تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (والبروج: النجوم، كلّ برجٍ يومان وثلثٌ، وهي للشمس شهرٌ، وهي اثنا عشر برجاً، مسير القمر في كلّ برجٍ يومان وثلثٌ.
والبرج أيضاً: القصر المستطيل). [الأزمنة: 31]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن قولك: أقسمت لأفعلن وأقسمت لا تفعل بمنزلة قولك: قلت: والله لا تفعل، وقلت: والله لتفعلن.
واعلم أنك إذا أقسمت على فعل ماضٍ، فأدخلت عليه اللام لم تجمع بين اللام والنون؛ لأن الفعل الماضي مبني على الفتح غير متغيرة لامه، وإنما تدخل النون على ما لم يقع كما ذكرت. فلما كانت لا تقع لما يكون في الحال كانت من الماضي أبعد. وذلك قولك: والله لرأيت زيداً يضرب عمراً، فأنكرت ذلك.
وإن وصلت اللام ب قد فجيد بالغ. تقول: والله لقد رأيت زيداً، والله لقد انطلق في حاجتك. وسنفسر الفصل بين الفعل ب قد وبين الفعل إذا لم تدخله.
أما قد فأصلها أن تكون مخاطبة لقوم يتوقعون الخبر. فإذا قلت: قد جاء زيد لم تضع هذا الكلام ابتداء على غير أمرٍ كان بينك وبينه، أو أمرٍ تعلم أنه لا يتوقعه. فإن أدخلت اللام على قد فإنما تدخلها على هذا الوجه.
فأما قولك: والله لكذب زيد كذباً ما أحسب الله يغفره له فإنما تقديره: لقد؛ لأنه الأول إلى آخر القسم على غير محلوف عليه، فكان التقدير: {والليل إذا يغشى}، ثم ترك هذا، وابتدأ {والنهار إذا تجلى}. ولكنه بمنزلة قولك: والله ثم الله لأفعلن، وإنما مثلت لك بثم؛ لأنها ليست من حروف القسم.
واعلم أن القسم قد يؤكد بما يصدق الخبر قبل ذكر المقسم عليه، ثم يذكر ما يقع عليه القسم. فمن ذلك قوله عز وجل: {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهدٍ ومشهود} ثم ذكر قصة أصحاب الأخدود توكيداً.
وإنما وقع القسم على قوله: {إن بطش ربك لشديدٌ} وقد قال قوم: إنما وقع على {قتل أصحاب الأخدود}، وحذفت اللام لطول الكلام. وليس القول عندنا إلا الأول؛ لأن هذه الاعتراضات توكيد.
فأما قوله: {والشمس وضحاها} فإنما وقع القسم على قوله: {قد أفلح من زكاها} وحذفت اللام لطول القصة، لأن الكلام إذا طال كان الحذف أجمل.
ألا ترى أن النحويين لا يقولون: قام هند، وذهب جاريتك، ويجيزون: حضر القاضي اليوم امرأةٌ يا فتى، فيجيزون الحذف مع طول الكلام؛ لأنهم يرون ما زاد عوضاً مما حذف.
وتقول: وحق الله ثم حقك لأفعلن ثم حقك تحمله على الموضع، كان جائزاً كما قال:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وعلى هذا قرئ {فأصدق وأكن من الصالحين}؛ لأنه حمله على موضع الفاء). [المقتضب: 2/336-337]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( إذا احتلت الرنقاء هند مقيمة = وقد حان مني من دمشق بروج
الرنقاء: موضع، والبروج: المنازل). [شرح المفضليات: 337]
تفسير قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن قولك: أقسمت لأفعلن وأقسمت لا تفعل بمنزلة قولك: قلت: والله لا تفعل، وقلت: والله لتفعلن.
واعلم أنك إذا أقسمت على فعل ماضٍ، فأدخلت عليه اللام لم تجمع بين اللام والنون؛ لأن الفعل الماضي مبني على الفتح غير متغيرة لامه، وإنما تدخل النون على ما لم يقع كما ذكرت. فلما كانت لا تقع لما يكون في الحال كانت من الماضي أبعد. وذلك قولك: والله لرأيت زيداً يضرب عمراً، فأنكرت ذلك.
وإن وصلت اللام ب قد فجيد بالغ. تقول: والله لقد رأيت زيداً، والله لقد انطلق في حاجتك. وسنفسر الفصل بين الفعل ب قد وبين الفعل إذا لم تدخله.
أما قد فأصلها أن تكون مخاطبة لقوم يتوقعون الخبر. فإذا قلت: قد جاء زيد لم تضع هذا الكلام ابتداء على غير أمرٍ كان بينك وبينه، أو أمرٍ تعلم أنه لا يتوقعه. فإن أدخلت اللام على قد فإنما تدخلها على هذا الوجه.
فأما قولك: والله لكذب زيد كذباً ما أحسب الله يغفره له فإنما تقديره: لقد؛ لأنه الأول إلى آخر القسم على غير محلوف عليه، فكان التقدير: {والليل إذا يغشى}، ثم ترك هذا، وابتدأ {والنهار إذا تجلى}. ولكنه بمنزلة قولك: والله ثم الله لأفعلن، وإنما مثلت لك بثم؛ لأنها ليست من حروف القسم.
واعلم أن القسم قد يؤكد بما يصدق الخبر قبل ذكر المقسم عليه، ثم يذكر ما يقع عليه القسم. فمن ذلك قوله عز وجل: {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهدٍ ومشهود} ثم ذكر قصة أصحاب الأخدود توكيداً.
وإنما وقع القسم على قوله: {إن بطش ربك لشديدٌ} وقد قال قوم: إنما وقع على {قتل أصحاب الأخدود}، وحذفت اللام لطول الكلام. وليس القول عندنا إلا الأول؛ لأن هذه الاعتراضات توكيد.
فأما قوله: {والشمس وضحاها} فإنما وقع القسم على قوله: {قد أفلح من زكاها} وحذفت اللام لطول القصة، لأن الكلام إذا طال كان الحذف أجمل.
ألا ترى أن النحويين لا يقولون: قام هند، وذهب جاريتك، ويجيزون: حضر القاضي اليوم امرأةٌ يا فتى، فيجيزون الحذف مع طول الكلام؛ لأنهم يرون ما زاد عوضاً مما حذف.
وتقول: وحق الله ثم حقك لأفعلن ثم حقك تحمله على الموضع، كان جائزاً كما قال:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وعلى هذا قرئ {فأصدق وأكن من الصالحين}؛ لأنه حمله على موضع الفاء). [المقتضب: 2/336-337] (م)
تفسير قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن قولك: أقسمت لأفعلن وأقسمت لا تفعل بمنزلة قولك: قلت: والله لا تفعل، وقلت: والله لتفعلن.
واعلم أنك إذا أقسمت على فعل ماضٍ، فأدخلت عليه اللام لم تجمع بين اللام والنون؛ لأن الفعل الماضي مبني على الفتح غير متغيرة لامه، وإنما تدخل النون على ما لم يقع كما ذكرت. فلما كانت لا تقع لما يكون في الحال كانت من الماضي أبعد. وذلك قولك: والله لرأيت زيداً يضرب عمراً، فأنكرت ذلك.
وإن وصلت اللام ب قد فجيد بالغ. تقول: والله لقد رأيت زيداً، والله لقد انطلق في حاجتك. وسنفسر الفصل بين الفعل ب قد وبين الفعل إذا لم تدخله.
أما قد فأصلها أن تكون مخاطبة لقوم يتوقعون الخبر. فإذا قلت: قد جاء زيد لم تضع هذا الكلام ابتداء على غير أمرٍ كان بينك وبينه، أو أمرٍ تعلم أنه لا يتوقعه. فإن أدخلت اللام على قد فإنما تدخلها على هذا الوجه.
فأما قولك: والله لكذب زيد كذباً ما أحسب الله يغفره له فإنما تقديره: لقد؛ لأنه الأول إلى آخر القسم على غير محلوف عليه، فكان التقدير: {والليل إذا يغشى}، ثم ترك هذا، وابتدأ {والنهار إذا تجلى}. ولكنه بمنزلة قولك: والله ثم الله لأفعلن، وإنما مثلت لك بثم؛ لأنها ليست من حروف القسم.
واعلم أن القسم قد يؤكد بما يصدق الخبر قبل ذكر المقسم عليه، ثم يذكر ما يقع عليه القسم. فمن ذلك قوله عز وجل: {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهدٍ ومشهود} ثم ذكر قصة أصحاب الأخدود توكيداً.
وإنما وقع القسم على قوله: {إن بطش ربك لشديدٌ} وقد قال قوم: إنما وقع على {قتل أصحاب الأخدود}، وحذفت اللام لطول الكلام. وليس القول عندنا إلا الأول؛ لأن هذه الاعتراضات توكيد.
فأما قوله: {والشمس وضحاها} فإنما وقع القسم على قوله: {قد أفلح من زكاها} وحذفت اللام لطول القصة، لأن الكلام إذا طال كان الحذف أجمل.
ألا ترى أن النحويين لا يقولون: قام هند، وذهب جاريتك، ويجيزون: حضر القاضي اليوم امرأةٌ يا فتى، فيجيزون الحذف مع طول الكلام؛ لأنهم يرون ما زاد عوضاً مما حذف.
وتقول: وحق الله ثم حقك لأفعلن ثم حقك تحمله على الموضع، كان جائزاً كما قال:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وعلى هذا قرئ {فأصدق وأكن من الصالحين}؛ لأنه حمله على موضع الفاء). [المقتضب: 2/336-337] (م)
تفسير قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): ( وبهن ندفع كرب كل مثوب = وترى لها خددا بكل مجال
...
خددا يعني حفرا وذلك لأنها تحفر بحوافرها من الأستنان والمرح من قوله جل وعلا: {قتل أصحاب الأخدود}
وهي حفر تخد في الأرض فكأنه مشتق من ذلك). [نقائض جرير والفرزدق: 288-289]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وإذا جبان القوم صدق نفره = حبض القسي وضربة أخدود
...
و(الأخدود) حفر السيل في الأرض يتسع ويكون له قعر.
...
و(أخدود) كأنها خد في الأرض، أي شق). [شرح أشعار الهذليين: 2/598]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن قولك: أقسمت لأفعلن وأقسمت لا تفعل بمنزلة قولك: قلت: والله لا تفعل، وقلت: والله لتفعلن.
واعلم أنك إذا أقسمت على فعل ماضٍ، فأدخلت عليه اللام لم تجمع بين اللام والنون؛ لأن الفعل الماضي مبني على الفتح غير متغيرة لامه، وإنما تدخل النون على ما لم يقع كما ذكرت. فلما كانت لا تقع لما يكون في الحال كانت من الماضي أبعد. وذلك قولك: والله لرأيت زيداً يضرب عمراً، فأنكرت ذلك.
وإن وصلت اللام ب قد فجيد بالغ. تقول: والله لقد رأيت زيداً، والله لقد انطلق في حاجتك. وسنفسر الفصل بين الفعل ب قد وبين الفعل إذا لم تدخله.
أما قد فأصلها أن تكون مخاطبة لقوم يتوقعون الخبر. فإذا قلت: قد جاء زيد لم تضع هذا الكلام ابتداء على غير أمرٍ كان بينك وبينه، أو أمرٍ تعلم أنه لا يتوقعه. فإن أدخلت اللام على قد فإنما تدخلها على هذا الوجه.
فأما قولك: والله لكذب زيد كذباً ما أحسب الله يغفره له فإنما تقديره: لقد؛ لأنه الأول إلى آخر القسم على غير محلوف عليه، فكان التقدير: {والليل إذا يغشى}، ثم ترك هذا، وابتدأ {والنهار إذا تجلى}. ولكنه بمنزلة قولك: والله ثم الله لأفعلن، وإنما مثلت لك بثم؛ لأنها ليست من حروف القسم.
واعلم أن القسم قد يؤكد بما يصدق الخبر قبل ذكر المقسم عليه، ثم يذكر ما يقع عليه القسم. فمن ذلك قوله عز وجل: {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهدٍ ومشهود} ثم ذكر قصة أصحاب الأخدود توكيداً.
وإنما وقع القسم على قوله: {إن بطش ربك لشديدٌ} وقد قال قوم: إنما وقع على {قتل أصحاب الأخدود}، وحذفت اللام لطول الكلام. وليس القول عندنا إلا الأول؛ لأن هذه الاعتراضات توكيد.
فأما قوله: {والشمس وضحاها} فإنما وقع القسم على قوله: {قد أفلح من زكاها} وحذفت اللام لطول القصة، لأن الكلام إذا طال كان الحذف أجمل.
ألا ترى أن النحويين لا يقولون: قام هند، وذهب جاريتك، ويجيزون: حضر القاضي اليوم امرأةٌ يا فتى، فيجيزون الحذف مع طول الكلام؛ لأنهم يرون ما زاد عوضاً مما حذف.
وتقول: وحق الله ثم حقك لأفعلن ثم حقك تحمله على الموضع، كان جائزاً كما قال:
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وعلى هذا قرئ {فأصدق وأكن من الصالحين}؛ لأنه حمله على موضع الفاء). [المقتضب: 2/336-337] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما المعرفة والنكرة. فإن أبدلت معرفة من نكرة قلت: مررت برجل زيد ومررت بذي مال أخيك. قال الله عز وجل: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله}. فهذا بدل المعرفة من النكرة.
وفي المعرفتين قوله: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم}.
وفي بدل النكرة من المعرفة قوله: مررت بزيد صاحب مال، ومررت بالرجل رجل صالح. قال الله عز وجل: {كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية}.
فأما المضمر والمظهر فكقولك: زيد مررت به أخيك. وتقول: رأيت زيداً إياه، وأخوك رأيته زيداً، والمضمران: رأيتك إياه. فهذا ضرب من البدل.
والضرب الآخر أن تبدل بعض الشيء منه؛ لتعلم ما قصدت له، وتبينه للسامع. وذلك قولهم: ضربت زيداً رأسه. أردت أن تبين موضع الضرب منه، فصار كقولك: ضربت رأس زيد.
ومنه: جاءني قومك أكثرهم. بينت من جاءك منهم. قال الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} من في موضع خفض؛ لأنه على من استطاع إليه سبيلاً.
ومن ذلك إلا أنه أعيد معه حرف الخفض: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}. كان أيضاً جيداً كالآية التي ذكرنا قبل. فهذان ضربان.
والضرب الثالث أن يكون المعنى محيطاً بغير الأول الذي سبق له الذكر لالتباسه بما بعده، فتبدل منه الثاني المقصود في الحقيقة. وذلك قولك: مالي بهم علم أمرهم، فأمرهم غيرهم. وإنما أراد: مالي بأمرهم علم. فقال: مالي بهم علم وهو يريد أمرهم. ومثل ذلك: أسألك عن عبد الله متصرفه في تجارته؛ لأن المسألة عن ذلك. قال الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} لأن المسألة عن القتال، ولم يسألوا أي الشهر الحرام? وقال: {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود} لأنهم أصحاب النار التي أوقدوها في الأخدود). [المقتضب: 4/295-297] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال رجل - واعتل في غربةٍ فتذكر أهله:
لو أن سلمى أبصرت تخددي = ودقةً في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاء عودي = عضت من الوجد بأطراف اليد
قوله: "أبصرت تخددي"، يريد ما حدث في جسمه من النحول، وأصل الخد ما شققته في الأرض، قال الشماخ:
فقلت لهم خدوا له برماحكم = بطامسة الأعلام خفاقة الآل
ويقال للشيخ: قد تخدد، يراد قد تشنج جلده، وقال الله عز وجل: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}، وقيل في التفسير: هؤلاء قوم خدوا أخاديد في الأرض، وأشعلوا فيها نيرانًا فحرقوا بها المؤمنين.
وقوله:
عضت من الوجد بأطراف اليد
فإن الحزين، والمغيظ، والنادم والمتأسف يعض أطراف أصابعه جزعًا، قال الله عز وجل: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}.
وفي مثل ما ذكرنا من تخدد لحم الشيخ، يقول القائل:
يا من لشيخ قد تخدد لحمه = أفنى ثلاث عمائم ألوانا
سوداء حالكةً وسحق مفوفٍ = وأجد لونًا بعد ذاك هجانا
صحب الزمان على اختلاف فنونه = فأراه منه كراهةً وهوانا
قصر الليالي خطوة فتدانى = وحنون قائم صلبه فتحانى
والموت يأتي بعد ذلك كله = وكأنما يعنى بذاك سوانا).
[الكامل: 1/263-264]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (ومخدّ: يخدّ الأرض أي يجعل فيها أخاديد، والأخاديد: الشّقوق، واحدها أخدود). [الأمالي: 1/190]
تفسير قوله تعالى: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول ما أجود هذا الوقود للحطب قال الله عز وجل: {وأولئك هم وقود النار} وقال أيضا: {النار ذات الوقود} وقرئ (الوُقُود) فالوقود بالضم الاتقاد وتقول وقدت النار تقد وقودا ووقدانا ووقدا وقدة وقال: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة} والوقود: الحطب). [إصلاح المنطق: 332] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما المعرفة والنكرة. فإن أبدلت معرفة من نكرة قلت: مررت برجل زيد ومررت بذي مال أخيك. قال الله عز وجل: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله}. فهذا بدل المعرفة من النكرة.
وفي المعرفتين قوله: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم}.
وفي بدل النكرة من المعرفة قوله: مررت بزيد صاحب مال، ومررت بالرجل رجل صالح. قال الله عز وجل: {كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية}.
فأما المضمر والمظهر فكقولك: زيد مررت به أخيك. وتقول: رأيت زيداً إياه، وأخوك رأيته زيداً، والمضمران: رأيتك إياه. فهذا ضرب من البدل.
والضرب الآخر أن تبدل بعض الشيء منه؛ لتعلم ما قصدت له، وتبينه للسامع. وذلك قولهم: ضربت زيداً رأسه. أردت أن تبين موضع الضرب منه، فصار كقولك: ضربت رأس زيد.
ومنه: جاءني قومك أكثرهم. بينت من جاءك منهم. قال الله عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} من في موضع خفض؛ لأنه على من استطاع إليه سبيلاً.
ومن ذلك إلا أنه أعيد معه حرف الخفض: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}. كان أيضاً جيداً كالآية التي ذكرنا قبل. فهذان ضربان.
والضرب الثالث أن يكون المعنى محيطاً بغير الأول الذي سبق له الذكر لالتباسه بما بعده، فتبدل منه الثاني المقصود في الحقيقة. وذلك قولك: مالي بهم علم أمرهم، فأمرهم غيرهم. وإنما أراد: مالي بأمرهم علم. فقال: مالي بهم علم وهو يريد أمرهم. ومثل ذلك: أسألك عن عبد الله متصرفه في تجارته؛ لأن المسألة عن ذلك. قال الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} لأن المسألة عن القتال، ولم يسألوا أي الشهر الحرام? وقال: {قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود} لأنهم أصحاب النار التي أوقدوها في الأخدود). [المقتضب: 4/295-297] (م)
تفسير قوله تعالى: {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) }
تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) }
تفسير قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( فماذا نقمتم من بنين وسادة = بريء لكم من كل غمر صدورها
الغمر: الحقد والعدواة، ويروى: من كل ضب صدورها والضب والغمر سواء، يقال نقم ينقم وهي اللغة العالية، قال الله تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا} وقال عز ذكره: {هل تنقمون منا} ونقم ينقم لغة). [شرح المفضليات: 352]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) }