العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (153) إلى الآية (158) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}

قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}

قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومن تطوّع خيرًا... (158).
قرأ حمزة والكسائي: (ومن يطّوّع) بالياء والجزم في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 1/182]
وقرأ الحضرمي: (ومن يطّوّع) في الأولى مثل قراءة حمزة، وقرأ الثاني: (ومن تطوّع) مثل قراءة أبي عمرو.
وقرأ الباقون مثل قراءة أبي عمرو بالتاء والنصب في الحرفين.
قال أبو منصور: من قرأ (ومن يطّوّع) بالياء والجزم جعل (من) مجازاة و(يطّوّع) كان في الأصل (يتطوع) فأدغمت التاء في الطاء، وجعلتا طاء شديدةً.
ومن قرأ (تطوّع) بالتاء والنصب فهو على لفظ الماضي، ومعناه المستقبل، وكل جائز حسن). [معاني القراءات وعللها: 1/183]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن عباس -كرم الله وجوههما- بخلاف وسعيد بن جبير، وأنس بن مالك، ومحمد بن سيرين، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وميمون بن مهران: [أَلَّا يَطَّوف بهما].
قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} تقرُّبًا بذاك؛ أي: فلا جناح عليه أن يطوف بهما تقربا بذاك إلى الله تعالى؛ لأنهما من شعائر الحج والعمرة، ولو لم يكونا من شعائرهما لكان التطوف بهما بدعة؛ لأنه إيجاب أمر لم يتقدم إيجابه، وهذا
[المحتسب: 1/115]
بدعة، كما لو تطوف بالبصرة أو بالكوفة أو بغيرهما من الأماكن على وجه القربة والطاعة كما تطوف بالحرم؛ لكان بذلك مبتدعًا.
وأما قراءة مَن قرأ: [فلا جُناح عليه ألَّا يطَّوَّف بهما]، فظاهره أنه مفسوح له في ترك ذلك، كما قد يفسح للإنسان في بعض المنصوص عليه المأمور به تخفيفًا؛ كالقصر بالسفر، وترك الصوم، ونحو ذلك من الرخص المسموح فيها.
وقد يمكن أيضًا أن تكون "لا" على هذه القراءة زائدة؛ فيصير تأويله وتأويل قراءة الكافة واحدًا؛ حتى كأنه قال: فلا جناح عليه أن يطَّوف بهما، وزاد "لا"، كما زيدت في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} أي: ليعلم.
وكقوله:
من غير لا عَصْف ولا اصطرافِ
أي: من غير عصف، وهو كثير). [المحتسب: 1/116]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}
قرأ حمزة والكسائيّ (ومن يطوع) بالياء وجزم العين وكذلك الّذي بعده وحجتهما أن حروف الجزاء وضعت لما يستقبل من الأزمة في سنن العربيّة وأن الماضي إذا تكلم به بعد أحرف الجزاء فإن المراد منه الاستقبال نحو قول القائل من أكرمني أكرمته أي من يكرمني أكرمه ويقوّي قراءتهما قراءة عبد الله (ومن يتطوّع) على محض الاستقبال فأدغمت التّاء في الطّاء في قراءتهما لقرب مخرجها منها
وقرأ الباقون {ومن تطوع} بالتّاء وفتح العين على لفظ المضيّ ومعناه الاستقبال لأن الكلام شرط وجزاء لفظ الماضي فيه يؤول إلى معنى الاستقبال كما قال جلّ وعز {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها نوف إليهم} وحجتهم في ذلك أن الماضي أخف من المستقبل ولا إدغام فيه). [حجة القراءات: 118]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (85- قوله: {ومن تطوع} قرأه حمزة والكسائي بالياء، وتشديد الطاء، والجزم ومثله الثاني في هذه السورة، وقرأه الباقون بالتاء وتخفيف الطاء، وفتح العين.
86- ووجه القراءة بالجزم والياء أنه حمل على لفظ الاستقبال في اللفظ والمعنى، وأصله «يتطوع» فجزم بالشرط بـ «من» وأدغمت التاء في الطاء، فشددت الطاء لذلك، وحسن الإدغام لنقل التاء إلى القوة، وكان لفظ الاستقبال
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/269]
أولى به، لأن الشرط لا يكون إلا بمستقبل، فطابق بذلك بين اللفظ والمعنى، والتقدير: فمن تطوع فيما يستقبل خيرًا فهو خير له، فإن الله شاكر لفعله، عليهم به.
87- ووجه القراءة بالتاء وفتح العين، أنه استغنى بحرف الشرط عن لفظ الاستقبال؛ لأن حرف الشرط يدل على الاستقبال، فأتى بلفظ الماضي، وكان ذلك أخف من لفظ المستقبل، الذي تلزمه الزيادة والإدغام والتشديد، والماضي في موضع جزم بالشرط، ويجوز في هذه القراءة أن تكون خبرًا غير شرط، و«من» بمعنى الذي، والماضي لفظه كمعناه، ماض أيضًا، والمعنى: فالذي تطوع فيما مضى خيرًا فإن الله شاكر لفعله عليم به، و{فهو خير له} أي: مؤخر له، ولا يكون للماضي موضع الإعراب على هذا، والاختيار القراءة بالتاء وفتح العين؛ لأنها أعم؛ إذ تحتمل معنيين، ولأن أهل الحرمين وعاصمًا عليها، ولخفتها، وهي اختيار أبي حاتم وأبي عبيد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/270]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (53- {ومَنْ يَطَّوَّعْ} [آية/ 158]:-
بالياء وتشديد الطاء وجزم العين، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في الثاني {فَمَنْ يَطَّوَّعْ}، ووافقهما يعقوبُ في الأول دون الثاني.
ووجه ذلك أن أصله: يتطوع، فأدغم التاء في الطاء لتقارب الحرفين، فبقي: يطوع، ثم جزم العين للشرط.
[الموضح: 305]
وقرأ الباقون {تَطَوَّعَ} بالتاء وتخفيف الطاء وفتح العين.
ووجهه أنه فعل ماضٍ، وموضعه جزم بمن الذي هو للشرط، والفاء وما بعدها أيضًا في موضع جزم على الجواب، ويجوز أن تكون {مَنْ} موصولةً بمنزلة الذي، ولا موضع للفعل الماضي، وموضع {مَنْ} رفعٌ بالابتداء، والفاء مع ما بعدها في وضع رفع على خبر المبتدأ، ويكون المعنى معنى المجازاة، كما في قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ} ). [الموضح: 306]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (159) إلى الآية (162) ]

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قال ابن مجاهد: قال عباس: سألت أبا عمرو عن {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} فقال: أهل الحجاز يقولون: [يعلِّمُهم ويلْعَنُهم] مثقلة، ولغة تميم: [يُعْلِمْهم ويلْعَنْهم].
قال أبو الفتح: أما التثقيل فلا سؤال عنه ولا فيه؛ لأنه استيفاء واجب الإعراب؛ لكن من حذف فعنه السؤال، وعلته توالي الحركات مع الضمات، فيثقل ذلك عليهم فيخففون بإسكان حركة الإعراب، وعليه قراءة أبي عمرو: [فَتُوبُوا إِلَى بَارِئْكُمْ] فيمن رواه بسكون الهمزة. وحكى أبو زيد: [بَلَى وَرُسُلْنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ] بسكون اللام.
وأنشدنا أبو علي لجرير:
[المحتسب: 1/109]
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى فلا تعرفْكم العرب
يريد: تعرفُكم. ومن أبيات الكتاب:
فاليوم أشربْ غير مُستَحقِبٍ ... إثمًا من الله ولا واغِلِ
أي: أشربُ.
وأما اعتراض أبي العباس هنا على الكتاب، فإنما هو على العرب لا على صاحب الكتاب؛ لأنه حكاه كما سمعه، ولا يمكن في الوزن أيضًا غيره.
وقول أبي العباس: إنما الرواية: "فاليوم فاشرب"، فكأنه قال لسيبويه: كذبتَ على العرب، ولم تَسمع ما حكيته عنهم. وإذا بلغ الأمر هذا الحد من السرَف فقد سقطت كلفة القول معه.
وكذلك إنكاره عليه أيضًا قول الشاعر:
"وقد بدا هَنْكِ من المئزر
[المحتسب: 1/110]
فقال: إنما الرواية:
وقد بدا ذاك من المئزر
وما أطيب العرس لولا النفقة!
وكذلك الاعتراض عليه في إنشاده قوله:
لا بارك الله في الغواني هل ... يُصبحن إلا لهن مُطَّلَبُ
وقول الأصمعي: "في الغواني ما" يريد: في الغواني أَما، ويخفف الهمزة. وقول غيره: "في الغوان أَما"، ولو كان إلى الناس تخير ما يحتمله الموضع والتسبب إليه لكان الرجل أقوم من الجماعة به، وأوصل إلى المراد منه، وأنفى لشغب الزيغ والاضطراب عنه.
فأما قول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يرتبط بعض النفوس حِمامُها
فحملوه على هذا؛ أي: أو يرتبط بعض النفوس حمامها؛ معناه: إلا أن يرتبط، فأسكن المفتوح لإقامة الوزن واتصال الحركات.
وقد يمكن عندي أن يكون يرتبط عطفًا على أرضها؛ أي: أنا تراك أمكنة إذا لم أرضها ولم يرتبط نفسي حمامها؛ أي: ما دمت حيًّا فأنا متقلقل في الأرض من هذه إلى هذه، ألا ترى إلى قوله:
قَوَّال مُحكَمَة جوَّاب آفاق
وهو كثير في الشعر، فكذلك قول بني تميم: [يُعلِّمْهم ويلْعَنْهم] على ما ذكرنا). [المحتسب: 1/111] (م)

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةُ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ].
قال أبو الفتح: هذا عندنا مرفوع بفعل مضمر يدل عليه قوله سبحانه: [لَعْنَةُ اللَّهِ] أي: وتعلنهم الملائكة والناس أجمعون؛ لأنه إذا قال: عليهم لعنة الله، فكأنه قال: يلعنهم الله، كما أنه قال:
تذكَّرت أرضًا بها أهلها ... أخوالَها فيها وأعمامَها
[المحتسب: 1/116]
فقد عُلم أنها إذا تذكرت الأرض التي فيها أخوالها وأعمامها فقد دخلوا في جميع ما وقع الذكر عليه، فقال بعد: تذكرت أخوالها وأعمامها.
وكأنه لما قال:
أسقَى الإله عُدُوات الوادي ... وجوفَه كل مُلِثٍّ غادي
كل أجش حالك السواد
فقد سقى الأجش فرفعه بفعل مضر؛ أي: سقاها كل أجش. وهو كثير جدًّا). [المحتسب: 1/117]

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (163) إلى الآية (164) ]

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}

قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وتصريف الرّياح... (164).
قرأ نافع: الرياح " في البقرة، و: (وتصريف الرّياح)، وفي الأعراف (يرسل الرياح)، وفي إبراهيم: (اشتدّت به الرّياح).
[معاني القراءات وعللها: 1/183]
وفي الحجر: (الرّياح لواقح)، وفي الكهف: (تذروه الرّياح)، وفي الفرقان: (أرسل الرّياح)، وفي النمل: (ومن يرسل الرّياح)، وفي الروم: (اللّه الّذي يرسل الرّياح)، وفي فاطر: (أرسل الرّياح) وفي الجاثية: (وتصريف الرّياح) وفي عسق: (إن يشأ يسكن الرّياح) قرأهن كلهن نافع على الجمع.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم: (الرياح) منها في تسعة مواضع في البقرة والأعراف، والحجر، والكهف، والفرقان،
[معاني القراءات وعللها: 1/184]
والنمل، والروم، وفي فاطر، والجاثية.
وقرأوا في إبراهيم، وعسق على التوحيد.
ووافقهم ابن كثير في أربعة مواضع في البقرة، والحجر، والكهف، والجاثية، والباقي على التوحيد - وقرأ حمزة واحدة منها على الجمع في الفرقان، والباقي على التوحيد.
ولم يختلفوا في التي في سورة الروم: (الرّياح مبشّراتٍ) على الجمع.
وقرأ الكسائي (الرياح) في موضعين في الحجر وفي الفرقان، والباقي على التوحيد.
قال أبو منصور: قوله: (وتصريف الرّياح) فاختلف القراء في هذا الحرف فقرئ مرة (الرياح)، ومرة (الريح)، والريح يقوم مقام الرياح.
[معاني القراءات وعللها: 1/185]
وكذلك قرئت، فمن قرأ الرياح فهو جمع الريح، ومن قرأ الريح أراد بها: الرياح. ولذلك أنثت، لأن معناها الجماعة.
وقال بعضهم ما كان من رياح رحمة فهي رياح، وما كان من ريح عذاب فهي واحدة.
واتفق القراء على توحيد ما ليس فيه ألف ولام، كقوله: (ولئن أرسلنا ريحًا) وكذلك: (ريحًا صرصرًا) وما أشبهه، وما كان فيه الألف واللام فقد اختلف القراء فيها على ما بينا، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/186]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله عز وجل: الرّياح في الجمع والتوحيد.
فقرأ ابن كثير: الرّياح على الجمع في خمسة مواضع: في البقرة هاهنا [الآية/ 164] وفي الحجر:
[الحجة للقراء السبعة: 2/248]
أرسلنا الرّياح لواقح [الآية/ 22] وفي الكهف: تذروه الرّياح [الآية/ 45] وفي سورة الروم الحرف الأول: الرّياح مبشّراتٍ [الآية/ 46]، وفي الجاثية: وتصريف الرّياح [الآية/ 5]، والباقي: الرّيح.
وقرأ نافع: الرّياح في اثني عشر موضعاً: هاهنا وفي الأعراف: يرسل الرّياح [الآية/ 57]، وفي سورة إبراهيم:
كرماد اشتدت به الرياح [الآية/ 18] وفي الحجر: وأرسلنا الرّياح لواقح [الآية/ 22] وفي الكهف: تذروه الرّياح [الآية/ 45] وفي الفرقان: أرسل الرّياح [الآية/ 48] [وفي النمل يرسل الرّياح] [63]، وفي الروم موضعين الرّياح [46، 48] وفي فاطر الرّياح [الآية/ 9]، وفي عسق يسكن الرياح [الآية/ 33] وفي الجاثية: الرّياح [الآية/ 5].
وقرأ أبو عمرو من هذه الاثني عشر حرفا حرفين:
الرّيح في إبراهيم [الآية/ 18]، وفي عسق الرّيح [33] والباقي الرياح على الجمع مثل نافع.
وقرأ عاصم وابن عامر مثل قراءة أبي عمرو.
وقرأ حمزة الرّياح على الجمع في موضعين: في الفرقان: أرسل الرّياح [الفرقان/ 48] وفي سورة الروم، الحرف الأول: الرّياح مبشّراتٍ [الروم/ 46] وسائرهنّ على التوحيد.
[الحجة للقراء السبعة: 2/249]
وقرأ الكسائيّ: كقراءة حمزة وزاد عليه في الحجر:
الرّياح لواقح [الحجر/ 22].
ولم يختلفوا في توحيد ما ليست فيه ألف ولام.
قال أبو علي: قال أبو زيد: قال القيسيّون الرّياح أربع:
الشّمال والجنوب والصّبا والدّبور. فأما الشّمال فمن عن يمين القبلة، والجنوب من عن شمالها. والصّبا والدّبور متقابلتان، فالصّبا من قبل المشرق، والدّبور من قبل
المغرب. وأنشد أبو زيد:
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني... نسيم الصّبا من حيث يطّلع الفجر
وإذا جاءت الريح بين الصّبا والشّمال فهي النّكباء التي لا يختلف فيها. والتي بين الجنوب والصّبا يقال لها:
الجربياء.
وقال السّكّريّ فيما روى عنه بعض شيوخنا قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن عبد الله الطوسيّ قال: أخبرنا ابن الأعرابي وأصحابنا عن الأصمعيّ وغيره قالوا: الرياح أربع: الجنوب والشّمال والصّبا والدّبور.
قال ابن الأعرابيّ: كلّ ريح بين ريحين فهي نكباء، وقال الأصمعيّ: إذا انحرفت واحدة منهنّ فهي نكباء، والجميع:
نكب.
[الحجة للقراء السبعة: 2/250]
فأمّا مهبّهنّ فإن ابن الأعرابيّ قال: مهبّ الجنوب من مطلع سهيل إلى مطلع الثّريّا، والصّبا من مطلع الثريّا إلى بنات نعش، والشمال من بنات نعش إلى مسقط النّسر الطائر [وقال: والدبور من مسقط النسر الطائر] إلى مطلع سهيل، قال: والجنوب والدّبور لهما هيف. والهيف: الريح الحارّة.
قال: والشّمال والصّبا لا هيف لهما.
وقال الأصمعيّ ما بين سهيل إلى طرف بياض الفجر جنوب، وما بإزائها مما يستقبلها من الغرب شمال، وما جاء من وراء البيت الحرام فهو دبور، وما جاء قبالة ذلك فهو صبا، والصّبا: القبول. قال: وإنما سمّيت قبولًا. لأنها استقبلت الدّبور، قال الهذليّ، وأنشد البيت الذي أنشده أبو زيد.
قال الطوسيّ: وقال غير الأصمعي وابن الأعرابي:
الجنوب التي تجيء من قبل اليمن- والشمال التي تهبّ من قبل الشام، والدّبور التي تجيء من عن يمين القبلة شيئاً والصّبا بإزائها، والجنوب تسمى الأزيب وتسمى النّعامى: قال أبو ذؤيب:
مرته النّعامى فلم يعترف... خلاف النّعامى من الشّؤم ريحا
[الحجة للقراء السبعة: 2/251]
اقل: وتسمى الشّمال: محوة، ولا تجرى. وتسمى الجربياء.
قال ابن أحمر:
بواد من قسا ذفر الخزامى... تحنّ الجربياء به الحنينا
سمّيت محوة لأنها تمحو السحاب وتذهب به.
وتسمى مسعاً ونسعاً، قال:
قد حال دون دريسيه مؤوّبة... مسع لها بعضاه الأرض تهزيز
وأنشد عن الطوسيّ للطّرمّاح:
قلق لأفنان الريا... ح للاقح منها وحائل
فاللاقح: الجنوب، والحائل: الشّمال. وتسمى الشّمال عقيماً، كما سمّاها الطّرمّاح حائلًا، وقد وصفت الصّبا بالعقم.
قال جرير:
[الحجة للقراء السبعة: 2/252]
مطاعيم الشّمال إذا استحنّت... وفي عرواء كلّ صباً عقيم
وفي التنزيل: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41].
قال الطوسيّ: العقيم: التي لا تلقح السحاب. قال:
والرياح اللواقح: تثير السحاب بإذن الله، وتلقح الشجر.
والذاريات: التي تذر التراب ذروا، فأما قول الطّرمّاح:
للاقح منها وحائل. فاللاقح على معنى النسب، وليس الجاري على الفعل، وكذلك حائل، تقديره: ذات حيال. يريد بالحيال أنّها لا تلقح كما تلقح الجنوب.
قال أبو دؤاد يصف سحاباً:
لقحن ضحيّاً للقح الجنوب... فأصبحن ينتجن ماء الحيا
قوله: «للقح الجنوب» تقديره: لإلقاح الجنوب. فحذف الزيادة من المصدر وأضافه إلى الفاعل كما قال:
وإن يهلك فذلك كان قدري أي: تقديري. وكما حذف الزيادة من المصدر كذلك حذفت من الجمع في قوله تعالى: وأرسلنا الرّياح لواقح [الحجر/ 22] والمعنى فيه: ملاقح، لأنها إذا ألقحت كانت
[الحجة للقراء السبعة: 2/253]
ملقحة. وجمع الملقح: ملاقح ولواقح على حذف الزيادة، لأنّ المعنى عليه. ومثل ذلك قوله:
يكشف عن جمّاته دلو الدّال إنما هو المدلي، فحذف الزيادة أو يكون أراد: دلو ذي الدّلو. كما قال: للاقح منها. وفي التنزيل: فأدلى دلوه [يوسف/ 19]. وقال الشاعر:
فسائل سبرة الشّجعيّ عنّا... غداة تخالنا نجوا جنيبا
أي: تحسبنا لكثرتنا واحتفالنا كسحاب ألقحته الجنوب فغزّرت ماءه.
وروينا عن أحمد بن يحيى لزهير:
جرت سنحا فقلت لها مروعا... نوى مشمولة فمتى اللّقاء
[الحجة للقراء السبعة: 2/254]
قال: قال الأصمعي: نوى مشمولة: أي: مكروهة- وقال الأصمعيّ: وأصل ذلك من الشّمال، لأنهم يكرهون الشّمال لبردها وذهابها بالغيم، وفيه الحيا والخصب، فصار
كلّ مكروه عندهم مشمولا، قال: وهم يحبّون الجنوب لدفئها، ولأنها تجيء بالسحاب والمطر، وفيها الحيا والخصب.
وأنشد لحميد بن ثور في مدحهم الجنوب:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا... إذا ما صبونا صبوة سنتوب
ليالي أبصار الغواني وسمعها... إليّ.. وإذ ريحي لهنّ جنوب
أي: محبوبة كما تحبّ الجنوب.
وذكر بعض شيوخنا أن أبا عمرو الشيبانيّ روى قول الأعشى:
وما عنده مجد تليد ولا له... من الرّيح فضل لا الجنوب ولا الصّبا
تقدير هذا: وما له من فضل الريح فضل لا فضل الجنوب ولا فضل الصّبا، فحذف المضاف، والمعنى: أنه لم ينل أحداً، فيكون كريح الجنوب في مجيئه بالغيث. ولم ينفّس عن أحد كربة فيكون كالصّبا في التنفيس.
[الحجة للقراء السبعة: 2/255]
وروى غيره فيما ذكر محمد بن السّريّ:
وما عنده رزقي علمت ولا له... عليّ من الرّيح الجنوب ولا الصّبا
وتقدير هذا أيضاً: ولا له عليّ من فضل الريح فضل الجنوب ولا فضل الصّبا.
الأبين في قوله: وتصريف الرّياح [البقرة/ 164] الجمع، وذلك أن كلّ واحدة من هذه الرياح مثل الأخرى في دلالتها على الوحدانية وتسخيرها لينتفع الناس بها بتصريفها، وإذا كان كذلك فالوجه أن يجمع لمساواة كلّ واحدة منها الأخرى فيما ذكرنا، وقد يجوز في قول من وحّد أن يريد به الجنس كما قالوا: أهلك الناس الدينار والدّرهم.
وعلى هذا ينبغي أن يحمل التوحيد للريح، لأن كلّ واحدة مثل الأخرى في وضع الاعتبار لها والاستدلال بها.
فأما قوله تعالى: ولسليمان الرّيح عاصفةً [الأنبياء/ 81] فإن كانت الرياح كلّها سخّرت له، فالمراد بها الكثرة، وإن سخّرت له ريح بعينها، كان كقولك: الرجل، وأنت تريد به العهد.
وأما قوله تعالى: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41] فهي واحدة يدلّك على ذلك قوله
[الحجة للقراء السبعة: 2/256]
تعالى: فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً [فصلت/ 16].
وفي الحديث «نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور»
فهذا يدلّ أنها واحدة وكذلك الرّيح التي أرسلت على الأحزاب يوم الخندق، قال تعالى: فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها [الأحزاب/ 9].
وأما ما
روي في الحديث من أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، كان إذا هبّت ريح قال: «اللهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا».
فممّا يدلّ على أنّ مواضع الرحمة بالجمع أولى، ومواضع العذاب بالإفراد، ويقوي ذلك قوله تعالى: ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ [الروم/ 46] فإنما تبشر بالرحمة، ويشبه أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قصد هذا الموضع من التنزيل، وجعل الريح إذا كانت مفردة في قوله تعالى: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41].
وقد تختص اللفظة في التنزيل بشيء فيكون أمارة له، فمن ذلك أن عامّة ما جاء في التنزيل من قوله: وما يدريك مبهم غير مبيّن. وما كان من لفظ ما أدراك مفسّر، كقوله
[الحجة للقراء السبعة: 2/257]
تعالى: وما أدراك ما الحاقّة [الحاقة/ 3] وكذلك وما أدراك ما القارعة [القارعة/ 2] وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ [الشورى/ 17].
والخبر الذي روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إن الريح تخرج من روح الله. تجيء بالرحمة والعذاب»، فيجوز أن تكون الريح يراد بها الجنس، فإذا كانت للجنس كان على القبيلين العذاب والرحمة، فإذا جاز أن يكون للجنس، جاز أن يقع على الجمع مستغرقاً له، وجاز أن يقع اسم الجنس على البعض كما قال: وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين، وباللّيل... [الصافات/ 137 - 138]). [الحجة للقراء السبعة: 2/258]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار والفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس وما أنزل الله من السّماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابّة وتصريف الرّياح}
قرأ حمزة والكسائيّ {وتصريف الرّياح} بغير ألف وحجتهما أن الواحد يدل على الجنس فهو أعم كما تقول كثر الدّرهم والدّينار في ايدي النّاس إنّما تريد هذا الجنس قال الكسائي والعرب تقول جاءت الرّيح من كل مكان فلو كانت ريحًا واحدة جاءت من مكان واحد فقولهم من كل مكان وقد وحدوها تدل على أن بالتّوحيد معنى الجمع
[حجة القراءات: 118]
وقرأ الباقون {وتصريف الرّياح} وحجتهم أنّها الرّياح المختلفة المجاري في تصريفها وتغاير مهابها في المشرق والمغرب وتغاير جنسها في الحر والبرد فاختاروا الجمع فيهنّ لأنّهنّ جماعة مختلفات المعنى ويقوّي الجمع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه أنه كان إذا هاجت ريح جثا على ركبته واستقبلها ثمّ قال اللّهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحًا اللّهمّ اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا). [حجة القراءات: 119]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (88- قوله: {الرياح} قرأه حمزة والكسائي بالتوحيد، ومثله في الكهف والجاثية، ووافقهما ابن كثير على التوحيد أيضًا في الأعراف والنمل وفاطر، والثاني من الروم وقرأه الباقون بالجمع في السبعة، وتفرد نافع بالجمع في إبراهيم والشورى، وتفرد حمزة بالتوحيد في سورة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/270]
الحجر، وتفرد ابن كثير بالتوحيد في سورة الفرقان، فذلك أحد عشر موضعًا.
89- ووجه القراءة بالجمع في {تصريف الرياح} هو إتيانها في كل جانب، وذلك معنى يدل على اختلاف هبوبها، فهي رياح لا ريح، لأن الريح الواحدة، إنما تأتي من جانب واحد، فكان لفظ الجمع فيها أولى، لتصرفها من جهات فيكون لفظها مطابقًا لمعناها في الجمع، وأيضًا فإن هذه المواضع أكثرها لغير العذاب، وقد قال النبي عليه السلام حين رأى ريحًا هبت: «اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا» فعُلم أن الريح بالتوحيد أكثر ما تقع في العذاب والعقوبات، وليست هذه المواضع في ذلك، واعلم أن الرياح بالجمع تأتي في الرحمة، فواجب من الحديث أن يقرأ بالجمع إذ ليست للعقوبات.
90- ووجه القراءة بالتوحيد أن الواحد يدل على الجمع؛ لأنه اسم للجنس فهو أخف في الاستعمال، مع ثبات معنى الجمع فيه، والاختيار الجمع، لأن عليه الأكثر من القراء، ولأنه أبين في المعنى؛ لأنه موافق للحديث). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/271]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {الرِّياحِ} {آية/ 164]:-
قرأها نافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب بالألف في عشرة مواضع: ههنا وفي الأعراف والحجر والكهف والفرقان والنمل والروم حرفين وفاطر والجاثية، وزاد نافع في إبراهيم وعسق، ووافقهم ابن كثير في البقرة، والحجر، والكهف، والأول من الروم، والجاثية. وحمزة والكسائي في الفرقان، والأول من الروم، وزاد الكسائي في الحجر، فأما الأول من الروم {مُبَشّراتٍ} فإجماع.
[الموضح: 306]
أما الجمع في هذه الكلمة فهو أظهر في المعنى؛ لأن المراد هو الدلالة على الصانع، وكل واحدةٍ من هذه الرياح مثل صاحبتها في دلالتها على الصانع، وكذلك في المنافع.
وأما الإفراد فيها فهو مثل الجمع أيضًا، كما يقال: أهلك الناس الدينار والدرهم، أي الدنانير والدراهم، فلا فرق بين القراءتين في المعنى، وإن كان الأول أبين، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله عند هبوبها {اللّهُمّ اجْعَلْهَا رِياحًا ولا تَجْعَلْهَا رِيحًا}، فقد دل بأن الرياح للرحمة ذهابًا إلى قوله تعالى {الرّياحَ مُبَشّراتٍ} و{الرياحَ لَوَاقِحَ}، وبإن الريح للعذاب، ذهابًا إلى قوله تعالى {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}). [الموضح: 307]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (165) إلى الآية (167) ]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولو يرى الّذين ظلموا... (165).
قرأ نافع وابن عامر ويعقوب: (ولو ترى الذين ظلموا) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
وقوله: (إذ يرون العذاب... (165).
قرأ ابن عامر وحده: (إذ يرون العذاب) بضم الياء.
وقرأ الباقون: (إذ يرون) بفتحها.
قال أبو منصور: من قرأ: (ولو ترى الذين ظلموا) فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -
[معاني القراءات وعللها: 1/186]
والمراد به الأمة، ومن قرأ بالياء فهو للظالمين.
وقوله جلّ وعزّ: (أنّ القوّة للّه جميعًا وأنّ اللّه... (165).
قرأ يعقوب وحده: (إنّ القوّة للّه جميعًا وإنّ اللّه شديد العذاب) بكسر الألف فيهما.
قال أبو منصور: الاختيار: (أنّ القوّة) و(أنّ اللّه) بفتح الألفين.
وقرأ يعقوب بالكسر على إضمار جواب (لو)، والتقدير: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لقلت: إن القوة لله جميعا وإن الله.
وكذلك إذا قرئ بالياء؛ لأن المعنى: لعلموا أن القوة لله جميعا). [معاني القراءات وعللها: 1/187]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله جل وعزّ: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائيّ: ولو يرى، الّذين ظلموا بالياء.
وقرأ نافع وابن عامر: ولو ترى بالتاء. وكلّهم قرأ: إذ يرون العذاب بفتح الياء إلّا ابن عامر فإنه قرأ: إذ يرون العذاب بالضم.
[الحجة للقراء السبعة: 2/258]
قال أبو علي: يرى من رؤية العين، يدلك على ذلك تعدّيه إلى مفعول واحد تقديره: ولو يرون أن القوة لله جميعاً.
أي: لو يرى الكفار ذلك. فإن قلت: فلم لا تكون المتعدية إلى مفعولين، وقد سدّت أنّ مسدّهما؟.
قيل: يدل على أنها المتعدية إلى مفعول واحد قول من قرأ بالتاء فقال: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165] ألا ترى أن هذا متعدّ إلى مفعول واحد لا يسدّ مسدّ مفعولين، ويدلّك على أنه متعدّ إلى مفعول واحد قوله تعالى: إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وقوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85] فتعدّى إلى مفعول واحد وكذلك قوله عزّ وجلّ: ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودّةٌ [الزمر/ 60] الأظهر أنّه متعدّ إلى مفعول واحد، أي: يعاينونهم كذلك. والجملة في موضع الحال، لا في موضع المفعول الثاني.
وقد روي في التفسير في قوله تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم [الرحمن/ 41] قال: سواد الوجوه وزرقة الأعين، فسواد الوجوه دلت عليه هذه الآية، وزرقة الأعين:
قوله: ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقاً [طه/ 102] فكما أن الرؤية في هذه المواضع رؤية البصر. كذلك في قوله: ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وقوله: أنّ القوّة للّه جميعاً [البقرة/ 165] في تعذيبهم، فهو قريب من قوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85].
[الحجة للقراء السبعة: 2/259]
فإن قلت: فكيف جاء إذ في قوله: ولو يرى الّذين ظلموا إذ [البقرة/ 165] وهذا أمر مستقبل وإذ لما مضى؟.
فالقول فيه: إنه إنما جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء وما أمر السّاعة إلّا كلمح البصر أو هو أقرب [النحل/ 77] وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ [الشورى/ 42] فلما أريد فيها من التحقيق والتقريب، جاء على لفظ المضيّ وعلى هذا جاء في ذلك المعنى أمثلة الماضي كقوله: ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة [الأعراف/ 50] ومما جاء على لفظ المضيّ للتقريب من الحال قول المقيم المفرد: قد قامت الصلاة. يقول ذلك قبل إيقاعه التحريم بالصلاة لقرب ذلك من قوله. وعلى هذا قول رؤبة:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك فإنما أراد بذلك تقريب معاينة الهلاك وإشفاءه عليه. فأتى بمثال الماضي لما أراد به من مشارفته، وجعله سادّاً مسدّ الجواب من حيث كان معناه الاستقبال في الحقيقة، وأن الهلاك لم يقع بعد، ولولا ذلك لم يجز، ألا ترى أنّه لا يكون: قمت إن قمت، إنما تقول: أقوم إن قمت، وقوله تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 2/260]
وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ [الأحزاب/ 50] فيمن كسر إن ينبغي أن يحمله على فعل آت يضمره، ولا يحمله على الماضي المتقدّم الذي هو أحللنا، وعلى ما ذكرنا جاء كثير مما في التنزيل، من هذا الضرب كقوله: ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم [الأنعام/ 30] ولو ترى إذ وقفوا على النّار [الأنعام/ 27] ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم [سبأ/ 31] ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت [سبأ/ 51] ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة [الأنفال/ 50]. فكما جاءت هذه الآي التي يراد بها الاستقبال بإذ، كذلك جاء ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب [البقرة/ 165]، فأما حذف جواب لو في هذه الآي، فلأن حذفه أفخم لذهاب المخاطب المتوعّد إلى كل ضرب من الوعيد، وتوقّعه له، واستشعاره إياه، ولو ذكر له ضرب منه لم يكن مثل أن يبهم عليه، لما يمكّن من توطينه نفسه على ذلك المذكور، وتخفيفه عليه، ومن وطّن نفسه على شيء لم يصعب عليه صعوبته على من لم يوطّن عليه نفسه.
وحجّة من قرأ: ولو يرى الّذين ظلموا بالياء أن المتوعّدين لم يعلموا قدر ما يشاهدون ويعاينون من العذاب كما علمه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والمسلمون. فالفعل ينبغي أن يكون مسنداً إليهم في قوله تعالى: ولو يرى الّذين ظلموا.
ومن حجّتهم أن المتقدم لقوله: ولو يرى غيبة، فينبغي أن يكون المعطوف عليه مثله، وهو قوله جلّ وعزّ:
[الحجة للقراء السبعة: 2/261]
ومن النّاس من يتّخذ من دون اللّه أنداداً [البقرة/ 165] بعد قوله:
إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ [البقرة/ 161] والذين ظلموا هم الذين كفروا، ألا ترى قوله: والكافرون هم الظّالمون [البقرة/ 254] والذين كفروا هم المتخذون من دون الله أنداداً.
فلفظ الغيبة أولى من لفظ الخطاب من حيث كان أشبه بما قبله، وهو أيضاً أشبه بما بعده، وهو كقوله: كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ [البقرة/ 167].
وحجّة من قال: ولو ترى فجعل الخطاب للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: كثرة ما جاء في التنزيل من قوله: جلّ وعزّ: ولو ترى من الآي التي تلوناها، ولم يقصد عليه السلام بالمخاطبة لأنه لم يعلم، ولكن في قصده بالمخاطبة تنبيه لغيره، ألا ترى أنه قد يخاطب، فيكون خطابه خطاباً للكافّة، كقوله تعالى: يا أيّها النّبيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى [الأنفال/ 70] ويا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم [الطلاق/ 1] وعلى هذا جاء: ألم تعلم أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ [البقرة/ 106] ألم تعلم أنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض [البقرة/ 107] فجاء الخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والمراد به الكافّة، فكذلك قوله: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165].
وأما فتح أنّ في قوله أنّ القوّة للّه جميعاً
[الحجة للقراء السبعة: 2/262]
[البقرة/ 165] فيمن قرأ بالتاء والياء، فمن قرأ بالياء فإنّ أنّ معموله يرى، تقديره: ولو يرون أنّ القوّة لله جميعاً. وأما من قرأ بالتاء فقال: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165] فلا يخلو من أن يجعل ترى من رؤية العين أو المتعدية إلى مفعولين. فإن جعلتها من رؤية البصر لم يجز أن يتعدّى إلى أنّ، لأنها قد استوفت مفعولها الذي تقتضيه، وهو الّذين ظلموا ولا يجوز أن يكون بدلًا من المفعول، لأنها ليست الّذين ظلموا ولا بعضهم ولا مشتملًا عليهم، ولا يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، لأن المفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى.
وقوله: أنّ القوّة للّه جميعاً لا يكون الّذين ظلموا وإذا لم يكن إياهم، لم يجز أن يكون مفعولًا ثانياً، فإذا لم يجز أن ينتصب أنّ ب ترى فيمن قرأ بالتاء، جعلها المتعدية إلى مفعول أو مفعولين، ثبت أنه منتصب بفعل آخر غير ترى الظاهرة، وذلك الفعل هو الذي يقدّر جواباً للو، كأنّه: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب، لرأوا أن العزّة لله جميعاً. والمعنى أنهم شاهدوا من قدرته سبحانه ما تيقّنوا معه أنه قوي عزيز، وأن الأمر ليس على ما كانوا عليه من جحودهم، لذلك، أو شكّهم فيه.
ومذهب من قرأ بالياء أبين، لأنهم ينصبون أنّ بالفعل الظاهر دون المضمر، وهذه الجوابات في هذا النحو من الآي
[الحجة للقراء السبعة: 2/263]
تجيء محذوفة. فإذا أعمل الجواب في شيء صار بمنزلة الأشياء المذكورة في اللفظ. فحمل المفعول عليه، فخالف ما عليه سائر هذا النحو من الآي التي حذفت الأجوبة معها ليكون أبلغ في باب التوعّد.
فأمّا قوله عزّ وجلّ: إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وهي قراءتهم إلا ابن عامر، فحجتهم في ذلك قوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85] وقال تعالى: ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب [البقرة/ 166] فكما بني الفعل للفاعل الرائي دون المفعول به في هذا الباب، كذلك ينبغي أن يكون في قوله: يرون العذاب ولا يكون: يرون. كما لم يكن: وأروا العذاب.
وحجة ابن عامر أنه قد جاء: كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ [البقرة/ 167] فإذا كانوا مفعولًا بهم في الفعل المنقول بالهمزة المتعدي إلى مفعولين، كذلك يحسن أن يبنى الفعل لهم، إذا كان متعدياً إلى مفعول واحد، فتقول: يرون كما جاء ضميرهم مفعولًا في قوله: يريهم ألا ترى أنّك إذا قلت: يريهم فبنيت الفعل للمفعول به، قلت: يرون أعمالهم حسرات؟ وقوله: يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ منقول من رأى عمله حسرة، فإذا نقلته بالهمزة تعدى إلى مفعول آخر، وصار الفاعل قبل النقل المفعول الأول). [الحجة للقراء السبعة: 2/264]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوّة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب}
قرأ نافع وابن عامر (ولو ترى الّذين ظلموا) بالتّاء وحجتهما قوله {ولو ترى إذ الظّالمون} {ولو ترى إذ يتوفى الّذين كفروا} وجواب لو مكفوف المعنى ولو ترى يا محمّد هؤلاء المشركين عند رؤيتهم العذاب لرأيت أمرا عظيما ينزل بهم {وإن} بمعنى لأن القوّة لله جميعًا ولأن الله شديد العذاب ويجوز أن يكون العامل في {أن القوّة} الجواب المعنى فلو ترى يا ممد الّذين ظلموا لرأيت
[حجة القراءات: 119]
أن القوّة لله جميعًا وهذا خطاب للنّبي صلى الله عليه يراد به النّاس أي لرأيتم أيها المخاطبون أن القوّة لله أو لرأيتم أن الأنداد لم تنفع وإنّما بلغت الغاية في الضّرر ولا يجوز أن يكون العامل في أن ترى لأنّه قد عمل في الّذين
وقرأ الباقون {ولو يرى الّذين ظلموا} بالياء وحجتهم ما جاء في التّفسير لو رأى الّذين كانوا يشركون في الدّنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه أن القوّة لله جميعًا قال الزّجاج أما من قرأ {أن القوّة} فموضع أن نصب بقوله ولو يرى الّذين ظلموا شدّة عذاب الله وقوته لعلموا مضرّة اتخاذهم الأنداد وقد جرى ذكر الأنداد ويجوز أن يكون العامل في أن الجواب أي ولو رأى الّذين كانوا يشركون في الدّنيا أن القوّة لله جميعًا وكذلك نصب أن الثّانية والمعنى لو يرى الّذين ظلموا في الدّنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه {أن القوّة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب}
قرأ ابن عامر {إذ يرون العذاب} بضم الياء على ما لم يسم فاعله فعل يقع بهم تقول أريته كذا وكذا أي أظهرته له وقرأ الباقون {إذ يرون} بفتح الياء يعني الكفّار). [حجة القراءات: 120]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (91- قوله: {ولو يرى} قرأه نافع وابن عامر بالتاء، على المخاطبة للنبي عليه السلام؛ لأن عليه نزل القرآن، فهو المخاطب به، وهو الفاعل لـ «ترى» ويقوي ذلك قوله: {ويوم القيامة ترى الذين} «الزمر 60» وقوله: {ولو ترى إذ وقفوا} «الأنعام 27» و{ترى إذا فزعوا} «سبأ 51» و{لو ترى إذ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/271]
يتوفى} «الأنفال 50» فكله إجماع على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فجرى هذا على نظائره، الجمع عليها، ومعنى الخطاب للنبي هو التنبيه لغيره، وخطاب الله عز وجل للنبي خطاب للخلق كافة لأنه صلى الله عليه وسلم قد كان عالمًا بحال ما يصير إليه الذين ظلموا عند رؤيتهم العذاب، ويجوز أن يكون الخطاب للظالمين، والتقدير: قل يا محمد للظالم: لو ترى الذين ظلموا، فتكون القراءتان بمعنى واحد على هذا التأويل، وقرأ الباقون بالياء، جعلوا الفعل للذين ظلموا، لأنهم لم يعلموا قدر ما يصيرون إليه من العذاب كما علمه النبي والمؤمنون، فهم أولى أن يُسند إلى إليهم الفعل، لجهلهم بما يؤول إليه أمرهم، من أن يسند إلى النبي عليه السلام؛ لأنه كان عالمًا بذلك، وأيضًا فقد تقدم قبله لفظ غيبة، في قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا} بعد قوله: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار} «161» فهم الظالمون المذكورون بعد {ترى}، فجرى لفظه على الغيبة؛ لما تقدم من ذكرهم على لفظ الغيبة أيضًا، فإن بعده لفظ خبر عن غيب في قوله: {كذلك يريهم الله أعمالهم} «167»، وقوله {ولو ترى}، في قراءة من قرأ بالتاء، يحتمل أن يكون من رؤية البصر، وأن القوة هي المفعول، ويحتمل أن يكون من رؤية القلب، فيسدان مسد المفعولين، وإذا قرئ بالتاء بعد أن يكون من رؤية البصر؛ لأن {الذين ظلموا} مفعول {ترى} لأنه إنما يتعدى إلى مفعول واحد، فتبقى «أن» لا عامل فيها، ويبعد أيضًا أن يكون من رؤية القلب؛ لأنه ليس في الكلام مفعول ثان لأنه يتعدى إلى مفعولين
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/272]
الأول «الذين ظلموا» ولا مفعول ثان في الكلام، ولا يحسن أن يكون «أن القوة» المفعول الثاني لأن الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى لأنه إنما يدخل على الابتداء والخبر، وليس «أن القوة» هي «الذين ظلموا» فلابد من إضمار فعل يعمل في «أن»، تقديره: لرأيت يا محمد أن القوة، أو لعلمت أن القوة، أو لرأوا أن القوة، أو لعلموا أن القوة، ونحوه، ولابد أن يقتصر بـ «ترى» على رؤية البصر، إذ ليس في الكلام مفعول ثان، فالقراءة بالياء أقوى في المعنى، وفي الإعراب، وفي قلة الإضمار، وعليها أكثر القراء، وعلى الياء حض ابن مسعود وابن عباس، وهو اختيار أبي عبيد، وبه قرأ مجاهد وابن محيصن وابن أبي إسحاق وطلحة وعيسى بن عمر والأعمش). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (92- قوله: {إذ يرون} قرأه ابن عامر بضم الياء، على ما لم يُسم فاعله، فلم يضف الفعل إليهم، كما قال: {كذلك يريهم الله} فلم يضف الفعل إليهم، وقرأ الباقون بفتح الياء، على أنه أضاف الفعل إلى «الظالمين» كما قال: {وإذا رأى الذين ظلموا العذاب} «النحل 85» وقال: {ورأوا العذاب} «البقرة 166» فأضاف الفعل إليهم، فحمل هذا على ذلك، وهو الاختيار، وعليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (55- {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [آية/ 165]:-
بالتاء، قرأها نافع وابن عامر ويعقوب.
وذلك لأنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقصد هو عليه
[الموضح: 307]
السلام بالمخاطبة؛ لأنه كان عالمًا بذلك، ولكن كان في ذلك تنبيه غيره؛ لأنه عليه السلام قد يخاطب، فيكون المقصود خطاب العامة نحو: {يا أيّها النَبِيُّ} و{إِذَا طَلّقتُم} و{يا أيّها النَبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُم}، وقد جاء مثل هذه اللفظة كثيرًا على الخطاب في القرآن نحو {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزعُوا} {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا} {وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفّى}.
وقرأ الباقون بالياء على الغيبة، وذلك أنه أشبه بما قبله، وهو {وَمِنَ النّاس مَنْ يَتّخِذُ} وما بعده، وهو {كذلك يُريهم الله}، وهما على الغيبة، ثم إن المتوعدين لم يعلموا من مقدار العذاب المعاين ما علمه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، فإسناد الفعل إليهم أقرب). [الموضح: 308]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (56- {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} [آية/ 165]:-
بضم الياء، قرأها ابن عامر وحده.
ووجهها أن الفعل مبني للمفعول به؛ لأنه قد جاء مثل ذلك نحو {يُرِيهِمُ الله أعْمالَهُم}.
فكما أنهم مفعول بهم في هذه الآية، كذلك ههنا.
وقرأ الباقون {يَرَوْنَ} بفتح الياء.
[الموضح: 308]
ووجه ذلك أنه قد جاء مثله نحو {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ} {وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}). [الموضح: 309]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (57- {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ الله} [آية/ 165]:-
بكسر الألف فيهما، قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه استئناف؛ لأنه لما قال {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} كان المعنى: ولو يرى الذين ظلموا شدة بأس الله تعالى عند رؤيتهم العذاب لأيقنوا مضرة اتخاذ الأنداد، ثم استأنف بعد ذلك فقال {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ} أي إن القدرة له لا للأنداد.
وقال الفراء: هو على إضمار القول، والتقدير لقالوا إن القوة لله جميعًا، فجعل {إنّ} محكيًا لقالوا، وقالوا جواب لو.
وقرأ الباقون {أَنَّ القُوَّةَ} {وأَنَّ الله} بفتح الألف فيهما.
[الموضح: 309]
والوجه أن قوله {أَنَّ القُوّةَ} مفعول {يرى}، والتقدير: ولو يرى الذين ظلموا أَنَّ القوةَ لله جميعًا لعلموا مضرَّةَ اتّخاذِ الأنداد.
ويجوز أن يكون بإضمار اللام الجارة، والتقدير: لأن، والمعنى: ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله إذ يرون العذاب لندموا على اتخاذ الأنداد؛ لأن القوة لله لا للأنداد.
وعند بعضهم أنه على إضمار علموا، ويكون هو جواب لو، والتقدير ولو يرى الذين ظلموا شدة العذاب لعلموا أن القوة لله جميعًا.
ومن قرأ بالتاء من {ترى} فيجوز على قراءته أن يكون {أَنَّ القُوَّةَ} بدلاً من {العذاب}.
ويجوز أن يكون على إضمار رأيت، فيكون رأيت جوابًا للو، والتقدير: ولو ترى أنت أيها المخاطب وقت رؤيتهم العذاب لرأيت أن القوة لله جميعًا). [الموضح: 310]

قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (168) إلى الآية (173) ]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان... (168).
قرأ ابن كثير في إحدى الروايتين، وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة (خطوات) بسكون الطاء.
وكذلك قرأ نافع، وروي عن ابن كثير في إحدى الروايتين: (خطوات) بضم الطاء، وهي قراءة ابن عامر والكسائي وحفص.
قال أبو منصور: قال النحويون: يقال: خطوة واحدة ويجمع (خطوات) و(خطوات) وقد قرئ بهما، وفيها لغة ثالثة لم يقرأ بها، وهي: (خطوات).
وفسّر خطو،: الشيطان: آثاره.
وأصل الخطوة ما بين القدمين). [معاني القراءات وعللها: 1/188]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الطاء وإسكانها من قوله تعالى: خطوات [البقرة/ 168].
فقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائيّ وحفص عن عاصم خطوات مثقّلة.
وروى ابن فليح بإسناده عن أصحابه عن ابن كثير:
خطوات ساكنة الطاء خفيفة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة خطوات ساكنة الطاء خفيفة.
قال أبو علي: أما الخطوة، فإنهم قد قالوا: خطوت خطوة، كما قالوا: حسوت حسوة، والحسوة اسم ما يحتسى.
وكذلك: غرفت غرفة، والغرفة اسم ما اغترف، فعلى هذا القياس يجوز أن تكون الخطوة والخطوة، فإذا كان كذلك، فالخطوة: المكان المتخطّى، كما أنّ الغرفة: العين المغترفة بالكفّ، فيكون المعنى: لا تتبعوا سبيله ولا تسلكوا طريقه، لأن الخطوة اسم مكان. وإن جعلت الخطوة كالخطوة في المعنى.
كما جعلوا الدّهن كالدّهن، فالتقدير: لا تأتمّوا به. ولا تقفوا أثره، فالمعنيان يتقاربان وإن اختلف التقديران. وقول رؤبة:
[الحجة للقراء السبعة: 2/265]
مجهولة تغتال خطو الخاطي معناه: أن هذه المفازة لطولها وبعد أقطارها كأنّ الخطى تهلك فيها فلا تؤثّر في قطعها، كما قال ذو الرّمّة في وصف عين بالسّعة:
تغول سيول المكفهرّات غولها أي لسعتها، وأنها لا تمتلئ مما يمتدّ إليها من الأمطار كأنّها تهلكها وتذهب بها.
وحجة من حرّك العين من خطوات: أن الواحدة (خطوة) فإذا جمعت حركت العين للجمع، كما فعلت بالأسماء التي على هذا الوزن نحو: غرفة وغرفات قال تعالى: وهم في الغرفات آمنون [سبأ/ 37]. ولم يلزم أن تبدل من الضمة كسرة، ومن الواو ياء كما يفعل ذلك في: أدل، وأجر، ونحوه، لأنه بمنزلة ما يبنى على التأنيث- ألا ترى أن الضمة إنما اعترضت مع الجمع بالألف والتاء، ولم تثبت الضمة والواو آخرة، ثم لحقتها التاء للجمع، كما أن الياء والواو في: النهاية والشقاوة
[الحجة للقراء السبعة: 2/266]
لم تثبتا في الكلام، ثم يلحقهما التأنيث. وإنما بنيت الكلمة على حرف التأنيث كما يبنى «مذروان» على التثنية، وهذا في خطوات ونحوها أظهر. لأن الضمة إنما تلحق مع الألف والتاء كما أنها في الغرفات والرّكبات كذلك.
وشيء آخر لمن ثقّل العين، وهو أنّه يجوز أن يكون لمّا حذف التاء التي للتأنيث، فبقي الاسم على فعل، حرّك العين مثل: عنق وعنق، وطنب وطنب فلمّا ثقّل العين بني الاسم على تاء التأنيث وألفه، كما بنى الاسم على التاء المفردة في: غيابة وشقاوة، وعلى التثنية في مذروان وثنايان، والدليل على ذلك قول لبيد:
فتدلّيت عليه قافلًا... وعلى الأرض غيايات الطّفل
ألا ترى أنه لو لم يكن الاسم مبنياً عليهما لهمزت الياء لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، فكما أن ثنايان مبني على التثنية، كذلك هذا بني على الجمع بالألف والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 2/267]
قال أبو الحسن: التحريك: قول أهل الحجاز.
وحجة من أسكن فقال: خطوات: أنهم نووا الضمة وأسكنوا الكلمة عنها- ألا ترى أنّ القول في ذلك لا يخلو من أن تكون جمع فعلة، فتركوها في الجمع على ما كانت عليه في الواحد، أو يكونوا أرادوا الضمة فخفّفوها وهم يريدونها، كما أنّ من قال: لقضو الرجل ورضي، أراد الضمة والكسرة، فحذفوها من اللفظ وهم يقدرون ثباتها، بدلالة تركهم ردّ الياء والواو، فلا يجوز الوجه الأول لأن ذلك إنما يجيء في ضرورة الشعر دون حال السّعة والاختيار، كما قال ذو الرّمّة.
... ورفضات الهوى في المفاصل فإذا لم يجز حمله على هذا الوجه، علمت أنه على الوجه الآخر، وأنهم أسكنوها تخفيفاً، وهم يريدون الضمة، كما تراد الضمة في: لقضو الرجل ونحوه، ولهذا لم يجمع ما كان على فعال، ونحوه من المعتل على: فعل، ولا فعل لأنك لو جمعته على فعل، لكانت الضمة في تقدير الثبات، ويدلّك على أنها عندهم في تقدير الثبات: أن التحريك فصل بين الاسم والصفة، فإذا كان كذلك علمت أن التحريك الذي يختصّ بالأسماء دون الصفات منويّ، فأما قولهم: ثني وثن؛ فهو مما رفضوه في سائر كلامهم.
[الحجة للقراء السبعة: 2/268]
ولمن أسكن. العين من خطوات وجه آخر من الحجاج، وهو أن يكون أجرى الواو في إسكانه إياها مجرى الياء- ألا ترى أن ما كان من هذا النحو من الياء نحو، مدية، وكلية، وزبية، لم يجمع إلا بالإسكان للعين، وذلك أنك لو حركتها للزم انقلاب الياء واواً لانضمام ما قبلها، كما لزمها انقلابها في: لقضو الرجل، فلما كان التحريك يؤدي إلى القلب، قرروه على الإسكان فقالوا: مديات وكليات. فلما لزم الإسكان في الياء جعل من أسكن خطوات الواو بمنزلة الياء، كما جعلوها بمنزلتها في (اتسروا)، ألا ترى أن التاء لا تكاد تبدل من الياء، وإنما يكثر إبدالها من الواو، وإنما أبدلوها في (اتسر)، لإجراء الياء مجرى الواو، وكذلك أجرى الواو مجرى الياء في أن أسكنها في خطوات ولا يلزمه على هذا أن يقول في: غرفات: غرفات، لأنه لم يجتمع مع كثرة الحركات الأمثال كما اجتمعت في خطوات). [الحجة للقراء السبعة: 2/269]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام والأعرج، ورُويت عن عمرو بن عبيد: [خُطُؤات] بضمتين وهمزة، وهي مرفوضة وغلط.
وقرأ أبو السمال: [خَطَوات] بفتح الخاء والطاء.
قال أبو الفتح: أما الهمز في هذا الموضع فمردود؛ لأنه من خطوت لا من أخطأت، والذي يُصرف هذا إليه أن يكون كما تهمزه العرب ولا حظَّ له في الهمز، نحو: حَلَّأت السويق، ورَثَأْثُ رُوحي بأبيات، والذئب يستنشئ ريح الغنم. والحمل على هذا فيه ضعف؛ إلا أن الذي فيه من طريق العذر أنه لما كان من فعل الشيطان غلب عليه معنى الخطأ، فلما تصور ذلك المعنى أَطلعت الهمزة رأسها، وقيل: [خُطُؤات].
وأما خَطَوات فجمع خَطْوة، وهي الفَعْلَة، والْخُطوة ما بين القدمين، والْخُطُوات كقولك: طرائق الشيطان، والْخَطَوات كقولك: أفعال الشيطان). [المحتسب: 1/117]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تتبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدو مبين}
قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر والبزي {خطوات} ساكنة
[حجة القراءات: 120]
الطّاء وحجتهم أنهم استثقلوا الضمتين بعدهما واو في كلمة واحدة فسكنوا الطّاء طلبا للتّخفيف
وقرأ الباقون خطوات بضم الطّاء وحجتهم أن أصل فعلة إذا جمعت أن تحرّك العين بحركة الفاء هذا المستعمل في العربيّة مثل ظلمة وظلمات وحجرة وحجرات وقربة وقربات وخطوة وخطوات وقالوا ولم تستثقل العرب ضمة العين). [حجة القراءات: 121]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (93- قوله: {خطوات} قرأه ابن عامر والكسائي وحفص وقنبل بضم الطاء حملًا على أصل الأسماء؛ لأن الأسماء يلزمها في الجمع الضم في نحو: «غرفة، وغرفات» فضم «خطوات» على الأصل، وهي لغة أهل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
الحجاز، وقرأ الباقون بإسكان الطاء تخفيفًا؛ لاجتماع ضمتين وواو، لأنه جمع، ولأنه مؤنث، فاجتمع فيه ثقل الجمع، وثقل التأنيث، وثقل الضمتين والواو، فحسن فيه التخفيف، وقوي، وأصله الضم، ولا يحسن أن يقال: تُركت الطاء على سكونها في الواحد، لأن الجمع يلزمه الضم، فإنما هي ضمة أسكنت تخفيفًا؛ لما ذكرنا، لأن الضم، في هذا الباب للفرق بين الاسم والصفة، فالاسم يلزمه الضم لخفته، والصفة تسكن لثقلها، وذلك للفرق بينهما، والإسكان أولى لخفته، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/274]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (58- {خُطُوَاتِ} [آية/ 168]:-
مضمومة الخاء والطاء، قرأها ابن كثير وابن عامر والكسائي و- ص- عن عاصم ويعقوب.
ووجه هذه القراءة أنه جمع خطوة على فعلة بضم الفاء وغرفات، قال الله تعالى {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ}، وهو مذهب أهل الحجاز.
وقرأ الباقون {خُطْواتِ} بضم الخاء وتسكين الطاء.
[الموضح: 310]
وذلك أنهم لما جمعوا الخطوة نووا الضمة في الطاء ثم أسكنوها استخفافًا، وهي في تقدير الثبات، يدل على أن الضمة في حكم الثبات أن هذه حركة يفصل بها بين الاسم والصفة، كما هي في جمع فعلة المفتوحة الفاء، فلا تحذف عن الاسم حذفًا، إذ هي فارقة بينه وبين الصفة فهي منوية لا محالة). [الموضح: 311]

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)}

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا}
اختلف القرّاء في إدغام لام هل وبل عند التّاء والثاء والطاء والظاء والصّاد والزّاي والسّين والنّون نحو {بل نتبع} و{هل ترى}
فقرأ الكسائي جميع ذلك بالإدغام دخل حمزة معه عند التّاء والثاء والسّين وقرأ الباقون جميع ذلك بالإظهار
حجّة الكسائي في ذلك أن هذه اللّام لما كانت ساكنة في الخلقة أشبهت لام المعرفة فأدغمها عند هذه الحروف كما تدغم لام المعرفة عندهن فأجرى لام هل وبل مجرى لام المعرفة فأدغمها فيما أدغم فيه لام المعرفة ألا ترى أنه لم يدغم لام قل في شيء لأن سكونها عارض وأن الحركة أصلها وكذلك {ومن يبدل نعمة الله} وحجّة من أظهر لام هل وبل أن هذه اللّام تفارق لام المعرفة من جهة أن كل واحدة منهما من حرف يسكت عليه والّذي لقيها من حرف آخر فضعفت عن الإدغام الّذي يكون في الحرف الواحد الّذي
[حجة القراءات: 121]
لا يفصل بعضه عن بعض). [حجة القراءات: 122]

قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فمن اضطرّ... (173).
اختلف القراء في ضم النون وكسرها من قوله: (فمن اضطرّ)، وفي
[معاني القراءات وعللها: 1/188]
التاء من قوله: (وقالت اخرج عليهنّ)، وفي الدال من قوله: (ولقد استهزئ) وفي الواو من قوله: (أو اخرجوا) (أو ادعوا)،
وفي اللام من قوله: (قل انظروا)، و(قل ادعوا)، ونحوهن.
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي: (فمن اضطرّ) (أن اقتلوا) (أو اخرجوا)، (ولقد استهزئ)، (وقالت اخرج)، (أو انقص) وما نحا نحو هذا بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 1/189]
قرأ أبو عمرو: (قل ادعوا الله)، (أو انقص)، (أو اخرجوا)، (أو ادعوا) (قل انظروا) بضم اللام والواو في هذه الخمسة الأحرف، وكسر الباقي.
وروى هارون عن أبي عمرو: (وقالت اخرج) بضم التاء، (فمن اضطر) بضم النون.
وقرأ عاصم وحمزة بكسرها كلها في التنوين وغيره، لاجتماع الساكنين.
وقرأ يعقوب: (أو اخرجوا)، (أو ادعوا)، (أو انقص) بضم هذه الثلاثة الأحرف، وكسر الباقي.
قال أبو منصور: هما لغتان، فمن كسر فلاجتماع الساكنين، ومن ضم فلأن ألف الوصل كان حقها الضم لو ابتدى بها، فلما سقطت في الوصل نقلت ضمتها إلى الحرف الذي قبلها.
[معاني القراءات وعللها: 1/190]
واتفق القراء على ضم الطاء من "اضطّر" ومن فتحها فقد خالف الإعراب). [معاني القراءات وعللها: 1/191]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}
قرأ حمزة وأبو عمرو وعاصم {فمن اضطر} بكسر النّون حيث كان وكذلك {وقالت اخرج} {ولقد استهزئ} و{فتيلا انظر} بكسر التّاء والدّال والتنوين زاد عاصم وحمزة عليه كسر اللّام والواو مثل {قل ادعوا الله أو ادعوا الرّحمن} ودخل ابن عامر معهم في التّنوين فحسب
وقرأ الباقون جميع ذلك بالرّفع وحجتهم أنهم كرهوا الضّم بعد الكسر لأن يثقل على اللّسان فضموا ليتبع الضّم الضّم
وحجّة الكسر أن الساكنين إذا اجتمعا يحرك أحدهما إلى الكسر كقوله {وقل الحق من ربكم} وذكر اليزيدي عن أبي عمرو قال وإنّما كسرت النّون لأنني رأيت النّون حرف إعراب في حال النصب والرّفع تذهب إلى الكسر مثل قوله {غفورًا رحيما النّبي} وقوله {والله عزيز حكيم الطّلاق} قال فإذا كانت النّون نفسها فهو أحق أن يذهب بها إلى الكسر قال والتّاء والدّال بمنزلة النّون وهما أختا النّون إذ كانت لام التّعريف تندغم فيها كإدغامها في التّاء والدّال فتقول هي التّاء والدّال والنّون فترى اللّام فيهنّ
[حجة القراءات: 122]
مدغمة وضم الواو لأن اللّام تظهر عند الواو وضم اللّام في قوله {قل ادعوا الله} كراهية كسرة اللّام بين ضمتين ضمة القاف وضمة العين فأتبع الضمة الضّم). [حجة القراءات: 123]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (59- {فَمَنِ اضْطُرَّ} [آية/ 173]:
بضم النون، قرأها ابن كثير ونافع والكسائي.
والوجه أن ضمة النون ههنا لإتباع ضمة الطاء في من اضطر، ولم تكسر وحقها الكسر لالتقاء الساكنين، بل ضمت كراهة الخروج من الكسرة إلى الضمة؛ لأن ذلك يثقل عندهم، وليس الضاد الساكنة بحاجز عندهم لسكونها، فإن الكسرة تلي الضمة، فكما استثقلوا نحو فعل بكسر الفاء وضم العين للخروج من الكسر إلى الضم حتى اطرحوه من كلامهم، فكذلك يستثقلون نحو ذلك، فيقولون: اقتل بضم همزة الوصل إتباعًا لضمة التاء، ولا يقولون اقتل بكسر الهمزة كراهة لما ذكرنا من الخروج من الكسرة إلى الضمة.
ومثل قوله {فَمَنُ اضْطُرّ} قوله تعالى {أَنُ اقْتُلُوا} و{أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ}.
[الموضح: 311]
وقرأ عاصم وحمزة {فَمَنِ اضْطُرّ} بكسر النون من {مَن}، وكذلك يعقوب إلا في الواو فإنه ضمها حيث وقعت نحو {أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ}.
والوجه في كسر {مَنِ اضْطرّ} أن الكسر فيه لالتقاء الساكنين وهو الأصل فيه.
وأما ضم يعقوب الواو في نحو {أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ} مع كسر غير الواو؛ فلأن الواو إما أن تكون للجمع أو لغير الجمع، فإن حقها الضم لالتقاء الساكنين نحو {اشْتَرَوُا}؛ لأن لام الفعل التي كانت كان فيها ضم في حالة الجمع، فلما زال الضم بزوال محله أرادوا أن يدلوا عليه فجعلوا حركة التقاء الساكنين الضمة.
وأما ما كان لغير الجمع فإنه يجوز ضمه أيضًا على تشبيهه بواو الجمع نحو {أَوُ انْقُصْ} و{لَوُ اسْتَطَعْنَا} ). [الموضح: 312]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (174) إلى الآية (176) ]

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)}


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[ الآية (177) ]

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم... (177).
قرأ حفص وحمزة: (ليس البرّ) بالنصب، وقرأ الباقون: (ليس البرّ) رفعا.
قال أبو منصور: الاختيار الرفع؛ لأن (ليس) يرفع الاسم الذي يليه، ومن نصب فعلى أنه جعل اسم ليس (البرّ) (أن تولّوا)، و(البرّ) خبره، وهو جائز، والرفع أجود القراءتين.
وقوله جلّ وعزّ: (ولكنّ البرّ من آمن باللّه... (177).
قرأ نافع وابن عامر: (ولكن البرّ من آمن باللّه)، (ولكن البرّ
[معاني القراءات وعللها: 1/191]
من اتّقى) بتخفيف النون من (لكن) ورفع (البر).
وقرأ الباقون بتشديد النون والنصب.
قال أبو منصور: هما لغتان فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 1/192]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في رفع الراء ونصبها من قوله تعالى: ليس البرّ [البقرة/ 177].
فقرأ عاصم في رواية حفص وحمزة: ليس البرّ بنصب الراء.
وروى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يقرأ بالنصب والرفع. وقرأ الباقون البرّ رفع.
[الحجة للقراء السبعة: 2/269]
قال أبو علي: كلا المذهبين حسن، لأنّ كلّ واحد من الاسمين: اسم ليس وخبرها، معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافئا في كون أحدهما اسماً والآخر خبراً كما تتكافأ النكرتان.
ومن حجة من رفع البرّ: أنه أن يكون البرّ الفاعل أولى، لأن ليس تشبه الفعل وكون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده، ألا ترى أنّك تقول: قام زيد؛ فيلي الاسم الفعل، وتقول: «ضرب غلامه زيد»، فيكون التقدير بالغلام التأخير، ولولا أن الفاعل أخصّ بهذا الموضع لم يجز هذا، كما لم يجز في الفاعل: «ضرب غلامه زيداً» حيث لم يجز في الفاعل تقدير التأخير كما جاز في المفعول به، لوقوع الفاعل في الموضع الذي هو أخصّ به.
ومن حجة من نصب البرّ: أنه قد حكي لي عن بعض شيوخنا، أنه قال في هذا النحو: أن يكون الاسم: «أن
[الحجة للقراء السبعة: 2/270]
وصلتها» أولى وأحسن، لشبهها بالمضمر، في أنها لا توصف كما لا يوصف المضمر، فكأنّه اجتمع مضمر ومظهر، والأولى إذا اجتمع مضمر ومظهر أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر، فكذلك إذا اجتمع أن مع مظهر غيره، كان أن يكون أن والمظهر الخبر أولى). [الحجة للقراء السبعة: 2/271]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي وابن مسعود: [ليس البر بأن تولوا وجوهكم]، قال ابن مجاهد: فإذا كان هكذا لم يجز أن يُنْصب البر.
قال أبو الفتح: الذي قاله ابن مجاهد هو الظاهر في هذا؛ لكن قد يجوز أن يُنْصب مع الباء، وهو أن تجعل الباء زائدة؛ كقولهم: كفى بالله؛ أي: كفى الله؛ وكقوله تعالى: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} أي: كفينا، فكذلك [ليس البر بأن تولوا] بنصب البر كما في قراءة السبعة.
[المحتسب: 1/117]
فإن قلت: فإن [كفى بالله] شاذ قليل، فكيف قست عليه "ليس"، ولم نعلم الباء زيدت في اسم ليس؛ إنما زيدت في خبرها، نحو قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ}؟ قيل: لو لم يكن شاذًّا لما جوزنا قياسًا عليه ما جوزناه؛ ولكنا نوجب فيه ألبتة واجبًا، فاعرفه). [المحتسب: 1/118]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ليس البر أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن باللّه}
قرأ حمزة وحفص {ليس البر أن تولّوا} نصبا وقرأ الباقون بالرّفع فمن نصب جعل أن مع صلتها الاسم فيكون المعنى ليس توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر كله ومن رفع فالمعنى البر كله توليتكم فيكون {البر} اسم ليس ويكون {أن تولّوا} الخبر وحجتهم قراءة أبي (ليس البر بأن تولّوا) ألا ترى كيف أدخل الباء على الخبر والباء لا تدخل في اسم ليس إنّما تدخل في خبرها
قرأ نافع وابن عامر {ولكن} خفيفة {البر} رفعا وقرأ الباقون {ولكن البر} بالتشديد والنّصب اعلم أنّك إذا شددت {لكن} نصبت {البر} ب لكن وإذا خففت رفعت البر وكسرت النّون لالتقاء الساكنين وقد بيّنت الحجّة فيما تقدم). [حجة القراءات: 123]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ليس البر} قرأه حمزة وحفص بالنصب، وقرأه الباقون بالرفع.
108- ووجه القراءة بالنصب أن «ليس» من أخوات «كان» يقع بعدها المعرفتان، فتجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر، فلما وقع بعد «ليس» «البر» وهو معرفة، و«أن تولوا» معرفة؛ لأنه مصدر بمعنى التولية، جعل «البر» الخبر، فنصبه، وجعل «أن تولوا» الاسم فقدر رفعه، وكان المصدر أولى بأن يكون اسمًا؛ لأنه لا يتنكر، و«البر» قد يتنكر، فـ «أن» والفعل أقوى في التعريف، وأيضًا فإن «أن» وصلتها تشبه المضمر؛ لأنها لا توصب كما لا يُوصف المضمر، ومن الأصول أنه إذا اجتمع مع «ليس» وأخواتها مضمر ومظهر، فالمضمر هو الاسم، لأنه أعرف، فلما كانت «أن» وصلتها كالمضمر، كانت أولى أن تكون هي اسم «ليس»، وقوي ذلك؛ لأن «أن» وصلتها في تقدير الإضافة إلى المضمر؛ لأن معناها «توليتكم» والمضاف إلى المضمر أعرف مما فيه الألف واللام، والأعرف أولى أن يكون هو الاسم لـ «كان» وأخواتها؛ لأنه هو المخبر عنه، ولا يُخبر إلا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/280]
عن الأعرف دون الأنكر، ألا ترى أن النكرات لا يُخبر عنها، وأيضًا فإن «البر» تعريفه ضعيف؛ لأنه يدل على الجنس، ليس يدل على شخص بعينه، وتعريف الجنس ضعيف؛ لأنه كالنكرة، فصار «أن» والفعل أقوى من «البر» في التعريف بكثير، فوجب أن يكون الأعرف هو الاسم، وهو «أن» وما بعدها، ووجب نصب البر على الخبر.
109- ووجه القراءة بالرفع أن اسم «ليس» كالفعل، ورتبة الفاعل أن يلي الفعل، فلما ولي «البر» «ليس» رفع، ولو نصب «البر» لوجب أن يكون الكلام غير رتبته، وأن ينوي بـ «البر» التأخير، فيكون الكلام على رتبته، التي أتت به التلاوة، أولى من أن يحدث فيه ما يحتاج معه إلى التقديم والتأخير، ويقوي رفعه رفع «البر» الثاني، الذي معه الباء إجماعًا في قوله: {وليس البر أن تأتوا} «189» ولا يجوز فيه إلا رفع «البر» فحمل الأول على الثاني أولى من مخالفته له، ويقوي رفع «البر» أيضًا أن في مصحف ابن مسعود: (ليس البر بأن تولوا) بزيادة باء، وهذا لا يكون معه إلا رفع «البر»، وهو الاختيار؛ لإجماع القراء عليه، ولأنه رتبة الكلام، وبه قرأ الحسن والأعرج، ويقوي ذلك أن في مصحف أُبي: (ليس البر بأن تولوا} كمصحف ابن مسعود، والرفع في «البر» اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وغيرهما، وبه قرأ الحسن والأعرج وشيبة ومسلم بن جندب وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن وشبل وغيرهم، والنصب قوي في «البر» من باب التعريف، فالقراءتان حسنتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/281]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (60- {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [آية/ 177]:-
بنصب {البِرَّ}، قرأها حمزة و- ص- عن عاصم.
ووجه ذلك أن {البِرَّ} في هذه القراءة خبر ليس، و{أَنْ تُوَلّوا} اسمها، وإذا كان أن مع صلتها الاسم كان أحسن؛ لأنها تشبه المضمر في أن كل واحد منهما لا يوصف، وإذا اجتمع مضمر ومظهر كان المضمر أولى بأن يكون اسم ليس؛ لأنه أشد اختصاصًا من المظهر، فلذلك اختار هذه القراءة مَنْ قرأ بها.
وقرأ الباقون {لَيْسَ البِرُّ} بالرفع.
ووجهه أن ليس مشبه بالفعل، واسمها مشبه بالفاعل، وإذا كان الفاعل بعد الفعل كان أولى من أن يكون بعده المفعول.
وكلتا القراءتين حسنة؛ لكون الاسم والخبر جميعًا معرفتين، فأيهما جعل اسمًا والآخر خبرًا كان حسنًا). [الموضح: 313]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (61- {وَالصَّابِرِونَ فِي الْبَأْسَاءِ} [آية/ 177]:-
بالرفع، رواها ان- عن يعقوب.
[الموضح: 313]
والوجه أن معطوف على قوله {مَنْ آمَنَ}؛ لأن موضع {مَنْ آمَنَ} رفع على أنه خبر {لكِنَّ}، والتقدير: ولكن ذا البر من آمن بالله واليوم الآخر والموفون والصابرون، فعطف قوله {والصابرون} على قوله {مَنْ آمَنَ}، كما عطف قوله {والمُوفُون} عليه، وموضع {مَنْ آمَنَ} رفع، فكذلك يكون ما عطف عليه رفعًا أيضًا.
وعند الزجاج أنه عطف على {الموفون}، و{الموفون} رفع على أنه خبر مبتدأ، والتقدير: هم الموفون والصابرون.
وقرأ الباقون {الصابِرينَ} بالنصب.
والوجه أنه منصوب على المدح، وذلك بأن يضمر له فعل ناصب، والمعنى أمدح الصابرين، أو أخص الصابرين، كما قال:
12- لا يبعدن قومي الذين هم = سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك = والطيبون معاقد الأزر
بنصب النازلين، كأنه قال أمدح النازلين، ورفع الطيبين، كأنه قال هم الطيبون.
[الموضح: 314]
وذهب بعضهم إلى أنه عطف على قولوه {ذَوِي القُرْبَى}، والتقدير: وآتى المال ذوي القربى والصابرين.
والف هذا بأن العطف على ما في صلة الموصول لا يجوز بعد العطف على الموصول.
وقيل: هو عطف على اسم {لكِنَّ} ). [الموضح: 315]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:23 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (178) إلى الآية (179)]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)}

قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 07:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (180) إلى الآية (182) ]

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)}


قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)}

قوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)}

قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فمن خاف من موصٍ جنفًا... (182).
قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي ويعقوب: (من موصٍّ) بتشديد الصاد.
وقرأ الباقون: (من موصٍ).
قال أبو منصور: هما لغتان: وصّى وأوصى، فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 1/192]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الواو وتشديد الصاد وتخفيفها من قوله عزّ وجلّ: فمن خاف من موصٍ جنفاً [البقرة/ 182].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر موصٍ ساكنة الواو، وحفص عن عاصم مثله.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي موصٍ مفتوحة الواو مشددة الصاد.
قال أبو علي: حجة من قال: موصٍ: قوله تعالى: فلا يستطيعون توصيةً [يس/ 50] وحجة من قال: موصٍ: يوصيكم اللّه في أولادكم [النساء/ 11] ومن بعد وصيّةٍ توصون بها أو دينٍ [النساء/ 12]. وفي المثل:
إنّ الموصّين بنو سهوان
[الحجة للقراء السبعة: 2/271]
وقال النّمر بن تولب:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت... أوصّ بدعد من يهيم بها بعدي
وقال آخر:
أوصيك إيصاء امرئ لك ناصح... طبّ بصرف الدّهر غير مغفّل
فأمّا قوله تعالى: ووصّى بها إبراهيم بنيه [البقرة/ 132] فلا أرى من شدّد ذهب فيه إلى التكثير وإنما وصّى مثل: أوصى، ألا ترى أنه قد جاء: من بعد وصيّةٍ توصون بها أو دينٍ [النساء/ 12] ولم يشدّد، فإن كان للكثرة فليس هو من باب وغلّقت الأبواب [يوسف/ 23]). [الحجة للقراء السبعة: 2/272]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فمن خاف من موص جنفا}
[حجة القراءات: 123]
وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {فمن خاف من موص} وحجتهم قوله {ما وصّى به نوحًا} و{فلا يستطيعون توصية} مصدر من وصّى
وقرأ الباقون {موص} بالتّخفيف وحجتهم قوله {يوصيكم الله} و{من بعد وصيّة توصون} قال الكسائي هما لغتان مثل أوفيت ووفيت وأكرمت وكرمت وقد روي عن أبي عمرو أنه فرق بين الوجهين فقال ما كان عند الموت فهو موص لأنّه يقال أوصى فلان بكذا وكذا فإذا بعث في حاجة قيل وصّى فلان بكذا). [حجة القراءات: 124]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (110- قوله: «موصٍ» قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بفتح الواو مشددًا، حملوه على «وصى به» وعلى توصية فـ «موص» اسم فاعل من «وصى» ومن «توصية»، وقد تقدم ذكر هذا في {ووصى بها إبراهيم} وقرأ الباقون: {موص} بإسكان الواو مخففًا، حملوه على «أوصى» وعلى «يوصي» و«يوصون» فهو اسم فاعل من «أوصى يوصي» لكن في التشديد معنى التكرير والتكثير، والقراءتان متكافئتان حسنتان، لكل واحدة منهما شاهد، قد أجمع عليه، وكان التخفيف أحب إلي؛ لأن أكثر القراء عليه؛ ولأنه أخف على القارئ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/282]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (62- {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ} [آية/ 182]:-
مفتوحة الواو، مشددة الصاد، قرأها حمزة والكسائي وعاصم ويعقوب.
وذلك أنه قد جاء {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} وهي من وصى، وقد مضى مثله.
وقرأ الباقون {مُوْصٍ} ساكنة الواو، مخففة الصاد، من أوصى، وقد جاء نحوه في قوله {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ} و{تُوصُونَ}، وقد ذكرنا أن وصى وأوصى لغتان). [الموضح: 315]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة