العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 رمضان 1432هـ/20-08-2011م, 11:05 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي سورة الأنفال

الناسخ والمنسوخ في سورة الأنفال

عناصر الموضوع
عدد الآيات المنسوخة في سورة الأنفال
مواضع النسخ في سورة الأنفال
...- الموضع الأول: قوله تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}
...- الموضع الثاني: قوله تعالى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}
...- الموضع الثالث: قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}
...- الموضع الرابع: قوله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38)}
...- الموضع الخامس: قوله تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}
...- الموضع السادس: قوله تعالى : {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)}
...- الموضع السابع: قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)}
...- الموضع الثامن: قوله تعالى : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)}
...- الموضع التاسع: قوله تعالى : {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)}
...- الموضع العاشر: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا(72)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 03:41 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي مقدمات

عدد الآيات المنسوخة في سورة الأنفال
قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى في الأنفال: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون}.
فضج المسلمون عند ذلك وقالوا: من يطيق ذلك وهل يقدر الرجل الواحد أن يلقى عشرة رجال؟
فنسخ الله عز وجل ذلك بقوله: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}...
وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}...
وقال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}.
وقال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}.
وقال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}.فنسخت ....
). [الناسخ والمنسوخ للزهري:26- 28]
قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) حدثنا همّام بن يحيى البصري قال: (ومن سورة الأنفال وعن قوله : {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} فنسختها الآية التي في براءة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}
وعن قوله عز وجل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}...
وعن قوله عز وجل: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا}). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/42-43]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورة الأنفال: مدنية وفيها من المنسوخ ست آيات
أولاهن قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال}...
الآية الثانية: قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم..}...
الآية الثالثة: قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف..}...
الآية الرابعة: قوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها..}...
الآية الخامسة: قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين..}...
الآية السادسة: قوله تعالى: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا..}). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة الأنفال
حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا يموت، بإسناده عن ابن عبّاسٍ، قال: " ونزلت سورة الأنفال بالمدينة فهي مدنيّةٌ
قال جلّ وعزّ: {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] الآية
للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ، فأكثرهم على أنّها منسوخةٌ...
باب ذكر الآية الثّانية
قال اللّه جلّ وعزّ {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلّا متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من اللّه ومأواه جهنّم وبئس المصير}...
باب ذكر الآية الثّالثة
قال جلّ وعزّ {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون}...
باب ذكر الآية الرّابعة قال جلّ وعزّ {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}...
باب ذكر الآية الخامسة قال جلّ وعزّ: {يا أيّها النّبيّ حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا من الّذين كفروا}...
باب ذكر الآية السّادسة قال جلّ وعزّ: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}...
باب ذكر الآية السّابعة قال جلّ وعزّ: {فكلوا ممّا غنمتم حلالًا طيّبًا}...
باب ذكر الآية الثّامنة قال جلّ وعزّ: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا} ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/365-395]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة الأنفال. نزلت بالمدينة إلّا آيتين منها وهما قوله تعالى {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك} الآية وقوله {يا أيّها النبيّ حسبك الله ومن اتّبعك من المؤمنين} وقد روى عن النّضر بن الحارث أنه دعا فقال اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم فأنزل الله تعالى {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين} وهي تحتوي على ستّ آيات من المنسوخ
الآية الأولى قوله تعالى {يسألونك عن الأنفال}...
الآية الثّانية قوله تعالى {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}...
الآية الثّالثة قوله تعالى {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}...
الآية الرّابعة قوله تعالى {يا أيّها النبيّ حرّض المؤمنين على القتال}...
الآية الخامسة قوله تعالى {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتّى يهاجروا}...
الآية السّادسة قوله تعالى {وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر} ). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 92]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (سورة الأنفال (مدنية)
قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرّسول}:
روي عن ابن عباس، وعكرمة ومجاهد: أن هذا منسوخ بقوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه}...
قوله تعالى: {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلاّ متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ}...
قوله تعالى: {وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}...
قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه}...
قوله تعالى: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}...
قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا من الذين كفروا}...
قوله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}...
قوله تعالى: {فكلوا ممّا غنمتم حلالاً طيّبًا}...
قوله تعالى: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا}). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 295-305]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (باب: ذكر الآيات اللّواتي ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة الأنفال
ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول}...
ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم الّذين كفروا زحفاً فلا تولّوهم الأدبار، ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلاّ متحرّفاً لقتالٍ}...
ذكر الآية الثّالثة: قوله تعالى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم}...
ذكر الآية الرّابعة: قوله تعالى: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}...
ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: {يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}...
ذكر الآية السّادسة: قوله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}...
ذكر الآية السّابعة: قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ} ). [نواسخ القرآن: 343-356]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (سورة الأنفال
الأولى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} قيل نسختها {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام}...
الثانية: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}...
الثالثة: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}...
الرابعة: {والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا}). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 36-38]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة الأنفال: فيها تسعة مواضع
الأول: قوله عز وجل: {يسألونك عن الأنفال}...
الثاني: قوله عز وجل: {ومن يولهم يومئذ دبره..}...
الثالث: قوله عز وجل: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}...
الرابع: قوله عز وجل: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}...
الخامس: قوله عز وجل: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}...
السادس: قوله عز وجل: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا}...
السابع: قوله عز وجل: (ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض)...
الثامن: قوله عز وجل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}...
التاسع: قوله عز وجل: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق}). [جمال القراء:1/310-314]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 05:44 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
سورة الأنفال: مدنية وفيها من المنسوخ ست آيات أولاهن قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال} [1 مدنية / الأنفال / 8] - يعني الغنائم - نسخت بقوله تعالى: {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه...} الآية [41 مدنية / الأنفال / 8].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال جلّ وعزّ: {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] الآية
للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ:
فأكثرهم على أنّها منسوخةٌ بقوله تعالى {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41]

واحتجّ بعضهم بأنّها لمّا كانت من أوّل ما نزل بالمدينة من قبل أن يؤمر بتخميس الغنائم وكان الأمر في الغنائم كلّها إلى النّبيّ صلّى الله عليه
وسلّم وجب أن تكون منسوخةً بجعل الغنائم حيث جعلها اللّه تعالى وقائلو هذا القول يقولون: الأنفال هاهنا الغنائم ويجعل بعضهم اشتقاقه من النّافلة وهي الزّيادة قال: فالغنائم أنفالٌ لأنّ اللّه تعالى نفّلها أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم خصّهم بذلك
وقال بعضهم: ليست بمنسوخةٍ وهي محكمةٌ، وللأئمّة أن يعملوا بها فينفلوا من شاءوا إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين واحتجّوا أنّ هذه هي الأنفال على الحقيقة لا الغنائم لأنّها زياداتٌ يزادها الرّجل على غنيمته أو يزيدها الإمام من رأى
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من العدوّ من عبدٍ أو دابّةٍ فللإمام أن ينفّل ذلك من شاء إذا كان صلاحًا
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا خاصّةً
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس خاصّةً سألوا لمن هو فأجيبوا بهذا
قال أبو جعفرٍ: فمن روي عنه القول الأوّل ابن عبّاسٍ من رواية ابن أبي طلحة قال:
الأنفال الغنائم الّتي كانت خالصةً للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس لأحدٍ فيها شيءٌ ثمّ أنزل اللّه تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} [الأنفال: 41] الآية وهو قول مجاهدٍ
كما حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني سليمٌ، مولى أبي عليٍّ عن مجاهدٍ، قال: " نسخت نسختها {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو قول عكرمة
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، وعكرمة، قالا: " كانت الأنفال للّه تعالى وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخ ذلك قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو أيضًا قول الضّحّاك، والشّعبيّ، والسّدّيّ وأكثر الفقهاء لأنّ أكثرهم يقول: لا يجوز للإمام أن ينفّل أحدًا شيئًا من الغنيمة إلّا من سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ؛ لأنّ الأسهم الأربعة قد صارت لمن شهد من الجيش الحرب، وكذا قال الشّافعيّ في السّهم الخامس سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكون للأئمّة والمؤذّنين أي لما فيه صلاح المسلمين وكذا التّنفيل منه ، فالقول على هذا أنّ الآية منسوخةٌ إذا صارت الأنفال تقسّم خمسة أقسامٍ وإذا كان بعض الفقهاء يقول إنّما تقسّم ثلاثة أقسامٍ
وبعضهم يقول: إنّما ذكرت الأصناف الّتي يجب أن يقسم السّهم فيها فإن دفع إلى بعضها جاز فهذا كلّه يوجب أنّ الآية منسوخةٌ لأنّهم قد أجمعوا أنّ الأربعة الأسهم لمن شهد الحرب وإنّما الاختلاف في السّهم الخامس ، وممّا يحقّق أنّها نسختها حديث سعد بن أبي وقّاصٍ في سبب نزولها
كما قرئ على محمّد بن عمرو بن خالدٍ، عن أبيه، قال: حدّثنا زهير بن معاوية، قال: حدّثنا سماك بن حربٍ، قال حدّثني مصعب بن سعدٍ، عن أبيه، قال: " أنزل فيّ آياتٌ وذكر الحديث فقال فيه وأصاب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم غنيمةً عظيمةً فإذا فيها سيفٌ فأخذته فأتيت به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فقلت: نفّلنيه فأنا من قد علمته، قال ردّه من حيث أخذته فانطلقت به حتّى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقلت: أعطنيه قال: فشدّ صوته وقال ردّه من حيث أخذته، فأنزل اللّه تعالى {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول} [الأنفال: 1] الآية
وحكى أبو جعفر بن رشدين عن عمرو بن خالدٍ قال: «القبض الموضع الّذي يجمع الغزاة فيه ما غنموا»
وقرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال حدّثني عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ، عن القرظيّ، قال أبو صخرٍ، وحدّثني أبو معاوية البجليّ، عن سعيد بن جبيرٍ،: " أنّ سعدًا، ورجلًا، من الأنصار خرجا يتنفّلان فوجدا سيفًا ملقًى فخرّا عليه جميعًا فقال سعدٌ: هو لي وقال الأنصاريّ: هو لي، قال لا أسلّمه حتّى آتي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقصّا عليه القصّة فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليس لك يا سعد ولا للأنصاريّ ولكنّه لي، فنزلت {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مؤمنين} [الأنفال: 1] " يقول سلّما السّيف إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخت هذه الآية فقال جلّ وعزّ {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} [الأنفال: 41] إلى آخر الآية
قال أبو جعفرٍ: هذه الزّيادة حسنةٌ وإن كانت غير متّصلةٍ فإنّها عن سعدٍ في سبب نزول الآية ثمّ ذكر نسخها
وقد سمعت أحمد بن محمّد بن سلامة يقول: قال لي أحمد بن شعيبٍ نظرت في حديث يحيى بن سليمان عن ابن وهبٍ فما رأيت شيئًا أنكره إلّا حديثًا واحدًا ثمّ رفع يحيى في الحديث
والقول الثّاني: أنّها غير منسوخةٍ وأنّ للإمام أن يزيد من حضر الحرب على سهمه لبلاءٍ أبلاه أو لعناءٍ أتاه وأنّ له أن يرضخ لمن لم يقاتل إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين يتأوّل قائلٌ هذا ما صحّ عن ابن عبّاسٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال سمعت رجلًا، يسأل عبد اللّه بن عبّاسٍ عن الأنفال فقال «الفرس من النّفل والسّلب من النّفل» ثمّ عاد يسأله فقال ابن عبّاسٍ: ذلك أيضًا ثمّ عاد فقال: ما الأنفال الّتي قال اللّه جلّ وعزّ في كتابه فلم يزل يسأله حتّى كاد يحرجه، فقال ابن عبّاسٍ: ما مثل هذا؟ مثله مثل صبيغٍ الّذي ضربه عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه؟ "
حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بعث سريّةً قبل نجدٍ فيها عبد اللّه بن عمر فغنموا إبلًا كثيرةً فطارت سهمانهم اثني عشر بعيرًا أو أحد عشر بعيرًا ونفّلوا بعيرًا بعيرًا»
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا التّنفيل ولم يقل فيه من الخمس واحتجّ قائلٌ هذا باللّغة أيضًا وأنّ معنى التّنفيل في اللّغة الزّيادة وكان محمّد بن جريرٍ يميل إلى هذا القول
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين بغير قتالٍ، قول عطاءٍ، والحسن
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، وأسباطٌ، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ،: {قل الأنفال للّه والرّسول} قال: «الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين من عبدٍ أو أمةٍ أو متاعٍ أو دابّةٍ فهو النّفل كان للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصنع به ما شاء»
قال يحيى بن سليمان، وحدّثنا حفص بن غياثٍ، عن عاصم بن سليمان، عن الحسن، قال: «فذلك إلى الإمام يصنع ما شاء به»
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا قول عليّ بن صالح بن حيٍّ
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس قول مجاهدٍ رواه عنه ابن أبي نجيحٍ
قال: قال المهاجرون: لم يخرج منّا هذا الخمس فقال اللّه جلّ وعزّ للّه وللرّسول
فهذه خمسة أقوالٍ وإن كان بعضها يدخل في بعضٍ لأنّ قول من قال: هو ما شذّ من المشركين إلى المسلمين يدخل في قول من قال: للإمام أن ينفّل وكذا قول من قال: هي أنفال السّرايا وقول مجاهدٍ هي الخمس يرجع إلى قول من قال : التّنفيل من الخمس
). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/365-366]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الأولى قوله تعالى {يسألونك عن الأنفال} والأنفال الغنائم وعن
ههنا صلة في الكلام تقديره يسألونك الأنفال قال الله تعالى {قل الأنفال للّه والرسول} وإنّما سألوه أن ينفلهم الغنيمة وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما رأى ضعفهم وقلة عدتهم يوم بدر فقال مرغبا لهم ومحرضا من قتل قتيلا فله سلبه ومن أسر أسيرًا فله فداؤه فلمّا وضعت الحرب أوزارها نظر في الغنيمة فإذا هي أقل من العدد فنزلت هذه الآية ثمّ صارت منسوخة بقوله تعالى {واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرّسول} الآية). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 92-93]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرّسول}:
روي عن ابن عباس، وعكرمة ومجاهد: أن هذا منسوخ بقوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه} [الأنفال: 41] الآية.
قال ابن عباس: الأنفال: الغنائم كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم نسخها: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} - وقاله الضحاك والشعبي -.
وأكثر الناس على: أنها محكمة، واختلفوا في معناها:
فقال ابن عباس - في رواية عنه أخرى -: هي محكمةٌ وللإمام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن يشاء لبلاءٍ أبلاه وأن يرضخ لمن لم يقاتل إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين.
وقال عطاء والحسن: هي أيضًا محكمةٌ مخصوصةٌ في من شذّ من المشركين إلى المسلمين من عبدٍ أو أمةٍ أو متاعٍ، أو دابة، فهو نفل للإمام أن يصنع فيه ما يشاء.
وعن مجاهد أيضًا أنه قال: هي محكمةٌ، والأنفال: الخمس وذلك أنهم سألوا لمن هي؟ فأجيبوا بهذا.
وقيل: الأنفال: أنفال السّرايا.
وقال ابن المسيّب: إنما ينفل الإمام من خمس الخمس فللرسول سهمٌ، وهو خمس الخمس، وهو قول الشافعي.
وقال مالك: الأنفال من الخمس، وحكى منذر عنه مثل قول الشافعي، وأراه وهمًا). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 295]

قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول}.
اختلف العلماء في هذه الآية، فقال بعضهم هي ناسخةٌ من وجهٍ ومنسوخةٌ من وجهٍ، وذلك أنّ الغنائم كانت حرامًا في شرائع الأنبياء المتقدّمين، فنسخ اللّه ذلك بهذه الآية وجعل الأمر في الغنائم إلى ما يراه الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ نسخ ذلك بقوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه}.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني أبي، قال: أبنا وكيع، قال: بنا إسرائيل عن جابرٍ عن مجاهدٍ وعكرمة، قالا: "كانت الأنفال للّه فنسخها: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} " هذا قول السّدّيّ.
وقال آخرون المراد بالأنفال شيئان:
أحدهما: ما يجعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لطائفةٍ من شجعان العسكر ومقدّميه، يستخرج به نصحهم ويحرّضهم على القتال.
والثّاني: ما يفضل من الغنائم بعد قسمتها، كما روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: "بعثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سريّةٍ فغنمنا إبلا، فأصاب كلّ واحدٍ اثني عشر بعيرًا، ونفّلنا بعيرًا بعيرًا". فعلى هذا هي محكمةٌ؛ لأنّ هذا الحكم باقٍ إلى وقتنا هذا, والعجب ممّن يدّعي أنّها منسوخةٌ فإنّ عامّة، ما تضمّنت أنّ الأنفال للّه والرّسول. والمعنى: أنّهما يحكمان فيها وقد وقع الحكم فيها بما تضمّنته آية الخمس، وإن أريد أنّ الأمر بنفل الجيش ما أراد، فهذا حكمٌ باقٍ، فلا يتوجّه النّسخ بحالٍ، ولا يجوز أن يقال عن آيةٍ: أنّها منسوخةٌ إلا أن يرفع حكمها وحكم هذه ما رفع فكيف يدّعى النّسخ؟ وقد ذهب إلى نحو ما ذكرته أبو جعفر ابن جريرٍ الطّبريّ ). [نواسخ القرآن: 344-345]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الأول: قوله عز وجل: {يسألونك عن الأنفال} الآية [الأنفال: 1] نزلت في غنائم بدر.
روي أنهم سألوه عنها: لمن هي.
وروي أنهم سألوها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأنفال: جمع نفل، والنفل هاهنا: العطية، سميت العطية بذلك؛ لأنها تفضل من الله عز وعطية لهذه الأمة لم يحلها لمن كان قبلهم.
وقيل: أراد بالأنفال الزيادات التي يزيدها الإمام لمن شاء في مصلحة المسلمين.
وقيل: الأنفال: ما شذ من العدو من عبد أو دابة للإمام أن يعطي ذلك لمن يشاء.
وقال مجاهد: الأنفال: الخمس.
فذهب قوم ممن قال: الأنفال: الغنيمة إلى أنها منسوخة بقوله عز وجل: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} الآية [الأنفال: 41].
وذهب قوم منهم إلى أنها محكمة، والحكم في الغنيمة لله ولرسوله.
وقيل: إن أولي القوة غنموا يوم بدر أكثر من غيرهم، فرأوا أنهم أحق بما غنموه فنزلت.
وقيل: كانوا ثلاث فرق:
فرقة اتبعت العدو.
وفرقة حازت الغنائم.
وفرقة لزمت النبي صلى الله عليه وسلم.
وقالت كل فرقة: نحن أحق بالغنيمة، فنزلت – أي: الأنفال لله والرسول، أي: الحكم فيها لله وللرسول لا لكم.
ومن قال: الأنفال غير الغنيمة على ما سبق، قال: هي محكمة لا غير.
والقضاء بأنها محكمة ظاهر، وقول مجاهد: الأنفال: الخمس، جمع بين الآيتين، فيكون {واعلموا أنما غنمتم} الآية [الأنفال: 41] مفسرة لقوله عز وجل: {قل الأنفال لله والرسول}الآية [الأنفال: 1]). [جمال القراء:1/310-311]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:43 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قال اللّه جلّ وعزّ {
وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (واختلفوا أيضًا في الآية الثّانية من هذه السّورة
باب ذكر الآية الثّانية
قال اللّه جلّ وعزّ {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلّا متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من اللّه ومأواه جهنّم وبئس المصير} [الأنفال: 16] للعلماء في هذه الآية ثلاثة أقوالٍ
منهم من قال: هي منسوخةٌ ومنهم من قال: هي مخصوصةٌ لأهل بدرٍ لأنّها فيهم نزلت، ومنهم من قال: هي محكمةٌ وحكمها باقٍ إلى يوم القيامة فممّن قال: هي منسوخةٌ عطاء بن أبي رباحٍ قال: «نسخها {يا أيّها النّبيّ حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} إلى تمام الآيتين أي فنسخ بالتّخفيف عنهم والإطلاق لهم أن يولّوا ممّن هو أكثر من هذا العدد»
والقول الثّاني: إنّها مخصوصةٌ قول الحسن
كما حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، بالأنبار، قال: حدّثنا حاجب بن سليمان،
قال: حدّثنا وكيعٌ، عن الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: " ليس الفرار من الزّحف من الكبائر إنّما كان في أهل بدرٍ خاصّةً هذه الآية {ومن يولّهم يومئذٍ دبره} [الأنفال: 16] "
وقرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن أبي داود، قال: حدّثنا أبو زيدٍ الهرويّ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا داود بن أبي هندٍ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: " نزلت {ومن يولّهم يومئذٍ دبره} [الأنفال: 16] في أهل بدرٍ "
والقول الثّالث: إنّ حكمها باقٍ إلى يوم القيامة قول ابن عبّاسٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وذكر الكبائر، قال: " والفرار من الزّحف لأنّ اللّه جلّ وعزّ قال {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلّا متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من اللّه} [الأنفال: 16]
قال أبو جعفرٍ: وهذا أولى ما قيل في الآية ولا يجوز أن تكون منسوخةً لأنّه خبرٌ ووعيدٌ ولا ينسخ الوعيد كما لا ينسخ الوعد
فإن قيل فحديث أبي سعيدٍ الخدريّ متّصل الإسناد وقد خبّر بنزول الآية في أهل بدرٍ؟ فكيف يجوز خلافه؟ فالجواب أنّه لعمري لا يجوز خلافه في مثل هذا والقول كما قال نزلت في أهل بدرٍ وحكمها باقٍ إلى يوم القيامة وأهل بدرٍ كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فئتهم فكان لهم أن ينحازوا إليه وكذا كلّ إمامٍ والدّليل على أنّ حكمها باقٍ
ما حدّثناه عليّ بن الحسين، قال حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال حدّثنا أبو عوانة قال: حدّثنا يزيد بن أبي زيادٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر، قال: " كنت في غزوة مسالح رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فلقينا العدوّ فحاص النّاس حيصةً، ويقال جاض النّاس جيضةً فكنت فيمن حاص فرجعنا إلى أنفسنا فقلنا كيف يرانا المسلمون وقد بؤنا بالغضب ثمّ قرأ {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلّا متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من اللّه} [الأنفال: 16]، فقلنا نأتي المدينة فنبيت بها ثمّ نخرج فلا يرانا أحدٌ فلمّا
أتينا المدينة قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فرصدناه حين خرج إلى صلاة الفجر فقلنا: يا رسول اللّه نحن الفرّارون قال: لا بل أنتم العكّارون قلنا: إنّا قد هممنا بكذا وكذا قال: لا أنا فئةٌ للمسلمين {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلّا متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ} [الأنفال: 16] "
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا الحديث بيان معنى الآية لمن كان من أهل العلم وذلك أنّ ابن عمر لم يقبله رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم للحرب إلّا بعد يوم بدرٍ فتبيّن بهذا أنّ حكم الآية باقٍ وتبيّن أنّ لمن حارب العدوّ إذا خاف
على نفسه أن ينحاز إلى فئةٍ يتقوّى بها والعكّارون الكرّارون الرّاجعون يقال عكر وعكّر واعتكر إذا كرّ ورجع فلمّا رجع ابن عمر ومن معه إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قابلين منه كانوا هم العكّارين الرّاجعين إلى ما كانوا عليه من بذل أنفسهم إلى الجهاد والقبول من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ما يأمرهم به ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/369-372]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلاّ متحرّفًا لقتالٍ أو متحيّزًا إلى فئةٍ}. الآية:
أوجب الله لمن ولّى دبرًا - في الزّحف والقتال - للمشركين الغضب والنار.
قال عطاء: هي منسوخةٌ بقوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا} [الأنفال: 65]، ثم نسخ هذا كلّه وخففّه بقوله: {فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين} [الأنفال: 66]، فأباح أن يولّوا من عددٍ أكثر من مثليهم، والنّسخ في هذا لا يجوز لأنّه وعيد، والوعيد لا ينسخ لأنه خبرٌ، وعليه أهل النّظر والفهم.
وقال الحسن: هي مخصوصةٌ في أهل بدر، وليس الفرار من الزحف من الكبائر، إنما كان ذلك في أهل بدر خاصة.
وعن ابن عباس: أنها محكمةٌ وحكمها باقٍ، والفرار من الزحف من الكبائر.
والصواب فيها: أنها محكمةٌ باقيةٌ على ما وقع عليه التّخفيف الذي بيّنها وخصّصها في آخر السورة، فالمعنى:
لا يفرّ عددٌ من مثلي ذلك العدد أو أقل، فمن ولّى دبره لعدد هو مثلا عدده فأقل، فقد اكتسب كبيرةً، وقد توعّده الله على ذلك بالغضب والنار.
ولم يختلف في أن التوبة منه مقبولةٌ جائزة، لقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48، 116]، وقوله: {إلاّ من تاب وآمن وعمل صالحًا} [مريم: 60] الآية وقوله: {يغفر الذّنوب جميعًا} [الزمر: 53]، وقوله: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك} [الزمر: 65]، ولا يحبط الإيمان إلاّ الشرك). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 297-298]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا لقيتم الّذين كفروا زحفاً فلا تولّوهم الأدبار، ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلاّ متحرّفاً لقتالٍ}.
وقد ذهب قومٌ، منهم: ابن عبّاسٍ، وأبو سعيدٍ الخدريّ، والحسن وابن جبيرٍ، وقتادة والضّحّاك إلى أنّها في أهل بدرٍ خاصّةً.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا محمد بن جعفر، قال: بنا شعبة عن داود، قال: سمعت الشّعبيّ، يحدّث عن أبي سعيدٍ الخدريّ: {ومن يولّهم يومئذٍ دبره} قال: "نزلت في يوم بدرٍ".
قال أحمد: وبنا روح، قال: بنا حبيب [بن] الشّهيد عن الحسن، {ومن يولّهم يومئذٍ دبره إلاّ متحرّفاً لقتالٍ} قال: "نزلت في أهل بدرٍ".
قال أحمد: وبنا روح، قال: بنا شعبة عن الحسن، قال: إنّما شدّد على أهل بدرٍ.
قال أحمد: وبنا حسين، قال: بنا حمّاد بن زيدٍ عن أيّوب عن عكرمة {ومن يولّهم يومئذٍ دبره} قال: "يوم بدر".
قلت: لفظ الآية عامٌّ، وإن كانت نزلت في قومٍ بأعيانهم، وقد روي عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه وغيره أنّها عامّةٌ، ثمّ لهؤلاء فيه قولان:
أحدهما: أنّها منسوخةٌ بقوله: {فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين} فليس للمؤمنين أن يفرّوا عن مثليهم.
قال آخرون: هي محكمةٌ، وهذا هو الصّحيح، لأنّها محكمةٌ في النّهي عن الفرار. فيحمل النّهي على ما إذا كان العدوّ أعلى [ من ] عدد المسلمين وقد ذهب إلى نحو هذا ابن جريرٍ ). [نواسخ القرآن: 346-347]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الثاني: قوله عز وجل: {ومن يولهم يومئذ دبره..} الآية [الأنفال: 16]، قالوا: نسخها قوله عز وجل: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} الآيتين [الأنفال: 65].
قالوا: فأطلق في هاتين الآيتين أن يفروا ممن هو أكثر من هذا العدد.
وقال الحسن: ليس الفرار من الزحف من الكبائر، والآية في أهل بدر خاصة.
وقال ابن عباس: (هي محكمة وحكمها باق إلى يوم القيامة، والفرار من الزحف من الكبائر، وأكثر العلماء على ذلك، وأيضا فهي خبر والخبر لا ينسخ)). [جمال القراء:1/311]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:47 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}


قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}.
فنسخت فقال تعالى: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام}.... إلى: {كنتم تكفرون}.
فقاتلوا بمكة فأصابهم خصاصةٌ وجوعٌ. ). [الناسخ والمنسوخ للزهري:26]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثانية: قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم...} الآية [33 مدنية / الأنفال / 8] منسوخة وناسخها قوله تعالى: {وما لهم إلا يعذبهم الله...} الآية [34 مدنية / الأنفال / 8].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (واختلفوا أيضًا في الآية الثّالثة اختلافًا كثيرًا لأنّها مشكلةٌ
باب ذكر الآية الثّالثة
قال جلّ وعزّ {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ:
قال الحسن: نسخ {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] قوله {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34]
قال أبو جعفرٍ: النّسخ هاهنا محالٌ لأنّه خبرٌ خبّر اللّه تعالى به ولا نعلم أحدًا روي عنه هذا إلّا الحسن وسائر العلماء على أنّها محكمةٌ وقالوا فيها أربعة أقوالٍ فمن ذلك
ما حدّثناه بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33] قال: " يقول سبحانه وما كان اللّه ليعذّب قومًا وأنبياؤهم بين أظهرهم حتّى يخرجهم، وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون قال: يقول وفيهم من قد سبق له منه الدّخول في الإيمان وهو الاستغفار {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يوم بدرٍ بالسّيف "
قال أبو جعفرٍ: شرح هذا {وما كان اللّه معذّبهم} [الأنفال: 33] يعني الكفّار جميعًا وقد علم أنّ فيهم من يسلم فيكون وهم يراد بهم البعض مثل قول العرب قتلنا بني فلانٍ وإنّما قتلوا بعضهم {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] إذا أسلم منهم من قد سبق في علمه أنّه يسلم فهذا القول يجوز إلّا أنّ فيه هذا التّعسّف
وقال مجاهدٌ «وهم يستغفرون أي يسلمون وهذا كالأوّل»
وروي أبو زميلٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] أي: «وما كان اللّه معذّبهم في الدّنيا وهم يستغفرون كانوا يقولون غفرانك غفرانك، وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه تعالى في الآخرة»
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول ظاهره حسنٌ إلّا أنّ فيه أنّهم إنّما استعجلوا بعذاب الدّنيا لا بعذاب الآخرة وأيضًا فقد علم أنّهم يعذّبون في الآخرة إن ماتوا على الكفر، فهذان قولان لمن قال: إنّها محكمةٌ
والقول الثّالث قول الضّحّاك
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك، في قوله تعالى {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون}[الأنفال : 33] قال: " المؤمنون من أهل مكّة {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] قال الكفّار من أهل مكّة "
قال أبو جعفرٍ: جعل الضّميرين مختلفين وهو قولٌ حسنٌ وإن كان محمّد بن جريرٍ قد أنكره لأنّه زعم أنّه لم يتقدّم للمؤمنين ذكرٌ فيكنّى عنهم فهذا غلطٌ بيّنٌ لأنّه قد تقدّم ذكر المؤمنين في غير موضعٍ من السّورة فإن قيل لم يتقدّم ذكرهم في هذا الموضع فالجواب أنّ في المعنى دليلًا على ذكرهم في هذا الموضع وذلك أنّ من قال من الكفّار: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء إنّما قال هذا مستهزئًا ومتعنّتًا ولو قصد الحقّ لقال اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا له ولكنّه كفر وأنكر أن يكون اللّه تعالى يبعث رسولًا يوحى إليه من السّماء أي اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأهلك الجماعة من الكفّار والمسلمين فهذا معنى ذكر المسلمين فيكون المعنى كيف يهلك اللّه تعالى المسلمين فهذا معنى {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] يعني المؤمنين {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يعني الكافرين
وقول ابن أبزى كقول الضّحّاك قال" {وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال : 33] يعني الفئة المسلمة الّتي كانت بمكّة فلمّا خرجوا قال اللّه جلّ وعزّ {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] يعني الكفّار "
والقول الخامس: قول قتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ قالوا:
" {وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] أي لو استغفروا "
قال أبو جعفرٍ: فهذا أبين ما قيل في الآية ولا تعسّف فيه كما تقول لا أسيء إليك وأنت تحسن إليّ أي لو أحسنت إليّ ما أسأت إليك فيكون المعنى {وما كان اللّه معذّبهم} [الأنفال: 33] وهذه حالهم أي لو استغفروا من الكفر وتابوا {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه} [الأنفال: 34] أي وما شأنهم وما يمنعهم أن يعذّبهم اللّه وهم مصرّون على الكفر والمعاصي فقد استحقّوا العذاب ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/373-376]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّانية قوله تعالى {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون} ثمّ نزلت بعدها آية ناسخة لها وهي الّتي تليها قوله تعالى {وما لهم ألّا يعذّبهم الله}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 93-94]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}:
قال الحسن: قوله: {وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}: منسوخٌ بقوله: {وما لهم ألاّ يعذّبهم الله} [الأنفال: 34] الآية.
والذي عليه أهل النظر ويوجبه ظاهر النّص أنّ نسخ هذا لا يجوز لأنه خبر. وعامة العلماء على أنه غير منسوخ. والمعنى:
وما كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون، أي: لو استغفروا لم يعذّبهم الله، كما تقول: ضربتك ولم تشتمني، أي: إنما ضربتك بعد أن شتمتني، ومنه قول الشاعر:

بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم = ولم يكثر القتلى بها حين سلّت

أي: إنما شاموها بعد أن كثرت القتلى، يقال: شمت السيف: إذا أغمدته وإذا سللته، فهو مدح، ولو حمل على غير هذا لصار هجوًا. وهذا المعنى حسن لطيف.
وقال ابن عباس في معنى الآية: وما كان الله معذب الكفار جميعًا وقد
علم الله أن فيهم من يسلم، وما لهم ألاّ يعذبهم الله إذا أسلم من قضي له بالإسلام.
وقال مجاهد: معنى: وهم يستغفرون: يعني: يسلّمون بما سبق لهم في علم الله بهم.
وقيل معناها: ما كان الله معذّبهم في الدنيا وهم يستغفرون، لأنهم كانوا يقولون: غفرانك غفرانك، وما لهم ألاّ يعذّبهم الله في الآخرة.
وقال الضحاك: معنى {وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون} يريد به: المؤمنين من أهل مكة. وما لهم ألاّ يعذّبهم الله: يعني الكفار من أهل مكة - جعل الضميرين مختلفين -.
وكلّ هذه الأقوال تدلّ على أن الآية محكمة لا نسخ فيها). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 299-300]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الأولى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} قيل نسختها {وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام}
وهذا ليس بصحيحٍ لأنّ النّسخ لا يدخل على الأخبار وإنما بينت الآية الثانية استحقاقهم العذاب فأما الأولى فبينت دفعه عنهم لكون الرسول فيهم وكون المؤمنين يستغفرون فلا وجه للنسخ). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:36-37]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثّالثة: قوله تعالى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم}.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمّد، قال: بنا عليّ بن الحسين. عن أبيه عن يزيد النّحويّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم} نسختها الآية الّتي بعدها {وما لهم إلاّ يعذّبهم اللّه}. وقد روي مثله عن الحسن وعكرمة.
وهذا القول ليس بصحيحٍ، لأنّ النّسخ لا يدخل على الأخبار، وهذه الآية بيّنت أنّ كون الرّسول فيهم منع نزول العذاب بهم، وكون المؤمنين
يستغفرون بينهم منع أيضًا والآية الّتي (تليها) بيّنت استحقاقهم العذاب لصدّهم عن سبيل اللّه، غير أنّ كون الرّسول والمؤمنين بينهم منع من تعجيل ذلك، أو عمومه، فالعجب من مدعّي النّسخ ). [نواسخ القرآن: 347-348]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الثالث: قوله عز وجل: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}الآية [الأنفال: 33].
قالوا: هي منسوخة بما بعدها: {وما لهم ألا يعذبهم الله}الآية [الأنفال: 34] وليس كما قالوا، والسورة مدنية ذكر فيها ما فعلوه بمكة، فقيل: إنما منعهم من إنزال العذاب بهم في ذلك الوقت أنك كنت فيهم، وما عذب الله تعالى أمة من الأمم إلا بعد إخراج نبيهم من بينهم، فالعذاب لا ينزل مع حالين: إحداهما أن يكون النبي فيهم، أي بين القوم.
أو يستغفرون ويتوبون
وهؤلاء ما استغفروا ولا تابوا ولا نبيهم بينهم فما لهم ألا يعذبهم الله، وعبر عن إخراج النبي صلى الله عليه وسلم وعن ترك التوبة والاستغفار بقوله: {وهم يصدون عن المسجد الحرام}الآية [الأنفال: 34] وصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام وتركهم الاستغفار مفهوم من قوله عز وجل: {وهم يصدون عن المسجد الحرام}الآية [الأنفال: 34]؛ لأنهم لو آمنوا واستغفروا لما صدوا عنه، وما صدوه عن المسجد الحرام إلا بعد خروجه من بينهم، فكأنه قيل: وما لهم ألا يعذبهم ولست بين ظهرانيهم، فليسوا بمستغفرين ولا تائبين
). [جمال القراء:1/311-312]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:50 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثالثة: قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف...} الآية [38 مدنية / الأنفال / 8] منسوخة وناسخها {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة...} الآية). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (وقد روي في قوله تعالى {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}
[إنّها منسوخة نسخت بقوله تعالى {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ} وذهب آخرون إلى أنّها وعيد وتهديد). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 94]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الرابع: قوله عز وجل: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}الآية [الأنفال: 38]، قالوا: هو منسوخ بآية السيف، وليس كذلك، إنما أمره الله بدعوتهم إلى الإسلام، ووعدهم الغفران على ترك الكفر، والهلاك إن عادوا إلى قتاله، وأنه يفعل بهم ما فعل بالأولين، وهم الذين قتلوا يوم بدر). [جمال القراء:1/312]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:53 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (..... حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا يموت، بإسناده عن ابن عبّاسٍ، قال: " ونزلت سورة الأنفال بالمدينة فهي مدنيّةٌ
قال جلّ وعزّ: {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] الآية
للعلماء في هذه الآية خمسة أقوالٍ، فأكثرهم على أنّها منسوخةٌ بقوله تعالى {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41]
واحتجّ بعضهم بأنّها لمّا كانت من أوّل ما نزل بالمدينة من قبل أن يؤمر بتخميس الغنائم وكان الأمر في الغنائم كلّها إلى النّبيّ صلّى الله عليه
وسلّم وجب أن تكون منسوخةً بجعل الغنائم حيث جعلها اللّه تعالى وقائلو هذا القول يقولون: الأنفال هاهنا الغنائم ويجعل بعضهم اشتقاقه من النّافلة وهي الزّيادة قال: فالغنائم أنفالٌ لأنّ اللّه تعالى نفّلها أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم خصّهم بذلك
وقال بعضهم ليست بمنسوخةٍ وهي محكمةٌ، وللأئمّة أن يعملوا بها فينفلوا من شاءوا إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين واحتجّوا أنّ هذه هي الأنفال على الحقيقة لا الغنائم لأنّها زياداتٌ يزادها الرّجل على غنيمته أو يزيدها الإمام من رأى
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من العدوّ من عبدٍ أو دابّةٍ فللإمام أن ينفّل ذلك من شاء إذا كان صلاحًا
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا خاصّةً
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس خاصّةً سألوا لمن هو فأجيبوا بهذا
قال أبو جعفرٍ: فمن روي عنه القول الأوّل ابن عبّاسٍ من رواية ابن أبي طلحة قال:
الأنفال الغنائم الّتي كانت خالصةً للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس لأحدٍ فيها شيءٌ ثمّ أنزل اللّه تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ} [الأنفال: 41] الآية وهو قول مجاهدٍ
كما حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال:
حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني سليمٌ، مولى أبي عليٍّ عن مجاهدٍ، قال: " نسخت نسختها {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو قول عكرمة
كما قرئ على إبراهيم بن موسى الجوزيّ، عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، وعكرمة، قالا: " كانت الأنفال للّه تعالى وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخ ذلك قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه} [الأنفال: 41] " وهو أيضًا قول الضّحّاك، والشّعبيّ، والسّدّيّ وأكثر الفقهاء لأنّ أكثرهم يقول: لا يجوز للإمام أن ينفّل أحدًا شيئًا من الغنيمة إلّا من سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
لأنّ الأسهم الأربعة قد صارت لمن شهد من الجيش الحرب، وكذا قال الشّافعيّ في السّهم الخامس سهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكون للأئمّة والمؤذّنين أي لما فيه صلاح المسلمين وكذا التّنفيل منه
فالقول على هذا أنّ الآية منسوخةٌ إذا صارت الأنفال تقسّم خمسة أقسامٍ وإذا كان بعض الفقهاء يقول إنّما تقسّم ثلاثة
أقسامٍ
وبعضهم يقول: إنّما ذكرت الأصناف الّتي يجب أن يقسم السّهم فيها فإن دفع إلى بعضها جاز فهذا كلّه يوجب أنّ الآية منسوخةٌ لأنّهم قد أجمعوا أنّ الأربعة الأسهم لمن شهد الحرب وإنّما الاختلاف في السّهم الخامس
وممّا يحقّق أنّها نسختها حديث سعد بن أبي وقّاصٍ في سبب نزولها
كما قرئ على محمّد بن عمرو بن خالدٍ، عن أبيه، قال: حدّثنا زهير بن معاوية، قال: حدّثنا سماك بن حربٍ، قال حدّثني مصعب بن سعدٍ، عن أبيه، قال: " أنزل فيّ آياتٌ وذكر الحديث فقال فيه وأصاب رسول اللّه
صلّى الله عليه وسلّم غنيمةً عظيمةً فإذا فيها سيفٌ فأخذته فأتيت به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فقلت: نفّلنيه فأنا من قد علمته، قال ردّه من حيث أخذته فانطلقت به حتّى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقلت: أعطنيه قال: فشدّ صوته وقال ردّه من حيث أخذته، فأنزل اللّه تعالى {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول} [الأنفال: 1] الآية
وحكى أبو جعفر بن رشدين عن عمرو بن خالدٍ قال: «القبض الموضع الّذي يجمع الغزاة فيه ما غنموا»
وقرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال حدّثني عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ، عن القرظيّ، قال أبو صخرٍ، وحدّثني أبو معاوية البجليّ، عن سعيد بن جبيرٍ،: " أنّ سعدًا، ورجلًا، من الأنصار خرجا يتنفّلان فوجدا سيفًا ملقًى فخرّا عليه جميعًا فقال سعدٌ: هو لي وقال
الأنصاريّ: هو لي، قال لا أسلّمه حتّى آتي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقصّا عليه القصّة فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليس لك يا سعد ولا للأنصاريّ ولكنّه لي، فنزلت {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مؤمنين} [الأنفال: 1] " يقول سلّما السّيف إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نسخت هذه الآية فقال جلّ وعزّ {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل} [الأنفال: 41] إلى آخر الآية
قال أبو جعفرٍ: هذه الزّيادة حسنةٌ وإن كانت غير متّصلةٍ فإنّها عن سعدٍ في سبب نزول الآية ثمّ ذكر نسخها
وقد سمعت أحمد بن محمّد بن سلامة يقول: قال لي أحمد بن شعيبٍ نظرت في حديث يحيى بن سليمان عن ابن وهبٍ فما رأيت شيئًا أنكره إلّا حديثًا واحدًا ثمّ رفع يحيى في الحديث
والقول الثّاني: أنّها غير منسوخةٍ وأنّ للإمام أن يزيد من حضر الحرب على سهمه لبلاءٍ أبلاه أو لعناءٍ أتاه وأنّ له أن يرضخ لمن لم يقاتل إذا كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين يتأوّل قائلٌ هذا ما صحّ عن ابن عبّاسٍ
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال سمعت رجلًا، يسأل عبد اللّه بن عبّاسٍ عن الأنفال فقال «الفرس من النّفل والسّلب من النّفل» ثمّ عاد يسأله فقال ابن عبّاسٍ: ذلك أيضًا ثمّ عاد فقال: ما الأنفال الّتي قال اللّه جلّ وعزّ في كتابه فلم يزل يسأله حتّى كاد يحرجه، فقال ابن عبّاسٍ: ما مثل هذا؟ مثله مثل صبيغٍ الّذي ضربه عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه؟ "
حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بعث سريّةً قبل نجدٍ فيها عبد اللّه بن عمر فغنموا إبلًا كثيرةً فطارت سهمانهم اثني عشر بعيرًا أو أحد عشر بعيرًا ونفّلوا بعيرًا بعيرًا»
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا التّنفيل ولم يقل فيه من الخمس واحتجّ قائلٌ هذا باللّغة أيضًا وأنّ معنى التّنفيل في اللّغة الزّيادة وكان محمّد بن جريرٍ يميل إلى هذا القول
والقول الثّالث: إنّ الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين بغير قتالٍ، قول عطاءٍ، والحسن
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، وأسباطٌ، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ،: {قل الأنفال للّه والرّسول} قال: «الأنفال ما شذّ من المشركين إلى المسلمين من عبدٍ أو أمةٍ أو متاعٍ أو دابّةٍ فهو النّفل كان للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصنع به ما شاء»
قال يحيى بن سليمان، وحدّثنا حفص بن غياثٍ، عن عاصم بن سليمان، عن الحسن، قال: «فذلك إلى الإمام يصنع ما شاء به»
والقول الرّابع: إنّ الأنفال أنفال السّرايا قول عليّ بن صالح بن حيٍّ
والقول الخامس: إنّ الأنفال الخمس قول مجاهدٍ رواه عنه ابن أبي نجيحٍ
قال: قال المهاجرون: لم يخرج منّا هذا الخمس فقال اللّه جلّ وعزّ للّه وللرّسول
فهذه خمسة أقوالٍ وإن كان بعضها يدخل في بعضٍ لأنّ قول من قال هو ما شذّ من المشركين إلى المسلمين يدخل في قول من قال للإمام أن ينفّل وكذا قول من قال: هي أنفال السّرايا وقول مجاهدٍ هي الخمس) [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/365-395]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه} الآية:
قال قتادة: هذا ناسخٌ لقوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} [الحشر: 7] الآية، وسنبيّن ذلك في سورة الحشر - إن شاء الله تعالى -
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 300]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:54 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى : {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)}


قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال: (وعن قوله : {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} فنسختها الآية التي في براءة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/43]
قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}.
وقال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}.). [الناسخ والمنسوخ للزهري:27]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الرابعة: قوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها...} الآية [61 مدنية / الأنفال / 8] منسوخة وناسخها {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر...} يعني اليهود [29 مدنية / التوبة / 9].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (واختلفوا أيضًا في الآية الرّابعة
باب ذكر الآية الرّابعة
قال جلّ وعزّ {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} [الأنفال: 61]
حدّثنا أبو جعفرٍ قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، {وإن جنحوا للسّلم} [الأنفال: 61] قال: " للصّلح {فاجنح لها} [الأنفال: 61] قال: نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]
وروي عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّاسخ لها فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم " قال أبو جعفرٍ: القول في أنّها منسوخةٌ لا يمتنع لأنّه أمرٌ بالإجابة إلى الصّلح والهدنة بغير شرطٍ فلمّا قال تعالى {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون} [محمد: 35] حظر الصّلح والهدنة مع قوّة اليد والاستعلاء على المشركين والبيّن في باب النّظر أن لا تكون منسوخةً وأن تكون الثّانية مبيّنةٌ للأولى ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/377-381]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّالثة قوله تعالى {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} إلى ههنا النّسخ
وباقي الآية محكم نزلت في اليهود ثمّ صارت منسوخة بقوله تعالى {قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله {وهم صاغرون}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 94-95]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}:
أمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم إن مال المشركون إلى الصّلح أن يميل إلى ذلك.
قال قتادة: نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5].
وقيل: نسخها: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} [التوبة: 29] الآية.
وعن ابن عباس أنه قال: نسخها: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون} [محمد: 35].
وقيل: الآية محكمةٌ غير منسوخة، وأن الله أمر نبيّه في الأنفال أن يميل إلى الصلح إن مالوا هم إليه وابتدؤوه بذلك، ونهاه في سورة محمد عليه السلام أن يبتدئ بطلب الصلح منهم قبل أن يطلبوا هم ذلك منه.
فالآيتان محكمتان في معنيين مختلفين لا ينسخ أحدهما الآخر). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 300-301]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثانية: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} قال ابن عباس نسخها: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه} وقال مجاهد آية السيف قلنا إنها نزلت في ترك محاربة أهل الكتاب إذا بذلوا الجزية فهي محكمة0). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 37]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الرّابعة: قوله تعالى: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}.
اختلف المفسّرون فيمن عني بهذه الآية على قولين:
أحدهما: أنّهم المشركون، وأنّها نسخت بآية السّيف. وبعضهم يقول: بقوله: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه}. وهذا مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، والحسن، وعكرمة، وقتادة في آخرين.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه} فنسختها {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه} الآية.
وأخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال (أبنا) أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السّجستانيّ، قال: أبنا أحمد ابن محمّد، قال: بنا عليّ بن الحسين عن أبيه عن يزيد النّحويّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} نسختها {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه} قال أحمد بن محمد: وبنا موسى بن مسعودٍ عن شبلٍ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} نسختها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
والثّاني: أنّهم أهل الكتاب. وقال مجاهدٌ: "بنو قريظة".
أخبرنا عبد الوهاب، قال: بنا أبو ظاهر قال: بنا شاذان قال: أبنا عبد الرّحيم قال: أبنا إبراهيم تال: بنا آدم قال: بنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {وإن جنحوا للسّلم} يعني: قريظة. فعلى هذا القول إن قلنا: إنّها نزلت في ترك حرب أهل الكتاب إذا بذلوا الجزية
وقاموا بشرط الذّمّة فهي محكمةٌ، وإن قيل: نزلت في موادعتهم على غير جزيةٍ توجّه النّسخ لها بآية الجزية وهي قوله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه} الآية ). [نواسخ القرآن: 349-350]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الخامس: قوله عز وجل: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}الآية [الأنفال: 61]، قيل: نزلت في اليهود، ثم نسخت بقوله عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله...} إلى قوله عز وجل: {.. حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}الآية [التوبة: 29]، وليس هذا بنسخ؛ لأن إعطاء الجزية ميل إلى السلم.
وقال قتادة: نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ولا هذا أيضا؛ لأن هذا محمول على من لم يكن بيننا وبينهم صلح.
وعن ابن عباس رحمه الله: (نسخها: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون} الآية [محمد: 35])، وقيل في الجواب عنه: إنما أمره في سورة الأنفال بالصلح إن جنحوا إليه وابتدءوا بطلبه، وفي سورة القتال نهاه أن يكون هو المبتدئ بالصلح. فالآية محكمة، وليس ما في القتال بناسخ لها). [جمال القراء:1/312-313]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:56 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)}

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى في الأنفال: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون}.
فضج المسلمون عند ذلك وقالوا: من يطيق ذلك وهل يقدر الرجل الواحد أن يلقى عشرة رجال؟
فنسخ الله عز وجل ذلك بقوله: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}. ). [الناسخ والمنسوخ للزهري:27- 28]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الخامسة: قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...} الآية [65 مدنية / الأنفال / 8] منسوخة وناسخها قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا...} [66 مدنية / الأنفال / 8].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (ومن العلماء من يقول في الآية الخامسة أنّها منسوخةٌ
باب ذكر الآية الخامسة
قال جلّ وعزّ: {يا أيّها النّبيّ حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا من الّذين كفروا}
في رواية ابن جريجٍ، وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نسخها {الآن خفّف اللّه عنكم} [الأنفال: 66] الآية "
وقرئ على محمّد بن جعفر بن حفصٍ، عن يوسف بن موسى، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جرير بن حازمٍ، عن الزّبير بن خرّيتٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «كان فرضٌ على المسلمين أن يقاتل الرّجل منهم العشرة من المشركين، قال جلّ وعزّ {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين
وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا من الّذين كفروا} » فشقّ ذلك عليهم فأنزل اللّه تعالى التّخفيف فجعل على الرّجل أن يقاتل الرّجلين فخفّف عنهم ونقصوا من النّصر بقدر ذلك "
قال أبو جعفرٍ: وهذا شرحٌ بيّنٌ حسنٌ أن يكون ذا تخفيفًا لا نسخًا؛ لأنّ معنى النّسخ رفع حكم المنسوخ ولم يرفع حكم الأوّل لأنّه لم يقل فيه لا يقاتل الرّجل عشرةً بل إن قدر على ذلك فهو الاختيار له
ونظير هذا إفطار الصّائم في السّفر لا يقال إنّه نسخ الصّوم وإنّما هو تخفيفٌ ورخصةٌ والصّيام له أفضل
قال ابن شبرمة «وكذا النّهي عن المنكر، لا يحلّ له أن يفرّ، من اثنين إذا كان على منكرٍ وله أن يفرّ من أكثر منهما» ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/382-385]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ):
(
الآية الرّابعة قوله تعالى {يا أيّها النبيّ حرّض المؤمنين على القتال} هذا محكم والمنسوخ قوله {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} إلى آخر الآية وكان فرضا على الرجل أن يقاتل عشرة فمتى فر كان مواليا للدبر فعلم الله تعالى عجزهم فيسر وخفف فنزلت الآية الّتي بعدها فصارت ناسخة لها فقال {الآن خفّف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً} والتّخفيف لا يكون إلّا

من ثقل فصار فرضا على الرجل أن يقاتل رجلين فان انهزم منهما كان موليا للدبر وإن انهزم عن أكثر لم يكن موليا للدبر بدليل ظاهر الآية). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 95]

قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفًا من الذين كفروا}.
فرض الله جلّ ذكره بهذا على الواحد أن يقف لعشرة من المشركين فأقل، فشقّ ذلك عليهم - فيما روي عن ابن عباس - قال: وكان هذا في أول الإسلام، والمسلمون عددهم قليل، فلما كثروا خفّف الله عنهم،
فنسخ ذلك بقوله: {الآن خفّف الله عنكم} [الأنفال: 66]، إلى قوله: {مع الصّابرين} [الأنفال: 66] ففرض الله على الواحد أن يقف لاثنين فأقل.
وقد قيل: إن هذا ليس بنسخ، وإنما هو تخفيفٌ ونقصٌ من العدد، وحكم الناسخ أن يرفع حكم المنسوخ كلّه، ولم يرفع في هذا حكم المنسوخ كله إنما نقص منه وخفف، وبقي باقيه على حكمه، ويدل على هذا أن من وقف لعشرةٍ فأكثر فليس ذلك بحرامٍ عليه، بل هو مثابٌ مأجور، وقد بيّنا ما يردّ هذا القول في ما تقدم). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 301-302]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثالثة: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} المعنى يقاتلوا ولفظه الخبر ومعناه الأمر ثم نسخ بقوله {الآن خفّف اللّه عنكم} الآية). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 37-38]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: {يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}. قال المفسّرون: لفظ هذا الكلام لفظ الخبر، ومعناه الأمر، والمراد: يقاتلون مائتين، وكان هذا فرضًا في أوّل الأمر ثمّ نسخ بقوله تعالى: {الآن خفّف اللّه عنكم}، ففرض على الرّجل أن يثبت لرجلين (فإن زاد) جاز له الفرار.
أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار، قال: أنبأنا أبي، قال: أبنا أبو بكرٍ البرقانيّ، قال: أبنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيليّ، قال: أخبرني الحسن، قال: بنا حيّان، قال: أبنا عبد اللّه، قال: أبنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت الزبير ابن الخرّيت عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما في قوله عز وجل:
{إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} قال: فرض عليهم أن لا يفرّ رجلٌ من عشرةٍ ولا قومٌ من عشرةٍ أمثالهم، قال: فجهد النّاس ذلك وشقّ عليهم فنزلت الآية الأخرى: {الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ} الآية "فرض عليهم أن لا يفرّ رجلٌ من رجلين ولا قومٌ من مثليهم ونقص من الصّبر بقدر ما خفّف من العدد".
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: بنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: بنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} فنسختها {الآن خفّف اللّه عنكم}.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكرٍ النّجّاد، قال: أبنا أبو داود السّجستانيّ، قال: أبنا أحمد بن محمّد، قال: بنا عليّ بن الحسين عن أبيه عن يزيد النّحويّ عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} نسخ فقال: {الآن خفّف اللّه عنكم}.
أخبرنا ابن الحصين، قال: أبنا ابن غيلان قال: أبنا أبو بكر الشافعي، قال: أبنا إسحق بن الحسن، قال: بنا أبو حذيفة قال: بنا سفيان الثّوريّ عن ليثٍ عن عطاءٍ: {إن يكن منكم عشرون صابرون} قال: "كان لا ينبغي لواحدٍ أن يفرّ من عشرةٍ فخفّف اللّه عنهم".
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ قال: أبنا أبو طاهرٍ الباقلاويّ، قال: أبنا أبو عليّ بن شاذان قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن، قال: بنا إبراهيم ابن الحسين قال: بنا آدم قال: بنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قال: كان قد جعل على أصحاب محمّدٍ يوم بدرٍ على كلّ رجلٍ منهم قتال عشرةٍ من الكفّار (فضجّوا) من ذلك فجعل على كلّ رجلٍ قتال رجلين فنزل التّخفيف من اللهعز وجل فقال: {الآن خفّف اللّه عنكم}.
قال أبو جعفرٍ النّحّاس: وهذا تخفيفٌ لا نسخٌ. لأنّ معنى النّسخ رفع حكم المنسوخ ولم يرفع حكم الأوّل، لأنّه لم يقل فيه لا يقاتل الرّجل عشرةً بل إن قدر على ذلك فهو الاختيار له.
ونظير هذا إفطار الصّائم في السّفر، لا يقال إنّه نسخ الصّوم وإنّما هو تخفيفٌ ورخصةٌ (والصّيام) له أفضل ). [نواسخ القرآن: 351-353]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (السادس: قوله عز وجل: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا} الآية [الأنفال: 65] فأوجب الله عز وجل على الواحد أن يقف لعشرة من الكفار.
قال ابن عباس: (وكان هذا والعدد قليل فلما كثروا نسخ ذلك بقوله عز وجل: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم..} إلى قوله: {... والله مع الصابرين} الآية [الأنفال: 66])، ولا شك في أن هذه منسوخة بهذه.
أما من قال: هذا ليس بنسخ، وإنما هو تخفيف ونقص من العدة، وحق الناسخ أن يرفع حكم المنسوخ كله ولم يرتفع، وهي باقية على حكمها؛ لأن من وقف للعشرة فأكثر فهو مثاب مأجور ليس ذلك بمحرم عليه، فإنه عن المعرفة بمعزل؛ لأن الوقوف للعشرة كان واجبا فرضا على الواحد، وليس هو الآن بواجب، فقد ارتفع ذلك الحكم كله ونسخ). [جمال القراء:1/313]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 07:58 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (ومن العلماء من أدخل الآية السّادسة في النّاسخ والمنسوخ

باب ذكر الآية السّادسة
قال جلّ وعزّ: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} [الأنفال: 67]
حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} [الأنفال: 67] قال: " وذلك والمسلمون قليلٌ يومئذٍ فلمّا كثروا واشتدّت سلطانهم أنزل اللّه تعالى بعد هذا في الأسرى {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً}[محمد: 4] فجعل اللّه تعالى النّبيّ والمؤمنين في أمر الأسرى بالخيار إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم وإن شاءوا فادوهم "
قال أبو جعفرٍ: وهذا كلّه من النّاسخ والمنسوخ بمعزلٍ لأنّه قال تعالى {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} [الأنفال: 67] فأخبر بهذا فلمّا أثخن في الأرض كان له أسرى واختلف في الحكم فيهم وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء اللّه ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/386-390]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}.
قال ابن عباس: هو منسوخٌ بقوله: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4]: وذلك أن هذا نزل والمسلمون قليلٌ، فمنع النبي من الخيار في الأسرى، فلمّا كثر المسلمون وتقوّوا، أنزل الله: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4] فخيّر النبي صلى الله عليه وسلم في الأسرى، فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء استعبد، وإن شاء فادى.
والذي يوجبه النظر وعليه جماعةٌ من العلماء: أن الآية غير منسوخة لأنه خبر والخبر لا ينسخ. والمعنى:
إن الله جلّ ذكره أعلم نبيّه صلى الله عليه وسلم أنه ليس لنبيٍّ أن يكون له أسرى ويترك القتل حتى يتمكّن في فتح الأرض، فقد بيّن في الآية أنه إنما منع من ذلك إذا لم يثخن في الأرض، فدلّ الخطاب أنه مباح إذا أثخن في الأرض أن يكون له أسرى وأن يترك القتل، فلما أثخن في الأرض وفتح الله له وتقوّى الإسلام ترك القتل، وكان له أسرى على ما فهم من الآية، ونزل: {فإمّا منًّا بعد وإما فداءً} تأكيدًا وبيانًا لآية الأنفال.
فالآيتان في معنى واحد، وقد بيّن الله ذلك في قوله: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإما منًّا بعد وإما فداءً} [محمد: 4]، فأمر الله بضرب رقاب المشركين فإذا كثر ذلك فيهم وفشى - وهو الإثخان - جاز ترك قتلهم، وأن يشدّ وثاقهم، ثم يفادي بينهم أو يمنّ عليهم، وهو معنى آية الأنفال). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 303-304]

قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية السّادسة: قوله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}.
روي عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ في آخرين أنّ هذه الآية منسوخةٌ بقوله: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} وليس للنّسخ وجهٌ لأنّ غزاة بدرٍ كانت وفي المسلمين قلّةٌ، فلمّا كثروا واشتدّ سلطانهم نزلت الآية الأخرى، ويبيّن هذا قوله: {حتّى يثخن في الأرض}.
قال أبو جعفرٍ النّحّاس: (ليس ها هنا ناسخٌ ولا منسوخٌ، لأنّه قال عز وجل {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} فلمّا أثخن في الأرض كان له أسرى ). [نواسخ القرآن: 354-355]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (السابع: قوله عز وجل: (ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) روي عن ابن عباس رحمه الله أنها منسوخة بقوله عز وجل: {فإما منا بعد وإما فداء} الآية [محمد: 4]، ومكان ابن عباس رحمه الله من العلم يجل عن هذا، وهل هذا إلا عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم لما أسر أهل بدر ولم يقتلهم وقبل منهم الفداء، ولو كان هذا تحريما ومنعا لم يجز أن يأخذ الفداء ولقتلهم وقت نزول هذه الآية ولرجع عن قبوله وقد قال عز وجل: {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا} الآية [الأنفال: 69]، قيل: أراد الفداء؛ لأنه من جملة الغنائم، على أن هذه الآية قد أباحت المن وقبول الفداء بعد الإثخان، وآية القتال نزلت بعد الإثخان، فهما في معنى واحد ولا نسخ). [جمال القراء:1/313-314]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 08:00 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى : {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ):
(
وقد أدخلت الآية السّابعة في النّاسخ والمنسوخ

باب ذكر الآية السّابعة
قال جلّ وعزّ: {فكلوا ممّا غنمتم حلالًا طيّبًا} [الأنفال: 69] فكان هذا ناسخًا لما تقدّم من حكم اللّه جلّ وعزّ في حظر الغنائم لأنّها لم تحلّ لأحدٍ قبل أمّة محمّدٍ عليه السّلام وإنّما كانت تنزل نارٌ من السّماء فتأكلها والدّليل على صحّة هذا قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
«لم تحلّ الغنائم لأحدٍ قبلنا»
وفي الحديث أنّهم لمّا أسرعوا إليها أنزل اللّه تعالى: {لولا كتابٌ من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ} [الأنفال: 68]
قيل المعنى لولا أنّ اللّه تعالى سبق منه أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد التّقدّم إليه لعاقبكم قبل، وقيل لولا أنّه سبق من اللّه تعالى أنّه لا يعذّب أحدًا على صغيرةٍ إذا اجتنب الكبائر لعاقبكم وفيه غير هذا قد ذكرته ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/391-392]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {فكلوا ممّا غنمتم حلالاً طيّبًا}:
أدخل المؤلفون للنّاسخ والمنسوخ هذا فيه، وقالوا: هو ناسخٌ لما كان الله حرّم على من كان قبلنا من أكل الغنائم، إنما كانت نارٌ تنزل من السماء فتحرق الغنائم، وقد قال النبي عليه السلام: ((لم تحلّ لأحد قبلنا))، ودلّ على ذلك أنهم لما أسرعوا إلى أكل الغنائم قبل أن ينزل بذلك قرآنٌ عاتبهم الله على ذلك وأباح لهم فعلهم رحمةً منه لهم وتفضّلاً عليهم، فنزل: {لولا كتابٌ من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ} [الأنفال: 68]، {فكلوا ممّا غنمتم حلالاً طيّبًا} [الأنفال: 69]، والمعنى: لولا أن الله قضى أن يحلّ لكم الغنائم لعوقبتم على أخذها.
وقيل المعنى: لولا أنه سبق في علم الله ألاّ يعذّب أحدًا إلاّ بعد التقدم إليه لعاقبكم الله على أخذكم الغنائم قبل إباحته إياها لكم.
وقيل معناه: لولا أنه سبق منه المغفرة لأهل بدرٍ لعاقبكم على أخذكم للغنائم.
وقيل معناه: لولا أنه سبق في حكمه أن يغفر الصّغائر لمن اجتنب الكبائر لعاقبكم على أخذكم الغنائم.
قال أبو محمد: وقد كان يجب ألاّ يضاف هذا وشبهه إلى الناسخ والمنسوخ لأنه لم ينسخ قرآنًا، إنما نسخ حكمًا كان في من كان قبلنا، والقرآن كلّه على هذا المعنى ناسخٌ لما كانوا عليه من شرائعهم، ولما أحدثوا بغير شرعٍ من الله لهم). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 304]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 1 صفر 1434هـ/14-12-2012م, 08:03 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا(72)}

قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال: (وعن قوله عز وجل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} قال فأنزلت هذه الآية فتوارث المسلمون بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر المسلم شيئا ثم نسخ ذلك بعد في سورة الأحزاب فقال عز وجل: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} فخلط الله عز وجل بعضهم ببعض وصارت المواريث بالملك وعن قوله عز وجل: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا} يقول إلى أوليائكم من أهل الشرك وصية لا ميراث لهم فأجاز الله عز وجل الوصية ولا ميراث لهم ). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/43]

قال الوليد بن محمد الموقّري الأموي (ت:182هـ): حدثني محمد بن مسلم الزهري(124هـ) قال: (وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}.
قيل: إن الأعرابي كان يرثه المهاجر، وكان المهاجر لا يورثه.
فنسخ الله عز وجل ذلك بقوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله إن الله بكل شيءٍ عليمٌ}. *). [الناسخ والمنسوخ للزهري: 28]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية السادسة: قوله تعالى: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا...} الآية [72 مدنية / الأنفال / 8] وذلك أنهم كانوا يتوارثون بالهجرة لا بالنسب ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وألوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم...} [75 مدنية / الأنفال / 8].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 39]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (وأكثر العلماء تقول في الآية الثّامنة إنّها منسوخةٌ
باب ذكر الآية الثّامنة
قال جلّ وعزّ: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا} [الأنفال: 72]
...
- قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله جلّ وعزّ {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ} [الأنفال: 72] قال: " كان المسلمون يتوارثون بالهجرة كان الرّجل إذا أسلم فلم يهاجر لم يرث أخاه فنسخ ذلك قوله جلّ وعزّ {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين} [الأحزاب: 6] "

وقرئ على عليّ بن سعيد بن بشيرٍ، عن محمود بن غيلان، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا سليمان بن معاذٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ،: " أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم آخى بين أصحابه فكانوا يتوارثون بذلك حتّى نزلت {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} [الأحزاب: 6] فتوارثوا بالنّسب "
قال أبو جعفرٍ: فتكلّم العلماء على أنّ هذه الآية ناسخةٌ للّتي قبلها وأنّ التّوارث كان بالهجرة والمؤاخاة فنسخ ذلك
قال عكرمة: «فأقام النّاس برهةً من الدّهر لا يرث الأعرابيّ المهاجر ولا المهاجر الأعرابيّ حتّى أنزل اللّه تعالى {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين المهاجرين إلّا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا} »
قال قتادة «أي بالوصيّة» ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/395]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الخامسة قوله تعالى {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتّى يهاجروا} وكان النّاس يتوارثون بالهجرة لا بالنّسب ثمّ قال {إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} حتّى أنزل الله تعالى {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله} فصارت ناسخة للآية الّتي كانوا يتوارثون بها وصاروا بعد ذلك يتوارثون بالنّسب). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 96]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا}:
أوجبت هذه الآية في ظاهرها أنّ من هاجر إليهم من المؤمنين حصلت له ولايتهم في الميراث؛ لقرابته وهجرته، ولا يرث بالقرابة إذا لم يهاجر.
قال قتادة: نسخ ذلك قوله: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} [الأنفال: 75] قال: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، فكان الرّجل إذا أسلم ولم يهاجر لم يرث أخاه المسلم المهاجر، ولا يرث المسلم المهاجر أخاه المسلم الذي لم يهاجر، فنسخ ذلك بالآية المذكورة لمّا انقضت الهجرة وتوارثوا بالنّسب حيث كانوا بعد الفتح - وهو مروي عن ابن عباس -.
وقال ابن عباس: آخى النبي عليه السلام بين أصحابه فكانوا يتوارثون بذلك، حتى نزل قوله: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75] الآية فتوارثوا بالنّسب.
قال عكرمة: أقام الناس برهةً لا يرث الأعرابيّ المهاجر من عصبته، ولا المهاجر الأعرابيّ، حتى نزل قوله: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} الآية.
قال أبو محمد: فذكر هذه الآية - على قول قتادة - في الناسخ والمنسوخ حسنٌ؛ لأنه قرآنٌ نسخ قرآنًا، وذكرها على الأقوال الأخر لا يلزم؛ لأنها لم تنسخ قرآنًا؛ إنما نسخت أمرًا كانوا عليه). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 305]

قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الرابعة: {والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا} . قال المفسّرون كانوا يتوارثون بالهجرة وكان المؤمن الّذي لم يهاجر لا يرث قريبه المهاجر وذلك معنى قوله تعالى {ما لكم من ولايتهم من شيءٍ} فنسخت بقوله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} .). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 38]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الثامن: قوله عز وجل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}الآية [الأنفال: 72] واختلف في تفسيرها فقيل: معناه ما لكم من ميراثهم من شيء حتى يهاجروا، أي: أنهم لما لم يهاجروا لم يتوارثوا، فلا ميراث بين المسلم المهاجر والمسلم الذي لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله عز وجل: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين}الآية [الأحزاب: 6] أي: أولى بالميراث، وقيل: كان المسلمون المهاجرون والأنصار يتوارثون، يرث بعضهم بعضا.
وقيل: لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة ولا يرث المؤمن الذي لم يهاجر من قريبه المهاجر شيئا، فنسخ ذلك بقوله عز وجل: {وأولو الأرحام}الآية [الأحزاب: 6].
والظاهر أن قوله عز وجل: {وأولو الأرحام}الآية [الأحزاب: 6] ليس بناسخ لما ذكروه، وإنما المعنى أن أولي الأرحام المهاجرين بعضهم أولى ببعض، أي أن الموارثة بالرحم والقرابة بين المهاجرين أولى من التوارث بالهجرة، وإذا اجتمع القرابة والهجرة كان ذلك مقدما على مجرد الهجرة الذي كانوا يتوارثون به، وإنما نسخها آية المواريث.
واختار الطبري أن تكون الولاية بمعنى: النصرة، وليس كما قال؛ وإن كان الولي في اللغة: الناصر؛ لأن قوله عز وجل: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}الآية [الأنفال: 72] يرد ذلك.
وعن ابن عباس رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين أصحابه كانوا يتوارثون بذلك، ثم نسخ بالآية المذكورة.
وقيل: {والذين آمنوا ولم يهاجروا}الآية [الأنفال: 72] يراد به: الأعراب الذين آمنوا ولم يهاجروا لا ميراث بينهم وبين أقاربهم ممن هاجر). [جمال القراء:1/313-314]

قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية السّابعة: قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ}
قال المفسّرون: كانوا يتوارثون بالهجرة، وكان المؤمن الّذي لا يهاجر (لا يرث) قريبه المهاجر وذلك معنى قوله: {ما لكم من ولايتهم من شيءٍ}.
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهرٍ الباقلاويّ، قالا: أبنا أبو عليّ بن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كاملٍ، قال: حدّثني محمّد بن سعدٍ العوفيّ، قال: بنا أبي، قال: حدّثني عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قال: "كان المؤمنون على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ثلاثة منازل: منهم المؤمن المهاجر (المرافق) لقومه في الهجرة خرج إلى قومٍ مؤمنين في ديارهم وعقارهم وأموالهم] وفي قوله:
والّذين آووا ونصروا وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة وشهروا السّيوف على من كذب وجحد [ فهذان مؤمنان، وكانوا يتوارثون إذا توفّي المؤمن المهاجر بالولاية في الدّين، وكان الّذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنّه لم يهاجر، ثمّ الحق كلّ ذي رحمٍ برحمه".
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل بن العبّاس، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا محمد بن قهزاذ قال: بنا عليّ بن الحسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة عن ابن
عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا} قال: "وكان الأعرابيّ لا يرث المهاجر، ولا يرثه المهاجر، فنسخها، فقال: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} الآية.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن
حنبلٍ، قال: حدّثني أبي قال بنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، قال: بنا عمر بن فروخ، قال: بنا حبيب بن الزّبير عن عكرمة: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا} قال: "لبث النّاس برهةً، والأعرابيّ لا يرث المهاجر، والمهاجر لا يرث الأعرابيّ حتّى فتحت مكّة ودخل النّاس في الدّين فأنزل الله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه} ".
وقال الحسن: "كان الأعرابيّ لا يرث المهاجر ولا يرثه المهاجر، فنسخها {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} ".
وقد ذهب قومٌ إلى أنّ المراد بقوله: {ما لكم من ولايتهم من شيءٍ} (ولاية) النّصرة والمودّة. قالوا ثمّ نسخ هذا بقوله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ}.
وأمّا قوله: {وإن استنصروكم في الدّين} فقال المفسّرون: إن استنصركم المؤمنون الّذين لم يهاجروا فانصروهم إلا أن يستنصروكم على قومٍ بينكم وبينهم عهدٌ، فلا تغدروا بأهل العهد.
وذهب بعضهم إلى أنّ الإشارة إلى أحياءٍ من كفّار العرب كان بينهم وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم موادعةٌ، فكان إن احتاج إليهم عاونوه، وإن احتاجوا عاونهم فنسخ ذلك بآية السيف ). [نواسخ القرآن: 356]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 11:41 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

قوله تعالى {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق (72)}

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية السّادسة قوله تعالى {وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر} إلى قوله {وفساد كبير}
وكان بين النّبي (صلى الله عليه وسلم) وبين أحياء من العرب خزاعة وهلال بن عمير وجماعة من أحباء العرب موادعة لا يقاتلهم ولا يقاتلونه وحالفهم إن كان له حرب أعانوه وإن كان لهم حرب أعانهم فصار ذلك منسوخا بآية السّيف ). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 96]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (التاسع: قوله عز وجل: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق}الآية [الأنفال: 72]، قالوا: كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحياء من العرب موادعة، لا يقاتلهم ولا يقاتلونه وإن احتاج إليهم عاونوه، وإن احتاجوا إليه عاونهم، فصار ذلك منسوخا بآية السيف والصحيح أنها في المسلمين الذين لم يهاجروا، إما الذين بقوا بمكة، وإما الأعراب المسلمون الذين لم يهاجروا، والثاني قول ابن عباس؛ لأنهم – أعني الفريقين – من جملة المسلمين، لهم ما لهم من نصر المسلم المسلم، وعليهم ما على المسلمين من الوفاء بعهد المعاهدين وميثاقهم). [جمال القراء:1/314]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة