سورة النحل
[ من الآية (125) إلى الآية (128) ]
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}
قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {صراط} [121] و{وهو} [125] و{لهو} [126] و{عليهم} [127] جليات). [غيث النفع: 798] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}
{إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}
إدغام اللام في الراء وإظهارها عن أبي عمرو ويعقوب.
{أَعْلَمُ بِمَنْ}
ذكر بعض العلماء أن أبا عمرو ويعقوب أدغما الميم في الباء.
والصواب في مثل هذا عند ابن كثير من المتقدمين أنه إخفاء وليس إدغامًا، فقد سكنت الميم وأخفيت في الباء، والفرق بين الإدغام والإخفاء أن الحرف الأول يسكن ثم يدغم في الثاني، فيشدد الثاني، وأما في الإخفاء فلا يكون كذلك، بل يبقى لكل حرف صورته.
{وَهُوَ}
تقدمت قراءة إسكان الهاء عن أبي عمرو والكسائي وقالون (وَهْوَ).
وكذا قراءة الباقين بضم الهاء وانظر الآيتين / 29 و85 من سورة البقرة، ففي ما سبق تفصيل وافي لا يغني عنه هذا الإيجاز.
[معجم القراءات: 4/703]
{أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}
ذكروا أن أبا عمرو ويعقوب أدغما الميم في الباء، والصواب أنه إخفاء، وقد أوضحته في الموضع السابق).[معجم القراءات: 4/704]
قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)}
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {صراط} [121] و{وهو} [125] و{لهو} [126] و{عليهم} [127] جليات). [غيث النفع: 798] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)}
{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا}
قراءة الجماعة {وإن عاقبتم فعاقبوا} من «عاقب» بألف، من المعاقبة.
وقرأ ابن سيرين (وإن عقبتم فعقبوا) بتشديد القاف في الموضعين.
قال أبو حيان: «أي وإن قفيتم بالانتصار فقفوا بمثل ما فعل بكم).
وقال ابن جني:
«معناه: إن تتبعتم فتتبعوا بقدر الحق الذي لكم، ولا تزيدوا عليه».
وقرئ (وإن عقبتم) مخففًا، وهو في معنى المشدد.
{لَهُوَ}
قرأ الكسائي وأبو عمرو ونافع بخلاف عنه وقالون (لهو) بسكون الهاء.
وقراءة الجماعة بضمها {لهو}
{خَيْرٌ}
ترقيق الراء عن الأزرق وورش بخلاف).[معجم القراءات: 4/704]
قوله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (24 - وَاخْتلفُوا في فتح الضَّاد وَكسرهَا من قَوْله {وَلَا تَكُ فِي ضيق} 127
فَقَرَأَ ابْن كثير وَحده {فِي ضيق} بِكَسْر الضَّاد
وَكَذَلِكَ روى أَبُو عبيد عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن نَافِع
وَخلف عَن المسيبي عَن نَافِع
وَهُوَ وهم في روايتهما جَمِيعًا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {فِي ضيق}
وَكَذَلِكَ في النَّمْل 70 من كسر هَذِه كسر تِلْكَ وَمن فتح هَذِه فتح تِلْكَ). [السبعة في القراءات: 376]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (ضيق) وفي النمل بكسر الضاد مكي). [الغاية في القراءات العشر: 299]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ( (في ضيق) [127]، وفي النمل [70]: جر: مكي). [المنتهى: 2/789]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ ابن كثير (في ضيق) هنا وفي النمل بكسر الضاد، وفتحهما الباقون). [التبصرة: 253]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (ابن كثير: {في ضيق} (127)، هنا، وفي النمل (70): بكسر الضاد.
والباقون: بفتحها). [التيسير في القراءات السبع: 340]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(ابن كثير: (في ضيق) هنا وفي النّمل بكسر الضّاد، والباقون بفتحها). [تحبير التيسير: 434]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (فِي ضَيْقٍ مِمَّا) [هنا وفي] النمل بالتشديد ابْن مِقْسَمٍ، وبكسر الضاد وخففها مكي غيره، والزَّعْفَرَانِيّ وابن سلام، وابن جبير، وخلف كلهم عن الْمُسَيَّبِيّ عن نافع، وهو الاختيار على الاسم، الباقون بفتح الضاد). [الكامل في القراءات العشر: 586] قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([127]- {فِي ضَيْقٍ} هنا، وفي [النمل: 70] مكسور: ابن كثير). [الإقناع: 2/684]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (815- .... .... .... .... = وَيُكْسَرُ فِي ضَيْقٍ مَعَ النَّمْلِ دُخُلُلاَ). [الشاطبية: 64]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([815] سوى (الشام) ضموا واكسروا فتنوا لهم = ويكسر في ضيق مع النمل (د)خللا
...
والضيق والضيق، لغتان في المصدر، كالقول والقيل.
ويجوز أن يكون الضيق بالفتح تخفيف ضيقٍ، كهين في هين؛ أي لا تكن في أمر ضيق.
وقال الفراء: «الضيق بالفتح: ما ضاق عنه الصدر. والضيق، لما يتسع ويضيق، كالدار والثوب. فإذا وقع الضيق في موضع الضيق فهو علی أمرين:
إما جمعٌ للضيقة كقول الأعشى:
كشف الضيقة عنا وفسح
[فتح الوصيد: 2/1052]
أو يكون مخففًا كما يقال: هين».
وقال أبو عمرو: «الضيق: الشيء الضيق. والضيق: المصدر. والضيقة مثله. والضيق: الشك» ). [فتح الوصيد: 2/1053]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([815] سوى الشام ضموا واكسروا فتنوا لهم = ويكسر في ضيقٍ مع النمل دخللا
ب: (الدخلل): المخالط الكثير الدخول.
ح: (سوى الشام): استثناء من الضمير في (لهم)، والضمير: للقراء، أو هو منصوب بمضمر على شريطة التفسير، نحو: (زيدًا اكتب له)، أي: لابسه، (في ضيقٍ): مفعول (يكسر)، أي يفعل الكسر فيه، (دخللا): حال منه، أي: دخيلًا مع الذي في النمل.
ص: قرأ غير ابن عامر: {من بعد ما فتنوا} [110] بضم الفاء وكسر التاء على بناء المجهول، أي: فتنهم الكفار، وابن عامر: بالفتح فيهما، بمعنى: افتتنوا.
وقرأ ابن كثير: {في ضيقٍ مما يمكرون} هنا [127]، وفي النمل [70] بكسر الضاد، والباقون: بفتحها، لغتان، كـ (القول) و (القيل)، أو الفتح تخفيف (ضيق) كـ (هَيْن) في (هَيِّن) ). [كنز المعاني: 2/376] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (أما: {فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} هنا وفي النمل ففتح الضاد وكسرها لغتان كالقول والقيل، وقيل: المفتوح تخفيف ضيق كهين وميت؛
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/316]
أي: في أمر ضيق، وقوله: سوى الشامي استثنى من الضمير في لهم كما سبق، ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل مضمر كقولك: زيدا اكتب الكتاب له؛ أي: لابسه وخالطه بذلك ودخللا حال من قوله: في ضيق؛ أي: هو دخيل مع الذي في النمل مشابه له في الكسر والله أعلم). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/317]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (815 - .... .... .... .... .... = ويكسر في ضيق مع النّمل دخللا
....
وقرأ ابن كثير: وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ هنا، وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ في النمل. بكسر الضاد في الموضعين وقرأ غيره بفتحها فيهما). [الوافي في شرح الشاطبية: 306]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: ضَيْقٍ هُنَا وَالنَّمْلِ فَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِ الضَّادِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/305]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ ابن كثير {في ضيقٍ} هنا [127]، والنمل [70] بكسر الضاد، والباقون بالفتح). [تقريب النشر في القراءات العشر: 575]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (727- .... .... .... .... .... = .... وضيقٍ كسرها معًا دوى). [طيبة النشر: 82]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (ضيق) أي كسر الضاد من ضيق هنا وفي النمل ابن كثير، وفتحها الباقون وهما لغتان في مصدر ضاق). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 262]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (وقرأ ذو دال (دوى) ابن كثير ولا تك في ضيق هنا [النحل: 127] [و] ولا تك في ضيق بالنمل [الآية: 70] بكسر الضاد، والباقون بالفتح.
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/416]
وهما لغتان في مصدر «ضاق» عند الأخفش، أي الضاد المكسور ملابس المفتوح في المعنى، أو الكسر مصدر «ضاق بيته» ونحوه، [والفتح] مصدر «ضاق صدره» ونحوه.
وقال أبو عبيدة: الفتح تخفيف السكون). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/417]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "ضَيْق" [الآية: 127] هنا و[النمل الآية: 70] فابن كثير بكسر الضاد، وافقه ابن محيصن بخلفه، والباقون بالفتح لغتان بمعنى في هذا المصدر كالقول والقيل أو الكسر مصدر ضاق بيته ونحوه، والفتح مصدر ضاق صدره ونحوه). [إتحاف فضلاء البشر: 2/191] قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {صراط} [121] و{وهو} [125] و{لهو} [126] و{عليهم} [127] جليات). [غيث النفع: 798] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {ضيق} [127] قرأ المكي بكسر الضاد، والباقون بفتحها). [غيث النفع: 798]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)}
{عَلَيْهِمْ}
تقدمت القراءة بضم الهاء وكسرها مرارًا، انظر الآية/7 من الفاتحة.
[معجم القراءات: 4/704]
{وَلَا تَكُ}
قراءة الجماعة {ولا تك} بحذف النون للتخفيف.
وذكر الزمخشري والرازي أنه قرئ (ولا تكن) بإثبات النون على الأصل.
{فِي ضَيْقٍ}
قرأ ابن كثير، وأبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع، وكذا خلف عن المسيبي عن نافع، وابن محيصن (في ضيقٍ) بكسر الضاد.
وذكر صاحب الإتحاف الخلاف عن ابن محيصن، ورد بعض العلماء الرواية عن نافع.
قال ابن مجاهد:
«وكذلك روى أبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع وخلف عن المسيبي عن نافع، وهو وهم في روايتهما جميعًا».
وقال أبو حيان:
«ورويت عن نافع ولا يصب عنه»، وتبع في هذا ابن عطية، وقال: «ورويت عن نافع وهو غلط ممن رواه».
وقال أبو جعفر النحاس:
«وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام أن نافعًا قرأ.. بكسر الضاد».
[معجم القراءات: 4/705]
قال أبو جعفر: «وهذا لا يعرف عن نافع».
وقال القرطبي: «ورويت عن نافع وهو غلط ممن رواه»، وهو نص ابن عطية.
وقرأ الجمهور {ضيقٍ} بفتح الضاد، وهما مصدران كالقيل والقول عند بعضهم، وقد ذهب إلى مثل هذا الأخفش.
وقال الفراء: «فالضيق ما ضاق عند صدرك، والضيق ما يكون في الذي يتسع مثل الدار والثوب وأشباه ذلك...».
وقال أبو عبيدة: «ضيق بالفتح مخفف من ضيق، كمَيْت من مَيَت»، وذهب إلى مثل هذا الزجاج، ثم أضاف:
«وجائز أن يكون بمعنى الضيق فيكون مصدرً كقولك: ضاق الشيء يضيق ضيقًا» ). [معجم القراءات: 4/706]
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {محسنون} تام، وفاصلة، ومنتهى الحزب الثامن والعشرين، بإجماع). [غيث النفع: 798]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين