العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (36) إلى الآية (37) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (36) إلى الآية (37) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال زيد في قول الله: {والجار ذي القربى والجار الجنب}، فالجار ذي القربى جارك ذو القرابة، والجار الجنب الذي ليس بينك وبينه قرابة، {والصاحب بالجنب}، جليسك في الحضر وصاحبك في السفر). [الجامع في علوم القرآن: 1/127]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن شعبة بن الحجّاج، عن هلال الوزان في هذه الآية: {والجار الجنب}، قال: هي الزوجة). [الجامع في علوم القرآن: 1/146]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى والجار ذي القربى قالا هو جارك وهو ذو قرابتك والجار الجنب جارك من قوم آخرين والصاحب بالجنب صاحبك في السفر وابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر). [تفسير عبد الرزاق: 1/159]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى والصاحب بالجنب قال الرفيق في السفر
قال الثوري وقال أبو الهيثم عن إبراهيم هي المرأة). [تفسير عبد الرزاق: 1/160]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قول الله: {ولا تشركوا به شيئا} قال: لا تخافوا معه غيره [الآية: 36]). [تفسير الثوري: 95]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ {والصاحب بالجنب} قال: الرفيق في السفر [الآية: 36].
سفيان [الثوري] عن أبي الهيثم {والصّاحب بالجنب} قال: امرأة الرجل.
سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن الشّعبيّ أو عن القسم بن عبد الرّحمن عن ابن مسعود قال: امرأة الرجل). [تفسير الثوري: 95]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {والصّاحب بالجنب} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد اللّه بن المبارك، عن محمّد بن سوقة، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {والصّاحب بالجنب} - قال: المرأة). [سنن سعيد بن منصور: 4/1250]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (المختال والختّال واحدٌ). [صحيح البخاري: 6/45] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله المختال والختّال واحدٌ كذا للأكثر بمثنّاةٍ فوقانيّةٍ ثقيلةٍ وفي رواية الأصيليّ المختال والخال واحدٌ وصوّبه بن مالكٍ وكذلك هو في كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى مختالًا فخورًا المختال ذو الخيلاء والخال واحدٌ قال ويجيء مصدرًا قال العجاج والخال ثوب من ثياب الجهّال قلت والخال يطلق لمعانٍ كثيرةٍ نظمها بعضهم في قصيدةٍ فبلغ نحوًا من العشرين ويقال إنّه وجدت قصيدةٌ تزيد على ذلك عشرين أخرى وكلام عياضٍ يقتضي أنّ الّذي في رواية الأكثر بالمثنّاة التّحتانيّة لا الفوقانيّة ولهذا قال كلّه صحيحٌ لكنّه أورده في الخاء والتّاء الفوقانيّة والختّال بمثنّاةٍ فوقانيّةٍ لا معنى له هنا كما قال بن مالكٍ وإنّما هو فعّالٌ من الختل وهو الغدر ولأنّ عينه ياءٌ تحتانيّةٌ لا فوقانيّةٌ والاسم الخلاء والمعنى أنّه يختل في صورة من هو أعظم منه على سبيل التّكبير والتّعاظم). [فتح الباري: 8/250-251]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (المختال والختال واحدٍ
أشار بهذا إلى قوله تعالى: {إن الله لا يحب من كان مختالاً فخورا} والمختال المتكبر: أي: يتخيل في صورة من هو أعظم منه كبرا. وقال الزّمخشريّ: هو التياه والجهول الّذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه. قوله: (وأحد) ، يعني: في المعنى، وفيه نظر، لأن المختال من الخيلاء، والختال: بتشديد التّاء المثنّاة من فوق من الختل وهو الخديعة فلا يناسب معنى الكبر، وهكذا وقع في رواية الأكثرين، وفي رواية الأصيليّ: المختال والخال واحد والخال واحد والخال بدون التّاء وصوب هذا جماعة، وكذا في كلام أبي عبيدة. (فإن قلت):ما وجه التصويب فيه؟ فكيف هنا بمعنى واحد؟ قلت: الخال يأتي لمعان كثيرة: (منها):معنى الكبر لأن الخال بمعنى الخائل وهو المتكبر، وقال بعضهم: الخال يطلق على معان كثيرة نظمها بعضهم في قصيدة تبلغ نحوا من العشرين بيتا قلت: كتبت قصيدة في مؤلّفي (رونق المجالس) تنسب إلى ثعلب تبلغ هذه اللّفظة فيها نحوا من أربعين). [عمدة القاري: 18/173]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (المختال والختال) بفتح الخاء المعجمة والمثناة الفوقية المشددة معناهما (واحد) كذا في رواية الأكثر ولا ينتظم هذا مع المختال لأن المختال هو صاحب الخيلاء والكبر فهو مفتعل من الخيلاء وأما ختال فهو فعال من الختل وهو الخديعة، فلا يمكن أن يكون بمعنى المختال المراد به المتكبر، وللأصيلي والخال بدون الفوقية بدل المختال وصوّبه غير واحد لأنه يطلق على معان فيكون بمعنى الخائل وهو المتكبر. وقال اليونيني: وعند أبي ذر والختال بالخاء والتاء ثالث الحروف في الأصل الذي قابلت به، وأنكر ذلك شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك قال: والصواب والخال بغير تاء اهـ.
ومراده قوله تعالى: {إن الله لا يحب من كان مختالًا فخورًا} [النساء: 36] ). [إرشاد الساري: 7/83]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}
قوله: (المختال والختال واحد) هذا لا ينتظم على رواية الأكثر بأن الثاني بالتاء المثناة المشددة لأنه من الختل، وهو الخديعة، والأول بمعنى المتكبر. وفي رواية: والخال بدل الختال، وهو يطلق على معانٍ، فيكون بمعنى الخائل، وهو المتكبر، والمراد قوله تعالى: {إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً} اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/47]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {وما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} قال: لا تحيفوا). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 79]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخورًا} يعني بذلك جلّ ثناؤه: وذلّوا للّه بالطّاعة، واخضعوا له بها، وأفردوه بالرّبوبيّة، وأخلصوا له الخضوع والذّلّة، بالانتهاء إلى أمره، والانزجار عن نهيه، ولا تجعلوا له في الرّبوبيّة والعبادة شريكًا تعظّمونه تعظيمكم إيّاه.
{وبالوالدين إحسانًا} يقول: وأمركم بالوالدين إحسانًا، يعني برًّا بهما؛ ولذلك نصب الإحسان، لأنّه أمرٌ منه جلّ ثناؤه بلزوم الإحسان إلى الوالدين على وجه الإغراء. وقد قال بعضهم: معناه: واستوصوا بالوالدين إحسانًا، وهو قريب المعنى ممّا قلناه.
وأمّا قوله: {وبذي القربى} فإنّه يعني: وأمر أيضًا بذي القربى، وهم ذوو قرابة أحدنا من قبل أبيه أو أمّه ممّن قربت منه قرابته برحمه من أحد الطّرفين إحسانًا بصلة رحمه.
وأمّا قوله: {واليتامى} فإنّهم جمع يتيمٍ، وهو الطّفل الّذي قد مات والده وهلك.
{والمساكين} وهو جمع مسكينٍ، وهو الّذي قد ركبه ذلّ الفاقة والحاجة، فتمسكن لذلك.
يقول تعالى ذكره: استوصوا بهؤلاء إحسانًا إليهم.وتعطّفوا عليهم، والزموا وصيّتي في الإحسان إليهم). [جامع البيان: 7/5]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والجار ذي القربى}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار ذي القرابة والرّحم منك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والجار ذي القربى} يعني: الّذي بينك وبينه قرابةٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {والجار ذي القربى} يعني: ذا الرّحم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والجار ذي القربى} قال: جارك هو ذو قرابتك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عكرمة، ومجاهدٍ، في قوله: {والجار ذي القربى} قالا: القرابة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {والجار ذي القربى} قال: جارك الّذي بينك وبينه قرابةٌ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {والجار ذي القربى} جارك ذو القرابة.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {والجار ذي القربى} إذا كان له جارٌ له رحمٌ، فله حقّان اثنان: حقّ القرابة، وحقّ الجار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والجار ذي القربى} قال: الجار ذو القربى: ذو قرابتك.
وقال آخرون: بل هو جار ذي قرابتك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن ميمون بن مهران، في قوله: {والجار ذي القربى} قال: الرّجل يتوسّل إليك بجوار ذي قرابتك.
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول قولٌ مخالف المعروف من كلام العرب، وذلك أنّ الموصوف بأنّه ذو القرابة في قوله: {والجار ذي القربى} الجار دون غيره، فجعله قائل هذه المقالة جار ذي القرابة، ولو كان معنى الكلام كما قال ميمون بن مهران لقيل: وجار ذي القربى، ولم يقل: والجار ذي القربى، فكان يكون حينئذٍ إذا أضيف الجار إلى ذي القرابة الوصيّة بين جار ذي القرابة دون الجار ذي القربى. وأمّا والجار بالألف واللاّم فغير جائزٍ أن يكون {ذي القربى} إلاّ من صفة الجار.
وإذا كان ذلك كذلك كانت الوصيّة من اللّه في قوله: {والجار ذي القربى} ببرّ الجار ذي القربى دون جار ذي القرابة، وكان بيّنًا خطأ ما قال ميمون بن مهران في ذلك.
وقال آخرون: معنى ذلك: والجار ذي القربى منكم بالإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا شيبان, عن أبي إسحاق، عن نوفٍ الشّاميّ: {والجار ذي القربى} المسلم وهذا أيضًا ممّا لا معنى له، وذلك أنّ تأويل كتاب اللّه تبارك وتعالى غير جائزٍ صرفه إلاّ إلى الأغلب من كلام العرب، الّذين نزل بلسانهم القرآن المعروف فيهم دون الأنكر الّذي لا تتعارفه، إلاّ أن يقوم بخلاف ذلك حجّةٌ يجب التّسليم لها.
وإذا كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنّ المتعارف من كلام العرب إذا قيل فلانٌ ذو قرابةٍ، إنّما يعني به: إنّه قريب الرّحم منه دون القرب بالدّين، كان صرفه إلى القرابة بالرّحم أولى من صرفه إلى القرب بالدّين). [جامع البيان: 7/6-8]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والجار الجنب}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار البعيد الّذي لا قرابة بينك وبينه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {والجار الجنب} الّذي ليس بينك وبينه قرابةٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {والجار الجنب} يعني: الجار من قومٍ جنبٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {والجار الجنب} الّذي ليس بينهما قرابةٌ وهو جارٌ، فله حقّ الجوار.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {والجار الجنب} الجار الغريب يكون من القوم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {والجار الجنب} جارك من قومٍ آخرين.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {والجار الجنب} جارك لا قرابة بينك وبينه، البعيد في النّسب وهو جارٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عكرمة، ومجاهدٍ، في قوله: {والجار الجنب} قال: المجانب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والجار الجنب} الّذي ليس بينك وبينه وحمٌ ولا قرابةٌ.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك: {والجار الجنب} قال: من قومٍ آخرين.
وقال آخرون: هو الجار المشرك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ الشّاميّ، {والجار الجنب} قال: اليهوديّ والنّصرانيّ.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى الجنب في هذا الموضع: الغريب البعيد، مسلمًا كان أو مشركًا، يهوديًّا كان أو نصرانيًّا؛ لما بيّنّا قبل أنّ الجار ذي القربى: هو الجار ذو القرابة والرّحم، والواجب أن يكون الجار ذو الجنابة الجار البعيد، ليكون ذلك وصيّةً بجميع أصناف الجيران، قريبهم وبعيدهم.
وبعد فإنّ الجنب في كلام العرب البعيد كما قال أعشى بني قيسٍ:.
أتيت حريثًا زائرًا عن جنابةٍ = فكان حريثٌ في عطائي جامدا
يعني بقوله: عن جنابةٍ: عن بعدٍ وغربةٍ، ومنه قيل: اجتنب فلانٌ فلانًا: إذا بعد منه. وتجنّبه وجنبه خيره: إذا منعه إيّاه؛ ومنه قيل للجنب: جنبٌ، لاعتزاله الصّلاة حتّى يغتسل.
فمعنى ذلك: والجار المجانب للقرابة). [جامع البيان: 7/9-11]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والصّاحب بالجنب}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: هو رفيق الرّجل في سفره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {والصّاحب بالجنب} الرّفيق في السّفر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن أبي بكيرٍ قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يقول: {والصّاحب بالجنب} الرّفيق في السّفر.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {والصّاحب بالجنب} صاحبك في السّفر.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {والصّاحب بالجنب} وهو الرّفيق في السّفر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {والصّاحب بالجنب} الرّفيق في السّفر، منزله منزلك، وطعامه طعامك، ومسيره مسيرك.
- حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عكرمة، ومجاهدٍ: {والصّاحب بالجنب} قالا: الرّفيق في السّفر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن عليٍّ، وعبد اللّه، قال: {الصّاحب بالجنب} الرّفيق الصّالح.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: أخبرني سليمٌ عن مجاهدٍ قال: {والصّاحب بالجنب} رفيقك في السّفر الّذي يأتيك ويده مع يدك.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ قال: أخبرنا ابن المبارك قراءةً على ابن جريجٍ قال: أخبرنا سليمٌ أنّه سمع مجاهدًا يقول: {والصّاحب بالجنب} فذكر مثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {والصّاحب بالجنب} الصّاحب في السّفر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبوابن دكينٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي بكيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {والصّاحب بالجنب} الرّفيق الصّالح.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي بكيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {والصّاحب بالجنب} قال: الرّفيق في السّفر.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، مثله
وقال آخرون: بل هو امرأة الرّجل الّتي تكون معه إلى جنبه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن جابرٍ، عن عامرٍ أو القاسم، عن عليٍّ، وعبد اللّه: {والصّاحب بالجنب} قالا: هي المرأة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: حدّثنا هشيمٌ، عن بعض أصحابه، عن جابرٍ، عن عليٍّ وعبد اللّه، مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {والصّاحب بالجنب} يعني الّذي معك في منزلك.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن هلالٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، أنّه قال في هذه الآية: {والصّاحب بالجنب} قال: هي المرأة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: {والصّاحب بالجنب} قال: المرأة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: قال الثّوريّ قال أبو الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم، مثله.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا أبو معاوية، عن محمّد بن سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم، مثله.
- حدّثني عمرو بن بيذقٍ قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن محمّد بن سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم، مثله.
وقال آخرون: هو الّذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {والصّاحب بالجنب} الملازم. وقال أيضًا: رفيقك الّذي يرافقك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {والصّاحب بالجنب} الّذي يلصق بك وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك.
والصّواب من القول في تأويل ذلك عندي: أنّ معنى: {والصّاحب بالجنب} الصّاحب إلى الجنب، كما يقال: فلانٌ بجنب فلانٍ وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. وقد يدخل في هذا الرّفيق في السّفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرّجل الّذي يلازمه رجاء نفعه، لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقد أوصى اللّه تعالى بجميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب. وقد:.
- حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة، قال: حدّثني شرحبيل بن شريكٍ، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
وإن كان الصّاحب بالجنب محتملا معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍ به، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه). [جامع البيان: 7/11-17]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وابن السّبيل}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: ابن السّبيل: هو المسافر الّذي يجتاز مارًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وابن السّبيل} هو الّذي يمرّ عليك وهو مسافرٌ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وقتادة، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {وابن السّبيل} قال: هو المارّ عليك وإن كان في الأصل غنيًّا.
وقال آخرون: هو الضّيف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وابن السّبيل} قال: الضّيف له حقٌّ في السّفر والحضر.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وابن السّبيل} وهو الضّيف.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ عن الضّحّاك: {وابن السّبيل} قال: الضّيف.
- حدّثنا يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، مثله.
والصّواب من القول في ذلك: أنّ ابن السّبيل: هو صاحب الطّريق، والسّبيل: هو الطّريق، وابنه: صاحبه الضّارب فيه، فله الحقّ على من مرّ به محتاجًا منقطعًا به إذا كان سفره في غير معصية اللّه أن يعينه إن احتاج إلى معونةٍ، ويضيفه إن احتاج إلى ضيافةٍ، وأن يحمله إن احتاج إلى حملان). [جامع البيان: 7/17-18]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما ملكت أيمانكم}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: والّذين ملكتموهم من أرقّائكم. فأضاف الملك إلى اليمين، كما يقال: تكلّم فوك، ومشت رجلك، وبطشت يدك، بمعنى: تكلّمت، ومشيت، وبطشت. غير أنّ ما وصفت به كلّ عضو من ذلك، فإنّما أضيف إليه ما وصفت به، لأنّه بذلك يكون في المتعارف في النّاس دون سائر جوارح الجسد، فكان معلومًا بوصف ذلك العضو بما وصف به من ذلك المعنى المراد من الكلام، فكذلك قوله: {وما ملكت أيمانكم} لأنّ مماليك أحدنا تحت يديه، إنّما يطعم ما تناوله أيماننا ويكتسي ما تكسوه وتصرفه فيما أحبّ صرفه فيه بها. فأضيف ملكهم إلى الأيمان لذلك.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما ملكت أيمانكم} ممّا خوّلك اللّه، كلّ هذا أوصى اللّه به
وإنّما يعني مجاهدٌ بقوله: كلّ هذا أوصى اللّه به، الوالدين وذا القربى واليتامى والمساكين والجار ذا القربى، والجار الجنب، والصّاحب بالجنب، وابن السّبيل، فأوصى ربّنا جلّ جلاله بجميع هؤلاء عباده إحسانًا إليهم، وأمر خلقه بالمحافظة على وصيّته فيهم، فحقٌّ على عباده حفظ وصيّة اللّه فيهم ثمّ حفظ وصيّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 7/19]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخورًا}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً} إنّ اللّه لا يحبّ من كان ذا خيلاء وللمختال المفتعل من قولك: خال الرّجل فهو يخول خولاً وخالاً، ومنه قول الشّاعر:.
فإن كنت سيّدنا سدتنا = وإن كنت للخال فاذهب فخل
ومنه قول العجّاج:.
والخال ثوبٌ من ثياب الجهّال
وأمّا الفخور: فهو المفتخر على عباد اللّه بما أنعم اللّه عليه من آلائه، وبسط له من فضله، ولا يحمد على ما آتاه من طوله، ولكنّه به مختالٌ مستكبرٍ، وعلى غيره به مستطيلٌ مفتخرٌ. كما:.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً} قال: متكبّرًا فخورًا قال: يعدّ ما أعطي، وهو لا يشكر اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن عبد اللّه بن واقدٍ أبي رجاءٍ الهرويّ، قال: لا تجده سيّئ الملكة إلاّ وجدته مختالاً فخورًا، وتلا: {وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخورًا} ولا عاقًّا إلاّ وجدته جبّارًا شقيًّا، وتلا: {وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيًّا}). [جامع البيان: 7/20]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالًا فخورًا (36)
قوله تعالى: واعبدوا اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: اعبدوا اللّه أي: وحّدوا.
قوله تعالى: ولا تشركوا به شيئاً
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ، ثنا ابن أبي مريم، أنبأ نافع بن يزيد، حدّثني سيّار بن عبد الرّحمن، عن يزيد بن قوذرٍ، عن سلمة بن شريحٍ، عن عبادة بن الصّامت قال: أوصانا رسول اللّه، بسبع خصالٍ ألا تشركوا باللّه شيئاً، وإن حرّقتم وقطّعتم وصلّبتم.
قوله تعالى: وبالوالدين إحساناً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، أخبرني بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان في قول اللّه تعالى: وبالوالدين إحساناً فيما أمركم به من حقّ الوالدين.
قوله تعالى: وبذي القربى
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وبذي القربى يعني:
القرابة.
قوله تعالى: واليتامى
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن النّزّال، عن عليٍّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: لا يتم بعد الحلم.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان، عن إسماعيل يعني: ابن أميّة، عن سعيدٍ يعني: المقبريّ، عن يزيد بن هارون قال: كتب نجدة إلى ابن عبّاسٍ، سأله عن اليتيم: متى ينقضي يتمه؟ فقال: اكتب يا يزيد، إذا ونس منه الرشد.
قوله تعالى: والمساكين
- حدّثنا هارون بن إسحاق الهمدانيّ، وأحمد بن بن سنانٍ الواسطيّ قالا: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ليس المساكين بالطّوّاف، ولا بالّذي تردّه اللّقمة واللّقمتان ولا التّمرة والتّمرتان، ولكنّ المسكين، المعفّف لا يسأل النّاس شيئًا، ولا يفطن به فيتصدّق عليه.
قوله تعالى: والجار ذي القربى
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والجار ذي القربى يعني: الّذي بينك وبينه قرابةٌ- وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة وميمون بن مهران، والضّحّاك وزيد بن أسلم، ومقاتل بن حيّان، وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ قال: قال عليٌّ وابن مسعودٍ: والجار ذي القربى:
المرأة- وروي عن الحسن وسعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- ذكر عن عبيد اللّه بن موسى، أنبأ شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ والجار ذي القربى قال: المسلم.
قوله تعالى: والجار الجنب
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والجار الجنب: الّذي ليس بينك وبينه قرابةٌ- وروي عن عكرمة، ومجاهدٍ في إحدى الرّوايات، وقتادة وعطاءٍ الخراسانيّ والسّدّيّ، والضّحّاك وزيد بن أسلم، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة قال: قال ابن جريجٍ، عن سليمٍ هو أبو عبيد اللّه أنّه سمع مجاهداً يقول في: الجار الجنب قال:
هو رفيقك في السّفر في بياتك، ويده مع يدك.
والوجه الثّالث:
- ذكر عن عبيد اللّه بن موسى، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوفٍ قال: الجار الجنب قال: اليهوديّ والنّصرانيّ.
قوله تعالى: والصّاحب بالجنب
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ عن عامرٍ عن عليٍّ وعبد اللّه في قوله: والصّاحب بالجنب قالا: هي المرأة. وروى عبد الرّحمن بن أبي ليلى، وإبراهيم النّخعيّ، والحسن، وسعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ، عن، بن عبّاسٍ قوله: والصّاحب بالجنب قال: الرّفيق.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعكرمة في قوله: والصّاحب بالجنب قال: هو الرّفيق في السّفر- وروي عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ والصّاحب بالجنب: الرّفيق في السّفر، منزله منزلك، وطعامه طعامك، ومسيره مسيرك.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن أبي عجلان، عن زيد ابن أسلم، قوله: والصّاحب بالجنب قال: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السّفر.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن أبي بكيرٍ يعني: مرزوقاً عن سعيد بن جبيرٍ: والصّاحب بالجنب قال: الرّفيق الصّالح.
قوله تعالى: وابن السبيل
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وابن السّبيل قال: هو الضّيف الفقير الّذي ينزل بالمسلمين- وروي عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة، وعن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: وابن السّبيل قال: هو الّذي يمرّ عليك وهو مسافرٌ- وروي عن الحسن، وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ، ومقاتل بن حيّان، والضّحّاك.
نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا الفضل بن دكينٍ، ثنا مندلٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قوله: وابن السّبيل قال: لابن السّبيل حقٌّ في الزّكاة، وإن كان غنيّاً، يعني: إذا كان منقطعاً به- وروي عن عمر بن عبد العزيز والزّهريّ والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: وما ملكت أيمانكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وما ملكت أيمانكم قال: ما خوّلك اللّه فأحسن صحبته، كلّ هذا أوصى اللّه به.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان في قوله: وما ملكت أيمانكم يعني: من عبيدكم وإمائكم يوصي اللّه بهم خيراً أن تؤدّوا إليهم حقوقهم الّتي جعل اللّه لهم.
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخوراً
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا الأسود بن شيبان، ثنا يزيد بن عبد اللّه ابن الشّخّير قال: قال مطرّفٌ: كان يبلغني عن أبي ذرٍّ- حديثٌ كنت أشتهي لقاءه فلقيته فقلت: يا أبا ذرٍّ بلغني أنّك تزعم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدثكم أن الله يحبّ ثلاثةً، ويبغض ثلاثةً. قال: أجل، فلا أخالك، أكذب على خليلي ثلاثاً؟
قلت من الثّلاثة الذي يبغض؟ قال: المختال الفخور، أو ليس تجدونه عندكم في كتاب اللّه المنزّل ثمّ قرأ الآية: إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخوراً قلت ومن؟ قال:
المختال المنّان.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيبٌ، عن خالدٍ، عن أبي تميمة، عن رجلٍ من بلهجيم قال: قلت: يا رسول اللّه أوصني، قال: إيّاك وإسبال الإزار فإنّ إسبال الإزار من المخيلة وإنّ اللّه لا يحبّ المخيلة.
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن مالكٍ السّوسيّ، ثنا أبو بلالٍ يعني: الأشعريّ، ثنا زافر بن سليمان، عن الأصبغ بن زيدٍ، عن العوّام بن حوشبٍ قال: (إنّك لا تكاد تجده سىء الملكة) إلا وجدته مختالا فخوراً ثمّ قرأ: وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخوراً). [تفسير القرآن العظيم: 3/947-951]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {والصّاحب بالجنب} [النساء: 36])
- عن ابن مسعودٍ في قوله تعالى: {والصّاحب بالجنب} [النساء: 36] قال: المرأة.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/4]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالًا فخورًا} [النساء: 36])
- عن ثابت بن قيس بن شمّاسٍ - رضي اللّه عنه - قال: «كنت عند رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقرأ هذه الآية: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالًا فخورًا} [النساء: 36] فذكر الكبر فعظّمه، فبكى ثابت بن قيسٍ، فقال له رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: "ما يبكيك؟ ". فقال: يا نبيّ اللّه، إنّي لأحبّ الجمال حتّى إنّه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي، قال: " فأنت من أهل الجنّة، إنّه ليس من الكبر بأن تحسن راحلتك ورحلك، ولكنّ الكبر من سفه الحقّ وغمص النّاس».
رواه الطّبرانيّ، وفيه محمّد بن أبي ليلى وهو سيّئ الحفظ، وأبوه عبد الرّحمن لم يدرك ثابت بن قيسٍ). [مجمع الزوائد: 7/4]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد والبخاري عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن عمرو بن مالك القشيري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار مكان كل عظم محرره بعظم من عظامه ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله ومن ضم يتيما من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين أصبعيه.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أم سعد بنت مرة الفهرية عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا وكافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى الله في الجنة كهاتين أو كهذه من هذه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس في قوله {والجار ذي القربى} يعني الذي بينك وبينه قرابة {والجار الجنب} يعني الذي ليس بينك وبينه قرابة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن نوف الشامي في قوله {والجار ذي القربى} قال: المسلم {والجار الجنب} قال: اليهودي والنصراني.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي شريح الخزاعي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة واحمد والبخاري ومسلم عن عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد" عن عبدالله بن عمرو أنه ذبحت له شاة يقول: أهديت لجارنا اليهودي؟ أهديت لجارنا اليهودي ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج البخاري في الأدب" وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع " ..
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها هي من أهل النار، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال: إلى أقربهما منك بابا.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال: لا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن يبدأ بالأدنى قبل الأقصى.
وأخرج البخاري في الأدب عن الحسن أنه سئل عن الجار فقال: أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره.
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني، فقال: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق، فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا: ما شأنك قال: لي جار يؤذيني، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون: اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه
فقال: ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبدا.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن أبي جحيفة قال: شكا رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاره فقال: احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه، فجعل كل من يمر به يلعنه فجاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما لقيت من لعنة الناس فقال: إن لعنة الله فوق لعنتهم وقال للذي شكا: كفيت أو نحوه.
وأخرج البخاري في الأدب عن ثوبان قال: ما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قالوا: وما ذاك يا رسول الله قال: جار لا يأمن جاره بوائقه، قالوا فما بوائقه قال: شره.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس بؤمن من لا يأمن جاره غوائله
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود مرفوعا إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب فمن أعطاه الإيمان فقد أحبه والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه.
وأخرج أحمد والحاكم عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشبع الرجل دون جاره.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج أحمد من طريق أبي العالية عن رجل من الأنصار قال: خرجت من أهلي أريد النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا به قائم ورجل معه مقبل عليه فظننت أن لهما حاجة، فلما انصرف قلت: يا رسول الله لقد قام بك هذه الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام، قال: أوقد رأيته قلت: نعم، قال: أتدري من هو قلت: لا، قال: ذاك جبريل ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ثم قال: أما إنك لو سلمت رد عليك السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أوصاني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من جار سوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي لبابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قليل من أذى جاره
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والبيهقي عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ما تقولون في الزنا قالوا: حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره وقال ما تقولون في السرقة قالوا: حرمها الله ورسوله فهي حرام، قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله {والصاحب بالجنب} قال: الرفيق في السفر.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم {والصاحب بالجنب} قال: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين فدخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم في غيضة طرفاء فقطع نصلين أحدهما معوج والآخر معتدل فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج فقال الرجل: يا رسول الله أنت
أحق بالمعتدل مني فقال: كلا يا فلان إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والترمذي، وابن جرير والحاكم عن ابن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي في قوله {والصاحب بالجنب} قال: المرأة.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود، مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس، مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما ملكت أيمانكم} قال: مما خولك الله فأحسن صحبته كل هذا أوصى الله به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {وما ملكت أيمانكم} يعني من عبيدكم وإمائكم يوصي الله بهم خيرا أن تؤدوا إليهم حقوقهم التي جعل الله لهم.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم، واخرج البخاري في الأدب، عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالمملوكين خيرا ويقول: أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم من لبوسكم ولا تعذبوا خلق الله.
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء أنه رؤي عليه برد وثوب أبيض وعلى غلامه برد وثوب أبيض، فقيل له، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون، واخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والبيهقي في الشعب، عن علي، قال: كان آخر كلام النّبيّ صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم.
وأخرج البزار عن أبي رافع قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الله الله وما ملكت أيمانكم والصلاة، فكان ذلك آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أم سلمة قالت: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها في صدره وما يفيض بها لسانه.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الفقير عند الغني فتنة وإن الضعيف عند القوي فتنة وإن المملوك عند المليك فتنة فليتق الله وليكلفه ما يستطيع فإن أمره أن يعمل بما لا يستطيع فليعنه عليه فإن لم يفعل فلا يعذبه.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لاءمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ومن لا يلائمكم منهم فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله
وأخرج الطبراني والبيهقي عن رافع بن مكيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سوء الخلق شؤم وحسن الملكة نماء والبر زيادة في العمر والصدقة تدفع ميتة السوء.
وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة سيء الملكة.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن العبد في اليوم قال: سبعين مرة.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تضربوا الرقيق فإنكم لا تدرون ما توافقون
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما حق امرأتي علي قال: تطعمها مما تأكل وتكسوها مما تكتسي قال: فما حق جاري علي قال: تنوسه معروفك وتكف عنه أذاك، قال: فما حق خادمي علي قال: هو أشد الثلاثة عليك يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم كذا قال ابن سعد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وقال عبد الرزاق وأحمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن أبي عاصم قال: بلغني أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: صه أطت السماء وحق لها أن تئط ما في السماء موضع كف – أو قال شبر - إلا عليه ملك ساجد فاتقوا الله وأحسنوا إلى ما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن جاؤوا بشيء من أخلاقهم يخالف شيئا من أخلاقكم فولوا شرهم غيركم ولا تعذبوا عباد الله.
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال: مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأبي مسعود الأنصاري وهو يضرب خادمه فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم والله لله أقدر عليك منك على هذا، قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمثل الرجل بعبده فيعور أو يجدع، قال: أشبعوهم ولا تجيعوهم واكسوهم ولا تعروهم، ولا ولا تكثروا ضربهم فإنكم مسؤولون عنهم ولا تعذبوهم بالعمل فمن كره عبده فليبعه ولا يجعل رزق الله عليه عناء.
وأخرج عبد الرزاق ومسلم عن زاذان قال: كنت جالسا عند ابن عمر فدعا بعبد له فأعتقه ثم قال: ما لي من أجره ما يزن هذا - وأخذ شيئا بيده - إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سويد بن مقرن قال: كنا بني مقرن سبعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا خادمة ليس لنا غيرها فلطمها أحدنا فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أعتقوها، فقلنا: ليس لنا خادم غيرها يا رسول الله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: تخدمكم حتى تستغنواعنها ثم خلوا سبيلها.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن عمار بن ياسر قال: لا يضرب أحد عبدا له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال: أشد الناس على الرجل يوم القيامة مملوكه.
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وصححه عن أبي مسعود الأنصاري قال: بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من ورائي فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله لله أقدر عليك منك على هذا، فحلفت أن لا أضرب مملوكا لي أبدا.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: بينا رجل يضرب غلاما له وهو يقول: أعوذ بالله وهو يضرب إذ بصر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعوذ برسول الله، فألقى ما كان في يده وخلى عن العبد، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أما والله لله أحق أن يعاذ من استعاذ به مني فقال الرجل: يا رسول الله فهو لوجه الله، قال: والذي نفسي بيده لو لم تفعل لدافع وجهك سفع النار.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن التيمي قال: حلفت أن أضرب مملوكة لي فقال لي أبي: إنه قد بلغني أن النفس تدور في البدن فربما كان قرارها الرأس وربما كان قرارها في موضع كذا وكذا - حتى عدد مواضع - فتقع الضربة عليها فتتلف فلا تفعل.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المتوكل الناجي أن أبا الدرداء كانت لهم وليدة فلطمها ابنه يوما لطمة فأقعده لها وقال: اقتصي، فقالت: قد عفوت، فقال: إن كنت عفوت فاذهبي فادعي من هناك من حرام فأشهديهم أنك قد عفوت، فذهبت فدعتهم فأشهدتهم أنها قد عفت، فقال: اذهبي فأنت لله وليت آل أبي الدرداء ينقلبون كفافا.
وأخرج أحمد عن أبي قلابة قال: دخلنا على سلمان وهو يعجن قلنا: ما هذا قال: بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {إن الله لا يحب من كان مختالا} قال: متكبرا {فخورا} قال: بعدما أعطي وهو لا يشكر الله.
وأخرج أبو يعلى والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول: وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا، فيقولون: ومن أزواجك فتقول كل متكبر جبار فتخرج لسانها فتلقطهم به من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ثم تقبل يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول: وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا، فيقولون ومن أزواجك فتقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ويقضي الله بين العباد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان، عن جابر بن عتيك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يجب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة.
وأمّا الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل بنفسه في الفخر والبغي.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه، عن جابر بن سليم الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة قلت: عليك السلام يا رسول الله فقال: عليك السلام تحية الميت سلام عليكم سلام عليكم سلام عليكم أي هكذا فقل، قال فسألته عن الإزار فأقنع ظهره وأخذ بمعظم ساقه فقال: ههنا ائتزر فإن أبيت فههنا أسفل من ذلك فإن أبيت فههنا فوق الكعبين فإن أبيت فإن الله لا يحب كل مختال فخور، فسألته عن المعروف فقال: لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه فيكون أجره لك ووزره عليه وما سر أذنك أن تسمعه فاعمل به وما ساء أذنك أن تسمعه فاجتنبه
وأخرج أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن مطرف بن عبد الله قال: قلت لأبي ذر: بلغني أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة، قال: أجل، قلت: من الثلاثة الذين يحبهم الله قال: رجل غزا في سبيل الله صابرا محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقاتل حتى قتل وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل، ثم قرأ هذه الآية (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص) (الصف الآية 4) ورجل له جار سوء يؤذيه فصبر على آذاه حتى يكفيه الله إما بحياة وإما بموت ورجل سافر مع قوم فأدلجوا حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى فضربوا رؤوسهم ثم قام فتطهر رهبة لله ورغبة فيما عنده، قلت: فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله قال: المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل ثم تلا {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} قلت: ومن قال: البخيل المنان، قلت: ومن قال: البائع الحلاف.
وأخرج ابن جرير عن أبي رجاء الهروي قال: لا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالا فخورا وتلا {وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا وتلا (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) (مريم الآية 32).
وأخرج ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب، مثله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والبغوي والباوردي والطبراني، وابن أبي حاتم عن رجل من بلجيم قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: إياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة.
وأخرج البغوي، وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني، وابن مردويه عن ثابت بن قيس بن شماس قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} فذكر الكبر فعظمه فبكى ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك فقال: يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي، قال: فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ولكن الكبر من سفه الحق وغمص الناس.
وأخرج أحمد عن سمرة بن فاتك أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: نعم الفتى سمرة لو أخذ من لمنة وشمر من مئزره). [الدر المنثور: 4/414-437]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} ] - حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، سمع (عبيد بن عمير) يقرأ: (ويأمرون الناس بالبخل) ). [سنن سعيد بن منصور: 4/1251]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ اللّه لا يحبّ المختال الفخور، الّذي يبخل ويأمر النّاس بالبخل. فالّذين يحتمل أن يكون في موضع رفعٍ ردًّا على ما في قوله {فخورًا} من ذكر، ويحتمل أن يكون نصبًا على النّعت لمن.
والبخل في كلام العرب منع الرّجل سائله ما لديه وعنده من فضلٍ عنه. كما:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، في قوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} قال: البخل: أن يبخل الأنسان بما في يديه، والشّحّ: أن يشحّ على ما في أيدي النّاس. قال: يحبّ أن يكون له ما في أيدي النّاس بالحلّ والحرام لا يقنع.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {ويأمرون النّاس بالبخل} فقرأته عامّة قرّاء أهل الكوفة: (بالبخل)، بفتح الباء والخاء. وقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض البصريّين بضمّ الباء: {بالبخل} وهما لغتان فصيحتان بمعنًى واحدٍ، وقراءتان معروفتان غير مختلفتي المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فهو مصيبٌ في قراءته.
وقد قيل: إنّ اللّه جلّ ثناؤه عنى بقوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} الّذين كتموا اسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وصفته من اليهود، ولم يبيّنوه للنّاسٍ، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرميّ: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} قال: هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم وكتموا ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} إلى قوله: {وكان اللّه بهم عليمًا} ما بيّن ذلك في يهود.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} وهم أعداء اللّه أهل الكتاب، بخلوا بحقّ اللّه عليهم، وكتموا الإسلام ومحمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل.
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل وهم أعداء اللّه أهل الكتاب، بخلوا بحقّ اللّه عليهم، وكتموا الإسلام ومحمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، أمّا: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} فهم اليهود {ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} اسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. وما {يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} يبخلون باسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويأمر بعضهم بعضًا بكتمانه.
- حدّثنا محمّد بن مسلمٍ الرّازيّ قال: حدّثني أبو جعفرٍ الرّازيّ قال: حدّثنا يحيى، عن عارمٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} قال: هذا للعلم، ليس للدّنيا منه شيءٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} قال: هؤلاء يهود، وقرأ: {ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} قال: يبخلون بما آتاهم اللّه من الرّزق، ويكتمون ما آتاهم اللّه من الكتب، إذا سئلوا عن الشّيء وما أنزل اللّه كتموه. وقرأ: {أم لهم نصيبٌ من الملك فإذًا لا يؤتون النّاس نقيرًا} من بخلهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان كردم بن زيدٍ حليف كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيبٍ، ونافع بن أبي نافعٍ، وبحري بن عمرٍو، وحييّ بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التّابوت، يأتون رجالاً من الأنصار، وكانوا يخالطونهم، يتنصّحون لهم من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنّا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النّفقة فإنّكم لا تدرون ما يكون. فأنزل اللّه فيهم: {الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} أي من النّبوّة الّتي فيها تصديق ما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} إلى قوله: {وكان اللّه بهم عليمًا}
فتأويل الآية على التّأويل الأوّل: واللّه لا يحبّ ذوي الخيلاء والفخر الّذين يبخلون بتبيين ما أمرهم اللّه بتبيينه للنّاس من اسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ونعته وصفته الّتي أنزلها في كتبه على أنبيائه، وهم به عالمون، ويأمرون النّاس الّذين يعلمون ذلك، مثل علمهم بكتمان ما أمرهم اللّه بتبيينه له، ويكتمون ما آتاهم اللّه من علم ذلك ومعرفته من حرّم اللّه عليه كتمانه إيّاه
وأمّا على تأويل ابن عبّاسٍ وابن زيدٍ: إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخورًا، الّذين يبخلون على النّاس بفضل ما رزقهم اللّه من أموالهم. ثمّ سائر تأويلهما وتأويل غيرهما سواءٌ.
وأولى الأقوال بالصّواب في ذلك ما قاله الّذين قالوا: إنّ اللّه وصف هؤلاء القوم الّذين وصف صفتهم في هذه الآية بالبخل، بتعريف من جهل أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه حقٌّ، وأنّ محمّدًا للّه نبيّ مبعوثٌ، وغير ذلك من الحقّ الّذي كان اللّه تعالى ذكره قد بيّنه فيما أوحى إلى أنبيائه من كتبه، فبخل بتبيينه للنّاس هؤلاء، وأمروا من كانت حاله حالهم في معرفتهم به أن يكتموه من جهل ذلك، ولا يبيّنوه للنّاس.
وإنّما قلنا: هذا القول أولى بتأويل الآية، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه وصفهم بأنّهم يأمرون النّاس بالبخل، ولم يبلغنا عن أمّةٍ من الأمم أنّها كانت تأمر النّاس بالبخل ديانةً ولا تخلّقًا، بل ترى ذلك قبيحًا ويذمّ فاعله ولا يمتدح، وإن هي تخلّقت بالبخل واستعملته في أنفسها فالسّخاء والجود تعدّه من مكارم الأفعال وتحثّ عليه. ولذلك قلنا: إنّ بخلهم الّذي وصفهم اللّه به إنّما كان بخلاً بالعلم الّذي كان اللّه آتاهموه، فبخلوا بتبيينه للنّاس، وكتموه دون البخل بالأموال. إلاّ أن يكون معنى ذلك الّذين يبخلون بأموالهم الّتي ينفقونها في حقوق اللّه وسبله ويأمرون النّاس من أهل الإسلام بترك النّفقة في ذلك، فيكون بخلهم بأموالهم وأمرهم النّاس بالبخل. فهذا المعنى على ما ذكرنا من الرّواية عن ابن عبّاسٍ، فيكون لذلك وجهٌ مفهومٌ في وصفهم بالبخل وأمرهم به). [جامع البيان: 7/21-25]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه {وأعتدنا} وجعلنا للجاحدين نعمة اللّه الّتي أنعم بها عليهم من المعرفة بنبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، المكذّبين به بعد علمهم به، الكاتمين نعته وصفته من أمرهم اللّه ببيانه له من النّاس {عذابًا مهينًا} يعني: العقاب المذلّ من عذّب بخلوده فيه عتادًا له في آخرته، إذا قدم على ربّه وجده بما سلف منه من جحوده فرض اللّه الّذي فرض عليه). [جامع البيان: 7/25]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا (37)
قوله تعالى: الّذين يبخلون
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل قال: هذا في العلم ليس للدّنيا منه شيءٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن عبد الجبّار، ثنا محمّد بن الصّلت، ثنا أبو كدينة، عن أبي سنانٍ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم، وينهون العلماء أن يعلّموا النّاس شيئاً فعيّرهم اللّه بذلك فأنزل اللّه تعالى: الّذين يبخلون الآية.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا روح بن عبادة، ثنا محمّد بن عبد الملك بن جريجٍ، عن أبيه، أخبرني ابن طاوسٍ، عن أبيه قال: البخل: أن يبخل الرّجل بما في يديه.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، حدّثني، أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: الّذين يبخلون يعني: أهل الكتاب يقول: يكتمون.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: الّذين يبخلون: فهم اليهود يبخلون اسم محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة: قوله: الّذين يبخلون: هم أعداء اللّه أهل الكتاب، بخلوا بحقّ اللّه عليهم.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم قال: إنّ البخيل الّذي لا يؤدّي حقّ اللّه من ماله.
والوجه الخامس:
- كتب إليّ محمّد بن حبالٍ قال: قال عمر بن عبد الغفّار قال: ابن عيينة:
البخل: إذا منع الفضل.
حدّثني عمّي الحسين، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ويأمرون النّاس بالبخل يقول: ويأمرون النّاس بالكتمان.
- حدّثني أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ويأمرون النّاس بالبخل: أمر بعضهم بعضاً بكتمان محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد اللّه يعني: الحارثيّ، أنبأ جويبرٌ، عن الضّحّاك: ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله قال: هم أهل الكتاب كتموا محمّداً وما أنزل عليه- وروي عن السّدّيّ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله: كتموا الإسلام ومحمّداً صلّى اللّه عليه وسلّم. وهم «يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل».
والوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: حدّثني محمّدٌ مولى آل زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة، ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله أي: النّبوّة الّتي فيها تصديق ما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
وأعتدنا للكافرين عذاباً مهينا نزلت في يهود). [تفسير القرآن العظيم: 3/951-953]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله
قال هم اليهود بخلوا أن يبينوا نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم وأمروا الناس بذلك وكتموه أن يظهروه). [تفسير مجاهد: 157-158]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان كردم بن يزيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون، فأنزل الله فيهم {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} إلى قوله {وكان الله بهم عليما}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {الذين يبخلون} قال: هي في أهل الكتاب يقول: يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي في الآية قال: هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم وكتموا ذلك.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {الذين يبخلون} الآية، قال: نزلت في يهود.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {الذين يبخلون} الآية، قال هؤلاء يهود يبخلون بما آتاهم الله من الرزق ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب إذا سئلوا عن الشيء.
وأخرج ابن أبي سعيد بن جبير قال: كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من العلم وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله {الذين يبخلون} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} قال: هذا في العلم ليس للدنيا منه شيء
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية
قال: هم أعداء الله أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمدا وهم (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) (الأعراف الآية 157)، واخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن طاووس قال: البخل، أن يبخل الإنسان بما في يديه والشح، أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن عبيد أنه قرأ {ويأمرون الناس بالبخل}.
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء.
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار أن ابن الزبير كان يقرأها {ويأمرون الناس بالبخل} بنصب الباء والخاء). [الدر المنثور: 4/437-439]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:04 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً...}
أمرهم بالإحسان إلى الوالدين. ومثله {وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانا} ولو رفع الإحسان بالباء إذ لم يظهر الفعل كان صوابا؛ كما تقول في الكلام: أحسن إلى أخيك، وإلى المسيء الإساءة.

{والجار ذي القربى} بالخفض.

وفي بعض (مصاحف أهل الكوفة وعتق المصاحف) (ذا القربى) مكتوبة بالألف، فينبغي لمن قرأها على الألف أن ينصب (والجار ذا القربى) فيكون مثل قوله: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} يضمر فعلا يكون النصب به.
{والجار الجنب}: الجار الذي ليس بينك وبينه قرابة.
{والصّاحب بالجنب}: الرفيق.
{وابن السّبيل}: الضيف). [معاني القرآن: 1/266-267]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وبالوالدين إحساناً}: مختصر، تفعل العرب ذلك، فكان في التمثيل: واستوصوا بالوالدين إحساناً.

{والجار ذي القربى} القريب.
{والجار الجنب}الغريب، يقال: ما تأتينا إلا عن جنابة، أي: من بعيد، قال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمني نائلاً عن جنابةٍ... فإني امرؤٌ وسط القباب غريب
وإنما هي من الاجتناب.

وقال الأعشى:
أتيت حريثاً زائراً عن جنابةٍ... فكان حريثٌ عن عطائي جامدا
{والصّاحب بالجنب} أي: يصاحبك في سفرك، ويلزمك، فينزل إلى جنبك:{وابن السّبيل}: الغريب.
{مختالاً} المختال: ذو الخيلاء والخال، وهما واحد، ويجىء مصدراً، قال العجّاج:
والخال ثوبٌ من ثياب الجهّال
وقال العبديّ:
فإن كنت سيّدنا سدتنا... وإن كنت للخال فاذهب فخل
أي: اختل). [مجاز القرآن: 1/126-127]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخوراً}
قال: {والجار الجنب} وقال بعضهم {الجنب} وقال الراجز:

* الناس جنبٌ والأمير جنب *
يريد بـ"جنب": الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال "جنبٌ" و"الجنب" أيضاً: المجانب للقرابة ويقال: "الجانب" أيضا.
وأما {الصّاحب بالجنب} فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي"). [معاني القرآن: 1/202]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({والقربى}: القريب.
{الجار الجنب}: الغريب.
{والصاحب بالجنب}: الرفيق في السفر الذي يرافقك ويلزمك وينزل إلى جانبك، وقالوا المرأة.
{ابن السبيل}: الغريب المنقطع به.
{المختال}: ذو الخيلاء والكبر). [غريب القرآن وتفسيره: 118]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({والجار ذي القربى} القرابة.

{والجار الجنب} الغريب.
والجنابة: البعد. يقال: رجل جنب، أي: غريب.
{والصّاحب بالجنب}: الرفيق في السفر.
{وابن السّبيل}: الضيف.
و(المختال): ذو الخيلاء والكبر). [تفسير غريب القرآن:126-127]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورا} أي: لا تعبدوا معه غيره، فإن ذلك يفسد عبادته.
{وبالوالدين إحسانا}المعنى: أوصاكم الله بعبادته، وأوصاكم بالوالدين إحسانا، وكذلك قوله تعالى: {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا} لأن معنى قضى ههنا أمر ووصّى.
وقال بعض النحويين: {إحسانا} منصوب على وأحسنوا بالوالدين إحسانا.

كما تقول: ضربا زيدا، المعنى: اضرب زيدا ضربا.

{وبذي القربى..}: أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين.
و
{اليتامى} في موضع جر، المعنى: وباليتامى والمساكين أوصاكم أيضا، وكذلك جميع ما ذكر في هذه الآية، المعنى: أحسنوا بهؤلاء كلهم.
{والجار ذي القربى} أي: الجار الذي يقاربك وتعرفه ويعرفك.
{والجار الجنب}: والجار القريب المتباعد.
قال علقمة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة... فإني امرؤ وسط القباب غريب
وقوله عزّ وجلّ - {والصّاحب بالجنب}: قيل هو الصاحب في السفر.

{وابن السبيل}: الضيف يجب قراه، وأن يبلّغ حيث يريد.
وقوله:
{وما ملكت أيمانكم} أي: وأحسنوا بملك أيمانكم، موضع ما عطف على ما قبلها.
وكانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)).

وقوله عزّ وجلّ:
{إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورا} المختال: الصّلف التيّاه الجهول، وإنما ذكر الاختيال في هذه القصة لأن المختال يأنف من ذوي قراباته إذا كانوا فقراء، ومن جيرانه إذا كانوا كذلك، فلا يحسن عشرتهم). [معاني القرآن: 2/49-51]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} أي: لا تعبدوا معه غيره فتبطل عبادتكم). [معاني القرآن: 2/82]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وبالوالدين إحسانا} أي: وصاكم بهذا والتقدير وأحسنوا بالوالدين إحسانا). [معاني القرآن: 2/82-83]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {والجار ذي القربى} هو الذي بينك وبينه قرابة، ثم قال جل وعز: {والجار الجنب} قال ابن عباس: هو الغريب، وكذلك هو في اللغة ومنه فلان أجنبي وكذلك الجنابة البعد وأنشد أهل اللغة:

فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب). [معاني القرآن: 2/83]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{والصاحب بالجنب} روي عن علي وعبد الله بن مسعود وابن أبي ليلى أنهم قالوا: الصاحب بالجنب المرأة.

وقال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك: الصاحب بالجنب الرفيق في السفر). [معاني القرآن: 2/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{وابن السبيل} قال قتادة ومجاهد والضحاك: هو الضيف.
والسبيل في اللغة: الطريق فنسب إليها لأنه إليها يأوي). [معاني القرآن: 2/84]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} المختال في اللغة: ذو الخيلاء، فان قيل فكيف ذكر المختال ههنا وكيف يشبه هذا الكلام الأول؟

فالجواب: أن من الناس من تكبر على أقربائه إذا كانوا فقراء فأعلم الله عز وجل أنه لا يحب من كان كذا). [معاني القرآن: 2/85]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):{والجار الجنب} أي: الغريب). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):
{الصاحب بالجنب} أي: الزوجة، {والصاحب بالجنب} - أيضا: الجار الملاصق). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ):
{ابن السبيل} أي: الضيف). [ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (
{وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الغريب، {وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ} الرفيق بالسفر، وقيل: هي الزوجة.

{وَابْنِ السَّبِيلِ} الضيف.
(والمختال) ذو الخيلاء والكبر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 60]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الْجَارِ الْجُنُبِ}: الغريب. {الصَّاحِبِ بِالجَنبِ}: المرأة. وقيل: الرفيق في السفر.

{ابْنِ السَّبِيلِ}: الغريب.

{المُخْتَال}: المتكبر). [العمدة في غريب القرآن:110-111]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}
والبخل جميعا يقرآن، يعني به اليهود. لأنهم يبخلون بعلم ما كان عندهم من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -.

{ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله}أي: ما أعطاهم من العلم برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} أي: جعلنا ذلك عتادا لهم، أو مثبتا لهم.
فجائز أن يكون: موضع الذين نصبا على البدل، والمعنى: إنّ اللّه لا يحب من كان مختالا فخورا، أي: لا يحب الذين يبخلون.
وجائز أن يكون: رفعه على الابتداء، ويكون الخبر {إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّة}، ويكون {والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس} عطفا على
{الذين يبخلون} في النصب والرفع.
وهؤلاء يعنى بهم: المنافقون، كانوا يظهرون الإيمان ولا يؤمنون باللّه واليوم الآخر). [معاني القرآن: 2/51]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}
قال إبراهيم ومجاهد وقتادة: نزل هذا في اليهود، وهو قل حسن عند أهل اللغة لأن اليهود بخلوا أن يخبروا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندهم في التوراة وكتموا ما آتاهم الله من فضله، أي: ما أعطاهم والدليل على هذا قوله: {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}).
[معاني القرآن: 2/85-86]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 10:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو زيد: رجل جنب غرب وهو الغريب قال: [والجار الجنب الذي ليس بالقريب لك في النسب، فإذا كان جارك وهو غريب قلت: الجار الجنب. قال أبو عبيد: فيها أربع لغات: رجل جنب وجانب وأجنبي وأجنب، إذا كان غريبًا لا قرابة بينك وبينه]). [الغريب المصنف: 2/533]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: عن جنابة، يقول: عن غربة وبعد. يقال: هم نغم الحي لجارهم جار الجنابة، أي الغربة. يقال: رجل جنب، ورجل جانب، أي غريب، قال الله جل وعز: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}. وقال الحطيئة:

والله ما معشر لاموا امرأ جنبًا = في آل لأي بن شماس بأكياس
وقال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة = فإني امرؤ وسط القباب غريب
فمن قال للواحد: جنب قال للجميع: أجناب، كقولك: عنق وأعناق، وطنب وأطناب، ومن قال للواحد: جانب، قال للجميع: جناب، كقوله: راكب وركاب، وضارب وضراب. قالت الخنساء:
ابكي أخالك لأيتام وأرملة = وابكي أخاك إذا جاورت أجنابا
وإن كان من الجنابة التي تصيب الرجل قلت: رجل جنب، ورجلان جنب وكذلك المرأة والجميع، وقد يجوز، وليس بالوجه، رجلان جنبان، وامرأة جنبة، وقوم أجناب). [الكامل: 2/903-904]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (ويقال: جنبت الريح تجنب جنوبًا إذا هبّت جنوبًا، وجنبنا منذ أيامٍ أي أصابتنا الجنوب، وأجنبنا منذ أيام دخلنا في الجنوب، وسحابة مجنوبة: جاءت بها الجنوب.
وجنب فلانٌ في بني فلان إذا نزل فيهم غريبًا، ومنه قيل: جانبٌ للغريب، وجمعه جناب،
أنشدني أبو إلياس للقطامي:
فسلّمت والتسليم ليس يضرّها = ولكنه حتمٌ على كلّ جانب
أي على كل غريب، ورجل جنب: غريب وجمعه أجنابٌ، قال الله عز وجل: {والجار الجنب} [النساء: 36] ، أي الجار الغريب وقال: نعم القوم هم لجار الجنابة أي الغربة، ويقال: جنبت فلانًا الخير أي نحيّته عنه وجنّبته أيضًا بالتثقيل، قال أبو نصر والتخفيف أجود، قال الله عز وجل: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} ، وجلس فلان جَنَبةً أي ناحية، قال الراعي:

أخليد إنّ أباك ضاف وساده = همان باتا جنبة ودخيلا
وأصابنا مطر تنبت عنه الجنبة وهو نبت، يقال: أعطني جنبة فيعطيه جلد جنب بعيرٍ فيتخذ منه علبة، والعلبة: قدح من جلود يحلب فيه، ويقال: فلان من أهل الجناب بكسر الجيم، لموضع بنجده، وفرسٌ طوع الجناب إذا كان سهل القياد، ولجّ فلانٌ في جنابٍ قبيح إذا لجّ في مجانبة أهله، فأما الجناب بفتح الجيم، فما حول الرّجل وناحيته وفناء داره، وجلس فلان بجانب فلان وجانبه، ويقال: مرّوا يسيرون جنابيه، وجنابتيه وجنبتيه إذا مرّوا يسيرون إلى جانبه، وجنبت الدابة أجنبها إذا قدتها.
والجنيبة: الدابة تقاد فتسير إلى جنبك، وقال يعقوب: الجنيبة: الناقة يعطيها الرجل القوم إذا خرجوا يمتارون، ويعطيهم دراهم يمتارون له عليها، وأنشد:
رخو الحبال مائل الحقائب = ركابه في القوم كالجنائب
أي هي ضائعة، وقال أبو عبيدة: الجنيب: التّابع، وأنشد لأرطاة بن سهيّة يهجو شبيب بن البرصاء:
أبي كان خيرًا من أبيك ولم تزل = جنيبًا لآبائي وأنت جنيب
والجنب مفتوحة النون أن تجنب الدابة، قال امرؤ القيس:
لها جنبٌ خلفها مسبطرّ
أراد ذنبها، كأنها تجنبه، ومسبطرٌّ: ممتدّ، ويقال: جنب البعير يجنب جنبًا إذا ظلع من جنبه ويقال: الجنب: لصوق الرئة بالجنب من شدة العطش، قال ذو الرمة:
وثب المسحّج من عانات معقلة = كأنه مستبان الشّكّ أو جنب
والشك: الضلع الخفيف، ويقال: ضربه فجنبه إذا كسر جنبه). [الأمالي: 2/259-260]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالاً فخوراً (36)
«الواو» لعطف جملة الكلام على جملة غيرها، والعبادة: التذلل بالطاعة، ومنه طريق معبد، وبعير معبد، إذا كانا معلمين، وإحساناً نصب على المصدر، والعامل فعل مضمر تقديره: وأحسنوا بالوالدين إحسانا، وما ذكر الطبري أنه نصب بالإغراء خطأ، والقيام بحقوق الوالدين اللازمة لهما من التوقير والصون
والإنفاق إذا احتاجا واجب، وسائر ذلك من وجوه البر والإلطاف وحسن القول، والتصنع لهما مندوب إليه مؤكد فيه، وهو البر الذي تفضل فيه الأم على الأب، حسب قوله عليه السلام للذي قال له من أبر؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أباك، ثم الأقرب فالأقرب، وفي رواية: ثم أدناك أدناك، وقرأ ابن أبي عبلة «إحسان» بالرفع، و «ذو القربى»: هو القريب النسب من قبل الأب والأم، وهذا من الأمر بصلة الرحم وحفظها، واليتامى: جمع يتيم، وهو فاقد الأب قبل البلوغ، وإن ورد في كلام العرب يتم من قبل الأم فهو مجاز واستعارة، والمساكين: المقترون من المسلمين الذين تحل لهم الزكاة، وجاهروا بالسؤال، واختلف في معنى الجار ذي القربى وفي معنى الجنب، فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم: الجار ذو القربى هو الجار القريب النسب، والجار الجنب هو الجار الأجنبي الذي لا قرابة بينك وبينه، وقال نوف الشامي: الجار ذو القربى هو الجار المسلم، والجار الجنب هو الجار اليهودي أو النصراني، فهي عنده قرابة الإسلام وأجنبية الكفر، وقالت فرقة: الجار ذو القربى هو الجار القريب المسكن منك، والجار الجنب هو البعيد المسكن منك، وكأن هذا القول منتزع من الحديث، قالت عائشة، يا رسول الله إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال إلى أقربهما منك بابا، واختلف الناس في حد الجيرة، فقال الأوزاعي: أربعون دارا من كل ناحية جيرة، وقالت فرقة: من سمع إقامة الصلاة فهو جار ذلك المسجد، وبقدر ذلك في الدور وقالت فرقة: من ساكن رجلا في محلة أو مدينة فهو جاره، والمجاورة مراتب بعضها ألصق من بعض، أدناها الزوج كما قال الأعشى: [الطويل] أيا جارتي بيني وبعد ذلك الجيرة الخلط، ومنه قول الشاعر: [البسيط]
سائل مجاور جرم هل جنيت لها = حربا تفرّق بين الجيرة الخلط
وحكى الطبري عن ميمون بن مهران: أن الجار ذا القربى أريد به جار القريب، وهذا خطأ في اللسان، لأنه جمع على تأويله بين الألف واللام والإضافة، وكأن وجه الكلام وجار ذي القربى، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة «والجار ذا القربى» بنصب الجار، وحكى مكي عن ابن وهب أنه قال عن بعض الصحابة في الجار الجنب: إنها زوجة الرجل وروى المفضل عن عاصم أنه قرأ «والجار الجنب» بفتح الجيم وسكون النون، والجنب في هذه الآية معناه. البعيد، والجنابة البعد، ومنه قول الشاعر وهو الأعشى: [الطويل]
أتيت حريثا زائرا عن جنابة = فكان حريث عن عطائي جامدا
ومنه قول الآخر، وهو علقمة بن عبدة: [الطويل]
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة = فإني امرؤ وسط القباب غريب
وهو من الاجتناب، وهو أن يترك الشيء جانبا، وسئل أعرابي عن الجار الجنب، فقال: هو الذي يجيء فيحل حيث تقع عينك عليه، قال أبو علي: جنب صفة كناقة أجد، ومشية سجح، وجنب التطهر مأخوذ من الجنب، وقال ابن عباس وابن جبير وقتادة ومجاهد والضحاك: الصاحب بالجنب هو الرفيق في السفر، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وابن مسعود وابن أبي ليلى وإبراهيم النخعي: الصاحب بالجنب الزوجة، وقال ابن زيد: هو الرجل يعتريك ويلم بك لتنفعه، وأسند الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه، وهما على راحلتين، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم غيضة فقطع قضيبين، أحدهما معوج وخرج فأعطى صاحبه القويم وحبس هو المعوج، فقال له الرجل: كنت يا رسول الله أحق بهذا، فقال له: يا فلان إن كل صاحب يصحب آخر فإنه مسؤول عن صحبته ولو ساعة من نهار، وقال المفسرون: ابن السبيل هو المسافر على ظهر طريقه، وسمي ابنه للزومه له كما قيل ابن ماء للطائر الملازم للماء، ومنه قول النبي عليه السلام: «لا يدخل الجنة ابن زنى» أي: ملازمه الذي يستحق بالمثابرة عليه أن ينسب إليه، وذكر الطبري أن مجاهدا فسره بأنه المار عليك في سفره، وأن قتادة وغيره فسره بأنه الضيف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله قول واحد، وما ملكت أيمانكم يريد العبيد الأرقاء، ونسب الملك إلى اليمين إذ هي في المعتاد جارحة البطش والتغلب والتملك، فأضيفت هذه المعاني وإن لم تكن بها إليها تجوزا والعبيد موصى بهم في غير ما حديث يطول ذكرها، ويغني عن ذلك اشتهارها، ومعنى لا يحبّ في هذه الآية لا تظهر عليه آثار نعمه في الآخرة ولا آثار حمده في الدنيا، فهي المحبة التي هي صفة فعل أبعدها عمن صفته الخيلاء والفخر، يقال خال الرجل يخول خولا إذا تكبر وأعجب بنفسه، وأنشد الطبري: [المتقارب]
فإن كنت سيّدنا سدتنا = وإن كنت للخال فاذهب فخل
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ونفي المحبة عمن هذه صفته ضرب من التوعد، وخص هاتين الصفتين هنا إذ مقتضاهما العجب والزهو، وذلك هو الحامل على الإخلال بالأصناف الذين تقدم أمر الله بالإحسان إليهم، ولكل صنف نوع من الإحسان يختص به، ولا يعوق عن الإحسان إليهم إلا العجب أو البخل، فلذلك نفى الله محبته عن المعجبين والباخلين على أحد التأويلين حسبما نذكره الآن بعد هذا، وقال أبو رجاء الهروي: لا تجده سيء الملكة إلا وجدته مختالا فخورا، ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا، والفخر عد المناقب تطاولا بذلك). [المحرر الوجيز: 2/545-550]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً (37) والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس ولا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ومن يكن الشّيطان له قريناً فساء قريناً (38) وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليماً (39)
قالت فرقة الّذين في موضع نصب بدل من من، في قوله من كان مختالًا فخوراً [النساء: 36] ومعناه على هذا: «يبخلون بأموالهم {ويأمرون الناس} يعني إخوانهم، ومن هو مظنة طاعتهم بالبخل بالأموال، فلا تنفق في شيء من وجود الإحسان إلى من ذكر، ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله، يعني: من الرزق والمال، فيجيء على هذا أن الباخلين منفية عنهم محبة الله، والآية إذا في المؤمنين، فالمعنى: أحسنوا أيها المؤمنون إلى من سمى، فإن الله لا يحب من فيه الخلال المانعة من الإحسان إليهم من المؤمنين، وأما الكافرون فإنه أعد لهم عذاباً مهيناً، ففضل توعد المؤمنين من توعد الكافرين، بأن جعل الأول عدم المحبة، والثاني عذاباً مهيناً، وقالت فرقة: الّذين- في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، تقديره بعد قوله من فضله معذبون أو مجازون أو نحوه، وقال الزجّاج: الخبر في قوله تعالى: إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّةٍ، وإن تك حسنةً يضاعفها [النساء: 40] وفي هذا تكلف ما، والآية على هذا كله في كفار، وقد روي: أنها نزلت في أحبار اليهود بالمدينة، فإنهم بخلوا بالإعلام بصفة محمد عليه السلام، وبما عندهم من العلم في ذلك، وأمروا الناس بالبخل على جهتين، بأن قالوا لأتباعهم وعوامهم: اجحدوا أمر محمد، وابخلوا به، وبأن قالوا للأنصار: لم تنفقون أموالكم على هؤلاء المهاجرين فتفتخرون عليهم؟ ونحو هذا مروي عن مجاهد وحضرمي وابن زيد وابن عباس، وحقيقة «البخل»: منع ما في اليد، والشح: هو البخل الذي تقترن به الرغبة فيما في أيدي الناس، «وكتمان الفضل» هو على هذا: كتمان العلم، والتوعد بالعذاب المهين لهم، وقرأ عيسى ابن عمر والحسن «بالبخل» بضم الباء والخاء، وقرأ الجمهور بضم الباء وسكون الخاء، وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الحديد «بالبخل» بفتح الباء والخاء، وقرأ ابن الزبير وقتادة وجماعة: بفتح الباء وسكون الخاء، وهي كلها لغات، وأعتدنا معناه: يسرنا وأعددنا وأحضرنا، والعتيد: الحاضر، والمهين: الذي يقترن به خزي وذل، وهو أنكى وأشد على المعذب). [المحرر الوجيز: 2/550-551]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 جمادى الآخرة 1435هـ/14-04-2014م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورًا (36)}
يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنّه هو الخالق الرّازق المنعم المتفضّل على خلقه في جميع الآنات والحالات، فهو المستحقّ منهم أن يوحّدوه، ولا يشركوا به شيئًا من مخلوقاته، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاذٍ: "أتدري ما حقّ اللّه على العباد ؟ " قال: اللّه ورسوله أعلم. قال: "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا"، ثمّ قال: "أتدري ما حقّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ ألّا يعذّبهم" ثمّ أوصى بالإحسان إلى الوالدين، فإنّ اللّه، سبحانه، جعلهما سببًا لخروجك من العدم إلى الوجود، وكثيرًا ما يقرن اللّه، سبحانه، بين عبادته والإحسان إلى الوالدين، كقوله: {أن اشكر لي ولوالديك} [لقمان:14] وكقوله: {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء: 23].
ثمّ عطف على الإحسان إلى الوالدين الإحسان إلى القرابات من الرّجال والنّساء، كما جاء في الحديث: "الصّدقة على المسكين صدقةٌ، وعلى ذي الرّحم صدقةٌ وصلةٌ".
ثمّ قال: {واليتامى} وذلك لأنّهم قد فقدوا من يقوم بمصالحهم، ومن ينفق عليهم، فأمر اللّه بالإحسان إليهم والحنوّ عليهم.
ثمّ قال: {والمساكين} وهم المحاويج من ذوي الحاجات الّذين لا يجدون ما يقوم بكفايتهم، فأمر اللّه بمساعدتهم بما تتمّ به كفايتهم وتزول به ضرورتهم. وسيأتي الكلام على الفقير والمسكين في سورة براءة.
وقوله: {والجار ذي القربى والجار الجنب} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {والجار ذي القربى} يعني الّذي بينك وبينه قرابةٌ، {والجار الجنب} الّذي ليس بينك وبينه قرابةٌ. وكذا روي عن عكرمة، ومجاهد، وميمون بن مهران، والضّحّاك، وزيد بن أسلم، ومقاتل بن حيّان، وقتادة.
وقال أبو إسحاق عن نوف البكالي في قوله: {والجار ذي القربى} يعني المسلم {والجار الجنب} يعني اليهوديّ والنّصرانيّ رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتم.
وقال جابرٌ الجعفيّ، عن الشعبي، عن علي وابن مسعودٍ: {والجار ذي القربى} يعني المرأة. وقال مجاهد أيضًا في قوله: {والجار الجنب} يعني الرّفيق في السّفر.
وقد وردت الأحاديث بالوصايا بالجار، فنذكر منها ما تيسّر، واللّه المستعان:
الحديث الأوّل: قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمر بن محمّد بن زيدٍ: أنّه سمع أباه محمّدًا يحدّث، عن عبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورثه".
أخرجاه في الصّحيح من حديث عمر بن محمّد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر، به.
الحديث الثّاني: قال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن داود بن شابورٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه".
وروى أبو داود والتّرمذيّ نحوه، من حديث سفيان بن عيينة، عن بشير أبي إسماعيل -زاد التّرمذيّ: وداود بن شابورٍ -كلاهما عن مجاهدٍ، به ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه وقد روي عن مجاهدٍ عن عائشة وأبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
الحديث الثّالث عنه: قال أحمد أيضًا: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، أخبرنا حيوة، أخبرنا شرحبيل بن شريكٍ أنّه سمع أبا عبد الرّحمن الحبلي يحدّث عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره".
ورواه التّرمذيّ عن أحمد بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن حيوة بن شريحٍ -به، وقال: [حديثٌ] حسنٌ غريبٌ.
الحديث الرّابع: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة عن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يشبع الرّجل دون جاره". تفرّد به أحمد.
الحديث الخامس: قال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن فضيل بن غزوان، حدّثنا محمّد بن سعدٍ الأنصاريّ، سمعت أبا ظبية الكلاعيّ، سمعت المقداد بن الأسود يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: ["ما تقولون في الزّنا؟ " قالوا: حرامٌ حرّمه الله ورسوله، فهو حرامٌ إلى يوم القيامة. فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم] لأن يزني الرّجل بعشر نسوة، أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره". قال: ما تقولون في السّرقة؟ قالوا: حرّمها الله ورسوله فهي حرامٌ. قال "لأن يسرق الرّجل من عشرة أبياتٍ، أيسر عليه من أن يسرق من جاره".
تفرّد به أحمد وله شاهدٌ في الصّحيحين من حديث ابن مسعودٍ: قلت: يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم؟ قال: "أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك".
الحديث السّادس: قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن حفصة، عن أبي العالية، عن رجلٍ من الأنصار قال: خرجت من أهلي أريد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإذا به قائمٌ ورجلٌ معه مقبل عليه، فظننت أنّ لهما حاجة -قال الأنصاريّ: لقد قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى جعلت أرثي لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم من طول القيام، فلمّا انصرف قلت: يا رسول اللّه، لقد قام بك هذا الرّجل حتّى جعلت أرثي لك من طول القيام. قال: "ولقد رأيته؟ " قلت: نعم. قال: "أتدري من هو؟ " قلت: لا. قال: "ذاك جبريل، ما زال يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورثه. ثمّ قال: أما إنّك لو سلّمت عليه، ردّ عليك السّلام".
الحديث السّابع: قال عبد بن حميدٍ في مسنده: حدّثنا يعلى بن عبيد، حدّثنا أبو بكرٍ -يعني المدنيّ-عن جابر بن عبد اللّه قال: جاء رجلٌ من العوالي ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وجبريل عليه السّلام يصلّيان حيث يصلّى على الجنائز، فلمّا انصرف قال الرّجل: يا رسول اللّه، من هذا الرّجل الّذي رأيت معك؟ قال: "وقد رأيته؟ " قال: نعم. قال: "لقد رأيت خيرًا كثيرًا، هذا جبريل ما زال يوصيني بالجار حتّى رئيت أنّه سيورثه".
تفرّد به من هذا الوجه وهو شاهدٌ للّذي قبله.
الحديث الثّامن: قال أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا عبيد اللّه بن محمّدٍ أبو الرّبيع الحارثيّ، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني عبد الرّحمن بن الفضل عن عطاء الخراساني، عن الحسن، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الجيران ثلاثةٌ: جارٌ له حقٌ واحدٌ، وهو أدنى الجيران حقًّا، وجارٌ له حقّان، وجارٌ له ثلاثة حقوقٍ، وهو أفضل الجيران حقًّا، فأمّا الّذي له حقٌّ واحدٌ فجارٌ مشركٌ لا رحم له، له حقّ الجوار. وأمّا الّذي له حقان فجارٌ مسلمٌ، له حقّ الإسلام وحقّ الجوار، وأمّا الّذي له ثلاثة حقوقٍ، فجارٌ مسلمٌ ذو رحمٍ له حقّ الجوار وحقّ الإسلام وحقّ الرحم".
قال البزّار: لا نعلم أحدًا روى عن عبد الرّحمن بن الفضيل إلّا ابن أبي فديك.
الحديث التّاسع: قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة، عن أبي عمران، عن طلحة بن عبد الله، عن عائشة؛ أنّها سألت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: "إنّ لي جارين، فإلى أيّهما أهدي؟ قال: "إلى أقربهما منك بابًا".
ورواه البخاريّ من حديث شعبة، به.
وقوله: {والصّاحب بالجنب} قال الثوريّ، عن جابرٍ الجعفي، عن الشّعبي، عن عليٍّ وابن مسعودٍ قالا هي المرأة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، وإبراهيم النّخعيّ، والحسن، وسعيد بن جبير -في إحدى الرّوايات-نحو ذلك.
وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، وعكرمة، وقتادة: هو الرّفيق في السّفر. وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الرّفيق الصّالح. وقال زيد بن أسلم: هو جليسك في الحضر، ورفيقك في السّفر.
وأمّا {ابن السّبيل} فعن ابن عبّاسٍ وجماعةٍ هو: الضيف.
وقال مجاهدٌ، وأبو جعفرٍ الباقر، والحسن، والضحاك، ومقاتل: هو الّذي يمرّ عليك مجتازًا في السّفر.
وهذا أظهر، وإن كان مراد القائل بالضّيف: المارّ في الطّريق، فهما سواءٌ. وسيأتي الكلام على أبناء السّبيل في سورة براءة، وباللّه الثّقة وعليه التّكلان.
وقوله: {وما ملكت أيمانكم} وصيّةٌ بالأرقّاء؛ لأنّ الرّقيق ضعيف الحيلة أسيرٌ في أيدي النّاس، ولهذا ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جعل يوصي أمّته في مرض الموت يقول: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم". فجعل يردّدها حتّى ما يفيض بها لسانه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن أبي العبّاس، حدّثنا بقيّة، حدّثنا بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما أطعمت نفسك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقهٌ".
ورواه النّسائيّ من حديث بقيّة، وإسناده صحيحٌ وللّه الحمد.
وعن عبد اللّه بن عمرٍو أنّه قال لقهرمان له: هل أعطيت الرّقيق قوتهم؟ قال: لا. قال: فانطلق فأعطهم؛ فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمّن يملك قوتهم" رواه مسلمٌ.
وعن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلّف من العمل إلّا ما يطيق". رواه مسلمٌ أيضًا.
وعنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمةً أو لقمتين أو أكلةً أو أكلتين، فإنّه ولي حرّه وعلاجه".
أخرجاه ولفظه للبخاريّ ولمسلمٍ فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطّعام مشفوها قليلًا فليضع في يده أكلةً أو أكلتين".
وعن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "هم إخوانكم خولكم، جعلهم اللّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم، فأعينوهم". أخرجاه.
وقوله: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورًا} أي: مختالًا في نفسه، معجبًا متكبّرًا، فخورًا على النّاس، يرى أنّه خيرٌ منهم، فهو في نفسه كبيرٌ، وهو عند اللّه حقيرٌ، وعند النّاس بغيض.
قال مجاهدٌ في قوله: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا} يعني: متكبّرًا {فخورًا} يعني: يعد ما أعطي، وهو لا يشكر اللّه، عزّ وجلّ. يعني: يفخر على النّاس بما أعطاه اللّه من نعمه، وهو قليل الشّكر للّه على ذلك.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن عبد اللّه بن واقدٍ أبي رجاءٍ الهرويّ قال: لا تجد سيّئ الملكة إلّا وجدّته مختالًا فخورًا -وتلا {وما ملكت أيمانكم [إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورًا]} ولا عاقًّا إلّا وجدّته جبّارًا شقيًّا -وتلا {وبرًّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيًّا} [مريم: 32].
وروى ابن أبي حاتمٍ، عن العوّام بن حوشبٍ، مثله في المختال الفخور. وقال: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأسود بن شيبان، حدّثنا يزيد بن عبد اللّه بن الشّخّير قال: قال مطرّف: كان يبلغني عن أبي ذرٍّ حديثٌ كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذرٍّ، بلغني أنّك تزعم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثكم: "إنّ اللّه يحبّ ثلاثةً ويبغض ثلاثةً"؟ قال: أجل، فلا إخالني أكذب على خليلي، ثلاثًا. قلت: من الثّلاثة الّذين يبغض اللّه؟ قال: المختال الفخور، أوليس تجدونه عندكم في كتاب اللّه المنزّل؟ ثمّ قرأ الآية: {إنّ اللّه لا يحبّ من كان مختالا فخورًا} [النّساء: 36].
وحدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا وهيب عن خالدٍ، عن أبي تميمة عن رجلٍ من بلهجيم قال: قلت يا رسول اللّه، أوصني. قال: "إيّاك وإسبال الإزار، فإنّ إسبال الإزار من المخيلة، وإنّ اللّه لا يحبّ المخيلة"). [تفسير القرآن العظيم: 2/297-302]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا (37) والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس ولا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ومن يكن الشّيطان له قرينًا فساء قرينًا (38) وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليمًا (39)}
يقول تعالى ذامًّا الّذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم اللّه به -من برّ الوالدين، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصّاحب بالجنب، وابن السّبيل، وما ملكت أيمانكم من الأرقّاء -ولا يدفعون حقّ اللّه فيها، ويأمرون النّاس بالبخل أيضًا. وقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وأيّ داءٍ أدوأ من البخل؟ ". وقال: "إيّاكم والشّح، فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا".
وقوله: {ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} فالبخيل جحود لنعمة اللّه عليه لا تظهر عليه ولا تبين، لا في أكله ولا في ملبسه، ولا في إعطائه وبذله، كما قال تعالى: {إنّ الإنسان لربّه لكنودٌ. وإنّه على ذلك لشهيدٌ} [العاديات: 6، 7] أي: بحاله وشمائله، {وإنّه لحبّ الخير لشديدٌ} [العاديات: 8] وقال هاهنا: {ويكتمون ما آتاهم اللّه من فضله} ولهذا توعّدهم بقوله: {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} والكفر هو السّتر والتّغطية، فالبخيل يستر نعمة اللّه عليه ويكتمها ويجحدها، فهو كافرٌ لنعم اللّه عليه.
وفي الحديث: "إنّ اللّه إذا أنعم نعمةً على عبدٍ أحبّ أن يظهر أثرها عليه" وفي الدّعاء النّبويّ: "واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك قابليها -ويروى: قائليها-وأتممها علينا".
وقد حمل بعض السّلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الّذي عندهم، من صفة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وكتمانهم ذلك؛ ولهذا قال: {وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} رواه ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ. وقاله مجاهدٌ وغير واحدٍ.
ولا شكّ أنّ الآية محتملةٌ لذلك، والظّاهر أنّ السّياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلًا في ذلك بطريق الأولى؛ فإنّ سياق الكلام في الإنفاق على الأقارب والضّعفاء، وكذا الآية الّتي بعدها، وهي قوله: {والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس} فذكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء، ثمّ ذكر الباذلين المرائين الّذي يقصدون بإعطائهم السّمعة وأن يمدحوا بالكرم، ولا يريدون بذلك وجه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/302-303]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة