العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 09:55 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (23) إلى الآية (26) ]

{ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23)}

قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (يهديني ربي) [الكهف/ 24] بياء في الوصل.
وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بغير ياء.
إثبات الياء حسن لأنها ليست بفواصل فتكون كالقوافي.
ومن حذف فلأن الحذف في هذا النحو وإن لم يكن قافية فقد جاء وكثر). [الحجة للقراء السبعة: 5/141]

قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (ثلاث مائةٍ سنين (25)
قرأ حمزة والكسائي (ثلاث مائة) مضافةً، وقرأ الباقون (ثلاث مائةٍ سنين) منونة.
قال أبو منصور: من قرأها بالإضافة فإن الفرّاء قال: العرب تجعل السنين على وجهين: يقولون هذه سنينٌ فاعلم، و: سنين فاعلم، و: سنون فاعلم.
فمن جمعها بالواو والنون كان جمعًا لا غير، ومن جمعها بالنون والياء في جميع الوجوه قال: شبّهته بالواحد، وكذلك من أجرى فهو كالواحد، كأنه قال: ثلاث مائة سنة، فهذا وجه الإضافة.
ومن قرأه فقال: (ثلاث مائةٍ سنين) ففيه وجهان:
أحدهما: أن يجعل (سنين) في موضع النصب، ينصبها بالفعل، كأنه قال: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة.
والوجه الثاني: أن يجعل (سنين) في موضع الخفض بدلاً من قوله (ثلثمائة)، وكل حسن جيد.
وأخبرني المنذري عن اليزيدي قال: سمعت أبا حاتم يقول في قوله: (ثلاث مائةٍ سنين) كأنه قال: ليست مشهورة.
[معاني القراءات وعللها: 2/108]
قال أبو منصور. وهذا يكون بدلاً، كما قال الفراء). [معاني القراءات وعللها: 2/109]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين} [25]. قرأ حمزة والكسائي بالإضافة غير منون.
والباقون ينونون. فمن نون نصب {سنين} بـ {لبثوا} والتقدير: ولبثوا سنين ثلاثمائة فـــ {سنين} مفعول {لبثوا} و{ثلاث مائة} بدل كما تقول:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/389]
خرجت أيامًا خمسة، وصمت سنين عشرا. وإن شئت نصبت {ثلاث مائة} بــ {لبثوا} وجعلت {سنين} بدلاً ومفسرًا عنها. ومن لم ينون فليست قراءته مختارة، لأن العرب إذا أضافت هذا الجنس أفردت فيقولون: عندك ثلاث مائة دينار.
و {سنين} فيها لغتان تجمع فيها جمع السلامة والتكسير، فالسلامة قولك: هذه سنون يا فتى، ورأيت سنين يا فتى. ومنهم من يجمعها جمع التكسير وينون ويجعل الإعراب في النون فيقولون: هذه سنين فاعلم، وصمت سنينًا وعجبت من سنين، وقد ذكرت أصل ذلك في قوله: {يتسنه}.
وروى أحمد بن موسى عن أبي عمرو {وادادوا تسعا} بفتح التاء، وهي لغتان، وفيه أيضًا ثلاث لغات، ويقال: تسع وتسع وتسع، وروى عن الحسن: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة} بفتحة التاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/390]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التنوين من قوله تعالى: ثلاث مائة سنين [الكهف/ 25].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم ثلاث مائة سنين منون.
وقرأ حمزة والكسائي (ثلاث مائة سنين) مضاف غير منون.
قال أبو الحسن: تكون السنون لثلاث مائة، قال: ولا يحسن إضافة المائة إلى السنين، لا تكاد العرب تقول: مائة سنين، وقال: هو جائز في هذا المعنى، وقد يقوله بعض العرب، قال: وقد قرأها الأعمش، وفي حرف عبد الله: (ثلاثمائة سنة).
[الحجة للقراء السبعة: 5/136]
قال أبو علي: ممّا يدلّ على صحة قول من قال: ثلاثمائة سنين أن هذا الضرب من العدد الذي يضاف في اللغة المشهورة إلى الآحاد نحو: ثلاثمائة رجل وأربع مائة ثوب قد جاء مضافا إلى الجميع في قول الشاعر:
ما زوّدوني غير سحق عمامة... وخمس مئ فيها قسيّ وزائف
وذاك أن مئ لا تخلو من أن تكون في الأصل مئي، كأنه فعلة، فجمع على فعل، مثل: سدرة وسدر، أو تكون: فعلة، جمع على فعول، مثل: بدرة وبدور، ومأنة ومئون، قال:
عظيمات الكلاكل والمئون فإن قلت: ما ننكر أن يكون مئ أصله: مئي، وإنّما حركت العين كما حرّكت نحو: ركك، ومما أتبعت حركة عينه ما بعده. فالذي يضعّف ذلك أنك لا تجد فيما كان على حرفين نحو: شعيرة وشعير،
[الحجة للقراء السبعة: 5/137]
وسدرة، وسدر، فإذا لم تجد لذلك نظيرا عدلت عنه، وحملته على أنه فعول وأنه خفف كما يخفف في القوافي كقوله:
كنهور كان من أعقاب السّمي وإذا كان كذلك فقد جاء إضافة نحو: ثلاثمائة إلى الجمع، وكسرت الفاء من مئي كما كسرت من حليّ ونحوه، فأما قوله:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة... سودا
....
فلا يدلّ على جواز ثلاث مئين، وإضافتها إلى الجمع، لأن أبا عمر الجرمي حكى عن أبي عبيدة أن الحلوب لا يكون إلا جمعا، والحلوية تكون واحدا وتكون جمعا، فإذا كان كذلك أمكن أن يكون الشاعر جعل الحلوبة جمعا وجعل السود وصفا لها، فإذا أمكن هذا لم تكن فيه دلالة على جواز إضافة ثلاث مائة ونحوها إلى الجمع، فإن قلت يكون حلوبة في البيت واحدا ولا يكون جمعا، لأنه تفسير العدد وهذا الضرب من العدد يفسر كالآحاد دون الجموع، قيل: هذا لا يمتنع إذا كان المراد به الجمع، أن يكون تفسيرا لهذا الضرب من العدد من حيث كان على لفظ الآحاد، فكذلك الحلوبة يراد به الجمع ولا يمتنع أن تكون تفسيرا، كما لا يمتنع عشرون نفرا، وثلاثون قتيلا.
ونحو ذلك من الأسماء التي يراد بها الجمع، وهي على لفظ الآحاد.
وممّا يدلّ على أنه فعول قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/138]
وحاتم الطائيّ وهّاب المئي فهذا يدلّ على التخفيف، وهو فعول في الأصل، وإنّما خفف للقافية، كما خفّف البيت الذي قبله وهو:
حيدة خالي ولقيط وعلي فحذف كما حذف نحو:
متى أنام لا يؤرّقني الكري... ليلا ولا أسمع أجراس المطي
فإن قيل: لم لا يكون المئي فعلا، ويكون جمع فعلة على فعل، نحو: خشبة وخشب، وبدنة وبدن؟ فإنّ ذلك لا يكون، ألا ترى أن فعلا لا يكسر فاؤها كما يكسر فاء فعول، ولأن فعلا قد رفض في المعتلّ فلم يستعمل إلا في هذه الكلمة التي هي ثن في جمع ثنيّ فقط، فلا يحمل عليها غيرها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/139]
وأما قول من قال ثلاثمائة سنين فإن سنين فيه بدل من قوله: ثلاثمائة وموضعه نصب، كما أن موضع البدل منه كذلك، وقد قدمنا ذكر ذلك عن أبي الحسن). [الحجة للقراء السبعة: 5/140]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا}
قرأ حمزة والكسائيّ (ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين) مضافا بغير تنوين قال قوم ليست هذه القراءة مختارة لأن العرب غذ أضافت هذا الجنس أفردت فيقولون عندي ثلثمائة دينار ولا يقولون ثلثمائة دنانير ولا يقولون هؤلاء ثلثمائة رجال إنّما يقولون ثلثمائة رجل بل هذه القراءة مختارة وحجتهما أنّهما أتيا بالجمع بعد قوله ثلثمائة على الأصل لأن المعنى في ذلك هو الجمع وذلك أنّك إذا قلت عندي مئة درهم فالمعنى مئة من الدّراهم والجمع هو المراد من الكلام والواحد إنّما اكتفي به من الجمع إذا قيل ثلثمائة سنة وثلثمائة رجل لأن الواحد ها هنا يؤدّي على معنى الجمع بذكر العدد قبله فعاملوا الأصل الّذي هو مراد المتكلّم ولم يكتفيا بالواحد من الجمع هذا مذهب قطرب قال الكسائي العرب تقول أقمت عنده مئة سنة ومئة سنين
وقرأ الباقون (ثلثمائة سنين) منونا أوقعوا اللباث على السنين ثمّ بينوا عددها بعد فقالوا ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة قوله {سنين} بدل من {ثلاث}
قال الزّجاج {سنين} جائز أن يكون نصبا وجائز أن يكون جرا فأما النصب فعلى معنى ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة ويكون على تقدير العربيّة سنين معطوفًا على معطوفًا على ثلاث عطف البيان والتوكيد وجائز أن يكون سنين من نعت المئة وهو راجع في المعنى إلى ثلاث). [حجة القراءات: 414]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ثلاث مائة سنة} قرأ حمزة والكسائي بإضافة {مائة} إلى {سنين}، ولم يضف الباقون ونونوا {مائة}.
وحجة من أضاف أنه أجرى الإضافة إلى الجمع كالإضافة إلى الواحد، في قولك: ثلاث مائة درهم وثلاث مائة سنة، وحسن ذلك لأن الواحد في هذا الباب إذا أضيف إليه بمعنى الجمع، فحملا الكلام على المعنى، وهو الأصل، لكنه يبعد لقلة استعماله، فهو أصل قد رُفض استعماله، وقد منعه المبرد ولم يُجزه، ووجهه ما ذكرنا.
11- وحجة من لم يضف أن هذا العدد إنما يبين بواحد يضاف إليه، وليس المستعمل فيه أن يضاف إلى جمع، إلا أن يكون فيما دون العشرة، فيضاف إلى جمع للمشاكلة في أن كل واحد من الجمعين لأقل العدد فإذا علا العدد في الكثرة لم يضف إلى أقل العدد؛ لاختلاف معنييهما، فيضاف إلى واحد يبين جنسه، فلما لم يضف نون المائة وجعل «سنين» بدلًا من {ثلاث مائة} أعني من {ثلاث} فكأنه قال: ولبثوا في كهفهم سنين، وقيل: سنين، عطف بيان على ثلاث، وقيل: هي بدل من {مائة} لأن {مائة} بمعنى «مئين»، والتنوين هو الاختيار؛ لأنه المستعمل المشهور، ولأنه الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/58]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {ثَلَاثَ مِائَةِ سِنِينَ} [آية/ 25] مضافٌ غير منون:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن إضافة {ثَلاثمِائةٍ} إلى الجمع وإن كان غير قياسٍ من حيث الاستعمال فإنه أصلٌ، لكنه أصلٌ مرفوضٌ، وذلك أن الأصل في العدد أن يكون مضافًا إلى الجمع، ألا ترى أنك تقول: مررت بأربعة رجالٍ وخمسة رجالٍ، إلا أنهم وضعوا الواحد موضع الجمع في مائة، فاستغنوا بالواحد عن الجمع، والواحد أخف لفظًا، لكنهم في هذه القراءة قد استعملوا الأصل المرفوض فأضافوا المائة إلى الجمع إشعارًا بالأصل، كما قالوا استحوذ، فنبهوا على الأصل.
وقرأ الباقون {ثَلَاثَمِائَةٍ سِنِينَ} منونًا غير مضاف.
والوجه أن «سنين» نصبٌ على أنه بدلٌ من {ثَلاثَ مِائَةٍ}، و{ثَلاثَ مِائَةٍ} نصبٌ على أنه ظرف؛ لأن عدد زمانٍ فبدله نصبٌ أيضًا وهو قوله {سِنِينَ} ). [الموضح: 778]

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يشرك في حكمه أحدًا (26)
قرأ ابن عامر (ولا تشرك في حكمه أحدا) بالتاء وجزم الكاف، وقرأ الباقون، (ولا يشرك) بالياء والرفع.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء وجزم الكاف فعلى النهي، والنهي مجزوم.
ومن قرأ (ولا يشرك في حكمه) فالمعنى أنه جرى ذكر علمه وقدرته فأعلم منه عن أنه لا يشرك في حكمه ما تفرد به من علم الغيب أحدا). [معاني القراءات وعللها: 2/109]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {ولا يشرك في حكمه أحدا} [26].
قرأ ابن عامر وحده: {ولا تشرك} بالتاء والجزم على النهي، فالخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمرادُ لغيره.
والباقون يجعلونه خبرًا {ولا يشرك في حكمه} أي: فليس يُشرك في حكمه أحدًا. فـــ«يشرك» فعل مضارع وعلامة رفعه ضم آخره، والمعنى: ولا يُشرك الله في حكمه أحدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: ولا يشرك في حكمه أحدا [الكهف/ 26] بالياء والرفع، غير ابن عامر فإنه قرأ: (ولا تشرك) جزما بالتاء.
يشرك بالياء لتقدّم أسماء الغيبة، وهو قوله: ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك، والهاء للغيبة، فكذلك قوله: ولا يشرك أي: لا يشرك الله في حكمه أحدا.
وقراءة ابن عامر: (ولا تشرك) أنت أيها الإنسان في حكمه على النهي عن الإشراك في حكمه، المعنى: أي لا تكن كمن قيل فيه: أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون [الأعراف/ 191]، وقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/141]
سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا [الأنعام/ 148]، والقراءة الأولى أشيع، والرجوع من الغيبة إلى الخطاب كقولك: إياك نعبد بعد الحمد لله). [الحجة للقراء السبعة: 5/142]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا}
[حجة القراءات: 414]
قرأ ابن عامر (ولا تشرك في حكمه أحدا) بالتّاء والجزم على النّهي أي لا تنسبن أحدا إلى علم الغيب فالخطاب لرسول الله صلى الله عليه والمراد غيره ويقوّي التّاء ما بعده وهو قوله {واتل ما أوحي} قال الفراء وهو وجه غير مدفوع كما قال {ولا تدع مع الله إلهًا آخر}
وقرأ الباقون {ولا يشرك} بالياء وضم الكاف على الخبر المعنى ولا يشرك الله في حكمه أحدا
قال الزّجاج قد جرى ذكر علمه وقدرته فأعلم جلّ وعز أنه لا يشرك في حكمه ممّا يخبر به من الغيب أحدا كما قال جلّ وعز {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا} وكان السّديّ يقول {ولا يشرك في حكمه أحدا} أي لا يشاور في أمره وقضائه أحدا). [حجة القراءات: 415]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {ولا يشرك في حكمه} قرأه ابن عامر بالتاء والجزم. وقرأ الباقون بالياء والرفع.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/58]
وحجة من قرأ بالتاء والجزم أنه أجراه على الخطاب والنهي للإنسان، أي: لا تشرك أيها الإنسان في حكم ربك أحدا، نهى عن الإشراك، وهو رجوع عن غيبه إلى الخطاب، وقد مضى نظائره بأشبع من هذه العلة.
13- وحجة من قرأ بالياء والرفع أنه أجراه على لفظ الغيبة، وجعله نفيًا عن الله جل ذكره، نفى عنه الإشراك، فردّه إلى قوله: {ما لهم من دونه من ولي} ولا يشرك الله في حكمه أحدا، أي: ليس يشرك، وهو الاختيار، لأنه أليق بالكلام، وأشبه بما قبله، وعليه الأكثر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/59]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَلَا تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [آية/ 26] بالتاء وجزم الكاف:
قرأها ابن عامر ويعقوب ان-.
[الموضح: 778]
والوجه أنه على النهي عن الإشراك في حُكمه، وهو خطابٌ، والمعنى ولا تشرك أيها الإنسان أحدًا في حكمه.
وقرأ الباقون و-ح- و-يس- عن يعقوب {وَلَا يُشْرِكُ} بالياء ورفع الكاف.
والوجه أن الياء لتقدم اسم الغيبة، وهو قوله تعالى {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ}، أعني الهاء من {دُونِهِ}، وهذه الهاء ضمير اسم الله تعالى، والمعنى لا يُشرك الله في حكمه أحدًا، والرفع في {يُشْرِكُ} من أجل أنه على الإخبار، ولا موجب للجزم فيه). [الموضح: 779]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 09:56 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (27) إلى الآية (28) ]

{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}

قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {لَا مُبَدِّل لِّكَلِمَاتِهِ} [آية/ 27] بالإدغام:
رواها يس- عن يعقوب مثل أبي عمرو إذا أدغم.
وقرأ الباقون {لِكَلِمَاتِهِ} بالإظهار.
وقد مضى الكلام فيهما). [الموضح: 779]

قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {بالغداوة والعشي} [28]. قرأ ابن عامر {بالغداوة والعشي}.
والباقون: {بالغداوة}، لأن غداة نكرة وتعرف بالألف واللام، و{غدوة} معرفة بغير ألف ولام، فلا يجوز دخول تعريف على تعريف، كما لا يُقال: مررت بالزيد قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/390]
هذا مقام قدمي رباح
غدوة حتى دلكت براح
فلم ينون «غدوة» لأنها معرفة مؤنثة، فقال النحويون: لا وجه لقراءة ابن عامر، ولها عندي وجهان:
أحدهما: أن «غدوة» تنصبها العرب مع «لدن» فيقولون: لدن غدوة تشبيهًا بعشرين درهمًا، فلما اشبهت المنكور دخلتها الألف واللام.
والوجه الثاني: أن العرب قد تجمع الغدوة غدوًا ومثله تمرة وتمر، فكما قال الله تعالى: {بالغدو والأصال} قرأ ابن عامر {بالغدوة والعشى}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/391]
وفيها وجهٌ ثالثٌ وهو أشبهها بالصواب -: أن العرب تدخل الألف واللام على المعرفة إذا جاور ما فيه الألف واللام ليزدوج الكلام كما قال الشاعر:
وجدن الوليد بن اليزيد مباركا
شديدًا بأحناء الخلافة كاهله
فأدخل الألف واللام في «اليزيد» لما جاور الوليد فكذلك قرأ ابن عامر أدخل الألف واللام في الغدوة لما جاور العشي، والعرب تجعل بكرة وعشية وغدوة وسحر معارف، إذا أرادوا اليوم بعينه ولا يصرفون فيقولون: أزورك ف يغد سحر يا فتى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/392]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ ابن عامر وحده: (بالغدوة والعشي) [الكهف/ 28].
وقرأ الباقون: بالغداة والعشي بألف.
أما غدوة فهو اسم موضوع للتعريف، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يدخل عليه الألف واللام، كما لا تدخل على سائر الأعلام، وإن كانت قد كتبت في المصحف بالواو، ولم يدل على ذلك، ألا ترى أنهم قد كتبوا فيه الصلاة بالواو وهي ألف، فكذلك الغداة إن كتبت في هذا بالواو، ولا دلالة فيه على أنها واو، كما لم يكن ذلك في الصلاة ونحوها مما كتبت بالواو وهو ألف. ووجه دخول لام المعرفة عليها أنه قد يجوز وإن كان معرفة أن يتنكّر، كما حكاه أبو زيد من أنهم يقولون: لقيته فينة، والفينة بعد الفينة، ففينة مثل الغدوة في التعريف بدلالة امتناع الانصراف، وقد دخلت عليه لام التعريف، وذلك أنه يقدّر من أمّة كلها له مثل هذا الاسم فيدخل التنكير لذلك، ويقوّي هذا تثنية الأعلام وجمعها، وقولهم:
لا هيثم الليلة للمطيّ
[الحجة للقراء السبعة: 5/140]
وقولهم: أما البصرة فلا بصرة لك، فأجري هذا مجرى ما يكون شائعا في الجنس، وكذلك الغدوة. وقول من قال: بالغداة أبين). [الحجة للقراء السبعة: 5/141]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [وَلا تُعْدِ عَيْنَيْكَ].
قال أبو الفتح: هذا منقول من: عدت عيناك أي جاوزتا. من قولهم: جاء القوم عدا زيدا، أي: جاوز بعضهم زيدا، ثم نقل إلى أعديت عيني عن كذا، أي: صرفتها عنه.
قال:
حتى لَحِقْنا بهم تُعْدِي فَوَارِسُنا ... كأننا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا
[المحتسب: 2/27]
أي: تعدي فوارسنا خيلهم عن كذا، فحذف المفعول بعد المفعول. وتعديها من عدا الفرس، كقولنا: جرى، وعلى أن أصلهما واحد، لأن الفرس إذا عدا فقد جاوز مكانا إلى غيره). [المحتسب: 2/28]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد: [مَنْ أَغْفَلَنَا قَلْبُهُ].
قال أبو الفتح: يقال: أغفلْتُ الرجل: وجته غافلا، كقول عمرو بن معد يكرب: والله يا بني سليم لقد قاتلناكم فما أجبنَّاكُمْ، وسألْنَاكم فما أبخلْناكم، وهاجيْناكُم فما أفحمْناكُم، أي: لم نجدْكُم جبناء، ولا بخلاء، ولا مفحَمِين. وكقول الأعشى:
أثْوَى وقَصَّرَ ليلَةً لِيُزَوَّدَا ... فَمَضَى وَأَخْلَفَ من قُتَيْلَةَ مَوْعَدَا
أي صادفه مُخْلِفًا. وقال رؤبة:
وَأَهْيَجَ الخَلْصَاءَ مَنْ ذَاتِ البُرَقْ
أي صادفها هائجة النبت. وقال الآخر:
فَأَتْلَفْنا المَنَايا وأَتْلَفُوا
أي: صادفناها مُتْلِفَةً.
فإن قيل: فكيف يجوز أن يجدَ اللهَ غافلا؟ قيل: لَمّا فَعَلَ أفعالَ من لا يرتقبُ ولا يخافُ صار كأن الله سبحانه غافل عنه، وعلى هذا وقع النفي عن هذا الموضع، فقال: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون}، أي: لا تظنوا الله غافلا عنكم. وقال تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظ}، ونحو هذا في القرآن كثير، فكأنه قال: ولا تُطِعْ مَنْ ظَنَّنَا غافِلِينَ عنه.
[المحتسب: 2/28]
وعليه قول آخر:
أخْشَى عليها طَيِّئًا وأَسَدَا ... وَخَارِبَيْن خَرَبَا فَمَعَدَا
لا يحسبانِ اللهَ إلا رَقَدَا
وهذا هو ما نحن فيه البتة). [المحتسب: 2/29]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يدعون ربهم بالغداة والعشي}
قرأ ابن عامر (بالغدوة والعشي) بضم الغين وقرأ الباقون بالفتح وحجتهم أن غداة نكرة تعرف بالألف واللّام وغدوة معرفة فلا يجوز دخول تعريف على تعريف كما لا يقال مررت بالزيد
وحجّة ابن عامر هي أن العرب تدخل الألف واللّام على المعرفة
[حجة القراءات: 415]
إذا جاورت ما فيه الألف واللّام ليزدوج الكلام كما قال الشّاعر:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركًا ... شديدا بأحناء الخلافة كاهله). [حجة القراءات: 416]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {بِالْغُدْوَةِ وَالْعَشِيِّ} [آية/ 28] بالواو، مضمومة الغين:
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {بِالْغَدَاةِ} من غير واو.
[الموضح: 779]
وقد تقدم الكلام في هذه اللفظة). [الموضح: 780]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 09:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (29) إلى الآية (31) ]

{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}

قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}

قوله تعالى: {أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن: [مِنْ سُنْدُسٍ وَاسْتَبْرَقَ]، بوصل الألف.
قال أبو الفتح: هذا عندنا سهو أو كالسهو، وسنذكره في سورة الرحمن بإذن الله). [المحتسب: 2/29]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:00 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (32) إلى الآية (36) ]

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)}

قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)}

قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {وَفَجَرْنَا خِلَالَهُمَا} [آية/ 33] بالتخفيف:
رواها ان- عن يعقوب.
وقرأ الباقون {وَفَجَّرْنَا} بالتشديد.
وقد سبق القول فيه). [الموضح: 780]

قوله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ أبو عمرو: (ثمر) [الكهف/ 34] و(بثمره) [42] بضم الثاء وسكون الميم.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي: (ثمر) و(بثمره) مضمومة الثاء والميم.
علي بن نصر، وحسين الجعفي، عن أبي عمرو: (ثمر) مثل نافع.
وقرأ عاصم: ثمر وبثمره، بفتح الثاء والميم فيهما.
الثمرة: ما يجتنى من ذي الثمرة، وجمعه: ثمرات، ومثله: رحبة، ورحبات ورقبة ورقبات، قال: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا [النحل/ 67]. وقال: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا [البقرة/ 25]. ويجوز في جمع ثمرة ضربان: أحدهما: أن يجمع على ثمر، كبقرة وبقر. والآخر: على التكسير: ثمار، كرقبة ورقاب، وهذا على تشبيه المخلوقات بالمصنوعات، وقد يشبّه كل واحد منهما بالآخر. ويجوز في القياس أن يكسّر ثمار، الذي هو جمع ثمرة، على ثمر، فيكون ككتاب وكتب، ويكون تكسيره على فعل، كتكسيره على فعائل في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/142]
وقرّ بن بالزّرق الجمائل بعد ما... تقوّب عن غربان أوراكها الخطر
فقراءة ابن عامر: (وكان له ثمر) إذا خفّف يجوز أن يكون جمع: ثمار، ككتاب وكتب، ويخفّف كما يخفّف كتب، ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة، كبدنة وبدن، وخشبة وخشب، ويجوز أن يكون ثمر واحدا كعنق وطنب، فعلى أيّ هذه الوجوه كان جاز إسكان العين منه وساغ، وكذلك قوله: (وأحيط بثمره) [الكهف/ 42].
وقال بعض أهل اللغة: الثّمر: المال، والثّمر: المأكول. وجاء في التفسير قريب من هذا، قالوا: الثمر: النخل والشجر، ولم يرد به الثمرة. والثمر على ما روي عن عدة من السلف: الأصول التي تحمل الثمرة، لا نفس الثمر، بدلالة قوله: فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، أي: في الجنة، والنفقة: إنما تكون على ذوات الثمر في أغلب العرف. وكأن الآفة التي أرسلت عليها، اصطلمت الأصول واجتاحتها، كما جاء في صفة الجنة الأخرى: فأصبحت كالصريم [ن- 20] أي: كالليل في سواده لاحتراقها، أو كالنهار في بياضها، وما بطل من خضرتها بالآفة النازلة بها.
وحكي عن أبي عمرو: (الثمر)، والثمر: أنواع المال، وإذا أحيط بالثمر فاجتيح، دخلت فيه الثمرة ولا يكون أن يصاب الأصل ولا تصاب الثمرة، وإذا كان كذلك، فمن قرأ: (بثمره) و (بثمره) كان قوله أبين ممّن قرأ بالفتح. وقد تجوز القراءة بالفتح، فأخبر عن بعض ما أصيب، وأمسك عن بعض، وهو قراءة عاصم.
وفي الثمرة لغة أخرى ولم يحك عمن ذكر من القراء في هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/143]
الكتاب، قال سيبويه: تقول: ثمرة وثمرات، وسمرة وسمرات، قال أبو علي: يجوز في جمع ثمرة ثمر كما جاز السّمر، وقالوا: ثمرة وثمر، وثمار، فثمار جمع ثمرة كما أن إضاء جمع أضا، وكسّروه على فعال كما كسّروه على فعول في قولهم: صفا وصفيّ). [الحجة للقراء السبعة: 5/144] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكان له ثمر} {وأحيط بثمره} 34 و42
قرأ عاصم {وكان له ثمر} و{وأحيط بثمره} بفتح الثّاء والميم في الحرفين جمع ثمرة وثمر ك بقرة وبقر الفرق بين الواحد والجمع إسقاط الهاء وحجته قوله قبلها {كلتا الجنتين آتت أكلها} يعني ثمرها
وقرأ أبو عمرو {ثمر} و(أحيط بثمره) بضم الثّاء وسكون الميم جمع ثمرة ك بدنة وبدن وخشبة وخشب وثمرة وثمر ويجوز أن يكون جمع ثمار كما يخفف كتب ويجوز أن يكون ثمر واحدة ك عنق وطنب فعلى أي هذه الوجوه جاز إسكان العين منه
وقرأ الباقون {ثمر} بضم الثّاء والميم جمع ثمار وثمر كقولك كتاب وكتب وحمار وحمر). [حجة القراءات: 416] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {وكان له ثمر} و{بثمره} قرأ عاصم بفتح التاء والميم، وقرأ أبو عمرو بضم التاء، وإسكان الميم، وقرأ الباقون بضمهما جميعًا.
وحجة من فتح التاء والميم أنه جعله جمع «ثمرة» كبقرة وبقر، والثمر ما يجتني من ذي الثمر، ويجمع الثمر على ثمرات، كما قال الله جل ذكره: {ومن ثمرات النخيل} «النحل 67» وتجمع أيضًا على «ثمار» كرقبة ورقاب، وتجمع «ثمار» الذي هو جمع «ثمرة» على {ثمر} ككتاب وكُتُب.
15- وحجة من ضم الثاء والميم أنه جعله جمع ثمار، وثمار جمع ثمر وثمر جمع ثمرة، فهو جمع الجمع، وهذا كله يُراد به التكثير، وقد يجوز أن يكون {ثمر} المضموم جمع «ثمرة» كبَدنة وبُدن، وخَشَبة، وخُشُب، فيكون جمع مفرد، ويجوز أن يكون {ثمر} المضموم اسما مفردا لما يُجتنى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/59]
كعُنق وطُنُب، فحصل في ثمر المضموم ثلاثة أوجه: أحدهما أن يكون لجمع جمع الجمع، والثاني أن يكون جمع اسم مفرد، والثالث أن يكون اسما مفردًا، وهذا نادر، قليل مثله في الكلام.
16- وحجة من ضم الثاء وأسكن الميم أنه أسكن الميم للتخفيف، وأصلها الضم، فهو على أحد الثلاثة الأوجه المذكورة قبل هذا، وقال بعض أهل اللغة: الثمر بالإسكان المال، والثمر بالفتح المأكول، وقال بعض المفسرين: الثمر بالضم النخل والشجر بما فيها، ولم يرد الله في سورة الكهف أن الثمرة هلكت دون المثمر بل هلاك المثمر قوله، وفي هلاكه هلاك ثمره، وذلك أبلغ في العقوبة، ويدل على أن الذي هلك المثمر قوله: {فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها} «الكهف 42»والنفقة أكثر ما تكون في المثمر حتى يبلغ إلى وجوب كون الثمرة فيه، وإخباره عنها أنها بقيت خاوية يدل على هلاك المثمر، وحكي عن أبي عمرو أنه قال: الثمر والثمر أنواع المال. ومن قرأ بالفتح إنما أخبر عن الثمرة هلكت، والاختيار الضم، لأن عليه الأكثر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/60]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [آية/ 34] {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [آية/ 42] بفتح الثاء والميم:
قرأها عاصم ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن الثمر جمع ثمرةٍ كبقر في جمع بقرة.
وقال بعض أهل العلم: الثمر بالفتح المأكول يريد حمل الشجرة، والثُمُرُ بالضم أصل المال.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَكَانَ لَهُ ثُمُر}، و{وَأُحِيطَ بِثُمُره} بضم الثاء والميم فيهما.
[الموضح: 780]
والوجه أنه يجوز أن يكون ثُمُرٌ بالضم جمع ثمار ككتابٍ وكتب وجدارٍ وجدرٍ.
ويجوز أن يكون جمعًا لثمرةٍ كبدنةٍ وبُدُنٍ وخشبةٍ وخشبٍ.
ويجوز أن يكون واحدًا كعنقٍ وطنبٍ.
ومن ذهب إلى الثُمُر بالضم أصل المال استدل عليه بقوله تعالى {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا}، والإنفاق في الأغلب إنما يكون على ذوات الثمار، فإذا اصطلمت الآفة الأصل دخلت فيه الثمرة.
وقرأ أبو عمر {ثُمْر} بضم الثاء وتسكين الميم فيهما جميعًا.
والوجه أنه مخفف منن ثُمُر بالضم على أي وجهٍ يُحمل عليه). [الموضح: 781] (م)

قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35)}

قوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (خيرًا منها منقلبًا (36)
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر خيرًا منهما منقلبًا) على التثنية، وكذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ الباقون (خيرًا منها) بغير الميم بعد الهاء.
[معاني القراءات وعللها: 2/109]
قال أبو منصور: من قرأ (خيرًا منها) رده على قوله: (ودخل جنّته وهو ظالمٌ لنفسه).
ومن قرأ (منهما) ردهما على قوله: (لأحدهما جنّتين)، ثم قال: (وحففناهما بنخلٍ) و(وفجّرنا خلالهما) وكل ذلك جيد). [معاني القراءات وعللها: 2/110]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- [و] قوله تعالى: {خيرا منها منقلبا} [36].
قرأ ابن عامر ونافع وابن كثير {خيرا منهما منقلبا} والباقون: {منها} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر (خيرا منهما منقلبا) [الكهف/ 36] بزيادة ميم بعد الهاء على التثنية، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة والمدينة والشام.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: خيرا منها منقلبا وكذلك هي في مصاحف أهل البصرة والكوفة.
قال: الإفراد أولى من حيث كان أقرب إلى الجنة المنفردة من قوله: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه [الكهف/ 35]. والتثنية لا تمتنع لتقدم ذكر الجنتين). [الحجة للقراء السبعة: 5/144]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولئن رددت إلى ربّي لأجدن خيرا منها منقلبا}
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر (لأجدن خيرا منهما منقلبا) بزيادة ميم وكذلك في مصاحفهم وحجتهم قوله قبلها {جعلنا لأحدهما جنتين}
[حجة القراءات: 416]
فذكر جنتين فكذلك (منهما منقلبا)
وقرأ الباقون {منها منقلبا} بغير ميم وحجتهم قوله {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه} ). [حجة القراءات: 417]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {منها منقلبا} قرأه الحرميان وابن عامر بالميم، على التثنية، وقرأ الباقون بغير ميم على التوحيد.
وحجة من ثنّى أنه ردّه إلى الجنتين المتقدم ذكرهما مكررا في قوله: {لأحدهما جنتين} «32»، وقوله: {كلتا الجنتين آتت} «33» وكذلك هي في مصاحف أهل مكة والمدينة والشام.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/60]
18- وحجة من وحّد أنه رده على ذكر الجنة فهي أقرب إلى «منهما» من ذكر الجنتين، وذلك قوله: {ودخل جنته} «35» وقوله: {ما أظن أن تبيد هذه أبدًا}، فكان ردّه على الأقرب منه أولى من ردّه على الأبعد منه، وأيضًا فإن الجنة تحتوي على جنتين وأكثر، وكذلك هي في مصاحف أهل البصرة والكوفة، والاختيار التثنية، لأن هلاك الجنتين بظلمه لنفسه أبلغ من هلاك جنة واحدة في ظاهر النص). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/61]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {خَيْرًا مِنْهُمَا مُنْقَلَبًا} [آية/ 36] بزيادة ميم للتثنية:
قرأها ابن كثير ونافعٌ وابن عامر.
والوجه أنه على تثنية الجنتين المذكورتين فيما تقدم من قوله تعالى {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ} و{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ}.
وقرأ الباقون {خَيْرًا مِنْهَا} بغير ميم.
[الموضح: 781]
والوجه أنه على الإفراد لتقدم ذكر جنة مفردة في قوله {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} فإذا الضمير يرجع إليها). [الموضح: 782]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:02 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}

قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}

قوله تعالى: {لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لكنّا هو اللّه ربّي)
قرأ يعقوب وابن عامر والمسيبي عن نافع (لكنّا هو اللّه ربّي) يثبتون الألف، في الوصل والوقف.
وقرأ الباقون ونافع في رواية قالون وورش وإسماعيل وابن جمازٍ (لكنّا) بألف في الوقف، وحذفها في الوصل، واتفقوا على إثبات الألف في الوقف من أجل أن الأصل فيه (لكن أنا)، فحذفوا الألف التي بين النونين، وأدغموا النون الأولى في الثانية، فصار (لكنّا).
قال أبو منصور: من قرأ (لكنّا) فأثبت الألف في الوصل كما كان يثبتها في الوقف فهو على لغة من يقول - (أنا قمت) فأثبت الألف كما قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني... حميداً قد تذّرّيت السّناما
وفي (أنا) في الوصل ثلاث لغات، أجودها (أن قلت ذاك) بغير ألف، كقوله:
[معاني القراءات وعللها: 2/110]
(أنا ربكم) بغير ألف في اللفظ.
ويجوز (أنا قلت) بإثبات الألف في اللفظ، كما قال الشاعر، وهو ضعيف عند النحويين وفيه لغة ثالثة: (أن قلت) بإسكان النون، وهو أضعف من إثبات الألف.
فأما قوله: (لكنّا هو اللّه ربّي) فالأجود في القراءة إثبات الألف، لأن الهمزة قد حذفت من (أنا) فصارت إثبات الألف عوضا من الهمزة، وكل ما قرئ به فهو جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {لكنا هو الله ربي} [38].
قرأ ابن عامر والمسيبي عن نافع {لكنا} بالألف في الوصل والوقف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف، وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف؛ لأنها كذلك في المصحف، والأصل: لكن أنا هو الله ربي، وقد قرأ بذلك الحسن وأُبَيٌّ فحذفوا الهمزة اختصارًا فصار: لكننا، ثم أدغموا النون في النون فالتشديد من جلل ذلك. وكان أبو عمرو يقف في رواية لكنه بالهاء وأنشدني ابن مجاهد وجماعة:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب = وتقلينني لكن إياك لا أقلي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/394]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إسقاط الألف من قوله: لكنا هو الله ربي [الكهف/ 38] وإثباتها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: (لكن هو الله ربي) بإسقاط الألف في الوصل، وإثباتها في الوقف.
وقرأ نافع في رواية المسيّبي: لكنا هو الله ربي يثبت الألف في
[الحجة للقراء السبعة: 5/144]
الوصل والوقف، وقال ابن جمّاز وإسماعيل بن جعفر وورش عن قالون عن نافع: بغير ألف في الوصل، ويقف بالألف.
وقرأ ابن عامر: لكنا هو الله ربي، يثبت الألف في الوصل والوقف.
قال أبو بكر أحمد: ولم يختلف في الوقف أنه بألف، وإنما اختلف في الوصل.
قال: القول فيمن قرأ: (لكن هو الله ربّي) فلم يثبت الألف في الوصل أنه كان: لكن أنا، فخفّف الهمزة وألقى حركتها على النون، فصار لكننا، فاجتمع مثلان، فأدغم المثل الأول في الثاني بعد أن أسكنها، فصار في الدّرج: (لكن هو الله ربي)، فلم يثبت الألف في الوصل كما لم تثبت الهاء في الوصل في نحو: ارمه واغزه، لأنها إنما تلحق في الوقف لتبين الحرف الموقوف عليه، فإذا وقف قال: لكنا، فأثبت الألف في الوقف كما كان يثبت الهاء فيه. ومثل ذلك في الإدغام ما حكاه أبو زيد من قول من سمعه يقرأ: (أن تقع علرض) [الحج/ 65] خفّف الهمزة، وألقى حركتها على لام المعرفة فصار على الرض. وخفّفها على قول من قال: الحمر، فأثبت همزة الوصل لأن اللام في تقدير
السكون، فلمّا كان في تقدير السكون حذف الألف من على، كما يحذفها إذا كانت اللام ساكنة، فاجتمع لامان مثلان فأدغم الأولى في الثانية، ولو خفّفها على قول من قال: لحمر، لم يجز الإدغام لأن الألف في على تثبت ولا تحذف كما حذفت في القول الأول، لما كانت اللام في تقدير سكون، فلم يجز الإدغام لفصل
[الحجة للقراء السبعة: 5/145]
الألف بين المثلين، فإذا وقف من أدغم لكنا أثبت الألف، وإذا لم يقف حذفها.
ومثل هذه الألف في أنها تثبت في الوقف وتسقط في الإدراج، الألف في حيهلا، تقول: حيّ هل بعمر، فتحذفها، فإن وقفت قلت:
حيّهلا، وقد تجيء هذه الألف مثبتة في الشعر في الإدراج، كقول الأعشى:
فكيف أنا وانتحالي القوافي وقول الآخر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني... حميد قد تذرّيت السّناما
ولا يكون هذا مختارا في القراءة، وقد جاء في غير هذا إجراء الوصل مجرى الوقف. نحو قوله:
ببازل وجناء أو عيهلي فأما من قرأ لكنا هو الله ربي في الوصل فإنه يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يجعل الضمير المتصل مثل المنفصل الذي هو: نحن، فيدغم النون من لكن لسكونها في النون من علامة الضمير، فيكون على هذا في الوصل والوقف، لكنا بإثبات الألف لا غير، ألا ترى أن أحدا لا يحذف الألف في نحو: فعلنا.
وقوله: هو من: هو الله ربي علامة الحديث والقصة، كما أنه من قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97]
[الحجة للقراء السبعة: 5/146]
وقوله: قل هو الله أحد [الإخلاص/ 1] كذلك والتقدير: الأمر الله أحد، لأن هذا الضمير يدخل على المبتدأ والخبر، فيصير المبتدأ والخبر في موضع خبر، كما أنّه في: إنّ، وكأن، وظننت، وما يدخل على المبتدأ والخبر كذلك، وعاد الضمير على الضمير الذي دخلت عليه لكن على المعنى، ولو عاد على اللفظ لكان: لكنا هو الله ربنا، ودخلت لكن على الضمير مخففة كما دخلت في قوله: إنا معكم [البقرة/ 14] وهذا وجه.
ويجوز فيه وجه آخر: وهو أن سيبويه حكى أنه سمع من العرب من يقول: أعطني أبيضه، فشدّد وألحق الهاء. والتشديد للوقف، وإلحاقه إياها، كإلحاقه الألف في: سبسبّا. والياء في: عيهلي.
فأجرى الهاء مجراهما في الإطلاق كما كانت مثلهما في قوله:
صفية قومي ولا تجزعي... وبكي النساء على حمزة
فهذا الذي حكاه سيبويه في الكلام، وليس في شعر، وكذلك الآية تكون الألف فيها كالهاء، ولا تكون الهاء للوقف، ألا ترى أنّ هاء الوقف لا يبين بها المعرب، ولا ما ضارع المعرب، فعلى أحد هذين الوجهين يكون قول من أثبت الألف في الوصل أو عليهما جميعا. ولو كانت فاصلة لكان مثل فأضلونا السبيلا [الأحزاب/ 76]). [الحجة للقراء السبعة: 5/147]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي بن كعب والحسن: [لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي].
وقرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] -ساكنة النون من ألف- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: قراءة أبي هذه هي أصل قراءة أبي عمرو وغيره: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}، فخففت همزة "أنا" بأن حذفت وألقيت حركتها على ما قبلها، فصارت [لكنَنَا]، ثم التقت النونان متحركتين، فأسكنت الأولى، وأدغمت في الثانية، فصارت "لكنَّ" في الإدراج. فإذا وقفت ألحقت الألف لبيان الحركة، فقلت: "لكنَّا"، فـ "أنا" على هذا مرفوع بالابتداء وخبره الجملة، وهي مركبة من متبدأ وخبر، فالمبتدأ "هو"، وهو ضمير الشأن والحديث، والجملة بعده خبر عنه، وهي مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ "الله"، والخبر "ربي"، والجملة خبر عن "هو"، و"هو" وما بعده من الجملة خبر عن "أنا"، والعائد عليه من الجملة بعده الياء في "ربي"، كقولك: أنا قائم غلامي.
فإن قلت: فما العائد على "هو" من الجملة بعده التي هي خبر عنه؟ فإنه لا عائد على المبتدأ
[المحتسب: 2/29]
أبدا إذا كان ضمير الشأن والقصة، كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فـ"الله أحد" خبر عن "هو"، و"هو" ضمير الشأن والحديث، ولا عائد عليه من الجملة بعده التي هي "الله أحد"، وإنما كان كذلك من قبل أن المبتدأ إنما احتاج إلى العائد من الجملة بعده إذا كانت خبرًا عنه؛ لأنها ليست هي المبتدأ، فاحتاجت إلى عود ضمير منها عليه؛ ليلتبس بذلك الضمير بجملته.
وأما "هو" من قولنا: {هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ونحوه فهو الجملة نفسها، ألا تراه ضمير الشأن، وقولنا: الله ربي شأن وحديث في المعنى؟ فلما كانت هذه الجملة هي نفس المبتدأ لم يحتج إلى عائد عليه منها، وليس كذلك: زيد قام أخوه؛ لأن زيدا ليس بقولك: قام أخوه في المعنى، فلم يكن له بد من أن يعود عليه ضمير منه ليلتبس به؛ فيصير خبرا عنه. ومن قرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] فـ"هو" ضمير الشأن، والجملة بعده خبر عنه على ما مضى آنفا، وهذا واضح). [المحتسب: 2/30]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لكن هو الله ربّي ولا أشرك بربي أحدا}
قرأ نافع في رواية إسماعيل وابن عامر (لكنا هو الله ربّي) بإثبات الألف في الوصل
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف في الوصل وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف
أصل الكلمة لكن أنا أقول هو الله ربّي فطرحت الهمزة على النّون فتحركت بالفتح فصار لكننا فاجتمع حرفان من جنس واحد فأدغمت النّون الأولى في الثّانية فصار (لكنا هو الله)
حجّة من لم يثبت الألف في الوصل قولك أن قلت محذوفة الألف فإذا وقفت عليها أثبت الألف فقلت أنا وتحذف في الوصل في أجود اللّغات نحو أن قمت بغير ألف ويجوز أنا قمت بإثبات الألف وهو ضعيف ومن قرأ {لكنا} بإثبات الألف في الوصل ف على لغة من قال أنا قمت قال الشّاعر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني ... حميدا قد تذريت السناما
[حجة القراءات: 417]
فكذلك لكنا تحذف الألف في الوصل وتثبتها في الوقف لأنهم زادوا الألف للوقف فإذا أدرجوا القراءة طرحوها لزوال السّبب الّذي من أجله زادوها ومن أثبت الألف في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف
قال الزّجاج إثبات الألف جيد لأن الهمزة قد حذفت من أنا فصار إثبات الألف عوضا من الهمزة). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {لكنا هو الله ربي} قرأه ابن عامر بألف في الوصل، أجرى الوصل مجرى الوقف، وكأنه جعله «أنا» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون، وكأنه «جعل» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون في الوصل، وكلهم وقف بألف وقد مضت علة ذلك في سورة البقرة، ونزيد ذلك بيانًا في هذا الموضع.
فحجة من حذف الألف في الوصل بأنها عنده كهاء السكت أتى بها لبيان حركة النون في الوقف، والاسم من «أنا» عند البصريين «أن» والألف زيدت في الوقف كهاء السكت لبيان الحركة، فكما أنه قبيح إثبات هاء السكت في الوصل كذلك قبيح إثبات الألف من «أنا» في الوصل، إلا أن إثبات الألف في الوقف من «أنا» آكد من إثبات الهاء لقلة حروف الكلمة، فصار إثبات الألف في «أنا» في الوقف أمرا لازمًا، فإن لم تثبت الألف جيء بالهاء، فقلت: «أنه» وذلك في الكلام، ولا يجوز في القرآن لمخالفة الخط، والأصل فيه «لكن أنا هو الله ربي» فألقيت حركة الهمزة من «أنا» على النون الساكنة من «لكن» فتحركت، وبعدها نون متحركة، فاجتمع مثلان متحركان، فأدغم الأول في الثاني، فصارت نونًا مشددة، وحذفت الألف في الوصل، على ما ذكرنا،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/61]
وثبتت في الوقت لبيان الحركة، ولتقوية الكلمة.
2- وحجة من أثبت الألف في الوصل أنها لغة حكاها الكوفيون، يجعلون الألف من أصل الاسم المضمر، يقولون «أنا» بكماله الاسم، ويقولون: من حذف الألف في الوصل فإنما حذفها استخفافًا لدلالة الفتحة عليها، وقد قيل، إن من قرأ في الوصل في {لكنا} إنما قرأه على أنه جعل «لكن» المخففة من الثقيلة، دخلت على «أنا» هو ضمير المخبر عن نفسه، كما تدخل «إن» الخفيفة والثقيلة على «نا» فنقول: «إنا وإننا» ويكون {هو} في الآية إضمار الحديث أو الأمر، ويكون {ربي} راجعا على المعنى؛ لأن «نا» لواحد مخبر عن نفسه، فرجع {ربي} على المعنى، ولو رجع على اللفظ لقيل: {ربنا} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} [آية/ 38] بإثبات الألف في {لكِنا} في الوصل والوقف:
قرأها ابن عامر ويعقوب يس- و-ان-.
والوجه أنه يجوز أن يكون أصله لكن أنا، فخففت همزة أنا، وتخفيفها أن تنقل حركتها إلى الساكن الذي قبلها وتحذف الهمزة فبقي لكننا بنونين مفتوحتين، ثم أُدغمت النون الأولى في الثانية فبقي لكنا، والألف الساكنة الأخيرة من أنا تكون مثبتة في حال الوقف، محذوفة في حال الوصل، وهذه مثبتةٌ على الأحوال كلها إجراءً للوصل مجرى الوقف، وقد جاء على إجراء الوصل مجرى الوقف قول الشاعر:
82- أنا سيف العشيرة فاعرفوني = حميدًا قد تذريت السناما
وأكثر ذلك إنما يأتي في الشعر.
[الموضح: 782]
ويجوز أن تكون كلمة لكن المخففة قد لحقها النون والألف التي في نحو ضربنا، فاجتمع نون لكن الساكنة مع نون الضمير فأُدغمت فيها فبقي {لكِنَّا} بالتشديد، وكان ينبغي على هذا أن يُجمع الضمير العائد إلى ضمير {لكِنَّا} فيقال: لكنّا هو الله ربنا، لكنه حمل على المعنى؛ لأن الرجل الواحد قد يقول فعلنا وهو وحده فعله.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {لكِنَّ} بتشديد النون من غير ألف في الوصل، وكالقراءة الأولى في الوقف.
والوجه أن الأصل لكن أنا على ما تقدم، فألقيت حركة الهمزة على النون الساكنة فحُذفت الهمزة فبقي لكننا، ثم أُدغمت النون في النون فبقي: لكنا، فألف لكنا ألف أنا، وهي تسقط في الوصل وتثبت في الوقف، وهذا هو القياس في ذلك). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

قوله تعالى: {فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)

قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}

قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {وأحيط بثمره} [42].
قرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم.
وقرأ عاصم {بثمره} بفتح الثاء والميم.
وقرأ الباقون بضم الثاء والميم، وقد مرَّت علة ذلك مُستقصاة في (الأنعام) فأغنى عن الإعادة هاهنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ أبو عمرو: (ثمر) [الكهف/ 34] و (بثمره) [42] بضم الثاء وسكون الميم.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي: (ثمر) و (بثمره) مضمومة الثاء والميم.
علي بن نصر، وحسين الجعفي، عن أبي عمرو: (ثمر) مثل نافع.
وقرأ عاصم: ثمر وبثمره، بفتح الثاء والميم فيهما.
الثمرة: ما يجتنى من ذي الثمرة، وجمعه: ثمرات، ومثله: رحبة، ورحبات ورقبة ورقبات، قال: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا [النحل/ 67]. وقال: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا [البقرة/ 25]. ويجوز في جمع ثمرة ضربان: أحدهما: أن يجمع على ثمر، كبقرة وبقر. والآخر: على التكسير: ثمار، كرقبة ورقاب، وهذا على تشبيه المخلوقات بالمصنوعات، وقد يشبّه كل واحد منهما بالآخر. ويجوز في القياس أن يكسّر ثمار، الذي هو جمع ثمرة، على ثمر، فيكون ككتاب وكتب، ويكون تكسيره على فعل، كتكسيره على فعائل في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/142]
وقرّ بن بالزّرق الجمائل بعد ما... تقوّب عن غربان أوراكها الخطر
فقراءة ابن عامر: (وكان له ثمر) إذا خفّف يجوز أن يكون جمع: ثمار، ككتاب وكتب، ويخفّف كما يخفّف كتب، ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة، كبدنة وبدن، وخشبة وخشب، ويجوز أن يكون ثمر واحدا كعنق وطنب، فعلى أيّ هذه الوجوه كان جاز إسكان العين منه وساغ، وكذلك قوله: (وأحيط بثمره) [الكهف/ 42].
وقال بعض أهل اللغة: الثّمر: المال، والثّمر: المأكول. وجاء في التفسير قريب من هذا، قالوا: الثمر: النخل والشجر، ولم يرد به الثمرة. والثمر على ما روي عن عدة من السلف: الأصول التي تحمل الثمرة، لا نفس الثمر، بدلالة قوله: فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، أي: في الجنة، والنفقة: إنما تكون على ذوات الثمر في أغلب العرف. وكأن الآفة التي أرسلت عليها، اصطلمت الأصول واجتاحتها، كما جاء في صفة الجنة الأخرى: فأصبحت كالصريم [ن- 20] أي: كالليل في سواده لاحتراقها، أو كالنهار في بياضها، وما بطل من خضرتها بالآفة النازلة بها.
وحكي عن أبي عمرو: (الثمر)، والثمر: أنواع المال، وإذا أحيط بالثمر فاجتيح، دخلت فيه الثمرة ولا يكون أن يصاب الأصل ولا تصاب الثمرة، وإذا كان كذلك، فمن قرأ: (بثمره) و (بثمره) كان قوله أبين ممّن قرأ بالفتح. وقد تجوز القراءة بالفتح، فأخبر عن بعض ما أصيب، وأمسك عن بعض، وهو قراءة عاصم.
وفي الثمرة لغة أخرى ولم يحك عمن ذكر من القراء في هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/143]
الكتاب، قال سيبويه: تقول: ثمرة وثمرات، وسمرة وسمرات، قال أبو علي: يجوز في جمع ثمرة ثمر كما جاز السّمر، وقالوا: ثمرة وثمر، وثمار، فثمار جمع ثمرة كما أن إضاء جمع أضا، وكسّروه على فعال كما كسّروه على فعول في قولهم: صفا وصفيّ). [الحجة للقراء السبعة: 5/144] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكان له ثمر} {وأحيط بثمره} 34 و42
قرأ عاصم {وكان له ثمر} و{وأحيط بثمره} بفتح الثّاء والميم في الحرفين جمع ثمرة وثمر ك بقرة وبقر الفرق بين الواحد والجمع إسقاط الهاء وحجته قوله قبلها {كلتا الجنتين آتت أكلها} يعني ثمرها
وقرأ أبو عمرو {ثمر} و(أحيط بثمره) بضم الثّاء وسكون الميم جمع ثمرة ك بدنة وبدن وخشبة وخشب وثمرة وثمر ويجوز أن يكون جمع ثمار كما يخفف كتب ويجوز أن يكون ثمر واحدة ك عنق وطنب فعلى أي هذه الوجوه جاز إسكان العين منه
وقرأ الباقون {ثمر} بضم الثّاء والميم جمع ثمار وثمر كقولك كتاب وكتب وحمار وحمر). [حجة القراءات: 416] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [آية/ 34] {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [آية/ 42] بفتح الثاء والميم:
قرأها عاصم ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن الثمر جمع ثمرةٍ كبقر في جمع بقرة.
وقال بعض أهل العلم: الثمر بالفتح المأكول يريد حمل الشجرة، والثُمُرُ بالضم أصل المال.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَكَانَ لَهُ ثُمُر}، و{وَأُحِيطَ بِثُمُره} بضم الثاء والميم فيهما.
[الموضح: 780]
والوجه أنه يجوز أن يكون ثُمُرٌ بالضم جمع ثمار ككتابٍ وكتب وجدارٍ وجدرٍ.
ويجوز أن يكون جمعًا لثمرةٍ كبدنةٍ وبُدُنٍ وخشبةٍ وخشبٍ.
ويجوز أن يكون واحدًا كعنقٍ وطنبٍ.
ومن ذهب إلى الثُمُر بالضم أصل المال استدل عليه بقوله تعالى {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا}، والإنفاق في الأغلب إنما يكون على ذوات الثمار، فإذا اصطلمت الآفة الأصل دخلت فيه الثمرة.
وقرأ أبو عمر {ثُمْر} بضم الثاء وتسكين الميم فيهما جميعًا.
والوجه أنه مخفف منن ثُمُر بالضم على أي وجهٍ يُحمل عليه). [الموضح: 781] (م)

قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولم تكن له فئةٌ (43)
قرأ حمزة والكسائي (ولم يكن له فئةٌ) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فذكّر ذهب به إلى الجمع مع تقدم الفعل؛ لأن الفئة يقع عليها اسم الجمع، ولفظ الجمع مذكر.
ومن قرأ بالتاء ذهب به إلى لفظ الفئة، وهي: (الفرقة) ). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {ولم تكن له فئة} [43].
قرأ حمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الفئة، والفئة: الجماعة وقد يسمى الرجل الواحد فئة، كما أن الطائفة تكون جمعًا وتكون واحدًا. قال ابن عباس في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة} قال: الطائفة: الرجل الواحد.
ومن قرأ بالياء فلقوله: {ينصرونه} ولم يقل: تنصرونه، وأن التأنيث غير حقيقي.
فإن سأل سائل فقال: مائة وفئة وزنهما واحد فلم زادوا في المائة ألفًا؟
فقل: لئلا يلتبس مائة بمنة.
فإن قيل: فإن فئة تلتبس بفية؟
فالجواب في ذلك: أنهم فعلوا للفرقان في مائة لكثرة استعمال الكتاب له. و(فئة) قليلة الاستعمال. والساقط من فئة ومائة لام الفعل، والاختيار أن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/395]
يجعل الساقط من فئة عينُ الفعلِ؛ وأما دية [ف] الساقط فاء الفعل؛ لأنه من وَدَى يدي مثل وعد يعد، وزنة من وزن يزن والأصل: وعدة ووزنة فاستثقلوا الكسرة على الواو فجعلوا الكسرة فيما بعد الواو، وحذفوا الواو، قال سيبويه رضي الله عنه: الهاء عوض من الواو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عز وجل: ولم تكن له فئة [الكهف/ 43].
[الحجة للقراء السبعة: 5/148]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر- فيما أرى-: ولم تكن بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي (ولم يكن) بالياء.
الياء والتاء كلاهما حسن وقد مضى ذلك في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/149]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله}
قرأ حمزة والكسائيّ (ولم يكن له فئة) بالياء وحجتهما قوله {ينصرونه} ولم يقل تنصره كما قال في موضع آخر {فئة تقاتل في سبيل الله} وكان تذكير ما تقدم من فعلهم من أجل تذكير ما تأخّر من فعلهم أولى ليأتلف الفعلان على لفظ واحد وقيل إنّه قد حيل بين الفعل والاسم بحائل وهو قوله له والحائل صار كالعوض من التّأنيث
وقرأ الباقون ولم تكن بالتّاء لتأنيث الفئة وقد سقط السّؤال). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {ولم تكن له فئة} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على التذكير، لأنه فرّق بين المؤنث وفعله بالظرف، ولأنه تأنيث غير حقيقي، وقد مضى ذكر نظائره بأشبع من هذه العلة. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث لفظ الفئة، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه ولأنه حمل على ظاهر اللفظ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِئَةٌ} [آية/ 43] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن الفعل متقدم، وتأنيث الفاعل غير حقيقي، ووقد فُصل بين الفعل وفاعله بالجار والمجرور وهو {لَهُ}، فلذلك حسن التذكير.
وقرأ الباقون {وَلَمْ تَكُنْ} بالتاء.
والوجه أن فاعل الفعل مؤنثٌ، فأُنِّث الفعل لذلك، وقد مضى مثله). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هنالك الولاية للّه الحقّ (44)
قرأ حمزة والكسائي (الولاية) بكسر الواو، وفتحها الباقون.
وقرأ أبو عمرو والكسائي (الحقّ)، وقرأ الباقون خفضًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو منصور: من قرأ (الولاية) بكسر الواو فهو مصدر الوالي، يقال: والٍ بيّن الولاية - ومن فتح فقرأ (الولاية) فهو مصدر الولي، يقال: وليٌّ بيّن الولاية.
ومن النحويين من زعم أن الولاية والولاية لغتان بمعنى واحد.
ومن قرأ (الحقّ) خفضًا جعله نعتا (لله الحق)، ومن قرأ (الحقّ) جعله
نعتًا للولاية، كأنه قال: هنالك الولاية الحقّ للّه). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وخيرٌ عقبًا (44)
قرأ عاصم وحمزة (عقبًا) ساكنة القاف، وقرأ الباقون (عقبًا) بضمتين قال أبو منصور: العقب والعقب واحد، معناهما: العاقبة – وانتصاب (عقبا) على التمييز). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {هنالك الولاية} [44].
قرأ حمزة والكسائي {الولاية} بالكسر.
وقرأ الباقون بفتح الواو، وهما لغتان مثل الوكالة والوكالة والادلة والدلالة.
وقال آخرون: هما مصدران فالمكسور مصدر الوالي يقال: هذا وال بين الولاية يعني: في الإمارة، والمفتوح مصدر الولي يقال: ها ولي بين الولاية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {لله الحق} [44].
قرأ أبو عمرو والكسائي {الحق} بالضم.
وقرأ الباقون بالكسر، فمن جر قال: الحق: هو الله فخفض نعتًا لله تعالى واحتج بقراءة ابن مسعود، وهو في قراءته: {هنالك الولاية لله وهو الحق} وفي قراءة أُبَيٍّ: {هنالك الولاية الحق لله}، ومن فرعه جعله نعتًا بمعنى أحق ذلك الحق، وأحق الحق. وسمعت محمد بن عبد الواحد يقول: الحق: رب العزة، والحق الصدق. ومن الحديث: الحق الملك باستحقاق. والحق: التبين بعد لاشك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {وخير عقبا} [44].
قرأ عاصم وحمزة {عقبا}.
والباقون {عقبا} بضمتين، وهما لغتان بمعنى العاقبة تقول العرب: للكافر عقبى الدار وعقب وعقب وعاقبة الدار بمعنى واحد.
فإن قيل: بما انتصب {عقبا}؟
فقل على التمييز، كما تقول: زيد خير منك أبا.
فإن قيل: فما معنى قوله: {هنا لك الولاية لله الحق}؟
فقل: معناه: هنالك، أي: في يوم القيامة تبين نصرة الله أولياءه. وقال الحارثي: يقال: جئت في عقب رمضان، أي: بعد ما مضى، وجئت في عقبه أي: جئت وقد بقيت منه بقية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/397]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: هنالك الولاية لله الحق [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في الروايتين: الولاية بفتح الواو لله الحق خفضا.
وقرأ حمزة: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بكسر الواو والقاف.
وقرأ أبو عمرو: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بفتح الواو وضم القاف.
وقرأ الكسائي: (هنا لك الولاية) كسرا (لله الحقّ) بضم القاف.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: الولاية: أي التوالي، قال: وهو مصدر الوليّ، وحكي عن أبي عمرو والأصمعي أنّ الولاية هنا لحن، والكسر يجيء في فعالة فيما كان صنعة ومعنى، متقلّدا كالكتابة والإمارة والخلافة وما أشبه ذلك، وليس هنا معنى تولّي أمر إنّما هو الولاية من الدين وكذلك التي في الأنفال: ما لكم من ولايتهم من
[الحجة للقراء السبعة: 5/149]
شيء [72]، وقد كسر قوم من القراء ذلك أيضا، وحكى ابن سلام عن يونس في قوله: (هنا لك الولاية لله الحق) قال يونس: ما كان لله عزّ وجل فهو ولاية مفتوح من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمور فبالكسر: ولاية. وقال بعض أهل اللغة: الولاية: النصر. يقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، والولاية: ولاية السلطان، قال: وقد يجوز الفتح في هذه والكسر في تيك، كما قالوا: الوكالة والوكالة، والوصاية والوصاية بمعنى واحد، فعلى ما ذكر هذا الذاكر يجوز الكسر في الولاية في هذا الموضع.
وأما من قال: هنالك الولاية لله الحق فكسر القاف فإنه جعله من وصف الله سبحانه، ووصفه بالحق وهو مصدر كما وصفه بالعدل وبالسلام، والمعنى: أنه ذو الحق وذو السلام، وكذلك الإله معناه: ذو العبادة، يدلّ على ذلك قوله: ويعلمون أن الله هو الحق المبين [النور/ 25] وقوله: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق [الأنعام/ 62].
ومن رفع (الحقّ) جعله صفة للولاية، ومعنى وصف الولاية بالحق أنه لا يشوبها غيره، ولا يخاف فيها ما يخاف في سائر الولايات من غير الحق). [الحجة للقراء السبعة: 5/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله جل وعز: عقبا [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: (عقبا) مضمومة القاف.
وقرأ عاصم وحمزة: عقبا ساكنة القاف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/150]
أبو عبيدة: خير عقبا، وعاقبة، وعقبى، وعقبة، والمعنى واحد وهي الآخرة. قال أبو علي: ما كان على فعل جاز تخفيفه نحو العنق، والطنب وقد تقدم ذكر ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابًا وخير عقبا}
قرأ حمزة والكسائيّ {هنالك الولاية} بكسر الواو أي السّلطان والقدرة لله
وقرأ الباقون {هنالك الولاية} بالفتح أي النّصرة لله
قال الفراء من فتح الواو يقول النّصرة يقال هم أهل ولاية عليك أي متناصرون عليك وكان تأويل الكلام هنالك النّصرة
[حجة القراءات: 418]
لله جلّ وعز ينصر أولياءه ويعزه ويكرمهم وهما مصدران فالكسر مصدر الوالي تقول وليت الشّيء ولاية وهو بين الولاية والمفتوح مصدر للوليّ تقول هذا ولي بين الولاية
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {هنالك الولاية لله الحق} بالضّمّ جعلا الحق نعتا للولاية أي الولاية الحق لله أي لا يستحقها غيره
وقرأ الباقون {لله الحق} بالكسر جعلوا نعتا لله وهو مصدر كما وصفه بالعدل والسّلام والمعنى ذو الحق وذو السّلام وكذلك الإله معناه ذو العبادة وحجتهم قوله {ثمّ ردوا إلى الله مولاهم الحق}
قرأ عاصم وحمزة {وخير عقبا} ساكنة القاف وقرأ الباقون بضمها وهما لغتان وبمعنى العاقبة). [حجة القراءات: 419]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {الولاية} قرأ حمزة والكسائي بكسر الواو، وفتحها الباقون.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
وحجة من كسر أنه جعله كالجباية والكتابة والإمارة والخلافة.
23- وحجة من فتح أنه جعله مصدر الولي، ومعناه عند أبي عبيد التولي، قال يونس: ما كان لله جل ذكره فهو «ولاية» بالفتح، من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمر فهو بالكسر، يقول: هو وال متمكن الولاية، وهو ولي يبين الولاية، وقال بعض أهل اللغة: الولاية بالفتح النصر، فقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، و«الولاية» بالكسر ولاية السلطان، وقيل: هما لغتان بمعنى، كالوكالة والوكالة والوَصاية والوِصاية، والاختيار الفتح، لأن عليه الأكثر، وقد ذكرنا نحو هذا من العلل في آخر الأنفال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {لله الحق} قرأ أبو عمرو والكسائي بالرفع، جعلاه صفة لـ «الولاية» لأن ولاية الله جل ذكره لا يشوبها نقص ولا خلل، وقرأ الباقون بالخفض، جعلوه صفة لله جل ذكره، وهو مصدر وصف به كما وصف بالعدل وبالسلام، وهما مصدران، والمعنى: ذو الحق وذو العدل وذو السلام. ويقوي كونه صفة لله جل ذكره قوله: {ويعلمون أن الله هو الحق} «النور 25»، وقوله: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق} «الأنعام 62» والاختيار الخفض لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {وخير عقبًا} قرأ عاصم وحمزة بإسكان القاف، وضمها الباقون، والأصل الضم، والإسكان تخفيف كالعُنْق والعُنُق والطُنْب والطُنُب، قال أبو عبيد: عقبا وعاقبة وعُقبى وعقبه واحد كله في المعنى، وهي الآخرة. فالقراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {هُنَالِكَ الْوِلَايَةُ} [آية/ 44] بكسر الواو:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه يُراد به السلطان وهو على وزن فعالة بكسر الفاء من الصناعات نحو الإمارة والخلافة والكتابة، وهي من تولي الأمر، وقال بعض أهل اللغة: يجوز فتح الواو فيها أيضًا في هذا المعنى.
وقرأ الباقون {الْوَلَايَةُ} بفتح الواو، وهي من ولاية الدين وهي الربوبية، وقيل النصرة، قال الله تعالى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {لِلَّهِ الْحَقُّ} [آية/ 44] بالرفع:
قرأها أبو عمرو والكسائي.
والوجه أن الحق صفة للولاية، يعني أنها ولاية لا يشوبها غير الحق مما يُخاف في غيرها من الولايات، أو أنها خالصةٌ من الشركة.
وقرأ الباقون {الحَقِّ} بالجر.
والوجه أنه صفة لله على معنى ذي الحق، كما قالوا عدلٌ ورضًى أي ذو عدلٍ وذو رضًى). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {وَخَيْرٌ عُقْبًا} [آية/ 44] ساكنة القاف:
قرأها عاصم وحمزة.
والباقون {عُقُبًا} مضمومة القاف.
والوجه أن ما كان على فُعُل بضم العين جاز تخفيفه نحو: العنُق والعنْق والطنُب والطنْب فهما جائزان، فالمضموم أصلٌ، والمسكن مخفف عنه). [الموضح: 785]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (45) إلى الآية (46) ]

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}

قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {تَذْرُوهُ الرِّيَحُ} [آية/ 45] بغير ألف على الوحدة:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} على الجمع.
وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 785]

قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:05 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (47) إلى الآية (49) ]

{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم تسيّر الجبال (47)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (ويوم تسيّر الجبال) بالتاء رفعًا، وقرأ الباقون (ويوم نسيّر الجبال) بالنون منصوبة.
[معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو منصور: من قرأ (تسيّر الجبال) فهو على ما لم يسم فاعله، ومن قرأ (نسيّر) فالفعل للّه، ونصب (الجبال) لوقوع الفعل عليها). [معاني القراءات وعللها: 2/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ويوم نسير الجبال} [47].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {تسير} بالتاء لتأنيث الجبال فعل. ما لم يُسم فاعله، ولهما حجتان سوى ما ذكرت:
أحدهما: قوله: {وسيرت الجبال}.
والحجة الثانية: أن أُبيًّا قرأ: {ويوم سيرت الجبال} فإذا كان الماضي سُيرت كان المضارع تُسير.
وقرأ الباقون {نُسير} بالنون فالله تعالى يُخبر عن نفسه. «الجبال».
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/397]
نصب مفعول بها. وحجتهم: قوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} [47].
فرد اللفظة على اللفظة المجاورة لها أحسن من أن يستشهد عليها بغيرها مما بعد منه، وكلتا القراءتين حسنة وبالله التوفيق.
فإن قيل: ولم نصبت {ويوم نسير الجبال}؟
فقل: بإضمار فعل، والتقدير: واذكر يا محمد يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة، أي: ظاهرة لا يسير منها شيء؛ لأن الجبال إذا سيرت عنها وصارت دكاء ملساء ظهرت وبرزت. وقيل: وترى الأرض بارزة أي: تبرز ما فيها من الكنوز والأموات وهي شبيهة بقوله: وترمي الأرض أفلاذ كبدها، وقال بعض النحويين من أهل البصرة يجوز أن ينصب {ويوم نسير الجبال} بقوله تعالى: {والباقيات الصالحات خير ... ثوابا} في يوم نسير الجبال.
{والباقيات الصالحات} قيل: الصلوات الخمس، وقيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وسمعت القاضي أبا عمران يقول: عزى رجل بعض الأخلاء بولده فقال: إن ابنك كان من زينة الدنيا، ولو بقى لكان سيدًا مثلك، وإذا استأثر الله به فجعله من الباقيات الصالحات
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/398]
وقد صار الآن من الباقيات الصالحات {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} قال: فتسل بذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: ويوم نسير الجبال [الكهف/ 47].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ويوم تسيّر) بالتاء. (الجبال) رفعا.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي: نسير بالنون الجبال نصبا.
حجة من بنى الفعل للمفعول به فقال: (تسير) قوله: وسيرت الجبال، وقوله: وإذا الجبال سيرت [التكوير/ 3].
ومن قال: نسير فلأنه أشبه بما بعده من قوله: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [الكهف/ 47] فإن قلت: وقد جاء وتسير الجبال سيرا [الطور/ 10] ولم يجب على هذا أن يقال: (تسيّر الجبال)، قيل: إنما قرئ على: (تسيّر الجبال) و (نسيّر الجبال) ولم يقرأ على غير هذين الوجهين، فكما أسند الفعل إلى المفعول به في قوله: (وسيّرت الجبال) كذلك أسند إليها في قوله: (تسيّر الجبال) ). [الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويوم تسير الجبال بضم التّاء وفتح السّين {الجبال} رفع على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وسيرت الجبال فكانت سرابا} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {نسير} بالنّون {الجبال} بالنّصب الله أخبر عن نفسه و{الجبال} نصب مفعول بها
[حجة القراءات: 419]
وحجتهم قوله {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} ولم يقل وحشروا فكان إلحاق الكلام بما أتى عقيبه ليأتلف على نظام واحد أولى). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {ويوم نسير الجبال} قرأ الكوفيون ونافع بالنون، ونصب الجبال، وكسر الياء، وقرأ الباقون بالتاء، وفتح الياء، ورفع الجبال.
وحجة من قرأ بالنون أنه بناه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، إذ هو فاعل كل الأفاعيل ومدبرها ومحدثها، وانتصبت الجبال بوقوع الفعل عليها، لأن الفعل مبني للفاعل، وقوى ذلك أنه محمول على ما بعده من الإخبار في قوله: {وحشرناهم فلم نغادر} فجرى صدر الكلام على آخره، لتطابق الكلام، وهو الاختيار.
27- وحجة من قرأ بالتاء أنه بنى الفعل للمفعول، فرفع الجبال لقيامها مقام الفاعل، فهي مفعولة لم يُسم فاعلها، ويقوي ذلك قوله: {وسيرت الجبال} «النبأ 20» وقوله: {وإذا الجبال سيرت} «التكوير 3» ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/64]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {وَيَوْمَ تُسَيَّرُ الْجِبَالُ} [آية/ 47] بالتاء مضمومة، والياء مفتوحة، ورفع {الجبالُ}:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر.
والوجه أن الفعل مسندٌ إلى المفعول به وهو {الجبال}، ولكونها جماعة أنث الفعل، قال الله تعالى {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ}، وقال {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}
[الموضح: 785]
وقرأ الباقون {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ} بالنون، مكسورة الياء، {الْجِبَالَ} نصبًا.
والوجه أنه على إسناد الفعل لله تعالى بلفظ الجمع تعظيمًا، كقوله فيما بعده {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} ). [الموضح: 786]

قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}

قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:06 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}

قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم نقول نادوا شركائي (52)
قرأ حمزة (ويوم نقول (بالنون، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فالمعنى: يوم يقول الله للمشركين نادوا شركائي بزعمكم، يعنى: الآلهة التي عبدوها وجعلوها للّه شركاء.
ومن قرأ بالنون فهو للّه، يقول: نقول نحن للمشركين). [معاني القراءات وعللها: 2/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {ويوم يقول نادوا شركآءي} [52].
قرأ حمزة بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون بالياء، أي: يا محمد: يقول الله تعالى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: ويوم يقول نادوا [الكهف/ 52] في النون والياء.
فقرأ حمزة وحده: (نقول) بالنون وقرأ الباقون بالياء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو علي: قول حمزة (نقول) إن قبلها: وما كنت متخذ المضلين عضدا [الكهف/ 51] (ويوم نقول): محمول على ما تقدم في المعنى، فكما أن كنت للمتكلم كذلك (نقول) والجمع والإفراد في ذلك بمعنى.
وحجة الياء أن الكلام الأول قد انقضى. وهذا استئناف، فالمعنى: ويوم يقول: أي يوم يقول الله سبحانه: أين شركائي الذين زعمتم وهذا يقوّي القراءة بالياء دون النون، ولو كان بالنون لكان أشبه بما بعده أن يكون جمعا مثله، فيقول: شركاءنا، فأما قوله: الذين زعمتم، فالراجع إلى الموصول محذوف، وخبر الزعم محذوف، والمعنى: الذين زعمتموهم إياهم، أي: زعمتموهم شركاء، فحذف الراجع من الصلة، ولا بد من تقديره، كقوله: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ 41] ومثل هذا في حذف المفعولين جميعا، قول الشاعر، وهو الكميت:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
فالآية أقوى من هذا، لأن الراجع إلى الموصول مقتضى، وإذا ثبت الراجع ثبت حصول المفعول الثاني، لأن الاقتصار على الأول من المفعولين لا يجوز). [الحجة للقراء السبعة: 5/152]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما كنت متخذ المضلين عضدا * ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} 51 و52
قرأ حمزة (ويوم نقول نادوا شركائي) الله أخبر عن نفسه وحجته ما تقدم وما تأخّر فأما ما تقدم فقوله {وما كنت متخذ المضلين عضدا} فكما أن {كنت} للتكلم كذلك {تقول} وأما ما تأخّر فقوله {وجعلنا بينهم موبقا}
وقرأ الباقون {ويوم يقول} بالياء أي قل يا محمّد يوم يقول الله تعالى وحجتهم قوله {نادوا شركائي الّذين زعمتم} ولم يقل شركاءنا). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {ويوم يقول} قرأه حمزة بالنون، على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بالقول، رده على قوله: {وما كنت متخذ المضلين} «51» وقرأه الباقون بالياء، قطعوه مما قبله، أي: واذكر يا محمد يوم يقول نادوا شركائي، ويقوي الياء قوله: {شركائي} ولو رُدّ على النون لقال «شركاءنا» والياء الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {وَيَوْمَ نَقُولُ نَادُوا} [آية/ 52] بالنون من {نَقُولُ}:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أنه على موافقة ما قبله وهو قوله تعالى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}، وكلاهما واحدٌ في إخبار الرب سبحانه عن نفسه، وإن كان أحدهما بلفظ الجمع، والآخر بلفظ الوحدة.
وقرأ الباقون {وَيَوْمَ يَقُولُ} بالياء.
والوجه أن الكلام الأول قد انقضى، وهذا على استئناف كلام آخر، والمعنى يوم يقول الله نادوا شركائي، ولهذا قال {شُرَكَائِي} ولم يقل شركاءنا). [الموضح: 786]

قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:07 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (54) إلى الآية (56) ]

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {قبلا} [55].
قرأ الكوفيون بالضم.
وقرأ الباقون {قبلا} أي: عيانًا بالكسر، ومن ضم فهو جمع قبيل وقبل مثل قميص وقُمص، وقد مرت علة ذلك في (الأنعام) وإنما أعدت ذكره لأن من النحويين من يقول: إن القبيلة بنو أب، والقبيل بغير هاء -: الجماعة وإن كانوا مختلفي الأنساب واحتجوا بقول النابغة:
جوانح قد أيقن أن قبيله = إذا ما التقى الحيان أول غالب
وجمع القبيلة قبائل، والقبائل أيضًا -: قبائل الرأس، وهي عروق مجرى الدمع من الرأس، ويقال لها: الشؤون، وأحدها شأن، وينشد:
لا تحزنيني بالفراق فإنني = لا تستهل من [الفراق] شؤوني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: (العذاب قبلا) [الكهف/ 55] في كسر القاف وفتح الباء، وضم القاف والباء.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (قبلا) بكسر القاف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/152]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: قبلا رفعا.
أبو عبيدة: قبلا مقابلة، وقال أبو زيد: لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا وقبليّا وقبيلا كلّه واحد [وهو المواجهة].
قال أبو علي: فقوله: قبلا، أي: مقابلة. وقالوا إذا سقى إبله ولم يكن أعدّ لها الماء قبل ورودها: سقاها قبلا، والقابل: الذي يسقيها وهي تقابل سقيه، قال الراجز:
لن يغلب اليوم جباكم قبلي فهذا أيضا من المقابلة فمعنى: (أو يأتيهم العذاب قبلا) أي: مقابلة من حيث يرونه وهذا كقوله: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم [الأحقاف/ 24].
وأما قراءة عاصم وحمزة والكسائي قبلا فيحتمل تأويلين: يجوز أن يكون قبلا بمعنى قبلا، كما حكاه أبو زيد، فيكون معنى القراءتين على ما فسره واحدا اختلف اللفظ، واتفق المعنى، ويجوز أن يكون قبلا جمع قبيل، كأنّه: يأتيهم العذاب قبيلا قبيلا، أي: صنفا صنفا، فجمع قبيلا الذي هو فعيلا على فعل، وصنوف العذاب التي يقابلونها كما أخذ أصحاب فرعون، فيكون ضروبا مختلفة كلّ قبيل منه
[الحجة للقراء السبعة: 5/153]
غير صاحبه، ويكون ضربا واحدا ويجيئهم منه شيء بعد شيء). [الحجة للقراء السبعة: 5/154]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو يأتيهم العذاب قبلا}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {أو يأتيهم العذاب قبلا} بالضّمّ جمع قبيل مثل سبيل وسبل المعنى أو يأتيهم العذاب صنفا صنفا أي أنواعا من العذاب وقال الزّجاج {قبلا} بمعنى من قبل أي ممّا يقابلهم ومن قبل وجوههم وفي التّنزيل {إن كان قميصه قد من قبل} أي من قبل وجهه
وقرأ الباقون {قبلا} بالكسر أي عيانًا مواجهة قال أبو زيد لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا كله واحد). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {العذاب قبلا} قرأه الكوفيون بضمتين، وقرأ الباقون بكسر القاف، وفتح الباء.
وحجة من كسر القاف أنه حمله على معنى المقابلة، حكى أبو زيد: لقيت فلانا قُبلا ومقابلة وقُبْلا وقِبَلا وقَبيلا وقَبيليا، كله بمعنى مقابلة، أي عيانا، فالمعنى في الآية: أن يأتيهم العذاب مقابلة يرونه.
29- وحجة من ضم أنه يجوز أن يكون معناه مثل الكسر، على ما حكى أبو زيد، ويجوز أن يكون جمع قبيل، على معنى: أو يأتيهم العذاب قبيلا قبيلا، أي: صنفا صنفا، أي: يأتيهم أصنافا مختلفة، ويجوز أن يكون على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/64]
هذا العذاب صنفا واحدا ويكون معناه: يأتيهم شيء بعد شيء، وكله صنف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {الْعَذَابُ قُبُلًا} [آية/ 55] بضم القاف والباء:
قرأها الكوفيون.
[الموضح: 786]
والوجه أنه يجوز أن يكون جمع قبيل، والمعنى يأتيهم العذاب قبيلًا قبيلًا أي صنفًا صنفًا، فقُبُلٌ جمع قبيل كرُغُفٍ جمع رغيف.
ويجوز أن يكون قُبُل بمعنى المقابلة، حكى أبو زيد: لقيت فلانًا قُبُلًا ومقابلةً وقِبَلًا وقَبَلًا وقبليًا.
ونصبه إذا جعلته جمع قبيل على الحال، وإذا جعلته بمعنى المقابلة على أنه مصدر في موضع الحال.
وقرأ الباقون {قِبَلًا} بكسر القاف وفتح الباء.
والوجه أنه أراد مقابلةً كما سبق، والمعنى يأتيهم العذاب من حيث يرونه، وقد ذكرنا وجه نصبه). [الموضح: 787]

قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة