العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #76  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الحرف الذي كتب عليه المصحف من الأحرف السبعة | غير مصنف
اشتهر عند الكاتبين أن عثمان رضي الله عنه قد اختار حرف زيد لما رام كتابة المصحف الإمام لكون زيد من أحسنهم خطا وضبطا، وأحضرهم فهما، وأكثرهم كتابة للوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأقربهم عهدا بالعرضة الأخيرة، ولوقوع اختيار الشيخين عليه في كتابة المصحف الأول وتعليلهم هذا الاختيار بكون زيد شابا عاقلا لا يتهم قد كتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت هذه الخصال من أهم البواعث لعثمان بن عفان رضي الله عنه على اختيار زيد لكتابة المصحف الإمام، وقد صوب الصحابة صنيعه ووافقوه على اختياره.
وقد عقد القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار لنقل القرآن بابا في ذكر الأدلة على صواب عثمان رضي الله عنه في اختيار حرف زيد دون غيره.
[566]
وقد مر نقل الحافظ بن حجر في الفتح لكلام أهل العلم في هذه المسألة، وقد أثبته بنصه في مسألة جمع المصحف من هذا البحث مما أغنى عن إعادته هنا.
[567]


رد مع اقتباس
  #77  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الحلف بالمصحف والحلف عليه | غير مصنف

الكلام على هذه المسألة ينتظم أمورا عدة:
أحدها: الحلف بالمصحف حكمه وانعقاده يمينا مكفرة، ومقدار الكفارة الواجبة بالحنث فيه.
والأمر الثاني: الحلف على المصحف وحكم ذلك وكيفيته.
الأمر الثالث: من حلف بحق المصحف ومدى انعقاد ذلك يمينا.
الأمر الرابع: الحلف بالبراءة من المصحف، وتكييف هذا اليمين من الناحية الفقهية.
الأمر الخامس: الحلف بقوله محوت المصحف ومدى انعقاد ذلك يمينا ووجه انعقاده.
أولا الحلف بالمصحف:
لأهل العلم في مسألة الحلف بالمصحف وكونه يمينا منعقدة قولان في الجملة:
أحدهما: أن الحلف بالمصحف جائز ويكون يمينا منعقدة والحنث فيها موجبا للكفارة، لأن الحالف بالمصحف إنما قصد المكتوب فيه وهو القرآن، فإنه عبارة عما بين الدفتين بالإجماع، والقرآن كلام الله وهو صفة من صفاته تعالى الذاتية، والحلف بصفاته تعالى جائز كالحلف بأسمائه تعالى، وهذا مذهب جمهور أهل العلم؛ بل إن عبد البر في التمهيد، والوزير ابن هبيرة في الإفصاح ، وقد ذهبا إلى
[568]
القول بأن جواز الحلف بالمصحف واعتباره يمينا منعقدة محل إجماع بين علماء المسلمين ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بقوله..
قال الوزير: (قلت إن من خالف هذا لا يعتد بقوله لكوني أعلم أنه ليس بقول صحيح، لكن لم أعلم أني سبقت إليه حتى رأيت بعد ذلك في كتاب " التمهيد" لابن عبد البر هذه المسألة بعينها، وقد حكى فيها أقوال الصحابة والتابعين واختلافهم في قدر الكفارة مع اتفاقهم على إيجابها، ثم قال: ولا مخالف في هذا الأمر إلا من لا يعتد بقوله. وذكر كلاما كثيرا على عادته في البسط، وأشار إلى توهين المخالفين لذلك بما هو مسطور في كتابه، لمن آثر الوقوف عليه فالحمد لله على التوفيق).
والقول بجواز الحلف بالمصحف هو مشهور مذهب الإمام مالك، وهو مذهب الشافعية
[569]
والحنابلة ومتأخري فقهاء الحنفية.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بأنه لا يجوز الحلف بالمصحف، وأن الحلف به لا ينعقد يمينا، وهذا مذهب أبي حنيفة ومتقدمي أصحابه، وهو رواية عن الإمام مالك نقله عنه علي ابن زياد، وشذذها ابن رشد في موضع من كتبه، وحملها على جسم المصحف ومادته وما لا يجوز الحلف به.
[570]
لكن القرافي قد منع رواية منع الحلف بالمصحف عن الإمام مالك على إطلاقها، وصرح بموافقة مالك لأبي حنيفة في هذه الرواية واختارها وانتصر لها.
وقد حكى ابن حزم في المحلى القول بعدم جواز الحلف بالمصحف عن عطاء وأبي حنيفة واختاره وانتصر له.
[573]
وقد اختلف تعليل المنع من الحلف بالمصحف عند القائلين به، فمنهم من علله بكونه حلفا بمخلوق، والحلف بالمخلوق لا يجوزن وفرق بين الحلف بالمصحف والحلف بالقرآن هو تعليل ابن رشد لرواية المنع.
ومنهم من سوى بينهما ولم يسلم بكون القرآن المكتوب في المصاحف صفة ذاتية لله عزوجل، وقصر ذلك على المعنى القائم في نفسه تعالى، وهذا مذهب القائلين بخلق القرآن.
ومنهم من علل عدم جواز الحلف بالمصحف بعدم ورود النص في جوازه، وأن الحلف لا يجوز إلا بما ورد به النص، وهذا هو الذي صرح به ابن حزم في المحلى.
ومنهم من علل منع الحلف بالمصحف بكونه غير متعارف، وهذا هو الذي تناقله متأخرو الحنفية.
مقدار الكفارة :
ثم إن الجمهور حين قالوا بجواز الحلف بالمصحف وكونه يمينا منعقدة موجبة
[574]
للكفارة حال الحنث فيها قد اختلفوا في مقدار تلك الكفارة. قال الوزير ابن هبيرة في إفصاحه: (واختلفوا فيما إذا حلف بالمصحف. فقال مالك وأحمد: تنعقد يمينه، فإن حنث فعليه الكفارة. وهو مذهب الشافعي أيضا). وأشار إلى حكاية ابن عبد البر في التمهيد لأقوال الصحابة والتابعين واختلافهم في قدر الكفارة مع اتفاقهم على إيجابها. قال الوزير: (واختلف مالك وأحمد في قدر الكفارة إذا حنث، وكان حالفا بالمصحف، فقال مالك: كفارة واحدة، وهو كمذهب الشافعي. وعن أحمد روايتان: إحداهما كمذهب مالك في إيجاب كفارة واحدة، والأخرى يلزمه بكل آية كفارة).
قال ابن مفلح في الفروع: (وإن حلف بكلام الله أو المصحف أو القرآن أو آية فكفارة، ومنصوصة: بكل آية إن قدر. وعنه: أولا. وفي الفصول وجه: بكل حرف. وفي الروضة: أما بالمصحف فكفارته واحدة، رواية واحدة).
وذكر المرداوي في الإنصاف قول المقنع: (وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة، وكذا لو حلف بسورة منه أو آية، هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب. وعنه: وعليه بكل آية كفارة).
قال الزركشي:( نص عليه في رواية حرب وغيره، وحمله الموفق على الاستحباب). قال الزركشي: (وقول أحمد للوجوب أقرب، لأن أحمد رحمه الله إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز انتهى. وعنه عليه بكل آية كفارة، وإن لم يقدر. وذكر في الفصول وجها: عليه بكل حرف كفارة. وقال في الروضة: أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة، رواية واحدة).
ووجه إيجاب كفارة واحدة على من حلف بالمصحف ثم حنث أن الحلف بالمصحف حلف بما تضمنه من قرآن، وهو صفة من صفاته تعالى الذاتية، ولأنه لو
[575]
تكررت اليمين بصفة من صفاته تعالى وجبت كفارة واحدة، فإذا كانت اليمين واحدة كان أولى.
ووجه القول بإيجاب كفارات بعدد الآيات ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "عليه بكل آية يمين"، وبه قال الحسن البصري وابن المبارك.
وقال أحمد: ما أعلم شيئا يدفعه
[576[
ثانيا: الحلف على المصحف:
وقد يعمد بعض القضاة إلى شخص توجهت عليه يمين رام تغليظها فيحلفه على المصحف كوجه من وجوه تغليظ اليمين وتأكيدها، وقد اختلف أهل العلم في مشروعية ذلك، وحكى الإمام الشافعي التحليف على المصحف على سبيل التغليظ عن بعض حكام الآفاق واستحسنه، وذكر أنه رأى قضاة اليمن يحلفون على المصحف وسمى منهم قاضي صنعاء في زمانه مطرف بن مازن الصنعاني، وكان
[577]
مطرف يحلف على المصحف ويحكي ذلك عن ابن عباس وابن الزبير، بيد أن ابن العربي لم يسلم صحة الرواية عن ابن عباس.
والقول بمشروعية التحليف على المصحف هو مقتضى صنيع كعب بن سور الأزدي قاضي البصرة في عهد عمر حيث كان كعب يحلف أهل الذمة بحضرة كتبهم التي يعظمونها. وحكى ابن المنذر مشروعية التحليف على المصحف عن قتادة
[578]
والحسن البصري وأحمد وإسحاق، وذكر ابن العربي أن التغليظ في اليمين عند المالكية يكون بستة أوجه الثالث منها بالمصحف.
قال ابن فرحون في التبصرة: ( وكان ابن لبابة يفتي في المريضة تجب عليها اليمين في مقطع الحق أنها تحلف في بيتها على المصحف).
غير أن جمهور أهل العلم بما فيهم الحنفية والمالكية لا يقولون بمشروعية الحلف على المصحف، وقال ابن المنذر: (وأجمعوا على أنه لا ينبغي للحاكم أن يستحلف بالطلاق والعتاق والمصحف).
[579]
ووصف ابن العربي في تفسيره التغليظ بالتحليف على المصحف بكونه بدعة ما ذكرها أحد قط من الصحابة وذكر ابن قدامة في المغني عن ابن المنذر أنه قال لم نجد أحدا يوجب اليمين بالمصحف قال: وقال الشافعي رأيتهم يؤكدون بالمصحف، ورأيت ابن مازن وهو قاضي بصنعاء يغلظ اليمين بالمصحف قال أصحابه: فيغلظ عليه بإحضار المصحف لأنه يشتمل على كلام الله تعالى وأسمائه وهذه زيادة على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين وفعله الخلفاء الراشدون وقضاتهم من غير دليل ولا حجة يستند إليها ولا يترك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لفعل ابن مازن ولا غيره.. وقد مضى ذكر كيفية التحليف على المصحف عند القائلين به.
الحلف بحق المصحف:
واختلف أهل العلم أيضا في قول الحالف وحق المصحف، فاعتبره جمهور المالكية يمينا، وهو ظاهر كلام أصحابنا الحنابلة، وذهب أكثر أهل العلم إلى عدم اعتباره يمينا، وهو مذهب القائلين بمنع الحلف بالمصحف قاطبة كجمهور الحنفية.
[580]
وذهب أكثر أهل العلم إلى اعتباره يمينا وهو مذهب القائلين بمنع الحلف بالمصحف قاطبة كجمهور الحنفية، وهو اختيار أبي علي الطبري من فقهاء الشافعية، وهو الذي نصره ابن حزم في المحلى.
الحلف بالبراءة من المصحف:
ذهب فريق من أهل العلم إلى القول باعتبار قول الحالف أنا بريء من المصحف يمينا موجبا للكفارة، لأنه ضرب من الإلزامات، وهو مقتضى أشهر الروايتين عن الإمام أحمد في من قال أنا بريء من القرآن على سبيل الحلف، وأن ذلك يكون منه يمينا تجب الكفارة في الحنث فيه، وفرق بعض فقهاء الحنفية بين قول الحالف أنا بريء من المصحف وبين أنا بريء مما في المصحف، فاعتبروا الثانية يمينا دون الأولى، وروي عن الإمام أحمد أن ذلك لا يعتبر يمينا، وحكى عنه رواية ثالثة بالتوقف.
الحلف بمحو المصحف:
قال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي في تذكرته: (قال أصحابنا: فإن قال محوت المصحف لم يكن يمينا، وروي عن أحمد مثله. وعندي أنه يمين، لأن الحالف لم يقصد بقوله محوته إلا لإسقاط الحرمة والإهانة فصار يمينا كقوله هو يهودي، لأن من
[581]
أسقط حرمته كان كافرا).
وقد ذكر بعض الأصحاب أيضا أن أبا الوفاء قد أجرى الروايتين في قوله: محوت المصحف لإسقاط حرمته، وعصيت الله في كل ما أمرني به، واختار وجوب الكفارة في قوله محوت المصحف كذا في الإنصاف، بيد أن عبارة الفروع تشعر بأن أبا الوفاء قد تفرد باعتبار ذلك يمينا، حيث قال ابن مفلح: (وكذا عند ابن عقيل وحده "محوت المصحف لإسقاط حرمته").
[582]


رد مع اقتباس
  #78  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

حمل المصحف حال الحدث | غير مصنف

لا يخلو حمل المصحف حال الحدث من أن يكون حملا معه مس مباشر للمصحف، أو أن يكون حملا بواسطة كعلاقته وخريطته، أو حمله على وسادة مثلا، فإن كان الحمل للمصحف مصحوبا بمسه مباشرة جرى فيه الخلاف السالف في مسألة الطهارة لمس المصحف، وإذا كان الحمل مجردا عن المس بأن كان حملا بواسطة فجمهور أهل العلم على القول بإباحته في حق المحدث مطلقا، وسواء كان حدثه أصغر أو أكبر، أو كان جنبا أو حائضا، لأنه لا يعد ماسا للمصحف ما دام حمله له بواسطة.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف حال الحدث ولو كان الحمل بواسطة، إلا أن يكون مضطرا إلى حمله، كالخوف عليه من غرق أو حرق، أو وقوع في نجاسة أو يد كافر أو طفل مجنون، فيلزمه حين إذ حمله ولو كان محدثا.
والقول بجواز حمل المحدث للمصحف بواسطة محكي عن طائفة من السلف كالحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير،
[583]
وأبي وائل، وأبي رزين ، وسفيان الثوري، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد بن حنبل.
وهو قول مرجوح عند الشافعية ضعفه النووي، وهو المعتمد عند متأخري
[584]
المالكية في حق المتعلم والمعلم خاصة على ما مر بيانه في غير موضع من هذا البحث.
وقد ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف بعلاقته أو خريطته أو نحوهما من الوسائط جمهور أهل الحنفية؛ وخاصة المتأخرون منهم، وهو المشهور عند المالكية في غير مقام التعلم والتعليم، كما ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة جمهور الشافعية؛ بل ضعف بعضهم الوجه المحكي بالجواز.
والقول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة رواية ثانية عن الإمام أحمد، حكاها ابن هبيرة وابن مفلح، على أن القاضي في الروايتين والوجهين قد قال بأنه لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف.
[585]
أثر القصد في حكم حمل المصحف:
قال الهيتمي في التحفة بعد أن تكلم عن منع المحدث من حمل المصحف: (ومثله حمل حامل المصحف بقصده، لأن المصحف تابع حينئذ، أي بالنسبة للقصد فلا فرق بين كبر جرم المتاع وصغره، كما شمله إطلاقهم أو مطلقا على ما اقتضاه كلام الرافعي، وجرى عليه شيخنا وغيره، لكن قضية ما في المجموع عن الماوردي الحرمة، وهي قياس ما يأتي في استواء التفسير والقرآن، وفي بطلان الصلاة إذا أطلق فلم يقصد تفهيما ولا قراءة، ويؤيده تعليلهم الحل في الأولى بأنه لم يخل بالتعظيم إذ حمله هنا يخل لعدم قصد يصرفه عنه، فإن قصد المصحف حرم ، وإن قصدها فقضية عبارة سليم؛ بل صريحها الحرمة خلافا للأذرعي، وجرى عليها غير واحد من المتأخرين، وهو القياس، وجرى آخرون أخذا من العزيز على الحل).
وقال الرملي في النهاية: (ولو حمل حامل المصحف لم يحرم، لأنه غير حامل له عرفا).
قال الشبراملسي في حاشيته على النهاية: (" قوله ولو حمل حامل المصحف" أي ولو كان بقصد حمل المصحف، ثم ظاهر عبارته أنه لا فرق في الحامل للمصحف بين الكبير والصغير الذي لا ينسب إليه حمل، وأنه لا فرق بين الآدمي وغيره، ويؤيده ما علل به من العرف، ووجه التأييد أنه في العرف يقال هو حامل للطفل، لكن بهامش عن بعضهم تقييده بما إذا كان الحامل ينسب إليه الحمل: أي بحيث يستقل بحمله لو انفرد أ.ه وينبغي عدم التقييد بذلك.
"قوله لم يحرم" وإن قصد المصحف خلافا لحج حيث قال بالحرمة، إذا قصد المصحف). وقال العبادي في حاشيته على التحفة: ("قوله ومثله حمل حامله" قضيته أن يجري فيه تفصيل المتاع في القصد وعدمه، وهو كما قال في شرح العباب أنه لا يبعد. وقد يقال: المتجه الحل مطلقا، لأن حمل حامله لا يعد حملا له، فلا اعتبار بقصده).
[586]
وذكر الشرواني في حاشيته على التحفة أيضا نحوا مما مر، إلا أن قال: (وعبارة شيخنا ولا يحرم حمل حامله مطلقا عند العلامة الرملي. وقال العلامة ابن حجر: فيه تفصيل الأمتعة. وقال الطبلاوي: إن نسب الحمل إليه بأن كان الحامل للمصحف صغيرا وإلا فلا).
ولم يظهر لي وجه القول بمنع المحدث من حمل المصحف بواسطة، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار كون المنع من مس المصحف تعبديا، وما هذا سبيله يقتصر فيه على مورد النص، وهو المس المباشر..فأما الحمل بواسطة فليس بمس، فلا يكون داخلا في مورد النص المانع من المس، ثم وجدت محقق الخلافيات للبيهقي قد ذكر قول ابن الملقن في خلاصة البدر المنير عن حديث حكيم بن حزام: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر".
قال الرافعي: (ويروي أنه قال: "لا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهر". قال: قلت غريبة).
وقال ابن حجر في تلخيص الحبير: (هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات، وأما المس ففيه الأحاديث الماضية).
[587]


رد مع اقتباس
  #79  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

اليمين للمصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
ولما كان المصحف أشرف كتاب فى الوجود اقتضى شرفه هذا أن يخص بأشرف الجوارح لمباشرته , وذلك باستعمال اليد اليمنى حال القدرة – عند تناوله وتقليب أوراقه تكريما له وحفاوة به , وقد مضى فى مسألة " التيامن فى تناول المصحف " ذكر كلام أبى حامد الغزالى , وابن مفلح فى هذا الشأن فليعاوده فيها من رامه ).{795}


رد مع اقتباس
  #80  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الدعاء عند أخذ المصحف والنظر فيه وختمه | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (ذكر أبو منصور الثعالبي في الاقتباس: (الدعاء عند أخذ المصحف: (ربنا ءامنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)).
وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكار: (وقال نافع: "وكان ابن عمر إذا نظر في المصحف ليقرأ بدأ، فقال: اللهم أنت هديتني ولو شئت لم أهتد، لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك انت الوهاب").
وقد مر في ختم المصحف النقل في استحباب الدعاء عند ختمه، وينبغي التحرز من الأدعية المبتدعة.
وقد ذكر ابن الحاج في المدخل نموذج منها، حيث قال: (ومثل ذلك قولهم حين مناولتهم المصحف والكتاب لفظة: "حاشاك").
[593]


رد مع اقتباس
  #81  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

تنكيس المصحف | غير مصنف
ماهية التنكيس:
قال ابن فارس: ( النون والكاف والسين أصل يدل على قلب الشيء، منه النكس قلبك شيئا على رأسه).
وقال ابن الأثير في النهاية نحوا من ذلك.
وقال ابن منظور في اللسان: (نكس: النكس قلب الشيء على رأسه، نكسه ينكسه نكسا فانتكس. ونكس رأسه: أماله، ونكسه تنكيسا، وفي التنزيل: (ناكسوا رءوسهم عند ربهم)، والناكس المطأطيء رأسه، ونكس رأسه إذا طأطأه من ذل). إلى أن قال: ( النكس في الأشياء معنى يرجع إلى قلب الشيء ورده وجعل أعلاه أسفله ومقدمه مؤخره). إلى أن قال: (وقراءة القرآن منكوسا أن يبدأ بالمعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة، والسنة خلاف ذلك، وفي الحديث أنه قيل لابن مسعود: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا. قال: "ذلك منكوس القلب").
قال أبو عبيد: "يتأوله كثير من الناس أنه يبدأ الرجل من آخر السورة فيقرأها
[470]
إلى أولها. قال: وهذا شيء ما أحسب أحدا يطيقه ولا كان هذا في زمن عبد الله. قال: ولا أعرفه. قال: ولكن وجهه عندي أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتاب، لأن السنة خلاف هذا، يعلم ذلك بالحديث الذي يحدثه عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أنزلت عليه السورة أو الآية قال: " ضعوها في الموضع الذي يذكر فيها كذا وكذا"، ألا ترى أن التأليف الآن في هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كتبت المصاحف على هذا؟ قال: وإنما جاءت الرخصة في تعلم الصبي والعجمي المفصل لصعوبة السور الطوال عليهم، فأما من قرأ القرآن وحفظه ثم تعمد أن يقرأه من آخره إلى أوله فهذا النكس المنهي عنه، وإذا كرهنا هذا فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهة إن كان ذلك يكون").
وقد نقل ابن منظور مقالة أبي عبيد وتفسيره لأثر ابن مسعود مع شيء من التصرف، وقد مر نص أبي عبيد المذكور بتمامه في موضع من هذا البحث، كما مر ذكر المذاهب في التنكيس في آخر الكلام على مسئلة ترتيب المصحف مما أغنى عن إعادته هنا. وقد عرض القاضي أبو بكر بن الباقلاني لذكر مسألة التنكيس وهو بصدد مناقشة أدلة القائلين بوجوب مراعاة الترتيب، وذلك في كتابه الانتصار لنقل القرآن، حيث قال: (وقد استدل قوم على وجود التوقيف في ترتيب السور بقول ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا وأن ابن مسعود قال في رجل يقرؤه منكوسا: "ذلك منكوس القلب". وقال ابن عمر: "لو رآه السلطان لأدبه". وهذا لا حجة فيه، لأنهم إنما عنوا بذلك من يقرأ السورة منكوسة ولم يريدوا اختلاف السور، وكيف يريدون ذلك وهم يعلمون اختلاف المصاحف. وقول ابن مسعود: "ذلك منكوس القلب" إنما خرج على وجه الذم، ولا ذم لمن قرأ النحل ثم ثنى بالبقرة، ولا أدب إلا على من قرأ البقرة ثم ثنى بسورة الحجر).
[471]


رد مع اقتباس
  #82  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

استدبار المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بكراهة استدبار المصحف قياسا على القول بكراهة مد الرجلين إليه , وقياسا على القول بكراهة استدبار القبلة , ذكر ذلك ابن مفلح من أصحابنا الحنابلة , وقال : ( قد كره أحمد إسناد الظهر إلى القبلة , فهنا أولى ).
وقال الهيتمى الشافعى : ( والأولى أن لا يستدبره , ولا يتخطاه , ولا يرميه بالأرض بالوضع , ولا حاجة تدعو لذلك , بل لو قيل بكراهة الأخير لم يبعد )
وذهب فريق من أهل العلم إلى أن مناط الحكم إنما هو قصد الازدراء , ولهذا قال العبادى الشافعى فى حاشيته على تحفة المحتاج : ( " تنبيه " ظاهر كلامهم عدم حرمة استقبال المصحف أو استدباره ببول أو غائط , وإن كان أعظم حرمة من القبلة , وقد يوجه بأنه يثبت للمفضول ما لا يثبت للفاضل , نعم قد يستقبله أو يستدبره على وجه يعد ازدراء فيحرم بل قد يكفر به ). وقال هو والشروانى فى حاشيتهما على التحفة بكراهة قضاء الحاجة عن المصحف قياسا على قولهم بكراهة ذلك عند قبور الأنبياء وكل قبر محترم , فالمصحف أولى). {107}


رد مع اقتباس
  #83  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 12:15 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

رسم المصحف الإمام وحكم الإلتزام به | غير مصنف
الكلام على رسم المصحف الإمام وحكم الالتزام به
الكلام على رسم المصحف يتناول ماهية الرسم المقصود، وحكم الالتزام به، والمذاهب في ذلك، وذكر الشبه التي تعلق بها مخالفوا الجمهور وتفنيدها.

ماهية الرسم المقصود:
رسم المصحف يراد به الوضع الذي ارتضاه عثمان رضي الله عنه في كتابة كلمات القرآن وحروفه. والأصل في المكتوب أن يكون موافقا تمام الموافقة للمنطوق، ومن غير زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير، لكن المصاحف العثمانية قد أهمل فيها هذا الأصل، فوجدت بها حروف كثيرة جاء رسمها مخالفا لأداء النطق، وذلك لأغراض شريفة ظهرت وتظهر لك فيما بعد.
فالمقصود برسم المصحف أن يكتب طبقا للمصطلح الإملائي الذي اتبعه زيد بن ثابت رضي الله عنه وصحبه حين كتب المصحف الإمام في عهد عثمان رضي الله عنه ووافقهم عليه. وقد عني العلماء بالكلام على رسم القرآن، وحصر تلك الكلمات التي جاء خطها على غير مقياس لفظها، وقد عقد بعضهم له بابا في غير مصنف من مصنفاته كما هو صنيع ابن أبي داود في كتاب المصاحف، وربما أفرده بعض أهل العلم في مصنفات خاصة، كالداني في المقنع وغيره، وآخرون سماهم الزركشي
[599]
في البرهان، والسيوطي في الإتقان، والزرقاني في المناهل، حيث عدوا فيما أفردوا رسم المصحف بمصحف أبا عمرو الداني إذ ألف فيه كتابه المسمى " المقنع في رسم مصاحف الأمصار".
ومنهم أبو العباس المراكشي الشهير بابن البناء في كتابه "عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل". ومنهم الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالمتولي، إذ نظم أرجوزة سماها "اللؤلؤ المنظوم في ذكر جملة المرسوم"، وقد شرح هذه الأرجوزة الشيخ محمد خلف الحسيني شيخ المقاريء بالديار المصرية ، وذيل الشرح بكتاب سماه "مرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه في رسم القرآن".
قواعد رسم المصحف:
وقد ذكر الكاتبون في علوم القرآن أن قواعد رسم المصحف تنحصر في ست قواعد، الحذف والزيادة، والهمز والبدل، والوصل والفصل، وما فيه قراءتان فكتب على إحداهما.

مذاهب العلماء في التزام رسم المصحف:
لقد كان الالتزام برسم المصحف الإمام محل إجماع بين علماء القرون الثلاثة المفضلة، ثم حدث الخلاف بعد ذلك وصار من الناس من يقول بعدم وجوب الالتزام برسم المصحف، ثم اختلف هؤلاء بين قائل بالترخيص بمخالفة الرسم مطلقا، وبين قائل بالتفريق بين الأمهات من المصاحف، وبين المصاحف التي يتعلم بها الناس على ما سيأتي بيانه عند ذكر أقوالهم في هذا الشأن وشبههم التي تعلقوا بها.
[600]
القول بالتزام رسم المصحف:
أجمع سلف هذه الأمة من لدن الصحابة رضوان الله عليهم وحتى أن أوان أئمة المجتهدين على وجوب التزام رسم المصحف العثماني وحرمة مخالفته، وممن حكى الإجماع على ذلك أبو عمرو الداني في كتابه المقنع، إذ يروي بإسناده إلى مصعب بن سعد قال: (أدركت الناس حين شقق عثمان رضي الله عنه المصاحف، فأعجبهم ذلك ولم يعبه أحد).
وكذلك ما رواه علم الدين السخاوي في شرحه على العقيلة عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن عثمان أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين مصحفا، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أرسل إليهم"، ولم يعرف أن أحدا خالف في رسم هذه المصاحف العثمانية.
وذكر أبو عمرو الداني في المقنع، وابن رشد في البيان والتحصيل، وأبو بكر الطرطوشي في الحوادث والبدع أن مالكا سئل هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: "لا.. إلا على الكتبة الأولى" رواه الداني في المقنع، ثم قال: (ولا مخالف له من علماء الأمة)
[601]
وقال في موضع آخر: (سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: "لا". قا أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو: (أولوا". وقال الإمام أحمد يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية. وقال في الفروع أيضا: (قال أحمد: نفس ما في المصحف يكتب كما في المصحف يعني لا يخالف حروفه. وقال القاضي: لا يجوز. وقال بعد كلام أحمد: إنما اختار ذلك لأنهم أجمعوا على كتبه بهذه الحروف فلم تحسن مخالفته).
وقال البيهقي في شعب الإيمان: (من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على حروف الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوه شيئا، فإنهم كانوا أكثر علما، وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم).
وقال ابن الحاج في المدخل في باب نية الناسخ وكيفيتها: ( ويتعين عليه أن يترك ما أحدثه بعض الناس في هذا الزمان، وهو أن ينسخ الختمة على غير مرسوم المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة على ما وجدته بخط عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد قال مالك رحمه الله: القرآن يكتب بالكتاب الأول. فلا يجوز غير ذلك، ولا يلتفت إلى إعتلال من خالف بقوله أن العامة لا تعرف مرسوم المصحف، ويدخل عليهم الخلل في قرائتهم في المصحف إذا كتب على المرسوم)، (فأنى يصرفون)، فإنهم يقرءون ذلك وما أشبهه بإظهار الياء، إما ساكنة وإما مفتوحة، وكذلك قوله تعالى: (وقالوا مال هذا الرسول) مرسوم المصحف فيها بلام منفصلة عن الهاء، فإذا وقف عليها التالي وقف على اللام، وكذلك قوله تعالى: (لا أذبحنه)، (ولا أوضعوا خلالكم) مرسومها بألف بعد لا، فإذا قرأهما من لا يعرف قرأهما بمدة بينهما...إلى غير ذلك وهو كثير، وهذا ليس بشيء لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه
[602]
أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف، فالتعليل المتقدم ذكره مردود على صاحبه لمخالفته للإجماع المتقدم.
وقد تعدت هذه المفسدة إلى خلق كثير من الناس في هذا الزمان، فليتحفظ من ذلك في حق نفسه وحق غيره.. والله الموفق).
وجزم الونشريسي في المعيار بأن الصواب أن يقال في خط المصحف السلفي
إنه إجماع وتواتر في أصله وجملته دون جميع تفاصيله، لأن ذلك الرسم الملغي في الكلمات أنفسها في إثبات الحروف وحذفها في الكلمة الواحدة وزيادتها ونقصانها، وتعويض في بعضها لا يعرفها إلا الأفراد من الناس... وقد اختلفت في ذلك مصاحف الأمصار اختلافا كثيرا حسبما يظهر في التواليف الموضوعة في ذلك. ثم ذكر لذلك أمثلة تطلب فيه.
وقال الهيتمي في التحفة: (يعتبر في القرآن رسمه بالنسبة لخط المصحف الإمام، وإن خرج عن مصطلح علم الرسم، لأنه ورد له رسم لا يقاس عليه فتعين اعتباره به). وذكر الهيتمي ذلك في معرض ذكر الفرق بين القرآن والتفسير، وحكم مس كل منهما حال الحدث.
والقول بالتزام الرسم هو المفتى به لدى فقهاء الحنفية، ففي الهندية: (ولا ينبغي له أن يخالف اللذين اتفقوا وكتبوا المصاحف التي في أيدي الناس). وفي المحيط البرهاني: (أنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني).
الترخيص بمخالفة رسم المصحف الإمام:
بيد أن فريقا من علماء الخلف قد قالوا بخلاف الإجماع المحكي آنفا، وجوزوا
[603]
مخالفة رسم المصحف الإمام، وقد كان القاضي أبو بكر الباقلاني من أوائل المصرحين بذلك في كتابه الانتصار، ثم تابعه على ذلك جمع من أهل العلم الذين جاؤا بعده كالعز بن عبد السلام، وابن خلدون، وأبي العباس ابن تيمية، والبدر الزركشي، والقاضي الشوكاني.. وهاك نصوصهم في هذا الشأن:
قال الباقلاني في كتابه الانتصار بنقل القرآن: (وأما الكتابة فلم يفرض الله على الأمة فيها شيئا، إذ لم يأخذ على كتاب القرآن وخطاط المصاحف رسما بعينه دون غيره أوجبه عليهم، وترك ما عداه إذ وجوب ذلك لا يدرك إلا بالسمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلا على مخصوص وحد محدود لا يجوز تجاوزه، ولا في نص السنة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية؛ بل السنة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا، ولا نهى أحدا عن كتابته، ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه بأن ذلك اصطلاح وأن الناس لا يخفى عليهم الحال ولأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف الكوفية والخط الأول، وأن يجعل اللام على صورة الكاف، ,أن تعوج الألفات، وأن يكتب على غير هذه الوجوه، وجاز أن يكتب المصحف بالخط والهجاء القديمين، وجاز أن يكتب بالخطوط والهجاء المحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك، وإذا كانت خطوط المصاحف وكثير من حروفها
[604]
مختلفة متغايرة الصورة، وكان الناس قد أجازوا ذلك وأجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته وما هو أسهل وأشهر وأولى من غير تأثيم ولا تناكر على أنه لم يؤخذ في ذلك على الناس حد محدود مخصوص، كما أخذ عليهم في القراءة والآذان، والسبب في ذلك أن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والعقود والرموز، فكل رسم دال على الكلمة مفيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكاتب به على أي صورة كانت.
وبالجملة فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه، وأنى له ذلك؟ )أ.ه بتلخيص ذكره الزرقاني في المناهل عن كتاب الانتصار.
وقال الزركشي في البرهان إثر حكايته النقول عن الأئمة في وجوب التزام الرسم العثماني، قال: (قلت: وكان هذا في الصدر الأول، والعلم حي غض، وأما الآن فقد يخشى الإلباس، ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: "لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال" ، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه، لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة).
وسئل أبو العباس ابن تيمية رحمه الله عن المروي عن الإمام مالك أنه قال: " من كتب مصحفا على غير رسم المصحف العثماني فقد أثم"، أو قال: "كفر". فهل هذا صحيح؟ وأكثر المصاحف اليوم على غير المصحف العثماني، فهل يحل لأحد كتابته على غير المصحف العثماني بشرط ألا يبدل لفظا ولا يغير معنى، أم لا؟
فأجاب: أما هذا النقل عن الإمام مالك في تكفير من فعل ذلك فهو كذب على
[605]
مالك، سواء أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ، فإن مالكا كان يقول عن أهل الشورى إن لكل منهم مصحفا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجل من أن يقال فيهم مثل هذا الكلام وهم علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان.
وأيضا فلو قرأ رجل بحرف من حروفهم التي خرج عن مصحف عثماني ففيه روايتان عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم، فكيف يكفر فاعل ذلك؟
وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي فلا يجب عند أحد من المسلمين، وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو والألف هو حسن لفظ رسم خط الصحابة.
وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده فلا أعلم أحدا قال بتكفير من فعل ذلك، لكن متابعة خطهم أحسن هكذا نقل عن مالك وغيره..والله أعلم).
وقال الشوكاني في تفسير فتح القدير عند تفسيره لآية الربا: (وقياس كتابة الربا بالياء للكسرة في أوله، وقد كتبوه في المصحف بالواو. وقال في الكشاف: على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة، وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع انتهى.
قلت: وهذا مجرد اصطلاح لا يلزم المشي عليه، فإن هذه النقوش الكتابية أمور اصطلاحية لا يشاحح في مثلها إلا فيما كان يدل به منها على الحرف الذي كان في أصل الكلمة ونحوه، كما هو مقرر في مباحث الخط من علم الصرف، وعلى كل حال فرسم الكلمة وجعل نقشها الكتابي على ما يقتضيه اللفظ بها هو الأولى، ما كان في النطق ألفا كالصلاة والزكاة ونحوهما كان الأولى في رسمه أن يكون كذلك، وكون أصل هذه الألف واوا أو ياء لا يخفى على من يعرف علم الصرف، وهذه النقوش ليست إلا لفهم اللفظ الذي يدل بها عليه كيف هو في نطق من ينط به لا لتفهيم أن أصل الكلمة كذا مما لا يجري به النطق، فاعرف هذا ولا تشتغل بما يعتبره كثير من أهل العلم في هذه النقوش ويلزمون به أنفسهم، ويعيبون من خالفه، فإن ذلك من المشاححة في الأمور الاصطلاحية التي لا تلزم أحد أن يتقيد بها، فعليك بأن ترسم هذه النقوش على ما يلفظ به اللافظ عند قراءتها، فإنه الأمر المطلوب من وضعها
[606]
والتواضع عليها، وليس الأمر المطلوب منها أن تكون دالة على ما هو أصل الكلمة التي يتلفظ بها المتلفظ مما لا يجري في لفظه الآن، فلا تغتر بما يروي عن سيبويه ونحاة البصرة أن يكتب الربا بالواو، لأنه يقول في ثنيته ربوان.
وقال الكوفيون: يكتب بالياء وتثنيته ربيان. قال الزجاج: ما رأيت خطأ أقبح من هذا ولا أشنع، لا يكفيهم الخطأ في الخط حتى يخطئوا في التثنية وهم يقرءون: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو} أ.ه كلام الشوكاني في الفتح.
التفريق بين المصاحف الأمهات وغيرها:
وفرق قوم في مسألة التزام الرسم بين الأمهات من المصاحف، وبين المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان.. فأوجبوه في الأولى دون الثانية. وقد نسب الشيخ محمد رشيد رضا القول بالتفريق المذكور إلى الإمام مالك، فقد جاء في حاشية فضائل القرآن لابن كثير عند قوله حكاية عن الإمام مالك: (وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا).
قال الشيخ محمد رشيد رضا تعليقا على هذا النص: (ومثل هذا قوله بوجوب اتباع رسم الصحابة في المصاحف التي تكتب للتلاوة، وإباحة الرسم المستحدث في مصاحف التعليم فقط لتسهيله. وغرضه أن مصاحف التلاوة يجب أن تكون كالمصحف الإمام الذي أجمع عليه الصحابة حفظا للأصل).
وقد سئل الشيخ محمد رشيد رضا عن حكم مخالفة رسم المصحف الإمام فأجاب على السؤال في مجلة المنار قائلا: (إن ديننا يمتاز على جميع الأديان بحفظ أصله على منذ الصدر الأول، فالذين تلقوا القرآن عمن جاء به من عند الله، صلى الله عليه وسلم حفظوه وكتبوه، وتلقاه عنهم الألوف من المؤمنين، وتسلسل ذلك جيلا بعد جيل. وقد أحسن التابعون وتابعوهم وأئمة العلم في اتباع الصحابة في رسم المصحف وعدم تجويز كتابته بما استحدث الناس من فن الرسم، وكان أرقى مما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، لأنه صنعة ترتقي بارتقاء المدينة إذ لو فعلوا لجاز أن يحدث اشتباه في
[607]
بعض الكلمات باختلاف رسمها وجهل أصلها، فالاتباع في رسم المصحف يفيد مزيد ثقة واطمئنان في حفظه، كما هو يبعد الشبهات أن تحوم حوله، وفيه فائدة أخرى وهي حفظ شيء من تاريخ الملة وسلف الأمة كما هو.
نعم إن تغير الرسم واختلاف الإملاء يجعل قراءة المصحف على وجه الصواب خاصة بمن يتلقاه عن القراء، ولذلك أحدثوا فيه النقط والشكل وهي زيادة لا تمنع معرفة الأصل على ما كان عليه في عهد الصحابة، ثم إنه يجعل تعليم الصغار عسرا، ولذلك أفتى الإمام مالك بجواز كتابة الألواح ومصاحف التعليم بالرسم المعتاد كما نقل.
قال علم الدين السخاوي في شرحه لعقيلة الشاطبي: قال أشهب رحمه الله: "سئل مالك رضي الله عنه أرأيت من استكتبته مصحفا أترى أن يكتب على ما أحدثه الناس من الهجاء اليوم؟
فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى. قال مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له: أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان والألواح فلا أرى بأسا". ثم قال أشهب: والذي ذهب إليه مالك هو الحق، إذ فيه بقاء الحال الأولى إلى أن يعلمها الآخر، وفي خلاف ذلك تجهيل الناس بأوليتهم.
وقال أبو عمرو الداني في كتابه المسمى المحكم في النقط عقب قول مالك هذا: "ولا مخالف لمالك في ذلك من علماء الأمة".
فالذي أراه هو أن تطبع المصاحف التي تتخذ لأجل التلاوة برسم المصحف الإمام الذي كتبه الصحابة عليهم الرضوان حفظا لهذا الأثر التاريخي العظيم الذي هو أصل ديننا كما هو، لكن مع النقط والشكل للضبط. ولو كان لمثل الأمة الإنكليزية هذا الأثر لما استبدلت به ملك كسرى وقيصر، ولا أسطول الألمان الجديد الذي هو شغلها الشاغل اليوم. أما الألواح والأجزاء وكذا المصاحف التي تطبع لأجل تعليم الصغار بها في الكتاتيب فلتطبع بالرسم المصطلح عليه اليوم من كل وجه تسهيلا للتعليم، ومتى كبر الصغير وكان متعلما للقرآن بالرسم المشهور لا يغلط إذا قرأ المصاحف المطبوعة برسم الصحابة مع زيادة النقط والشكل، وكذلك يكتب القرآن في أثناء كتب التفسير وغيرها بالرسم الاصطلاحي ليقرأه كل أحد على وجه الصواب، وبهذا تجمع
[608]
بين حفظ أهم شيء في تاريخ ديننا وبين تسهيل التعليم وعدم اشتباه القارئين.
أما ما احتج به العز بن عبد السلام على رأيه فليس بشيء، لأن الاتباع إذا لم يكن واجبا من الأصل، فإن فرق بين الآن الذي قال فيه ما قال وبين ما قبله وما بعده؛ بل يكتب الناس القرآن في كل زمن بما يتعارفون من الرسم، وإذا كان واجبا في الأصل وهو ما لا ينكره فترك الناس له لا يجعله حراما أو غير جائز لما ذكره من الالتباس؛ بل يزال هذا الالتباس في أنه لا يسلم له.
وأما ما طبعه المسلمون من المصاحف في الآستانة وقزان ومصر وغيرها من البلاد غير متبعين فيه رسم المصحف الإمام في كل الكلمات، فسببه التهاون والجهل والاعتماد على بعض المصاحف الخطية التي كتبت قبل عهد الطباعة، فرسم فيها بالرسم المعتاد الكلمات التي يظن أنه يقع الاشتباه فيها إذا هم كتبوها كما كتبها الصحابة كلفظ "الكتاب" بالألف بعد التاء، وهو في المصحف الإمام بغير ألف ليوافق في بعض الآيات قراءة الجمع فكتبوه بالألف، ولم أر مصحفا كتب أو طبع كله بالرسم المعتاد.
ونحمد الله تعالى أن وفق بعض الناس إلى طبع ألوف من المصاحف برسم الصحابة المتبع، وأحسن المصاحف التي طبعت في أيامنا هذه ضبطا وموافقة للمصحف الإمام المتبع هو المصحف المطبوع في مطبعة محمد بن زيد بمصر سنة 1308، إذ وقف على تصحيحه وضبطه الشيخ رضوان ابن محمد المخللاتي أحد علماء هذا الشأن وصاحب المصنفات فيه، وقد وضع له مقدمة بين فيها ما يحتاج إليه في ذلك، فالذي أراه أنه ينبغي للجنة القرآنية أن تراجع هذا المصحف، فإنها تجد فيه حل عقد المشكلات كلها إن شاء الله تعالى ككلمة "الأقلام" وأمثالها، وهي بغير ألف، وكلمة "أتاني" التي رسمت في المصحف الإمام "اتني"، فيرون أن هذا المصحف وضع فوق "النون" "ياء" صغيرة مفتوحة هي من قبيل الشكل لتوافق قراءة حفص فهي فيه هكذا "اتني".
وجملة القول أننا نرى أن الصواب الذي ينبغي أن يتبع ولا يعدل عنه هو أن تطبع الأجزاء والمصاحف التي يعلم فيها المبتدئون بالرسم الاصطلاحي لتسهيل التعليم، وهي ما جرت عليه الجمعية الخيرية الإسلامية هنا بإذن الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى، فهي تطبع أجزاء القرآن كل جزء على حدته بالرسم الاصطلاحي وتوزيعها
[609]
على التلاميذ في مدارسها، وأما سائر المصاحف فيتبع في طبعها رسم المصحف الإمام كالمصحف الذي ذكرناه آنفا، وإذا جرى المسلمون على هذا في الآستانة ومصر وقزان والقريم وسائر البلاد الإسلامية فلا يمضي جيل أو جيلان إلا وتنقرض المصاحف التي طبع بعض كلماتها بالرسم الاصطلاحي، وبعضها برسم الصحابة، ولا ضرر من وجودها الآن إذ هي مضبوطة بالشكل كغيرها، فالاشتباه والخطأ مأمونان في جميع المصاحف ولله الحمد).
على أن الشيخ رضا قد اختار في جواب له في مجلة المنار أيضا القول بأن رسم المصحف الإمام سماعي توقيفي، وادعى اتفاق العلماء على ذلك... ولم أقف على من صرح بذلك من أهل العلم، ولا وجه القول بتوقيفية الرسم؛ بل صرح بعض الكاتبين في علوم القرآن بأنه لا حجة مع القائلين بأن رسم المصحف توقيفي وهو قول بعض متأخري الصوفية ولا يستند إلى برهان؛ بل إنهم احتكموا في ذلك إلى عواطفهم، واستسلموا استسلاما شعريا صوفيا إلى مذاويقهم ومواجيدهم والأذواق نسبية لا دخل لها في الدين، ولا يستنبط منها حقيقة شرعية.
وقد حكى الزرقاني في المناهل القول بأن رسم المصحف الإمام توقيفي عن عبد العزيز الدباغ أحد صوفية القرن الثاني عشر طبقا لما نقله عنه تلميذه ابن المبارك السلجماسي في كتابه الأبريز ولا أعلم له في ذلك سلفا.
التزام رسم المصحف هو مقتضى التحقيق:
قد اتفقت كلمة أهل التحقيق على وجوب التزام رسم المصحف الإمام وعدم
[610]
التعريج على ما يخالفه نظرا إلى المخاطر المترتبة على القول بجواز المخالفة، فضلا عن ضعف المبررات التي تعلق بها مجوزو مخالفة الرسم، وعلى فرض صحتها فهي أمور وقتية ومصالح جزئية. وقد تقرر في الأصول أن المصالح الجزئية يغتفر إهمالها تقديما للمصالح الكلية، ثم إن المفاسد المترتبة على مخالفة رسم المصحف الإمام أكبر، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ولقد بحثت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية مسألة كتابة المصحف حسب قواعد الإملاء وإن خالف ذلك الرسم العثماني، وعرضت في ذلك البحث النقول الواردة في هذا الشأن عن ذوي الاختصاص من السلف والخلف، وخلصت اللجنة إلى النتيجة التالية:
أولا...ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في خلافة عثمان رضي الله عنه بأمره، وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوا ما اختلفوا فيه بلغة قريش، وذلك مما يدل على القصد إلى رسم معين، ووافقه في ذلك الصحابة رضوان الله عنهم، وأجمع عليه التابعون ومن بعدهم إلى عصرنا رغم وضع قواعد الإملاء والعمل بمقتضاها في التأليف والقراءة وكتابة الرسائل، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي" فكانت المحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم واجبة أو سنة متبعة اقتداء بعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وعملا بالإجماع.
ثانيا... إن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح في الخط، فهو قابل للتغيير والتبديل باصطلاح آخر مرة بعد أخرى كسائر رسوم الخطوط في اللغة العربية وغيرها، فإذا عدلنا عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا تسهيلا للقراءة فقد يفضي ذلك إلى التغير كلما تغير الاصطلاح في الكتابة لنفس العلة، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف من بعض، والزيادة فيها، والنقص فيها، ويخشى أن تختلف القراءة تبعا لذلك ويقع فيها التخليط على مر الأيام والسنين، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن بالاختلاف والاضطراب بين نسخه، وهذا من جنس البلاء الذي أصيبت به الكتب الأولى حينما عبثت بها الأيدي والأفكار، وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع والقضاء عليها محافظة على الدين ومنعا للشر والفساد.
[611]
ثالثا... يخشى إن وقع ذلك أن يصير كتاب الله- القرآن- ألعوبة بأيدي الناس، كلما عن لإنسان فكرة في كتابة القرآن اقترح تطبيقها فيه، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية، وآخرون كتابته بالعبرانية.. وهكذا مستندين في ذلك إلى ما استند إليه من اقترح كتابته حسب قواعد الإملاء من التيسير ورفع الحرج والتوسع في الاطلاع وإقامة الحجة، وفي هذا ما فيه من الخطر، وقد نصح مالك بن أنس الرشيد أو جده المنصور ألا يهدم الكعبة ليعيدها إلى بنائها الذي قام به عبد الله بن الزبير حيث بناها على قواعد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام خشية أن تصير الكعبة ألعوبة بين أيدي الولاة. قال تقي الدين الفاسي في كتابه شفاء الغرام: "ويروى أن الخليفة الرشيد أو جده المنصور أراد أن يغير ما صنعه الحجاج بالكعبة، وأن يردها إلى ما صنعه ابن الزبير، فنهاه عن ذلك الإمام مالك ابن أنس رحمه الله، وقال له: نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره، فتذهب هيبته من قلوب الناس" انتهى بالمعنى.
ثم قال: "وكان مالك لحظ في ذلك أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح وهي قاعدة مشهورة معتمدة" انتهى.
خلاصة القول: أن لكل من القول بجواز كتابة المصحف- القرآن- على مقتضى قواعد الإملاء والمنع من ذلك وحرمته وجهة نظر، غير أن مبررات الجواز فيها مآخذ ومناقشات تقدم بيانها، وقد لا تنهض معها لدعم القول بالجواز، ومع ذلك قد عارضها ما تقدم ذكره من الموانع، وجريا على القاعدة المعروفة من تقديم الحظر على الإباحة.
وترجيح جانب درء المفاسد على جلب المصالح عند التعادل أو رجحان جانب المفسدة. قد يقال: إن البقاء على ما كان عليه المصحف من الرسم العثماني أولى وأحوط على الأقل، وعلى كل حال فالمسألة محل نظر واجتهاد، والخبر في اتباع ما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضي الله عنهم... والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
[612]


رد مع اقتباس
  #84  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 12:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الزيادة فى المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الزيادة في المصحف أخرج الترمذي بسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي كان، الزائد في كتاب الله.." الحديث، وأخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني في معجمه.
فلا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجوز لأحد أن يزيد في المصحف حرفا واحدا، وأن من تعمد ذلك يكون كافرا، وقد جرى التنويه عن مثل هذا مشفوعا بما يؤيده من الآثار وأقوال السلف في مواطن كثيرة من هذا البحث كمسائل تجريد
[621]
المصحف، وتخميسه، وجحد شيء منه، وحاشيته، والتفسير فيه، وتعشيره، وتشكيله ونقطه، مما أغنى عن إعادته هنا.
وقد مر أيضا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حول آية الرجم المنسوخة التلاوة وقوله: " والله لولا أن يقول قائلون زاد عمر في كتاب الله لأثبتها كما أنزلت".
[622]


رد مع اقتباس
  #85  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 12:49 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

سرقة المصحف والقطع بسرقته | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا تخلو سرقة المصحف من أن تكون من مسلم أو كافر، وإن كان السارق مسلما فلا يخلو من أن يكون قارئا أو غير قاريء، ثم لا يخلو المصحف المسروق من أن يكون طلقا أو وقفا، وأن يكون ساذجا أو محلى،فلكل حل مما ذكر نصيب من النظر.
والمستقريء لأقوال أهل العلم يلحظ أن القول بتحريم سرقة المصحف محل وفاق بينهم، بيد أنهم قد اختلفوا في كون سرقة المصحف موجبة لقطع يد سارقه أم- لا؟. فذهب الجمهور وفيهم الأئمة مالك، والشافعي، وأحمد في رواية عنه، وأبو يوسف، وأبو ثور، وابن المنذر، إلى القول بأن سارق المصحف يقطع بسرقته إذا بلغت قيمته نصابا مطلقا لعموم قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء...)، فالآية عامة في كل سارق، ولأن
[625]
المصحف متقوم تبلغ قيمته نصابا فوجب القطع بسرقته ككتب الفقه والحديث وسائر العلوم الشرعية والعلوم المباحة، ولأن سارق المصحف قد سرق مالا متقوما من حرز لا شبهة فيه، فإن الجلد والبياض مال متقوم قبل أن يكتب فيه القرآن يجب القطع بسرقته، فكذلك بعد ما كتب فيه.. ألا ترى أنه يجوز بيعه وشراؤه، وأنه لو كان المكتوب فيه شيئا آخر لم تنتقض ماليته، فإذا كتب فيه القرآن أولى، لأن ثمنه أزيد والرغبة فيه آكد، فلا يجوز أن يقطع فيه قبل الزيادة ويسقط القطع مع الزيادة، ولأن القطع يجب في الأموال المرغوب فيها لينزجر عن سرقتها فتحفظ على مالكها. وقد تكون ارغبة في المصاحف والكتب أكثر فكانت بوجوب القطع أحق.
وهب فريق من أهل العلم إلى القول بأنه لا يقطع بسرقة المصحف مطلقا، ثم اختلفوا في تعليل منع القطع، فمنهم من علل المنع بكون المصحف مما لا يجوز بيعه ولا أخذ العوض عليه، لأن المقصود منه ما فيه من كلام الله، وهو مما لا يجوز أخذ العوض عنه. ومنهم من علل قوله لا يقطع بسرقة المصحف بأن له فيه حق النظر لاستخراج أحكام الشرع إذا خفيت عليه، وعلى صاحبه بذله لذلك، ولأن المصحف الكريم يدخر لا للتمول بل للقراءة والوقوف على ما يتعلق به مصلحة الدين والدنيا والعمل به. فقامت شبهة تأول أن له الأخذ درائة لحد القطع عنه إذ الناس لا يظنون ببذل المصاحف الشريفة لقراءة القرآن العظيم عادة فأخذه الآخذ متأولا.
الوا ولا يقطع بسرقة مصحف عليه حلي لأنه تابع لما لا قطع فيه، ولأن المقصود ما في المصحف من القرآن دون ما على جلده من الحلي، وإذا لم يمكن إيجاب القطع باعتبار ما هو المقصود يعتبر ذلك شبهة في درء الحد، كمن سرق ثوبا خلقا قد ر في الثوب دينار ولم يعلم السارق لا يلزمه القطع، لأن ما هو المقصود ليس بنصاب فلا يلزمه القطع باعتبار غيره.
وقد ذهب إلى القول بنفي وجوب القطع بسرقة المصحف الإمام أبو حنيفة،
وجماهير أصحابه خلافا لأبي يوسف في رواية عنه، وهو قول لأصحابنا الحنابلة
[626]
اختاره أبو بكر الخلال والقاضي أبو يعلى وطائفة من أصحابه، وذكره في الإنصاف وجها للأصحاب، وجعله في مقابل المذهب، لكن ابن هبيرة في الإفصاح قد حكى القول بعدم القطع عن الإمام أحمد وأبي حنيفة، ولم يذكر فيه عن أحمد خلافا، في حين أن أبا الخطاب قد اعتبر القول بوجوب القطع ظاهر كلام الإمام أحمد على ما نقله عنه الموفق وغيره.
وقال فريق ثالث بوجوب القطع في سرقة المصحف إذا كان عليه حلية تبلغ قيمتها نصابا، لأن ما عليه من الجلد ليس من المصحف في شيء فهو كالمنفصل يتعلق القطع بسرقته، وهو رواية عن أبي يوسف، ووجه عند أصحابنا الحنابلة.
قال في الإنصاف: (وإن كان عليه حلية قطع في أحد الوجهين. صححه الناظم. قال في الفصول: وهو قول أصحابنا).
وقد صرح غير واحد من أهل العلم بوجوب قطع الكافر بسرقة المصحف مطلقا لانتفاء الشبهة فيه وعدم حقه بالنظر فيه.
كما صرحت طائفة من أهل العلم بكون إطلاق النصوص المقتضية لقطع السارق تتناول سرقة المصحف الموقوف للقراءة فيه في المسجد مثلا، وتتناول أيضا من لم يكن قارئا على أحد الاحتمالين..
[627]
وقد سئل الهيتمي عمن سرق من مسجد مصحفا موقوفا للقراءة فيه؟ فأجاب بأنه لا يقطع قياسا على قول الأصحاب في عدم قطع سارق القنديل. ولابن العماد احتمالان في المصحف الموقوف في المسجد:"أحدهما" يقطع إن لم يكن قارئا إذ لا حق له. "والثاني" لا لأنه قد يدفعه إلى من يقرأ فيه أو يتعلم ويقرأ، والذي يظهر الثاني وإن كان للأول وجه وجيه لأنهم قالوا يقطع الذمي بذلك، واحتمال تعلم هذا كأحتمال إسلام ذاك، لكن الفرق على الثاني أن للمسلم في حال عدم قراءته حقا بخلاف الذمي فإنه حال كفره لا حق له في ذلك البتة، ولو وقف على من يقرأ فيه لإسماع الحاضرين لم يقطع قطعا، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وقال الهيتمي أيضا في التحفة: (وتردد الزركشي في سرقة مصحف موقوف للقراءة فيه في المسجد، والأوجه عدم القطع ولو غير قاريء لشبهة الانتفاع به بالاستماع للقاريء).
وفي فتاوى الرملي بهامش الكبرى بأن الأقرب عدم قطع المسلم مطلقا بسرقة المصحف كان موقوفا أو طلقا وقف على قراء أو غيرهم، وهو ما رجحه الهيتمي آنفا. بيد أن ابن عابدين في حاشيته على الدر قد قال: (والإطلاق يشمل الكافر وغير القاريء). والله أعلم بالصواب.
[628]


رد مع اقتباس
  #86  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 09:54 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

عدد السور والآي في المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال ابن كثير في فضائل القرآن: (قال مالك: وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا).


رد مع اقتباس
  #87  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 09:56 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

غصب المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال الكاساني في البدائع: (ولو غصب مصحفا فنقطه روي عن أبي يوسف رحمه الله أن لصاحبه أخذه ولا شيء عليه. وقال محمد رحمه الله صاحبه بالخيار إن شاء أعطاه ما زاد النقط فيه، وإن شاء ضمنه قيمته غير منقوط. "وجه" قوله: أن النقط زيادة في المصحف فأشبه الصبغ في الثوب. "وجه" ما روي عن أبي يوسف أن النقط أعيان لا قيمة لها فلم يكن للغاصب فيه عين مال متقوم قائم بقي مجرد عمله وهو النقط، ومجرد العمل لا يتقوم إلا بالعقد ولم يوجد، ولأن النقط في المصحف مكروه.. ألا ترى إلى ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "جردوا القرآن" ، وإذا كان التجريد مندوبا إليه كان النقط مكروها فلم يكن زيادة، فكان لصاحب المصحف أخذه).
[639]


رد مع اقتباس
  #88  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 09:58 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الغلط في المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (مر في مسألة إصلاح الخطأ في المصحف طرف مما يتعلق بحكم تصويب الخطأ فيه، كما مر في المسألة ذاتها تفنيد دعوى اللحن في المصحف الإمام، وبقي هنا الكلام على مسألة المصحف إذا حصل فيه غلط من كاتبه وترتب الإثم على ذلك، وحكم بيع المصحف إذا كان ملحونا على أنه تقدم في مسألة إتلاف المصاحف الكلام على وجوب إتلاف المصحف متى كثرت الأخطاء فيه وتعذر إصلاحه، أو كان مكتوبا بخط رديء لا يتأتى معه الانتفاع به، أو كان ظاهر المخالفة لما عليه رسم المصحف الإمام.
وقد سئل أبو الوليد ابن رشد رحمه الله عن رجل اشترى مصحفا أو كتابا فوجده ملحونا كثير الخطأ غير صحيح، ويريد أن يبيعه هل عليه أن يبين؟ وإن بين لم يشتر منه؟
فأجاب على ذلك بأن قال: لا يجوز أن يبيع حتى يبين ذلك.
وسئل ابن رشد أيضا عن الرجل يكتب القرآن يكتسب به، فربما غلط في بعض المواضع، أو ضبطه ملحونا، فهل إذا قرأه كذلك من يعتمد على ذلك الضبط يأثم بذلك الكاتب أم لا؟ .
فأجاب: ( لا يجوز لمن لا يعرف ضبط القرآن أن يضبط لما في ذلك من تضليل
[640]
الجهال، وإذا كان عالما فصدر منه ما لا شعور له به لم يأثم إذ لا يخلو من مثل هذا أحد إلا المتبحرين في علم العربية، والأولى به أن يتفقد ما كتبه ليصلح ما عساه أن يتفق فيه من لحن واختلال). وقد يأتي لهذه المسألة مزيد بيان في مسألة النقص في المصحف.
[641]


رد مع اقتباس
  #89  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

قيام قاريء المصحف لغيره | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (جاء في الفتاوى الخانية ما نصه: (قوم يقرؤن القرآن من المصاحف أو يقرأ رجل واحد، فدخل عليهم واحد من الأجلة والأشراف فقام القاريء لأجله قالوا: إن دخل عالم أو أبوه أو استاذه الذي علمه العلم جاز له أن يقوم لأجله وما سوى ذلك لا يجوز).
[658]


رد مع اقتباس
  #90  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:16 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

كتابة المصاحف حال الاعتكاف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا ريب أن كتابة المصاحف عمل من أعمال البر وباب من أبواب القرب وضرب من ضروب العبادات لا سيما إذا قام بها فاعلها محتسبا، لكن لما كان الاعتكاف مقتضيا لترك الاشتغال بغير العبادات المختصة به فقد اختلف أهل العلم في مسألة الاشتغال بكتابة المصاحف حال الاعتكاف، فمنهم من منع ذلك مطلقا، ومنهم من قيد المنع بما كان حرفة وتكسبا، ومنهم من لم ير بكتابة المصاحف حال الاعتكاف بأسا ولو كان ذلك على سبيل الاحتراف والتكسب لكون النفع في كتابة المصاحف متعديا وجانب التعبد فيه غالبا، ومنهم من صرح بكون ذلك مستحبا. وقد ذهب إلى القول الأول الإمام مالك في المشهور عنه، وذكره بعض أصحابنا الحنابلة تخريجا.
وذهب إلى القول الثاني جمهور الحنفية، وهو اختيار طائفة من الشافعية منهم الغزالي والرافعي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو مقتضى قول أبي بكر الخلال من أصحابنا الحنابلة.
وذهب إلى القول الثالث جمهور الشافعية والحنابلة، وهو أشهر الروايتين عن الإمام أحمد.. وهاك بيان ما كان مجملا.
صرح غير واحد من شراح الهداية للمرغيناني الحنفي: أن للمعتكف أن يكتب الأمور الدينية وليس له كتابة المصحف بأجر. وقال الإمام مالك عن المعتكف: يكتب المصحف إن أحب. قال ابن رشد: (" قوله ويكتب المصحف إن أحب" معناه ويكتب المصاحف قبل أن يدخل إن أحب، وهذا على مذهب ابن القاسم، وروايته
[681]
عن مالك الذي يرى أن الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله تعالى وقراءته القرآن والصلاة، وأما على مذهب ابن وهب الذي يبيح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة، فيجوز له أن يكتب المصاحف للثواب لا ليتمولها، ولا على أجرة يأخذها، إلا ليقرأ فيها وينتفع بها من احتاج إليها.
وعد خليل في مكروهات الاعتكاف: اشتغاله بعلم، وكتابته مصحفا إن كثر.
قال الخرشي: (أما اليسير من العلم والكتابة فلا بأس به لكن الأولى الترك وبالغ على المصحف لئلا يتوهم أن كتابته كتلاوته).
وقيد العدوي الكراهة بما لم يكن لمعاشه، ووافقه الزرقاني.
ونقل المناوي نحوا مما ذكر ابن رشد ثم قال: (وهو يدل على أن كتب المصحف لا يباح للمعتكف على المشهور).
وفي الإفصاح للوزير ابن هبيرة عن الإمام مالك: (لا بأس أن يكتب المعتكف).
وعند الشافعية يباح للمعتكف كتابة العلم ولو حرفة، وله المطالعة في مباح على ما اختاره النووي، والأنصاري والسيوطي، والهيتمي، خلافا لما ذكره الغزالي والرافعي.
[682]
وعند الحنابلة تجوز الكتابة للمعتكف على الصحيح من المذهب، وقيده بعضهم بما لم يكن تكسبا.
قال حرب: (سئل الإمام أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره، فكأنه كرهه ليس بذلك التشديد).
وقال المروزي: (سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه؟ قال: أما الخياط وشبهه فلا يعجبني، إنما بني لذكر الله تعالى. وقال في رواية الأثرم: ما يعجبني مثل الخياط والإسكاف وشبهه، وسهل في الكتابة. قال الحارثي: خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم، فهي في معنى الدراسة، وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا، وإليه أشار بقوله: فليس ذلك كل يوم).
قال المرداوي: (وظاهر ما نقل الأثرم – وقد قطع المصنف في باب الاعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة- التسهيل في الكتابة مطلقا). ونقل ابن مفلح في الاعتكاف قول أبي بكر: (لا يقرأ ولا يكتب الحديث واقتصر عليه).
وحكاه المرداوي في الإنصاف، ثم نقل قول أبي الخطاب: (يستحب إذا قصد به الطاعة). واختاره المجد وغيره.
وذكر الآمدي وغيره في استحباب ذلك روايتين، فعلى المذهب: فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدي نفعه..
قال المجد بن تيمية: (ويتخرج على أصلنا في كراهة أن يقضي القاضي بين الناس وهو معتكف إذا كان يسيرا: وجهان، بناء على الإقراء، وتدريس العلم فإنه في معناه).
وجزم البهوتي بعدم استحباب كتابة الحديث للمعتكف، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف
[683]
فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به، ولأن الاعتكاف عبادة من شروطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف...ثم ذكر اختيار أبي الخطاب السابق ووجهه..والله أعلم بالصواب.
[684]


رد مع اقتباس
  #91  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:18 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

كرسي المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الكلام على هذه المسألة يتناول ثلاثة أمور:
أحدها: ماهية الكرسي المذكور.
وثانيها: حكم اتخاذه لجعل المصحف عليه، والفرق بين الكرسي الصغير والكبير.
وثالثها: حكم مس كرسي المصحف إذا كان المصحف موضوعا عليه وكان الماس له ممنوعا من مس المصحف.
أولا: ماهية الكرسي المذكور:
كرسي المصحف أو وسادته أو متكأته عيدان يوضع عليها المصحف عند نشره للقراءة، الغرض منه إمساك المصحف واعتماده عليه.
قال النووي في تهذيب الأسماء: (الكرسي معروف هو بضم الكاف وكسرها لغتان الضم أفصح وأشهر. قال الجوهري: هو مضموم وربما كسروه، وجمعه كراسي بتشديد الياء وتخفيفها لغتان ذكرهما ابن السكيت في كل ما كان من هذا القبيل مفرده مشددا كالسراري والبخاتي والعواري).
وقال ابن منظور في اللسان: (والكرسي في اللغة والكراسة إنما هو الشيء الذي قد ثبت ولزم بعضه بعضا. وعن الزجاج أن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه).
[685]
وقد يكون الكرسي للمصحف من الخشب أو الجريد أو ما يقوم مقامهما.

ثانيا: اتخاذ الكرسي للمصحف:
صرح غير واحد من أهل العلم بأنه لا يكره اتخاذ كرسي للمصحف يوضع عليه عند نشره للقراءة فيه؛ بل يباح ذلك ما دام الكرسي المذكور في حدود الحاجة ولائقا بالمصحف، فإن كان الكرسي كبيرا خارجا عن حدود المألوف فقد ذكر ابن الحاج في المدخل أنه معدود في البدع التي أحدثت في المساجد، قال: (ومن هذا الباب الكرسي الكبير الذي يعملونه في الجامع ويؤبدونه وعليه المصحف لكي يقرأ على الناس ولا ضرورة تدعو إلى ذلك لوجهين:
الأول: أنه يمسك به من المسجد موضع كبير وهو وقف على المصلين، فمنهم المصلي، ومنهم التالي، ومنهم الذاكر، ومنهم المفكر، فإذا قرأ القاريء إذ ذاك قطع عليهم ما هم فيه. وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن رفع الصوت بالقراءة في المسجد بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن"، وهو نص في عين المسألة ولا التفات إلى من فرق بين أن يكون المستمعون أكثر ممن يتشوش من المشتغلين بالصلاة وغيرها مما تقدم ذكره). ثم ذكر أن هذه البدعة من بدع الحجاج بن يوسف فقط..وقد يأتي بأبسط من هذا في مسألة وضع المصحف في المسجد من هذا البحث إن شاء الله.
ثالثا: حكم مس الكرسي في حق الممنوع من مس المصحف:
وقد أعطى فريق من أهل العلم حكم المصحف لكرسيه إذا كان عليه المصحف
[686]
في باب المس والحمل، وهذا الذي عليه جمهور الشافعية.
أما المالكية فقد سهلوا في باب المس ومنعوا من حمل الكرسي وعليه المصحف في حق من منع من حمل المصحف، وجوز الحنفية والحنابلة مس وحمل كرسي المصحف في حق الممنوع من مس المصحف قياسا على جواز مس المصحف من وراء الحوائل؛ بل أولى... والله أعلم بالصواب.
[687]


رد مع اقتباس
  #92  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:30 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

محو المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو محو المصحف من أن يكون لمصلحة دينية اقتضتها صيانته، أو أن يكون محوه على سبيل الاستخفاف به والإسقاط لحرمته، فإن كان الغرض من محوه صيانة القرآن كإتلاف ما كان مخالفا للمصحف الإمام أو المتضمن لتحريف أو كثير لحن، أو كان خطه بالغ الرداءة بحيث لا يمكن الانتفاع به فلا ريب بوجوب إتلافه بحرقه أو غسله أو محوه، وقد فعل الخليفة الراشد عثمان ذلك بالمصاحف المخالفة للمصحف الإمام في حضرة الصحابة رضوان الله عليهم ووافقوه عليه، وقد مر ذلك مفصلا في مسألة إتلاف المصحف ومسألة إحراق المصاحف في موضعهما من هذا البحث.
فقد أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف في قصة جمع الناس على المصحف الإمام من رواية أبي قلابة عن مالك بن أنس جد الإمام مالك بن أنس قال: (كنت فيمن أملي عليهم- يعني حين كتب المصحف الإمام في عهد عثمان رضي الله عنه- فلما فرغ من المصحف كتب إلى أهل الأمصار إني قد صنعت كذا محوت ما عندي فامحوا ما عندكم).
وأما إن كان محو المصحف من مستخف به مسقط لحرمته فلا شك في كفره وردته على ما مر بيانه في مسألة الاستخفاف بالمصحف في موضعها من هذا البحث.
قال أبو الوفاء بن عقيل في تذكرته: (قال أصحابنا: فإن قال: محوت المصحف لم يكن يمينا، وروي عن أحمد مثله. وعندي أنه يمين، لأن الحالف لم يقصد بقوله محوته إلا لإسقاط الحرمة والإهانة فصار يمينا به كقوله هو يهودي
[688]
لأن من أسقط حرمته كان كافرا).
وقد ذكر بعض الأصحاب أيضا أن أبا الوفاء قد أجرى الروايتين في قوله: محوت المصحف لإسقاط حرمته وعصيت الله في كل ما أمرني به، واختار وجوب الكفارة في قوله محوت المصحف كذا في الإنصاف. وقد مر في مسألة الحلف بالصحف طرف من هذا فليعاود في موضعه من هذا البحث والله أعلم بالصواب.
[689]


رد مع اقتباس
  #93  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:40 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

المصحف في رحل الغال | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم في أن المصحف في رحل الغال لا يحرق حتى على القول بإحراق رحل الغال.
[695]
وذلك لحرمة المصحف ولما روي أبو واقد الليثي صالح بن محمد بن زائدة قال: (دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم، فأتى برجل قد غل، فسأل سالما عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه". قال: فوجدنا في متاعه مصحفا، فسأل سالما عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه).
وذكر الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة في كتابه السير الكبير أثرا آخر في المسألة قال: (فأما أهل الشام كانوا يقولون يحرق رحل الغال، ويروون
[696]
فيه حديثا عن الحسن رضي الله عنه قال: "يؤخذ الغلول من رحله ثم يحرق رحله إلا أن يكون فيه مصحف"، وأصحاب الحسن يروونه عنه موقوفا. وقد ذكر الأوزاعي عن الحسن هذا الحديث مرفوعا، ولكن الفقهاء لم يصححوا هذا الحديث لأنه شاذ يرويه مجهول لا يعرف، فإن الأوزاعي لم يذكر اسم الرجل الذي بينه وبين الحسن، ثم هو مخالف للآثار المشهورة).
وقد أشار بعض المحدثين إلى هذه الرواية حيث قال: (وعن الحسن: "يحرق متاعه كله إلا الحيوان والمصحف"). وقال الطحاوي: (لو صح الحديث لاحتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال انتهى).
مآل مصحف الغال:
قال أبو الوفاء بن عقيل في كتابه السير من الفصول: (قال أصحابنا ويحتمل أن يباع ما لا يحرق ويتصدق بثمنه لتعم العقوبة أمواله، ويحترم الحيوان والمصحف بحسب ما أمكن، وتدخل العقوبة عليه بحسب ما أمكن.
ووجهه أنه لما تعذر في حقه العقوبة استوفيناها بنوع ولم يسقط أصلها كالعدول في حق المرضى إلى أطراف الثياب ولم يسقط أصل الحد. وهذا عندي ليس بصحيح؛
[697]
بل يسقط ذلك، ويعتصم الحيوان والمصحف لحرمتها عن التبع وإبدال الإتلاف سعة لأن التحريق عقوبة ليس يقتضيها القياس، لأن القياس في كل مال أنه يترك على ما هو من الانتفاع به ويحرم مالكه عينه بنقلها إلى غيره وحرمانه في نفسه.
فأما إتلاف الأعيان فلا يقع إلا ردعا إذا كان الإتلاف مما يردع كالقود الواجب عن القتل. فأما إذا كان الضرر ناشئا من غير المال كدفع الصائل من الحيوان بهيمة وآدمية، فأما مال ينتفع به وليس الضرر الذي نشأ منه؛ بل من مالكه... فالقياس حرمان مالكه نفعه، فإذا كان التحريق على غير القياس، فإذا اعتصم بعض أمواله بمعنى فيه وحرمة له في نفسه بقيت المالية التي فيه معصومة من تلك العقوبة، فلا يقاس عليها عقوبة أخرى هي تفويت يخص المالك).
وذكر ابن مفلح في الفروع: أن كتب العلم كالمصحف في الأصح. ولم أقف على إيضاح لمقابل الأصح أو من قال به من الأصحاب.
وقال الموفق في المغني: (فالمصحف لا يحرق إذا غل، وكذلك لا ينبغي أن تحرق كتب العلم والحديث. قال: وهذا لا خلاف فيه، وكذا ما كان تابعا للمصحف كجلد المصحف وكيسه حيث تثبت لهما الحرمة تبعا). والله أعلم بالصواب.
[698]


رد مع اقتباس
  #94  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 10:41 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

المصحف في الغنيمة | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا تخلو المصاحف في الغنائم من أن تكون مصاحف قرآنية قد كتبت بالرسم المعتبر شرعا وأمن فيها التحريف والتغيير أو أن تكون من مصاحف أهل الكتاب المتضمنة للتوراة والإنجيل مثلا مما يعد من الكتب المنسوخة والشرائع المبدلة.
فإن كانت المصاحف من النوع الأول أعني المصاحف الإسلامية وكان التحريف فيها مأمونا فإن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المصاحف متى وجدت في الغنائم؛ وقد حكى موفق الدين بن قدامة في المغني عن الثوري والأوزاعي أنهما قالا في المصحف يحصل في الغنائم يباع. وقال الشافعي: يوقف حتى يجيء صاحبه.
وإن كانت المصاحف من النوع الثاني بأن كانت قد تعرضت لتحريف وتبديل أو كانت من الكتب السماوية السابقة على القرآن كالتوراة والإنجيل ونحوهما أو كانت كتبا لأهل الكفر تتعلق بمللهم وتحكي معتقداتهم أو تتضمن ما ينافي الإسلام فإن إتلافها يكون متعينا حينئذ إما بمحوها وغسلها أو بتخريقها رعاية لماليتها فإن تعذر ذلك تعين إحراقها. وقد جرى بسط هذه المسألة في موضعها من مصنف أفردته في أحكام الخط.
[699]


رد مع اقتباس
  #95  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 11:02 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

نزع القرآن من المصاحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج عبد الرزاق في مصنفه[عن الثوري عن أبيه عن المسيب ابن رافع عن شداد بن معقل قال الثوري: وحدثني عبد العزيز بن رفيع عن شداد أن ابن مسعود قال: [لينتزعن هذا القرآن من بين أظهركم، قال: قلت: يا أبا عبد الرحمن، كيف ينتزع وقد أثبتناه في صدورنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسري عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبد منه ولا مصحف منه شيء ويصبح الناس فقراء كالبهائم ثم قرأ عبد الله (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا).
وأخرج عبد الرزاق أيضا[عن إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل قال: سمعت ابن مسعود يقول: [إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وإن آخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين القوم الذين لا دين لهم ولينتزعن القرآن من بين أظهركم، قالوا يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال يسري عليه ليلا فيذهب من أجواف الرجال فلا يبقى منه شيء].
[704]
وأثر ابن مسعود هذا قد أخرجه أيضا الدارمي في سننه من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود [ليسرين على القرآن ذات ليلة ولا يترك آية في مصحف ولا في قلب أحد إلا رفعتا].
وأخرجه أيضا من حديث ناجية بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن ابن مسعود وفيه ["يسرى عليه ليلا فيصبحون منه فقراء"].
وأخرج الديلمي في الفردوس عن أبي هريرة مرفوعا [يسرى على كتاب الله عزوجل ليل فيصبح الناس ليس منه آية ولا حرف في جوف مسلم إلا نسخت].
وقد ساق السيوطي في الدر المنثور في هذا المعنى بضعة عشر أثرا ما بين مرفوع وموقوف معزوة إلى جملة من المصنفات الحديثية فذكر من المرفوع حديث حذيفة عند الحاكم والبيهقي وصححه. وحديث أبي هريرة عند ابن عدي والديلمي وأبي الشيخ وابن مردويه. وحديث معاذ بن جبل عند الديلمي أيضا وحديث جابر بن عبد الله عند ابن مردويه، وحديثي ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم عند ابن مردويه.
[705]


رد مع اقتباس
  #96  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 11:04 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

نشر المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المراد بنشر المصحف فتحه إما للتلاوة فيه وإما على سبيل الدعوة إلى تحكيمه وإما أن يكون فتحه رمزا لإعطاء الأمان وإما على أن يراد بنشر المصحف مجرد التبرك به والنظر فيه على سبيل التبرك وبنية التعبد وإما أن يكون المراد بنشره تركه على الأرض مفتوحا على سبيل الإهمال والتفريط.
وقد مر في غير موضع من هذا البحث بيان حكم معظم تلك المسائل كمسألة اتخاذ فأل منه ومسألة تحكيمه ومسألة التبرك به ومسألة القراءة منه في الصلاة ومسألة تركه على الأرض منشورا وأما مسألة نشره للنظر فيه وتعهده فسيأتي لها مزيد بيان في موضعها من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[607]


رد مع اقتباس
  #97  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 11:14 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

النظر في المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الكلام على مسألة النظر في المصحف يتناول أمورا ثلاثة أحدها: فضل النظر في المصحف وكونه عبادة مقصودة.
والثاني: المفاضلة بين القراءة نظرا في المصحف وبين القراءة عن ظهر قلب وإيراد الآثار المروية في ذلك مرفوعها وموقوفها وبيان الصحيح والسقيم منها.
والأمر الثالث: حكم النظر في المصحف من غير مس له في حق من كان ممنوعا من مسه مسا مباشرا لقيام حدث في الماس أو لكونه كافرا ممنوعا من مس المصحف.
فضل النظر في المصحف وكونه عبادة مقصودة:
لا خلاف بين أهل العلم في فضل تعهد المصحف والنظر فيه لغرض التلاوة منه لما في القراءة فيه من فائدة الاستثبات فلا يخلط بزيادة حرف ولا إسقاط حرف، أو تقديم آية أو تأخيرها.
واستثنى بعض أهل العلم من إطلاق الفضل مسألتين:
أولاهما: مسألة نظر المصلي في المصحف أثناء صلاته، وقد مضى بسط الكلام.
[708]
فيها في مسألة القراءة من المصحف في الصلاة، فلتطلب في موضعها من هذا البحث.
وثانيتهما: مسألة القراءة من مصحف موضوع في المسجد في أوقات خاصة وعلى كيفية معينة.
لكون ذلك محدثا قد عده الإمام مالك وأصحابه من بدع الحجاج بن يوسف، وإن لم يسلم غيرهم بوجه المنع هنا على ما سيأتي تفصيله في مسألة وضع المصحف في المسجد ثم إن أهل العلم حين صرحوا بفضل النظر في المصحف قد اختلفوا في التعبير عن درجة هذا الفضل فمنهم من وصفه بالاستحباب، ومنهم من وصفه بالسنية. والظاهر أن الوصف الأول: قد بنة على اعتبار اجتهادي.
والوصف الثاني: قد عول على حجج نقلية تتمثل في جملة من الآثار المرفوعة والموقوفة وهي أثار قد ضرب عنها أهل التحقيق صفحا لعلل تمس متونها وأسانيدها على ما سيأتي بيانه عند الكلام على هاتيك الآثار وقد يقول قائل أي فائدة ترجى من إيراد مالا حجة في إيراده أصلا؟ فأقول أنما آثرت ذكرها لتعلم وليكون القاريء على بينة منها ولإن طال البحث بذكر هذه وأمثالها مما لا ضرورة لذكره فإن اختصاص هذا البحث بتناول الأحكام المتعلقة بالمصحف والآداب المرعية في حقه ينتصب شافعا لهذه الإطالة ومسوغا لطلب اتساع صدر القاريء لها.
[708]

الآثار الواردة في فضل النظر في المصحف:
وهاك جملة من الآثار المرفوعة والموقوفة المروية في فضل النظر في المصحف وفضل تعهده.
أ- الآثار المرفوعة:
1- [(أدم النظر في المصحف)] قاله لمن رمد، ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة غفلا عن راويه ومخرجه قال: (وفي إسناده من لا يحتج به). وذكر الفتني في تذكرته في هذا المعنى ما نصه: [رمدت فشكوت ذلك إلى جبرائيل فقال لي أدم النظر في المصحف) هو مسلسل منكر، وأورده ابن عراق في التنزيه على النحو التالي"81" (حديث) عبد الله بن مسعود رمدت فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: أدم النظر في المصحف] (البيهقي) في الشعب مسلسلا هكذا بشكاية الرمد والأمر بإدامة النظر إلى المصحف. وقال هذا منكر، ولعل البلاء فيه من محمد بن حميد الرازي (قلت) هذا عجب من السيوطي الشافعي، وهو يتعقب كثيرا على أحاديث ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات بأن البيهقي أخرجها في الشعب أو في غيره. وأنه التزم أن لا يذكر في كتبه حديثا يعلمه موضوعا، وهذا قد أخرجه البيهقي واقتصر على وصفه بالنكارة، ومحمد بن حميد مختلف فيه، لكن لوائح الوضع ظاهرة على الحديث، فأين كان في العهد النبوي مصحف حتى يؤمر ويأمر بإدامة النظر فيه، والله أعلم.أهـ كلام ابن عراق في التنزيه، وأورد الذهبي في الطب النبوي نحوا من هذا الأثر بما نصه: (ويقال إن رجلا شكى وجع عينيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أنظر في المصحف).
2- [أديموا النظر في المصحف] أخرجه عبد الرزاق في المصنف، وأبو
[709]
عبيد في فضائل القرآن، والطبراني في الكبير، وابن أبي شيبة في فضائل القرآن في مصنفه، وابن أبي داود في المصاحف، واللفظ لعبد الرزاق قال: (أخبرنا الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود: (أديموا النظر في المصحف فإذا اختلفتم في ياء وتا فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن).
وذكر الحافظ في الفتح صدره وعزاه إلى أبي عبيد وصحح إسناده.
3- "أعطوا أعينكم حظها من العبادة، قالوا يارسول الله وما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه". من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا وقد أخرجه ابن أبي الدنيا ومن طريقه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب
[710]
العظمة بإسناد ضعيف على ما ذكره العراقي في تخريج الإحياء وأخرجه الحكيم الترمذي في النوادر والبيهقي في الشعب والقرطبي في التذكار من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا أعينكم حظها من العبادة).فذكره وأخرجه العجلوني في كشف الخفا من طريق الحكيم الترمذي والبيهقي بلفظ (أعطوا العين حظها من العبادة) الحديث، قال العجلوني (رواه الحكيم الترمذي في النوادر والبيهقي عن أبي سعيد بسند ضعيف.
4- (أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن نظرا)أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والقرطبي في التذكار عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعا.
5- (من أدام النظر في المصحف متع ببصره) أخرج القرطبي في التذكار قال: (وروى ابن جريج، عن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أدام النظر في المصحف متع ببصره وذكره ابن عراق في التنزيه من قول سفيان وعبارته (وعن سفيان قال: (من أدام النظر في المصحف متع ببصره وخفف عن والديه العذاب وكان يقال أربعة تزيد في النظر أو في البصر، النظر إلى الوجه الحسن وإلى الخضرة وإلى الماء، والنظر في المصحف).
[711]
6- (من حفظ القرآن نظرا خفف عن أبويه العذاب، وإن كانا كافرين) ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة من غير ذكر لراويه أو مخرجه وذكره ابن عراق في التنزيه باللفظ المذكور أعلاه ورمز إليه ب (حب) من حديث ابن عمر، وفيه محمد بن مهاجر الطالقاني "تعقب" بأن له شاهد من حديث أبي الدرداء: (ومن قرأ مائتي آية في يوم نظرا، شفع في سبع قبور حول قبره وخفف الله العذاب عن والديه، وإن كانا مشركين) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف. "قلت" هو من طريق خلف بن يحي أحد الكذابين فلا يصح شاهدا والله أعلم.
وأخرج ابن أبي داود عن الليث بن سعد عن بعض شيوخ أهل المدينة، قال كان يقال: كلما قرأ الرجل في المصحف خفف عن أبويه في قبورهما) أ ه كلام بن عراق.
وذكره القاضي أبو يعلي في جملة أخبار للدلالة على فضل القراءة نظرا في المصحف فقال (فروى ابن أبي داود بإسناده عن أبي داود مرفوعا (من قرأ مائتي آية كل يوم نظرا شفع في سبعة قبور حول قبره وخفف العذاب عن والديه وإن كانا مشركين). وحكاه عن القاضي، ابن مفلح في آدابه.
وأورده الزركشي في البرهان وعزاه إلى ابن أبي داود في المصاحف أيضا من حديث أبي الدرداء مرفوعا وباللفظ المذكور آنفا ومثله في الكنز وأورده القرطبي في التذكار من طريق ابن شاهين حيث أخرج من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحي بن سعيد، عن خالد بن سعدان، عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ مائتي آية في المصحف كل يوم نظرا شفع في
[712]
سبع قبور حول قبره، وخفف الله عزوجل-عن والديه وإن كانا مشركين.
7- (من سره أن يحبه الله عزوجل فليقرأ في المصحف) أخرجه الديلمي في الفردوس وابن شاهين على ما في التذكار من رواية أبي الأحوص عن ابن مسعود وأورده في الكنز وعزاه إلى أبي نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب وأخرجه ابن عدي أيضا وقال في الفتوحات الربانية (وأخرج الحافظ عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يحبه الله ورسوله فليقرأ في المصحف) وأشار إلى أنه منكر السند.
8- (من قرأ مائتي آية في المصحف كل يوم نظرا شفع في سبع قبور حول قبره وخفف الله – عزوجل عن والديه وإن كانا مشركين ).وقد مر الكلام عليه في تخريج حديث من حفظ القرآن نظرا فليعاود.
9- (النظر في المصحف عبادة) وقد روي مرفوعا عن جماعة من الصحابة منهم عائشة عند ابن لأبي داود في المصاحف وأبي الشيخ وأبي نعيم في الحلية والديلمي في الفردوس.
[713]
وروي أيضا من حديث جابر وأبي هريرة
[714]
وصحابي لم يسم بيد أن هذه الروايات جميعا قد وردت من طرق وأسانيد لا يحتج بمثلها.
10- (من علم ابنه القرآن نظرا غفر له ما تقدم وما تأخر) أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس رضي الله عنه وقال الهيثمي في المجمع في باب:
[715]
"فيمن علم ولده القرآن" إثر إيراده لحديث أنس المذكور: (رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه).
11- (من قرأ القرآن ظاهرا أو ناظرا حتى يختمه غرس الله له به شجرة في الجنة) إلخ أخرجه الحاكم في المستدرك وابن عدي في الكامل والطبراني في الكبير ، والبيهقي في الشعب وأورده في الكنز بما نصه: (من قرأ القرآن ظاهرا أو ناظرا حتى يختمه غرس الله له به شجرة في الجنة ولو أن غرابا أفرخ في ورقة منها ثم نهض يطير لأدركه الهرم قبل أن يقطع تلك الورقة من تلك الشجرة) "الرافعي عن حذيفة" "طب ك وتعقب هب وابن مردوية"عن ابن الزبير.
ب) الآثار الموقوفة في فضل النظر في المصحف:
1- قال عبد الله بن حسان (اجتمع اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن أفضل العبادات قراءة القرآن نظرا).
2- وكان عثمان رضي الله عنه يقول: ( ما أحب أن يأتي على يوم ولا ليلة إلا أنظر في كتاب الله يعني القراءة في المصحف) أخرجه عنه بهذا اللفظ الإمام أحمد في الزهد.
وذكره القرطبي بلفظ (والله إني لأكره أن يأتي على يوم لا أنظر في عهد الله عز
[716]
وجل. وذكر أبو حامد الغزالي: أن عثمان رضي الله عنه خرق مصحفين لكثرة قراءته منهما.
3- قال أبو حامد وكان كثير من الصحابة يقرءون في المصاحف ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
4- (أديموا النظر في المصحف) : وقد مر تخريجه في المرفوعات وأن وقفه على عبد الله بن مسعود أصح، وقد روي عن عبد الله بن مسعود أيضا أنه كان يقول: "تعاهدوا هذه المصاحف" ، " وكان ابن مسعود إذا أصبح أمر غلامه فنشر المصحف فقرأه عليه".
" وروي أن مصحف عبد الله كان منشورا في بيته، وكان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا وفسر لهم". كذا في فضائل القرآن لأبي عبيد، والطبري في تفسيره وابن كثير في فضائل القرآن، وقال صحيح.
5- ["إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف فليقرأ".. أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن قال: (حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن حجاج بن أرطأة
[717]
عن ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر، أنه قال: [(إذا رجع...)]فذكره. وأخرجه أيضا ابن كثير في فضائل القرآن.
6- وكان ابن عمر إذا نظر في المصحف ليقرأ بدأ فقال: اللهم أنت هديتني ولو شئت لم أهتد، لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وقد مر في مسألة الدعاء عند أخذ المصحف بأبسط من هذا.
7- (أفضل العبادة قراءة مائتي آية في المصحف) أخرجه في التذكار من قول عائشة رضي الله عنها.
8- وروي (أنها كانت تقرأ في المصحف فإذا انتهت إلى السجدة قامت فسجدت) ذكره غير واحد من الأصحاب عن إسحاق بن راهويه بإسناده عنها.
9- (إني لأستحي أن لا أنظر كل يوم في عهد ربي عزوجل مرة) حكاه في التذكار عن أبي موسى بلفظ (وكان أبو موسى يقول: (إني لأستحي أن لا أنظر كل يوم في عهد ربي عزوجل مرة) وقد مر مثله عن عثمان رضي الله عنه من ذات المصدرين.
10- وكان عمر بن الخطاب إذا دخل بيته نشر المصحف وقرأ فيه" أخرجه أبو
[718]
عبيد في فضائل القرآن وابن أبي داود في المصاحف والزركشي في البرهان.
وابن كثير في فضائل القرآن واللفظ لأبي عبيد قال: (حدثنا حجاج، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن عمر كرم الله وجهه، أنه: "كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه" . وأخرجه أيضا القرطبي في تفسيره وتذكاره.
11- "ليس من العبادات أشد على الشيطان من قراءة القرآن نظرا" حكاه القرطبي في التذكار عن شداد ابن أوس موقوفا.
12- وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقرأ حزبه في المصحف كل ليلة ..
فقد أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن الأثر عنه في هذا قال: (حدثنا قبيصة عن سفيان عن الأعمش عن خيثمة قال: (دخلت على عبد الله بن عمرو وهو يقرأ في المصحف فقال: ("هذا حزبي الذي أقرأ به الليلة").
وأخرج ابن أبي شيبة في فضائل القرآن نحوا منه.
قال ابن كثير في فضائل القرآن: (فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا
[719]
يعطل المصحف فلا يقرأ منه ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير فالاستثبات أولى والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال).
النقول عن السلف في فضل القراءة والنظر في المصحف:
1- ذكر القاضي أبو يعلي أن ابن أبي داود قد ذكر بإسناده عن الاوزاعي قال: (كان يعجبهم النظر في المصحف بعد القراءة هية) كذا في الآداب، وعبارة الزركشي في البرهان وعن الأوزاعي: (كان يعجبهم النظر في المصحف بعد القراءة هنيهة).
2- وقد قيل: (الختمة في المصحف بسبع). ذكره الغزالي في الإحياء.
3- قال أبو حامد: (ودخل فقهاء مصر على الشافعي رضي الله عنه في السحر وبين يديه مصحف فقال له الشافعي: شغلكم الفكر عن القرآن إني لأصلي العتمة وأضع المصحف بين يدي فما أطبقه حتى أصبح.
4- وقال عبد الله ابن الإمام أحمد كان أبي يقرأ كل يوم سبعا لا يكاد يتركه نظرا.
5- وقال ابن الجوزي (وينبغي لمن كان عنده مصحف أن يقرأ فيه كل يوم آيات
[720]
يسيره لئلا يكون مهجورا.
6- وقال القرطبي وهو بصدد الكلام عن حقوق المصحف (أن لا يخلي يوما من أيامه من النظر في المصحف مرة أو مرتين واستدل بالآثار السالف ذكرها.
7- وقال ابن مفلح في الفروع – عن القراءة- :( ويستحب في المصحف ذكره الآمدي وغيره).
8- وقال شارح المنتهى (وتسن القراءة في المصحف لاشتغال حاسة البصر بالعبادة)... وجزم به في مطالب أولي النهى.
9- وقد صرح غير واحد من فقهاء الأحناف بفضل القراءة في المصحف قال في البزازية (والقراءة في الأسباع جائزة لكن الأفضل القراءة من المصحف لكون الأسباع محدثة).
المفاضلة بين القراءة نظرا في المصحف وبين القراءة عن ظهر قلب:
لأهل العلم في مسالة المفاضلة بين القراءة نظرا في المصحف وبين القراءة عن ظهر قلب أقوال ثلاثة:
أحدها: أنها من المصحف أفضل.
والثاني: أن القراءة عن ظهر قلب أفضل.
والثالث: أن ذلك يختلف باختلاف القاريء، فإن كان القاريء من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب أكثر مما يحصل له من المصحف فالقراءة من الحفظ أفضل وإن استويا فمن المصحف أفضل.
وقد ذهب إلى القول الأول جمهور أهل العلم وهو ظاهر الأخبار والآثار السالف
[721]
ذكرها الدالة على أن أفضل العبادات النظر في المصحف، يؤيده حرص الصحابة رضوان الله عليهم ومواظبتهم على تعاهد المصاحف والنظر فيها كل يوم مرة أو مرتين وعدم ورود ما يعارض تلك الآثار ولأن القراءة من المصحف تجتمع فيها القراءة والنظر، قالوا ولإن كانت فائدة القراءة من الحفظ قوة الحفظ، وثبات الذكر، وهي أمكن للتفكر فيه. ففائدة القراءة في المصحف الاستثبات، لا يخلط بزيادة حرف ولا إسقاط حرف، أو تقديم آية أو تأخيرها. وأيضا فإنه يعطي عينيه حظها منه فإن العين تؤدي للنفس، وبين النفس والصدر حجاب، والقرآن في الصدر فإذا قرأه عن ظهر قلبه، فأنه يسمع أذنه فيؤدي إلى النفس، وإذا نظر في الخط كانت العين والأذن قد اشتركتا في الأداء، وذلك أوفى للأداء، وكانت العين قد أخذت حظها كالأذن، ويقضي حق المصحف، لإن المصحف لم يتخذ ليمهل وله على الانفراد حق فلا يقرأ إلا على طهارة، ألا ترى أن المحدث منهي عن مسه فكانت القراءة في المصحف أولى وأفضل قالوا ويتأكد هذا التفضيل بما ورد من الآثار التى تعتبر نصا في المطلوب، بيد أن المخالف لم يسلم بثبوت الآثار المشار إليها لأنها آثار قد تكلم في أسانيدها ومتونها حتى عدت في الموضوعات ووصفت بالنكارة على ما مر بيانه عند تخريج هاتيك الآثار..وسيأتي لذلك مزيد بيان.
قالوا واسم المصحف لم يكن معهودا في زمن النبوة وإنما حدث في عهد أبي بكر على ما سبق بيانه في موضعه في هذا البحث نهايك عن أن القول بتفضيل القراءة نظرا على القراءة حفظا يقتضي أن تكون قراءة النبي عليه الصلاة والسلام مفضولة لكونه عليه السلام أميا ولا قائل بذلك بل ولا جائز أن يقال به.
رأي ابن عبد السلام:
ولهذا قال أبو محمد بن عبد السلام الشافعي في "أماليه" : (قيل القراءة في
[722]
المصحف أفضل لأنه يجمع فعل الجارحتين وهما اللسان والعين، والأجر على قدر المشقة، وهذا باطل لأن المقصود من القراءة التدبر لقوله تعالى: (ليدبروا ءاياته) والعادة تشهد أن النظر في المصحف يخل بهذا المقصود، فكان مرجوحا.
رأي النووي:
ومع أن النووي قد قدم في غير موضع من كتبه قول الجمهور في تفضيل القراءة نظرا في المصحف على القراءة على ظهر قلب إلا أنه اختار القول بالتفصيل فقال في التبيان (ولو قيل: إنه يختلف باختلاف الأشخاص فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة من المصحف وعن ظهر القلب ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن يكمل بذلك خشوعه وتدبره ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف لكان هذا قولا حسنا، والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل). قال الأنصاري في شرح الروض بعد أن قدم رأي الجمهور: (نعم إن زاد خشوعه وحضور قلبه في االقراءة عن ظهر القلب فهي أفضل في حقه قاله النووي في مجموعه وغيره تفقها وهو حسن).
قال الحافظ بن حجر في الفتح: (وقد صرح كثير من العلماء بأن القراءة من المصحف نظرا أفضل من القراءة عن ظهر قلب). ثم ذكر بعض الآثار الواردة في ذلك على ما مضى بيانه، ثم استدل بعد الأثر بالنظر فقال: (ومن حيث المعنى أن القراءة في المصحف أسلم من الغلط، لكن القراءة عن ظهر قلب أبعد من الرياء وأمكن للخشوع والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص).
[723]
تنبيه:
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام مالكا رحمه الله قد نص على مسألة خالف بها الجمهور حين قال بكراهة القراءة من المصحف في المسجد خاصة لأن وضع المصاحف في المساجد لم يكن معهودا في الصدر الأول وإنما هو بدعة من بدع الحجاج، وقد سئل الإمام مالك عن ذلكط فكرهه وقال:( هذا لم يكن من عمل الناس).. وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان عند الكلام على مسألة وضع المصحف في المسجد.
الآثار المقتضية لتفضيل النظر في المصحف:
وردت جملة من الآثار في تفضيل القراءة من المصحف على القراءة عن ظهر قلب وهاك طرفا من تلك الآثار:
1- حديث: "فضل من يقرأ القرآن نظرا على الذي يقرؤه ظاهرا كفضل الفريضة على النافلة" أخرجه أبو عبيد ومن طريقه الطبراني وأبو نعيم والديلمي
[724]
والقرطبي وابن كثير وابن مفلح والحافظ في الفتح والسيوطي في الجامع الصغير وأورده في الكنز في موضعين: الأول منهما عن عمرو بن أوس عند ابن مردويه وثانيهما عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن عمروو بن أوس عند ابن مردوية أيضا ولفظه في الموضعين (قراءتك نظرا تضاعف على قراءتك ظاهرا، كفضل المكتوبة على النافلة) وضعفه في الجامع من رواية عمرو بن أوس، قال الألباني في ضعيف الجامع عند إيراده لهذا الحديث من رواية عمرو بن أوس، قال الألباني في ضعيف الجامع عند إيراده لهذا الحديث من رواية عمرو بن أوس قال: (هو الطائفي الثقفي، وهو تابعي، فكان الواجب الإشارة إلى ذلك بقوله: "مرسلا" كما هي عادته.).
[725]
2- وحديث: "قراءة الرجل القرآن في غير المصحف ألف درجة وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك إلى ألفي درجة". أخرجه الطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب والقرطبي في التذكار والزركشي في البرهان والهيثمي في المجمع والسيوطي في الجامع الصغير والمتقي في الكنز واللفظ للطبراني قال: (ثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ثنا أبي وحدثنا عبدان بن حمدان ثنا دحيم الدمشقي ثنا مروان ابن معاوية ثنا أبو سعيد بن عوذ المكي عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قراءة الرجل القرآن في غير المصحف ألف درجة وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك إلى ألفي درجة) ونقله ابن مفلح في الآداب كما مر ثم قال: (كذا نقلته من خط الحافظ ضياء الدين وإنما هو أبو سعيد بن عوذ روى ابن أبي مريم عن ابن معين: ليس به بأس، وروى غيره عنه: ضعيف وروى ابن عدي خبره هذا واختلف عليه في متنه وقال مقدار ما يرويه محفوظ، وذكر هذه المسألة الآمدي من أصحابنا. وذكر الحافظ أبو موسى في "الوظائف" في ذلك أثرا.
قال الزركشي في البرهان بعد أن ساق رواية الطبراني الآنفة الذكر: (وأبو
[726]
سعيد قال فيه ابن معين: لا بأس به وروي البيهقي في "شعب الإيمان" من طريقين إلى عثمان بن عبد الله بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن في المصحف كانت له (ألف ألف) حسنة، ومن قرأه في غير المصحف فأظنه قال: (كألفي حسنة) . وفي الطريق الأخرى قال: (درجة) وجزم بألف إذا لم يقرأ في المصحف.
وقال ابن علان في الفتوحات (في الشعب للبيهقي بأسانيد ضعيفة حديث (قراءة القرآن في غير المصحف ألف درجة وقراءته في المصحف تضعف على ذلك إلى ألفي درجة) قلت قال الحافظ حديث غريب أخرجه ابن عدي في الكامل).
النظر في المصحف من غير مس:
صرح جمع من الفقهاء بأنه لا يكره للجنب، أو الحائض، أو النفساء النظر في المصحف أو القرآن المكتوب من غير مس له وعلل بعضهم الجواز بأن الجنابة وما في حكمها لا تحل العين. مستدلا بعدم وجوب غسلها ولكن بعض الفقهاء لم يرتض هذا التعليل، ولم يسلم بكون الجنابة لا تحل العين، وفسر عدم وجوب غسلها بالحرج المترتب على القول: بالوجوب لمشقة
[727]
غسلها بل لاحتمال الضرر الناجم عن غسلها على القول بوجوبه ورجح أن علة القول بجواز النظر إلى المصحف، وما في حكمه حال الجنابة انتفاء كون النظر مسا فالناظر في المكتوب لا يكون ماسا له، لا شرعا، ولا لغة، ولا عرفا، وقد مضى القول: بجواز كتابة المحدث للقرآن من غير مس، بل وإن كان الكاتب ذميا على ما مر تفصيله في مواضعه من هذا البحث. على أن الكتابة أبلغ من مجرد النظر بالعين، إذ في الكتابة نوع مس لأن القلم يمس الحروف حال الكتابة، وهو في يد الكاتب وقد يقال "بأن ذلك منه نوع مس بواسطة بخلاف مجرد النظر بالعين لعدم المحظور هنا. ومثل الجنب في عدم كراهة النظر من غير مس الحائض والنفساء، ولكن الوضوء لمطلق الذكر مندوب وتركه خلاف الأولى.
[728]


رد مع اقتباس
  #98  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 11:16 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

النقص في المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو النقص في المصحف من أن يكون متعمدا أو أن يكون غير متعمد، فإن كان النقص متعمدا فقد حكى القاضي عياض في كتابه الشفا إجماع أهل العلم على القول بكفر فاعله وقد مضى كلام القاضي في غير موضع من هذا البحث مستوفي وأما إن كان النقص الحاصل في المصحف نتيجة سهو من الناسخ وعدم شعور منه فقد صرح غير واحد من أهل العلم بعدم تأثيمه بذلك لكن يتعين
[729]
حينئذ استدراك القدر الناقص وإصلاح الخلل الحادث إن كان ذلك ممكنا فإن تعذر لكثرة السقط وتفشي الخلل تعين المصير إلى إتلافه درءا للمفاسد التي قد تترتب على استبقائه في الحال أو المآل على ما مضى بيانه في موضعه من مسألة إتلاف المصاحف ومتى يكون ذلك متعينا هذا في النقص من نظمه وأما النقص في حجمه فقد مضى في مسألتي أجزاء المصحف وتصغيره.
استشكال وجوابه:
ولما كان النقص في المصحف بهذه المثابة، استشكل البعض ما روي من إسقاط ابن مسعود من مصحفه سورة الفاتحة والمعوذتين فقد أخرج عبد بن حميد، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة، وابن الأنباري في المصاحف عن محمد بن سيرين (أن أبي بن كعب وعثمان بن عفان كانا يكتبان فاتحة الكتاب والمعوذتين ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهن).
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: (كان عبد الله بن مسعود لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف، وقال لو كتبتها لكتبت في أول كل شيء وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق. قال السيوطي: صحيحة (عن ابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين في المصحف يقول: (لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب الله، إنما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما) قال البزار: (لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة) وأثبتتا في المصحف.
[730]
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن زر بن حبيش قال: (أتيت المدينة فلقيت أبي ابن كعب، فقلت له أبا المنذر إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: أما والذي بعث محمدا بالحق لقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنهما وما سألني عنهما أحد منذ سأله غيرك، قال: (قيل لي قل. فقلت: فقولوا).فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن هاتين السورتين فقال: قيل لي، فقلت فقولوا كما قلت").
ثبوت قرآنية المعوذتين:
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنزلت على الليلة آيات لم أر مثلهن قط (قل أعوذ برب
[731]
الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) وقد رويت قرآنية المعوذتين عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا من حديث جابر وأبي حابس الجهمي، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، وأم سلمة، وعائشة.. رضي الله عنهم أجمعين.
رجوع ابن مسعود عن القول بعدم قرآنية المعوذتين:
قال ابن كثير بعد حكايته المروي عن ابن مسعود آنفا من عدم قرآنية المعوذتين:
(ثم قد رجع عن قوله إلى قول الجماعة).
الجواب عن الاستشكال:
أ) من أهل العلم من بنى جوابه عن الاستشكال المذكور على تقدير صحة المروي عن ابن مسعود وثبوته فقال في شأن المعوذتين وإنكار ابن مسعود لقرآنيتهما أنه قد ظن أن المعوذتين ليستا من القرآن، لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بهما الحسن والحسين، فأقام على ظنه، ولا نقول: إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار، وبمثل هذا أجاب ابن قتيبة في غير موضع من كتبه. ثم قال: (وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من
[732]
القرآن – معاذ الله- ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أن ذلك مأمون في سورة الحمد لقصرها ووجوب تعلمها على كل أحد.
ب) ومن أهل العلم من لم يرتض هذا الجواب أو يسلم بهذا الاعتذار بل ذهب إلى رد هذه الآثار لكونها أخبار آحاد لا تقوى على معارضة المتواتر ولا تقاوم بها قواطع الشرع وما انعقد عليه إجماع الأمة وقد سلك هذا المسلك في الجواب غير واحد من أهل العلم كابن الأنباري والقاضي الباقلاني وأبي عبد الله القرطبي فقد جاء في تفسيره ما نصه [وزعم ابن مسعود أنهما دعاء تعوذ به، وليستا من القرآن، خالف به الإجماع من الصاحبة وأهل البيت. قال ابن قتيبة: لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوذتين، لأنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين – رضي الله عنهما- بهما، فقدر أنهما بمنزلة: [أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة]. قال أبو بكر الأنباري: وهذا مردود على ابن قتيبة، لأن المعوذتين من كلام رب العالمين، المعجز لجميع المخلوقين. " وأعيذكما بكلمات الله التامة" من قول البشر بين. وكلام الخالق الذي هو آية لمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وحجة له باقية على جميع الكافرين، لا يلتبس بكلام الآدميين، على مثل عبد الله بن مسعود الفصيح اللسان، العالم باللغة، العارف بأجناس الكلام، وأفانين القول قال القرطبي " وقال بعض الناس:
[733]
لم يكتب عبد الله المعوذتين لأنه أمن عليهما من النسيان، فأسقطهما وهو يحفظهما، كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه وما يشك في حفظه وإتقانه لها. فرد هذا القول على قائله، واحتج عليه بأنه قد كتب: (إذا جاء نصر الله والفتح) و (إنا أعطيناك الكوثر) و (قل هو الله أحد) وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال، والحفظ إليهن أسرع، ونسيانهن مأمون، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب، إذ الصلاة لا تتم إلا بقراءتها وسبيل كل ركعة أن تكون المقدمة فيها قبل ما يقرأ من بعدها، فإسقاط فاتحة الكتاب من المصحف، على معنى الثقة ببقاء حفظها، والأمن من نسيانها، صحيح، وليس من السور ما يجري في هذا المعنى مجراها، ولا يسلك به طريقها... وقد مضى هذا المعنى في سورة "الفاتحة" والحمد لله.
جواب القاضي الباقلاني:
وقد أجاب أبو بكر الباقلاني في غير موضع من كتابه "الانتصار لنقل القرآن" عن دعوى عدم قرآنية المعوذتين لأجل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما بين ذلك، ولأجل خلاف ابن مسعود في ذلك وجحده أن تكونا من القرآن. أجاب بأن هذا باطل وزور ولا ينبغي لمسلم أن يثبته على عبد الله بن مسعود بأخبار آحاد معارضة بما هو أقوى منها عن رجال عبد الله في إثباتها قرآنا وقال في موضع من الانتصار.
[734]
أيضا [وأما المعوذتان فكل من ادعى معارضة أن عبد الله بن مسعود أنكر أن تكونا من القرآن فقد جهل وبعد عن التحصيل، لأن سبيل نقلهما سبيل نقل القرآن ظاهرا ومشهورا وفيهما الإيجاز الذي لا خفاء لذي فهم عنه، فكيف يحمل على ابن مسعود إنكار كونهما قرآنا مع ما ذكرنا من النقل والإعجاز، هذا غاية الغباوة من مضيفه إليه وكيف ينكر كونها قرآنا منزلا ولا ينكر عليه الصحابة، وقد أنكرت عليه أقل من هذا وكرهته من قوله حيث قال: [معشر المسلمين، أعزل عن كتابة المصحف، والله لقد أسلمت وإن زيدا لفي صلب رجل كافر].
قال ابن شهاب وغيره: لقد كره مقالته هذه الأماثل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكيف يصح ذلك قد كان مشهورا بإتقان القراءة منتصبا للإقراء فلو أنكرها لم يستبعد ممن قرأ عليه أن يروي ذلك عنه ويذكره، فلما لم يرو عنه ولا نقل مع جريان العادة دل على بطلانه وفساده. فإن قيل فلعلهم لم يرووا عنه هذا لشناعته وبشاعته وخروج فاعله عن مذهب الأمة. قيل: فقد كانوا مع هذا خيارا وأبرارا، فكان يجب انحرافهم عنه وتفنيدهم له.
وفي إطباق أهل السيرة والرواية على أنه لا شيء يروى عن أصحاب عبد الله في هذا دليل على بطلانه. وهذا سبيل القول عندنا في كل أمر يروى عن الصحبة أو عن أحدهم يوجب تفسيقه أو تضليله، لا يجب قبوله ولا العمل به، لأنهم قد تثبت عدالتهم بالنقل الموجب للعلم القاطع للعذر فلا يثبت جرحهم بخبر واحد مطعون]. ثم مضى في ذكر الروايات المثبتة لقرآنية المعوذتين كما ذكر بعض أوجه التأويل للمروي عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وقد مر أن جمعا من أهل العلم قد سلكوا مسلك الباقلاني في إبطال المروي عن ابن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين فمنهم الطحاوي وابن الأنباري
[735]
وابن حزم في المحلى والقاضي عياض والفخر الرازي في تفسيره والنووي في مجموعه وغيرهم. لكن الحافظ في الفتح لم يسلم ما ذهبوا إليه من القول بعدم صحة المروي عن ابن مسعود ومال إلى الجواب القائل باحتمال أن نقل الفاتحة والمعوذتين أنه كان متواترا في عصر ابن مسعود لكن لم يتواتر عند ابن مسعود قال: [فانحلت العقدة بعون الله تعالى].
[736]


رد مع اقتباس
  #99  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 11:18 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

نقط المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (مرت الإشارة إلى مسألة نقط المصاحف في غير موضع من هذا البحث بيد أن الكلام عنها هنا سيكون مقصورا على قضايا أربع:
إحداها: ماهية النقط أو تعريفه.
والثانية: سببه والباعث عليه وأول من نقط المصاحف.
والثالثة: جملة ما في المصحف من النقط.
والرابعة: حكم نقط المصاحف واختلاف أهل العلم في ذلك.
ماهية النقط:
قال العيني في البناية (والنقط بفتح النون وسكون القاف مصدر من نقط المكتوب ينقط وبعضهم ضبطه بضم النون وفتح القاف، وقال: جمع نقطة وهو تصحيف على ما لا يخفى وذكر أبو عمرو الداني في المحكم أن النقط يطلق على معنيين، أحدهما نقط الإعجام، وهو نقط الحروف في سمتها للتفريق بين الحروف المشتبهة في الرسم، كنقط الباء بنقطة من تحت، ونقط التاء باثنتين من فوق ونقط الثاء بثلاث نقط من فوق؟
والثاني: نقط الإعراب، أو نقط الحركات، وهو نقط الحروف للتفريق بين
[737]
الحركات المختلفة في اللفظ، كنقط الفتحة بنقطة من فوق الحرف، ونقط الكسرة بنقطة من تحت الحرف، ونقط الضمة بنقطة أمام الحرف أو بين يديه.
وقد أشرك الأقدمون النوعين في الصورة بجعلها نقطا مدورا من حيث اشتراكهما في المعنى والغاية، وهي التفريق والتبيين. تفريق الحروف المتشابهة ببعضها من بعض ، وتفريق الحركات المختلفة بعضها من بعض. قال أبو عمرو الداني في " المحكم": على أن اصطلاحهم على جعل الحركات نقطا كنقط الإعجام قد يتحقق من حيث كان معنى الإعراب التفريق بالحركات. وكان الإعجام أيضا يفرق بين الحروف المشتبهة في الرسم. وكان النقط يفرق بين الحركات المختلفة في اللفظ. فلما اشتركا في المعنى أشرك بينهما في الصورة ونقط الحركات هو المقصود بنقط المصاحف. وقد أحدثه المسلمون لضبط ألفاظ القرآن، وتصحيح قراءتها.
وقد ذكر محقق المحكم أن النقط كان معروفا في كتب الأمم السابقة وبخاصة ما كان منها مقدسا لديهم.

الباعث على نقط المصحف وأول من نقطها:
قال أبو عمرو الداني في "المحكم": "اعلم أيدك الله بتوفيقه أن الذي دعا السلف، رضي الله عنهم، إلى نقط المصحف ما شاهدوه من أهل عصرهم، من فساد ألسنتهم واختلاف ألفاظهم، وتغير طباعهم، ودخول اللحن على كثير من خواص الناس وعوامهم، وما خافوه مع مرور الأيام وتطاول الأزمان، من تزيد ذلك وتضاعفه فيمن يأتي بعد، ممن هو- لاشك- في العلم والفصاحة والفهم والدراية دون من شاهدوه ممن عرض له الفساد، ودخل عليه اللحن، لكي يرجع إلى نقطها ويصار إلى شكلها عند دخول الشكوك وعدم
[738]
المعرفة ويتحقق بذلك إعراب الكلم، وتدرك به كيفية الألفاظ.
وقد اختلف الناس في ماهية السابق إلى نقط المصاحف وهل كان من الصحابة رضوان الله عليهم وكما هو اختيار أبي عمرو الداني في المحكم استنادا إلى قول قتادة [بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا أم كان من التابعين على ما هو مشهور عند الجمهور. قال أبو عمرو: هذا يدل على أن الصحابة وأكابر التابعين، رضوان الله عليهم، هم المبتدئون بالنقط ورسم الخموس والعشور، لأن حكاية قتادة لا تكون إلا عنهم، إذ هو من التابعين. قوله "بدؤوا إلى آخره" دليل على أن ذلك كان عن اتفاق من جماعتهم وما اتفقوا عليه أو أكثرهم فلا شكول في صحته، ولا حرج في استعماله. وإنما أخلى الصدر منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا الدلالة على بقاء السعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ بها والقراءة بما شاءت منها. فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها.
ثم ذكر أبو عمرو قصة احتيال زياد بن أبي سفيان على أبي الأسود الدؤلي لاضطراره إلى تلبية رغبته في نقط المصاحف على ما مر بيانه في غير موضع من هذا البحث. ثم إن الجمهور الكاتبين حين اتفقوا على أن نقط المصاحف إنما أحدث في عهد التابعين قد اختلفوا في ماهية من قام بهذا الصنيع وهل كان أبا الأسود الدؤلي. أم نصر بن عاصم الليثي. أم يحي بن يعمر العدواني أم
[739]
الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد جمع الداني بين هذه الأقوال المختلفة فقال: [قال أبو عمرو: يحتمل أن يكون يحي ونصر أول من نقطاها للناس بالبصرة وأخذ ذلك عن أبي الأسود، إذا كان السابق إلى ذلك والمبتديء به، وهو الذي جعل الحركات والتنوين لا غير على ما تقدم في الخبر عنه. ثم جعل الخليل بن أحمد الهمز والتشديد والروم والإشمام. وقفا الناس في ذلك أثرهما واتبعوا فيه سنتهما، وانتشر ذلك في سائر البلدان وظهر العمل به في كل عصر وأوان. والحمد لله على كل حال].
جملة ما في المصحف من النقاط:-
قال الفيروزآبادي في كتابه "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" :
[وأما نقطه فجملة نقط القرآن مائة ألف وخمسون ألفا وستة آلاف وإحدى وثمانون نقطة].
حكم نقط المصاحف واختلاف أهل العلم في ذلك:-
ولما كان المصحف الإمام خاليا عن النقط والشكل على ما مضى بيانه في غير موضع من هذا البحث ولورود الأمر بتجريد المصاحف مرفوعا وموقوفا كما مر في مسألة
[740]
تجريد المصحف، فقد اختلفت كلمة أهل العلم في مسألة نقط المصاحف حيث منع منها فريق من أهل العلم ورخص فيها آخرون، وممن حكى عنه المنع ابن عمر وابن مسعود من الصحابة رضي الله عنهم وهو محكي عن قتادة وإبراهيم وابن سيرين والحسن البصري
[741]
في رواية عنهما، وعباد بن عباد الخواص والقول بكراهة النقط هو مذهب أبي حنيفة والإمام مالك في المصاحف الأمهات خاصة. وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد غير أن جمهور أهل العلم على القول بجواز نقط المصاحف لكونه يعين على جودة التلاوة فيها ويقي التالي من الوقوع في اللحن والتصحيف بل صرح بعضهم باستحبابه قال النووي في التبيان [قال العلماء: ويستحب نقط المصحف وشكله فإنه صيانة من اللحن فيه والتصحيف وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم، وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك والله أعلم].
وذكر أبو العباس ابن تيمية أن من أسباب ترك الصحابة المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة ولا منقوطة، لتكون صورة الرسم محتملة للأمرين كالتاء، والياء والفتح والضم. اهـ وقد سبقه إلى نحو ذلك أبو عمرو الداني في المحكم حيث قال: [وإنما أخلى الصدر منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا الدلالة على بقاء السبعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ
[742]
بها والقراءة بما شاءت منها. فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها]. وقال أبو العباس ابن تيمية: [الصحابة كتبوا المصاحف بغير شكل ولا نقط لأنهم لا يلحنون] وقال في موضع آخر: [وإن كتبت بنقط وشكل أو بدونهما جاز] وقال ف ي موضع آخر: [لما حدث اللحن في زمن التابعين صار بعضهم يشكل المصاحف وينقطها بالحمرة] وقال في موضع آخر [حكم الشكل والنقط حكم الحروف المكتوبة من كلام الله، الشكل يبين إعراب القرآن والنقط يبين الحروف والصحابة لم يشكلوها ولم ينقطوها لأنهم لا يلحنون]. وقال في موضع آخر[يجب احترام المصاحف واحترام المصاحف واحترام الشكل والنقط إذا كانت مشكولة ومنقوطة لامتيازها عما سواها في المعاني والمتكلم بها.] وقد مضى في مسألة تشكيل المصحف بأبسط من هذا.
[743]


رد مع اقتباس
  #100  
قديم 2 ربيع الأول 1436هـ/23-12-2014م, 08:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

هامش المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( صرح بعض الفقهاء بأن لهامش المصحف والورق الأبيض الملحق به مثل ما للمصحف من الحرمة فلا يجوز مس شيء من ذلك حال الحدث مثلا وهو ظاهر كلام جماهير أهل العلم.
قال أبو العباس ابن تيمية في شرح العمدة[وأما المصحف فإنه لا يمس منه موضع الكتابة ولا حاشية ولا الجلد أو الدف أو الورق الأبيض المتصل به].
وقال الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج للهيتمي إثر قول الهيتمي عطفا على حرمة مس المصحف حال الحدث [ومس ورقه ولو البياض للخبر الصحيح [لا يمس القرآن إلا طاهر] قال المحشي وظاهر أن مسه مع الحدث ليس كبيرة سم على المنهج بخلاف الصلاة ونحوها كالطواف وسجدة التلاوة والشكر فإنها كبيرة إلى أن قال وقال سم ولو انفصل من ورقه بياضه كأن قص هامشه فهل يجري تفصيل الجلد، فيه نظر ولا يبعد الجريان أ.ه وأقره ع ش] وقد مر القول بقصر المنع على مس النقوش خاصة رواية في المذهب الحنفي واختيارا لابن عقيل الحنبلي في الفنون.
[744]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة