العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:21 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (27) إلى الآية (29) ]

تفسير سورة النور [ من الآية (27) إلى الآية (29) ]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 05:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة بن معاوية عن القاسم بن نافع عن مجاهد: {حتى تستأنسوا}، قال: هو التنحنح والتنخم). [الجامع في علوم القرآن: 1/11]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال: {يا أيها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون}؛
ثم نسخ واستثنى منها، فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون}؛ يزعمون أنه الضيف). [الجامع في علوم القرآن: 3/79]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى تستأنسوا قال تستأذنوا وتسلموا). [تفسير عبد الرزاق: 2/55]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى حتى تستأنسوا قال هو الاستئذان). [تفسير عبد الرزاق: 2/62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة أنه سئل أيستأذن الرجل على والدته قال نعم إنك إن لم تفعل رأيت منها ما تكره). [تفسير عبد الرزاق: 2/63]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن جابرٍ عن مجاهدٍ في قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} قال: هو التّنحنح قال ابن عبّاسٍ: أخطأ الكاتب (حتّى تستأذنوا) [الآية: 27]). [تفسير الثوري: 224]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها (حتّى تستأذنوا وتسلموا على أهلها) [الآية: 27]). [تفسير الثوري: 224]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون}.
اختلف أهل التّأويل في ذلك، فقال بعضهم: تأويله يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأذنوا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ: لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأذنوا وتسلّموا على أهلها قال: وإنّما {تستأنسوا} وهمٌ من الكتّاب.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} وقال: إنّما هي خطأٌ من الكاتب: (حتّى تستأذنوا وتسلّموا).
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا وهب بن جريرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، بمثله، غير أنّه قال: إنّما هي حتّى تستأذنوا ولكنّها سقطٌ من الكاتب.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، قال: حدّثنا معاذ بن سليمان، عن جعفر بن إياس، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} قال: أخطأ الكاتب وكان ابن عبّاسٍ يقرأ: حتّى تستأذنوا وتسلّموا وكان يقرؤها على قراءة أبيّ بن كعبٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، أنّه كان يقرؤها: حتّى تستأذنوا وتسلّموا.
قال سفيان: وبلغني أنّ ابن عبّاسٍ كان يقرؤها: حتّى تستأذنوا وتسلّموا وقال: إنّها خطأٌ من الكاتب.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} قال: الاستئناس: الاستئذان.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني هشيمٌ قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، قال: في مصحف ابن مسعودٍ: (حتّى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا).
- قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا جعفر بن إياس، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤها: يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا قال: وإنّما {تستأنسوا} وهمٌ من الكتّاب.
- قال: حدّثنا هشيمٌ،، قال مغيرة: قال مجاهدٌ: جاء ابن عمر من حاجةٍ وقد آذاه الرّمضاء، فأتى فسطاط امرأةٍ من قريشٍ، فقال: السّلام عليكم، أدخل؟ فقالت: ادخل بسلامٍ فأعاد، فأعادت، وهو يراوح بين قدميه قال: قولي ادخل قالت: ادخل فدخل.
- قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا منصورٌ، عن ابن سيرين، وأخبرنا يونس بن عبيدٍ، عن عمرو بن سعيدٍ الثّقفيّ، أنّ رجلاً، استأذن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ألج أو أنلج؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأمةٍ له يقال لها روضةٌ قومي إلى هذا فكلّميه، فإنّه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول: السّلام عليكم، أدخل؟ فسمعها الرّجل، فقالها، فقال: ادخل.
- حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى تستأنسوا} قال: الاستئذان، ثمّ نسخ، واستثنى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا أبو حمزة، عن المغيرة، عن إبراهيم، قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم} قال: حتّى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {حتّى تستأنسوا} قال: حتّى تستأذنوا وتسلّموا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أشعث بن سوّارٍ، عن كردوسٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: عليكم أن تستأذنوا على أمّهاتكم وأخواتكم.
- قال أشعت، عن عديّ بن ثابتٍ: أنّ امرأةً من الأنصار قالت: يا رسول اللّه، إنّي أكون في منزلي على الحال الّتي لا أحبّ أن يراني أحدٌ عليها والدٌ ولا ولدٌ، وأنّه لا يزال يدخل عليّ رجلٌ من أهلي وأنا على تلك الحال؟ قال: فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} الآية.
وقال آخرون: معنى ذلك: حتّى تؤنسوا أهل البيت بالتّنحنح والتّنخّم وما أشبهه، حتّى يعلموا أنّكم تريدون الدّخول عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} قال: حتّى تتنحنحوا وتتنخّموا.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {حتّى تستأنسوا} قال: حتّى تحسّسوا وتسلّموا.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حتّى تستأنسوا} قال: تنحنحوا وتنخّموا.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سمعت عطاء بن أبي رباحٍ، يخبر عن ابن عبّاسٍ، قال: ثلاث آياتٍ قد جحدهنّ النّاس، قال اللّه: {إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم} قال: ويقولون: إنّ أكرمهم عند اللّه أعظمهم شأنًا. قال: والإذن كلّه قد جحده النّاس؛ فقلت له: أستأذن على أخواتي؟ أيتامٌ في حجري معي في بيتٍ واحدٍ؟ قال: نعم، فرددت على من حضرني، فأبى قال: أتحبّ أن تراها عريانةً؟ قلت: لا. قال: فاستأذن فراجعته أيضًا قال: أتحبّ أن تطيع اللّه؟ قلت: نعم قال: فاستأذن فقال لي سعيد بن جبيرٍ: إنّك لتردّد عليه قلت: أردت أن يرخّص لي.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: ما من امرأة أكره إليّ أن أرى كأنّه يقول: عريتها أو عريانةً من ذات محرمٍ. قال: وكان يشدّد في ذلك.
- قال ابن جريجٍ: وقال عطاء بن أبي رباحٍ: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا، فواجبٌ على النّاس أجمعين إذا احتلموا أن يستأذنوا على من كان من النّاس قلت لعطاءٍ: أواجبٌ على الرّجل أن يستأذن على أمّه، ومن وراءها من ذات قرابته؟ قال: نعم. قلت: أبرٌّ وجب؟ قال قوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا}.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني ابن زيادٍ أنّ صفوان مولًى لبني زهرة، أخبره عن عطاء بن يسارٍ: أنّ رجلاً قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أستأذن على أمّي؟ قال: نعم. قال: إنّها ليس لها خادمٌ غيري، أفأستأذن عليها كلّما دخلت؟ قال: أتحبّ أن تراها عريانةً؟ قال الرّجل: لا. قال: فاستأذن عليها.
- قال ابن جريجٍ: عن الزّهريّ قال: سمعت هزيل بن شرحبيل الأوديّ الأعمى، أنّه سمع ابن مسعودٍ يقول: عليكم الإذن على أمّهاتكم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: أيستأذن الرّجل على امرأته؟ قال: لا.
- حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن خازمٍ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أخي زينب امرأة ابن مسعودٍ، عن زينبٍ، قالت: كان عبد اللّه إذا جاء من حاجةٍ فانتهى إلى الباب، تنحنح وبزق، كراهة أن يهجم منّا على أمرٍ يكرهه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا} قال: الاستئناس: التّنحنح والتّجرّس، حتّى يعرفوا أن قد جاءهم أحدٌ. قال: والتّجرّس: كلامه وتنحنحه.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ الاستئناس: الاستفعال من الأنس، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدّخول عليهم، مخبرًا بذلك من فيه، وهل فيه أحدٌ؟ وليؤذنهم أنّه داخلٌ عليهم، فليأنس إلى إذنهم له في ذلك، ويأنسوا إلى استئذانه إيّاهم وقد حكي عن العرب سماعًا: اذهب فاستأنس، هل ترى أحدًا في الدّار؟ بمعنى: انظر هل ترى فيها أحدًا؟

فتأويل الكلام إذن، إذا كان ذلك معناه: يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تسلّموا وتستأذنوا، وذلك أن يقول أحدكم: السّلام عليكم، أدخل؟ وهو من المقدّم الّذي معناه التّأخير، إنّما هو: حتّى تسلّموا وتستأذنوا، كما ذكرنا من الرّواية عن ابن عبّاسٍ.
وقوله: {ذلكم خيرٌ لكم} يقول: استئناسكم وتسليمكم على أهل البيت الّذي تريدون دخوله، فإنّ دخولكموه خيرٌ لكم؛ لأنّكم لا تدرون أنّكم إذا دخلتموه بغير إذنٍ، على ماذا تهجمون؟ على ما يسوءكم أو يسرّكم؟ وأنتم إذا دخلتم بإذنٍ، لم تدخلوا على ما تكرهون، وأدّيتم بذلك أيضًا حقّ اللّه عليكم في الاستئذان والسّلام.
وقوله: {لعلّكم تذكّرون} يقول: لتتذكّروا بفعلكم ذلك أو اللّه عليكم، واللاّزم لكم من طاعته، فتطيعوه). [جامع البيان: 17/239-246]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون (27)
قوله: يا أيها الذين آمنوا
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم يعنى بيوتًا ليس لكم.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها قال: كان الرّجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلّم عليه يقول: حيّيت صباحًا وحيّيت مساءً، وكان ذلك تحيّة القوم بينهم، كان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتّى يقتحم ويقول: قد دخلت فيشقّ ذلك على الرّجل ولعلّه يكون مع أهله، فغيّر اللّه ذلك كلّه في سترٍ وعفّةٍ، وجعله نقيًّا نزهًا من الدّنس والقذر والدّرن، فقال: لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها.
قوله: حتّى تستأنسوا.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، ثنا الأعمش عن عمرو بن مرّة عن أبي عبيدة قال: كان عبد اللّه إذا دخل الدّار استأنس سلّم ورفع صوته.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا يقول: حتّى تستأذنوا.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا أبو عوانة عن أبي بشرٍ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: حتّى تستأنسوا قال: هو فيما أحسب ممّا أخطأت به الكتّاب، الاستئناس: الاستئذان.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: تستأنسوا تنحنحوا تنخّموا.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، أنبأ ابن المبارك أنبأ محمّد بن يسارٍ، عن قتادة حتّى تستأنسوا قال: هو الاستئذان ثلاثًا من لم يؤذن له فليرجع، أمّا الأولى فيسمع الحيّ، وأمّا الثّانية: فيأخذوا حذرهم، وأمّا الثّالثة فإن شاءوا أذنوا وإن شاءوا ردّوا، ولا تقعدوا على باب قومٍ ردّوكم عن بابهم، فإنّ للنّاس حاجات ولهم أشغال والله أولى بالعذر
- حدّثنا أبي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الرحيم ابن سليمان، عن واصل بن السّائب، حدّثني أبو سورة ابن أخي أبي أيّوب عن أبي أيّوب قال: قلت يا رسول اللّه: هذا السّلام، فما الاستئناس؟ قال: يتكلّم الرّجل بتسبيحةٍ وتكبيرةٍ وتحميدةٍ، ويتنحنح فيؤذن أهل البيت.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء ابن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: حتّى تستأنسوا يعنى قبل الاستئذان.
قوله تعالى: وتسلّموا على أهلها.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله: حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها فيها تقديمٌ يعنى: حتّى تسلّموا ثمّ تستأذنوا والسّلام قبل الاستئذان.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان عن عمرٍو عن عكرمة في قوله: حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحدٌ فقل: السّلام علينا من ربّنا السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين.
قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير ابن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها فيها تقديمٌ أمرهم أن يبدؤا فيسلّموا، ثمّ يستأذنوا فيأخذ أهل البيت حذرهم، فإن أذن له دخل، وإن قيل له ارجع رجع.
قوله: ذلكم خيرٌ لكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ذلكم يعنى: الاستئذان والتّسليم خيرٌ لكم يعنى: أفضل من أن تدخلوا بغير إذنٍ أن لا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم.
قوله: لعلّكم تذكّرون.
- به عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لعلّكم تذكّرون يعنى الاستئذان والتّسليم خيرٌ لكم فيدخلها ما أمركم الله). [تفسير القرآن العظيم: 8/2565-2567]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله حتى تستأنسوا يعني تتنحنحوا تتنخموا). [تفسير مجاهد: 439]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عليٍّ الحافظ، أنبأ عبدان الأهوازيّ، ثنا عمرو بن محمّدٍ النّاقد، ثنا محمّد بن يوسف، ثنا سفيان، عن شعبة، عن جعفر بن إياسٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا} [النور: 27] قال: «أخطأ الكاتب حتّى تستأذنوا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.
أخرج الفريابي، وابن جرير من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار قال: قالت: امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولد ولا والد فيأتيني الآتي فيدخل علي فكيف أصنع ولفظ ابن جرير: وانه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} الآية). [الدر المنثور: 11/5]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الانباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} قال: أخطأ الكاتب انما هي حتى تستأذنوا). [الدر المنثور: 11/5]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن إبراهيم قال: في مصحف عبد الله (حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا) ). [الدر المنثور: 11/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: هي في قراءة أبي (حتى تسلموا وتستأذنوا) ). [الدر المنثور: 11/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حتى تستأنسوا} قال: حتى تستأذنوا). [الدر المنثور: 11/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الاستئناس، الاستئذان). [الدر المنثور: 11/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن أبي أيوب قال: قلت يا رسول الله أرأيت قول الله {حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس قال: يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت). [الدر المنثور: 11/6-7]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي أيوب أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الاستئناس، أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين يسلم عليهم). [الدر المنثور: 11/7]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حتى تستأنسوا} قال: تنحنحوا وتنخموا). [الدر المنثور: 11/7]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والبيهقي في "سننه" من طريق ربعي قال: حدثنا رجل من بني عامر استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: أألج فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لخادمه: اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقيل له: قل السلام عليكم، أأدخل). [الدر المنثور: 11/7]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عمرو بن سعد الثقفي أن رجلا استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أألج فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة، قومي إلى هذا فعلميه فانه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم، أأدخل). [الدر المنثور: 11/8]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في شعب الايمان من طريق كلدة، ان صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلياي وصقانيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال: فدخلت عليه ولم أسلم ولم استأذن فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ارجع فقل السلام عليكم، أأدخل). [الدر المنثور: 11/8]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج قاسم بن أصبغ، وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: استأذن عمر على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: السلام على رسول الله السلام عليكم.
أيدخل عمر). [الدر المنثور: 11/8-9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن وهب في كتاب المجالس، وابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال: أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت: أألج فقال: ادخل، فلما دخلت قال: مرحبا يا ابن أخي لا تقل أألج ولكن قل السلام عليكم فإذا قالوا وعليك فقل، أأدخل فان قالوا ادخل فأدخل). [الدر المنثور: 11/9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت: كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت: ندخل فقالت: لا، فقالت واحدة: السلام عليكم، أندخل قالت: ادخلوا ثم قالت {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ). [الدر المنثور: 11/9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام قبل الكلام). [الدر المنثور: 11/9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة، فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال: لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام). [الدر المنثور: 11/9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال: إذا دخل ولم يقل السلام عليكم فقل: لا، حتى تأتي بالمفتاح). [الدر المنثور: 11/9-10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته). [الدر المنثور: 11/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال: عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم واخواتكم). [الدر المنثور: 11/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل البصر فلا اذن له). [الدر المنثور: 11/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستئذان في البيوت فقال من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله ولا أذن له). [الدر المنثور: 11/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من كان يشهد إني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم فإذا نظر في قعر البيت فقد دخل). [الدر المنثور: 11/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في شعب الايمان عن هذيل قال: جاء سعد فوقف على باب النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستأذن فقام على الباب فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر). [الدر المنثور: 11/11]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الادب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الايمن أو الايسر ويقول: السلام عليكم السلام عليكم وذلك ان الدور لم يكن عليها يومئذ ستور). [الدر المنثور: 11/11]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن سعد قال: اطلع رجل من حجر في حجرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومعه مدري يحك بها رأسه فقال لو أعلم انك تنظر لطعنت بها في عينك انما جعل الاستئذان من أجل البصر، وفي لفظ: إنما جعل الله الاذن من أجل البصر). [الدر المنثور: 11/11-12]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سعد بن عبادة قال: جئت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقمت مقابل الباب فاستأذنت فأشار الي أن تباعد وقال هل الاستئذان إلا من أجل النظر). [الدر المنثور: 11/12]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في قوله {حتى تستأنسوا} قال: هو الاستئذان قال: وكان يقال الاستئذان ثلاث فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع، اما الاولى فيسمع الحي.
وأمّا الثانية فيأخذوا حذرهم، واما الثالثة فان شاؤا أذنوا وان شاؤا ردوه). [الدر المنثور: 11/12]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: كنت جالسا في مجلس من مجالس الأنصار فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له: ما افزعك قال: أمرني عمر أن آتيه فأتيته فأستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال: ما منعك أن تأتيني قلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع قال: لتأتيني على هذا بالبينة فقالوا: لا يقوم إلا أصغر القوم فقام أبو سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى: إني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد). [الدر المنثور: 11/12-13]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} يعني بيوتا ليست لكم {حتى تستأنسوا وتسلموا} فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا والسلام قبل الاستئذان {ذلكم} يعني الاستئذان والتسليم {خير لكم} يعني أفضل من أن تدخل من غير أذن ان لا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم {لعلكم تذكرون} {فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم} يعني في الدخول {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس {هو أزكى لكم} يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم {والله بما تعملون عليم} يعني بما يكون عليم {ليس عليكم جناح} يعني لا حرج عليكم {أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} يعني ليس بها ساكن، وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم {فيها متاع لكم} يعني منافع من البرد والحر). [الدر المنثور: 11/13]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم واللّه بما تعملون عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: فإن لم تجدوا في البيوت الّتي تستأذنون فيها أحدًا يأذن لكم بالدّخول إليها، فلا تدخلوها، لأنّها ليست لكم، فلا يحلّ لكم دخولها إلاّ بإذن أربابها، فإن أذن لكم أربابها أن تدخلوها فادخلوها. {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} يقول: وإن قال لكم أهل البيوت الّتي تستأذنون فيها: ارجعوا فلا تدخلوها، فارجعوا عنها ولا تدخلوها؛ {هو أزكى لكم} يقول: رجوعكم عنها إذا قيل لكم ارجعوا، ولم يؤذن لكم بالدّخول فيها، أطهر لكم عند اللّه.
وقوله: {هو} كنايةٌ من اسم الفعل، أعني من قوله: {فارجعوا}.
وقوله: {واللّه بما تعملون عليمٌ} يقول جلّ ثناؤه: واللّه بما تعملون من رجوعكم بعد استئذانكم في بيوت غيركم إذا قيل لكم ارجعوا وترك رجوعكم عنها وطاعتكم اللّه فيما أمركم ونهاكم في ذلك وغيره من أمره ونهيه ذو علمٍ محيطٌ بذلك كلّه محصٍ جميعه عليكم حتّى يجازيكم على جميع ذلك.
وكان مجاهدٌ يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا} قال: إن لم يكن لكم فيها متاعٌ، فلا تدخلوها إلاّ بإذنٍ {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا}.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هاشم بن القاسم المزنيّ، عن قتادة، قال: قال رجلٌ من المهاجرين: لقد طلبت عمري كلّه هذه الآية فما أدركتها: أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: ارجع، فأرجع وأنا مغتبطٌ، لقوله: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}.
وهذا القول الّذي قاله مجاهدٌ في تأويل قوله: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا} بمعنى: إن لم يكن لكم فيها متاعٌ، قولٌ بعيدٌ من مفهوم كلام العرب؛ لأنّ العرب لا تكاد تقول: ليس بمكان كذا أحدٌ، إلاّ وهي تعني: ليس بها أحدٌ من بني آدم وأمّا الأمتعة وسائر الأشياء غير بني آدم ومن كان سبيله سبيلهم، فلا تقول ذلك فيها). [جامع البيان: 17/246-248]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم واللّه بما تعملون عليمٌ (28)
قوله تعالى: فإن لم تجدوا فيها أحدًا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ فإن لم تجدوا فيها أحدًا إن لم يكن فيها متاعٌ، وفي قوله: فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم قال: لا تدخلوها إلا بإذنٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم يعنى: في الدّخول وفي قوله: وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب النّاس.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن عبد اللّه الطّلاس، ثنا شيخٌ عن أبي روقٍ وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا يقول: إن ردّوك فارجع ولا تدخل إلا بإذنٍ.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قوله: وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم لا تقعدوا على باب قومٍ متغيّظًا أو متغمّطًا من شيءٍ هو أزكى لكم.
قوله: هو أزكى لكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء ابن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: هو أزكى لكم يعنى الرّجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان يقول اللّه: هو أزكى لكم يقول: ذلك خيرٌ لكم.
قوله: واللّه بما تعملون عليمٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: واللّه بما تعملون عليم يعني: بما يكون عليم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2568]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فإن لم يجدوا فيها أحدا فلا يدخلوها يقول إذا لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن). [تفسير مجاهد: 2/439-440]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا إبراهيم بن الحجّاج النّيليّ، ثنا صالحٌ المرّيّ، عن الحسن، عن بعض المهاجرين، وعن يزيد الرّقاشيّ، وجعفر بن زيدٍ، عن زفر، قال: قال بعض المهاجرين: لقد طلبت هذه الآية عمري فما قدرت عليها، قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا}. وإنّي لأستأذن على بعض إخواني فيقال لي: ارجع، فأرجع وأنا قرير العين). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/70]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن لم تجدوا فيها أحدا} يقول: ان لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن وفي قوله {ليس عليكم جناح} قال: كانوا يضعون بطريق المدينة اقتابا وامتعات في بيوت ليس فيها أحد فأحلت لهم أن يدخلوها بغير أذن). [الدر المنثور: 11/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن مردويه عن أنس قال: قال رجل من المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها، أن استأذن على بعض إخواني فيقول لي: ارجع، فارجع وأنا مغتبط لقوله تعالى: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} ). [الدر المنثور: 11/15]

تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال: {يا أيها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون}؛
ثم نسخ واستثنى منها، فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون}؛ يزعمون أنه الضيف). [الجامع في علوم القرآن: 3/79] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى بيوتا غير مسكونة قال هي البيوت التي ينزلها السفر لا يسكنها أحد). [تفسير عبد الرزاق: 2/55-56]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: هي الخانات والمنازل ما بين مكة والكوفة ونحوها [الآية: 29]). [تفسير الثوري: 224]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {متاع لكم} قال: حاجة لكم [الآية: 29]). [تفسير الثوري: 225]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون}.
يقول تعالى ذكره: ليس عليكم أيّها النّاس إثمٌ وحرجٌ أن تدخلوا بيوتًا لا ساكن بها بغير استئذانٍ.
ثمّ اختلفوا في ذلك: أيّ البيوت عنى؟ فقال بعضهم: عنى بها الخانات والبيوت المبنيّة بالطّرق الّتي ليس بها سكّانٌ معروفون، وإنّما بنيت لمارّة الطّريق والسّابلة ليأووا إليها، ويؤووا إليها أمتعتهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حجّاجٌ، عن سالمٍ المكّيّ، عن محمّد ابن الحنفيّة، في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: هي الخانات الّتي تكون في الطّرق.
- حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا مسلمٌ، قال: حدّثنا عمر بن فرّوخ، قال: سمعت قتادة، يقول: {بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: هي الخانات تكون لأهل الأسفار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} قال: كانوا يضعون في بيوتٍ في طرق المدينة متاعًا وأقتابًا، فرخّص لهم أن يدخلوها.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: هي البيوت الّتي ينزلها السّفر، لا يسكنها أحدٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: كانوا يصنعون أو يضعون بطريق المدينة أقتابًا، وأمتعةً في بيوتٍ ليس فيها أحدٌ، فأحلّ لهم أن يدخلوها بغير إذنٍ.
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله، إلاّ أنّه قال: كانوا يضعون بطريق المدينة؛ بغير شكٍّ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله، غير أنّه قال: كانوا يضعون بطريق المدينة أقتابًا وأمتعةً.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} هي البيوت الّتي ليس لها أهلٌ، وهي البيوت الّتي تكون بالطّرق والخربة. {فيها متاعٌ} منفعةٌ للمسافر في الشّتاء والصّيف، يأوي إليها.
وقال آخرون: هي بيوت مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن سعيد بن سابقٍ، عن الحجّاج بن أرطاة، عن سالمٍ، عن محمّد ابن الحنفيّة، في: {بيوتًا غير مسكونةٍ} قال: هي بيوت مكّة.
وقال آخرون: هي البيوت الخربة. والمتاع الّتي قال اللّه فيها لكم: قضاء الحاجة من الخلاء والبول فيها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سمعت عطاءً، يقول: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} قال: الخلاء والبول.
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا الحسين بن عيسى بن زيدٍ، عن أبيه، في هذه الآية: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} قال: التّخلّي في الخراب.
وقال آخرون: بل عنى بذلك بيوت التّجّار الّتي فيها أمتعة النّاس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} قال: بيوت التّجّار، ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوها بغير إذنٍ، الحوانيت الّتي بالقيساريّات والأسواق. وقرأ: {فيها متاعٌ لكم} متاعٌ للنّاسٍ، ولبني آدم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه عمّ بقوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} كلّ بيتٍ لا ساكن به لنا فيه متاعٌ ندخله بغير إذنٍ؛ لأنّ الإذن إنّما يكون ليؤنس المأذون عليه قبل الدّخول، أو ليأذن للدّاخل إن كان له مالكًا، أو كان فيه ساكنًا. فأمّا إن كان لا مالك له، فيحتاج إلى إذنه لدخوله ولا ساكن فيه، فيحتاج الدّاخل إلى إيناسه، والتّسليم عليه، لئلاّ يهجم على ما لا يحبّ رؤيته منه، فلا معنى للاستئذان فيه فإذا كان ذلك، فلا وجه لتخصيص بعض ذلك دون بعضٍ، فكلّ بيتٍ لا مالك له ولا ساكن: من بيتٍ مبنيٍّ ببعض الطّرق للمارّة والسّابلة ليأووا إليه، أو بيتٍ خرابٍ قد باد أهله ولا ساكن فيه، حيث كان ذلك، فإنّ لمن أراد دخوله أن يدخل بغير استئذانٍ، لمتاعٍ له يؤويه إليه، أو للاستمتاع به لقضاء حقّه من بولٍ أو غائطٍ أو غير ذلك. وأمّا بيوت التّجّار، فإنّه ليس لأحدٍ دخولها إلاّ بإذن أربابها وسكّانها.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ التّاجر إذا فتح دكّانه، وقعد للنّاس، فقد أذن لمن أراد الدّخول عليه في دخوله، فإنّ الأمر في ذلك بخلاف ما ظنّ؛ وذلك أنّه ليس لأحدٍ دخول ملك غيره بغير ضرورةٍ ألجأته إليه، أو بغير سببٍ أباح له دخوله إلاّ بإذن ربّه، لا سيّما إذا كان فيه متاعٌ؛ فإن كان التّاجر قد عرف منه أنّ فتحه حانوته إذنٌ منه لمن أراد دخوله في الدّخول، فذلك بعد رجع إلى ما قلنا من أنّه لم يدخله من دخله إلاّ بإذنه. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن من معنى قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} في شيءٍ، وذلك أنّ الّتي وضع اللّه عنّا الجناح في دخولها بغير إذنٍ من البيوت، هي ما لم يكن مسكونًا، إذ حانوت التّاجر لا سبيل إلى دخوله إلاّ بإذنه، وهو مع ذلك مسكونٌ، فتبيّن أنّه ممّا عنى اللّه من هذه الآية بمعزلٍ.
وقال جماعةٌ من أهل التّأويل: هذه الآية مستثناةٌ من قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم} ثمّ نسخ واستثنى فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة: {حتّى تستأنسوا}. الآية، فنسخ من ذلك، واستثنى فقال: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}.
وليس في قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} دلالةٌ على أنّه استثناءٌ من قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا}؛ لأنّ قوله: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} حكمٌ من اللّه في البيوت الّتي لها سكّانٌ وأربابٌ. وقوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} حكمٌ منه في البيوت الّتي لا سكّان لها ولا أرباب معروفون، فكلّ واحدٍ من الحكمين حكّم في معنًى غير معنى الآخر، وإنّما يستثنى الشّيء من الشّيء إذا كان من جنسه أو نوعه في الفعل أو النّفس، فأمّا إذا لم يكن كذلك فلا معنى لاستثنائه منه.
وقوله: {واللّه يعلم ما تبدون} يقول تعالى ذكره: واللّه يعلم ما تظهرون أيّها النّاس بألسنتكم من الاستئذان إذا استأذنتم على أهل البيوت المسكونة، {وما تكتمون} يقول: وما تضمرونه في صدوركم عند فعلكم ذلك ما الّذي تقصدون به: إطاعة اللّه والانتهاء إلى أمره، أم غير ذلك؟). [جامع البيان: 17/248-254]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون (29)
قوله: ليس عليكم جناحٌ.
- به عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ليس عليكم جناحٌ يعنى لا حرج عليكم.
قوله تعالى: أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ الأحول، ثنا خالد بن إياسٍ، حدّثتني جدّتي أمّ إياسٍ، قالت: كنت في أربع نسوةٍ نستأذن على عائشة فقلت ندخل؟
فقالت: لا، فقلت لصاحبتكنّ نستأذن؟ فقالت: السّلام عليكم أندخل؟ فقالت: ادخلوا، ثمّ قالت: يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم إلى قوله: بيوتًا غير مسكونةٍ قال: هي بيوت التّجّار لا إذن فيها.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه بن قبيصة الفزاريّ، عن حجّاجٍ، عن سالمٍ، عن ابن الحنفيّة بيوتًا غير مسكونةٍ قال: هي بيوتكم الّتي في السّوق.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم قال: البيوت الّتي ينزلها ابن السّبيل مأوًى من الحرّ والبرد وكنٌّ من المطر وحرزٌ لأنفسكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء ابن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ يعنى: ليس بها مساكن، وهي الخانات الّتي على طرق النّاس، للمسافر ليس فيها ساكنٌ، قال: لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذانٍ ولا تسليمٍ فيها يعنى: في البيوت الّتي في طرق النّاس، وروى عن مجاهدٍ في إحدى الرّوايات، والضّحّاك، والسّدّيّ نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بيوتًا غير مسكونةٍ كانوا يضعون بطريق المدينة أقتابًا وأمتعاتٍ في بيوتٍ ليس فيها أحدٌ، فأحلّت لهم أن يدخلوها بغير إذنٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قال: فلمّا نزلت آية التّسليم والإيذان في البيوت، قال أبو بكر بن أبي قحافة رضي اللّه عنه يا رسول اللّه: فكيف بتجّار قريشٍ الّذين يختلفون بين مكّة والمدينة، والشّام وبيت المقدس ولهم بيوتٌ معلومةٌ على الطّريق، فكيف يستأذنون ويسلّمون وليس فيها سكّانٌ، فرخّص اللّه في ذلك، فقال: ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ بغير إذنٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، أنبأ ابن المبارك، أنبأ محمّد بن يسارٍ عن قتادة بيوتًا غير مسكونةٍ أي: خربةً، وروي عن عكرمة نحو ذلك.
قوله تعالى: فيها متاعٌ لكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فيها متاعٌ لكم يعنى: منافع لكم من الحرّ والبرد.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة أنبأ ابن المبارك، أنبأ محمّد بن يسارٍ، عن قتادة فيها متاعٌ لكم منفعةٌ لكم وبلغةٌ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ فيها متاعٌ لكم قال: بلاغٌ لكم إلى حاجتكم.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، أنبأ إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ أنبأ حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ سمعت عطاءً يقول: فيها متاعٌ لكم الخلاء والبول.
قوله: واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: ما تكتمون قال: ما تغيّبون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2569-2570]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانوا يضعون بطريق المدينة أقتابا وأمتعة في بيوت ليس فيها أحد فأحل لهم أن يدخلوها بغير إذن). [تفسير مجاهد: 440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فإن لم تجدوا فيها أحدا} يقول: ان لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن وفي قوله {ليس عليكم جناح} قال: كانوا يضعون بطريق المدينة اقتابا وامتعات في بيوت ليس فيها أحد فأحلت لهم أن يدخلوها بغير أذن). [الدر المنثور: 11/14] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال: هي بالبيوت التي منزلها السفر لا يسكنها أحد). [الدر المنثور: 11/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن محمد بن الحنفية في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال: هي هذه الخانات التي في الطرق). [الدر المنثور: 11/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {فيها متاع لكم} قال: الخلاء والبول). [الدر المنثور: 11/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال: هي البيوت الخربة لقضاء الحاجة.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي، مثله). [الدر المنثور: 11/14-15]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله {فيها متاع لكم} يعني الخانات، ينتفع بها من المطر والبرد). [الدر المنثور: 11/15]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {بيوتا غير مسكونة} قال: هي البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله {فيها متاع لكم} قال: بلغة ومنفعة). [الدر المنثور: 11/15]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلم عليه يقول: حييت صباحا، وحييت مساء، وكان ذلك تحية القوم بينهم وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول: قد دخلت، فيشق ذلك على الرجل ولعله يكون مع أهله فغير الله ذلك كله في ستر وعفة فقال {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم} فلما نزلت آية التسليم في البيوت والاستئذان فقال أبو بكر: يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيهم سكان فرخص الله في ذلك، فأنزل الله {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} بغير اذن). [الدر المنثور: 11/15-16]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في الناسخ، وابن جرير عن ابن عباس قال {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} ففسح واستثنى من ذلك فقال {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم} ). [الدر المنثور: 11/16]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:38 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا} [النور: 27] سعيدٌ عن قتادة قال: وهو الاستئذان.
- {وتسلّموا على أهلها} [النور: 27] حدّثني أشعث، عن جعفر بن أبي وحشيّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ
[تفسير القرآن العظيم: 1/436]
قال: أخطأ الكاتب، حتّى تستأذنوا وتسلّموا على أهلها.
وقال مجاهدٌ: {حتّى تستأنسوا} [النور: 27] حتّى تنحنحوا وتنخّموا.
قال يحيى: وهي مقدّمةٌ مؤخّرةٌ: حتّى تسلّموا وتستأذنوا.
- الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين أنّ رجلًا استأذن على النّبيّ فقال: أدخل؟ فقال النّبيّ لرجلٍ عنده: قم فعلّم هذا كيف يستأذن فإنّه لم يحسن يستأذن، فسمعها الرّجل فسلّم واستأذن.
- عثمان وإبراهيم بن محمّدٍ، عن زيد بن أسلم قال: جئت ابن عمر في بيته فقلت: ألج؟ فأذن لي.
فدخلت فقال: يابن أخي، إذا استأذنت فلا تقل: ألج وقل: السّلام عليكم، فإذا قالوا: وعليك السّلام فقل: أدخل؟ فإذا قالوا: ادخل، فادخل.
- وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن أنّ الأشعريّ استأذن على عمر ثلاثًا فلم يؤذن له فرجع، فأرسل إليه عمر فقال: ما ردّك عن بابنا؟ فقال: قال رسول اللّه: «من استأذن ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع».
قال: لتجيئنّ على ذلك ببيّنةٍ أو لأجعلنّك نكالا.
فأتى طلحة، فجاء، فشهد له.
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن في تفسير هذا الحديث: الأولى إذنٌ، والثّانية مؤامرةٌ، والثّالثة عزمةٌ، إن شاءوا أذنوا وإن شاءوا ردّوا.
قال يحيى: كنّا ونحن نطلب الحديث إذا جئنا إلى باب الفقيه استأذن منّا رجلٌ مرّتين، فإن لم يؤذن لنا تقدّم آخر فاستأذن مرّتين، فإن لم يؤذن لنا تقدّم آخر فيستأذن مرّتين مخافة أن يستأذن الرّجل منّا ثلاثًا فلا يؤذن له، ثمّ يؤذن بعد فلا يستطيع أن يدخل لأنّه لم يؤذن له وقد أذن لغيره.
- وحدّثني ابن دينارٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا جاءك الرّسول فهو إذنك».
- وحدّثنا الحسن أو غيره عن الحسن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا تأذن المرأة من بيت زوجها وهو شاهدٌ إلا بإذنه».
[تفسير القرآن العظيم: 1/437]
- همّام بن يحيى، عن زيد بن أسلم أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه أستأذن على أمّي؟ قال: نعم.
- ابن لهيعة، عن أبي الزّبير قال: سئل جابر بن عبد اللّه أيستأذن الرّجل على والدته وإن كانت عجوزًا، أو على أخته وأخواته؟ قال: نعم.
- وحدّثني مالك بن أنسٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عطاء بن يسارٍ أنّ رجلا قال للنّبيّ: أستأذن على أمّي؟ فقال: «نعم».
قال إنّي أخدمها.
فقال: «استأذن عليها».
فعاوده ثلاثًا فقال: «أتحبّ أن تراها عريانةً؟».
قال: لا، قال: «فاستأذن عليها».
- وحدّثني نصر بن طريفٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عطاءٍ قال: كنّ لي أخواتٌ أنا معهنّ في بيتٍ، فحرصت على ابن عبّاسٍ أن يرخّص لي أن أدخل عليهنّ بغير إذنٍ، فأبى.
- ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ أنّ عليًّا قال: يستأذن الرّجل على كلّ امرأةٍ إلا على امرأته.
- وحدّثني الحسن، عن الحسن قال: استأذن عمر على رجلٍ ومعه نفرٌ فقال الرّجل: ادخل.
فقال عمر: ومن معي؟ فقال: ومن معك.
وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: ليس في الدّور إذنٌ.
قال يحيى: أظنّه يعني الدّار المشتركة الّتي فيها حجرٌ، وليس في الحوانيت إذنٌ.
سعيدٌ، عن داود بن أبي القصّاف، عن الشّعبيّ أنّه قال: إذنهم أنّهم جاءوا ببيوعهم فجعلوها فيها وقالوا للنّاس: هلمّ.
- وحدّثني الصّلت بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين، عن ابن عمر أنّه كان إذا جاء إلى بيوت التّجّار فسلّم ليدخل فقيل له: ادخل بسلامٍ، رجع ولم يدخل لقولهم: ادخل بسلامٍ.
قوله: {ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون} [النور: 27] لكي تذكّروا). [تفسير القرآن العظيم: 1/438]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حتّى تستأنسوا...}

يقول: تستأذنوا. ... حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس (حتى تستأنسوا): تستأذنوا قال: هذا مقدّم ومؤخّر؛ إنما هو حتى تسلموا وتستأذنوا. وأمروا أن يقولوا: السّلام عليكم أأدخل؟ والاستئناس في كلام العرب: اذهب فاستأنس هل ترى أحداً. فيكون هذا المعنى: انظروا من في الدار).
[معاني القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حتّى تستأنسوا} أي حتى تستأذنوا {وتسلّموا}.
والاستئناس: أن يعلم من في الدار. تقول: استأنست فما رأيت أحدا، أي استعملت وتعرّفت. ومنه: {فإن آنستم منهم رشداً} أي علمتم.
قال النابغة:
كأن رحلي وقد زال النهار بنا =بذي الجليل على مستأنس وحد
يعني ثورا أبصر شيئا فهو فزع). [تفسير غريب القرآن: 303]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى:{يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلّكم تذكّرون}
يقرأ بالضمّ والكسر، ولكن الضم أكثر، فمن ضمّ فعلى أصل الجمع.
يجمع بيت وبيوت مثل قلب وقلوب وفلس وفلوس، ومن قرأ بالكسر فإنما كسر للياء التي بعد الباء، وذلك عند البصريين رديء جدّا، لأنه ليس في كلام العرب فعول -بكسر الفاء-.
وقوله: {حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} معنى تستأنسوا في اللغة تستأذنوا، وكذلك هو في التفسير، والاستئذان الاستعلام، تقول آذنته بكذا أي أعلمته،
وكذلك آنست منه كذا وكذا - علمت منه،
وكذلك، {فإن آنستم منهم رشدا} أي علمتم.
فمعنى حتى تستأنسوا حتى تستعلموا أيريد أهلها أن يدخلوا أم لا، والدليل على أنه الإذن قوله: {فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم} ). [معاني القرآن: 4/39-38]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}
قال عبد الله بن عباس إنما هو حتى تستأذنوا
قال مجاهد هو التنحنح والتنخم
قال أبو جعفر الاستئناس في اللغة الاستعلام يقال استأنست فلم أر أحدا كما قال النابغة:
كأن رحلي وقد زال النهار بنا = بذي الجليل على مستأنس وحد
أي على ثور قد فزع فهو يستعلم ذلك ومنه قول الشاعر:
آنست نبأة وأفزعها القنا = ص عصرا وقد دنا الإمساء

ومنه قوله جل وعز: {فإن آنستم منهم رشدا} أي علمتم
ويبين لك هذا الحديث المرفوع
روى أبو بردة، عن أبي موسى الأشعري، قال: جئت إلى عمر بن الخطاب أستأذن عليه فقلت: السلام عليكم أندخل ثلاث مرات فلم يؤذن لي فقال: فهلا أقمت فقلت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليستأذن المرء المسلم على أخيه ثلاث مرات فإن أذن وإلا رجع فقال لتأتيني على هذا بمن يشهد لك أو لتنالنك مني عقوبة فجئت إلى أبي بن كعب فجاء فشهد لي
قال أبو جعفر فهذا يبين لك أن معنى حتى تستأنسوا حتى تستعلموا أيؤذن لكم أم لا). [معاني القرآن: 4/518-516]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حتى تَسْتَأْنِسُوا}: الاستئناس أن يعلم ما في الدار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 168]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا} [النور: 28] يعني البيوت المسكونة.
{فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم} [النور: 28] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا} [النور: 28] إن لم يكن فيها
[تفسير القرآن العظيم: 1/438]
متاعٌ فلا تدخلوها إلا بإذنٍ.
{وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} [النور: 28] سعيدٌ عن قتادة قال: لا تقف على باب قومٍ ردّوك عن بابهم فإنّ للنّاس حاجاتٍ ولهم أشغالٌ.
قال: {هو أزكى لكم} [النور: 28] خيرٌ لكم.
{واللّه بما تعملون عليمٌ} [النور: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/439]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم}
[معاني القرآن: 4/518]
المعنى حتى يأذن لكم أصحابها بالدخول لأنه لا ينبغي له أن يدخل إلى منزل غيره وإن علم أنه ليس فيه حتى يأذن له صاحبه). [معاني القرآن: 4/519]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} [النور: 29] يعني الخانات، وهي الفنادق.
{فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] ينزلها الرّجل في سفره فيجعل فيها متاعه، فليس عليه أن يستأذن في ذلك البيت لأنّه ليس له أهلٌ يسكنونه.
وقال السّدّيّ: {فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] منافع لكم من الحرّ والبرد.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: كانوا يضعون بالطّريق أقتابًا وأمتعةً في بيوتٍ ليس فيها أحدٌ فأحلّت لهم أن يدخلوها بغير إذنٍ.
وقال قتادة: {أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ} [النور: 29] أي: خربةٌ {فيها متاعٌ لكم} [النور: 29] فيها منفعةٌ.
قال: {واللّه يعلم ما تبدون} [النور: 29] ما تعلنون.
{وما تكتمون} [النور: 29] ما تسرّون في صدوركم). [تفسير القرآن العظيم: 1/439]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لّيس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ...}

وهي البيوت التي تتّخذ للمسافرين: الخانات وأشباهها.
وقوله:{فيها متاعٌ لّكم} أي منافع لكم. يقول تنتفعون بها وتستظلّون بها من الحرّ والبرد(... الفندتق مثل الخان قال: وسمعت أعرابياً من قضاعة يقول فنتق) ).[معاني القرآن: 2/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بيوتاً غير مسكونةٍ} بيوت الخانات.
{فيها متاعٌ لكم} أي منفعة لكم من الحر والبرد.
والستر، والمتاع: النّفع). [تفسير غريب القرآن: 303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والمتاع: المنفعة، قال الله تعالى: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ}، وقال تعالى: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} وقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}.
وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ}أي ينفعكم ويقيكم من الحرّ والبرد، يعني الخانات.
ومنه: متعة المطلّقة). [تأويل مشكل القرآن: 512] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون}
أي ليس عليكم جناح أن تدخلوا هذه بغير إذن.
وجاء في التفسير أنه يعنى بها الخانات، ويقال للخان فندق وفنتق. -بالدال والتاء - وإنما قيل: ليس عليكم جناح أن تدخلوا هذه البيوت لأنه حظر أن تدخل البيوت الّتي ليست لهم إلا بإذن، فأعلموا أن دخول هذه المواضع المباحة - نحو الخانات وحوانيت التجارة التي تباع فيها الأشياء ويبيح أهلها دخولها - جائز.
وقيل إنه يعنى بها الخربات التي يدخلها الرجل لبول أو غائط.
ويكون معنى: (فيها متاع لكم) بمعنى إمتاع، أي متفرّجون فيها مما بكم). [معاني القرآن: 4/39]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم}
قال مجاهد كانت بيوت في طرق المدينة يجعل الناس فيها أمتعتهم فأحل لهم أن يدخلوها بغير إذن
وروى سالم المكي عن محمد بن الحنفية قال هي بيوت الخانات والسوق
وقال الضحاك هي الخانات
وقال جابر بن زيد ليس يعني بالمتاع الجهاز وإنما هو البيت ينظر إليه أو الخربة يدخلها لقضاء حاجة وكل متاع الدنيا منفعة
وقال عطاء فيها متاع لكم للخلاء والبول
وهذه الأقوال متقاربة وأبينها قول مجاهد لأنه تعالى حظر عليهم بدءا أن يدخلوا غير بيوتهم ثم أذن لهم إذا كان لهم في بيوت غيرهم متاع على جهة اكتراء أو نظيره أن يدخلوا
والذي قاله غير مجاهد جائز في اللغة لأن يقال لكل منفعة متاع ومنه فمتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره). [معاني القرآن: 4/520-519]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) }

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:08 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:08 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 11:09 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم}
سبب هذه الآية فيما ذكر الطبري عن عدي بن ثابت أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله، إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها والد ولا ولد، وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال، فنزلت هذه الآية، ثم هي عامة في الأمة غابر الدهر من حيث هذه النازلة تختص بكل أحد في نفسه، وبيت الإنسان هو البيت الذي لا أحد معه فيه، أو البيت الذي فيه زوجته وأمته، وما عدا هذا فهو غير بيته، قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: ينبغي للإنسان ألا يدخل البيت الذي فيه أمه إلا بعد الاستئناس. وروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال: يا رسول الله، استأذن على أمي؟ قال: نعم. قال: إنما هي أمي ولا خادم لها غيري، قال: أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فاستأذن عليها، وكذلك كل
[المحرر الوجيز: 6/367]
ذات محرم منه لأنه لا ينبغي أن يراهن عاريات، وقالت زينب امرأة ابن مسعود: كان ابن مسعود إذا جاء بيته تنحنح مخافة أن يهجم على ما يكره.
و "تستأنسوا" معناه: تستعملوا، أي: تستعلموا من في البيت وتستبصروا، تقول: آنست إذا علمت عن حس وإذا أبصرت، ومنه قوله تعالى: {آنستم منهم رشدا فادفعوا}، وقوله: " آنست نارا "، ومنه قول حسان بن ثابت:
انظر خليلي بباب جلق هل تؤنس دون البلقاء من أحد
وقول الحارث:
آنست نبأة .... البيت
ووزن آنس: أفعل، واستأنس وزنه: استفعل، فكأن المعنى في "تستأنسون": تطلبون ما يؤنسكم ويؤنس أهل البيت منكم، وإذا طلب الإنسان أن يعلم أمر البيت الذي يريد دخوله فذلك يكون بالاستئذان على من فيه، أو بأن يتنحنح ويشعر بنفسه بأي وجه أمكنه، ويتأنى قدر ما يتحفظ، ويدخل إثر ذلك.
[المحرر الوجيز: 6/368]
وذهب الطبري في "تستأنسوا" إلى أنه بمعنى: حتى تؤنسوا أهل البيت من أنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه، وتؤنسوا أنفسكم بأن تعلموا أن قد شهر بكم. وتصريف الفعل يأبى أن يكون من آنس.
وذكر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ: "حتى تستأذنوا وتسلموا"، وهي قراءة أبي بن كعب، وحكاها أبو حاتم "حتى تسلموا وتستأذنوا"، قال ابن عباس: "تستأنسوا" خطأ أو وهم من الكتاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
مصاحف الإسلام كلها قد ثبت فيها "تستأنسوا"، وصح الإجماع فيها من لدن مدة عثمان رضي الله عنه، فهي التي لا يجوز خلافها، والقراءة "يستأذنوا" ضعيفة، وإطلاق الخطأ والوهم على الكتاب في لفظ أجمع الصحابة عليه قول لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنهما، والأشبه أن يقع "تستأذنوا" على التفسير، وظاهر ما حكى الطبري أنها قراءة، ولكن قد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: "تستأنسوا" بمعنى: تستأذنوا، ومما ينفي هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما أن "تستأنسوا" متمكنة في المعنى، بينة الوجه في كلام العرب، وقد قال عمر رضي الله عنه للنبي عليه السلام: أستأنس يا رسول الله؟ وعمر واقف على باب الغرفة ... الحديث المشهور، وذلك يقتضي أنه طلب الأنس به صلى الله عليه وسلم، فكيف يخطئ ابن عباس رضي الله
[المحرر الوجيز: 6/369]
عنهما أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه عليه في مثل هذا؟
وحكى الطبري أيضا بسند عن ابن جريج، عن ابن عباس، وعكرمة، والحسن بن أبي الحسن أنهم قالوا: نسخ واستثني من هذه الآية الأولى قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة}، وهذا أيضا لا يترتب فيه نسخ ولا استثناء؛ لأن الآية الأولى في البيوت المسكونة والمقصورة، والآية الثانية في المباحة، وكأن من ذهب إلى الاستثناء رأى الأولى عامة.
وصورة الاستئذان أن يقول الرجل: السلام عليكم، أدخل؟ فإن أذن له دخل، وإن أمر بالرجوع انصرف، وإن سكت عنه استأذن ثلاثا ثم ينصرف بعد الثلاث، فأما ثبوت ما ذكرته من صورة الاستئذان فروى الطبري أن رجلا جاء إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألج؟ أو أنلج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة: "قولي لهذا: يقول: السلام عليكم، أدخل؟"، فسمعه الرجل فقالها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ادخل". وروي أن ابن عمر رضي الله عنهما آذته الرمضاء يوما فأتى فسطاط امرأة من قريش، فقال: السلام عليكم، أدخل؟ فقالت المرأة: ادخل بسلام، فأعاد فأعادت، فقال لها: قولي: ادخل، فقالت ذلك فدخل، فكأنه توقف لما قالت: بسلام؛ لاحتمال اللفظ أن تريد: ادخل بسلامك لا بشخصك. ثم لكل قوم في الاستئذان عرفهم في العبارة. وأما ثبوت الرجوع بعد الاستئذان ثلاثا فلحديث أبي موسى الأشعري الذي استعمله مع عمر رضي الله عنه، وشهد به لأبي موسى أبو سعيد الخدري، ثم أبي بن كعب.. الحديث المشهور، وقال عطاء بن أبي رباح: الاستئذان واجب على كل محتلم، وسيأتي ذكر
[المحرر الوجيز: 6/370]
هذا. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رسول الرجل إذنه، أي: إذا أرسل في أحد فقد أذن له في الدخول. وقوله: {ذلكم خير لكم} تم الكلام عنده، وقوله: {لعلكم تذكرون} معناه: فعلنا ذلك بكم ونبهناكم لعلكم). [المحرر الوجيز: 6/371]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في قوله: {فإن لم تجدوا فيها} للبيوت التي هي بيوت الغير، وحكى الطبري عن مجاهد أنه قال: معنى قوله: {فإن لم تجدوا فيها أحدا}: إن لم يكن لكم فيها متاع، وضعف الطبري هذا التأويل، وكذلك هو في غاية الضعف، وكأن مجاهدا رأى أن البيوت غير المسكونة إنما تدخل دون إذن إذا كان فيها للداخل متاع، ورأى لفظة "المتاع" متاع البيت الذي هو البسط والثياب، وهذا كله ضعيف.
وأسند الطبري عن قتادة أنه قال: قال رجل من المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها، أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي: ارجع، فأرجع وأنا مغتبط لقوله تعالى: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}.
وقوله تعالى: {والله بما تعملون عليم} توعد لأهل التجسس على البيوت وطلب الدخول على غفلة للمعاصي والنظر إلى ما لا يحل، ولغيرهم مما يقع في محظور). [المحرر الوجيز: 6/371]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}
روي أن بعض الناس لما نزلت آية الاستئذان تعمق في الأمر، فكان لا يأتي موضعا خربا ولا مسكونا إلا سلم واستأذن، فنزلت هذه الآية، أباح الله تعالى فيها رفع الاستئذان في كل بيت لا يسكنه أحد؛ لأن العلة إنما هي في الاستئذان خوف الكشفة على الحرمات، فإذا زالت العلة زال الحكم.
ومثل أهل التأويل من هذه البيوت أمثلة، فقال محمد بن الحنفية، وقتادة، ومجاهد: هي الفنادق التي في طرق المسافرين، قال مجاهد: لا يسكنها أحد، بل هي
[المحرر الوجيز: 6/371]
موقوفة ليأوي إليها كل ابن سبيل، وفيها متاع لهم، أي استمتاع بمنفعتها، ومثل عطاء في بيوت غير مسكونة بالخرب التي يدخلها الإنسان للبول والغائط، ففي هذا أيضا متاع، وقال ابن زيد والشعبي: هي حوانيت القيساريات والسوق، وقال الشعبي: لأنهم جاؤوا ببيوعهم فجعلوها فيها وقالوا للناس: هلم، وهذا قول غلط قائله، وذلك أن بيوت القيسارية محظورة بأموال الناس، غير مباحة لكل من أراد دخولها بإجماع، ولا يدخلها إلا من أذن له بها، بل إن أربابها موكلون بدفع الناس عنها. وقال محمد بن الحنفية أيضا: أراد تعالى دور مكة، وهذا على القول بأنها غير متملكة، وأن الناس شركاء فيها، وأن مكة أخذت عنوة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو في هذه المسألة القول الضعيف، يرده قوله عليه الصلاة والسلام: وهل ترك لنا عقيل منزلا، وقوله: من دخل دار أبي سفيان ومن دخل داره، وغير ذلك من وجوه النظر.
وباقي الآية بين، ظاهره التوعد). [المحرر الوجيز: 6/372]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلّكم تذكّرون (27) فإن لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم واللّه بما تعملون عليمٌ (28) ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون (29)}
هذه آدابٌ شرعيّةٌ، أدّب اللّه بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان أمر اللّه المؤمنين ألّا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتّى يستأنسوا، أي: يستأذنوا قبل الدّخول ويسلّموا بعده. وينبغي أن يستأذن ثلاثًا، فإن أذن له، وإلّا انصرف، كما ثبت في الصّحيح: أنّ أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا، فلم يؤذن له، انصرف. ثمّ قال عمر: ألم أسمع صوت عبد اللّه بن قيسٍ يستأذن؟ ائذنوا له. فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلمّا جاء بعد ذلك قال: ما رجعك؟ قال: إنّي استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فلينصرف". فقال: لتأتينّ على هذا ببيّنةٍ وإلّا أوجعتك ضربًا. فذهب إلى ملأٍ من الأنصار، فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلّا أصغرنا. فقام معه أبو سعيدٍ الخدريّ فأخبر عمر بذلك، فقال: ألهاني عنه الصّفق بالأسواق.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر عن ثابتٍ، عن أنسٍ -أو: غيره أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم استأذن على سعد بن عبادة فقال:"السّلام عليك ورحمة اللّه". فقال سعدٌ: وعليك السّلام ورحمة اللّه ولم يسمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى سلّم ثلاثًا. وردّ عليه سعدٌ ثلاثًا ولم يسمعه. فرجع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واتّبعه سعدٌ فقال: يا رسول اللّه، بأبي أنت وأمّي، ما سلمت تسليمةً إلّا وهي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة. ثمّ أدخله البيت، فقرّب إليه زبيبًا، فأكل نبيّ اللّه. فلمّا فرغ قال: "أكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصّائمون".
وقد روى أبو داود والنّسائيّ، من حديث أبي عمرٍو الأوزاعيّ: سمعت يحيى بن أبي كثيرٍ يقول: حدّثني محمّد بن عبد الرّحمن بن سعد بن زرارة، عن قيس بن سعدٍ -هو ابن عبادة -قال: زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في منزلنا، فقال: "السلام عليكم ورحمة الله". فرد سعد ردا خفيًّا، قال قيسٌ: فقلت: ألا تأذن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال: ذره يكثر علينا من السّلام. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:"السّلام عليكم ورحمة اللّه". فردّ سعدٌ ردًا خفيًّا، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " السّلام عليكم ورحمة اللّه" ثمّ رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، واتّبعه سعدٌ فقال: يا رسول اللّه، إنّي كنت أسمع تسليمك، وأردّ عليك ردًّا خفيًّا، لتكثر علينا من السّلام. قال: فانصرف معه [رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر له سعدٌ بغسلٍ، فاغتسل، ثمّ ناوله ملحفة مصبوغةً] بزعفرانٍ -أو: ورس -فاشتمل بها، ثمّ رفع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يديه وهو يقول: "اللّهمّ اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة". قال: ثمّ أصاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الطّعام، فلمّا أراد الانصراف قرّب إليه سعدٌ حمارًا قد وطّأ عليه بقطيفةٍ، فركب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال سعدٌ: يا قيس، اصحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال قيسٌ: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اركب". فأبيت، فقال: "إمّا أن تركب وإمّا أن تنصرف". قال: فانصرفت.
وقد روي هذا من وجهٍ آخر فهو حديثٌ جيّدٌ قويٌّ، واللّه أعلم.
ثمّ ليعلم أنّه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل ألّا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليكن الباب، عن يمينه أو يساره؛ لما رواه أبو داود: حدّثنا مؤمّل بن الفضل الحرّانيّ -في آخرين -قالوا: حدّثنا بقيّة، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن بسر قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أتى باب قومٍ، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: "السّلام عليكم، السّلام عليكم". وذلك أنّ الدّور لم يكن عليها يومئذٍ ستورٌ. تفرد به أبو داود.
وقال أبو داود أيضًا: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، (ح) قال أبو داود: وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن طلحة، عن هزيل قال: جاء رجلٌ -قال عثمان: سعدٌ -فوقف على باب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يستأذن، فقام على الباب -قال عثمان: مستقبل الباب -فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "هكذا عنك -أو: هكذا -فإنّما الاستئذان من النّظر".
وقد رواه أبو داود الطّيالسيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن الأعمش عن طلحة بن مصرّف، عن رجلٍ، عن سعدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. رواه أبو داود من حديثه.
وفي الصّحيحين، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لو أنّ امرأً اطّلع عليك بغير إذنٍ فخذفته بحصاةٍ، ففقأت عينه، ما كان عليك من جناحٍ".
وأخرج الجماعة من حديث شعبة، عن محمّد بن المنكدر، عن جابرٍ قال: أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: "من ذا"؟ قلت: أنا. قال: "أنا، أنا" كأنّه كرهه.
وإنّما كره ذلك لأنّ هذه اللّفظة لا يعرف صاحبها حتّى يفصح باسمه أو كنيته الّتي هو مشهورٌ بها، وإلّا فكلّ أحدٍ يعبّر عن نفسه بـ"أنا"، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان، الّذي هو الاستئناس المأمور به في الآية.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: الاستئناس: الاستئذان. وكذا قال غير واحدٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّار، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا} قال: إنّما هي خطأٌ من الكاتب، "حتّى تستأذنوا وتسلّموا".
وهكذا رواه هشيم، عن أبي بشرٍ -وهو جعفر بن إياسٍ -به. وروى معاذ بن سليمان، عن جعفر بن إياسٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، بمثله، وزاد: وكان ابن عبّاسٍ يقرأ: "حتّى تستأذنوا وتسلّموا"، وكان يقرأ على قراءة أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه.
وهذا غريبٌ جدًّا عن ابن عبّاسٍ.
وقال هشيم أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: في مصحف ابن مسعودٍ: "حتّى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا". وهذا أيضًا روايةٌ عن ابن عبّاسٍ، وهو اختيار ابن جريرٍ.
وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا روح، حدّثنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن أبي سفيان: أنّ عمرو بن أبي صفوان أخبره، أنّ كلدة بن الحنبل أخبره، أنّ صفوان بن أميّة بعثه في الفتح بلبأ وجداية وضغابيس، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بأعلى الوادي. قال: فدخلت عليه ولم أسلّم ولم أستأذن. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ارجع فقل: السّلام عليكم، أأدخل؟ " وذلك بعدما أسلم صفوان.
ورواه أبو داود والتّرمذيّ والنّسائيّ من حديث ابن جريجٍ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من حديثه.
وقال أبو داود: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا أبو الأحوص، عن منصورٍ، عن ربعي قال: حدّثنا رجلٌ من بني عامرٍ استأذن على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو في بيته، فقال: أألج؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لخادمه: "اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان، فقل له: قل: السّلام عليكم، أأدخل؟ " فسمعه الرّجل فقال: السّلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فدخل.
وقال هشيم: أخبرنا منصورٌ، عن ابن سيرين -وأخبرنا يونس بن عبيدٍ، عن عمرو بن سعيدٍ الثّقفيّ -أنّ رجلًا استأذن على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: أألج -أو: أنلج؟ -فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأمةٍ له، يقال لها روضة: "قومي إلى هذا فعلّميه، فإنّه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول: السّلام عليكم، أأدخل". فسمعها الرّجل، فقالها، فقال: "ادخل".
وقال التّرمذيّ: حدّثنا الفضل بن الصّباح، حدّثنا سعيد بن زكريّا، عن عنبسة بن عبد الرّحمن، عن محمّد بن زاذان، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "السّلام قبل الكلام".
ثمّ قال التّرمذيّ: عنبسة ضعيف الحديث ذاهبٌ، ومحمّد بن زاذان منكر الحديث.
وقال هشيم: قال مغيرة: قال مجاهدٌ: جاء ابن عمر من حاجةٍ، وقد آذاه الرّمضاء، فأتى فسطاط امرأةٍ من قريشٍ، فقال: السّلام عليكم، أأدخل؟ قالت: ادخل بسلام. فأعاد، فأعادت، وهو يراوح بين قدميه، قال: قولي: ادخل. قالت: ادخل، فدخل.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو نعيمٍ الأحول، حدّثنا خالد بن إياسٍ، حدّثتني جدّتي أمّ إياسٍ قالت: كنت في أربع نسوةٍ نستأذن [على عائشة] فقلت: ندخل؟ قالت: لا قلن لصاحبتكنّ: تستأذن. فقالت: السّلام عليكم، أندخل؟ قالت: ادخلوا، ثمّ قالت: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} [الآية].
وقال هشيم: أخبرنا أشعث بن سوّار، عن كردوس، عن ابن مسعودٍ قال: عليكم أن تستأذنوا على أمّهاتكم وأخواتكم. قال أشعث، عن عديّ بن ثابتٍ: إنّ امرأةً من الأنصار قالت: يا رسول اللّه، إنّي أكون في منزلي على الحال الّتي لا أحبّ أن يراني أحدٌ عليها، والدٌ ولا ولدٌ، وإنّه لا يزال يدخل عليّ رجلٌ من أهلي، وأنا على تلك الحال؟ قال: فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}.
وقال ابن جريجٍ: سمعت عطاء بن أبي رباحٍ يخبر عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، قال: ثلاث آياتٍ جحدها النّاس: قال اللّه: {إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم} [الحجرات: 13]، قال: ويقولون: إنّ أكرمهم عند اللّه أعظمهم بيتًا. قال: والإذن كلّه قد جحده النّاس. قال: قلت: أستأذن على أخواتي أيتامٍ في حجري، معي في بيتٍ واحدٍ؟ قال: نعم. فرددت ليرخّص لي، فأبى. قال: تحبّ أن تراها عريانةً؟ قلت: لا. قال: فاستأذن. قال: فراجعته أيضًا، فقال: أتحبّ أن تطيع اللّه؟ قلت: نعم. قال: فاستأذن.
قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوسٍ عن أبيه قال: ما من امرأةٍ أكره إليّ أن أرى عريتها من ذات محرمٍ. قال: وكان يشدّد في ذلك.
وقال ابن جريجٍ، عن الزّهريّ: سمعت هزيل بن شرحبيل الأوديّ الأعمى، أنّه سمع ابن مسعودٍ يقول: عليكم الإذن على أمّهاتكم.
وقال ابن جريجٍ: قلت لعطاءٍ: أيستأذن الرّجل على امرأته؟ قال: لا.
وهذا محمولٌ على عدم الوجوب، وإلّا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئةٍ لا تحبّ أن يراها عليها.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثنا القاسم، [قال] حدّثنا الحسين، حدّثنا محمّد بن حازمٍ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أخي زينب -امرأة عبد اللّه بن مسعودٍ -، عن زينب، رضي اللّه عنها، قالت: كان عبد اللّه إذا جاء من حاجةٍ فانتهى إلى الباب، تنحنح وبزق؛ كراهية أن يهجم منّا على أمرٍ يكرهه. إسنادٌ صحيحٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنان الواسطيّ، حدّثنا عبد اللّه بن نمير، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي هبيرة قال: كان عبد اللّه إذا دخل الدّار استأنس -تكلّم ورفع صوته.
[و] قال مجاهدٌ: {حتّى تستأنسوا} قال: تنحنحوا -أو تنخّموا.
وعن الإمام أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه، أنّه قال: إذا دخل الرّجل بيته، استحبّ له أن يتنحنح، أو يحرّك نعليه.
ولهذا جاء في الصّحيح، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى أن يطرق الرّجل أهله طروقًا -وفي رواية: ليلًا يتخوّنهم.
وفي الحديث الآخر: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قدم المدينة نهارًا، فأناخ بظاهرها، وقال: "انتظروا حتّى تدخل عشاءٌ -يعني: آخر النّهار -حتّى تمتشط الشّعثة وتستحدّ المغيبة".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عبد الرّحمن بن سليمان، عن واصل بن السّائب، حدّثني أبو سورة ابن أخي أبي أيّوب، عن أبي أيّوب قال: قلت: يا رسول اللّه، هذا السّلام، فما الاستئناس؟ قال: "يتكلّم الرّجل بتسبيحةٍ وتكبيرةٍ وتحميدةٍ، ويتنحنح فيؤذن أهل البيت". هذا حديثٌ غريبٌ.
وقال قتادة في قوله: {حتّى تستأنسوا} قال: هو الاستئذان. [قال: وكان يقال: الاستئذان] ثلاثٌ، فمن لم يؤذن له فيهنّ، فليرجع. أمّا الأولى: فليسمع الحيّ، وأمّا الثّانية: فليأخذوا حذرهم، وأمّا الثّالثة: فإن شاءوا أذنوا وإن شاءوا ردّوا. ولا تقفنّ على باب قومٍ ردّوك عن بابهم؛ فإنّ للنّاس حاجاتٍ ولهم أشغالٌ، واللّه أولى بالعذر.
وقال مقاتل بن حيّان في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها} كان الرّجل في الجاهليّة إذا لقي صاحبه، لا يسلّم عليه، ويقول: حيّيت صباحًا وحيّيت مساءً، وكان ذلك تحيّة القوم بينهم. وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتّى يقتحم، ويقول: "قد دخلت". فيشقّ ذلك على الرّجل، ولعلّه يكون مع أهله، فغيّر اللّه ذلك كلّه، في سترٍ وعفّة، وجعله نقيًّا نزهًا من الدّنس والقذر والدرن، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}.
وهذا الّذي قاله مقاتلٌ حسنٌ؛ ولهذا قال: {ذلكم خيرٌ لكم} يعني: الاستئذان خيرٌ لكم، بمعنى: هو خيرٌ للطّرفين: للمستأذن ولأهل البيت، {. لعلّكم تذكّرون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 35-41]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فإن لم تجدوا فيها أحدًا فلا تدخلوها حتّى يؤذن لكم}، وذلك لما فيه من التّصرّف في ملك الغير بغير إذنه، فإن شاء أذن، وإن شاء لم يأذن {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} أي: إذا ردّوكم من الباب قبل الإذن أو بعده {فارجعوا هو أزكى لكم} أي: رجوعكم أزكى لكم وأطهر {والله بما تعملون عليم}.
وقال قتادة: قال بعض المهاجرين: لقد طلبت عمري كلّه هذه الآية فما أدركتها: أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: "ارجع"، فأرجع وأنا مغتبطٌ [لقوله]، {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم واللّه بما تعملون عليمٌ}.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} أي: لا تقفوا على أبواب النّاس). [تفسير ابن كثير: 6/ 41]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم واللّه يعلم ما تبدون وما تكتمون} هذه الآية الكريمة أخصّ من الّتي قبلها، وذلك أنّها تقتضي جواز الدّخول إلى البيوت الّتي ليس فيها أحدٌ، إذا كان له فيها متاعٌ، بغير إذنٍ، كالبيت المعدّ للضّيف، إذا أذن له فيه أوّل مرّةٍ، كفى.
قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: {لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم}، ثمّ نسخ واستثنى فقال {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتًا غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم}: وكذا روي عن عكرمة، والحسن البصريّ.
وقال آخرون: هي بيوت التّجّار، كالخانات ومنازل الأسفار، وبيوت مكّة، وغير ذلك. واختار ذلك ابن جريرٍ، وحكاه، عن جماعةٍ. والأوّل أظهر، واللّه أعلم.
وقال مالكٌ عن زيد بن أسلم: هي بيوت الشّعر). [تفسير ابن كثير: 6/ 41]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة