قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله - عزّ وجلّ -: (ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها... (106).
بضم النون وكسر السين ابن عامر.
(أو ننسها... (106).
بالفتح والهمز ابن كثير وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 1/169]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح النون وضمّها وفتح السين وكسرها من قوله جلّ وعزّ: ما ننسخ من آيةٍ [البقرة/ 106].
فقرأ ابن عامر وحده: (ما ننسخ) بضم النون الأولى وكسر السين.
وقرأ الباقون: (ما (ننسخ) بفتح النون الأولى والسين مفتوحة.
قال أبو علي: النسخ في التنزيل: رفع الآية وتبديلها.
ورفعها على ضروب: منها أن ترفع تلاوتها. وحكمها، كنحو ما روي عن أبي بكر الصديق أنّه قال: كنا نقرأ: «لا ترغبوا عن آبائكم إنّه كفر» ومنها أن تثبت الآية في الخطّ ويرتفع حكمها كقوله: وإن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إلى الكفّار فعاقبتم فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا [الممتحنة/ 11]. فهذه ثابتة اللفظ في الخطّ مرتفعة الحكم.
ونسخ حكمها يكون على ضربين: بسنّة أو بقرآن، مثل الآية المنسوخة. فممّا نسخ بالسنّة الآية التي تلوناها- ومنه قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 2/180]
يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ، اللّه أعلم بإيمانهنّ [الممتحنة/ 10].
وأمّا المنسوخ بقرآن مثله؛ فقوله في الأنفال: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفاً [الأنفال/ 65]. فنسخ بقوله: الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين [الأنفال/ 66] وقوله:
والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً وصيّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ [البقرة/ 240] فهذا نسخ بقوله:
والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً [البقرة/ 234]. ومنها ما يرتفع اللفظ من التنزيل ويثبت الحكم، كالحكم برجم الثيّبين، وما روي عن عمر من أنّه قال: لا تهلكوا عن آية الرّجم، فإنّا كنا نقرأ:
(الشيخ والشيخة فارجموهما).
ومما جاء في التنزيل من ذكر النّسخ قوله: وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته، فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان ثمّ يحكم اللّه آياته [الحج/ 52].
[الحجة للقراء السبعة: 2/181]
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم. قرأ سورة النجم فأتى على قوله:
أفرأيتم اللّات والعزّى، ومناة الثّالثة الأخرى [الآية/ 19] وصل به: (تلك الغرانقة الأولى. وإن شفاعتهن لترتجى) فسّر المشركون بذلك وقالوا: قد أثنى على آلهتنا. فهذا حديث مرويّ من أخبار الآحاد التي لا توجب العلم. وذهب عامة أهل النظر فيما علمت إلى إبطاله وردّه، وأنّ ذلك لا يجوز على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على وجه ما رووا، ولو صحّ الحديث وثبت لم يكن في هذا الكلام ثناء على آلهة المشركين، ولا مدح لها. ولكن يكون التقدير فيه: تلك الغرانقة الأولى. وإنّ شفاعتهنّ لترتجى عندكم، لا أنها في الحقيقة كذلك كما قال: ذق إنّك أنت العزيز الكريم [الدخان/ 49] أي: العزيز الكريم عند نفسك. وكما حكي عن من آمن من السحرة سحرة فرعون: وقالوا يا أيّها السّاحر ادع لنا ربّك [الزخرف/ 49]، ومن آمن من السحرة وصدّق موسى. لا يعتقدون فيه أنه ساحر وإنما التقدير: قالوا يا أيها
[الحجة للقراء السبعة: 2/182]
الساحر فيما يذهب إليه فرعون وقومه أو فيما يظهرون من ذلك، وكما قال: وردّ اللّه الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً [الأحزاب/ 25] فسمّي ما كان يناله المشركون من المسلمين- لو نالوا- خيرا على ما كان عندهم، وكما قال وقالوا يا أيّها الّذي نزّل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ [الحجر/ 6] فهذا على: يا أيّها الذي نزّل عليه الذّكر عنده وعند من تبعه، ولو اعترفوا بتنزيل الذّكر عليه لم يقولوا ما قالوه، وقال زهرة اليمن:
أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها... أنّي الأغرّ وأنّي زهرة اليمن
فأجابه جرير:
ألم تكن في وسوم قد وسمت بها... من حان- موعظة يا زهرة اليمن
وهذا النحو في الكلام الذي يطلق، والمراد به التقييد على صفة واسع غير ضيّق. فعلى هذا كان يكون تأويل هذا الكلام لو صحّ [أو سلم] لراويه، وإن لم يصحّ فالمعنى في قوله: (فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان) أي: يرفعه ويبيّن إبطاله
[الحجة للقراء السبعة: 2/183]
بالحجج الظاهرة. وقد يجوز أن يكون: ألقى الشّيطان في أمنيّته أي: في حال تلاوته، ولا دلالة على أنّ إلقاء ذلك في حال التلاوة، إنما هو من التالي. لكن ممّن يريد التلبيس من شياطين الإنس، فيبيّن الله ذلك، ويظهره عند من نظر واعتبر، ثم يحكم الله آياته عن أن يجوز فيها ما لا يجوز في دينه من تمويه المموّهين، وتلبيس الملبسين، ومن ذلك قوله: هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ، إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون [الجاثية/ 29] فقوله: (نستنسخ) يجوز أن يكون ننسخ كقوله:
وإذا رأوا آيةً يستسخرون [الصافات/ 14] أي يسخرون، ويجوز أن يكون يستدعي ذلك، واستدعاء ذلك إنّما هو بأمر الملائكة بكتابته وحفظه ليحتجّ عليهم بأعمالهم كقوله: بلى ورسلنا لديهم يكتبون [الزخرف/ 80] وقوله: ما يلفظ من قولٍ إلّا لديه رقيبٌ عتيدٌ [ق/ 18] وإنّ عليكم لحافظين، كراماً كاتبين، يعلمون ما تفعلون [الانفطار/ 10] وقوله: هنالك تبلوا كلّ نفسٍ ما أسلفت [يونس/ 30] وكقوله: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً [الإسراء/ 14] وكقوله تعالى: فأولئك يقرؤن كتابهم [الإسراء/ 71] ونحو ذلك من الآي التي تدلّ على أنّ أعمال العباد مكتوبة محصاة.
فأمّا قراءة ابن عامر ما ننسخ من آيةٍ بضمّ النون، فالقول فيها: أنها لا تخلو من ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون أفعل لغة في هذا الحرف كقولهم: حلّ من إحرامه، وأحلّ.
وقولهم: بدأ الخلق وأبدأهم. أو تكون الهمزة للنقل كقولك: قام
[الحجة للقراء السبعة: 2/184]
وأقمته، وضرب وأضربته، ونسخ الكتاب وأنسخته الكتاب. أو يكون المعنى في أنسخت الآية: وجدتها منسوخة، كقولهم:
أحمدت زيدا وأجبنته وأبخلته، أي: أصبته على بعض هذه الأحوال. فلا يجوز أن يكون لغة على حدّ حلّ وأحلّ، وبدأ وأبدأ لأنّا لم نعلم أحدا حكى ذلك، ولا رواه عن أحد، ولا تكون الهمزة لمعنى النقل، لأنّك لو جعلته كذلك، وقدّرت المفعول محذوفا من اللّفظ مرادا في المعنى كقولك: «ما أعطيت من درهم فلن يضيع عندك» لكان المعنى: ما ننزّل عليك من آية أو ننسها نأت بخير منها. وذلك أن إنساخه إياها إنما هو إنزال في المعنى، ويكون معنى الإنساخ: أنه منسوخ من اللوح المحفوظ أو من الذّكر،
وهو الكتاب الذي نسخت الكتب المنزلة منه. وإذا كان كذلك فالمعنى: ما ننزل من آية، أو: ما ننسخك من آية، أو ننسها، لأنّ ابن عامر يقرأ:
أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها [البقرة/ 106] وليس هذا المراد ولا المعنى، ألا ترى أنه ليس كلّ آية أنزلت أتي بآية أذهب منها في المصلحة. وإنما قوله: نأت بخيرٍ منها تقديره نأت بخير من المنسوخ، أي أصلح لكم أيها المتعبّدون. وأقلّ الآي هي المنسوخة وأكثرها غير منسوخ، فإذا كان تأويلها هذا التأويل يؤدي إلى الفساد في المعنى، والخروج عن الغرض الذي قصد به الخطاب؛ علمت أنّ توجيه التأويل إليه لا يصحّ، وإذا لم يصحّ ذلك، ولا الوجه الذي ذكرناه قبله، ثبت أن وجه قراءته إنما هو على القسم الثالث وهو: أنّ قوله
[الحجة للقراء السبعة: 2/185]
ننسخ: نجده منسوخا، وإنما نجده كذلك لنسخه إياه، فإذا كان كذلك كان قوله: ننسخ بضم النون، كقراءة من قرأ ننسخ بفتح النون، يتفقان في المعنى وإن اختلفا في اللفظ.
وقول من فتح النون فقرأ: ما ننسخ من آيةٍ أبين وأوضح.
اختلفوا في ضمّ النون الأولى وترك الهمزة وفتح النون مع الهمز في قوله: ننسأها [البقرة/ 106].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ننسأها: بفتح النون الأولى مع الهمز، وقرأ الباقون: ننسها بضم النون الأولى وترك الهمز.
قال أبو علي: أما قراءة ابن كثير وأبي عمرو: ننسأها بفتح النون وهمز لام الفعل. ففسّر على التأخير، أي:
نؤخرها.
وقال: بعض من لا [ينبغي أن] يعبأ بقوله: إن التأخير هنا لا معنى له. وقد قرأ بذلك من السّلف فيما ذكر، عمر وابن عباس، ومن التابعين إبراهيم وعطاء، وقرأ به عبيد بن عمير.
وروى ابن جريج عن مجاهد ما ننسخ من آيةٍ قال:
[الحجة للقراء السبعة: 2/186]
«نمحاها أو ننسأها» قال: نثبت خطّها ونبدل حكمها.
وقال أبو زيد: نسأت الإبل عن الحوض، فأنا انسؤها نس ءا: إذا أخّرتها عنه. ونسأت الإبل، فأنا أنسؤها نس ءا. إذا زدتها في ظمئها يوما أو يومين أو أكثر من ذلك، وتقول:
انتسأت عنك انتساء. إذا تباعدت عنه، وأنسأته الدّين إنساء:
إذا أخّرته عنه واسم ذلك النّسيئة.
فأما معنى التأخير في قوله: ننسأها فقال ناس من أهل النظر فيه: إنّ التأخير في الآية يتوجّه على ثلاثة أنحاء منها: أن يؤخّر التنزيل فلا ينزل البتّة، ولا يعلم ولا يعمل به، ولا يتلى. فالمعنى على هذا: ما ننسخ من آية أو ننسأها أي: نؤخّر إنزالها، فلا ننزلها.
والوجه الثاني: أن ينزل القرآن فيعمل به ويتلى ثم يؤخّر بعد ذلك بأن ينسخ فترفع تلاوته البتة، ويمحى فلا يتلى ولا يعمل بتأويله وذلك مثل ما روى يونس عن الحسن أنّ أبا بكر الصديق قال: كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم إنه كفر. ومثل ما روي عن زرّ بن حبيش أنّ أبيّا قال له: كم تقرءون الأحزاب؟ قلت: بضعا وسبعين آية. قال: قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أطول من سورة البقرة.
[الحجة للقراء السبعة: 2/187]
والوجه الثالث: أن يؤخّر العمل بالتأويل لأنه نسخ ويترك خطّه مثبتا وتلاوته قرآن يتلى، وهو ما حكي عن مجاهد أنّه قال: يثبت خطّها ويبدل حكمها. وهذا نحو قوله: وإن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إلى الكفّار فعاقبتم، فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا [الممتحنة/ 11] فهذا مثبت اللفظ مرفوع الحكم.
وأما من قرأ ننسها من النسيان فإنّ لفظ (نسي) المنقول منه أنسي على ضربين: أحدهما أن يكون بمعنى الترك، والآخر: النسيان الذي هو مقابل الذكر، فمن الترك قوله:
نسوا اللّه فنسيهم [التوبة/ 67] أي: تركوا طاعة الله فترك رحمتهم، أو ترك تخليصهم. وإضافة الترك إلى القديم سبحانه في نحو هذا اتساع. كقوله: وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون [البقرة/ 17] وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعضٍ [الكهف/ 99] أي: خلّيناهم وذاك.
وقال جويبر عن الضحّاك في قوله: اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا [الجاثية/ 34] قال: اليوم نترككم في النار كما تركتم أمري.
فأمّا قوله: ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [البقرة/ 286] فقوله نسينا يحتمل الوجهين: يجوز أن يكون من النسيان الذي هو خلاف الذكر، والخطأ: من الإخطاء الذي
[الحجة للقراء السبعة: 2/188]
ليس التعمّد، ومجاز ذلك على أنهم تعبّدوا بأن يدعوا على أن لا يؤاخذوا بذلك، وإن كانوا قد علموا أن القديم سبحانه لا يؤاخذ بهما.
وقد جاء في الحديث المأثور: «رفع عن أمتي الخطأ والنّسيان وما أكرهوا عليه»
كما جاء في الدعاء قال ربّ احكم بالحقّ [الأنبياء/ 112] وهو سبحانه لا يحكم إلا بالحقّ، وكما قال: ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك [آل عمران/ 194] وما وعدهم الله به على ألسنة الرّسل يؤتيهم الله إياه، وكذلك تعبّد الله الملائكة بالدّعاء بما يفعله الله لا محالة فقال: يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به، ويستغفرون للّذين آمنوا، ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رحمةً وعلماً، فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم إلى قوله: وقهم السّيّئات [غافر/ 9]. وعلى هذا يمكن أن يكون قوله: ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به [البقرة/ 286] الاستطاعة ويكون على قوله لا تحمّلنا ما يثقل علينا ويشقّ وإن كنّا مستطيعين له.
ويجوز أن يكون إن نسينا على: إن تركنا شيئا من اللازم لنا.
ومن التّرك قوله: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي [طه/ 115] أي ترك ما عهدنا إليه. ومنه قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 2/189]
ولا تكونوا كالّذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم [الحشر/ 19] أي: كالذين تركوا طاعة الله وأمره، فأنساهم أنفسهم، أي: لم يلطف لهم كما يلطف للمؤمنين في تخليصهم أنفسهم من عقاب الله، والتقدير: ولا تكونوا كالذين نسوا أمر الله أو طاعته، فأنساهم تخليص أنفسهم من عذاب الله وجاز أن ينسب الإنساء إليه. وإن كانوا هم الفاعلون له والمذمومون عليه، كما قال:
وما رميت إذ رميت ولكنّ اللّه رمى [الأنفال/ 17]، فأضاف الرمي إلى الله سبحانه لما كان بقوته، وإقداره، فكذلك نسب الإنساء إليه، لمّا لم يلطف لهذا المنسى كما لطف للمؤمن الذي قد هدي، وكذلك قوله: وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا [الجاثية/ 34] أي:
نسيناكم كما نسيتم الاستعداد للقاء يومكم هذا، والعمل في التخلص من عقابه. وأما قوله: واذكر ربّك إذا نسيت [الكهف/ 24] فعلى معنى التّرك، لأنه إذا كان المقابل للذكر لم يكن مؤاخذا. ومما هو خلاف الذكر، قوله: في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا ينسى [طه/ 52] فقوله: لا يضلّ ربّي هو في تقدير حذف الضمير العائد إلى الموصوف. وقال: فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي [طه/ 88] ففي قوله: نسي، ضمير السامري، أي: ترك التوحيد باتخاذه العجل.
[الحجة للقراء السبعة: 2/190]
وقال بعض المفسرين: نسي موسى ربّه عندنا، وذهب يطلبه في مكان آخر. وأما قوله: اذكرني عند ربّك فأنساه الشّيطان ذكر ربّه [يوسف/ 42] فإن إنساء الشيطان هو أن يسوّل له، ويزيّن الأسباب التي ينسى معها. وكذلك قوله:
فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره [الكهف/ 63] يجوز أن يكون الضمير في أنساه ليوسف أي أنسى يوسف ذكر ربه كما قال: وإمّا ينسينّك الشّيطان فلا تقعد بعد الذّكرى [الأنعام/ 68].
ويجوز أن يكون الضمير في أنساه للذي ظنّ أنه ناج، ويكون ربّه ملكه. وفي الوجه الأول يكون ربّه الله سبحانه، كأنه أنساه الشيطان أن يلجأ إلى الله في شدته. وأما قوله:
فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون [الأنعام/ 41] فالتقدير: تنسون دعاء ما تشركون فحذف المضاف، أي: تتركون دعاءه، والفزع إليه، إنما تفزعون إلى الله سبحانه، ويكون من النسيان الذي هو خلاف الذكر كقوله: وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلّا إيّاه [الإسراء/ 67] أي تذهلون عنه فلا تذكرونه.
وقال: فاتّخذتموهم سخريًّا حتّى أنسوكم ذكري [المؤمنون/ 110]. فهذا يجوز أن يكون منقولا من الذي بمعنى الترك، ويمكن أن يكون من الذي هو خلاف الذكر،
[الحجة للقراء السبعة: 2/191]
واللفظ على أنهم فعلوا بكم النسيان، والمعنى: أنكم أنتم أيها المتخذون عبادي سخريّا نسيتم ذكري باشتغالكم باتخاذكم إياهم سخريا وبالضحك منهم، أي: تركتموه من أجل ذلك، وإن كانوا ذاكرين وغير ناسين، فنسب الإنساء إلى عباده الصالحين وإن كانوا لم يفعلوه لمّا كانوا كالسبب لإنسائهم، فهذا كقوله: ربّ إنّهنّ أضللن كثيراً من النّاس [إبراهيم/ 36] وعلى هذا قوله: فأنساهم أنفسهم [الحشر/ 19] فأسند النسيان إليه، والمعنى على أنهم نسوا ذلك.
فأمّا قوله: ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها [البقرة/ 106] فمنقول من نسيت الشيء: إذا لم تذكره، قال الفراء: والنسيان هنا على وجهين:
أحدهما: على الترك، نتركها ولا ننسخها.
والوجه الآخر: من النسيان كما قال: واذكر ربّك إذا نسيت [الكهف/ 24].
قال أبو علي: قول الفراء نتركها ولا ننسخها، لا يستقيم هنا، وإنما هو من النسيان الذي ينافي الذكر، ألا ترى أنه قد قال:
نأت بخيرٍ منها أو مثلها [البقرة/ 106] وليس كل ما أخّرت من الآي فلم تنسخ ولم يبدل حكمها يؤتى بخير من المنسوخة بآية أو المنسأة، وليس المعنى: ما ننسخ من آية أو نقرّها فلا ننسخها نأت بخير منها، إنما المعنى: أنّا إذا
[الحجة للقراء السبعة: 2/192]
رفعناها من جهة النسخ بآية، أو الإنساء؛ أتينا بخير من التي ترفع وتبدل على أحد هذين الوجهين، ومعنى نأت بخير منها:
أنه أصلح لمن تعبّد بها، وليس المعنى في قوله: نأت بخير منها، أن الناسخة خير من المنسوخة أو المنساة، أي: أفضل منها، ولكن أصلح لمن تعبّد بها وأدعى لهم.
وقال أبو إسحاق: قال أهل اللغة في معنى: أو ننسها قولين: قال بعضهم: أو ننسها من النسيان، قال: وقالوا:
ودليلنا على ذلك قوله: سنقرئك فلا تنسى، إلّا ما شاء اللّه [الأعلى/ 6] فقد أعلم أنّه شاء أن ينسى، قال: وهذا القول عندي ليس بجائز، لأن الله قد أنبأ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله: ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك [الإسراء/ 86] أنه لا يشاء أن يذهب بما أوحى إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
قال أبو علي: هذا الذي احتجّ به على من ذهب إلى أنّ ننسها من النسيان، لا يدل على فساد ما ذهبوا إليه من أن ذلك من النسيان، وذلك أن قوله: ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك [الإسراء/ 86] إنما هو على ما لا يجوز عليه النسخ والتبديل من الأخبار وأقاصيص الأمم، ونحو ذلك مما لا يجوز عليه التبديل. والذي ينساه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو ما يجوز أن ينسخ من الأوامر والنواهي الموقوفة على المصلحة في الأوقات التي يكون ذلك فيها أصلح.
[الحجة للقراء السبعة: 2/193]
ويدلك على أن ننسها من النسيان الذي هو خلاف الذكر من قولك: نسيت الشيء وأنسانيه غيري، قراءة من قرأ: ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها. وقراءة من قرأ: أو ننسكها.
فأمّا قوله: تنسها فقراءة سعد بن أبي وقاص. روى هشيم قال: أخبرني يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة بن قائف الثقفي قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرؤها: ما ننسخ من آية أو تنسها. قال: فقلت له: إنّ سعيد بن المسيب يقرأ: أو تنسها أو: ننساها قال: إنّ القرآن لم ينزل على آل المسيّب، قال الله لنبيه: سنقرئك فلا تنسى [الأعلى/ 6] واذكر ربّك إذا نسيت [الكهف/ 24]. وقرأ أيضاً تنسها أوّلها تاء مفتوحة من النسيان: سعد بن مالك، حكاها أبو حاتم.
[الحجة للقراء السبعة: 2/194]
وأما ننسكها فإنّ الكسائيّ قال: رأيت في مصاحف على قراءة سالم مولى أبي حذيفة: ما ننسخ من آية أو ننسكها النون الأولى مضمومة والثانية ساكنة.
قال أبو علي: فالمفعول المراد المحذوف في قراءة من قرأ أو ننسها مظهر في قراءة من قرأ: ننسكها ويؤكد ذلك ويبيّنه قراءة من قرأ: أو تنسها.
قال أبو عبيد: حدثنا محمد بن الحسن عن قرة بن خالد، عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأها: تنسها. ألا ترى أن الفعل يتعدّى إلى مفعولين، فلما بني الفعل للمفعول قام أحدهما مقام الفاعل، فبقي الفعل متعديا إلى مفعول واحد. ويؤكد ذلك أيضا، ما روي من قراءة ابن مسعود: ما ننسك من آية أو ننسخها. وبقراءة ابن مسعود، قرأ الأعمش، وروى عبد الله بن كثير عن مجاهد، قال: قراءة أبيّ: ما ننسخ من آية أو ننسك.
فهذا كله يثبت قول من جعل ننسها على أنه من النسيان، وليس ذلك مما أريد بقوله: ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك [الإسراء/ 86] لأن ذلك إنما هو فيما لا يجوز عليه النسخ. فأما ما يجوز عليه النسخ والرفع فقد يجوز أن يرفع بالنسيان كما يرفع بالنسخ، وذلك أنه يرفع من التلاوة والخط فينسى، وليس ذلك على وجه سلب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، شيئاً
[الحجة للقراء السبعة: 2/195]
أوتيه من الحكمة، كما أنّ نسخ ما نسخ بآية أو بسنّة لا يكون سلبا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئاً أوتيه من الحكمة.
ومما يؤكد ذلك أن سعيداً روى عن قتادة أنه قال:
كانت الآية تنسخ بالآية وينسي الله نبيّه من ذلك ما يشاء. وقد قدمنا أن ننسها لا يجوز أن يكون منقولًا من نسي الذي معناه ترك.
وقول أبي إسحاق وفي قوله: فلا تنسى إلّا ما شاء اللّه [الأعلى/ 6، 7] قولان يبطلان هذا القول الذي حكيناه عن بعض أهل اللغة، أحدهما: فلا تنسى، أي: فلست تترك، إلا ما شاء الله أن تترك. ويجوز أن يكون إلّا ما شاء اللّه أن يلحق بالبشريّة ثم يذكر بعد.
قال أبو علي: فالقول فيه أن قوله: سنقرئك فلا تنسى إن حمل فيه لا تنسى على النسيان الذي يقابل الذكر أشبه من أن يحمل على ما يراد به الترك، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان إذا نزل عليه القرآن أسرع القراءة وأكثرها، مخافة النسيان فقال:
سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله أن تنساه، لرفعه ذلك بالنسيان، كرفعه إياه بالنسخ بآية أو سنّة. ويؤكد ذلك قوله:
لا تحرّك به لسانك لتعجل به، إنّ علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه [القيامة/ 16 - 17] وقوله: ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه [طه/ 114] فحمل قوله: فلا
[الحجة للقراء السبعة: 2/196]
تنسى على الترك، إذا كان يسلك به هذا المسلك- ليس بالوجه. فإن قال: أحمله على الترك دون النسيان. قيل: فإن للذي أنكرت قوله- في أنه من النسيان، وقلت إن قوله: لا يجوز، لقوله: ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك [الإسراء/ 86] وأنه لا يجوز أن يذهب بما أوحي إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم- أن يقول: ولا يجوز له أن يترك شيئا مما أوحى إليه، كما قلت أنت: لا يجوز أن ينسى شيئاً مما يوحى إليه.
فإن جاز أن يترك منه شيئاً؛ جاز أن ينسى منه شيئاً. ولا يكون نسيانه له على وجه الرّفع منكراً، كما لم يكن تركه إذا شاء الله تركه منكراً. فإذا كان الأمر على هذا، فقد صار هو أيضاً إلى مثل ما أنكره من قول من أنكر قوله.
فأمّا قوله: ويجوز أن يكون ما شاء الله مما يلحق بالبشريّة ثم يذكر بعد، فإنّ هذا الضرب من النسيان، وإن كان جائزاً على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم- لما
روي من أنه قام في الثانية، فسبّح به فلم يرجع، وسجد للسهو.
ونحو ما روي من حديث ذي اليدين ونحو ما
روي من أنه صلى فنسي آية، فلما فرغ من صلاته، قال: «أفي القوم أبيّ؟ قيل: نعم يا رسول الله، أنسخت آية كذا أم نسيتها؟ فضحك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال:
[الحجة للقراء السبعة: 2/197]
نسيتها».
من حديث عبد الرحمن بن أبزى -.
فليس المراد في هذا الموضع، لأنه في حكم الذكر من حيث كان المأثم فيه موضوعا، وإنما المراد به النسيان الذي هو رفع من التلاوة والخط، وعلى هذا استدلّ به سعد بن أبي وقاص، وعليه حمل ناس من أهل النظر فهذا أولى، وإن كان ما ذهب إليه أبو إسحاق غير ممتنع في غير هذا الموضع.
قال أبو إسحاق: وقالوا في: ننسها قولًا آخر، وهو خطأ. قالوا: أو نتركها، وهذا إنما يقال فيه: نسيت إذا تركت، ولا يقال: أنسيت تركت، وإنما معنى أو ننسها أي:
أو نتركها. أي: نأمركم بتركها.
والقول في ذلك: أنّ من فسر أنسيت بتركت، لا يكون مخطئاً، وذلك أنك إذا قلت: أنساني الشيطان ذكر كذا، فإنه إذا أنساك نسيت، وإذا قال: أضربت زيداً عمراً، فكأن المعنى: جعلت زيداً يضرب عمراً، فزيد يضرب إذا أضربته، كما ينسى إذا أنسيته، فإذا عبّر عن ذلك بما يوجبه فعله لم يكن خطأ، وإن كان إذا عبر عن تنسي بيترك، كان أشدّ موافقة له في اللفظ، ومطابقة فيما تريد من المعنى. ويدلّك على أن ذلك ليس بخطإ، أن المفعول الأول من الفعل المتعدي إلى
[الحجة للقراء السبعة: 2/198]
مفعول واحد، إذا نقل بالهمزة فاعل المفعول الثاني، فإذا عبّرت عنه بنسيت، فقد جئت بشيء دلّ كلامك عليه، كما أنك إذا عبّرت عنه على التحقيق فقد أتيت بما دلّ كلامك عليه.
فإذا اتفقا في دلالة الكلام على كل واحد منهما لم يكن خطأ. وهذا النحو يستعمله المتقدمون من السلف المفسرون وغيرهم كثيراً على أنّ أتركت وإن كان يوجبه القياس فإنّا لم نعلم الاستعمال جاء به، وإذا لم يأت به الاستعمال لم يمتنع أن يكون مثل أشياء من هذا الباب يوجبه القياس، ولم يأت به الاستعمال، فرفض لذلك. ألا ترى أنهم قالوا: دفعت زيداً بعمرو ولم يقولوا: أدفعت.
وذهب سيبويه إلى أن ذلك مرفوض وكذلك صككته بكذا، ورفضوا استعمال الهمزة، وكذلك لقيت زيداً، لم يستعملوا نقله بالهمزة، وليس ألقيت منقولًا من لقيت، ألا ترى أنه لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، وكذلك ميّزت ليس بمنقول من مزت، فإذا رفض النقل بالهمزة في هذه الأشياء ونحوها، أمكن أن يكون تركت أيضاً مثلها فلم تنقل بالهمزة، ويقوي ذلك أنّا لم نعلمه ثبت في سمع كما لم تثبت هذه الأشياء.
فإذا لم يرد به سمع دل ذلك على الرفض له. ففسر الذي فسر ذلك على ما جاء السمع به دون ما أوجبه القياس الذي لعله رآه المفسّر مرفوضاً غير مأخوذ به.
وقوله: وإنما معنى أو ننسها أو: نتركها، أي: نأمركم
[الحجة للقراء السبعة: 2/199]
بتركها؛ فالقول في ذلك: لا يخلو من أن يكون المراد بنتركها الذي يراد به تقرير الشيء، كما تقول: اترك هذا في موضعه، أي: قرره فيه ولا ترفعه منه، أو يكون المراد بنتركها أي: نرفعها ونبدلها. فإن كان المراد الوجه الأول الذي هو التقرير في موضعه، وأن لا يرفع؛ فهذا لا يقع الأمر به، لأنه ليس إلى النبي ولا إلى المسلمين تقرير الآي في مواضعها، إنّما ذلك إلى الله إذا أنزل آية كانت مقرّرة حتى يرفعها بنسخ أو إنساء، فالأمر لنا بتقرير ذلك لا يصحّ إلا أن يراد الاعتقاد، لأن ذلك ثابت غير منسوخ، وهذا الأمر ليس بالكثير الفائدة، لأن النبي، صلّى الله عليه وآله وسلّم، والمسلمين إذا أنزل الله تعالى آية قرروها في موضعها، واعتقدوا أنه قرآن منزل وكلام لرب العالمين قد ثبت، حتى يرفع بنسخ أو نسيان إن كان ذلك يجوز فيها. وإن كان المراد بقوله: نأمركم بتركها، نأمركم بأن ترفعوا ذلك وتتركوه؛ فذلك ليس إلى النبي ولا إلى المسلمين، وإنما تبديلها ونسخها إلى الله، يدل على ذلك قوله: قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ [يونس/ 15] فإن قال قائل: ما معنى تركها غير النسخ، وما الفصل بين الترك والنسخ؟ فالجواب في ذلك: أن النسخ أن يأتي في الكتاب نسخ آية بآية فتبطل الثانية العمل بالأولى، ومعنى الترك: أن تأتي الآية بضرب من العمل فيؤمر المسلمون بترك ذلك بغير آية تنزل ناسخة التي قبلها، نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 2/200]
إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ [الممتحنة/ 10] ثم أمر المسلمون بعد بترك المحنة، فهذا يدل على معنى الترك ومعنى النسخ، وقد بيناه فهذا هو الحق.
قال أبو علي: القول في ذلك أن ما ذكره من أن النسخ: أن يأتي في الكتاب نسخ الآية بالآية فتبطل الثانية العمل بالأولى؛ ليس بحقيقة النسخ، لكن هذا ضرب من النسخ. وقد يكون النسخ للآية والتبديل لها على ضروب أخر، وما أعلم فيه رواية ولا قياسا يدلّ على ما ذكره. وقد ينسخ القرآن عند عامّة الفقهاء بسنّة غير آية، ولا يمتنعون من أن يسموا ذلك نسخا، ولا يمتنع أن يسمى الضرب الذي سماه أبو إسحاق تركا نسخا.
ومما يدل على ذلك أن الزهري روى عن عروة عن عائشة قالت: نزل في أصحاب بئر معونة قرآن منه: «بلّغوا قومنا أن قد لقينا ربّنا فرضي عنا وأرضانا» ثمّ نسخ، فسمّت عائشة ذلك نسخا، ولم تسمّه تركا، وسمته نسخا وإن لم ينسخ بآية فهذا يفسد القسمين اللذين قسمهما. ألا ترى أنها سمت ذلك نسخا، وإن لم ينسخ ذلك بآية ولم تسمه تركا. كما زعم أنه يسمّى نحو قوله: إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ [الممتحنة/ 10] تركا من حيث أمر المسلمون بترك الامتحان لهنّ من غير آية نزلت. ويفسد ذلك أيضا ما روي عن
[الحجة للقراء السبعة: 2/201]
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من
حديث حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوما قاعد في أصحابه إذ ذكر حديثا، فقال: ذاك وأن ينسخ القرآن، فقال رجل كالأعرابي:
يا رسول الله ما ينسخ القرآن؟ وكيف ينسخ؟ قال: «يذهب أهله الذين هم أهله، ويبقى رجال كأنهم النعام. يعني في خفة الطير».
فقد سمّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هذا نسخا، وإن لم ينسخ بآية فإذا لم يثبت بتسميته النسخ سماع ولا قياس، وجاءت اللغة بخلاف ما ذكره، علمت أنه قول لا وجه له). [الحجة للقراء السبعة: 2/202]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي رجاء: [مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنَسِّهَا] مشددة السين.
وقرأ سعد بن أبي وقاص والحسن ويحيى بن يعمر: [أو تَنْسَها] بتاء مفتوحة.
وقراءة سعيد بن المسيب والضحاك [تُنْسَها] مضمومة التاء مفتوحة السين.
وفي حرف ابن مسعود: [ما نُنْسِكَ من آية أو نَنسخْها].
قال أبو الفتح: أما [نُنَسِّها] فنُفَعِّلها من النسيان، فيكون فَعَّلْت في هذا كأفعلت في قراءة أكثر القراء: {نُنْسِها}، وهو في الموضعين على حذف المفعول الأول؛ أي: أو ننس أحدًا إياها؛ كقولك: ما نَهبُ من قرية أو نُقْطِعُها؛ أي: أو نُقطع أحدًا إياها.
ومن قرأ: [تَنْسَها] أراد: أو تَنْسها أنت يا محمد.
[المحتسب: 1/103]
ومن قرأ [تُنْسَها] مر أيضًا على تنسها أنت، إلا أن الفاعل في المعنى هنا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون الْمُنْسِي لها هو الله تعالى.
والآخر: أن يكون الْمُنْسِي لها ما يعتاد بني آدم من أعراض الدنيا غمًّا أو همًّا، أو عدواة من إنسان، أو وسوسة من شيطان.
فأما قوله عز اسمه: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} فقد يمكن أن يكون ما يحدثه من النسيان أعراض الدنيا مما شاء الله زيادة في التكليف، وتعرضًا بمقاساته ومقاومته للثواب.
ويدل على جواز كون المنسي هو الله تعالى -وإن كانت التلاوة [أو تُنْسَها]- قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، وقوله: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} مع قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ}، وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}.
ويؤكد هذا قراءة ابن مسعود: [ما نُنْسِك من آية]، وفيه بيان، وقد يقول الإنسان: ضُرب زيد، وإن كان القائل لذلك هو الضارب، وهذا يدل على أن الغرض هنا: أن يُعلم أنه مضروب، وليس الغرض أن يعلم مَن ضربه؛ ولذلك بُني هذا الفعل للمفعول، وأُلغي معه حديث الفاعل؛ فقام في ذلك مقامه ورُفع رفعه، فهذه طريق ما لم يُسم فاعله). [المحتسب: 1/104]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}
قرأ ابن عامر {ما ننسخ من آية} بضم النّون وكسر السّين بمعنى ما ننسخك يا محمّد ثمّ حذف المفعول من النّسخ ومعناه ما آمرك بنسخها أي بتركها تقول نسخت الكتاب وأنسخت غيري أي حملته على النّسخ
وقرأ الباقون ما ننسخ بفتح النّون والسّين من نسخ إذا غير الحكم وبدل يقول نسخ الله الكتاب ينسخه نسخا وهو أن يرفع حكم آية بحكم آخرى قال ابن عبّاس {ما ننسخ من آية} أي ما نبدل من حكم آية بحكم آخر
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (أو ننسأها) أي نؤخر حكمها وحجتهما أن ذلك من التّأخير فتأويله ما ننسخ من آية فنبدل حكمها أو نؤخر تبديل حكمها فلا نبطله نأت بخير منها ويكون المعنى ما نرفع من آية أو نؤخرها فلا نرفعها
[حجة القراءات: 109]
وقرأ الباقون {أو ننسها} بضم النّون وحجتهم في ذلك قراءة أبي وسعد بن أبي وقاص وقرأ أبي بن كعب {أو ننسها} معناه ننسك نحن يا محمّد وقرأ سعد أو تنسها المعنى أو تنسها أنت يا محمّد وقراءتهما تدل على النسيان وإن كان بعضهم أضافه إلى النّبي صلى الله عليه وبعضهم أخبر أن الله فعل ذلك به وليس بين القولين اختلاف لأنّه ليس يفعل النّبي صلى الله عليه إلّا ما وفقه الله له إذا أنساه نسي قال أبو عبيد أو ننسها من النسيان ومعناه أن الله إذا شاء أنسى من القرآن من يشاء أن ينسيه وقال آخرون منهم ابن عبّاس أو ننسها أو نتركها فلا نبدلها
قال علماؤنا يلزم قائله أن يقرأها أو ننسها بفتح النّون ليصح معنى نتركها فأما إذا ضمت النّون فإنّما معناه ننسك يا محمّد وهذا لا يكون بمعنى التّرك
الجواب عنه يقال نسيت الشّيء أي تركته وأنسيته أي أمرت بتركه فتأويل الآية {ما ننسخ من آية} أي نرفعها بآية أخرى ننزلها {أو ننسها} أي نأمرك بتركها). [حجة القراءات: 110]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (61- قوله: {ما ننسخ} قرأه ابن عامر بضم النون الأولى، وكسر السين، جعله رباعيًا من «أنسخت الكتاب» على معنى: وجدته منسوخًا، مثل: أحمدت الرجل، وجدته محمودًا، وأبخلت الرجل، وجدته بخيلًا، ولا يجوز أن يكون «أنسخت» بمعنى «نسخت» إذ لم يُسمع ذلك، ولا يحسن أن تكون الهمزة للتعدي، لأن المعنى يتغير، ويصير المعنى: ما نسختك يا محمد من آية وإنساخه إياها إنزالها عليه، فيصير المعنى: ما ننزل عليك من آية أو ننسخها نأت بخير منها، يؤول المعنى إلى أن كل آية أنزلت أتى بخير منها، فيصير القرآن كله منسوخًا، وهذا لا يمكن؛ لأنه لم ينسخ إلا اليسير من القرآن، فلما امتنع أن يكون «أفعل» و«فعل» فيه بمعنى؛ إذ لم يُسمع، وامتنع أن تكون الهمزة للتعدي، لفساد المعنى، لم يبق إلا أن يكون من باب «أحمدته وأبخلته»، وجدته محمودًا وبخيلًا، فأما من قرأه بفتح النون فهو المعنى الظاهر المستعمل، على معنى ما نرفع من حكم آية، ونبقي تلاوتها، نأت بخير منها لكم أو مثلها،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/257]
ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها أو ننسكها يا محمد، فلا تحفظ تلاوتها، نأت بخير منها، أو مثلها، أي: نأتي بأصلح منها لكم، وأصلح في التعبد، أو نأت بمثلها في التعبد، وقد بينا هذا في الكتاب «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه» بأقسامه ومعانيه، والاختيار فتح النون في «ننسخ» لأنه الأصل، ولأنه ظاهر التلاوة، ولأنه قد أجمع عليه القراء، وهو اختيار أبي عبيد وغيره). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/258]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (62- قوله: {أو ننسها} قرأه أبو عمرو وابن كثير بفتح النون الأولى، وفتح السين والهمز، جعلاه من التأخير على معنى: أو نؤخر نسخ لفظها نأت بخير منها، فهو من: نسأ الله في أجلك، أي: أخَّر فيه، وتأخير النسخ على وجهين: أحدهما أن يؤخر التنزيل للآية، فلا ينزل من اللوح المحفوظ، والثاني: أن ينزل القرآن، فيُتلى، ويُعمل به، ثم يؤخر، فينسخ العمل به دون اللفظ أو ينسخ العمل به واللفظ، أو ينسخ اللفظ ويبقى العمل. وكل هذا قد فُسر ومُثل وبُين في كتاب «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه»، وبه قرأ عمر وابن عباس ومجاهد وأبي بن كعب وعبيد بن عمير
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/258]
والنخعي وعطاء بن أبي رباح وابن محيصن، وقرأ الباقون بضم النون الأولى وكسر السين من غير همز، جعلوه من النسيان الذي هو ضد الذكر، على معنى: أو ننسكها يا محمد، فلا تذكرها، فهو من النسيان الذي هو ضد الذكر، نقل بالهمزة فتعدى الفعل إلى مفعولين، وهما «النبي» والهاء، الذي هو ضد الذكر، فيكون المعنى إذا رفعنا «آية» بـ «نسخ» أو بـ «نسيان» نقدره عليك يا محمد، أتينا بخير منها في الصلاح لكم، وأو بمثلها باللفظين عما في اللوح المحفوظ، فإن كان الإخبار عمّا قد نزل وتلي من القرآن، فلا يصلح لقوله: {نأت بخير منها}، والأقوى البين أن يكون من النسيان الذي هو ضد الذكر، فيكون المعنى إذا رفعنا «آية» بـ «نسخ» أو بـ «نسيان» نقدره عليك يا محمد، أتينا بخير منها في الصلاح لكم، أو بمثلها في التعبد، ويدل على أنه من النسيان قوله: {سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله} «الأعلى 6، 7» فقد أعلمه الله أنه لا ينسى شيئًا، مما نزل عليه، إلا ما شاء الله أن ينساه، مما قدر أن يبدله بأصلح منه للعباد، أو بمثله، ويدل على أنه من النسيان أن الضحاك قرأ: «أو تنسها» بتاء مضمومة، وفتح السين، فهو من النسيان لا يجوز غيره، وقد قرأ ابن مسعود: «ما ننسك من آية أو ننسخها» فهذا أيضًا من النسيان لا غير، وأيضًا فإن «تنسى» الذي بمعنى الترك، لم يستعمل «أفعل» إنما استعمل فيه «فعل» فكان يجب أن تكون القراءة بفتح النون الأولى والسين، ولم يأت ذلك والاختيار «ننسها» من النسيان، لصحة المعنى، ولأن جماعة القراء عليه، وبه قرأ ابن المسيب وأبو عبد الرحمن وقتادة والأعرج وأبو جعفر يزيد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/259]
وشيبة والضحاك وابن أبي إسحاق وعيسى والأعمش). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/260]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (39- {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ} [آية/ 106]:-
بضم النون وكسر السين، قرأها ابن عامر وحده.
ووجه ذلك أن معناه ننسخك إياها، أي نأمرك بإزالة حكمها بإنزال آيةٍ ناسخةٍ، وهو من باب الحمل على الشيء، فمعنى {نُنْسِخْ} أي نحملك على النسخ.
والنسخ في اللغة: الإزالة، وقيل معناه نجده منسوخًا كقولك: أحمدت الرجل، إذا وجدته محمودًا، وإنما يجده منسوخًا لنسخه إياه، فهو يرجع في المعنى إلى قراءة الباقين.
[الموضح: 294]
وقرأ الباقون {نَنْسَخْ} بفتح النون والسين.
ومعناه ظاهر؛ لأن الله تعالى ينسخ الآيات، فهو الناسخ). [الموضح: 295]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (40- {أَوْ نَنْسَأْهَا} [آية/ 106]:-
بفتح النون الأولى وبالهمزة، قرأها ابن كثير وأبو عمرو، ومعناه: نؤخرها، من قولهم: نسأت الإبل عن الحوض أي أخرتها.
وقرأ الباقون {نُنْسِها} بضم النون الأولى وكسر السين غير مهموز.
ومعناه: ننسكم إياها، وهو منقول من نسي الذي هو خلاف ذكر، وقيل بل من نسي إذا ترك أي نأمركم بتركها، وهو أيضًا من باب الحمل على الشيء كننسخ، قال:
11- لست بناسيها ولا منسيها
أي آمر بتركها). [الموضح: 295]
قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)}
قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كما سئل موسى من قبل... (108).
اتفق القراء على التثقيل والهمز، إلا ما روي عن ابن عامر أنه قرأ: (سئل) مهموزا بغير إشباعٍ.
[معاني القراءات وعللها: 1/171]
والقراءة بالهمز.
ومن قرأ (سئل) فإنه كان يجعلها بين بين، يكون بين الهمز والياء، فتلفظ (سئل)، وهنا إنما تحكمه المشافهة -، لأن الكتاب فيه غير فاصل بين المحقق والمليّن). [معاني القراءات وعللها: 1/172]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد بن موسى: كما سئل [البقرة/ 108] مضمومة السين، مكسورة الهمزة في قراءتهم جميعاً.
قال: وروى هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر:
سئل مهموزة بغير إشباع.
[الحجة للقراء السبعة: 2/217]
قال أبو علي: القول في سئل: أنّ في سألت لغتين:
سألت أسأل، العين همزة، وهي الفاشية الكثيرة وسلت أسال لغة، وعليها جاء قول الشاعر:
سألت هذيل رسول الله فاحشة... ضلّت هذيل بما قالت ولم تصب
فحمل سيبويه سالت على قلب الهمزة ألفا للضرورة.
كما قال الآخر:
راحت بمسلمة البغال عشيّة... فارعي فزارة لا هناك المرتع
قال سيبويه: لأن الذي قال: سالت هذيل، ليست لغته سلت أسال. وحكى أبو عثمان عن أبي زيد: هما يتساولان، في هذه اللغة، فدل أن العين منها واو، وليست المهموزة. ومن قرأ: قال قد أوتيت سؤلك يا موسى [طه/ 36] لا ينبغي أن يحمله على هذه اللغة لقلّتها، ولكن على تخفيف الهمز، والتحقيق سؤلك.
والقول في قراءتهم: كما سئل مثل سعل، أنه على تحقيق الهمزة، وقياس من خفف الهمزة أن يجعل هذه بين
[الحجة للقراء السبعة: 2/218]
بين، فيقول، سئيل، ومعنى بين بين، أن يجعلها بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها.
فإن قلت: فهلّا كان تخفيف الهمزة في سئل أن يقلبها واواً إذا انضم ما قبلها وانكسرت، كما أنها إذا كانت على عكس هذا قلبتها واواً في قولك: جون والتودة، وفي المنفصل: هذا غلام وبيك.
فالقول: إن الهمزة في سئل لم يلزم قلبها واواً، كما لزم في جون ونحوه، لأن جون إنما لزم قلبها واواً، لأنك في التخفيف لا تخلو من أن تقلبها واواً، أو تجعلها بين بين، فلم يصحّ أن تجعلها في جون بين بين، لأنك لو جعلتها كذلك نحوت بها نحو الألف، فلا يكون ما قبل الألف ضمة، كما لم يكن قبلها كسرة؛ فلما لم تكن قبلها ضمة، كذلك لم يكن قبل ما قرّبته منها. فلما لم يكن ذلك، أخلصتها واواً إذا انضم ما قبلها، كما أخلصتها ياء إذا انكسر ما قبلها في نحو: مير وذيبة وذيب، وفي المنفصل: من غلام يبيك، ولم يلزم ذلك في سئل، ولم يمتنع أن يجعلها بين بين، لأنّ في الكلام ياء مكسورة قبلها ضمّة نحو: صيد في هذا المكان، وعيي بالأمر، وحيي في هذا المكان. كما لم يلزم أن تبدل منها الياء في عكس ذئب، ومئر، وهو نحو: سئم، وجئز، ومن المنفصل نحو: وإذ قال إبراهيم [البقرة/ 126] لأن في الكلام
[الحجة للقراء السبعة: 2/219]
مثل: صيد، وعيي. فلذلك جعلت التي في سئل بين بين ولم تقلبها). [الحجة للقراء السبعة: 2/220]
قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}
قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين