جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {والسّماء ذات البروج (1)}
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {ذات البروج}؛ قال: النجوم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ أقسم اللّه جلّ ثناؤه بالسماء ذات البروج.
واختلف أهل التأويل في معنى البروج في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني بذلك: والسماء ذات القصور. قالوا: والبروج القصور.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {والسّماء ذات البروج}؛ قال ابن عبّاسٍ: قصورٌ في السّماء. قال غيره: بل هي الكواكب.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: ثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضحّاك يقول في قوله: {البروج}؛ يزعمون أنّها قصورٌ في السّماء، ويقال: هي الكواكب.
وقال آخرون: عني بذلك: والسماء ذات النّجوم. وقالوا: نجومها: بروجها.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {ذات البروج}؛ قال: البروج النّجوم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: النّجوم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: وبروجها نجومها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والسماء ذات الرمل والماء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحسن بن قزعة، قال: ثنا حصين بن نميرٍ، عن سفيان بن حسينٍ في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: ذات الرمل والماء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: معنى ذلك: والسماء ذات منازل الشّمس والقمر، وذلك أن البروج: جمع برجٍ، وهي منازل تتّخذ عاليةً عن الأرض مرتفعةً، ومن ذلك قول اللّه: {ولو كنتم في بروجٍ مشيّدةٍ} وهي منازل مرتفعةٌ عاليةٌ في السّماء، وهي اثنا عشر برجاً، فمسير القمر في كلّ برجٍ منها يومان وثلثٌ، فذلك ثمانيةٌ وعشرون منزلاً، ثمّ يستسرّ ليلتين، ومسير الشّمس في كلّ برجٍ منها شهرٌ). [جامع البيان: 24 / 260-262]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا محمد بن طلحة، عن زيد الأيامي، عن مجاهد، في قوله: {والسماء}؛ قال: السماء موج مكفوف). [تفسير مجاهد: 2/ 745]
قال محمد بن عبد الله الحاكم النّيسابوريّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عطاءٍ، عن عرفجة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال قسمٌ: {والسّماء ذات البروج}،{إنّ بطش ربّك لشديدٌ}، إلى آخرها. «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/ 564]
قال محمود بن أحمد بن موسى العينيّ (ت: 855هـ) : (والبروج الاثنا عشر وهي قصور السّماء على التّشبيه، وقيل: {البروج}؛ النّجوم الّتي هي منازل القمر، وقيل: عظام الكواكب وقيل: أبواب السّماء). [عمدة القاري: 19/ 286]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جريرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: {البروج}: قصورٌ في السماء). [الدر المنثور: 15/ 328]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد اللّه يقولون في قوله: {والسّماء ذات البروج}: ذات القصور). [الدر المنثور: 15/ 328]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن أبي صالحٍ في قوله: {ذات البروج}؛ قال: النّجوم العظام). [الدر المنثور: 15/ 328]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد اللّه: أنّ النبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] سئل عن السّماء ذات البروج؛ فقال: «الكواكب». وسئل عن: {الّذي جعل في السّماء بروجاً}. فقال: «الكواكب». قيل: فبروجٌ مشيّدةٌ. فقال:«قصورٌ» ). [الدر المنثور: 15/ 328]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميدٍ، عن قتادة في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: بروجها: نجومها، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: يومان عظيمان عظّمهما اللّه من أيام الدنيا، كنّا نحدّث أنّ الشّاهد: يوم القيامة، وأن المشهود: يوم عرفة). [الدر المنثور: 15/ 328]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن الحسن في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: حبكت بالخلق الحسن، ثمّ حبكت بالنّجوم، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 329]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن جريرٍ وابن المنذر، عن مجاهدٍ: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: ذات النّجوم، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: ابن آدم، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 329]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر والحاكم وصحّحه، عن ابن مسعودٍ قال: قسمٌ {والسّماء ذات البروج}، إلى قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ} قال: هذا قسمٌ على {إنّ بطش ربّك لشديدٌ} إلى آخرها). [الدر المنثور: 15/ 343]
تفسير قوله تعالى: {واليوم الموعود (2)}
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {واليوم الموعود}؛ قال: اليوم الموعود: يوم القيامة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال محمد بن عيسى بن سورة التّرمذيّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا روح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد الله بن رافعٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشّاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشّمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو اللّه بخيرٍ إلاّ استجاب اللّه له، ولا يستعيذ من شيءٍ إلاّ أعاذه اللّه منه».
- حدّثنا عليّ بن حجرٍ، قال: حدّثنا قرّان بن تمّامٍ الأسديّ، عن موسى بن عبيدة، بهذا الإسناد نحوه.
وموسى بن عبيدة الرّبذيّ يكنى أبا عبد العزيز، وقد تكلّم فيه يحيى بن سعيدٍ القطّان وغيره من قبل حفظه.
وقد روى شعبة، وسفيان الثّوريّ، وغير واحدٍ من الأئمّة عن موسى بن عبيدة.
هذا حديثٌ، لا نعرفه إلاّ من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعّف في الحديث. ضعّفه يحيى بن سعيدٍ وغيره من قبل حفظه). [سنن الترمذي: 5 / 293]
قال محمّد بن أحمد بن نصرٍ الرّمليّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {اليوم الموعود}؛ قال: يقال هو يوم القيامة). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 108]
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {واليوم الموعود}؛ يقول تعالى ذكره: وأقسم باليوم الذي وعدته عبادي لفصل القضاء بينهم، وذلك يوم القيامة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاء الخبر عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابن نميرٍ وإسحاق الرازيّ، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة».
قال ثنا وكيعٌ، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] مثله.
- حدّثنا يعقوب، قال: ثنا ابن عليّة، قال: ثنا يونس، قال أنبأني عمّارٌ، قال: قال أبو هريرة: " اليوم الموعود: يوم القيامة ". قال يونس، وكذلك قال الحسن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واليوم الموعود} يعني: يوم القيامة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {واليوم الموعود}؛ قال: القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {اليوم الموعود}: يوم القيامة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن عبيدٍ، عن عمّار بن أبي عمّارٍ، مولى بني هاشمٍ، عن أبي هريرة: {واليوم الموعود} يوم القيامة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة».
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ، قال: ثنا محمّد بن إسماعيل بن عيّاشٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيدٍ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «اليوم الموعود: يوم القيامة»). [جامع البيان: 24/ 262-263]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب قال: {اليوم الموعود}؛ يوم القيامة والشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النحر يوم الحج الأكبر). [تفسير مجاهد: 2/ 745]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود، يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة» قال: «وما طلعت الشمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شرّ إلا أعاذه الله منه». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/ 426-427]
قال عليّ بن أبي بكرٍ بن سليمان الهيثميّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛
عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، وأنّ الشّاهد: يوم الجمعة، وأنّ المشهود: يوم عرفة، ويوم الجمعة دخّره الله لنا، وصلاة الوسطى بعد صلاة العصر».
رواه الطبرانيّ، وفيه محمد بن إسماعيل بن عيّاشٍ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميدٍ، عن قتادة في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: بروجها: نجومها، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: يومان عظيمان عظّمهما اللّه من أيام الدنيا، كنّا نحدّث أنّ الشّاهد: يوم القيامة، وأن المشهود: يوم عرفة). [الدر المنثور: 15/ 328] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن الحسن في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: حبكت بالخلق الحسن، ثمّ حبكت بالنّجوم، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 329] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: {واليوم الموعود(2) وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: اليوم الموعود: يوم القيامة، والشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة، وهو الحجّ الأكبر، فيوم الجمعة جعله اللّه عيداً لمحمدٍ وأمّته، وفضّلهم بها على الخلق أجمعين، وهو سيّد الأيام عند اللّه، وأحبّ الأعمال فيه إلى اللّه، وفيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يصلّي يسأل اللّه فيها خيراً إلاّ أعطاه إيّاه). [الدر المنثور: 15/ 329]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ والتّرمذيّ وابن أبي الدنيا في الأهوال، وابن جريرٍ وابن المنذر وابن أبي حاتمٍ وابن مردويه والبيهقيّ في سننه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشّاهد: يوم الجمعة، وما طلعت الشّمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو اللّه بخيرٍ إلاّ استجاب اللّه له، ولا يستعيذ بشيءٍ إلاّ أعاذه اللّه منه» ). [الدر المنثور: 15/ 329-330]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصحّحه، وابن مردويه والبيهقيّ ، عن أبي هريرة رفعه: {وشاهدٍ ومشهودٍ}. قال: ((الشّاهد: يوم عرفة ويوم الجمعة، والمشهود هو الموعود: يوم القيامة)) ). [الدر المنثور: 15/ 330]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن عليٍّ قال: اليوم الموعود: يوم القيامة، والشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم النّحر). [الدر المنثور: 15/ 330]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ والطبرانيّ وابن مردويه من طريق شريح بن عبيدٍ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، والشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة، ويوم الجمعة دخره اللّه لنا، والصّلاة الوسطى: صلاة العصر».
وأخرجه سعيد بن منصورٍ، عن شريح بن عبيدٍ مرسلاً). [الدر المنثور: 15/ 330]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ والنّسائيّ وابن أبي الدّنيا في الأهوال والبزّار وابن جريرٍ وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر من طرقٍ، عن ابن عبّاسٍ: {واليوم الموعود}: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد: محمدٌ، والمشهود: يوم القيامة. ثم تلا: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ} ). [الدر المنثور: 15/ 332] (م)
تفسير قوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ (3)}
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {وشاهد ومشهود}؛ قال: الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن إسماعيل بن شروس، عن عكرمة، قال: الشاهد الذي يشهد عليه، والمشهود: يوم القيامة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، في قوله: {وشاهد ومشهود}؛ قال الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، قال الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة مثل قول علي). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361]
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن محمد بن يحيى المازني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن المسيب، قال: سمعته يقول: سيد الأيام يوم الجمعة الذي قال الله وشاهد ومشهود). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 361-362]
قال محمد بن عيسى بن سورة التّرمذيّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا روح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد الله بن رافعٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشّاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشّمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو اللّه بخيرٍ إلاّ استجاب اللّه له، ولا يستعيذ من شيءٍ إلاّ أعاذه اللّه منه».
- حدّثنا عليّ بن حجرٍ، قال: حدّثنا قرّان بن تمّامٍ الأسديّ، عن موسى بن عبيدة، بهذا الإسناد نحوه.
وموسى بن عبيدة الرّبذيّ يكنى أبا عبد العزيز، وقد تكلّم فيه يحيى بن سعيدٍ القطّان وغيره من قبل حفظه.
وقد روى شعبة، وسفيان الثّوريّ، وغير واحدٍ من الأئمّة عن موسى بن عبيدة.
هذا حديثٌ، لا نعرفه إلاّ من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعّف في الحديث. ضعّفه يحيى بن سعيدٍ وغيره من قبل حفظه). [سنن الترمذي: 5/ 293] (م)
قال محمّد بن أحمد بن نصرٍ الرّمليّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله: {وشاهدٍ ومشهودٍ} قال: الشّاهد يوم الجمعة، ويقال إنّها الملائكة، وأمّا المشهود فيقال: الإنسان شهد سمعه وبصره وجسده).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 108]
قال أحمد بن شعيبٍ النّسائيّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن عليّ بن حربٍ، أخبرنا عليّ بن الحسين بن واقدٍ، عن أبيه، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وشاهدٍ ومشهود}، قال: " الشّاهد محمّدٌ [صلّى الله عليه وسلّم]، والمشهود يوم القيامة، وذلك قوله: {فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}[النساء: 41]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 332]
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: وأقسم بشاهدٍ، قالوا: وهو يوم الجمعة، ومشهودٍ، قالوا: وهو يوم عرفة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يعقوب، قال: أخبرنا ابن عليّة، قال: أخبرنا يونس، قال: أنبأني عمّارٌ، قال: قال أبو هريرة: الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة؛ قال يونس: وكذلك قال الحسن.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: ثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت حارثة بن مضربٍ، يحدّث عن عليٍّ رضي اللّه عنه، أنه قال في هذه الآية: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة؛ ويقال: الشاهد: الإنسان، والمشهود: يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وشاهدٍ ومشهودٍ} يومان عظيمان من أيّام الدّنيا، كنّا نحدّث أنّ الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ رضي اللّه عنه: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وشاهدٍ} يوم الجمعة، {ومشهودٍ} يوم عرفة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال ثنا وكيعٌ، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «{وشاهدٍ}: يوم الجمعة، {ومشهودٍ}: يوم عرفة».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابن نميرٍ، وإسحاق الرازيّ، عن موسى بن عبيدة، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «المشهود يوم عرفة، والشّاهد يوم الجمعة».
- حدّثنا سهل بن موسى، قال: ثنا ابن أبي فديكٍ، عن ابن حرملة، عن سعيدٍ أنّه قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «إنّ سيّد الأيّام يوم الجمعة، وهو الشّاهد، والمشهود يوم عرفة».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن موسى بن عبيدٍ، عن أيّوب بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم]، قال: «المشهود يوم عرفة، والشّاهد يوم الجمعة، فيه ساعةٌ لا يوافقها مؤمنٌ يدعو اللّه بخيرٍ إلاّ استجاب له، ولا يستعيذه من شرٍّ إلاّ أعاذه». حدّثني محمّد بن عوفٍ، قال: ثنا محمّد بن إسماعيل، قال: ثني أبي، قال: ثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيدٍ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «إنّ الشّاهد يوم الجمعة، وإنّ المشهود يوم عرفة، فيوم الجمعة خيرة اللّه لنا».
- حدّثني سعيد بن الربيع الرازيّ، قال: ثنا سفيان، عن عبد الرّحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيّب، قال: سيّد الأيّام يوم الجمعة، وهو شاهدٌ.
وقال آخرون: الشاهد محمّدٌ، والمشهود يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف المكيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشاهد محمّدٌ، والمشهود يوم القيامة. ثمّ قرأ: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن شباكٍ، قال: سأل رجلٌ الحسن بن عليٍّ عن: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم سألت ابن عمر، وابن الزبير، فقالا: يوم الذبح ويوم الجمعة. قال: لا، ولكنّ الشاهد محمّدٌ. ثمّ قرأ: {فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}: والمشهود يوم القيامة. ثمّ قرأ: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابرٍ، عن أبي الضحى، عن الحسن بن عليٍّ، قال: الشاهد محمّدٌ، والمشهود يوم القيامة.
- حدّثني سعيد بن الربيع، قال: ثنا سفيان، عن عبد الرّحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيّب: {ومشهودٍ}: يوم القيامة. وقال آخرون: الشاهد الإنسان، والمشهود يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: ثنا أسباط، عن عبد الملك، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد ابن آدم، والمشهود يوم القيامة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {وشاهدٍ}؛ قال: الإنسان. وقوله: {ومشهودٍ}؛ قال: يوم القيامة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، قال: الشاهد الإنسان، والمشهود يوم القيامة.
- حدّثني يعقوب، قال: ثنا ابن عليّة، عن خالدٍ الحذّاء، عن عكرمة في قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: {وشاهدٍ}: ابن آدم، {ومشهودٍ}: يوم القيامة.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضحّاك يقول في قوله: {وشاهدٍ}: يعني الإنسان، {ومشهودٍ}: يوم القيامة، قال اللّه: {وذلك يومٌ مشهودٌ}.
وقال آخرون: الشاهد محمّدٌ، والمشهود يوم الجمعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بن واضحٍ، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة في قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد محمّدٌ، والمشهود يوم الجمعة، فذلك قوله: {فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}.
وقال آخرون: الشاهد اللّه، والمشهود يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وشاهدٍ}؛ يقول: اللّه، {ومشهودٍ}؛ يقول: يوم القيامة.
وقال آخرون: الشاهد يوم الأضحى، والمشهود يوم الجمعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن شباكٍ، قال: سأل رجلٌ الحسن بن عليٍّ عن: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عمر وابن الزبير، فقالا: يوم الذبح، ويوم الجمعة. وقال آخرون: الشاهد يوم الأضحى، والمشهود يوم عرفة.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم القيامة.
وقال آخرون: المشهود يوم الجمعة، ورووا ذلك عن رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم].
ذكر الرواية بذلك:
- حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، قال: ثني عمّي عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن زيد بن أيمن، عن عبادة بن نسيٍّ، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]:«أكثروا عليّ الصّلاة يوم الجمعة، فإنّه يومٌ مشهودٌ تشهده الملائكة».
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنّ اللّه أقسم بشاهدٍ شهد، ومشهودٍ شهد، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أيّ شاهدٍ وأيّ مشهودٍ أراد، وكلّ الذي ذكرنا أنّ العلماء قالوا: هو المعنيّ ممّا يستحقّ أن يقال له: شاهدٌ ومشهودٌ). [جامع البيان: 24/ 263-270]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب، قال: {اليوم الموعود}؛ يوم القيامة، والشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم النحر يوم الحج الأكبر). [تفسير مجاهد: 2/ 745] (م)
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن المغيرة، عن شباك، قال: حدثني من سمع ابن عمر وابن الزبير يقولان الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم الذبح). [تفسير مجاهد: 2/ 745]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: كان أصحابنا يقولون الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم الذبح). [تفسير مجاهد: 2/ 745-746]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: نا آدم قال: ثنا ورقاء، عن المغيرة، عن شباك، قال: حدثني من سمع الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، يقول: «الشاهد: محمد [صلى الله عليه وسلم]، والمشهود: يوم القيامة ثم قرأ {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}، ثم قرأ {وذلك يوم مشهود}»). [تفسير مجاهد: 2/ 746]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الشاهد عيسى [عليه السلام] ويقال أيضا: الشاهد: الإنسان، والمشهود: يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 2/ 746]
قال محمد بن عبد الله الحاكم النّيسابوريّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا محمّدٌ وهو ابن جعفرٍ، عن شعبة، قال سمعت عليّ بن زيدٍ، ويونس بن عبيدٍ يحدّثان عن عمّارٍ، مولى بني هاشمٍ، عن أبي هريرة [رضي اللّه عنه] أمّا عليٌّ فرفعه إلى النّبيّ [صلّى الله عليه وسلّم]، وأمّا يونس فلم يعدّ أبا هريرة في هذه الآية: {وشاهدٍ ومشهودٍ}قال: «الشّاهد يوم عرفة ويوم الجمعة، والمشهود هو الموعود يوم القيامة» حديث شعبة عن يونس بن عبيدٍ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/ 564]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود، يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة» قال: «وما طلعت الشمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شرّ إلا أعاذه الله منه». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/ 426-427] (م)
قال عليّ بن أبي بكرٍ بن سليمان الهيثميّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛
عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]:«اليوم الموعود: يوم القيامة، وأنّ الشّاهد: يوم الجمعة، وأنّ المشهود: يوم عرفة، ويوم الجمعة دخّره الله لنا، وصلاة الوسطى بعد صلاة العصر».
رواه الطبرانيّ، وفيه محمد بن إسماعيل بن عيّاشٍ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135]
قال عليّ بن أبي بكرٍ بن سليمان الهيثميّ (ت: 807هـ) : (وعن الحسين بن عليٍّ في قوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشاهد: جدّي رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]، والمشهود: يوم القيامة. ثم تلا هذه الآية: {إنّا أرسلناك شاهداً ومبشّراً ونذيراً} وتلا: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ}. رواه الطبرانيّ في الصغير والأوسط، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 135-136]
قال عليّ بن أبي بكرٍ بن سليمان الهيثميّ (ت: 807هـ) : (وعن ابن عبّاسٍ: {وشاهدٍ ومشهودٍ} قال: الشاهد: محمدٌ [صلّى الله عليه وسلّم]. والمشهود: يوم القيامة.
رواه البزّار ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 136]
قال عليّ بن أبي بكرٍ بن سليمان الهيثميّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {وشاهدٍ ومشهودٍ} قال: الشّاهد: محمّدٌ [صلّى اللّه عليه وسلّم]، والمشهود يوم القيامة). [كشف الأستار: 3/ 79-80]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميدٍ، عن قتادة في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: بروجها: نجومها، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: يومان عظيمان عظّمهما اللّه من أيام الدنيا، كنّا نحدّث أنّ الشّاهد: يوم القيامة، وأن المشهود: يوم عرفة). [الدر المنثور: 15/ 328] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن الحسن في قوله: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: حبكت بالخلق الحسن، ثمّ حبكت بالنّجوم، {واليوم الموعود}؛ قال: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 329] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن جريرٍ وابن المنذر، عن مجاهدٍ: {والسّماء ذات البروج}؛ قال: ذات النّجوم، {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: ابن آدم، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 329] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: {واليوم الموعود(2) وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: اليوم الموعود: يوم القيامة، والشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة، وهو الحجّ الأكبر، فيوم الجمعة جعله اللّه عيداً لمحمدٍ وأمّته، وفضّلهم بها على الخلق أجمعين، وهو سيّد الأيام عند اللّه، وأحبّ الأعمال فيه إلى اللّه، وفيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يصلّي يسأل اللّه فيها خيراً إلاّ أعطاه إيّاه). [الدر المنثور: 15/ 329] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ والتّرمذيّ وابن أبي الدنيا في الأهوال، وابن جريرٍ وابن المنذر وابن أبي حاتمٍ وابن مردويه والبيهقيّ في سننه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشّاهد: يوم الجمعة، وما طلعت الشّمس ولا غربت على يومٍ أفضل منه، فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ يدعو اللّه بخيرٍ إلاّ استجاب اللّه له، ولا يستعيذ بشيءٍ إلاّ أعاذه اللّه منه» ). [الدر المنثور: 15/ 329-330] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصحّحه، وابن مردويه والبيهقيّ ، عن أبي هريرة رفعه: {وشاهدٍ ومشهودٍ}، قال:«الشّاهد: يوم عرفة ويوم الجمعة، والمشهود هو الموعود: يوم القيامة» ). [الدر المنثور: 15/ 330] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن عليٍّ قال: اليوم الموعود: يوم القيامة، والشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم النّحر). [الدر المنثور: 15/ 330] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ والطبرانيّ وابن مردويه من طريق شريح بن عبيدٍ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «اليوم الموعود: يوم القيامة، والشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة، ويوم الجمعة دخره اللّه لنا، والصّلاة الوسطى: صلاة العصر».
- وأخرجه سعيد بن منصورٍ، عن شريح بن عبيدٍ مرسلاً). [الدر المنثور: 15/ 330] (م)
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه وابن عساكر، عن جبير بن مطعمٍ قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] في قوله تعالى: {وشاهدٍ ومشهودٍ}، قال: «الشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة».
وأخرج عبد بن حميدٍ، عن ابن عبّاسٍ وأبي هريرة موقوفاً مثله). [الدر المنثور: 15/ 330-331]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصورٍ وابن جريرٍ وعبد بن حميدٍ وابن مردويه، عن سعيد بن المسيّب قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-:«إنّ سيّد الأيّام يوم الجمعة، وهو الشّاهد، والمشهود: يوم عرفة» ). [الدر المنثور: 15/ 331]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه والطّبرانيّ وابن جريرٍ، عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «أكثروا عليّ من الصّلاة يوم الجمعة؛ فإنّه يومٌ مشهودٌ تشهده الملائكة» ). [الدر المنثور: 15/ 331]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق والفريابيّ وعبد بن حميدٍ وابن جريرٍ وابن المنذر، عن عليّ بن أبي طالبٍ في قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: الشّاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة). [الدر المنثور: 15/ 331]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ وابن مردويه، عن الحسن بن عليٍّ أنّ رجلاً سأله عن قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال: هل سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عمر وابن الزبير فقالا: يوم الذّبح ويوم الجمعة، فقال: لا، ولكنّ الشّاهد: محمدٌ [صلّى اللّه عليه وسلّم]. ثم قرأ: {وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}؛ والمشهود: يوم القيامة. ثم قرأ: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاسوذلك يومٌ مشهودٌ} ). [الدر المنثور: 15/ 331-332]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ والطّبرانيّ في (الأوسط) والصغير وابن مردويه عن الحسين بن عليٍّ في قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ}؛ قال:«الشاهد: جدّي رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم]، والمشهود: يوم القيامة». ثم تلا: {إنّا أرسلناك شاهدًا}، و{ذلك يومٌ مشهودٌ} ). [الدر المنثور: 15/ 332]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ والنّسائيّ وابن أبي الدّنيا في الأهوال والبزّار وابن جريرٍ وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر من طرقٍ، عن ابن عبّاسٍ: {واليوم الموعود}: يوم القيامة، {وشاهدٍ ومشهودٍ}. قال: الشاهد: محمدٌ، والمشهود: يوم القيامة. ثم تلا: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ} ). [الدر المنثور: 15/ 332]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ، من طريق عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ قال: الشّاهد: اللّه، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 332-333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشّاهد: اللّه). [الدر المنثور: 15/ 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : ( وأخرج عبد بن حميدٍ، وابن المنذر وابن أبي حاتمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشّاهد: اللّه، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، من طريق أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: الشّاهد: الإنسان، والمشهود يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق وسعيد بن منصورٍ، وعبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن عكرمة قال: الشّاهد: الذي يشهد على الإنسان بعمله، والمشهود: يوم القيامة). [الدر المنثور: 15/ 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر والحاكم وصحّحه، عن ابن مسعودٍ قال: قسمٌ {والسّماء ذات البروج}، إلى قوله: {وشاهدٍ ومشهودٍ} قال: هذا قسمٌ على {إنّ بطش ربّك لشديدٌ} إلى آخرها). [الدر المنثور: 15/ 343] (م)
تفسير قوله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود (4)}
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود}؛ قال: يعني القاتلين الذين قتلوا ثم قتلوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 362]
قال عبد الرّزّاق بن همّامٍ الصّنعانيّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال: كان النبي إذا صلى العصر همس، والهمس في قول بعضهم: تحرك شفتيه يتكلم بشيء فقيل له: يا نبي الله إنك إذا صليت العصر همست.
قال: «إن نبيا من الأنبياء كان أعجب بأمته. فقال: من يقوم لهؤلاء فأوحى الله إليه أن خيرهم بين أن أنتقم منهم وبين أن أسلط عليهم عدوهم فاختاروا النقمة». قال: «فسلط الله عليهم الموت فمات منهم في يوم سبعون ألفا »، قال: وكان إذا حدث بهذا الحديث حدث بهذا الحديث الآخر:
قال: كان ملك من الملوك له كاهن فيتكهن لهم. فقال ذلك الكاهن: انظروا لي غلاما فهما فطنا -أو قال لقنا- فأعلمه علمي هذا فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ولا يكون فيكم من يعلمه.
قال: فنظروا له غلاما على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وأن يختلف إليه.
قال: فجعل الغلام يختلف إليه وكان على طريق الغلام راهب في صومعة له.
قال معمر: وأحسب أن أصحاب الصوامع يومئذ كانوا مسلمين.
قال: فجعل الغلام يسأل الراهب كلما مر به فلم يزل به حتى أخبره.
فقال: إنما أعبد الله.
قال: فجعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطئ على الكاهن.
قال: فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام إنه لا يكاد يحضرني.
قال فأخبر الغلام الراهب بذلك.
فقال له الراهب: إذا قال لك الكاهن: أين كنت فقل كنت عند أهلي، وإذا قال لك أهلك: أين كنت فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن.
قال: فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثيرة قد حبستهم دابة فقال بعضهم: إن تلك الدابة كانت أسدا.
قال: فأخذ الغلام حجرا فقال: اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتل هذه الدابة وإن كان ما يقول الكاهن حقا فأسألك ألا أقتلها.
قال: ثم رمى فقتل الدابة فقال الناس: من قتلها؟ قالوا: الغلام. ففزع الناس إليه وقالوا: قد علم هذا الغلام علما لم يعلمه أحد.
قال: فسمع به أعمى فجاءه فقال له الأعمى: إن أنت رددت علي بصري فإن لك كذا وكذا.
فقال له الغلام: لا أريد منك هذا ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي رده عليك. قال: نعم، فدعا الله فرد إليه بصره.
قال: فآمن الأعمى فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأتى بهم فقال: لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه.
قال: فأمر بالراهب وبالرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله وقتل الآخر بقتلة أخرى ثم أمر بالغلام فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه فانطلقوا به إلى ذلك الجبل فلما انتهوا إلى المكان الذي أرادوا جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردون منه حتى لم يبق منهم إلا الغلام.
قال: ثم رجع الغلام فأمر به الملك أن انطلقوا به إلى البحر فألقوه فيه فانطلقوا به إلى البحر فغرق الله الذين كانوا معه وأنجاه فقال الغلام للملك: أنت لا تقتلني حتى تصلبني ثم ترميني فتقول إذا رميتني: باسم رب الغلام.
قال: فأمر به فصلب ثم رماه فقال: باسم رب الغلام.
قال: فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي ثم مات.
قال: فقال الناس: لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد فإنا نؤمن برب هذا الغلام فقيل للملك: أجزعت أن خالفك ثلاثة فهذا العالم كلهم قد خالفوك فخد أخدودا ثم ألقى فيها الحطب والنار ثم جمع الناس، فقال: من رجع إلى دينه تركناه ومن لم يرجع ألقيناه في النار فجعل يلقيهم في ذلك الأخدود. يقول الله تبارك وتعالى: {قتل أصحب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}
قال: فأما الغلام فإنه دفن فيذكر أنه أخرج في زمان عمر بن الخطاب وأصبعه على صدغه كما كان وضعها حين قتل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 362-364]
قال محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاريّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {الأخدود}: «شقٌّ في الأرض» ). [صحيح البخاري: 6 / 168]
قال أحمد بن عليّ بن حجرٍ العسقلانيّ (ت: 852هـ) : (قوله: (وقال مجاهدٌ: {الأخدود}؛ شقٌّ في الأرض، وصله الفريابيّ بلفظ: شقٌّ بنجران كانوا يعذّبون النّاس فيه.
- وأخرج مسلمٌ والتّرمذيّ وغيرهما من حديث صهيبٍ قصّة أصحاب الأخدود مطوّلةً، وفيه قصّة الغلام الذي كان يتعلّم من الساحر، فمرّ بالرّاهب فتابعه على دينه، فأراد الملك قتل الغلام لمخالفته دينه فقال: إنّك لن تقدر على قتلي حتّى تقول إذا رميتني: بسم الله ربّ الغلام. ففعل، فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام. فخدّ لهم الملك الأخاديد في السّكك وأضرم فيها النّيران ليرجعوا إلى دينه.
وفيه قصّة الصّبيّ الذي قال لأمّه: اصبري فإنّك على الحقّ.
صرّح برفع القصّة بطولها حمّاد بن سلمة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن صهيبٍ.
ومن طريقه أخرجه مسلمٌ والنّسائيّ وأحمد، ووقفها معمرٌ عن ثابتٍ، ومن طريقه أخرجها التّرمذيّ، وعنده في آخره يقول الله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود} إلى {العزيز الحميد} ). [فتح الباري: 8/ 698]
- قال أحمد بن عليّ بن حجرٍ العسقلانيّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد: {الأخدود}؛ شقّ في الأرض فتنوا عذبوا
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {قتل أصحاب الأخدود} شقّ بنجران كانوا يعذبون النّاس فيه
وفي قوله: {إن الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}؛ قال: عذبوا). [تغليق التعليق: 4 / 364] (م)
- قال محمود بن أحمد بن موسى العينيّ (ت: 855هـ) : ( (وقال مجاهدٌ: {الأخدود}: شقٌّ في الأرض.
أي قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود}؛ قال: الأخدود شقٌّ في الأرض، أخرجه عبد بن حميدٍ عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ). [عمدة القاري: 19/ 286]
- قال أحمد بن محمد بن أبي بكرٍ القسطلاّنيّ (ت: 923هـ) : ( قال ولأبي ذرٍّ: وقال مجاهدٌ فيما رواه عبد بن حميدٍ في قوله: {الأخدود} هو شقٌّ في الأرض، وقال غيره: المستطيل في الأرض. وروى مسلمٌ عن صهيبٍ أنّ رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال: «كان فيمن كان قبلكم ملكٌ، وكان له ساحرٌ فلمّا كبر قال للملك: إنّي قد كبرت، فابعث إليّ غلامًا أعلّمه السّحر، فبعث إليه غلامًا يعلّمه، وكان في طريقه إذا سلك راهبٌ، فقعد إليه وسمع كلامه، فأعجبه، فكان إذا أتى السّاحر مرّ بالرّاهب، وقعد إليه، فإذا أتى السّاحر ضربه، فشكا ذلك إلى الرّاهب فقال له: إذا خشيت السّاحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني السّاحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابّةٍ عظيمةٍ قد حبست النّاس فقال: اليوم أعلم السّاحر أفضل أم الرّاهب أفضل، فأخذ حجرًا فقال: اللّهمّ إن كان أمر الرّاهب أحبّ إليك من أمر السّاحر فاقتل هذه الدّابّة حتّى يمضي النّاس، فرماها فقتلها، ومضى النّاس، فأتى الرّاهب فأخبره فقال له الرّاهب: أي بنيّ، أنت اليوم أفضل منّي، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنّك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي النّاس سائر الأدواء، فسمع جليسٌ للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرةٍ، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني. قال: إنّي لا أشفي أحدًا إنّما يشفي اللّه عزّ وجلّ، فإن آمنت باللّه دعوت اللّه فشفاك. فآمن باللّه، فشفاه اللّه، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فقال: ربّي. قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: اللّه ربّي وربّك. فأخذه فلم يزل يعذّبه حتّى دلّ على الغلام، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بنيّ، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص، وتفعل وتفعل؟ قال: إنّي لا أشفي أحدًا إنّما يشفي اللّه. فأخذه فلم يزل يعذّبه حتّى دلّ على الرّاهب، فجيء بالرّاهب فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقّه به حتّى وقع شقّاه، ثمّ جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقّه به حتّى وقع شقّاه، ثمّ جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم به ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلاّ فاطرحوه. فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللّهمّ اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم اللّه. فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقورٍ، فتوسّطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلاّ فاقذفوه. فذهبوا به فقال: اللّهمّ اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السّفينة، فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللّه. فقال للملك: إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ، وتصلبني على جذعٍ، ثمّ خذ سهمًا من كنانتي، ثمّ ضع السّهم في كبد القوس، ثمّ قل: باسم اللّه ربّ هذا الغلام، ثمّ ارمني، فإنّك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ، فصلبه على جذعٍ، ثمّ أخذ سهمًا من كنانته، ثمّ وضع السّهم في كبد القوس ثمّ قال: باسم اللّه ربّ هذا الغلام. ثمّ رماه، فوقع السّهم في صدغه، ووضع يده في صدغه موضع السّهم، فمات، فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام، آمنّا بربّ الغلام. فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذره، قد واللّه نزل بك حذرك، قد آمن النّاس. فأمر بالأخدود بأفواه السّكك، فخدّت وأضرم النّيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم. ففعلوا حتّى جاءت امرأةٌ ومعها صبيٌّ لها، فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمّه اصبري فإنّك على الحقّ» ). [إرشاد الساري: 7/ 415-416]
قال محمد بن عيسى بن سورة التّرمذيّ (ت: 279هـ): (حدّثنا محمود بن غيلان، وعبد بن حميدٍ، المعنى واحدٌ، قالا: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ قال: كان رسول الله [صلّى اللّه عليه وسلّم] إذا صلّى العصر همس، والهمس في قول بعضهم تحرّك شفتيه كأنّه يتكلّم، فقيل له: إنّك يا رسول الله إذا صلّيت العصر همست؟ قال: إنّ نبيًّا من الأنبياء كان أعجب بأمّته فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فأوحى اللّه إليه أن خيّرهم بين أن أنتقم منهم وبين أن أسلّط عليهم عدوّهم، فاختاروا النّقمة، فسلّط عليهم الموت، فمات منهم في يومٍ سبعون ألفًا.
- قال: وكان إذا حدّث بهذا الحديث حدّث بهذا الحديث الآخر، قال:
كان ملكٌ من الملوك، وكان لذلك الملك كاهنٌ يكهن له، فقال الكاهن: انظروا لي غلامًا فهمًا، أو قال: فطنًا، لقنًا، فأعلّمه علمي هذا، فإنّي أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم، ولا يكون فيكم من يعلمه. قال: فنظروا له على ما وصف، فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف إليه، فجعل يختلف، إليه وكان على طريق الغلام راهبٌ في صومعةٍ، قال معمرٌ: أحسب أنّ أصحاب الصّوامع كانوا يومئذٍ مسلمين، قال: فجعل الغلام يسأل ذلك الرّاهب كلّما مرّ به، فلم يزل به حتّى أخبره، فقال: إنّما أعبد اللّه. قال: فجعل الغلام يمكث عند الرّاهب ويبطئ عن الكاهن، فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام إنّه لا يكاد يحضرني، فأخبر الغلام الرّاهب بذلك، فقال له الرّاهب: إذا قال لك الكاهن: أين كنت؟ فقل: عند أهلي، وإذا قال لك أهلك: أين كنت؟ فأخبرهم أنّك كنت عند الكاهن. قال: فبينما الغلام على ذلك إذ مرّ بجماعةٍ من النّاس كثيرٍ قد حبستهم دابّةٌ، فقال بعضهم: إنّ تلك الدّابّة كانت أسدًا. قال: فأخذ الغلام حجرًا فقال: اللّهمّ إن كان ما يقول الرّاهب حقًّا فأسألك أن أقتلها. قال: ثمّ رمى فقتل الدّابّة. فقال النّاس: من قتلها؟ قالوا: الغلام، ففزع النّاس وقالوا: لقد علم هذا الغلام علمًا لم يعلمه أحدٌ. قال: فسمع به أعمى، فقال له: إن أنت رددت بصري فلك كذا وكذا. قال: لا أريد منك هذا، ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك، أتؤمن بالّذي ردّه عليك؟ قال: نعم. قال: فدعا اللّه فردّ عليه بصره، فآمن الأعمى، فبلغ الملك أمرهم، فبعث إليهم، فأتي بهم، فقال: لأقتلنّ كلّ واحدٍ منكم قتلةً لا أقتل بها صاحبه، فأمر بالرّاهب والرّجل الّذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلةٍ أخرى. ثمّ أمر بالغلام، فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه، فانطلقوا به إلى ذلك الجبل، فلمّا انتهوا إلى ذلك المكان الّذي أرادوا أن يلقوه منه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردّون، حتّى لم يبق منهم إلاّ الغلام. قال: ثمّ رجع، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقونه فيه، فانطلق به إلى البحر، فغرّق اللّه الّذين كانوا معه وأنجاه، فقال الغلام للملك: إنّك لا تقتلني حتّى تصلبني وترميني وتقول إذا رميتني: بسم الله ربّ هذا الغلام. قال فأمر به، فصلب، ثمّ رماه، فقال: بسم الله ربّ هذا الغلام.
قال: فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي، ثمّ مات، فقال أناسٌ: لقد علم هذا الغلام علمًا ما علمه أحدٌ، فإنّا نؤمن بربّ هذا الغلام. قال: فقيل للملك أجزعت أن خالفك ثلاثةٌ، فهذا العالم كلّهم قد خالفوك. قال: فخدّ أخدودًا ثمّ ألقى فيها الحطب والنّار، ثمّ جمع النّاس. فقال: من رجع عن دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النّار، فجعل يلقيهم في تلك الأخدود. قال: يقول اللّه تبارك وتعالى فيه: {قتل أصحاب الأخدود النّار ذات الوقود} حتّى بلغ {العزيز الحميد} قال: فأمّا الغلام فإنّه دفن قال: فيذكر أنّه أخرج في زمن عمر بن الخطّاب وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ). [سنن الترمذي: 5 / 294-296]
قال أحمد بن شعيبٍ النّسائيّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود}؛
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عفّان بن مسلمٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا ثابتٌ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ، أنّ رسول الله [صلّى الله عليه وسلّم] قال: «كان ملكٌ ممّن كان قبلكم، وكان له ساحرٌ، فلمّا كبر السّاحر، قال للملك: إنّي قد كبرت سنّي، وحضر أجلي، فادفع إليّ غلامًا فلأعلّمه السّحر، فدفع إليه غلامًا، وكان يعلّمه السّحر، وكان بين السّاحر وبين الملك راهبٌ، فأتى الغلام الرّاهب، فسمع كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان إذا أتى على السّاحر ضربه، وقال: ما حبسك؟، فإذا أتى أهله جلس عند الرّاهب، فإذا أتى أهله ضربوه، وقالوا: ما حبسك؟، فشكى ذلك إلى الرّاهب، فقال: إذا أراد السّاحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني السّاحر، فبينما هو كذلك إذ أتى يومًا على دابّةٍ فظيعةٍ عظيمةٍ، قد حبست النّاس فلا يستطيعون أن يجوزوا، وقال: اليوم أعلم أمر الرّاهب أحبّ إلى الله أم أمر السّاحر، وأخذ حجرًا، وقال: اللهمّ إن كان أمر الرّاهب أحبّ إليك وأرضى لك من أمر السّاحر فاقتل هذه الدّابّة، حتّى يجوز النّاس، فرماها فقتلها، ومضى النّاس، فأخبر الرّاهب بذلك، فقال: أي بنيّ، أنت أفضل منّي، وإنّك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان جليسٌ للملك فعمي، فسمع به فأتاه بهدايا كثيرةٍ، فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجمع، فقال: ما أشفي أنا أحدًا، إنّما يشفي الله عزّ وجلّ، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله عزّ وجلّ له فشفاه، ثمّ أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان، من ردّ عليك بصرك؟، قال: ربّي، قال: أنا؟، قال: لا، ولكنّ ربّي وربّك الله، قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: نعم، فلم يزل يعذّبه حتّى دلّ على الغلام، فبعث إليه، فقال: أي بنيّ، قد بلغ من سحرك أنّك تبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء، فقال: ما أشفي أنا أحدًا، ما يشفي غير الله، قال: أنا؟، قال: لا، قال: وإنّ لك ربًّا غيري؟، قال: نعم، ربّي وربّك الله، قال: فأخذه أيضًا بالعذاب، فلم يزل به حتّى دلّ على الرّاهب، فأتي الرّاهب، فقيل: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار على مفرق رأسه، حتّى وقع شقّاه إلى الأرض، فقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار على مفرق رأسه حتّى وقع شقّاه إلى الأرض، فقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى، فبعث معه نفرًا إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، وإلّا فدهدهوه من فوقه، فذهبوا به، فلمّا علوا به الجبل، قال: اللهمّ اكفنيهم بما شئت، فرجف الجبل، فتدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام حتّى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟، قال: كفانيهم الله عزّ وجلّ، فبعث معه نفرًا في قرقورةٍ، وقال: إذا لججتم معه في البحر، فإن رجع عن دينه، وإلّا فغرّقوه - قال أبو عبد الرّحمن: بعض حروف غرّقوه سقط من كتابه - فلجّجوا به في البحر، فقال الغلام: اللهمّ اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتّى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟، قال: كفانيهم الله جلّ وعزّ، ثمّ قال للملك: إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، قال: وما هو؟، قال: تجمع النّاس في صعيدٍ، ثمّ تصلبني على جذعٍ، فتأخذ سهمًا من كنانتي، ثمّ تقول: باسم ربّ الغلام، فإنّك إن فعلت ذلك قتلتني، ففعل فوضع السّهم في كبد قوسه، ثمّ رمى، وقال: باسم ربّ الغلام، فوقع السّهم في صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السّهم ومات رحمه الله، فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام، فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر، فقد والله نزل بك، قد آمن النّاس كلّهم، فأمر بأفواه السّكك فخدّت فيها الأخاديد، وأضرمت فيها النّيران، وقال: من يرجع عن دينه فدعوه، وإلّا فأقحموه فيها، وكانوا يتنازعون ويتدافعون، فجاءت امرأةٌ بابنٍ لها ترضعه، فكأنّها تقاعست أن تقع في النّيران، فقال الصّبيّ: اصبري فإنّك على الحقّ» ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 329-331]
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قتل أصحاب الأخدود}؛ يقول: لعن أصحاب الأخدود.
وكان بعضهم يقول: معنى قوله: {قتل أصحاب الأخدود}؛ خبرٌ من اللّه عن النّار أنّها قتلتهم.
وقد اختلف أهل العلم في أصحاب الأخدود من هم؟ فقال بعضهم: قومٌ كانوا أهل كتابٍ من بقايا المجوس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن ابن أبزى، قال: لمّا رجع المهاجرون من بعض غزواتهم، بلغهم نعي عمر بن الخطّاب [رضي اللّه عنه]، فقال بعضهم لبعضٍ: أيّ الأحكام تجري في المجوس، وإنّهم ليسوا بأهل كتابٍ، وليسوا من مشركي العرب؟ فقال عليّ بن أبي طالبٍ [رضي اللّه عنه]: «قد كانوا أهل كتابٍ، وقد كانت الخمر أحلّت لهم، فشربها ملكٌ من ملوكهم، حتى ثمل منها، فتناول أخته فوقع عليها، فلمّا ذهب عنه السّكر قال لها: ويحك! ما المخرج ممّا ابتليت به؟ فقالت: اخطب النّاس، فقل: يا أيّها النّاس إنّ اللّه قد أحلّ نكاح الأخوات، فقام خطيباً، فقال: يا أيّها النّاس إنّ اللّه قد أحلّ نكاح الأخوات، فقال النّاس: إنّا نبرأ إلى اللّه من هذا القول، ما أتانا به نبيٌّ، ولا وجدناه في كتاب اللّه، فرجع إليها نادماً، فقال لها: ويحك! إنّ النّاس قد أبوا عليّ أن يقرّوا بذلك، فقالت: ابسط عليهم السّياط، ففعل، فبسط عليهم السياط، فأبوا أن يقرّوا، فرجع إليها نادماً، فقال: إنّهم أبوا أن يقرّوا، فقالت: اخطبهم فإن أبوا فجرّد فيهم السيف، ففعل، فأبى عليه النّاس، فقال لها: قد أبى عليّ النّاس، فقالت: خدّ لهم الأخدود، ثمّ اعرض عليها أهل مملكتك، فمنّ أقرّ، وإلاّ فاقذفه في النّار، ففعل، ثمّ عرض عليها أهل مملكته، فمن لم يقرّ منهم قذفه في النّار، فأنزل اللّه فيهم: {قتل أصحاب الأخدود النّار ذات الوقود} إلى {أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}: حرّقوهم {ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم ولهم عذاب الحريق}. فلم يزالوا منذ ذلك يستحلّون نكاح الأخوات والبنات والأمّهات ».
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {قتل أصحاب الأخدود}، قال: حدّثنا أنّ عليّ بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنه- كان يقول: هم ناسٌ بمذارع اليمن، اقتتل مؤمنوها وكفّارها، فظهر مؤمنوها على كفّارها، ثمّ اقتتلوا الثانية، فظهر مؤمنوها على كفّارها، ثمّ أخذ بعضهم على بعضٍ عهداً ومواثيق ألاّ يغدر بعضهم ببعضٍ، فغدر بهم الكفّار فأخذوهم أخذاً؛ ثمّ إنّ رجلاً من المؤمنين قال لهم: هل لكم إلى خيرٍ؛ توقدون ناراً ثمّ تعرضوننا عليها، فمن تابعكم على دينكم فذلك الذي تشتهون، ومن لا، اقتحم النّار فاسترحتم منه. قال: فأجّجوا ناراً، وعرضوا عليها، فجعلوا يقتحمونها صناديدهم، حتى بقيت منهم عجوزٌ كأنّها تلكّأت، فقال لها طفلٌ في حجرها: يا أمّاه، امضي ولا تنافقي. قصّ اللّه عليكم نبأهم وحديثهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: يعني القاتلين الّذين قتلوهم يوم قتلوا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {قتل أصحاب الأخدود النّار ذات الوقود}. قال: هم ناسٌ من بني إسرائيل، خدّوا أخدوداً في الأرض، ثمّ أوقدوا فيها ناراً، ثمّ أقاموا على ذلك الأخدود رجالاً ونساءً، فعرضوا عليها، وزعموا أنه دانيال وأصحابه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: كان شقوقٌ في الأرض بنجران، كانوا يعذّبون فيها النّاس.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: ثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضحّاك يقول في قوله: {قتل أصحاب الأخدود} يزعمون أنّ أصحاب الأخدود من بني إسرائيل، أخذوا رجالاً ونساءً، فخدّوا لهم أخدوداً، ثمّ أوقدوا فيها النيران، فأقاموا المؤمنين عليها، فقالوا: تكفرون أو نقذفكم في النّار.
- حدّثني محمّد بن معمرٍ، قال: ثني حرميّ بن عمارة، قال: ثنا حمّاد بن سلمة، قال: ثنا ثابتٌ البنانيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن صهيبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كان فيمن كان قبلكم ملكٌ، وكان له ساحرٌ، فأتى السّاحر الملك، فقال: قد كبرت سنّي، ودنا أجلي، فادفع لي غلاماً أعلّمه السّحر ». قال: «فدفع إليه غلاماً يعلّمه السّحر، قال: فكان الغلام يختلف إلى السّاحر، وكان بين السّاحر وبين الملك راهبٌ. قال: فكان الغلام إذا مرّ بالراهب قعد إليه فسمع من كلامه، فأعجب بكلامه، فكان الغلام إذا أتى السّاحر ضربه وقال: ما حبسك؟ وإذا أتى أهله قعد عند الراهب يسمع كلامه، فإذا رجع إلى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب، فقال له الراهب: إذا قال لك السّاحر: ما حبسك؟ قل: حبسني أهلي، وإذا قال أهلك: ما حبسك؟ فقل: حبسني السّاحر. فبينما هو كذلك إذ مرّ في طريقٍ وإذا دابّةٌ عظيمةٌ في الطريق قد حبست النّاس لا تدعهم يجوزون؛ فقال الغلام: الآن أعلم أمر السّاحر أرضى عند اللّه أم أمر الراهب؟، قال: فأخذ حجراً »، قال: «فقال: اللّهمّ إن كان أمر الراهب أحبّ إليك من أمر السّاحر، فإنّي أرمي بحجري هذا فيقتله ويمرّ النّاس »، قال: «فرماها فقتلها، وجاز النّاس؛ فبلغ ذلك الراهب. قال: وأتاه الغلام فقال الراهب للغلام: إنّك خيرٌ منّي، وإن ابتليت فلا تدلّنّ عليّ. قال: وكان الغلام، يبرئ الأكمه والأبرص، وسائر الأدواء، وكان للملك جليسٌ، قال: فعمي. قال: فقيل له: إنّ هاهنا غلاماً يبرئ الأكمه والأبرص، وسائر الأدواء فلو أتيته؟ قال: فاتّخذ له هدايا. قال: ثمّ أتاه فقال: يا غلام إن أبرأتني فهذه الهدايا كلّها لك، فقال: ما أنا بشافيك، ولكنّ اللّه يشفي، فإن آمنت دعوت اللّه أن يشفيك. قال: فآمن الأعمى، فدعا اللّه فشفاه، فقعد الأعمى إلى الملك كما كان يقعد، فقال له الملك: أليس كنت أعمى؟ قال: نعم. قال: فمن شفاك؟ قال: ربّي. قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: نعم، ربّي وربّك اللّه. قال: فأخذه بالعذاب فقال: لتدلّنّني على من علّمك هذا. قال: فدلّ على الغلام، فدعا الغلام فقال: ارجع عن دينك. قال: فأبى الغلام. قال: فأخذه بالعذاب. قال: فدلّ على الرّاهب، فأخذ الرّاهب، فقال: ارجع عن دينك فأبى. قال: فوضع المنشار على هامته فشقّه حتّى بلغ الأرض، قال: وأخذ الأعمى فقال: لترجعنّ أو لأقتلنّك. قال: فأبى الأعمى، فوضع المنشار على هامته، فشقّه حتّى بلغ الأرض، ثمّ قال للغلام: لترجعنّ أو لأقتلنّك. قال: فأبى. قال: فقال: اذهبوا به حتّى تبلغوا به ذروة الجبل، فإن رجع عن دينه، وإلاّ فدهدهوه، فلمّا بلغوا به ذروة الجبل فوقعوا فماتوا كلّهم. وجاء الغلام يتلمّس حتّى دخل على الملك، فقال: أين أصحابك؟، قال: كفانيهم اللّه. قال: فاذهبوا به فاحملوه في قرقورٍ، فتوسّطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلاّ فغرّقوه. قال: فذهبوا به، فلمّا توسّطوا به البحر قال الغلام: اللّهمّ اكفنيهم، فانكفأت بهم السّفينة. وجاء الغلام يتلمّس حتّى دخل على الملك، فقال الملك: أين أصحابك؟ فقال: دعوت اللّه فكفانيهم. قال: لأقتلنّك. قال: ما أنت بقاتلي حتّى تصنع ما آمرك، قال: فقال الغلام للملك: اجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ، ثمّ اصلبني، ثمّ خذ سهماً من كنانتي فارمني وقل: باسم ربّ الغلام، فإنّك ستقتلني. قال: فجمع النّاس في صعيدٍ واحدٍ. قال: وصلبه وأخذ سهماً من كنانته، فوضعه في كبد القوس، ثمّ رمى، فقال: باسم ربّ الغلام، فوقع السهم في صدغ الغلام، فوضع يده هكذا على صدغه، ومات الغلام، فقال النّاس: آمنّا بربّ الغلام، فقالوا للملك: ما صنعت؟! الذي كنت تحذر قد وقع، قد آمن النّاس، فأمر بأفواه السّكك فأخذت، وخدّ الأخدود وضرّم فيه النيران، وأخذهم وقال: إن رجعوا وإلاّ فألقوهم في النّار. قال: فكانوا يلقونهم في النّار. قال: فجاءت امرأةٌ معها صبيٌّ لها. قال: فلمّا ذهبت تقتحم وجدت حرّ النّار، فنكصت. قال: فقال لها صبيّها: يا أمّه، امضي فإنّك على الحقّ، فاقتحمت في النّار».
وقال آخرون: بل الّذين أحرقتهم النّار هم الكفّار الّذين فتنوا المؤمنين.
ذكر من قال ذلك
- حدّثت عن عمّارٍ، عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع بن أنسٍ، قال: كان أصحاب الأخدود قوماً مؤمنين، اعتزلوا النّاس في الفترة، وإنّ جبّاراً من عبدة الأوثان أرسل إليهم، فعرض عليهم الدخول في دينه، فأبوا، فخدّ أخدوداً، وأوقد فيه ناراً، ثمّ خيّرهم بين الدخول في دينه، وبين إلقائهم في النّار، فاختاروا إلقاءهم في النّار، على الرجوع عن دينهم، فألقوا في النّار، فنجّى اللّه المؤمنين الّذين ألقوا في النّار من الحريق، بأن قبض أرواحهم قبل أن تمسّهم النّار، وخرجت النّار إلى من على شفير الأخدود من الكفّار فأحرقتهم، فذلك قول اللّه: {فلهم عذاب جهنّم}: في الآخرة، {ولهم عذاب الحريق}: في الدّنيا.
واختلف في موضع جواب القسم بقوله: {والسّماء ذات البروج} فقال بعضهم: جوابه: {إنّ بطش ربّك لشديدٌ}.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: وقع القسم هاهنا: {إنّ بطش ربّك لشديدٌ}.
وقال بعض نحويّي البصرة: موضع قسمها - واللّه أعلم – على: {قتل أصحاب الأخدود}، أضمر اللام كما قال: {والشّمس وضحاها} {قد أفلح من زكّاها} يريد: -إن شاء اللّه-: لقد أفلح من زكّاها، فألقى اللام، وإن شئت قلت: على التقديم، كأنّه قال: {قتل أصحاب الأخدود}، {والسّماء ذات البروج}.
وقال بعض نحويّي الكوفة: يقال في التفسير: إنّ جواب القسم في قوله: {قتل}. كما كان قسم {والشّمس وضحاها} في قوله: {قد أفلح} هذا في التفسير. قال: ولم نجد العرب تدع القسم بغير لامٍ يستقبل بها أو " لا " أو " إنّ " أو " ما "، فإن يكن ذلك كذلك، فكأنّه ممّا ترك فيه الجواب، ثمّ استؤنف موضع الجواب بالخبر، كما قيل: {يا أيّها الإنسان}؛ في كثيرٍ من الكلام.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: جواب القسم في ذلك متروكٌ، والخبر مستأنفٌ؛ لأنّ علامة جواب القسم لا تحذفها العرب من الكلام إذا أجابته.
وأولى التأويلين بقوله: {قتل أصحاب الأخدود}: لعن أصحاب الأخدود الّذين ألقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود.
وإنّما قلت: ذلك أولى التأويلين بالصواب للّذي ذكرنا عن الربيع من العلّة، وهو أنّ اللّه أخبر أنّ لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنّم، ولو لم يكونوا أحرقوا في الدّنيا لم يكن لقوله: {ولهم عذاب الحريق} معنًى مفهومٌ، مع إخباره أنّ لهم عذاب جهنّم، لأنّ عذاب جهنّم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابها في الآخرة. والأخدود: الحفرة تحفر في الأرض). [جامع البيان: 24/ 270-278]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: «كان أصحاب الأخدود خدوا الخدود وملؤها نارا فألقوا فيها من آمن بالله وتركوا من كفر فألقوا بضعة وثمانين مؤمنا، حتى أتوا على عجوز كبيرة، وابنها خلفها صبي صغير، فلما رأت النار كيف تأخذهم جزعت. قالت: يا بني أما ترى؟ قال لها ابنها: يا أمتاه امضي ولا تنافقي. فمضت واقتحم ابنها على أثرها ». قال الحسن: «كانت لذعة النار ثم لا نار عليهم آخر ما عليهم» ثم قال: «يا سبحان الله ما أصبر الله إنهم يعذبون أولياءه بالنار وهم يدعوهم إلى التوبة». ثم قرأ: «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات يقول أحرقوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا أي فلو تابوا لتاب الله عز وجل عليهم»). [تفسير مجاهد: 2/ 746-747]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: {الأخدود}؛ شق في الأرض بنجران كانوا يعذبون الناس فيها). [تفسير مجاهد: 2/ 747]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتمٍ، من طريق عبد اللّه بن نجيٍّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: كان نبيّ أصحاب الأخدود حبشيًّا). [الدر المنثور: 15 / 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتمٍ، من طريق الحسن، عن عليّ بن أبي طالبٍ في قوله: {أصحاب الأخدود}. قال: هم الحبشة). [الدر المنثور: 15/ 333]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ وابن المنذر، عن عكرمة: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: كانوا من النّبط). [الدر المنثور: 15/ 334]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: هم ناسٌ من بني إسرائيل خدّوا أخدوداً في الأرض، ثمّ أوقدوا فيه ناراً، ثم أقاموا على ذلك الأخدود رجالاً ونساءً فعرضوا عليها). [الدر المنثور: 15/ 334]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابيّ وعبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن مجاهدٍ قال: {الأخدود}: شقٌّ بنجران كانوا يعذّبون الناس فيه). [الدر المنثور: 15/ 334]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر، عن عبد الرّحمن بن نفيرٍ قال: كانت الأخدود زمان تبّعٍ). [الدر المنثور: 15/ 334]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، عن الضّحّاك: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: هم قومٌ خدّوا أخدودًا في الأرض، ثم أوقدوا فيه ناراً ثمّ جاؤوا بأهل الإسلام؛ فقالوا: اكفروا باللّه واتّبعوا ديننا، وإلاّ ألقيناكم في هذه النار. فاختاروا النار على الكفر؛ فألقوا فيها). [الدر المنثور: 15 / 334]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن قتادة في قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: حدّثنا أنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان يقول: هم أناسٌ بمدارع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفّارهم, فظهر مؤمنوهم على كفّارهم، ثم أخذ بعضهم على بعضٍ عهوداً ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعضٍ، فغدرهم الكفّار فأخذوهم، ثمّ إنّ رجلاً من المؤمنين قال: هل لكم إلى خيرٍ؟ توقدون ناراً ثمّ تعرضوننا عليها, فمن تابعكم على دينكم، فذلك الذي تشتهون، ومن لا اقتحم فاسترحتم منه. فأجّجوا لهم ناراً وعرضوهم عليها، فجعلوا يقتحمونها حتّى بقيت عجوزٌ فكأنّها تلكّأت، فقال طفلٌ في حجرها: امضي ولا تنافقي. فقصّ اللّه عليكم نبأهم وحديثهم؛ فقال: {النّار ذات الوقود(5) إذهم عليها قعودٌ}. قال: يعني بذلك المؤمنين، {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}. قال: يعني بذلك الكفّار). [الدر المنثور: 15 / 334-335]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ، عن الحسن قال: كان بعض الجبابرة خدّ أخدوداً في الأرض، وجعل فيها النّيران، وعرض المؤمنين على ذلك، فمن تابعه على كفره خلّى عنه، ومن أبى ألقاه في تلك النار، فجعل يلقي حتّى أتى على امرأةٍ ومعها بنيٌّ لها صغيرٌ، وكانت اتّقت النّار، فكلّمها الصّبيّ، فقال: يا أمّه قعي ولا تنافقي. فألقيت في النّار، واللّه ما كانت إلاّ نقطةً من نارٍ حتّى أفضوا إلى رحمة اللّه. قال الحسن: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «فما ذكرت أصحاب الأخدود إلاّ تعوّذت باللّه من جهد البلاء» ). [الدر المنثور: 15/ 335-336]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن عبد اللّه بن نجيٍّ قال: شهدت عليًّا وأتاه أسقف نجران فسأله عن أصحاب الأخدود، فقصّ عليه القصّة، فقال عليٌّ: أنا أعلم بهم منك؛ بعث نبيٌّ من الحبشة إلى قومه. ثمّ قرأ عليٌّ: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك}. فدعاهم فتابعه الناس، فقاتلهم فقتل أصحابه، وأخذ فأوثق، فانفلت فأنس إليه رجالٌ -يقول: اجتمع إليه رجالٌ- فقاتلهم فقتلوا, وأخذ فأوثق فخدّوا أخدوداً في الأرض، وجعلوا فيه النّيران، فجعلوا يعرضون النّاس، فمن تبع النبيّ رمي به فيها، ومن تابعهم ترك، وجاءت امرأةٌ في آخر من جاء، معها صبيٌّ لها، فجزعت؛ فقال الصبيّ: يا أمّه، اطمري ولا تماري. فوقعت). [الدر المنثور: 15/ 336-337]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ، عن سلمة بن كهيلٍ قال: ذكروا أصحاب الأخدود عند عليٍّ؛ فقال: أما إنّ فيكم مثلهم، فلا تكوننّ أعجز من قومٍ). [الدر المنثور: 15/ 337]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: «كان المجوس أهل كتابٍ، وكانوا متمسّكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلّت لهم، فتناول منها ملكٌ من ملوكهم فغلبته على عقله، فتناول أخته أو ابنته فوقع عليها، فلمّا ذهب عنه السّكر ندم، وقال لها: ويحك ما هذا الذي أتيت؟ وما المخرج منه؟ قالت: المخرج منه أن تخطب النّاس فتقول: يا أيّها النّاس، إنّ اللّه أحلّ لكم نكاح الأخوات أو البنات. فإذا ذهب ذا في النّاس وتناسوه خطبتهم فحرّمته. فقام خطيباً؛ فقال: يا أيّها النّاس، إنّ اللّه أحلّ لكم نكاح الأخوات أو البنات. فقال النّاس جماعتهم: معاذ اللّه، أن نؤمن بهذا أو نقرّ به، أوجاءنا به نبيٌّ، أو نزل علينا في كتابٍ؟! فرجع إلى صاحبته؛ فقال: ويحك، إنّ الناس قد أبوا عليّ ذلك. قالت: إن أبوا عليك ذلك فابسط فيهم السّوط. فبسط فيهم السّوط، فأبى الناس أن يقرّوا، فرجع إليها فقال: قد بسطت فيهم السّوط فأبوا أن يقرّوا. قالت: فجرّد فيهم السّيف. فجرّد فيهم السّيف، فأبوا أن يقرّوا. قالت: خدّ لهم الأخدود، ثمّ أوقد فيه النّيران فمن تابعك فخلّ عنه. فخدّ لهم أخدوداً وأوقد فيه النّيران، وعرض أهل مملكته على ذلك، فمن أبى قذفه في النار، ومن لم يأب خلّى عنه؛ فأنزل اللّه فيهم: {قتل أصحاب الأخدود} إلى قوله: {ولهم عذاب الحريق}» ). [الدر المنثور: 15 / 337-338]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، عن عوفٍ قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوّذ باللّه من جهد البلاء). [الدر المنثور: 15/ 338]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزّاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميدٍ ومسلمٌ والتّرمذيّ، والنّسائيّ والطبرانيّ عن صهيبٍ قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا صلّى العصر همس، فقيل له: إنّك يا رسول اللّه إذا صلّيت العصر همست. فقال: «إنّ نبيًّا من الأنبياء كان أعجب بأمّته؛ فقال: من يقوم لهؤلاء؟! فأوحى اللّه إليه أن خيّرهم بين أن أنتقم منهم، وبين أن أسلّط عليهم عدوّهم، فاختاروا النّقمة، فسلّط عليهم الموت فمات منهم في يومٍ سبعون ألفاً ».
قال: وكان إذا حدّث بهذا الحديث حدّث بهذا الحديث الآخر قال: «كان ملكٌ من الملوك، وكان لذلك الملك كاهنٌ يكهن له، فقال له ذلك الكاهن: انظروا إليّ غلاماً فهماً -أو قال: فطناً- لقناً فأعلّمه علمي هذا؛ فإنّي أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ، ولا يكون فيكم من يعلمه ». قال: «فنظروا له على ما وصف، فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف إليه، فجعل الغلام يختلف إليه، وكان على طريق الغلام راهبٌ في صومعةٍ، فجعل الغلام يسأل ذلك الرّاهب كلّما مرّ به، فلم يزل به حتّى أخبره؛ فقال: إنّما أعبد اللّه. فجعل الغلام يمكث عند الرّاهب ويبطئ على الكاهن؛ فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام إنّه لا يكاد يحضرني. فأخبر الغلام الرّاهب بذلك؛ فقال له الرّاهب: إذا قال لك: أين كنت؟ فقل: عند أهلي. وإذا قال لك أهلك: أين كنت؟ فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن.
فبينما الغلام على ذلك إذ مرّ بجماعةٍ من الناس كثيرةٍ قد حبستهم دابّةٌ, يقال: كانت أسداً، فأخذ الغلام حجراً فقال: اللّهمّ، إن كان ما يقول الرّاهب حقًّا فأسألك أن أقتل هذه الدّابّة، وإن كان ما يقول الكاهن حقًّا فأسألك أن لا أقتلها. ثمّ رمى فقتل الدابّة؛ فقال الناس: من قتلها؟ فقالوا: الغلام. ففزع النّاس وقالوا: قد علم هذا الغلام علماً لم يعلمه أحدٌ. فسمع أعمى فجاءه، فقال له: إن أنت رددت عليّ بصري فلك كذا وكذا. فقال الغلام: لا أريد منك هذا، ولكن أرأيت إن رجع عليك بصرك أتؤمن بالذي ردّه عليك؟ قال: نعم. فدعا اللّه فردّ عليه بصره؛ فآمن الأعمى, فبلغ الملك أمرهم, فبعث إليهم، فأتي بهم فقال: لأقتلنّ كلّ واحدٍ منكم قتلةً لا أقتل بها صاحبه. فأمر بالرّاهب والرّجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلةٍ أخرى، ثمّ أمر بالغلام فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه.
فانطلقوا به إلى ذلك الجبل، فلمّا انتهوا به إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردّون حتّى لم يبق منهم إلاّ الغلام، ثمّ رجع الغلام، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه، فانطلق به إلى البحر، فغرّق اللّه الذين كانوا معه، وأنجاه اللّه.
فقال الغلام للملك: إنّك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني وتقول إذا رميتني: بسم اللّه ربّ الغلام. فأمر به فصلب ثمّ رماه، وقال: بسم اللّه ربّ الغلام. فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي ثمّ مات.
فقال النّاس: لقد علم هذا الغلام علماً ما علمه أحدٌ؛ فإنّا نؤمن بربّ هذا الغلام. فقيل للملك: أجزعت أن خالفك ثلاثةٌ؟! فهذا العالم كلّهم قد خالفوك ». قال: «فخدّ أخدوداً ثمّ ألقى فيها الحطب والنّار، ثمّ جمع النّاس فقال: من رجع عن دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار.فجعل يلقيهم في تلك الأخدود ». فقال: ((يقول اللّه: {قتل أصحاب الأخدود النّار ذات الوقود}. حتّى بلغ: {العزيز الحميد})). فأمّا الغلام فإنّه دفن ثمّ أخرج، فيذكر أنّه أخرج في زمن عمر بن الخطّاب وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل). [الدر المنثور: 15/ 338-340]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن مردويه، عن صهيبٍ أنّ رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] قال: «كان ملكٌ ممّن كان قبلكم، وكان له ساحرٌ، فلمّا كبر السّاحر قال للملك: إنّي قد كبرت سنّي وحضر أجلي، فادفع إليّ غلاماً لأعلّمه السّحر. فدفع إليه غلاماً فكان يعلّمه السّحر, وكان بين السّاحر وبين الملك راهبٌ فأتى الغلام على الرّاهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان إذا أتى على السّاحر ضربه وقال: ما حبسك؟ فإذا أتى أهله جلس عند الرّاهب فيبطئ فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الرّاهب فقال: إذا أراد السّاحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني السّاحر.
فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يومٍ على دابّةٍ فظيعةٍ عظيمةٍ قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال الغلام: اليوم أعلم أمر الرّاهب أحبّ إلى اللّه أم أمر السّاحر. فأخذ حجراً فقال: اللّهمّ إن كان أمر الرّاهب أحبّ إليك وأرضى لك من أمر السّاحر فاقتل هذه الدّابّة حتّى يجوز النّاس.
ورماها فقتلها، ومضى الناس، فأخبر الرّاهب بذلك؛ فقال: أي بنيّ، أنت أفضل منّي وإنّك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان جليسٌ للملك فعمي فسمع به، فأتاه بهدايا كثيرةٍ، فقال له: اشفني ولك ما هاهنا أجمع. فقال: ما أشفي أنا أحداً، إنّما يشفي اللّه، فإن آمنت باللّه دعوت اللّه فشفاك، فآمن فدعا له فشفاه.
ثمّ أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان، من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربّي. قال: أنا؟! قال: لا. قال: أولك ربٌّ غيري؟ قال: نعم. فلم يزل به يعذّبه حتّى دلّ على الغلام، فبعث إليه الملك فقال: أي بنيّ قد بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء؟ قال: ما أشفي أنا أحداً ما يشفي غير اللّه. قال: أنا؟ قال: لا. قال: وإنّ لك ربًّا غيري؟ قال: نعم، ربّي وربّك اللّه. فأخذه أيضاً بالعذاب، فلم يزل به حتّى دلّ على الرّاهب. فقال له: ارجع عن دينك. فأبى فوضع المنشار في مفرقه حتّى وقع شقّاه على الأرض، وقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى، فبعث به مع نفرٍ إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلاّ فدهدهوه من فوقه. فذهبوا به، فلمّا علوا به الجبل قال: اللّهمّ اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعين.
وجاء الغلام يتلمّس حتّى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم اللّه.
فبعث به في قرقورٍ مع نفرٍ فقال: إذا لججتم به البحر، فإن رجع عن دينه وإلاّ فأغرقوه. فلجّجوا به البحر؛ فقال الغلام: اللّهمّ اكفنيهم بما شئت. فغرقوا أجمعين.
وجاء الغلام يتلمّس حتّى دخل على الملك, فقال: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم اللّه. ثمّ قال للملك: إنّك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلاّ فإنّك لن تستطيع قتلي.قال: وما هو؟ قال: تجمع النّاس في صعيدٍ، ثمّ تصلبني على جذعٍ، وتأخذ سهماً من كنانتي، ثمّ قل: بسم اللّه ربّ الغلام؛ فإنّك إذا فعلت ذلك قتلتني. ففعل ووضع السّهم في كبد القوس ثمّ رماه، وقال: بسم اللّه ربّ الغلام. فوقع السّهم في صدغه. فوضع الغلام يده على موضع السّهم ومات.
فقال الناس: آمنّا بربّ الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد -واللّه- نزل بك هذا من النّاس كلّهم.
فأمر بأفواه السّكك فخدّت فيها الأخدود، وأضرمت فيها النّيران وقال: من رجع عن دينه فدعوه وإلاّ فأقحموه فيها. فكانوا يتقارعون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأةٌ بابنٍ لها صغيرٍ فكأنّها تقاعست أن تقع في النّار؛ فقال الصّبيّ: يا أمّه اصبري؛ فإنّك على الحقّ » ). [الدر المنثور: 15 / 341-343]
تفسير قوله تعالى: {النّار ذات الوقود (5)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {النّار ذات الوقود} فقوله: النّار: ردٌّ على {الأخدود}، ولذلك خفضت، وإنمّا جاز ردّها عليه وهي غيره؛ لأنّها كانت فيه، فكأنّها -إذ كانت فيه- هو، فجرى الكلام عليه؛ لمعرفة المخاطبين به بمعناه، وكأنّه قيل: قتل أصحاب النّار ذات الوقود.
ويعني بقوله: {ذات الوقود}: ذات الحطب الجزل، وذلك إذا فتحت الواو، فأمّا الوقود بضمّ الواو، فهو الاتّقاد). [جامع البيان: 24 / 278]
تفسير قوله تعالى: {إذ هم عليها قعودٌ (6)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (يقول تعالى ذكره: {النّار ذات الوقود}، إذ هؤلاء الكفّار من أصحاب الأخدود {عليها}. يعني: على النّار، فقال: {عليها}، والمعنى: أنّهم قعودٌ على حافة الأخدود، فقيل: على النّار، والمعنى: لشفير الأخدود؛ لمعرفة السامعين معناه.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {النّار ذات الوقود * إذ هم عليها قعودٌ}: يعني بذلك المؤمنين.
وهذا التأويل الذي تأوّله قتادة على مذهب من قال: قتل أصحاب الأخدود من أهل الإيمان.
وقد دلّلنا على أنّ الصواب من تأويل ذلك غير هذا القول الذي وجّه تأويله قتادة قبل). [جامع البيان: 24 / 278]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن قتادة في قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: حدّثنا أنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان يقول: «هم أناسٌ بمدارع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفّارهم, فظهر مؤمنوهم على كفّارهم، ثم أخذ بعضهم على بعضٍ عهوداً ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعضٍ، فغدرهم الكفّار فأخذوهم، ثمّ إنّ رجلاً من المؤمنين قال: هل لكم إلى خيرٍ؟ توقدون ناراً ثمّ تعرضوننا عليها, فمن تابعكم على دينكم، فذلك الذي تشتهون، ومن لا اقتحم فاسترحتم منه. فأجّجوا لهم ناراً وعرضوهم عليها، فجعلوا يقتحمونها حتّى بقيت عجوزٌ فكأنّها تلكّأت، فقال طفلٌ في حجرها: امضي ولا تنافقي. فقصّ اللّه عليكم نبأهم وحديثهم؛ فقال: {النّار ذات الوقود(5) إذ هم عليها قعودٌ}. قال: يعني بذلك المؤمنين، {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}. قال: يعني بذلك الكفّار »). [الدر المنثور: 15 / 334-335] (م)
تفسير قوله تعالى: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ (7)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}؛ يقول تعالى ذكره: والكفّار على ما يفعلون بالمؤمنين، من عرضهم على الرجوع عن دينهم، {شهودٌ} يعني: حضورٌ.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}: يعني بذلك الكفّار). [جامع البيان: 24 / 279]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن قتادة في قوله: {قتل أصحاب الأخدود}. قال: حدّثنا أنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان يقول: هم أناسٌ بمدارع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفّارهم, فظهر مؤمنوهم على كفّارهم، ثم أخذ بعضهم على بعضٍ عهوداً ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعضٍ، فغدرهم الكفّار فأخذوهم، ثمّ إنّ رجلاً من المؤمنين قال: هل لكم إلى خيرٍ؟ توقدون ناراً ثمّ تعرضوننا عليها, فمن تابعكم على دينكم، فذلك الذي تشتهون، ومن لا اقتحم فاسترحتم منه. فأجّجوا لهم ناراً وعرضوهم عليها، فجعلوا يقتحمونها حتّى بقيت عجوزٌ فكأنّها تلكّأت، فقال طفلٌ في حجرها: امضي ولا تنافقي. فقصّ اللّه عليكم نبأهم وحديثهم؛ فقال: {النّار ذات الوقود(5) إذ هم عليها قعودٌ}. قال: يعني بذلك المؤمنين، {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ}. قال: يعني بذلك الكفّار). [الدر المنثور: 15 / 334-335] (م)
تفسير قوله تعالى: {وما نقموا منهم إلّا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد (8)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد}. يقول تعالى ذكره: وما وجد هؤلاء الكفّار الّذين فتنوا المؤمنين -على المؤمنين- والمؤمنات بالنار في شيءٍ، ولا فعلوا بهم ما فعلوا بسببٍ إلاّ من أجل أنّهم آمنوا باللّه.
وقال: {إلاّ أن يؤمنوا باللّه}؛ لأنّ المعنى إلاّ إيمانهم باللّه، فلذلك حسن في موضعه {يؤمنوا}. إذ كان الإيمان لهم صفةً.
{العزيز}. يقول: الشّديد في انتقامه ممّن انتقم منه، {الحميد}. يقول: المحمود بإحسانه إلى خلقه). [جامع البيان: 24 / 279]
تفسير قوله تعالى: {الّذي له ملك السّماوات والأرض واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ (9)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (يقول تعالى ذكره: الذي له سلطان السماوات السّبع والأرضين وما فيهنّ، {واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} يقول تعالى ذكره: واللّه على فعل هؤلاء الكفّار من أصحاب الأخدود بالمؤمنين الّذين فتنوهم -شاهدٌ، وعلى غير ذلك من أفعالهم وأفعال جميع خلقه، وهو مجازيهم جزاءهم). [جامع البيان: 24 / 279-280]
تفسير قوله تعالى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم ولهم عذاب الحريق (10)}
قال محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاريّ (ت: 256هـ) : ({فتنوا} [النحل: 110] : «عذّبوا»). [صحيح البخاري: 6 / 168]
- قال أحمد بن عليّ بن حجرٍ العسقلانيّ (ت: 852هـ) : (قوله: (فتنوا: عذّبوا) وصله الفريابيّ من طريقه، وهذا أحد معاني الفتنة ومثله: يوم هم على النّار يفتنون أي: يعذّبون). [فتح الباري: 8 / 698-699]
- قال أحمد بن عليّ بن حجرٍ العسقلانيّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد: {الأخدود} شقّ في الأرض فتنوا عذبوا
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {قتل أصحاب الأخدود} شقّ بنجران كانوا يعذبون النّاس فيه
وفي قوله: {إن الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} قال: عذبوا). [تغليق التعليق: 4 / 364]
- قال محمود بن أحمد بن موسى العينيّ (ت: 855هـ) : ( (فتنوا: عذّبوا)
أشار به إلى قوله تعالى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} وفسّره بقوله: عذّبوا، والفتنة جاءت لمعانٍ؛ منها: العذاب كما في قوله تعالى: {يوم هم على النّار يفتنون} أي: يعذّبون). [عمدة القاري: 19 / 286]
- قال أحمد بن محمد بن أبي بكرٍ القسطلاّنيّ (ت: 923هـ) : ( {فتنوا} أي: (عذّبوا) قاله مجاهدٌ فيما وصله الفريابيّ). [إرشاد الساري: 7 / 416]
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}؛ يقول: إنّ الّذين ابتلوا المؤمنين والمؤمنات باللّه بتعذيبهم، وإحراقهم بالنّار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}: حرّقوا المؤمنين والمؤمنات.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {إنّ الّذين فتنوا}؛ قال: عذّبوا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}؛ قال: حرّقوهم بالنّار.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: ثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضحّاك يقول في قوله: {فتنوا المؤمنين والمؤمنات}؛ يقول: حرّقوهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن ابن أبزى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}: حرّقوهم.
وقوله: {ثمّ لم يتوبوا}؛ يقول: ثمّ لم يتوبوا من كفرهم وفعلهم، الذي فعلوا بالمؤمنين والمؤمنات من أجل إيمانهم باللّه، {فلهم عذاب جهنّم}: في الآخرة، {ولهم عذاب الحريق}: في الدّنيا.
- كما حدّثت عن عمّارٍ، قال: ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع: {فلهم عذاب جهنّم}: في الآخرة، {ولهم عذاب الحريق}: في الدّنيا). [جامع البيان: 24 / 280-281]
قال عبد الرّحمن بن الحسن الهمذانيّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {إن الذين فتنوا المؤمنين}؛ يعني عذبوا). [تفسير مجاهد: 2/ 748]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميدٍ وابن المنذر، عن قتادة: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}. قال: حرّقوا). [الدر المنثور: 15 / 335]
قال جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ السّيوطيّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابيّ وعبد بن حميدٍ وابن جريرٍ وابن المنذر، عن مجاهدٍ: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}. قال: عذّبوا). [الدر المنثور: 15 / 335]
تفسير قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير (11)}
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ (ت: 310هـ) : (يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين أقرّوا بتوحيد اللّه، وهم هؤلاء القوم الّذين حرّقهم أصحاب الأخدود وغيرهم من سائر أهل التوحيد، {وعملوا الصّالحات}. يقول: وعملوا بطاعة اللّه، وأتمروا لأمره، وانتهوا عمّا نهاهم عنه، {لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار}. يقول: لهم في الآخرة عند اللّه بساتين تجري من تحتها الأنهار والخمر واللبن والعسل، {ذلك الفوز الكبير}. يقول: هذا الذي هو لهؤلاء المؤمنين في الآخرة، هو الظّفر الكبير بما طلبوا والتمسوا بإيمانهم باللّه في الدّنيا، وعملهم بما أمرهم اللّه به فيها ورضيه منهم). [جامع البيان: 24 / 281]