُها أيضا. فأما [يَزِفُونَ] بالتخفيف فذهب قطرب إلى أنها تخفيف يَزِفُّونَ، كما قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، أي: اُقْرَرْنَ.
قال الهذلي:
وَزَفَّتِ الشَّوْلُ مِن بَرْدِ العَشِيِّ كَمَا ... زَفَّ النَّعَامُ إلى حَفَّانِهِ الرُّوحُ
إلا أن ظاهر [يَزِفُونَ] أن يكون من وَزَفَ، كيَعِدون من وعد. ويؤنِّس بذلك قربه من لفظ الوَفز، وهو واحد الأوْفَاز، من قولهم: أنا على أوْفَاز. إذا كان كذلك فهو
[المحتسب: 2/221]
قريب من لفظ وَزَفَ، أي: أسرع، وقريب من معناه. ولم يثبت الكسائي ولا الفراء: [وَزَفَ]، إلا أن ظاهر اللفظ مقتضٍ لها على ما مضى. وعلى أن أحمد بن يحيى قد أثبت وَزَفَ: إذا أسرع، وشاهده عنده هذه القراءة: [يَزِفُونَ] أي: يسرعون). [المحتسب: 2/222]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأقبلوا إليه يزفون}
قرأ حمزة {فأقبلوا إليه يزفون} بضم الياء وقرأ الباقون {يزفون} بفتح الياء من زففت وهو الاختيار والعرب تقول زف يزف زفيفا إذا أسرع ويقال زفت الإبل تزف إذا أسرعت وأما حمزة فإنّه جعله لغتين زف وأزف ويجوز أن يكون زف الرجل بنفسه وأزف غيره فيكون المعنى فأقبلوا إليه يزفون أنفسهم ويجوز أن يكون المعنى يحملون غيرهم على الزفيف). [حجة القراءات: 609]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {إليه يزفون} قرأه حمزة وحده بضم الياء، وكسر الزاي، وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الزاي.
وحجة من فتح أنه أخبر عنهم أنفسهم بالزفيف، وهو الإسراع، يقال: زفت الإبل تزف، إذا أسرعت.
13- وحجة من ضم أنه أخبر عنهم أنهم يحملون غيرهم على الإسراع، فالمفعول محذوف، والمعنى: فأقبلوا إليه يحملون غيرهم على الإسراع، أي: يحمل بعضهم بعضًا على الإسراع، قال الأصمعي: يقال أزفت الإبل إذا حملتها على أن تزف، أي: تسرع، والزفيف الإسراع في الخطو مع مقاربة المشيء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/225]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يُزِفُّونَ} [آية/ 94] بضم الياء:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أن معنى {يُزِفُّونَ} يحملون دوابّهم على الزفيف، وهو سرعة المشي مع مقاربة الخطو، وقال بعضهم: الزفيف: مشيٌ فيه اختيال كمشية العروس.
وقيل {يُزِفُّونَ} يُسرعون، فيقال زف وأزف إذا أسرع.
وقرأ الباقون {يَزِفُّونَ} بفتح الياء، وكلهم كسر الزاي.
والوجه أن المراد يُسرعون، يقال زفَّت الإبل إذا أسرعت، زفيفًا). [الموضح: 1089]

قوله تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95)}
قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)}
قوله تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97)}
قوله تعالى: {فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (99) إلى الآية (113) ]

{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}


قوله تعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)}
قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100)}
قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فانظر ماذا ترى (102)
قرأ حمزة والكسائي (ماذا ترى) بضم التاء، وكسر الراء.
وقرأ الباقون (ماذا ترى) بفتح التاء.
وأمال أبو عمرو الراء من (ترى). وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (ماذا ترى) فهو من الرأي، المعنى: ماذا ترى فيما أمر الله به؟
[معاني القراءات وعللها: 2/320]
ومن قرأ (ماذا ترى) فله وجهان:
أحدهما: ماذا تشير؟
وقال الفراء معناه: ماذا ترى من صبرك؟
والقراءة الأولى أجود القراءتين). [معاني القراءات وعللها: 2/321]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك (102)
فتح الياء فيهما ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
وأسكنها فيهما سائر القراء.
وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/321]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {فانظر ماذا ترى} [102].
قرأ حمزة والكسائي: {ترى} بضم التاء، وكسر الراء من أريت تري، أي: إذا ما تشير والأصل: ترأي فنقلوا كسرة الهمزة إلى الراء، وحذفوا الهمزة لسكونها، وسكون الياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/247]
وقرأ الباقون: {ماذا تري} بالفتح. غير أن أبا عمرو كان يميل الراء من أجل الياء.
والباقون يفتحون جعلوه من الرأي والرؤية، لا من المشورة. وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأى في المنام فأمر بذبح ابنه. ورؤيا الأنبياء وحي، فلذلك قال ابنه: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [102] قال ذلك وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
{فتله للجبين} [103] أي: صرعه وألقاه على وجهه لئلا يرى وجهه فيرحمه. فلما عرف الله طاعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم إياه، وطاعة ابنه إياه شكر الله تعالى لهما بذلك، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعي في الجنة أربعين خريفًا.
واختلف الناس في الذبيح؟ فقال قوم: إسحق، وقال آخرون:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/248]
إسماعيل عليهما السلام. واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن الذبيحين»، وبقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} [112]، قال: فكيف تكون البشارة مع الذبح؟!
واحتج الآخرون فقالوا: {وفديناه} [107] أي: وفدينا إسحاق، وبشرنا إبراهيم بنبوة إسحاق بعد أن فداه صلى الله عليه وسلم. فمن قال: إسحاق، فعلي وابن مسعود وكعب الأحبار. ومن قال إنه إسماعيل، فإنه عمر ومحمد بن كعب القرظي وسعيد بن المسيب. ومن قال: إنه إسحاق قال كان في إسحق بشارتان. فبشرناه بغلام حليم، وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصالحين. ومعنى {تله}: صرعه كما أخبرتك. وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل عليه السلام أتاه بمفاتيح خزائن الأرض فتلها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» فمعناه: صبها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ التاء وفتحها من قوله عزّ وجلّ: ماذا ترى [الصافّات/ 102].
فقرأ حمزة والكسائي: ماذا تري بضمّ التاء وكسر الراء.
وقرأ الباقون ماذا ترى بفتح التاء.
قال أبو علي: من فتح التاء فقال: ماذا ترى كان مفعول ترى أحد شيئين:
أحدهما أن يكون ما* مع ذا* بمنزلة اسم واحد فيكونان في موضع نصب بأنّه مفعول ترى.
والآخر: ذا* بمنزلة الذي* فيكون مفعول ترى، والهاء محذوفة من الصلة، وتكون ترى على هذا التي معناها: الرّأي، وليس إدراك الحاجة كما تقول: فلان يرى رأي أبي حنيفة، ومن هذا قوله عزّ وجلّ: لتحكم بين الناس بما أراك الله [النساء/ 106] فلا يخلوا أراك من أن يكون نقلها بالهمزة من التي هي رأيت، تريد رؤية البصر، أو رأيت التي تتعدّى إلى مفعولين، أو رأيت التي بمعنى: الرأي الذي هو
[الحجة للقراء السبعة: 6/57]
الاعتقاد والمذهب. فلا يجوز أن يكون من الرؤية التي معناه: أبصرت يعني لأنّ الحكم في الحوادث بين الناس ليس مما يدور بالبصر، فلا يجوز أن يكون هذا القسم، ولا يجوز أن يكون من رأيت التي تتعدّى إلى مفعولين، لأنّه كان يلزم بالنقل بالهمزة أن يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين، وفي تعدية إلى مفعولين، أحدهما الكاف التي للخطاب، والآخر المفعول المقدّر حذفه من الصلة تقديره: بما أراكه الله، ولا مفعول ثالثا في الكلام، دلالة على أنّه من رأيت الّتي معناها الاعتقاد والرأي، وهي تتعدّى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بالهمزة تعدّى إلى مفعولين كما جاء في قوله: بما أراك الله [النساء/ 106] فإذا جعلت قوله: ذا* من قوله ماذا ترى بمنزلة الذي، صار تقديره: ما الذي تراه، فيصير ما* في موضع ابتداء، ابتداء، والذي* في موضع خبره، ويكون المعنى: ما الذي تذهب إليه فيما ألقيت إليك؟ هل تستسلم له وتتلقاه بالقبول، أو تأتي غير ذلك؟ فهذا وجه قول من قال: ماذا ترى بفتح التاء، وقوله يا أبت افعل ما تؤمر [الصافّات/ 102] دلالة على الاستسلام والانقياد لأمر الله عزّ وجلّ.
فأمّا قول حمزة والكسائي: ماذا ترى، فإنّه يجوز أن يكون ما* مع ذا* بمنزلة اسم واحد، فيكونان في موضع نصب، والمعنى:
أجلدا تري على ما تحمل عليه أم خورا؟ ويجوز أن تجعل ما* مبتدأ وذا* بمنزلة الذي ويعود إليه الذكر المحذوف من الصلة، والفعل منقول من رأى زيد الشيء وأريته الشيء إلّا أنّه من باب أعطيت فيجوز أن يقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، كما أن أعطيت كذلك، ولو ذكرت المفعول كان أريت زيدا جلدا، ولو قرأ قارئ: ماذا ترى
لم يجز لأن ترى* يتعدّى إلى مفعولين، وليس هنا إلّا مفعول واحد،
[الحجة للقراء السبعة: 6/58]
والمفعول الواحد إمّا أن يكون ماذا بمجموعه، وإمّا أن يكون الهاء التي تقدرها محذوفة من الصلة إذا قدرت ذا* بمنزلة الذي*، فإذا قدرتها محذوفة كانت العائدة إلى الموصول، فإذا عاد إلى الموصول اقتضى المفعول الثاني فيكون ذلك كقوله: أين شركائي الذين كنتم تزعمون [القصص/ 62] ألا ترى أن التقدير: أين شركائي الذين كنتم تزعمونهم إيّاهم، أي: تزعمونهم شركائي، فحذف المفعول الثاني لاقتضاء المفعول الأوّل الذي في تقدير الإثبات في الصلة إيّاه فهو قول، ويكون مثل هذه الآية، وكذلك إن قدّرت ما* وذا* بمنزلة اسم واحد صار ماذا في موضع نصب بكونه مفعولا لترى، ويكون المفعول الثاني محذوفا، كأنّه: ماذا تري كائنا منك، أو واقعا منك، ونحو ذلك، وأري بمنزلة زعمت وظننت ونحوه، ألا ترى أنّه ذكره في هذا الباب؟ وذلك أنّه منقول من أريت زيدا عمرا خير الناس، فإذا بنيته للمفعول أقمت المفعول الأوّل مقام الفاعل، فبقي المفعولان اللّذان كانا مفعولي ظننت، وخلت ونحوهما). [الحجة للقراء السبعة: 6/59]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش والضحاك: [فَانْظُرْ مَاذَا تُرَى]، بضم التاء.
قال أبو الفتح: رُوِّينا عن قطرب: [مَاذَا تُرَى]، و[تُرِي] بفتح الراء وكسرها.
فَتُرَى، أي: يُلْقَى إليك، ويُوقَعُ في خاطرك.
وأما [تُرِي] فتشير به، وتدعو إلى العمل بحسبه.
و{تَرَى} هذه ليست من معنى الرؤية بالبصر؛ لأن الرأي ليس مما تدركه حاسة البصر، ولا هي من معنى العلم أيضا؛ لأنه ليس يكلفه هنا أن يقطع له بصريح الحق وجَليّة اليقين، وإنما يسأله عما يُحضره إياه رأيُه، فهي إذًا من قولك: ما رأيك في هذا؟ وما الذي يَحْضُرُك في كذا؟
ومنه قول الله تعالى : {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}، أي: بما يُحْضِرُك إياه الرأي والخاطر. وفيه شاهد لجواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم. ومنه قولهم: فلان يرى رأي الخوارج، ويرى رأي أبي حنيفة، أي: يذهب مذهبه ويعتقد اعتقاده، ليس أنه يُبصر بصرَه، ولا يعلم يقينا علمَه، وإنما هو أن يعتقد رأيَه، صوابًا كان، أو خطأ). [المحتسب: 2/222]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ( {فانظر ماذا ترى}
قرأ حمزة والكسائيّ {فانظر ماذا ترى} بضم التّاء وكسر الرّاء أي ما تشير كذا قال الزّجاج
قال الفراء معناه ما تريني من صبرك والأصل ترئي فنقلنا كسرة الهمزة إلى الرّاء فصار تري
وقرأ الباقون {ماذا ترى} أي ما الّذي عندك من الرّأي فيما أخبرتك به). [حجة القراءات: 609]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {ماذا ترى} قرأه حمزة والكسائي بضم التاء، وكسر الراء، وقرأ الباقون بفتحهما جميعًا.
وحجة من فتح التاء أنه جعل الفعل من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب، فعداه إلى مفعول واحد، وهو ما في قوله: {ماذا ترى} فجعلهما اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ «ترى» لأن «ما» استفهام، ولا يعمل فيها «انظر» لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله، إنما يعمل فيه ما بعده، وهو «ترى» في هذا الموضع، وليس «ترى» من رؤية العين، لأنه لم يأمره أن يبصر شيئًا ببصره، إنما أمره أن يدبر أمرًا عرضه عليه، يقول فيه برأيه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/225]
وهو الذبح، وليس ذلك من إبراهيم على معنى الاستشارة له في أمر الله، إنما هو على الامتحان للذبيح، واستخراج صبره على الذبح، ولا يحسن أن يكون «ترى» من العلم لأنه يلزم أن يتعدى إلى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو «ماذا» وإن شئت جعلت «ما» ابتداء استفهامًا و«ذا» بمعنى الذي خبر الابتداء، و«ترى» في صلة الذي واقعًا على هاء محذوفة من الصلة، تقديره: أي شيء الذي تراه، ولا يحسن إضمار الهاء مع نصب «ماذا» بـ «ترى» لأن الهاء لا تحذف من غير الصلة والصفة إلا في شعر، فلما امتنع أن يكون «ترى» في قراءة من فتح التاء والراء من النظر ومن العلم، لم يبق إلا أن يكون من الرأي على ما ذكرنا، ومثله قوله تعالى: {لتحكم بين الناس بما أراك الله} «النساء 105» أي: بما أظهر لك من الرأي الذي تعتقد مما أمرك الله به، وأوحى إليك فيه، ولو كانت «أراك» من البصر لتعدت إلى مفعولين؛ لأنها منقولة بالهمزة من «رأى»، ولا يحسن ذلك في المعنى؛ لأن الأحكام بين الناس لا تدرك بالبصر إنما تدرك بالنظر والرأي، فيما عدم فيه النص، فلما امتنع أن يكون من البصر ومن العلم لم يبق إلا أن يكون من الرأي على ما ذكرنا، ولو كانت من العلم لتعدت إلى ثلاثة مفعولين، لأنها أيضًا منقولة بالهمز من «رأى» من العلم الذي يتعدى إلى مفعولين، فالهمزة تزيد في التعدي أبدًا مفعولًا، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، ولصحة معناه.
15- وحجة من ضم التاء وكسر الراء أنه جعله أيضًا من الرأي، إلا أنه نقله إلى الرباعي، فهو مستقبل، أريته الشيء، إذا جعلته يعتقده، فالمعنى:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/226]
فانظر ماذا تحملني عليه من الرأي فيما قلت لك، هل تصبر أم تجزع. وقيل: جواب الذبيح في قوله: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} فهو يتعدى إلى مفعولين، يجوز الاقتصار على أحدهما، كـ «أعطى» فالمفعول الهاء المحذوفة إذا جعلت «ما» ابتداء و«ذا» بمعنى الذي خبر «ما» وإن شئت كان المفعول «ماذا» تجعلهما اسمًا واحدًا في موضع نصب بـ «ترى» والمفعول الثاني محذوف، أي: ماذا تريناه من الرأي، وقيل: معنى فتح التاء: ماذا تأمر به، ومعنى ضمها: ماذا تشير به، وهذا الحرف أماله أبو عمرو وحده، وقرأه ورش بين اللفظين، وفتحه عاصم وابن كثير وابن عامر وقالون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/227]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {مَاذَا تُرِي} [آية/ 102] بضم التاء وكسر الراء مشبعةً:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه مضارع أريته، يقال: رأى زيدٌ الشيء، وأريته إياه، وهي من رؤية البصر، ويجوز أن يقتصر في هذا على أحد المفعولين نحو أعطيته، والمفعول الأول ههنا محذوفٌ، والمفعول الثاني هو ما تقدم من قوله {ماذا}.
و{ماذا} يجوز أن يكون اسمًا واحدًا منزلة أيٍ، والمعنى أي شيءٍ تُرينا من تجلُّدك.
ويجوز أن يكون {ما} اسمًا مبتدأً، و{ذا} خبره، وهو اسم موصول بمنزلة الذي، و{تُرِي} صلته، والتقدير ما الذي تُرينا إياه، فيكون المفعولان محذوفين.
وقرأ الباقون {مَاذَا تَرَى} بفتح التاء.
والوجه أنه مضارع رأيت الرأي، وليس هو من الرؤية، بل من قولهم فلانٌ يرى رأي أبي حنيفة، والمعنى ما الذي تتخذه مذهبًا فيما ذكرت لك، هل تنقاد له وتقابله بالقبول، أم لا؟ وليس لهذا الفعل إلا مفعول واحد، فإن جعلت {ما} مع {ذا} اسمًا واحدًا فهو مفعول {تَرَى} تقدم عليه، وتقديره: أي شيءٍ ترى، وإن جعلت {ما} اسمًا مبتدأً، و{ذا} بمعنى الذي وهو خبره، و{تَرى} صلة ذا، فالمفعول به محذوف، والتقدير: ما الذي تراه، فحُذف ضمير المفعول به). [الموضح: 1090]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {يَا أَبَتَ افْعَلْ} [آية/ 102] بفتح التاء:
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {يَا أَبَتِ} بكسر التاء.
وقد مضى وجه القراءتين في سورة يوسف). [الموضح: 1092]

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({فتله للجبين} [103] أي: صرعه وألقاه على وجهه لئلا يرى وجهه فيرحمه. فلما عرف الله طاعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم إياه، وطاعة ابنه إياه شكر الله تعالى لهما بذلك، ففداه بذبح عظيم بكبش قد رعي في الجنة أربعين خريفًا.
واختلف الناس في الذبيح؟ فقال قوم: إسحق، وقال آخرون:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/248]
إسماعيل عليهما السلام. واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن الذبيحين»، وبقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} [112]، قال: فكيف تكون البشارة مع الذبح؟!
واحتج الآخرون فقالوا: {وفديناه} [107] أي: وفدينا إسحاق، وبشرنا إبراهيم بنبوة إسحاق بعد أن فداه صلى الله عليه وسلم. فمن قال: إسحاق، فعلي وابن مسعود وكعب الأحبار. ومن قال إنه إسماعيل، فإنه عمر ومحمد بن كعب القرظي وسعيد بن المسيب. ومن قال: إنه إسحاق قال كان في إسحق بشارتان. فبشرناه بغلام حليم، وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصالحين. ومعنى {تله}: صرعه كما أخبرتك. وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل عليه السلام أتاه بمفاتيح خزائن الأرض فتلها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» فمعناه: صبها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود ومجاهد والضحاك والأعمش والثوري وجعفر بن محمد: [فَلَمَّا سَلَّمَا]، بغير ألف ولام مشددة.
قال أبو الفتح: أما {أَسْلَمَا} ففوضا وأطاعا، وأما [سَلَّمَا] فمن التسليم، أي: سلما أنفسهما وآراءهما كالتسليم باليد لما أُمِرَا به، ولم يخالفا ما أُرِيدَ منهما من إجماع إبراهيم عليه السلام الذبح، وإسحاقَ الصبر). [المحتسب: 2/222]

قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104)}
قوله تعالى: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)}
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106)}
قوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)}
قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108)}
قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109)}
قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110)}
قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)}
قوله تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112)}
قوله تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 03:45 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (114) إلى الآية (122) ]

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)}
قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115)}
قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)}
قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)}
قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)}
قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119)}
قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120)}
قوله تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121)}
قوله تعالى: {إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (123) إلى الآية (132) ]

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)}


قوله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وإن إلياس لمن المرسلين} [123].
قرأ ابن عامر وحده برواية ابن ذكوان {وإن الياس} بوصل الألف.
والباقون بالقطع، وهو الاختيار، لأن الألف في أول الأسماء الأعجمية لا تكون إلا مقطوعة نحو إسرائيل وإبراهيم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن عامر وحده: وإن الياس [الصافّات/ 123] بغير همزة.
وقرأ الباقون: بالهمز.
وقرأ نافع وابن عامر: سلام على آل ياسين [الصافات/ 130].
وقرأ الباقون: سلام على إلياسين مكسورة الألف ساكنة اللام.
[الحجة للقراء السبعة: 6/59]
قول ابن عامر يحتمل وجهين:
احدهما: أن يكون حذف الهمزة من الياس* حذفا كما حذفها ابن كثير من قوله: إنها لحدى الكبر [المدّثر/ 35]. ألا ترى أن ياء ليا* بمنزلة لإحدى والمنفصل قد ينزّل منزلة المتّصل في كثير من الأمر.
والآخر: أن تكون الهمزة التي تصحب اللّام للتعريف كقوله:
واليسع [الأنعام/ 86، ص/ 48].
وأمّا قول من أثبت الهمزة مكسورة فيقويه قول من قال: سلام على آل ياسين، فهذا يدلّ على أن الهمزة ثابتة في إلياس ثبوتها في قوله: وإن إدريس لمن المرسلين [الصافّات/ 123] وفي بعض الحروف: سلام على إدراسين [الصافّات/ 130] ويقوّي ثبات الهمزة في إلياس أنّ هذا ليس بموضع تحذف فيه الهمزة، إنّما هو موضع تجعل فيه بين بين في التخفيف، كما يخفّف: سئم، وبئس، وإذ قال إبراهيم [البقرة/ 260].
وأمّا قراءة نافع وابن عامر: سلام على آل ياسين فحجّتهما أنّهم زعموا أنّها في المصحف مفصولة من ياسين، ولو كانت الألف واللّام التي للتعريف لوصلت في الخط ولم تفصل، ففي فصل ذلك في الكتاب دلالة على آل* الذي تصغيره أهيل، وليس بلام التعريف التي تصحبها الهمزة الموصولة.
[الحجة للقراء السبعة: 6/60]
وأمّا من قرأ سلام على إلياسين فهو جمع، معنى واحدة الإضافة بالياء. مثل: تميمي وبكري، والقول فيه أنّه لا يخلو من أن يراد بهذا الجمع الذي على حدّ: مسلم ومسلمون، وزيد وزيدون، أو الذي واحدة يراد به النسب، فمن البيّن أنّه لا يجوز أن يكون على حدّ: مسلم ومسلمون لأنّه ليس كلّ واحد منهم اسمه إلياس، وإنّما إلياس اسم نبيّهم، وإذا لم يكن على هذا علم أنّه على معنى إرادة النسب بالياء، إلّا أنّ الياءين حذفتا في جمع الاسم على التصحيح، كما حذف ياءً النسب والتكسير، وذلك نحو: المسامعة، والمهالبة، والمناذرة، فإنّما هذا على أن كلّ واحد منهم مسمعيّ ومهلّبي فحذف في التكسير الياءات كما حذف في التصحيح. ومما يدلّ على ذلك قولهم: فارسي وفرس، وليس الفرس جمع فارس، إنّما هو جمع فارسيّ، حذفت منه ياء النّسب ثم جمع الاسم بعد على حدّ: باذل، ولذلك جمع على حدّ الصّفة، وليس اسم الآحاد المجموعة فارس، ولكنّه فارسي، قال:
طافت به الفرس حتى بذّ ناهضها ومما يدلّ على أنّ جمع التصحيح على تقدير إرادة النصب به في المعنى وإن حذف الحرف في اللفظ قولهم: الأعجمون. ألا ترى أنّه ليس يخلو من أن يكون المجموع: أعجم أو أعجمي؟ فلا يجوز أن يكون المجموع بالياء والنون الأعجم، لأنّ هذا الضرب من الآحاد التي هي صفات لا تجمع بالواو والنون، كما أنّ مؤنثه لا يجمع بالألف
[الحجة للقراء السبعة: 6/61]
والتاء، لا يقال في الأحمر الأحمرون، فإذا لم يجز ذلك علم أنّه إنّما جمع على الأعجمي، وإذا قامت الدلالة من هذا على أنّ المجموع لا يكون الأعجم علمت أنّه الأعجمي، وعلى هذا قالوا: النميرون والهبيرات، إنّما هو الهبريّات، ويدلّ أيضا على أنّ المراد بجمع التصحيح هو ما فيه ياء الإضافة، فحذفتا منه قولهم: مقتوون. ألا ترى أنّه لولا إرادة الياء التي للنسب لم يجمع هذا الجمع؟ ولاعتلّت الواو التي هي لام من: القتوة، وانقلبت كما انقلبت في نحو هذا ممّا جاء على مفعل فثبات الواو في هذا دلالة على أنّ إرادة الياء التي للإضافة كما كان الجمع في الأعجمين دلالة على إرادة النسب، فمن ثمّ جاز:
الأعجمون، وجاز: مقتوون، والتكسير في هذا النحو كالتصحيح، وكذلك قوله: سلام على إلياسين [الصافّات/ 130] تقديره إرادة ياءي النسب، كما أنّ الأعجمون كذلك، والتقدير: إلياسيّين، فحذف كما حذف من سائر هذه الكلم التي يراد بها الصّفة، ومما يثبت ذلك قوله:
وإن إدريس لمن المرسلين [الصافّات/ 123] سلام على إدراسين [الصافّات/ 130]، فكما جاء إدراسين، والمراد به إدراسين كذلك المراد بإلياسين، فإن قلت: فكيف قال: إدراسين، وإنّما الواحد إدريس، والمجموع إدريسين في المعنى ليس بإدراس ولا إدراسيّ؟
فإن ذلك يجوز أن يكون كإبراهيم، وإبراهام، اختلاف لغة في الاسم، ومثل ذلك قوله:
قدني من نصر الخبيبين قدي
وأراد عبد الله ومن كان على رأيه، وكذلك إدراسين من كان من
[الحجة للقراء السبعة: 6/62]
شيعته وأهل دينه، والمعنى يدلّك على إرادة ياء النسب، وقال بعضهم: يجوز أن يكون إلياس وإلياسين كقوله: ميكال وميكائيل، وليس كذلك لأنّ ميكال وميكائيل لغتان في اسم واحد، وليس أحدهما مفردا والآخر جمعا كإدريس، وإدراسين وإلياسين، وزعموا أن إلياسين قراءة أهل البصرة والكوفة). [الحجة للقراء السبعة: 6/63]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن وعكرمة -بخلاف- والحسن -بخلاف- وأبي رجاء: [وَإِنَّ الْيَاسَ]، بغير همز. [سَلامٌ عَلَى الْيَاسِينَ]، بغير همز.
قال أبو الفتح: أما [الياسَ] موصول الألف فإن الاسم منه "يَاسٌ"، بمنزلة باب ودار، ثم لحقه لام التعريف، فصار "الياس"، بمنزلة الباب والدار.
و"الْيَاسِين" على هذا كأنه على إرادة ياء النسب، كأنه الياسيِّين، كما حكى عنهم صاحب الكتاب: الأشْعَرُون والنُّمَيْرُون، يريد الأشعرِيِّين والنُّمَيْرِيِّين. ورُوينا عن قطرب عنهم: هؤلاء زيدون, منسوبون إلى زيد بغير ياء النسبة. وقال أبو عمرو: هلك اليَزِيدُون، يريد ثلاثةً يزيديِّين.
وقد يجوز أن يكون جعل كل واحد من أهل "الياس" ياسًا، فقال: "الياسِين"، كقوله:
قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبِينَ قَدِي
يريد أبا خبيب وأصحابه، كأنه جعل كل واحد منهم خُبَيْبًا. ونحو منه قولهم: شابَتْ مَفَارِقُه، جعل كل جزء من مفرقِه مفرقًا، ثم جمعه على ذلك. وكذلك: امرأةٌ واضحةُ اللبّات، جعل كل جزء يجاور اللبة لبة. وقال:
يُطِفْنَ بِجَمَّاءِ المَرَافِقِ مِكسال
[المحتسب: 2/223]
جمع مرفقيها بما حولها، ومثله ما رويناه عن أبي علي من قوله:
مَرَّتْ بِنا أوَّلَ مِن أُمُوسِ ... تَمِيسُ لِينا مِشْيَةَ الْعَرُوسِ
فسَمَّى كل جزء من أمسِ أمسًا، ثم جمع عليه. ويشهد لوصل ألف الياس قوله:
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَالْيَاسُ أَبِي
وتكون لام التعريف هنا -بمنزلتها في اليسع- زائدة؛ لأن الاسم علم وليس بصفة، فيجري مجرى العباس والحارث. قال أبو عثمان: سألت الأصمعي عن قول الشاعر:
وَلَقَدْ جَنيْتُكَ أَكْمُؤًا وَعَساقِلا ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأَوْبَرِ
فقال: الألف واللام هنا زيادة. ولذلك نظائر كثيرة، ولو قيل: إنها لحقت هنا لأنه مصدر، فَشُبِّهَ بالصفة، كالعلاء والفضل لكان وجها). [المحتسب: 2/224] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود ويحيى والأعمش، والمنهال بن عمرو والحكم بن عتيبة: [وإنَّ إِدْرِيس]، [سَلامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ].
[المحتسب: 2/224]
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب عن ابن مسعود: [وإنَّ إدْرَاسَ]، و[سَلامٌ عَلَى إدْراسِينَ]: قال: وجاء عنه: [إِدْرَسِينَ]، وكذلك عن قتادة. وقال: وفي بعض القراءة: [إِدْرِيسِينَ].
قال أبو الفتح: أما ما رواه ابن مجاهد عن ابن مسعود من [إدْرِيسَ] و[إدْرَاسِينَ] فيجب أن يكون من تحريف العرب الكلمَ الأعجمي لأنه ليس من لغتها، فَتُقِلُّ الحَفْل به، وقد ذكرنا مثله.
وقياسه سلام على إدْرِيسِينَ، كما حكاه قطرب، إلا أنه حكاه: [وإن إدْرِيسِينَ]، كما ترى.
وأما ما رواه قطرب من [إدْرَاسَ] و[إدْرَاسِينَ] فجمع الصحة، كالياس والياسين. ولو كان جمع تكسير لقال: سلام على الأَدَارِيس، كقولك في قرطاس: قَرَاطِيس، لكنه جمع صحة للتذكير، كالزيدين والقاسمين.
فأما [إِدْرِسِين] فيشبه أن يكون أراد [إِدْرَاسِينَ]، إلا أنه استطال الاسم، وجَفَتْ عليه أيضا عجمته؛ فحذف الألف تخفيفا. وإذا كانوا قد حذفوها للتخفيف من نفس كلامهم وسِرّ لغتهم في قولهم في اصْفَارَّ، واحْمَارَّ، واسْوَادَّ، وابْياضَّ: اصْفَرَّ، واحمَرَّ، واسوَدَّ، وابيضَّ، فهم بحذف هذه الألف فيما ليس من لغتهم، ولا ينصرف إليه محاماتهم عنه أجدر بجواز ذلك فيه. نعم، وقد يمكن مع هذا أن تكون هذه الألف في نحو احْمَارَّ واسْوَادَّ إنما حذفت لالتقاء الساكنين، كما زيد في مدها في أكثر اللغة لالتقائهما، وكما همزت في نحو قولهم:
إذَا مَا العَوَالِي بالْعَبِيطِ احْمَأَرَّتِ
فتارة يُسْتَرْوَح من اجتماعها إلى إطالةِ المدّ، وأُخرى إلى الحذف، وأُخرى إلى الهمز، وكل هذا تَفَادٍ من التقاء الساكنين.
وحكى أبو حاتم عن أُبَيّ: [وإن إِيلِيسَ]، و[على إِيلِيسِينَ].
[المحتسب: 2/225]
قال: وقال خارجة: بلغنا أن اسمه كان إيليسَ، وإدريس). [المحتسب: 2/226] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن إلياس لمن المرسلين}
قرأ ابن عامر {وإن إلياس} بغير همز قال الفراء من قرأ
[حجة القراءات: 609]
{وإن إلياس} بوصل الألف جعل اسمه ياسا ثمّ أدخل عله الألف واللّام للتعريف
وقرأ الباقون {وإن إلياس} بالهمز جعلوا أول الاسم على هذه القراءة الألف كأنّه من نفس الكلمة تقول {إلياس} كما تقول إسحاق وإبراهيم وحجته قوله بعدها {سلام على إل ياسين} ). [حجة القراءات: 610]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {وَإِنَّ الْيَاسَ} [آية/ 123] بوصل الألف غير مهموزةٍ:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أنه يجوز أن تكون الكلمة إلياس على مثال إكرامٍ، ثم حُذفت المزة حذفًا كما حذفها ابن كثير من قوله {وإِنَّهَا لَحْدَى الْكُبَرِ}.
[الموضح: 1092]
ويجوز أن تكون الكلمة ياسا فدخلته الألف واللام، على حد ما دخلت في اليسع، وقد سبق ذكره.
وقرأ الباقون {وَإِنَّ إِلْيَاسَ} بقطع الألف وكسرها.
والوجه أنه هو الأصل في هذه الكلمة، والهمزة ثابتة فيها ثبوتها في نحو إدريس وإدراس، فإذا صح أن الأصل في الكلمة ثبوت الهمزة كان حذفها ضعيفًا؛ لأن تخفيفها ههنا إنما يكون بجعلها بين بين، نحو: {وَإِذْ قَالَ} لا بحذفها، فحذفها إذًا غير منقاسٍ). [الموضح: 1093]

قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124)}
قوله تعالى: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)}
قوله تعالى: {اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (اللّه ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين (126)
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم (اللّه ربّكم وربّ آبائكم) رفعا كله.
وقرأ الباقون ((اللّه ربّكم وربّ آبائكم) بالنصب.
قال أبو منصور: من قرأ بالرفع فهو على الاستئناف، كأنه قال: هو اللّه ربّكم.
ومن نصب ردّه على قوله: (وتذرون أحسن الخالقين (125) اللّه ربّكم) على صفة (أحسن) ). [معاني القراءات وعللها: 2/321]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {الله ربكم ورب ءابائكم الأولين} [126].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: {الله} بالنصب بدلاً من قوله: {وتذرون أحسن الخالقين} [125] لأن {أحسن} مفعول {تذرون} واسم الله تعالى بدل منه إذ كان هو هو، لأن أحسن الخالقين هو {الله ربكم} عطف عليه، {ورب ءابآئكم}، وذلك أن الله عز وجل وبخهم وجهلهم حين عبدوا ما نحتوه بأيديهم، وهو البعل، فقال: {أتدعون بعلا} أي: صنمًا، {وتذرون أحسن الخالقين} أي: تذرون ربكم ورب آبائكم، لأنهم قالوا: {بل وجدنا ءابآءنا كذلك يفعلون} والبعل: أربعة أشياء؛ البعل: الزوج والبعل: السماء، تقول العرب: السماء بعل الأرض، والبعل من النخل، ما شرب بعروقه من غير سقى السماء. والبعل: الصنم.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/251]
وقرأ الباقون: {الله ربكم ورب ءابآؤكم} بالرفع عن الاستئناف، كما قال الشارع:
فإن لها جارين لن يغدرا بها = ربيب النبي وابن خير الخلائف
فاستأنف فرفع {ربيب} على معنى هما ربيب وابن، وكذلك: {أحسن الخالقين الله}، أي: هو الله تعالى، وخلائف: جمع خليفة، وخليف بغير هاء يجمع خلفاء مثل كريم وكرماء، ويقال للرجل: هذا خليفة على المعنى، ويجوز هذه خليفة على اللفظ والتأنيث، قال الشاعر:
أبوك خليفة ولدته أخرى = وأنت خليفة ذاك الكمال
وقال أوس بن حجر وأتي باللغتين-:
إن من القوم موجودًا خليفته = وما خليف أبي وهب بموجود
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/252]
وقيل لأبي بكر الصديق رضوان الله عليه: يا خليفة رسول الله، فقال: لست خليفته، ولكن خالفته، والخالف: المستقي والخلف: الاستقا، والخوالف: النساء المغيبات، والخليفة من الإبل: الحامل، وربما قالوا: الخلف للحمل، قال الراجز:
مالك ترغين ولا ترغو الخلف
وتجزعين والمطي معترف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/253]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في النصب والرفع من قوله عزّ وجلّ: الله ربكم ورب آبائكم الأولين [الصافّات/ 126].
فقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم الله ربكم ورب آبائكم نصبا.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: الله ربكم ورب آباؤكم رفعا.
حجّة من قرأ: الله بالنصب أن يكون الكلام فيه من وجه واحد وهو يدلّ على معنى الرفع، والمعنى: لم تعبدون ما لا ينفع ولا يضر، وتذرون عبادة أحسن الخالقين.
ومن رفع استأنف، وحسن الاستئناف لتمام الكلام الأوّل، والمعنى: الله ربكم وربّ آبائكم الأولين، أي: خالقكم ورازقكم فهو الذي تحقّ له العبادة دون من لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عن أحد شيئا). [الحجة للقراء السبعة: 6/63]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأوّلين} 125 و126
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {الله ربكم ورب آبائكم} بفتح الهاء والباء على البدل المعنى وتذرون الله ربكم و{ربكم} صفة لله و{الله} نصب على البدل
وقرأ الباقون {الله ربكم ورب} بالرّفع على الابتداء والخبر وحسن الابتداء به لتمام الكلام الأول). [حجة القراءات: 610]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {الله ربكم ورب آبائكم} قرأه حفص وحمزة والكسائي بنصب الثلاثة الأسماء، أبدل اسم الله جل ذكره من «أحسن»، ونُصب «ربكم» على النعت لـ «الله»، وعُطف عليه {ورب آبائكم}.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/228]
وقرأ الباقون بالرفع على الاستئناف، على الابتداء، والخبر «ربكم»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/229]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ} [آية/ 126] بالنصب:
قرأها حمزة والكسائي وعاصم ص- ويعقوب.
والوجه أن نصب قوله {الله} على البدل من قوله {أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}، و{أَحْسَنَ} منصوب بتذرون على أنه مفعول به، و{رَبَّكُمْ} منصوبٌ على أنه صفة {اللهَ}، و{وَرَبَّ آَبَائِكُمُ} معطوفٌ عليه، والكلام على هذا من وجهٍ واحدٍ؛ لأن هذه الكلم جميعًا محمولةٌ على {أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} كأنه قال تذرون أحسن الخالقين الله الموصوف بهذه الصفات.
وقرأ الباقون {الله رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ} بالرفع فيهما.
[الموضح: 1093]
والوجه أنه على الاستئناف، وقوله {الله} مبتدأ و{رَبُّكُمْ} خبره.
ويجوز أن يكون على حذف المبتدأ، والتقدير: هو الله ربكم، وإنما حسن الاستئناف؛ لأن الكلام الذي قبله قد تم). [الموضح: 1094]

قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127)}
قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128)}
قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129)}
قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سلامٌ على آل ياسين (130)
قرأ نافع وابن عامر (سلامٌ على آل ياسين) بهمزة مفتوحة ممدودة، واللام مكسورة.
وقرأ الباقون (سلامٌ على إل ياسين) مكسورة الهمزة، ساكنة اللام.
قال أبو منصور: من قرأ (سلائم على آل ياسين) جعل (آل) اسمًا، و(ياسين) مضافا إليه.
وآل الرجل: أتباعه.
وقيل: آله: أهله.
ومن قرأ (سلامٌ على إل ياسين) فهو جمع إلياسٍ، ومعناه: إلياس وأمته المؤمنون.
وهذا كقولك: رأيت المحمدين، تريد: محمدًا وأمته.
وكان في الأصل: المحمديين. فخففت ياء النسبة، كما يقال: رأيت الأشعرين، تريد: الأشعريين.
قال أبو منصور: فيه وجه آخر، يجوز أن يكون اسم إلياس بلغتين: إلياس، وإلياسين. كما قالوا: ميكال، وميكائيل، وقد قيل: إلياس هو: إدريس.
وقد قرأ بعض القراء (سلام على إدراسين)، كأنها لغة في إدريس.
[معاني القراءات وعللها: 2/322]
وروى عن ابن مسعود أنه قرأ: (وإن إدريس لمن المرسلين) ). [معاني القراءات وعللها: 2/323]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- قوله [تعالى]: {سلام على إلياسين} [130].
بقطع الألف دلالة على قطعها هنا، واتفاق الجميع. وقوله تعالى: {سلام على إلياسين} قرأ نافع وابن عامر {سلام على آل ياسين}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/249]
كأنه آل محمد كما قيل في: ياسين، يا محمد يا رجل. وآل محمد: كل من آل إليه بقرابة أو بحسب.
وقال آخرون: آل محمد كل من كان على دينه. كما قال: {أدخلوا ءال فرعون} وأجمع النحويون على أن آل أصله أهل فقلبوا الهاء همزة، وجعلوها مدة، لئلا يجتمع ساكنان، كما قال، والدليل على ذلك: أنك إذا صغرت آل قلت: أهيل، ولا يجوز أويل، ردوا إلى الأصل، لا إلى اللفظ، وكذلك تفعل العرب بأكثر المصغرات أن يردوه إلى أصله، ولا يبقي على لفظه. وربما ترك كقولك في تصغير عيد: عييد، ولم يقولوا: عويد، وأصله الواو، كما قالوا في جمعه: أعياد، ولم يقولوا أعواد، لئلا يشته بتصغير عود وجمعه، فاعرفه فإنه حسن جدًا.
على أن الكسائي قد حكي تارة على الأصل، وتارة على اللفظ أويلا وأهيلا.
وقرأ الباقون: {سلام على إلياسين} بكسر الألف وإلياس وإن كان جمعًا في اللفظ فإنه واحد، وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتج من قرأ بهذه القراءة أن في حرف ابن مسعود: {سالم على إدراسين} {وإن إدريس لمن المرسلين} فقال الحذاق من النحويين: إن المعروف اسم النبي صلى الله عليه وسلم إدريس، وإلياسين وإنما جمع فقيل: إدراسين وإلياسين؛ لأنه أريد النبي ومن معه من أهل دينه، كما يقال المسامعة والمهالبة: يريدون
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/250]
مسمعا ومهلبا ومن معهما، قال الشاعر:
قدني من نصر الخبيين قدي
قال: أراد أبا خبيب، وهو ابن الزبير ومن تابعه فجمع على ذلك. هذا قول أحمد بن يحيي. وقال محمد بن يزيد: (من نصر الخبيبين) على لفظ الاثنين أراد: ابني الزبير كما قال: سنة العمرين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/251]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن وعكرمة -بخلاف- والحسن -بخلاف- وأبي رجاء: [وَإِنَّ الْيَاسَ]، بغير همز. [سَلامٌ عَلَى الْيَاسِينَ]، بغير همز.
قال أبو الفتح: أما [الياسَ] موصول الألف فإن الاسم منه "يَاسٌ"، بمنزلة باب ودار، ثم لحقه لام التعريف، فصار "الياس"، بمنزلة الباب والدار.
و"الْيَاسِين" على هذا كأنه على إرادة ياء النسب، كأنه الياسيِّين، كما حكى عنهم صاحب الكتاب: الأشْعَرُون والنُّمَيْرُون، يريد الأشعرِيِّين والنُّمَيْرِيِّين. ورُوينا عن قطرب عنهم: هؤلاء زيدون, منسوبون إلى زيد بغير ياء النسبة. وقال أبو عمرو: هلك اليَزِيدُون، يريد ثلاثةً يزيديِّين.
وقد يجوز أن يكون جعل كل واحد من أهل "الياس" ياسًا، فقال: "الياسِين"، كقوله:
قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبِينَ قَدِي
يريد أبا خبيب وأصحابه، كأنه جعل كل واحد منهم خُبَيْبًا. ونحو منه قولهم: شابَتْ مَفَارِقُه، جعل كل جزء من مفرقِه مفرقًا، ثم جمعه على ذلك. وكذلك: امرأةٌ واضحةُ اللبّات، جعل كل جزء يجاور اللبة لبة. وقال:
يُطِفْنَ بِجَمَّاءِ المَرَافِقِ مِكسال
[المحتسب: 2/223]
جمع مرفقيها بما حولها، ومثله ما رويناه عن أبي علي من قوله:
مَرَّتْ بِنا أوَّلَ مِن أُمُوسِ ... تَمِيسُ لِينا مِشْيَةَ الْعَرُوسِ
فسَمَّى كل جزء من أمسِ أمسًا، ثم جمع عليه. ويشهد لوصل ألف الياس قوله:
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَالْيَاسُ أَبِي
وتكون لام التعريف هنا -بمنزلتها في اليسع- زائدة؛ لأن الاسم علم وليس بصفة، فيجري مجرى العباس والحارث. قال أبو عثمان: سألت الأصمعي عن قول الشاعر:
وَلَقَدْ جَنيْتُكَ أَكْمُؤًا وَعَساقِلا ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأَوْبَرِ
فقال: الألف واللام هنا زيادة. ولذلك نظائر كثيرة، ولو قيل: إنها لحقت هنا لأنه مصدر، فَشُبِّهَ بالصفة، كالعلاء والفضل لكان وجها). [المحتسب: 2/224] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود ويحيى والأعمش، والمنهال بن عمرو والحكم بن عتيبة: [وإنَّ إِدْرِيس]، [سَلامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ].
[المحتسب: 2/224]
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب عن ابن مسعود: [وإنَّ إدْرَاسَ]، و[سَلامٌ عَلَى إدْراسِينَ]: قال: وجاء عنه: [إِدْرَسِينَ]، وكذلك عن قتادة. وقال: وفي بعض القراءة: [إِدْرِيسِينَ].
قال أبو الفتح: أما ما رواه ابن مجاهد عن ابن مسعود من [إدْرِيسَ] و[إدْرَاسِينَ] فيجب أن يكون من تحريف العرب الكلمَ الأعجمي لأنه ليس من لغتها، فَتُقِلُّ الحَفْل به، وقد ذكرنا مثله.
وقياسه سلام على إدْرِيسِينَ، كما حكاه قطرب، إلا أنه حكاه: [وإن إدْرِيسِينَ]، كما ترى.
وأما ما رواه قطرب من [إدْرَاسَ] و[إدْرَاسِينَ] فجمع الصحة، كالياس والياسين. ولو كان جمع تكسير لقال: سلام على الأَدَارِيس، كقولك في قرطاس: قَرَاطِيس، لكنه جمع صحة للتذكير، كالزيدين والقاسمين.
فأما [إِدْرِسِين] فيشبه أن يكون أراد [إِدْرَاسِينَ]، إلا أنه استطال الاسم، وجَفَتْ عليه أيضا عجمته؛ فحذف الألف تخفيفا. وإذا كانوا قد حذفوها للتخفيف من نفس كلامهم وسِرّ لغتهم في قولهم في اصْفَارَّ، واحْمَارَّ، واسْوَادَّ، وابْياضَّ: اصْفَرَّ، واحمَرَّ، واسوَدَّ، وابيضَّ، فهم بحذف هذه الألف فيما ليس من لغتهم، ولا ينصرف إليه محاماتهم عنه أجدر بجواز ذلك فيه. نعم، وقد يمكن مع هذا أن تكون هذه الألف في نحو احْمَارَّ واسْوَادَّ إنما حذفت لالتقاء الساكنين، كما زيد في مدها في أكثر اللغة لالتقائهما، وكما همزت في نحو قولهم:
إذَا مَا العَوَالِي بالْعَبِيطِ احْمَأَرَّتِ
فتارة يُسْتَرْوَح من اجتماعها إلى إطالةِ المدّ، وأُخرى إلى الحذف، وأُخرى إلى الهمز، وكل هذا تَفَادٍ من التقاء الساكنين.
وحكى أبو حاتم عن أُبَيّ: [وإن إِيلِيسَ]، و[على إِيلِيسِينَ].
[المحتسب: 2/225]
قال: وقال خارجة: بلغنا أن اسمه كان إيليسَ، وإدريس). [المحتسب: 2/226] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سلام على إل ياسين} 130
قرأ نافع وابن عامر {سلام على إل ياسين} بفتح الألف وكسر اللّام قال ابن عبّاس {سلام على إل ياسين} أي على آل محمّد صلى الله عليه وآله كما قيل في ياسين يا محمّد وآل محمّد صلى الله عليه كل من آل إليه بحسب أو بقرابة وقال قوم آل محمّد
[حجة القراءات: 610]
كل من كان على دينه ومثله كما قال {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} يريد من كان على دينه وقال صلى الله عليه
آل محمّد كل تقيّ وأجمع النحويون على أن الآل أصله أهل فقلبوا الهاء همزة وجعلوها مدّة لئلّا تجتمع همزتان
وقرأ الباقون (سلام على إلياسين) بكسر الألف ساكنة اللّام قال الفراء إن شئت ذهبت ب إلياسين إلى أن تجعله جمعا فتجعل أصحابه داخلين في اسمه كما تقول لقوم رئيسهم المهلب جاءتكم المهالبة والمهلبون تريد المهلب ومن معه كما تقول رأيت المحمدين تريد محمّدًا وأمته صلى الله عليه وسلم قال الشّاعر:
قدني من نصر الخبيبين قدي
هكذا رواه ثعلب أراد أبا خبيب وهو ابن الزبير ومن تابعه فجمع على ذلك وفيها وجه آخر يكون لغتين إلياس وإلياسين كما قالوا ميكال وميكائيل وجبريل وجبرئيل وحجّة هذه القراءة أنه ذكره في صدر لآية فقال في آخر الآية {سلام على إل ياسين} كما ذكر نوحًا في صدر الآية ثمّ قال في آخر القصّة {سلام على نوح} وكذلك إبراهيم وموسى وهارون إنّما قال في آخر قصصهم سلام على فلان). [حجة القراءات: 611]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {إل ياسين} قرأه نافع وابن عامر بالمد في {إل} وفتح الهمزة وكسر اللام، وقرأ الباقون بغير مد، وإسكان اللام، وكسر الهمزة.
وحجة من مده وفتح الهمزة أنه لما رآها في المصحف منفصلة من {ياسين} استدل على أن {إل} كلمة و{ياسين} كلمة، أضيف {إل} إلى {ياسين}، فـ {ياسين} اسم أضيف إليه {إل} فهو اسم نبي، فسلم على أهله لأجله، فهو داخل في السلام أي: من أجله سلم على أهله، وأهله أهل دينه، ومن اتبعه، ومن آمن به، وكذلك آل محمد صلى الله عليه وسلم.
17- وحجة من كسر الهمزة ولم يمد أنه جعله اسمًا واحدًا، جمعا منسوبًا إلى «إلياس» فيكون «السلام» واقعًا على من نسب إلى «إلياس» النبي عليه السلام، والسلام في القراءة الأولى واقع على النبي المرسل إليهم، الذي اسمه «ياسين» و«إلياس وإلياسين» بمعنى، تأتي الأسماء الأعجمية بلفظين وأكثر، ومنه قوله: {من طور سيناء} «المؤمنون 20»، وقال: {طور
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/227]
سينين} «التين 2» فهو كما قال: {ميكال} «البقرة 98» و{ميكائيل} فكان الأصل «سلام على إلياسين» فجمع المنسوب إلى «إلياس» بالياء والنون، فوقع السلام على من نُسب إليه من أمته المؤمنين، وهذه الياء تحذف كثيرًا من النسب في الجمع المسلم والمكسر، ولذلك قالوا: المهالبة والمسامعة، وأحدهم مِسمَعي ومُهَلَّبي، وقالوا: الأعجمون والنُميرون، والواحد أعجمي ونُميري، فحذفت ياء النسب في الجمعين استخفافًا، لثقل الياء وثقل الجمع، فكذلك «إلياسين» في قراءة من كسر الهمزة، إنما هو على النسب، وحذفت الياء من الجمع، على ما ذكرنا، ولو لم يكن ذلك على النسب لكان كل واحد من أمة النبي اسمه إلياس، وليس كذلك، إنما «إلياس» اسم نبيهم فنسبوا إليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/228]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ} [آية/ 130] بفتح الألف ومدّها، مجرورة اللام، منفصلةً من {يَاسِينَ}.
قرأها نافع وابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه آلٌ الذ هو بمعنى أهلٍ أُضيف إلى ياسين، كما يقال آل إبراهيم وآل محمد صلى الله عليهما، ويدل على ذلك أن {آلَ} في المصحف مفصولٌ من ياسين، ولو كانت الألف واللام للتعريف لوُصِلَت في الخط، وكذلك لو كانت الهمزة من الكلمة وكانت الكلمة على وزن إكرام لكانت موصولةً أيضًا.
وقرأ الباقون {إِلْيَاسِينَ} بكسر الألف نحو علياسين كلمةً واحدةً.
والوجه أنه جمع سلامةٍ، في واحده ياء النسب، وواحده إلياسيُّ، فجاء جمعه على إلياسين بحذف ياء النسب، كما قيل الأشعرون والمقتوُون والأعجمون، والواحد: أشعريٌّ ومقتويٌّ وأعجمي، فحُذف ياء النسب في الجمع، ألا ترى أنه ليس كل واحدٍ منهم اسمه إلياس، وقد جاء مثل هذا أعني حذف ياء النسب أيضًا في جمع التكسير، نحو المسامعة والمهالبة
[الموضح: 1094]
والمناذرة، والواحد منهم مسمعيٌّ ومهلبيٌّ ومنذريٌّ، فأُزيلت الياءات في الجمع). [الموضح: 1095]

قوله تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131)}
قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (133) إلى الآية (138) ]

{وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}


قوله تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)}
قوله تعالى: {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134)}
قوله تعالى: {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135)}
قوله تعالى: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136)}
قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ (137)}
قوله تعالى: {وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:38 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (139) إلى الآية (148) ]

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)}


قوله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)}
قوله تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140)}
قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ (141)}
قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)}
قوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143)}
قوله تعالى: {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
قوله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ (145)}
قوله تعالى: {وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146)}
قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد: [وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَيَزِيدُون]، وهكذا هي، ليس فيها {أو}.
قال أبو الفتح: في هذه الآية إعراب حسن، وصنعة صالحة؛ وذلك أنْ يقال: هل لقوله: [ويزيدون] موضع من الإعراب، أو هو مرفوع اللفظ. لوقوعه موقع الاسم حَسْبُ، كقولك مبتدئا: يزيدون؟
والجواب أن له موضعا من الإعراب، وهو الرفع؛ لأنه خبر مبتدإ محذوف، أي: وهم يزيدون على المائة. والواو لعطف على جملة، فهو كقولك: مررت برجل مثل الأسد، وهو والله أشجعُ. ولقيت رجلا جوادا، وهو والله فوق الجواد.
فإن قلت: فقد تقول: لقيت من زيد رجلا كالأسد وأشجعَ منه، فهل يجوز على هذا أن يكون تقديره: وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون، فيعطف يزيدون على المائة؟ قيل: يفسد هذا؛ لأن "إلى" لا تعمل في "يزيدون"، فلا يجوز أن يعطف على ما تعمل فيه "إلى" فكما لا تقول: مررت بيزيدون على المائة فكذلك لا تقول ذلك.
فإن قلت: فقد يجوز في المعطوف ما لا يجوز في المعطوف عليه، كقولنا: رب رجل وأخيه، وكلُّ شاةٍ وسَخْلتِهَا، ومررت برجل صالح أبوه لا طالِحَيْن، ومررت بزيد القائم أبواه لا القاعدين ونحو ذلك. قيل قَدْر المتجوَّز في هذا ونحوه لا يبلغ ما رُمْتَه من تقدير حرف الجر مباشرا للفعل. ألا تراك لا تجيز مررت بقائم يقعد وأنت تريد مررت بقائم وبقاعد؟
[المحتسب: 2/226]
فإن قيل: فقدِّر هناك موصوفا محذوفا مجرورا ليكون تقديره: وأرسلناه إلى مائة ألف وجمع يزيدون، على قول الراجز:
جَادَتْ بِكَفَّيْ كانَ مِنْ أَرْمَى الْبَشَرْ
أي: بِكَفَّيْ إنسان كان من أرمى البشر قيل: تقدير مباشرةِ حرف الجر للفعل أشد من تقدير الإضافة إليه. ألا ترى أنه على كل حال قد يضاف إلى الفعل ظروف الزمان وغيره، على كثرة ذلك في أسماء الزمان؟ وينضاف إلى ذلك إفساد المعنى وذلك أنه يصير معناه إلى أنه كأنه قال: وأرسلناه إلى جَمْعَيْن: أحدهما مائة ألف، والآخر زائد على مائة ألف. وليس الغرض والمراد هنا هذا، وإنما الغرض -والله أعلم- وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموهم لقلتم أنتم: هؤلاء مائة ألف، وهم أيضا يزيدون. فالجمع إذًا واحد لا جمعان اثنان.
وكذلك قراءة الجماعة: {أَوْ يَزِيدُون}، وتقديره أو: هم يزيدون، فحذف المبتدأ لدلالة الموضع عليه كما مضى مع الواو، وأما قول الآخر:
ألا فَالْبَثَا شَهْرَيْنِ أو نِصْفَ ثَالِثٍ ... إلَى ذاكُما ما غَيَّبَتْنِي غَيَابِيَا
فقالوا: معناه أو شهرين ونصف ثالث؛ وذلك أن قوله: أو نصفَ ثالثٍ لا يكون ثالثا حتى يتقدمه شهران، إلا أنه هنا حَذف المعطوف عليه مع حرف العطف جميعا.
وفي قوله سبحانه: {أَوْ يَزِيدُون} وعلى قراءة جعفر بن محمد: {يَزِيدُون} إنما حُذف اسم مفرد، وهو هم. وعلى أنه قد جاء عنهم حَذف الاسم ومعه حرف العطف، وذلك قولهم فيما رُوِّيناه عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى: راكب الناقة طَلِيحَان، أي: راكب الناقة والناقة طليحان، فحذف الناقة وحرف العطف معهما. وعلى أنه قد يحتمل
[المحتسب: 2/227]
ذلك تأويلا آخر، وهو أن يكون أراد: راكب الناقة أحد طليحين، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
والذي عندي في قوله:
ألا فَالْبَثَا شَهْرَيْنِ أو نِصْفَ ثَالِثٍ
أن يكون على حذف المضاف، أي: ألا فالبثا شهرين أو شهرَيْ نصف ثالث، أي: والشهرين اللذين يتبعهما نصف ثالثهما؛ لأنه ليس كل شهرين يؤمر بلبثهما لابد أن يصحبهما نصف ثالثهما، لكن البثا أنتما شهرين، أو الشهرين اللذين يتبعهما في اللبث نصف ثالثهما. وصحت الإضافة فيهما هذا القدر من الوُصلة بينهما. وقد أضافت العرب الأول إلى الثاني لأقلَّ وأخفضَ من هذه الشبْكة بينهما. أنشدَنا أبو علي:
إذَا كَوْكَبُ الخَرْقَاءِ لَاحَ بِسُحْرَةٍ ... سُهَيْلٌ أذاعَتْ غَزْلَهَا فِي الغرائب
قال: فأضاف سهيلا إليها لجِدها في عملها عند طلوعه، وقريب من هذا قول الرجلين بحملان الخشبة -أحدهما لصاحبه-: خذ أنت طرفك، ولآخذ أنا طرفي. وإنما الطرف للخشبة، لا لحاملها، فاعرف كلام القوم تر العجب منه والحكمة البالغة فيه بإذن الله تعالى). [المحتسب: 2/228]

قوله تعالى: {فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:40 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (149) إلى الآية (157) ]

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (157) }


قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149)}
قوله تعالى: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150)}
قوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151)}
قوله تعالى: {وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152)}

قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لكاذبون (152) أصطفى البنات (153)
روى عن نافع (لكاذبون اصطفى) بإسقاط الألف في الوصل، كسرها في الابتداء.
وروى ذلك إسماعيل بن جعفر وابن جماز عن نافع.
وقرأ سائر القراء ونافع معهم (لكاذبون (152) أصطفى) بقطع الألف.
قال أبو منصور: من قرأ (اصطفى) بإسقاط الألف وكسرها فالابتداء، فهي ألف وصل، وليس فيها استفهام.
ومعناها: أن الله جلّ وعزّ حكى عن كفار قريش أنهم زعموا أن الملائكة بنات الله، وأنهم من إفكهم ليقولون: اصطفى الله البنات على البنين. وهم كاذبون.
فهذا وجه هذه القراءة وليست بالجيدة، والقراءة التي اتفق عليها القراء (أصطفى) بقطع الألف على الاستفهام. والدليل على ذلك قوله: (أم لكم سلطان مبينٌ).
[معاني القراءات وعللها: 2/323]
وكان في الأصل: أأصطفى. ثم تحذف ألف الوصل، وعلى هذا كلام العرب إذا اجتمعت هاتان الألفان، أن يحذفوا ألف الوصل، ويدعوا ألف الاستفهام مفتوحة). [معاني القراءات وعللها: 2/324]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {وإنهم لكاذبون * أصطفى} [152، 153].
أجمع القراء على قطع هذه الألف، لأنها ألف توبيخ على لفظ الاستفهام دخلت على ألف الوصل، والتقدير: أأصطفي فسقطت ألف الوصل، وكذلك: {أطلع الغيب} {أفترى على الله كذبًا} {اتخذتم عند الله عهدً} {أتخذناهم سخريا} و{بيدي أستكبرت} فإنما ذكرته لأن إسماعيل بن جعفر روى عن نافع {لكاذبون اصطفى} موصولا بحذف الألف ويجعله كلفظ الخبر، وذلك ردئ، لأن ألف الاستفهام لا تحذف إذا لم يكن عليها دليل.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/253]
وقال بعضهم: لما أتي بألف بعده في قوله: {أفلا تعقلون} أجزئ بها عن ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/254]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: لكاذبون. أصطفى [الصافّات/ 152، 153] مهموزا.
واختلف عن نافع فروى المسيبي وقالون وأبو بكر بن أبي
[الحجة للقراء السبعة: 6/63]
أويس: لكاذبون أصطفى مهموز، وروى ابن جماز وإسماعيل عن نافع وأبي جعفر وشيبة لكاذبون اصطفى غير مهموز ولا ممدود ورأيت من أصحاب ورش من يرويه: لكاذبون اصطفى غير مهموز ممدود مثل رواية إسماعيل. أخبرني بذلك محمد بن عبد الرحيم الأصفهاني عن أصحابه عن ورش فإذا ابتدأت في قراءة نافع في رواية إسماعيل وابن جماز فبالكسر.
الوجه الهمز على وجه التقريع لهم بذلك والتوبيخ، ويقوّي ذلك قوله: أم اتخذ مما يخلق بنات [الزخرف/ 16] وقوله: أم له البنات ولكم البنون [الطور/ 39] ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا [النجم/ 21، 22] فكما أنّ هذه المواضع كلّها استفهام كذلك قوله: أصطفى البنات وغير الاستفهام ليس باتجاه الاستفهام.
ووجه ما روي عن نافع أنّه على وجه الخبر، كأنّه: اصطفى البنات فيما يقولون، كقوله: ذق إنك أنت العزيز الكريم [الدخان/ 49] أي عند نفسك وفيما كنت تقوله، وتذهب إليه ومثله قوله: وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر [الحجر/ 6] أي فيما يقول هو ومن يتّبعه، ويجوز أن يكون المعنى: وإنّهم لكاذبون، قالوا اصطفى البنات، فحذف: قالوا، وقوله بعد: ما لكم كيف تحكمون [الصافّات/ 154] توبيخ لهم على قولهم الكذب. ويجوز أن يكون قوله: اصطفى البنات بدلا من قوله: ولد الله [الصافّات/ 152]، لأنّ
ولادة البنات واتخاذهنّ اصطفاء لهنّ، فيصير اصطفى بدلا من المثال الماضي، كما أنّ قوله: يضاعف له العذاب [الفرقان/ 69]
[الحجة للقراء السبعة: 6/64]
بدل من قوله: يلق أثاما [الفرقان/ 68]، ويجوز أن يكون اصطفى* في رواية من كسر الهمزة عن نافع: تفسيرا لكذبهم الذي نسب إليهم في قولهم، ولد الله وإنهم لكاذبون [الصافّات/ 152]، كما أن لهم مغفرة [المائدة/ 9] تفسير للوعد ويجوز أن يكون قوله: اصطفى متعلقا بالقول على أنه أريد حرف العطف فلم يذكر، واستغنى بما في الجملة الثانية من الاتصال بالأولى عن حرف العطف، كقوله: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم [الكهف/ 22] ونحو ذلك مما حذف حرف العطف فيه لالتباس الثانية بالأولى). [الحجة للقراء السبعة: 6/65]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولد الله وإنّهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين} 152 و153
قرأ إسماعيل {لكاذبون * أصطفى البنات} بوصل الألف على أن يكون حكاية عن قولهم ليقولون اصطفى ويجوز أن يكون المعنى {وإنّهم لكاذبون} قالوا اصطفى البنات فحذف قالوا
وقرأ الباقون {اصطفى} بفتح الألف وهو الاختيار لأن المعنى سلهم هل اصطفى البنات على البنين فالألف ألف استفهام ومعناها التوبيخ دخلت على ألف وصل والأصل أاصطفى فسقطت ألف الوصل). [حجة القراءات: 612]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {لَكَاذِبُونَ * اصْطَفَى} [آية/ 152 و153] بوصل الألف:
رواها يل- عن نافع.
والوجه أنه على الخبر، والمعنى: اصطفى البنات بزعمهم وفي اعتقادهم، كما قال تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}، والمراد عندك وفي زعمك.
ويجوز أن يكون بدلًا من قوله {وَلَدَ الله} فيكون فعلًا ماضيًا بدلًا من فعل ماضٍ، إذ المعنى فيهما واحدٌ؛ لأن ولادة البنات واصطفاءَهُن واحدٌ ههنا، ومثل هذا البدل قوله تعالى {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ}.
ويجوز أن لا يكون على البدل لكنه على إضمار القول، والتقدير: وإنهم لكاذبون قالوا اصطفى البنات.
وقرأ الباقون ونافع ش- و-ن- {لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى} بقطع الألف.
والوجه أن ألف الاستفهام دخلت على {اصْطَفَى} فسقطت ألف الوصل لمكان المتحرك، وهو ألف الاستفهام، والاستفهام ههنا بمعنى التوبيخ والإنكار، كما قال الله تعالى {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} ). [الموضح: 1095]

قوله تعالى: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154)}
قوله تعالى: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155)}
قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ (156)}
قوله تعالى: {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (157)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (158) إلى الآية (170) ]

{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)}


قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)}
قوله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)}
قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)}
قوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161)}
قوله تعالى: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162)}
قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [إِلَّا مَنْ هُوَ صَالُ الْجَحِيمِ]، بضم اللام.
قال أبو الفتح: كان شيخنا أبو علي يحمله على أنه حذف لام [صال] تخفيفا، وأعرب اللام بالضم، كما حذفت لام البالة من قولهم: ما باليت به بالة، وهي البالية، كالعافية والعاقبة.
وذهب قطرب فيه إلى أنه أراد جمع [صال]، أي: صالون، فحذف النون للإضافة وبقي الواو في صالو، فحذفها من اللفظ لالتقاء الساكنين، وحمل على معنى "من" لأنه جمع، فهو كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}، وهذا حسن عندي، وقول أبي علي وجه مأخوذ به). [المحتسب: 2/228]

قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (164)}
قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)}
قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)}
قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167)}
قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الْأَوَّلِينَ (168)}
قوله تعالى: {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)}
قوله تعالى: {فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 04:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الصافات
[ من الآية (171) إلى الآية (182) ]

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)}
قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172)}
قوله تعالى: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}
قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174)}
قوله تعالى: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175)}
قوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)}
قوله تعالى: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود: [فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم].
قال أبو الفتح: لفظ هذا الموضع على الاستفهام، ومعناه الوضوح والاختصاص؛ وذلك أن الغرض فيه إنما هو: فإذا نزل العذاب بساحتهم، يدل عليه قوله قبله معه: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ}؟ فإذا قال: {فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم} فلا محالة أن معناه: فإذا نزل عذابنا بساحتهم، فأبهم الفاعل واعتمد ذكر المكان المنزول فيه.
ومثله في المعنى قول الله سبحانه: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، ونحن نعلم أن الله تعالى خالقه. وكذلك {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَل}، ألا ترى إلى قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}، وقوله "عز اسمه": {خَلَقَ الْأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَان}، وقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}، ونظائره كثيرة:
فكذلك قوله تعالى : {فَإِذَا نُزِلَ بِسَاحَتِهِم} على ما شرحناه من حاله، وهذا أحد ما يدلك على أن إسناد الفعل إلى المفعول نحو: ضرب زيد، لم يكن لجهل المتكلم بالفاعل من هو؟ البتة، لكن قد يسند إلى المفعول، ويطرح ذكر الفاعل لأن الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الضرب بزيد، ولا غرض معه في إبانة الفاعل من هو؟ فاعرفه). [المحتسب: 2/229]

قوله تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178)}
قوله تعالى: {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)}
قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)}
قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)}
قوله تعالى: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة