تفسير سورة الكهف
[ من الآية (107) إلى الآية (110) ]
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)}
قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}
قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قبل أن تنفد كلمات ربّي (109)
قرأ حمزة والكسائي (ينفد) بالياء.
وقرأ الباقون (تنفد) بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 2/127]
قال أبو منصور: من قرأ (تنفد) فلأن الكلمات جماعة مؤنثة.
ومن قرأ (ينفد) ذهب إلى معنى الكلم، وتقدّم الفعل). [معاني القراءات وعللها: 2/128]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (42- وقوله تعالى: {أن تنفد كلمات ربي} [109].
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر: {أن ينفد} بالياء لأن الكلمات تأنيثها غير حقيقي، ولأن جم المؤنث مما لا يعقل يشبه بما يعقل نحو هندات، فلما كانت العرب تقول: قال نسوة، قيل: ينفد الكلمات.
وقرأ الباقون: {أن تنفد} بالتاء، وهو الاختيار لأنه جمع بالألف والتاء والاختيار فيه التأنيث؛ لإجماع النحويين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/423]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: أن تنفد كلمات ربي [الكهف/ 109].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم: قبل أن تنفد كلمات بالتاء. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: (ينفد) بالياء.
قال أبو علي: التأنيث أحسن، لأن المسند إليه الفعل مؤنث، والتذكير حسن أيضا لأن التأنيث ليس بحقيقي وقد تقدم ذكر ذلك في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/183]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وابن مسعود والأعمش، - بخلاف- ومجاهد وسليمان التيمي [وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مِدَادًا].
قال أبو الفتح: "مدادًا" منصوب على التمييز، أي: بمثله من "المداد"؛ فهو كقولك: لي مثلُه عبدًا، أي: من العبيد، وعلى التمرة مثلها زبدًا، أي: من الزبد. وأما {مَدَدًا} فمنصوب على الحال، كقولك: جئتك بزيد عونا لك ويدًا معك، وإن شئت نصبته على المصدر بفعل مضمر يدل عليه قوله {جِئْنَا بِمِثْلِهِ} كأنه قال: ولو أمددناه به إمدادا، ثم وضع "مددًا" موضع إمداد، ولهذا نظائر كثيرة). [المحتسب: 2/35]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي}
قرأ حمزة والكسائيّ (قبل أن ينفد كلمات ربّي) بالياء ذهبا بالكلمات إلى معنى المصدر فكأنّه قال كلام ربّي فذكرا لتذكير الكلام
وقرأ الباقون {قبل أن تنفد} بالتّاء أخرجوا الفعل على لفظ الأسماء المؤنثة إذ لم يحل بين الاسم والفعل حائل). [حجة القراءات: 436]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (73- قوله: {قبل أن تنفد كلمات ربي} قرأه حمزة والكسائي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/81]
بالياء؛ لأن تأنيث الكلمات غير حقيقي، ولأنه حمله على الكلام؛ لأن الكلام والكلمات سواء، والكلام مصدر مُذكر، وقد تقدمت له نظائر بأشبع من هذا، وقرأ الباقون بالتاء لتأنيث لفظ الكلمات، وهو الاختيار لأنه جار على اللفظ، وعلى الأصل، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/82]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (50- {قَبْلَ أَن تَنفَدَ}[آية/ 109] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن الفعل مقدم، والتأنيث غير حقيقي.
وقرأ الباقون {تَنفَدَ}بالتاء.
[الموضح: 805]
والوجه أن الفاعل مؤنث؛ لأنه جمع كلمة، فالأحسن تأنيث الفعل لذلك، وقد مضى كثير من أمثاله). [الموضح: 806]
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين