العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:36 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الفتح

التفسير اللغوي لسورة الفتح

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 12:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 14]

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) }


تفسير قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ...}.
كان فتح وفيه قتال [قليل] مراماة بالحجارة، فالفتح قد يكون صلحا، ويكون أخذ الشيء عنوة، ويكون القتال إنما أريد به يوم الحديبية). [معاني القرآن: 3/64]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } أي قضينا لك قضاء عظيما. ويقال: للقاضي: الفتاح). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال عز وجل: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [سبأ: 26] أي: يقضي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]: أي خير القضاة.
وقال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينكم الفتاح، يعني الحاكم.
[تأويل مشكل القرآن: 492]
وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] كنت أقرؤها ولا أدري ما هي، حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك، أي حكم الله بيني وبينك). [تأويل مشكل القرآن: 493] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله - عزّ وجلّ -: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}
جاء في التفسير أنه فتح الحديبية، وكان هذا الفتح عن غير قتال قيل إنه كان عن تراض بين القوم.
والحديبية بئر فسمي المكان باسم البئر.
والفتح إنما هو الطفر بالمكان والمدينة والقرية، كان بحرب أو بغير حرب، أو كان دخول عنوة أو صلح، فهو فتح لأن الموضع إنما يكون منغلقا فإذا صار في اليد فهو فتح.
ومعنى {فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا } - واللّه أعلم - هو الهداية إلى الإسلام.
وجاء في التفسير: قضينا لك قضاء مبينا أي حكمنا لك بإظهار دين الإسلام والنصرة على عدوك.
وأكثر ما جاء في التفسير أنه فتح الحديبية، وكان في فتح الحديبية آية عظيمة من آيات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنها بئر فاستقي جميع ما فيها من الماء حتى نزحت ولم يبق فيها ماء، فتمضمض رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ثم مجّه فيها فدرت البئر بالماء حتى شرب جميع من كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وليس يخرج هذا من معنى فتحنا لك فتحا مبينا أنه يعنى به الهداية إلى الإسلام، ودليل ذلك قوله ( {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)}
فالمعنى فتحنا لك فتحا في الدين لتهتدي به أنت والمسلمون). [معاني القرآن: 5/19-20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [آية: 1]
روى قتادة عن أنس قال نزلت إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد نزلت علي آية أحب إلي من جميع الدنيا ثم تلاها فقال رجل من المسلمين هنيئا مريئا هذا لك يا رسول الله فماذا لنا فأنزل الله جل وعز: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } إلى آخر الآية
قال مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قال قضينا لك قضاء بينا
قال سفيان ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك أي ما كان في الجاهلية وما تأخر قال ما كان في الإسلام مما لم تعمله بعد
قال أبو جعفر في قوله جل وعز: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ثلاثة أقوال متقاربة:
أ- منها ما تقدم أنه فتح الحديبية والحديبية بئر سمي المكان باسمها
قال أبو جعفر ولا أعرف أحدا من أهل اللغة يشدد الياء منها وكان في فتحها أعظم الآيات لأن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي ورد على هذه البئر وقد نزف ماؤها فتمضمض وتفل فيها فأقبل الماء حتى شرب كل من كان معه ولم يكن بينهم إلا ترام حتى كان الفتح هذا قول
ب-وقيل المعنى إنا فتحنا لك فتحا مبينا باجتناب الكبائر ليغفر لك الله الصغائر
ج-وقيل إنا فتحنا لك فتحا بالهداية إلى الإسلام فهذه الأقوال متقاربة وقول مجاهد يجمعها لأن فتح الحديبية قضاء من قضاء الله وهداية من هدايته يهدي بها من شاء وكذلك اجتناب الكبائر
وقد روي عن ابن عباس ما يقويه قال ما كنت أدري ما معنى إنا فتحنا حتى قالت لي ابنة مشرح فتح الله بيني وبينك
وقوله تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} ). [معاني القرآن: 6/491-494]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }: أي قضينا لك ومنه قيل للقاضي "الفتاح"). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 233]

تفسير قوله تعالى: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله ({لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)}
فالمعنى فتحنا لك فتحا في الدين لتهتدي به أنت والمسلمون). [معاني القرآن: 5/20] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقد تكلم العلماء في قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [آية: 2]
فقال أبو حاتم المعنى ليغفرن لك الله
وقال أبو الحسن بن كيسان لا يجوز أن تكون إلا لام كي قال: قال الله جل وعز: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } فأمر الله أن يستغفره إذا كان الفتح ووعده بالمغفرة فكان قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} متعلقا بذاك
وقيل: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مما كان أي مما كان مقدما ومؤخرا وقد وقع ذلك كله
وقيل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر كله للمستقبل أي لتقع المغفرة في الاستقبال فيما يكون من الذنوب أولا وآخرا). [معاني القرآن: 6/495-496]

تفسير قوله تعالى: (وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى ({وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}
نصرا نصرا ذا عزّ لا يقع معه ذلّ). [معاني القرآن: 5/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [آية: 3] أي نصرا ذا عز لا ذل معه). [معاني القرآن: 6/496]

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} أي السكون والطمأنينة). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عن أسباب فتح الدين على نبيه عليه السلام فقال:
({هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)}
أي أسكن قلوبهم التعظيم لله ولرسوله، والوقار.
وقوله عزّ وجلّ: ( {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}).
تأويله - واللّه أعلم - أن جميع ما خلق الله في السّماوات والأرض جنود له، لأن ذلك كله يدل على أنه واحد وأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثل شيء واحد مما خلق اللّه في السّماوات والأرض.
ومن الدليل أيضا على أن معنى قوله: {إنّا فتحنا لك} أي إنّا أرشدناك إلى الإسلام وفتحنا لك أمر الدين). [معاني القرآن: 5/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [آية: 4] {السَّكِينَةَ} أي السكون والطمأنينة
وقوله جل وعز:{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [آية: 4]
أي كل ما فيها يدل على أن له خالقا وأنه واحد). [معاني القرآن: 6/496-497]

تفسير قوله تعالى: (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آية: 5]
أي فتح لك بالإسلام والهداية بهذا ويدل عليه أيضا قوله سبحانه: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَوَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ }[آية:6]
لأنهم ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجع). [معاني القرآن: 6/497-498] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {دَائِرَةُ السَّوْءِ...}.
مثل قولك: رجل السّوء، ودَائِرَةُ السَّوْءِ: العذاب، والسّوء أفشى في اللغة وأكثر، وقلما تقول العرب: دائرة السّوء). [معاني القرآن: 3/65]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قوله جل ثناؤه " {عليهم دَائِرَةُ السَّوْءِ} " تدور عليهم قال حميد:
ودائرات الدهر أن تدورا). [مجاز القرآن: 2/217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: ( {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)}
كانوا يظنون أن لن يعود الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبهم، فجعل الله دائرة السّوء عليهم.
ومن قرأ " {ظَنَّ السَّوْءِ}" فهو كما ترى أيضا.
قال أبو إسحاق: ولا أعلم أحدا قرأ بها، وقد قيل أيضا إنه قرئ به.
وزعم الخليل وسيبويه أن معنى السوء ههنا الفساد.
والمعنى: الظانين باللّه ظنّ الفساد، وهو ما ظنّوا أن الرسول عليه السلام ومن معه لا يرجعون.
قال اللّه تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} أي الفساد والهلاك يقع بهم
{وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ). [معاني القرآن: 5/20-21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آية: 5]
أي فتح لك بالإسلام والهداية بهذا
ويدل عليه أيضا قوله سبحانه: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَوَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ } [آية: 6]
لأنهم ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجع عليهم دائرة السوء أي الهلاك
ويقرأ السوء والفرق بينهما أن السوء الشيء بعينه والسوء الفعل). [معاني القرآن: 6/497-498]

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)}
تفسيره مثل الأول.
{وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} عاليا حكيما فيما دبّره). [معاني القرآن: 5/21]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)}
أي شاهدا على أمتك يوم القيامة.
وهذه حال مقدّرة أي مبشرا بالجنة من عمل خيرا ومنذرا من عمل شرّا بالنّار). [معاني القرآن: 5/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [آية: 8]
قال قتادة : أي شاهدا على أمتك ومبشرا المحسن منهم ونذيرا المسيء
قال أبو جعفر : هذا قول حسن وهذه حال مقدرة
حكى سيبويه : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا
فالمعنى إنا أرسلناك مقدرين لشهادتك يوم القيامة وعلى هذا تقول رأيت عمروا قائما غدا). [معاني القرآن: 6/498-499]

تفسير قوله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا...} ثم قال: {لِتُؤْمِنُوا...}.
ومعناه: ليؤمن بك من آمن، ولو قيل: ليؤمنوا؛ لأن المؤمن غير المخاطب، فيكون المعنى: إنا أرسلناك ليؤمنوا بك، والمعنى في الأول يراد به مثل هذا، وإن كان كالمخاطب؛ لأنك تقول للقوم: قد فعلتم وليسوا بفاعلين كلهم، أي فعل بعضكم، فهذا دليل على ذلك.
وقوله: {وَتُعَزِّرُوهُ...}.
تنصروه بالسيف كذلك ذكره عن الكلبي). [معاني القرآن: 3/65]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( "وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ" تعزروه: تعظموه). [مجاز القرآن: 2/217]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وتعزروه}: تسودوه وتشرفوه). [غريب القرآن وتفسيره: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَتُعَزِّرُوهُ} أي تعظموه. وفي تفسير أبي صالح: تنصروه). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الرجل بشيء ثم يجعل الخطاب لغيره:
كقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود: 14]، الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، ثم قال للكفار: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [هود: 14] يدلك على ذلك قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: 14].
وقال: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}؟ [طه: 49].
وقال: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117].
وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8]، ثم قال: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9].
[تأويل مشكل القرآن: 290]
وقال: {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: 32]، يريد أباكم آدم، صلّى الله عليه وسلم). [تأويل مشكل القرآن: 291] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)}
الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وخطاب للناس ولأمّته ، والمعنى يدل على ذلك.
ويجوز {ليؤمنوا باللّه ورسوله}وقد قرئ بهما جميعا.
وجائز أن يكون {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} خطابا للمومنين وللنّبي جميعا.
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد آمن بالله وبآياته وكتبه ورسله.
وقوله {شَاهِدًا} حال مقدرة، أي يكون يوم القيامة، والبشارة والإنذار حال يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ملابسا لها في الدنيا لمن شاهده فيها من أمّته، وحال مقدرة لمن يأتي بعده من أمّته إلى يوم القيامة ممن لم يشاهده.
يعني بقوله مقدّرة أن الحال عنده في وقت الإخإر على ضربين.
حال ملابسة يكون المخبر ملابسا لها في حين إخباره.
وحال مقدّرة لأن تلابس في ثان من الزمان.
وقوله عزّ وجلّ: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} معنى {وَتُعَزِّرُوهُ} تنصروه، يقال: عزّرته أعزّره، أي نصرته مرة بعد مرة.
وجاء في التفسير لتنصروه بالسيف ويجوز ولتعزروه، يقال: عزرته أعزره عزرا، وعزّرته أعزّره عزرا وتعزيرا. ونصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي نصرة الله عزّ وجلّ.
{وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} فهذه الهاء ترجع على اللّه عزّ وجلّ.
ومعنى يسبحون اللّه، أي يصلّون له. والتسبيح في اللغة تعظيم الله وتنزيهه عن السوء). [معاني القرآن: 5/21-22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [آية: 9]
روى شعبة عن أبي بشر عن عكرمة في قوله تعالى: {وَتُعَزِّرُوهُ} قال وتقاتلوا معه بالسيف
قال قتادة وتنصروه
وقرأ جويبر أي وتفخموه
وقرأ عاصم الجحدري وتعزروه
وأصله في اللغة من التبجيل والتطهير ومنه التعزير الذي هو دون الحد
وقرأ محمد اليماني وتعززوه بزاءين معجمتين يقال عززه أي جعله عزيزا وقواه ومنه قوله تعالى: {فعززنا بثالث}
ويجوز أن يكون وتعزروه وتوقروه لله جل وعز وحده ويجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم
9 - فأما قوله تعالى: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [آية: 9]
فلا يجوز أن تكون إلا لله جل وعز لأنه ليس يخلو من أن يكون معناه كما قال جويبر وتصلوا له
أو يكون معناه وتعظموه وتنزهوه). [معاني القرآن: 6/499-500]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} قال: التعزير: النصرة بالسيف واللسان). [ياقوتة الصراط: 471]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ويُعَزِّرُوه}: أي تعظموه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وتُعَزِّرُوه}: تعظموه). [العمدة في غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ...} بالوفاء والعهد). [معاني القرآن: 3/65]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)}
أي أخذك عليهم البيعة عقد للّه عزّ وجلّ عليهم.
ومعنى {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} يحتمل ثلاثة أوجه:
منها وجهان جاءا في التفسير، أحدهما يد اللّه في الوفاء فوق أيديهم.
وجاء أيضا يد اللّه في الثواب فوق أيديهم.
والتفسير - واللّه أعلم - يد الله في المنّة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة.
وقوله: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} والنكث في اللغة نقض ما تعقده، وما تصلحه.
وجاء في التفسير: ثلاثة أشياء ترجع على أهلها.
أحدها النكث. والبغي والمكر.
قال اللّه - عزّ وجلّ - {إنّما بغيكم على أنفسكم}.
والمكر قال اللّه عزّ وجلّ: {ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله}
وقوله: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
{فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
ويقرأ {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
ويقرأ عليه اللّه، وعليه اللّه.
وقد فسرنا مثل هذا فيما سلف). [معاني القرآن: 5/22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [آية: 10]
أي عقدك عليهم البيعة عقد لله جل وعز
ثم قال جل وعز: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [آية: 10]
أي يد الله في الثواب ، وقيل في الوفاء ، وقيل في المنة عليهم بالهداية
{ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } في الطاعة
{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} يقال نكث إذا نقض ما اعتقده). [معاني القرآن: 6/501-502]

تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ...}.
الذين تخلفوا عن الحديبية: شغلتنا أموالنا وأهلونا، وهم أعراب: أسلم، وجهينة، ومزينة، وغفار ـ ظنوا أن لن ينقلب رسول الله صلى الله عليه، فتخلفوا.
وقوله: {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا...}.
ضم يحيى بن وثاب وحده الضاد، ونصبها عاصم، وأهل المدينة والحسن "ضراً"). [معاني القرآن: 3/65]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)}
(فَاسْتَغْفِرْ لَنَا) بإظهار الراء عند اللام، وقد رويت عن أبي عمرو فاستغفلّنا بالإدغام، وكذلك في قوله يغفلّكم.
ولا يجيز سيبويه والخليل إدغام الراء في اللام.
ولا يحكون هذه اللغة عن أحد من العرب -، ويذكرون أن إدغام الراء في اللام غير جائز لأن الراء عندهم حرف مكرر، فإذا أدغم في اللام بطل هذا الإشباع الذي فيه.
وأعلم الله عزّ وجلّ أن هؤلاء منافقون فقال: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}) ). [معاني القرآن: 5/22-23]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا} [آية: 11]
قال مجاهد هم أعراب المدينة وجهينة ومزينة
ثم قال تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} أي ليس لنا من يحفظ أموالنا ويقوم بأهالينا). [معاني القرآن: 6/502]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: { أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا...} وفي قراءة عبد الله: "{إلى أهلهم}" بغير ياء، والأهل جمع وواحد.
وقوله: {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ...}.
[حدثنا محمد قال]: حدثنا الفراء قال: حدثني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: البور في لغة أزد عمان: الفاسد، (وكنتم قَوْمًا بُورًا)، قوما فاسدين، والبور في كلام العرب: لاشيء يقال: أصبحت أعمالهم بورا، ومساكنهم قبورا). [معاني القرآن: 3/66]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( "وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا " هلكى). [مجاز القرآن: 2/217]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} أي هلكى.
قال ابن عباس: «البور - في لغة أزد عمان -: الفاسد».
و«البور» - في كلام العرب -: لا شيء، يقال: أصبحت أعمالهم بورا، أي مبطلة. وأصبحت ديارهم بورا، أي معطلة خرابا). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنهم تخلفوا عن الخروج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بظنهم ظن السّوء، فأطلع الله نبيه على ذلك، قال اللّه عزّ وجلّ: ({بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)}
أي هالكين عند اللّه - عزّ وجلّ - فاسدين في علمه.
وقوله عزّ وجلّ: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا} أي ليس لنا من يقوم بها.
{وَأَهْلُونَا} أي وشغلتنا أهلونا، ليس لنا من يخلفنا فيهم، ويجوز وأهلنا، ولكن القراءة المشهورة بالواو، فمن قال وأهلونا فهو جمع أهل وأهلون، ومن قال وأهلنا فهو يتضمّن الجماعة كلها). [معاني القرآن: 5/23]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَوْمًا بُورًا}: أي هلكى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بُورًا}: فاسدين). [العمدة في غريب القرآن: 276]


تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) )

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) )


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 12:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 15 إلى 26]

({سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)} )
تفسير قوله تعالى: (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا...}.
يعني خيبر؛ لأن الله فتحها على رسوله من فوره من الحديبية، فقالوا ذلك لرسول الله: ذرنا نتبعك، قال: نعم على ألاّ يسهم لكم، فإن خرجتم على ذا فاخرجوا فقالوا للمسلمين: ما هذا لكم ما فعلتموه بنا إلا حسدا؟ قال المسلمون: كذلكم قال الله لنا من قبل أن تقولوا.
وقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ...}.
قرأها يحيى {كلم} وحده، والقراء بعد {كَلَامَ اللَّهِ} بألف، والكلام مصدرٌ، والكلم جمع الكلمة والمعنى في قوله: "يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ": طمعوا أن يأذن لهم فيبدّل كلام الله، ثم قيل: إن كنتم إنما ترغبون في الغزو والجهاد لا في الغنائم، فستدعون غدا إلى أهل اليمامة إلى قوم أولي بأس شديد ـ بني حنيفة أتباع مسيلمة ـ هذا من تفسير الكلبي). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: ({سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)}
يعنى بقوله: ( {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}) - قوله عزّ وجلّ:
({فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوّا}).
فأرادوا أن يأتوا بما ينقض هذا. فأعلم الله عزّ وجلّ أنهم لا يعقلون، ولا يقدرون على ذلك فقال: ( {قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْل}).
ولو كان الكلام نهيا لقال: قل لا تتبعونا.
وقرئت: " {يريدون أن يبدّلوا كلم اللّه}". فالكلم جمع كلمة، والكلام في موضع التّكليم). [معاني القرآن: 5/23-24]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [آية: 15]
قال مجاهد دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخروج إلى مكة فأبوا وقالوا كيف نخرج معه إلى قوم جاءوا إليه فقتلوا أصحابه فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ قوما على غفلة ووجه بهم قالوا {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ}.
14 - ثم قال جل وعز: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّه} [آية: 15]
وهو على قول ابن زيد قوله جل وعز: {فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا} ). [معاني القرآن: 6/502-503]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ...}.
وفي إحدى القراءتين: أو يسلموا. والمعنى: تقاتلونهم أبداً حتى يسلموا، وإلاّ أن يسلموا تقاتلونهم، أو يكون منهم الإسلام). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)}
وقد قرئت {أو يسلموا}، فالمعنى تقاتلونهم حتى يسلموا.
وإلّا أن يسلموا.
فإن قال قائل: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم: {لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوّا}
فكيف جاز أن يقول: ( {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}).
فإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن اللّه أعلمه أنّهم منافقون، وأعلمه مع ذلك أنهم لا يقاتلون معه.
وجاء في التفسير أنه عني بقوله: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ }بنو حنيفة، وأبو بكر رحمه اللّه، قاتلهم في أيام مسيلمة.
وجاء أيضا هوازن.
والمعنى أن كل من ظاهره الإسلام فعلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوهم إلى الجهاد.
والصحابة لم يطلعوا في وقت الجهاد على من يقاتل ومن لا يقاتل.
ولا على من ينافق ومن لا ينافق، لأن الإظهار على ذلك من آيات الأنبياء عليهم السلام.
وقد قيل: {إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي، إلى فارس والروم، وذلك في أيام أبي بكر وعمر رحمة اللّه عليهما ومن بعدهم.
{فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا} أي إن تبتم وتركتم النّفاق وجاهدتم. يؤتكم اللّه أجرا حسنا.
{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
{وإن تولّيتم فأقمتم على نفاقكم، وأعرضتم عن الإيمان والجهاد كما تولّيتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعذّبكم عذابا أليما} ).
[معاني القرآن: 5/24-25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [آية: 16]
روى سفيان عن شعبة عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير قال سفيان أراه عن ابن عباس {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } قال هوازن
وقال عطاءهم فارس
وقال الحسن فارس الروم
ومن أصح ما قيل فيه أنهم بنو حنيفة الذين قوتلوا في الردة وكان هذا مما يدل على صحة خلافة أبي بكر رضي الله عنه من القرآن
ويدلك على ذلك قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} فليس هذا ممن تؤخذ منهم الجزية
وقوله جل وعز: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [آية: 16] أي كما توليتم مع النبي صلى الله عليه وسلم).[معاني القرآن: 6/503-505]

تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ...} في ترك الغزو إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 3/66]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ } أي إثم في ترك الغزو). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قال عثمان بن المغيرة سألت الحسن عن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [آية: 17]
فقال هذا في الجهاد). [معاني القرآن: 6/505]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَرَجٌ}: ضيق). [العمدة في غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...} كانت سمرةً.
وقوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ...}.
كان النبي صلى الله عليه أري في منامه أنه يدخل مكة، فلما لم يتهيأ له ذلك، وصالح أهل مكة على أن يخلوها له ثلاثا من العام المقبل دخل المسلمين أمر عظيم، فقال لهم النبي صلى الله عليه: إنما كانت رؤيا أريتها، ولم تكون وحيا من السماء، فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم. والسكينة: الطمأنينة والوقار إلى ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه: أنها إلى العام المقبل، وذلك قوله: {فعلم ما لم تعلموا} من خير تأويل الرؤيا). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب، {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بخبر من أخلص نيّته فقال:
({لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}
أي علم أنهم مخلصون.
وجاء في التفسير أن الذين بايعوا تحت الشجرة كانوا ألفا وأربعمائة.
وقيل ألفا وخمسمائة، وقيل ألفا وثلاثمائة وكانوا بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يولوّا في القتال ولا يهربوا، وسمّيت بيعة الرضوان لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } وكانت الشجرة سمرة.
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قيل إنه فتح خيبر). [معاني القرآن: 5/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[آية: 18]
قال جويبر بايعوا على أن لا يفروا
وقال قتادة كانوا ألفا وأربعمائة وكانت الشجرة سمرة
وقوله جل وعز: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [آية: 18]
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ من الإخلاص}
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} قال قتادة الصبر والوقار
{وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قال ابن أبي ليلى خيبر). [معاني القرآن: 6/505-506]

تفسير قوله تعالى: (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب،
{وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ...} مما يكون بعد اليوم فعجل لكم هذه: خيبر.
وقوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ...}.
كانت أسد وغطفان مع أهل خيبر على رسول الله صلى الله عليه، فقصدهم النبي صلى الله عليه، فصالحوه، فكفوا، وخلّوا بينه وبين أهل خيبر، فذلك قوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ } أي عن عيالكم؛
[تفسير غريب القرآن: 412]
ليكون كف أيدي الناس - أهل مكة - عن عيالهم، {آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)}
وهذا التكرير تكرير في الوعد، أي فعجّل هذه يعني خيبر.
( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}).
[معاني القرآن: 5/25]
أي كف أيدي الناس عنكم لمّا خرجوا وخلفوا عيالهم بالمدينة حفظ اللّه عيالهم وبيضتهم، وقد همّت اليهود بهم فمنعهم اللّه ذلك). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ } [آية: 20]
قوله: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} قال مجاهد يعني خيبر
ثم قال تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} لأنهم خلفوا عيالاتهم فزعين عليهم فمنع الله منهم وكف أيدي الناس عنهم). [معاني القرآن: 6/506-507]

تفسير قوله تعالى: (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا...}.
فارس ـ قد أحاط الله بها، أحاط لكم بها أن يفتحها لكم). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا}: مكة). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)}
المعنى وعدكم اللّه مغانم أخرى {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}، قد علمها اللّه.
وهو ما يغنم المسلمون إلى أن لا يقاتلهم أحد). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [آية: 21]
روى شعبة عن سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول في قوله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} هي الفتوح التي فتحت لكم
وقال ابن أبي ليلى هي فارس والروم
وقال مجاهد هو ما يكون بعد إلى يوم القيامة
وقال قتادة هو فتح مكة). [معاني القرآن: 6/507]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
المعنى لو قاتلك من لم يقاتلك لنصرت عليهم، لأن سنة الله النصر لأوليائه وحزبه). [معاني القرآن: 5/26] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } [آية: 22]
قال قتادة كفار قريش
قال أبو جعفر ولو قاتلكم من لم يقاتلكم منهم لانهزموا لأن في سنة الله نصر أوليائه
قال قتادة يعني في قوله عز وجل: {ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} ولا يجدون لهم وليا ولا نصيرا من الله جل وعز). [معاني القرآن: 6/508]

تفسير قوله تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
المعنى لو قاتلك من لم يقاتلك لنصرت عليهم، لأن سنة الله النصر لأوليائه وحزبه.
{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
و {سُنَّةَ اللَّهِ} منصوبة على المصدر، لأن قوله {لَوَلَّوُا الْأَدْبَار}) معناه سنّ اللّه خذلانهم سنّة، وقد مر مثل هذا في قوله: {كتاب اللّه عليهم}.
وفي قوله: {صنع اللّه}، ولو قرئت " {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ}" لكان جيّدا في العربية.
المعنى تلك سنة اللّه التي قد خلت من قبل، ولكن لا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بها). [معاني القرآن: 5/26]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ...}.
هذا لأهل الحديبية، لا لأهل خيبر). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}
{مَكَّةَ} لا تنصرف لأنّها مؤنثة وهي معرفة.
وقوله: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
جاء في التفسير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي باثنتي عشر رجلا أخذوا بلا عهد ولا عقد فخلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنّ عليهم، وكان عاقبة ذلك أن سلم للرجل من بينه وبينه قرابة ومن هو مؤمن أن يصاب).[معاني القرآن: 5/26-27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [آية: 24]
كف أيدي المشركين عمن خلفه المؤمنون حين خرجوا إلى الحديبية
قال قتادة في قوله تعالى: {وكف أيديكم عنهم} تطلع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له زنيم فرماه المشركون بسهم فقتلوه فبعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا فأخذوا اثني عشر فارسا فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم الكم عهد أو ذمة قالوا لا فأطلقهم فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ}
قال قتادة يعني الحديبية). [معاني القرآن: 6/508-509]

تفسير قوله تعالى: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا...} محبوسا.
وقوله: {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ...} منحره، أي: صدوا الهدى.
وقوله: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ...}.
كان مسلمون بمكة، فقال: لولا أن تقتلوهم، وأنتم لا تعرفونهم فتصيبكم منهم معرة، يريد: الدية، ثم قال الله جل وعز: {لو تزيّلوا} لو تميّز وخلص الكفار من المؤمنين، لأنزل الله بهم القتل والعذاب). [معاني القرآن: 3/67-68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} " محبوساً واحداً في قول أبي عمرو بن العلاء هدية مثل جدية السرج والرحل وهما البدادان، وعامة العرب يقولون: هدية وهدايا.
"{فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ}" جناية كجناية العر وهو الجرب.
" {لَوْ تَزَيَّلُوا} " لو انمازوا. [مجاز القرآن: 2/217]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}
قال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} على "وصدوا" {الْهَدْيَ مَعْكُوفًا} كراهية {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}.
وقال: {أَنْ تَطَئُوهُمْ} على البدل "{لولا رجال أن تطؤوهم}"). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {والهدي معكوفا}: محبوسا.
25- {منهم معرة}: جناية كجناية العر وهو الجرب.
25- {لو تزيلوا}: إنمازوا). [غريب القرآن وتفسيره: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} أي محبوسا. يقال: عكفته عن كذا، إذا حبسته، ومنه: «العاكف في المسجد» إنما هو: الذي حبس نفسه فيه. أن يبلغ محلّه أي منحره.
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ}، مفسر في كتاب «التأويل»). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25].
كان بمكة قوم مؤمنون مختلطون بالمشركين غير متميزين ولا معروفي الأماكن، فلما صدّ المشركون رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، عن المسجد الحرام وعكفوا الهدي أن يبلغ محلّه. قال الله سبحانه: لولا أن بمكة رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لا تعرفونهم فتطئوهم لو دخلتموها، أي تقتلوهم ليدخلهم الله في رحمته لو فعلتم فتصيبكم من قتلهم بغير علم معرّة، أي يعيبكم المشركون بذلك ويقولون: قد قتلوا أهل دينهم وعذبوهم كما فعلوا بنا، وتلزمكم الدّيات.
[تأويل مشكل القرآن: 367]
ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا}، أي تميزوا من المشركين {لَعَذَّبْنَا} المشركين بالسيف
عذاباً أليماً: فصار قوله سبحانه: {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} جوابا لكلامين: أحدهما: لولا رجالٌ مؤمنون، والآخر: لو تزيّلوا). [تأويل مشكل القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال الله عزّ وجلّ: ( {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)}
وموضع " أن " رفع بدل من {رجال}، المعنى لولا أن تطأوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات.
ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
أي لو تميّز الكافرون من المسلمين لأنزلنا بالكافرين ما يكون عذابا لهم في الدنيا.
ومعنى: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ}.
قيل: لولا أن يقتلوا منهم قوما مؤمنين خطأ فتلزمكم الديات والمعنى - واللّه أعلم - لولا كراهة أن يلحقكم عنت بأن قتلتم من هو على دينكم إذ أنتم مختلطون بهم لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما.
وقوله: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}.
{الْهَدْي }منصوب سبق على الكاف والميم، المعنى وصدوا الهدي.
و (مَعْكُوفًا) محبوسا أن يبلغ محله.
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} كما وصفنا لنصرناكم عليهم، ولكن الذي منع عن ذلك كراهة وطء المؤمنين بالمكروه والقتل.
وموضع { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} منصوب على معنى وصدوا الهدي محبوسا عن أن يبلغ محلّه). [معاني القرآن: 5/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[آية: 25]
قال قتادة والهدي معكوفا محبوسا
وقوله جل وعز: {أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آية: 25]
أن تطئوهم أي تقتلوهم فتصيبكم منهم معرة أي عيب
يقول المشركون قتلوا أهل دينهم ولو فعلتم لأدخلهم الله في رحمته
وقوله جل وعز: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [آية: 25]
قال مجاهد لعذبنا الذين كفروا بالسباء والقتل). [معاني القرآن: 6/510-511]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ}أي: شدة). [ياقوتة الصراط: 471]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَعْكُوفًا}: محبوساً
{تَزَيَّلُوا}: تميزوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَعْكُوفًا}: محبوساً ،{مَّعَرَّةٌ}: خيانة، عنت ، {تَزَيَّلُوا}: تميزوا). [العمدة في غريب القرآن: 276]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ...}.
حموا أنفا أن يدخلها عليهم رسول الله صلى الله عليه، فأنزل الله سكينته يقول: أذهب الله عن المؤمنين أن يدخلهم ما دخل أولئك من الحمية، فيعصوا الله ورسوله.
وقوله: {كَلِمَةَ التَّقْوَى...} لا إله إلا الله.
وقوله: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا...}.
ورأيتها في مصحف الحارث بن سويد التيمي من أصحاب عبد الله، "وكانوا أهلها وأحق بها" وهو تقديم وتأخير، وكان مصحفه دفن أيام الحجاج). [معاني القرآن: 3/68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {الحمّية} " يقال: حميت أنفي حميةً ومحمية وحميت المريض حمية وحميت القوم العدو والحمى منعتهم حمايةً قال الفرزدق:

كأن ربيعاً من حماية منقرٍ = أتان دعاها للوداق حمارها
وأحميت الحمى جعلته حماءً لا يدخل وأحميت الحديدة وأحميت النار الرجل أغضبته على إحماءً). [مجاز القرآن: 2/217-218]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحمية}: يقال حميت أنفي حمية ومحمية).[غريب القرآن وتفسيره: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}: قول «لا إله إلا اللّه»). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجل - {(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}
أنزل اللّه عليهم الوقار والهيبة.
{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}جاء في التفسير أن شعارهم لا إله إلا الله، وكلمة التقوى توحيد الله والإيمان برسوله عليه السلام.
{ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} أي كانوا أحق بها من غيرهم، لأنّ اللّه - جلّ وعزّ - اختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولدينه أهل الخير ومستحقيه، ومن هو أولى بالهداية من غيره). [معاني القرآن: 5/27-28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [آية: 26]
قال علي بن أبي طالب وابن عمر وأبو هريرة كلمة التقوى لا إله إلا الله
ثم قال تعالى: { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [آية: 26]
أي أن الله اختارهم لدينه). [معاني القرآن: 6/511]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كَلِمَةَ التَّقْوَى}: لا إله إلا الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْحَمِيَّةَ}: الأنفة). [العمدة في غريب القرآن: 276]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 12:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 27 إلى آخر السورة]

({لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} )

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ...}.
وفي قراءة عبد الله: لا تخافون مكان آمنين، "{محلّقين رءوسكم ومقصّرين}"، ولو قيل: محلقون ومقصرون أي بعضكم محلقون وبعضكم مقصرون لكان صوابا [كما] قال الشاعر:
* وغودر البقل ملوي ومحصود *). [معاني القرآن: 3/68]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}
رأى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في منامه كأنّه وأصحابه - رحمهم اللّه - يدخلون مكة محلّقين ومقصّرين، فصدق اللّه رسوله الرؤيا فدخلوا على ما رأى.
وكانوا قد استبطأوا الدخول.
ومعنى {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} يخرج على وجهين:
أحدهما إن أمركم الله به.
ويجوز وهو حسن أن يكون " {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} " - جرى على ما أمر الله به في كل ما يفعل متوقعا، فقال: ({ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غدا (23) إلّا أن يشاء اللّه}) ). [معاني القرآن: 5/28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [آية: 27]
قال مجاهد رأى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه قد دخل مكة هو وأصحابهمحلقين
وقال قتادة هي رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية كأنهم دخلوا مكة محلقين رؤوسهم ومقصرين فاستبطأوا الرؤيا ثم دخلوا بعد ذلك
فأما قوله تعالى: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ } ففيه أقوال:
أ-منها إن المعنى إن شئت دخلتم آمنين
ب- وقيل هو حكاية لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم
ج- وقيل خوطب العباد على ما يجب أن يقولوه كما قال تعالى: { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }
د- وقيل الاستثناء لمن مات منهم أو قتل

وقوله جل وعز: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [آية: 27]
قال مجاهد رجعوا من الحديبية ثم فتح الله عليهم خيبر). [معاني القرآن: 6/511-513]

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ...}.
يقال: لا تذهب الدنيا حتى يغلب الإسلام على أهل كل دين، أو يؤدوا إليهم الجزية، فذلك قوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} ). [معاني القرآن: 3/68]

تفسير قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا...}. في الصلاة.
وقوله: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ...}. وهي الصفرة من السهر بالليل.
وقوله: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ...}.
وفي الإنجيل: أيضاً كمثلهم في القرآن، ويقال: ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، كزرع أخرج شطأه، وشطؤه: السنبل تنبت الحبة عشراً وثمانياً وسبعاً، فيقوى بعضه ببعض، فذلك قوله: {فَآَزَرَهُ} فأعانه وقواه؛ فاستغلظ {ذَلِكَ }فاستوى، ولو كانت واحدة لم تقم على ساق، وهو مثل ضربه الله عز وجل للنبي صلى الله عليه إذ خرج وحده ثم قوّاه بأصحابه، كما قوّى الحبة بما نبت منها.
آزرت، أؤازره، مؤازرة: قوّيته، وعاونته، وهي المؤازرة). [معاني القرآن: 3/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} " والعرب قد تبدأ بالشيء ثم تجيء ما يكون قبله بعده قال لبيد:
فوضعت رحلي والقراب ونمرقى... ومكانهن الكور والنّسعان
" {أَخْرَجَ شَطْأَهُ }" أخرج فراخه يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرخ.
" {فَآَزَرَهُ }" ساواه، صار مثل الأم. " فاستغلظ " غلظ.
" {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} " الساق حاملة الشجرة). [مجاز القرآن: 2/218]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }
وقال: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ} يريد "أفعله" من "الإزارة"). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({سيماهم}: علامتهم.
[غريب القرآن وتفسيره: 341]
29- {في وجوههم}: الخشوع والتواضع.
29- {أخرج شطأه}: ما في جوانبه من فراخه، يقال قد أشطأ الزرع فهو مشطئ أي مفرخ.
29- {فآزره}: ساواه على سوقه. واحدها ساق وهي حاملة الشجرة). [غريب القرآن وتفسيره: 342]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} أي صفتهم.
ثم استأنف، فقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}.
قال أبو عبيدة: «شطء الزرع: فراخه وصغاره، يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ، إذا أفرخ».
قال الفراء: «شطئه: السّنبل تنبت الحبة عشرا وسبعا وثمانيا».
{فَآَزَرَهُ} أي أعانه وقواه، {فَاسْتَغْلَظَ} أي غلظ، { فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}: جمع «ساق». [مثل دور ودار]. ومنه يقال: «قام كذا على سوقه وعلى السوق»، لا يراد به السوق: التي يباع فيها ويشتري. إنما يراد: انه قد تناهي وبلغ الغاية، كما أن الزرع إذا قام على السوق. فقد استحكم.
وهذا مثل ضربه اللّه للنبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -:(( إذ خرج وحده، فأيده بأصحابه، كما قوّى الطاقة من الزرع بما نبت منها، حتى كثرت وغلظت واستحكمت)). [تفسير غريب القرآن:413-414]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20] فإنما يريد بالكفار هاهنا: الزّرّاع، واحدهم كافر.
وإنما سمّي كافرا لأنه إذا ألقى البذر في الأرض كَفَره، أي غطّاه، وكل شيء، غطّيته فقد كَفَرته، ومنه قيل: (تَكَفَّرَ فلان في السّلاح): إذا تغطّى.
ومنه قيل للّيل كافر، لأنه يستر بظلمته كل شيء.
ومنه قول الشاعر:

يعلو طريقة متنها متواترا = في ليلة كفر النّجوم غمامها
أي غطاها. وهذا مثل قوله تعالى: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29]). [تأويل مشكل القرآن: 75-76] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} [الفتح: 29] أي ذلك وصفهم، لأنه لم يضرب لهم مثلا في أوّل الكلام، فيقول: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} وإنما وصفهم وحلّاهم، ثم قال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي وصفهم). [تأويل مشكل القرآن: 83] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: ({مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}
وصفهم الله بأن بعضهم متحنّن على بعض، وأن عليهم السكينة والوقار، وبعضهم يخلص المودة لبعض، وهم أشداء على الكفار.
أشداء جمع شديد، والأصل أشدداء، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدالين تحركتا فأدغمت الأولى في الثانية، ومثل هذا قوله: ({من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين}).
وقوله: ({سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}).
أي في وجوههم علامة السجود، وهي علامة الخاشعين للّه المصلّين.
وقيل يبعثون يوم القيامة غرّا محجّلين من أثر الطهور، وهذا يجعله اللّه لهم يوم القيامة علامة وهي السيماء يبين بها فضلهم على غيرهم.
وقوله: ({ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ}).
أي ذلك صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في التوراة، ثم أعلم أنّ صفتهم في الإنجيل أيضا.
({كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}).
معنى {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أخرج نباته.
{فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ}، أي فآزر الصغار الكبار حتى استوى بعضه مع بعض {عَلَى سُوقِهِ} جمع ساق.
وقوله: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} .
{الزُّرَّاعَ} محمد عليه السلام والدّعاة إلى الإسلام وهم أصحابه.
وقوله: ({وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}).
{مِنْهُمْ} فيه قولان:
أن تكون " منهم " ههنا تخليصا للجنس من غيره كما تقول: أنفق نفقتك من الدراهم لا من الدنانير.
المعنى اجعل نفقتك من هذا الجنس، وكما قال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ }، لا يريد أن بعضها - رجس وبعضها غير رجس.
ولكن المعنى اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.
فالمعنى وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين أجرا عظيما وفضّلهم الله على غيرهم لسابقتهم وعظّم أجرهم.
والوجه الثاني أن يكون المعنى وعد الله الذين أقاموا منهم على الإيمان والعمل الصالح مغفرة وأجرا عظيما). [معاني القرآن: 5/28-30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [آية: 29]
قال سعيد بن جبير ذلك اثر الطهور وثرى الأرض
وقال عكرمة هو أثر التراب [معاني القرآن: 6/513]
قال ابن وهب أخبرني مالك في قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } قال هو ما يتعلق بالجهة من تراب الأرض فهذا قول
وقال مجاهد إنما هو الخشوع والتواضع وليس للمنافق هذا
وقال الحسن بياض يكون في الوجه يوم القيامة
وقال عطية موضع الجبهة يوم القيامة أشد بياضا من سائر الوجه
وقال الضحاك هذا يوم القيامة تبدو صلاتهم على [معاني القرآن: 6/514]
وجوههم وقال شمر بن عطية هو تهيج الوجه وصفرته من سهر الليل
وقال قتادة نعتوا بالصلاة أي يعرفون بالصلاة
ثم قال جل وعز: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [آية: 29]
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثلهم يعني نعتهم في التوراة والإنجيل أي مكتوب فيهما
وقال قتادة فيما تقدم مثلهم في التوراة ولهم مثل آخر في الإنجيل وهو كزرع أخرج شطأه
قال الضحاك هما مثلان فالأول في التوراة والثاني في الإنجيل
وقال مجاهد هما مثل واحد والتمام على قول مجاهد {فِي الْإِنْجِيلِ} [معاني القرآن: 6/515]
ثم قال جل وعز: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [آية: 29]
كزرع أي هم كزرع أخرج شطأه روى حميد عن أنس قال نباته فروخه
قال أبو عبيدة يقال أشطأ الزرع إذا خرجت فراخه
قال الفراء الحبة تخرج العشر والسبع والثماني من السنبل [معاني القرآن: 6/516]
ثم قال تعالى: {فَآَزَرَهُ}
قال مجاهد أي شدده وأعانه
وقال الضحاك هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا
ثم قال جل وعز: {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [آية: 29]
جمع ساق يعجب الزراع تمثيل ليغيظ بهم الكفار قال قتادة أي ليغيظ محمد وأصحابه الكفار [معاني القرآن: 6/517]
ثم قال جل وعز: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [آية: 29]
يجوز أن تكون من ههنا لبيان الجنس كما قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}
ويجوز أن تكون للتبعيض أي وعد الله الذين ثبتوا على الإيمان منهم مغفرة وأجرا عظيما). [معاني القرآن: 6/518]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (آخر السورة والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد رسوله وعلى آله وصحبه وسلم). [معاني القرآن: 6/518]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( ({تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}) أي: في حالين ليس في حال واحدة، أي: ركعا وسجدا. (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) وتم الكلام، ثم استأنف، وقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} فوصفهم. {شَطْأَهُ} أي: فرخه، وجمعه: أشطأء.
{فَآَزَرَهُ} أي: فساواه في طوله. {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} أي: تم في طوله، و{سُوقِهِ} هاهنا: أصوله.
{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} أي: الزارعين). [ياقوتة الصراط:472-474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَطْأَهُ}: فراخه وصغاره ، وقيل شطأه زيادته لأن الحبة تنبت عشر سنابل
{فَآَزَرَهُ}: أي أعانه
{سُوقِهِ}: جمع ساق أي تناهى واستتم وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج وحده فأيده الله بأصحابه حتى تقوى أمره كما قويت الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى كثرت وغلظت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سِيمَاهُمْ}: علامتهم
{شَطْأَهُ}: ما نبت في أصوله
{فَآَزَرَهُ}: قواه
{سُوقِهِ}: جمع ساق). [العمدة في غريب القرآن: 277]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة