تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن عبد الملك بن عبيد في قوله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا قال ذكر عن خالد بن ربيع عن ابن مسعود أنه قال إن الله اتخذ صاحبكم خليلا). [تفسير عبد الرزاق: 1/174]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {واتّخذ الله إبراهيم خليلًا}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا زكريّا بن عديٍّ، حدّثنا عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن الحارث، قال: حدّثني جندبٌ: أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول قبل أن يتوفّى بخمسٍ يقول: «قد كان لي منكم إخوةٌ وأصدقاء، وإنّي أبرأ إلى كلّ خليلٍ من خلّته، ولو كنت متّخذًا خليلًا من أمّتي لاتّخذت أبا بكرٍ خليلًا، وإنّ ربّي اتّخذني خليلًا كما اتّخذ إبراهيم خليلًا، ولا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ} واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا واتّخذ الله إبراهيم خليلاً
وهذا قضاءٌ من اللّه جلّ ثناؤه للإسلام وأهله بالفضل على سائر الملل غيره وأهلها، يقول اللّه: {ومن أحسن دينًا} أيّها النّاس، وأصوب طريقًا وأهدى سبيلاً {ممّن أسلم وجهه للّه} يقول: ممّن استسلم وجهه للّه، فانقاد له بالطّاعة، مصدّقًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جاء به من عند ربّه. {وهو محسنٌ} يعني: وهو عاملٌ بما أمره به ربّه، محرّمٌ حرامه، ومحلّلٌ حلاله. {واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا} يعني بذلك: واتّبع الدّين الّذي كان عليه إبراهيم خليل الرّحمن، وأمر به بنيه من بعده وأوصاهم به، حنيفًا يعني: مستقيمًا على منهاجه وسبيله.
وقد بيّنّا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في معنى الحنيف والدّليل على الصّحيح من القول في ذلك بما أغنى عن إعادته.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. وممّن قال ذلك أيضًا الضّحّاك.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قال: فضّل اللّه الإسلام على كلّ دينٍ، فقال: {ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ} إلى قوله: {واتّخذ اللّه إبراهيم خليلاً} وليس يقبل فيه عملٌ غير الإسلام، وهي الحنيفيّة). [جامع البيان: 7/528]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّخذ اللّه إبراهيم خليلاً}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واتّخذ اللّه إبراهيم وليًّا.
فإن قال قائلٌ: وما معنى الخلّة الّتي أعطيها إبراهيم؟ قيل: ذلك من إبراهيم عليه السّلام العداوة في اللّه والبغض فيه، والولاية في اللّه والحبّ فيه، على ما يعرف من معاني الخلّة. وأمّا من اللّه لإبراهيم، فنصرته على من حاوله بسوءٍ، كالّذي فعل به إذ أراده نمروذ بما أراده به من الإحراق بالنّار، فأنقذه منها، وأعلى حجّته عليه إذ حاجّه، وكما فعل ملك مصر إذ أراده عن أهله، وتمكينه ممّا أحبّ، وتصييره إمامًا لمن بعده من عباده وقدوةً لمن خلقه في طاعته وعبادته، فذلك معنى مخالّته إيّاه. وقد قيل: سمّاه اللّه خليلاً من أجل أنّه أصاب أهل ناحيته جدبٌ، فارتحل إلى خليلٍ له من أهل الموصل، وقال بعضهم: من أهل مصر، في امتيار طعامٍ لأهله من قبله فلم يصب عنده حاجته، فلمّا قرب من أهله مرّ بمفازةٍ ذات رملٍ، فقال: لو ملأت غرائري من هذا الرّمل لئلاّ أغمّ أهلي برجوعي إليهم بغير ميرةٍ، وليظنّوا أنّي قد أتيتهم بما يحبّون. ففعل ذلك، فتحوّل ما في غرائره من الرّمل دقيقًا، فلمّا صار إلى منزله نام وقام أهله، ففتحوا الغرائر فوجدوا دقيقًا، فعجنوا منه وخبزوا، فاستيقظ فسألهم عن الدّقيق الّذي منه خبزوا، فقالوا: من الدّقيق الّذي جئت به من عند خليلك، فعلم، فقال: نعم هو من خليلي اللّه. قالوا: فسمّاه اللّه بذلك خليلاً). [جامع البيان: 7/529]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا واتّخذ اللّه إبراهيم خليلًا (125)
قوله تعالى: ومن أحسن دينًا ممّن أسلم.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قال: قال أهل الإسلام: لا دين إلا دين الإسلام، كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النّبيّين، وديننا خير الأديان، فقال تعالى:
ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: من يعمل سوءًا يجز به ثمّ فضّل اللّه المؤمن عليهم يعني على أهل الكتاب، فقال: ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية قوله: ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ يقول: من أخلص للّه. وروي عن الرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
قوله تعالى: وجهه للّه وهو محسنٌ.
- ذكر عن يحيى بن آدم، ثنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريحٍ، عن عطاء ابن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ ممّن أسلم وجهه للّه قال: من أخلص وجهه، قال:
دينه.
قوله تعالى: واتّبع ملّة إبراهيم حنيفا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ حنيفًا حاجًّا. وروي عن الحسن، والضّحّاك، وعطيّة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا قبيصة وعيسى بن جعفرٍ قالا: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: حنيفًا قال: متّبعًا. وروي عن الرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم، ثنا عثمان بن صالحٍ، ثنا ابن لهيعة عن أبي صخرٍ، عن محمّد بن كعبٍ: حنيفًا قال: الحنيف:
المستقيم. قال أبو صخرٍ، عن عيسى ابن جارية سمته يقول مثله.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: حنيفًا يقول: مخلصًا.
والوجه الخامس:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، عن أبي قتيبة البصريّ يعني نعيم بن ثابتٍ عن أبي قلابة قوله: حنيفًا قال: الحنيف: الّذي يؤمن بالرّسل كلّهم من أوّلهم إلى آخرهم.
قوله تعالى: واتّخذ اللّه إبراهيم خليلا.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن خالدٍ يعني ابن ربعيٍّ، عن ابن مسعودٍ في قوله: واتّخذ اللّه إبراهيم خليلاً قال: إنّ اللّه اتّخذ صاحبكم خليلا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عيسى بن حمّادٍ بن زغبة، ثنا رشدينٌ عن أبي عبد الرّحمن الحارثيّ، عن عبد اللّه بن عبيد اللّه، عن قتادة عن أنسٍ قال: جعل اللّه الخلّة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرّؤية لمحمّدٍ صلّى اللّه عليهم أجمعين
- حدّثني أبي، ثنا محمود بن خالدٍ السّلميّ، ثنا الوليد، عن إسحاق بن يسارٍ قال: لمّا اتّخذ اللّه إبراهيم خليلا ألقى في قلبه الوحل حتّى إن كان خفقان قلبه ليسمع من بعدٍ كما يسمع خفقان الطّير في الهواء.
- حدّثنا يحيى بن عبد اللّه القزوينيّ، ثنا محمّدٌ يعني ابن سعيد بن سابقٍ ثنا عمرٌو يعني ابن أبي قيسٍ، عن عاصمٍ، عن أبي راشدٍ عن عبيد بن عميرٍ قال: كان إبراهيم عليه السّلام يضيف النّاس، فخرج يومًا يلتمس إنسانًا يضيّفه، فلم يجد أحدًا فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائمًا، قال: يا عبد اللّه، ما أدخلك داري بغير إذني؟
قال: دخلتها بإذن ربّها. قال: ومن أنت؟ قال: أنا ملك الموت أرسلني ربّي إلى عبدٍ من عباده أبشّره بأنّ اللّه اتّخذه خليلا. قال: من هو؟ فواللّه إن أخبرتني به ثمّ كان بأقصى البلاد لآتينّه، ثمّ لا أبرح له جارًا حتّى يفرّق بيننا الموت.
قال: ذاك العبد أنت. قال: أنا؟ قال: نعم. قال: فبما اتّخذني ربّي خليلا. قال: إنّك تعطي النّاس ولا تسألهم). [تفسير القرآن العظيم: 3/1073-1075]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال حدثنا آدم قال ثنا ورقاء عن مغيرة عن إبراهيم قال يعني دين الله عز وجل.
- ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا أبو جعفر الرازي عن مغيرة عن إبراهيم مثله). [تفسير مجاهد: 174]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني الفطرة الدين). [تفسير مجاهد: 174-175]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وديننا خير الأديان، فقال الله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة.
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدا بالرؤية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري، وابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ {واتخذ الله إبراهيم خليلا} فقال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم.
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب: أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى: إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.
وأخرج الطبراني، وابن عساكر عن ابن مسعود قال: إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن صاحبكم خليل الله وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة، ثم قرأ (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (الإسراء الآية 79).
وأخرج الطبراني عن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم، قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم.
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي، وابن مردويه عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول: إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله، وقال آخر: ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما، وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته، وقال آخر آدم اصطفاه الله، فخرج عليهم فسلم فقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى كليمه وعيسى روحه وكلمته وآدم اصطفاه الله ربه كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال: أوحى الله إلى إبراهيم: أتدري لم اتخذتك خليلا قال: لا يارب، قال: لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ.
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال: دخل إبراهيم عليه السلام منزله فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه فقال له إبراهيم: بإذن من دخلت قال: بإذن رب المنزل، فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلا، قال إبراهيم: ونحن ذلك قال: وما تصنع به قال: أكون خادما له حتى أموت، قال: فإنه أنت، وبأي شيء اتخذني خليلا قال: بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا قال: لإطعامه الطعام يا محمد.
وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس: يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا هبط إليه جبريل فقال: أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة فقال: لا أدري يا جبريل قال: لأنك تعطي ولا تأخذ.
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلا واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا ثم اصطفى من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا ثم اصطفى من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد المطلب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه، وابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال: أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش، والله أعلم). [الدر المنثور: 5/55-60]
تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وللّه ما في السّموات وما في الأرض وكان اللّه بكلّ شيءٍ محيطًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: واتّخذ اللّه إبراهيم خليلاً لطاعته ربّه، وإخلاصه العبادة له، والمسارعة إلى رضاه ومحبّته، لا من حاجةٍ به إليه وإلى خلّته،ثم قال فكيف يحتاج إليه وإلى خلّته، وله ما في السّموات وما في الأرض من قليلٍ وكثيرٍ ملكًا، والمالك الّذي إليه حاجةٌ ملكه دون حاجته إليه، فكذلك حاجة إبراهيم إليه، لا حاجته إليه، فيتّخذه من أجل حاجته إليه خليلاً، ولكنّه اتّخذه خليلاً لمسارعته إلى رضاه ومحبّته. يقول: فكذلك فسارعوا إلى رضاي ومحبّتي لاتّخذكم لي أولياء. {وكان اللّه بكلّ شيءٍ محيطًا} ولم يزل اللّه محصيًا لكلّ ما هو فاعله عباده من خيرٍ وشرٍّ، عالمًا بذلك، لا يخفى عليه شيءٌ منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ). [جامع البيان: 7/530]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه بكلّ شيءٍ محيطًا (126)
قوله تعالى: وللّه ما في السماوات وما في الأرض الآية،
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 3/1075]