وَقَرَأَ حَفْص {وَإِن} مُشَدّدَة النُّون {لما} مُشَدّدَة أَيْضا مثل حَمْزَة وَابْن عَامر). [السبعة في القراءات: 339 - 340]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (وإن كلا) خفيف مكي، ونافع، وأبو بكر (لما) مشدد شامي ويزيد، وعاصم، وحمزة). [الغاية في القراءات العشر: 284]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (وإن كلًا) [111]: خفيف: مكي، ونافع، وأيوب، وأبو بكر، والمفضل.
(لما) [111]: مشدد: دمشقي غير الوليدين، ويزيد، وعاصم، وحمزة.
[المنتهى: 2/753]
وفي تصنيف الشذائي: (لما) [111]، وفي يس [32]، والزخرف [35]، والطارق بالتخفيف فيهن، وفي تعليقه عن ابن شنبوذ عنه بتشديدهن). [المنتهى: 2/754]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ أهل الحرمين وأبو بكر (وإن كلا) بتخفيف (إن)، وشدد الباقون). [التبصرة: 236]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ عاصم وحمزة وابن عامر (لما) بالتشديد، وخفف الباقون). [التبصرة: 236]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (الحرميان، وأبو بكر: {وإن كلا} (111): بإسكان النون.
والباقون: بتشديدها مع الفتح). [التيسير في القراءات السبع: 317]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (عاصم، وابن عامر، وحمزة : {لما ليوفينهم} (111)، هنأ، وفي يس (32): {لما جميع}، وفي الطارق (4): {لما عليها}: بتشديد الميم في الثلاثة.
والباقون: بتخفيفها). [التيسير في القراءات السبع: 317]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(الحرميان وأبو بكر: (وإن كلا) بإسكان النّون، والباقون بتشديدها مفتوحة). [تحبير التيسير: 408]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(عاصم وابن عامر وحمزة: (لما ليوفينهم) وفي يس (لما جميع لدينا) وفي الطارق لما عليها حافظ بتشديد [الميم] في الثّلاثة، وافقهم أبو جعفر هنا وفي الطارق، وابن جماز في يس، والباقون بتخفيفها). [تحبير التيسير: 408]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (وَإِنَّ كُلًّا) خفيف مكي غير عبيد، ونافع، وعَاصِم غير حفص، وأيوب، وهو الاختيار لاتفاقهم في يس والطارق على التخفيف ها هنا وإن كان منصوبًا فإن الخفيفة مبدلة من الثقيلة على أنه مفعول لقوله: (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) فيكون الهاء والميم بدل من " كل "، الباقون بالتشديد (لَمَّا) مشدد أبو جعفر، وشيبة وابن عقيل، والجعفي عن أَبِي عَمْرٍو، ودمشقي غير الوليد بن عتبة، والزَّيَّات، والْعَبْسِيّ، والْأَعْمَش، وطَلْحَة، وعَاصِم، الباقون خفيف، وهو الاختيار لتكون ما زائدة وكذلك في يس والزخرف والطارق غير أن المفضل عن أبي جعفر خفيف في يس والزخرف، وافقه ابن ذكوان في الزخرف وافق سلام وزيد، والوليد عن يَعْقُوب في التشديد في والطارق). [الكامل في القراءات العشر: 574] قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([111]- {وَإِنَّ كُلًّا} خفيف: الحرميان وأبو بكر.
[111]- {لَمَّا} هنا، وفي [يس: 32، وفي الطارق: 4] مشدد:
[الإقناع: 2/666]
عاصم وابن عامر وحمزة). [الإقناع: 2/667]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (766- .... .... .... .... = وَخِفُّ وَإِنْ كُلاًّ إِلَى صَفْوِهِ دَلاَ
767 - وَفِيها وَفِي يس وَالطَّارِقِ العُلى = يُشَدِّدُ لَمَّا كَامِلُ نَصَّ فَاعْتَلا العلى
768 - وَفي زُخْرُفٍ في نَصِّ لُسْنٍ بِخُلْفِهِ = .... .... .... ....). [الشاطبية: 61]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): (وإن هي المخففة من الثقيلة، أعملت بعد التخفيف، لأنها عملت لشبهها بالفعل، والفعل يعمل مع الحذف كما يعمل مع التمام نحو: لم يكن زيد منطلقًا، ولم يك زيدٌ منطلقًا. هذا قول سيبويه والأخفش.
وأنشد:
ووجه زائه النحر = كأن ثدييه حقان
وأنشد أبو زيد:
[فتح الوصيد: 2/997]
ويوم توافينا بوجهٍ مقسمٍ = كأن ظبية تغطو إلى ناضر السلم
وأباه الفراء وقال: «لم نسمع العرب تخفف أن وتعملها إلا مع المكنى كقوله:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني = فراقك كم أبخل وأنت صديق
قال: «لأن المكنى لا يظهر فيه إعراب».
وأما مع الظاهر فالرفع.
وقد مضى تفسير (إلى صفوه دلا).
[767] وفيها وفي ياسين والطارق العُلى = يشدد لما (كـ)املٌ (نـ)ص (فـ)اعتلى
[768] وفي زخرف (فـ)ي (نص) (لـ)سنٍ بخلفه = ويرجع فيه الضم والفتح (إ)ذ (عـ)لا
القراءة في هذه السورة في: {إن} و {لما} معًا على أربعة أوجه:
تشديد {إن} وتخفيف {لما}، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي.
قال أبو علي: «من قرأ {وإن كلا لما}، فشدد (إن)، وخفف (لما) فوجهه بين، وهو أنه نصب {كلا} بـ {إن}، وأدخل لام الابتداء على الخبر.
[فتح الوصيد: 2/998]
وقد دخلت في الخبر لام أخرى، وهي التي يتلقى بهما القسم، وتختص بالدخول على الفعل، ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين.
فلما اجتمع اللامان، واتفقا في اللفظ وفي تلقي القسم، فُصل بينهما بـ(ما)، كما فصلوا بين إن واللام».
وقال غيره: «التنوين في {كلا}، عوض من المضاف إليه؛ يريد: وإن كلهم أي كل المختلفين {ليوفينهم} جواب قسم محذوف، واللام في (ما) موطئة للقسم. و(ما)، مزيدة؛ والمعنى: وإن جميعهم والله {ليوفينهم ربك أعمالهم} من حسن وقبيح وإيمان وجحود».
الثاني، قراءة نافع وابن كثير بالتخفيف فيهما.
ووجه ذلك، ما سبق لأبي عمرو والكسائي.
و{إن}، مخففة من الثقيلة، وقد سبق القول في إعمالها.
الثالث، قراءة أبي بكر بتخفيف {إن} وتشديد {لما}.
قال أبو علي: «وهي مشكلة».
وقال غيره: «المعنى: وإن يوف كلا لما فعلوا ما فعلوا ليوفينهم».
ويجوز أن تكون {إن} مخففة من الثقيلة.
و{لما} أصلها: لا، ثم وقف بالألف، وأجرى الوصل مجرى الوقف.
وأما تشديد {لما} في غير هذه السورة، فوجهها أن (إن) نافية، و(لما) بمعنى إلا؛ والتقدير: وما كل إلا جميعٌ لدينا، وما كل ذلك إلا متاع.
واستعمال (لما) بمعنى (إلا)، لغة هذيل؛ يقولون: سألتك بالله لما فعلت، بمعنى إلا فعلت.
[فتح الوصيد: 2/999]
وكذلك قوله تعالى: {لما عليها حافظ}، بمعنى (إلا).
وعلى ذلك الخليل وسيبويه، وإليه ذهب الزجاج؛ أعني جعل لما بمعنى (إلا).
وقال الفراء: «لا يوجد في شعر ولا غيره: ذهب الناس لما زيدًا، بمعنى (إلا) زيدًا».
وقد نقلها الخليل وسيبويه.
ومن خفف (لما) في هذه المواضع، فـ (إن) على قراءته مخففةٌ من الثقيلة غير معملة.
الرابع: قراءة ابن عامر وحفص وحمزة بتشديدهما.
قال أبو علي: «لا يقال: وإن كلا إلا، وذلك مشكل».
وقال الفراء: «الأصل: لمن ما، فأبدلت النون میمًا وأدغمت في الميم، فاجتمعت ثلاث میمات، فحذفت التي كانت نونًا، فلم يحسن الجمع بين حرفين متحركين متماثلين، فأسكنوا الأولى وأدغموها في الأخرى، فصار (ما)».
وأنشد:
[فتح الوصيد: 2/1000]
وإني لمما أصدر الأمر وجهه = إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
وقال أبو إسحاق: «هذا القول ليس بشيء، لأن النون من (من) لا تحذف، فيبقی حرف واحد».
وقال غير الفراء: «المحذوف: الميم الأولى المكسورة، فبقي (لما)».
وقال المازي: «إنما هو (اما) بالتخفيف، ثم ثقل».
ورده الزجاج وقال: «إنما يخفف المثقل، لا أنه يثقل المخفف».
وفي ما قاله الزجاج نظر.
أبو عبيد: «الأصل (لما) بالتنوين، كقوله: {أكلًا لما}، ثم بُني منه فعلی، كما جاء (تري بالتنوين وغيره».
وقال غيره: «الأصل (لما)، وأجري الوصل بحرى الوقف».
وقال الكسائي: «الله أعلم هذه القراءة، لا أعلم لها وجهًا».
قال الزجاج: «الذي لا يجوز غيره، أن {إن} المخففة التي بمعنى (ما)، شددت على أصلها، وتكون بمعنى (ما)، و{لما}: بمعنى (إلا)».
وأما في سورة الزخرف فإن ابن ذكوان خفف (لما).
[فتح الوصيد: 2/1001]
قال أبو عمرو: «وعن هشام خلف» ولم يفصل.
والظاهر أنه قرأه على أبي الفتح بالتخفيف هشام مثل ابن ذكوان.
وقرأه على ابن غلبون لهشام مشددًا، لأن أبا الفتح قال في كتابه في اختلاف السبعة: «قرأ حمزة وعاصم {لما متع} مشددة الميم، وكذلك في اختيار هشام. الباقون بتخفيف الميم».
قال أبو الفتح: «وكذلك قرأت عن ابن عامر».
وقال عبد المنعم بن غلبون في كتاب الإرشاد: قرأ عاصم وابن عامر في رواية هشام بن عمار وحمزة: {لا متع} بالتشديد، وقد اختلف عن هشام».
قال: «والذي رواه الحلواني، التشديد، وبه قرأت وبه آخذ. وقرأ الباقون وابن ذكوان عن ابن عامر بالتخفيف. وكذلك قرأت وبه آخذ».
ولم يذكر ابنه أبو الحسن عن هشام في التذكرة فيه غير الشديد.
ولسن، جمع لسن). [فتح الوصيد: 2/1002]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([766] وفي سعدوا فاضمم صحاباً وسل به = وخف وإن كلًّا إلى صفوه دلا
[767] وفيها وفي يس والطارق العلا = يشدد لما كاملٌ نص فاعتلا
ح: (في سعدوا): مفعول (فاضمم)، (صحابًا): حال، أي: ذا صحاب، (سل به): بمعنى (عنه)، نحو: {سأل سائلٌ بعذابٍ} [المعارج: 1]، أي: عن عذاب، والضمير: لحرف الضم، (خف): مبتدأ، (وإن كلًّا): مضاف إليه، (دلا): خبر، (إلى صفوه): متعلق به، والمعنى: أدلى دلوه إلى صفو الخف، فاستخرجها ملأى، (لما): مفعول (يشدد)، (كاملٌ): فاعله، (نص): فعل ماضٍ صفة له (كامل)، (فاعتلى): عطف عليه، (فيها وفي يس): ظرف (يشدد)، وضمير (فيها): للسورة، (العلا): صفة السور الثلاث، لكن ... وقع الضمير موصوفًا أيضًا.
ص: يعني: قرأ حمزة والكسائي وحفص: {وأما الذين سعدوا} [108] بضم السين على بناء المجهول، بناءًا على أنه فعل متعدٍّ، كقولهم: (مسعود)، ولا يأتي اسم المفعول إلا من المتعدي، وأشار إلى غموض
[كنز المعاني: 2/322]
القراءة بقوله: (سل به)، أي: فتش عنه، وتفحص حتى تتحقق صحتها.
والباقون: بفتح السين على بناء الفاعل بناءً على لزوم الفعل.
وقرأ نافع وأبو بكر وابن كثير: {وإن كلًا لما ليوفينهم} [111] بتخفيف {إن}، والباقون: بالتشديد.
ثم قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد {لما} ههنا، وفي يس: {وإن كلٌ لما جميعٌ} [32]، وفي الطارق: {إن كل نفسٍ لما عليها} [4]، والباقون: بالتخفيف.
فتحصل هنا أربع قراءات: تخفيفهما لنافع وابن كثير على أن (إن) مخففة من الثقيلة عملت في {كلا}، ولام {لما} للتوكيد دخلت على الخبر، و{ليوفينهم} جواب القسم تقديره، وإن كلًّا لخلقٌ ليوفينهم، نحو: {وإن منكم لمن ليبطئن} [النساء: 72].
[كنز المعاني: 2/323]
وتشديدهما لابن عامر وحمزة وحفص، فـ {إن}: على الأصل، و{لما}: فعلى أن الأصل: (لمن ما)، أي: لمن خلقٍ ليوفينهم، قلبت النون ميمًا، فاجتمع ثلاث ممات، حذفت الأولى، وأدغمت الثانية في الثالثة. وتخفيف {إن} وتشديد {لما} لأبي بكر وحده، وتشديد {إن} وتخفيف {لما} لأبي عمرو والكسائي، ووجه التخفيف والتثقيل يفهم مما ذكر.
وأما تشديد {لما} في السور الثلاث مع تخفيف {إن}: فعلى أن (إن) نافية، و(لما)، بمعنى (إلا)، وتخفيفها: فعلى أنها مخففة من الثقيلة، واللام للتأكيد، ودخلت على الخبر.
[768] وفي زخرفٍ في نص لسنٍ بخلفه = ويرجع فيه الضم والفتح إذ علا
ب: (اللسن): جمع (لسن) بكسر السين، وهو الفصيح.
ح: (في زخرفٍ): خبر مبتدأ محذوف، أي: التشديد في زخرفٍ، (في نص): حال، أي: مستقرًا في نص قومٍ فصحاء، (يرجعُ): مبتدأ، (فيه الضم): خبره، (إذ علا): ظرف فيه تعليل حصول الضم والفتح فيه.
[كنز المعاني: 2/324]
ص: يعني: قرأ حمزة وعاصم وهشام بخلافٍ عنه في الزخرف: {وإن كل ذلك لما متاع} [35] بالتشديد في {لما}، والباقون: بالتخفيف، ووجههما ما مر.
وقرأ نافع وحفص: {وإليه يرجع الأمر كله} [123] بضم الياء وفتح الجيم على بناء المفعول، والباقون: بفتح الياء وكسر الجيم على بناء الفاعل). [كنز المعاني: 2/324]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (أما: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}، فمعناها على القراءات من أشكل الآيات، وقد نظم في هذا البيت الخلاف في أن وفي البيت الآتي الخلاف في لما، والخلاف فيهما في التشديد والتخفيف فقوله: {وَإِنَّ كُلًّا} في موضع خفض بإضافة وخف إليه، واعلم أن "إن" يجوز تخفيفها وهي باقية على إعمالها؛ فقوله: كلا اسمها مخففة كانت أو مشددة، ولا يجوز أن يكون المخففة نافية؛ لأنها قد نصبت كلها، وقد دخلت اللام في الخبر إلا في قراءة من شدد كما يأتي فهي قراءة أبي بكر وحده، وقوله: إلى صفوه دلا خبر، وخف "وإن كلا"، والهاء في صفوه للخف، وفاعل دلا ضمير عائد إلى القارئ؛ أي: إلى صفو الخف أدلى القارئ دلوه ثم استخرجها؛ أي: وجد قراءة حلوة فقرأ بها، يقال: دلوت الدلو نزعتها وأدليتها أرسلتها في البئر، قال الله تعالى: {فَأَدْلَى دَلْوَهُ}.
واجتزى الشاطبي بقوله: دلا عن أن يقول: أدلى فدلا؛ لأنه لا يوصف بأنه دلا إلا بعد أن يكون أدلى دلوه، وقال صاحب الصحاح: قد جاء في الشعر: الدالي بمعنى المدلى، فإذا كان الأمر كذلك ظهر قول الناظم: داي لا إلى صفوه بمعنى أدلى دلوه إليه، والله أعلم.
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/246]
767- وَفِيها وَفِي يس وَالطَّارِقِ العُلا،.. يُشَدِّدُ لَمَّا كَامِلُ نَصَّ فَاعْتَلا
العلى: نعت للطارق، وفي جعله نعتا للسور الثلاث نظر من جهة أن بعضها معبر عنه بالضمير، والمضمر لا يوصف، فأشار إلى قوة قراءة من شدد لما بقوله: كامل نص فاعتلا، فالقراءات في هاتين الكلمتين: "أن"، و"لما"، أربع: تخفيفهما لنافع وابن كثير تشديدهما لابن عامر وحمزة، وحفص تخفيف "إن"، وتشديد "لما" لأبي بكر وحده تشديد "إن" وتخفيف "لما" لأبي عمرو والكسائي، فمن شدد "إن" وخفف "لما" فاللام في "لما" هي التي تدخل فيما كان في خبر "إن"، واللام في: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} جواب قسم محذوف، ومثله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}.
غير "أن" اللام في لمن داخلة على الاسم، وفي "لما" داخلة على موضع الخبر، وقام القسم وجوابه مقام الخبر و"ما" في "لما" زائدة؛ لتفرق بين اللامين؛ لام التوكيد ولام القسم، وقيل: بمعنى الذي وزاد بعضهم، فجعلها بمعنى "من"، وقيل: اللام في "لما" موطئة للقسم مثل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.
والمعنى: وإن جميعهم والله ليوفينهم ربك أعمالهم من حسن وقبح وإيمان وجحود فهذا تعليل قراءة أبي عمرو والكسائي، قال الفراء: جعل ما اسما للناس كما جاز: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}.
ثم جعل اللام التي فيها جوابا؛ لأن وجعل اللام التي في "ليوفينهم" لامًا دخلت على نية يمين فيما بين "ما" وصلتها كما تقول: هذا مَن ليذهبن وعندي: ما لغيره خير منه ومثله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}، ثم قال بعد ذلك ما يدل على أن اللام مكررة فقال:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/247]
إذا عجلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه نحو: إن زيدا لإليك لمحسن ومثله:
ولو أن قومي لم يكونوا عزة،.. لبعد لقد لالقيت لابد مصرعا
قال: أدخلها في بعد وليس بموضعها، وسمعت أبا الجراح يقول: إني بحمد الله لصالح، وقال أبو علي: في قراءة من شدد إن وخفف لما: وجهها بيِّن؛ وهو أنه نصب "كُلًّا" بـ "أن"، وأدخل لام الابتداء على الخبر، وقد دخل في الخبر لام "ليوفي"، وهي التي يتلقى بها القسم، وتختص بالدخول على الفعل، فلما اجتمع اللامان فصل بينهما كما فصل بين "أن" واللام، فدخلت "ما" وإن كانت زائدة؛ للفصل، ومثله في الكلام: إن زيدا لما لينطلقن، قال: هذا بين ويلي هذا الوجه في البيان قراءة من خفف: "إن" و"لما"، وهي قراءة ابن كثير، ونافع.
قال سيبويه: حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمرا لمنطلق كما قالوا:
كأنْ ثدييه حقان
قال: ووجهه من القياس: "أن إن" مشبهة في نصبها بالفعل، والفعل يعمل محذوفا كما يعمل غير محذوف، نحو: لم يك زيد منطلقا، {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ}، وكذلك "لا أدر".
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/248]
قلت: فتعليل هذه القراءة كالتي قبلها سواء واللام في "لما" هي الفارقة بين المخففة من الثقيلة والنافية، وقال الفراء: أما الذين خففوا أن، فإنهم نصبوا، وهو وجه لا أشتهيه؛ لأن اللام لا يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله، فلو وقعت "كل" لصلح ذلك كما يصلح أن يقول: إن زيدا لقائم لا يصلح إن زيدًا لأضرب؛ لأن تأويلها كتأويل إلا.
قلت: واستشكل أبو علي وغيره قراءة من شدد لما هنا في سورة هود سواء شدد إن أو خففها؛ لأنه قد نصب بها "كلا"، وإذا نصب بالمخففة كانت بمنزلة المثقلة فكما لا يحسن إن زيدا إلا منطلق؛ لأن "إلا" إيجاب بعد نفي، ولم يتقدم هذا إلا إيجاب مؤكد فكذا لا يحسن إن زيدا لما منطلق؛ لأنه بمعناه، وإنما شاع: نشدتك بالله إلا فعلت و"لما،.. "؛ لأن معناه الطلب فكأنه قال: ما أطلب منك إلا فعلك، فحرف النفي مراد مثل: {تَاللَّهِ تَفْتَأ}، ومثل أبو علي بقولهم: شر أهر ذا ناب؛ أي: ما أهره إلا شر قال: وليس في الآية معنى النفي ولا الطلب، وحكي عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل في لما، قال أبو علي: ولم يبعد فيما قال، قال أبو جعفر النحاس: القراءة بتشديدها عند أكثر النحويين لحن حكي عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز، ولا يقال: إن زيدا إلا لأضربنه ولا لما لأضربنه، قال: وقال الكسائي: الله -جل وعز- أعلم بهذه القراءة ما أعرف لها وجها، قال: وللنحويين بعد هذا فيها أربعة أقوال فذكرها مختصرة، وأنا أبسطها وأنبه على ما فيها، ثم أذكر وجها خامسا هو الحق إن شاء الله تعالى.
الأول: قاله الفراء وتبعه فيه جماعة، قال: أراد "لمن ما" فلما اجتمع ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت ثنتان، فأدغمت إحداهما في الأخرى كما قال الشاعر:
وإني لما أصدر الأمر وجهه،.. إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/249]
قال نصر بن علي الشيرازي: وصل من الجارة بما فانقلبت النون أيضا ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت أحداهن فبقي "لما" بالتشديد قال: وما ههنا بمعنى: من، وهو اسم لجماعة الناس كما قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ}؛ أي: من طاب، والمعنى: وإن كلا من الذين ليوفينهم ربك أعمالهم، أو من جماعة ليوفينهم ربك أعمالهم، قال المهدوي: حذفت الميم المكسورة والتقدير: لمن خلق ليوفينهم، وجوز أن يكون تقدير هذا الوجه لمن ما بفتح الميم، وتكون اللام داخلة على من التي بمعنى الذي وما بعدها زائدة.
قال: فقلبت النون ميما وأدغمت في الميم التي بعدها، فاجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت الوسطى منهن وهي المبدلة من النون، فقيل: لما قلت، فقد صار لهذا الوجه الذي استنبطه الفراء تقديران، وسبق المهدويَ إلى التقدير الثاني أبو محمد مكي، وقال: التقدير: وإن كلا لخلق ليوفينهم ربك قال: فيرجع إلى معنى القراءة الأولى التي بالتخفيف، وهذا هو الذي حكاه الزجاج فقال: زعم بعض النحويين أن معناه "لمن ما" ثم قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى، قال: وهذا القول ليس بشيء؛ لأن "من" لا يجوز حذفها؛ لأنها اسم على حرفين، وقال النحاس: قال أبو إسحاق: هذا خطأ؛ لأنه يحذف النون مِن "مِن" فيبقى حرف واحد، وقال أبو علي: إذا لم يقو الإدغام على تحريك الساكن قبل الحرف المدغم في نحو قوم مالك، فأن لا يجوز الحذف أجدر، قال علي: إن في هذه السورة ميمات اجتمعت في الإدغام أكثر مما كان
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/250]
يجتمع في "لمن ما"، ولم يحذف منها شيء، وذلك قوله: {وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ}،
فإذا لم يحذف شيء من هذا فأن لا يحذف ثَم أجدر.
قلت: وما ذره الفراء استنباط حسن، وهو قريب من قولهم في: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}؛ أصله: لكن أنا ثم حذفت الهمزة وأدغمت النون في النون وكذا قولهم أما أنت منطلقا انطلقت قالوا: المعنى؛ لأن كنت منطلقًا، وما أحسن ما استخرج الشاهد من البيت الذي أنشده واجتمع في: {أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} ثماني ميمات؛ خمس ظاهرة والتنوين في أمم والنون من ممن كلاهما تقلب ميما وتدغم في الميم بعده على ما تمهد في بابهما في الأصول، ثم إن الفراء أراد أن يجمع بين قراءتي التخفيف والتشديد من لما في معنى واحد فقال: ثم يخفف كما قرأ بعض القراء: "وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ" بحذف الياء عند الياء، أنشدني الكسائي شعرا:
وأشمتّ العداة بنا فأضحوا،.. لديّ تباشرون بما لقينا
معناه يتباشرون، فحذف ياؤه؛ لاجتماع الياءات قلت: الأولى أن يقال: حذفت ياء الإضافة من لدى، فبقيت الياء الساكنة قبلها المنقلبة عن ألف لدى، وهو مثل قراءة: "يا بني" بالإسكان على ما سبق، أما الياء من يتباشرون فثابتة؛ لدلالتها على المضارعة قال ومثله كأن من آخرها القادم يريد إلى القادم، فحذف عند اللام اللام الأولى، قلت: لأن آخر "إلى" حذف لالتقاء الساكنين، وهمزة الوصل من القادم تحذف في الدرج،
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/251]
فاتصلت لام "إلى" بلام التعريف في القادم، فحذفت الثانية على رأيه، والأولى أن يقال: حذفت الأولى؛ لأن الثانية دالة على التعريف، فلم يبق من حروف "إلى" غير الهمزة، فاتصلت بلام القادم، فبقيت الهمزة على كسرها وهذا قريب من قولهم: "ملكذب" في "من الكذب"، "وبالعنبر"، في بني العنبر، و"عَلْمَاء" بنو فلان؛ أي: على الماء.
القول الثاني: قال الزجاج: زعم المازني أن أصلها "لما" بالتخفيف ثم شددت الميم قال: وهذا ليس بشيء؛ لأن الحروف نحو "رب"، وما أشبهها تخفف، ولسنا نثقل ما كان على حرفين.
الثالث: قال النحاس: قال أبو عبيد القاسم بن سلام: الأصل: "وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ" بالتنوين من لممته لما؛ أي: جمعته، ثم بني منه فعلى كما قرئ: "ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا" بغير تنوين وبتنوين.
قلت: الذي في كتاب القراءات لأبي عبيد: وروي عن بعض القراء: "وَإِنَّ كُلًّا لَمًّا" منونة، يريد: جميعا قال: وهي صحيحة المعنى، إلا أنها خارجة عن قراءة الناس، وقال الفراء: المعنى: {وَإِنَّ كُلًّا} شديدًا: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}، وإن كلا حقا "ليوفينهم" وقال أبو علي: وقد روي أنه قرئ: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} منونا كما قال: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا}، فوصف بالمصدر وينبغي أن يقدر المضاف إليه كل نكرة؛ ليحسن وصفه بالنكرة، ولا يقدر إضافته إلى معرفة فيمتنع أن تكون لما وصفا له، ولا يجوز أن تكون حالا؛ لأنه لا شيء في الكلام عامل في الحال قال: فإن قال إن لما فيمن ثقل إنما هي لما هذه وقف عليها بالألف، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف فذلك مما يجوز في الشعر، قال ابن جني: معنى لما بالتنوين توفية جامعة لأعمالهم جمعا، ومحصلة لأعمالهم تحصيلا فهو كقولك:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/252]
قياما لأقومن وقعودا لأقعدن، قال الشيخ أبو عمرو -رحمه الله: استعمال لما في هذا المعنى بعيد، وحذف التنوين من المنصرف في الوصل أبعد، قال: وقيل: لما فعْلَى من اللم ومنع الصرف لأجل ألف التأنيث، والمعنى فيه مثل مضى لما المنصرف قال وهذا أبعد إذ لا تعرف لما فعلى بهذا المعنى ولا بغيره، ثم كان يلزم هؤلاء أن يميلوا لمن أمال وهو خلاف الإجماع، وأن يكتبوها بالياء وليس ذلك بمستقيم.
قلت: فهذه ثلاثة أوجه وهي خمسة في المعنى؛ لأن الأول اختلف في تقديره على وجهين: "لَِمن ما" بكسر الميم وفتحها، وهذا الثالث اختلف في ألفه على وجهين؛ أحدهما: أنها بدل من التنوين، والثاني أنها للتأنيث.
القول الرابع: قال الزجاج: وقال بعضهم قولا ولا يجوز غيره: "إن لما" في معنى "إلا" مثل: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}، ثم أتبع ذلك بكلام طويل مشكل حاصله: أن معنى: إن زيد لمنطلق: ما زيد إلا منطلق، فأجريت المشددة كذلك في هذا المعنى إذا كانت اللام في خبرها، وعملها النصب في اسمها باقٍ بحاله مشددة ومخففة، والمعنى نفي بأن وإثبات باللام التي في معنى إلا ولما بمعنى إلا، قلت: قد تقدم إنكار أبي علي جواز إلا في مثل هذا الموضع فكيف يجوز لما التي بمعناها على أن من الأئمة من أنكر مجيء لما بمعنى إلا، قال أبو عبيد: أما من شدد لما يتأولها إلا فلم نجد هذا في كلام العرب ومن قال هذا لزمه أن يقول: رأيت القوم لما أخاك يريد إلا أخاك، وهو غير موجود، قال الفراء: أما من جعل لما بمنزلة إلا فإنه وجه لا نعرفه، وقد قالت العرب مع اليمين: بالله لما قمت عنا وإلا قمت عنا فأما في الاستثناء فلم تقله في شعر ولا غيره ألا ترى أن ذلك لو جاز
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/253]
لسمعت في الكلام: ذهب الناس لما زيدًا.
قلت: وقد ذكر ابن جني وغيره أن إلا تقع زائدة فلا بُعد في أن تقع لما التي بمعناها زائدة فهذا وجه آخر فصارت الوجوه سبعة والصحيح في معنى لما المشددة في هذه السورة ما قاله الشيخ أبو عمرو -رحمه الله- في أماليه المفرقة على مواضع من القرآن وغيره قال لما هذه هي لما الجازمة حذف فعلها للدلالة عليه لما ثبت من جواز حذف فعلها في قولهم: خرجت ولما وسافرت ولما ونحوه وهو سائغ فصيح، فيكون المعنى: وإن كلا لما يهملوا ولما يتركوا لما قدم من الدلالة عليه من تفصيل المجموعين كقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}، ثم ذكر الأشقياء والسعداء ومجازاتهم ثم بين ذلك بقوله: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} قال: وما أعرف وجها أشبه من هذا وإن كانت الناس تستبعده من جهة أن مثله لم يقع في القرآن قال: والتحقيق يأبى استبعاد ذلك، قلت: هذا وجه مليح ومعنى صحيح والسكوت على "لما" دون فعلها قد نص عليه الزمخشري في مفصله، وأنشد ابن السكيت شاهدا على ذلك في كتاب معاني الشعر له:
فجئت قبورهم بدءا ولما،.. فناديت القبور فلم يجبْنَهْ
وقال في معناه بدءا؛ أي: سيدا وبدؤ القوم؛ أي: سيدهم وبدء الجزو خبر أنصبائها قال: وقوله: ولما؛ أي: لم أكن سيدا إلا حين ماتوا فإني سدت بعدهم كما قال الآخر:
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/254]
خلت الديار فسدت غير مدافع،.. ومن الشقاء تفردي بالسؤدد
قلت: ونظير السكوت على "لما" دون فعلها سكوت النابغة على قد دون فعلها في قوله:
أزف الترحل غير أن ركابنا،.. لما تزل برحالنا وكأن قدِ
أي: وكأن قد زالت قال الشيخ أبو عمرو، أما قراءة أبي بكر فلها وجهان أحدهما الوجوه المذكورة في قراءة ابن عامر وغيره فتكون أن مخففة من الثقيلة في قراءتهم والوجه الثاني: أن تكون أن نافية ويكون كلا منصوبا بفعل مضمر تقديره، وإن أرى كلا أو إن أعلم ونحوه ولما بمعنى "إلا" نحو: "إن كل نفس لما عليها حافظ" ومن ههنا كانت أقل إشكالا من قراءة ابن عامر؛ لقبولها هذا الوجه الذي هو غير مستبعد ذلك الاستبعاد وإن كان في نصب الاسم الواقع بعد حرف المنفي استبعاد ولذلك اختلف في مثل قوله: إلا رجلا جزاه الله خيرًا هل هو منصوب بفعل مقدر ونون ضرورة فاختار الخليل إضمار الفعل واختار يونس التنوين للضرورة قلت: فهذا ما يتعلق بتوجيه القرارات في تشديدان ولما في تخفيفها في هذه السورة وهو من المواضع المشكلة غاية الإشكال وقد اتضحت والحمد لله وإن كان قد طال الكلام فيها فلا بد في المواضع المشكلة من التطويل زيادة في البيان ولو كان الشرح الكبير بلغ هذا الموضع
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/255]
لم يحتج إلى هذا التطويل في هذا المختصر والله الموفق.
والذي في يس: {إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}.
وفي الطارق: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}.
إن في الموضعين للنفي؛ لأن كل مرفوع بعدها فلم يحتج أن تجعلها المخففة من الثقيلة على قراءة من شدد لما ولما بمعنى إلا وم خففها فهي لام الابتدا وما زائدة وإن هي المخففة من الثقيلة ولم تعمل والله أعلم.
768- وَفي زُخْرُفٍ "فِـ"ـي "نَـ"ـصِّ "لُـ"ـسْنٍ بِخُلْفِهِ،.. وَيَرْجِعُ فِيه الضَّمُّ وَالفَتْحُ "إِ"ذّ "عَـ"ـلا
يريد: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الكلام فيه كالكلام في الذي في يس والطارق، ولسن جمع لسن بكسر السين وهو الفصيح؛ لأن اللسن بفتح السين: الفصاحة، يقال: لسن الكسر فهو لسن ولسن وقوم لسن، لم يوافق ابن ذكوان على تشديد التي في الزخرف وعن هشام فيها خلاف وتقدير البيت: والتشديد في حرف الزخرف مستقر في نص قوم فصحاء نقلوه). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/256]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (766 - وفي سعدوا فاضمم صحابا وسل به = وخفّ وإن كلّا إلى صفوه دلا
قرأ حمزة والكسائي وحفص: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا. بضم السين، وقرأ غيرهم بفتحها. وقرأ نافع وشعبة وابن كثير: وإن كلا بتخفيف نون وَإِنَّ أي: إسكانها، وقرأ غيرهم بتشديد مفتوحة.
والمعنى: قوله: (وسل به) أي اعتن وفتش عن أسباب سعادة هؤلاء واحتذ حذوهم لتسعد كما سعدوا). [الوافي في شرح الشاطبية: 292] (م)
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (767 - وفيها وفي ياسين والطّارق العلى = يشدّد لمّا كامل نصّ فاعتلا
768 - وفي زخرف في نصّ لسن بخلفه = ويرجع فيه الضّمّ والفتح إذ علا
قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد الميم في لفظ لَمَّا في: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ هنا، وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ في سورة يس، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ في الطارق، وقرأ غيرهم بتخفيف الميم في المواضع الثلاثة، وقرأ حمزة وعاصم وهشام بخلف عنه بتشديد الميم في: وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا بالزخرف. وقرأ غيرهم بالتخفيف وهو الوجه الثاني لهشام). [الوافي في شرح الشاطبية: 293]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (133- .... .... .... .... .... = .... .... إِنْ كُلاًّ اتْلُ مُثَقِّلَا
134 - وَلَمَّا مَعَ الطَّارِقْ أَتَى وَبِيَا وَزُخْـ = ـرُفٍ جُدْ وَخِفُّ الْكُلِّ فُقْ .... ). [الدرة المضية: 30]
- قال محمد بن الحسن بن محمد المنير السمنودي (ت: 1199هـ):(ثم قال: إن كلا اتل مثقلا أي قرأ مرموز (ألف) اتل وهو أبو جعفر{وإن كلًا} [111] بتشديد النون وعلم من الوفاق للآخرين كذلك:
[شرح الدرة المضيئة: 149]
ص – ولما مع الطارق (أ)تى وبيا وزخـ = ـرف (جـ)ـد وخفف الكل (فـ)ـق زلفًا (أ)لا
بضم وخفف واكسرن بقية (جـ)ـنا = وما يعملوا خاطب مع النمل (حـ)ـفلا
ش - أي قرأ المرموز له (بألف) أتى وهو أبو جعفر {لما ليوفينهم} [11] هنا {لما عليها حافظ} [4] بالطارق بالتشديد ويؤخذ التشديد له إما من العطف على المثقل آخر البيت أو لكون الواو فاصلة فاستغنى باللفظ القيد وعلم للآخرين التخفيف فيها، أما يعقوب فمن الوفاق وأما خلف فمن الترجمة الآتية، وقوله: وبيا وزخرف جد أي روى المرموز له (بجيم) جد وهو ابن جماز في سورة يس {وإن كل ما جميع لدينا} [32] وفي سورة الزخرف {وإن كل ذلك لما متاع} [35] بالتشديد فيهما وعلم لمن بقى بالتخفيف فيهما أما الابن وردان ويعقوب فمن الوفاق وأما لخلف فمما يأتي، وقوله: وخف الكل فق أي قرأ المرموز له (بفا) فق وهو خلف بتخفيف لما في السور الأربعة.
توضيح: تحصل مما ذكر أن خلفًا ويعقوب خففا في الجميع ووافقهماابن وردان في يس والزخرف وثقل أبو جعفر بكماله هنا وفي الطارق ويس والزخرف من رواية ابن جماز.
وإذا ركب {وإن كلًا} مع {لما} هنا صار أبو جعفر بتشديد الكلمتين والآخران بتشديد الأولى وتخفيف الثانية فشدد {إن} على أصل المشبهة بالفعل وتشديد {لما} له على أنها الجازمة وحذف فعلها للدلالة عليه فيكون المعني وإن كلا لما يهملوا ويتركوا فوالله ليوفيهم ربك أعمالهم.
[شرح الدرة المضيئة: 150]
ووجه تخفيف {لما} أن لامين لام تأكيد تقديره وإن كلا لحق ولام جواب قسم محذوف وهو لام {ليوفينهم} وما زائدة للفصل بين اللامين وقام القسم مع جوابه مقام الخبر.
وأما تشديد {لما} في السور الثلاثة الباقية مع تخفيف {إن} المتفق عليه فعلى أن {إن} نافية و{لما} بمعنى إلا ووجه تخفيفها أنها لام الابتداء وما زائدة فإن مخففة من الثقيلة ولم تعمل). [شرح الدرة المضيئة: 151]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: وَإِنَّ كُلًّا فَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ
[النشر في القراءات العشر: 2/290]
بِإِسْكَانِ النُّونِ مُخَفَّفَةً، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/291]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: لِمَا هُنَا، وَيس، وَالزُّخْرُفِ، وَالطَّارِقِ فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ هُنَا وَالطَّارِقِ، وَشَدَّدَهَا فِي يس لَمَّا جَمِيعٌ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَابْنُ جَمَّازٍ وَشَدَّدَهَا فِي الزُّخْرُفِ لَمَّا مَتَاعُ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَابْنُ جَمَّازٍ; وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى عَنْهُ الْمَشَارِقَةُ قَاطِبَةً، وَأَكْثَرُ الْمَغَارِبَةِ تَشْدِيدَهَا كَذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِلَّا أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا عَمْرٍو الدَّانِيَّ أَثْبَتَ لَهُ الْوَجْهَيْنِ أَعْنِي بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ لَهُ فِي التَّيْسِيرِ وَاقْتَصَرَ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ فَقَطْ فِي مُفْرَدَاتِهِ. قَالَ فِي جَامِعِهِ: وَبِذَلِكَ - يَعْنِي التَّخْفِيفَ - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ وَابْنِ عَبَّادٍ عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ لِيَ: التَّشْدِيدُ اخْتِيَارٌ مِنْ هِشَامٍ.
(قُلْتُ): وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْ هِشَامٍ، فَالتَّخْفِيفُ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ وَابْنُ أَبِي حَسَّانَ نَصًّا عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَرَوَاهُ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيِّ عَنْ أَبِي طَاهِرِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَسَّانَ عَنْ هِشَامٍ فَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفْرَادِ فَارِسٍ وَلَكِنَّ الْكُتُبَ مُطْبِقَةٌ شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى التَّشْدِيدِ لَهُ، بِلَا خِلَافٍ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي الْقَاسِمِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ فِي السُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَوَجْهُ تَخْفِيفِ " إِنْ " فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّهَا الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَإِعْمَالُهَا مَعَ التَّخْفِيفِ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَوَجْهُ تَخْفِيفِ " لَمَا " هُنَا أَنَّ اللَّامَ هِيَ الدَّاخِلَةُ فِي خَبَرِ " إِنْ " الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُشَدَّدَةِ وَ " مَا " زَائِدَةٌ وَاللَّامُ فِي لَيُوَفِّيَنَّهُمْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَذَلِكَ الْقَسَمُ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ " إِنْ " وَلَيُوَفِّيَنَّهُمْ جَوَابُ ذَلِكَ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كُلًّا لَأُقْسِمُ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ. وَوَجْهُ تَشْدِيدِ " لَمَّا " أَنَّهَا لَمَّا الْجَازِمَةُ، وَحُذِفَ الْفِعْلُ الْمَجْزُومُ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا يُنْقَصْ مِنْ جَزَاءِ عَمَلِهِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ لَمَّا أَخْبَرَ بِانْتِقَاصِ جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ أَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ، قَالَتِ الْعَرَبُ قَارَبْتُ الْمَدِينَةَ وَلَمَّا، أَيْ: وَلَمَّا أَدْخُلْهَا، فَحُذِفَ " أَدْخُلْهَا " لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -). [النشر في القراءات العشر: 2/291]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ نافع وابن كثير وأبو بكر {وإن كلًا} [111] بإسكان النون مخففة والباقون بالتشديد). [تقريب النشر في القراءات العشر: 550]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ أبو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة {لما} هنا [111]، وفي الطارق [4] بتشديد الميم، وابن عامر وعاصم وحمزة وابن جماز في يس {لما جميعٌ} [32]، وعاصم وحمزة وابن جماز وهشام بخلاف عنه في الزخرف [35] {لما متاع}، والباقون بالتخفيف في الأربعة). [تقريب النشر في القراءات العشر: 550]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (697 - إن كلاًّ الخفّ دنا اتل صن وشد = لماّ كطارقٍ نهًى كن في ثمد
698 - يس في ذا كم نوى .... = .... .... .... .... .... ). [طيبة النشر: 80]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (إن كلّا الخفّ (د) نا (ا) تل (ص) ن وشد = لمّا كطارق (ن) هى (ك) ن (ف) ي (ث) مد
يريد قوله تعالى: وإن كلا قرأه بتخفيف النون وإسكانها ابن كثير ونافع وأبو بكر، والباقون بالفتح والتشديد قوله: (وشد «لما») يريد قوله تعالى: لمّا ليوفينهم هنا «ولما عليها» في الطارق، قرأه بتشديد الميم عاصم وابن عامر وحمزة وأبو جعفر.
يس (ف) ي (ذ) ا (ك) م (ن) وى لام زلف = ضمّ (ث) نا بقية (ذ) ق كسر وخف
أي وشدد الميم من قوله تعالى: لمّا جميع في يس حمزة وابن عامر وابن جماز وعاصم على أنها بمعنى إلا وإن نافية، والباقون بالتخفيف في الثلاثة). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 253]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
[و] إن كلا الخفّ (د) نا (ا) تل (ص) ن وشد = لمّا كطارق (ن) هي (ك) ن (في) (ث) مد
يس (ف) ى (ذ) ا (ك) م (ن) وى لام زلف = ضمّ (ث) نا بقية (ذ) ق كسر وخفّ
ش: أي: قرأ ذو دال (دنا) ابن كثير، وهمزة (اتل) نافع، [وصاد (صن) أبو بكر]:
وإن كلّا [111]- بتخفيف النون وإسكانها، والباقون بتشديدها.
وفتحها وشدد ذو نون (نهى) عاصم، وكاف (كن) ابن عامر، وفاء (في) حمزة، وثاء (ثمد) أبو جعفر- لمّا ليوفّينّهم هنا [111]، ولمّا عليها حافظ بالطارق [4] وشددها في لمّا جميع لدينا بيس [الآية: 32] ذو فاء (في) حمزة، وذال (ذا) ابن جماز، وكاف (كم) ابن عامر، ونون (نوى) عاصم، والباقون بتخفيفها في الثلاث، وسنذكر الزخرف [35] في موضعها). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/385]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تنبيه:
المراد من (خف وإن كلا): (إن) لا (كلا)، علم من سبق اللفظ، والنظير لمّا [111] المختلف فيه هو الواقع من (إن كلا) علم من الترتيب.
وجه تخفيف إن مع تخفيف لما [أن] إن مخففة من الثقيلة، وفيها لغتان:
الإعمال كهذه، والإلغاء كالآخر، واللام مع العمل على جوازها.
ويجب مع الإلغاء؛ لتميزها عن النافية ولام «لما» هي المؤكدة؛ فكان حقها الدخول على الخبر أو موطئة نحو: لئن اشركت [الزمر: 65]، ولام ليوفّينّهم [111] جواب قسم مقدر سد مسد الخبر؛ فزيدت «ما» فاصلة بين اللامين.
ووجه تشديدها معه: الإتيان بـ «إن» على أصلها ولمّا على ما ذكر.
ووجه تخفيف إن مع تشديد لّمّا جعل إن نافية ك «ما»، ولّمّا ك «إلا».
قال الخليل وسيبويه: هذلية تقول: «نشدتك الله لما فعلت»، وأصله: ما أسألك إلا فعلك.
وكلّا منصوب بمفسر [بقوله]: ليوفّينّهم، أي: وما كلا ليوفينهم، أو بتقدير «أرى»، خلافا ليونس.
ووجه تشديدها معه وظاهرها مشكل لشبهه ب: «إن زيدا لما لأضربنه»، وهو
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/386]
ممتنع، وعليه نبه الكسائي بقوله: «الله أعلم بهذه القراءة لا أعلم لها وجها».
والجواب: قال الفراء: أصله «لمن ما»، أدغمت النون في الميم، ثم حذفت الميم المكسورة، أي: وإن كلا لمن الذين، أو: لمن خلق.
وقال أبو محمد والمهدوي: أصله: [«لمن ما»] ف «من» اسم و«ما» زائدة، ثم حذفت إحدى الميمات، أي: وإن كلا لخلق ما.
وقال المازني؛ أصلها «لما» خفيفة كما تقدم، ثم شددت.
ووجه تشديد لّمّا في بقية المواضع-: أنها بمعنى: إلا، وإنّ نافية، وكلهم رفع بالابتداء خبره تاليه، أي: وما كل إلا.
ووجه تخفيفها: أن إنّ مخففة ملغاة واللام الفارقة، و«ما» فاصلة). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/387]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "وَإِنَّ كُلًّا" [الآية: 111] وفي "لما" هنا [الآية: 111] و[يس الآية: 32] و[الزخرف الآية: 35] و[الطارق الآية: 4] فنافع وابن كثير بتخفيف نون "إن" وميم "لما" هنا على أعمال أن المخففة، وهي لغة ثابتة سمع إن عمرا لمنطلق، وأما لما فاللام فيها هي الداخلة في خبر إن، وما موصولة أو نكرة موصوفة، ولام ليوفينهم لام القسم، وجملة القسم مع جوابه صلة الموصول أو صفة لما، والتقدير على الأول، وإن كلا للذين والله ليوفينهم، وعلى الثاني وإن كلا الخلق أو لفريق والله ليوفينهم والموصول أو الموصوف خبر لإن، [إتحاف فضلاء البشر: 2/135]
وافقهما ابن محيصن.
وقرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف عن نفسه بتشديد "إن" وتخفيف "لما" قال في الدر: وهي واضحة جدا فإن المشددة عملت عملها، واللام الأولى للابتداء دخلت على خبر أن، والثانية جواب قسم محذوف أي: وإن كلا للذين والله ليوفينهم وافقهم اليزيدي، وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة وأبو جعفر بتشديدهما فإن على حالها، وأما لما فقيل أصلها لمن ما على أنها من الجارة دخلت على ما الموصولة أو الموصوفة أي: لمن الذين والله إلخ أو لمن خلق الله إلخ أدغمت النون الساكنة في الميم على القاعدة فصار في اللفظ ثلاث ميمات فخففت الكلمة بحذف أحدها، فصار اللفظ كما ترى وافقهم الشنبوذي، وقرأ أبو بكر بتخفيف النون وتشديد الميم جعل إن نافية، ولما كإلا وكلا منصوب بمفسر بقوله: ليوفينهم أو بتقدير أمري وافقه الحسن، وعن المطوعي تخفيف إن ورفع كل وتشديد لما على أن إن نافية، وكل مبتدأ، ولما بمعنى إلا وهي ظاهرة، وحكم لما بالطارق حكم هود تشديدا وتخفيفا، ويأتي موضع يس كالزخرف إن شاء الله تعالى). [إتحاف فضلاء البشر: 2/136]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وإن كلا} [111] قرأ الحرميان وشعبة بإسكان النون مخففة، والباقون بفتحها مشددة.
{لما} قرأ الشامي وعاصم وحمزة بتشديد الميم، والباقون بتخفيفها، وتحصل من جمع {وإن} و{لما} أربع قراءات: تخفيفهما للحرميين، وتشديدهما لشامي وحفص وحمزة، وتخفيف {وإن} وتشديد {لما} لشعبة، وعكسه لبصري وعلي). [غيث النفع: 725]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم وحمزة وأبو جعفر والأعمش وشيبة والشنبوذي وابن عباس والأعرج وأبو رجاء والحسن وابن أبي ليلى القاضي وعيسی همدان وشيبان النحوي ونعيم بن ميسرة وطلحة بن سليمان وعمرو بن فائد ويحيى بن سليمان الجعفي وسليمان بن أرقم والزهري {وإن كلًا لما ليوفينهم} بتشديد «إن»، و «لما».
وتشديد «إن» وإعمالها لا خلاف فيه، وأما تشديد «لما» فقد ذهب المبرد إلى أنه لحن، لا تقول العرب: إن زيدًا لما خارجٌ، وتعقبه أبو حيان، وقال: «هذه جسارة من المبرد على عادته، وكيف تكون قراءة متواترة لحنًا؟ وليس تركيب الآية كتركيب المثال الذي
[معجم القراءات: 4/144]
قال.. ولو سكت، وقال كما قال الكسائي: «ما أدري ما وجه هذه القراءة...»، أي بتثقيل «لما».
وقال أبو علي الفارسي: «التشديد فيهما مشكل».
وذهب النحويون في «لما» مذاهب مختلفة أذكر بعضها:
فقد ذهب أبو عبيد إلى أن أصله «لما» منونًا، وقد قرئ كذلك، ثم بني منه «فعلى» فصار كـ «تترى»، نون إذ جعلت الألف فيه للإلحاق كأرطى، ومنع الصرف إذ جعلت ألف تأنيث، وهو مأخوذ من لممته، أي جمعته، والتقدير: وإن كلًا جميعًا ليوفينهم، ويكون «جميعًا» فيه معنى التوكيد ككل.
ورد هذا أبو حيان، فقال: «وما قاله أبو عبيد بعيد؛ إذ لا يعرف بناء «فعلى» من اللمم، ولما يلزم لمن أمال «فعل» أن يميلها، ولم يملها أحد بالإجماع، ومن كتابتها بالياء، ولم تكتب لما بها.
وذهب المازني إلى أن «لما» المشددة هي المخففة، وشددها في الوقف، وأجرى الوصل مجرى الوقف، وذهب إلى مثل هذا العكبري، وذهب أبو حيان إلى أن هذا بعيد جدًا.
كما ذهب المازني إلى أن «إن» هي المخففة ثقلت وهي نافية بمعنى «ما»، كما خففت «إن» ومعناها المثقلة، و«لما» بمعنى «إلا».
قال أبو حيان: «وهذا باطل؛ لأنه لم يعهد تثقيل «إن» النافية، ونصب «كل»، و«إن» النافية لا تنصب».
وقال ابن جني وغيره: تقع «إلا» زائدة، فلا يبعد أن تقع «لما» بمعناها زائدة.
قال أبو حيان: «وهذا وجه ضعيف مبني على وجه ضعيف في إلا».
وقال الحوفي: «لما» بمعنى «إلا»، كقولك: نشدتك بالله لما
[معجم القراءات: 4/145]
فعلت، تريد: إلا فعلت، وضعف هذا أبو علي.
وقال المهدوي: «لما» أصلها «لمن ما»، ومن هي الموصولة، و «ما» بعدها زائدة، واللام في «لما» داخلة في خبر «إن» والصلة الجملة القسمية، فلما أدغمت ميم «من» في «ما» الزائدة، اجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت الوسطى منهن، وهي المبدلة من النون، فاجتمع المثلان، فأدغمت ميم «من» في ميم «ما» فصار «لما» وذهب إلى مثل هذا العكبري. وضعفها ابن هشام في مغني اللبيب لأن حذف الميم استثقالا لم يثبت.
وقال أبو حيان: «وكنت قد ظهر لي فيها وجه جار على قواعد العربية، وهو أن «لما»، هذه هي «لما» الجازمة، وحذف فعلها المجزوم؛ لدلالة المعنى عليه كما حذفوه في قولهم: قاربت المدينة ولما، يريدون: ولما أدخلها. وكذلك هنا: التقدير: وإن كلا لما ينقص من جزاء عمله. ويدل عليه قوله تعالى: {ليوفينهم ربك أعمالهم}.
لما أخبر بانتفاء نقص جزاء أعمالهم أكده بالقسم فقال: ليوفينهم... وكنت أعتقد أني سبقت إلى هذا التخريج السائغ العاري من التكلف، وذكرت ذلك لبعض من يقرأ علي فقال: قد ذكر ذلك أبو عمرو بن الحاجب، ولتركي النظر في كلام هذا الرجل لم أقف عليه، ثم رأيت في كتاب «التحرير» نقل هذا التخريج.
وما أعرف وجهًا أشبه من هذا، وإن كانت النفوس تستبعده من جهة أن مثله لم يقع في القرآن، والتحقيق يأبى استبعاده لذلك».
[معجم القراءات: 4/146]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر عن عاصم وابن محيصن {وإن كلا لما...} بتخفيف «إن» و «لما».
وإعمال «إن» مخففة كإعمالها مشددةً، وهذه المسألة فيها خلاف.
ذهب الكوفيون إلى أن تخفيفها يبطل عملها، وذهب البصريون إلى أن إعمالها جائز لكنه قليل إلا مع المضمر، فلا يجوز إلا إن ورد في شعر، وهذا هو الصحيح لثبوت ذلك في لسان العرب.
وحكى سيبويه أن الثقة أخبره أنه سمع بعض العرب يقول: «إن عمرًا لمنطلق»، ولثبوت هذه القراءة، وقد تأولها الكوفيون.
وأما «لما» فذهب الفراء إلى أن اللام فيها هي اللام الداخلة على خبر «إن»، و «ما» موصولة بمعنى الذي..، والجملة من القسم المحذوف وجوابه الذي هو «ليوفينهم» صلة لـ «ما».
وهذا وجه حسن، ومن إيقاع «ما» على ما يعقل قولهم: «لاسيما زيدٌ بالرفع، أي: لاسي الذي هو زيد.
وقيل: «ما» نكرة موصوفة، وهي لمن يعقل، والجملة القسمية وجوابها قامت، مقام الصفة، لأن المعنى: وإن كلا لخلقٌ موفي عمله.
ورجح الطبري هذا الرأي، واختاره.
[معجم القراءات: 4/147]
وقرأ أبو بكر عن عاصم، والحسن: {وإن كلًا لما...} لما بتخفيف «إن»، وتشديد «لما»، وذلك على جعل «إن» نافية، و«لما» مثل «إلا» و«كلا» منصوب بمفسر، لقوله: ليوفينهم.
وذهب ابن الحاجب إلى أن في هذه القراءة وجهين:
الأول: الوجوه المذكورة في قراءة ابن عامر فتكون إن مخففة من الثقيلة.
الثاني: أن تكون «إن» نافية، ويكون «كلا» منصوبًا بقول مضمر تقديره: وإن أرى كلا...، أو وإن أعلم، ونحوه.
و«لما» بمعنى «إلا»، كقوله: {إن كل نفس لما عليها حافظ} سورة الطارق /4.
ومن هنا كانت أقل إشكالًا من قراءة ابن عامر لقبولها هذا الوجه الذي هو غير مستبعد ذلك الاستبعاد، وإن كان في نصب الاسم الواقع بعد حرف النفي استبعاد.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي ويعقوب وخلف وهشام واليزيدي (وإن كلًا لما..) بتشديد «إن» وتخفيف الميم من «لما».
[معجم القراءات: 4/148]
واللام في «لما» لام الابتداء دخلت على خبر «إن» واللام في {ليوفينهم} جواب قسم محذوف أي: وإن كلًا للذين والله ليوفينهم...
وقرأ محمد بن شهاب الزهري وسليمان بن أرقم {وإن كلًا لما بتشديد...} الميم من {لما} وتنوينها، أي: جميعًا، وهو مثل قوله تعالى: {وتأكلون التراث أكلا لما}.
قال أبو حيان: «ولم يتعرضوا لتخفيف «إن» ولا تشديدها، و «لما» مصدر من قولهم: لممت الشيء».
قلت: ذكر الطبري تشديد «إن».
قال ابن جني:
«بالتنوين فإنه مصدر كالذي في قوله: سبحانه (ويأكلون التراث أكلا لما)، أي أكلًا جامعًا الأجزاء المأكول، فكذلك تقدير هذا، وإن كلا ليوفينهم بك أعمالهم لما، أي: توفيةً جامعةً لأعمالهم جميعًا، ومحصلة لأعمالهم تحصيلًا، فهو كقولك: قيامًا لأقومن، وقعودًا لأقعدن». ونصب «لما» على وجهين:
[معجم القراءات: 4/149]
الأول: أن يكون صفة لـ «كلا»، وهو وصف بالمصدر، وقدر «كل» مضافة إلى نكرة حتى يصح الوصف بالنكرة، كما وصف به قوله تعالى {أكلا لما}، وهذا تخريج أبي علي الفارسي.
الثاني: أن يكون منصوبًا بقوله: {ليوفينهم}، على حد قولهم: قيامًا لأقومن، وقعودًا لأقعدن.
فالتقدير: توفيةً جامعة لأعمالهم ليوفينهم.
وقد رأيت قبل قليل فيما نقلته عن ابن جني أنه مذهبه في تخريج هذه القراءة.
وخبر «إن» على هذين الوجهين هو جملة القسم وجوابه.
وقال العكبري:
« وقد نونه قوم، وانتصابه على الحال من ضمير المفعول في «ليوفينهم»، وهو ضعيف».
ونقل هذا الشهاب في حاشيته عن العكبري.
وقرأ أبي بن كعب والحسن بخلاف عنه وأبان بن تغلب وعبد الله ابن مسعود والأعمش والمطوعي (إن كل لما ليوفينهم).
«إن» هنا نافية، و «كل»: مبتدأ، و«لما»، بمعنى إلا، و (ليوفينهم) هو الخبر، والتقدير: ما كل إلا والله ليوفيهم.
وأنكر الفراء وأبو عبيد أن تكون «لما» بمعنى إلا.
قال أبو عبيد: «لم نجد هذا في كلام العرب».
وقال الفراء: «أما من جعل «لما» بمعنى «إلا» فإنه وجه لا نعرفه».
[معجم القراءات: 4/150]
قال أبو حيان:
«وكون «لما» بمعنى «إلا»، نقله الخليل وسيبويه والكسائي». وذكر الشهاب أن مجيء «لما» بمعنى «إلا» لغة لهذيل لكنها لم تستمع إلا بعد القسم.
وقال الطبري: «... فيخالف بقراءته ذلك، كذلك قراءة القراء وخط مصاحف المسلمين، ولا يخرج بذلك من العيب بخروجه من معروف كلام العرب» ولم يذكر هذا قراءة لابن مسعود، بل ساقه على سبيل أنه لو قرأ قارئ كذلك فهذا حكمه عنده.
وذكر أبو حاتم أن الذي في مصحف أبي (وإن من كل إلا ليوفينهم).
وذكر ابن خالويه هذه القراءة عن ابن مسعود وذلك على جعل «إن» نافية، و «من» زائدة.
وقرأ الأعمش وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود (وإن كل إلا ليوفينهم)، والمعنى: ما كل إلا والله ليوقينهم.
قال ابن جني:
«فمعناه: ما كل إلا والله ليوفينهم، كقولك: ما زيد إلا لأضربنه، أي: ما زيد إلا مستحق لأن يقال فيه هذا، ويجوز فيه وجه ثان وهو أن تكون «إن» مخففة من الثقيلة، وتجعل «إلا» زائدة، وقد جاء عنهم ذلك...».
[معجم القراءات: 4/151]
وذكر العكبري أنه قرئ: (ما كل إلا ليوفينهم).
قال: «... ويقرأ وإن» بتخفيف النون، «كل» بالرفع، وفيه وجهان:
أحدهما:...
والثاني: أن «إن» بمعنى «ما» و «لما» بمعنى «إلا» أي: ما كل إلا ليوفينهم، وقد قرئ به شاذا».
وعن أبي أنه قرأ: (وإن كل إلا ليوفين ربك أعمالهم).
وذكر ابن خالويه أن أبيا قرأ: (وإن كل ما ليوفينهم) بفتح الكاف وتخفيف اللام من «كل» ولم أهتد في هذه القراءة إلى وجه مقبول.
{لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}
قرئ (ليوفيهم) بغير نون، واللام لتوكيد الخبر كما قال تعالى: (وإن ربك ليحكم بينهم).
{يَعْمَلُونَ}
قرأ ابن هرمز (تعلمون)بتاء الخطاب، على الالتفات من الغيبة.
وقراءة الجماعة (يعملون) بالياء على الغيبة). [معجم القراءات: 4/152]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين