العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:06 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ من الآية (53) إلى الآية (57) ]

تفسير سورة التوبة
[ من الآية (53) إلى الآية (57) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:11 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({كَرهًا} [التوبة: 53] و {كُرهًا} [النساء: 19] : «واحدٌ»). [صحيح البخاري: 6/63]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله كرهًا وكرهًا واحدٌ أي بالضّمّ والفتح وهو كلام أبي عبيدة أيضًا وسقط لأبي ذرٍّ وبالضّمّ قرأ الكوفيّون حمزة والأعمش ويحيى بن وثّابٍ والكسائيّ والباقون بالفتح). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (كرها وكرها
أشار به إلى قوله تعالى: {قل أنفقوا طوعًا أو كرها لن يتقبّل منكم} وأشار بأن فيه لغتين فتح الكاف وضمّها فبالضم قرأ الكوفيّون حمزة والأعمش ويحيى بن وثاب والكسائيّ، وقرأ الباقون بالفتح، والمعنى: قل يا محمّد انفقوا طائعين أو مكرهين لن يتقبّل منكم أنكم كنتم قوما فاسقين، وبين الله سبب ذلك بقوله: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم} (التّوبة: 54) الآية). [عمدة القاري: 18/254-255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({كرهًا}) بفتح الكاف (وكرهًا) بضمها (واحد) في المعنى ومراده قوله تعالى: {قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا} وسقط كرهًا الخ لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قومًا فاسقين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المنافقين: أنفقوا كيف شئتم أموالكم في سفركم هذا وغيره، وعلى أيّ حالٍ شئتم من حال الطّوع والكره، فإنّكم إن تنفقوها لن يتقبّل اللّه منكم نفقاتكم، وأنتم في شكٍّ من دينكم وجهلٍ منكم بنبوّة نبيّكم وسوء معرفةٍ منكم بثواب اللّه وعقابه. {إنّكم كنتم قومًا فاسقين} يقول: خارجين عن الإيمان بربّكم.
وخرج قوله: {أنفقوا طوعًا أو كرهًا} مخرج الأمر ومعناه الخبر، والعرب تفعل ذلك في الأماكن الّتي يحسن فيها إن الّتي تأتي بمعنى الجزاء، كما قال جلّ ثناؤه: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} فهو في لفظ الأمر ومعناه الخبر، ومنه قول الشّاعر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومةً = لدينا ولا مقليّةً إن تقلّت فكذلك
قوله: {أنفقوا طوعًا أو كرهًا} إنّما معناه: إن تنفقوا طوعًا أو كرهًا {لن يتقبّل منكم}.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيسٍ حين قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا عرض عليه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الخروج معه لغزو الرّوم: هذا مالي أعينك به.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: قال الجدّ بن قيسٍ: إنّي إذا رأيت النّساء لم أصبر حتّى أفتتن، ولكن أعينك بمالي، قال: ففيه نزلت {أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم} قال: لقوله: أعينك بمالي). [جامع البيان: 11/498-499]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قومًا فاسقين (53)
قوله تعالى: قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان أنبأ الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم أمّا طوعًا: فمن قبل أنفسهم، وأمّا كرهًا: فمن الفرق من محمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم-.
- ذكره أحمد بن محمّد بن أبي أسلم ثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه أنبأ محمّد بن يزيد ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك في قوله: قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبل منكم قال هذا في الزّكاة أمر اللّه أن يأخذها من أمّته طائعين أو كارهين، فأخذت منهم قال المنافقون: أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قومًا فاسقين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1812-1813]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 53 - 54.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الجد بن قيس: إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ولكن أعينك بمالي، قال: ففيه نزلت {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم} قال: لقوله أعينك بمالي). [الدر المنثور: 7/403]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلاّ وهم كسالى ولا ينفقون إلاّ وهم كارهون}.
يقول تعالى ذكره: وما منع هؤلاء المنافقين يا محمّد أن تقبل منهم نفقاتهم الّتي ينفقونها في سفرهم معك وفي غير ذلك من السّبل {إلاّ أنّهم كفروا باللّه وبرسوله} فـ {أن} الأولى في موضع نصبٍ، والثّانية في موضع رفعٍ، لأنّ معنى الكلام: ما منع قبول نفقاتهم إلاّ كفرهم باللّه. {ولا يأتون الصّلاة إلاّ وهم كسالى} يقول: لا يأتونها إلاّ متثاقلين بها؛ لأنّهم لا يرجون بأدائها ثوابًا ولا يخافون بتركها عقابًا، وإنّما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين فإذا أمّنوهم لم يقيموها. {ولا ينفقون} يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئًا {إلاّ وهم كارهون} أن ينفقونه في الوجه الّذي ينفقونه فيه ممّا فيه تقويةٌ للإسلام وأهله). [جامع البيان: 11/499]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلّا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلّا وهم كسالى ولا ينفقون إلّا وهم كارهون (54)
قوله تعالى: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم.
- ذكره أحمد بن محمّد بن أبي أسلم ثنا إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه أنبأ محمّد بن يزيد الواسطيّ، أنبأ جويبرٌ عن الضّحّاك قوله: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم يعني: صدقاتهم. إلا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله.
قوله تعالى: ولا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى.
- حدّثنا أبي ثنا مسلمٌ ثنا شعبة عن مسعدٍ عن سماكٍ الحنفيّ عن ابن عبّاسٍ: أنّه كره أن يقول الرّجل: إنّي كسلان، وزاد فيه مؤمّل بن إسماعيل بهذا الإسناد عن ابن عبّاسٍ: ويتأوّل هذه الآية ولا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى وفيما رواه مؤمّل بن إسماعيل عن شعبة بهذا الإسناد عن ابن عبّاسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1813]

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا تعجبك يا محمّد أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم في الحياة الدّنيا، إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الآخرة. وقال: معنى ذلك: التّقديم وهو مؤخّرٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم} قال: هذه من تقاديم الكلام، يقول: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدّنيا، إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الآخرة.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها} في الآخرة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا، بما ألزمهم فيها من فرائضه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المسيّب بن شريكٍ، عن سلمان الأقصريّ، عن الحسن: {إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا} قال: بأخذ الزّكاة والنّفقة في سبيل اللّه تعالى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا} بالمصائب فيها، هي لهم عذابٌ وهي للمؤمنين أجرٌ.
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلين بالصّواب في ذلك عندنا، التّأويل الّذي ذكرنا عن الحسن؛ لأنّ ذلك هو الظّاهر من التّنزيل، فصرف تأويله إلى ما دلّ عليه ظاهره أولى من صرفه إلى باطنٍ لا دلالة على صحّته.
وإنّما وجّه من وجّه ذلك إلى التّقديم وهو مؤخّرٌ؛ لأنّه لم يعرف لتعذيب اللّه المنافقين بأموالهم وأولادهم في الحياة الدّنيا وجهًا يوجّهه إليه، وقال: كيف يعذّبهم بذلك في الدّنيا، وهي لهم فيها سرورٌ، وذهب عنه توجيهه إلى أنّه من عظيم العذاب عليه إلزامه ما أوجب اللّه عليه فيها من حقوقه وفرائضه؛ إذ كان يلزمه ويؤخذ منه وهو غير طيّب النّفس، ولا راجٍ من اللّه جزاءً ولا من الآخذ منه حمدًا ولا شكرًا على ضجرٍ منه وكرهٍ.
وأمّا قوله: {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} فإنّه يعني: وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم باللّه وجحودهم نبوّة نبيّ اللّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، يقال منه: زهقت نفس فلانٍ، وزهقت، فمن قال: زهقت، قال: تزهق، ومن قال: زهقت، قال: تزهق زهوقًا، ومنه قيل: زهق فلانٌ بين أيدي القوم يزهق زهوقًا: إذا سبقهم فتقدّمهم، ويقال: زهق الباطل: إذا ذهب ودرس). [جامع البيان: 11/500-502]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55)
قوله: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم.
- ذكره ابن أبي أسلم ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا محمّد بن يزيد ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك قوله: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم يقول: لا تغررك أموالهم ولا أولادهم.
قوله تعالى: إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا قال: هذه مقاديم الكلام، يقول: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدّنيا، إنّما يريد اللّه أن يعذّبهم بها في الآخرة.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قرأ قول اللّه- عزّ وجلّ- فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا بالمصائب فيهم هي لهم عذابٌ وهي للمؤمنين أجرٌ.
قوله تعالى: وتزهق أنفسهم وهم كافرون.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث أنبأ الحسين بن عليّ بن مهران ثنا عامر بن الفرات ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وتزهق أنفسهم وهم كافرون قال: تزهق أنفسهم في الحياة الدّنيا وهم كافرون قال: هذه آيةٌ فيها تقديمٌ وتأخيرٌ.
- ذكره أحمد بن محمّد بن أبي أسلم ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبا محمد ابن يزيد أنبأ جويبرٌ عن الضّحّاك قوله: وتزهق أنفسهم قال: في الدّنيا وهم كافرون قال: تزهق أنفسهم: تخرج). [تفسير القرآن العظيم: 6/1813-1814]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 55.
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها} في الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا} قال: بالمصائب فيهم هي لهم عذاب وللمؤمنين أجر.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم} قال: هذه من مقاديم الكلام يقول: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} قال: تزهق أنفسهم في الحياة الدنيا {وهم كافرون} قال: هذه آية فيها تقديم وتأخير.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فلا تعجبك} يقول: لا يغررك {وتزهق} قال: تخرج أنفسهم من الدنيا {وهم كافرون}). [الدر المنثور: 7/403-404]

تفسير قوله تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون}.
يقول تعالى ذكره: ويحلف باللّه لكم أيّها المؤمنون هؤلاء المنافقون كذبًا وباطلاً خوفًا منكم، إنّهم لمنكم في الدّين والملّة. يقول اللّه تعالى مكذّبًا لهم: {وما هم منكم} أي ليسوا من أهل دينكم وملّتكم، بل هم أهل شكٍّ ونفاقٍ. {ولكنّهم قومٌ يفرقون} يقول: ولكنّهم قومٌ يخافونكم، فهم خوفًا منكم يقولون بألسنتهم: إنّا منكم؛ ليأمنوا فيكم فلا يقتلوا). [جامع البيان: 11/502]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون (56)
قوله تعالى: ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم.
- وبه عن الضّحّاك في قوله: ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون قال: إنّما يحلفون باللّه تقيةً). [تفسير القرآن العظيم: 6/1814]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 56 - 57.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ويحلفون بالله إنهم لمنكم} الآية، قال: إنما يحلفون بالله تقية). [الدر المنثور: 7/404]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مدّخلًا} [التوبة: 57] : «يدخلون فيه». {يجمحون} [التوبة: 57] : «يسرعون»). [صحيح البخاري: 6/63]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مدخلًا يدخلون فيه قال أبو عبيدة في قوله ملجأً يلجئون إليه أو مغاراتٍ أو مدّخلًا يدخلون فيه ويتغيّبون انتهى وأصل مدّخلًا مدتخلًا فأدغم وقرأ الأعمش وعيسى بن عمر بتشديد الخاء أيضًا وعن بن كثيرٍ في رواية مدخلًا بفتحتين بينهما سكونٌ. يجمحون يسرعون هو قول أبي عبيدة وزاد لا يردّ وجوههم شيءٌ ومنه فرسٌ جموحٌ). [فتح الباري: 8/314]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مدّخلاً يدخلون فيه
أشار به إلى قوله تعالى: {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلًا} والمعنى: لو يجدون حصنا يتحصنون به، وحرزا يحترزون به. أو مغارات وهي الكهوف في الجبال أو مدخلًا وهو السّرب في الأرض وقد أخبر الله تعالى عنهم بأنّهم يحلفون باللّه أنهم لمنكم يمينا مؤكدة وما هم منكم في نفس الأمر إنّما يخالطونكم كرها لا محبّة.
يجمحون يسرعون
أشار به إلى قوله تعالى: {لولوا إليه وهم يجمحون} وفسره بقوله: يسرعون، وهو آخر الآية المذكورة الآن يعني: في ذهابهم عنكم لأنهم إنّما يخالطونكم كرها لا محبّة وودوا أنهم لا يخالطونكم ولكن للضّرورة أحكام). [عمدة القاري: 18/255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مدخلًا}) بتشديد الدال يريد لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلًا أي: (يدخلون فيه) والمدخل السرب في الأرض وقوله تعالى: {لولوا إليه وهم} ({يجمحون}) [التوبة: 57] أي (يسرعون) إسراعًا لا يردّهم شيء كالفرس الجموح). [إرشاد الساري: 7/139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً لولّوا إليه وهم يجمحون}.
يقول تعالى ذكره: لو يجد هؤلاء المنافقون ملجأً، يقول: عصرًا يعتصرون به من حصنٍ، ومعقلاً يعتقلون فيه منكم. {أو مغاراتٍ} وهي الغيران في الجبال، واحدتها: مغارة، وهي مفعلةٌ من غار الرّجل في الشّيء يغور فيه إذا دخل، ومنه قيل: غارت العين: إذا دخلت في الحدقة. {أو مدّخلاً} يقول: سربًا في الأرض يدخلون فيه، وقال: أو مدّخلاً الآية؛ لأنّه من ادّخل يدّخل.
وقوله: {لولّوا إليه} يقول: لأدبروا إليه هربًا منكم. {وهم يجمحون} يقول: وهم يسارعون في مشيهم.
وقيل: إنّ الجماح مشي بين المشيين، ومنه قول مهلهلٍ:
لقد جمحت جماحًا في دمائهم = حتّى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا
وإنّما وصفهم اللّه بما وصفهم به من هذه الصّفة؛ لأنّهم إنّما أقاموا بين أظهر أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على كفرهم ونفاقهم وعداوتهم لهم، ولما هم عليه من الإيمان باللّه وبرسوله؛ لأنّهم كانوا في قومهم وعشيرتهم وفي دورهم وأموالهم، فلم يقدروا على ترك ذلك وفراقه، فصانعوا القوم بالنّفاق ودافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأولادهم بالكفر ودعوى الإيمان، وفي أنفسهم ما فيها من البغض لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل الإيمان به والعداوة لهم، فقال اللّه واصفهم بما في ضمائرهم: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ} الآية.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لو يجدون ملجأً} الملجأ: الحرز في الجبال، والمغارات: الغيران في الجبال. وقوله: {أو مدّخلاً} والمدّخل: السّرب.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً لولّوا إليه وهم يجمحون} ملجأً، يقول: حرزًا {أو مغاراتٍ} يعني الغيران. {أو مدّخلاً} يقول: ذهابًا في الأرض، وهو النّفق في الأرض، وهو السّرب.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً} قال: حرزًا لهم يفرّون إليه منكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً} قال: محرزًا لهم، لفرّوا إليه منكم وقال ابن عبّاسٍ قوله: {لو يجدون ملجأً} حرزًا أو مغاراتٍ، قال: الغيران. {أو مدّخلاً} قال: نفقًا في الأرض.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا: يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً} يقول: لو يجدون ملجأً: حصونًا {أو مغاراتٍ} غيرانًا. {أو مدّخلاً} أسرابًا. {لولّوا إليه وهم يجمحون}). [جامع البيان: 11/502-504]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلًا لولّوا إليه وهم يجمحون (57)
قوله تعالى: لو يجدون ملجأ.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: لو يجدون ملجأ قال: الملجأ: الحرز في الجبل، وهو المعقل.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: لو يجدون ملجأ يقول لو يجدون ملجأ: حصونا.
قوله تعالى: أو مغاراتٍ
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: أو مغاراتٍ قال: الأسراب في الأرض المخفيّة.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بين صالحٍ عن عليّ بن طلحة عن ابن عباس أو مغاراتٍ قال: والمغارات: الغيران في الجبال.
- ذكر عن ضمرة عن ابن شوذبٍ في قوله: لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ قال: تذهبون على وجوهكم في الأرض.
قوله تعالى: أو مدخلا.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: أو مدّخلا والمدّخل: المتبوّأ. يقول: لو يجدون متبوّأً.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: أو مدّخلا والمدخل: السرب.
قوله تعالى: لولّوا إليه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ لولّوا إليه قال: لفرّوا إليه منكم.
قوله تعالى: وهم يجمحون.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، أنبأ الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ قوله: وهم يجمحون أمّا يجمحون: فيسرعون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1814-1815]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا محرزا لهم يأوون إليه منكم). [تفسير مجاهد: 281]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لو يجدون ملجأ} الآية، قال: الملجأ الحرز في الجبال والغارات الغيران في الجبال والمدخل السرب
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا} يقول: محرزا لهم يفرون إليه منكم {لولوا إليه} قال: لفروا إليه منكم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {وهم يجمحون} قال: يسرعون). [الدر المنثور: 7/404-405]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:15 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنفقوا طوعاً أو كرهاً...}
وهو أمر في اللفظ وليس بأمر في المعنى؛ لأنه أخبرهم أنه لن يتقبّل منهم. وهو في الكلام بمنزلة إن في الجزاء؛ كأنك قلت: إن أنفقت طوعا أو كرها فليس بمقبول منك. ومثله {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ليس بأمر، إنما هو على تأويل الجزاء. ومثله قول الشاعر:
أسيئ بنا أو أحسني لا ملومةٌ =لدينا ولا مقليّةٌ إن تقلّت
). [معاني القرآن: 1/441]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أنفقوا طوعاً أو كرهاً} مفتوح ومضموم سواء). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قوما فاسقين}
وإن شئت كرها بالضم، هذا لفظ أمر ومعناه معنى الشرط والجزاء.
والمعنى أنفقوا طائعين أو مكرهين لن يتقبّل منكم.
ومثل هذا من الشعر قول كثير:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة..=. لدينا ولا مقليّة إن تقلّت
فلم يأمرها بالإساءة، ولكن أعلمها أنها إن أساءت أو أحسنت فهو على عهدها.
فإن قال قائل كيف كان الخبر في معنى الأمر؟
قلنا هو، كقولك: غفر اللّه لزيد، ورحم اللّه زيدا.
فمعناه: اللهم ارحم زيدا). [معاني القرآن: 2/453]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ أنّهم كفروا...}
{أنهم} في موضع رفع لأنه اسم للمنع؛ كأنك قلت: ما منعهم أن تقبل منهم إلا ذاك. و{أن} الأولى في موضع نصب. وليست بمنزلة قوله: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ إنّهم ليأكلون} هذه فيها واو مضمرة، وهي مستأنفة ليس لها موضع. ولو لم يكن في جوابها اللام لكانت أيضا مكسورة؛ كما تقول: ما رأيت منهم رجلا إلا إنه ليحسن، وإلاّ إنه يحسن. يعرّف أنها مستأنفة أن تضع {هو} في موضعها فتصلح؛ وذلك قولك: ما رأيت منهم رجلا إلا هو يفعل ذلك. فدلّت {هو} على استئناف إنّ). [معاني القرآن: 1/442]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كسالي} وكسالى مضمومة ومفتوحة وهي جميع كسلان، وإن شئت كسل). [مجاز القرآن: 1/262]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلّا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلّا وهم كسالى ولا ينفقون إلّا وهم كارهون}
موضع " أن " الأولى نصب، وموضع " أن " الثانية رفع.
المعنى ما منعهم من قبول نفقاتهم إلّا كفرهم.
ويجوز " أن يقبل منهم نفقاتهم " لأن النفقات في معنى الإنفاق، ويجوز: وما منعهم من أن يقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم
كفروا، وهذا لا يجوز أن يقرأ به لأنه لم يرو في القراءة.
وقوله: (ولا يأتون الصّلاة إلّا وهم كسالى).
وكسالى - بالضم والفتح - جمع كسلان، وكقولك سكران وسكارى وسكارى. ويجوز ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسلى.
ولا يجوز ذلك في القرآن.
{ولا ينفقون إلّا وهم كارهون}.
القراءة على فتح الكاف، ويجوز الكسر إلا وهم كارهون، ولم يرو في القرآن). [معاني القرآن: 2/453-454]

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا...}
معناه: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا. هذا معناه، ولكنه أخّر ومعناه التقديم - والله أعلم - لأنه إنما أراد: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقوله: {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} أي تخرج أنفسهم وهم كفّار. ولو جعلت الحياة الدنيا مؤخّرة وأردت: إنما يريد الله ليعذبهم بالإنفاق كرها ليعذبهم بذلك في الدنيا، لكان وجها حسنا). [معاني القرآن: 1/442]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتزهق أنفسهم} أي تخرج وتموت وتهلك، ويقال: زهق ما عندك، أي ذهب كله). [مجاز القرآن: 1/262]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وتزهق أنفسهم} {وزهق الباطل} يقولون: زهق الباطل زهوقًا؛ أي درس؛ وزهق بالكسر أيضًا، وزهقت نفس الرجل، وزهقت؛ خرجت بالنصب والخفض، زهوقًا؛ وقالوا: زهقت الدابة تزهق زهوقًا، إذا اشتد مخ العظم واكتنز قصبه، وزهق فلان بين يدي القومي زهق زهوقًا، إذا سبقهم). [معاني القرآن لقطرب: 644]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وتزهق أنفسهم}: تهلك، يقال زهقت أنفسكم ويقال زهق ما عند فلان ذهب أجمع). [غريب القرآن وتفسيره: 164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن المقدّم والمؤخّر قوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}
وقال ابن عباس في رواية الكلبي: أراد: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم في الدنيا، إنما يريد الله أن يعذّبهم في الآخرة). [تأويل مشكل القرآن: 208]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون}
معناه - واللّه أعلم - فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الدنيا، إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الآخرة.
ويجوز واللّه أعلم: إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الدنيا أي هم ينفقونها في الدنيا، وهم منافقون فهم متعذبون بإنفاقها إذ كانوا ينفقونها على كره.
وقوله: ( {وتزهق أنفسهم وهم كافرون}.
معناه، وتخرج أنفسهم أي يغلظ عليهم المكروه حتى تزهق أنفسهم). [معاني القرآن: 2/454]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا}
فيه تقديم وتأخير
المعنى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم في الآخرة وهذا قول أكثر أهل العربية ويجوز أن يكون المعنى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم في الدنيا لأنهم منافقون فهم ينفقون كارهين فيعذبون بما ينفقون
ثم قال {وتزهق أنفسهم} أي تخرج). [معاني القرآن: 3/218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَزْهَقَ}: تهلك). [العمدة في غريب القرآن: 148]

تفسير قوله تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قوم يفرقون}
أي يحلفون باللّه أنهم مؤمنون كما أنتم مؤمنون، وما هم منكم لأنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر {ولكنّهم قوم يفرقون}.
أي يفرقون أن يظهروا ما هم عليه فيقتلوا، ثم أعلم جلّ وعزّ أنهم لو وجدوا مخلصا فيه لفارقوكم، فقال جلّ وعزّ:
{لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون (57)} ). [معاني القرآن: 2/454]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لو يجدون ملجئاً} - أي حرزا - {أو مغاراتٍ}...}
وهي الغيران؛ واحدها غار في الجبال {أو مدّخلاً} يريد: سربا في الأرض.
{لّولّوا إليه وهم يجمحون} مسرعين؛ الجمح ها هنا: الإسراع). [معاني القرآن: 1/443]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ملجئاً أو مغارات} أي ما يلجئون إليه أو ما يغورون فيه فيدخلون فيه ويتغيبون فيه.
{يجمحون} يجمح أي يطمح يريد أن يسرع). [مجاز القرآن: 1/262]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لو يجدون ملجئاً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً لّولّوا إليه وهم يجمحون}
وقال: {لو يجدون ملجئاً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً} لأنه من "ادّخل" "يدّخل" وقال بعضهم {مدخلا} جعله من "دخل" "يدخل" وهي فيما أعلم أردأ الوجهين. ويذكرون أنها في قراءة أبي {مندخلاً} أراد شيئاً بعد شيء. وإنما قال: {مغاراتٍ} لأنها من "أغار" فالمكان "مغارٌ" قال الشاعر:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا = بالخير صبحنا ربّي ومسّانا
لأنّها من "أمسى" و"أصبح" وإذا وقفت على "ملجأ" قلت "ملجأا" لأنه نصب منون فتقف بالألف نحو قولك "رأيت زيدا"). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا}.
وقراءة الأعرج {أو مدخلا}.
قراءة أبي "أو متدخلا" من تدخلوا.
وقال ابن الرقيات:
دمي ثم اندخلت إليك حتى تخطيت النيام الحارسينا
فقال: اندخلت؛ فمن هذه اللغة مندخل؛ ولا نعلمه قرئ بها). [معاني القرآن لقطرب: 631]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {لو يجدون ملجأ أو مغارات} وهي مفعلة من غار يغور غورًا). [معاني القرآن لقطرب: 643]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {يجمحون} فالفعل: جمح يجمح جماحًا؛ وهو المشي بين المشيتين.
وقال المهلهل:
لقد جمحت جماحًا في دمائهم = حتى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا). [معاني القرآن لقطرب: 644]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {يجدون ملجأ} فالفعل لجأت إليه، ولجئت إليه لغة، لجئا ولجئًا بالتحريك، ولجوءًا). [معاني القرآن لقطرب: 645]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ملجأ أو مغارات}: الملجأ ما لجؤا إليه.
والمغارات كل شيء دخلت فيه فغبت فيه فهو مغارة، ومن ذلك " غور تهامة".
{أو مدخلا}: المدخل ما دخلوا فيه.
{يجمحون}: ويطمحون واحد وهو من السرعة). [غريب القرآن وتفسيره: 164-165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أو مدّخلًا} أي مدخلا يدخلونه.
{لولّوا إليه} أي لرجعوا عنك إليه.
{وهم يجمحون} أي يسرعون [روغانا عنك] ومنه قيل: فرس جموح، إذا ذهب في عدوه فلم يثنه شيء). [تفسير غريب القرآن: 188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون}
والملجأ واللّجأ، مقصور ومهموز، وهو المكان الذي يتحصّن فيه.
ومغارات جمع مغارة، وهو الموضع يغور فيه الإنسان، أي يستتر فيه.
ويقرأ: {أو مغارات} بضم الميم لأنه يقال أغرت وغرت، إذا دخلت الغور.
وقوله: {أو مدّخلا}.
ويقرأ أو مدخلا بالتخفيف، ويقرأ أو مدخلا.
فأما {مدّخل} فأصله مدتخل، ولكن التاء والدال من مكان واحد فكان الكلام من وجه واحد أخف، ومن قال مدخلا فهو من دخل يدخل مدخلا.
ومن قال مدخلا فهو من أدخلته مدخلا.
قال الشاعر:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا.=.. بالخير صبحنا ربّي ومسّانا
ومعنى مدّخل ومدخل أنهم لو وجدوا قوما يدخلون في جملتهم أو يدخلونهم في جملتهم: {لولّوا إليه وهم يجمحون}.
المعنى لو وجدوا هذه الأشياء {لولّوا إليه وهم يجمحون}.
أي يسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شيء.
ومن هذا قيل: فرس جموح للذي إذا حمل لم يردّه اللجام). [معاني القرآن: 2/454-455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون}
قال قتادة الملجأ الحصون والمغارات الغيران
والمدخل الأسراب
قال أبو جعفر وهذا قول حسن عند أهل اللغة لأنه يقال للحصن ملجأ ولجأ والمغارات من غار يغور إذا استتر
وتقرأ أو مدخلا بتشديد الدال والخاء وتقرأ أو مدخلا ومعانيها متقاربة إلا أن مدخلا من دخل يدخل ومدخلا من أدخل يدخل أي لو يجدون قوما يدخلونهم في جملتهم أو قوما يدخلون معهم أو مكانا يدخلون فيه لولوا إليه أي لو وجدوا أحد هذه الأشياء لولوا إليه وهم يجمحون أي يسرعون لا يرد وجوههم شيء
ومنه فرس جموح). [معاني القرآن: 3/218-219]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وهم يجمحون} أي: وهم يمشون بالعجلة في جانب). [ياقوتة الصراط: 244]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْمَحُونَ} يسرعون. ومنه فرس جموح: إذا لم يثنه شيء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَلْجَأ}: حرزاً
{مَغَارَاتٍ}: مداخل في الجبل
{مُدَّخَلاً}: ضرباً في الأرض
{يَجْمَحُونَ}: يسرعون). [العمدة في غريب القرآن: 148]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:22 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا بابٌ آخر من أبواب إن
تقول ما قدم علينا أميرٌ إلا إنه مكرمٌ لي لأنه ليس ههنا شيءٌ يعمل في إن ولا يجوز أن تكون عليه أن وإنما تريد أن تقول ما قدم علينا أميرٌ إلا هو مكرمٌ لي فكما لا تعمل في ذا لا تعمل في إن ودخول اللام ههنا يذلك على أنه موضع ابتداء وقال سبحانه: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام} ومثل ذلك قول كثير:
ما أعطياني ولا سألتهما = إلاّ وإنّي لحاجزي كرمي
وكذلك لو قال إلا وإني حاجزي كرمي.
وتقول ما غضبت عليك إلا أنك فاسقٌ كأنك قلت إلا لأنك فاسقٌ.
وأما قوله عز وجل: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله} فإنما حمله على منعهم.
وتقول إذا أردت معنى اليمين أعطيته ما إن شره خيرٌ من جيد ما معك وهؤلاء الذين إن أجبنهم لأشجع من شجعائكم وقال الله عز وجل: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة} فإن صلةٌ لما كأنك قلت ما والله إن شره خير من جيد ما معك). [الكتاب: 3/145-146] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب إن إذا دخلت اللام في خبرها
اعلم أن هذه اللام تقطع ما دخلت عليه عما قبلها. وكان حدها أن تكون أول الكلام؛ كما تكون في غير هذا الموضع. وذلك قولك: قد علمت زيداً منطلقاً. فإذا أدخلت اللام قلت: علمت لزيدٌ منطلقٌ، فتقطع بها ما بعدها مما قبلها، فيصير ابتداء مستأنفاً. فكان حدها في قولك: إن زيداً لمنطلق أن تكون قبل إن؛ كما تكون في قولك: لزيدٌ خيرٌ منك. فلما كان معناها في التوكيد ووصل القسم معنى إن لم يجز الجمع بينهما؛ فجعلت اللام في الخبر، وحدها: أن تكون مقدمة؛ لأن الخبر هو الأول في الحقيقة، أو فيه ما يتصل بالأول، فيصير هو وما فيه الأول. فلذلك قلت: إن زيداً لمنطلق؛ لأن المنطلق هو زيد.
وكذلك لو قلت: إن زيداً لفي داره عمرو، أو: لعمرو يضربه؛ لأن الذي عمروٌ يضربه هو زيدٌ. فهذا عبرة هذا.
ألا ترى أنك إذا فصلت بين إن وبين اسمها بشيءٍ جاز إدخال اللام فقلت: إن في الدار لزيداً، وإن من القوم لأخاك. فهذا يبين لك ما ذكرت.
وذلك قولك: أشهد أن زيداً منطلق، وأعلم أن زيداً خيرٌ منك. فإذا أدخلت اللام قلت أشهد إن زيداً لخيرٌ منك، وأعلم أن زيداً لمنطلق. قال الله عز وجل: {والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}. فلولا اللام لم يكن إلا أن؛ كما تقول: أعلم زيداً خيراً منك. فإذا أدخلت اللام قلت: أعلم لزيدٌ خيرٌ منك. وقال: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور. وحصل ما في الصدور. إن ربهم بهم يومئذٍ لخبير}. فهذا مجاز اللام.
ولو قال قائل: أشهد بأنك منطلق لم يكن إلا الفتح، لأنها اسم مخفوض، وعبرتها أبداً ب ذاك فيكون ذاك في أنها اسم تامٌ في موضع أن وصلتها. فإذا قلت: علمت أن زيداً منطلق فهو كقولك: علمت ذاك. وإذا قلت: بلغني أن زيداً منطلق فهو في موضع: بلغني ذاك. وإذا قلت: أشهد بأنك منطلق فمعناه: أشهد بذاك.
فإن قال قائل: فكيف أقول: أشهد بأنك لمنطلق? قيل له: هذا محال كسرت أو فتحت؛ لأن حد الكلام التقديم، فلو أدخلت حرف الخفض على اللام كان محالاً؛ لأن عوامل الأسماء لا تدخل على غيرها. لو قلت هذا لقلت أشهد يذاك.
وكذلك بلغني أنك منطلق، لا يجوز أن تدخل اللام فتقول: بلغني أنك لمنطلق: لأن إن وصلتها الفاعل، واللام تقطع ما بعدها. فلو جاز هذا لقلت: بلغني لذاك. فهذا واضح بين جداً.
فأما قوله عز وجل: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام} فمعناه: إلا وهذا شأنهم. وهو والله أعلم جواب لقولهم: {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق}.
وأما قوله عز وجل: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا}. ف أنهم وصلتها في موضع الفاعل. والتقدير والله أعلم: وما منعهم إلا كفرهم.
ونظير التفسير الأول قول الشاعر:
ما أعطياني ولا سألتهمـا = إلا وإني لحاجزي كرمي
يقول: إلا وهذه حالي. فعلى هذا وضعه سيبويه. وغيره ينشده:
ألا وإني لحاجزي كرمي
فهذه الرواية خارجة من ذلك التفسير، ومعناه: أن ألا تنبيه، وأراد: أنا حاجزي كرمي من أن أسأل، أو أقبل). [المقتضب: 2/343-345] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وزهقت نفسه زهوقا، وزهقت.
وفاد الرجل يفيد: مات). [الفرق في اللغة: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:30 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:33 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:13 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:13 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً سببها: أن الجد بن قيس حين قال: ائذن لي ولا تفتنّي [التوبة: 49] قال إني أعينك بمال فنزلت هذه الآية فيه وهي عامة بعده، والطوع والكره يعمان كل إنفاق، وقرأ ابن وثاب والأعمش «وكرها» بضم الكاف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويتصل هاهنا ذكر أفعال الكافر إذا كانت برا كصلة القرابة وجبر الكسير وإغاثة المظلوم هل ينتفع بها أم لا، فاختصار القول في ذلك أن في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن ثواب الكافر على أفعاله البرة هو في الطعمة يطعمها» ونحو ذلك، فهذا مقنع لا يحتاج معه إلى نظر وأما ما ينتفع بها في الآخرة فلا، دليل ذلك أن عائشة أم المؤمنين قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله: أرأيت عبد الله بن جدعان أينفعه ما كان يطعم ويصنع من خير فقال: «لا إنه لم يقل يوما، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين»، ودليل آخر في قول عمر رضي الله عنه لابنه: ذاك العاصي بن وائل لا جزاه الله خيرا وكان هذا القول بعد موت العاصي، الحديث بطوله، ودليل ثالث في حديث حكيم بن حزام على أحد التأويلين: أعني في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما سلف لك من خير، ولا حجة في أمر أبي طالب كونه في ضحضاح من نار لأن ذلك إنما هو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وبأنه وجده في غمرة من النار فأخرجه، ولو فرضنا أن ذلك بأعماله لم يحتج إلى شفاعة، وأما أفعال الكافر القبيحة فإنها تزيد في عذابه وبذلك هو تفاضلهم في عذاب جهنم، وقوله: أنفقوا أمر في ضمنه جزاء وهذا مستمر في كل أمر معه جواب فالتقدير: إن تنفقوا لم يتقبل منكم، وأما إذا عري الأمر من جواب فليس يصحبه تضمن الشرط). [المحرر الوجيز: 4/ 333-334]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ أنّهم كفروا باللّه وبرسوله ولا يأتون الصّلاة إلاّ وهم كسالى ولا ينفقون إلاّ وهم كارهون (54) فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55) ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون (56)
يحتمل أن يكون معنى الآية: وما منعهم الله من أن تقبل إلا لأجل أنهم كفروا بالله، ف أن الأولى على هذا في موضع خفض نصبها الفعل حين زال الخافض، و «أن» الثانية، في موضع نصب مفعول من أجله، ويحتمل أن يكون التقدير: وما منعهم الله قبول نفقاتهم إلا لأجل كفرهم، فالأولى على هذا في موضع نصب، ويحتمل أن يكون المعنى: وما منعهم قبول نفقاتهم إلا كفرهم، فالثانية في موضع رفع فاعلة، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم: «أن تقبل منهم نفقاتهم»، وقرأ حمزة والكسائي ونافع فيما روي عنه: «أن يقبل منهم نفقاتهم» بالياء وقرأ الأعرج بخلاف عنه: «أن تقبل منهم نفقتهم» بالتاء من فوق وإفراد النفقة، وقرأ الأعمش، «أن يقبل منهم صدقاتهم»، وقرأت فرقة: «أن نقبل منهم نفقتهم» بالنون ونصب النفقة،
وكسالى جمع كسلان، وكسلان إذا كانت مؤنثته كسلى لا ينصرف بوجه وإن كانت مؤنثته كسلانة فهو ينصرف في النكرة ثم أخبر عنهم تعالى أنهم «لا ينفقون دومة إلا على كراهية» إذ لا يقصدون بها وجه الله ولا محبة المؤمنين، فلم يبق إلا فقد المال وهو من مكارههم لا محالة). [المحرر الوجيز: 4/ 334-335]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: فلا تعجبك أموالهم الآية، حقر هذا اللفظ شأن المنافقين وعلل إعطاء الله لهم الأموال والأولاد بإرادته تعذيبهم بها، واختلف في وجه التعذيب فقال قتادة: في الكلام تقديم وتأخير، فالمعنى «فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة»، وقال الحسن: الوجه في التعذيب أنه بما ألزمهم فيها من أداء الزكاة والنفقة في سبيل الله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالضمير في قوله بها عائد في هذا القول على «الأموال» فقط، وقال ابن زيد وغيره: «التعذيب» هو بمصائب الدنيا ورزاياها هي لهم عذاب إذ لا يؤجرون عليها، وهذا القول وإن كان يستغرق قول الحسن فإن قول الحسن يتقوى تخصيصه بأن تعذيبهم بإلزام الشريعة أعظم من تعذيبهم بسائر الرزايا وذلك لاقتران الذلة والغلبة بأوامر الشريعة لهم قوله: وتزهق أنفسهم، يحتمل أن يريد ويموتون على الكفر، ويحتمل أن يريد «وتزهق أنفسهم» من شدة التعذيب الذي ينالهم، وقوله وهم كافرون جملة في موضع الحال على التأويل الأول، وليس يلزم ذلك على التأويل الثاني). [المحرر الوجيز: 4/ 335]

تفسير قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله ويحلفون الآية، أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يحلفون أنهم من المؤمنين في الدين والشريعة ثم أخبر تعالى عنهم على الجملة لا على التعيين أنهم ليسوا من المؤمنين، وإنما هم يفزعون منهم فيظهرون الإيمان وهم يبطنون النفاق، و «الفرق»، الخوف، والفروقة الجبان وفي المثل وفرق خير من حبين). [المحرر الوجيز: 4/ 336]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلاً لولّوا إليه وهم يجمحون (57) ومنهم من يلمزك في الصّدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون (58) ولو أنّهم رضوا ما آتاهم اللّه ورسوله وقالوا حسبنا اللّه سيؤتينا اللّه من فضله ورسوله إنّا إلى اللّه راغبون (59)
«الملجأ» من لجأ يلجأ إذا أوى واعتصم، وقرأ جمهور الناس «أو مغارات» بفتح الميم، وقرأ سعيد بن عبد الرحمن بن عوف «أو مغارات» بضم الميم وهي الغيران في أعراض الجبال ففتح الميم من غار الشيء إذا دخل كما تقول غارت العين إذا دخلت في الحجاج، وضم الميم من أغار الشيء غيره إذا أدخله، فهذا وجه من اشتقاق اللفظة، وقيل إن العرب تقول: غار الرجل وأغار بمعنى واحد أي دخل، قال الزجّاج: إذا دخل الغور فيحتمل أن تكون اللفظة أيضا من هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويصح في قراءة ضم الميم أن تكون من قولهم حبل مغار أي مفتول ثم يستعار ذلك في الأمر المحكم المبروم، فيجيء التأويل على هذا: لو يجدون عصرة أو أمورا مرتبطة مشددة تعصمهم منكم أو مدخلا لولوا إليه، وقرأ جمهور الناس «أو مدخلا» أصله مفتعل وهو بناء تأكيد ومبالغة ومعناه السرب والنفق في الأرض، وبما ذكرناه في الملجأ والمغارات، «والمدخل» فسر ابن عباس رضي الله عنه، وقال الزجّاج «المدخل» معناه قوما يدخلونهم في جملتهم وقرأ مسلمة بن محارب والحسن وابن أبي إسحاق وابن محيصن وابن كثير بخلاف عنه «أو مدخلا» فهذا من دخل وقرأ قتادة وعيسى بن عمر والأعمش «أو مدخلا» بتشديدهما وقرأ أبي بن كعب «مندخلا» قال أبو الفتح هذا كقول الشاعر [الكميت]:[البسيط]
ولا يدي في حميت السمن تندخل
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقال أبو حاتم: قراءة أبي بن كعب «متدخلا» بتاء مفتوحة، وروي عن الأعمش وعيسى «مدخلا» بضم الميم فهو من أدخل، وقرأ الناس «لولوا» وقرأ جد أبي عبيدة بن قرمل «لوالوا» من الموالاة،
وأنكرها سعيد بن مسلم وقال: أظن لوالوا بمعنى للجؤوا، وقرأ جمهور الناس، «يجمحون» معناه يسرعون مصممين غير منثنين، ومنه قول مهلهل: [البسيط]
لقد جمحت جماحا في دمائهم = حتى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا
وقرأ أنس بن مالك «يجمزون» ومعناه يهربون، ومنه قولهم في حديث الرجم: فلما إذ لقته الحجارة جمزة). [المحرر الوجيز: 4/ 336-338]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:13 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:14 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قل أنفقوا طوعًا أو كرهًا} أي: مهما أنفقتم من نفقةٍ طائعين أو مكرهين {لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قومًا فاسقين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 162]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى عن سبب ذلك، وهو أنّهم لا يتقبّل منهم، {إلا أنّهم كفروا باللّه وبرسوله} أي: [قد كفروا] والأعمال إنّما تصحّ بالإيمان، {ولا يأتون الصّلاة إلا وهم كسالى} أي: ليس لهم قصدٌ صحيحٌ، ولا همّةٌ في العمل، {ولا ينفقون} نفقةً {إلا وهم كارهون}
وقد أخبر الصّادق المصدوق أنّ اللّه لا يملّ حتّى تملّوا، وأنّه طيّبٌ لا يقبل إلّا طيّبًا؛ فلهذا لا يتقبّل اللّه من هؤلاء نفقةً ولا عملًا لأنه إنما يتقبل من المتقين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 162]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55)}
يقول تعالى لرسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم} كما قال تعالى: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى} [طه: 131]
وقال: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون:55، 56]
وقوله: {إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الحياة الدّنيا} قال الحسن البصريّ: بزكاتها، والنّفقة منها في سبيل اللّه.
وقال قتادة: هذا من المقدّم والمؤخّر، تقديره: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، [في الحياة الدّنيا] إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها [في الآخرة]
واختار ابن جريرٍ قول الحسن، وهو القول القوي الحسن.
وقوله: {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} أي: ويريد أن يميتهم حين يميتهم على الكفر، ليكون ذلك أنكى لهم وأشدّ لعذابهم، عياذًا باللّه من ذلك، وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فيما هم فيه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 162-163]

تفسير قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويحلفون باللّه إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون (56) لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون (57)}
يخبر اللّه تعالى نبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه، عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم أنّهم {يحلفون باللّه إنّهم لمنكم} يمينًا مؤكّدةً، {وما هم منكم} أي: في نفس الأمر، {ولكنّهم قومٌ يفرقون} أي: فهو الّذي حملهم على الحلف). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 163]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لو يجدون ملجأً} أي: حصنًا يتحصّنون به، وحرزًا يحترزون به، {أو مغاراتٍ} وهي الّتي في الجبال، {أو مدّخلا} وهو السّرب في الأرض والنفق. قال ذلك في الثّلاثة ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة: {لولّوا إليه وهم يجمحون} أي: يسرعون في ذهابهم عنكم، لأنّهم إنّما يخالطونكم كرهًا لا محبّةً، وودّوا أنّهم لا يخالطونكم، ولكن للضّرورة أحكامٌ؛ ولهذا لا يزالون في همٍّ وحزنٍ وغمٍّ؛ لأنّ الإسلام وأهله لا يزال في عزٍّ ونصرٍ ورفعةٍ؛ فلهذا كلّما سرّ المؤمنون ساءهم ذلك، فهم يودّون ألّا يخالطوا المؤمنين؛ ولهذا قال: {لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 163]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة