العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة القصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:00 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة القصص [ من الآية (62) إلى الآية (70) ]

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون (62) قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}.
يقول تعالى ذكره: ويوم ينادي ربّ العزّة الّذين أشركوا به الأنداد والأوثان في الدّنيا، فيقول لهم: {أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} أنّهم لي في الدّنيا شركاء؟). [جامع البيان: 18/295]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون (62)
قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون
- قرئ على أحمد بن محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا محمد بن شعيب ابن شأبور، ثنا أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في طائفةٍ من أصحابه قال: يبدّل اللّه الأرض غير الأرض والسموات بسطها وسطحها ومدّها مدّ الأديم العكاظيّ قال: ثمّ هتف بصوته فقال: ألا من كان لي شريكًا فليأت، ألا من كان لي شريكًا فليأت، فلا يأتيه أحدٌ، ثمّ نادى منادٍ أسمع الجمع كلّهم، فقال: ألا ليلحق كلّ قومٍ بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله: أين شركائي الّذين كنتم تزعمون قال: ذلك حين أفنى خلقه وبقي وحده تبارك وتعالى فقال: أين الملوك أين الجبابرة؟ أين الآلهة؟ أنا الرّبّ لا ربّ غيري، أنا الملك لا ملك غيري، أنا الخالق لا خالق غيري في أمورٍ أثناها على نفسه، وقال في ذلك: وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلًا
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن النّحويّ، عن قتادة قوله: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون قال: هؤلاء، وفي قوله: قال الّذين حقّ عليهم القول قال: هم الجنّ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2999-3000]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} قال: هؤلاء بنو آدم {قال الذين حق عليهم القول} قال: هم الجن {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم} الآية، وقيل لبني آدم {ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ولم يردوا عليهم خيرا). [الدر المنثور: 11/498]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما أغوينا قال هم الشياطين). [تفسير عبد الرزاق: 2/92]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {قال الّذين حقّ عليهم القول} يقول: قال الّذين وجب عليهم غضب اللّه ولعنته، وهم الشّياطين الّذين كانوا يغوون بني آدم: {ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا، أغويناهم كما غوينا}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله {هؤلاء الّذين أغوينا، أغويناهم كما غوينا} قال: هم الشّياطين.
وقوله: {تبرّأنا إليك} يقول: تبرّأنا من ولايتهم ونصرتهم إليك {ما كانوا إيّانا يعبدون} يقول: لم يكونوا يعبدوننا). [جامع البيان: 18/295-296]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون (63)
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن النّحويّ، عن قتادة قوله: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون قال: هؤلاء، وفي قوله: قال الّذين حقّ عليهم القول قال: هم الجنّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: الّذين حقّ عليهم القول هم الشّياطين.
قوله تعالى: ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم الآية. قال: بني آدم). [تفسير القرآن العظيم: 9/3000]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} قال: هؤلاء بنو آدم {قال الذين حق عليهم القول} قال: هم الجن {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم} الآية، وقيل لبني آدم {ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ولم يردوا عليهم خيرا). [الدر المنثور: 11/498] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون}.
يقول تعالى ذكره: وقيل للمشركين باللّه الآلهة والأنداد في الدّنيا {ادعوا شركاءكم} الّذين كنتم تدعون من دون اللّه {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} يقول فلم يجيبوهم. {ورأوا العذاب} يقول: وعاينوا العذاب. {لو أنّهم كانوا يهتدون} يقول: فودّوا حين رأوا العذاب لو أنّهم كانوا في الدّنيا مهتدين للحقّ). [جامع البيان: 18/296]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: فدعوهم فلم يستجيبوا لهم بخيرٍ ولم يردّوا عليهم خيرًا.
قوله تعالى: ورأوا العذاب الآية
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يهتدون يقول: يعرفون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3000]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} قال: هؤلاء بنو آدم {قال الذين حق عليهم القول} قال: هم الجن {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم} الآية، وقيل لبني آدم {ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ولم يردوا عليهم خيرا). [الدر المنثور: 11/498] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين (65) فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ فهم لا يتساءلون}.
يقول تعالى ذكره: ويوم ينادي اللّه هؤلاء المشركين، فيقول لهم {ماذا أجبتم المرسلين} فيما أرسلناهم به إليكم، من دعائكم إلى توحيدنا، والبراءة من الأوثان والأصنام). [جامع البيان: 18/296]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: يوم قال: يوم القيامة. وروي، عن قتادة مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/3000]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون * فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين.
أخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد والنسائي والطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد إلا سيخلو الله به كما يخلوا أحدكم بالقمر ليلة البدر فيقول: يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ماذا عملت فيما عملت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين). [الدر المنثور: 11/498]

تفسير قوله تعالى: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: " فعميت عليهم {الأنباء} [القصص: 66] : الحجج "). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ فعميت عليهم الأنباء الحجج وصله الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عنه). [فتح الباري: 8/505]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {الأنباء} الحجج
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 66 القصص {فعميت عليهم الأنباء} قال الحجج). [تغليق التعليق: 4/277]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ الأنباء الحجج
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {فعميت عليهم الأنباء} (القصص: 66) أن الأنباء هي الحجج، وكذا ذكره الطّبريّ من طريق ابن أبي نجيح عنه). [عمدة القاري: 19/104]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الطبري في قوله تعالى: ({الأنباء}) ولأبوي ذر والوقت: {فعميت عليهم الأنباء} [القصص: 66] أي (الحجج) فلا يكون لهم عذر ولا حجة وقيل خفيت واشتبهت عليهم الأخبار والأعذار). [إرشاد الساري: 7/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ} يقول: فخفيت عليهم الأخبار، من قولهم: قد عمي عنّي خبر القوم: إذا خفي. وإنّما عني بذلك أنّهم عميت عليهم الحجّة، فلم يدروا ما يحتجّون، لأنّ اللّه تعالى قد كان أبلغ إليهم في المعذرة، وتابع عليهم الحجّة، فلم تكن لهم حجّةٌ يحتجّون بها، ولا خبرٌ يخبرون به، ممّا تكون لهم به نجاةٌ ومخلصٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فعميت عليهم الأنباء} قال: الحجج، يعني الحجّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فعميت عليهم الأنباء} قال: الحجج.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} قال: بلا إله إلاّ اللّه، التّوحيد.
وقوله: {فهم لا يتساءلون} قيل: فهم لا يتساءلون بالأنساب والقرابة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فهم لا يتساءلون} قال: لا يتساءلون بالأنساب، ولا يتماتّون بالقرابات، إنّهم كانوا في الدّنيا إذا التقوا تساءلوا وتماتّوا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فهم لا يتساءلون} قال: بالأنساب.
وقيل معنى ذلك: فعميت عليهم الحجج يومئذٍ، فسكتوا، فهم لا يتساءلون في حال سكوتهم). [جامع البيان: 18/297-298]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ
- وبه، عن مجاهدٍ قوله: فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ الحجج، وفي قوله: فهم لا يتساءلون قال: بالأنساب). [تفسير القرآن العظيم: 9/3000]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فعميت عليهم الأنباء يومئذ يعني الحجج فهم لا يتساءلون بالأنساب). [تفسير مجاهد: 488-489]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فعميت عليهم الأنباء} قال: الحجج {يومئذ فهم لا يتساءلون} قال: بالأنساب). [الدر المنثور: 11/499]

تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحًا فعسى أن يكون من المفلحين}.
يقول تعالى ذكره: {فأمّا من تاب} من المشركين، فأناب وراجع الحقّ، وأخلص للّه الألوهة، وأفرد له العبادة، فلم يشرك في عبادته شيئًا، {وآمن} يقول: وصدّق بنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. {وعمل صالحًا} يقول: وعمل بما أمره اللّه بعمله في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم {فعسى أن يكون من المفلحين} يقول: فهو من المنجحين المدركين طلبتهم عند اللّه، الخالدين في جنانه. و(عسى) من اللّه واجبٌ). [جامع البيان: 18/298]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحًا فعسى أن يكون من المفلحين (67)
قوله تعالى: فأمّا من تاب
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: من تاب أي من ذنبه.
قوله تعالى: وآمن
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وآمن يعني: وحّد اللّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وآمن يعني: وصدّق بتوحيد اللّه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وآمن أي بربّه وعمل صالحًا فيما بينه وبين اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: فعسى أن يكون من المفلحين
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: فعسى عسى من اللّه واجبٌ.
قوله تعالى: أن يكون من المفلحين
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ نزيل بغداد فيما كتب إليّ، ثنا الحسين ابن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: المفلحين قال: قومٌ استحقّوا الهدى والفلاح، فأحقّه اللّه لهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ المفلحين أي الّذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شرّ ما منه هربوا). [تفسير القرآن العظيم: 9/3001]

تفسير قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون}.
يقول تعالى ذكره: {وربّك} يا محمّد {يخلق ما يشاء} أن يخلقه، {ويختار} لولايته الخيرة من خلقه، ومن سبقت له منه السّعادة.
وإنّما قال جلّ ثناؤه {ويختار ما كان لهم الخيرة} والمعنى: ما وصفت، لأنّ المشركين كانوا فيما ذكر عنهم يختارون أموالهم، فيجعلونها لآلهتهم، فقال اللّه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وربّك يا محمّد يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار للهداية والإيمان والعمل الصّالح من خلقه ما هو في سابق علمه أنّه خيرتهم، نظير ما كان من هؤلاء المشركين لآلهتهم خيار أموالهم، فكذلك اختياري لنفسي. واجتبائي لولايتي، واصطفائي لخدمتي وطاعتي، خيار مملكتي وخلقي.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة} قال: كانوا يجعلون خير أموالهم لآلهتهم في الجاهليّة.
فإذا كان معنى ذلك كذلك، فلا شكّ أنّ ما من قوله: {ويختار ما كان لهم الخيرة} في موضع نصبٍ، بوقوع يختار عليها، وأنّها بمعنى (الّذي).
فإن قال قائلٌ: فإن كان الأمر كما وصفت، من أنّ {ما} اسمٌ منصوبٌ بوقوع قوله {يختار} عليها، فأين خبر {كان}؟ فقد علمت أنّ ذلك إذا كان كما قلت؛ أنّ في {كان} ذكرًا من {ما}، لا بدّ لكان إذا كان كذلك من تمامٍ، وأين التّمام؟
قيل: إنّ العرب تجعل لحروف الصّفات إذا جاءت الأخبار بعدها أحيانًا، أخبارًا، كفعلها بالأسماء إذا جاءت بعدها أخبارها. ذكر الفرّاء أنّ القاسم بن معنٍ أنشده قول عنترة:
أمن سميّة دمع العين تذريف = لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
فرفع معروفًا بحرف الصّفة، وهو لا شكّ خبرٌ لذا، وذكر أنّ المفضّل أنشده ذلك:
لو أنّ ذا منك قبل اليوم معروف
ومنه أيضًا قول عمر بن أبي ربيعة:
قلت أجيبي عاشقًا = بحبّكم مكلّف
فيها ثلاثٌ كالدّمى = وكاعبٌ ومسلف
فـ(مكلّفٌ) من نعت (عاشقٍ)، وقد رفعه بحرف الصّفة، وهو الباء، في أشباهٍ لما ذكرنا بكثيرٍ من الشّواهد، فكذلك قوله: {ويختار ما كان لهم الخيرة} رفعت {الخيرة} بالصّفة، وهي {لهم}، إن كانت خبرًا لما، لمّا جاءت بعد الصّفة، ووقعت الصّفّة موقع الخبر، فصار كقول القائل: كان عمر وأبوه قائمٌ، لا شكّ أنّ (قائمًا) لو كان مكان الأب، وكان الأب هو المتأخّر بعده، كان منصوبًا، فكذلك وجه رفع {الخيرة}، وهو خبرٌ {لما}.
فإن قال قائلٌ: فهل يجوز أن تكون {ما} في هذا الموضع جحدًا، ويكون معنى الكلام: وربّك يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار ما يشاء أن يختاره، فيكون قوله {ويختار} نهاية الخبر عن الخلق والاختيار، ثمّ يكون الكلام بعد ذلك مبتدأٌ بمعنى: لم تكن لهم الخيرة: أي لم يكن للخلق الخيرة، وإنّما الخيرة للّه وحده؟
قيل: هذا قولٌ لا يخيل فساده على ذي حجًا من وجوهٍ، لو لم يكن بخلافه لأهل التّأويل قولٌ، فكيف والتّأويل عمّن ذكرنا بخلافه؛
فأمّا أحد وجوه فساده، فهو أنّ قوله: {ما كان لهم الخيرة} لو كان كما ظنّه من ظنّه، من أنّ ما بمعنى الجحد، على نحو التّأويل الّذي ذكرت، كان إنّما جحد تعالى ذكره، أن تكون لهم الخيرة فيما مضى قبل نزول هذه الآية، فأمّا فيما يستقبلونه فلهم الخيرة، لأنّ قول القائل: ما كان لك هذا، لا شكّ إنّما هو خبرٌ عن أنّه لم يكن له ذلك فيما مضى. وقد يجوز أن يكون له فيما يستقبل، وذلك من الكلام لا شكّ خلفٌ.
لأنّ ما لم يكن للخلق من ذلك قديمًا، فليس ذلك لهم أبدًا. وبعد، لو أريد ذلك المعنى، لكان الكلام: فليس. وقيل: وربّك يخلق ما يشاء ويختار، ليس لهم الخيرة، ليكون نفيًا عن أن يكون ذلك لهم فيما قبل وفيما بعد.
والثّاني: أنّ كتاب اللّه أبين البيان، وأصحّ الكلام، ومحالٌ أن يوجد فيه شيءٌ غير مفهوم المعنى، وغير جائزٍ في الكلام أن يقال ابتداءٌ: ما كان لفلانٍ الخيرة، ولمّا يتقدّم قبل ذلك كلامٌ يقتضي ذلك؛ فكذلك قوله: {ويختار ما كان لهم الخيرة} ولم يتقدّم قبله من اللّه تعالى ذكره خبرٌ عن أحدٍ أنّه ادّعى أنّه كان له الخيرة، فيقال له: ما كان لك الخيرة، وإنّما جرى قبله الخبر عمّن هو صائرٌ إليه أمر من تاب من شركه، وآمن وعمل صالحًا، وأتبع ذلك جلّ ثناؤه الخبر عن سبب إيمان من آمن وعمل صالحًا منهم، وأنّ ذلك إنّما هو لاختياره إيّاه للإيمان، وللسّابق من علمه فيه اهتدى. ويزيد ما قلنا من ذلك إبانةً قوله: {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون} فأخبر أنّه يعلم من عباده السّرائر والظّواهر، ويصطفي لنفسه ويختار لطاعته من قد علم منه السّريرة الصّالحة، والعلانية الرّضيّة.
والثّالث: أنّ معنى الخيرة في هذا الموضع: إنّما هو الخيرة، وهو الشّيء الّذي يختار من البهائم والأنعام والرّجال والنّساء، يقال منه: أعطي الخيرة والخيرة، مثل الطّيرة والطّيرة، وليس بالاختيار، وإذا كانت الخيرة ما وصفنا، فمعلومٌ أنّ من أجود الكلام أن يقال: وربّك يخلق ما يشاء، ويختار ما يشاء، لم يكن لهم خير بهيمةٍ أو خير طعامٍ، أو خير رجلٍ أو امرأةٍ.
فإن قال: فهل يجوز أن تكون بمعنى المصدر؟ قيل: لا، وذلك أنّها إذا كانت مصدرًا كان معنى الكلام: وربّك يخلق ما يشاء ويختار كون الخيرة لهم. وإذا كان ذلك معناه وجب أن لا تكون الشّرار لهم من البهائم والأنعام؛ إذا لم يكن لهم شرار ذلك وجب أن لا يكون لها مالكٌ، وذلك ما لا يخفى خطؤه، لأنّ لخيارها ولشرارها أربابًا يملكونها بتمليك اللّه إيّاهم ذلك، وفي كون ذلك كذلك فساد توجيه ذلك إلى معنى المصدر.
وقوله سبحانه وتعالى: {عمّا يشركون} يقول تعالى ذكره تنزيهًا للّه وتبرئةً له، وعلوًّا عمّا أضاف إليه المشركون من الشّرك، وما تخرّصوه من الكذب والباطل عليه. وتأويل الكلام: سبحان اللّه وتعالى عن شركهم.
وقد كان بعض أهل العربيّة يوجّهه إلى أنّه بمعنى: وتعالى عن الّذي يشركون به). [جامع البيان: 18/299-303]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي، عن أبيه، عن جدّه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قوله: وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة قال: كانوا يجعلون خير أموالهم لآلهتهم في الجاهليّة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمود بن عثمان، ثنا بقيّة، عن أرطاة، قال: ذكرت لأبي عونٍ الحمصيّ، شيئًا من قول أهل القدر فقال: أما يقرءون كتاب اللّه تبارك وتعالى: وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه وتعالى عما يشركون.
قوله تعالى: سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون
قد تقدّم تفسيره والقول فيه). [تفسير القرآن العظيم: 9/3001-3002]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أرطاة قال: ذكرت لأبي عون الحمصي شيئا من قول القدر فقال: ما تقرأون كتاب الله تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} ). [الدر المنثور: 11/499]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن مردويه والبيهقي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامر كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: اذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم اني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وانت علام الغيوب، اللهم ان كنت تعلم ان هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، وان كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان وأرضني به، ويسمى حاجته باسمها). [الدر المنثور: 11/499-500]

تفسير قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({تكنّ} [القصص: 69] : " تخفي، أكننت الشّيء أخفيته، وكننته: أخفيته وأظهرته "). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تكنّ تخفي أكننت الشّيء أخفيته وكننته أخفيته وأظهرته كذا للأكثر ولبعضهم أكننته أخفيته وكننته خفيته وقال بن فارسٍ أخفيته سترته وخفيته أظهرته وقال أبو عبيدة في قوله وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم أي تخفي يقال أكننت ذلك في صدري بألفٍ وكننت الشّيء خفيته وهو بغير ألفٍ وقال في موضعٍ آخر أكننت وكننت واحدٌ وقال أبو عبيدة أكننته إذا أخفيته وأظهرته وهو من الأضداد). [فتح الباري: 8/509]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({تكنّ} تخفي أكننت الشّيء أخفيته وكننته أخفيته وأظهرته.
أشار به إلى قوله تعالى: {وربك يعلم ما تكن صدورهم ما يعلنون} (القصص: 69) وفسّر: (تكن) ، بقوله: (تخفي) وتكن، بضم التّاء من أكننت الشّيء إذا أخفيته. قوله: (وكننته) من الثلاثي ومعناه: خفيته بدون الهمزة في أوله أي: أظهرته، وهو من الأضداد، ووقع في الأصول: أخفيته في الموضعين بالهمزة في أوله ولأبي ذر بحذف الألف في الثّاني وكذا قال ابن فارس أخفيته سترته وخفيته أظهرته). [عمدة القاري: 19/107]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({تكنّ}) في قوله: {وربك يعلم ما تكنّ صدورهم} [القصص: 69] أي (ما تخفي) صدورهم يقال (أكننت الشيء) بالهمزة وضم التاء وفي بعضها بفتحها أي (أخفيته وكننته) بتركها من الثلاثي وضم التاء وفتحها أي (أخفيته وأظهرته) بالهمز فيهما، وفي نسخة معتمدة خفيته بدون همز أظهرته بدون واو قال ابن فارس: أخفيته سترته وخفيته أظهرته. وقال أبو عبيدة: أكننته إذا أخفيته وأظهرته وهو من الأضداد). [إرشاد الساري: 7/284]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون (69) وهو اللّه لا إله إلاّ هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون}.
يقول تعالى ذكره: وربّك يا محمّد يعلم ما تخفي صدور خلقه؛ وهو من: أكننت الشّيء في صدري: إذا أضمرته فيه، وكننت الشّيء: إذا صنته، {وما يعلنون}: يقول: وما يبدونه بألسنتهم وجوارحهم.
وإنّما يعني بذلك أنّ اختيار من يختار منهم للإيمان به على علمٍ منه بسرائر أمورهم وبواديها، وإنّه يختار للخير أهله، فيوفّقهم له، ويولّي الشّرّ أهله، ويخلّيهم وإيّاه). [جامع البيان: 18/303]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون (69)
قوله تعالى: وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قوله: يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون يقول: يعلم ما عملوا باللّيل والنّهار.
- حدّثنا عبد اللّه بن هلالٍ الرّوميّ الدّمشقيّ، عن أحمد بن أبي الحواريّ أنبأ سليمان الدّاريّ يقول: يعلم ما في القلوب، ولا يكون في القلوب إلا ما ألقى فيها). [تفسير القرآن العظيم: 9/3002]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وهو اللّه لا إله إلاّ هو} يقول تعالى ذكره: وربّك يا محمّد المعبود الّذي لا تصلح العبادة إلاّ له، ولا معبود تجوز عبادته غيره. يعني في الدّنيا والآخرة {وله الحكم} يقول: وله القضاء بين خلقه {وإليه ترجعون} يقول: وإليه تردّون من بعد مماتكم، فيقضي بينكم بالحقّ). [جامع البيان: 18/304]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وهو اللّه لا إله إلا هو
تقدّم تفسيره
قوله تعالى: له الحمد في الأولى والآخرة
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيبٌ، ثنا سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن السّلوليّ، عن كعبٍ قال: الحمد للّه، ثناء اللّه.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الرّحمن العرزميّ، ثنا بزيعٌ أبو حازمٍ، عن يحيى بن عبد الرّحمن يعني أبا بسطامٍ، عن الضّحّاك، قال: الحمد رداء الرّحمن.
قوله تعالى: وله الحكم
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ يقول: قال عزيرٌ: يتجلّى اللّه تبارك وتعالى العليّ على كرسيّ الكبرياء والنّور، ويحكم بين العباد حكمًا ليس فيه ظلمٌ، وليس بعده تظالمٌ، فينصف العبد من السّيّد والذّليل من الشّريف ويقول لخلقه حين يجمعهم: انظروا بمن كفرتم وحقّ من جحدتم وقول من كذّبتم وانظروا ما أعددت لكم هذا ملكٌ ونعيمٌ ونضرةٌ وسرورٌ، وهذا الزّقّوم الحميم والويل الطّويل والنّاس قيامٌ لربّ العالمين.
قوله تعالى: وإليه ترجعون
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية وإليه ترجعون قال: ترجعون إليه بعد الحياة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3002-3003]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:20 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يناديهم} [القصص: 62] في الآخرة، يعني: المشركين.
{فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} [القصص: 62] في الدّنيا أنّهم شركائي، فأشركتموهم في عبادتي). [تفسير القرآن العظيم: 2/604]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويوم يناديهم}: مجازه: يوم يقول لهم).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون}
أي : يوم ينادي الإنس, وسماهم {شركائي} على حكاية قولهم.
المعنى : أين شركائي في قولكم، واللّه واحد لا شريك له.). [معاني القرآن: 4/151]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي}
أي : ويوم ينادي الله الإنس : أين شركائي ؟! أي : على قولكم.). [معاني القرآن: 5/192]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال الّذين حقّ عليهم القول} [القصص: 63] الغضب، يعني: الشّياطين الّذين دعوهم إلى عبادة الأوثان.
{ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا} [القصص: 63] أضللنا.
{أغويناهم} [القصص: 63] أضللناهم.
{كما غوينا} [القصص: 63] كما ضللنا.
{تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون} [القصص: 63]، يعني: يطيعون في الشّرك، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: أي: ما كانوا إيّانا يعبدون بسلطانٍ كان لنا عليهم استكرهناهم به، وإنّما دعوهم بالوسوسة كقول إبليس: {وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} [إبراهيم: 22] وكقولهم: {وما كان لنا عليكم من سلطانٍ} [الصافات: 30]، وكقول اللّه: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} [سبأ: 21] إلى آخر الآية، وكقوله: {ما أنتم عليه
[تفسير القرآن العظيم: 2/604]
بفاتنين} [الصافات: 162] بمضلّين {إلا من هو صال الجحيم} [الصافات: 163] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {الّذين حقّ عليهم القول}: مجازه: وجب عليهم العقاب.

{إيّانا يعبدون}: مجازه: مجاز إياك نعبد ؛ لأنه بدأ بالكناية قبل الفعل.). [مجاز القرآن: 2/109]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}
وقال: {أغويناهم كما غوينا} , لأنه من "غوى" "يغوي" , مثل : "رمى" "يرمي"). [معاني القرآن: 3/24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}: الجنّ، والشياطين.
{هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا}:يعنون الإنس، أي: سولنا لهم الغيّ والضلال.
{أغويناهم كما غوينا}: أي: أضللناهم كما ضللنا.
وقوله عزّ وجلّ: {تبرّأنا إليك}: برئ بعضهم من بعض، وصاروا أعداء، كما قال الله عزّ وجلّ: {الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين}). [معاني القرآن: 4/151]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا}
قال قتادة :{حق عليهم القول}, يعني : الشياطين .
وقال غيره : {حق عليهم القول}, أي : وجبت عليهم الحجة , فعذبوا .
{ربنا هؤلاء الذين أغوينا}: أي : دعوناهم إلى الغي .
{أغويناهم كما غوينا} : أي: أضللناهم كما ضللنا .
{تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون }: فبرئ بعضهم من بعض , وعاداه , كما قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}). [معاني القرآن: 5/193]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {حَقَّ}: وجب). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقيل ادعوا شركاءكم} [القصص: 64]، يعني: الأوثان.
{فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب} [القصص: 64]، أي: ودخلوا العذاب.
{لو أنّهم كانوا يهتدون} [القصص: 64]، أي: لو أنّهم كانوا مهتدين في الدّنيا ما دخلوا العذاب.
وبعضهم يقول: لو كانوا مهتدين في الدّنيا كما أبصروا الهدى في الآخرة ما دخلوا العذاب، وإيمانهم في الآخرة لا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون}

{فدعوهم فلم يستجيبوا لهم}:أي : لم يجيبوهم بحجة.
{ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون}: جواب " لو " محذوف - واللّه أعلم - , المعنى : لو كانوا يهتدون لما اتبعوهم , ولا رأوا العذاب.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون}
أي: دعوهم , فلم يجيبوهم بحجة .
{ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون }: جواب لو محذوف , أي : لو أنهم كانوا يهتدون ما دعوهم ). [معاني القرآن: 5/193]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يناديهم} [القصص: 65]، يعني: المشركين.
{فيقول ماذا أجبتم المرسلين} [القصص: 65] يستفهمهم يحتجّ عليهم وهو أعلم بذلك، ولا يسأل العباد عن أعمالهم إلا اللّه وحده). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير كقوله سبحانه: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}، و{مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ}).

[تأويل مشكل القرآن: 279] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فعميت عليهم الأنباء} [القصص: 66] تفسير مجاهدٍ: الحجج.
{يومئذٍ فهم لا يتساءلون} [القصص: 66] أن يحمل بعضهم عن بعضٍ من ذنوبهم شيئًا في تفسير الحسن.
وقال مجاهدٌ: لا يتساءلون بالأنساب.
وفي تفسير الحسن أيضًا أنّه لا يسأل القريب أن يحمل من ذنوبه شيئًا.
كقوله: {وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها لا يحمل منه شيءٌ ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فهم لا يتساءلون...}

يقول القائل: قال الله {وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون}, كيف قال هنا: {فهم لا يتساءلون}, فإن التفسير يقول: عميت عليهم الحجج يومئذ , فسكتوا,
فذلك قوله: {فهم لا يتساءلون} : في تلك السّاعة، وهم لا يتكلّمون). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فعميت عليهم الأنباء }: مجازه: فخفيت عليهم الأخبار، يقال: عمي على خير القوم.). [مجاز القرآن: 2/109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فعميت عليهم الأنباء} : أي ": عموا عنها - من شدة الهول يومئذ - ", فلم يجيبوا, و«الأنباء»: الحجج هاهنا).
[تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: {الأنباء}: الحجج , {فهم لا يتساءلون}, قال: بالأنساب ). [معاني القرآن: 5/193-194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{الْأَنبَاء}: الحجج , وفي غير هذا الموضع: الأخبار ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأمّا من تاب} [القصص: 67] من شركه.
{وآمن} [القصص: 67] وأخلص الإيمان للّه.
{وعمل صالحًا} [القصص: 67] في إيمانه.
{فعسى أن يكون من المفلحين} [القصص: 67] وعسى من اللّه واجبةٌ، والمفلحون الشّهداء وهم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فعسى أن يكون من المفلحين...}

وكلّ شيء في القرآن من {عسى}, فذكر لنا أنها واجبة). [معاني القرآن: 2/309]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار} [القصص: 68] من خلقه للنّبوّة.
{ما كان لهم الخيرة} [القصص: 68] أن يختاروا هم الأنبياء فيبعثونهم، بل اللّه الّذي اختار وهو أعلم حيث يجعل رسالاته.
{سبحان اللّه} [القصص: 68] ينزّه نفسه.
{وتعالى} [القصص: 68] ارتفع.
{عمّا يشركون} [القصص: 68] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما كان لهم الخيرة...}

يقال : الخيرة , والخيرة , والطّيرة , والطّيرة, والعرب تقول: أعطني الخيرة منهن , والخيرة , وكلّ ذلك الشيء المختار من رجل , أو امرأة , أو بهيمة، يصلح إحدى هؤلاء الثلاث فيه ). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتعالى عمّا يشركون }: مجازه: من الذين يشركون به ). [مجاز القرآن: 2/109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وربّك يخلق ما يشاء ويختار}: أي : يختار للرسالة,{ما كان لهم الخيرة}: أي : لا يرسل اللّه الرسل على اختيارهم ).
[تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون}
أجود الوقوف على {ويختار}, وتكون " ما " نفياً.
المعنى : ربك يخلق ما يشاء، وربك يختار , ليس لهم الخيرة.
{وما كانت لهم الخيرة}:أي: ليس لهم أن يختاروا على اللّه، هذا وجه.
ويجوز أن يكون (ما) في معنى الذي , فيكون المعنى : ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة.
ويكون معنى الاختيار ههنا : ما يتعبدهم به، أي: ويختار لهم فيما يدعوهم إليه من عبادته ما لهم فيه الخيرة، والقول الأول أجود , أي: أن تكون (ما) نفياً.
وقوله: {سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون}: معنى : سبحان الله : تنزيه له من السوء, كذا هو في اللغة , وكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 4/151-152]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} : هذا التمام , أي: ويختار الرسل .
{ما كان لهم الخيرة}: أي: ليس برسل من اختاروه هم.). [معاني القرآن: 5/194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}: أي : لا يختص أحدٌ برحمته , ولا برسالته على اختيار، ولكن الله يختار.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم} [القصص: 69] ما تخفي صدورهم، ما يسرّون.
{وما يعلنون} [القصص: 69] العلانية). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({ تكنّ صدورهم }: أي تخفى، ويقال: أكننت ذلك في صدري، وكننت الشيء بغير ألف: صنته).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تكن صدورهم}: تخفي). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {تُكِنُّ}: تخفي). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة} [القصص: 70] في الدّنيا والآخرة.
{وله الحكم} [القصص: 70] القضاء.
{وإليه ترجعون} [القصص: 70] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م, 09:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عثمان رحمه الله عند مقتله حين قال: فتغاووا - والله - عليه حتى قتلوه.
قال: حدثناه ابن علية عن ابن عون عن الحسن قال: أنبأني وثاب، ثم ذكر حديثا طويلا في مقتله.
قوله: فتغاووا عليه، والتغاوي: هو التجمع والتعاون على الشر.
وأصله من الغواية أو الغي يبين ذلك شعر لأخت المنذر بن عمرو الأنصاري قالته في أخيها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث المنذر بن عمرو الأنصاري إلى بني عامر بن صعصعة فاستنجد عامر بن الطفيل عليه وعلى أصحابه قبائل من سليم من عصية ورعل وذكوان، فقتلوا المنذر وأصحابه، فهم الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أياما، فقالت أخته ترثيه:
تغاوت عيه ذئاب الحجاز = بنو بهثة وبنو جعفر
بهثة: من بني سليم وجعفر من بني عامر بن صعصعة.
ويقال من ذلك: غويت أغوي غيا، وبعض الناس يقولون: غويت أغوى لغة وليست بمعروفة، قال الله عز وجل: {أغويناهم كما غوينا} ). [غريب الحديث: 4/320-321]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) }

تفسير قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقوله: {وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} على ضربين في قول الفراء، يكون مصدرًا، ويكون عائد الألف واللام). [مجالس ثعلب: 395]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
قد كنت أوتيكم نصحي وأمنحكم = ودي على مثبت في الصدر مكنون
يقال كننت الشيء أكنه كنًا فهو مكنون إذا سترته وهو من قول الله تعالى: {كأنهم لؤلؤ مكنون} و{كأنهن بيض مكنون} وأكننت الشيء إكنانًا إذا كان في قلبك، قال الله تعالى: {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون}، وحكى الفراء كننت وأكننت بمعنى واحد وبيت ذي الإصبع يشهد لكننت فأما أكننت فالقرآن يشهد له). [شرح المفضليات: 324]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 04:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون}
التقدير: واذكر يوم، وهذا النداء يحتمل أن يكون بواسطة، ويحتمل لأن يكون بغير ذلك، والضمير بـ "ينادي" لعباد الأصنام، والإشارة إلى قريش، وقوله: "أين" على جهة التوبيخ والتقريع، وقوله: "شركائي" أي: على قولكم وزعمكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولما كان هذا السؤال مسكتا لهم مهينا فكأنه لا يتعلق بجمهور الكفرة، إلا بالمغوين لهم، وبالأعيان والرؤوس منهم، وبالشياطين المغوين، فكأن هذه الفئة المغوية إنما أتت الكفرة على علم بأن القول عليها متحقق، وبأن كلمة العذاب ماضية، لكنهم طمعوا في التبري من أولئك الكفرة الأتباع فقالوا: ربنا هؤلاء أضللناهم كما ضللنا نحن باجتهاد لنا ولهم، وأرادوا هم اتباعنا، وأحبوا الكفر كما أحببناه، فنحن نتبرأ إليك منهم، وهم لم يعبدونا إنما عبدوا غيرنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذا التوقيف يعم جميع الكفرة، والمجيبون هم جميع المغوين، كل داع إلى كفر، من الشياطين الجن، ومن الإنس العرفاء والرؤساء والسادة
وقرأ الجمهور: "غوينا" بفتح الواو، ويقال: غوى الرجل يغوي بكسر الواو، وروي عن ابن عامر، وعاصم "غوينا" بكسر الواو). [المحرر الوجيز: 6/ 603]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى أنه يقال للكفرة العابدين للأصنام الذين اعتقدوهم آلهة: ادعوا شركاءكم أي الأصنام التي كنتم تزعمون أنهم شركاء لله، وأضاف الشركاء إليهم لما كان ذلك الاسم بزعمهم ودعواهم، فهذا القول أصل من الاختصاص، أضاف الشركاء إليهم ثم أخبر أنهم دعوهم، فلم يكن في الجمادات ما يجيب، ورأى الكفار العذاب. وقوله تعالى: {لو أنهم كانوا يهتدون}، ذهب الزجاج وغيره من المفسرين إلى أن جواب "لو" محذوف تقديره: لما نالهم العذاب، أو: لما كانوا في الدنيا عابدين للأصنام، ففي الكلام -على هذا التأويل- تأسف عليهم، وذلك محتمل مع تقديرنا الجواب: "لما كانوا عابدين للأصنام"، وفي تقديرنا الجواب: "لما نالهم العذاب" نعمة منا. وقالت فرقة: "لو" متعلقة بما قبلها، تقديره: فودوا لو أنهم كانوا يهتدون). [المحرر الوجيز: 6/ 603-604]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون}
هذا النداء أيضا كالأول في احتماله الواسطة من الملائكة، وهذا النداء أيضا للكفار يوقفهم على ما أجابوا به المرسلين الذين دعوهم إلى الله تعالى). [المحرر الوجيز: 6/ 604]

تفسير قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ({فعميت عليهم الأنباء} أي: أظلمت الأمور، فلم يجدوا خبرا يخبرون به مما لهم فيه نجاة، وساق الفعل في صيغة المضي لتحقق وقوعه وأنه تعين، والماضي من الأفعال متيقن، فلذلك توضع صيغته بدل المستقبل المتيقن فيقوى وقوعه وصحته، ومعناه: أظلمت جهاتها، وقرأ الأعمش: "فعميت" بضم العين وشد الميم، وروي في بعض الحديث: كان الله في عماء وذلك قبل أن يخلق الأنوار وسائر المخلوقات. و"الأنباء" جمع نبأ. وقوله تعالى: {فهم لا يتساءلون} معناه فيما قال مجاهد وغيره: بالأرحام والأنساب الذي عرفه في الدنيا أن يتساءل به; لأنهم قد أيقنوا أن كلهم لا حيلة لهم ولا مكانة، ويحتمل أن يريد أنهم لا يتساءلون عن الأنباء لتيقن جميعهم أنه لا حجة لهم). [المحرر الوجيز: 6/ 604]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم انتزع تعالى من الكفرة من تاب من كفره، وآمن بالله ورسله، وعمل بالتقوى، ورجى عز وجل أنهم يفوزون ببغيتهم ويبقون في النعيم الدائم، وقال كثير من العلماء: "عسى" من الله واجبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ظن حسن بالله تعالى يشبه فضله وكرمه، واللازم من "عسى" أنها ترجية لا واجبة، وفي كتاب الله عز وجل: {عسى ربه إن طلقكن}). [المحرر الوجيز: 6/ 604-605]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} الآية، قيل: سببها ما تكلمت به قريش من استغراب أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقول بعضهم: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} فنزلت هذه الآية بسبب تلك المنازع، ورد الله تعالى عليهم، وأخبر أنه يخلق من عباده وسائر مخلوقاته ما يشاء، وأنه يختار لرسالته من يريد ويجعل فيه المصلحة، ثم نفى أن يكون الاختيار للناس في هذا ونحوه، هذا قول جماعة من المفسرين، قالوا: أن "ما" نافية، أي: ليس لهم الخيرة عن الله تبارك وتعالى، فتجيء الآية كقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يريد: ويختار الله تعالى الأديان والشرائع، وليس لهم الخيرة في أن يميلوا إلى الأصنام ونحوها في العبادة، ويؤيد هذا التأويل قوله: {سبحان الله وتعالى عما يشركون}.
وذهب الطبري إلى أن "ما" في قوله: ويختار ما كان مفعولة، قال: والمعنى أن الكفار كانوا يختارون من أموالهم لأصنامهم خيارها، فأخبر الله تعالى أن الاختيار إنما هو له وحده، يخلق ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرا للناس، لا كما يختارون هم ما ليس لهم، ويفعلون ما لم يؤمروا به.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واعتذر الطبري عن الرفع الذي أجمع القراء عليه في قوله تعالى: {ما كان لهم الخيرة} بأقوال لا تتحصل، وقد رد الناس عليه في ذلك، وذكر عن الفراء أن القاسم بن معن أنشده بيت عنترة:
أمن سمية دمع العين تذريف لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
وقرن الآية بهذا البيت، والرواية في البيت: (لو أن ذا)، ولكن على ما رواه القاسم يتجه في بيت عنترة أن يكون ضمير الأمر والشأن، فأما في الآية فلا يكون بجملة فيها محذوف، وفي هذا كله نظر.
والوقف على ما ذهب إليه جمهور الناس في قوله تعالى: {ويختار}، وعلى ما ذهب إليه الطبري لا يوقف على ذلك.
ويتجه عندي أن تكون "ما" مفعولة إذا قدرنا "كان" تامة، أي أن الله تعالى يختار كل كائن، ولا يكون شيء إلا بإذنه، وقوله تبارك وتعالى: {لهم الخيرة} جملة مستأنفة معناها تعديد النعمة عليهم في اختيار الله تعالى لهم لو قبلوا وفهموا).[المحرر الوجيز: 6/ 605-606]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}
ذكر تعالى في هذه الآيات أمورا يشهد عقل كل مفطور بأن الأصنام لا شركة لها فيها، فمنها علم ما في النفوس وما يهجس بالخواطر. و"تكن" معناه: تستر، وقرأ ابن محيصن: "تكن" بفتح التاء وضم الكاف، وعبر عن القلب بالصدر حيث كان محتويا عليه، ومعنى الآية أن الله تعالى يعلم السر والإعلان). [المحرر الوجيز: 6/ 606-607]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أفرد نفسه بالألوهية ونفاها عما سواه، وأخبر أن الحمد له في الدنيا والآخرة، إذ له الصفات التي تقتضي ذلك، والحكم له. وهو -في هذا الموضع- الفصل والقضاء في الأمور، ثم أخبر تعالى بالرجعة إليه والحشر). [المحرر الوجيز: 6/ 607]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 09:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 محرم 1440هـ/5-10-2018م, 09:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون (62) قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون (63) وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون (64) ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين (65) فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ فهم لا يتساءلون (66) فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحًا فعسى أن يكون من المفلحين (67)}.
يقول تعالى مخبرًا عمّا يوبّخ به الكفّار المشركين يوم القيامة، حيث يناديهم فيقول: {أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} يعني: أين الآلهة الّتي كنتم تعبدونها في الدّار الدّنيا، من الأصنام والأنداد، هل ينصرونكم أو ينتصرون؟ وهذا على سبيل التّقريع والتّهديد، كما قال: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّةٍ وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الّذين زعمتم أنّهم فيكم شركاء لقد تقطّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون} [الأنعام: 94]). [تفسير ابن كثير: 6/ 249-250]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قال الّذين حقّ عليهم القول} يعني: من الشّياطين والمردة والدّعاة إلى الكفر، {ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}، فشهدوا عليهم أنّهم أغووهم فاتّبعوهم، ثم تبرؤوا من عبادتهم، كما قال تعالى: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا. كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًّا} [مريم: 81، 82]، وقال: {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5، 6]، وقال الخليل لقومه: {إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت: 25]، وقال اللّه: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منّا كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النّار} [البقرة: 166، 167]، ولهذا قال: {وقيل ادعوا شركاءكم} [أي]: ليخلّصوكم ممّا أنتم فيه، كما كنتم ترجون منهم في الدّار الدّنيا، {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب} أي: وتيقّنوا أنّهم صائرون إلى النّار لا محالة.
وقوله: {لو أنّهم كانوا يهتدون} أي: فودّوا حين عاينوا العذاب لو أنّهم كانوا من المهتدين في الدّار الدّنيا. وهذا كقوله تعالى: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا. ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا} [الكهف: 52، 53]). [تفسير ابن كثير: 6/ 250]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}: النّداء الأوّل عن سؤال التّوحيد، وهذا فيه إثبات النّبوّات: ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم؟ وكيف كان حالكم معهم؟ وهذا كما يسأل العبد في قبره: من ربّك؟ ومن نبيّك؟ وما دينك ؟ فأمّا المؤمن فيشهد أنّه لا إله إلّا اللّه، وأنّ محمّدًا عبد اللّه ورسوله. وأمّا الكافر فيقول: هاه.. هاه. لا أدري؛ ولهذا لا جواب له يوم القيامة غير السّكوت؛ لأنّ من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلًا ولهذا قال تعالى: {فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ فهم لا يتساءلون}.
وقال مجاهدٌ: فعميت عليهم الحجج، فهم لا يتساءلون بالأنساب). [تفسير ابن كثير: 6/ 250]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحًا} أي: في الدّنيا، {فعسى أن يكون من المفلحين} أي: يوم القيامة، و"عسى" من اللّه موجبةٌ، فإنّ هذا واقعٌ بفضل اللّه ومنّه لا محالة). [تفسير ابن كثير: 6/ 250-251]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون (68) وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون (69) وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون (70)}.
يخبر تعالى أنّه المنفرد بالخلق والاختيار، وأنّه ليس له في ذلك منازعٌ ولا معقّبٌ فقال: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار} أي: ما يشاء، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فالأمور كلّها خيرها وشرّها بيده، ومرجعها إليه.
وقوله: {ما كان لهم الخيرة} نفيٌ على أصحّ القولين، كقوله تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36].
وقد اختار ابن جريرٍ أنّ {ما} هاهنا بمعنى "الّذي"، تقديره: ويختار الّذي لهم فيه خيرةٌ. وقد احتجّ بهذا المسلك طائفة المعتزلة على وجوب مراعاة الأصلح. والصّحيح أنّها نافيةٌ، كما نقله ابن أبي حاتمٍ، عن ابن عبّاسٍ وغيره أيضًا، فإنّ المقام في بيان انفراده تعالى بالخلق والتّقدير والاختيار، وأنّه لا نظير له في ذلك؛ ولهذا قال: {سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون} أي: من الأصنام والأنداد، الّتي لا تخلق ولا تختار شيئًا). [تفسير ابن كثير: 6/ 251]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون} أي: يعلم ما تكنّ الضّمائر، وما تنطوي عليه السّرائر، كما يعلم ما تبديه الظّواهر من سائر الخلائق، {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} [الرّعد: 10]). [تفسير ابن كثير: 6/ 251]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وهو اللّه لا إله إلا هو} أي: هو المنفرد بالإلهيّة، فلا معبود سواه، كما لا ربّ يخلق ويختار سواه {له الحمد في الأولى والآخرة} أي: في جميع ما يفعله هو المحمود عليه، لعدله وحكمته {وله الحكم} أي: الّذي لا معقّب له، لقهره وغلبته وحكمته ورحمته، {وإليه ترجعون} أي: جميعكم يوم القيامة فيجازي كلّ عاملٍ بعمله، من خيرٍ وشرٍّ، ولا يخفى عليه منهم خافيةٌ في سائر الأعمال). [تفسير ابن كثير: 6/ 251]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة