العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة فصلت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:37 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة فصلت[ من الآية 40 إلى الآية 44]

تفسير سورة فصلت[ من الآية 40 إلى الآية 44]

{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب نزول الآية رقم (40)
- أسباب نزول الآية رقم (44)
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (40)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:38 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله يلحدون قال الإلحاد التكذيب). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن بشير بن تميم قال نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر أفمن يلقى في النار أبو جهل خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة عمار بن ياسر). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن رجل عن مجاهد في قوله اعملوا ما شئتم قال هي وعيد.
أنا عمر بن حبيب عن عبد الحميد بن رافع الطهراني عن فلان بن نافع عن مجاهد مثله قال وعيد). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {اعملوا ما شئتم} [فصلت: 40] : «هي وعيدٌ»). [صحيح البخاري: 6/128]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ اعملوا ما شئتم الوعيد في رواية الأصيليّ هو وعيدٌ وقد وصله عبد بن حميدٍ من طريق سفيان عن بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله اعملوا ما شئتم قال هذا وعيدٌ وأخرجه عبد الرّزّاق من وجهين آخرين عن مجاهدٍ وقال أبو عبيدة لم يأمرهم بعمل الكفر وإنّما هو توعّدٌ). [فتح الباري: 8/561]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد اعملوا ما شئتم الوعيد
قال عبد ثنا أبو نعيم وقبيصة وأبو أحمد الزبيري عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد {اعملوا ما شئتم} 40 فصلت قال هذا وعيد). [تغليق التعليق: 4/303]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: اعملوا ما شئتم الوعيد
أي: قال مجاهد في قوله: {اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصير} (فصلت: 40) قوله: (الوعيد) ويروى: هو وعيد، وهي رواية الأصيليّ، أراد أن الأمر هنا ليس على حقيقته بل هو أمر تهديد وتوعيد وتوبيخ). [عمدة القاري: 19/154]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد ({اعملوا ما شئتم}) معناه (الوعيد) وللأصيلي هي وعيد). [إرشاد الساري: 7/329]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصيرٌ}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} إنّ الّذين يميلون عن الحقّ في حججنا وأدلّتنا، ويعدلون عنها تكذيبًا بها وجحودًا لها.
وقد بيّنت فيما مضى معنى اللّحد بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع، وسنذكر بعض اختلاف المختلفين في المراد به من معناه في هذا الموضع.
اختلف أهل التّأويل في المراد به من معنى الإلحاد في هذا الموضع، فقال بعضهم: أريد به معارضة المشركين القرآن باللّغط والصّفير استهزاءً به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: المكاء وما ذكر معه.
وقال آخرون: أريد به الخبر عن كذبهم في آيات اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: يكذبون في آياتنا.
وقال آخرون: أريد به يعاندون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: يشاقّون: يعاندون.
وقال آخرون: أريد به الكفر والشّرك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} قال: هؤلاء أهل الشّرك وقال: الإلحاد: الكفر والشّرك.
وقال آخرون: أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: ثنّى عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه.
وكلّ هذه الأقوال الّتي ذكرناها في تأويل ذلك في قريبات المعاني، وذلك أنّ اللّحد والإلحاد: هو الميل، وقد يكون ميلاً عن آيات اللّه، وعدولاً عنها بالتّكذيب بها، ويكون بالاستهزاء مكاءً وتصديةً، ويكون مفارقةً لها وعنادًا، ويكون تحريفًا لها وتغييرًا لمعانيها ولا قول أولى بالصّحّة في ذلك ممّا قلنا، وأن يعمّ الخبر عنهم بأنّهم ألحدوا في آيات اللّه، كما عمّ ذلك ربّنا تبارك وتعالى.
وقوله: {لا يخفون علينا} يقول تعالى ذكره: نحن بهم عالمون لا يخفون علينا، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردّوا علينا، وذلك تهديدٌ من اللّه جلّ ثناؤه لهم بقوله: سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا.
ثمّ أخبر جلّ ثناؤه عمّا هو فاعلٌ بهم عند ورودهم عليه، فقال: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة} يقول تعالى ذكره لهؤلاء الّذين يلحدون في آياتنا اليوم في الدّنيا يوم القيامة عذاب النّار، ثمّ قال اللّه: أفهذا الّذي يلقى في النّار خيرٌ، أم الّذي يأتي يوم القيامة آمنًا من عذاب اللّه لإيمانه باللّه جلّ جلاله؟ هذا الكافر، إنّه إن آمن بآيات اللّه، واتّبع أمر اللّه ونهيه، أمّنه يوم القيامة ممّا حذّره منه من عقابه إن ورد عليه يومئذٍ به كافرًا.
وقوله: {اعملوا ما شئتم} وهذا أيضًا وعيدٌ لهم من اللّه خرج مخرج الأمر، وكذلك كان مجاهدٌ يقول.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {اعملوا ما شئتم} قال: هذا وعيدٌ.
وقوله: {إنّه بما تعملون بصيرٌ} يقول جلّ ثناؤه: إنّ اللّه أيّها النّاس بأعمالكم الّتي تعملونها ذو خبرةٍ وعلمٍ لا يخفى عليه منها، ولا من غيرها شيءٌ). [جامع البيان: 20/440-442]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إن الذين يلحدون في آياتنا يعني بالمكاء والتصدية ونحو هذا). [تفسير مجاهد: 571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 40.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: الحاد ما ذكر معه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال الإلحاد التكذيب). [الدر المنثور: 13/119-120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه ولا تتبعوا فيه هواكم). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أفمن يلقى في النار خير} قال: أبو جهل بن هشام {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} قال: أبو بكر الصديق رضي الله عنه). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عساكر عن بشير بن تميم رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر {أفمن يلقى في النار} أبو جهل {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} عمار). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا وعيد). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {اعملوا ما شئتم} قال: خيركم وأمركم بالعمل واتخذ الحجة وبعث رسوله وأنزل كتابه وشرع شرائعه حجة وتقدمة إلى خلقه). [الدر المنثور: 13/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا لأهل بدر خاصة). [الدر المنثور: 13/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال: ذكر أن السماء فرجت يوم بدر فقيل {اعملوا ما شئتم}.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: فأبيحت لهم الأعمال). [الدر المنثور: 13/121]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى بالذكر لما جاءهم قال بالقرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم وإنّه لكتابٌ عزيزٌ (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين جحدوا هذا القرآن وكذبوا به لمّا جاءهم، وعني بالذّكر القرآن
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} كفروا بالقرآن.
وقوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} يقول تعالى ذكره: وإنّ هذا الذّكر لكتابٌ عزيزٌ بإعزاز اللّه إيّاه، وحفظه من كلّ من أراد له تبديلاً، أو تحريفًا، أو تغييرًا، من إنسيٍّ وجنّيٍّ وشيطانٍ ماردٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} يقول: أعزّه اللّه لأنّه كلامه، وحفظه من الباطل.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} قال: عزيزٌ من الشّيطان). [جامع البيان: 20/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا). [الدر المنثور: 13/123]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لا يأتيه الباطل قال الشيطان لا يستطيع أن يبطل منه حقا ولا يحق فيه باطلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} اختلف أهل التّأويل في تأويله فقال بعضهم: معناه: لا يأتيه النّكير من بين يديه ولا من خلفه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: النّكير من بين يديه ولا من خلفه.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا يستطيع الشّيطان أن ينقص منه حقًّا، ولا يزيد فيه باطلاً، قالوا: والباطل هو الشّيطان.
وقوله: {من بين يديه} من قبل الحقّ {ولا من خلفه} من قبل الباطل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} الباطل: إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقًّا، ولا يزيد فيه باطلاً.
وقال آخرون: معناه: إنّ الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئًا من الحروف ولا ينقص، منه شيئًا منها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: الباطل: هو الشّيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفًا ولا ينقص.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب أن يقال: معناه: لا يستطيع ذو باطلٍ بكيده تغييره، وتبديل شيءٍ من معانيه عمّا هو به، وذلك هو الإتيان من بين يديه، ولا إلحاق ما ليس منه فيه، وذلك إتيانه من خلفه.
وقوله: {تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} يقول تعالى ذكره: هو تنزيلٌ من عند ذي حكمةٍ بتدبير عباده، وصرفهم فيما فيه مصالحهم، {حميدٍ} يقول: محمودٌ على نعمه عليهم بأياديه عندهم). [جامع البيان: 20/444-445]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمّد الشّعرانيّ، ثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطأة، عن جبير بن نفيرٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: تلا {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم، وإنّه لكتابٌ عزيزٌ (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} [فصلت: 42] فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّكم لن ترجعوا إلى اللّه بشيءٍ أحبّ إليه من شيءٍ خرج منه» يعني القرآن «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/479]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جريرٌ، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن فروة بن نوفلٍ الأشجعيّ، قال: كنت جار الخبّاب بن الأرتّ فخرجنا مرّةً من المسجد، فأخذ بيدي فقال: «يا هناه، تقرّب إلى اللّه بما استطعت، فإنّك لن تقرّب إليه بشيءٍ أحبّ إليه من كلامه» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 42.
أخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو سئل: ما المخرج منها فقال: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {تنزيل من حكيم حميد} ). [الدر المنثور: 13/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن سعد لا أحسبه إلا أسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل القرآن ومثل الناس كمثل الأرض والغيث بينما الأرض ميتة هامدة ثم لا يزال ترسل الأدوية حتى تبذر وتنبت ويتم شأنها ويخرج الله ما فيها من زينتها ومعايش الناس وكذلك فعل الله بهذا القرآن والناس). [الدر المنثور: 13/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} إلى قوله {حميد} فقال: إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أحب إليه من شيء خرج منه يعني القرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عطية بن قيس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما تكلم العباد بكلام أحب إلى الله من كلامه وما أناب العباد إلى الله بكلام أحب إليه من كلامه بالذكر قال بالقرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا يأتيه الباطل} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في الآية {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: لا يدخل فيه الشيطان ما ليس منه ولا أحد من الكفرة). [الدر المنثور: 13/122-123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا). [الدر المنثور: 13/123] (م)

تفسير قوله تعالى: (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن سهيل بن أبي صالح في قوله ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك قال من الأذى). [تفسير عبد الرزاق: 2/187]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في يقوله تعالى ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك قال يعزيه قال قول قد قيل للأنبياء ساحر وشبه ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرّسل من قبلك} من الأذى [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 267]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرةٍ وذو عقابٍ أليمٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذّبون ما جئتهم به من عند ربّك إلاّ ما قد قاله من قبلهم من الأمم الّذين كانوا من قبلك، يقول له: فاصبر على ما نالك من أذًى منهم، كما صبر أولو العزم من الرّسل، {ولا تكن كصاحب الحوت}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك} يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم كما تسمعون يقول: {كذلك ما أتى الّذين من قبلهم من رسولٍ إلاّ قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ}.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك} قال: ما يقولون إلاّ ما قد قال المشركون للرّسل من قبلك.
وقوله: {إنّ ربّك لذو مغفرةٍ} يقول: إنّ ربّك لذو مغفرةٍ لذنوب التّائبين إليه من ذنوبهم بالصّفح عنهم {وذو عقابٍ أليمٍ} يقول: وهو ذو عقابٍ مؤلمٍ لمن أصرّ على كفره وذنوبه، فمات على الإصرار على ذلك قبل التّوبة منه). [جامع البيان: 20/445-446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 43.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك} من التكذيب {إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} فكما كذبت فقد كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر على أذى قومك إليك). [الدر المنثور: 13/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} قال: من الأذى.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: تعزية). [الدر المنثور: 13/123]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لولا فصلت آياته آعجمي قال يقول لولا بينت آياته أعجمي وعربي لقالوا هذا القرآن أعجمي وهذا النبي عربي فيقول لكان ذلك أشد لتكذيبهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله وهو عليهم عمى قال عموا عن القرآن وصموا عنه). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن سعيدٍ ومجاهدٍ في قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته آعجمي} على وجه الاستفهام وهذا لسانٌ عربي كيف يكون هذا عجمي وهذا عربي؟ [الآية: 44]). [تفسير الثوري: 267]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {قرآناً أعجمياً} قال تعالى: لو أنزلناه أعجميًّا لقالوا: فصّلوه لنا بالعربية). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}.
يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا هذا القرآن الّذي أنزلناه يا محمّد أعجميًّا لقال قومك من قريشٍ: {لولا فصّلت آياته} يعني: هلاّ بيّنت أدلّته وما فيه من آيةٍ، فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه، {أأعجميٌّ} يعني أنّهم كانوا يقولون إنكارًا له: أأعجميٌّ هذا القرآن ولسان الّذي أنزل عليه عربيٌّ؟!
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال في هذه الآية {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قال: لو كان هذا القرآن أعجميًّا لقالوا: القرآن أعجميٌّ، ومحمّدٌ عربيٌّ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني محمّد بن أبي عديٍّ، عن داود بن أبي هند، عن جعفر بن أبي وحشيّة، عن سعيد بن جبيرٍ في هذه الآية: {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قال: الرّسول عربيٌّ، واللّسان أعجميٌّ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني عبد الأعلى، قال: حدّثنا أبو داود عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قرآنٌ أعجميٌّ ولسانٌ عربيٌّ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن محمّد بن أبي موسى، عن عبد اللّه بن مطيعٍ، بنحوه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لولا فصّلت آياته} فجعل عربيًّا، أعجميّ الكلام وعربيّ الرّجل.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته} يقول: بيّنت آياته، أأعجميٌّ وعربيٌّ، نحن قومٌ عربٌ ما لنا وللعجمة.
وقد خالف هذا القول الّذي ذكرناه عن هؤلاء آخرون، فقالوا: معنى ذلك {لولا فصّلت آياته} بعضها عربيّ، وبعضها عجميٌّ وهذا التّأويل على تأويل من قرأ {أعجميٌّ} بترك الاستفهام فيه، وحمله خبرًا من اللّه تعالى عن قيل المشركين ذلك، يعني: هلاّ فصّلت آياته، منها عجميٌّ تعرفه العجم، ومنها عربيٌّ تفقهه العرب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: قالت قريشٌ: لولا أنزل هذا القرآن أعجميًّا وعربيًّا فأنزل اللّه {وقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} فأنزل اللّه بعد هذه الآية كلّ لسانٍ، فيه {حجارةٍ من سجّيلٍ} قال: فارسيّةٌ أعربت: سنك وكل.
وقرأت قرّاء الأمصار: {أأعجميٌّ وعربيٌّ} على وجه الاستفهام، وذكر عن الحسن البصريّ أنّه قرأ ذلك: (أعجميٌّ) بهمزةٍ واحدةٍ على غير مذهب الاستفهام، على المعنى الّذي ذكرناه عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار لإجماع الحجّة عليها على مذهب الاستفهام.
وقوله: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءً} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهم: هو، ويعني بقوله {هو} القرآن {للّذين آمنوا} باللّه ورسوله، وصدّقوا بما جاءهم به من عند ربّهم {هدًى} يعني بيانٌ للحقّ {وشفاءٌ} يعني أنّه شفاءٌ من الجهل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال. حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} قال: جعله اللّه نورًا وبركةً وشفاءً للمؤمنين.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} قال: القرآن.
وقوله: {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} يقول تعالى ذكره: والّذين لا يؤمنون باللّه ورسوله، وما جاءهم به من عند اللّه في آذانهم ثقلٌ عن استماع هذا القرآن، وصممٌ لا يستمعونه ولكنّهم يعرضون عنه، {وهو عليهم عمًى} يقول: وهذا القرآن على قلوب هؤلاء المكذّبين به عمًى عنه، فلا يبصرون حججه عليهم، وما فيه من مواعظه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} عموا وصموا عن القرآن، فلا ينتفعون به، ولا يرغبون فيه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ} قال: صممٌ {وهو عليهم عمًى} قال: عميت قلوبهم عنه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهو عليهم عمًى} قال: العمى: الكفر.
وقرأت قرّاء الأمصار: {وهو عليهم عمًى} بفتح الميم وذكر عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ: (وهو عليهم عمٍ) بكسر الميم، على وجه النّعت للقرآن.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار.
وقوله: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} اختلف أهل التّأويل في معناه، فقال بعضهم: معناه: ذلك تشبيهٌ من اللّه جلّ ثناؤه، لعمى قلوبهم عن فهم ما أنزل في القرآن من حججه ومواعظه ببعيدٍ، فهم كما مع صوتٍ من بعيدٍ نودي، فلم يفهم ما نودي، كقول العرب للرّجل القليل الفهم: إنّك لتنادى من بعيدٍ، وكقولهم للفهم: إنّك لتأخذ الأمور من قريبٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن بعض أصحابه، عن مجاهدٍ، {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: بعيدٍ من قلوبهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: ضيّعوا أن يقبلوا الأمر من قريبٍ، يتوبون ويؤمنون، فيقبل منهم، فأبوا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنّهم ينادون يوم القيامة من مكانٍ بعيدٍ منهم بأشنع أسمائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن أجلح، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: ينادى الرّجل بأشنع اسمه.
واختلف أهل العربيّة في موضع تمام قوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم}؛ فقال بعضهم: تمامه: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وجعل قائلو هذا القول خبر {إنّ الّذين كفروا بالذّكر} {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وقال بعض نحويّي البصرة: يجوز ذلك ويجوز أن يكون على الأخبار الّتي في القرآن يستغنى بها، كما استغنت أشياء عن الخبر إذا طال الكلام، وعرف المعنى، نحو قوله: {ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض} وما أشبه ذلك.
- قال: وحدّثني شيخٌ من أهل العلم، قال: سمعت عيسى بن عمر، يسأل عمرو بن عبيدٍ {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} أين خبره؟ فقال عمرٌو: معناه في التّفسير: إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم كفروا به {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} فقال عيسى: أجدت يا أبا عثمان.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: إن شئت جعلت جواب {إنّ الّذين كفروا بالذّكر} {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وإن شئت كان جوابه في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}، فيكون جوابه معلومًا، فترك فيكون أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن.
وقال آخرون: بل ذلك ممّا انصرف عن الخبر عمّا ابتدئ به إلى الخبر عن الّذي بعده من الذّكر؛ فعلى هذا القول ترك الخبر عن الّذين كفروا بالذّكر، وجعل الخبر عن الذّكر، فتمامه على هذا القول؛ وإنّه لكتابٌ عزيزٌ؛ فكان معنى الكلام عند قائل هذا القول: إنّ الذّكر الّذي كفر به هؤلاء المشركون لمّا جاءهم، وإنّه لكتابٌ عزيزٌ، وشبّهه بقوله: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجًا يتربّصن بأنفسهنّ}.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب أن يقال: هو ممّا ترك خبره اكتفاءً بمعرفة السّامعين بمعناه لمّا تطاول الكلام). [جامع البيان: 20/446-453]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لولا فصلت آياته يقول لولا فصلت آياته فجعلت عربيا يقول الله عز وجل أأعجمي الكلام وعربي الرجل). [تفسير مجاهد: 572]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال يقول رجل عربي ولسان أعجمي). [تفسير مجاهد: 572]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 44.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} الآية يقول لو جعلنا القرآن أعجميا ولسانك يا محمد عربي {لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} يأتينا به مختلفا أو مختلطا {لولا فصلت آياته} فكان القرآن مثل اللسان يقول فلم يفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم). [الدر المنثور: 13/123-124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال: لو نزل أعجميا قال المشركون: كيف يكون أعجميا وهو عربي). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قالت: قريش لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا فأنزل الله {لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} وأنزل الله تعالى بعد هذه الآية فيه بكل لسان حجارة من سجيل قال ابن جبير رضي الله عنه، والقراءة على هذا أعجمي بالاستفهام). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه قال: في القرآن بكل لسان). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله: (وهو عليهم عمى) . قال: عموا عن القرآن وصموا عنه). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ: (أعمى، أولئك) ). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن الضحاك في قوله: {أولئك ينادون من مكان بعيد} قال: ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: (أولئك ينادون من مكان بعيد) . قال: بعيد من قلوبهم). [الدر المنثور: 13/125]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:40 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اعملوا ما شئتم }: لم يأمرهم بعمل الكفر , إنما هو توعدٌ.).[مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد: كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله -عزّ وجلّ -: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصير (40)}
{يلحدون} بفتح الياء والحاء، وتفسير:{يلحدون}: يجعلون الكلام على غير جهته، ومن هذا اللّحد لأنه الحفر في جانب القبر، يقال لحد , وألحد، في معنى واحد.
{اعملوا ما شئتم} : لفظ هذا الكلام لفظ أمر، ومعناه الوعيد والتهدد، وقد بيّن لهم المجازاة على الخير والشر). [معاني القرآن: 4/388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا}
قال مجاهد: المكاء , وما ذكر معه.
وقال قتادة: الإلحاد :التكذيب .
قال أبو جعفر : أصل الإلحاد: العدول عن الشيء , والميل عنه , ومنه اللحد ؛ لأنه جانب القبر.
فمعنى : ألحد في آيات الله : مال عن الحق فيها , أي: جعلها على غير معناها .
وقوله جل وعز:
{أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} .
{ أفمن يلقى في النار }: أبو جهل بن هشام {خيرأم من يأتي آمنا يوم القيامة } : عمار بن ياسر.
ثم قال:
{ اعملوا ما شئتم } وقد بين جل وعز ذلك .
قال مجاهد: هذا على الوعيد.).
[معاني القرآن: 6/273-274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يلحدون في آياتنا}: أي: يميلون عليها وفيها بالطعن.
{اعملوا ما شئتم}: هو تهديد ووعيد، كما تقول للعدو: اعمل ما شئت فإني أكافئك، فكذلك: {اعملوا ما شئتم}.). [ياقوتة الصراط: 454-455]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم...}.
يقال: أين جواب إنّ؟ , فإن شئت جعلته :
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}, وإن شئت كان في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ...} , {لاّ يأتيه الباطل...}، فيكون جوابه معلوماً فيترك، وكأنه أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن.). [معاني القرآن: 3/19]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}
وقال:
{إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , فزعم بعض المفسرين أن خبره : {أولئك ينادون من مّكان بعيدٍ}, وقد يجوز أن يكون على الإخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت أشياء عن الخبر إذ طال الكلام , وعرف المعنى نحو قوله: {ولو أنّ قرآناً سيّرت به الجبال} , وما أشبهه.
وحدثني شيخ من أهل العلم قال: سمعت عيسى بن عمر يسأل عمرو بن عبيد :
{إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , أين خبره؟.
فقال عمرو:
معناه في التفسير : نّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , كفروا به ,{وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}.
فقال عيسى:
جاء يا أبا عثمان. ). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم}
قال قتادة: أي: بالقرآن.
قال أبو جعفر , وفي الخبر قولان:
أحدهما: أن المعنى: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم , أولئك ينادون من مكان بعيد .
والقول الآخر: أن الخبر محذوف , أي: هلكوا .
وهذا القول الاختيار عند النحويين جميعا فيما علمت
وقوله:
{وإنه لكتاب عزيز}: أي: قاهر لا يقدر أحد أن يأتي بمثله). [معاني القرآن: 6/274-275]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم...}.
يقال: أين جواب إنّ؟ , فإن شئت جعلته :
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}, وإن شئت كان في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ...}{لاّ يأتيه الباطل...}، فيكون جوابه معلوماً فيترك، وكأنه أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن). [معاني القرآن: 3/19] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ يأتيه الباطل من بين يديه...}، يقول: التوراة والإنجيل لا تكذبه وهي من بين يديه , {ولا من خلفه}، يقول: لا ينزل بعده كتاب يكذبه.). [معاني القرآن: 3/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}:قالوا: لا يستطيع الشيطان أن يبطل منه حقا، ولا يحق منه باطلا). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإنّه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)}
فيه وجهان:
أحدهما: أن الكتب التي تقدمت لا تبطله , ولا يأتي بعده كتاب يبطله.
والوجه الثاني: أنه محفوظ من أن ينقص منه , فيأتيه الباطل من بين يديه , أو يزاد فيه , فيأتيه الباطل من خلفه.
والدليل على هذا قوله:
{إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (9) }.) . [معاني القرآن: 4/388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}
في معناه أقوال:
- فمن أحسنها : أن المعنى لا يأتيه الشيطان من بين يديه ,فينتقص منه , ولا من خلفه فيزيد فيه
قال مجاهد: الباطل: الشيطان.
وقال الحسن: حفظ الله القرآن من الشيطان , فلا يقدر أن يزيد فيه , ولا ينقص منه .قال الحسن :
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }.
وروى معمر , عن قتادة في قوله تعالى:
{لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} , قال: لا يقدر الشيطان أن يبطل منه حقا , ولا يحق فيه باطل.ا
قال أبو جعفر : معنى : يحق فيه باطلا , يزيد فيه باطلا , فيصير حقا , فهذا قول.
ب- وقيل معنى:
{ لا يأتيه الباطل من بين يديه} : لا يبطله كتاب قبله , ولا يأتي بعده كتاب فيبطله , وهذا قول الفراء: أي: لا يوجد فيه باطل من إحدى الجهتين.
ج- وقيل معنى :
{لا يأتيه الباطل من بين يديه}: من قبل أن يتم نزوله , {ولا من خلفه } : من بعد تمام نزوله
, ويكون أيضا من بين يديه بعد نزوله كله , ومن خلفه قبل تمامه.
د- وقيل المعنى :لا يأتيه الباطل قبل أن ينزل ؛ لأن الأنبياء وقد بشرت به ,’ فلم يقدر الشيطان على أن يدحض ذلك , ولا من خلفه بعد أن أنزل
هـ- وقيل معنى :
{ من بين يديه ولا من خلفه} : على التكثير , أي: لا يأتيه الباطل البتة.). [معاني القرآن: 6/276-277]

تفسير قوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك...}.
جزع صلى الله عليه وسلم من تكذيبهم إياه، فأنزل الله جل وعز عليه: ما يقال لك من التكذيب إلا كما كذب الرسل من قبلك).
[معاني القرآن: 3/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرّسل من قبلك}: تعزية له صلى اللّه عليه وسلم , وتسلية: أي: قد قيل للرسل قبلك: ساحر وكذاب، كما قيل لك). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43)}
أي: تكذيبك كما كذب الرسل من قبلك، وقيل لهم كما يقول الكفار لك، ثم قال:
{إنّ ربّك لذو مغفرة} : المعنى لمن آمن بك, {وذو عقاب أليم}: لمن كذبك.). [معاني القرآن: 4/388-389]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك}
قال أبو صالح: أي: من الأذى .
وقوله تعالى:
{إن ربك لذو مغفرة} :أي: لمن آمن بك , وذو عقاب أليم , أي: لمن كذبك). [معاني القرآن: 6/277-278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ}: أي: قد قيل
لهم: ساحر , وكذاب, فعزى الله تبارك تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 217-218]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قرأ الأعمش وعاصم: {أأعجميٌّ وعربيٌّ...} :استفهام، وسكنا العين، وجاء التفسير: أيكون هذا الرسول عربياً , والكتاب أعجمي؟.
وقرأ الحسن بغير استفهام:
{أعجمي وعربي}, كأنه جعله من قيلهم: يعني الكفرة، أي: هلاّ فصلت آياته منها عربي يعرفه العربي، وعجمي يفهمه العجمي، فأنزل الله عز وجل: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاء...}.
وقرأها بعضهم:
{أعجمي وعربي}: يستفهم, وينسبه إلى العجم.
وقوله:
{وهو عليهم عمًى...}
حدثنا الفراء قال: وحدثني غير واحد منهم أبو الأحوص , ومندل , عن موسى بن أبي عائشة , عن سليمان بن قتّة , عن ابن عباس أنه قرأ: عمٍ.
وقوله:
{أولئك ينادون من مّكانٍ بعيدٍ...}.
تقول للرجل الذي لا يفهم قولك: أنت تنادي من بعيد، تقول للفهم: إنك لتأخذ الشيء من قريب. وجاء في التفسير: كأنما ينادون من السماء , فلا يسمعون).
[معاني القرآن: 3/20]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو جعلناه قرآناً أعجميّاً لّقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مّكان بعيدٍ}
وقال:
{ولو جعلناه قرآناً أعجميّاً لّقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} , يقول: {هلاّ فصّلت آياته أأعجميٌّ} : يعني القرآن , {وعربيٌّ}: يعني النبي صلى الله عليه وسلم , وقد قرئت من غير استفهام , وكلٌّ جائز في معنى واحد.). [معاني القرآن: 4/9-10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولو جعلناه قرآناً أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته}: أي هلّا فصلت آياته، أي أنزلت مفصلة بالآي!. كأن التفصيل للسان العرب!.
ثم ابتدأ فقال:
{ءأعجميٌّ وعربيٌّ}!؟ حكاية عنهم, كأنهم يعجبون , فيقولون: أكتاب أعجمي ونبي عربي؟ , كيف يكون هذا؟!, فكان ذلك أشد لتكذيبهم.
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}: لقلة أفهامهم, يقال للرجل الذي لا يفهم: أنت تنادي من مكان بعيد! .). [تفسير غريب القرآن: 389-390 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميّ وعربيّ قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44)}
(ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت): أي : بيّنت.
{أأعجميّ وعربي} : وتقرأ
{أأعجميّ} بهمزتين و {أعجميّ}بهمزة واحدة , وبهمزة بعدها مخففة تشبه الألف، ولا يجوز أن يكون ألفا خالصة لأن بعدها العين وهي ساكنة.
وتقرأ أعجمي وعربي - بهمزة واحدة , وفتح العين.
وقرأ الحسن: أعجمى بهمزة , وسكون العين.
والذي جاء في التفسير : أن المعنى
{ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا} : هلّا بينت آياته، أقرآن أعجميّ , ونبيّ عربي.
فمن قرأ
{آأعجمي} فهمزة وألف فإنه منسوب إلى اللسان الأعجم، تقول: هذا رجل أعجمي إذا كان لا يفصح إن كان من العجم أو من العرب، وتقول: هذا رجل عجمي إذا كان من الأعاجم، فصيحا كان أم غير فصيح، ومثل ذلك: هذا رجل أعرابي إذا كان من أهل البادية، وكان جنسه من العرب أو من غير العرب، والأجود في القرآن أعجمي بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم، ألا ترى قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميّا}, ولم يقرأ أحد عجميّا.
فأمّا قراءة الحسن : أعني
{أعجمى } بإسكان العين , لا على معنى الاستفهام , ولكن على معنى: هلّا بيّنت آياته، فجعل بعضه بيانا للعجم , وبعضه بيانا للعرب، وكل هذه الأوجه الأربعة سائغ في العربية , وعلى ذلك تفسيره.
وقوله عزّ وجلّ:
{قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء} :يعني: القرآن.
{والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر} : أي هم في ترك القبول بمنزلة من في أذنه صمم.
{وهو عليهم عمى} , ويقرأ {وهو عليهم عم} بكسر الميم والتنوين، ويجوز {وهو عليهم عمي} بإثبات الياء وفتحها، ولا يجوز إسكان الياء وترك التنوين.
{أولئك ينادون من مكان بعيد} : يعني من قسوة قلوبهم, يبعد عنهم ما يتلى عليهم). [معاني القرآن: 4/389-390]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته}:أي: بينت.
قال أبو جعفر: أصل هذا: أن التفصيل لا يكون إلا للعرب , وهم أصحاب البيان .
ثم قال جل وعز:
{أعجمي وعربي}
قال سعيد بن جبير: أي: أقرآن أعجمي , ونبي عربي ؟!.
قال قتادة: أي: لو جعلنا القرآن أعجميا ؛ لأنكروا ذلك , وقالوا: أعرب مخاطبون بالعجمية, فكان ذلك أشد لتكذيبهم.
وقرأ ابن عباس , والحسن , وأبو الأسود :
{أعجمي} بغير استفهام , والعين ساكنة , والمعنى على هذه القراءة : لولا فصلت آياته , فكان منها أعجمي تفهمه العجم , وعربي تفهمه العرب , ويكون {أعجمي } بدلا من آياته , وحكي أنه قرئ {أعجمي} على أن الأصل عجمي دخلت عليه ألف الاستفهام .
قال أبو جعفر , قال أبو إسحاق: الأعجمي الذي لا يفصح كان من العرب أو من العجم, والعجمي الذي ليس من العرب كان فصيحا أو غير فصيح.
قال أبو جعفر : والقراءة الأخرى بعيدة ؛ لأنهم قد أجمعوا على
قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} .
وقوله جل وعز:
{والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى}
وقر : أي: صمم على التمثيل , وهو عليهم عمى.
قال قتادة: القرآن , وقيل : الوقر عليهم عمى.
وقرأ ابن عباس , ومعاوية , وعمرو بن العاص
{وهو عليهم عمي } على أنه فعل ماض , وحكي: { وهو عليهم عم }.
ثم قال جل وعز:
{أولئك ينادون من مكان بعيد}
حكى أهل اللغة : أنه يقال للذي يفهم : أنت تسمع من قريب , ويقال للذي لا يفهم: أنت تنادى من مكان بعيد , أي: كأنه ينادي من موضع بعيد منه , فهو لا يسمع النداء ولا يفهمه .
ومذهب الضحاك: أنهم ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد ؛ ليكون ذلك أشد عليهم في الفضيحة والتوبيخ.).
[معاني القرآن: 6/279-281]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من مَّكَانٍ بَعِيدٍ}: لقلة أفهامهم وبعدها.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 218]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:44 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي




التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأمّا الألف فتقديم الاسم فيها قبل الفعل جائزٌ كما جاز ذلك في هلاّ وذلك لأنّها حرف الاستفهام الذي لا يزول عنه إلى غيره وليس للاستفهام في الأصل غيره. وإنّما تركوا الألف في من ومتى وهل ونحوهن حيث أمنوا الالتباس. ألا ترى أنكّ تدخلها على من إذا تمّت بصلتها كقول الله عزّ وجلّ: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أمّن ياتي آمناً يوم القيامة} ). [الكتاب: 1/99]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( وبعض النحويين من غير البصريين يجيز النصب على إضمار أن. والبصريون يأبون ذلك إلا أن يكون منها عوض؛ نحو: الفاء والواو وما ذكرناه معهما. ونظير هذا الوجه قول طرفة:



ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغـى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

ومن رأى النصب هناك رأى نصب أحضر.
فأما قول الله عز وجل: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} فتقديره والله أعلم: قل أفغير الله أعبد فيما تأمروني. ف غير منصوب ب أعبد.
وقد يجوز وهو بعيد على قولك: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى، فكأن التقدير: قل أفغير الله تأمروني أعبد. فتنصب غير ب تأمروني. وقد أجازه سيبويه على هذا، وهذا قول آخر وهو حذف الباء، كما قال:


أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مالٍ وذا نشب

وأنا أكره هذا الوجه الثاني لبعده. ولا يجوز على هذا القول أن ينصب غيراً بأعبد؛ لأن أعبد على هذا في صلة أن.
وأما قوله عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} فعلى الجواب.
فإن قال قائل: أفأمر الله بذلك ليخوضوا ويلعبوا? قيل: مخرجه من الله عز وجل على الوعيد؛ كما قال عز وجل: {اعملوا ما شئتم} {ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
أما قوله: {ذرهم في خوضهم يلعبون} فإنه ليس بجواب، ولكن المعنى: ذرهم لاعبين، أي ذرهم في حال لعبهم). [المقتضب: 2/82-84] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتدخل حروف الاستفهام على من، وما، وأي إذا صرن في معنى الذي بصلاتهن. وكذلك أم، كقول الله عز وجل: {أم من يجيب المضطر إذا دعاه}، وكقوله: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة}، فقد أوضحت لك حالهما. فأما قول الله عز وجل: {الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه} وقوله: {أم تسألهم أجراً}، وما كان مثله، نحو قوله عز وجل: {أم اتخذ مما يخلق بنات} فإن ذلك ليس على جهة الاستفهام؛ لأن المستخبر غير عالم، إنما يتوقع الجواب فيعلم به. والله - عز وجل - منفيٌّ عنه ذلك. وإنما تخرج هذه الحروف في القرآن مخرج التوبيخ والتقرير، ولكنها لتكرير توبيخ بعد توبيخ عليهم. ألا تراه يقول عز وجل: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة} - وقد علم المستمعون كيف ذلك - ليزجرهم عن ركوب ما يؤدي إلى النار، كقولك للرجل: السعادة أحب إليك أم الشقاء؛ لتوقفه أنه على خطأ وعلى ما يصيره إلى الشقاء؛ ومن ذلك قوله: {أليس في جهنم مثوًى للمتكبرين}. كما قال:


ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح).

[المقتضب: 3/291-292] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتدخل حروف الاستفهام على من، وما، وأي إذا صرن في معنى الذي بصلاتهن. وكذلك أم، كقول الله عز وجل: {أم من يجيب المضطر إذا دعاه}، وكقوله: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة}، فقد أوضحت لك حالهما. فأما قول الله عز وجل: {الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه} وقوله: {أم تسألهم أجراً}، وما كان مثله، نحو قوله عز وجل: {أم اتخذ مما يخلق بنات} فإن ذلك ليس على جهة الاستفهام؛ لأن المستخبر غير عالم، إنما يتوقع الجواب فيعلم به. والله - عز وجل - منفيٌّ عنه ذلك. وإنما تخرج هذه الحروف في القرآن مخرج التوبيخ والتقرير، ولكنها لتكرير توبيخ بعد توبيخ عليهم. ألا تراه يقول عز وجل: {أفمن يلقى في النار خيرٌ أم من يأتي آمناً يوم القيامة} - وقد علم المستمعون كيف ذلك - ليزجرهم عن ركوب ما يؤدي إلى النار، كقولك للرجل: السعادة أحب إليك أم الشقاء؛ لتوقفه أنه على خطأ وعلى ما يصيره إلى الشقاء؛ ومن ذلك قوله: {أليس في جهنم مثوًى للمتكبرين}. كما قال:


ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح).

[المقتضب: 3/291-292] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)}

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (واعلم أن الشيطان يعترض في جميع الرؤيا، ويتمثل بكل شيء، إلا بالله عز وجل وبكتابه – فإن الله تعالى يقول: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}.
وقال بعض المفسرين في الباطل: إنه الشيطان – وبالملائكة والعرش والأنبياء والمرسلين). [تعبير الرؤيا: 100]

تفسير قوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ): (والوقر الثقل في الأذن من قول الله تبارك
وتعالى {وفي آذاننا وقر} ويقال منه قد وقرت أذنه فهي موقورة ويقال اللهم قر أذنه ويقال أيضا قد وقرت أذنه توقر وقرا والوقر الثقل يحمل على رأس أو على ظهر من قوله تبارك وتعالى {فالحاملات وقرا} ويقال جاء يحمل وقره قال الفراء ويقال هذه امرأة موقرة وموقرة إذا حملت حملا ثقيلا وهذه نخلة موقر وموقرة وموقرة وقد وقر الرجل من الوقار فهو وقور). [إصلاح المنطق: 3-4] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ({أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} قال: يقال للبليد الذي لا يسمع ما يقال له: إنما ينادى من مكان بعيد). [مجالس ثعلب: 231]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:46 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 03:52 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير * إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد * ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم}
هذه آية وعيد، و"الإلحاد": الميل، وهو هاهنا عن الحق، ومن "الإلحاد" لحد الميت; لأنه في جانب، يقال: لحد الرجل وألحد بمعنى، وقرأ الجمهور: "يلحدون" بضم الياء من ألحد، وقرأ ابن وثاب، وطلحة، والأعمش: "يلحدون" بفتح الياء والحاء من لحد.
واختلف المفسرون في الإلحاد الذي أشير إليه، ما هو؟ فقال قتادة وغيره: الإلحاد بالتكذيب، وقال مجاهد وغيره: الإلحاد بالمكاء والصفير واللغو الذي ذهبوا إليه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إلحادهم هو أن يوضع الكلام غير موضعه، ولفظة الإلحاد تعم هذا كله.
وقوله تعالى: {لا يخفون علينا} أي: فنحن بالمرصاد لهم وسنعذبهم، ثم قررهم تعالى على هذين القسمين أنهما خير؟ وهذا التقرير هم المراد به، أي: فقل لهم يا محمد: [أفمن]، قال مقاتل: نزلت هذه الآية في أبي جهل، وفي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل: في عمار بن ياسر رضي الله عنه، وحسن التفضيل هنا بين الإلقاء في النار والأمن يوم القيامة - وإن كانا لا يشتركان في صفة الخير - من حيث كان الكلام تقريرا لا مجرد خبر; لأن المقرر قد يقرر خصمه على قسمين أحدهما بين الفساد، حتى يرى جوابه، فعساه يقع في الفاسد المعنى، فيبين جهله، وقد تقدم نظير هذه الآية واستيعاب القول في هذا المعنى، ولا يتجه هنا أن يقال: خاطب على معتقدهم كما يتجه ذلك في قوله تعالى: {خير مستقرا} فتأمله. وقوله تعالى: {اعملوا ما شئتم} وعيد في صيغة الأمر بإجماع من أهل العلم، ودليل الوعيد ومبينه قوله تعالى: {إنه بما تعملون بصير}). [المحرر الوجيز: 7/ 488]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم قال تعالى: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم}، يريد تعالى قريشا، و"الذكر": القرآن بإجماع، واختلف الناس في الخبر عنهم، أين هو؟ فقالت فرقة: هو في قوله تعالى: {أولئك ينادون من مكان بعيد}، ذكر النقاش أن بلال بن أبي بردة سأل عن هذا في مجلسه وقال: لم أجد لها نفاذا، فقال له أبو عمرو بن العلاء: إنه منك لقريب، أولئك ينادون.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويرد هذا النظر كثرة الحائل، وأن هنالك قوما قد ذكروا بحسن رد قوله تعالى: {أولئك ينادون} عليهم. وقالت فرقة: الخبر مضمر تقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم هلكوا أو ضلوا، وقال بعض نحاة الكوفة: الجواب في قوله تعالى: {وإنه لكتاب عزيز}، حكى ذلك الطبري، وهو ضعيف لا يتجه، وسأل عيسى بن عمر عمرو بن عبيد عن هذا، فقال عمرو: معناه في التفسير: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم، كفروا به وإنه لكتاب عزيز، فقال عيسى بن عمر: أجدت يا أبا عثمان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والذي يحسن في هذا هو إضمار الخبر، ولكنه عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدره هؤلاء فيه، وإنما هو بعد حكيم حميد، وهو أشد إظهارا لمذمة الكفار به; وذلك لأن قوله تعالى: {وإنه لكتاب} داخل في صفة الذكر المكذب به، فلم يتم ذكر المخبر عنه، إلا بعد استيفاء وصفه، وهذا كما تقول: أتخالف زيدا وهو العالم الودود، الذي من شأنه ومن أمره، فهذه كلها أوصاف. ووصف تعالى الكتاب بالعزة، لأنه بصحة معانيه ممتنع الطعن فيه والإزراء عليه، وهو محفوظ من الله تعالى، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: كريم على الله تعالى، قال مقاتل: منيع من الشيطان، قال السدي: غير مخلوق).[المحرر الوجيز: 7/ 489]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه}، قال قتادة، والسدي: يريد الشيطان، وظاهر اللفظ يعم الشيطان وأن يجيء أمر يبطل منه شيئا، وقوله تعالى: {من بين يديه} معناه: ليس فيما تقدمه من الكتب ما يبطل شيئا منه، وقوله تعالى: {ولا من خلفه} أي: ليس يأتي بعده من نظر ناظر وفكرة عاقل ما يبطل أشياء منه، والمراد باللفظ على الجملة: لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات. وقوله تعالى: "تنزيل" خبر ابتداء، أي: هو تنزيل). [المحرر الوجيز: 7/ 490]

تفسير قوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن مقالات قومه، أي: ما تلقى يا محمد من المكروه منهم، ولا يقولون لك من الأقوال المؤلمة، إلا ما قد قيل ولقي به من تقدمك من الرسل، فلتتأس بهم، ولتمض لأمر الله ولا يهمك شأنهم، والمعنى الثاني: أن تكون الآية تخليصا لمعاني الشرع، أي: ما يقال لك من الوحي وتخاطب به من جهة الله تعالى، {إلا ما قد قيل للرسل من قبلك}، ثم فسر الله تعالى ذلك الذي قيل لجميعهم وهو: {إن ربك لذو مغفرة} للطائعين، {وذو عقاب أليم} للكافرين، وفي هذه الكلمات جماع النهي والزجر والموعظة، وإليها يرجع كل نظر). [المحرر الوجيز: 7/ 490]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد * ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب * من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد}
الأعجمي هو الذي لا يفصح عربيا كان أو غير عربي، والعجمي: الذي ليس من العرب فصيحا كان أو غير فصيح، وهذه الآية نزلت بسبب تخليط كان من قريش في أقوالهم، من أجل الحروف التي وقعت في القرآن وهي مما عرب من كلام العجم كالسجين والإستبرق ونحوه، فقال عز وجل: ولو جعلنا هذا القرآن أعجميا لا يبين لقالوا واعترضوا: لولا بينت آياته. واختلف القراء في قوله: {أأعجمي وعربي}، فقراءة الجمهور على الاستفهام وهمزة ممدودة قبل الألف، وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، والأعمش: [أأعجمي] بهمزتين، وكأنهم كانوا ينكرون ذلك فيقولون: لولا بين، أأعجمي وعربي مختلط؟ هذا لا يحسن، وتأول ابن جبير أن معنى قولهم: أتجيئنا عجمة ونحن- عرب؟ ما لنا وللعجمة؟ وقرأ الحسن البصري، وأبو الأسود، والجحدري، وسلام، والضحاك، وابن عباس، وابن عامر - بخلاف عنهما -: [أعجمي] دون استفهام وبسكون العين، كأنهم قالوا: أعجمة وإعراب.؟ إن هذا لشاذ، أوكأنهم قالوا: لولا فصل فصلين، فكان بعضه أعجميا يفهمه العجم، وبعضه عربيا يفهمه العرب؟ وهذا تأويل لابن جبير أيضا، وقرأ عمرو بن ميمون: [أعجمي] بهمزة واحدة دون مد وبفتح العين، فأخبر الله تبارك وتعالى عنهم أنه لو كان على أي وجه تخيل، لكان لهم قول واعتراض فاسد، هذا مقصد الكلام.
وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: إن القرآن هدى وشفاء للمؤمنين المبصرين للحقائق، وأنه على الذين لا يؤمنون ولا يصرفون نظرهم وحواسهم في المصنوعات عمى; لأنهم في آذانهم وقر، وعلى قلوبهم أقفال، وعلى أعينهم غشاوة. واختلف الناس في قوله تعالى: {وهو عليهم عمى}، فقالت فرقة: يريد بـ"هو" القرآن، وقالت فرقة: [وهو] يريد به الوقر، والوقر: الثقل في الأذن المانع من السمع، وهذه كلها استعارات، أي: هم لما لم يفهموا ولا حصلوا; كالأعمى وصاحب الوقر. وقرأ ابن عباس، ومعاوية، وعمرو بن العاصي: [وهو عليهم عم] بكسر الميم منونة، وقال يعقوب: لا أدري أنونوا أم فتحوا الياء على الفعل الماضي، وبغير ياء رواها عمرو بن دينار، وسليمان بن قتة عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهذه القراءة أيضا فيها استعارة، وكذلك قوله تعالى: {أولئك ينادون} يحتمل معنيين، وكلاهما مقول للمفسرين: أحدهما أنها استعارة لقلة فهمهم، شبههم بالرجل ينادى على بعد يسمع منه الصوت ولا تفهم تفاصيله ولا معانيه، وهذا تأويل مجاهد، والآخر أن الكلام على الحقيقة، وأن المعنى: أنهم يوم القيامة ينادون بكفرهم وقبيح أعمالهم من بعد، حتى يسمع ذلك أهل الموقف، فتعظم السمعة عليهم ويحل المصاب، وهذا تأويل الضحاك بن مزاحم). [المحرر الوجيز: 7/ 490-491]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 04:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصيرٌ (40) إنّ الّذين كفروا بالذّكر لـمّا جاءهم وإنّه لكتابٌ عزيزٌ (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ (42) ما يقال لك إلا ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرةٍ وذو عقابٍ أليمٍ (43)}
قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا}، قال ابن عبّاسٍ: الإلحاد: وضع الكلام على غير مواضعه.
وقال قتادة وغيره: هو الكفر والعناد.
وقوله: {لا يخفون علينا} أي: فيه تهديدٌ شديدٌ، ووعيدٌ أكيدٌ، أي: إنّه تعالى عالمٌ بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنّكال؛ ولهذا قال: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة}؟ أي: أيستوي هذا وهذا؟ لا يستويان.
ثمّ قال -عزّ وجلّ- تهديدًا للكفرة: {اعملوا ما شئتم} قال مجاهدٌ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ: {اعملوا ما شئتم}: وعيدٌ، أي: من خيرٍ أو شرٍّ، إنّه عليمٌ بكم وبصيرٌ بأعمالكم؛ ولهذا قال: {إنّه بما تعملون بصيرٌ}).[تفسير ابن كثير: 7/ 183]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لـمّا جاءهم} قال الضّحّاك، والسّدّيّ، وقتادة: وهو القرآن {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} أي: منيع الجناب، لا يرام أن يأتي أحدٌ بمثله). [تفسير ابن كثير: 7/ 183]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} أي: ليس للبطلان إليه سبيلٌ؛ لأنّه منزّلٌ من ربّ العالمين؛ ولهذا قال: {تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} أي: حكيمٌ في أقواله وأفعاله، حميدٌ بمعنى محمودٍ، أي: في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودةٌ عواقبه وغاياته). [تفسير ابن كثير: 7/ 183]

تفسير قوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرّسل من قبلك} قال قتادة، والسّدّيّ، وغيرهما: ما يقال لك من التّكذيب إلّا كما قد قيل للرّسل من قبلك، فكما قد كذّبت فقد كذّبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم، فاصبر أنت على أذى قومك لك. وهذا اختيار ابن جريرٍ، ولم يحك هو، ولا ابن أبي حاتمٍ غيره.
وقوله: {إنّ ربّك لذو مغفرةٍ [للنّاس]} أي: لمن تاب إليه {وذو عقابٍ أليمٍ} أي: لمن استمرّ على كفره، وطغيانه، وعناده، وشقاقه ومخالفته.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ عن سعيد بن المسيّب قال: لمّا نزلت هذه الآية: {إنّ ربّك لذو مغفرةٍ} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لولا غفر اللّه وتجاوزه ما هنأ أحدًا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كلّ أحدٍ"). [تفسير ابن كثير: 7/ 183]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ (44) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكٍّ منه مريبٍ (45)}
لـمّا ذكر تعالى القرآن وفصاحته وبلاغته، وإحكامه في لفظه ومعناه، ومع هذا لم يؤمن به المشركون، نبّه على أنّ كفرهم به كفر عنادٍ وتعنّتٍ، كما قال: {ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين} [الشّعراء: 198، 199]. وكذلك لو أنزل القرآن كلّه بلغة العجم، لقالوا على وجه التّعنّت والعناد: {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} أي: لقالوا: هلّا أنزل مفصّلًا بلغة العرب، ولأنكروا ذلك وقالوا: أعجميٌّ وعربيٌّ؟ أي: كيف ينزل كلامٌ أعجميٌّ على مخاطبٍ عربيٍّ لا يفهمه.
هكذا روي هذا المعنى عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقيل: المراد بقولهم: {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} أي: هلّا أنزل بعضها بالأعجميّ، وبعضها بالعربيّ.
هذا قول الحسن البصريّ، وكان يقرؤها كذلك بلا استفهامٍ في قوله {أعجميٌّ} وهو روايةٌ عن سعيد بن جبيرٍ وهو في [التّعنّت و] العناد أبلغ.
ثمّ قال تعالى: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} أي: قل يا محمّد: هذا القرآن لمن آمن به هدًى لقلبه وشفاءٌ لما في الصّدور من الشّكوك والرّيب، {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ} أي: لا يفهمون ما فيه، {وهو عليهم عمًى} أي: لا يهتدون إلى ما فيه من البيان كما قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82].
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال مجاهدٌ: يعني بعيد من قلوبهم.
قال ابن جريرٍ: معناه: كأنّ من يخاطبهم يناديهم من مكانٍ بعيدٍ، لا يفهمون ما يقول.
قلت: وهذا كقوله تعالى: {ومثل الّذين كفروا كمثل الّذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون} [البقرة: 171].
وقال الضّحّاك: ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم.
وقال السّدّيّ: كان عمر بن الخطّاب [رضي اللّه عنه] جالسًا عند رجلٍ من المسلمين يقضي، إذ قال: يا لبّيكاه. فقال عمر: لم تلبّي؟ هل رأيت أحدًا، أو دعاك أحدٌ؟ قال: دعاني داعٍ من وراء البحر. فقال عمر: أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ. رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 184]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة