العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 09:47 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (181) إلى الآية (184) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (181) إلى الآية (184) ]

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:26 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغني أن الله لما أنزل: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}، قال: المنافقون، استقرض الغني من الفقير، إنما يستقرض الفقير من الغني، فأنزل الله: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء}). [الجامع في علوم القرآن: 2/91] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال لما أنزل الله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قالت اليهود إنما يستقرض الفقير من الغني فأنزل الله تعالى لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء). [تفسير عبد الرزاق: 1/141]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {سنكتب} [آل عمران: 181] : سنحفظ). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله سنكتب ما قالوا سنحفظ هو تفسير أبي عبيدة أيضًا لكنّه ذكره بضمّ الياء التّحتانيّة على البناء للمجهول وهي قراءة حمزة وكذلك قرأ وقتلهم بالرّفع عطفًا على الموصول لأنّه منصوب المحلّ وقراءة الجمهور بالنّون للمتكلّم العظيم وقتلهم بالنّصب على الموصول لأنّه منصوب المحلّ وتفسير الكتابة بالحفظ تفسيرٌ باللّازم وقد كثر ذلك في كلامهم كما مضى ويأتي). [فتح الباري: 8/208]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (سنكتب سنحفظ
أشار به إلى قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الّذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا} (آل عمران: 181) الآية. وفسّر: سنكتب، بقوله سنحفظ. أي: سنحفظه وتثبته في علمنا، وفي التّفسير: (سنكتب ما قالوا) في صحائف الحفظة، وقرأ حمزة: (سيكتب) . بضم الياء آخر الحروف على البناء للمجهول، وتفسير البخاريّ تفسير باللازم لأن الكتابة تستلزم الحفظ). [عمدة القاري: 18/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} ({سنكتب}) [آل عمران: 181] أي (سنحفظ) ما قالوا في علمنا ولا نهمله لأنه كلمة عظيمة إذ هو كفر بالله). [إرشاد الساري: 7/49-50]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): ([ثنا يزيد بن موهبٍ قال: ثنا يحيى بن يمانٍ قال:] ثنا أشعث عن جعفرٍ عن سعيدٍ في قوله عزّ وجلّ: {من ذا الّذي يقرض الله قرضاً حسناً} قال: فقالت اليهود: افتقر ربنا فنزلت: {لقد سمع الله قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء}.. إلى آخر الآية). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 35]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد}
ذكر أنّ هذه الآية وآياتٍ بعدها نزلت في بعض اليهود، الّذين كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الأخبار بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة، أنّه حدّثه، عن ابن عبّاسٍ، قال: دخل أبو بكرٍ الصّدّيق رضي اللّه عنه بيت المدارس، فوجد من يهود ناسًا كثيرًا قد اجتمعوا إلى رجلٍ منهم يقال له فنحاصٌ، كان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبرٌ يقال له أشيع فقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه لفنحاصٍ: ويحك يا فنحاص، اتّق اللّه وأسلم، فواللّه إنّك لتعلم أنّ محمّدًا رسول اللّه، قد جاءكم بالحقّ من عند اللّه، تجدونه مكتوبًا عندكم في التّوراة والإنجيل، قال فنحاصٌ: واللّه يا أبا بكرٍ ما بنا إلى اللّه من فقرٍ، وإنّه إلينا لفقيرٌ، وما نتضرّع إليه كما يتضرّع إلينا، وإنّا عنه لأغنياء، ولو كان عنّا غنيًّا ما استقرضنا اموالنّا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الرّبا ويعطيناه، ولو كان غنيًّا عنّا ما أعطانا الرّبا، فغضب أبو بكرٍ، فضرب وجه فنحاصٍ ضربةً شديدةً، وقال: والّذي نفسي بيده، لولا العهد الّذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدوّ اللّه، فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين، فذهب فنحاصٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا محمّد انظر ما صنع بي صاحبك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكرٍ: وما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه إنّ عدوّ اللّه قال قولاً عظيمًا، زعم أنّ اللّه فقيرٌ، وأنّهم عنه أغنياء، فلمّا قال ذلك غضبت للّه ممّا قال، فضربت وجهه، فجحد ذلك فنحاصٌ، وقال: ما قلت ذلك، فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيما قال فنحاصٌ ردًّا عليه وتصديقًا لأبي بكرٍ: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق} وقول أبي بكرٍ وما بلغه في ذلك من الغضب: {لتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذًى كثيرًا وإن تصبروا وتتّقوا فإنّ ذلك من عزم الأمور}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة مولى ابن عبّاسٍ، قال: دخل أبو بكرٍ، فذكر نحوه، غير أنّه قال: وإنّا عنه لأغنياء، وما هو عنّا بغنيٍّ، ولو كان غنيًّا؛ ثمّ ذكر سائر الحديث نحوه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} قالها فنحاصٌ اليهوديّ من بني مرثدٍ، لقيه أبو بكرٍ فكلّمه، فقال له: يا فنحاص، اتّق اللّه وآمن وصدّق، وأقرض اللّه قرضًا حسنًا، فقال فنحاصٌ: يا أبا بكرٍ، تزعم أنّ ربّنا فقيرٌ، يستقرضنا أموالنا، وما يستقرض إلاّ الفقير من الغنيّ، إن كان ما تقول حقًّا، فإنّ اللّه إذًا لفقيرٌ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ هذا، فقال أبو بكرٍ: فلولا هدنةٌ كانت بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبين بني مرثدٍ لقتلته.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: صكّ أبو بكرٍ رجلاً منهم {الّذين قالوا: إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} لم يستقرضنا وهو غنيّ وهم يهود؟.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، قال {الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} لم يستقرضنا وهو غنيّ؟ قال شبلٌ: بلغني أنّه فنحاصٌ اليهوديّ، وهو الّذي قال: إنّ اللّه ثالث ثلاثةٍ، ويد اللّه مغلولةٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثني يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثتا ابو حمزه عن عطاءٍ، عن الحسن، قال: لمّا نزلت: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا}، قالت اليهود: إنّ ربّكم يستقرض منكم فأنزل اللّه: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن الحسن البصريّ، قال: لمّا نزلت: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا} قال: عجبت اليهود فقالت: إنّ اللّه فقيرٌ يستقرض فنزلت: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} ذكر لنا أنّها نزلت في حييّ بن أخطب لمّا أنزل اللّه: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرةً} قال: يستقرضنا ربّنا، إنّما يستقرض الفقير الغنيّ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة قال: لمّا نزلت: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا} قالت اليهود: إنّما يستقرض الفقير من الغنيّ قال: فأنزل اللّه: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعت ابن زيدٍ، يقول في قوله: {لقد سمع اللّه، قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} قال: هؤلاء اليهود.
فتأويل الآية إذًا: لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا من اليهود: إنّ اللّه فقيرٌ إلينا ونحن أغنياء عنه، سنكتب ما قالوا من الإفك والفرية على ربّهم وقتلهم أنبياءهم بغير حقٍّ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {سنكتب ما قالوا وقتلهم} فقرأ ذلك قرّاء الحجاز وعامّة قرّاء العراق: {سنكتب ما قالوا} بالنّون {وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ} بنصب القتل.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفيّين: (سيكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ) بالياء من (سيكتب) وبضمّها ورفع القتل على مذهب ما لم يسمّ فاعله، اعتبارًا بقراءةٍ يذكر أنّها من قراءة عبد اللّه في قوله: {ونقول ذوقوا}، يذكر أنّها في قراءة عبد اللّه: ويقال.
فأغفل قارئ ذلك وجه الصّواب فيما قصد إليه من تأويل القراءة الّتي تنسب إلى عبد اللّه، وخالف الحجّة من قرّاء الإسلام، وذلك أنّ الّذي ينبغي لمن قرأ: (سيكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء) على وجه ما لم يسمّ فاعله، أن يقرأ: ويقال، لأنّ قوله: {ونقول} عطفٌ على قوله: {سنكتب}. فالصّواب من القراءة أن يوفّق بينهما في المعنى بأن يقرأ جميعهمًا على مذهب ما قد سمى فاعله، أو على مذهب ما يسمّى فاعله، فأمّا أن يقرأ أحدهما على مذهب ما لم يسمّ فاعله والآخر على وجه ما قد سمّي فاعله من غير معنًى ألجأه الى ذلك، فاختيارٌ خارجٌ عن الفصيح من كلام العرب.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا: {سنكتب} بالنّون {وقتلهم} بالنّصب لقوله: {ونقول} ولو كانت القراءة في (سيكتب) بالياء وضمّها، لقيل: ويقال، على ما قد بيّنّا.
فإن قال قائلٌ: كيف قيل: {وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ} وقد ذكرت الآثار الّتي رويت أنّ الّذين عنوا بقوله: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ} بعض اليهود الّذين كانوا على عهد نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يكن من أولئك أحدٌ قتل نبيًّا من الأنبياء؛ لأنّهم لم يدركوا نبيًّا من أنبياء اللّه فيقتلوه.
قيل: إنّ معنى ذلك على غير الوجه الّذي ذهبت إليه، وإنّما قيل ذلك كذلك؛ لأنّ الّذين عنى اللّه تبارك وتعالى بهذه الآية كانوا راضين بما فعل أوائلهم من قتل من قتلوا من الأنبياء، وكانوا منهم وعلى منهاجهم، من استحلال ذلك واستجازته، فأضاف جلّ ثناؤه فعل ما فعله من كانوا على منهاجه وطريقته إلى جميعهم، إذ كانوا أهل ملّةٍ واحدةٍ، ونحلةٍ واحدةٍ، وبالرّضا من جميعهم، فعل ما فعل فاعل ذلك منهم على ما بيّنّا من نظائره فيما مضى قبل). [جامع البيان: 6/277-282]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181)
قوله تعالى: لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء
. [4588]
حدّثنا أحمد بن القاسم بن عطيّة، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، حدّثني أبي، عن أبيه، ثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتت اليهود محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزل اللّه: من ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فقالوا: أفقيرٌ ربّك يسأل عباده القرض؟ فأنزل اللّه تعالى:
لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ الله فقير الآية
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ الكوفيّ ومحمّد بن عبد اللّه ابن نميرٍ الهمدانيّ قالا، ثنا يونس يعنيان: ابن بكير، ثنا ابن إسحاق، حدثني محمد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أنّه حدّثه عن ابن عبّاسٍ قال: دخل أبو بكرٍ بيت المدارس فوجد من يهود أناساً كثيراً قد اجتمعوا إلى رجلٍ منهم يقال له: فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبرٌ يقال له: أشيع. فقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه:
ويحك يا فنحاص، اتّق اللّه بالحقّ من عنده تجدونه مكتوباً عندكم في التّوراة والإنجيل فقال فنحاص: واللّه يا أبا بكرٍ ما نبأ إلى اللّه من فقرٍ وإنّه إلينا لفقيرٌ، وما نتضرّع إليه كما يتضرّع إلينا، وإنّا عنه لأغنياء، ولو كان عنّا غنيّاً ما استقرض منّا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الرّبا ويعطينا، ولو كان غنيّاً عنّا ما أعطانا الرّبا، فغضب أبو بكرٍ فضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً وقال: والّذي نفسي بيده لولا الّذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدوّ اللّه. فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد أبصر ما صنع بي صاحبك فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكرٍ: ما حملك على ما صنعت؟ فقال:
يا رسول اللّه، إنّ عدوّ اللّه قال قولا عظيماً، يزعم أنّ اللّه فقيرٌ وأنّهم عنه أغنياء، فلمّا قال ذاك غضبت للّه ممّا قال، فضربت وجهه، فجحد ذلك فنحاص وقال: ما قلت ذلك. فأنزل اللّه تعالى فيما قال فنحاص ردّاً عليه وتصديقاً لأبي بكرٍ: لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ الله فقير ونحن أغنياء الآية.
قوله تعالى: سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمرٍ الأزديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كان بنو إسرائيل يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبيٍّ، ثمّ يقوم سوق بنقلهم مع آخر النّهار.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير بن عبد الحميد، عن أبي يزيد المراديّ وهو النّعمان بن قيسٍ عن العلاء بن بدرٍ قلت: أرأيت قوله:
وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ وهم لم يدركوا ذلك؟ قال: بموالاتهم الّذي قتل أنبياء الله.
قوله تعالى: ونقول ذوقوا عذاب الحريق
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن الصّبّاح، ثنا يزيد بن هارون، ثنا هشام بن حسّان، عن الحسن قال: بلغني أنّه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/828-830]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قال رجل إن الله فقير ونحن أغنياء فلم يستقرضنا وهو غني فصكه أبو بكر الصديق رضي الله عنه). [تفسير مجاهد: 140]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيتان 181 - 182
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر: ويلك يا فنحاص، اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة فقال فنخاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله، فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد انظر ما صنع صاحبك بي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت قال: يا رسول الله قال قولا عظيما: يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه، فجحد فنحاص فقال: ما قلت ذلك، فأنزل الله فيما قال فنحاص تصديقا لأبي بكر {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} الآية، ونزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) (آل عمران الآية 186) الآية
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر من وجه آخر عن عكرمة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعث أبا
بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده وكتب إليه وقال لأبي بكر: لا تفتت علي بشيء حتى ترجع إلي، فلما قرأ فنحاص الكتاب قال: قد احتاج ربكم، قال أبو بكر فهممت أن أمده بالسيف ثم ذكرت قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا تفتت علي بشيء، فنزلت {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية، وقوله (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) (آل عمران الآية 186) وما بين ذلك في يهود بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} قالها فنحاص اليهودي من بني مرثد لقيه أبو بكر فكلمه فقال له: يا فنحاص اتق الله وآمن وصدق وأقرض الله قرضا حسنا، فقال فنحاص: يا أبا بكر تزعم أن ربنا غني وتستقرضنا لأموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني إن كان ما تقول حقا فإن الله إذن لفقير، فأنزل الله هذا فقال أبو بكر: فلولا هدنة كانت بين بني مرثد وبين النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقتلته.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد قال: صك أبو بكر رجلا منهم {الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} لم يستقرضنا وهو غني، وهم يهود
وأخرج ابن جرير عن شبل في الآية قال: بلغني أنه فنحاص اليهودي وهو الذي قال (إن الله ثالث ثلاثة) (المائدة الآية 73) و(يد الله مغلولة) (المائدة الآية 64).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتت اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) (البقرة الآية 245) فقالوا: يا محمد أفقير ربنا يسأل عباده القرض فأنزل الله {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {لقد سمع الله} الآية، قال: ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب لما نزلت (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (البقرة الآية 245) قال: يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر أنه سئل عن قوله {وقتلهم الأنبياء بغير حق} وهم لم يدركوا ذلك قال: بموالاتهم من قتل أنبياء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} قال: بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة). [الدر المنثور: 4/158-162]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ونقول للقائلين بأنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء، القاتلين أنبياء اللّه بغير حقٍّ، يوم القيامة: ذوقوا عذاب الحريق، يعني بذلك: عذاب نارٍ محرقةٍ ملتهبةٍ، والنّار اسمٌ جامعٌ للملتهبة منها وغير الملتهبة، وإنّما الحريق صفةٌ لها، يراد أنّها محرقةٌ، كما قيل: عذابٌ أليمٌ يعني: مؤلمٌ، ووجيعٌ يعني: موجعٌ.
وأمّا قوله: {ذلك بما قدّمت أيديكم} أي قولنا لهم يوم القيامة: ذوقوا عذاب الحريق بما أسلفت أيديكم، واكتسبتها أيّام حياتكم في الدّنيا، وبأن اللّه عدلٌ لا يجور، فيعاقب عبدًا له بغير استحقاقٍ منه العقوبة، ولكنّه يجازي كلّ نفسٍ بما كسبت، ويوفّي كلّ عاملٍ جزاء ما عمل، فجازى الّذين قال لهم يوم القيامة من اليهود الّذين وصف صفتهم، فأخبر عنهم أنّهم قالوا: إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء، وقتلوا الأنبياء بغير حقٍّ، بما جازاهم به من عذاب الحريق، بما اكتسبوا من الآثام، واجترحوا من السّيّئات، وكذبوا على اللّه بعد الإعذار إليهم بالإنذار، فلم يكن تعالى ذكره بما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الحريق ظالمًا ولا واضعًا عقوبته في غير أهلها وكذلك هو جلّ ثناؤه غير ظلاّمٍ أحدًا من خلقه، ولكنّه العادل بينهم، والمتفضّل على جميعهم بما أحبّ من فواضله ونعمه). [جامع البيان: 6/283]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلّامٍ للعبيد (182) الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألّا نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183)
قوله تعالى: ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلام للعبيد
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: ذلك يعني: هذا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى:
ذلك يعني: الّذي نزل بهم.
قوله تعالى: وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد
- حدّثنا محمّد بن يحيى الواسطيّ، ثنا محمّد بن بشيرٍ، ثنا عمرو بن عطيّة، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وأن اللّه ليس بظلامٍ للعبيد قال: ما أنا بمعذّبٍ من لم يجرم عندي أن أعذّبه). [تفسير القرآن العظيم: 2/830-832]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وأن الله ليس بظلام للعبيد} قال: ما أنا بمعذب من لم يجترم). [الدر المنثور: 4/162]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألاّ نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا ان الله فقير إنّ اللّه عهد إلينا ألاّ نؤمن لرسولٍ.
وقوله: {الّذين قالوا إنّ اللّه} في موضع خفضٍ ردًّا على قوله: {الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ}
ويعني بقوله: {قالوا إنّ اللّه عهد إلينا أن لا نؤمن لرسولٍ} أوصانا وتقدّم إلينا في كتبه وعلى ألسن أنبيائه أن لا نؤمن لرسولٍ، يقول: أن لا نصدّق رسولاً فيما يقول إنّه جاء به من عند اللّه، من أمرٍ ونهي وغير ذلك {حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار} يقول: حتّى يجيئنا بقربانٍ، وهو ما تقرّب به العبد إلى ربّه من صدقةٍ، وهو مصدرٌ مثل العدوان والخسران من قولك: قرّبت قربانًا، وإنّما قال: {تأكله النّار}؛ لأنّ أكل النّار ما قرّبه أحدهم للّه في ذلك الزّمان كان دليلاً على قبول اللّه منه ما قرّب له، ودلالةً على صدق المقرّب فيما ادّعى أنّه محقٌّ فيما نازع أو قال.
- كما: حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار} كان الرّجل يتصدّق، فإذا تقبّل منه أنزلت عليه نارٌ من السّماء فأكلته.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بقربانٍ تأكله النّار} كان الرّجل إذا تصدّق بصدقةٍ، فتقبّلت منه بعث اللّه نارًا من السّماء، فنزلت على القربان فأكلته
فقال اللّه تعالى لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم:قل للقائلين هذا القول يامحمد جاءكم يامعشر من يزعم ان الله عهد اليه {ألاّ نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات} يعني: بالحجج الدّالّة على صدق نبوّتهم وحقيقة قولهم؛ {وبالّذي قلتم} يعني: وبالّذي ادّعيتم أنّه إذا جاء به لزمكم تصديقه، والإقرار بنبوّته من أكل النّار قربانه إذا قرّب للّه دلالةً على صدقه؛ {فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين} يقول له: قل لهم: قد جاءتكم الرّسل الّذي كانوا من قبلي بالّذي زعمتم أنّه حجّةٌ لهم عليكم، فقتلتموهم، فلم قتلتموهم وأنتم مقرّون بأنّ الّذي جاءوكم به من ذلك كان حجّةً لهم عليكم إن كنتم صادقين في أنّ اللّه عهد إليكم أن تؤمنوا بمن أتاكم من رسله بقربانٍ تأكله النّار حجّةً له على نبوّته.
وإنّما أعلم اللّه عباده بهذه الآية، أنّ الّذين وصف صفتهم من اليهود الّذين كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لن يعدّوا، وأن يكونوا في كذبهم على اللّه، وافترائهم على ربّهم، وتكذيبهم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وهم يعلمونه صادقًا محقًّا، وجحودهم نبوّته، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في عهد اللّه تعالى إليهم أنّه رسوله إلى خلقه، مفروضةٌ طاعته إلاّ كمن مضى من أسلافهم الّذين كانوا يقتلون أنبياء اللّه بعد قطع اللّه عذرهم بالحجج الّتي أيّدهم اللّه بها والأدلّة الّتي أبان صدقهم بها، افتراءً على اللّه، واستخفافًا بحقوقه). [جامع البيان: 6/284-285]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسولٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن آدم، ثنا يحيى بن أبي زائدة، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ في قوله: الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسولٍ قال: كان بين الّذين قتلوا وبين الّذين قالوا: إنّ اللّه عهد إلينا إلى آخر الآية- سبعمائة سنةٍ.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: إنّ اللّه عهد إلينا ألاّ نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قال: كذبوا على الله.
قوله تعالى: حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي، ثنا الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار:
فكان الرّجل يتصدّق، فإذا تقبّل منه أنزلت عليه نارٌ من السّماء فأكلته- وروي عن الحسن نحو ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون، ثنا مروانٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار (قال: هم اليهود).
قوله تعالى: قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، أنبأ جرير بن عبد الحميد، عن أبي يزيد المراديّ، وهو النّعمان بن قيسٍ، عن العلاء بن بدرٍ قال: كانت رسلٌ تجيء بالبيّنات، ورسلٌ علامة نبوّتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده، فتجيئ نارٌ من السّماء، فتأكله، فأنزل اللّه تعالى: قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون، ثنا مروانٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك قالوا: يا محمّد إن تأتنا بقربانٍ تأكله النّار صدّقناك، وإلا فلست بنبيٍّ، فقال اللّه تعالى: قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم أي: جاءكم بالبيّنات وبالقربان الّذي تأكله النّار.
قوله تعالى: فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن آدم، ثنا يحيى بن أبي زائدة، عن مجالدٍ، عن الشّعبيّ في قوله: فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين قال: لأنّهم رضوا عملهم.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، أنبأ جريرٌ، عن أبي يزيد المراديّ، عن العلاء بن بدرٍ قلت: أرأيت قوله: فلم قتلتموهم وهم لم يدركوا ذلك؟ قال:
بموالاتهم من قتل الأنبياء.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون، ثنا مروانٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك يعني قوله: فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين قال: فلم كذّبتموهم قتلتموهم إن كنتم صادقين؟). [تفسير القرآن العظيم: 2/830-832]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 183 - 185.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {حتى يأتينا بقربان تأكله النار} قال: يتصدق الرجل منا فإذا تقبل منه أنزلت عليه نار من السماء فأكلته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كان من قبلنا من الأمم يقرب أحدهم القربان فتخرج الناس فينظرون أيتقبل منهم أم لا فإن تقبل منهم جاءت نار بيضاء من السماء فأكلت ما قرب وإن لم يتقبل لم تأت النار فعرف الناس أن لم يقبل منهم فلما بعث الله محمدا سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم} القربان {فلم قتلتموهم} يعيرهم بكفرهم قبل اليوم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {الذين قالوا إن الله عهد} الآية، قال هم اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك وإلا فلست بنبي
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الشعبي قال: إن الرجل يشترك في دم الرجل وقد قتل قبل أن يولد، ثم قرأ الشعبي {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم} فجعلهم هم الذين قتلوهم ولقد قتلوا قبل أن يولدوا بسبعمائة عام، ولكن قالوا قتلوا بحق وسنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {الذين قالوا إن الله عهد إلينا} الآية، قال: كذبوا على الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر قال: كانت رسل تجيء بالبينات ورسل علامة نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله، فأنزل الله {قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم} ). [الدر المنثور: 4/162-166]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير}.
وهذا تعزيةٌ من اللّه جلّ ثناؤه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم على الأذى الّذي كان يناله من اليهود وأهل الشّرك باللّه من سائر أهل الملل، يقول اللّه تعالى له: لا يحزنك يا محمّد كذب هؤلاء الّذين قالوا: إنّ اللّه فقيرٌ، وقالوا: إنّ اللّه عهد إلينا أن لا نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار، وافتراؤهم على ربّهم اغترارًا بإمهال اللّه إيّاهم، ولا يعظمنّ عليك تكذيبهم إيّاك، وادّعاؤهم الأباطيل من عهود اللّه إليهم، فإنّهم إن فعلوا ذلك بك فكذّبوك كذبوا على اللّه، فقد كذّبت أسلافهم من رسل اللّه قبلك من جاءهم بالحجج القاطعة العذر، والأدلّة الباهرة العقل، والآيات المعجزة الخلق، وذلك هو البيّنات.
وأمّا الزّبر: فإنّه جمع زبورٍ: وهو الكتاب، وكلّ كتابٍ فهو زبورٌ، ومنه قول امرئ القيس:
لمن طللٌ أبصرته فشجاني = كخطّ زبورٍ في عسيب يمان
ويعني بالكتاب: التّوراة والإنجيل، وذلك أنّ اليهود كذّبت عيسى وما جاء به وحرّفت ما جاء به موسى عليه السّلام من صفة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وبدّلت عهده إليهم فيه، وأنّ النّصارى جحدت ما في الإنجيل من نعته وغيّرت ما أمرهم به في أمره.
وأمّا قوله: {المنير} فإنّه يعني: الّذي ينير فيبيّن الحقّ لمن التبس عليه ويوضّحه، وإنّما هو من النّور والإضاءة، يقال: قد أنار لك هذا الأمر، بمعنى: أضاء لك وتبيّن، فهو ينير إنارةً، والشّيء المنير.
- وقد: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك} قال: يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك} قال: يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم
وهذا الحرف في مصاحف أهل الحجاز والعراق: {والزّبر} بغير باءٍ، وهو في مصاحف أهل الشّام: (وبالزّبر) بالباء مثل الّذي في سورة فاطرٍ). [جامع البيان: 6/286-287]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير (184) كلّ نفسٍ ذائقة الموت وإنّما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدّنيا إلّا متاع الغرور (185)
قوله تعالى: فإن كذّبوك
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: فإن كذّبوك قال: اليهود.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: فقد كذّب رسلٌ من قبلك قال: يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: جاؤ بالبيّنات
- حدّثنا سهل بن بحرٍ العسكريّ، ثنا حسينٍ الأسود، ثنا عمرو بن محمّدٍ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أصحابه في قول اللّه تعالى: بالبيّنات قال:
الحلال والحرام.
قوله تعالى: والزّبر والكتاب المنير
- وبه عن السّدّيّ، عن أصحابه في قول اللّه تعالى: والزّبر: كتب الأنبياء). [تفسير القرآن العظيم: 2/832-833]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن كذبوك} قال: اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فقد كذبت رسل من قبلك} قال: يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله {بالبينات}
قال: الحرام والحلال {والزبر} قال: كتب الأنبياء {والكتاب المنير} قال: هو القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والزبر والكتاب المنير} قال: يضاعف الشيء وهو واحد). [الدر المنثور: 4/162-166]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الآخرة 1434هـ/18-04-2013م, 07:15 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {سنكتب ما قالوا...}
وقرئ "سيكتب ما قالوا" قرأها حمزة اعتبارا؛ لأنها في مصحف عبد الله). [معاني القرآن: 1/249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عذاب الحريق}: النار اسم جامع؛ تكون ناراً وهي حريق وغير حريقٍ، فإذا التهبت فهي حريق). [مجاز القرآن: 1/110]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لّقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق}
قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ} وقد مضى لذلك دهر، فإنما يعني: سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه"). [معاني القرآن: 1/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} قال رجل من اليهود حين نزلت {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً} إنما يستقرض الفقير من الغني، واللّه الغني، فكيف يستقرض؟ فأنزل اللّه هذه الآية). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق} هؤلاء رؤوساء أهل الكتاب لما نزلت {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قالوا: نرى أنّ إله محمد يستقرض منا فنحن إذن أغنياء وهو فقير، وقالوا هذا تلبيسا على ضعفتهم، وهم يعلمون أن الله عزّ وجلّ: لا يستقرض من عوز، ولكنه يبلو الأخيار فهم يعلمون أن اللّه سمّى الإعطاء والصّدقة قرضا، يؤكد به - أن أضعافه ترجع إلى أهله، وهو عزّ وجل يقبض ويبسط أي يوسع ويقتر، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنه قد سمع مقالتهم، وأعلم أن ذلك مثبت عليهم وأنهم إليه يرجعون فيجازيهم على ذلك وأنه خبير بعملهم.
وقوله عزّ وجلّ: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق}
ومعنى {عذاب الحريق} أي: عذاب محرق - بالنار، لأن العذاب يكون بغير النار.
فأعلم أن مجازاة هؤلاء هذا العذاب.
وقوله{ذوقوا} هذه كلمة تقال للشيء يوئس من العفو يقال ذق ما أنت فيه، أي: لست بمتخلّص منه). [معاني القرآن: 1/493-494]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء}
قال الحسن: لما نزلت {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة}قالت اليهود أو هو فقير يستقرض؟ يموهون بذلك على ضعفائهم فأنزل الله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء}المعنى: إنه على قول محمد فقير لأنه اقترض منا فكفروا بهذا القول لأنهم أرادوا تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم به وتشكيكا للمؤمنين في الإسلام.
ثم قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق} سنحصيه ويجوز سيكتب ما قالوا أي سيكتب الله ما قالوا
ثم قال تعالى: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} أي: عذاب النار لأن من العذاب ما لا يحرق). [معاني القرآن: 1/516-517]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سيكتب ما قالوا}: سيحفظ). [مجاز القرآن: 1/110]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار...}
كان هذا، والقربان: نار لها حفيف وصوت شديد كانت تنزل على بعض الأنبياء.
فلمّا قالوا ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى "قل" يا محمد {قد جاءكم رسلٌ مّن قبلي بالبيّنات} وبالقربان الذي قلتم {فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}). [معاني القرآن: 1/249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ الله عهد إلينا}: أمرنا، {ألاّ نؤمنا لرسولٍ}: أن لا ندين له فنقرّ به). [مجاز القرآن: 1/110]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ذكره: {الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألّا نؤمن لرسول حتّى يأتينا بقربان تأكله النّار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}
هذا من نعت (العبيد) الذين قالوا ({حتّى يأتينا بقربان تأكله النّار}أي: عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى تكون آيته هذه الآية.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ أسلافهم قد أتتهم الرسل بالبينات وبالذي طلبوا. فقتلوهم. فقال: (فلم قتلتموهم).
وهم لم يكونوا تولّوا القتل، ولكن رضوا بقتل أولئك الأنبياء فشركوهم في القتل). [معاني القرآن: 1/494-495]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسل من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير}
الزّبر: جمع زبور والزبور كل كتاب ذو حكمة.
ويقال زبرت إذا كتبت. وزبرت إذا قرأت). [معاني القرآن: 1/495]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير}
الزبر: جمع البور وهو الكتاب يقال زبرت إذا كتبت). [معاني القرآن: 1/517-518]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 09:32 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) }
[لا يوجد]


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) }
[لا يوجد]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) }
[لا يوجد]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لقد سمع اللّه الآية، قال ابن عباس: نزلت بسبب فنحاص اليهودي وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه إلى بيت المدراس ليدعوهم فوجد فيه جماعة من اليهود قد اجتمعوا على فنحاص- وهو حبرهم- فقال أبو بكر له: يا فنحاص اتق الله وأسلم فو الله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة وإنه إلينا لفقير وإنّا عنه لأغنياء، ولو كان غنيا لما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم، في كلام طويل غضب أبو بكر منه، فرفع يده فلطم وجه فنحاص وسبه وهمّ بقتله، ثم منعه من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لا تحدث شيئا حتى تنصرف إليّ، ثم ذهب فنحاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا فعل أبي بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رسول الله: إنه قال قولا عظيما فلم أملك نفسي أن صنعت ما صنعت، فنزلت الآية في ذلك وقال قتادة: نزلت الآية في حيي بن أخطب، وذلك أنه لما نزلت من ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً [البقرة: 245] قال: يستقرضنا ربنا؟ إنما يستقرض الفقير الغني، وقال الحسن بن أبي الحسن ومعمر وقتادة أيضا وغيرهم: لما نزلت من ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً [البقرة: 245]، قالت اليهود: إنما يستقرض الفقير من الغني، ولا محالة أن هذا قول صدر أولا عن فنحاص وحيي وأشباههما من الأحبار ثم تقاولها اليهود، وهو قول يغلط به الأتباع ومن لا علم عنده بمقاصد الكلام، وهذا تحريف اليهود التأويل على نحو ما صنعوا في توراتهم وقوله تعالى: قول الّذين كفروا دال على أنهم جماعة.
قرأ حمزة وحده «سيكتب» بالياء من أسفل على بناء الفعل للمفعول و «قتلهم» برفع اللام عطفا على المفعول الذي لم يسم فاعله، و «يقول» بالياء من أسفل، وقرأ الباقون بنون الجمع، فإما أنها نون العظمة، وإما هي للملائكة وما على هذه القراءة مفعولة بها، و «قتلهم» بنصب اللام عطفا على ما ونقول بالنون على نحو سنكتب والمعنى في هاتين القراءتين قريب بعضه من بعض، قال الكسائي: وفي قراءة عبد الله بن مسعود «ويقال ذوقوا» وقال أبو معاذ النحوي في حرف ابن مسعود: «سنكتب ما يقولون ويقال لهم ذوقوا» وقرأ طلحة بن مصرف «سنكتب ما يقولون» وحكى أبو عمرو عنه أيضا أنه قرأ «ستكتب» بتاء مرفوعة ما قالوا، بمعنى: ستكتب مقالتهم، وهذه الآية وعيد لهم، أي سيحصى عليهم قولهم، والكتب فيما قال كثير من العلماء هو في صحف تقيده الملائكة فيها، وتلك الصحف المكتوبة هي التي توزن وفيها يخلق الله الثقل والخفة بحسب العمل المكتوب فيها، وذهب قوم إلى أن الكتب عبارة عن الإحصاء وعدم الإهمال، فعبر عن ذلك بما تفهم العرب منه غاية الضبط والتقييد، فمعنى الآية: أن أقوال هؤلاء تكتب وأعمالهم، ويتصل ذلك بأفعال آبائهم من قتل الأنبياء بغير حق ونحوه، ثم يقال لجميعهم ذوقوا عذاب الحريق وخلطت الآية الآباء مع الأبناء في الضمائر، إذ الآباء هم الذين طوقوا لأبنائهم الكفر وإذ الأبناء راضون بأفعال الآباء متبعون لهم، والذوق مع العذاب مستعار، عبارة عن المباشرة، إذ الذوق من أبلغ أنواعها وحاسته مميزة جدا، والحريق معناه: المحرق فعيل بمعنى مفعل وقيل: الحريق طبقة من طبقات جهنم). [المحرر الوجيز: 2/432-434]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ للعبيد (182) الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألاّ نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183)
وقوله تعالى: ذلك بما قدّمت أيديكم توبيخ وتوقيف داخل فيما يقال لهم يوم القيامة، ويحتمل أن يكون خطابا لمعاصري النبي عليه السلام يوم نزول الآية، ونسب هذا التقديم إلى اليد إذ هي الكاسبة للأعمال في غالب أمر الإنسان، فأضيف كل كسب إليها، ثم بين تعالى: أنه يفعل هذا بعدل منه فيهم ووضع الشيء موضعه، والتقدير: وبأن الله ليس بظلّامٍ للعبيد وجمع «عبدا» في هذه الآية على عبيد، لأنه مكان تشفيق وتنجية من ظلم). [المحرر الوجيز: 2/434]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا صفة راجعة إلى قوله: الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ وقال الزجاج: الّذين صفة للعبيد، وهذا مفسد للمعنى والرصف، وهذه المقالة قالتها أحبار يهود مدافعة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أي إنك لا تأتي بنار فنحن قد عهد إلينا أن لا نؤمن لك، وعهد معناه: أمر والعهد: أخص من الأمر، وذلك أنه في كل ما يتطاول أمره ويبقى في غابر الزمان، وتعدى «آمن» في هذه الآية باللام والباء في ضمن ذلك، «وقربان» مصدر سمي به الشيء الذي يقرب كالرهن، وكان أمر القربان حكما قديما في الأنبياء، ألا ترى أن ابني آدم قربا قربانا، وذلك أنهم كانوا إذا أرادوا معرفة قبول الله تعالى لصدقة إنسان أو عمله أو صدق قوله، قرب قربانا شاة أو بقرة ذبيحة أو بعض ذلك وجعله في مكان للهواء وانتظر به ساعة، فتنزل نار من السماء فتحرق ذلك الشيء، فهذه علامة القبول، وإذا لم تنزل النار فليس ذلك العمل بمقبول، ثم كان هذا الحكم في أنبياء بني إسرائيل، وكانت هذه النار أيضا تنزل لأموال الغنائم فتحرقها، حتى أحلت الغنائم لمحمد صلى الله عليه وسلم حسب الحديث وروي عن عيسى بن عمر، أنه كان يقرأ «بقربان» بضم الراء وذلك للإتباع لضمة القاف وليست بلغة، لأنه ليس في الكلام فعلان بضم الفاء والعين، وقد حكى سيبويه: السلطان بضم اللام، وقال: إن ذلك على الإتباع.
هذا رد عليهم في مقالتهم وتبيين لإبطالهم، أي: قد جاءكم رسلٌ بالآيات الباهرة البينة، وفي جملتها ما قلتم من أمر القربان فلم قتلتموهم يا بني إسرائيل المعنى بل هذا منكم تعلل وتعنت، ولو أتيتكم بالقربان لتعللتم بغير ذلك، والاقتراح لا غاية له، ولا يجاب كل مقترح، ولم يجب الله مقترحا إلا وقد أراد تعذيبه وأن لا يمهله، كقوم صالح وغيرهم، وكذلك قيل لمحمد في اقتراح قريش فأبى، وقال: بل أدعوهم وأعالجهم). [المحرر الوجيز: 2/435-436]


تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك جاؤ بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير (184)
ثم آنس تعالى نبيه بالأسوة والقدوة فيمن تقدم من الأنبياء أي: فلا يعظم عليك ذلك، وقرأ ابن عامر: و «بالزبر» بإعادة باء الجر، وسقوطها على قراءة الجمهور متجه، لأن الواو شركت الزبر في الباء الأولى فاستغني عن إعادة الباء، وإعادتها أيضا متجهة لأجل التأكيد، وكذلك ثبتت في مصاحف أهل الشام، وروي أيضا عن ابن عامر إعادة الباء في قوله: «وبالكتاب المنير» والزّبر: الكتاب المكتوب يقال: زبرت الكتاب إذا كتبته، وزبرته إذا قرأته، والشاهد لأنه الكتاب قول امرئ القيس: [الطويل]
لمن طلل أبصرته فشجاني = كخطّ زبور في عسيب يماني؟
وقال الزجّاج: زبرت كتبت، وذبرت بالذال: قرأت، و «المنير»: وزنه مفعل من النور أي سطع نوره). [المحرر الوجيز: 2/436]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد (182) الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183) فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير (184)}
قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزل قوله: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرةً} [البقرة:245] قالت اليهود: يا محمّد، افتقر ربّك. يسأل عباده القرض؟ فأنزل اللّه: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} الآية. رواه ابن مردويه وابن أبي حاتمٍ.
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أنّه حدّثه عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، قال: دخل أبو بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه، بيت المدراس، فوجد من يهود أناسًا كثيرًا قد اجتمعوا إلى رجلٍ منهم يقال له: فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبرٌ يقال له: أشيع. فقال أبو بكرٍ: ويحك يا فنحاص اتّق اللّه وأسلم، فواللّه إنّك لتعلم أنّ محمّدًا رسول اللّه، قد جاءكم بالحقّ من عنده، تجدونه مكتوبًا عندكم في التّوراة والإنجيل، فقال فنحاص: واللّه -يا أبا بكرٍ-ما بنا إلى اللّه من حاجةٍ من فقرٍ، وإنّه إلينا لفقيرٌ. ما نتضرّع إليه كما يتضرّع إلينا، وإنّا عنه لأغنياء، ولو كان عنّا غنيًّا ما استقرض منّا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الرّبا ويعطناه ولو كان غنيًّا ما أعطانا الرّبا فغضب أبو بكرٍ، رضي اللّه عنه، فضرب وجه فنحاص ضربًا شديدًا، وقال: والّذي نفسي بيده، لولا الّذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدوّ اللّه، فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين، فذهب فنحاص إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: أبصر ما صنع بي صاحبك. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكرٍ: "ما حملك على ما صنعت؟ " فقال: يا رسول اللّه، إنّ عدوّ اللّه قد قال قولًا عظيمًا، زعم أنّ اللّه فقيرٌ وأنّهم عنه أغنياء، فلمّا قال ذلك غضبت للّه ممّا قال، فضربت وجهه فجحد ذلك فنحاص وقال: ما قلت ذلك فأنزل اللّه فيما قال فنحاص ردًّا عليه وتصديقًا لأبي بكرٍ: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} الآية. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقوله: {سنكتب ما قالوا} تهديدٌ ووعيدٌ؛ ولهذا قرنه بقوله: {وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ} أي: هذا قولهم في اللّه، وهذه معاملتهم لرسل اللّه، وسيجزيهم اللّه على ذلك شرّ الجزاء؛ ولهذا قال: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد} أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتحقيرًا وتصغيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/176]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولهذا قال: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد} أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتحقيرًا وتصغيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/176] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألا نؤمن لرسولٍ حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار} يقول تعالى تكذيبًا أيضًا لهؤلاء الّذين زعموا أنّ اللّه عهد إليهم في كتبهم ألّا يؤمنوا برسولٍ حتّى يكون من معجزاته أنّ من تصدّق بصدقةٍ من أمّته فقبلت منه أن تنزل نارٌ من السّماء تأكلها. قاله ابن عبّاسٍ والحسن وغيرهما. قال اللّه تعالى: {قل قد جاءكم رسلٌ من قبلي بالبيّنات} أي: بالحجج والبراهين {وبالّذي قلتم} أي: وبنارٍ تأكل القرابين المتقبّلة {فلم قتلتموهم} أي: فلم قابلتموهم بالتّكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم {إن كنتم صادقين} أنّكم تتّبعون الحقّ وتنقادون للرّسل). [تفسير القرآن العظيم: 2/177]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مسلّيًا لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسلٌ من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير} أي: لا يوهنك تكذيب هؤلاء لك، فلك أسوة من قبلك من الرّسل الّذين كذبوا مع ما جاؤوا به من البيّنات وهي الحجج والبراهين القاطعة {والزّبر} وهي الكتب المتلقّاة من السّماء، كالصّحف المنزّلة على المرسلين {والكتاب المنير} أي: البين الواضح الجليّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/177]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة