نزول قول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ...}
قال ابن عباس في رواية الوالبي: وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة. ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية.
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني أخبرنا أبو الشيخ الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي حدثنا سهل بن عثمان العسكري حدثنا يحيى بن أبي زائدة حدثني أبي وغيره، عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال:
كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا لم يفعلوا شيئا من ذلك إلى مثلها من القابلة. وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئا وغلبته عينه فنام فلما انتصف النهار من غد غشي عليه وأتى عمر امرأته وقد نامت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزل: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله: {من الفجر} ففرح المسلمون بذلك.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا الزعفراني حدثنا شبابة حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال:
كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة
الأنصاري كان صائمًا فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه وجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبة لك فأصبح صائمًا فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيامِ الرَفَثُ إِلى نِسائِكُم} ففرحوا بها فرحًا شديدًا رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن الفضل قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا إسحاق بن أبي فروة عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال: إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت: إني قد نمت فوقع بها وأمسى صرمة بن أنس صائمًا فنام قبل أن يفطر وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا فأصبح صائمًا وكاد الصوم يقتله فأنزل الله عز وجل الرخصة قال: {فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم} الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو الحيري قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال: نزلت هذه الآية {وَكُلوا وَاِشرَبوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ} ولم ينزل: {مِنَ الفَجرِ} وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم
في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى بعد ذلك: {مِنَ الفَجرِ} فعلموا إنما يعني بذلك الليل والنهار رواه البخاري عن ابن أبي مريم. ورواه مسلم عن محمد بن سهل عن ابن أبي مريم). [أسباب النزول:45 - 47]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [الآية: 187]
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الوالبي
وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك لرسول الله فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت الوالبي هو علي بن أبي طلحة وقد وصل حديثه الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما وعندهم فأنزل الله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم وأخرجه الطبري
قال ابن عطية حكى النحاس ومكي أن عمر نام ثم وقع بامرأته وهذا عندي بعيد على عمر قلت ذكره ابن كثير من طريق موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس وهذا سند صحيح ولفظه إن الناس كانوا قبل أن ينزل في الصوم ما نزل يأكلون ويشربون ويحل لهم شان النساء فإذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب ولا يأتي أهله حتى يفطر من القابلة فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعد ما نام ووجب عليه الصوم وقع على أهله ثم جاء إلى النبي فقال أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت قال وماذا صنعت قال إني سولت لي نفسي فوقعت على أهلي بعدما نمت وأنا أريد الصوم فزعموا أن النبي قال ما كنت خليقا على أن تفعل فنزل الكتاب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
ولهذه القصة طرق عن ابن عباس في بعضها أن امرأة عمر هي التي نامت
فمنها ما أخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال كان الناس على عهد رسول الله إذا صلوا العشاء حرم عليهم الطعام
والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة فقال علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فكان هذا مما نفع الله به الناس ورخص لهم بسببه
وأخرجه سنيد بن داود من وجه آخر عن عكرمة مرسلا وفيه تسمية الرجل أبو قيس ابن صرمة
ومنها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن شروس عن عكرمة عن رجل قد سماه من الأنصار جاء ليلة وهو صائم فقالت له امرأته لا تنم حتى أصنع لك طعاما فجاءت وهو نائم فقالت نمت والله قال لا والله ما نمت قالت بلى والله فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائما فغشي عليه فنزلت الرخصة
ومنها عن العوفي عنه ولفظه في قوله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يعني بذلك الذي فعل عمر بن الخطاب فأنزل الله عفوه فقال فتاب عليكم وعفا عنكم أخرجه ابن أبي حاتم وأخرجه الطبري مطولا وأوله كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم الحديث وفيه وإن عمر بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فأتى أهله فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه ثم أتى رسول الله فقال إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي فإنها زينت لي فهل تجد لي من رخصة فقال لم تكن بذلك حقيقا يا عمر فلما بلغ بيته أرسل إليه فأتاه فعذره في آية من القرآن وأمره الله أن يضعها في المئة الوسطى من البقرة
وأخرج الطبري أيضا من طريق حماد بن سلمة عن ثابت أن عمر واقع أهله ليلة في رمضان فاشتد ذلك عليه فأنزل الله أحل لكم الآية
ولها طرق أخرى عن غير ابن عباس
منها ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل عن المسعودي يسنده الماضي قريبا قال فيه وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرآه رسول الله وقد جهد جهدا شديدا فقال ما لي أراك جهدت جهدا شديدا قال يا رسول الله إني عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما قال وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي فذكر ذلك فأنزل الله عز وجل أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل
وأخرجه الطبري أيضا من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى مرسلا ومن طريق حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا وقال فيه فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك
وأخرجه أحمد والطبري وابن أبي حاتم من طريق قيس بن سعد عن عطاء ابن أبي رباح عن أبي هريرة في قول الله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل قال كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا وأن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس الأنصاري غلبته عينه بعد صلاة المغرب فنام فلم يشبع من الطعام ولم يستيقظ حتى صلى الرسول العشاء فقام فأكل وشرب فلما أصبح أتى رسول الله فأخبره بذلك فأنزل عند ذلك أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل فكان ذلك عفوا من الله ورحمة كذا جاء في هذه الرواية أن صرمة بن قيس أكل وشرب بعد ما نام والذي تقدم أصح أنه امتنع فجهد فنزلت
وأخرج الطبري من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت إني قد نمت قال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي فأخبره فأنزل الله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم الآية وأخرجه ابن أبي حاتم وفي سنده عندهما ابن لهيعة وحديثه يكتب في المتابعات
ثم أسند الواحدي من طريق يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة حدثني أبي وغيره عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئا من ذلك إلى مثلها وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئا وغلبته عينه فنام فلما انتصف النهار من غد غشي عليه قال وأتى عمر امرأته وقد نامت فذكر ذلك للنبي فنزلت أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله من الفجر ففرح المسلمون
ثم أسند أيضا من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فذكر نحوه ولم يذكر قصة عمر وفي آخره فأنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ففرحوا بها فرحا شديدا
قال رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل وهو كما قال وأخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن عبيد الله بن موسى فقال عن إسرائيل وزهير كلاهما عن أبي إسحاق وأخرجه أيضا أبو داود من وجه آخر عن إسرائيل وقال في روايته إن صرمة بن قيس وأخرجه النسائي من رواية زهير وقال في روايته ونزلت في أبي قيس بن عمرو
وأخرج الطبري أيضا من طريق السدي قال كتب على النصارى صيام رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا النساء في رمضان بعد النوم وكتب على المسلمين كما كتب على النصارى فلم يزل المسلمون حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجرة فأتى أهله بتمر فقال لامرأته استبدلي لي بهذا طحينا فاجعليه سخينة لعلي آكله فإن التمر قد أحرق جوفي
فانقلبت فاستبدلت له ثم صنعته فأبطأت عليه فنام فجاءت فأيقظته فكره أن يعصي الله فأبى أن يأكل فأصبح صائما فرآه النبي بالعشي فقال ما لك يا أبا قيس فقص عليه القصة وكان عمر وقع على جارية له في ناس من المسلمين لم يملكوا أنفسهم فلما سمع كلام أبي قيس رهب أن ينزل فيه شيء فبادر واعتذر وتكلم أولئك الناس فنسخ الله تعالى ذلك عنهم ونزلت أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله من الفجر
ثم أسند الواحدي من طريق إسحاق بن أبي فروة عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت إني قد نمت فوقع بها وأمسى صرمة بن قيس صائما فنام قبل أن يفطر فأصبح فكاد الصوم يقتله فأنزل الله تعالى الرخصة قال فتاب عليكم وعفا عنكم وهذا الحديث مع إرساله ضعيف السند من أجل إسحاق بن أبي فروة
ولولا أني التزمت أن استوعب ما أورده الواحدي لاستغنيت عن هذا
وأخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان الرجل من الصحابة يصوم فإذا أمسى أكل وشرب وجامع فإذا رقد حرم ذلك كله عليه حتى القابلة وكان فيهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك فعفا الله عنهم وأحل ذلك قبل الرقاد وبعده وفي رواية ذكر عمر
ومن طريق محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري إن صرمة بن أنس أتى أهله وهو شيخ كبير فلم يهيئوا له طعاما فوضع رأسه فأغفى وجاءته امرأته فقالت كل قال إني قد نمت قالت إنك لم تنم فأصبح جائعا مجهودا فنزلت
تنبيه جمع ابن عطية الخلاف في تسمية الأنصاري بحسب ما وقع عنده في تفسير ابن جرير فقال وروي أن صرمة بن قيس ويقال ابن مالك ويقال أبو قلت وتقدم في بعض طرقه أبو قيس بن صرمة وفي بعضها أبو قيس بن عمرو وذكرت في كتابي في الصحابة إن بعضهم قال أنس بن صرمة وأن بعضهم صحفه فقال ضمرة بضاد معجمة ووقع في تفسير مقاتل أنه صرمة ابن أنس بن صرمة بن مالك من بني عدي بن النجار أبو قيس ..... ). [العجاب في بيان الأسباب:436 - 1/447]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [187]
أسند الواحدي من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد قال نزلت هذه الآية " كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما فأنزل الله تعالى بعد ذلك من الفجر فعلموا أنه إنما يعني بذلك الليل والنهار قال رواه البخاري ومسلم وهو كما قال
قال ابن عطية وجعل عدي بن حاتم خيطين على وسادة فقال له النبي إن وسادك لعريض قال ابن عطية روي أنه كان بين طرفي المدة عام
قلت كلامه يوهم أن قصة عدي كانت قبل نزول قوله تعالى من الفجر وليس كذلك بل صنيع الأنصار وصنيع عدي وإن اتحد في الخيطين لكن مأخذ الغرضين مختلف ونزول من الفجر كان بسبب الأنصار لأنهم حملوا الخيطين
على حقيقتهما وفعل عدي استمر بعد نزول قوله تعالى من الفجر حملا للخيطين على الحقيقة أيضا وأن المراد أن يوضح الفجر الأبيض منهما من الأسود فقيل له إن المراد بالخيط نفس الفجر ونفس الليل). [العجاب في بيان الأسباب:447 - 1/449]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [187]
قال مقاتل بن سليمان نزلت في علي وعمار بن ياسر وأبي عبيدة بن الجراح كان أحدهم يعتكف فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله فيباشر ويجامع ويغتسل ويرجع فنزلت
و عبر عنه ابن ظفر مقتصرا عليه بقوله قيل كان علي وأبو عبيدة إذا خرجا في حال اعتكافهما لحاجة الإنسان قد يكون منها الوطء فنزلت
وأخرج الطبري من طريق سفيان وهو الثوري عن علقمة بن مرثد عن الضحاك بن مزاحم قال كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزلت ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
وفي رواية له من هذا الوجه كان الرجل إذا اعتكف فخرج من المسجد جامع إن شاء فنزلت يقول لا تقربوهن ما دمتم عاكفين في مسجد ولا غيره
ومن طريق سعيد عن قتادة كان الرجل إذا خرج من المسجد وهو معتكف فلقي امرأته باشرها فنهاهم الله عن ذلك وأخبرهم أن ذلك لا يصلح حتى يقضي اعتكافه
ومن طريق معمر عن قتادة نحوه
ومن طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع امرأته ثم اغتسل ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس كان أناس يصيبون نساءهم وهم عكوف فنهاهم الله عن ذلك
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان ابن عباس يقول من خرج من بيته إلى بيت الله فلا يقرب النساء ومن طريق ابن جريج قال: قال مجاهد نهوا عن جماع النساء في المساجد حيث كانت الأنصار تجامع). [العجاب في بيان الأسباب:449 - 1/451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}
روى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلا من الأنصار يقال له قيس بن صرمة صلى العشاء ثم نام، فلم يأكل، ولم يشرب حتى أصبح، فأصبح مجهودا، وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزل الله {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل}. هذا الحديث مشهور عن ابن أبي ليلى لكنه لم يسمع من معاذ وله شواهد.
فأخرج البخاري عن البراء قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكني أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته
عينه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}، ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}.
وأخرج البخاري عن البراء قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، فكان الرجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} الآية.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام، حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده، فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمتِ. ثم وقع بها وصنع كعب مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت الآية.
قوله تعالى: {من الفجر}
روى البخاري عن سهل بن سعد قال: أنزلت {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ولم ينزل من الفجر، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد {من الفجر} فعلموا أنما يعني الليل والنهار.
قوله تعالى: {ولا تباشروهن}.
أخرج ابن جرير عن قتادة قال: كان الرجل إذا اعتكف في المسجد جامع إن شاء، فنزلت {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} ). [لباب النقول:32 - 34]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الآية، إلى قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} الآية 187.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج5 ص31 حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق
فأطلب لك. وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فقالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشى عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}.
الحديث أعاده الإمام البخاري في كتاب التفسير مع تغيير في بعض السند وفيه تصريح أبي إسحاق بالسماع ولفظ متنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يختانون أنفسهم فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} الآية. وظاهرهما التغاير لكن لا مانع من أن تكون نزلت في هؤلاء وفي هؤلاء.
ورواه أبو دواد ج2 ص265 والنسائي ج4 ص121 وقد جمع حديثي البخاري فعلمنا أن القضيتين معا كانتا سببا النزول والإمام أحمد ج4 ص295 والدارمي ج2 ص5). [الصحيح المسند في أسباب النزول:28 - 29]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} الآية 187.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج5 ص35 حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد وحدثني سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال أنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ} فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتها فأنزل الله بعد: {مِنَ الْفَجْرِ} فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار.
الحديث أعاده في التفسير من حديث ابن أبي مريم بالسند الأخير وهو من الأحاديث النادرة التي أعادها بدون تغيير وأخرجه مسلم ج7 ص220). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 29]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين